الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨

ناصحُه الناصرُ حقّا إذ غدا

سواه ضدَّ سرِّه إعلانُه

وارثُهُ علَمُ الهدى أمينه

في أهِله وزيره خلصانُه

ذاك الفتى النجدُ الذي إذا بدا

بمعركٍ ألقت له فتيانُه

ليثٌ لو الليثُ الجريءُ خالَهُ

لطار من هيبتِهِ جَنانُه

صقرٌ ولكن صيدُه صِيدُ الوغى

ليثٌ ولكن فَرْسُهُ فرسانُه

ذاك الشجاعُ إن بدا بمعركٍ

تفرّقت من خوفِه شجعانُه

تبكي الطلى إن ضحكت أسيافُه

وترتوي إن عطشتْ سنانُه (١)

ترى سباعَ البيدِ تقفو أثره

لأنّها يومَ الوغى ضِيفانُه

يقرنُ أرواحَ الكماةِ بالردى

لذاك حاصتْ دونه أقرانُه

وكم كميّ قد قراه في الوغى

فليس تخبو أبداً نيرانُه

يشهدُ في ذا بدرُهُ وأحدُهُ

وطيبةٌ ومكّةٌ أوطانُه

وخيبرٌ والبصرةُ التي بها ال

ـنكثُ وصفِّينٌ ونهروانُه

كذا الذي قد ضمن المدحَ له

من ربِّه ربِّ العلى قرآنُه

فقوله وليُّكمْ فإنّما

يخصُّ فيها هو لا فلانُه

ثلاثةٌ اللهُ والرسولُ وال

ـذي تزكّى راكعاً برهانُه

وقوله الأُذن فذاك حيدرٌ

واعيةٌ لقوله آذانُه

وقد دعا له النبيُّ أنّه

يحفظ ما يُملي له لسانُه

وقوله الميزانُ بالقسطِ وما

غيرُ عليّ في غدٍ ميزانُه

فويلُ من خفَّ لديه وزنُه

وفوزُ من أسعدَهُ رجحانُه

ذاك أميرُ المؤمنينَ رتبةً

من الإله الفردِ جلَّ شانُه

ذادوه عن سلطانِهِ وحقِّهِ

من بعد ما بان لهم سلطانُه

فكفُّ مولاي الإمامُ كفُّهُ

إذ قلّ في حقوقِهِ أعوانُه

__________________

(١) الطلى ـ جمع طُلاة ـ : الأعناق.

٢٢١

ولم يَقُمْ معْهُ سوى أربعةٍ

وهم لَعَمرُ ربِّهم أركانُه

يتبعُهُ المقدادُ وابنُ ياسرٍ

عمّارُه وسِلمُه سلمانُه

والصادقُ اللهجةِ أعني جُندباً

فلم يُخالف أمرَه إيمانُه

ولو يشا أهلكهمْ لكنّه

أبقى ليبقى ناسلاً إنسانُه

وله يرثي بها الإمام السبط الشهيد ـ صلوات الله عليه ـ :

لله ما صنعتْ فينا يدُ البينِ

كم من حشا أُقْرِحَتْ منّا ومن عينِ

مالي وللبين لا أهلاً بطلعتِهِ

كم فرّقَ البينُ قِدماً بين إلفينِ

كانا كغصنينِ في أصلٍ غذاؤهما

ماءُ النعيم وفي التشبيه شكلينِ

كأنّ روحيهما من حسنِ إلفِهما

روحٌ وقد قُسِّمت ما بين جسمينِ

لا عذلَ بينهما في حفظِ عهدِهما

ولا يُزيلُهما لومُ العذولينِ

لا يطمعُ الدهرُ في تغييرِ ودِّهما

ولا يميلان من عهدٍ إلى مَينِ

حتى إذا أبصرت عينُ النوى بهما

خِلّين في العيشِ من همّ خليّينِ

رماهما حسداً منهُ بداهيةٍ

فأصبحا بعد جمعِ الشملِ ضدّينِ

في الشرقِ هذا وذا في الغربِ منتئياً

مشرَّدَينِ على بُعدٍ شجيّينِ

والدهرُ أحسدُ شيءٍ للقريبينِ

يرمي وصالهما بالبُعدِ والبَينِ

لا تأمنِ الدهرَ إنّ الدهر ذو غِيَرٍ

وذو لسانينِ في الدنيا ووجهينِ

أخنى على عترةِ الهادي فشتّتهمْ

فما ترى جامعاً منهم بشخصينِ

كأنّما الدهرُ آلى أن يبدِّدَهم

كعاتبٍ ذي عنادٍ أو كذي دَيْنِ

بعضٌ بطيْبَةَ مدفونٌ وبعضُهمُ

بكربلاءَ وبعضٌ بالغريّينِ

وأرض طوسٍ وسامرّا وقد ضُمنتْ

بغدادُ بدرينِ حَلاّ وسط قبرينِ

يا سادتي ألمن أبكي أسىً ولمن

أبكي بجفنين من عيني قريحينِ

أبكي على الحسنِ المسمومِ مضطلماً

أم الحسين لقىً بين الخميسينِ

٢٢٢

أبكي عليه خضيبَ الشيبِ من دمِهِ

معفّرَ الخدِّ محزوزَ الوريدينِ

وزينبٌ في بناتِ الطهرِ لاطمةٌ

والدمعُ في خدِّها قد خدَّ خدّينِ

تدعوه يا واحداً قد كنتُ آملُه

حتى استبدّت به دوني يد البينِ

لا عشتُ بعدَكَ ما إن عشتُ لا نعمتْ

روحي ولا طعمتْ طعمَ الكرى عيني

أُنظر إليَّ أخي قبلَ الفراقِ لقد

أذكى فراقُكَ في قلبي حريقينِ

أُنظر إلى فاطم الصغرى أخي ترَها

لِليُتم والسبيِ قد خصّت بذلّينِ

إذا دنتْ منك ظلَّ الرجسُ يضربُها

فتتّقي الضربَ منها بالذراعينِ

وتستغيثُ وتدعو : عمّتا تلفت

روحي لرزءينِ في قلبي عظيمينِ

ضربٌ على الجسد البالي وفي كبدي

للثكلِ ضربٌ فما أقوى لضربينِ

أُنظر عليّا أسيراً لا نصيرَ له

قد قيّدوه على رغمٍ بقيدينِ

وا رحمتا يا أخي من بعد فقدِكَ بل

وا رحمتا للأسيرينِ اليتيمينِ

والسبطُ في غمراتِ الموتِ مُشتغلٌ

ببسطِ كفّينِ أو تقبيضِ رجلينِ

لا يستطيعُ جواباً للنداء سوى

يومي بلحظينِ من تكسير جفنينِ

لازلتُ أبكي دماً ينهلُّ منسجماً

للسيّدين القتيلين الشهيدينِ

السيّدينِ الشريفينِ اللذين هما

خير الورى من أبٍ مجدٍ وجدّينِ

الضارعَينِ إلى اللهِ المنيبينِ

المسرعَينِ إلى الحقّ الشفيعينِ

العالمَينِ بذي العرش الحكيمَينِ

العادلَينِ الحليمَينِ الرشيدَينِ

الصابرَينِ على البلوى الشكورَينِ

المُعرضَينِ عن الدنيا المنيبَينِ

الشاهدَين على الخلقِ الإمامينِ

الصادقَينِ عن الله الوفيّينِ

العابدَينِ التقيَّين الزكيَّينِ

المؤمنَينِ الشجاعَينِ الجريَّينِ

الحجّتَينِ على الخلقِ الأميرينِ

الطيِّبَينِ الطهورَينِ الزكيَّينِ

نورَينِ كانا قديماً في الظلالِ كما

قال النبيُّ لعرش اللهِ قرطينِ

تفّاحتي أحمدَ الهادي وقد جُعلا

لفاطمٍ وعليِّ الطهرِ نسلَينِ

٢٢٣

صلّى الإلهُ على روحيهما وسقا

قبرَيهما أبداً نَوْءَ السماكينِ

إلى أن يقول فيها :

ما لابن حمّادٍ العبديِّ من عملٍ

إلاّ تمسّكُهُ بالميمِ والعينِ

فالميمُ غايةُ آمالي محمدُها

والعينُ أعني عليّا قرّةَ العينِ

صلّى الإلهُ عليهمْ كلما طلعتْ

شمسٌ وما غربت عند العشاءينِ

القصيدة وهي (٥٧) بيتاً

وله في رثاء الإمام السبط الشهيد ـ صلوات الله عليه ـ قوله يذكر فيه حديث الغدير :

حيِّ قبراً بكربلا مستنيرا

ضمَّ كنز التقى وعلماً خطيرا

وأَقم مأتمَ الشهيدِ وأذرف

منك دمعاً في الوجنتين غزيرا

والتثمْ تربةَ الحسين بشجوٍ

وأَطِل بعدَ لثمِكَ التعفيرا

ثمّ قل يا ضريحَ مولاي سُقِّي

ـت من الغيث هامياً جمهريرا

تِهْ على سائرِ القبورِ فقد أص

ـبحتَ بالتيهِ والفخارِ جديرا

فيك ريحانةُ النبيِّ ومن حلَ

من المصطفى محلاّ أثيرا

فيك يا قبرُ كلُّ حلمٍ وعلمٍ

وحقيقٌ بأن تكون فخورا

فيك من هدَّ قتلُه عمدَ الدي

ـن وقد كان بالهدى معمورا

فيك من كان جبرئيلُ يُناغي

ـه‍ وميكالُ بالحباء صغيرا

فيك من لاذ فطرسٌ فترقّى

بجناحي رضاً وكان حسيرا

يوم سارتْ إليه جيشُ ابنِ هندٍ

لذحولٍ أمست تحلُّ الصدورا

آهِ وا حسرتى له وهو بالسي

ـفِ نحيرٌ أفديتُ ذاك النحيرا

آهِ إذ ظلَّ طرفُه يرمقُ الفس

ـطاطَ خوفاً على النساءِ غيورا

آهِ إذ أقبلَ الجوادُ على النس

ـوانِ ينعاه بالصهيلِ عفيرا

٢٢٤

فتبادرنَ بالعويلِ وهتَّك

ـنَ الأقراطَ بارزاتِ الشعورا

وتبادرن مسرعاتٍ من الخد

ر ومن قبلُ مُسبلات الستورا

ولطَّمن الخدودَ من أَلَمِ الثكلِ

وغادرن بالنياحِ الخدورا

وبدا صوتُهنّ بين عداهنّ

وعفنَ الحجابَ والتخفيرا

بارزاتُ الوجوهِ من بعد ما غو

درنَ صُونَ الوجوه والتخفيرا

ثمّ لمّا رأينَ رأسَ حسينٍ

فوق رمحٍ حكى الهلالَ المنيرا

صحن بالذلّ أيّها الناس لِمْ نُس

ـبى ولم نأتِ في الأنامِ نكيرا

ما لنا لا نرى لآلِ رسو

لِ اللهِ فيكم يا لاءِ نصيرا

فعلى ظالميهمُ سخطُ اللّ

ـهِ ولعنٌ يبقى ويفني الدهورا

قل لمن لامَ في ودادي بني أح

ـمد لازلتَ في لظىً مدحورا

أعلى حبِّ معشرٍ أنت قد كن

ـتَ عذولاً ولا تكون عذيرا

وأبوهم أقامه اللهُ في خُ

ـمّ إماماً وهادياً وأميرا

حين قد بايعوه أمراً عن

اللهِ فسائل دوحاتِهِ والغديرا

وأبوهمْ أفضى النبيُّ إليه

علمَ ما كان أوّلاً وأخيرا

وأبوهمْ علا على العرشِ لمّا

قد رقى كاهلَ النبيِّ ظهيرا

وأماطَ الأصنامَ كلاّ عن الكع

ـبةِ لمّا هوى بها تكسيرا

قال لو شئت ألمس النجمَ بالكفِ

إذن كنتُ عند ذاك قديرا

وأبوهمْ قد ردّ للشمسِ بيضاً

وهي كادت لوقتها أن تغورا

وقضى فرضَهُ أداءً وعادت

لغروب وكوّرت تكويرا

وأبوهم يروي على الحوض من وا

لاهمُ ويردُّ عنه الكفورا

وأبوهم يقاسمُ النارَ والجنّةَ

في الحشرِ عادلاً لن يجورا

وأبوهم برى الإله له شبْ

ـهاً لأملاكِهِ سميعاً بصيرا

فإذا اشتاقت الملائكُ زارت

ـهُ فناهيك زائراً ومزورا

٢٢٥

وأبوهم أحيا لميت بصرصر

بعدما كان في الثرى مقبورا

وأبوهم قال النبيُّ له قو

لاً بليغاً مكرّراً تكريرا

أنت خدني وصاحبي ووزيري

بعد موتي أكرمْ بذاك وزيرا

أنت منّي كمثلِ هارونَ من مو

سى ولم أبتغي سواه ظهيرا

وأبوهم أودى بعمروِ بن ودٍّ

حين لاقاه في العجاجِ أسيرا

وأبوهم لبابِ خيبرَ أضحى

قالعاً ليس عاجزاً بل جسورا

حاملُ الراية التي ردّها بال

أمسِ من لم يزلْ جباناً فرورا

خصّه ذو العلى بفاطمةٍ عر

ساً ثمّ أعطاه شبّراً وشبيرا

وهمُ باب ذي الجلال على آ

دمَ فارتدَّ ذنبُهُ مغفورا

وبهم قامتِ السماءُ ولو لا

همْ لكادت بأهلِها أن تمورا

وبهم باهَلَ النبيُّ فقل لي

أَلَهُمْ في الورى عرفتَ نظيرا

فيهمُ أنزلَ المهيمن قرآ

ناً عظيماً وذاك جمّا خطيرا

في الطواسين والحواميم والرح

ـمن آياً ما كان في الذكرِ زورا

وخلقناه نطفةً نبتليه

فجعلناه سامعاً وبصيرا

لبيانٍ إذا تأمّله العا

رف يُبدي له المقامَ الكبيرا

ثمّ تفسير هل أتى فيه يا صا

حِ قل إن كنت تفهم التفسيرا

إنّ الابرارَ يشربون بكأسٍ

كان عندي مزاجها كافورا

فلهم أنشأ المهيمنُ عيناً

فجّروها لديهمُ تفجيرا

وهداهم وقال يوفون بالنذ

رِ فمن مثلُهم يوفّي النذورا

ويخافون بعد ذلك يوماً

شرُّه كان في الورى مستطيرا

فوقاهم إلهُهم ذلك اليو

مَ ويلقونَ نضرةً وسرورا

وجزاهم بأنّهم صبروا في الس

ـرِّ والجَهر جنّةً وحريرا

فاتّكوا من على الأرائك لا يل

ـقونَ فيها شمساً ولا زمهريرا

٢٢٦

وأوانٍ وقد أُطيفت عليهمْ

سلسبيلٌ مقدّرٌ تقديرا

وبأكوابِ فضّةٍ وقواري

ـرَ قدّروها عليهمُ تقديرا

وبكأسٍ قد مازجت زنجبيلا

لذّة الشاربين تشفي الصدورا

وإذا ما رأيت ثَمّ نعيماً

دائماً عندهم وملكاً كبيرا

وعليهم فيها ثيابٌ من السند

سِ خضرٌ في الحشر تلمع نورا

ويُحلَّونَ بالأساورِ فيها

وسقاهمْ ربّي شراباً طهورا

وروى لي عبدُ العزيزِ الجلوديُّ (١)

وقد كان صادقاً مبرورا

عن ثقاتِ الحديث أعني الغلابي

هو أكرِمْ بذا وذا مذكورا

أسندوه عن ابن عبّاسِ يوماً

قال كنّا عند النبيِّ حضورا

إذ أتته البتولُ فاطمُ تبكي (٢)

وتوالي شهيقَها والزفيرا

قال مالي أراكِ تبكين يا فا

طم قالت وأخفت التعبيرا

اجتمعنَ النساءُ نحوي واقبل

ـنَ يُطِلْنَ التقريعَ والتعييرا

قلن إنّ النبيَّ زوَّجكِ اليو

م عليّا بعلاً عديماً فقيرا

قال يا فاطمُ اسمعي واشكري

الله فقد نلتِ منه فضلاً كبيرا

لم أزوِّجكِ دون إذنٍ من

الله وما زال يحسنُ التدبيرا

أمرَ اللهُ جبرئيل فنادى

رافعاً في السماءِ صوتاً جهيرا

وأتاه الأملاكُ حتى إذا ما

وردوا بيتَ ربِّنا المعمورا

قام جبريلُ قائماً يكثر التح

ـميدَ للهِ جلّ والتكبيرا

ثمّ نادى زوّجتُ فاطمَ ياربّ

عليَّ الطهرَ الفتى المذكورا

قال ربُّ العلى جعلت لها المه

ـرَ لها خالصاً يفوق المهورا

__________________

(١) أبو أحمد بن يحيى البصري أحد مؤلّفي الإمامية الثقات الأثبات ، له في الفقه والحديث والتاريخ تآليف قيّمة ، توفّي (١٧) ذي الحجة سنة (٣٣٢). (المؤلف)

(٢) هذه الأبيات ذكرها ابن شهرآشوب في المناقب [٣ / ٣٩٣] للعبدي ، فحسبناه سفيان بن مصعب العبدي فذكرناها في ترجمته : ٢ / ٣١٨ ، ثمّ وقفنا على تمام القصيدة فعرفنا أنّها للمترجَم. (المؤلف)

٢٢٧

خُمس أرضي لها ونهري وأوجب

ـت على الخلق ودَّها المحصورا

نثرتْ عند ذاك طوبى على الحو

ر من المسكِ والعبير نثيرا (١)

وروينا عن نبيِّ حديثاً

في البرايا مصحَّحاً مأثورا

أنّه قال بينما الناس في ال

جنّة إذ عاينوا ضياءً ونورا

كاد أن يخطفَ العيونَ فنادَوا

أيُّ شيءٍ هذا وأبدَوا نكورا

أوَ ليس الإله قال لنا لا

شمس فيها تُرى ولا زمهريرا

وإذا بالنداء يا ساكني ال

جنّة مهلاً أمنتم التغييرا

ذا عليُّ الوليُّ قد داعب الزه

راءَ مولاتَكم فأبدتْ سرورا

فبدا إذ تبسّمتْ ذلك النو

ر فزيدوا إكرامَه وحبورا

يا بني أحمدٍ عليكمْ عمادي

واتِّكالي إذا أردتُ النشورا

وبكم يسعد الموالي ويشقى

من يعاديكمُ ويصلى سعيرا

أنتمُ لي غداً وللشيعة الأب

رار ذخرٌ أكرمْ به مذخورا

فاستمعها كالدرِّ ليس ترى في

ها ملاهي كلاّ ولا تعييرا

صاغ أبياتها عليُّ بن حمّا

دٍ فزانتْ وحُبّرت تحبيرا

وقفنا للمترجَم في طيّات المجاميع العتيقة في النجف الأشرف والكاظميّة على قصائد جمّة وإليك فهرستها :

عدد القصائد

مطلع القصيدة

عدد الأبيات

يا يوم عاشورا أطلت بكائي

وتركتني وقفاً على البرحاءِ ٤٦

٢ ـ هَنِّ بالعيد إن أردت سوائي

أيُّ عيدٍ لمُستباحِ العزاءِ٣٧

 إنّ في مأتمي عن العيدِ شغلاً

فَالْهُ عنيّ وخلِّني بشجائي

__________________

(١) راجع في الأحاديث المذكورة في هذه الأبيات ، الجزء الثاني من كتابنا : ص ٣١٨. (المؤلف) [صححنا هذا البيت وفق ما أورده المصنّف في : ٢ / ٤٤٩].

٢٢٨

عدد القصائد

مطلع القصيدة

عدد الأبيات

فإذا عيّدَ الورى بسرورٍ

كان عيدي بزفرةٍ وبكاءِ

وإذا جدّدوا ثيابهمُ جدّ

دتُ ثوبي من لوعتي وضنائي

وإذا أدمنوا الشرابَ فشُربي

من دموعٍ ممزوجةٍ بدماءِ

وإذا استشعروا الغناءَ فنَوْحي

وعويلي على الحسينِ غنائي

وقليلٌ لو متُّ همّا ووجداً

لمصابِ الغريبِ في كربلاءِ

أَفَيَهْنا بعيدِهِ مَن موالي

ـه‍ أبادتهمُ يد الأعداءِ

آهِ يا كربلاءُ كم فيكِ من كر

بٍ لنفسٍ شجيّةٍ وبلاءِ

أألذُّ الحياةَ بعد قتي

لِ الطفّ ظلماً إذن لقلَّ حيائي

كيف ألتذُّ شربَ ماءٍ وقد جُرِّ

عَ كأسَ الردى بكربِ الظماءِ

كيف لا أُسلَبُ العزاءَ إذا

مثّلتُه عارياً سليبَ الرداءِر

كيف لا تسكب الدموعَ عيوني

بعد تضريجِ شيبهِ بالدماءِ

تطأ الخيلُ جسمَهُ في ثرى الط

ـفِّ وجسمي يلتذُّ لين الوطاءِ

بأبي زينباً وقد سُبِيت ب

الذلِّ من خدرها كَسَبْيِ الإماءِر

فإذا عايَنَتْهُ مُلقىً على التر

بِ مُعرّىً مجدّلاً بالعراءِ

أقبلتْ نحوه فيسمعُها الشم

ـرُ فتدعو في خِيفةٍ وخَفاءِ

أيّها الشمر خلّني أتزوّدْ

نظرةً منه فهي أقصى مُنائي

أفما للرسول حقٌّ فلِم تن

ـظرني جاهراً بسوء المراءِ

ثم تدعو الحسين لِمْ ياشقيقي

وابنَ أمّي خلّفتني بشقائي

يا أخي يومُكَ العظيم برى عظمي

وأضنى جسمي وأوهى قوائي

يا أخي كنتُ أرتجيك لموتي

وحياتي فخاب منّي رجائي

يا أخي لو فُدي من الموت شخصٌ

كنتُ أفديك بي وقلَّ فدائي

٢٢٩

عدد القصائد

مطلع القصيدة

عدد الأبيات

يا أخي لا حبيبَ بعدك بل لا

عشتُ إلاّ بمقلةٍ عمياءِ

آهِ وا حسرتى لفاطمةَ الصغ

رى وقد أُبرِزتْ بذلِّ السباءِ

كفُّها فوق رأسِها من جوى الثك

لِ وكفٌّ أخرى على الأحشاءِ

فإذا أبصرتْ أباها صريعاً

فاحصاً باليدين في الرمضاءِ

لم تطقْ نهضةً إليه من الضع

ف فنادته في خفيِّ النداءِ

يا أبي من ترى لِيُتمي وضعفي

أو تراه لمحنتي وابتلائي

فإذا لم تجد جواباً لها إلاّ

بكسر الجفونِ والإيماءِ

أقبلت نحو عمّتيها وقالتْ

ما أرى والدي من الأحياءِ

فإذا كان لِمْ جفاني وما كا

نَ له قطُّ عادةٌ بالجفاءِ

يا بني أحمدَ السلامُ عليكمْ

ما أنارت كواكبُ الجوزاءِ

أنتمُ صفوةُ الإلهِ من الخل

ق ومن بعد خاتمِ الأنبياءِ

ونجومُ الهدى بنوركمُ تُه

دى البرايا في حندس الظلماءِ

أنا مولاكمُ ابن حمّاد أعدد

تكمُ في غدٍ ليوم جزائي

ورجائي أن لا أخيبَ لديكمْ

واعتقادي بكم بلوغُ الرجاءِ

٣ ـ شجاك نوى الأحبّةِ كيف شاءا

بداءٍ لا تصيبُ له دواءا ٧٥

٤ ـ أيفرحُ من له كبدٌ يذوبُ

وقلبٌ من صبابتِهِ كئيبُ ٢٨

٥ ـ ويكِ يا عينُ سحّي دمعاً سكوبا

ويكَ يا قلبُ كن حزيناً كئيبا ٦٨

٦ ـ أتلعاباً وقد لاحَ المشيبُ

وشيبُ الرأسِ منقصةٌ وعيبُ ٧٤

٧ ـ دعوت الدمعَ فانسكب انسكابا

ر وناديت السلوَّ فما أجابا ٦٧

ويقول فيها :

وإنْ يكُ حبُّ أهلِ البيتِ ذنبي

فلستُ بمبتغٍ عنه منابا

٢٣٠

عدد القصائد

مطلع القصيدة

عدد الأبيات

أحبُّهمُ وأمنحهمْ مديحاً

وأمنحُ من يسبُّهمُ سبابا

ولم أمدحهُمُ قطُّ اكتساباً

ولكنّي مدحتهمُ ارتغابا

ولن يرجو ابنُ حمّادٍ عليٌ

بحسنِ مديحِهم إلاّ الثوابا

٨ ـ هل لجسمي من السقامِ طبيبُ

أم لعيني من الرقادِ نصيبُ ٢٦

٩ ـ يا أهلَ بيتِ رسول الله إنكُمُ

لأشرفُ الخلقِ جَدّا غاب أو أبى ٣٠

١٠ ـ الدهرُ فيه طرائفٌ وعجائبُ

تترى وفيه فوائدٌ ومصائبُ ٦٠

١١ ـ أيا من لقلبٍ دائمِ الحسراتِ

ومن لجفونٍ تسكبُ العبراتِ ٣٤

وهي على رويِّ تائية دعبل ، يقول في آخرها :

إليك أمينَ اللهِ نظمَ قصيدةٍ

إماميّةٍ تزهو بحسنِ صفاتِ

عليُّ بنُ حمّادٍ دعاها فأقبلتْ

وهمّتُهُ من أعظمِ الهمماتِ

شبيهٌ لما قال الخزاعيُّ دعبلٌ

تضمّنه الرحمنُ بالغرفاتِ

مدارسُ آياتٍ خلتْ من تلاوةٍ

ومهبطُ وحيٍ مقفرُ العرصاتِ

١٢ ـ بقاعٌ في البقيعِ مقدّساتُ

ر وأكنافٌ بطيبةَ طيّباتُ ٩٥

١٣ ـ دعني أنوح وأُسعد النوّاحا

مثلي بكى يومَ الحسينِ وناحا ٢٨

١٤ ـ أرى الصبرَ يفنى والهمومَ تزيد

وجسميَ يبلى والسقامُ جديدُ ٢٣

١٥ ـ ما ضرّ عهدَ الصبا لو أنَّه عادا

يوماً يزوِّدني من طيبةٍ زادا ٨٦

جارى بها السيّد إسماعيل الحميري في قصيدة له أوّلها :

طافَ الخيالُ علينا منك عبّادا

فقال العبديُّ في آخر قصيدته :

وازنتُ ما قال إسماعيلُ مبتدئاً

طافَ الخيالُ علينا منك عبّادا

٢٣١

عدد القصائد

مطلع القصيدة

عدد الأبيات

١٦ ـ ابكِ ما عشت بالدموعِ الغزارِ

لذراري محمد المختارِ ٣٧

١٧ ـ أآمرتي بالصبرِ أسرفتِ في أمري

أيُؤمرُ مثلي لا أبا لك بالصبرِ ٢٩

١٨ ـ سلامي على قبرٍ تضمّن حيدرا

سلام مشوقٍ ما يطيقُ التصبّرا ٦٠

ويقول في آخرها :

ولا أغلُ في ديني كمن كان قد غلا

وما كنتُ في حبِّ الوصيّ مقصِّرا

بذلك يلقى الله في يومِ بعثِه

عليُّ بن حمّادٍ إذا هو أُنشرا

١٩ ـ يالائمي دع ملامي في الهوى وذرِ

فإنّ حبَّ عليٍّ قام في عذري ٢٨

٢٠ ـ دعا قلبَهُ داعي الوعيدِ فأسمعا

وداعٍ لبادي شيبِهِ فتورّعا ٦٢

٢١ ـ فرّقتَ يا بينُ شملاً كان مجتمعا

أبعدتَ عنّي حبيبي والسرورَ معا ٧٧

٢٢ ـ خليلي عُجْ بنا نُطِلِ الوقوفا

على مَن نورُهُ شملَ الطفوفا ٢٥

٢٣ ـ خواطرُ فكري فيِ الحشاءِ تجولُ

وحزني على آلِ النبيِّ يطولُ ٥٢

٢٤ ـ أهجرتِ يا ذاتَ الجمالِ دلالا

وجعلتِ جسمي للصدودِ خيالا ٥٨

٢٥ ـ ألا إنّ زينَ المرءِ في عمرِهِ العقلُ

ونهجُ هدىً ما فيه زُحلوقة زلُّ ٢٧

٢٦ ـ يا عليَّ بن أبي طالب يا ابنَ المفضلِ

يا حجابَ اللهِ والبابَ القديمِ الأزلي ٢١

٢٧ ـ ناجتْكَ أعلامُ الهدايةِ فاعلمِ

وأقمتَ فيها بالطريقِ الأقومِ ٥١

فانظر بعين العقل في عقبى الهوى

واسأل عن الدارينِ إن لم تعلمِ

٢٨ ـ النومُ بعدَكمُ عليّ حرامُ

من فارقَ الأحبابَ كيف ينامُ ٥٥

٢٩ ـ أرضِ الإلهَ وأسخطِ الشيطانا

تُعْطَ الرضا في الحشر والرضوانا ٢٧

يقول فيها وهي ناقصة الآخر :

من أنزلَ اللهُ الكتابَ عليه في

كلِّ العلوم ليفتدي برهانا

من بلّغ الدنيا بنصبِ وصيِّه

يومَ الغدير ليكملَ الإيمانا

٢٣٢

وهناك قصائد تُعزى إلى شاعرنا ابن حمّاد العبدي في بعض المجاميع وهي لابن حمّاد محمد المتأخّر عن المترجَم له بقرون (١) ، منها قصيدةٌ مطلعها :

لغيرِ مصابِ السبطِ دمعُك ضائعُ

ولا أنت ذا سلوٍ عن الحزن جازعُ

وقفنا على تمام هذه القصيدة وفي آخرها :

لعلّ ابنَ حمّادٍ محمدَ عبدَكم

له في غدٍ خيرُ البريّة شافعُ

__________________

(١) هو محمد بن سلمان أبو غالب العلوي الموسوي من أهل مرو توفّي ٥٥٨ ه‍. أنظر مستدركات أعيان الشيعة : ٣ / ٢٣٠.

٢٣٣
٢٣٤

ـ ٣٣ ـ

أبو الفرج الرازي

تجلّى الهدى يومَ الغديرِ عن الشُّبَه

وبرّز إبريز البيانِ عن الشبه

وأكملَ ربُّ العرشِ للناسِ دينَهم

كما نزّلَ القرآنَ فيهِ فأعربه

وقامَ رسولُ اللهِ في الجمعِ رافعاً

بضبعِ عليٍّ ذي التعالي على الشَّبَه

وقال ألا من كنتُ مولىً لنفسِهِ

فهذا له مولىً فيا لكِ منقبه (١)

الشاعر

أبو الفرج محمد بن هندو الرازي.

آل هندو : من أسر الإماميّة الناهضين بنشر العلم والأدب ، وفيهم جمعٌ ممّن تحلّوا بفنون الفضائل ، ولهم في الكتابة والقريض قِدمٌ وقَدمٌ ، طفحت بذكرهم المعاجم ، منهم : أبو الفرج محمد بن هندو مؤسّس شرف بيتهم ، عدّه ابن شهرآشوب في معالم العلماء (٢) من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام المتّقين.

ومنهم : أبو الفرج الحسين بن محمد بن هندو ، ترجمه الثعالبي في

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب : ١ / ٥٣١ طبع إيران [٣ / ٣٧] ، والصراط المستقيم للبياضي [١ / ٣١١]. (المؤلف)

(٢) معالم العلماء : ص ١٥٢.

٢٣٥

اليتيمة (١) (٣ / ٣٦٢) وعدّه من أصحاب الوزير الصاحب بن عبّاد وذكر شطراً من شعره ، وقال : مُلَحُه كثيرة ، ولا يسع هذا الباب إلاّ هذا الأنموذج منها ، وممّا ذكر له قوله

لا يوحشنّك من مجدٍ تَباعدُه

فإنّ للمجدِ تدريجاً وتدريبا

إنّ القناةَ التي شاهدتَ رفعتَها

تنمي فتصعدُ أنبوباً فأنبوبا

وقوله :

يقولون لي ما بالُ عينِك مذ رأتْ

محاسنَ هذا الظبي أدمعُها هُطلُ

فقلت زنتْ عيني بطلعةِ وجهِهِ

فكان لها من صوبِ أدمعِها غُسلُ

ومنهم : أبو الفرج عليّ بن الحسين بن محمد بن هندو ، توجد ترجمته في جملة من كتب التراجم (٢) ، وفي كلّها ثناءٌ عليه بتضلّعه في الحكمة والفلسفة والطبّ والكتابة والشعر والأدب ، وتبرُّزه في ذلك كلّه. له كتاب مفتاح الطبّ ، المقالة المشوِّقة في المد خل إلى علم الفلك ، الكلم الروحانيّة من الحكم اليونانيّة ، الوساطة بين الزناة واللاطة ـ هزليّة ، ديوان شعره ، توفّي بجرجان سنة (٤٢٠).

ومن شعر أبي الفرج عليّ في معانٍ بديعة ، قوله :

حللتُ وقاريَ في شادنٍ

عيونُ الأنام به تعقدُ

غدا وجهُهُ كعبةً للجمالِ

وفي قلبِهِ الحَجَرُ الأسودُ

وله قوله :

قولوا لهذا القمرِ البادي

مالكَ إصلاحي وإفسادي

__________________

(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٤٥٩.

(٢) طبقات الأطبّاء : ١ / ٣٢٣ [ص ٤٢٩] ، دمية القصر : ص ١١٣ [١ / ٦٠٨] ، فوات الوفيات : ٢ / ٤٥ [٣ / ١٣ رقم ٣٣٧] ، معجم الأدباء : ١٣ / ١٣٦ ، محبوب القلوب للأشكوري [١ / ١٣٩] ، نسمة السحر [مج ٨ / ج ٢ / ٣٦٢]. (المؤلف)

٢٣٦

زوِّد فؤاداً راحلاً قبلَهُ

لا بدّ للراحلِ من زادِ

وله قوله :

قالوا اشتغل عنهمُ يوماً بغيرهمُ

وخادعِ النفسَ إنّ النفسَ تنخدعُ

قد صيغَ قلبي على مقدارِ حبِّهمُ

فما لحبِّ سواه فيه مُتّسعُ

وله قوله :

وحقِّكَ ما أخّرتُ كُتْبيَ عنكمُ

لقالةِ واشٍ أو كلامِ محرِّشِ

ولكنّ دمعي إن كتبتُ مشوِّشٌ

كتابي وما نفعُ الكتابِ المشوَّشِ

وله قوله :

ما للمعيلِ وللمعالي إنّما

يسمو إليهنّ الوحيدُ الفاردُ

فالشمس تجتابُ السماءَ فريدةً

وأبو بناتِ النعش فيها راكدُ

وله قوله :

قوِّض خيامَكَ من أرضٍ تضامُ بها

وجانبِ الذلّ إنّ الذلَّ يُجتنَبُ

وارحلْ إذا كانتْ الأوطانُ منقصةً

فصندلُ الهندِ في أوطانِهِ حطبُ

لا يذهب على القارئ أنّ ترجمة أبي الفرج عليّ بن هندو تُعزى في عيون الأنباء ، وفوات الوفيات ، ومحبوب القلوب إلى يتيمة الدهر ، وكتاب اليتيمة خلوٌ منها ، والمترجم فيه هو والده المذكور الحسين.

نعم ؛ ترجمه الثعالبي في تتمّة اليتيمة (١) (ص ١٣٤ ـ ١٤٣) وأثنى عليه بقوله : هو من ضربه في الآداب والعلوم بالسهام الفائزة ، وملكه رقّ البراعة في البلاغة ، فرد الدهر في ا لشعر ، وأوحد أهل الفضل في صيد المعاني الشوارد ، ونظم القلائد

__________________

(١) تتمّة يتيمة الدهر : ٥ / ١٥٥.

٢٣٧

والفرائد ، مع تهذيب الألفاظ البليغة ، وتقريب الأغراض البعيدة ، وتذكير الذين يسمعون ويروون ، (أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (١) ، وكنت ضمّنتُ كتاب اليتيمة نبذاً من شعره (٢) لم أظفر بغيره ، وهذا مكان ما وقع إليّ بعد ذلك من وسائط عقوده ، وفوارد أبياته بل معجزاته.

ثم ذكر صحائف من شعره وفصلاً من رسالته الهزليّة ـ الوساطة.

ومنهم : أبو الشرف بن أبي الفرج عليّ بن حسين بن محمد بن هندو ، ذكره صاحب دمية القصر (٣) (ص ١١٣) في ذيل ترجمة أبيه.

قد تُعزى الأبيات الغديريّة المذكورة إلى أبي الفرج سلامة بن يحيى الموصلي (٤) وهو لا يتمُّ ؛ لأنّ الواقف على مناقب ابن شهرآشوب ومعالمه جدُّ عليمٍ بأنّه يذكر أبا الفرج الموصلي في كتابيه باسمه والمترجم بكنيته ، والله أعلم.

__________________

(١) الطور : ١٥.

(٢) يتيمة الدهر : ٣ / ٢١٢ [٣ / ٤٦٠]. (المؤلف)

(٣) دمية القصر : ١ / ٦١٨.

(٤) راجع يتيمة الدهر : ١ / ٨٢ [١ / ١٢٩]. (المؤلف) [وكذا عزاها إليه السيد الأمين في أعيان الشيعة : ٧ / ٢٧٥].

٢٣٨

ـ ٣٤ ـ

جعفر بن حسين

قل للذي بفجورِه

في شعرِه ظهرتْ علامه

ويبيعُ جهلاً دينَهُ

لمضلّلٍ يرجو حطامه

من أين أنت لُعِنتَ أو

من أينَ أسرارُ الإمامه

أظننتَها إرثَ النب

يِّ فما أصبتَ ولا كرامه

إنّ الإمامةَ بالنصو

صِ لمن يقومُ بها مقامه

كمقالِهِ في يومِ خمّ

لحيدرٍ لمّا أقامه

من كنتُ مولاه فذا

مولاه يُسمِعُهمْ كلامه

سل عنه ذا خبرٍ به

فلتذهبنّ إذاً ندامه

فهو الذي بحسامه

للنقع قد جلّى قتامه

في يوم بدرٍ إذ شكا

سادات مالكِكم صدامه

وأنين والدِهم وقد

منَع النبيّ به منامه

إنّ الإمام لديننا

من شاده وبنى دعامه

في كلّ معتركٍ إذا

شبَّ الوغى أطفا ضرامه

فتّاحُ خيبرَ بعد ما

فرَّ الذي طلبَ السلامه

تالله لو وُزِنَ الجمي

عُ لما وفوا منه القلامه

حكى القاضي أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أبي

٢٣٩

جرادة الحلبي المتوفّى سنة (٥٦٥) في شرح قصيدة أبي فراس الميميّة المعروفة بالشافية عن مروان بن أبي حفصة ، أنَّه قال : أنشدت المتوكّل شعراً ذكرتُ فيه الرافضة ، فعقد لي على البحرين واليمامة ، وخلع عليَّ أربع خلع في دار العامّة ، والشعر هو هذا :

لكمُ تراثُ محمدٍ

وبعدلِكمْ تُنفى الظلامه

يرجو التراثَ بنو البنا

ت وما لهم فيه قلامه

والصهرُ ليس بوارثٍ

والبنتُ لا ترثُ الإمامه

ما للذين تنحّلوا

ميراثَكمْ إلاّ الندامه

أخذَ الوراثةَ أهلُها

فعلام لومُكمُ علامه

لو كان حقّكمُ لها

قامت على الناس القيامه

ليس التراثُ لغيرِكم

لا والإلهِ ولا كرامه

أصبحتُ بين محبّكم

والمبغضين لكم علامه

فردّ عليه رجلٌ يقال له جعفر بن حسين بقوله : قل للذي بفجوره. إلخ (١).

قال الأميني : زعماً بأنّ الشاعر من أولاد أبي عبد الله حسين بن الحجّاج البغدادي أو ممّن عاصروه ، ذكرناه في هذا القرن ولم نقف على شيءٍ من ترجمته.

وقد وقفنا على عدّة قصائد غديريّة لغير واحد من شعراء القرن الرابع ، غير أنّا لم نعرف شيئاً من أحوالهم وتاريخ حياتهم فضربنا عنها صفحاً.

__________________

(١) راجع أعيان الشيعة : ١٨ / ٤٤٦ [٤ / ٩٣]. (المؤلف)

٢٤٠