الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

شعراء الغدير

في

القرن الرابع

٤٦١
٤٦٢

فهرس شعراء الغدير في القرن الرابع

٣٤٠ ـ أبو الحسن بن طباطبا الأصبهاني المتوفّى ٣٢٢

٣٤١ ـ أبو جعفر أحمد بن عَلّويه الأصبهاني المتوفّى ٣٢٠

٣٤٢ ـ أبو عبد الله محمد المفجّع البصري المتوفّى نيّف و ٣٢٧

٣٤٣ ـ أبو القاسم أحمد بن محمد الصنوبري المتوفّى ٣٣٤

٣٤٤ ـ أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخي المتوفّى ٣٤٢

٣٤٥ ـ أبو القاسم عليّ بن إسحاق الزاهي المتوفّى ٣٥٢

٣٤٦ ـ أبو فراس أمير الشعراء الحمداني المتوفّى ٣٥٧

٣٤٧ ـ أبو الفتح محمود بن محمد كشاجم المتوفّى ٣٥٠ ، ٣٦٠

٣٤٨ ـ أبو الحسن عليّ بن عبد الله الناشئ الصغير المتوفّى ٣٦٥

٣٤٩ ـ أبو عبد الله الحسين البشنوي المتوفّى بعد ٣٨٠

٣٥٠ ـ أبو القاسم الوزير الصاحب بن عبّاد المتوفّى ٣٨٥

٣٥١ ـ أبو عبد الله بن الحجّاج البغدادي المتوفّى ٣٩١

٣٥٢ ـ أبو العبّاس الوزير أحمد الضبّي المتوفّى ٣٩٨

٣٥٣ ـ أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي المتوفّى ٣٩٩

٣٥٤ ـ أبو النجيب شداد الظاهر الجزري (١) المتوفّى ٤٠١

٣٥٥ ـ أبو محمد طلحة الغسّاني العوني

٣٥٦ ـ أبو العلاء محمد بن إبراهيم السروي

٣٥٧ ـ أبو الحسن عليّ الجوهري الجرجاني

٣٥٨ ـ أبو الحسن عليّ بن حمّاد العبدي

٣٥٩ ـ أبو الفرج بن هندو الرازي

[٣٦٠ ـ جعفر بن حسين]

__________________

(١) ستأتي ترجمته في الجزء الرابع ضمن شعراء القرن الخامس.

٤٦٣
٤٦٤

١٥ ـ

ابن طباطبا الأصبهاني

المتوفّى (٣٢٢)

يا من يُسرُّ ليَ العداوةَ أَبْدِها

واعمدْ لمكروهي بجهدِك أو ذرِ

لله عندي عادةٌ مشكورةٌ

فيمن يعاديني فلا تتحيَّرِ

أنا واثقٌ بدعاء جدّي المصطفى

لأبي غداةَ غديرِ خمٍّ فاحذرِ

والله أسعدنا بإرث دعائِهِ

فيمن يُعادي أو يُوالي فاصبرِ (١)

الشاعر

أبو الحسن محمد بن أحمد بن [محمد بن أحمد بن] (٢) إبراهيم طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الإمام السبط الحسن ابن الإمام عليِّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ ، الشهير بابن طباطبا.

عالم ضليع ، وشاعر مفلق ، وشيخ من شيوخ الأدب ، ذكر المرزباني في معجم الشعراء (٣) (ص ٤٦٣) : إنّ له كتباً ألَّفها في الأشعار والآداب ، وذكر منها

__________________

(١) خاطب بها أبا عليّ الرستمي ، كما في ثمار القلوب للثعالبي : ص ٥١١ [ص ٦٣٧ رقم ١٠٦٨]. (المؤلف)

(٢) الزيادة في عمدة الطالب : ص ١٧٣ ، المجدي : ص ٧٤ ، معجم الأدباء : ١٧ / ١٤٣ ، أعيان الشيعة : ٩ / ٧٢ ، الأعلام : ٥ / ٣٠٨.

(٣) معجم الشعراء : ص ٤٢٧.

٤٦٥

أصحاب المعاجم (١) :

١ ـ كتاب سنام المعالي.

٢ ـ كتاب عيار الشعر ، وفي فهرست ابن النديم (٢) (ص ٢٢١) : معيار الشعر. وقال الحموي في معجم الأدباء (٣) (٣ / ٥٨) : ألّف الآمدي الحسن بن بشر كتاباً في إصلاح ما فيه.

٣ ـ كتاب الشعر والشعراء.

٤ ـ كتاب نقد الشعر.

٥ ـ كتاب تهذيب الطبع.

٦ ـ كتاب العروض. قال الحموي : لم يُسبق إلى مثله.

٧ ـ كتاب فرائد الدرّ. كتب إلى صديق له كان قد استعاره يسترجعه منه :

يا درُّ ردَّ فرائدَ الدرِّ

وارفق بعبدٍ في الهوى حرِّ

٨ ـ كتاب في المدخل في معرفة المعمّى من الشعر.

٩ ـ كتاب في تقريض الدفاتر.

١٠ ـ كتاب ديوان شعره.

١١ ـ كتاب اختياره ديوان شعره.

ذكره الحموي في معجم الأدباء (٤) وقال : إنّه كان مذكوراً بالذكاء والفطنة ، وصفاء القريحة ، وصحّة الذهن ، وجودة المقاصد ....

ذكر أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني قال : سمعت جماعة من رواة الأشعار ببغداد يتحدّثون عن عبد الله بن المعتزّ أنّه كان لهجاً بذكر أبي الحسن ، مقدِّماً له على سائر أهله ويقول : ما أشبهه في أوصافه إلاّ محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك ،

__________________

(١) راجع ثمار القلوب : ص ٥٠٧ [ص ٦٣١ رقم ١٠٥٥] ، فهرست ابن النديم : ص ١٩٦ [ص ١٥١] ، معجم الأدباء : ١٧ / ١٤٣ ، عمدة الطالب : ص ١٦٢ [ص ١٧٣]. (المؤلف)

(٢) فهرست النديم : ص ١٧٢.

(٣) معجم الأدباء : ٨ / ٨٥.

(٤) معجم الأدباء : ١٧ / ١٤٣.

٤٦٦

إلاّ أنّ أبا الحسن أكثر شعراً من المَسلَميّ ، وليس في ولد الحسن من يشبهه ، بل يُقاربه عليّ بن محمد الأفوه (١).

قال : وحدّثني أبو عبد الله بن عامر قال : كان أبو الحسن طول أيّامه مشتاقاً إلى عبد الله بن المعتزّ ، متمنّياً أن يلقاه أو يرى شعره ، فأمّا لقاؤه فلم يتّفق له ؛ لأنّه لم يفارق أصبهان قطُّ ، وأمّا ظفره بشعره فإنّه اتّفق له في آخر أيّامه. وله في ذلك قصّة عجيبة ، وذلك أنّه دخل إلى دار معمر وقد حُملت إليه من بغداد نسخة من شعر عبد الله ابن المعتزّ ، فاستعارها فسوّف بها ، فتمكّن عندهم من النظر فيها ، وخرج وعدل إليّ كالاّ معيياً كأنّه ناهض بحمل ثقيل ، فطلب محبرةً وكاغداً ، فأخذ يكتب عن ظهر قلبه مقطّعات من الشعر ، فسألته لمن هي؟ فلم يجبني حتى فرغ من نسخها ، وملأ منها خمس ورقات من نصف المأموني ، وأحصيت الأبيات فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتاً تحفّظها من شعر ابن المعتزّ في ذلك المجلس ، واختارها من بين سائرها.

يوجد في معجم الحموي (٢) شطر مهمٌّ من شعره ، منه قصيدة في (٣٩) بيتاً ليس فيها راء ولا كاف ، يمدح بها أبا الحسين محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل ، أوّلها :

يا سيّداً دانت له الساداتُ

وتتابعتْ في فعلِهِ الحسناتُ

وتواصلت نعماؤه عندي فلي

منه هباتٌ خلفهنَّ هباتُ

نِعمٌ ثنتْ عنّي الزمانَ وخطبَهُ

من بعد ما هِيبتْ لهَ غَدَواتُ

ويصف قصيدته بقوله :

ميزانُها عند الخليل مُعَدّلٌ

متفاعلن متفاعلن فَعِلاتُ

وروى الثعالبي في ثمار القلوب (٣) (ص ٥١٨) له قوله :

__________________

(١) هو الحمّاني أحد شعراء الغدير ، مرّت ترجمته في هذا الجزء : ص ٥٧ ـ ٦٩. (المؤلف)

(٢) معجم الأدباء : ١٧ / ١٤٦.

(٣) ثمار القلوب : ص ٦٤٥ رقم ١٠٨٣ ، ص ٥٤٨ رقم ٨٩٧ ، ص ٢٨٦ رقم ٤٢٩.

٤٦٧

أقولُ وقد أُوقظتُ من سِنَةِ الهوى

بعذلٍ يُحاكي لذعُهُ لذعةَ الهجرِ

دعوني وحُلمَ اللهوِ في ليلةِ المُنى

ولا توقظوني بالملامِ وبالزجرِ

فقالوا ليَ استيقظْ فشيبُكَ لائحٌ

فقلتُ لهم طيبُ الكرى ساعة الفجرِ

وذكر في (ص ٤٣٥) له يصف ليلة ممتعة :

وليلةٍ أطربني صبحُها

فَخِلْتُني في عُرُس الزنجِ (١)

كأنّما الجوزاءُ جنحَ الدجى

طبّالةٌ تضربُ بالصنْجِ

قائمةٌ قد حرّرت وصفها

مائلةُ الرأس من الغنجِ

وقال في (ص ٢٢٩) : دخل يوماً أبو الحسن بن طباطبا دار أبي عليّ بن رستم ، فرأى على بابه عثمانيَّينِ أسودَينِ قد لبسا عمامتين حمراوين ، فامتحنهما فوجدهما من الأدب خاليين ، فلمّا تمكّن في مجلس ابن رستم دعا بالدواة والقرطاس وكتب :

أرى بباب الدارِ أسودينِ

ذَوَيْ عمامتينِ حمراوينِ

كجمرتينِ فوقَ فحمتينِ

قد غادرا الرفض قريري عينِ

جدّكما عثمانُ ذو النورينِ

فما لهُ أنسلَ ظُلمتينِ

يا قبحَ شينٍ صادرٍ عن زينِ

حدائدٍ تُطبَعُ من لُجَينِ

ما أنتما إلاّ غُرابا بَينِ

طِيرا فقد وقعتما لِلْحَيْنِ (٢)

المُظهرينِ الحبَّ للشخصينِ

ذرا ذوي السنّة في المصرينِ

وخلّيا الشيعة للسبطينِ

للحسن الطيِّب والحسينِ

ستُعطَيان في مدى عامينِ

صكّا بخفّين إلى حنينِ (٣)

__________________

(١) يضرب به المثل لاختصاص الزنج من بين الأمم بشدّة الطرب وحبّ الملاهي والأغاني ، والمثل سائر بإطرابهم. (المؤلف)

(٢) الحَيْن : الهلاك.

(٣) توجد في معجم الأدباء : ١٧ / ١٥٤ بتغيير يسير. (المؤلف)

٤٦٨

فاستظرفها ابن رستم وتحفّظها الناس.

وله قوله يهجو به أبا عليّ بن رستم يرميه بالدعوة (١) والبرص :

أنت أُعطيت من دلائل رُسْلِ الله

آياً بها علوتَ الرؤوسا

جئت فرداً بلا أب وبيُمنا

كَ بياضٌ فأنت عيسى وموسى

وله في أبي عليِّ بن رستم لمّا هدم سور أصبهان ليزيد به في داره ، وأشار فيه إلى كون أصبهان من بناء ذي القرنين :

وقد كان ذو القرنين يبني مدينةً

فأصبحَ ذو القرنينِ يهدمُ سورَها

على أنّه لو كان في صحنِ دارِهِ

بقرنٍ له سَيْناء زعزعَ طورَها

وله في ابن رستم يذكر بناءه سور أصبهان :

يا رستميُّ استعمل الجدّا

وكدنا في حظِّنا كدّا

فإنّك المأمولُ والمرتجى

تهوِّنُ الخطبَ إذا اشتدّا

أحكمتَ من ذا السورِ ما لم تجدْ

واللهِ من إحكامِهِ بُدّا

فخلفَهُ نسلٌ كثيرٌ لمن

أصفت لأرز بونها الودّا (٢)

وهمْ كَيأجوجَ ومأجوجَ إن

عدّدتهم لم تُحصِهِمْ عَدّا

وأنت ذو القرنينِ في عصرِهِ

جعلتَهُ ما بينهم سدّا

وقال يهجو أبا عليّ الرستمي :

كفراً بعلمِكَ يا ابن رُسْتم طه

وبما حفظتَ سوى الكتابِ المُنزَلِ

لو كنتَ يونسَ في دوائرِ نحوهِ

أو كنت قُطْربَ في الغريبِ المُشكلِ

وحويتَ فقهَ أبي حنيفةَ كلَّهُ

ثمّ انتهيتَ لرستمٍ لم تَنْبُلِ

__________________

(١) أي ادّعاء النسب.

(٢) كنّى بالأرزبون عن غلامه. (المؤلف)

٤٦٩

وله قوله :

لا تُنْكِرَنْ إهداءَنا لك منطقاً

منك استفدنا حسنَهُ ونظامَهْ

فالله عزّ وجلّ يشكر فعلَ من

يتلو عليه وحيَهُ وكلامَهْ

ويعاتب أبا عمرو بن جعفر بن شريك على منعه إيّاه شعر ديك الجنِّ بقوله :

يا جواداً يمسي ويصبحُ فينا

واحداً في الندى بغيرِ شريكِ

أنت من أسمحِ الأنامِ لشعر ال

ناس ما ذا اللجاجُ في شعرِ ديكِ

يا حليفَ السماحِ لو أنّ ديكَ ال

جنّ من نسلِ ديكِ عرشِ المليكِ (١)

لم يكن فيه طائلٌ بعد أن يد

خلَهُ الذكْرُ في عِدادِ الديوكِ

وله قوله :

بأبي الذي نفسي عليه حبيسُ

مالي سواهُ من الأنامِ أنيسُ

لا تنكروا أبداً مقاربتي له

قلبي حديدٌ وهو مغناطيسُ

وله :

يا طيبَ ليلٍ خلوتُ فيهِ بمن

أقصرُ عن وصفِ كُنْهِ وَجدي بهِ

ليلٌ كبَردِ الشباب حالكُهُ

نعمتُ في ظلّهِ وفي طيبهِ

وله :

أتاني قريضٌ كنظم الجُمانِ

وروضِ الجنانِ وأَمْنِ الفؤادِ

وعهدِ الصِّبا ونسيمِ الصَّبا

وبَرْدِ الفؤاد وطيبِ الرقادِ

__________________

(١) حديث ديك العرش رواه الجاحظ [في كتاب الحيوان : ٢ / ٢٥٩] عن رسول الله صلّي الله عليه واله وسلّم قال : إنّ ممّا خلق الله لديكاً عَرْفُهُ تحت العرش ، وبراثنه تحت الأرض السفلى ، وجناحه في الهواء ، فإذا مضى ثُلُثا الليل وبقي ثلثُهُ ضرب بجناحه قائلاً : سبحان الملك القدوس ، سبّوحٌ قدّوس ، ربُّ الملائكة والروح ، فعند ذلك تضرب الديكَةُ وتصيح. (المؤلف)

٤٧٠

وذكر المرزباني في معجم الشعراء (١) (ص ٤٦٣) له يصف به القلم :

وله حسامٌ باترٌ في كفِّهِ

يمضي لِنقضِ الأمر أو توكيدِهِ

ومترجمٌ عمّا يُجنُّ ضميرُهُ

يجري بحكمتِه لدى تسويدهِ

قلمٌ يدور بكفِّه فكأنّهُ

فَلَكٌ يدور بنحسِه وسُعودهِ

وروى له في المعجم أيضاً :

لا وأُنسي وفرحتي بكتابٍ

قد أتاني في عيدِ أضحى وفِطرِ

ما دجا ليلُ وحشتي قطُّ إلاّ

كنتَ لي فيه طالعاً مثل بَدرِ

بحديثٍ يقيم للأنس سوقاً

وابتسامٍ يَكفُّ لوعةَ صدري

وذكر له النويري في نهاية الأرب (٢) (٣ / ٩٧):

إنّ في نيل المنى وَشْكَ الردى

وقياسَ القصد عند السرَفِ

كسراجٍ دهنُهُ قوتٌ له

فإذا غرَّقته فيه طَفي

وقوله :

لقد قال أبو بكرٍ

صواباً بعد ما أنصتْ

فَرُحْنا لم نَصِدْ شيئاً

وما كانَ لنا أفلتْ

وذكر ابن خلّكان (٣) نقلاً عن ديوانه قوله :

بانُوا وأبقَوا في حَشاي لبَيْنِهمْ

وجْداً إذا ظَعَنَ الخليطُ أقاما

لله أيّامُ السرور كأنّما

كانت لسُرعةِ مَرِّها أحلاما

__________________

(١) معجم الشعراء : ص ٤٢٧.

(٢) نهاية الأرب : ٣ / ١٠١.

(٣) وفيات الأعيان : ١ / ١٣٠ رقم ٥٣.

٤٧١

لو دامَ عيشٌ رحمةً لأخي هوىً

لأقامَ لي ذاك السرورُ وداما

يا عيشَنا المفقودَ خُذْ من عمرِنا

عاماً ورُدّ من الصِّبا أيّاما

وله قوله :

يا من حكى الماءَ فرطُ رقّتِهِ

وقلبُهُ في قساوةِ الحجرِ

يا ليت حظّي كحظِّ ثوبِكَ من

جسمِكَ يا واحدَ البشرِ

لا تعجبوا من بلى غِلالَتِهِ

قد زَرّ أزرارَهُ على القمرِ

وُلد المترجَم كما في المجدي (١) بأصبهان ، وتوفّي بها سنة (٣٢٢) كما في معاهد التنصيص ، فما في نسمة السحر من أنّه ولد سنة (٣٢٢) نقلاً عن المعاهد اشتباه نشأ عن فهم ما في المعاهد من كلامه ، قال : مولده بأصبهان وبها مات سنة (٣٢٢). فحسب التاريخ ظرف ولادته كما زعمه بعض المعاصرين وهو لا يقارف الصواب ، لأنّ أبا عليّ الرستميّ الذي للمترجَم فيه شعر كثير من رجال عهد المقتدر بالله المقتول سنة (٣٢٠) ، وفي أيّامه أحدث الرستمي ما أحدث في أصبهان في سورها وجامعها وهجاه المترجَم ، ولأنّ المترجَم كما مرّ عن معجم الأدباء كان يتمنّى لقاء عبد الله بن المعتز ويشتاق إليه ، وابن المعتزّ توفّي سنة (٢٩٦).

توجد ترجمته والثناء عليه في غاية الاختصار ، نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر (٢) (ج ٢) ، معاهد التنصيص (٣) (١ / ١٧٩).

نقل ابن خلّكان في تاريخه (٤) (١ / ٤٢) في ذيل ترجمة أبي القاسم بن طباطبا المتوفّى سنة (٣٤٥) عن ديوان المترجم الأبيات المذكورة ، فقال : ولا أدري من هذا

__________________

(١) المجدي في أنساب الطالبيّين : ص ٧٤.

(٢) نسمة السحر : مج ٩ / ج ٢ / ٤٨٥.

(٣) معاهد التنصيص : ٢ / ١٢٩ رقم ٢٢.

(٤) وفيات الأعيان : ١ / ١٣٠ رقم ٥٣.

٤٧٢

أبو الحسن ، ولا وجه النسب بينه وبين أبي القاسم المذكور ، والله أعلم. انتهى.

واشتبه على سيّدنا الأمين العاملي فهم كلام ابن خلّكان هذا وذيله ، وأوقعه في خلط عظيم ، فعقد ترجمة تحت عنوان ـ أبو الحسن الحسني المصريّ ـ في أعيان الشيعة في الجزء السادس (ص ٣١٢) وجعله مصريّا بلا مستند ، وأخذ تاريخ وفاة أبي القاسم بن طباطبا وذكره لأبي الحسن ، وختم ترجمته بقوله : ولا دليل لنا على تشيّعه غير أصالة التشيّع في العلويّين. والعجب أنّه ذكر في الجزء التاسع (١) (ص ٣٠٥) أبا الحسن باسمه ونسبه وقال : هذا الذي قال ابن خلّكان : لا أدري من هذا أبو الحسن. لا عصمة إلاّ لله.

وللمترجَم عقبٌ كثير بأصبهان ، فيهم علماء ، أدباء ، أشراف ، نقباء ، قال النسّابة العمري في المجدي (٢) : له ذيل طويل فيهم موجّهون ، منهم : أبو الحسن أحمد الشاعر الأصبهاني ، وأخوه أبو عبد الله الحسين وَلِيَ النقابة بها ، ابنا عليّ بن محمد الشاعر الشهير. ومنهم : الشريف أبو الحسن محمد ببغداد ، يقال له : ابن بنت خصبة.

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٩ / ٧٢.

(٢) المجدي في أنساب الطالبيّين : ص ٧٤.

٤٧٣
٤٧٤

١٦ ـ

ابن عَلّويه الأصبهاني

المولود (٢١٢)

المتوفّى (٣٢٠ ونيّف)

ما بالُ عينِكَ ثرّةَ (١) الأجفانِ

عبرى اللحاظِ سقيمةَ الإنسانِ

صلّى الإلهُ على ابن عمِّ محمدٍ

منهُ صلاةَ تغمّدٍ بحنانِ

وله إذا ذُكر الغديرُ فضيلةٌ

لم ننسَها ما دامتِ المَلَوانِ (٢)

قام النبيُّ له بشرحِ ولايةٍ

نزلَ الكتابُ بها من الديّانِ

إذ قالَ بلّغْ ما أُمرتَ به وثقْ

منهم بعصمةِ كالئٍ حنّانِ

فدعا الصلاةَ جماعةً وأقامَهُ

عَلَماً بفضلِ مقالةٍ غرّانِ (٣)

نادى أَلَسْتُ وليَّكمْ قالوا بلى

حقّا فقال فذا الوليُّ الثاني

ودعا لهُ ولمن أجابَ بنصرِهِ

ودعا الإلهَ على ذوي الخذلانِ

نادى ولم يكُ كاذباً بخٍّ أبا

حسنٍ ربيعَ الشِّيبِ والشبّانِ

أصبحتَ مولى المؤمنينَ جماعةً

مولى إناثِهمُ مع الذكرانِ

لمن الخلافةُ والوزارةُ هل هما

إلاّ لَهُ وعليهِ يتّفقانِ

__________________

(١) ثرّة : غزيرة ، وإنسان العين : سوادها.

(٢) المَلَوان : الليل والنهار.

(٣) كذا ، وفي أعيان الشيعة ٣ / ٢٤ : مقالةٍ وبيان.

٤٧٥

أوَ ما هما فيما تلاه إلهُنا

في مُحْكَمِ الآياتِ مكتوبانِ

أُدلوا بحجّتِكمْ وقولوا قولَكُمْ

ودعوا حديثَ فلانةٍ وفلانِ

هيهات ضلَّ ضلالكمْ أن تهتدوا

أو تفهموا لمقطّع السلطانِ

ما يتبع الشعر

هذه الأبيات من القصيدة المحبّرة لابن عَلّويه ، قال الحموي في معجم الأدباء (٤ / ٧٦) : لأحمد بن عَلّويه قصيدة على ألف قافية شيعيّة ، عُرضت على أبي حاتم السجستاني (١) [فأُعجب بها] (٢) وقال : يا أهل البصرة غلبكم أهل أصفهان ، وأوّل القصيدة :

ما بال عينك ثرّةَ الأجفانِ

عبرى اللِّحاظِ سقيمةَ الإنسانِ

وفي معالم العلماء لابن شهرآشوب (٣)) ، وإيضاح الاشتباه للعلاّمة الحلّي (٤) : له النونيّة المسمّاة بالألفيّة والمحبَّرة وهي ثمانمائة ونيّف وثلاثون بيتاً. إلى آخر ما ذكره الحموي. يوجد منها شطرٌ مهمٌّ في مناقب ابن شهرآشوب (٥) مبثوثاً في أبوابه ، جمعه العلاّمة السماوي في ديوان يحتوي على (٢١٣) بيتاً ، وذكر منها سيِّدنا الحجّة الأمين في أعيان الشيعة في الجزء التاسع (٦) (ص ٧١ ـ ٨٢) نقلاً عن المناقب (٢١١) بيتاً.

والقصيدة تتضمّن غرر فضائل أمير المؤمنين المأثورة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) سهل بن محمد الإمام في علوم القرآن واللغة والشعر قرأ على الأخفش ، وروى عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي وجمع آخرين ، وعنه ابن دريد وغيره. توفّي سنة (٢٥٥) وقيل غيرها. (المؤلف)

(٢) الزيادة من المصدر.

(٣) معالم العلماء : ص ٢٣ رقم ١١٠.

(٤) إيضاح الاشتباه : ص ١٠٤ رقم ٦٩.

(٥) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٤٨.

(٦) أعيان الشيعة : ٣ / ٢٢ ـ ٢٦.

٤٧٦

وهي لسان الكتاب والسنّة لا الصور الخياليّة الشعريّة المطّردة ، وفيها الحِجاج والبرهنة الصادقة على إمامة وصيّ النبيّ الأمين ، وإنّ ما فهمه من لفظ المولى وهو ذلك الفذُّ من علماء العربيّة ، والناقد البصير من أئمّة اللغة ، والأوحد المفرد من رجال الأدب وصاغة الشعر ، لهو الحجّة القويّة على ما ترتئيه الشيعة في دلالة هذا اللفظ ، وإفادة الحديث بذلك الولاية المطلقة لمولى المؤمنين ـ صلوات الله عليه.

الشاعر

أبو جعفر أحمد بن عَلّويه (١) الأصبهاني الكراني الشهير بابن الأسود ، هو أحد مؤلّفي الإماميّة المطّرد ذكرهم في المعاجم ، وذكر النجاشي في فهرسته (٢) وابن شهرآشوب في معالم العلماء (٣) له كتاباً أسماه الأوّل كتاب الاعتقاد في الأدعية والثاني دعاء الاعتقاد ، وفي المعالم : أنّ له كتاباً منها ذلك ، وقال الحموي في معجم الأدباء (٤) : له رسائل مختارة دوّنها أبو الحسين أحمد بن سعد في كتابه المصنّف في الرسائل ، وله ثمانية كتب في الدعاء من إنشائه ورسالة في الشيب والخضاب ، وذكر ابن النديم في فهرسته (٥) (ص ٢٣٧) له ديواناً في خمسين ورقة.

[و] المترجَم من أئمّة الحديث ، ومن صدور حملته ، أخذ عنه مشايخ علماء الإماميّة واعتمدوا عليه ، منهم :

شيخ القميّين أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد القمّي المتوفّى (٣٤٣) ، المعلوم

__________________

(١) بفتحتين وتشديد الياء كما في توضيح الاشتباه للساروي [ص ٣٦ رقم ١٢٧] ، واشتبه عليه كلام النجاشي وعرّف المترجم بالرحال وضبطه وهو لقب محمد بن أحمد الراوي عن المترجم لا لقبه. [في المعجم الموحد : ١ / ٩٨ ، ولغت نامه : ٣ / ١٢٢٢ بفتح العين وتشديد اللام]. (المؤلف)

(٢) رجال النجاشي : ص ٨٨ رقم ٢١٤.

(٣) معالم العلماء : ص ٢٣ رقم ١١٠.

(٤) معجم الأدباء : ٤ / ٧٣.

(٥) فهرست النديم : ص ١٩٢.

٤٧٧

حاله في الثقة والتحرّز عن الرواية عن غير الثقة وطعنه وإخراجه من روى عن الضعفاء من قمّ ، فقد روى عنه كتب إبراهيم بن محمد الثقفي المعتمد عليه عند الأصحاب ، كما في مشيخة الفقيه (١) وفهرست شيخ الطائفة الطوسي (٢).

وممّا رواه أبو جعفر القمّي عن المترجَم له عن إبراهيم بن محمد الثقفي ما أخرجه شيخنا الصدوق في أماليه (٣) (ص ٣٥٤) ، وما رواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى في أواخر الجزء الرابع بإسناد المترجَم له عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا أدلّكم على ما إن استدللتم به لم تهلكوا ولم تضلّوا؟» قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : «إنَّ إمامكم ووليّكم عليُّ بن أبي طالب ، فوازروه وناصحوه وصدِّقوه فإنَّ جبرئيل أمرني بذلك».

ومنهم : فقيه الطائفة وشيخها ووجهها سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري المتوفّى (٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠١) كما في المجلس العشرين من مجالس شيخنا الأكبر محمد بن محمد بن نعمان المفيد.

ومنهم : الحسين بن محمد بن عمران الأشعري القمّي الثقة ، الذي أكثر النقل عنه ثقة الإسلام الكليني في الكافي وابن قولويه في الكامل ، كما جاء في كامل الزيارة ورجال الشيخ الطوسي.

ومن أحاديث الأشعري عن المترجَم ما رواه ابن قولويه بإسناده (ص ١٨٦)

__________________

(١) مشيخة الفقيه : ص ١٣١.

(٢) الفهرست : ص ٦.

(٣) الأمالي : ص ٣٨٦.

٤٧٨

رفعه إلى الصادق عليه‌السلام أنَّه كان يقول عند غسل الزيارة إذا فرغ : «اللهمَّ اجعله لي نوراً وطهوراً». إلخ.

ومنهم : عبد الله بن الحسين المؤدّب ، أحد مشايخ الشيخ الصدوق ووالده المقدَّس كما في مشيخة الفقيه (١) ، وممّا رواه المؤدّب عن المترجَم : ما رواه شيخنا الصدوق في أماليه (٢) (ص ٥٥) بإسناده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله : «إنّ في عليٍّ خصالاً لو كانت واحدة منها في جميع الناس لاكتفوا بها فضلاً».

و (ص ٧٦) بإسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «يا عليُّ أنت أخي ، ووصيّي ، ووارثي ، وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي ، محبّك محبّي ، ومبغضك مبغضي ، وعدوّك عدوّي ، ووليّك وليّي».

وفي (ص ٢١٧) بإسناده من طريق المترجَم ، عن رسول الله أنّه قال : «إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا عليُّ ، على نجيب من نور ، على رأسك تاج قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف».

وفي (ص ٣٥١) بإسناد المترجَم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إنّ حلقة باب الجنّة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فإذا دقّت الحلقة على الصفحة طنّت وقالت : يا عليّ».

وتوجد أحاديث أخرى من طريق المؤدّب عن المترجم في الأمالي (٣) (ص ٩ ، ١٥٢ ، ٢٨٣ ، ٢٨٦ ، ٣٢٦ ، ٣٧٥ ، ٣٩٠).

ويروي عنه كتابه الاعتقاد في الأدعية ، محمد بن أحمد الرحّال كما في فهرست النجاشي (٤) (ص ٦٤) ، وأحمد بن يعقوب الأصبهاني كما في تهذيب الشيخ

__________________

(١) مشيخة الفقيه : ص ١٣١.

(٢) الأمالي : ص ٨١ ، ١٠٨ ، ٢٩٥ ، ٤٧٩.

(٣) الأمالي : ص ٢١ ، ١٧٩ ، ٣٨١ ، ٣٨٥ ، ٤٤٠ ، ٥٠٣ ، ٥٢٢.

(٤) رجال النجاشي : ص ٨٨ رقم ٢١٤.

٤٧٩

الطوسي (١) (١ / ١٤١) في باب الدعاء بين الركعات. وذكر النجاشي إسناده إليه (ص ٦٤) هكذا : عن ابن نوح ، عن محمد بن عليّ القمّي ، عن محمد بن أحمد الرحّال ، عنه.

وحَسبُ المترجَم جلالةً أن تكون أخباره مبثوثةً في مثل الفقيه ، والتهذيب ، والكامل ، وأمالي الصدوق ، ومجالس المفيد ، وأمثالها من عُمد كتب أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ ، وحسبُنا آيةً لثقته اعتماد القميِّين عليه مع تسرّعهم في الوقيعة بأدنى غميزة في الرجل.

كان المترجم من علماء العربية البارعين فيها بعد ما كان شيخاً في الحديث ، ولذلك ترجمه السيوطي في بغية الوعاة (٢) ، وعدّه الثعالبي من كتّاب أصبهان وشعرائها في يتيمة الدهر (٣) (٣ / ٢٦٧) ، وقال الحموي في معجم الأدباء (٤) (٢ / ٣) الطبعة الأولى : كان صاحب لغة يتعاطى التأديب ويقول الشعر الجيّد. وعرّفه شيخ الطائفة ومن يليه من أصحاب المعاجم حتى اليوم بالكتابة.

وأمّا شاعريّته فهي في الذروة والسنام من مراقي قرض الشعر ، فقد فاق نظمه بجزالة المعنى ، وفخامة اللفظ ، وحسن الصياغة ، وقوّة التركيب ، وبرع هو بفلج الحجّة ، وجودة الإفاضة ، والحصول على البراهين الدامغة ، والوصول إلى مغازي التعبيرات ، فجاء شعره في أئمّة الدين عليهم‌السلام كسيفٍ صارم لشُبَه أهل النصب ، أو المعول الهدّام لبيوت عناكب التمويهات ضدّ إمامة العترة الطاهرة ، وقصيدته المحبّرة التي اقتطفنا منها موضع الشاهد لكتابنا هذا لهي الشهيدة بكلّ ما أنبأناك عنه ، كما أنّها الحجّة القاطعة على عبقريّته الشعريّة كما شهد به أبو حاتم السجستاني فيما عرفت عنه.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٨٦ ح ٢٤٤.

(٢) بغية الوعاة : ١ / ٣٣٦ رقم ٦٤٠.

(٣) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٤٩.

(٤) معجم الأدباء : ٤ / ٧٢.

٤٨٠