الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

ولقد آخى رسول الله بين أصحابه ، فآخى بين عليّ ونفسه ، فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير الناس نفساً وخيرهم أخاً. شرح ابن أبي الحديد (١) (١ / ٣٦٩).

٤٩ ـ في خطبة لعمّار بن ياسر في البصرة قوله : أيّها الناس ، أخو نبيّكم وابن عمّه يستنفركم لنصر دين الله. شرح ابن أبي الحديد (٢) (٣ / ٢٩٣).

٥٠ ـ مرّ في (١ / ٢٠١) من كتاب لعمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان قوله : وأمّا ما نسبت أبا الحسن ـ أخا رسول الله ووصيَّه ـ إلى البغي والحسد على عثمان ، وسمّيت الصحابة فسَقَةً ، وزعمت أنَّه أشلاهم (٣) على قتله ، فهذا كذب وغواية.

ولشهرة هذه الأثارة وثبوتها لأمير المؤمنين ، ولأهميّتها الكبرى عند الأمّة ، وإعرابها عن المماثلة والمشاكلة في الفضيلة بينه وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذها رجال القريض من الصحابة والتابعين كحسّان بن ثابت ، والنجاشي ، وتبعهم شعراء القرون من الفريقين حتى اليوم فصبّوها في بوتقة النظم ، ونحن نصفح عن كلّ ذلك النظم الرائق روماً للاختصار ، غير أنَّ القارئ يقف على شيء كثير منه في طيّ أجزاء كتابنا. راجع الجزء الثاني (ص ٤٠ ، ٤٣ ، ١١٥ ، ٢١٨ ، ٢٢٦ ، ٢٢٩ ، ٢٨٦ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٣٣٠ ، ٣٥٠) و (٣ / ٦٦).

١٠ ـ قال : جمهور متكلّمي الرافضة كهشام بن الحكم الكوفي وتلميذه أبي عليّ الصكّاك (٤) وغيرهما يقول : إنَّ علم الله تعالى محدث ، وإنَّه لم يكن يعلم شيئاً حتى أحدث لنفسه علماً. وهذا كفر صريح ، وقد قال هشام هذا في عين مناظرته

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٩٦ خطبة ٥٦.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٤ / ١٤ كتاب ١.

(٣) أشلاهم : أغراهم.

(٤) كذا في الفِصَل ، وصوابه : أبو جعفر السكاك ، وهو محمد بن خليل البغدادي من أعلام متكلّمي الشيعة في القرن الثالث ، راجع فهرست النديم : ص ٢٢٥ ، فهرست الطوسي : رقم ٥٩٦ ، فهرست النجاشي : رقم ٨٨٩. (الطباطبائي)

١٨١

لأبي الهذيل العلاّف : إنّ ربَّه سبعة أشبار بشبر نفسه. وهذا كفر صريح ، وكان داود الجوازي من كبار متكلّميهم ، يزعم أنَّ ربّه لحم ودم على صورة الإنسان (١).

الجواب : أمّا جمهور متكلّمي الشيعة فلن تجد هذه المزعمة في شيء من مؤلّفاتهم الكلاميّة ، بل فيها نقيض هذه كلّها ودحض شبه الزاعمين خلافهم ، ضع يدك على أيّ من تلك الكتب مخطوطها ومطبوعها ، حتى تأليف هشام نفسه ومن قصدهم الرجل بالقذف المائن ، تجده على حد ما وصفناه.

وأما هشام فأوّل من نسب إليه هذه الفرية الجاحظ (٢) ، عن النظّام ، ورآها ابن قتيبة في مختلف الحديث (٣) (ص ٥٩) والخيّاط في الانتصار (٤) ، وكلّ منهم هو العدوّ الألدُّ للرجل ، لا يؤتمن عليه فيما ينقله ممّا يشوّه سمعة هشام ، فهو لا يزال يتحرّى الوقيعة فيه وفي نظرائه من أيّ الوسائل كانت صادقة أو مكذوبة ، والمذاهب والعقائد يجب أن تؤخذ من أفواه المعتنقين لها أو من كتبهم الثابتة نسبتها إليهم ، أو ممّن يؤتمن عليه في نقلها ، وهذه النسب المفتعلة لم يتسنَّ لها الحصول على شيء من الحالة ، وإنَّما الحالة فيها كما وصفناها.

ثمّ تبع أولئك في العصور المتأخِّرة أهل الهوس والهياج حنقاً على هشام ومبدئه ومن حذا حذوه ، كابن حزم وأمثاله ، ولم يقنع الرجل تفريد هشام بهاتيك الشائنة المائنة ، حتى شرّكه فيها جمهور متكلّمي الرافضة وهم برآء ، والرجل غير مكترث لما أعدَّ الله لكلّ أفّاك أثيم.

__________________

(١) الفِصَل : ٤ / ١٨٢.

(٢) قال أبو جعفر الإسكافي : إنَّ الجاحظ ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب ، وهو من دعوى الباطل غير بعيد ، فمعناه نزر ، وقوله لغو ، ومطلبه سجع ، وكلامه لعب ولهو ، يقول الشيء وخلافه ، ويحسن القول وضدّه ، ليس له من نفسه واعظ ، ولا لدعواه حدّ قائم. شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ٢٦٧ [١٣ / ٢٥٣ خطبة ٢٣٨]. (المؤلف)

(٣) تأويل مختلف الحديث : ص ٦٨.

(٤) الانتصار : ص ٣٦.

١٨٢

وهؤلاء متكلّمو الشيعة لا يعترفون بشيء من ذلك ، وفيما كتبه علم من أعلامهم ألا وهو علم الهدى الشريف المرتضى في الشافي (١) (ص ١٢) مقنع وكفاية في الدفاع عن هشام ، على أنَّ نصَّ مناظرة هشام مع أبي الهذيل المذكورة في الملل والنحل للشهرستاني (٢) ليس فيه إلاّ إلزام من يناظره بلازم قوله : من أنَّه تعالى جسم لا كالأجسام. وأين هو من الاعتقاد به؟

وبقيّةالنسب المعزوَّة إلى غير هشام من رجالات الشيعة من التجسيم وغيره ممّا ذكر لدة ما يُنسب إلى هشام ، بعيدة عن مستوى الصدق.

١١ ـ قال : الرافضة لا يختلفون في أنَّ الشمس رُدَّت على عليّ بن أبي طالب مرّتين ، أفيكون في صفاقة الوجه ، وصلابة الخدّ ، وعدم الحياء ، والجرأة على الكذب ، أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلق (٣)؟

وقال (٥ / ٣) بعد نقل جملة من الخرافات : لا فرق بين من ادّعى شيئاً ممّا ذكر ، وبين دعوى الرافضة ردَّ الشمس على عليّ بن أبي طالب مرّتين.

وقال (٢ / ٧٨) : وأقلّ الروافض غلوّا يقولون : إنَّ الشمس رُدّت على عليّ بن أبي طالب مرّتين.

الجواب : ربّما يحسب قارئ هذه القوارص أنَّ القول بردّ الشمس على أمير المؤمنين عليه‌السلام من خاصّة الشيعة ليس إلاّ. وأنَّ الحديث به منكر وقول زور ، لا يرى الإسلام لقائله قدراً ولا حرمة ، بل يحقّ بكلّ ذلك السباب والقذف المقذع ، ولا يتصوّر أن تكون هذه الوقيعة والتحامل من الرجل دون حقيقة راهنة ، وقول صحيح ، ورأي ثابت بالسنّة.

__________________

(١) الشافي في الإمامة : ١ / ٨٣.

(٢) الملل والنحل : ١ / ١٦٤.

(٣) الفِصَل : ٤ / ١٨٢.

١٨٣

فأدب الشيعة وإن يمنعنا عن السباب والتقابل بالمثل ، غير أنّا نمثِّل بين يدي القارئ تلك الحقيقة ونوقفه على حقِّ القول وقائليه ومحدِّثيه ، فيرى عندئذٍ نصب عينيه مثال صفاقة الوجه ، وصلابة الخد ، وعدم الحياء ، والجرأة على الكذب فنقول :

إنَّ حديث ردّ الشمس أخرجه جمع من الحفّاظ الأثبات بأسانيد جمّة ، صحّح جمع من مهرة الفنِّ بعضها ، وحكم آخرون بحسن آخر ، وشدّد جمع منهم النكير على من غمز فيه وضعّفه ، وهم الأبناء الأربعة حملة الروح الأمويّة الخبيثة ، ألا وهم : ابن حزم ، ابن الجوزي ، ابن تيميّة ، ابن كثير.

وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثرة النبويّة ، والمكرمة العلويّة الثابتة ، فأفردوها بالتأليف ، وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها ، فمنهم :

١ ـ أبو بكر الورّاق : له كتاب من روى ردَّ الشمس ، ذكره له ابن شهرآشوب في المناقب (١) (١ / ٤٥٨).

٢ ـ أبو الحسن شاذان الفضلي : له رسالة في طرق الحديث ، ذكر شطراً منها الحافظ السيوطي في اللآلئ المصنوعة (٢) (٢ / ١٧٥) وقال : أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحّحه بما لا مزيد عليه ، ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.

٣ ـ الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي : له كتاب مفرد فيه ، ذكره له الحافظ الكنجي في الكفاية (٣).

٤ ـ أبو القاسم الحاكم ابن الحذّاء الحسكاني النيسابوري الحنفي : المترجم (١ / ١١٢). له رسالة في الحديث أسماها مسألة في تصحيح ردّ الشمس وترغيم

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٣٥٣.

(٢) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٣٨.

(٣) كفاية الطالب : ص ٣٨٣ باب ١٠٠.

١٨٤

النواصب الشُّمْس (١) ، ذكر شطراً منها ابن كثير في البداية والنهاية (٢) (٦ / ٨٠) ، وذكرها له الذهبي في تذكرته (٣) (٣ / ٣٦٨).

٥ ـ أبو عبد الله الجعل الحسين بن عليّ البصري ثمّ البغدادي : المتوفّى (٣٩٩) ، ذلك الفقيه المتكلّم. له كتاب جواز ردّ الشمس ، ذكره له ابن شهرآشوب (٤).

٦ ـ أخطب خوارزم أبو المؤيّد موفّق بن أحمد : المتوفّى (٥٦٨) المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا. له كتاب ردّ الشمس لأمير المؤمنين ، ذكره له معاصره ابن شهرآشوب (٥).

٧ ـ أبو عليّ الشريف محمد بن أسعد بن عليّ بن المعمر الحسني النقيب النسّابة : المتوفّى (٥٨٨). له جزء في جمع طرق حديث ردّ الشمس لعليّ ، أورد فيه أحاديث مستغربة. لسان الميزان (٦) (٥ / ٧٦).

٨ ـ الحافظ جلال الدين السيوطي : المتوفّى (٩١١). له رسالة في الحديث أسماها كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس.

٩ ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ السيوطي : المتوفّى (٩٤٢). له جزء : مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس ، ذكره له برهان الدين الكوراني المدني في كتابه الأمم لإيقاظ الهمم (ص ٦٣) كما يأتي لفظه.

ولا يسعنا ذكر تلكم المتون وتلكم الطرق والأسانيد ، إذ يحتاج إلى تأليف

__________________

(١) جمع شَموس ، وهو العسِر في عداوته ، الشديد الخلاف على من عانده.

(٢) البداية والنهاية : ٦ / ٨٨.

(٣) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ١٢٠٠ رقم ١٠٣٢.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٥٣.

(٥) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٣٦٠.

(٦) لسان الميزان : ٥ / ٨٥ رقم ٧٠٣١.

١٨٥

ضخم يُخصُّ به ، غير أنّا نذكر نماذج ممّن أخرجه من الحفّاظ والأعلام ، بين من ذكره من غير غمز فيه ، وبين من تكلّم حوله وصحّحه ، وفيها مقنعٌ وكفاية :

١ ـ الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي : المتوفّى (٢٣٩). رواه في سننه.

٢ ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن صالح المصريّ : المتوفّى (٢٤٨) ، شيخ البخاري في صحيحه ونظرائه المجمع على ثقته. رواه بطريقين صحيحين عن أسماء بنت عميس ، وقال : لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء الذي روي لنا عنه صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّه من أجلِّ علامات النبوّة (١).

٣ ـ محمد بن الحسين الأزدي : المتوفّى (٢٧٧). ذكره في كتابه في مناقب علي رضى الله عنه وصحّحه ، كما ذكره ابن النديم والكوراني وغيرهما. راجع لسان الميزان (٢) (٥ / ١٤٠).

قال الأميني : أحسب أنّ كتاب المناقب للأزدي غير ما أفرده في حديث ردّ الشمس.

٤ ـ الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي : المتوفّى (٣١٠). أخرجه في كتابه الذريّة الطاهرة (٣) ، وسيأتي لفظه وإسناده.

٥ ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي : المتوفّى (٣٢١) ، في مشكل الآثار (٢ / ١١). أخرجه بلفظين وقال : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

قال الأميني : تواتر نقل هذا التصحيح والتثبيت عن أبي جعفر الطحاوي في كتب القوم كالشفاء للقاضي ، وستقف على نصوص أقوالهم ، غير أنَّ يد الطبع الأمينة

__________________

(١) حكاه عنه الحافظ الطحاوي في مشكل الآثار : ٢ / ١١ وتبعه جمع آخرون كما يأتي. (المؤلف)

(٢) لسان الميزان : ٥ / ١٥٨ رقم ٧٢٥٠.

(٣) الذريّة الطاهرة : ص ١٢٩ ح ١٥٦.

١٨٦

على ودائع الإسلام حرّفته عن مشكل الآثار. حيّا الله الأمانة!!

٦ ـ الحافظ أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي (١) : المتوفّى (٣٢٢) والمترجم (١ / ١٦١).

٧ ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني : المتوفّى (٣٦٠) والمترجم (١ / ١٠٥). رواه في معجمه الكبير (٢) ، وقال : إنَّه حسن.

٨ ـ الحاكم أبو حفص عمر بن أحمد الشهير بابن شاهين : المتوفّى (٣٨٥). ذكره في مسنده الكبير.

٩ ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : المتوفّى (٤٠٥) والمترجم (١ / ١٠٧). رواه في تاريخ نيسابور ، في ترجمة عبد الله بن حامد الفقيه الواعظ.

١٠ ـ الحافظ ابن مردويه الأصبهاني : المتوفّى (٤١٦) والمترجم (١ / ١٠٨). أخرجه في المناقب بإسناده عن أبي هريرة.

١١ ـ أبو إسحاق الثعلبي : المتوفّى (٤٢٧ ، ٤٣٧) والمترجم (١ / ١٠٩). رواه في تفسيره وقصص الأنبياء الموسوم بالعرائس (٣) (ص ١٣٩).

١٢ ـ الفقيه أبو الحسن عليّ بن حبيب البصري البغدادي الشافعي الشهير بالماوردي : المتوفّى (٤٥٠). عدّه من أعلام النبوّة في كتابه أعلام النبوّة (٤) (ص ٧٩) ، ورواه من طريق أسماء.

١٣ ـ الحافظ أبو بكر البيهقي : المتوفّى (٤٥٨) والمترجم (١ / ١١٠). رواه في

__________________

(١) الضعفاء الكبير : ٣ / ٣٢٧ رقم ١٣٢٨.

(٢) المعجم الكبير : ٢٤ / ١٤٥ ح ٣٨٢.

(٣) عرائس المجالس : ص ٢٤٩.

(٤) أعلام النبوّة : ص ١٣٢.

١٨٧

الدلائل ، كما في فيض القدير للمناوي (٥ / ٤٤٠).

١٤ ـ الحافظ الخطيب البغدادي : المتوفّى (٤٦٣) والمترجم (١ / ١١١). ذكره في تلخيص المتشابه (١) والأربعين.

١٥ ـ الحافظ أبو زكريّا الأصبهاني الشهير بابن مندة : المتوفّى (٥١٢) والمذكور (١ / ١١٣). أخرجه في كتابه المعرفة.

١٦ ـ الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكي الأندلسي إمام وقته : المتوفّى (٥٤٤). رواه في كتابه الشفا (٢) وصحّحه.

١٧ ـ أخطب الخطباء الخوارزمي : المتوفّى (٥٦٨) أحد شعراء الغدير في القرن السادس ، يأتي شعره وترجمته في الجزء الرابع من كتابنا. رواه في المناقب (٣).

١٨ ـ الحافظ أبو الفتح النطنزي ، المترجم (١ / ١١٥). رواه في الخصائص العلويّة.

١٩ (٤) ـ أبو المظفّر يوسف قزأوغلي الحنفيّ : المتوفّى (٦٥٤) رواه في التذكرة (٥) (ص ٣٠) ثمّ ردّ على جدّه ابن الجوزي في حكمه بأنّه موضوعٌ وروايته مضطربة ، لمكان أحمد بن داود ، وفضيل بن مرزوق ، وعبد الرحمن بن شريك ، والمتّهم هو ابن عقدة فإنَّه كان رافضيّا ، فقال ما ملخّصه : قول جدّي بأنَّه موضوع دعوى بلا دليل ، وقدحه في رواته لا يرِد لأنّا رويناه عن العدول الثقات الذين لا مغمز فيهم ، وليس في إسناده أحد ممّن ضعّفه ، وقد رواه أبو هريرة أيضاً ، أخرجه عنه

__________________

(١) تلخيص المتشابه : ١ / ٢٢٥ رقم ٣٥٣.

(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ٥٤٨.

(٣) المناقب : ص ٣٠٦ ح ٣٠١.

(٤) وممّن رواه الإمام أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني : المتوفّى ٥٩٠ ه‍ في كتابه الأربعين المنتقى في فضائل عليّ المرتضى. (الطباطبائي)

(٥) تذكرة الخواص : ص ٤٩.

١٨٨

ابن مردويه ، فيحتمل أنَّ الذين أشار إليهم في طريقه (١).

واتّهام جدّي بوضعه ابن عقدة من باب الظنّ والشكّ لا من باب القطع واليقين ، وابن عقدة مشهور بالعدالة ، كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها ، ولا يتعرّض للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بمدح ولا بذمّ ، فنسبوه إلى الرفض.

والمراد منه حبسها ووقوفها عن سيرها المعتاد لا الردّ الحقيقي ، ولو رُدَّت على الحقيقة لم يكن عجباً ، لأنَّ ذلك يكون معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكرامة لعليّ عليه‌السلام ، وقد حُبست ليوشع بالإجماع ، ولا يخلو إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسى أو كرامة ليوشع ، فإن كان لموسى فنبيّنا صلى الله عليه وسلم أفضل منه ، وإن كان ليوشع فعليّ عليه‌السلام أفضل من يوشع ، قال صلى الله عليه وسلم : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل». وهذا في حقّ الآحاد ، فما ظنّك بعليّ عليه‌السلام؟ ثمّ استدلَّ على فضل عليّ عليه‌السلام على أنبياء بني إسرائيل ، وذكر شعر الصاحب بن عبّاد في ردّ الشمس ، فقال :

وفي الباب حكاية عجيبة حدّثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق قالوا : شهدنا أبا منصور المظفّر بن أردشير العبادي الواعظ وقد جلس بالتاجيّة مدرسة بباب أبرز محلّة ببغداد ، وكان بعد العصر ، وذكر حديث ردّ الشمس لعليّ عليه‌السلام وطرّزه بعبارته ونمّقه بألفاظه ، ثمّ ذكر فضائل أهل البيت عليهم‌السلام فنشأت سحابة غطّت الشمس حتى ظنَّ الناس أنّها قد غابت ، فقام أبو منصور على المنبر قائماً وأومأ إلى الشمس وأنشد :

لا تغربي يا شمس حتى ينتهي

مدحي لآلِ المصطفى ولنجلِهِ

واثني عِنانَكِ إن أردت ثناءَهمْ

أنسيتِ أن كان الوقوفُ لأجلِهِ

إن كان للمولى وقوفُكِ فليكنْ

هذا الوقوفُ لخيلِهِ ولرجلِهِ

قالوا : فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت.

__________________

(١) أي في طريق أبي هريرة.

١٨٩

قال الأميني : حكى ابن النجار (١) نحو هذه القضيّة لأبي الوفاء عبيد الله بن هبة الله القزويني الحنفي الواعظ : المتوفّى (٥٨٥) قال : أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن هبة الله القزويني بأصبهان ، أنشدني والدي ببغداد على المنبر في المدرسة التاجيّة مرتجلاً لنفسه وقد دانت الشمس للغروب ، وكان ساعتئذ شرع في مناقب عليّ رضى الله عنه :

لا تعجلي يا شمسُ حتى ينتهي

مدحي لفضلِ المرتضى ولنجلهِ

يثني عنانَكِ إن غَرَبتِ ثناؤه

أنسيتِ يوماً قد رُددتِ لأجلهِ

وذكره محيي الدين بن أبي الوفاء القرشي الحنفي في الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة (٢) (١ / ٣٤٢).

٢٠ ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي : المتوفّى (٦٥٨). جعل في كتابه كفاية الطالب (٣) (ص ٢٣٧ ـ ٢٤٤) فصلاً في حديث ردّ الشمس ، وتكلّم فيه من حيث الإمكان تارة ، ومن حيث صحّة النقل أخرى ، فلا يرى للمتشرّع وسعاً في إنكاره من ناحية الإمكان لحديث ردّ الشمس ليوشع المتّفق على صحّته. وقال في الكلام عن صحّته ما ملخّصه : فقد عدّه جماعة من العلماء في معجزاته صلى الله عليه وسلم ومنهم : ابن سبع ذكره في شفاء الصدور وحكم بصحّته ، ومنهم : القاضي عياض في الشفاء ، وحكى عن الطحاوي من طريقين صحيحين ، ونقل كلام أحمد بن صالح المصري.

وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد ، ثمَّ رواه من طريق الحاكم في تاريخه ، والشيخ أبي الوقت في الجزء الأوّل من أحاديث الأمير أبي أحمد. ثمّ ردَّ على من ضعّفه إمكاناً ووقوعاً ، سنداً

__________________

(١) ابن النجّار في ذيل تاريخ بغداد : ٢ / ١٥٤ رقم ٣٩٠ من طبعة الهند سنة ١٣٩٨. (الطباطبائي)

(٢) الجواهر المضيّة : ٢ / ٥٠٢ رقم ٩٠٩.

(٣) كفاية الطالب : ص ٣٨١ ـ ٣٨٨ باب ١٠٠.

١٩٠

ومتناً ، وذكر مناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام به يوم الشورى ، فقال :

أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود المعروف بابن النجّار ، أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر ، قال : سمعت القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي يقول : جلس أبو منصور المظفّر بن أردشير العبادي الواعظ. وذكر إلى آخر ما مرّ عن سبط ابن الجوزي ، ثمّ ذكر شعر الصاحب بن عبّاد في حديث ردّ الشمس.

٢١ ـ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي : المتوفّى (٦٧١) قال في التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (١) : إنّ الله تعالى ردَّ الشمس على نبيّه بعد مغيبها حتى صلّى عليّ. ذكره الطحاوي وقال : إنّه حديث ثابت ، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعاً ، وأنّه لا يتجدّد الوقت ، لَما ردّها عليه.

٢٢ ـ شيخ الإسلام الحمّوئي : المتوفّى (٧٢٢) والمترجم (١ / ١٢٣). رواه في فرائد السمطين (٢).

٢٣ ـ الحافظ وليّ الدين أبو زرعة العراقي : المتوفّى (٨٢٦). أخرجه في طرح التثريب (٣) (٧ / ٢٤٧) من طريق الطبراني في معجمه الكبير (٤) وقال : حسن.

٢٤ ـ الإمام أبو الربيع سليمان السبتي الشهير بابن سبع : ذكره في كتابه شفاء الصدور وصحّحه.

٢٥ ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني : المتوفّى (٨٥٢) والمترجم (١ / ١٣٠). ذكره في فتح الباري (٥) (٦ / ١٦٨) وقال : روى الطحاوي ، والطبراني في الكبير ، والحاكم ،

__________________

(١) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة : ص ١٤.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ١٨٣ ح ١٤٦ باب ٣٧.

(٣) هذا الكتاب وإن كان مشتركاً بينه وبين والده ، غير أنّ إخراج هذا الحديث يعزى إليه في كتب القوم. (المؤلف)

(٤) المعجم الكبير : ٢٤ / ١٤٥ ح ٣٨٢.

(٥) فتح الباري : ٦ / ٢٢٢.

١٩١

والبيهقي في الدلائل ، عن أسماء بنت عميس : أنَّه صلى الله عليه وسلم دعا لمّا نام على ركبة عليّ ففاتته صلاة العصر ، فرُدَّت الشمس حتى صلّى عليّ ، ثمَّ غربت. وهذا أبلغ في المعجزة ، وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات ، وهكذا ابن تيميّة في كتاب الردّ على الروافض في زعم وضعه ، والله أعلم.

٢٦ ـ الإمام العيني الحنفي : المتوفّى (٨٥٥) والمترجم (١ / ١٣١). قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١) (٧ / ١٤٦) : وقد وقع ذلك أيضاً للإمام عليّ رضى الله عنه ، أخرجه الحاكم ، عن أسماء بنت عميس ـ وذكر الحديث ـ ثمَّ قال : وذكره الطحاوي في مشكل الآثار ـ ثمَّ ذكر كلام أحمد بن صالح المذكور ـ فقال : وهو حديثٌ متّصلٌ ورواته ثقات ، وإعلال ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت إليه.

٢٧ ـ الحافظ السيوطي : المتوفّى (٩١١) والمترجم (١ / ١٣٣). رواه في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٢) (٥ / ٢٧٧) عن عليّ عليه‌السلام في عدّ معجزات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال في الخصائص الكبرى (٣) (٢ / ١٨٣) : أوتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبّارين ، وقد حبست لنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الإسراء ، وأعجب من ذلك ردّ الشمس حين فات عصر عليّ رضى الله عنه.

ورواه في اللآلئ المصنوعة (٤) (٢ / ١٧٤ ـ ١٧٧) عن أمير المؤمنين ، وأبي هريرة ، وجابر الأنصاري ، وأسماء بنت عميس ، من طريق ابن مندة ، والطحاوي ، والطبراني ، وابن أبي شيبة ، والعقيلي ، والخطيب ، والدولابي ، وابن شاهين ، وابن عقدة. وذكر شطراً من رسالة أبي الحسن الفضلي في الحديث ، وقال في (٢ / ١٧٤) : الحديث صرّح جماعة من الأئمّة والحفّاظ بأنّه صحيح.

__________________

(١) عمدة القاري : ١٥ / ٤٣.

(٢) كنز العمّال : ١٢ / ٣٤٩ ح ٣٥٣٥٣.

(٣) الخصائص الكبرى : ٢ / ٣١٠.

(٤) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٣٦ ـ ٣٤١.

١٩٢

وروى في اللآلئ (١) (٢ / ١٧٦) من غير غمز في سنده ، عن أبي ذرّ أنّه قال : قال عليّ يوم الشورى : «أنشدكم بالله : هل فيكم من رُدّت له الشمس غيري حين نام رسول الله وجعل رأسه في حجري؟ ...».

وقال في نشر العلَمين (ص ١٣) بعد ذكر كلام القرطبي المذكور : قلت : وهو في غاية التحقيق ، واستدلاله على تجدّد الوقت بقصّة رجوع الشمس في غاية الحسن ، ولهذا حكم بكون الصلاة أداء ، وإلاّ لم يكن لرجوعهافائدة ؛ إذ كان يصحّ قضاء العصر بعد الغروب.

وذكر هذا الاستدلال والاستحسان في التعظيم والمنّة (ص ٨).

٢٨ ـ نور الدين السمهودي الشافعي : المتوفّى (٩١١) والمترجم (١ / ١٣٣). قال في وفاء الوفا (٢) (٢ / ٣٣) في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد الشمس : قال المجد : لا يظنّ ظانّ أنَّه المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد الغروب لعليّ رضى الله عنه ؛ لأنَّ ذلك إنَّما كان بالصهباء من خيبر.

ثمّ روى حديث القاضي عياض وكلمته وكلمة الطحاوي فقال : قال المجد : فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشمس دون ما سواه ، وصرّح ابن حزم بأنَّ الحديث موضوع ، وقصّة ردّ الشمس على عليّ رضى الله عنه باطلة بإجماع العلماء ، وسفّه قائله. قلت : والحديث رواه الطبراني بأسانيد. قال الحافظ نور الدين الهيثمي : رجال أحدها رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحسن وهو ثقة ، وفاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لم أعرفها!

وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس ، وابن مردويه من حديث أبي هريرة ، وإسنادهما حسن ، وممّن صحّحه الطحاوي وغيره. وقال

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٤١.

(٢) وفاء الوفا : ٣ / ٨٢٢.

١٩٣

الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١) بعد ذكر رواية البيهقي له : وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.

٢٩ ـ الحافظ أبو العبّاس القسطلاني : المتوفّى (٩٢٣) والمترجم (١ / ١٣٤). ذكره في المواهب اللدنيّة (٢) (١ / ٣٥٨) من طريق الطحاوي ، والقاضي عياض ، وابن مندة ، وابن شاهين ، والطبراني ، وأبي زرعة من حديث أسماء بنت عميس ، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة.

٣٠ ـ الحافظ ابن الديبع : المتوفّى (٩٤٤) والمترجم (١ / ١٣٤). رواه في تمييز الطيّب من الخبيث (٣) (ص ٨١) وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له ، ثمّ استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب الشفاء ، فقال : وأخرجه ابن مندة ، وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء بنت عميس وغيرها.

٣١ ـ السيّد عبد الرحيم بن عبد الرحمن العبّاسي : المتوفّى (٩٦٣). ذكر في معاهد التنصيص (٤) (٢ / ١٩٠) من مقصورة ابن حازم (٥) :

فيا لها من آيةٍ مبصرةٍ

أبصرها طرفُ الرقيبِ فامترى

واعتورتْهُ شبهةٌ فضلَّ عن

تحقيقِ ما أبصرَهُ وما اهتدى

وظنَّ أنَّ الشمسَ قد عادتْ له

فانجاب جنحُ الليل عنها وانجلى

والشمس ما رُدَّت لغيرِ يوشعٍ

لمّا غزا ولعليٍّ إذ غفا

ثمَّ ذكر الحديث بلفظ الطحاوي من طريقيه ، وأردفه بذكر قصّة أبي منصور

__________________

(١) فتح الباري : ٦ / ٢٢٢.

(٢) المواهب اللدنيّة : ٢ / ٥٢٨.

(٣) تمييز الطيّب من الخبيث : ص ٩٦ ح ٦٦٣.

(٤) معاهد التنصيص : ٤ / ١٩٨ رقم ٢١٥.

(٥) شرحها الشريف أبو عبد الله السبتي : المتوفّى ٧٦٠ ، والشيخ جلال الدين المحلّي : المتوفّى ٨٦٤. (المؤلف)

١٩٤

المظفَّر الواعظ المذكورة.

٣٢ ـ الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي : المتوفّى (٩٧٤) والمترجم (١ / ١٣٤). عدّه في الصواعق (١) (ص ٧٦) كرامةً باهرةً لأمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : وحديث ردِّها صحّحه الطحاوي والقاضي في الشفاء وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره ، وردّوا على جمعٍ قالوا : إنَّه موضوع. وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها (٢) في محلّ المنع ، بل نقول : كما أنَّ ردّها خصوصيةٌ كذلك إدراك العصر الآن أداءً خصوصية وكرامة. ثمَّ ذكر قصّة أبي منصور المظفَّر بن أردشير العبادي المذكورة.

وقال في شرح همزيّة البوصيري (٣) (ص ١٢١) في حديث شقّ القمر : ويناسب هذه المعجزة ردّ الشمس له صلى الله عليه وسلم بعد ما غابت حقيقة لمّا نام صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن قال ـ : فرُدَّت ليصلّي ـ عليّ ـ العصر أداءً كرامة له صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث اختلف في صحّته جماعة ، بل جزم بعضهم بوضعه ، وصحّحه آخرون وهو الحقّ. ثمَّ صرّح بأنّ إحدى روايتي أسماء صحيحة والأخرى حسنة.

٣٣ ـ الملاّ عليّ القاري : المتوفّى (١٠١٤) قال في المرقاة شرح المشكاة (٤ / ٢٨٧) : أمّا ردُّ الشمس لحكمه صلى الله عليه وسلم فروي عن أسماء. ثمَّ ذكر الحديث وقال بعد ذكر كلام العسقلاني المذكور : وبهذا يعلم أنَّ ردَّ الشمس بمعنى تأخيرها ، والمعنى أنَّها كادت أن تغرب فحبسها ، فيندفع بذلك ما قال بعضهم : ومن تغفّل واضعه أنَّه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح إلى عدم الفائدة فيها ، فإنّ صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاءً ورجوع الشمس لا يعيدها أداء. انتهى. مع أنَّه يمكن حمله على الخصوصيّات وهو أبلغ في باب المعجزات ، والله أعلم بتحقيق الحالات.

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ص ١٢٨.

(٢) زعمه ابن الجوزي [في كتاب الموضوعات : ١ / ٣٥٥]. (المؤلف)

(٣) شرح همزية البوصيري : ص ١٣٣.

١٩٥

قيل : يعارضه قوله في الحديث الصحيح : لم تحبس الشمس على أحد إلاّ ليوشع.

ويُجاب : بأنّ المعنى لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلاّ ليوشع (١).

٣٤ ـ نور الدين الحلبي الشافعي : المتوفّى (١٠٤٤) والمترجم (١ / ١٣٩) ، قال في السيرة النبويّة (٢) (١ / ٤١٣) : وأمّا عَوْد الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله عليه وسلم في خيبر ، فعن أسماء بنت عميس ـ وذكر الحديث ثمَّ قال ـ : قال بعضهم : لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث لأنَّه من أجلّ أعلام النبوّة ، وهو حديث متّصل ، وقد ذكر في الإمتاع : أنَّه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها ، وبه يُردُّ ما تقدّم عن ابن كثير (٣) : بأنَّه تفرّدت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها ، وبه يردّ على ابن الجوزي حيث قال فيه : إنَّه حديث موضوع بلا شكّ.

ثمَّ ذكر عن الإمتاع خامس أحاديثه ، وحكى عن سبط ابن الجوزي قصّة أبي منصور المظفَّر الواعظ في (ص ٤١٢).

٣٥ ـ شهاب الدين الخفاجيّ الحنفيّ : المتوفّى (١٠٦٩) والمترجم (١ / ١٤٠) ، قال في شرح الشفا (٣ / ١١) : ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة ، رجال أكثرها ثقات. وقال [في] (ص ١٢) : اعترض عليه بعض الشرّاح وقال : إنَه موضوع ، ورجاله مطعون فيهم ، كذّابون ووضّاعون. ولم يدرِ أنَّ الحقّ خلافه ، والذي غرّه كلام ابن الجوزي ولم يقف على أنَّ كتابه أكثره مردود ، وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطي وكذا السخاوي : إنَّ ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملاً كثيراً حتى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة ، كما أشار إليه ابن الصلاح.

__________________

(١) هذا الجمع ذكره جمع من الحفّاظ والأعلام. (المؤلف)

(٢) السيرة الحلبيّة : ١ / ٣٨٦.

(٣) ذكر كلام ابن كثير : ص ٤١١ [ص ٣٨٥]. (المؤلف)

١٩٦

وهذا الحديث صحّحه المصنّف رحمه‌الله وأشار إلى أنَّ تعدّد طرقه شاهد صدق على صحّته ، وقد صحّحه قبله كثير من الأئمّة كالطحاوي ، وأخرجه ابن شاهين ، وابن مندة ، وابن مردويه ، والطبراني في معجمه وقال : إنَّه حسن ، وحكاه العراقيّ في التقريب ـ ثمَّ ذكر لفظه فقال ـ : وإنكار ابن الجوزي فائدة ردّها مع القضاء لا وجه له ؛ فإنَّها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وهذه فضيلة ـ أيّ فضيلة ـ فلمّا عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضاً ـ إلى أن قال ـ :

إنَّ السيوطي صنّف في هذا الحديث رسالة مستقلّة سمّاها كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس. وقال : إنَّه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي ، أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحّحه بما لا مزيد عليه ، ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.

وقال في قول الطحاوي ـ لأنَّه من علامات النبوّة ـ : وهذا مؤيِّدٌ لصحّته ، فإنَّ أحمد (١)) هذا من كبار أئمّة الحديث الثقات ، ويكفي في توثيقه أنَّ البخاري روى عنه في صحيحه فلا يلتفت إلى من ضعّفه وطعن في روايته.

وبهذا أيضاً سقط ما قاله ابن تيميّة وابن الجوزي من أنّ هذا الحديث موضوع. فإنَّه مجازفةٌ منهما. وما قيل : من أنَّ هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصِّهم على وضع الحديث ، وإنَّ كونه من علامات النبوّة لا يقتضي تخصيصه بالحفظ ، خلط وخبط لا يعبأ به بعد ما سمعت. وذكر من الهمزيّة :

رُدَّت الشمسُ والشروقُ عليه

لعليٍّ حتى يتمَّ الأداءُ

ثمَّ ولّت لها صريرٌ وهذا

لفراقٍ له الوصالُ دواءُ (٢)

وذكر (ص ١٥) قصّة أبي منصور الواعظ وشعره.

__________________

(١) يعني أحمد بن صالح المصري. (المؤلف)

(٢) لا يوجد هذان البيتان في همزيّة البوصيري. (المؤلف)

١٩٧

٣٦ ـ أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثمّ المدني : المتوفّى (١١٠٢). ذكره في كتابه الأمم لإيقاظ الهمم (ص ٦٣) عن الذرّية الطاهرة للحافظ أبي بشر الدولابي (١) ، قال : قال : حدّثني إسحاق بن يونس ، حدّثنا سُويد بن سعيد ، عن مطّلب بن زياد ، عن إبراهيم بن حيّان ، عن عبد الله بن الحسين ، عن فاطمة بنت الحسين ، عن الحسين بن عليّ ـ رضي الله عنهما ـ قال : «كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر عليٍّ وكان يوحى إليه ، فلمّا سُرّي عنه قال له : يا عليُّ صلّيت الفرض؟ قال : لا. قال : اللهم إنَّك تعلم أنَّه كان في حاجتك وحاجة رسولك ، فردَّ عليه الشمس» فردّها عليه ، فصلّى وغابت الشمس.

ثمَّ رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس بلفظها الآتي ، ثمَّ قال : قال الحافظ جلال الدين السيوطي في جزء كشف اللبس في حديث ردّ الشمس : إنَّ حديث ردّ الشمس معجزةٌ لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ، صحّحه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره ، وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات. وقال تلميذه (٢) المحدِّث أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي في جزء مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس : اعلم أنَّ هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه شرح مشكل الآثار عن أسماء بنت عميس من طريقين ، وقال : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات. ونقله القاضي عياض في الشفاء والحافظ ابن سيّد الناس في بشرى اللبيب والحافظ علاء الدين مغلطاي في كتاب الزهر الباسم ، وصحّحه الحافظ ابن الفتح (٣) الأزدي ، وحسّنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقيِ (٤) ، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (٥) ، وقال الحافظ أحمد بن صالح

__________________

(١) الذرّية الطاهرة : ص ١٢٩ ح ١٥٦.

(٢) أي تلميذ السيوطي.

(٣) كذا والصحيح : أبو الفتح. (المؤلف)

(٤) طرح التثريب : ٧ / ٢٤٧.

(٥) الدرر المنتثرة : ص ١٥٢ ح ٤٨٩.

١٩٨

ـ وناهيك به ـ : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء لأنَّه من أجلِّ علامات النبوّة.

وقد أنكر الحفّاظ على ابن الجوزي إيراده الحديث في كتاب الموضوعات ، فقال الحافظ أبو الفضل بن حجر في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أُحلّت لكم الغنائم» من فتح الباري ، بعد أن أورد الحديث : أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات. انتهى. ومن خطّه نقلت. ثمَّ قال : إنَّ هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس ، وعليّ ابن أبي طالب ، وابنه الحسين ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة (١). ثمَّ ساقها وتكلّم على رجالها ثمَّ قال ـ : قد علمت ممّا أسلفناه من كلام الحفّاظ في حكم هذا الحديث وتبيّن حال رجاله أنَّه ليس فيه متّهمٌ ولا من أُجمع على تركه ، ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه ، ولم يبق إلاّ الجواب عمّا أُعلّ به ، وقد أُعلّ بأمور فساقها ، وأجاب عن الأمور التي أُعلّ بها بأجوبة شافية.

٣٧ ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي : المتوفّى (١١٢٢) والمترجم (١ / ١٤٢). صحّحه في شرح المواهب (٥ / ١١٣ ـ ١١٨) وقال : أخطأ ابن الجوزي في عدِّه من الموضوعات. وبالغ في الردِّ على ابن تيميّة وقال : العجب العجاب إنّما هو من كلام ابن تيميّة. وقال بعد نقل نفي صحّته عن أحمد وابن الجوزي : قال الشامي (٢) : والظاهر أنَّه وقع لهم من طريق بعض الكذّابين ولم يقع لهم من الطرق السابقة ، وإلاّ فهي يتعذّر معها الحكم عليه بالضعف فضلاً عن الوضع ، ولو عرضت عليهم أسانيدها لاعترفوا بأنَّ للحديث أصلاً وليس بموضوع. قال : وما مهّدوه من القواعد وذِكْر جماعة من الحفّاظ له في كتبهم المعتمدة وتقوية من قوّاه يردُّ على من حكم بالوضع.

وقال : وبهذا الحديث أيضاً بانَ أنَّ الصلاة ليست قضاء بل يتعيّن الأداءُ وإلاّ لم

__________________

(١) فالحديث متواتر أخذاً بما ذهب إليه جمع من أعلام القوم في التواتر. (المؤلف)

(٢) أي شمس الدين الدمشقي الصالحي مؤلّف مزيل اللبس.

١٩٩

يكن للدعاء فائدةٌ ـ ثمّ قال ـ : ومن القواعد أنّ تعدّد الطريق فيه يفيد أنَّ للحديث أصلاً ، ومن لطائف الاتِّفاقات الحسنة أنَّ أبا منصور المظفّر الواعظ ... وذكر القصّة كما مرّت.

٣٨ ـ شمس الدين الحفني الشافعي : المتوفّى (١١٨١) والمترجم (١ / ١٤٤). قال في تعليقه على الجامع الصغير للسيوطي (١) (٢ / ٢٩٣) في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما حُبست الشمس على بشر إلاّ على يوشع بن نون» : لا يعارض هذا حديث ردِّ الشمس لسيِّدنا عليٍّ رضى الله عنه ؛ لأنّ ذلك ردٌّ لها بعد غروبها ، وما هنا حبسٌ لها لا ردٌّ لها بعد الغروب ، والمراد : ما حُبست على بشر غير يوشع فيما مضى من الزمان ؛ لأنّ (حُبس) فعل ماض ، فلا ينافي وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى.

٣٩ ـ ميرزا محمد البَدَخشي : المذكور في (١ / ١٤٣). قال في نُزُل الأبرار (٢)) (ص ٤٠) : الحديث صرّح بتصحيحه جماعة من الأئمّة الحفّاظ : كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما ، وقال الطحاوي : هذا حديث ثابت رواته ثقات. ثمَّ نقل كلام الطحاوي ، وذكر حكاية أبي منصور المظفّر الواعظ ، وقال : إنَّ للحافظ السيوطي جزءاً في طرق هذا الحديث وبيان حاله.

٤٠ ـ الشيخ محمد الصبّان : المتوفّى (١٢٠٦) والمترجم (١ / ١٤٥). عدّه في إسعاف الراغبين (ص ٦٢) من معجزات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي (ص ١٦٢) من كرامات أمير المؤمنين عليه‌السلام وذكر الحديث ، ثمّ قال : وصحّحه الطحاوي والقاضي في الشفاء ، وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره ، وردّوا على جمع قالوا : إنَّه موضوعٌ ، وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردّها في محلّ المنع لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن اقتضى كلام الزركشي خلافه. وعلى تسليم عدم عود الوقت نقول :

__________________

(١) حاشية السراج المنير ـ شرح الجامع الصغير ـ : ٣ / ٢٦٧.

(٢) نُزُل الأبرار : ص ٧٩.

٢٠٠