الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

هي تلك الكتب؟ وأين هي ، ولمن هي؟ وأمّا شيخهم الأكبر العلاّمة الحلّي فهذه كتبه الكلاميّة وفي العقائد بين مخطوط ومطبوع ، ففي أيٍّ منها توجد هذه الفرية؟ نعم لا توجد إلاّ في علبة عداء ابن تيميّة ، وفي عيبة مخازيه ، أو في كتاب مفترياته ، اللهمَّ إليك المشتكى.

١٥ ـ قال : ذكر ـ العلاّمة الحلّي ـ أشياء من الكذب تدلُّ على جهل ناقلها ، مثل قوله : نزل في حقِّهم ـ في حقِّ أهل البيت ـ هل أتى ، فإنّ هل أتى مكّيّةٌ باتِّفاق العلماء ، وعليٌّ إنّما تزوّج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة ، وولد الحسن والحسين بعد نزول هل أتى ، فقوله : إنّها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على من له علمٌ بنزول القرآن ، وأحوال هذه السادة الأخيار. (٢ / ١١٧).

الجواب : إنّ الرجل لا ينحصر جهله بباب دون باب ، فهو كما أنَّه جاهلٌ في العقائد ، جاهلٌ في الفِرَق ، جاهلٌ في السيرة ، جاهلٌ في الأحكام ، جاهلٌ في الحديث ، كذلك جاهلٌ في علوم القرآن ، حيث لم يعلم أوّلاً أنّ كون السورة مكّية لا يُنافي كون بعض آياتها مدنيّة وبالعكس ، وقد اطّرد ذلك في السور القرآنية كما مرَّ (١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٨) ، وهذا معنى قول ابن الحصّار : إنّ كلّ نوع من المكّي والمدنيِّ منه آيات مستثناة (١).

وثانياً : إنّ أوثق الطرق إلى كون السورة أو الآية مكّية أو مدنيّة هو ما تضافر النقل به في شأن نزولها بأسانيد مستفيضة دون الأقوال المنقطعة عن الإسناد ، وقد أسلفنا في (ص ١٠٦ ـ ١١١) من هذا الجزء شطراً مهمّا ممّن خرّج هذا الحديث وأخبت إليه ، فليس هو من كذب الرافضة حتى يدلَّ على جهل ناقله ، ولا على شيخنا العلاّمة الحلّي من تبعة في نقله ، فإن كان في نقله شائبة سوء فالعلاّمة ومشايخ قومه على شرع سواء.

وثالثاً : إنّ القول بأنَّها مكّيةٌ ليس ممّا اتّفق عليه العلماء بل الجمهور على

__________________

(١) الإتقان : ١ / ٢٣ [١ / ٣٨]. (المؤلف)

٢٤١

خلافه ، كما نقله الخازن في تفسيره (١) (٤ / ٣٥٦) عن مجاهد وقتادة والجمهور.

وروى أبو جعفر النحّاس في كتابه الناسخ والمنسوخ (٢)) ، من طريق الحافظ أبي حاتم ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس حديثاً في تلخيص آي القرآن المدني من المكّي ، وفيه : والمدّثِّر إلى آخر القرآن إلاّ إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ بربِّ الفلق ، وقل أعوذ بربِّ الناس ، فإنّهنّ مدنيّات وفيها سورة هل أتى. وقال السيوطي في الإتقان (٣) (١ / ١٥) بعد نقل الحديث : هكذا أخرجه بطوله ، وإسناده جيد ، رجاله كلّهم ثقات من علماء العربيّة المشهورين.

وأخرج الحافظ البيهقي في دلائل النبوّة (٤) ، بإسناده عن عكرمة والحسين بن أبي الحسن حديثاً في المكّي والمدني من السوَر وعدّ من المدنيّات هل أتى. الإتقان (٥) (١ / ١٦).

ويروي ابن الضريس في فضائل القرآن عن عطا [عن ابن عباس] عدّ سورة الإنسان من المدنيّات (٦) ، كما في الإتقان (١ / ١٧).

وعدّها الخازن في تفسيره (٧) (١ / ٩) من السوَر النازلة بالمدينة.

وهذه مصاحف الدنيا بأجمعها ، مخطوطها ومطبوعها يخبرك عن جليّة الحال ،

__________________

(١) تفسير الخازن : ٤ / ٣٣٧.

(٢) الناسخ والمنسوخ : ص ٢٦٠.

(٣) الإتقان : ١ / ٢٥.

(٤) دلائل النبوّة : ٧ / ١٤٣.

(٥) الإتقان : ١ / ٢٦.

(٦) فضائل القرآن لابن الضريس المتوفّى سنة ٢٩٤ ، ص ٣٣ ـ ٣٤ من طبعة دار الفكر بدمشق سنة ١٤٠٨ ه‍. رواه بإسناده عن عطاء عن ابن عباس. وعدّها الزُّهري أيضاً في كتابه تنزيل القرآن : ص ٣٠ من السور المدنيات برقم ١٣ ، طبعة الدكتور صلاح الدين المنجّد ، بيروت سنة ١٩٦٣. (الطباطبائي)

(٧) تفسير الخازن : ١ / ٨.

٢٤٢

فإنّها مجمعة على أنَّها مدنيّة ، فهل الأمّة أجمعت فيها على خلاف ما اتّفق عليه العلماء ، إن صحّت مزعمة ابن تيميّة؟ (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ* وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) (١).

ورابعاً : إنَّ القائلين بأنَّ فيها آية أو آيات مكّية كالحسن ، وعكرمة ، والكلبي ، وغيرهم مصرِّحون بأنَّ الآيات المتعلّقة بقصّة الإطعام مدنيّة.

وخامساً : لا ملازمة بين القول بمكّيتها وبين نزولها قبل الهجرة ، إذ من الممكن نزولها في حجّة الوداع ، بعد صحّة إرادة عموم قوله : وأسيراً للمؤمن الداخل فيه المملوك ، كما قاله : ابن جبير ، والحسن ، والضحّاك ، وعكرمة ، وعطاء ، وقتادة ، واختاره ابن جرير وجمعٌ آخرون.

١٦ ـ قال : قوله ـ يعني العلاّمة الحلّي ـ : إيجاب مودّة أهل البيت بقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢) غلط ، وممّا يدلُّ على هذا أنَّ الآية مكّيةٌ ، ولم يكن عليٌّ بعدُ قد تزوّج بفاطمة ولا ولد لهما أولاد (٢ / ١١٨).

وقال في (ص ٢٥٠) : أمّا قوله ـ يعني العلاّمة ـ : وأنزل الله فيهم : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فهذا كذبٌ ، فإنَّ هذه الآية في سورة الشورى وهي مكّيةٌ بلا ريب ، نزلت قبل أن يتزوّج عليّ بفاطمة ، وقبل أن يولد له الحسن والحسين ـ إلى أن قال ـ : وقد ذكر طائفة من المصنِّفين من أهل السنّة والجماعة ، والشيعة من أصحاب أحمد وغيرهم حديثاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : إنَّ هذه الآية لمّا نزلت قالوا : يا رسول الله من هؤلاء؟ قال : «عليٌّ وفاطمة وابناهما». وهذا كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث ، وممّا يبيِّن ذلك أنَّ هذه الآية نزلت بمكّة باتِّفاق أهل العلم ، فإنَّ سورة الشورى جميعها مكّيةٌ ، بل جميع آل حميم كلّهن مكّيات.

__________________

(١) الحاقّة : ٤٧ ٤٩.

(٢) الشورى : ٢٣.

٢٤٣

ثمَّ فصّل تاريخ ولادة السبطين الحسنين إثباتاً لاطِّلاعه وعلمه بالتاريخ.

الجواب : لو لم يكن في كتاب الرجل إلاّ ما في هذه الجمل من التدجيل والتمويه على أجر صاحب الرسالة ، والقول المزوّر ، والفرية الشائنة ، والكذب الصريح ، لكفى عليه عاراً وشناراً.

لم يصرِّح أحدٌ بأنَّ الآية مكّية فضلاً عن الاتِّفاق المكذوب على أهل العلم ، وإنَّما حسب الرجل ذلك من إطلاق قولهم : إنّ السورة مكّية. فحقُّ المقال فيه ما قدّمناه (١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٨) وفي هذا الجزء (ص ١٦٩ ـ ١٧١).

ودعوى كون جميع سورة الشورى مكّية يكذِّبها استثناؤهم قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) إلى قوله : (خَبِيرٌ بَصِيرٌ) وهي أربع آيات ، واستثناء بعضهم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ) إلى قوله : (مِنْ سَبِيلٍ) وهي عدّة آيات (١). فضلاً عن آية المودّة.

ونصَّ القرطبي في تفسيره (٢) (١٦ / ١) ، والنيسابوري في تفسيره (٣) ، والخازن في تفسيره (٤) (٤ / ٤٩) ، والشوكاني في فتح القدير (٥) (٤ / ٥١٠) وغيرهم ، عن ابن عبّاس وقتادة على أنَّها مكّية إلاّ أربع آيات ، أوّلها : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً)

وأمّا حديث : إنَّ الآية نزلت في عليٍّ وفاطمة وابنيهما وإيجاب مودّتهم بها ، فليس مختصّا بآية الله العلاّمة الحلّي ولا بأمّته من الشيعة ، بل أصفق المسلمون على ذلك إلاّ شذّاذاً من حملة الروح الأمويّة نظراء ابن تيميّة وابن كثير ، ولم يقف القارئ ولن يقف ـ على شيءٍ من الاتّفاق المكذوب على أهل المعرفة بالحديث ، ليت الرجل

__________________

(١) تفسير الخازن : ٤ / ٤٩ [٤ / ٩٠] ، الإتقان : ١ / ٢٧ [١ / ٤٤]. (المؤلف)

(٢) الجامع لأحكام القرآن : ١٦ / ٣.

(٣) غرائب القرآن : مج ١١ / ج ٢٥ / ٣٥.

(٤) مرّ تخريجه آنفاً.

(٥) فتح القدير : ٤ / ٥٢٤.

٢٤٤

دلّنا على بعض من أولئك المجمعين ، أو على شيءٍ من تآليفهم ، أو على نزرٍ من كلماتهم. وقد أسلفنا في (٢ / ٣٠٦ ـ ٣١١) ما فيه بُلغة وكفاية ، نقلاً عن جمع من الحفّاظ المفسِّرين من أعلام القوم وهم :

الإمام أحمد ، ابن المنذر ، ابن أبي حاتم ، الطبري ، الطبراني ، ابن مردويه ، الثعلبي ، أبو عبد الله الملاّ ، أبو الشيخ ، النسائي ، الواحدي ، أبو نعيم ، البغوي ، البزّار ، ابن المغازلي ، الحسكاني ، محبّ الدين ، الزمخشري ، ابن عساكر ، أبو الفرج ، الحمّوئي ، النيسابوري ، ابن طلحة ، الرازي ، أبو السعود ، أبو حيّان ، ابن أبي الحديد ، البيضاوي ، النسفي ، الهيثمي ، ابن الصبّاغ ، الكنجي ، المناوي ، القسطلاني ، الزرندي ، الخازن ، الزرقاني ، ابن حجر ، السمهودي ، السيوطي ، الصفوري ، الصبّان ، الشبلنجي ، الحضرمي ، النبهاني.

وقول الإمام الشافعي في ذلك مشهورٌ ، قال :

يا أهلَ بيت رسولِ اللهِ حبُّكمُ

فرضٌ من اللهِ في القرآنِ أنزلهُ

كفاكمُ من عظيمِ القدرِ أنّكمُ

من لم يصلِّ عليكم لا صلاةَ لهُ

ذكرهما له ابن حجر في الصواعق (١) (ص ٨٧) ، الزرقاني في شرح المواهب (٧ / ٧) ، الحمزاوي المالكي في مشارق الأنوار (٢) (ص ٨٨) ، الشبراوي في الإتحاف (٣) (ص ٢٩) ، الصبّان في الإسعاف (ص ١١٩).

وقال العجلوني (٤) في كشف الخفاء (١ / ١٩) : وفي هذا مع زيادة قلت :

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ص ١٤٨.

(٢) مشارق الأنوار : ١ / ١٨٨.

(٣) الإتحاف بحبّ الأشراف : ص ٨٣ باب ٤.

(٤) الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجرّاحي المتوفّى ١١٦٢ ، توجد ترجمته في سلك الدرر للمرادي [١ / ٢٥٩ ـ ٢٧٢]. (المؤلف)

٢٤٥

لقد حاز آلُ المصطفى أشرفَ الفخرِ

بنسبتهِمْ للطاهرِ الطيِّبِ الذكرِ

فحبّهمُ فرضٌ على كلِّ مؤمنٍ

أشار إليه اللهُ في مُحْكمِ الذكرِ

ومن يدّعي من غيرِهم نسبةً له

فذلك ملعونٌ أتى أقبحَ الوزرِ

وقد خُصَّ منهم نسلُ زهراءَ الاشرفُ

بأطرافِ تيجانٍ من السُندسِ الخُضرِ

ويُغنيهمُ عن لُبسِ ما خصّهمْ بهِ

وجوهٌ لهم أبهى من الشمس والبدرِ

ولم يمتنعْ من غيرهم لبس أخضرٍ

على رأي من يعزى لأسيوطِ ذي الخبرِ

وقد صحّحوا عن غيره حرمة الذي

رآه مباحاً فاعلمِ الحكمَ بالسبرِ

وأمّا أنّ تزويج عليّ بفاطمة عليهما‌السلام كان من حوادث العهد المدنيِّ ، وقد ماشينا الرجل على نزول الآية في مكّة ، فإنَّه لا ملازمة بين إطباق الآية بهما وبأولادهما وبين تقدّم تزويجهما على نزولها ، كما لا منافاة بينه وبين تأخّر وجود أولادهما على فرضه ، فإنَّ ممّا لا شبهة فيه كون كلّ منهما من قربى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعمومة والبنوّة. وأمّا أولادهما فكان من المقدّر في العلم الأزليّ أن يُخلقوا منهما ، كما أنَّه كان قد قضى بعلقة التزويج بينهما ، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عام يشمل الحاضر والغابر وجود موضوعه الفعليِّ ، بل إنَّما يتسرّب إليه الحكم مهما وُجد ، ومتى وُجد ، وأنّى وُجد.

على أنَّ من الممكن أن تكون قد نزلت بمكّة في حجّة الوداع ، وعليٌّ قد تزوّج بفاطمة ووُلد الحسنان ، ولا ملازمة بين نزولها بمكّة وبين كونه قبل الهجرة.

(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) (١).

١٧ ـ قال : أمّا حديث المؤاخاة ـ إنَّ عليّا آخاه رسول الله ـ فباطل موضوع ؛ فإنَّ النبيَّ لم يُؤاخ أحداً ، ولا آخى بين المهاجرين بعضهم من بعض ، ولا بين الأنصار بعضهم من بعض ، ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار ، كما آخى بين سعد بن الربيع

__________________

(١) سبأ : ٦.

٢٤٦

وعبد الرحمن بن عوف ، وآخى بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء ، كما ثبت ذلك في الصحيح (٢ / ١١٩).

الجواب : إنَّ حكم الرجل ببطلان حديث المؤاخاة الثابت بين المسلمين على بكرة أبيهم يكشف عن جهله المطبق بالحديث والسيرة ، أو عن حنقه المحتدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام فلا يسعه أن ينال منه إلاّ بإنكار فضائله ، فكأنَّه آلى على نفسه أن لا يمرَّ بفضيلة إلاّ وأنكرها وفنّدها ولو بالدعوى المجرّدة. فقد أوضحنا في (ص ١١٢ ـ ١٢٥) أنّ قصّة المؤاخاة وقعت بين أفراد الصحابة قبل الهجرة مرّة وبين المهاجرين والأنصار بعدها مرّة أخرى ، وفي كلٍّ منهما آخى هو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وحسب الرجل ما في فتح الباري (١) (٧ / ٢١٧) للحافظ ابن حجر العسقلاني ، قال بعد بيان كون المؤاخاة مرّتين وذكر جملة من أحاديثهما : وأنكر ابن تيميّة في كتاب الردّ (٢) على ابن المطهَّر الرافضي في المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبيِّ لعليٍّ ، قال : لأنَّ المؤاخاة شُرّعت لإرفاق بعضهم بعضاً ، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض ، فلا معنى لمؤاخاة النبيِّ لأحدٍ منهم ، ولا لمؤاخاة مهاجريٍّ لمهاجريٍّ. وهذا ردٌّ للنصِّ بالقياس وإغفالٌ عن حكمة المؤاخاة ، لأنَّ بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى ، فآخى بين الأعلى والأدنى ليرتفقنّ الأدنى بالأعلى ، ويستعين الأعلى بالأدنى ، وبهذا نظر في مؤاخاته لعليّ لأنَّه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمرَّ ، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة ؛ لأنَ زيداً مولاهم ، فقد ثبّت أخوّتهما وهما من المهاجرين ، وسيأتي في عمرة القضاء قول زيد بن حارثة : إنَّ بنت حمزة بنت أخي.

وأخرج الحاكم (٣)) ، وابن عبد البرّ (٤) بسند حسن عن أبي الشعثاء ، عن

__________________

(١) فتح الباري : ٧ / ٢٧١.

(٢) هو كتاب منهاج السنّة الذي نتكلّم حوله. (المؤلف)

(٣) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٥٥ ح ٥٣٧٢.

(٤) الاستيعاب : القسم الثاني / ٥١١ رقم ٨٠٨.

٢٤٧

ابن عبّاس : آخى النبيّ صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود وهما من المهاجرين.

قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني (١) ، وابن تيميّة يصرِّح بأنَّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك وقصّة المؤاخاة الأولى ، ثمَّ ذكر حديثها الصحيح من طريق الحاكم الذي أسلفناه.

وذكر العلاّمة الزرقاني في شرح المواهب (١ / ٣٧٣) جملةً من الأحاديث والكلمات الواردة في كلتا المرّتين من المؤاخاة ، وقال : وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ. ثمّ أوعز إلى مزعمة ابن تيميّة وردَّ عليه بكلام الحافظ ابن حجر المذكور. (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) (٢)).

١٨ ـ قال : الحديث الذي ذكر ـ العلاّمة ـ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله وذرّيتها على النار» كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث. ويظهر كذبه لغير أهل الحديث أيضاً ، فإنَّ قوله : إن فاطمة أحصنت فرجها ... باطل قطعاً ، فإنَّ سارة أحصنت فرجها ولم يحرِّم الله جميع ذرِّيّتها على النار ، وأيضاً فصفيّة عمّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحصنت فرجها ومن ذرِّيّتها محسنٌ وظالمٌ ، وفي الجملة : اللواتي أحصنَّ فروجهنّ لا يُحصي عددهنَّ إلاّ الله ، ومن ذرِّيتهن البرّ والفاجر والمؤمن والكافر. وأيضاً ففضيلة فاطمة ومزيّتها ليست بمجرّد إحصان الفرج ، فإنَّ هذا تشارك فيه فاطمة وجمهور نساء المؤمنين (٢ / ١٢٦).

الجواب : عجباً لهذا الرجل وهو يحسب أنَّ الإجماعات والاتِّفاقات طوع إرادته ، فإذا لم يرقه تأويل آية أو حديث أو مسألة أو اعتقاد يقول في كلٍّ منها للملإ العلمي : اتَّفقوا! فتُلبِّيه الأحياء والأموات ، ثمَّ يحتجُّ باتِّفاقهم. ولعمر الحقِّ لو لم يكن الإنسان منهيّا عن الكذب ولغو الحديث لما يأتي منهما فوق ما أتى به الرجل.

__________________

(١) المعجم الكبير : ١٢ / ١٣٩ ح ١٢٨١٦.

(٢) الأعراف : ٣.

٢٤٨

ليت شعري كيف يكون هذا الحديث متَّفقاً على بطلانه وكذبه وقد اخرجته جماعة من الحفّاظ وصحّحه غير واحدٍ من أهل المعرفة بالحديث؟ وليته أوعز إلى من شذَّ منهم بالحكم بكذبه ، ودلّنا على تآليفهم وكلماتهم ، غير أنَّه لم يجد أحداً منهم ، فكوَّن الاتِّفاق بالإرادة كما قلناه. وقد خرّجه :

الحاكم ، الخطيب البغدادي ، البزّار ، أبو يعلى ، العقيلي ، الطبراني ، ابن شاهين ، أبو نعيم ، المحبّ الطبري ، ابن حجر ، السيوطي ، المتّقي الهندي ، الهيثمي ، الزرقاني ، الصبّان ، البَدَخشي. (١)

__________________

(١) حديث : «إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّمها الله وذرّيتها على النار».

أخرجه البزّار في مسنده : ٥ / ٢٢٣ ح ١٨٢٩ وأبو يعلى في مسنده الكبير كما في المطالب العالية : ٤ / ٧٠ ح ٣٩٨٧ والطبراني في المعجم الكبير : ٢٢ / ٤٠٦ ح ١٠١٨.

وأخرجه الحافظ ابن شاهين في كتاب فضائل فاطمة بثلاثة طرق : ح ١٠ و ١١ و ١٢ ، وليس في الأخيرين عمر بن غياث ، وأخرجه في كتاب السنّة كما يأتي من السيوطي.

وأخرجه الدارقطني في العلل : ٥ / ٦٥ سؤال ٧١٠ ، والحاكم في المستدرك : ٣ / ١٥٢ ، وأخرجه تمام الرازي في فوائده بثلاثة طرق (الروض البسام : ٤ / ٣١٥ ـ ٣١٨ رقم ١٤٩٢ ، ١٤٩٣ ، ١٤٩٤) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء : ٤ / ١٨٨ ، والمهرواني في فوائده كما في الروض البسام : ٤ / ٣١٧ و ٣١٨. وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ٣ / ٥٤ ، وابن المغازلي في كتاب مناقب أمير المؤمنين ٧ : ص ٣٥٣ ح ٤٠٣ ، والخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين ٧ : ١ / ٥٥ ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه : ج ٥ ق ٢٣ / ب وج ١٧ ق ٣٨٦ / ب.

وأخرجه المزّي في تهذيب الكمال : ٣٥ / ٢٥١ ، والمحب الطبري : ص ٢٦ و ٤٨ ، والكنجي في كفاية الطالب : ص ٢٢٢ من الطبعة الأولى وص ٣٦٦ من الطبعة الثانية ، والزرندي في نظم درر السمطين : ص ١٨٠ ، والذهبي في تذهيب تهذيب الكمال في ترجمتها ٣ ، والخزرجي في خلاصته : ٣ / ٣٨٩ ، والحافظ العسقلاني في زوائد مسند البزّار وفي المطالب العالية النسخة المسندة : ق ١٥٥ / ب ، والسيوطي في الثغور الباسمة : ص ٤٦ ، وفي إحياء الميت : ح ٣٨ قال : أخرج البزّار وأبو يعلى والعقيلي وابن شاهين في السنّة.

والمتّقي في كنز العمّال : ح ٣٤٢٢٠ ، والزرقاني في شرح المواهب اللدنيّة : ٣ / ٢٠٣ ، والصبّان في إسعاف الراغبين : ص ١٢٠ ، والشبلنجي في نور الأبصار : ص ٤١ ، والدوسري في الروض البسام : ٤ / ٣١٥. (الطباطبائي)

٢٤٩

إذا ثبتت صحّة الحديث ، فأيُّ وزن يُقام للمناقشة فيه بأوهام وتشكيكات ، واستحسانات واهية ، واستبعادات خياليّة؟ كما هو دأب الرجل في كلِّ ما لا يرتضيه من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، وأيّ ملازمة بين إحصان الفرج وتحريم الذرِّية على النار؟ حتى يُردّ بالنقض بمثل سارة وصفيّة والمؤمنات ، غير أنَّ هذه فضيلةٌ اختصّت بها سيِّدة النساء فاطمة ، وكم لها من فضائل تخصّ بها ولم تحظَ بمثلها فُضليات النساء من سارة إلى مريم إلى حواء وغيرهنَّ ، فلا غضاضة إذا تفرّد ذرِّيتها بفضيلة لم يحوها غيرهم ، وكم لهم من أمثالها.

وقال العلاّمة الزرقاني المالكي في شرح المواهب (٣ / ٢٠٣) في نفي هذه الملازمة الموهومة : الحديث أخرجه أبو يعلى ، والطبراني ، والحاكم ، وصحّحه عن ابن مسعود وله شواهد ، وترتيب التحريم على الإحصان من باب إظهار مزيّة شأنها في ذلك الوصف ، مع الإلماح ببنت عمران ولمدح وصف الإحصان ، وإلاّ فهي محرّمة على النار بنصّ روايات أُخر (١).

ويؤيَّد هذا الحديث بأحاديث أخرى ، منها حديث ابن مسعود : إنَّما سُمِّيت فاطمة لأنَّ الله قد فطمها وذرِّيتها من النار يوم القيامة (٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة : «إنَّ الله غير معذِّبكِ ولا أحداً من ولدِك» (٣).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : «إنَّ الله قد غفر لك ولذرِّيتك». راجع (ص ٧٨).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وعدني ربّي في أهل بيتي من أقرَّ منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ

__________________

(١) يأتي تمام كلام الزرقاني في النقد على كتاب : الصراع بين الإسلام والوثنيّة. (المؤلف)

(٢) تاريخ ابن عساكر [١٧ / ٧٧٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢٦ / ٢٨٦] ، الصواعق : ص ٩٦ [ص ١٦٠] ، المواهب اللدنيّة [٢ / ٦٤] كما في شرحه للزرقاني : ٣ / ٢٠٣. (المؤلف)

(٣) أخرجه الطبراني [في المعجم الكبير : ١١ / ٢١٠ ح ١١٦٨٥] بسند رجاله ثقات ، وابن حجر صحّحه في الصواعق : ص ٩٦ ، ١٤٠ [ص ١٦٠ ، ٢٣٥]. (المؤلف)

٢٥٠

أنَّه لا يعذِّبهم» (١).

١٩ ـ قال : حديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «عليٌّ مع الحقِّ ، والحقُّ معه يدور حيث دار ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» من أعظم الكلام كذباً وجهلاً ، فإنَّ هذا الحديث لم يروه أحدٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ، وهل يكون أكذب ممّن يروي ـ يعني العلاّمة الحلّي ـ عن الصحابة والعلماء أنَّهم رووا حديثاً ، والحديث لا يُعرف عن أحد منهم أصلاً؟ بل هذا من أظهر الكذب ، ولو قيل : رواه بعضهم وكان يمكن صحّته لكان ممكناً ، وهو كذبٌ قطعاً على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنَّه كلامٌ ينزَّه عنه رسول الله (ص ١٦٧ و ١٦٨).

الجواب : أمّا الحديث فأخرجه جمعٌ من الحفّاظ والأعلام منهم :

الخطيب في التاريخ (١٤ / ٣٢١) من طريق يوسف بن محمد المؤدّب ، قال : حدّثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السرّاج ، حدّثنا عبد السلام بن صالح ، حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ، عن أبي سعيد التميمي ، عن أبي ثابت مولى أبي ذرّ ، قال : دخلت على أمِّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّا ، وقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة».

هذه أمّ المؤمنين أمّ سلمة سيِّدة صحابيّة ، وقد نفى الرجل أن يكون أحد الصحابة قد رواه ، كما نفى أن يكون أحدٌ من العلماء يرويه ، إلاّ أن يقول : إنّ الخطيب ـ وهو هو ـ ليس من العلماء ، أو لم يعتبر أمّ المؤمنين صحابيّة ، وهذا أقرب إلى مبدأ ابن تيميّة لأنَّها علويّة النزعة ، علويّة الروح ، علويّة المذهب.

وحديث أمّ سلمة سمعه سعد بن أبي وقّاص في دارها ، قال : سمعت

__________________

(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٥٠ [٣ / ١٦٣ ح ٤٧١٨] ، وجمع آخرون نظراء الحافظ السيوطي [الجامع الصغير للسيوطي : ٢ / ٧١٦ ح ٩٦٢٣ ، كنز العمّال : ١٢ / ٩٦ ح ٣٤١٥٦]. (المؤلف)

٢٥١

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «عليٌّ مع الحقِّ ـ أو الحقُّ مع عليٍّ ـ حيث كان». قاله في بيت أمّ سلمة ، فأرسل أحدٌ إلى أمِّ سلمة فسألها ، فقالت : قد قاله رسول الله في بيتي.

فقال الرجل لسعد : ما كنتَ عندي قطُّ ألوم منك الآن. فقال : وَلِمَ؟ قال : لو سمعتُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم أزل خادماً لعليٍّ حتى أموت.

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٢٣٦) وقال : رواه البزّار ، وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه ، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

قال الأميني : الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي ، قد خفي عليه لمكان التصحيف ، ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني : إنّه كان شيخاً صالحاً صدوقاً. كما في خلاصة الكمال (١) (ص ١١٨) ، وتهذيب التهذيب (٢) (٤ / ٤٨).

وكيف يحكم الرجل بأنّ الحديث لم يروه أحدٌ من الصحابة والعلماء أصلاً؟ وهذا الحافظ ابن مردويه في المناقب والسمعاني في فضائل الصحابة أخرجا بالإسناد عن محمد بن أبي بكر عن عائشة أنَّها قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «علي مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ ، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».

وأخرج ابن مردويه في المناقب والديلمي في الفردوس : أنَّه لما عقر جمل عائشة ودخلت داراً بالبصرة ، أتى إليها محمد بن أبي بكر فسلّم عليها ، فلم تكلّمه ، فقال لها : أَنشُدُكِ الله أتذكرين يوم حدّثتنِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : «الحقُّ لن يزال مع عليٍّ وعليٌّ مع الحقِّ ، لن يختلفا ولن يفترقا»؟ فقالت : نعم.

وروى ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (٣) (١ / ٦٨) عن محمد بن أبي بكر : أنَّه

__________________

(١) خلاصة الخزرجي : ١ / ٣٨٢ رقم ٢٤٧٩.

(٢) تهذيب التهذيب : ٤ / ٤٢.

(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ٧٣.

٢٥٢

دخل على أخته عائشة قال لها : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «عليٌّ مع الحقِّ ، والحقُّ مع عليّ» ثمّ خرجتِ تُقاتلينه؟

وروى الزمخشري في ربيع الأبرار (١) ، قال : استأذن أبو ثابت مولى عليّ على أمّ سلمة فقالت : مرحباً بك يا أبا ثابت ، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال : تبع عليَّ بن أبي طالب. قالت : وُفّقت ، والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «عليٌّ مع الحقِّ والقرآن ، والحقُّ والقرآن مع عليٍّ ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».

وبهذا اللفظ أخرجه أخطب الخطباء الخوارزمي في المناقب (٢) ، من طريق الحافظ ابن مردويه. وكذا شيخ الإسلام الحمّوئي في فرائد السمطين (٣) في الباب (٣٧) من طريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري.

وأخرج ابن مردويه في المناقب عن أبي ذرّ أنَّه سُئل عن اختلاف الناس فقال : عليك بكتاب الله والشيخ عليِّ بن أبي طالب عليه‌السلام فإنّي سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ معه وعلى لسانه ، والحقُّ يدور حيثما دار عليٌّ».

ويوقف القارئ على شهرة الحديث عند الصحابة احتجاج أمير المؤمنين به يوم الشورى بقوله : «أنشُدُكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحقُّ مع عليٍّ وعليٌّ مع الحقِّ يزول الحقُّ مع عليٍّ كيفما زال؟» قالوا : اللهمَّ نعم (٤).

وهنا نسائل الرجل عن أنّ هذا الكلام لما ذا لا يمكن صحّته؟ أفيه شيء من المستحيلات العقليّة كاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما؟ أو اجتماع الضدّين أو المثلين؟

__________________

(١) ربيع الأبرار : ١ / ٨٢٨.

(٢) المناقب : ص ١٧٦ ح ٢١٤.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ١٧٧ ح ١٤٠.

(٤) مرّ الكلام في حديث المناشدة ١ / ١٥٩ ـ ١٦٣. (المؤلف)

٢٥٣

وكأنَّ الرجل يزعم أنّ الحقيقة العلويّة غير قابلة لأن تدور مع الحقِّ ، وأن يدور الحقُّ معها! (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) (١).

وقد مرَّ (١ / ٣٠٥ ، ٣٠٨) من طريق الطبراني وغيره بإسناد صحيح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ : «اللهمَّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ـ إلى قوله ـ : وأدرِ الحقَّ معه حيث دار» (٢).

وصحَّ عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : «رحم الله عليّا ، اللهمَّ أدر الحقَّ معه حيث دار» (٣).

وقال الرازي في تفسيره (٤) (١ / ١١١) : وأمّا أنّ عليَّ بن أبي طالب رضى الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر. ومن اقتدى في دينه بعليِّ بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله عليه‌السلام : «اللهمَّ أدر الحقَّ مع عليٍّ حيث دار».

وحكى الحافظ الكنجي في الكفاية (٥) (ص ١٣٥) وأخطب خوارزم في المناقب (٦) (ص ٧٧) عن مسند زيد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليٍّ : «إنَّ الحقَّ معك ، والحقُّ على لسانك وفي قلبك وبين عينيك ، والإيمان مخالطٌ لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي».

وأخرج غير واحد ، عن أبي سعيد الخدري ، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال مشيراً إلى عليٍّ : «الحقُّ مع ذا ، الحقُّ مع ذا» (٧). وفي لفظ ابن مردويه عن عائشة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) الكهف : ٥.

(٢) وبهذا اللفظ رواه الشهرستاني في نهاية الإقدام : ص ٤٩٣. (المؤلف)

(٣) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٢٥ [٣ / ١٣٥ ح ٤٦٢٩] ، جامع الترمذي : ٢ / ٢١٣ [٥ / ٥٩٢ ح ٣٧١٤] ، الجمع بين الصحاح لابن الأثير [جامع الأصول : ٩ / ٤٢٠ ح ٦٣٧٢] ، كنز العمّال : ٦ / ١٥٧ [١١ / ٦٤٢ ح ٣٣١٢٤]. (المؤلف).

(٤) التفسير الكبير : ١ / ٢٠٥.

(٥) كفاية الطالب : ص ٢٦٥ باب ٦٢.

(٦) المناقب : ص ١٢٩ ح ١٤٣.

(٧) مسند أبي يعلى [٢ / ٣١٨ ح ١٠٥٢] ، سنن سعيد بن منصور [٢ / ١٧١] ، نُزُل الأبرار : ص ٢٤ [ص ٥٨] مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي : ٧ / ٣٥ وقال : رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات. (المؤلف)

٢٥٤

«الحقُّ مع ذا يزول معه حيثما زال».

وأخرج ابن مردويه ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٤) عن أمِّ سلمة أنَّها كانت تقول : كان عليٌّ على الحقِّ ، من اتّبعه اتّبع الحقَّ ، ومن تركه ترك الحقَّ ، عهداً معهوداً قبل يومه هذا (١).

ومرَّ في (١ / ١٦٦) من طريق شيخ الإسلام الحمّوئي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوصيائه : «فإنَّهم مع الحقِّ ، والحقُّ معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم».

وليت شعري هذا الكلام لما ذا يُنزَّه عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟! لاشتماله على كلمة إلحاديّة؟ أو إشراك بالله العظيم؟ أو أمر خارج عن نواميس الدين المبين؟

أنا أقول عنه لما ذا : لأنَّه في فضل مولانا أمير المؤمنين ، والرجل لا يروقه شيء من ذلك. ونعم الحَكَم الله ، والخصيم محمد.

ولا يذهب على القارئ أنَّ هذا الحديث عبارة أخرى لما ثبتت صحّته عن أمّ سلمة ، من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليٌّ مع القرآن والقرآن معه ، لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض» (٢).

وكلا الحديثين يرميان إلى مغزى الصحيح المتواتر الثابت عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله : «إنّي تاركٌ ـ أو مخلّفٌ ـ فيكم الثقلين ـ أو الخليفتين ـ : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».

فإذا كان ما يراه ابن تيميّة غير ممكن الصدور عن مبدأ الرسالة ، فهذه

__________________

(١) في لفظ الهيثمي : عهد معهود. (المؤلف)

(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٢٤ [٣ / ١٣٤ ح ٤٦٢٨] صحّحه هو وأقرّه الذهبي ، المعجم الأوسط للطبراني [٥ / ٤٥٥ ح ٤٨٧٧] وحسّن سنده ، الصواعق : ص ٧٤ ، ٧٥ [ص ١٢٤ ، ١٢٦] ، الجامع الصغير : ٢ / ١٤٠ [٢ / ١٧٧ ح ٥٥٩٤] ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ١١٦ [ص ١٦٢] ، فيض القدير : ٤ / ٣٥٦. (المؤلف)

٢٥٥

الأحاديث كلّها ممّا يغزو مغزاه يجب أن ينزَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها ، ولا أحسب أنَّ أحداً يقتحم ذلك الثغر المخوف إلاّ من هو كمثل ابن تيميّة لا يبالي بما يتهوّر فيه ، فدعه وتركاضه. (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١).

٢٠ ـ قال : حديث أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» فهذا كذبٌ منه ، ما رووا هذا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا يُعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة ، ولا الإسناد معروف عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا حسن. (٢ / ١٧٠).

الجواب : ليتني عرفت هل المقحم للرجل في أمثال هذه الورطة جهله المطبق وضيق حيطته عن الوقوف على كتب الحديث؟ ثمَّ إنَّ الرعونة تحدوه إلى تكذيب ما لم يجده تكذيباً باتّا! أو أنّ حقده المحتدم لآل بيت الوحي يتدهور به إلى هوّة المناوأة لهم بتفنيد فضائلهم ومناقبهم. أحسب أنّ كلا الداءين لا يعدوانه.

أمّا الحديث فله إسناد معروف عند الحفّاظ والأعلام ، صحّحه بعضهم وحسّنه آخر ، وأنهوه إلى النبيِّ الأقدس ـ صلوات الله عليه وآله ـ وممّن أخرجه :

١ ـ الإمام أبو الحسن الرضا ـ سلام الله عليه ـ في مسنده كما في الذخائر (ص ٣٩).

٢ ـ الحافظ أبو موسى بن المثنى البصري : المتوفّى (٢٥٢). كما في معجمه.

٣ ـ الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم : المتوفّى (٢٨٧). كما في الإصابة (٢) وغيره.

٤ ـ الحافظ أبو يعلى الموصلي : المتوفّى (٣٠٧). في سننه.

٥ ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني : المتوفّى (٣٦٠). في معجمه (٣).

٦ ـ الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري : المتوفّى (٤٠٥). في المستدرك (٤) (٣ / ١٥٤) وصحّحه.

__________________

(١) الجاثية : ١٨.

(٢) الإصابة : ٤ / ٣٧٨ رقم ٨٣٠.

(٣) المعجم الكبير : ١ / ١٠٨ ح ١٨٢.

(٤) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٦٧ ح ٤٧٣٠.

٢٥٦

٧ ـ الحافظ أبو سعيد الخركوشي : المتوفّى (٤٠٦). في مؤلّفه (١).

٨ ـ الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : المتوفّى (٤٣٠). في فضائل الصحابة.

٩ ـ الحافظ أبو القاسم بن عساكر : المتوفّى (٥٧١). في تاريخ الشام (٢).

١٠ ـ الحافظ أبو المظفّر سبط ابن الجوزي : المتوفّى (٦٥٤). في تذكرته (٣) (ص ١٧٥).

١١ ـ الحافظ أبو العبّاس محبّ الدين الطبري : المتوفّى (٦٩٤). في الذخائر (ص ٣٩).

١٢ ـ الحافظ أبو الفضل بن حجر العسقلاني : المتوفّى (٨٥٢). في الإصابة (٤ / ٣٧٨).

١٣ ـ الحافظ شهاب الدين بن حجر الهيتمي : المتوفّى (٩٥٤). في الصواعق (٤) (ص ١٠٥).

١٤ ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي : المتوفّى (١١٢٢). في شرح المواهب (٣ / ٢٠٢).

١٥ ـ أبو العرفان الصبّان : المتوفّى (١٢٠٦). في إسعاف الراغبين (ص ١٧١) وقال : رواه الطبراني وغيره بإسناد حسن.

١٦ ـ البَدَخشي صاحب مفتاح النجا. في نُزُل الأبرار (٥) (ص ٤٧).

٢١ ـ قال : حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عليٍّ : «هذا فاروق أمّتي ، يفرق بين أهل الحقِّ والباطل» ، وقول ابن عمر : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاّ ببغضهم

__________________

(١) الخركوشي في كتابه شرف المصطفى في الورقه ١٧٢ / أمن مخطوطة المكتبة الظاهرية رقم ١٨٨٧ عليها سماع بسنة ٥٩٧. (الطباطبائي)

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ١ / ٤٣٤ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٢٦٩.

(٣) تذكرة الخواص : ص ٣١٠.

(٤) الصواعق المحرقة : ص ١٧٥.

(٥) نُزُل الأبرار : ص ٨٩.

٢٥٧

عليّا. فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنَّهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يُروَ واحدٌ منهما في كتب العلم المعتمدة ، ولا لواحد منهما إسنادٌ معروفٌ (٢ / ١٧٩).

الجواب : إنَّ أجمع كلمة تنطبق على هذا المغفَّل هو ما قيل في غيره قبل زمانه : أُعطي مقولاً ولم يعط معقولاً. فتراه في أبحاث كتابه يقول ولا يعقل ما يقول ، ويردّ غير القول الذي قد قيل له ، فهذا آية الله العلاّمة الحلّي يروي عن ابن عمر قوله : ما كنّا نعرف المنافقين ... وهذا يقول : إنّه حديث مكذوب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يعقل أنَّ راويه لم يعزُه إلى النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان حقّ المقام أن يفنِّد نسبته إلى ابن عمر ، على أنَّ ابن عمر لم يتفرّد بهذا القول وإنّما أصفق معه على ذلك لفيف من الصحابة منهم

١ ـ أبو ذرّ الغفاري ، فإنّه قال : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ بثلاث : بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلّف عن الصلاة ، وبغضهم عليَّ بن أبي طالب.

أخرجه الخطيب في المتّفق ، محبّ الدين الطبري في الرياض (١) (٢ / ٢١٥) ، الجزري في أسنى المطالب (٢) (ص ٨) وقال : وحُكي عن الحاكم تصحيحه ، السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه (٣) (٦ / ٣٩٠).

٢ ـ أبو سعيد الخدري قال : كنّا نعرف المنافقين ـ نحن معشر الأنصار ـ ببغضهم عليّا.

وفي لفظ الزرندي : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ ببغضهم عليّا.

جامع الترمذي (٢ / ٢٩٩) ، حلية الأولياء (٦ / ٢٩٥) ، الفصول المهمّة (ص ١٢٦) ،

__________________

(١) الرياض النضرة : ٣ / ١٦٧.

(٢) أسنى المطالب : ص ٥٧.

(٣) كنز العمّال : ١٣ / ١٠٦ ح ٣٦٣٤٦.

٢٥٨

أسنى المطالب للجزري (ص ٨) ، مطالب السؤول (ص ١٧) ، نظم الدرر للزرندي ، الصواعق (ص ٧٣) (١).

٣ ـ جابر بن عبد الله الأنصاري قال : ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغض ـ أو ببغضهم ـ عليِّ بن أبي طالب.

أخرجه أحمد في المناقب (٢) ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٣) (٣ / ٤٦) هامش الإصابة ، الحافظ محبّ الدين في الرياض (٤) (٢ / ٢١٤) ، الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٢).

٤ ـ أبو سعيد محمد بن الهيثم قال : إن كنّا لنعرف المنافقين ـ نحن معشر الأنصار ـ إلاّ ببغضهم عليَّ بن أبي طالب.

أخرجه الحافظ الجزري في أسنى المطالب (٥) (ص ٨).

٥ ـ أبو الدرداء قال : إن كنّا نعرف المنافقين ـ معشر الأنصار ـ إلاّ ببغضهم عليَّ بن أبي طالب.

أخرجه الترمذي كما في تذكرة سبط ابن الجوزي (٦) (ص ١٧).

ولم تكن هذه الكلمات دعاوى مجرّدة من القوم ، وإنَّما هي مدعومة بما وعوه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليٍّ عليه‌السلام وإليك نصوصه :

__________________

(١) سنن الترمذي : ٥ / ٥٩٣ ح ٣٧١٧ ، الفصول المهمّة : ص ١٢٣ ، أسنى المطالب : ص ٥٦ ، نظم درر السمطين : ص ١٠٢ ، الصواعق المحرقة : ص ١٢٢.

(٢) مناقب عليّ لأحمد بن حنبل : ص ١٤٣ ح ٢٠٨.

(٣) الاستيعاب : القسم الثالث / ١١١٠ رقم ١٨٥٥.

(٤) الرياض النضرة : ٣ / ١٦٧.

(٥) أسنى المطالب : ص ٥٦.

(٦) تذكرة الخواص : ص ٢٨.

٢٥٩

١ ـ عن أمير المؤمنين أنَّه قال : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنَّه لعهد النبيّ الأمّي إليَّ : أنَّه لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق»

مصادره :

أخرجه (١) مسلم في صحيحه كما في الكفاية ، الترمذي في جامعه (٢ / ٢٩٩) من غير قَسَم ، وقال : حسنٌ صحيحٌ ، أحمد في مسنده (١ / ٨٤) ، ابن ماجة في سننه (١ / ٥٥) النسائي في سننه (٨ / ١١٧) ، وفي خصائصه (ص ٢٧) ، أبو حاتم في مسنده ، الخطيب في تاريخه (٢ / ٢٥٥) ، البغوي في المصابيح (٢ / ١٩٩) ، محبّ الدين الطبري في رياضه (٢ / ٢١٤) ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٣ / ٣٧) ، ابن الأثير في جامع الأصول كما في تلخيصه تيسير الوصول (٣ / ٢٧٢) عن مسلم والترمذي والنسائي ، سبط ابن الجوزي في تذكرته (ص ١٧) ، ابن طلحة في مطالب السؤول (ص ١٧) ، ابن كثير في تاريخه (٧ / ٣٥٤) عن الحافظ عبد الرزاق وأحمد ومسلم وعن سبعة أخرى وقال : هذا هو الصحيح ، شيخ الإسلام الحمّوئي في فرائده في الباب ال (٢٢) بطرق أربعة ، الجزري في أسنى المطالب (ص ٧) وصحّحه ، ابن الصبّاغ المالكي في الفصول (ص ١٢٤) ، ابن حجر الهيتمي في الصواعق (ص ٧٣) ، ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (٧ / ٥٧) ،

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ١٢٠ ح ١٣١ كتاب الإيمان ، كفاية الطالب : ص ٦٨ باب ٣ ، سنن الترمذي : ٥ / ٦٠١ ح ٣٧٣٦ ، مسند أحمد : ١ / ١٣٥ ح ٦٤٣ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٤٢ ح ١١٤ ، السنن الكبرى : ٥ / ٤٧ ح ٨١٥٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ص ١١٨ ح ١٠٠ ، مصابيح السنّة : ٤ / ١٧١ ح ٤٧٦٣ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٦٦ ، الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٠٠ رقم ١٨٥٥ ، جامع الأصول : ٩ / ٤٧٣ ح ٦٤٨٨ ، تيسير الوصول : ٣ / ٣١٦ ح ٦ ، تذكرة الخواص : ص ٤٨ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٩١ حوادث سنة ٤٠ ه‍ ، فرائد السمطين : ١ / ١٣٠ ـ ١٣٣ ح ٩٢ ـ ٩٥ ، أسنى المطالب : ص ٥٤ ، الفصول المهمّة : ص ١٢٣ ، الصواعق المحرقة : ص ١٢٢ ، فتح الباري : ٧ / ٧٢ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٢٠ ح ٣٦٣٨٥ ، المصنّف : ١٢ / ٧٧ ح ١٢١٦٣ ، صحيح ابن حبّان : ١٥ / ٣٦٧ ح ٢٩٢٤ ، حلية الأولياء : ٤ / ١٨٥ رقم ٢٧٤ ، سنن ابن أبي عاصم : ص ٥٨٤ ح ١٣٢٥ ، أخبار الدول للقرماني : ١ / ٣٠٦ ، الدرر الكامنة : ٤ / ٣٠٦ رقم ٨٣٢.

٢٦٠