الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١

وتقول فيها :

أفاطمُ صلّى اللهُ ربُّ محمد

على جَدثٍ أمسى بيثربَ ثاويا

أبا حسنٍ فارقتَهُ وتركْتَهُ

فَبَكِّ بحزنٍ آخرَ الدهرِ شاجيا (١)

٨ ـ عاتكة بنت عبد المطّلب.

٩ ـ صفيّة بنت عبد المطّلب.

١٠ ـ هند بنت الحارث.

١١ ـ زوج النبيِّ أمّ سلمة.

١٢ ـ عاتكة بنت زيد بن عمرو.

١٣ ـ خادمة النبيِّ ـ أمُّ أيمن (٢).

وكانت عائشة ـ زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تحفظ الشعر الكثير ، وكانت تقول : رويت للبيد اثني عشر ألف بيت (٣) ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستنشدها الشعر ويقول : «أبياتك». وممّا أنشدت :

إذا ما التبرُ حُكَّ على محكِ

تبيَّن غشُّه من غير شَكِ

وبان الزَيفُ والذهبُ المصفّى

عليٌّ بيننا شبه المحَكِ (٤)

__________________

(١) توجد بقيّة الأبيات في الطبقات الكبرى لابن سعد : ٤ / ١٤٢ ، ١٤٣ [٢ / ٣٢٥]. (المؤلف)

(٢) تجد شعر هؤلاء في طبقات ابن سعد : ٤ / ١٤٤ ـ ١٤٨ [٢ / ٣٢٦ ـ ٣٣٣] ، مناقب ابن شهرآشوب : ١ / ١٦٩ [١ / ٣٠٠ ، ٣٠١] ، وغيرهما. (المؤلف)

(٣) الاستيعاب ـ هامش الإصابة ـ : ٣ / ٣٢٨ [الاستيعاب : القسم الثالث / ١٣٣٨ رقم ٢٢٣٣]. (المؤلف)

(٤) الكنز المدفون للسيوطي : ص ٢٣٦ [ص ٨٤]. (المؤلف)

٤١
٤٢

الشعر والشعراء عند الأئمّة

هذه الدعاية الروحيّة والنصرة الدينيّة المرغّب فيها بالكتاب والسنّة ، والمجاهدة دون المذهب بالشعر ونظم القريض ، كانت قائمة على ساقها في عهد أئمّة العترة الطاهرة تأسِّياً منهم بالنبيِّ الأعظم ، وكانت قلوب أفراد المجتمع تلين لشعراء أهل البيت ، فتتأثّر بأهازيجهم ، حتى تعود مزيجة نفسيّاتهم.

وكان الشعراء يقصدون أئمّة العترة من البلاد القاصية بقصائدهم المذهبيّة ، وهم ـ صلوات الله عليهم ـ يحسِنون نُزُل الشاعر وقِراه ، ويرحِّبون به بكلِّ حفاوة وتبجيل ، ويحتفلون بشعره ويدعون له ، ويزوِّدونه بكلِّ صِلة وكرامة ، ويرشدونه إلى صواب القول إن كان هناك خللٌ في النظم ، ومن هنا أخذ الأدب في تلك القرون في التطوّر والتوسّع ، حتى بلغ إلى حدّ يقصر دونه كثير من العلوم والفنون الاجتماعيّة.

وقد يكسب الشعر بناحيته هذه أهميّة كبرى عند حماة الدين ـ أهل بيت الوحي ـ حتى يُعدّ الاحتفال به ، والإصغاء إليه ، وصرف الوقت النفيس دون سماعه واستماعه من أعظم القربات وأولى الطاعات ، وقد يُقدَّم على العبادة والدعاء في أشرف الأوقات وأعظم المواقف ، كما يستفاد من قول الإمام الصادق عليه‌السلام وفعله بهاشميّات الكميت لمّا دخل عليه في أيّام التشريق بمنى ، فقال له : جعلت فداك ألا أُنشدك؟ قال : «إنّها أيّامٌ عِظام» قال : إنّها فيكم.

فلمّا سمع الإمام عليه‌السلام مقاله ، بعث إلى ذويه فقرّبهم إليه وقال : «هات». فأنشده

٤٣

لاميّته من الهاشميّات ، فحظي بدعائه عليه‌السلام له ، وألف دينار وكسوة. وسنوقفك على تفصيل هذا الاجمال في ترجمة الكميت والحميري ودعبل.

ونظراً إلى الغايات الاجتماعيّة ، كان أئمّة الدين يغضّون البصر عن شخصيّات (١) الشاعر المذهبيِّ وأفعاله ، ويضربون عنها صفحاً إن كان هناك عملٌ غير صالح يسوؤهم ، مهما وجدوه وراء صالح الأمّة ، وفي الخير له قدم ، وصرّح به الحقّ عن محضه ، وصرّح المحض عن الزبد ، وصار الأمر عليه لزامِ (٢) ، وكانوا يستغفرون له ربّه في سوء صنعه ، ويجلبون له عواطف الملأ الديني ، بمثل قولهم : «لا يكبرُ على اللهِ أن يغفر الذنوب لمحبِّنا ومادحنا» ، وقولهم : «أيعزُّ على الله أن يغفر الذنوب لمحبِّ عليّ؟» و «إنَّ محبَّ عليٍّ لا تزلُّ له قدمٌ إلاّ تثبت له أخرى» (٣). وفي تلك القدم الثابتة صلاح المجتمع ، وعليها نموت ونحيا.

وهناك لأئمة الدين ـ صلوات الله عليهم ـ فكرة صالحة صرفت في هذه الناحية ، وهي كدستور فيها تعاليم وإرشادات إلى مناهج الخدمة للمجتمع ، وتنوير أفكار المثقّفين وتوجيهها إلى طرق النشر والدعاية ، ودروس في توطيد أُسس المذهب ، وكيفيّة احتلال روحيّات البلاد وقلوب العباد ، وبرنامج في صرف مال الله ، وتلويح إلى أهمّ موارده.

تعرب عن هذه الفكرة المشكورة إيصاء الإمام الباقر ابنه الإمام الصادق عليهما‌السلام بقوله : «يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى» (٤). وفي تعيينه عليه‌السلام ظرف الندبة من الزمان والمكان ؛ لأنَّهما المجتمع الوحيد

__________________

(١) أي الشؤون الشخصية للشاعر.

(٢) كلّ من هذه الجمل مَثَل يُضرب. لزام ـ بكسر الميم ـ مثل حذام ، أي : صار هذا الأمر لازماً له. (المؤلف)

(٣) توجد هذه الأحاديث في ترجمة أبي هريرة الشاعر والسيِّد الحميري وغيرهما. (المؤلف)

(٤) رواه بطريق صحيح رجاله ثقات شيخنا الكليني في الكافي : ١ / ٣٦٠ [٥ / ١١٧ ح ١]. (المؤلف)

٤٤

لزرافات المسلمين من أدنى البلاد وأقاصيها من كلِّ فجّ عميق ، وليس لهم مجتمع يضاهيه في الكثرة ، دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ الغاية من ذلك إسماع الملأ الدينيِّ مآثر الفقيد ـ فقيد بيت الوحي ـ ومزاياه ، حتى تنعطف عليه القلوب ، وتحنُّ إليه الأفئدة ، ويكونوا على أَمَم من أمره ، وبمقربة من اعتناق مذهبه ، فيحدوهم ذلك ، بتكرار الندبة في كلِّ سنة ، إلى الالتحاق به ، والبخوع لحقِّه ، والقول بإمامته ، والتحلّي بمكارم أخلاقه ، والأخذ بتعاليمه المُنجية ، وعلى هذا الأساس الدينيِّ القويم ، أُسِّست المآتم والمواكب الحسينيّة ، ليس إلاّ.

ونظراً إلى المغازي الكريمة المتوخّاة من الشعر ، كان شعراء أهل البيت ممقوتين ثقيلين جدّا على مناوئيهم ، وكانت العداوة عليهم محتدمة ، والشحناء لهم مُتَشزِّنة (١) ، وكان حامل ألوية هذه الناحية من الشعر لم يزل خائفاً يترقّب ، آيساً من حياته ، مستميتاً مستقتلاً ، لا يقرُّ له قرار ، ولا يُؤويه منزل وكان طيلة حياته يكابد المشاقّ ، ويقاسي الشدائد : من شنقٍ ، وقتلٍ ، وحرقٍ ، وقطع لسان ، وحبس ، وعذاب ، وتنكيل ، وضرب ، وهتك حرمةٍ ، وإقصاءٍ من الأهل والوطن ، إلى شدائد أخرى سجّلها لهم التاريخ في صحائفه.

__________________

(١) متشزّنة : نشطة.

٤٥
٤٦

الشعر والشعراء عند أعلام الدين

اقتفى أثر الأئمّة الطاهرين فقهاء الأمّة وزعماء المذهب ، وقاموا لخدمة الدين الحنيف بحفظ هذه الناحية من الشعر كلاءةً لناموس المذهب ، وحرصاً لبقاء مآثر آل الله ، وتخليداً لذكرهم في الملأ ، وكانوا يتّبعون منهاج أئمّتهم في الاحتفاء بشاعرهم وتقديره ، والإثابة على عمله ، والشكر له بكلّ قول وكرامة ، وكانوا يحتفظون بهذه المغازي بالتآليف في الشعر وفنونه ، ويعدّونه من واجبهم ، كما كانوا يؤلّفون في الفقه وسائر العلوم الدينيّة ، مهما كان كلٌّ منهم للغايات حفيّا.

هذا شيخنا الأكبر الكليني الذي قضى من عمره عشرين سنة في تأليف الكافي ـ أحد الكتب الأربعة مراجع الإماميّة ـ له كتاب ما قيل من الشعر في أهل البيت. والعيّاشي الذي الّف كتباً كثيرة في الفقه الإماميّ لا يستهان بعدّتها ، له كتاب معاريض الشعر. وشيخنا الأعظم الصدوق الذي بذل النفس والنفيس دون التأليف والنشر في الفقه والحديث ، له كتاب الشعر. وشيخ الشيعة بالبصرة الجلودي ذلك الشخصيّة البارزة في العلم وفنونه ، له كتاب ما قيل في عليّ عليه‌السلام من الشعر. وشيخ الإماميّة بالجزيرة أبو الحسن الشمشاطي مؤلِّف مختصر فقه أهل البيت ، له كتب قيّمة في فنون الشعر. ومعلّم الأمّة شيخنا المفيد الذي لا تخفى على أيّ أحد أشواطه البعيدة في خدمة الدين ، وإحياء الأمّة ، وإصلاح الفاسد ، له كتاب مسائل النظم. وسيّد الطائفة المرتضى علم الهدى ، له ديوان وتآليف في فنون الشعر. إلى زرافات آخرين من حَمَلَة

٤٧

الفقه وأعضاد العلم الإلهيّ من الطبقة العليا.

ولم يزالوا يعقدون الحفلات والأندية في الأعياد المذهبيّة من مواليد أئمة الدين عليهم‌السلام ويوم العيد الأكبر ـ الغدير ـ ومجالس تعقد في وفياتهم ، فتأتي إليها الشعراءُ شرّعاً ، فيلقونَ ولائد أفكارهم من مدائح وتهانٍ وتأبينات ومراثٍ ، فيها إحياء أمرهم ، فتثبت لها القلوب ، وتشتدُّ بها العلائق الودّية بين أفراد المجتمع ومواليهم عليهم‌السلام ، ويتبعها الحفاوة والتكريم ، والإثابة والتعظيم لمنضّدي تلك العقود وجامعي أوابدها ، هذا وما عند الله خيرٌ وأبقى.

وكانت الحالة في بعض تلك القرون الخالية أكيدة ، والنشاط الروحيّ بالغاً في رجالاته فوق ما يتصوّر ، والأمّة بيُمن تلك النفوس الطاهرة سعيدة جدّا ، كعصر سيّد الأمّة آية الله بحر العلوم والشيخ الأكبر كاشف الغطاء ، وأمّا اليوم فإنَّ تلك المحتشدات الروحيّة :

أمست خلاءً وأمسى أهلها احتملوا

أخنى عليها الذي أخنى على لَبَدِ

نعم ؛ بالأمس كان بقيّة العترة الطاهرة الإمام المجدّد الشيرازي ، نزيل سامراء المشرّفة ذلك العَلَم الخفّاق للأمّة جمعاء ، الذي طنّبت زعامته الدينيّة على أطراف العالم كلّه ، لا تنقطع حفلاته في الأيّام المذكورة كلّها ، فتقصدها صاغة القريض بأناشيدهم المبهجة من شتّى النواحي ، فتجد عنده فناءً رحباً ، وانبساطاً شاملاً ، وتقديراً معجباً ، ونائلاً جزيلاً ، وبشاشةً مرغّبة ، ولكن :

ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم

ومن نماذج هاتيك الأحوال : أنَّ شاعر أهل البيت المُفْلِق السيِّد حيدر الحلّي ، قصده بشعر في بعض وفداته إليه ، فأضمر السيِّد المجدد في نفسه أن يُثيبه بعشرين ليرة

٤٨

عثمانيّة ، فأفضى بعزمه إلى ابن عمّه ـ العلم الحجّة ـ (١) الحاج ميرزا إسماعيل ، فاستقلّ ذلك المبلغ وقال : إنّه شاعر أهل البيت ، وإنّه أجلّ وأفضل من أمثال دعبل والحميري ونظرائهما ، وكان أئمّة الدين يقدّمون إليهم الصُرر والبِدَر. فاستحفاه عن مقتضى الحال فقال له : إنَّ الحريّ أن تعطيه مائة ليرة بيدك الشريفة.

هناك قصد السيِّد المجدّد زيارة السيِّد حيدر ، وناوله المبلغ المذكور بكلّ حفاوة وتبجيل ، وقبّل يد شاعر أهل البيت. حكاه جمعٌ ممّن أدرك ذلك العصر الذهبيّ ، ومنهم خلفه الصالح : آية الله ميرزا عليّ آغا الذي خلف والده على تلك المجالس والمجتمعات ، واستنشاد الشعر والإصاخة إليه والتقدير له والترحيب به في النجف الأشرف.

ولا يسعنا بسط المقال حول هذه كلّها ، وليس هذا المجمل إلاّ نفثة مصدور ولهفة متحسّر على فراغ هذه الناحية في هذا اليوم ، وإهمال تلك الغاية المهمّة ، وإقلاق تلك الطمأنينة ، وضياع تلك الفوائد الجمّة على الأمّة ، فالأيّام عُوج رواجع (٢) ، فكأنّ الدنيا رجعت إلى ورائها القهقرى ، واكتسى الشعر كسوة الجاهليّة الأولى ، وذهب أمس بما فيه (٣) ، فلا فقيه هناك كأولئك ، ولا شاعر كهؤلاء ، ولا رأي لمن لا يُطاع.

ومهما نَتلقَّ شعر السلف في القرون الأولى تلقّي الحديث والسنّة ، نذكر في شعرهم المقول في فضائل آل الله بعض ما وقفنا عليه من الحديث الوارد هناك من طرق العامّة ، ولعلّ الباحث يقف بذلك على سعة باع الشاعر في عِلْمَي الكتاب والسنّة.

آخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

__________________

(١) تأتي ترجمته في شعراء القرن الرابع عشر. (المؤلف)

(٢) مَثَل يُضرب يعني : الدهر تارة يعوج عليك ، وتارة يرجع إليك [مجمع الأمثال : ٣ / ٥٤٣ رقم ٤٧٥٨]. (المؤلف)

(٣) مثل سائر يضرب [مجمع الأمثال : ٢ / ٣ رقم ١٤٥١]. (المؤلف)

٤٩
٥٠

شعراء الغدير

في

القرن الأوّل

١ ـ أمير المؤمنين عليّ «صلوات الله عليه»

٢ ـ حسّان بن ثابت الأنصاري

٣ ـ قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاري

٤ ـ عمرو بن العاص بن وائل

٥ ـ محمد بن عبد الله الحميري

٥١
٥٢

١ ـ

أمير المؤمنين عليه‌السلام

نتيمّن في بدء الكتاب بذكر سيّدنا أمير المؤمنين عليّ خليفة النبيّ المصطفى ـ صلّى الله عليهما وآلهما ـ فإنّه أفصح عربيّ ، وأعرف الناس بمعاريض كلام العرب بعد صنوه النبيّ الأعظم ، عرف من لفظ المولى في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه». معنى الإمامة المطلقة ، وفرض الطاعة التي كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال عليه‌السلام :

محمد النبيّ أخي وصنوي (١)

وحمزةُ سيّدُ الشهداءِ عمّي

وجعفرٌ الذي يُضحي ويُمسي

يطيرُ مع الملائكة ابنُ أمّي

وبنتُ محمد سَكَني وعِرْسي

منوطٌ لحمُها بدمي ولحمي

وسبطا أحمدٍ وَلَداي منها

فَأيّكمُ له سَهْمٌ كسهمي

سبقتكمُ إلى الإسلام طُرّا

على ما كان من فَهْمي وعلمي (٢)

__________________

(١) في تاريخ ابن عساكر [١٢ / ٣٩٧ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب ٧ ـ الطبعة المحقّقة ـ : رقم ١٣٢٨] وغير واحد من المصادر : صهري. (المؤلف)

(٢) في رواية ابن أبي الحديد [في شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٢٢ خطبة ٥٦] ، وابن حجر [في الصواعق المحرقة : ص ١٣٣] ، وابن شهرآشوب [في مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٩٤] : غلاماً ما بلغت أوَان حلمي. وفي رواية ابن الشيخ [ألف باء : ١ / ٤٣٩] وبعض آخر : صغيراً ما بلغتُ أوَانَ حلمي. وفي رواية الطبرسي [الاحتجاج : ١ / ٤٢٩ ح ٩٣] بعد هذا البيت : [ ] وصلّيتُ الصلاة وكنتُ طفلاً [ ] مقرّا بالنبيّ في بطن أمّي [ ] (المؤلف)

٥٣

فأوجبَ لي ولايتَهُ عليكمْ

رسولُ الله يومَ غديرِ خُمّ (١)

فويلٌ ثمّ ويلٌ ثمّ ويلٌ

لمن يلقى الإله غداً بظلمي

ما يتبع الشعر

هذه الأبيات كتبها الإمام عليه‌السلام إلى معاوية لمّا كتب معاوية إليه : إنَّ لي فضائل! : كان أبي سيّداً في الجاهليّة ، وصرت ملكاً في الإسلام ، وأنا صهر رسول الله ، وخال المؤمنين ، وكاتب الوحي ؛ فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أبالفضائل يبغي عليّ ابن آكلة الأكباد؟! أكتب يا غلام :

محمد النبيّ أخي وصنوي ... إلى آخر الأبيات المذكورة.

فلمّا قرأ معاوية الكتاب قال : اخفوا هذا الكتاب ، لا يقرأه أهل الشام ، فيميلوا إلى ابن أبي طالب.

والأمّة قد تلقّتها بالقبول ، وتسالمت على روايتها ، غير أنَّ كُلاّ أخذ منها ما يرجع إلى موضوع بحثه من دون أيّ غمز فيها ، بل ستقف على أنّها مشهورة ، ورواها النقلة الأثبات ، ونقلها الحفظة الثقات ، وذكر جمعٌ من أعلام السنّة والجماعة عن البيهقي : أنّ هذا الشعر ممّا يجب على كلّ متوالٍ لعليٍّ حفظه ، ليعلم مفاخره في الإسلام ، فرواها من أصحابنا :

١ ـ معلّم الأمّة شيخنا المفيد : المتوفّى (٤١٣) ، رواها بأجمعها في الفصول المختارة (٢) (٢ / ٧٨) وقال : كيف يمكن دفع شعر أمير المؤمنين في ذلك؟ وقد شاع في شهرته

__________________

(١) وذكر الدكتور أحمد رفاعي في تعليقه على معجم الأدباء [١٤ / ٤٨] : [ ] وأوصاني النبيّ على اختيار [ ] ببيعته غداة غدير خُمِّ [ ] وهناك في هذا البيت تصحيف سنوقفك عليه. (المؤلف)

(٢) الفصول المختارة : ص ٢٢٦.

٥٤

على حدٍّ يرتفع فيه الخلاف ، وانتشر حتى صار مذكوراً مسموعاً من العامّة فضلاً عن الخاصّة ، وفي هذا الشعر كفاية في البيان عن تقدّم إيمانه عليه‌السلام وأنّه وقع مع المعرفة بالحجّة والبيان ، وفيه أيضاً : أنَّه كان الإمام بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدليل المقال الظاهر في يوم الغدير ، الموجب له للاستخلاف.

٢ ـ شيخنا الكراجكي : المتوفّى (٤٤٩) ، رواها في كنز الفوائد (١) (ص ١٢٢).

٣ ـ أبو عليّ الفتّال النيسابوريّ : في روضة الواعظين (٢) (ص ٧٦).

٤ ـ أبو منصور الطبرسيّ ، أحد مشايخ ابن شهرآشوب ، في الاحتجاج (٣) (ص ٩٧).

٥ ـ ابن شهرآشوب : المتوفّى (٥٨٨) ، في المناقب (٤) (١ / ٣٥٦).

٦ ـ أبو الحسن الإربِلي : المتوفّى (٦٩٢) ، في كشف الغمّة (٥) (ص ٩٢).

٧ ـ ابن سنجر النخجواني ، في تجارب السلف (ص ٤٢) وقال ما تعريبه : لعليٍّ ديوان (٦) لا مجال للتردد والشكِّ فيه.

٨ ـ الشيخ عليّ البياضيّ : المتوفّى (٨٧٧) ، في الصراط المستقيم (٧).

٩ ـ المجلسيّ العظيم : المتوفّى (١١١١) ، في بحار الأنوار (٨) (٩ / ٣٧٥).

١٠ ـ السيِّد صدر الدين عليّ خان المدنيّ : المتوفّى (١١٢٠) ، في درجاته الرفيعة (٩).

__________________

(١) كنز الفوائد : ١ / ٢٦٦.

(٢) روضة الواعظين : ١ / ٨٧.

(٣) الاحتجاج : ١ / ٤٢٩ ح ٩٣.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٩٤.

(٥) كشف الغمّة : ١ / ٣٢٠.

(٦) لعلّه يريد ما دوّنه الفنجكردي من شعره عليه‌السلام مما يبلغ مائتي بيت كما يأتي في ترجمته ، لا هذا الديوان الكبير المطبوع المنتشر فإنَّ فيه كلّ الشك. (المؤلف)

(٧) الصراط المستقيم : ١ / ٢٧٧.

(٨) بحار الأنوار : ٣٨ / ٢٣٨.

(٩) الدرجات الرفيعة : ص ٧٧.

٥٥

١١ ـ الشيخ أبو الحسن الشريف ، في ضياء العالمين المؤلَّف (١١٣٧).

ورواها من أعلام العامّة :

١ ـ الحافظ البيهقيّ : المتوفّى (٤٥٨) المترجم (١ / ١١٠). رواها برمّتها ، وقال :

إنَّ هذا الشعر ممّا يجب على كلّ أحد متوال في عليّ حفظه ، ليعلم مفاخره في الإسلام.

٢ ـ أبو الحجّاج يوسف بن محمد البلوي المالكيّ ، الشهير بابن الشيخ : المتوفّى حدود (٦٠٥). قال في كتابه ألف باء (١ / ٤٣٩):

وأمّا عليٌّ رضى الله عنه فمكانه عليٌّ ، وشرفه سَنيٌّ ، أوّل من دخل في الإسلام ، وزوج فاطمة عليها‌السلام بنت النبيّ ، وقد نظم في أبيات المفاخرة ، وذكر فيها مآثره حين فاخره بعض عِداه ، ممّن لم يبلغ مداه ، فقال رضى الله عنه يفخر بحمزة عمّه وبجعفر ابن أمّه :

محمد النبيُّ أخي وصنوي

وحمزةُ سيّدُ الشهداء عمّي

وذكر إلى آخر بيت الغدير.

فقال : يريد بذلك قوله عليه‌السلام : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمَّ وال من والاه ، وعاد من عاداه».

٣ ـ أبو الحسين الحافظ زيد بن الحسن تاج الدين الكنديّ الحنفيّ : المتوفّى (٦١٣) ، رواه من طريق ابن دريد في كتابه المجتنى (١) (ص ٣٩) ذكر منها خمسة أبيات.

٤ ـ ياقوت الحمويّ : المتوفّى (٦٢٦) المترجم (١ / ١١٩). ذكر ستّة أبيات منها في معجم الأدباء (٢) (٥ / ٢٦٦) وزاد الدكتور أحمد رفاعي المصري بيتين في التعليق.

__________________

(١) المجتنى : ص ٢٦.

(٢) معجم الأدباء : ١٤ / ٤٨.

٥٦

٥ ـ أبو سالم محمد بن طلحة الشافعيّ : المتوفّى (٦٥٢) ، تأتي ترجمته في شعراء القرن السابع. رواها برمّتها في مطالب السؤول (ص ١١) طبع ايران ، فقال : هذه الأبيات نقلها عنه عليه‌السلام الثقات ، ورواها النقلة الأثبات.

٦ ـ سبط ابن الجوزيّ الحنفيّ : المتوفّى (٦٥٤) المترجم (١ / ١٢٠). رواها بجملتها في تذكرة خواصّ الأمّة (١) (ص ٦٢) وفي بعض أبياتها تغيير يسير.

٧ ـ ابن أبي الحديد : المتوفّى (٦٥٦). ذكر منها في شرح نهج البلاغة (٢) (٢ / ٣٧٧) بيتين مكتفياً عن البقيّة بشهرتها.

٨ ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجيّ الشافعيّ : المتوفّى (٦٥٨). رواها في المناقب المطبوع بمصر (ص ٤١) ، وقال في الاستدلال على سبق أمير المؤمنين إلى الإسلام : وقد أشار عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ إلى شيء من ذلك في أبيات قالها ، رواها عنه الثقات. ثمّ ذكر البيت الأوّل والثالث والخامس والسابع.

٩ ـ سعيد الدين الفرغانيّ : المتوفّى (٦٩٩) المترجم (١ / ١٢٣). ذكر في شرح تائيّة ابن الفارض في قوله :

وأوضَحَ بالتأويلِ ما كان مُشْكلاً

عليٌّ بعلمٍ نالَهُ بالوصيّة

بيتين وهما :

وأوصاني النبيُّ على اختيارٍ

لأُمّتِهِ رضىً منه بحُكمي

وأوجبَ لي ولايتَهُ عليكمْ

رسول الله يومَ غديرِ خُمِ

١٠ ـ شيخ الإسلام أبو إسحاق الحمّوئيّ : المتوفّى (٧٢٢) المترجم (١ / ١٢٣)

__________________

(١) تذكرة الخواص : ص ١٠٧.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٢٢ خطبة ٥٦.

٥٧

رواها في فرائد السمطين (١) ، وذكر من أوّلها إلى آخر بيت الولاية وزاد قبله :

وأوصاني النبيُّ على اختيارٍ

لأُمّته رضىً منه بحُكمي

١١ ـ أبو الفداء : المتوفّى (٧٣٢) ، أخذ منها في تاريخه (١ / ١١٨) ما يرجع إلى إسلامه عليه‌السلام.

١٢ ـ جمال الدين محمد بن يوسف الزرنديّ : المتوفّى (بضع و ٧٥٠). ذكرها برمّتها غير البيت الأخير : فويلٌ ثمّ ويلٌ ثمّ ويلٌ ... في كتابه نظم درر السمطين (٢).

١٣ ـ ابن كثير الشاميّ : المتوفّى (٧٧٤) المترجم (١ / ١٢٦). رواها في البداية والنهاية (٣) (٨ / ٨) عن أبي بكر بن دريد ، عن دماد ، عن أبي عبيدة : وذكر منها خمسة أبيات.

١٤ ـ خواجة پارسا الحنفيّ : المتوفّى (٨٢٢) المترجم (١ / ١٢٩). رواها برمّتها في فصل الخطاب عن الإمام تاج الإسلام الخدابادي البخاري في أربعينه.

١٥ ـ ابن الصبّاغ المكيّ المالكيّ : المتوفّى (٨٥٥) المترجم (١ / ١٣١). رواها في الفصول المهمّة (٤) (ص ١٦) وذكر منها أربعة أبيات ، وقال : رواها الثقات الأثبات.

١٦ ـ غياث الدين خواندمير (٥) : رواها في حبيب السِيَر (٦) (٢ / ٥) نقلاً عن فصل الخطاب لخواجه پارسا.

١٧ ـ ابن حجر : المتوفّى (٩٧٤) المترجم (١ / ١٣٤). ذكر خمسة أبيات منها في

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٤٢٧ ح ٣٥٥ باب ٧٠.

(٢) نظم درر السمطين : ص ٩٧.

(٣) البداية والنهاية : ٨ / ٩ حوادث سنة ٤٠ ه‍.

(٤) الفصول المهمّة : ص ٣٢.

(٥) مذهبه يحتاج إلى إمعان النظر فيه. (المؤلف)

(٦) تاريخ حبيب السِيَر : مج ٢ / ج ١ / ١١.

٥٨

الصواعق (١) (ص ٧٩) ونقل كلام الحافظ البيهقي المذكور.

توجد في المخطوط من الصواعق سبعة أبيات ، وكذلك في المنقول عنه كينابيع المودّة للقندوزي (٢) (ص ٢٩١) ، ويؤيّد صحّة نقله عن البيهقي ، فإنّه ذكرها برمّتها ، لكنّ يد الطبع الأمينة حرّفت عنه بيت الولاية وما بعده.

١٨ ـ المتّقي الهنديّ : المتوفّى (٩٧٥) المترجم (١ / ١٣٥). روى كتاب معاوية في كنز العمّال (٣) (٦ / ٣٩٢) وذكر من الأبيات خمسة.

١٩ ـ الإسحاقيّ : روى كتاب معاوية باللفظ المذكور في لطائف أخبار الدول (٤) (ص ٣٣) وذكر الأبيات كلّها ، ولفظ بيت الولاية فيه كذا :

وأوجَبَ طاعتي فَرْضاً عليكمْ

رسولُ الله يومَ غديرِ خُمِ

فويلٌ ثمّ ويلٌ ثمّ ويلٌ

لِمَنْ يَرِدُ القيامةَ وهو خصمي

٢٠ ـ الحلبيّ الشافعيّ : المتوفّى (١٠٤٤) المترجم (١ / ١٣٩). أخذ منها في السيرة النبويّة (٥) (١ / ٢٨٦) ما يرجع إلى إسلامه عليه‌السلام.

٢١ ـ الشبراويّ الشافعيّ ، شيخ جامع الأزهر : المتوفّى (١١٧٢). رواها في الإتحاف بحبّ الأشراف (ص ١٨١) ، وفي طبع (ص ٦٩) وذكر منها خمسة أبيات.

٢٢ ـ السيِّد أحمد قادين خاني ، رواها في هداية المرتاب (٦) ، وحكى عن البيهقي قوله المذكور.

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ص ١٣٢.

(٢) ينابيع المودّة : ٢ / ١١٥ باب ٥٩.

(٣) كنز العمّال : ١٣ / ١١٢ ح ٣٦٣٦٦.

(٤) لطائف أخبار الدول : ص ٤٩.

(٥) السيرة الحلبيّة : ١ / ٢٦٩.

(٦) هداية المرتاب : ص ١٥٣.

٥٩

٢٣ ـ السيِّد محمود الآلوسيّ البغداديّ : المتوفّى (١٢٧٠) المترجم (١ / ١٤٧) رواها غير البيت الأوّل والأخير ، في شرح عينيّة الشاعر المفْلق عبد الباقي العمري (ص ٧٨) ، وقال : هي ممّا رواه الثقات عنه عليه‌السلام.

٢٤ ـ القندوزيّ الحنفيّ : المتوفّى (١٢٩٣) المترجم (١ / ١٤٧). رواها في ينابيع المودّة (١) (ص ٢٩١) نقلاً عن ابن حجر ، و (ص ٣٧١) نقلاً عن أربعين الإمام تاج الإسلام الخدابادي البخاري.

٢٥ ـ السيِّد أحمد زيني دحلان : المتوفّى (١٣٠٤) المترجم (١ / ١٤٧). ذكر منها في السيرة النبويّة (٢) ـ هامش السيرة الحلبيّة ـ (١ / ١٩٠) ما يرجع إلى إسلامه وقال : هي ممّا كتبه عليٌّ عليه‌السلام لمعاوية ، ثمَّ ذكر كلام البيهقي المذكور.

٢٦ ـ الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطيّ المالكيّ ، ذكرها برمّتها في كفاية الطالب (ص ٦٣) وعدّها ممّا وُثِقَ به أنّه من شعر أمير المؤمنين.

لفت نظر : أخذ منها ابن عساكر في تاريخه (٣) (٦ / ٣١٥) بيتاً في بيان الفرق بين الصِهْر والخَتَن ، وقال : قال أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه :

محمد النبيُّ أخي وصهري

أحبُّ الناس كلّهمُ إليّا (٤)

__________________

(١) ينابيع المودّة : ٢ / ١١٥ باب ٥٩ ، ٣ / ٢٠ باب ٦٥.

(٢) السيرة النبوية : ١ / ٩١.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ٨ / ٥٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٨ / ٧٧.

(٤) وممّن روى هذه الأبيات له عليه‌السلام : البلاذري في أنساب الاشراف في ترجمة معاوية من قسم ـ بنو عبد شمس ـ القسم الرابع : الجزء ١ ص ١١١ ، وابن دريد في المجتنى : ص ٤٩ ـ ٥٠ من طبعة حيدرآباد الثانية سنة ١٣٣٣ ، وابن المغازلي في كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام : ص ٤٠٤ رقم ٤٥٨ ، وابن عساكر في ترجمته عليه‌السلام من تاريخ مدينة دمشق : رقم ١٣٢٨ من طبعة الشيخ المحمودي ، والسيوطي في جمع الجوامع : ٢ / ١٧٥. (الطباطبائي)

٦٠