الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٦ / ٣٩٤) عن الحميدي وابن أبي شيبة وأحمد والعدني والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبّان في صحيحه وأبي نعيم في الحلية وابن أبي عاصم في سننه ، القرماني في تاريخه هامش الكامل (١ / ٢١٦) ، الشنقيطي في الكفاية (ص ٣٥) وصحّحه ، والعجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٣٨٢) عن مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة ، وقد صدّقه بدر الدين بن جماعة حين قال له ابن حيّان أبو حيّان الأندلسي : قد روى عليّ قال : «عهد إليّ النبيُّ ...». هل صدق في هذه الرواية؟! فقال له ابن جماعة : نعم. فقال : فالذين قاتلوه وسلّوا السيوف في وجهه كانوا يحبّونه أو يبغضونه؟! الدرر الكامنة (٤ / ٢٠٨)

صورة أخرى

عن أمير المؤمنين : «لعهد النبيّ صلى الله عليه وسلم إليَّ : لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق»

مصادرها :

أخرجه (١) أحمد في مسنده (١ / ٩٥ ، ١٣٨) ، الخطيب في تاريخه (١٤ / ٤٢٦) ، النسائي في سننه (٨ / ١١٧) وفي خصائصه (ص ٢٧) ، أبو نعيم في الحلية (٤ / ١٨٥) بعدّة طرق ، وفي إحدى طرقه : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وتردّى بالعظمة ، إنَّه لعهد النبيّ الأمِّي صلى الله عليه وسلم إليّ ...». وقال : هذا حديث صحيح متّفق عليه ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٣ / ٣٧) وقال : روته طائفة من الصحابة ، ابن أبي الحديد في شرحه (٤ / ٢ ٤٦) وقال : هذا الخبر مرويٌّ في الصحاح.

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ١٥٣ ح ٧٣٣ ، ص ٢٠٧ ح ١٠٦٥ ، السنن الكبرى : ٥ / ١٣٧ ح ٨٤٨٧ ، خصائص أمير المؤمنين : ص ١١٩ ح ١٠٢ ، الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٠٠ رقم ١٨٥٥ ، شرح نهج البلاغة : ١٨ / ١٧٣ موعظة ٤٣ ، و ٤ / ٨٣ خطبة ٥٦ ، فرائد السمطين : ١ / ١٣٣ ح ٩٥ ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٨ ح ٣٢٨٧٨.

٢٦١

وقال في (١ / ٣٦٤) : قد اتّفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدِّثين على أنَّ النبيّ قال له : «لا يبغضك إلاّ منافق ولا يحبّك إلاّ مؤمن» ، شيخ الإسلام الحمّوئي في الباب ال (٢٢) ، الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٣ ٣) ، السيوطي في جامعه الكبير كما في ترتيبه (٦ / ١٥٢ ، ٤٠٨) من عدّة طرق ، ابن حجر في الإصابة (٢ / ٥٠٩).

صورة ثالثة

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو ضربتُ خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجَمّاتها (١) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني ، وذلك أنَّه قضي فانقضى على لسان النبيِّ الأمّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال : يا عليُّ لا يبغضك مؤمنٌ ، ولا يحبّك منافقٌ».

تجدها في نهج البلاغة (٢) ، وقال ابن أبي الحديد في شرحه (٤ / ٢٦٤) : مراده عليه‌السلام من هذا الفصل إذكار الناس ما قاله فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

صورة رابعة

في خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام : «قضاء قضاه الله عزَّ وجلَّ على لسان نبيّكم النبيّ الأمّي أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق».

أخرجه الحافظ ابن فارس ، وحكاه عنه الحافظ محبّ الدين في الرياض (٣) (٢ / ٢١٤) ، وذكره الزرندي في نظم درر السمطين (٤) وفي آخره : وقد خاب من افترى.

__________________

(١) جمّات : وهو ـ من السفينة ـ الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من ألواحها. ومعنى الجمّ : الكثير. والمراد : لو صببت عليه الدنيا بما فيها.

(٢) نهج البلاغة : ص ٤٧٧ حكمة ٤٥ ، شرح نهج البلاغة : ١٨ / ٢٧٥ حكمة ١٠٨.

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١٦٧.

(٤) نظم درر السمطين : ص ١٠٢.

٢٦٢

صدر الحديث : عن أبي الطفيل قال : سمعت عليّا عليه‌السلام وهو يقول :

«لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو نثرت على المنافق ذهباً وفضّةً ما أحبّني ، إنّ الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبّي وميثاق المنافقين ببغضي ، فلا يبغضني مؤمن ، ولا يحبّني منافقٌ أبداً».

صورة أخرى

عن حبّة العرني ، عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : «إنّ الله عزَّ وجلَّ أخذ ميثاق كلِّ مؤمن على حبّي ، وميثاق كلِّ منافق على بغضي ، فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا على المنافق ما أحبّني».

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (١) (١ / ٣٦٤).

٢ ـ عن أمّ سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا يحبّ عليّا منافق ولا يبغضه مؤمن» (٢).

الترمذي في جامعه (٢ / ٢١٣) وصحّحه ، ابن أبي شيبة ، الطبراني ، البيهقي في المحاسن والمساوئ (١ / ٢٩) ، محبّ الدين في رياضه (٢ / ٢١٤) ، سبط ابن الجوزي في تذكرته (ص ١٥) ، ابن طلحة في مطالب السؤول (ص ١٧) ، الجزري في أسنى المطالب (ص ٧) ، السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٦ / ١٥٢ ، ١٥٨).

صورة أخرى

عن أمّ سلمة قالت : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ : «لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق».

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٨٣ خطبة ٥٦.

(٢) سنن الترمذي : ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٧ ، مصنّف ابن أبي شيبة : ١٢ / ٧٧ ح ١٢١٦٣ ، المعجم الكبير : ٢٣ / ٣٧٥ ح ٨٨٦ ، المحاسن والمساوئ : ص ٤١ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٦٦ ، تذكرة الخواص : ص ٢٨ ، أسنى المطالب : ص ٥٥ ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٩ ح ٣٢٨٨٤ ، ص ٦٢٢ ح ٣٣٠٢٦.

٢٦٣

الإمام أحمد في المناقب ، محبّ الدين في الرياض (٢ / ٢١٤) ، ابن كثير في تاريخه (٧ / ٣٥٥) (١).

صورة ثالثة

أخرج ابن عدي في كامله (٢) ، عن البغوي بإسناد عن أمّ سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي لعليّ : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق».

٣ ـ في خطبة للنبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا أيّها الناس أوصيكم بحبِّ ذي قرنَيها ، أخي وابن عمّي عليِّ بن أبي طالب ، فإنّه لا يحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافقٌ» (٣).

مناقب أحمد ، الرياض النضرة (٢ / ٢١٤) ، شرح ابن أبي الحديد (٢ / ٤٥١) ، تذكرة السبط (ص ١٧).

٤ ـ عن ابن عبّاس قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عليٍّ فقال : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق».

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٣).

وهذا الحديث ممّا احتجَّ به أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الشورى فقال : «أَنشُدُكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق غيري؟». قالوا : اللهمّ لا (٤).

هذا ما عثرنا عليه من طرق هذا الحديث ولعلّ ما فاتنا منها أكثر ، ولعلّك بعد

__________________

(١) مناقب عليّ لأحمد بن حنبل : ص ١٢٢ ح ١٨١ ، وابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام : ح ١٢. الرياض النضرة : ٣ / ١٦٦ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٩١ حوادث سنة ٤٠ ه‍.

(٢) الكامل في ضعفاء الرجال : ٤ / ٢٢٦ رقم ١٠٤٢.

(٣) مناقب عليّ لأحمد بن حنبل : ص ٢١٤ ح ٢٩٢ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٦٦ ، شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٧٢ خطبة ١٥٤ ، تذكرة الخواص : ص ٢٨.

(٤) راجع حديث المناشدة : ١ / ١٥٩ ـ ١٦٣. (المؤلف)

٢٦٤

هذه كلّها لا تستريب في أنّه لو كان هناك حديث متواتر يقطع بصدوره عن مصدر الرسالة فهو هذا الحديث ، أو أنّه من أظهر مصاديقه ، كما أنّك لا تستريب بعد ذلك كلّه أنَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بحكم هذا الحديث الصادر ميزان الإيمان ومقياس الهدى بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه صفة مخصوصة به عليه‌السلام وهي لا تبارحها الإمامة المطلقة ، فإنّ من المقطوع به أنّ أحداً من المؤمنين لم يتحلَّ بهذه المكرمة ، فليس حبُّ أيِّ أحد منهم شارة إيمان ولا بغضه سمة نفاق ، وإنّما هو نقص في الأخلاق وإعواز في الكمال ما لم تكن البغضاء لإيمانه ، وأمّا إطلاق القول بذلك مشفوعاً بتخصيصه بأمير المؤمنين فليس إلاّ ميزة الإمامة ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لولاك يا عليّ ما عُرف المؤمنون بعدي» (١).

وقال : «والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ، ولا من غيرهم من الناس ، إلاّ وهو خارج من الإيمان» (٢).

ألا ترى كيف حكم عمر بن الخطّاب بنفاق رجل رآه يسبُّ عليّا؟! وقال : إنّي أظنّك منافقاً. أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه (٧ / ٤٥٣).

وحينئذٍ يحقّ لابن تيميّة أن ينفجر بركان حقده على هذا الحديث ، فيرميه بأثقل القذائف ، ويصعّد في تحوير القول ويصوِّب.

وأمّا الحديث الأوّل فينتهي إسناده إلى : ابن عبّاس ، وسلمان ، وأبي ذرّ ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي ليلى الغفاري.

أخرج عن هؤلاء جمع كثير من الحفّاظ والأعلام منهم :

الحاكم ، أبو نعيم ، الطبراني ، البيهقي ، العدني ، البزّار ، العقيلي ، المحاملي ، الحاكمي ، ابن عساكر ، الكنجي ، محبّ الدين ، الحمّوئي ، القرشي ، الإيجي ، ابن أبي

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي [ص ٧٠ ح ١٠١] ، شمس الأخبار : ص ٣٧ [١ / ١٠٠ باب ٦] ، الرياض النضرة : ٢ / ٢٠٢ [٣ / ١٥٢] ، كنز العمّال : ٦ / ٤٠٢ [١٣ / ١٥٢ ح ٣٦٤٧٧]. (المؤلف)

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٧٨ [٦ / ٢١٧ خطبة ٧٩]. (المؤلف)

٢٦٥

الحديد ، الهيثمي ، السيوطي ، المتّقي الهندي ، الصفوري.

ولفظ الحديث عندهم (١) :

«ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا عليّ بن أبي طالب ، فإنّه أوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمّة يفرق بين الحقِّ والباطل ؛ وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين» (٢).

وبعد هذا كلّه تعرف قيمة ما يقوله أو يتقوّله ابن تيميّة : من أنَّ الحديثين لم يُروَ واحد منهما في كتب العلم المعتمدة ، ولا لواحد منهما إسناد معروف. فإذا كان لا يرى الصحاح والمسانيد من كتب العلم المعتمدة ، وما أسنده الحفّاظ والأئمّة وصحّحوه إسناداً معروفاً ، فحسبه ذلك جهلاً شائناً ، وعلى قومه عاراً وشناراً ، وليت شعري على أيِّ شيءٍ يعتمد هو وقومه في المذهب بعد هاتيك العقيدة السخيفة؟

(يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣)

٢٢ ـ قال : عليّ رضى الله عنه لم يكن قتاله يوم الجمل وصفّين بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنّما كان رأياً رآه (٢ / ٢٣١).

الجواب : إنِّي لا أعجب من جهل هذا الإنسان الذي خُلق جهولاً بشؤون الإمامة ، وأنَّ حامل أعبائها كيف يجب أن يكون في ورده وصدره ، فإنَّه في منتأىً عن معنى الإمامة التي نرتئيها ، ولا أعجب من جهله بموقف مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنّه كيف كان قيد الأمر ورهن الإشارة من مخلّفه النبيِّ الأعظم ، فإنّه لم تُتَحْ له الحيطة بمكانته وفواضله ومجاري علمه وعمله ، فإنّ النصب المُردي قد أعشى بصره ، ورماه عن الحقِّ في مرمىً سحيقٍ ، وإنَّما كلُّ عجبي من جهله بما أخرجه الحفّاظ والأئمّة في

__________________

(١) باختلاف يسير عند بعضهم لا يضرّ المغزى. (المؤلف)

(٢) راجع : ٢ / ٣١٢ ، ٣١٣ من كتابنا. (المؤلف)

(٣) غافر : ٣٨.

٢٦٦

ذلك ، ولكنَّه من قوم لهم أعين لا يُبصرون بها.

ونحن نعلم ما يوسوس به صدره. غاية الرجل من هذا الحكم الباتِّ تغرير الأمّة والتمويه على الحقيقة ، وجعل تلك الحروب الدامية نتيجة رأي واجتهاد من الطرفين ، حتى يسع له القول بالتساوي بين أمير المؤمنين ومقاتليه في الرأي والاجتهاد ، وأن كلاّ منهما مجتهد وله رأيه مصيباً كان أو مخطئاً ، غير أنَّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجراً واحداً.

ذاهلاً عن أنَّ المنقِّب لا يخفى عليه هذا التدجيل ، ويد التحقيق توقظ نائمة الأثكل ، وقلم الحقِّ لا يترك الأمّة سدىً ، وينبئهم عن أنّ اجتهاد القوم ـ إن صحّت الأحلام ـ اجتهاد في مقابلة النصِّ النبويِّ الأغرِّ.

وليت شعري كيف يخفى الأمر على أيِّ أحد؟ أو كيف يسع أن يتجاهل أيُّ أحد وبين يدي الملأ العلمي قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزوجاته : «أيتكنَّ صاحبة الجمل الأدبب ـ وهو كثير الشعر ـ تخرج فينبحها كلاب الحوأب ، يُقتل حولها قتلى كثير ، وتنجو بعد ما كادت تُقتل؟» (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهنَّ : «كيف بإحداكنَّ إذا نبح عليها كلاب الحوأب؟» (٢).

__________________

(١) أخرجه البزّار ، أبو نعيم ، ابن أبي شيبة [١٥ / ٢٦٥ ح ١٩٦٣١] ، الماوردي في الأعلام : ص ٨٢ [أعلام النبوّة : ص ١٣٦] ، الزمخشري في الفائق : ١ / ١٩٠ [١ / ٤٠٨] ، ابن الأثير في النهاية : ٢ / ١٠ [٢ / ٩٦] ، الفيروزآبادي في القاموس : ١ / ٦٥ [ص ١٠٦] ، الكنجي في الكفاية : ص ٧١ [ص ١٧١ باب ٣٧] ، القسطلاني في المواهب اللدنيّة : ٢ / ١٩٥ [٣ / ٥٦٦] ، شرح الزرقاني : ٧ / ٢١٦ ، الهيثمي في مجمع الزوائد : ١ / ٢٣٤ وقال : رواه البزّار ورجاله ثقات ، السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز : ٦ / ٨٣ [١١ / ٣٣٣ ح ٣١٦٦٧] ، الحلبي في سيرته : ٣ / ٣١٣ [٣ / ٢٨٥] ، زيني دحلان في سيرته : ٣ / ١٩٣ هامش الحلبية [السيرة النبويّة : ٢ / ٢٣٣] ، الصبّان في الإسعاف : ص ٦٧. (المؤلف)

(٢) أخرجه أحمد في مسنده : ٦ / ٥٢ [٧ / ٧٨ ح ٢٣٧٣٣] ، وابن أبي شيبة [في المصنّف : ١٥ / ٢٦٠ ح ١٩٦١٧] ، نعيم بن حمّاد في الفتن ، وعن الأخيرين : السيوطي في جمع الجوامع ، كما في الكنز : ٦ / ٨٤ [١١ / ٣٣٤ ح ٣١٦٦٨]. (المؤلف)

٢٦٧

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهنَّ : «أيتكنَّ التي تنبح عليها ـ تنبحها ـ كلاب الحوأب؟» (١)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهنَّ : «ليت شعري أيتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب ، سائرةً إلى الشرق في كتيبة ...» معجم البلدان (٢) (٣ / ٣٥٦).

وفي لفظ الخفاجي في شرح الشفا (٣ / ١٦٦): «ليت شعري أيتكنَّ صاحبة الجمل الأزبّ (٣) تنبحها كلاب الحوأب؟».

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعائشة : «وكأنِّي بإحداكنَّ قد نبحها كلاب الحوأب ، وإيّاكِ أن تكوني أنت يا حميراء!» (٤).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها : «يا حميراء كأنَّي نِّي بكِ تنبحكِ كلاب الحوأب ، تقاتلين عليّا وأنت له ظالمة!» (٥).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها : «انظري يا حميراء أن لا تكوني أنتِ!» (٦).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : «إن وُلّيتَ من أمرها شيئاً فارفق بها» (٧).

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ٩٧ [٧ / ١٤٠ ح ٢٤١٣٣] ، تاريخ الطبري : ٥ / ١٧٨ [٤ / ٤٦٩ حوادث سنة ٣٦ ه‍] ، كفاية الكنجي : ص ٧١ [ص ١٧١ باب ٣٧] ، جمع الجوامع كما في ترتيبه : ٦ / ٨٣ ، ٨٤ [كنز العمّال : ١١ / ٣٣٤ ح ٣١٦٦٨ و ٣١٦٧١] وصحّحه ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٣٤ وقال : رواه أحمد وأبو يعلى [في مسنده : ٨ / ٢٨٢ ح ٤٨٦٨] ، ورجال أحمد رجال الصحيح ، تذكرة السبط : ص ٣٩ [ص ٦٦] ، السيرة الحلبية : ٣ / ٣١٣ [٣ / ٢٨٥] وفي هامشها سيرة زيني دحلان : ٣ / ١٩٣ [السيرة النبوية : ١ / ٢٣٣] ، إسعاف الراغبين : ص ٦٧. (المؤلف)

(٢) معجم البلدان : ٢ : ٣١٤.

(٣) الأزبّ : كثير شعر الوجه. (المؤلف)

(٤) الإمامة والسياسة : ١ / ٥٦ [١ / ٦٠] ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٥٧ [٢ / ١٨١] ، جمع الجوامع كما في ترتيبه : ٦ / ٨٤ [كنز العمّال : ١١ / ٣٣٤ ح ٣١٦٧١] وصحّحه. (المؤلف)

(٥) العقد الفريد : ٢ / ٢٨٣ [٤ / ١٣٥]. (المؤلف)

(٦) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١١٩ [٣ / ١٢٩ ح ٤٦١٠] ، والبيهقي عن أم سلمة [في دلائل النبوّة : ٦ / ٤١١] ، وراجع مناقب الخوارزمي : ص ١٠٧ [ص ١٧٦ ح ٢١٣] ، الإجابة

٢٦٨

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سيكون بعدي قوم يقاتلون عليّا ، على الله جهادهم فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ، ليس وراء ذلك شيء».

أخرجه الطبراني (١) كما في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٤) ، وكنز العمّال (٢)) (٦ / ١٥٥) ، وفي (٧ / ٣٠٥) نقلاً عن الطبراني ، وابن مردويه ، وأبي نعيم.

وقيل لحذيفة بن اليمان : حدِّثنا ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : لو فعلت لرجمتموني! قلنا : سبحان الله. قال : لو حدّثتكم أنَّ بعض أمهاتكم تغزوكم في كتيبة تضربكم بالسيف ما صدّقتموني. قالوا : سبحان الله ، ومن يصدِّقك بهذا؟ قال : أتتكم الحميراء في كتيبة تسوق بها أعلاجها (٣).

وأخرج الطبري وغيره (٤) : لمّا سمعت عائشة نباح الكلاب ، فقالت : أيّ ماء هذا؟ فقالوا : الحوأب : فقالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، إنّي لَهيه! قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه : «ليت شعري أيتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب؟». فأرادت الرجوع فأتاها عبد الله بن الزبير ، فزعم أنّه قال : كذب من قال : إنّ هذا الحوأب. ولم يزل حتى مضت.

وقال العرني ـ صاحب جمل عائشة ـ : لمّا طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها ، قالوا : أيّ ماء هذا؟ قلت : ماء الحوأب. قال : فصرخت عائشة بأعلى صوتها ، ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته ، ثمّ قالت : أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقاً ،

__________________

للزركشي : ص ١١ [ص ٥٨] ، سيرة زيني دحلان : ٣ / ١٩٤ [السيرة النبويّة : ٢ / ٢٣٣] ، المواهب للقسطلاني : ٢ / ١٩٥ [٣ / ٥٦٦] ، شرح المواهب للزرقاني : ٧ / ٢١٦. (المؤلف)

(٧) (أخرجه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١١٩ [٣ / ١٢٩ ح ٤٦١٠] ، والبيهقي عن أم سلمة [في دلائل النبوّة : ٦ / ٤١١] ، وراجع مناقب الخوارزمي : ص ١٠٧ [ص ١٧٦ ح ٢١٣] ، الإجابة للزركشي : ص ١١ [ص ٥٨] ، سيرة زيني دحلان : ٣ / ١٩٤ [السيرة النبويّة : ٢ / ٢٣٣] ، المواهب للقسطلاني : ٢ / ١٩٥ [٣ / ٥٦٦] ، شرح المواهب للزرقاني : ٧ / ٢١٦. (المؤلف)

(١) المعجم الكبير : ١ / ٣٢١ ح ٩٥٥.

(٢) كنز العمّال : ١١ / ٦١٣ ح ٣٢٩٧١ ، و ١٥ / ١٠٢ ح ٤٠٢٦٦.

(٣) مستدرك الحاكم : ٤ / ٤٧١ [٤ / ٥١٨ ح ٨٤٥٣] ، الخصائص : ٢ / ١٣٧ [الخصائص الكبرى للسيوطي : ٢ / ٢٣٣]. (المؤلف)

(٤) تاريخ الطبري : ٥ / ١٧٨ [٤ / ٤٦٩ حوادث سنة ٣٦ ه‍] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١٧٣. (المؤلف)

٢٦٩

ردّوني ـ تقول ذلك ثلاثاً ـ فأناخت وأناخوا حولها ، وهم على ذلك وهي تأبى ، حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد ، قال : فجاءها ابن الزبير فقال : النجاء النجاء فقد أدرككم والله عليّ بن أبي طالب. قال : فارتحلوا وشتموني (١).

وفي حديث قيس بن أبي حازم ، قال : لمّا بلغت عائشة ـ رضي الله عنها ـ بعض ديار بني عامر ، نبحت عليها الكلاب ، فقالت : أيّ ماء هذا؟ قالوا : الحوأب ، قالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ، فقال الزبير : لابَعْدُ تقدّمي ويراكِ الناس ويصلح الله ذات بينهم. قالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب؟» (٢).

وفي معجم البلدان (٣) (٣ / ٣٥٦) : في الحديث : أنّ عائشة لمّا أرادت المضيَّ إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضع ـ يعني الحوأب ـ فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له الحوأب ، فقالت : إنّا لله ، ما أراني إلاّ صاحبة القصّة! فقيل لها : وأيّ قصّة؟ قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه : «ليت شعري أيتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب ، سائرةً إلى الشرق في كتيبة». وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنّه ليس بالحوأب.

قال الأميني : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) (٤) ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٥) ، (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (٦) ، (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٥ / ١٧١ [٤ / ٤٥٧ حوادث سنة ٣٦ ه‍]. (المؤلف)

(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ١٢٠ [٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٣]. (المؤلف)

(٣) معجم البلدان : ٢ / ٣١٤.

(٤) التوبة : ١١٥.

(٥) الأنفال : ٤٢.

(٦) الكهف : ٥٤.

٢٧٠

وَلَوْ أَلقَى مَعَاذِيرَهُ) (١).

وقد صحَّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله للزبير : «إنَّك تقاتل عليّا وأنت ظالم له».

وبهذا الحديث احتجَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على الزبير يوم الجمل ، وقال : «أتذكر لمّا قال لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّك تقاتلني وأنت ظالم لي؟» فقال : اللهمَّ نعم. الحديث.

أخرجه (٢) الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٦٦) وصحّحه هو والذهبي ، والبيهقي في الدلائل ، وأبو يعلى ، وأبو نعيم ، والطبري في تاريخه (٥ / ٢٠٠ ، ٢٠٤) ، وأبو الفرج في الأغاني (١٦ / ١٣١ ، ١٣٢) ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد (٢ / ٢٧٩) ، والمسعودي في مروج الذهب (٢ / ١٠) ، والقاضي في الشفا ، وذكره ابن الأثير في الكامل (٣ / ١٠٢) ، ابن طلحة في المطالب (ص ٤١) ، محبّ الدين في الرياض (٢ / ٢٧٣) ، الهيثمي في المجمع (٧ / ٢٣٥) ، ابن حجر في فتح الباري (١٣ / ٤٦) ، القسطلانيّ في المواهب (٢ / ١٩٥) ، الزرقاني في شرح المواهب (٣ / ٣١٨ و ٧ / ٢١٧) ، السيوطي في الخصائص (٢ / ١٣٧) نقلاً عن جمعٍ من الحفّاظ بطرقهم عن : أبي الأسود وأبي جروة وقيس وعبد السلام ، الحلبي في سيرته (٣ / ٣١٥) ، الخفاجي في شرح الشفا (٣ / ١٦٥) ، والشيخ علي القاري في شرحه هامش شرح الخفاجي (٣ / ١٦٥).

وهذه كلمات الصحابة مبثوثة في طيّات الكتب والمعاجم ، وهي تعرب عن أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحثّ أصحابه إلى نصرة أمير المؤمنين في تلك الحروب ،

__________________

(١) القيامة : ١٤ ـ ١٥.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٤١٣ ح ٥٥٧٤ و ٥٥٧٥ ، وكذا في تلخيصه ، دلائل النبوّة : ٦ / ٤١٤ ، مسند أبي يعلى : ٢ / ٣٠ ح ٦٦٦ ، تاريخ الأمم والملوك : ٤ / ٥٠٢ ، ٥٠٩ حوادث سنة ٣٦ ه‍ ، الأغاني : ١٨ / ٦٠ ، ٦٢ ، العقد الفريد : ٤ / ١٢٩ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٠ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ٦٥٩ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٣٣٥ حوادث سنة ٣٦ ه‍ ، الرياض النضرة : ٤ / ٢٤٨ ، فتح الباري : ١٣ / ٥٥ ، المواهب اللدنيّة : ٣ / ٥٦٧ ، الخصائص الكبرى : ٢ / ٢٣٣ ، السيرة الحلبية : ٣ / ٢٨٧ ، شرح الشفا للقاري : ١ / ٦٨٦.

٢٧١

ويدعوهم إلى القتال معه ، ويأمر عيون أصحابه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. منهم :

١ ـ أبو أيّوب الأنصاري ، ذلك الصحابيُّ العظيم. قال أبو صادق : قدم أبو أيّوب العراق ، فأهدت له الأزد جُزُراً ، فبعثوا بها معي ، فدخلت إليه فسلّمت عليه ، وقلت له : قد أكرمك الله بصحبة نبيِّه ونزوله عليك ، فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم؟! تستقبل هؤلاء مرّة ، وهؤلاء مرّة فقال : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ الناكثين ، فقد قاتلناهم ، وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين ، فهذا وجهنا إليهم ـ يعني معاوية وأصحابه ـ وعهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ المارقين ، فلم أرهم بعدُ (١).

وروى علقمة والأسود ، عن أبي أيّوب أنّه قال : إنَّ الرائد لا يكذب أهله ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتال ثلاثة مع عليٍّ : بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين. الحديث (٢).

وقال عتاب بن ثعلبة : قال أبو أيّوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب :

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع عليٍّ.

ورواه عنه أصبغ بن نباتة غير أنَّ فيه : أمرنا (٣).

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر : ٥ / ٤١ [١ / ٣٦٩ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ الطبعة المحقّقة ـ رقم ١٢١٧] ، أربعين الحاكم ولفظه يقرب من هذا ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣٠٦ [٧ / ٣٣٩ حوادث سنة ٣٧ ه‍] ، كنز العمّال : ٦ / ٨٨ [١١ / ٣٥٢ ح ٣١٧٢٠ ، وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٢٠٧ خطبة ٤٨]. (المؤلف)

(٢) تاريخ الخطيب البغدادي : ١٣ / ١٨٧ [رقم ٧١٦٥] ، كفاية الكنجي : ص ٧٠ [ص ١٦٩ باب ٣٧] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣٠٦. (المؤلف)

(٣) أخرجه الحافظ ابن حبّان والطبري كما ذكره السيوطي ، ورواه الحاكم في أربعينه وابن عبد البرّ في الاستيعاب : ٣ / ٥٣ [القسم الثالث / ١١١٧ رقم ١٨٥٥]. (المؤلف)

٢٧٢

٢ ـ أبو سعيد الخدري ، قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين قلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ قال : «مع عليِّ بن أبي طالب» (١).

٣ ـ أبو اليقظان عمّار بن ياسر ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. أخرجه الطبراني ، وفي لفظه الآخر من طريق آخر : أمرنا.

أخرجه الطبراني وأبو يعلى (٢) ، وعنهما الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٢٣٨).

وأمّا كون قتال أمير المؤمنين نفسه بأمر من رسول الله ، وأنَّه لم يكن رأياً يخصُّ به ، فتوقفك على حقِّ القول فيه عدّة أحاديث :

١ ـ خليد العصريّ ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّا يقول يوم النهروان : «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» (٣).

٢ ـ أبو اليقظان عمّار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا عليُّ ستقاتلك الفئة الباغية وأنت على الحقِّ ، فمن لم ينصرك يومئذٍ فليس منّي» (٤).

٣ ـ ومن كلام لعمّار بن ياسر خاطب به أبا موسى : أما إنّي أشهد أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّا بقتال الناكثين ، وسمّى لي فيهم من سمّى ، وأمره بقتال القاسطين ، وإن شئت لأقيمنَّ لك شهوداً يشهدون أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنَّما نهاكَ

__________________

(١) اخرجه الحاكم في اربعينه كما ذكره السيوطي ، والحافظ الكنجي في الكفاية ص ٧٢ [ص ١٧٣ باب ٣٨] ، وابن كثير في تاريخه : ٧ / ٣٠٥ [٧ / ٣٣٩ حوادث سنة ٣٧ ه‍]. (المؤلف)

(٢) مسند أبي يعلى : ٣ / ١٩٤ ح ١٦٢٣.

(٣) الخطيب في تاريخه : ٨ / ٣٤٠ [رقم ٤٤٤٧] ، وابن كثير في تاريخه : ٧ / ٣٠٥ [٧ / ٣٣٨ حوادث سنة ٣٧ ه‍]. (المؤلف)

(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخه [١٢ / ٣٧٠ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : ـ الطبعة المحقّقة ـ رقم ١٢٢٠] ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه : ٦ / ١٥٥ [كنز العمّال : ١١ / ٦١٣ ح ٣٢٩٧٠] ، وحكاه الزرقاني عن ابن عساكر في شرح المواهب : ٣ / ٣١٧. (المؤلف)

٢٧٣

وحدك وحذّرك من الدخول في الفتنة. شرح ابن أبي الحديد (١) (٣ / ٢٩٣.

٤ ـ أبو أيّوب الأنصاريّ ، قال في خلافة عمر بن الخطّاب : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (٢).

٥ ـ عبد الله بن مسعود ، قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا. الحديث (٣).

٦ ـ عليّ بن ربيعة الوالبيّ ، قال : سمعت عليّا يقول : «عهد إليَّ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أقاتل بعده القاسطين والناكثين والمارقين» (٤).

٧ ـ أبو سعيد مولى رباب ، قال : سمعت عليّا يقول : «أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» (٥).

٨ ـ سعد بن عبادة ، قال : قال عليٌّ عليه‌السلام : «أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين» (٦).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٤ / ١٥ كتاب ١.

(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٣٩ [٣ / ١٥٠ ح ٤٦٧٤] ، وذكره السيوطي في الخصائص : ٢ / ١٣٨ [٢ / ٢٣٥]. (المؤلف)

(٣) أخرجه الطبراني [في المعجم الكبير : ١٠ / ٩١ ح ١٠٠٥٤] ، والحاكم في أربعينه من طريقين ، وأبو عمر في الاستيعاب : ٣ / ٥٣ هامش الإصابة [الاستيعاب : القسم الثالث / ١١١٧ رقم ١٨٥٥] ، والهيثمي في مجمع الزوائد : ٧ / ٢٣٨. (المؤلف)

(٤) أخرجه البزّار [في مسنده : ٣ / ٢٦ ح ٧٧٤] والطبراني في الأوسط ، والحافظ الهيثمي في المجمع : ٧ / ٢٣٨ وقال : أحد إسنادَي البزّار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد ، ووثّقه ابن حبّان [في الثقات : ٦ / ٢٩٧] ، وأخرجه أبو يعلى [في مسنده : ١ / ٣٩٧ ح ٥١٩] كما في تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣٠٤ [٧ / ٣٣٨ حوادث سنة ٣٧ ه‍] ، وشرح المواهب للزرقاني : ٣ / ٣١٧ وقال : سند جيّد. (المؤلف)

(٥) إيضاح الإشكال للحافظ عبد الغني بن سعيد ، المناقب للخوارزمي : ص ١٠٦ [ص ١٧٥ ح ٢١٢] من طريق الحافظ ابن مردويه. (المؤلف)

(٦) أخرجه جمع من الحفّاظ من غير طريق. راجع تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣٠٥ [٧ / ٣٣٨ حوادث سنة ٣٧ ه‍] ، كنز العمّال : ٦ / ٧٢ [١١ / ٢٩٢ ح ٣١٥٥٣]. (المؤلف)

٢٧٤

٩ ـ أخرج ابن عساكر من طريق زيد الشهيد ، عن عليّ أنّه قال : «أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين».

تاريخ ابن كثير (١) (٧ / ٣٠٥) ، كنز العمّال (٢) (٦ / ٣٩٢).

١٠ ـ أنس بن عمرو ، عن أبيه ، عن عليّ ، قال : «أُمرت بقتال ثلاثة : المارقين والقاسطين والناكثين». أخرجه ابن عساكر (٣)) كما في تاريخ ابن كثير (٤) (٧ / ٣٠٥).

١١ ـ عبد الله بن مسعود ، قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتى منزل أمّ سلمة ، فجاء عليٌّ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا أمّ سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي» (٥).

١٢ ـ ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّ سلمة في حديث مرّ (١ / ٣٣٨) يصف عليّا بأنَّه يقتل القاسطين والناكثين والمارقين.

١٣ ـ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليُّ أنت فارس العرب ، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين ، وأنت أخي ، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة». شمس الأخبار (٦) (ص ٣٨).

١٤ ـ أبو أيّوب الأنصاريّ ، قال : سمعت النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليِّ بن أبي طالب :

__________________

(١) البداية والنهاية : ٧ / ٣٣٩ حوادث سنة ٣٧ ه‍.

(٢) كنز العمّال : ١٣ / ١١٢ ح ٣٦٣٦٧.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ٣٦٧ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ الطبعة المحقّقة ـ : رقم ١٢١٠.

(٤) البداية والنهاية : ٧ / ٣٣٨ حوادث سنة ٣٧ ه‍.

(٥) أربعين الحاكم ، الرياض النضرة : ٢ / ٢٤٠ [٣ / ١٩٨] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣٠٥ [٧ / ٣٣٩ حوادث سنة ٣٧ ه‍] ، مطالب السؤول : ص ٢٤ نقلاً عن مصابيح البغوي ، فرائد السمطين [١ / ٢٨٣ ح ٢٢٣] الباب ال ٥٣ ، كنز العمّال : ٦ / ٣٩١ [١٣ / ١١٠ ح ٣٦٣٦١]. (المؤلف)

(٦) مسند شمس الأخبار : ١ / ١٠٣ باب ٧.

٢٧٥

«تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين». مستدرك الحاكم (١) (٣ / ١٤٠).

١٥ ـ قال ابن أبي الحديد في شرحه (٢) (٣ / ٢٤٥): قد ثبت عن النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال لعليّ عليه‌السلام : «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين».

١٦ ـ وبهذا الحديث احتجَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الشورى ، وقال : «أنشدُكم الله هل فيكم أحدٌ يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبيِّ غيري؟» قالوا : اللهمَّ لا.

١٧ ـ أبو رافع ، قال : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليِّ : «سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ. قال : أنا يا رسول الله؟ قال : نعم. قال : أنا؟ قال : نعم. قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله ، قال : لا ، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها».

أخرجه أحمد في مسنده (٣) (٦ / ٣٩٣) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٢٣٤) ، وقال : رواه أحمد والبزّار والطبراني (٤) ، ورجاله ثقات. ويوجد في كنز العمّال (٥) (٦ / ٣٧) ، والخصائص الكبرى (٦) (٢ / ١٣٧).

١٨ ـ أخرج أبو نعيم ، عن الحارث ، قال : كنت مع عليّ بصفّين ، فرأيت بعيراً من إبل الشام جاء وعليه راكبه وثقل ، فألقى ما عليه ، وجعل يتخلّل الصفوف إلى عليّ ، فجعل مشفره فيما بين رأس عليّ ومنكبه وجعل يحرِّكها بجرانه ، فقال عليٌّ : «والله إنَّها لَلعلامة التي بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم». الخصائص الكبرى (٧) (٢ / ١٣٨).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٥٠ ح ٤٦٧٥.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ١٨٣ خطبة ٢٨٣.

(٣) مسند أحمد : ٧ / ٥٣٩ ح ٢٦٦٥٧.

(٤) المعجم الكبير : ١ / ٣٣٢ ح ٩٩٥.

(٥) كنز العمّال : ١١ / ١٩٦ ح ٣١٢٠٥.

(٦) الخصائص الكبرى : ٢ / ٢٣٣.

(٧) الخصائص الكبرى : ٢ / ٢٣٤.

٢٧٦

٢٣ ـ قال : قال الرافضيُّ ـ يعني العلاّمة الحلّي ـ : وعن عمرو بن ميمون ، قال : لعليِّ بن أبي طالب عشر فضائل ليست لغيره : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً ، يحبُّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله».

فاستشرف إليها من استشرف ، فقال : «أين عليُّ بن أبي طالب؟» قالوا : هو أرمد في الرحى يطحن ـ وما كان أحدهم يطحن! ـ قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر. قال : فنفث في عينيه. ثمّ هزَّ الراية ثلاثاً وأعطاها إيّاه ، فجاء بصفيّة بنت حييّ. قال : ثمّ بعث أبا بكر بسورة براءة ، فبعث عليّا خلفه فأخذها منه ، وقال : «لا يذهب بها إلاّ رجلٌ هو منّي وأنا منه».

وقال لبني عمِّه : «أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟». قال : وعليٌّ جالس معهم فأبوا ، فقال عليٌّ : «أنا أواليك في الدنيا والآخرة». قال : فتركه ثمَّ أقبل على رجل رجل منهم ، فقال : «أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟» فأبوا ، فقال عليٌّ : «أنا أواليك في الدنيا والآخرة». فقال : «أنت وليّي في الدنيا والآخرة».

قال : وكان عليٌّ أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة. قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

قال : وشرى عليٌّ نفسه ولبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ نام مكانه ، وكان المشركون يرمونه بالحجارة.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزاة تبوك ، فقال له عليٌّ : «أخرج معك؟ فقال : لا». فبكى عليٌّ. فقال له : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّك لستَ بنبيّ؟ لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خلي فتي». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنت وليّي في (١) كلِّ مؤمن بعدي».

__________________

(١) كذا. والصحيح المحفوظ في أصول الحديث : «أنت وليُّ كلّ مؤمن بعدي». (المؤلف)

٢٧٧

قال : وسدَّ أبواب المسجد إلاّ باب عليّ. قال : وكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره. وقال له : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» (٣ / ٨).

ثمّ قال ما ملخّصه :

الجواب : إنّ هذا ليس مسنداً بل هو مرسلٌ لو ثبت عن عمرو بن ميمون. وفيه ألفاظ هي كذبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله : «لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي». فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذهب غير مرّة وخليفته على المدينة غير عليٍّ ـ ثمّ ذكر عدّة من ولاته على المدينة ـ فقال : وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلاّ على النساء والصبيان ، ومن عذر الله ، وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا ، أو متَّهم بالنفاق ، وكانت المدينة آمنةً لا يخاف على أهلها ، ولا يحتاج المستخلف إلى جهاد.

وكذلك قوله : وسدَّ الأبواب كلّها إلاّ باب عليّ. فإنَّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة ، فإنَّ الذي في الصحيح عن أبي سعيد ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في مرضه الذي مات فيه : إنَّ أمَنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته أبو بكر ، ولو كنت متّخذاً خليلاً غير ربِّي لاتّخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته ، لا يبقينَّ في المسجد خوخة إلاّ سُدّت إلاّ خوخة أبي بكر. ورواه ابن عباس أيضاً في الصحيحين.

ومثل قوله : «أنت وليّي في كلِّ مؤمن بعدي» : فإنّ هذا موضوعٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث.

ثمّ أردفه بخرافات وتافهات في بيان عدم اختصاص عليٍّ بهذه المناقب.

الجواب : كان الأحرى بالرجل أن يحرِّج على العلماء النظر في كتابه ، فيختصّ خطابه بالرعرة الدهماء ممّن لا يعقل أيّ طرفيه أطول ؛ لأنَّ نظر العلماء فيه يكشف عن سوأته ، ويوضّح للملإ إعوازه في العلم وانحيازه عن الصدق والأمانة ، ويظهر تدجيله وتزويره وتمويهه على الحقائق ، ومن المحتمل جدّا أنَّه قد غالى في عظمة نفسه يوم خوطب بشيخ الإسلام ، فحسب أنَّ الأمّة تأخذ ما يقوله كأصول مسلّمة

٢٧٨

لا تناقشه فيه الحساب ، وإذ أخفق ظنّه وأكدى (١) أمله ، فهلمَّ معي نمعن النظرة في هملجته حول هذا الحديث ، وما له فيه من جلبة وسخب (٢).

فأوّل ما يتقوّل فيه : إنّه مرسل وليس بمسند.

فكأنَّ عينيه في غشاوة عن مراجعة المسند لإمام مذهبه أحمد بن حنبل ، فإنَّه أخرجه (٣) في (١ / ٣٣١) عن يحيى بن حمّاد ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو ابن ميمون ، عن ابن عبّاس (٤). ورجال هذا السند رجال الصحيح غير أبي بلج ، وهو ثقة عند الحفّاظ ، كما مرّت في ترجمته (١ / ٧١).

وأخرجه (٥) بسند صحيح رجاله كلّهم ثقات الحافظ النسائي في الخصائص (ص ٧) ، والحاكم في المستدرك (٣ / ١٣٢) وصحّحه هو والذهبي ، والطبراني كما في المجمع للحافظ الهيثمي وصحّحه ، وأبو يعلى كما في البداية والنهاية ، وابن عساكر في الأربعين الطوال ، وذكره ابن حجر في الإصابة (٢ / ٥٠٩) ، وجمعٌ آخرون أسلفناهم في الجزء الأوّل (ص ٥١).

فما عذر الرجل في نسبة الإرسال إلى مثل هذا الحديث وإنكار سنده المتّصل الصحيح الثابت؟ أهكذا يُفعل بودائع النبوّة؟ أهكذا تلعب يد الأمانة بالسنّة والعلم والدين؟

والأعجب أنَّه عطف بعد ذلك على فقرات من الحديث وهو يحاول تفنيدها

__________________

(١) أكدى : انقطع.

(٢) السخب والصخب بمعنى واحد ، وهو الصياح.

(٣) مسند أحمد : ١ / ٥٤٤ ح ٣٠٥٢.

(٤) مر بلفظه : ١ / ٥٠. (المؤلف)

(٥) خصائص أمير المؤمنين : ص ٤٧ ح ٢٤ ، وفي السنن الكبرى : ٥ / ١١٢ ح ٨٤٠٩ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢ وكذا في تلخيصه ، المعجم الكبير : ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٣ ، مجمع الزوائد : ٩ / ١١٩ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٧٤ حوادث سنة ٤٠ ه‍.

٢٧٩

ويحسبها من الأكاذيب ، منها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي». فارتآه كذباً ، مستدلاّ بأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذهب غير مرّة وخليفته على المدينة غير عليّ.

ومن استشفَّ الحقيقة من هذا الموقف علم أنّها قضيّة شخصيّة لا تعدو قصّة تبوك ، لِما كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلمه من عدم وقوع الحرب فيها ، وكانت حاجة المدينة إلى خلافة مثل أمير المؤمنين عليها مسيسة ، لِما تداخل القوم من عظمة ملك الروم ـ هرقل ـ وتقدّم جحفله الجرّار ، وكانوا يحسبون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحشده الملتفَّ به لا قِبل لهم به ، ومن هنا تخلّف المتخلّفون من المنافقين ، فكان أقرب الحالات في المدينة بعد غَيبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يرجف بها المنافقون للفتِّ في عضد صاحب الرسالة ، والتزلّف إلى عامل بلاد الروم الزاحف ، فكان من واجب الحالة عندئذٍ أن يخلف عليها أمير المؤمنين عليه‌السلام المهيب في أعين القوم ، والعظيم في النفوس الجامحة ، وقد عرفوه بالبأس الشديد ، والبطش الصارم ، اتّقاء بادرة ذلك الشرِّ المترقَّب. وإلاّ فأمير المؤمنين عليه‌السلام لم يتخلّف عن مشهدٍ حضره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ تبوك (١) ، وعلى هذا اتّفق علماء السير كما قال سبط ابن الجوزي في التذكرة (٢) (ص ١٢).

وفي وسع الباحث أن يستنتج ما بينّاه من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : «كذبوا ولكن خلّفتك لما ورائي». فيما أخرجه ابن إسحاق ، بإسناده عن سعد بن أبي وقّاص قال :

لمّا نزل رسول الله الجرف طعن رجال من المنافقين في إمرة عليٍّ ، وقالوا : إنّما خلّفه استثقالاً ، فخرج عليٌّ فحمل سلاحه حتى أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجرف ، فقال : «يا رسول الله ما تخلّفت عنك في غزاة قطُّ قبل هذه ، قد زعم المنافقون أنَّك خلّفتني

__________________

(١) الاستيعاب : هامش الإصابة : ٣ / ٣٤ [الاستيعاب : القسم الثالث / ١٠٩٧ رقم ١٨٥٥] ، شرح التقريب : ١ / ٨٥ ، الرياض النضرة : ٢ / ١٦٣ [٣ / ١٠٥] ، الصواعق : ص ٧٢ [ص ١٢٠] ، الإصابة : ٢ / ٥٠٧ [رقم ٥٦٨٨] ، السيرة الحلبية : ٣ / ١٤٨ [٣ / ١٣٣] ، الإسعاف : ص ١٤٩. (المؤلف)

(٢) تذكرة الخواص : ص ١٩.

٢٨٠