الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١

الأقدس ـ مع من أحبَّ» (١). «ومن أحبَّ قوماً حُشِر معهم» (٢). «ومن أحبَّ قوماً حَشَرَهُ الله في زُمرتهم» (٣).

وبقيّة الأبيات بعضها واضحةٌ وبعضها مرَّ بيانه.

__________________

(١) أخرجه البخاري [صحيح البخاري : ٥ / ٢٢٨٣ ح ٥٨١٦] ، وأبو داود [سنن أبي داود : ٤ / ٣٣٣ ح ٥١٢٧] ، والترمذي [سنن الترمذي : ٤ / ٥١٣ ح ٢٣٨٥] ، والنسائي ، وأحمد عن أنس [مسند أحمد ٤ / ٥٦ ح ١٢٦٥٥] وابن مسعود [١ / ٦٤٨ ح ٣٧١٠]. (المؤلف)

(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك [٤ / ٤٢٦ ح ٨١٦١] ، وابن الديبع في تمييز الطيّب من الخبيث : ص ١٥٣ [ص ١٧٦ ح ١٣١٥]. (المؤلف)

(٣) أخرجه الطبراني [في المعجم الكبير : ٣ / ١٩ ح ٢٥١٩] ، والضياء عن أبي قرصافة ، وصحّحه السيوطي في الجامع الصغير : ٢ / ٤٨٨ [٢ / ٥٥٣ ح ٨٣١٧]. (المؤلف)

٤٦١

العبديّ معاصر العبديّ

عاصرالمترجم من شعراء الشيعة مشاركه في كنيته ولقبه وبيئة نشأته ومذهبه ، ألا وهو أبو محمد يحيى بن بلال العبديُّ الكوفيُّ ، فنذكره لكثرة وقوع الاشتباه بينهما وقلّة ذكره.

قال المرزباني في معجمه (١) (ص ٤٩٩) : إنّه كوفيٌّ نزل همدان ، وهو شاعرٌ محسنٌ يتشيّع وله في الرشيد مدائح حسنة وهو القائل :

ولَلموتُ خيرٌ من حياةٍ زهيدةٍ

ولَلْمنعُ خيرٌ من عطاءٍ مُكَدَّرِ

فعش مُثرياً أو مُكْدياً من عطيّةٍ

تُمنّى وإلاّ فسألِ اللهِ واصبرِ

وله :

لَعَمْري لَئِن جارت أميّة واعتَدَتْ

لَأوّلُ من سَنَّ الضلالةَ أجوَرُ

وأنشد العبديُّ هذا عبد الله بن عليّ بن العبّاس (٢) بنهر أبي فُطْرُس (٣) وله فيه خبر :

__________________

(١) معجم الشعراء : ص ٤٨٨.

(٢) أحد أعمام أبي العبّاس السفّاح ، كان من رجال الدهر حزماً ورأياً ودهاءً وشجاعةً ، انهدم عليه الحبس سنة (١٤٧) وكان قد حبسه المنصور سرّا ، وقيل : إنّه قُتِل سرّا وهُدِم عليه الحبس قصداً. قال الوطواط [في غرر الخصائص : ص ٤٠٥] : إنّه جلس يوم الجمعة في جامع دمشق وقتل من بني أميّة خمسين ألفاً. (المؤلف)

(٣) اسم نهر قرب الرملة بفلسطين.

٤٦٢

أمّا الدعاةُ إلى الجِنان فهاشمٌ

وبنو أميّةَ من دُعاة النارِ

أأُميَّ ما لَكِ من قرارٍ فالحقي

بالجنِّ صاغرةً بأرضِ وَبارِ

فلئن رحلتِ لَتَرْحَلِنَّ ذميمةً

وإذا أقمتِ بذلَّةٍ وصغارِ

وخبر العبديِّ هذا وإنشاده الشعر المذكور عبد الله العبّاسي ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار (١ / ٢٠٧) ، واليعقوبي في تاريخه (١) (٣ / ٩١) ، وابن رشيق في العمدة (٢) (١ / ٤٨). وأحسب أنّ من علّق على هذه الكتب لم يقف على ترجمة الشاعر ، فضرب عن ترجمته صفحاً وسكت عن تعريفه.

فقال ابن قتيبة : ولمّا افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال (٣) لأبي عون ومن معه من أهل خراسان : إنَّ لي في بقيّة آل مروان تدبيراً فتأهّبوا يوم كذا وكذا في أكمل عدّة ، ثمّ بعث إلى آل مروان في ذلك اليوم فجُمِعوا وأعلَمهم أنّه يفرض لهم في العطاء ، فحضر منهم ثمانون رجلاً فصاروا إلى بابه ومعهم رجل من كلب قد ولَّدهم (٤) ، ثمّ أُذِنَ لهم فدخلوا ، فقال الآذن للكلبي : ممّن أنت؟ قال : من كَلب وقد وَلَّدْتُهم. قال : فانصرف ودعِ القوم فأبى أن يفعل ، وقال : إنِّي خالهم ومنهم.

فلمّا استقرَّ بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلى صوته : أين حمزة بن عبد المطّلب؟ ليدخل ، فأيقن القوم بالهلكة. ثمّ خرج الثانية فنادى : أين الحسين بن عليّ؟ ليدخل. ثمّ خرج الثالثة فنادى : أين زيد بن عليّ بن الحسين؟ ثمّ خرج الرابعة

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٥٥.

(٢) العمدة : ١ / ٦٣.

(٣) الظاهر أنّ في العبارة سقطاً ؛ إذ القصة وقعت مع عبد الله بن عليّ [بن عبد الله بن عبّاس] وكان أميراً على الشام من قِبل المنصور ، كما في ذيل العبارة ، ومعجم المرزباني [ص ٤٨٨] ، وتاريخَي اليعقوبي [٢ / ٣٥٥] ، وابن الأثير [الكامل في التاريخ : ٣ / ٥٠٢ حوادث سنة ١٣٢ ه‍] ، وعمدة ابن رشيق [١ / ٦٣]. (المؤلف)

(٤) ربّاهم.

٤٦٣

فقال : أين يحيى بن زيد؟

ثمّ قيل : ائذنوا لهم ، فدخلوا وفيهم الغَمْر بن يزيد ، وكان له صديقاً فأومأ إليه : أن ارتفع فأجلسه معه على طنفسته ، وقال للباقين : اجلسوا ، وأهل خراسان قيامٌ بأيديهم العُمُد.

فقال : أين العبديّ؟ فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيها :

أمّا الدعاة إلى الجِنانِ فهاشمٌ

وبنو أميّة من دعاةِ النارِ

فلمّا أنشد أبياتاً منها قال الغمر : يا ابن الزانية؟ فانقطع العبدي وأطرق عبد الله ساعة ، ثمّ قال : امض في نشيدك. فلمّا فرغ رمى إليه بصرّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ تمثّل بقول القائل :

ولقد ساءني وساء سوايَ

قُربُهمْ من منابرٍ وكراسي

أنزِلوها بحيثُ أنزلَها الله

بدارِ الهوانِ والإتعاسِ

لا تُقيلَنَّ عبدَ شمسٍ عِثاراً

واقطعوا كلَّ نخلةٍ وغِراسِ

واذكروا مصرع الحسين وزيدٍ

وقتيلاً بجانبِ المهراسِ (١)

ثمّ قال لأهل خراسان : دهيد (٢) فشُدِخوا بالعُمُد حتى سالت أدمغتهم ، وقام الكلبي فقال : أيّها الأمير ، أنا رجلٌ من كلب لستُ منهم ، فقال :

ومُدْخلٍ رأسَهُ لم يُدْنِهِ أَحَدٌ

بين الفريقينِ حتى لزَّه القَرَنُ

ثمّ قال : دهيد. فشُدخ الكلبي معهم ثمّ التفت إلى الغمر فقال : لا خير لك في الحياة بعدهم. قال : أجل. فَقُتِل ، ثمّ دعا ببراذع (٣) فألقاها عليهم وبسط عليها

__________________

(١) المهراس : ماء بجبل أُحد. ويعني بالقتيل : حمزة بن عبد المطّلب ـ رضوان الله عليه.

(٢) كلمة فارسية. (المؤلف)

(٣) البرذعة : كساء يُلقى على ظهر الدابة. (المؤلف)

٤٦٤

الأنطاع ودعا بغدائه فأكل فوقهم ، وإنَّ أنين بعضهم لم يهدأ حتى فرغ. ثمّ قال : ما تهنَّأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلاّ يومي هذا. وقام فأمر بهم فجرّوا بأرجلهم ، وأغنمَ أهل خراسان أموالهم ثمّ صُلبوا في بستانه.

وكان يأكل يوماً ، فأمر بفتح باب من الرُواق إلى البستان ، فإذا رائحة الجِيَف تملأ الأنوف ، فقيل له : لو أمرتَ أيّها الأمير بردِّ هذا الباب.

فقال : والله لرائحتُها أحبُّ إليَّ وأطيب من رائحة المسك. ثمّ قال :

حَسِبَتْ أميّةُ أن سترضى هاشمٌ

عنها ويذهب زيدُها وحسينُها

كلاّ وربِّ محمد وإلهِهِ

حتى تُباحَ سُهُولُها وحُزُونُها

وتَذِلَّ ذُلَّ حليلةٍ لحليلِها

بالمَشْرَفيِّ وتُستردّ ديونُها

وقال اليعقوبي (١) : وانصرف عبد الله بن عليّ إلى فلسطين فلمّا صار بنهر أبي فُطْرُس بين فلسطين والأردن جمع إليه بني أميّة ، ثمّ أمرهم أن يَغْدُوا عليه لأخذ الجوائز والعطايا ، ثمّ جلس من غد وأذِنَ لهم ، فدخل عليه ثمانون رجلاً من بني أميّة ، وقد أقام على رأس كلِّ رجل منهم رجلين بالعُمُد ، وأطرق مليّا ، ثمّ قام العبديُّ فأنشد قصيدته التي يقول فيها :

أمّا الدعاةُ إلى الجِنانِ فهاشمٌ

وبنو أميّة من دعاةِ النارِ

وكان النعمان بن يزيد بن عبد الملك جالساً إلى جنب عبد الله بن عليّ ، فقال له : كذبت يا ابن اللخناء. فقال له عبد الله بن عليّ : بل صدقتَ يا أبا محمد ، فامضِ لقولك. ثمّ أقبل عليهم عبد الله بن عليّ ، فذكر لهم قتل الحسين عليه‌السلام وأهل بيته ، ثمّ صفق بيده فضرب القوم رءوسهم بالعُمُد حتى أتوا عليهم ، فناداه رجلٌ من أقصى القوم :

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٥٥.

٤٦٥

عَبْدُ شَمْسٍ أبوكَ وَهوَ أبونا

لا نُناديك من مكانٍ بعيدِ

فالقراباتُ بيننا واشجاتٌ

مُحكَماتُ القُوى بِعَقْدٍ شديدِ

فقال : هيهات قطع ذلك قتل الحسين. ثمّ أمرَ بهم فسُحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ، ودعا بالطعام فأكل ، فقال : يومٌ كيوم الحسين بن عليّ ولا سواء ، وكان قد دخل معهم رجلٌ من كلب ، قال : رجوتُ أن ينالوا خيراً فأنالَ معهم.

فقال عبد الله بن عليّ : اضربوا عنقه.

ومُدْخلٍ رأسَه لم يُدْنهِ أحدٌ

بين الفريقين حتى لزَّه القَرَنُ

٤٦٦

شعراء الغدير

في

القرن الثالث

١. أبو تمام حبيب بن أوس الطائي

٢. دعبل بن علي بن زرين الخزاعي

٤٦٧
٤٦٨

٩ ـ

أبو تَمام الطائي

المتوفّى سنة (٢٣١ ه‍)

أظبيةُ حيث استنّتِ الكُثُب العُفرُ

رُوَيدَكِ لا يغتالكِ اللومُ والزجرُ (١)

أسرّي حِذاراً لم تُقيِّدْك رِدّةٌ

فيحسِرُ ماءً من محاسنِكِ الهذرُ

أراكِ خلالَ الأمر والنهي بوّةً (٢)

عَداكِ الردى ما أنتِ والنهيُ والأمرُ

أتُشْغلُني عمّا هُرِعتُ لمثلِهِ

حوادثُ أشجانٍ لصاحِبها نُكْرُ

ودهرٌ أساءَ الصُّنْعَ حتى كأنّما

يُقَضِّي نذوراً في مساءتيَ الدهرُ

له شجراتٌ خَيّمَ المجدُ بينها

فلا ثَمَرٌ جانٍ ولا ورقٌ نَضْرُ

وما زِلتُ ألقى ذاك بالصبرِ لابساً

رداءَيهِ حتى خِفْتُ أن يَجزَعَ الصبرُ

وإنَّ نكيراً أن يضَيقَ بمن لهُ

عشيرةُ مِثلي أو وسيلتُهُ مِصْرُ

وما لامرئٍ من قائلٍ يومَ عثْرةٍ

لعاً (٣) وَخَدِيناهُ الحداثةُ والفقرُ

وإن كانتِ الأيّامُ آضَتْ وما بها

لذي غُلَّةٍ وِردٌ ولا سائلٍ خُبْرُ

همُ الناسُ سارَ الذمُّ والحربُ بينهمْ

وحمّرَ أن يغشاهُمُ الحمدُ والأجرُ

صَفِيُّكِ منهمْ مُضمِرٌ عُنجهيّةً (٤)

فقائدهُ تَيْهٌ وسائِقُهُ كِبْرُ

__________________

(١) استنَّت : عَدَت إقبالاً وإدباراً. الكُثُب : الجماعات. العُفر : الظباء التي يعلو بياضها حُمرة.

(٢) البوّة : الحمقاء.

(٣) لعاً : كلمة يدعى بها للعاثر ، ومعناها الارتفاع.

(٤) العُنجُهيّة ـ بضمّ العَين والجيم ـ : الكِبْر. (المؤلف)

٤٦٩

إذا شام برقَ اليُسرِ فالقُربُ شأنُهُ

وأنأى من العَيّوقِ إن نالهَ عُسْرُ

أريني فتىً لم يَقْلِهِ الناسُ أو فتىً

يصحُّ له عَزْمٌ وليس له وَقْرُ

تَرَى كلَّ ذى فضلٍ يطولُ بفضلِهِ

على مُعتفيهِ والذي عنده نَزْرُ

وإنَّ الذي أحذانيَ الشيبَ لَلَّذي

رأيتِ ولم تَكْمُلْ له السبعُ والعشرُ

وأخرى إذا استودعتُها السرَّ بيّنَتْ

به كَرَهاً ينهاض من دونها الصدرُ

طغى من عليها واستبدَّ برأيهمْ

وقولِهمُ إلاّ أقلَّهمُ الكفرُ

وقاسَوا دُجى أمْرَيْهِمُ وكلاهما

دليلٌ لهمْ أولى به الشمسُ والبدرُ

سَيَحْدوكُمُ استستقاؤكمْ حَلَبَ الردى

إلى هُوّةٍ لا الماءُ فيها ولا الخمرُ

سَئِمتم عبور الضحل خوضاً فأيَّةً

تعدّونها لو قد طغى بكمُ البحرُ

وكنتم دماءً تحتَ قِدرٍ مفارةٍ

على جهلِ ما أمست تفورُ به القِدرُ

فهلاّ زجرتمْ طائرَ الجهل قبل أن

يجيءَ بما لا تبسئون (١) به الزجرُ

طَوَيْتُمْ ثنايا تخبئون عُوارَها

فأين لكمْ خِبءٌ وقد ظهر النشرُ

فعلتمْ بأبناءِ النبيِّ ورهطِهِ

أفاعيلَ أدناها الخيانةُ والغدرُ

ومن قبله أخلفتمُ لوصيِّهِ

بداهيةٍ دهياءَ ليس لها قَدرُ

فجئتم بها بِكراً عَواناً ولم يَكُنْ

لها قبلَها مِثْلٌ عَوانٌ ولا بِكرُ

أخوه إذا عُدّ الفَخارُ وصِهْرُهُ

فلا مثلُهُ أخٌ ولا مثلُه صِهْرُ

وشُدَّ به أزْرُ النبيِّ محمدٍ

كما شُدَّ من موسى بهارونِهِ الأزْرُ

وما زال كشّافاً دياجيرَ غَمْرَةٍ

يُمزِّقُها عن وجهِهِ الفتحُ والنصرُ

هو السيفُ سيفُ اللهِ في كلِّ مشهدٍ

وسيفُ الرسولِ لا ددانٌ ولا دثرُ (٢)

فأيُّ يدٍ للذمِّ لم يَبْرِ زَنْدَها

ووجهِ ضلالٍ ليس فيه له أثرُ

ثوى ولأهلِ الدينِ أمنٌ بحدّهِ

وللواصمين الدينَ في حدِّه ذُعْرُ

__________________

(١) بسأ بالشيء : أنسَ به ومرنَ عليه.

(٢) الدَدَان : الكليل الضعيف. الدثر : الصدئ.

٤٧٠

يسدُّ به الثغرَ المخوفَ من الردى

ويعتاضُ من أرض العدوِّ به الثغرُ

بأُحْدٍ وبدرٍ حين ماجَ بِرَجْلِهِ

وفُرسانه أُحدٌ وماجَ بهم بدرُ

ويوم حُنينٍ والنضيرِ وخيبرٍ

وبالخندق الثاوي بعقوتِهِ عمرو (١)

سما للمنايا الحُمْر حتى تكشّفتْ

وأسيافُه حمرٌ وأرماحُهُ حُمْرُ

مشاهدُ كان الله كاشفَ كَرْبِها

وفارجَه والأمرُ ملتبسٌ إمْرُ

ويوم الغدير استوضح الحقَّ أهلُهُ

بضحياء (٢) لا فيها حجابٌ ولا سترُ

أقام رسول الله يدعوهمُ بها

ليقربَهمْ عُرْفٌ وينآهمُ نُكْرُ

يَمُدُّ بضبعيه ويُعلِمُ (٣) أنَّه

وليٌّ ومولاكمْ فهل لكُمُ خُبْرُ

يروحُ ويغدو بالبيانِ لِمَعْشرٍ

يروح بهم غَمْرٌ ويغدو بهمْ غَمْرُ (٤)

فكان لهم جَهْرٌ بإثباتِ حقِّهِ

وكان لهم في بَزِّهِمْ حقَّهُ جَهْرُ

أثَمَّ جعلتمْ حظَّهُ حدَّ مُرْهَفٍ

من البيضِ يوماً حظُّ صاحبهِ القبرُ

بكفَّيْ شقيٍّ وجَّهَتْهُ ذنوبُهُ

إلى مرتعٍ يُرعَى به الغَيُّ والوِزرُ

القصيدة (٧٣) بيتاً توجد في ديوانه (ص ١٤٣).

ما يتبع الشعر

لا أجد لذي لبٍّ مُنتدَحاً عن معرفة يوم الغدير ، لا سيّما وبين يديه كتب الحديث والسِيَرِ ومدوّنات التاريخ والأدب ، كلٌّ يومي إليه بسَبّابته ، ويوعز إليه ببنانه ، كلٌّ يُلْمِسُ يدي القارئ حقيقة يوم الغدير ، فلا يدع له ذكراً خالياً منه ، ولا مخيّلة تعدوه ، ولا أضالع إلاّ وقد انحنت عليه ، فكأنّه وهو يتلقّى خبره بعد لأيٍ من

__________________

(١) العقوة : الساحة.

(٢) وفي نسخة : بفيحاء. (المؤلف)

(٣) من أفعل. ويظهر من الدكتور ملحم ، شارح ديوان أبي تمّام أنّه قرأه مجرّداً من (عَلِمَ) لا مزيداً من (أعلم) كما قرأناه ، ومختارنا هو الصحيح الذي لا يعدوه الذوق العربي. (المؤلف)

(٤) الغَمْر : الكريم.

٤٧١

الدهر يرنو إليه من كثب ، ويستشفُّ أمره على أمَمٍ (١) ، ولعلّ الواقف على كتابنا هذا من البدء إلى الغاية يجد فيه نماذج ممّا قلناه.

إذاً فهلمَّ معي وأعجب من الدكتور ملحم إبراهيم الأسود شارح ديوان شاعرنا المترجم حيث يقول عند قوله :

ويوم الغدير استوضح الحقَّ أهلُهُ

بضحياء لا فيها حجابٌ ولا سترُ

يوم الغدير واقعة حرب معروفة. وذكر بعده في قوله :

يمدُّ بضبعيه ويعلم أنّه

وليٌّ ومولاكمْ فهل لكُمُ خُبْرُ

ما يكشف عن أنّها كانت من المغازي النبويّة ، قال (ص ٣٨١) : يمدُّ بضبعيه يساعده وينصره ، والهاء راجعة إلى الإمام عليّ ، أي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصره ويعلم أنّه وليّ ، كان العَضُد والمساعد الوحيد للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغدير ، والرسول نفسه كان ينصره عالماً أنّه سيكون وليّا على شعبه بعده وخليفةً له ، وهذه هي الحقيقة ، فهل تعلمون؟ انتهى.

ألا مسائل هذا الرجل عن مصدر هذه الفتوى المجرّدة؟ أهل وجد هاتيك الغزوة في شيء من السِيَر النبويّة؟ أو نصَّ عليها أحدٌ من أئمّة التاريخ؟ أم أنّ تلك الحرب الزبون (٢) وحدها قد توسّع بنقلها المتوسِّعون من نقلة الحديث؟. دع ذلك كلّه ، هل وجد قصّاصاً يقصّها؟ أو شاعراً يصوِّرها بخياله؟

ألا من يُسائله عن أنّ هذه الغزوة متى زيدت على الغزوات النبويّة المحدودة؟ المعلومة بكمِّها وكيفها ، المدوَّنة أطوارها وشؤونها ، وليس فيها غزوة يوم الغدير ، متى زيدت هذه على ذلك العدد الثابت بواحدة ، فكان فيها عليٌّ والنبيُّ يتناصران ، ويعضُد

__________________

(١) الامم : القرب.

(٢) حرب زبون : اى شديدة تصدم الناس.

٤٧٢

كلٌّ صاحبه ، ويدفع كلٌّ عن الآخر ، كما يحسبه هذا الكاتب؟

وإنّك لتجد الكاتب عَيّا عن جواب هذه الأسئلة ، لكنّه حبّذت له بواعثه أن يستر حقيقة الغدير بذيل أمانته ، وهو يحسب أنّه لا يقف على ذلك التعليق إلاّ الدهماء ، أو أنّ البحّاثة يمرّون عليه كراماً ، لكنَّ المحافظة على حقيقة دينيّة أولى من التحفّظ على اعتبار هذا الكاتب الذي يكتب ولا يبالي بما يكتب ، ويرى الكذب حقيقة راهنة.

نعم ، كان في الجاهليّة يوم أغار فيه دُريد بن الصمّة ـ المقتول كافراً بعد فتح مكّة ـ على غطفان [بعد مقتل أخيه عبد الله] (١) يطالبهم بدمه ، فاستقراهم حيّا حيّا ، وقتل من بني عبس ساعدة بن مرّ ، وأسَر ذؤاب بن أسماء الجُشَمي. فقالت بنو جُشَم : لو فاديناه. فأبى ذلك دُريد عليهم ، وقتله بأخيه عبد الله ، وأصاب جماعة من بني مرّة ومن بني ثعلبة ومن أحياء غطفان. قال في الأغاني (٢) (٩ / ٦) : وذلك في يوم الغدير. وذكر لدُريد شعراً في ذلك.

وعدَّ في العقد الفريد (٣) (٣ / ٧١) من حروب الجاهليّة يوم ـ غدير قلياد ـ قال : قال أبو عبيدة : فاصطلح الحيّان إلاّ بني ثعلبة بن سعد ، فإنّهم أبوا ذلك وقالوا : لا نرضى حتى يُودوا قتلانا أو يُهدَر دم من قتلها ، فخرجوا من قطن (٤) ، حتى وردوا ـ غدير قلياد ـ فسبقهم بنو عبس إلى الماء ، فمنعوهم حتى كادوا يموتون عطشاً ودوابّهم ، فأصلَحَ بينهم عوف ومَعْقل ابنا سُبَيْع من بني ثعلبة ، وإيّاهما يعني زهيرٌ بقوله :

__________________

(١) الزيادة يقتضيها السياق ، اثبتناها من الاغانى.

(٢) الاغانى : ١٠ / ١٤ ـ ١٥ /.

(٣) العقد الفريد : ٥ / ٩٩.

(٤) يوم قطن من حروب الجاهليه راجع العقد الفريد : ٣ / ٦ [٥ / ٩٩]. (المؤلف)

٤٧٣

تداركتُما عَبْساً وذُبيانَ بعدَ ما

تفانَوا ودَقُّوا بينهمَ عِطْر مَنْشِمِ

وقلياد في الكلام المذكور مصحَّف ـ قلهي ـ كما يظهر من معجم البلدان (١) (٧ / ١٥٤) ، وبلوغ الإرب (٢ / ٧٣) ، وفي الأخير عدّه من أيّام العرب المشهورة.

هذا كلُّ ما رُوي في حديث هذا اليوم الذي لم يكن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا لأحد من الهاشميِّين فيه حِلٌّ ولا مُرْتَحَلٌ ولا لوصيِّه أمير المؤمنين عليه‌السلام فيه صولةٌ أو جولةٌ ، فالحديث ليس فيه أيّ صلة بهما ، أفَمِن المعقول إذن أن يريده أبو تمام المادح للوصيِّ الأعظم ، ويعدَّه مأثرةً له؟ على أنّ الشعر نفسه يأبى أن يكون المراد به واقعة حرب دامية ؛ فإنَّ الشاعر بعد أن عدَّ مواقف أمير المؤمنين عليه‌السلام في الغزوات النبويّة ، وذكر منها غزاة أُحد وبدر وحُنين والنضير وخيبر والخندق وختمها بقوله :

مشاهدُ كان الله كاشفَ كربِها

وفارجَهُ والأمر ملتبسٌ إمرُ

أخذ في ذكر منقبة ناءَ بها اللسان دون السيف والسنان فقال : ـ ويوم الغدير ـ وأنت ترى أنّه يوعز إلى قِصَّةٍ فيها قيامٌ ودعوةٌ وإعلامٌ وبيانٌ ومجاهرةٌ بإثبات الحقِّ لأهله.

الشاعر

أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الأشج بن يحيى بن مُزينا بن سهم بن ملحان بن مروان بن دفافة بن مرّ بن سعد بن كاهل بن عمرو بن عدي بن عمرو بن الحارث بن طيئ جلهم بن أُدَد بن زيد بن يشجب بن عَريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. تاريخ الخطيب (٨ / ٢٤٨).

أحد رؤساء الإماميّة كما قال الجاحظ (٢) والأوحد من شيوخ الشيعة في الأدب

__________________

(١) معجم البلدان : ٤ / ٣٩٣.

(٢) فهرست النجاشي : ص ١٠٢ [ص ١٤١ رقم ٣٦٧]. (المؤلف)

٤٧٤

في العصور المتقادمة ، ومن أئمّة اللغة ، ومنتجع الفضيلة والكمال ، كان يُؤخذ عنه الشعر وأساليبه ، وينتهي إليه السير ، ويُلقى لديه المقالد ، ولم يختلف اثنان في تقدُّمه عند حلبات القريض ، ولا في تولّعه بولاء آل الله الأكرمين ـ صلوات الله عليهم ـ وكان آيةً في الحفظ والذكاء حتى قيل : إنّه كان يحفظ أربعة آلاف ديوان من الشعر غير ألف أرجوزة للعرب غير المقاطيع والقصائد (١) ، وفي معاهد التنصيص (٢) أنّه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير المقاطيع والقصائد. وفي التكملة أنّه أخمَلَ في زمانه خمسمائة شاعر كلُّهم مجيد.

المترجم له شاميُّ الأصل وُلد بقرية جاسم من قرى الجيدور من أعمال دمشق ، وإنَّ أباه كان يُقال له : ندوس (٣) العطّار فجعلوه أوساً ، وفي دائرة المعارف الإسلامية (٤) أنَّ المترجم هو الذي بدّله وكان أبوه نصرانيّا.

نشأ المترجم بمصر وفي حداثته كان يسقي الماء في المسجد الجامع ، ثمّ جالس الأدباء فأخذ عنهم وتعلّم منهم ، وكان فطناً فهماً ، وكان يحبُّ الشعر ، فلم يزل يعانيه حتى قال الشعر وأجاد ، وشاع ذكره ، وسار شعره ، وبلغ المعتصم خبره ، فحمله إليه وهو بِسُرَّ مَن رأى ، فعمل أبو تمام فيه قصائد عدَّة وأجازه المعتصم وقدَّمه على شعراء وقته ، وقدم إلى بغداد ، وتجوَّل في العراق وإيران ، ورآه محمد بن قدامة بقزوين ، فجالس بها الأدباء وعاشر العلماء ، وكان موصوفاً بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس.

قال الحسين بن إسحاق : قلت للبحتري : الناس يزعمون أنّك أشعر من أبي تمام. فقال : والله ما ينفعني هذا القول ولا يضرّ أبا تمّام ، والله ما أكلت الخبز إلاّ به ، ولودَدتُ أنّ الأمر كما قالوا ، ولكنّي والله تابعٌ له لائذٌ به آخذٌ منه ، نسيمي يركُد عند

__________________

(١) مرآة الجنان : ٢ / ١٠٢ [وفيات سنة ٢٣١ ه‍]. (المؤلف)

(٢) معاهد التنصيص : ١ / ٣٨ رقم ٦.

(٣) لهذا الاسم قراءات مختلفة : تدوس. تدرس. ندوس. ثدوس. ثادوس. ثيودوس. (المؤلف)

(٤) دائرة المعارف الإسلامية : ١ / ٣٢٠.

٤٧٥

هوائه ، وأرضي تنخفض عند سمائه. تاريخ الخطيب (٨ / ٢٤٨).

كان البحتري أوّل أمره في الشعر ونباهته فيه أنّه سار إلى أبي تمام وهو بحمص ، فعرض عليه شعره ، وكانت الشعراء تقصده لذلك ، فلمّا سمع شعر البحتري أقبل عليه وترك سائر النّاس ، فلمّا تفرَّقوا قال له : أنت أشعر من أنشدَني ، فكيف حالك؟ فشكا إليه القلّة. فكتب أبو تمام إلى أهل مَعَرَّة النعمان ، وشَهِدَ له بالحَذَق ، وشفع له إليهم ، وقال له : امتدحهم. فسار إليهم فأكرموه بكتاب أبي تمام ، ووظّفوا أربعة آلاف درهم فكانت أوّل مال أصابه ، ثمّ أقبل عليه أبو تمام يصف شعره ويمدحه ، فلزمه البحتري بعد ذلك ، وقيل للبحتري : أنت أشعر أم أبو تمام؟ قال : جيِّده خيرٌ من جيِّدي ، ورديّي خيرٌ من رديئه.

وقيل : سُئل أبو العلاء المعرّي : من أشعر الثلاثة؟ أبو تمام أم البحتري أم المتنبي؟ فقال : المتنبي وأبو تمام حكيمان ، وإنّما الشاعر البحتري.

وقيل : أنشد البحتري أبا تمام شيئاً من شعره ، فقال له : أنت أمير الشعراء بعدي. قال البحتري : هذا القول أحبّ إليَّ من كلِّ ما نلته.

وقال ابن المعتز (١) : شعره كلّه حسنٌ. وذكر اعتناءه البالغ بشعر مسلم بن الوليد صريع الغواني وأبي نواس.

وعن عمارة بن عقيل في حديث نقله عنه ابن عساكر في تاريخه (٢) (٤ / ٢٢) : أنَّه لمّا سمع قوله :

وطول مقام المرءِ بالحيِّ مُخلِقٌ

لديباجَتَيهِ فاغتَرِبْ تَتَجَدّدِ

فإنّي رأيت الشمسَ زيدت محبّةً

إلى الناس أن ليست عليهم بسرمدِ

__________________

(١) طبقات الشعراء : ص ٢٨٤.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٤ / ١٥٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١٨١.

٤٧٦

قال : إن كان الشعر بجودة اللفظ ، وحسن المعاني ، واطّراد المراد ، واستواء الكلام ، فهي لأبي تمام ، وهو أشعر الناس ، وإن كان بغيرها فلا أدري. وكان في لسانه حُبْسَة ، وفي ذلك يقول ابن المعذّل أو أبو العُمَيثل :

يا نبيَّ الله في الشعر ويا عيسى بنَ مريم

أنتَ من أشعرِ خَلْقِ اللهِ ما لم تتكلّمْ

مدح الخلفاء والأمراء فأحسن ، وحدّث عن صهيب بن أبي الصهباء الشاعر ، والعطّاف بن هارون ، وكرامة بن أبان العدوي ، وأبي عبد الرحمن الأموي ، وسلامة ابن جابر النهدي ، ومحمد بن خالد الشيباني.

وروى عنه خالد بن شريد الشاعر ، والوليد بن عبادة البُحتري ، ومحمد بن إبراهيم بن عتّاب ، والعبدويّ البغدادي. تاريخ ابن عساكر (١) (٤ / ١٨).

روي أنَّه لمّا مدح الوزير محمد بن عبد الملك الزيّات بقصيدته التي يقول فيها :

دِيمةٌ سَمْحَةُ القِيادِ سَكُوبٌ

مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ

لو سعَتْ بُقعةٌ لإعظام أخرى

لَسَعى نحوها المكان الجَديبُ

قال له ابن الزيّات : يا أبا تمام ، إنَّك لتُحَلّي شعرك من جواهر لفظك ودُرَر معانيك ما زيد حسناً على بهيّ الجواهر في أجياد الكواعب ، وما يُدَّخَرُ لك شيء من جزيل المكافأة إلاّ ويَقْصُر عن شعرك في الموازرة ، وكان بحضرته الكندي الفيلسوف فقال له : إنَّ هذا الفتى يموت شابّا.

فقيل له : من أين حكمتَ عليه بذلك؟

فقال : رأيت فيه من الحِدَّة والذكاء والفطنة مع لطافة الحسّ وجودة الخاطر ما علمت به أنَّ النفس الروحانيَّة تأكل جسمه كما يأكل السيف المهنّد غمده.

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق : ٤ / ١٥٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١٧٨.

٤٧٧

تاريخ ابن خلّكان (١) (١ / ١٣٢).

ذكر الصولي (٢) : أنَّ المترجم امتدح أحمد بن المعتصم أو ابن المأمون بقصيدة سينيّة ، فلمّا انتهى إلى قوله :

إقدام عمروٍ في سماحة حاتمٍ

في حِلْمِ أحنفَ في ذكاء إياسِ

قال له الكندي الفليسوف وكان حاضراً : الأمير فوق ما وصفت. فأطرق قليلاً ثمَّ رفع رأسه فأنشد :

لا تنْكروا ضَربي له من دونَهُ

مَثَلاً شَروداً في الندى والباسِ

فاللهُ قد ضربَ الأقلَّ لنورِهِ

مثلاً من المشكاةِ والنِّبراسِ

فَعَجِبوا من سرعة فطنته.

ديوان شعر أَبي تمام

: قد يقال : إنَّ المترجم لم يُدوِّن شعره ، لكنَّ الظاهر من قراءة عثمان بن المثنّى القرطبي المتوفّى (٢٧٣) ديوانه عليه كما في بغية الوعاة (٣) (ص ٣٢٤) ، أنَّ شعره كان مدوّناً في حياته ، واعتنى بعده جمعٌ من الأعلام والأدباء بترتيبه وتلخيصه وشرحه وحفظه ، ومنهم :

١ ـ أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن كيسان : المتوفّى (٣٢٠) ، له شرحه.

٢ ـ أبو بكر محمد بن يحيى الصولي : المتوفّى (٣٣٥ ، ٣٣٦) ، رتَّبه على حروف المعجم في نحو ثلاثمائة ورقة.

٣ ـ عليّ بن حمزة الأصبهاني ، رتّبه على الأنواع.

__________________

(١) وفيات الأعيان : ٢ / ١٦ رقم ١٤٧.

(٢) أخبار أبي تمّام : ص ٢٣١.

(٣) بغية الوعاة : ٢ / ١٣٦ رقم ١٦٣٤.

٤٧٨

٤ ـ أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الشافعيّ : المتوفّى (٣٨٠) ، له شرحه.

٥ ـ أبو القاسم الحسن بن بِشر الآمدي : المتوفّى (٣٧١) ، له شرحه.

٦ ـ الخالع حسين بن محمد الرافقي : كان حيّا في حدود (٣٨٠) (١) ، له شرحه.

٧ ـ الوزير حسين بن عليّ المغربيّ : المتوفّى (٤١٨) ، له كتاب اختيار شعره.

٨ ـ أبو ريحان محمد بن أحمد البيروني : المتوفّى (٣٤٠) ، له شرحه ، رآه الحَمَوي بخطّه.

٩ ـ أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعرّي : المتوفّى (٤٤٩) ، له تلخيصه المسمّى بذكرى حبيب وشرحه.

١٠ ـ أبو زكريا يحيى بن عليّ الخطيب التبريزي : المتوفّى (٥٠٢) ، له شرحه.

١١ ـ أبو البركات ابن المستوفي مبارَك الإربِلي : المتوفّى (٦٣٧) ، له شرحه في عشر مجلّدات.

١٢ ـ أبو الفتح ضياء الدين نصر بن محمد : المتوفّى (٦٣٧) ، كان يحفظه.

١٣ ـ أبو الحجّاج يوسف بن محمد الأنصاري : المتوفّى (٦٧٢) ، كان يحفظه ويحفظ الحماسة.

١٤ ـ محيي الدين الخيّاط ، له شرحه (٢).

١٥ ـ الدكتور ملحم إبراهيم أسود ، له شرحه المطبوع بمصر.

والظاهر أنَّ النسخة المطبوعة من ديوان أبي تمام هو ترتيب الصولي ؛ لأنّها مرتَّبة على الحروف ، إلاّ أنَّ فيها سقطاً كثيراً من شعره ؛ لأنَّ النجاشي قال في فهرسته (٣) (ص ١٠٢) : له شعرٌ في أهل البيت كثيرٌ. وذكر أحمد بن الحسين رحمه‌الله أنَّه رأى

__________________

(١) في لسان الميزان : ٢ / ٣٧٩ رقم ٢٧٩٦ : أنّه توفّي سنة ٤٢٢ ه‍.

(٢) راجع فهرست ابن النديم : ص ٢٣٥ [ص ١٩٠] ، فهرست النجاشي : ص ١٠٢ [ص ١٤١ رقم ٣٦٧] ، الطبقات لابن أبي أُصيبعة : ٢ / ٢٠ ، تاريخ ابن خلّكان : ١ / ٣٠ ، ١٣٣ [١ / ١١٤ رقم ٤٧] ، بغية الوعاة : ص ٣٢٤ ، ٤٠٤ ، ٤٢٣ [٢ / ٣١٥ رقم ٢٠٦٤ ، ص ٣٥٩ رقم ٢١٨٩] ، كشف الظنون [١ / ٧٧٠] ، معجم المطبوعات [١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧]. (المؤلف)

(٣) رجال النجاشي : ص ١٤١ رقم ٣٦٧.

٤٧٩

نسخةً عتيقةً ، ولعلّها كُتِبت في أيّامه أو قريباً منه ، وفيها قصيدةٌ يذكر فيها الأئمّة ، حتى انتهى إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام لأنَّه توفّي في أيّامه. انتهى.

ولا يوجد في الديوان المطبوع شيء من ذلك الكثير عدا رائيَّته المذكورة في هذا الكتاب ، فإمّا أنَّ يد الأمانة في طبع الكتب حذفت تلكم القصائد عند تمثيل الديوان إلى عالم الطباعة كما صنعت مع غيره أيضاً ، أو أنَّها لم تصل إليها عند النشر ، أو أنَّ المطبوع اختصار أبي العلاء المعرّي المذكور.

ديوان الحماسة وشروحه :

ولأبي تمام ممّا أفرغه في قالب التأليف ديوان الحماسة الذي سار به الركبان واستفادت به الأجيال بعده ، جمع فيه عيون الشعر ووجوهه من كلام العرب ، جمعه بدار أبي الوفاء بن سَلَمة بهمَدان ، عندما اضطرّته الثلوج إلى الالتجاء إلى هذه المدينة أثناء أوبتِه من زيارة عبد الله بن طاهر ، ورتّبه على عشرة أبواب ، خصَّ كلَّ باب بفنّ ، وقد اعتنى بشرحه جمع كثيرٌ من أعلام الأدب منهم :

١ ـ أبو عبد الله محمد بن القاسم ماجيلويه البرقي.

٢ ـ أبو الحسن عليّ بن محمد السُمَيْساطي (١) : المتوفّى أواسط المائة الرابعة.

٣ ـ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا اللغويّ الرازي : المتوفّى (٣٦٩).

٤ ـ أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن عبد الله النمِري : المتوفّى (٣٨٥) ، ولأبي محمد الأسود الحسن الغندجاني ردٌّ على النمري هذا في شرح الحماسة كما في معجم الأدباء (٢) (٣ / ٢٤).

٥ ـ أبو الفتح عثمان بن جنّي : المتوفّى (٣٩٢) ، له المنهج في اشتقاق أسماء شعراء

__________________

(١) نسبة إلى سُمَيساط بالمهملتين بضم أوله وفتح ثانيه ، فما في كثير من المعاجم «الشمشاطي» بالمعجمتين تصحيف. (المؤلف)

(٢) معجم الأدباء : ٧ / ٢٦٥.

٤٨٠