الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١

أخبارٌ كثيرةٌ نذكر بعضها :

١ ـ أخرج ابن النجّار وأحمد في المناقب (١) عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الصدِّيقون ثلاثةٌ : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجّار صاحب آل ياسين ، وعليُّ بن أبي طالب». وأخرجه أبو نعيم في المعرفة (٢) وابن عساكر (٣) عن أبي ليلى ، وزادا في لفظهما : «وهو أفضلهم».

وأخرجه (٤) محبُّ الدين الطبري في الرياض (٢ / ١٥٤) ، والكنجي في الكفاية (ص ٤٧) بلفظ أبي ليلى ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٦ / ١٥٢) ، وابن حجر في الصواعق (ص ٧٤) بلفظ ابن عبّاس ، و (ص ٧٥) بلفظ أبي ليلى.

٢ ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ هذا أوّل من آمن بي ، وهو أوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدِّيق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمّة ، يَفْرُقُ بين الحقِّ والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين».

أخرجه (٥) الطبراني عن سلمان وأبي ذر ، والبيهقي والعدني عن حذيفة ، والهيثمي في المجمع (٩ / ١٠٢) ، والحافظ الكنجي في الكفاية (ص ٧٩) من طريق الحافظ ابن عساكر وفي آخره «وهو بابي الذي أُوتى منه وهو خليفتي من بعدي». وذكره باللفظ الأوّل المتّقي الهندي في إكمال كنز العمّال (٦ / ٥٦).

__________________

(١) مناقب عليّ : ص ١٣١ ح ١٩٤.

(٢) معرفة الصحابة : ١ / ٣٠٢.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ١٣١ ، وفي ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ الطبعة المحقّقة ـ : رقم ٨١٢.

(٤) الرياض النضرة : ٣ / ٩٤ ، كفاية الطالب : ص ١٢٤ باب ٢٤ ، كنز العمال : ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٨٩٧ ، الصواعق المحرقة : ص ١٢٥.

(٥) المعجم الكبير : ٦ / ٢٦٩ ح ٦١٨٤ ، كفاية الطالب : ص ١٨٧ باب ٤٤ ، تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ١٣٠ ، كنز العمال : ١١ / ٦١٦ ح ٣٢٩٩٠.

٤٤١

٣ ـ عن ابن عبّاس وأبي ذرّ قالا : «سمعنا النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ : أنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يَفْرُقُ بين الحقِّ والباطل».

أخرجه محبُّ الدين في الرياض (١) (٢ / ١٥٥) وقال : وفي رواية : «وأنت يعسوب الدين» عن الحاكمي (٢). والقرشي في شمس الأخبار (٣) (ص ٣٥) وفيه : «وأنت يعسوب المؤمنين». ورواه مع الزيادة شيخ الإسلام الحمّوئي في الفرائد (٤) في الباب الرابع والعشرين. وابن أبي الحديد عن أبي رافع في شرح النهج (٥) (٣ / ٢٥٧) ولفظه : قال أبو رافع : أتيت أبا ذر بالربذة أُودِّعهُ ، فلمّا أردتُ الانصراف قال لي ولأُناس معي : ستكون فتنةٌ فاتّقوا الله وعليكم بالشيخ عليِّ بن أبي طالب فاتّبعوه ؛ فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له : «أنت أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدِّيق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يَفْرُق بين الحقِّ والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الكافرين ، وأنت أخي ووزيري ، وخير من أترك بعدي ، وتنجزُ موعدي».

وذكره القاضي الإيجي في المواقف (٦) (٣ / ٢٧٦) ، والصفوري في نزهة المجالس (٢ / ٢٠٥).

٤ ـ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «قال لي ربّي ليلةَ أُسري بي : من خَلَّفْتَ على أمّتك يا محمد؟ قال : قلت : يا ربّ أنت أعلم.

__________________

(١) الرياض النضرة : ٣ / ٩٦.

(٢) الحاكمي أحمد بن إسماعيل الطالقاني في الأربعين المنتقى : ح ٢٨ باب ٢١ ، وفيه قبله : أنت أوّل مَن آمن بي وصدّقني وأنت أوّل من يصافحني يوم القيامة وأنت الصدّيق ... وأنت يعسوب المؤمنين. (الطباطبائي)

(٣) مسند شمس الأخبار : ١ / ٩٤.

(٤) فرائد السمطين : ١ / ١٤٠ ح ١٠٢ ، ١٠٣.

(٥) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٢٨ خطبة ٢٣٨.

(٦) المواقف : ص ٤٠٩.

٤٤٢

قال : يا محمد انتجبتك (١) برسالتي ، واصطفيتك لنفسي ، وأنت نبيّي وخيرتي من خلقي ، ثمّ الصدِّيقُ الأكبر الطاهر المطَهّر الذي خلقتُه من طينتك وجعلتُه وزيرك وأبا سبطَيك السيِّدين الشهيدين الطاهرين المطهَّرين سيِّدَي شباب أهل الجنّة وزوّجته خير نساء العالمين ، أنت شجرةٌ وعليٌّ أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتُهما من طينة عِلِّيِّين وخلقتُ شيعتَكم منكم ، إنَّهم لو ضُربوا على أعناقِهم بالسيوف ما ازدادوا لكم إلاّ حبّا. قلت : يا ربّ ومن الصدِّيق الأكبر؟

قال : أخوك عليٌّ بن أبي طالب». أخرجه القرشي في شمس الأخبار (٢) (ص ٣٣)

٥ ـ عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : «أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصدِّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب مُفترٍ ، لقد صلّيتُ قبلَ الناس سبعَ سنين».

أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح ، والنسائي في الخصائص (ص ٣) بسند رجاله ثقات ، وابن أبي عاصم في السنّة ، والحاكم في المستدرك (٣ / ١١٢) وصحّحه ، وأبو نعيم في المعرفة ، وابن ماجة في سننه (١ / ٥٧) بسند صحيح ، والطبري في تاريخه (٢ / ٢١٣) بإسناد صحيح ، والعقيلي ، والخلعي ، وابن الأثير في الكامل (٢ / ٢٢) ، وابن أبي الحديد في شرح النهج (٣ / ٢٥٧) ، ومحبّ الدين الطبري في الذخائر (ص ٦٠) ، والرياض (٢ / ١٥٥ ، ١٥٨ ، ١٦٧) ، والحمّوئي في الفرائد في الباب التاسع والأربعين ، والسيوطي في الجمع كما في ترتيبه (٦ / ٣٩٤) ، وفي طبقات الشعراني (٢ / ٥٥) : قال عليٌّ رضى الله عنه : «أنا الصدِّيقُ الأكبر لا يقولُها بعدي إلاّ كاذب» (٣).

__________________

(١) في المصدر : إنّني اجتبيتك.

(٢) مسند شمس الأخبار : ١ / ٨٩.

(٣) المصنّف : ١٢ / ٦٥ ح ١٢١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ص ٢٥ ح ٧ ، وفي السنن الكبرى : ٥ / ١٠٧ ح ٨٣٩٥ ، السنّة لابن أبي عاصم : ص ٥٨٤ ح ١٣٢٤ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٢١ ح ٤٥٨٤ ، معرفة الصحابة : ١ / ٣٠١ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٤٤ ح ١٢٠ ، تاريخ الأمم

٤٤٣

٦ ـ عن معاذة قالت : سمعت عليّا ، وهو يخطب على منبر البصرة ، يقول : «أنا الصدِّيق الأكبر ، آمنتُ قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمتُ قبل أن يُسلِمَ أبو بكر».

أخرجه ابن قتيبة في المعارف (ص ٧٣) ، وابن أيّوب ، والعقيلي ، ومحبُّ الدين في الذخائر (ص ٥٨) ، والرياض (٢ / ١٥٥ ، ١٥٧) ، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج (٣ / ٢٥١ ، ٢٥٧) ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٦ / ٤٠٥) (١)

قوله :

إسماهما قُرِنا على سَطْرٍ

بظلِّ العرش راتبْ

أشار إلى حديث كتابة أسماء فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها في ظلِّ العرش وقد كتبت على باب الجنّة ، كما أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (١ / ٢٥٩) عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليلة عُرِج بي إلى السماء رأيتُ على باب الجنّة مكتوباً لا إله إلاّ الله ، محمدٌ رسول الله ، عليٌّ حبيب الله ، والحسن والحسين صَفْوَةُ الله ، فاطمةُ خِيرة الله ، على مبغضيهم لعنة الله». ورواه الخطيب الخوارزمي في مناقبه (٢) (ص ٢٤٠).

قوله :

كان الإلهُ وليَّها

وأمينُه جبريلُ خاطبْ

إشارةٌ إلى أنَّ الله تعالى هو زوَّج فاطمةَ عليّا ، وكان وليّ أمرها ، وخطب فيه

__________________

والملوك : ٢ / ٣١٠ ، الكامل في التاريخ : ١ / ٤٨٤ ، شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٠٠ خطبة ٢٣٨ ، الرياض النضرة : ٣ / ٩٦ و ١٠٠ و ١١١ ، فرائد السمطين : ١ / ٢٤٨ ح ١٩٢ ، كنز العمال : ١٣ / ١٢٢ ح ٣٦٣٨٩ ، الطبقات الكبرى : ٢ / ٦٠ رقم ٣١٥.

(١) المعارف : ص ١٦٩ ، الضعفاء الكبير : ٢ / ١٣١ رقم ٦١٦ ، الرياض النضرة : ٣ / ٩٥ و ٩٩ ، شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٠٠ و ٢٢٨ خطبة ٢٣٨ ، كنز العمال : ١٣ / ١٦٤ ح ٣٦٤٩٨.

(٢) المناقب : ص ٣٠٢ ح ٢٩٧.

٤٤٤

الأمين جبرئيل عليه‌السلام كما ورد عن جابر بن سَمُرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّها الناس ، هذا عليُّ بن أبي طالب أنتم تزعمون أنَّني أنا زوّجته ابنتي فاطمة ، ولقد خطبَها إليَّ أشراف قريش فلم أُجِب ، كلُّ ذلك أتوقّع الخبر من السماء حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان فقال : يا محمد ، العليُّ الأعلى يقرأ عليك السلام ، وقد جمع الروحانيِّين والكرّوبيِّين في وادٍ يُقال له : الأفْيَح. تحت شجرة طُوبى وزوّج فاطمة عليّا ، وأمرني فكنت الخاطب ، والله تعالى الوليّ». كفاية الطالب (١) (ص ١٦٤).

وأخرج محبُّ الدين الطبري في الذخائر (ص ٣١) عن عليٍّ قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتاني مَلَكٌ فقال : يا محمد ، إنَّ الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك : إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من عليِّ بن أبي طالب في الملأ الأعلى فزوِّجها منه في الأرض».

وأخرج الغسّاني والخطيب في تاريخه (٤ / ١٢٩) بالإسناد عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : «أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيح العُرس رِعْدة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا فاطمة ، إنّي زوّجتُكِ سيِّداً في الدنيا وإنَّه في الآخرة لمن الصالحين.

يا فاطمة إنّي لمّا أردت أن أُمْلِكَكِ لعليٍّ أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصفَّ الملائكة صفوفاً ثمّ خطب عليهم جبريل فزوّجك من عليّ ، ثمّ أمَرَ شجَر الجِنان فحملت الحُلِيَّ والحُلَل ثمّ أمرَها فنثرتْهُ على الملائكة ، فمن أخذَ منهم يومئذٍ أكثر ممّا أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة.

قالت أمُّ سلمة : فلقد كانت فاطمة تَفخَرُ على النساء ، حيث أوّلُ من خطب عليها جبريل».

وذكره الكنجي في الكفاية (٢) (ص ١٦٥) ثمّ قال : حديثٌ حسنٌ عالٍ رُزِقناه

__________________

(١) كفاية الطالب : ص ٣٠٠ باب ٧٩.

(٢) المصدر السابق : ص ٣٠١ باب ٨٠.

٤٤٥

عالياً. ومحبُّ الدين في الذخائر (ص ٣٢).

وروى الصفوري في نزهة المجالس (٢ / ٢٢٥) عن جبرئيل أنّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :

إنَّ الله أمَر رضوان أن يَنصِب منبر الكرامة على باب البيت المعمور ، وأمر ملكاً يُقال له راحيل أن يصعده ، فعلا المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله فارتجّت السماوات فرحاً وسروراً ، وأوحى الله إليَّ : أنِ اعقِدْ عُقدةَ النكاح ، فإنّي زوّجتُ عليّا بفاطمة أمَتي بنت محمد رسولي ، فعقدتُ وأشهدتُ الملائكةَ وكتبت شهادتهم في هذه الحريرة ، وإنّي أُمرت أن أعرِضَها عليك ، وأَخْتِمَها بخاتَم مسكٍ أبيض ، وأدفعها إلى رضوان خازن الجنان. وهناك في هذا المعنى أخبارٌ كثيرةٌ.

قوله :

والمهر خُمس الأرض مو

هبةٌ تعالت في المواهبْ

أشار به إلى ما أخرجه شيخ الإسلام الحمّوئي في فرائد السمطين (١) في الباب الثامن عشر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال لعليِّ : «يا عليُّ إنَّ الأرض لله يورِثُها من يَشاءُ من عباده ، وإنَّه أوحى إليَّ أن أزوِّجَكَ فاطمة على خمس الأرض ، فهي صداقها ، فمن مشى على الأرض وهو لكم مُبْغِضٌ فالأرض حرامٌ عليه أن يمشي عليها».

قوله :

ونهابها من حِمْلِ طوبى

طُيِّبت تلك المناهبْ

أشار إلى حديث النثار المرويِّ عن بلال بن حمامة قال : «طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم متبسِّماً ضاحكاً ووجهه مسرورٌ كدارَةِ القمر ، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ما هذا النور؟

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٩٥ ح ٦٤.

٤٤٦

قال : بِشارةٌ أتَتني من ربِّي في أخي وابن عمّي بأنّ الله زوّج عليّا من فاطمة ، وأمر رضوان خازن الجنان فهزَّ شجرة طوبى فحملتْ رِقاعاً ـ يعني صِكاكاً ـ بعدد محبّي أهل البيت ، وأنشأ تحتها ملائكةً من نور ودفع إلى كلِّ ملك صِكاكاً ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق ، فلا يبقى مُحِبٌّ لأهل البيت إلاّ دفعت له صكّا فيه فكاكُهُ من النار ، فصار أخي وابن عمّي وابنتي فُكّاك رقاب رجال ونساء من أمّتي من النار».

أخرجه (١) الخطيب في تاريخه (٤ / ٢١٠) ، وابن الأثير في أسد الغابة (١ / ٢٠٦) ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ، وأبو بكر الخوارزمي في المناقب ، وابن حجر في الصواعق (ص ١٠٣) ، والصفوري في نزهة المجالس (٢ / ٢٢٥) ، والحضرمي في رشفة الصادي (ص ٢٨).

وأخرج أبو عبد الله الملاّ في سيرته (٢) عن أنس قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال لعليّ : «هذا جبريلُ يخبرُني أنّ الله زوَّجَكَ فاطمة وأشْهَدَ على تزويجها أربعين ألف مَلَك ، وأوحى إلى شجرة طوبى : أن انثري عليهم الدرّ والياقوت ، فنثرت عليهم الدرّ والياقوت ، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطنَ من أطباق الدرّ والياقوت ، فهم يتهادَونَهُ بينهم إلى يوم القيامة». ورواه محبُّ الدين في الذخائر (ص ٣٢) ، وفي الرياض (٣) (٢ / ١٨٤) ، والصفوري في نزهة المجالس (٢ / ٢٢٣).

ومن شعر العبدي :

يا سادتي يا بَنِي عليٍ

يا آلَ طه وآلَ صادِ

__________________

(١) أسد الغابة : ١ / ٢٤٢ رقم ٤٩٢ ، الفصول المهمّة : ص ٢٦ ، المناقب : ص ٣٤١ ح ٣٦١ ، الصواعق المحرقة : ص ١٧٣.

(٢) وسيلة المتعبدين : مج ٥ / ق ٢ / ١٦٤.

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١٣٠.

٤٤٧

مَن ذا يُوازيكمُ وأنتمْ

خلائفُ الله في البلادِ

أنتم نجومُ الهدى اللواتي

يهدي بها اللهُ كلَّ هادِ

لو لا هُداكمْ إذاً ضَلَلْنا

والتبسَ الغيُّ بالرشادِ

لا زلتُ في حُبِّكمْ أُوالي

عمري وفي بُغْضِكم أُعادي

وما تزوَّدتُ غيرَ حبِّي

إيّاكمُ وهو خير زادِ

وذاك ذُخري الذي عليهِ

في عَرْصَةِ الحَشْر اعتمادي

وَلاكُمُ والبراءُ ممّنْ

يشنأكُمُ اعتقادي

وللعبديِّ قوله :

وزُوِّجَ في السماءِ بأمر ربِّي

بفاطمةَ المهذَّبةِ الطَهُورِ

وصُيِّر مَهْرُها خُمساً بأرضٍ

لما تحويهِ من كَرْمٍ وحورِ

فذا خيرُ الرجالِ وتلك خير ال

 ـ نساء وَمَهْرُها خير المُهورِ (١)

وله :

إذ أتَتْهُ البتولُ فاطمُ تبكي

وتُوالي شهيقَها والزفيرا

اجتمعن النساءُ عندي وأقبلنَ

يُطِلْنَ التقريعَ والتعييرا

قُلْنَ إنَّ النبيَّ زَوَّجَكِ اليومَ

عليّا بَعْلاً مُعيلاً فقيرا

قال يا فاطمُ اصبري واشكري لل

 ـ لهِ قد نِلْتِ منه فضلاً كبيرا

أمر اللهُ جبرئيلَ فنادى

مُعلناً في السماءِ صوتاً جَهيرا

اجتمعن الأملاكُ حتى إذا ما

وَردُوا بيتَ ربِّنا المعمورا

قام جبريلُ خاطباً يُكثِر ال

 ـ تحميدَ للهِ جَلَّ والتكبيرا

خُمسُ أرضي لها حلالٌ فصيّر

هُ على الخَلْقِ دونَها مَبرورا

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٦٩.

٤٤٨

نثرت عند ذاك طوبى على الحور

من المِسْكِ والعبير نثيرا (١)

بيانٌ :

إذ أتته البتولُ فاطمُ تبكي

وتُوالي شهيقها والزفيرا

إشارة إلى ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عبّاس والخطيب بإسناده في تاريخه (٤ / ١٩٥) عن ابن عبّاس قال : لَمّا زوَّج النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاطمة من عليّ قالت فاطمة : «يا رسول الله زوَّجتَني من رجل فقير ليس له شيء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ترضين؟ إنَّ الله اختار من أهل الأرض رجلين ؛ أحدهما أبوك والآخر زوجك». وذكره الحاكم في المستدرك (٢) (٣ / ١٢٩) وصحَّحه. والهيثمي في المجمع (٩ / ١١٢) ، والسيوطي في الجمع كما في ترتيبه (٣)) (٦ / ٣٩١) ، والصفوري في النزهة (٢ / ٢٢٦).

وفي نزهة المجالس (٢ / ٢٢٦) عن العقائق : إنّ فاطمة بكت ليلة عُرْسِها فسألها النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت له : «تعلمُ أنّي لا أُحِبُّ الدنيا ولكنْ نظرتُ إلى فقري في هذه الليلة فخشيت أن يقول لي عليٌّ : بأيّ شيء جئت؟. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : لكِ الأمان ؛ فإنَّ عليّا لم يزل راضياً مرضيّا».

ثمَّ بعد ذلك تزوّجت امرأة من اليهود ، وكانت كثيرة المال ، فدعت النساء إلى عُرسِها فلبسْن أفخر ثيابهنَّ ثمَّ قلن : نُريد أن ننظر إلى بنت محمد وفقرها. فدعونها ، فنزل جبريل بحُلّة من الجنّة ، فلمّا لبستْها واتّزرت وجلستْ بينهنَّ رفعت الإزار فلمعت الأنوار فقالت النساء : من أين لكِ هذا يا فاطمة؟ فقالت : من أبي. فقلن : من

__________________

(١) سيأتي في الجزء الرابع أنَّ هذه الأبيات جزء من قصيدة طويلة لعليّ بن حمّاد العبدي وليست للمترجم له.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٤٠ ح ٤٦٤٥.

(٣) كنز العمال : ١٣ / ١٠٨ ح ٣٦٣٥٥.

٤٤٩

أين لأبيكِ؟ قالت : من جبريل. قلن : من أين لجبريل؟ قالت : من الجنّة. فقلن : نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسول الله ، فمن أسلم زوجُها استمرّت معه وإلاّ تزوّجت غيره.

مرَّ بيان ما في بقيّة الأبيات من الحديث المأثور. وللعبديّ قوله من قصيدة يمدح بها عليّا عليه‌السلام :

وكان يقول يا دنياي غرِّي

سواي فلستُ من أهلِ الغرورِ

ومن أخرى :

لم تشتمل قلبَهُ الدنيا بزُخْرُفِها

بل قال غرِّي سواي كلّ محتقَرِ (١)

أشار بهما إلى ما في حديث ضِرار بن ضمرة الكِناني ، لمّا وصف أمير المؤمنين لمعاوية بن أبي سفيان قال : لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سُدولَه ، وغارت نجومُهُ ، قابضاً على لحيته ، يتململ تَملمُلَ السليم ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : «يا دنيا يا دنيا ، غرّي غيري ، إليَّ تعرّضتِ؟ أم إليَّ تشوّقتِ؟ هيهات هيهات قد باينتُكِ ثلاثاً لا رجعة فيها ، فعمرُكِ قصيرٌ ، وعيشُكِ حقيرٌ ، وخَطَرُكِ يسيرٌ». الحديث.

أخرجه أبو نعيم في الحلية (١ / ٨٤) ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب (٢) ، وابن عساكر في تاريخه (٣) (٧ / ٣٥) وكثيرون آخرون من الحفّاظ والمؤرِّخين.

وله قوله :

لَما أتاهُ القومُ في حُجُراتِهِ

والطُّهْرُ يخصِفُ نعلَهُ ويُرَقِّعُ

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٦٩.

(٢) الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٠٨ رقم ١٨٥٥.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ٨ / ٤٧٤ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ١٥٨.

٤٥٠

قالوا له إن كان أمرٌ من لنا

خَلَفٌ إليهِ في الحوادثِ نرجِعُ

قال النبيُّ خليفتي هو خاصفُ

النعلِ الزكيُّ العالمُ المتورِّعُ (١)

أشار بهذه الأبيات إلى حديث أمّ سلمة قالت لعائشة أمّ المؤمنين في بدء واقعة الجمل :

أُذْكِرُكِ كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر له ، وكان عليٌّ يتعاهد نعلَي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها ، فنُقبت له نعلٌ فأخذها يومئذٍ يخصفها وقعد في ظلِّ سمرة ، وجاء أبوكِ ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ، ودخلا يُحدِّثانه فيما أرادا ، ثمّ قالا : يا رسول الله إنّا لا ندري قَدْر ما تصحبنا فلو أعلَمْتنا مَن يُستخلَف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً.

فقال لهما : «أما إنّي قد أرى مكانه ولو فعلتُ لتفرّقتم عنه كما تفرّقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران» فسكتا ثمّ خرجا ، فلمّا خرجنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلتِ له وكنتِ أجرأ عليه منّا : من كنت يا رسول الله مستخلفاً عليهم؟ فقال : «خاصف النعل». فنزلنا فلم نرَ أحداً إلاّ عليّا ، فقلتِ : يا رسول الله ما أرى إلاّ عليّا ، فقال : «هو ذاك». فقالت عائشة : نعم أذكرُ ذلك. فقالت : فأيَّ خروجٍ تخرجين بعد هذا؟ فقالت : إنّما أخرج للإصلاح بين الناس ، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله.

فقالت : أنتِ ورأيك. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (٢) (٢ / ٧٨).

ولشاعرنا العبديِّ قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه‌السلام :

يا من شكَتْ شوقَهُ الأملاكُ إذ شُغِفَتْ

بحُبِّهِ وهواهُ غايةَ الشغَفِ

فصاغ شِبْهَكَ ربُّ العالمين فما

ينفكُّ من زائرٍ منها ومُعتكفِ

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٦٩.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٢١٨ خطبة ٧٩.

٤٥١

وله في مدحه ـ صلوات الله عليه ـ :

صوّرَ اللهُ لأملاكِ العُلى

مِثْلَهَ أعظمه في الشرفِ

وهي ما بين مُطيفٍ زائرٍ

ومُقيمٍ حَولَهُ مُعتكفِ

هكذا شاهدَهُ المبعوثُ في

ليلةِ المعراجِ فوق الرَفْرَفِ (١)

في هذه الأبيات إشارة إلى حديث الحافظ المتقن الكبير ، الثقة يزيد بن هارون عن حميد الطويل الثقة ، عن أنس بن مالك ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مررت ليلة أُسرِيَ بي إلى السماء ، فإذا أنا بمَلَكٍ جالس على منبر من نور والملائكة تُحْدِقُ به. فقلت : يا جبرئيل من هذا المَلَك؟ قال : أُدنُ منه وسلّم عليه. فدنوت منه وسلّمتُ عليه ، فإذا أنا بأخي وابن عمّي عليِّ بن أبي طالب.

فقلت : يا جبرئيل سبقني عليٌّ إلى السماء الرابعة؟ فقال لي : يا محمد لا ، ولكنَّ الملائكة شَكَتْ حُبّها لعليّ ، فخلق الله تعالى هذا الملك من نورٍ على صورة عليّ ، فالملائكة تزوره في كلِّ ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرّة ، يسبِّحون الله ويقدِّسونه ويُهدون ثوابه لُمحبِّ عليٍّ». أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية (٢) (ص ٥١) وقال : هذا حديثٌ حسنٌ عال لم نكتبه إلاّ من هذا الوجه.

ومن شعر العبديِّ قوله :

وزوّجَهُ بفاطم ذو المعالي

على الأرغام من أهل النفاقِ

وخُمسُ الأرض كان لها صَداقاً

ألا للهِ ذلكَ من صَداقِ (٣)

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٧١.

(٢) كفاية الطالب : ص ١٣٢ باب ٢٦.

(٣) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٧٠.

٤٥٢

وقوله يمدح به أمير المؤمنين :

وكم غمرةٍ للموتِ في الله خاضَها

ولُجّةِ بحرٍ في الحُكوم أقامها

وكم ليلةٍ ليلاء للهِ قامها

وكم صبحةٍ مشجورةِ الحرِّ صامها

وقوله في مدحه عليه‌السلام :

أنت عين الإله والجَنْبُ من ف

 ـ رّط فيه يصلى لَظىً مذموما

أنتَ فُلْكُ النجاةِ فينا وما زل

 ـ تَ صِراطاً إلى الهدى مستقيما

وعليك الورودُ تَسقي من الحو

ض ومن شئت ينثني محروما

وإليك الجواز تُدْخِلُ مَن شئتَ

جِناناً ومَن تشاءُ جحيما (١)

مرَّ بيان ما في بعض هذه الأبيات.

قوله :

وعليك الورودُ تسقي من الحو

ض ومن شئت ينثني محروما

فيه إيعازٌ إلى أنَّ سقاية الحوض ـ الكوثر ـ يوم القيامة بيد عليّ أمير المؤمنين ، يسقي منه محبّيه ومواليه ويذود عنه المنافقين والكفّار ، وورد في ذلك أحاديث في الصحاح والمسانيد ونحن نذكر بعضها :

١ ـ أخرج الطبراني (٢) بإسناد رجاله ثقاتٌ عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «يا عليُّ معك يوم القيامة عصا من عُصِيِّ الجنة تذود بها المنافقين عن الحوض». الذخائر (ص ٩١) ، الرياض (٣) (٢ / ٢١١) ، مجمع

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٦٩.

(٢) المعجم الصغير : ٢ / ٨٩.

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١٦٣.

٤٥٣

الزوائد (٩ / ١٣٥) ، الصواعق (١) (ص ١٠٤).

٢ ـ أخرج أحمد في المناقب (٢) بإسناده عن عبد الله بن إجارة قال :

سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وهو على المنبر يقول : «أنا أذودُ عن حوض رسول الله بيديَّ هاتين القصيرتين الكفّار والمنافقين كما تذود السقاة غريبةَ الإبل عن حِياضهم».

ورواه الطبراني في الأوسط. وذكر في مجمع الزوائد (٩ / ١٣٥) ، والرياض النضرة (٣) (٢ / ٢١١) ، وكنز العمال (٤) (٦ / ٤٠٣).

٣ ـ أخرج ابن عساكر في تاريخه (٥) بإسناده عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليّ : «أنت أمامي يوم القيامة ، فيدفعُ إليَّ لواء الحمد فأدْفعُه إليك ، وأنت تذود الناس عن حوضي». وذكره السيوطي في الجمع كما في ترتيبه (٦) (٦ / ٤٠٠) وفي (ص ٣٩٣) عن ابن عبّاس عن عمر في حديث طويل عنه صلى الله عليه وسلم : «وأنت تتقدَّمني بلواءِ الحمد وتذودُ عن حوضي».

٤ ـ أخرج أحمد في المناقب (٧) بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أُعطيت في عليٍّ خَمساً هو أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها ، أمّا واحدة : فهو تُكَأتي بين يدي الله حتى يفرغ من الحساب. وأمّا الثانية : فلواء

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ص ١٧٤.

(٢) مناقب عليّ : ص ٢٠٠ ح ٢٧٩ ، وفي فضائل الصحابة : ح ١١٥٧.

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١٦٣.

(٤) كنز العمّال : ١٣ / ١٥٧ ح ٣٦٤٨٤.

(٥) تاريخ مدينة دمشق : ١٠ / ١٥٥ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٥ / ١٣.

(٦) كنز العمّال : ١٣ / ١٤٥ ح ٣٦٤٥٥ ، ص ١١٧ ح ٣٦٣٧٨.

(٧) مناقب عليّ : ص ١٨٢ ح ٢٥٥ ، وفي فضائل الصحابة : ح ١١٢٧.

٤٥٤

الحمد بيده ، آدم ومن ولده تحته. وأمّا الثالثة : فواقفٌ على عُقْرِ حوضي يَسقي من عرَف من أمّتي». الحديث.

وذكر في الرياض النضرة (١) (٢ / ٢٠٣) ، وكنز العمّال (٢) (٦ / ٤٠٣).

٥ ـ أخرج شاذان الفضيلي بإسناده عن أمير المؤمنين قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا عليّ سألت ربّي فيك خمس خصال فأعطاني.

أمّا الأولى : فإنّي سألت ربِّي أن تنشقَّ عنّي الأرض وأنْفُضَ التراب عن رأسي وأنت معي ، فأعطاني. وأمّا الثانية : فسألتُهُ : أن يوقفني عند كفَّة الميزان وأنت معي ، فأعطاني. وأمّا الثالثة : فسألته : أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر عليه المفلحون والفائزون بالجنّة ، فأعطاني. وأمّا الرابعة : فسألتُ ربِّي أن تسقي أمّتي من حوضي ، فأعطاني. وأمّا الخامسة : فسألتُ ربّي : أن يجعلك قائدَ أمّتي إلى الجنّة ، فأعطاني. فالحمد للهِ الذي منَّ به عليَّ».

وتجده في المناقب للخطيب الخوارزمي (ص ٢٠٣) ، وفرائد السمطين في الباب الثامن عشر ، وكنز العمّال (٦ / ٤٠٢) (٣).

٦ ـ أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة في حديث قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كأنّي بك يا عليُّ وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وإنّ عليه لأباريقَ مثل عدد نجوم السماء ، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنَّة إخواناً على سُرُرٍ متقابلين ، أنت معي وشيعتك في الجنّة». مجمع الزوائد (٩ / ١٧٣).

__________________

(١) الرياض النضرة : ٣ / ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) كنز العمّال : ١٣ / ١٥٤ ح ٣٦٤٧٩.

(٣) المناقب : ص ٢٩٣ ح ٢٨٠ ، فرائد السمطين : ١ / ١٠٦ ح ٧٥ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٥٢ ح ٣٦٤٧٦.

٤٥٥

٧ ـ عن جابر بن عبد الله في حديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«يا عليُّ والذي نفسي بيده إنَّك لذائدٌ عن حوضي يوم القيامة ، تذود عنه رجالاً كما يُذادُ البعير الضالُّ عن الماء بعصاً لك من عَوْسَج ، وكأنّي أنظر إلى مقامك من حوضي». مناقب الخطيب (١) (ص ٦٥).

٨ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (٢) (٣ / ١٣٨) بإسناده وصحَّحه عن عليّ بن أبي طلحة قال :

حَجَجْنا فمررنا على الحسن بن عليّ بالمدينة ومعنا معاوية بن حُديج ـ بالتصغير ـ فقيل للحسن : إنّ هذا معاوية بن حُديج السابّ لعليّ. فقال : «عليَّ به. فأُتي به. فقال : أنت السابُّ لعليّ؟ فقال : ما فعلتُ.

فقال : والله إن لَقِيته ، وما أحسَبُك تلقاه يوم القيامة لَتجده قائماً على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم يذود عنه رايات المنافقين ، بيده عصاً من عوسج ، حدّثنيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى».

وأخرجه الطبراني (٣) وفي لفظه : «لَتَجِدَنّه مُشَمِّراً حاسراً عن ذراعيه ، يذود الكفّار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الصادق المصدوق محمد».

__________________

(١) المناقب : ص ١٠٩ ح ١١٦.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٤٨ ح ٤٦٦٩. ورواه ابن سعد في كتاب الطبقات الكبير في ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام : ح ١٤٤ ، والبلاذري في أنساب الأشراف في ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام : ٣ / ١٠ ح ٩ ، والطبراني في المعجم الكبير : ٣ / ٨١ ، ٩١ ح ٧٢٧ ، ٢٢٧٥٨. وأخرجه أبو نعيم في كتاب صفة النفاق ، وأبو القاسم الخرْفي في أماليه ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة معاوية بن حديج بأربعة طرق ، وأورده العصامي في سمط النجوم العوالي : ٢ / ٤٩٥. (الطباطبائي)

(٣) المعجم الكبير : ٣ / ٩١ ح ٢٧٥٨.

٤٥٦

قوله :

وإليك الجواز تُدخل من شئت

جِناناً ومَن تشاءُ جحيما

أشار به إلى معنىً ورد في أخبار كثيرة ، نقتصر بذكر بعضها :

١ ـ أخرج الحافظ ابن السمان في الموافقة عن قيس بن حازم ، قال :

التقى أبو بكر الصدّيق وعليّ بن أبي طالب فتبسّم أبو بكر في وجه عليّ ، فقال له : ما لك تبسّمت؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا يجوز أحدٌ الصراط إلاّ من كَتَبَ له عليٌّ الجواز». وذُكر في الرياض النضرة (١) (٢ / ١٧٧ و ٢٤٤) ، والصواعق (٢) (ص ٧٥) ، وإسعاف الراغبين (ص ١٦١).

٢ ـ عن مجاهد عن ابن عبّاس قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا كان يوم القيامة أقام الله جبريل ومحمداً على الصراط ، فلا يجوز أحدٌ إلاّ من كان معه براءةٌ من عليِّ بن أبي طالب». أخرجه الخطيب الخوارزمي في المناقب (٣) (ص ٢٥٣) ، والفقيه ابن المغازلي في المناقب (٤) بلفظ : «عليٌّ يوم القيامة على الحوض ، لا يَدْخلُ إلاّ من جاء بجواز من عليِّ بن أبي طالب». وذكره القرشيُّ في شمس الأخبار (٥) (ص ٣٦).

٣ ـ أخرج الحاكمي (٦) عن عليّ قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة ، ونصب

__________________

(١) الرياض النضرة : ٣ / ١٢٢ و ٢٠٣.

(٢) الصواعق المحرقة : ص ١٢٦.

(٣) المناقب : ص ٣١٩ ح ٣٢٤.

(٤) مناقب عليّ بن أبي طالب : ص ١١٩ ح ١٥٦.

(٥) مسند شمس الأخبار : ١ / ٩٧ باب ٦.

(٦) أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني في الأربعين المنتقى في فضائل علي المرتضى : ج ٤٠ باب ٣٣.

٤٥٧

الصراط على جسر جهنم ما جازها أحدٌ ، حتى كانت (١) معه براءة بولاية عليِّ بن أبي طالب». وذُكر في فرائد السمطين (٢) في الباب الرابع والخمسين ، والرياض النضرة (٣) (٢ / ١٧٢).

٤ ـ عن الحسن البصري عن عبد الله قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا كان يوم القيامة يقعد عليُّ بن أبي طالب على الفردوس ، وهو جبلٌ قد علا على الجنّة وفوقه عرش ربِّ العالمين ، ومن سفحه يتفجّرُ أنهار الجنّة وتتفرّق في الجنان ، وهو جالسٌ على كرسيّ من نور يجري بين يديه التسنيم ، لا يجوز أحدٌ الصراط إلاّ ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته ، يُشرِف على الجنَّة ، فيُدْخِلُ محبّيه الجنَّة ومبغضيه النار». أخرجه الخوارزمي في المناقب (٤) (ص ٤٢) ، والحمّوئي في فرائد السمطين (٥) في الباب الرابع والخمسين.

٥ ـ أخرج القاضي عياض في الشفا (٦) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال :

«معرفة آل محمد براءةٌ من النار ، وحبُّ آل محمد جوازٌ على الصراط ، والولاية لآل محمد أمانٌ من العذاب». ويوجد في الصواعق (٧) (ص ١٣٩) ، والإتحاف (ص ١٥) ، ورشفة الصادي (ص ٤٥٩).

٦ ـ أخرج الخطيب في تاريخه (٣ / ١٦١) عن ابن عبّاس قال :

قلت للنبيّ صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله للنار جواز؟ قال : «نعم. قلت : وما هو؟ قال :

__________________

(١) كذا في الرياض النضرة ، وفي فرائد السمطين : إلاّ من كانت.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ٢٨٩ ح ٢٢٨.

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١١٦.

(٤) المناقب : ص ٧١ ح ٤٨.

(٥) فرائد السمطين : ١ / ٢٩٢ ح ٢٣٠.

(٦) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٢ / ١٠٥.

(٧) الصواعق المحرقة : ص ٢٣٢.

٤٥٨

حبُّ عليِّ بن أبي طالب». ويأتي حديث : «عليٌّ قسيم الجنّة والنار» في محلّه إن شاء الله تعالى.

ومن شعر العبديِّ يمدح أمير المؤمنين :

وعلَّمَكَ الذي عَلِمَ البرايا

وألهَمَكَ الذي لا يعلمونا

فزادَك في الورى شَرَفاً وعِزّا

ومجداً فوق وَصْفِ الواصفينا

لقد أُعطِيتَ ما لم يُعطِ خلقاً

هنيئاً يا أمير المؤمنينا

إليكَ اشتاقتِ الأملاكُ حتى

تحنَّتْ من تشوُّقِها حنينا

هناكَ برا لها الرحمنُ شخصاً

كشِبْهِكَ لا يُغادرُهُ يقينا (١)

أشار بالبيت الأوّل إلى حديث مرّ (ص ٤١) ومرَّ بيان بقيّة الأبيات (ص ٢٨٨). ومن شعره :

لأنتُمْ على الأعرافِ أعرفُ عارفٍ

بسيما الذي يهواكمُ والذي يَشْنا (٢)

أئمّتُنا أنتمْ سنُدعى بِكمْ غداً

إذاما إلى ربِّ العبادِ مَعاً قُمْنا

بجدِّكُم خيرِ الورى وأبيكمُ

هُدينا إلى سُبُلِ النجاةِ وأُنقذْنا

ولولاكمُ لم يَخْلُقِ اللهُ خَلقَهُ

ولا لقَّبَ الدنيا الغَرورَ ولا كُنّا

ومن أجلكم أنشا الإلهُ لِخلقِهِ

سماءً وأرضاً وابتلى الإنس والجِنّا

تَجِلُّونَ عن شِبْهٍ من الناس كلِّهمْ

فشأنكُمُ أعلى وقدركُمُ أسنى

إذا مسَّنا ضُرٌّ دَعَونا إلهَنا

بموضِعكمْ منهُ فيكشفُه عنّا

وإن دَهَمَتَنا غُمّةٌ أو مُلِمَّةٌ

جعلناكُمُ منها ومن غيرها حصنا

وإن ضامَنا دهرٌ فعُذنا بعزِّكمْ

فيبعد عنّا الضيم لمّا بكم عُذنا

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٧١.

(٢) يشنأ : يبغض.

٤٥٩

وإن عارضتنا خِيفةٌ من ذنوبنا

بَراةٌ لنا منها شفاعتكم أمنا (١)

البيت الأوّل إشارةٌ إلى قوله تعالى في سورة الأعراف (٢) : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) وما ورد فيه.

أخرج الحاكم بن الحذّاء الحسكاني (٣) ، المترجم (١ / ١١٢) بإسناده عن أصبغ ابن نباتة ، قال : كنت جالساً عند عليّ فأتاه ابن الكوّاء فسأله عن قوله تعالى : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ ...). فقال : «ويحك يا ابن الكوّاء نحن نوقَفُ يوم القيامة بين الجنّة والنار ، فمن نَصَرَنا عَرَفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة ، ومن أبغَضَنا عَرَفناه بسيماه فأدخلناه النار».

وأخرج أبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (٤) في الآية الشريفة عن ابن عبّاس أنّه قال : الأعراف موضعٌ عالٍ من الصراط ، عليه العبّاس وحمزة وعليُّ بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين ، يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

ورواه ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول (ص ١٧) ، وابن حجر في الصواعق (٥) (ص ١٠١) ، والشوكاني في فتح القدير (٦) (٢ / ١٩٨).

والبيت الثاني إشارةٌ إلى قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (٧). وأئمّة الشيعة هم العترة الطاهرة يُدعَونَ بهم ويُحشَرون معهم ، إذ «المرء ـ كما قال النبيُ

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٧ / ٢٦٩.

(٢) الآية : ٤٦.

(٣) شواهد التنزيل : ١ / ٢٦٣ ح ٢٥٦.

(٤) الكشف والبيان : الورقة ٢٠٦ سورة الاعراف : آية ٤٦.

(٥) الصواعق المحرقة : ص ١٦٩.

(٦) فتح القدير : ٢ / ٢٠٨.

(٧) الإسراء : ٧١.

٤٦٠