الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥١

ورواها شيخنا الفقيه الكبير عماد الدين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد الطبري الآملي ، في الجزء الأوّل من بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (١) ، قال : أخبرنا الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شهريار الخازن بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام في شوال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محسن الخزاعي ، قال : حدّثنا أبو الطيِّب عليّ بن محمد بن بنان ، قال : حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السكري من كتابه ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن مسروق ببغداد من كتابه ، قال : حدّثنا محمد بن دينار الضبِّي ، قال : حدّثنا عبد الله بن الضحّاك ... إلى آخر السند والمتن.

وذكرها صاحب رياض العلماء (٢) في ترجمة الشريف المرتضى نقلاً عن شيخ الإسلام الحمّوئي.

الشاعر

محمد بن عبد الله الحميري زميل عمرو بن العاص ، أحسبه ابن القاضي عبد الله ابن محمد الحميري الذي قلّده معاوية بن أبي سفيان ديوان الخاتم ، وكان قاضياً كما ذكره الجهشياري في كتاب الوزراء والكتّاب (٣) (ص ١٥) قال : كان معاوية أوّل من اتّخذ ديوان الخاتم ، وكان سبب ذلك : أنّه كتب لعمرو بن الزبير بمائة ألف درهم إلى زياد وهو عامله على العراق ، ففضّ عمرو الكتاب وجعلها مائتي ألف درهم ، فلمّا رفع زياد حسابه قال معاوية : ما كتبت له إلاّ بمائة ألف. وكتب إلى زياد بذلك وأمره أن يأخذ المائة ألف منه ، فحبسه بها فاتّخذ معاوية ديوان الخاتم وقلّده عبد الله بن محمد الحميري وكان قاضياً ... انتهى.

__________________

(١) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ص ١٠ ـ ١١.

(٢) رياض العلماء : ٤ / ٥٩.

(٣) الوزراء والكتّاب : ص ٢٤.

٢٦١

ويُحتمل قويّا أن يكون صاحب الشعر هو القاضي عبد الله نفسه ، ووقع الاشتباه بتقديم الوالد على الولد.

وأمّا ديوان الخاتم فقد اخترعه معاوية ، قال ابن الطقطقي في الآداب السلطانية (١) (ص ٧٨) : وممّا اخترع معاوية من أمور الملك ديوان الخاتم ، وهذا ديوانٌ معتبرٌ من أكابر الدواوين ، لم تزل السنّة جارية به إلى أواسط دولة بني العبّاس فأُسقط ، ومعناه : أن يكون ديوانٌ وبه نوّابٌ ، فإذا صدر توقيعٌ من الخليفة بأمر من الأمور أُحضر التوقيع إلى ذلك الديوان ، وأُثبتت نسخته فيه ، وحُزم بخيط وخُتم بشمع ، كما يُفعل في هذا الزمان بكتب القضاة. وخُتم بختم صاحب ذلك الديوان.

__________________

(١) الآداب السلطانية : ص ١٠٧.

٢٦٢

شعراء الغدير

في

القرن الثاني

١. الكميت بن زيد.

٢. السيد إسماعيل بن محمد الحميري.

٣. العبدي سفيان بن مصعب الكوفي

٢٦٣
٢٦٤

٦ ـ

أبو المستهلّ الكميت

المولود (٦٠)

المتوفّى (١٢٦)

نفى عن عينكَ الأرقُ الهجوعا

وهمٌّ يمتري منها الدموعا

دخيلٌ في الفؤادِ يهيجُ سُقماً

وحزناً كان من جَذَلٍ (١) منوعا

وتوكافُ (٢) الدموع على اكتئابٍ

أحلَّ الدهر موجَعَهُ الضلوعا

ترقرق أسحماً دَرَراً وسكباً

يشبّه سحّها غرباً هَموعا (٣)

لفقدانِ الخضارمِ من قريشٍ

وخيرِ الشافعين معاً شفيعا

لدى الرحمن يصدعُ بالمثاني

وكان له أبو حسنٍ قَريعا (٤)

حَطوطاً في مسرّته ومولى

إلى مرضاة خالقِهِ سريعا

وأصفاه النبيُّ على اختيارٍ

بما أعيا الرفوض له المذيعا

ويوم الدوحِ دَوحِ غديرِ خمٍ

أبان له الولايةَ لو أُطيعا

ولكنَّ الرجالَ تبايعوها

فلم أَرَ مثلها خَطَراً مبيعا

__________________

(١) الجذل : الفرح. (المؤلف)

(٢) وكَفَ الدمع : سال.

(٣) رقرقت العين : أجرت دمعها. الأسحم : السحاب. يقال أسحمت السماء : صبّت ماءها. السحّ : الصبّ. الغرب : الدلو العظيمة. الهموع : السيّال. (المؤلف)

(٤) القريع : السيِّد. الرئيس. (المؤلف)

٢٦٥

فلم أبلغْ بها لعناً ولكنْ

أساءَ بذاك أوّلُهم صنيعا

فصار بذاك أقربَهم لعدلٍ

إلى جور وأحفظهم مضيعا

أضاعوا أمرَ قائدِهم فضلّوا

وأقومهم لدى الحدثانِ ريعا

تناسَوا حقّه وبَغَوا عليه

بلا تِرةٍ وكان لهم قريعا

فقل لبني أميّة حيثُ حَلُّوا

وإن خفتَ المُهنّد والقطيعا

ألا أُفٍّ لدهرٍ كنتُ فيه

هدانا طائعاً لكمُ مُطيعا

أجاع الله من أشبعتموهُ

وأشبع من بجوركُمُ أُجيعا

ويلعنُ فَذَّ أمّته جهاراً

إذا ساسَ البريّة والخليعا

بمرضيِّ السياسةِ هاشميٍ

يكون حَياً (١) لأمّته ربيعا

وليثاً في المشاهد غير نكْس

لتقويمِ البريّةِ مستطيعا

يُقيم أمورها ويذبُّ عنها

ويترك جدبَها أبداً مَريعا

ما يتبع الشعر

هذه من غرر قصائد الكميت ـ الهاشميّات ـ المقدَّرة بخمسمائة وثمانية وسبعين بيتاً كما نصَّ به صاحب الحدائق الورديّة (٢) ، غير أنَّه عاثت في طبعها يد النشر الأمينة على ودائع العلم ، فنقّصت منها شيئاً كثيراً لا يُستهان به مثل ما اجترحت في طبع ديوان حسّان والفرزدق وأبي نؤاس وغيرها كما مرّ (ص ٤١) ، وقد آنَ لِيَدِ التنقيب أن تميط الستار عن تلكم الجنايات المخبّأة ، فالمطبوع منها في ليدن سنة (١٩٠٤) يتضمّن (٥٣٦) بيتاً. والمشروحة بقلم الاستاذ محمد شاكر الخياط (٥٦٠) بيتاً. والمشروحة بقلم الاستاذ الرافعي (٤٥٨) بيتاً على هذا الترتيب.

من لقلبٍ متيَّمٍ مُستهامِ

غيرَ ما صبوةٍ ولا أحلامِ

__________________

(١) الحَيَا : المطر.

(٢) الحدائق الورديّة : ٢ / ٢٠٠.

٢٦٦

طبع ليدن والخيّاط (١٠٣) بيتاً ، ومشروحة الرافعي (١٠٢) [بيتاً].

طربتُ وما شوقاً إلى البيضِ أطرَبُ

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

طبع ليدن والخيّاط (١٤٠) [بيتاً] ، ومشروحة الرافعي (١٣٨) [بيتاً].

أنّى ومن أين آبَكَ الطربُ

من حيثُ لا صبوةٌ ولا رِيَبُ

طبع ليدن (١٣٣) [بيتاً] ، مشروحة الخيّاط (١٣٢) [بيتاً] ، مشروحة الرافعي (٦٧) بيتاً.

ألا هل عمٍ في رأيه متأمِّلُ

وهل مدبرٌ بعد الإساءة مقبلُ

طبع ليدن والخيّاط (١١١) [بيتاً] ، مشروحة الرافعي (٨٩) بيتاً.

طربت وهل بكَ من مطربِ

ولمْ تتصابَ ولم تلعبِ

طبع ليدن والخيّاط (٣٣) [بيتاً] ، مشروحة الرافعي (٢٨) بيتاً.

نفى عن عينكَ الأرقُ الهجوعا

وهمٌّ يمتري منها الدموعا

طبع ليدن (٢٠) [بيتاً] ، ومشروحة الخيّاط (٢١) [بيتاً] ، والرافعي (١٩) بيتاً.

سل الهمومَ لقلب غيرِ مَتبولِ

ولا رهينٍ لدى بيضاءَ عُطبولِ (١)

طبع ليدن والخيّاط (٧) أبيات ، وذكر الرافعي منها (٥) أبيات.

أهوى عليّا أميرَ المؤمنين ولا

أرضى بشتم أبي بكر ولا عمرا

طبع ليدن والخيّاط (٧) أبيات ، وحذف الرافعي منها بيتاً [واحداً].

__________________

(١) تبله الحب أو الدهر فهو متبول : أسقمه. العطبول : المرأة الجميلة ، الفتيّة الطويلة العنق. (المؤلف)

٢٦٧

ستّة أبيات فائيّة وقافيّة ونونيّة ولم يذكر الرافعي البيتين النونيّين ، فلمّا كانت العينيّة التي أثبتناها من الهاشميّات نذكر أوّلاً ما يخصُّ بها ، ثمَّ نورد ما يرجع إلى الهاشميّات جملة واحدة ، ونردفه بما ورد في بعض قصائدها غير العينيّة.

العينيّة من الهاشميات :

قال شيخنا المفيد في رسالته في معنى المولى (١) : الكميت ممّن استُشهد بشعره في كتاب الله ، وأجمع أهل العلم على فصاحته ومعرفته باللغة ، ورئاسته في النظم ، وجلالته في العرب ، حيث يقول :

ويوم الدوح دَوحِ غديرِ خمٍ

أبان له الولاية لو أُطيعا

أوجب له الإمامة بخبر الغدير ، ووصفه بالرئاسة من جهة المولى ، وليس يجوز على الكميت مع جلالته في اللغة والعربيّة وضع عبارة على معنىً لم توضع عليه قطُّ في اللغة ، ولا استعملها قبله أحدٌ من أهل العربيّة ، ولا عرفها بشيء كما وصف أحدٌ منهم ، لأنَّه لو جاز عليه جاز على غيره ممّن هو مثله وفوقه ودونه ، حتى تفسد اللغة بأسرها ، ولا يكون لنا طريقٌ إلى معرفة لغة العرب على الحقيقة ، وينغلق الباب في ذلك. انتهى.

وروى الكراجكي في كنز الفوائد (٢) (ص ١٥٤) بإسناده عن هنّاد (٣) بن السريّ قال : رأيت أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب في المنام ، فقال لي : يا هنّاد. قلت : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال : أنشدني قول الكميت :

__________________

(١) رسالة في معنى المولى ، المطبوع ضمن مصنّفات الشيخ المفيد : ٨ / ١٨.

(٢) كنز الفوائد : ١ / ٣٣٣.

(٣) يروي عنه البخاري وجمع كثير ، وثّقه النسائي وغيره ، وصدّقه أبو حاتم [الجرح والتعديل ٩ / ١١٩ رقم ٥٠١] ، ولد (١٥٢) ، وتوفّي (٢٤٣) ، راجع تهذيب التهذيب : ١١ / ٧١ [١١ / ٦٢ ـ ٦٣ رقم ١٠٩]. (المؤلف)

٢٦٨

ويوم الدوحِ دَوحِ غدير خُمّ

أبان له الولاية لو أُطيعا

قال : فأنشدته ، فقال لي : خذ إليك يا هنّاد ؛ فقلت : هات يا سيِّدي. فقال عليه‌السلام :

ولم أرَ مثل ذاك اليوم يوماً

ولم أرَ مثله حقّا أُضيعا

وقال الشيخ أبو الفتوح في تفسيره (١) (٢ / ١٩٣) : رُوي عن الكميت ، قال : رأيت أمير المؤمنين عليه‌السلام في المنام فقال :

أنشدني قصيدتك العينيّة ، فأنشدته حتى انتهيت إلى قولي فيها :

ويوم الدوح دَوح غدير خُمّ

أبان له الولاية لو أُطيعا

فقال ـ صلوات الله عليه ـ : صدقت. ثمّ أَنشد عليه‌السلام :

ولم أرَ مثلَ ذاك اليومِ يوماً

ولم أرَ مثله حقّا أُضيعا

ورواه السيِّد في الدرجات الرفيعة (٢) ، والعقيلي نقلاً عن منهاج الفاضلين للحموي ، ومرآة الزمان لابن الجوزي ، ورواه سبط ابن الجوزي الحنفيّ في تذكرته (٣) (ص ٢٠) عن شيخه عمرو بن صافي الموصلي ، عن بعض.

وقال المرزباني في معجم الشعراء (٤) (ص ٣٤٨) : مذهب الكميت في التشيّع ومدح أهل البيت عليهم‌السلام في أيام بني أميّة مشهور ، ومن قوله فيهم :

فقل لبني أميّة حيث حَلُّوا

وإن خفتَ المهنّدَ والقطيعا

أجاعَ اللهُ من أشبعتموهُ

وأشبع من بجورِكُمُ أُجيعا

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي : ٤ / ٢٨٠.

(٢) الدرجات الرفيعة : ص ٥٧٩.

(٣) تذكرة الخواص : ص ٣٣ ـ ٣٤.

(٤) معجم الشعراء : ص ٢٣٩.

٢٦٩

ويُروى : أنّ أبا جعفر محمد بن عليّ ، الإمام الطاهر رضى الله عنه لمّا أنشده الكميت هذه القصيدة دعا له. انتهى.

وفي الصراط المستقيم للبياضي العاملي (١) : أنّه روى ابن الكميت : أنَّه رأى النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم فقال : أنشدني قصيدة أبيك العينيّة ، فلمّا وصل إلى قوله :

ويوم الدوح دَوح غدير خمِ

أبان له الولاية لو أُطيعا

بكى بكاءً شديداً ، وقال : صدق أبوك رحمه‌الله ، إي والله لم أرَ مثله حقّا أُضيعا.

الهاشميّات :

ذكرها له المسعودي في مروج الذهب (٢) (٢ / ١٩٤) ، وقال أبو الفرج (٣) والسيِّد العبّاسي (٤) : قصائد الكميت الهاشميّات من جيِّد شعره ومختاره. وقال الآمدي (٥) وابن عمر البغدادي (٦) : للكميت بن زيد في أهل البيت الأشعار المشهورة ، وهي أجود شعره. وقال السندوبي (٧) : كان الكميت من خيرة شعراء الدولة الأمويّة ، وكان عالماً بلغات العرب وأيّامهم ، ومن خير شعره وأفضله الهاشميّات ، وهي القصائد التي ذكر فيها آل بيت الرسول بالخير.

روى أبو الفرج في الأغاني (٨) (١٥ / ١٢٤) بإسناده عن محمد بن عليّ النوفلي ،

__________________

(١) الصراط المستقيم : ١ / ٣١٠.

(٢) مروج الذهب : ٣ / ٢٥٣.

(٣) في الأغاني : ٣ / ١١٣ [١٧ / ٣]. (المؤلف)

(٤) في معاهد التنصيص : ٢ / ٢٦ [٣ / ٩٤ رقم ١٤٨]. (المؤلف)

(٥) في المؤتلف والمختلف : ص ١٧٠ [رقم ٥٧٢]. (المؤلف)

(٦) خزانة الأدب : ١ / ١٤٤. (المؤلف)

(٧) في تعليقه على البيان والتبيين للجاحظ : ١ / ٥٤. (المؤلف)

(٨) الأغاني : ١٧ / ٣٠.

٢٧٠

قال : سمعت أبي يقول : لمّا قال الكميت بن زيد الشعر ، كان أوّل ما قال الهاشميّات فسترها ، ثمَّ أتى الفرزدق بن غالب ، فقال له : يا أبا فراس إنَّك شيخ مضر وشاعرها ، وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي : فقال له : صدقت أنت ابن أخي ، فما حاجتك؟ قال : نفث على لساني فقلت شعراً ، فأحببتُ أن أعرضه عليك ، فإن كان حسناً أمرتني بإذاعته ، وإن كان قبيحاً أمرتني بستره ، وكنت أولى من ستره عليَّ.

فقال له الفرزدق : أمّا عقلك فحسنٌ ، وإنّي لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك ، فأنشدني ما قلت ، فأنشده :

طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ

قال : فقال لي : فيمَ تطرب يا ابن أخي؟ فقال :

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

فقال : بلى يا ابن أخي فالعب فإنَّك في أوان اللعب. فقال :

ولم يُلهِني دارٌ ولا رسمُ منزلٍ

ولم يتطرّبني بنانٌ مخضَّبُ

فقال : مايطربك يا ابن أخي؟ فقال :

ولا السانحاتُ البارحاتُ عشيّةً

أَمرَّ سليمُ القَرنِ أم مرّ أعضَبُ

فقال : أجل لا تتطيّر. فقال :

ولكن إلى أهل الفضائل والتقى

وخير بني حوّاء والخيرُ يُطلبُ

فقال : ومَن هؤلاء ويحك؟ قال :

إلى النفر البيض الذين بحبِّهم

إلى الله فيما نابني أتقرّبُ

قال : أرحني ويحك من هؤلاء؟ قال :

٢٧١

بني هاشم رهطِ النبيِّ فإنَّني

بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ

خفضت لهم منّي جناحي مودّةً

إلى كنف عطفاه أهلٌ ومرحبُ

وكنت لهم من هؤلاء وهؤلا

محبّا على أنّي أُذمُّ وأُغضبُ

وأُرمى وأرمي بالعداوة أهلها

وإنّي لأوذى فيهمُ وأُؤنَّبُ

فقال له الفرزدق : يا ابن أخي ، أذع ثمّ أذع ، فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي.

ورواه المسعودي في مروجه (١) (٢ / ١٩٤) والعبّاسي في المعاهد (٢ / ٢٦) (٢).

روى الكشّي في رجاله (٣) (ص ١٣٤) بإسناده عن أبي المسيح عبد الله بن مروان الجواني قال : كان عندنا رجلٌ من عباد الله الصالحين ، وكان راوية شعر الكميت ـ يعني الهاشميّات ـ وكان يُسمع ذلك منه ، وكان عالماً بها ، فتركه خمساً وعشرين سنة لا يستحلُّ روايته وإنشاده ، ثمَّ عاد فيه ، فقيل له : ألم تكن زهدت فيها وتركتها؟! فقال : نعم ، ولكنّي رأيت رؤيا دعتني إلى العود لها. فقيل له : وما رأيت؟. قال : رأيت كأنّ القيامة قد قامت ، وكأنَّما أنا في المحشر ، فدفعت إليَّ مجلّة.

قال أبو محمد : فقلت لأبي المسيح : وما المجلّة؟ قال : الصحيفة. قال : نشرتها فإذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم. أسماء من يدخل الجنّة من محبِّي عليّ بن أبي طالب. قال : فنظرت في السطر الأوّل فإذا أسماء قوم لم أعرفهم ، ونظرت في السطر الثاني فإذا هو كذلك ، ونظرت في السطر الثالث والرابع فإذا فيها : والكميت بن زيد الأسدي. قال : فذلك دعاني إلى العود فيه.

قال البغدادي في خزانة الأدب (٤) (١ / ٨٧) : بلغ خالد القسري خبر هذه

__________________

(١) مروج الذهب : ٣ / ٢٥٣.

(٢) معاهد التنصيص : ٣ / ٩٤ ٩٥ رقم ١٤٨.

(٣) رجال الكشّي : ٢ / ٤٦٨ رقم ٣٦٧.

(٤) خزانة الأدب : ١ / ١٨٠.

٢٧٢

القصيدة ـ يعني قصيدة الكميت ـ المسماة بالمذهَّبة التي أوّلها : ألا حيِّيت عنّا يا مدينا ... فقال : والله لأقتلنَّه ، ثمّ اشترى ثلاثين جارية في نهاية الحسن ، فروّاهن القصائد ـ الهاشميّات ـ للكميت ، ودسّهنَّ مع نخّاس إلى هشام بن عبد الملك فاشتراهنَّ ، فأنشدنه يوماً القصائد المذكورة ، فكتب إلى خالد. وكان يومئذٍ عامله بالعراق : أن ابعث إليَّ برأس الكميت. فأخذه خالدٌ وحبسه ، فوجّه الكميت إلى امرأته ولبس ثيابها وتركها في موضعه وهرب من الحبس ، فلمّا علم خالدٌ ، أراد أن يُنَكِّل بالمرأة ، فاجتمعت بنو أسد إليه وقالوا : ما سبيلك على امرأة لنا خُدعت؟ فخافهم وخلّى سبيلها (١).

قال الثعالبي في ثمار القلوب (٢) (ص ١٧١) : عهدي بالخوارزمي يقول : من روى حوليّات زهير ، واعتذارات النابغة ، وأهاجي الحطيئة ، وهاشميّات الكميت ، ونقائض جرير والفرزدق ، وخمريّات أبي نواس ، وزهديّات أبي العتاهية ، ومراثي أبي تمّام ، ومدائح البحتري ، وتشبيهات ابن المعتزّ ، وروضيّات الصنوبري ، ولطائف كشاجم ، وقلائد المتنبي ، ولم يتخرّج في الشعر فلا أشبَّ الله تعالى قرنه.

خمّس الهاشميّات غير واحد من الشعراء منهم : الشيخ ملاّ عبّاس الزيوري البغداديّ ، والعلاّمة الشيخ محمد السماوي ، والسيِّد محمد صادق آل صدر الدين الكاظمي ، وشرحها الاستاذ محمد محمود الرافعي المصري وأحسن فيه وفي مقدِّمته وترجمة الكميت ، وأجاد ، وقال : الهاشميّات هي من مختار الكلام ، ومن رائق الشعر وشيّقه ، وجيِّد القول وطريفه ، أحسن فيه كلَّ الإحسان ، وأجاد كلَّ الإجادة. وشرحها الاستاذ محمد شاكر الخيّاط النابلسي.

الميميّة من الهاشميّات :

من لقلبٍ متيَّمٍ مُستهامِ

غير ما صبوةٍ ولا أحلام

__________________

(١) سيأتيك عن الأغاني تفصيل القصة إن شاء الله تعالى. (المؤلف)

(٢) ثمار القلوب : ص ٢١٦ رقم ٢٨٨.

٢٧٣

قال صاعد مولى الكميت : دخلنا على أبي جعفر محمد بن عليّ عليهما‌السلام فأنشده الكميت قصيدته هذه ، فقال : «اللهمَّ اغفر للكميت ، اللهمَّ اغفر للكميت». الأغاني (١) (١٥ / ١٢٣).

قال نصر بن مزاحم المنقري : إنَّه رأى النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم ، وبين يديه رجلٌ ينشده

من لِقَلْبٍ مُتيَّمٍ مُستهامِ

غير ما صبوةٍ ولا أحلام

قال : فسألت عنه فقيل لي : هذا الكميت بن زيد الأسدي.

قال : فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول : جزاك الله خيراً ، وأثنى عليه. الأغاني (٢) (١٥ / ١٢٤) ، المعاهد (٣) (٢ / ٢٧).

روى الكشّي في رجاله (٤) (ص ١٣٦) بإسناده عن زرارة ، قال : دخل الكميت على أبي جعفر عليه‌السلام وأنا عنده فأنشده :

من لقلبٍ متيَّمٍ مُستهامِ

غير ما صبوةٍ ولا أحلام

فلمّا فرغ منها ، قال للكميت : «لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما دمت تقول فينا»

وروى في (ص ١٣٥) بإسناده عن يونس بن يعقوب ، قال : أنشد الكميت أبا عبد الله عليه‌السلام شعره :

أخلص الله في هواي فما أغر

ق نزعاً وما تطيش سهامي

__________________

(١) الأغاني : ١٧ / ٢٧.

(٢) الأغاني : ١٧ / ٢٩.

(٣) معاهد التنصيص : ٣ / ٩٥ رقم ١٤٨.

(٤) رجال الكشّي : ٢ / ٤٦٧ رقم ٣٦٦ وص ٤٦١ رقم ٣٦٢.

٢٧٤

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تقل هكذا ولكن قل : قد أغرق نزعاً».

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب (١) ، وفي لفظه : فقلت : يا مولاي أنت أشعر منّي بهذا المعنى. وروى الحديثين الطبرسي في إعلام الورى (٢) (ص ١٥٨).

قال المسعودي في مروج الذهب (٣) (٢ / ١٩٥): قدم الكميت المدينة ، فأتى أبا جعفر محمد بن عليّ بن الحسين بن علي فأذن له ليلاً وأنشده ، فلمّا بلغ الميميّة قوله :

وقتيلٌ بالطفِّ غودر منهم

بين غوغاء أمّةٍ وطغامِ

بكى أبو جعفر ثمَّ قال : «يا كميت لو كان عندنا مالٌ لأعطيناك ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحسّان بن ثابت : لا زلت مؤيَّداً بروح القدس ما ذببتَ عنّا أهل البيت».

فخرج من عنده فأتى عبد الله بن الحسن بن عليٍّ ، فأنشده فقال : يا أبا المستهلّ إنَّ لي ضيعة أُعطيت فيها أربعة آلاف دينار ، وهذا كتابها ، وقد أشهدت لك بذلك شهوداً ، وناوله إيّاه. فقال : بأبي أنت وأمّي ، إنّي كنت أقول الشعر في غيركم أريد بذلك الدنيا ، ولا والله ما قلت فيكم إلاّ لله ، وما كنت لآخذ على شيء جعلته لله مالاً ولا ثمناً ، فألحَّ عبد الله عليه وأبى من إعفائه ، فأخذ الكميت الكتاب ومضى ، فمكث أيّاماً ، ثمّ جاء إلى عبد الله فقال : بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول الله إنَّ لي حاجة. قال : وما هي؟ وكلُّ حاجة لك مقضيَّة. قال : وكائنة ما كانت؟ قال : نعم. قال : هذا الكتاب تقبله وترتجع الضيعة. ووضع الكتاب بين يديه ، فَقَبِلهُ عبد الله.

ونهض عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فأخذ ثوباً

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٢٢٤.

(٢) إعلام الورى : ص ٢٦٥.

(٣) مروج الذهب : ٣ / ٢٥٤.

٢٧٥

جلداً ، فدفعه إلى أربعة من غلمانه ، ثمَّ جعل يدخل دور بني هاشم ، ويقول : يا بني هاشم ، هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم ، وعرّض دمه لبني أميّة ، فأثيبوه بما قدرتم. فيطرح الرجل في الثوب ما قدر عليه من دنانير ودراهم. وأعلم النساء بذلك ، فكانت المرأة تبعث ما أمكنها ، حتى إنَّها لَتَخلع الحُليَّ عن جسدها ، فاجتمع من الدنانير والدراهم ما قيمته مائة ألف درهم ، فجاء بها إلى الكميت فقال : يا أبا المستهلّ أتيناك بجهد المقلِّ ، ونحن في دولة عدوِّنا ، وقد جمعنا هذا المال وفيه حليُّ النساء كما ترى ، فاستعن به على دهرك ، فقال : بأبي أنت وأمي قد أكثرتم وأطيبتم ، وما أردت بمدحي إيّاكم إلاّ الله ورسوله ، ولم أكُ لآخذَ لذلك ثمناً من الدنيا ، فاردده إلى أهله.

فجهد به عبد الله أنْ يقبله بكلِّ حيلة فأبى ، فقال : إن أبيت أن تقبل فإنّي رأيت أن تقول شيئاً تُغضب به بين الناس ، لعلَّ فتنة تحدث فيخرج من بين أصابعها بعض ما تحبّ. فابتدأ الكميت وقال قصيدته التي يذكر فيها مناقب قومه من مضر بن نزار بن معد ، وربيعة بن نزار ، وأياد وأنمار ابني نزار ، ويكثر فيها من تفضيلهم ، ويطنب في وصفهم ، وأنَّهم أفضل من قحطان ، فغضب بها بين اليمانيّة والنزاريّة فيما ذكرناه ، وهي قصيدته التي أوّلها :

ألا حُيّيت عنّا يا مَدِينا

وهل ناسٌ تقول مسلّمينا

قال ابن شهرآشوب في المناقب (١) (٥ / ١٢): بلغنا أنَّ الكميت أنشد الباقر عليه‌السلام :

من لقلبٍ مُتيَّمٍ مُستهام

غير ما صبوةٍ ولا أحلام

فتوجّه الباقر عليه‌السلام إلى الكعبة فقال : «اللهمَّ ارحم الكميت واغفر له ـ ثلاث مرّات ـ ثمّ قال : يا كميت هذه مائة ألف قد جمعتها لك من أهل بيتي».

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ١٢٣ ـ ٢١٤.

٢٧٦

فقال الكميت : لا والله لا يعلم أحدٌ أنّي آخذ منها حتى يكون الله الذي يكافئني ، ولكن تكرمني بقميص من قُمُصِك ، فأعطاه.

وذكره العبّاسي في المعاهد (١) (٢ / ٢٧) وفيه : فأمر له أبو جعفر بمالٍ وثيابٍ ، فقال الكميت : والله ما أحببتكم للدنيا ، ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يديه ، ولكنَّني أحببتكم للآخرة ، فأمّا الثياب التي أصابت أجسامكم فأنا أقبلها لبركاتها ، وأمّا المال فلا أقبله ، فردّه وقبل الثياب.

قال البغدادي في خزانة الأدب (٢) (١ / ٦٩): حكى صاعد مولى الكميت قال : دخلت مع الكميت على عليِّ بن الحسين رضى الله عنه فقال : إنّي قد مدحتك بما أرجو أن يكون لي وسيلةً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ أنشده قصيدته التي أوّلها :

مَن لقلبٍ مُتيَّمٍ مُستهامِ

غير ما صَبوةٍ ولا أحلامِ

فلمّا أتى على آخرها ، قال له : «ثوابك نعجز عنه ، ولكن ما عجزنا عنه فإنَّ الله لا يعجز عن مكافأتك ، اللهمّ اغفر للكميت». ثمَّ قسّط له على نفسه وعلى أهله أربعمائة ألف درهم ، وقال له : «خُذ يا أبا المستهلّ» فقال له : لو وصلتني بدانق لكان شرفاً لي ، ولكن إن أحببتَ أن تحسن إليَّ فادفع إليَّ بعض ثيابك التي تلي جسدك أتبرّك بها. فقام فنزع ثيابه ودفعها إليه كلّها ، ثمَّ قال : «اللهمّ إنَّ الكميت جادَ في آل رسولك وذريّة نبيِّك بنفسه حين ضنَّ الناس ، وأظهر ما كتمه غيره من الحقّ ، فَأَحيِه سعيداً ، وأَمِتْه شهيداً ، وأره الجزاء عاجلاً ، وأجزل له جزيل المثوبة آجلاً ، فإنّا قد عجزنا عن مكافأته». قال الكميت : ما زلت أعرف بركة دعائه.

قال محمد بن كناسة : لمّا أُنشد هشام بن عبد الملك قول الكميت :

__________________

(١) معاهد التنصيص : ٣ / ٩٦ رقم ١٤٨.

(٢) خزانة الأدب : ١ / ١٤٥.

٢٧٧

فبهم صرتُ للبعيدِ ابنَ عمٍ

واتّهمتُ القريبَ أيَّ اتِّهامِ (١)

مُبدياً صفحتي على الموقف المع

لم باللهِ قوّتي واعتصامي (٢)

قال : استقتل المرائي. الأغاني (٣) (١٥ / ١٢٧).

البائيّة من الهاشميّات :

طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

روى أبو الفرج في الأغاني (٤) (١٥ / ١٢٤) بإسناده عن إبراهيم بن سعد الأسدي ، قال : سمعت أبي يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : من أيّ الناس أنت؟ قلت : من العرب. قال : أعلم ، فمن أيِّ العرب؟ قلت : من بني أسد. قال : من أسد بن خزيمة؟. قلت : نعم. قال : أهِلاليٌّ أنت؟ قلت : نعم. قال : أتعرف الكميت بن زيد؟ قلت : يا رسول الله عمّي ومن قبيلتي. قال : أتحفظ من شعره؟ قلت : نعم. قال أنشدني :

طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

قال : فأنشدته ، حتى بلغت إلى قوله :

فما ليَ إلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ

وما ليَ إلاّ مَشْعبَ الحقِّ مَشْعبُ

فقال لي : إذا أصبحت فاقرأ عليه‌السلام ، وقل له : قد غفر الله لك بهذه القصيدة. وذكره العبّاسي في معاهد التنصيص (٥) (٢ / ٢٧) وغيره.

__________________

(١) هو البيت الثمانون من القصيدة. (المؤلف)

(٢) هو البيت الخامس والثمانون من القصيدة. (المؤلف)

(٣) الأغاني : ١٧ / ٣٦.

(٤) الأغاني : ١٧ / ٢٩.

(٥) معاهد التنصيص : ٣ / ٩٥ رقم ١٤٨.

٢٧٨

وفي الأغاني (١) (١٥ / ١٢٤) : عن دعبل بن علي الخزاعي قال : رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقال لي : «ما لَكَ وللكميت بن زيد؟». فقلت : يا رسول الله ما بيني وبينه إلاّ كما بين الشعراء.

فقال : «لا تفعل ، أليس هو القائل :

فلا زلتُ فيهم حيث يتّهمونني

ولا زلتُ في أشياعكم أتقلّبُ

فإنَّ الله قد غفر له بهذا البيت». قال : فانتهيت عن الكميت بعدها.

هذا البيت من أبيات حرّفتها يد النشر المصريّة عن القصيدة بعد قوله :

وقالوا تُرابيٌّ هواهُ ورأيُهُ

بذلك أُدعى فيهمُ وأُلقَّبُ

قال السيوطي في شرح شواهد المغني (٢) (ص ١٣) : أخرج ابن عساكر (٣) بإسناده عن محمد بن عقير (٤) : كانت بنو أَسد تقول : فينا فضيلةٌ ليست في العالم ، ليس منزل منّا إلاّ وفيه بركة وراثة الكميت ، لأنّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له : أنشدني :

طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

فأنشده فقال له : بوركتَ ، وبورك قومك.

وفي شرح الشواهد (٥) أيضاً (ص ١٤) : أخرج ابن عساكر (٦) ، عن أبي عكرمة الضبّي ، عن أبيه قال : أدركت الناس بالكوفة ، من لم يرو :

__________________

(١) الأغاني : ١٧ / ٢٨ ـ ٢٩.

(٢) شرح شواهد المغني : ١ / ٣٨ رقم ٦.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٥٩٧.

(٤) في غير شرح الشواهد : عقبة. (المؤلف)

(٥) شرح شواهد المغني : ١ / ٣٩ رقم ٦.

(٦) تاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٦٠١.

٢٧٩

طربت وما شوقاً إلى البيض أطربُ

ولا لعباً منّي وذو الشيب يلعبُ

فليس بهاشميّ. ورواه السيِّد في الدرجات الرفيعة (١) ، وفيها : فليس بشيعيّ.

وقال السيوطي في الشرح (٢) (ص ١٤) : أخرج ابن عساكر (٣) ، عن محمد بن سهل ، قال : قال الكميت : رأيت في النوم وأنا مُختفٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «مِمَّ خوفك؟» قلت : يا رسول الله من بني أميّة وأنشدته :

ألم ترني من حبِّ آل محمد

أروح وأغدو خائفاً أترقّبُ (٤)

فقال : «اظهر ، فإنَّ الله قد أمّنك في الدنيا والآخرة».

وقال في (ص ١٤) : أخرج ابن عساكر (٥) ، عن الجاحظ قال : ما فتح للشيعة الحِجاج إلاّ الكميت بقوله :

فإن هي لم تصلح لحيٍّ سواهُمُ

فإنَّ ذوي القربى أحقُّ وأوجبُ

يقولون لم يورِثْ ولولا تراثُهُ

لقد شركَتْ فيها بَكيلٌ وأرحبُ (٦)

وذكر كلام الجاحظ الشيخ المفيد كما في الفصول المختارة (٧) (٢ / ٨٤) ، ولعلَّ الجاحظ لم يقف على مواقف احتجاج الشيعة بنفس هذه الحجّة وغيرها ، المتكثرة منذ عهدهم المتقادم المتّصل بالعهد النبويِّ. أو أنَّه يرمي بكلمته إلى إنكار سلف الشيعة في الصدر الأوّل ، لكن فضحه تاريخهم المجيد ، والمأثورات في فضلهم عن صاحب

__________________

(١) الدرجات الرفيعة : ص ٥٦٧.

(٢) شرح شواهد المغني : ١ / ٣٨ رقم ٦.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٥٩٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢١ / ٢١٤.

(٤) هو البيت الخامس والسبعون من القصيدة. (المؤلف)

(٥) تاريخ مدينة دمشق : ١٤ / ٥٩٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢١ / ٢١٥.

(٦) بَكِيل وأرحب : بطنان من قبيلة همْدان.

(٧) الفصول المختارة : ص ٢٣٢.

٢٨٠