بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٠٤

ابن أيوب (١).

أكثر هؤلاء من فقهاء أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث.

هؤلاء أعلام الشيعة في الفقه والحديث في القرنين الأوّلين وكلّهم خريجو مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ولقد خلّفوا آثاراً علمية باسم الأصل ، والكتاب ، والنوادر ، والجامع ، والمسائل وعناوين اُخرى.

أصحاب الجوامع الفقهية في القرن الثالث :

لم تزل تنجب مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام في القرن الثالث فقهاءاً كباراً ألّفوا جوامع فقهية. نشير إلى بعضهم :

١ ـ يونس بن عبدالرحمان ، ولقد وصفه ابن النديم في فهرسته بعلاّمة زمانه ، له جوامع الآثار والجامع الكبير ، وكتاب الشرائع.

٢ ـ صفوان بن يحيى البجلي ، الذي كان أوثق أهل زمانه وصنّف ٣٠ كتابا.

٣ و ٤ ـ الحسن والحسين ابنا سعيد بن حماد الأهوازي ، صنّفا الكتب الثلاثين.

٥ ـ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، المتوفّى ٢٧٤ صاحب كتاب المحاسن وغيره.

٦ ـ محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمّي ، صاحب نوادر الحكمة المتوفّى حوالي ٢٩٣. صاحب الجامع المعروف.

٧ ـ أحمد بن محمّد أبي نصر البزنطي ، المتوفّى ٢٢١ ، صاحب الجامع

__________________

١ ـ أبو عمرو الكشي : الرجال ٢٠٦ ـ ٣٢٢ ـ ٤٦٦ ، وراجع رجال النجاشي في ترجمتهم وذكر آثارهم ومنزلتهم في الفقه.

٥٦١

المعروف.

فقهاء الشيعة في القرن الرابع :

هؤلاء هم فقهاء الشيعة في القرن الثالث ويليهم عدة اُخرى في القرن الرابع نذكر أسماءهم على وجه الاجمال :

١ ـ الحسن بن علي بن أبي عقيل شيخ الشيعة وفقيهها صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول.

٢ ـ علي بن الحسين بن بابويه ، المتوفّى ٣٢٩ ، صاحب كتاب الشرائع.

٣ ـ محمّد بن الحسن بن الوليد القمي ، جليل القدر ، شيخ القميين وفقيههم ومتقدّمهم مات سنة ٣٤٣ ولقد بلغ في الوثاقة والدقة على حد يسكن إليها الشيخ الصدوق في تصحيحاته وتضعيفاته.

٤ ـ جعفر بن محمّد بن قولويه. اُستاذ الشيخ الصدوق مؤلّف كامل الزيارات ، يقول النجاشي : إنّه من ثقات أصحابنا وأجلاّئهم في الفقه والحديث. توفّي عام ٣٦٩.

٥ ـ محمّد بن علي بن الحسين الصدوق ٣٠٦ ـ ٣٨١ ، مؤلّف من لا يحضره الفقيه والمقنع والهداية.

٦ ـ محمّد بن أحمد بن الجنيد المعروف بالاسكافي ، المتوفّي سنة ٣٨٥.

قال النجاشي : وجه في أصحابنا ثقة جليل القدر صنّف فأكثر ، ثمّ ذكر فهرس كتبه ومنها كتاب تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة. وكتاب الأحمدي للفقه المحمّدي.

مشاهير الفقهاء في القرن الخامس :

وفي القرن الخامس نبغ فقهاء كبار ، احتفل الفقه الشيعي بل الاسلامي

٥٦٢

بأسمائهم وآرائهم كالشيخ المفيد ٣٣٦ ـ ٤١٣ والسيد المرتضى ٣٥٥ ـ ٤٣٦ والشيخ الكراجكي ٤٤٩ والشيخ الطوسي ٣٨٥ ـ ٤٦٠ وسلار الديلمي مؤلف المراسم ، وابن البراج ٤٠١ ـ ٤٨٩ مؤلف المهذب ، وغيرهم الذين ملأت أسماؤهم كتب التراجم والرجال ، ومن أراد الوقوف على حياتهم وكتبهم فعليه بالرجوع إلى الموسوعات الرجالية وأخص بالذكر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة.

هذا عرض موجز لمشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية على المستوى الفقهي. وبعين اللّه انّ علماء الشيعة قاموا بهذه الجهود في ظروف قاسية ورهيبة ، وكانت الحكومات ومرتزقة البلاط تطاردهم وتسجنهم وتقتلهم ومع ذلك نرى هذا الانتاج العلمي الهائل في مجال الفقه. ولو وقف عليها علماء الإسلام لا ندهشوا من سعة الفكر ، وعمق النظر ، وغزارة الانتاج.

هذا هو الشيخ الطوسي الذي ألّف المبسوط في الفقه المقارن في ٨ أجزاء في زمن كانت نار الحرب مشتعلة على الشيعة ولقد أحرقت داره ، ومكتبته في كرخ بغداد فالتجأ سرّاً إلى النجف الأشرف تاركاً بلده الذي عاش فيه قرابة نصف قرن ، وأين هؤلاء من الفقهاء الذين تنعّموا بالهدوء والاستقرار ، واستقبلتهم السلطات الحاكمة بصدر رحب ، واُجيزوا بازاء شعر أو كتيب أو رسالة صغيرة بالهبات والعطايا.

٩ ـ قدماء الشيعة وعلم اُصول الفقه :

إنّ السنّة النبوية بعد القرآن الكريم هي المصدر للتشريع ، وقد سبق أنّ الخلاقة ـ بعد رحلة الرسول ـ حالت دون تحديث ما تركه بين الاُمة ، وكتابته وتدوينه. فلم تدوّن السنّة إلى عصر أبي جعفر المنصور إلاّ صحائف غير منظّمة ولا مرتّبة إلى أن

٥٦٣

شرع علماء الإسلام في التدوين سنة ٥٣ (١).

إنّ الحيلولة بين السنّة وتدوينها ونشرها أدّت إلى نتائج سلبية عظيمة منها قصور ما وصل إلى الفقهاء في ذلك العصر صحيحاً من الرسول ، عن تلبية متطلّباتهم في مجال الأحكام. حتّى اشتهر عن امام الحنفية أنّه لم يثبت عنده من أحاديث الرسول في مجال التشريع إلاّ سبعة عشر حديثا.

نحن لا نوافق مع ما حكي عن النعمان ولكن نؤكّد على شيء وآخر ، وهو أنّ ما ورد في مجموع الصحاح والمسانيد والسنن الأعم من الصحيح والضعيف في مجال الأحكام الشرعية ، لا يتجاوز ٥٠٠ حديثاً ، قال السيد محمّد رشيد رضا : إنّ أحاديث الأحكام الاُصول لا تتجاوز ٥٠٠ حديثاً تمدّها أربعة آلاف فيما أذكر (٢).

ويقول أيضاً في تفسيره : يقولون انّ مصدر القوانين ، الاُمة ، ونحن نقول بذلك ، في غير المنصوص في الكتاب والسنّة. كما قرّره الامام الرازي والمنصوص قليل جدّاً (٣).

وما ذكره من قضية الامداد ، يوحي إلى الموقوفات عن الصحابة من دون أن يثبت صدورها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهذه الموقوفات تعرب عن اجتهادات الصحابة في المسألة. ومن المعلوم انّ قول الصحابي لا يكون حجّة إلاّ إذا نسبه إلى الرسول.

هذا وأنّ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى ٨٥٢ جمع كل ما ورد في

__________________

١ ـ جلال الدين السيوطي : تاريخ الخلفاء ٢٦١.

٢ ـ الوحي المحمّدي ، الطبعة السادسة ٢١٢ ، نعم أنهاه ابن حجر في كتابه « بلوغ المرام » إلى ١٥٩٦ لكن كثيراً منها لا يتضمّن حكماً شرعياً وانّما هي أحاديث أخلاقية وغيرها فلاحظ.

٣ ـ المنار ٥ / ١٨٩.

٥٦٤

مجال التشريع في كتاب أسماه بلوغ المرام من أدلّة الأحكام (١) وهو كتاب صغير جدّاً.

إنّ افتقاد النص في مجال التشريع الذي واجه فقهاء أهل السنّة بعد رحلة الرسول ، هو الذي دعاهم إلى التفحّص عن حلول لهذه الأزمة حتّى تسد حاجاتهم الفقهية فعكفوا على المقاييس الظنية التي ما أنزل اللّه بها من سلطان كالقياس ، والاستقراء ، والاستحسان ، وسد الذرائع ، وسنّة الخلفاء ، أو سنّة الصحابة ، أو رأي أهل المدينة إلى غير ذلك من القواعد وأسّسوا عليها فقههم عبر قرون متمادية ، وقد جاء ذلك نواة لتأسيس علم اُصول الفقه بصورة مختصرة نمت ونضجت في الأجيال.

وأمّا الشيعة حيث إنّهم لم يفتقدوا سنّة الرسول بعد وفاته لوجود باب علم النبي ، علي عليه‌السلام والأئمة المعصومين بين ظهرانيهم فلم تكن هناك أية حاجة للعمل بتلك المقاييس وبالتالي لم يكن هناك أي دافع للاتّجاه نحو اُصول الفقه.

نعم لمّا كان الإسلام ديناً عالمياً والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم الأنبياء ، والاُصول والسنن مهما كثرت لا يمكن أن تلبّي بحرفيتها حاجات المسلمين إلى يوم القيامة ، انبرى أئمّة أهل البيت إلى املاء ضوابط وقواعد يرجع إليها الفقيه عند فقدان النص أو اجماله أو تعارضه إلى غير ذلك من الحالات التي يواجه بها الفقيه. وتلك الاُصول هي التي تشكّل أساساً لعلم اُصول الفقه ولقد جمعها عدّة من الأعلام في كتاب خاص أفضلها الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة للشيخ المحدث الحر العاملي المتوفّي ١١٠٤.

فلو تأخّرت الشيعة في تدوين مسائل اُصول الفقه فانّما لأجل ذاك الغنى الذي

__________________

١ ـ بلوغ المرام من أدلة الأحكام ، طبع مصر تحقيق محمّد حامد الفقي.

٥٦٥

عرفت ، ومع ذلك نرى انّ لفيفاً من صحابة الأئمّة درسوا بعض مسائل اُصول الفقه نظير :

١ ـ هشام بن الحكم المتوفّى سنة ١٩٩ ، صنّف كتاب الألفاظ (١).

٢ ـ يونس بن عبدالرحمان ، صنّف كتاب اختلاف الحديث ومسائله. وهو مبحث تعارض الحديثين (٢).

٣ ـ إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت ٢٣٧ ـ ٣١١.

قال النجاشي : كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا وذكر مصنّفاته وعدّ منها كتاب الخصوص والعموم (٣) وذكره ابن النديم في فهرسته وعدّ من مصنّفاته كتاب ابطال القياس. وكتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي (٤).

٤ ـ أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختي من علماء القرن الثالث له كتاب الخصوص والعموم والخبر الواحد والعمل به (٥).

٥ ـ أبو منصور صرام النيشابوري من علماء القرن الثالث وأوائل الرابع له ابطال القياس (٦).

٦ ـ محمّد بن أحمد بن داود بن علي المتوفّى عام ٣٦٨ قال النجاشي : شيخ

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٩٨ برقم ١١٦٥ وهو مردد بين كونه كتاب لغة أو أدب ، أو كونه باحثاً عن الألفاظ التي يستخدمها الفقيه في استنباط الأحكام لكون الأمر للوجوب والمرّة والتكرار أو الفورية والتأخير إلى غير ذلك.

٢ ـ الطوسي : الفهرست ٢١١ برقم ٨١٠ والنجاشي ٢ / ٤٢٠.

٣ ـ النجاشي : الرجال ١ / ١٢١ برقم ٦٧.

٤ ـ ابن النديم : الفهرست ٢٦٥ طبع مطبعة الاستقامة القاهرة.

٥ ـ النجاشي : الرجال ١ / ١٨٠ ـ ١٨١ برقم ١٤٦.

٦ ـ الطوسي : الفهرست قسم الكنى ٣٨١ برقم ٥٨٨.

٥٦٦

هذه الطائفة وعالمها له كتاب الحديثين المختلفين (١).

٧ ـ محمّد بن أحمد بن الجنيد المتوفّى سنة ٣٨١ له كتاب كشف التمويه والالتباس في ابطال القياس (٢).

والطابع السائد على هذه الكتب هو دراسة بعض المسائل الاُصولية كحجّية خبر الواحد ، أو حل مشكلة اختلاف الحديثين أو نقد بعض الأساليب الرائجة في تلك الأجيال في استنباط الأحكام ، كالقياس وغيره ولا يصح عدّها كتباً اُصوليّة بالمعنى المصطلح ، نعم يمكن عدّها مرحلة اُولى ، ونواة بالنسبة إلى المرحلة الثانية.

وأمّا المرحلة الثانية فقد امتازت ، بالسعة والشمول ، بادخال كثير من المسائل الأدبية والكلامية في علم اُصول الفقه وأوّل من فتح هذا الباب على وجه الشيعة بمصراعيه :

معلم الاُمّة الشيخ المفيد ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ ) فألّف رسالة في هذا المضمار وأدرجها تلميذه العلاّمة الكراجكي في كتابه كنز الفوائد (٣).

وألّف بعده تلميذه الجليل علم الهدى المعروف بالسيد المرتضى كتابه القيم الذريعة إلى اُصول الشريعة طبع في جزأين ، وقد رأيت منها نسخة مخطوطة في مدينة قزوين جاء فيها تاريخ فراغ المؤلّف منه عام ٤٠٠.

الشيخ الطوسي : ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ) ألّف عدّة اُصول وطبع مرات ، وعن طريق هذه الكتب ، انتشرت آراء الشيعة في علم الاُصول.

ثمّ دخلت المرحلة الثالثة فقد اُلّف فيها كتب منها :

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٠٥ برقم ١٠٤٦.

٢ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٠٤ برقم ١٠٤٨.

٣ ـ كنز الفوائد ٢ / ١٥ ـ ٣٠ طبع بيروت.

٥٦٧

١ ـ التقريب في اُصول الفقه للشيخ أبي ليلى المعروف بسلار بن عبدالعزيز الديلمي صاحب المراسم توفّي عام ٤٤٨.

٢ ـ غنية النزوع إلى علمي الاُصول والفروع تأليف أبي المكارم حمزة بن علي ابن زهرة المعروف بابن زهرة المتوفّى عام ٥٨٥.

٣ ـ المصادر تاليف الشيخ سديد الدين الحمصي المتوفّى حدود سنة ٦٠٠.

هذه هي المراحل الثلاثة إلتي مرّ بها علم الاُصول ، وقد تلتها مراحل اُخرى إلى أن بلغت في القرن الرابع عشر ذروتها وقمّتها وبلغ أعلى مراحل كمالها ، ويتّضح ذلك من ملاحظة ما اُلّف من عصر الاُستاذ الأكبر المحقق البهبهاني ( ١١١٨ ـ ١٢٠٦ ) إلى يومنا ، فقد راج التحقيق في المسائل الاُصولية من عصره إلى عصر الشيخ مرتضى الأنصاري ( ١٢١٢ ـ ١٢٨١ ) وعصر تلميذه الشيخ محمّد كاظم الخراساني ( ١٣٢٩ ـ ١٢٥٥ ) ففي هذه الفترة : أي القرون الثلاثة ، اُلّفت مئات الكتب والرسائل في ذاك المجال ، ولا اُغالي إذا قلت : انّه لم تبلغ طائفة من الطوائف الإسلامية تلك الدرجة التي وصلت إليها الشيعة في علمي الفقه والاُصول من جانب كثرة الانتاج والاستيعاب ودقه النظر ، شكر اللّه مساعيهم.

١٠ ـ قدماء الشيعة وعلم المغازي والسير :

مغازي النبيّ الأكرم جزء من تاريخ حياته وسيرته ، والرسول قدوة واُسوة وفعله كقوله حجّة بلا اشكال وقد وضع بعضهم كتباً في فقه السيرة (١) فكان على المسلمين ضبط دقيقها وجليلها ، وقد قاموا بذلك لولا أنّ الخلافة حالت دون الاُمنية. ولكن قيض اللّه سبحانه ، رجالا في الشيعة في ذلك المجال ضبطوا سيرة الرسول

__________________

١ ـ كزاد المعاد لابن القيم ، وفقه السيرة للشيخ الغزالي المعاصر.

٥٦٨

ومغازيه :

١ ـ منهم محمّد بن إسحاق بن يسار ( ت ١٥١ ) : عدّه الشيخ الطوسي في رجاله (١) من أصحاب الإمام الصادق. ولأجل ولائه لأهل بيت النبوّة وصفه ابن حجر في التقريب « بأنّه امام المغازي ، صدوق ، يدلس ورمي بالتشيّع والقدر » (٢) وفي مختصر الذهبي : انّه كان صدوقاً من بحور العلم ، وعن تاريخ اليافعي عن شعبة بن الحجاج انّه قال : محمّد بن إسحاق أميرالمؤمنين في الحديث ، وعن الشافعي : من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال محمّد بن إسحاق (٣).

لمّا كان المترجم شيعياً مجاهراً في ولائه لأهل البيت عمد ابن هشام ( ت ٢١٢ ) بتلخيص كتابه على أساس حذف ما لا يلائم نزعته فحذف أكثر ما له صلة بفضائل الامام علي وأهل بيته.

فعلى الشيعة الغيارى التفحّص في مكتبات العالم وفهارسها ، حتّى يعثروا على نسخة الاُم ، وينشروا هذا الكنز الدفين ، وقد أذعن بعض المستشرقين انّه عثر على الأصل ونشره باسم سيرة ابن إسحاق ، لكنّه جزء من السيرة لا كلّها.

ومن حسن الحظ انّ سيرة ابن إسحاق وإن لم تكن موجودة بصورتها لكنّها موجودة بمادتها فقد بثّها الطبرسي ( ٤٧٠ ـ ٥٤٨ ) في أجزاء مجمع البيان ، وابن الجوزي (١٥٩٥) في المنتظم ، وابن كثير في تاريخه وغيرهم ، فعلى المحققين العظام ، استخراج مادة السيرة عن هذه الكتب ، وملخّصها المعروف بالسيرة النبوية لابن هشام.

__________________

١ ـ الطوسي : الرجال ١٨١.

٢ ـ ابن حجر : التقريب ٢ / ١٤٤ برقم ٤٠.

٣ ـ المامقاني : تنقيح المقال ٣ / ٧٩ برقم ١٠٣٨.

٥٦٩

٢ ـ نعم سبق ابن إسحاق ، عبيداللّه بن أبي رافع من أصحاب الامام أميرالمؤمنين ، فقد عمل كتاباً أسماه تسمية من شهد مع أميرالمؤمنين ، الجمل وصفين والنهروان من الصحابة ، ذكره الشيخ في الفهرس (١) لكنّه في مغازي الوصيّ لا النبيّ.

٣ ـ كما ألّف جابر الجعفي ( ت ١٢٨ ) كتباً في ذلك المجال : قال النجاشي : جابر عربي قديم. ثمّ ذكر نسبه وعدّ من كتبه : كتاب الجمل وكتاب صفّين ، وكتاب نهروان ، وكتاب مقتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام وكتاب مقتل الحسين (٢).

٤ ـ وألّف في ذلك المجال : أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي الذي ربّما يسكن البصرة وقد أخذ عنه أبو عبيدة معمر بن المثنّى ( ١١٠ ـ ٢٠٩ ) وأبو عبداللّه بن القاسم بن سلام ( ١٥٧ ـ ٢٢٤ ) وأكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء والنسب والأيام ، له كتاب حسن يجمع المبتدأ والمغازي والوفاة والردة (٣).

وقد جمع فيه أخبار ابتداء أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مبعثه ومغازيه ووفاته وأخبار يوم السقيفة وارتداد بعض القبائل.

٥ ـ ومن مشاهير هذا الفن من الشيعة أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ، روى عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام. وصنّف كتباً : منها كتاب المغازي ، كتاب السقيفة ، كتاب الردة ، كتاب فتوح الإسلام ... (٤).

٦ ـ ومن أعلامه ، نصر بن مزاحم (٢١٢) ألّف كتباً كثيرة في ذلك

__________________

١ ـ الطوسي : الفهرست ٢٠٢.

٢ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٣١٣ برقم ٣٣٠.

٣ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٨٠ برقم ٧.

٤ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٨٤ برقم ١١٤٩.

٥٧٠

المجال (١).

٧ ـ هشام بن محمّد بن السائب الكلبي ( ٢٠٦ ) أعلم علماء النسب والسير والآثار ، ذكره النجاشي وقال : الناسب ، العالم بالأيام ، المشهور بالفضل والعلم وكان يختص بمذهبنا ثمّ ذكر كتبه (٢).

هذا عرض موجز لمن شارك المسلمين من قدماء الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية عن طريق تدوين السيرة والمغازي والمقاتل والتاريخ ، وأمّا المتأخرون فسل عنهم ولا حرج ، وراجع المعاجم : كأعيان الشيعة للسيد الأمين العاملي ، والذريعة لشيخنا المجيز الطهراني.

١١ ـ قدماء الشيعة وعلم الرجال :

اهتمّ علماء الشيعة بعد عصر التابعين بعلم الرجال ، نذكر المؤلّفين الأوائل :

١ ـ عبداللّه بن جبلة الكناني ( ٢١٩ ) قال النجاشي : وبيت جبلة مشهور بالكوفة وكان واقفاً ، وكان فقيهاً ثقة مشهوراً. له كتب ، منها كتاب الرجال ... (٣).

٢ ـ علي بن الحسن بن فضال كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث ، من أصحاب الامام الهادي والعسكري له كتب منها كتاب الرجال (٤).

وهذا المعروف بابن فضال الصغير ، وأبوه الحسن هو ابن فضال الكبير وكلاهما فطحيان.

____________

١ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢ برقم ٨٧٣.

٢ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٩٩ برقم ١١٦٧.

٣ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ١٣ برقم ٥٦١.

٤ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٨٢ برقم ٦٧٤.

٥٧١

٣ ـ الحسن بن محبوب السراد ( ١٥٠ ـ ٢٢٤ ) الراوي عن ستين رجلاً ، من أصحاب الصادق له كتاب « المشيخة » وكتاب « معرفة رواة الأخبار » (١).

٤ ـ أبو عمرو الكشي البصير بالأخبار والرجال ، تلميذ الشيخ العياشي ، وكتابه المعروف بـ « معرفة الرجال » هو الذي لخّصه الشيخ الطوسي وأسماه بـ « اختيار معرفة الرجال » وهو الموجود في الاعصار الأخيرة.

٥ ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن علي النجاشي ( ٣٧٢ ـ ٤٥٠ ) من نقّاد هذا الفن ومن أجلاّئه وأعيانه حاز فصب السبق في ميدان علم الرجال ، له كتاب فهرس مصنفي الشيعة المعروف برجال النجاشي وقد طبع أخيراً محقّقاً في مؤسستنا « الامام الصادق عليه‌السلام ».

٦ ـ والشيخ الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٤٦٠ ) الغني عن التعريف عمل كتابين أحدهما الفهرست والآخر الرجال ويعدّان من اُمّهات الكتب الرجالية ، وتوالى التأليف في علم الرجال وأخيه علم الدراية إلى عصرنا هذا ، وقد أنهى الشيخ الطهراني المؤلّفين من الشيعة في علم الرجال فبلغ قرابة خمسمائة مؤلّف شكر اللّه مساعي الجميع.

هذا عرض موجز من مشاركة علماء الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية عن طريق تأسيس العلوم واكمالها وتطويرها ، وأنت إذا وقفت على جهودهم الجبّارة في القرون الاُولى وما بعدها إلى عصرنا الحاضر ، تقف على طائفة كبيرة من عمالقة العلم وجهابذة الفضل ، كرسوا حياتهم الثمينة في ارساء صرح الحضارة الإسلامية ورفع قواعدها فأخلدوا لأنفسهم صحائف بيضاء ولصالح اُمّتهم حضارة انسانية ، كل ذلك في ظروف قاسية وسلطات شديدة الكلب ، وأضغان محتدمة ، إلاّ في فترات

__________________

١ ـ الطوسي : الفهرست ٧١ ، برقم ١٦٢ ، ابن شهرآشوب : معالم العلماء ٣٣٣ برقم ١٨٢ ، الطهراني : مصفى المقال ١٢٨.

٥٧٢

يسيرة.

١٢ ـ قدماء الشيعة والعلوم العقلية :

جاء الإسلام ليحرّر عقل الإنسان وتفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة التي خلقتها له الأجيال الماضية وهو يخاطب العقل ويدعوه إلى التأمّل والتفكير ، ويخاطب القلب والضمير بما حوله من الأدلّة الناطقة ، ويكفيك أنّ الذكر الحكيم استعمل مادة « العقل » بمختلف صورها ٤٧ مرة ، و « التفكّر » ١٨ مرة و « اللب » ١٦ مرّة ، و « التدبّر » ٤ مرات و « النهى » مرتين. فبذلك نهى عن التقليد وحثّ على التعقّل ببيانات مختلفة.

فتارة فتح عيون الإنسان إلى الكائنات لما فيها من دلائل ناطقة على وجوده سبحانه وصفاته.قال سبحانه : ( أأنْتُمْ أشَدُّ خَلْقاً أمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها * وأغْطَشَ لَيْلَها وأخْرَجَ ضُحاها * والأرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمرْعاها * وألجِبالَ أرْساها * متاعاً لَكُمْ ولأنْعامِكُمْ ) (١).

واُخرى دعاه إلى التفكير والاستدلال المنطقي ، فقال سبحانه : ( أمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيءٍ أمْ هُمُ الخالِقُونَ * أمْ خَلَقُوا السَّمواتِ والأرْضَ بَلْ لا يوقِنُونَ ) (٢).

فعالج المشاكل العلمية والفلسفية تارة بالدعوة إلى النظر في الكون نظرة فاحصة ، واُخرى بالحثِّ عى التفكير في المعارف باسلوب منطقي وبرهاني ، وبذلك أيقظ عقول المسلمين وبعثهم إلى اعمال الحس والتعقّل وأعطى لكلّ قدره

__________________

١ ـ النازعات / ٢٧ ـ ٣٣.

٢ ـ الطور / ٣٥ ـ ٣٦.

٥٧٣

وقيمته غير أنّ المسلمين سوى قليل منهم تنكّبوا عن هذا الطريق ، خصوصاً في ما يرجع إلى المعارف العليا ، فصاروا بين مشبّه ومعطّل ، فالبسطاء منهم بنوا عقائدهم على الجمود بالمفردات الواردة في الكتاب والسنّة ، وبذلك استغنوا عن أيّ تعقّل وتفكّر ، إلى أن بلغت جرأتهم إلى حدّ قال بعضهم في الخالق : اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلك (١) ، فهؤلاء هم المجسّمة والمشبّهة ، وأمّا غيرهم فاختاروا تعطيل العقول عن التفكّر في اللّه سبحانه ، فقالوا : اُعطينا العقل لاقامة العبودية لا لادراك الربوبيّة ، فمن شغل ما اُعطي لاقامة العبودية بادراك الربوبية فاتته العبودية ، ولم يدرك الربوبية (٢).

فالأكثرية الساحقة في القرون الاُولى كانوا بين مشبّه ومعطّل ، غير أنّه سبحانه شملت عنايته اُمّة من المسلمين رفضوا التشبيه والتعطيل ، وسلكوا طريقاً ثالثاً ، وقالوا بأنه يمكن للانسان التعرّف على ما وراء الطبيعة بما فيها من الجمال والكمال عن طريقين :

١ ـ النظرة الفاحصة إلى عالم الوجود وجمال الطبيعة كما وردت في القرآن الكريم.

٢ ـ ترتيب الأقيسة المنطقية للوصول إلى الحقائق العليا ، وهذا هو الخط الذي رسمه القرآن الكريم ، ومشى على هذا الخط أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام من أوّلهم إلى آخرهم.ترى ذلك في كلام الامام علي عليه‌السلام بوضوح ، في أحاديثه وخطبه ، ورسائله وكلمه ولا يمكن لنا نقل معشار منه ، ونكتفي بحديث واحد.

__________________

١ ـ الشهرستاني : الملل والنحل ١ / ١٠٥ ط دار المعرفة لبنان.

٢ ـ علاقة الاثبات والتفويض نقلا عن الحجة في بيان المحجة ٣٣.

٥٧٤

سأله سائل : هل يقدر ربّك أن يُدخل الدنيا في بيضة من غير أن يُصغّر الدنيا أو يُكبّر البيضة؟ فقال : إنّ اللّه تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والذي سألتني لا يكون (١).

إنّ خطب الامام عليه‌السلام ورسائله وقصار حكمه صار هو الحجر الأساس لكلام الشيعة وآرائهم في العقائد والمعارف ، ولم يقف نشاط الشيعة في ذلك المجال ، بل جاءت الأئمة بعد الامام ، ففتحوا عقول شيعتهم بالدعوة إلى التدبّر والتفكّر في المعارف ، حتّى تربّى في مدرستهم عمالقة الفكر من عصر سيد الساجدين إلى عصر الامام العسكري ، تجد أسماءهم وتآليفهم وافكارهم في المعاجم وكتب الرجال ، وقد نبغ في عصر أئمة أهل البيت مفكّرون بارزون افادوا الأجيال من بعدهم ، نأتي بأسماء البارزين بعد استفحال علم الكلام في أوائل القرن الثاني.

متكلّموا الشيعة في القرن الثاني :

١ ـ زرارة بن أعين بن سُنسُن : مولى ( بني عبداللّه بن عمرو السمين بن اسعد ابن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ) ، أبوالحسن. شيخ أصحابنا في زمانه ، ومتقدّمهم ، وكان قارئاً ، فقيهاً ، متكلّماً ، شاعراً أديباً ، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين ، صادقاً في ما يرويه.

قال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه : رأيت له كتاباً في الاستطاعة والجبر (٢) وقال ابن النديم : وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثا

__________________

١ ـ الصدوق : التوحيد ١٣٠ باب « القدرة » برقم ٩.

٢ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٣٩٧ برقم ٤٦١ ، الطوسي : الفهرست برقم ٣١٤ ، الكشي : الرجال برقم ٦٢ ، الذهبي : ميزان الاعتدال ٢ برقم ٢٨٥٣.

٥٧٥

ومعرفة بالكلام والتشيّع (١) وهو من الشخصيات البارزة للشيعة التي اجتمعت العصابة على تصديقهم ، وهو غنيّ عن التعريف والتوصيف.

٢ ـ محمّد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي : مولى الأحول « أبو جعفر » ، كوفي ، صيرفي يلقب بـ « مؤمن الطاق » و « صاحب الطاق » ، ويلقّبه المخالفون بـ « شيطان الطاق » ... وكان دكانه في طاق المحامل ، بالكوفة ، فيرجع إليه في النقد فيردّ ردّاً فيخرج كما يقول ، فيقال « شيطان الطاق ». أمّا منزلته في العلم وحسن الخاطر ، فاشهر وقد نسب إليه أشياء لم تثبت عندنا. وله كتاب « افعل لا تفعل » رأيته عند أحمد بن الحسين بن عبيداللّه رحمه‌الله ، كتاب حسن كبير ، وقد أدخل فيه بعض المتأخرين أحاديث تدل فيه على فساد ، ويذكر تباين أقاويل الصحابة. وله كتاب « الاحتجاج في إمامة أميرالمؤمنين عليه‌السلام » وكتاب كلامه على الخوارج ، وكتاب مجالسه مع أبي حنيفة والمرجئة ... (٢) فقد توفي الامام الصادق عام ١٤٨ ، وأبو حنيفة عام ١٥٠ ، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني.

وقال ابن النديم وكان متكلّماً حاذقاً وله من الكتب كتاب الامامة ، كتاب المعرفة ، كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول ، كتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة (٣).

٣ ـ هشام بن الحكم : قال ابن النديم : هو من متكلّمي الشيعة الإمامية وبطانتهم ، وممّن دعا له الصادق عليه‌السلام ، فقال : أقول لك ما قال رسول اللّه لحسان : لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وهو الذي فتق الكلام في

__________________

١ ـ ابن النديم : الفهرست ٣٢٣.

٢ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٢٠٣ برقم ٨٨٧ ، الطوسي : الرجال أصحاب الكاظم برقم ١٨ والفهرست للطوسي برقم ٥٩٤ ، الكشي : الرجال برقم ٧٧.

٣ ـ ابن النديم : الفهرست ٢٦٤ وأيضاً ٢٥٨.

٥٧٦

الإمامة وهذّب المذهب وسهّل طريق الحجاج فيه ، وكان حاذقاً بصناعة الكلام حاضر الجواب (١).

يقول الشهرستاني : وهذا هشام بن الحكم ، صاحب غور في الاُصول ، لا ينبغي أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة ، فانّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنّه ألزم الغلاة ... (٢).

وقال النجاشي : هشام بن الحكم أبو محمّد مولى كندة ، وكان ينزل بني شيبان بالكوفة ، انتقل إلى بغداد سنة ١٩٩ ، ويقال انّ في هذه السنة مات. له كتاب يرويه جماعة. ثم ذكر أسماء كتبه على النحو التالي :

١ ـ علل التحريم ٢ ـ الفرائض ٣ ـ الإمامة ٤ ـ الدلالة على حدث الأجسام ٥ ـ الرد على الزنادقة ٦ ـ الرد على أصحاب الاثنين ٧ ـ التوحيد ٨ ـ الرد على هشام الجواليقي ٩ ـ الرد على أصحاب الطبائع ١٠ ـ الشيخ والغلام في التوحيد ١١ ـ التدبير في الإمامة ١٢ ـ الميزان ١٣ ـ إمامة المفضول ١٤ ـ الوصية والرد على منكريها ١٥ ـ الميدان ١٦ ـ اختلاف الناس في الإمامة ١٧ ـ الجبر والقدر ١٨ ـ الحكمين ١٩ ـ الرد على المعتزلة وطلحة والزبير ٢٠ ـ القدر ٢١ ـ الألفاظ ٢٢ ـ الاستطاعة ٢٣ ـ المعرفة ٢٤ ـ الثمانية أبواب ، ٢٥ ـ على شيطان الطاق ، ٢٦ ـ الاخبار ، ٢٧ ـ الرد على المعتزلة ، ٢٨ ـ الرد على ارسطاطاليس في التوحيد ٢٩ ـ المجالس في التوحيد ٣٠ ـ المجالس في الإمامة (٣).

__________________

١ ـ ابن النديم : الفهرست ٢٥٧.

٢ ـ الشهرستاني : الملل والنحل ١ / ١٨٥.

٣ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣٩٧ برقم ١١٦٥.

٥٧٧

يقول أحمد أمين : أكبر شخصية شيعية في الكلام ، وكان جداً قوىّ الحجة ، ناظر المعتزلة وناظروه ، ونقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة متفرقة تدل على حضور بديهته وقوّة حججه.

إنّ الرجال كان في بداية أمره من تلاميذ أبي الشاكر الديصاني ، صاحب النزعة الالحادية في الإسلام ثمّ تبع الجهم بن صفوان ، الجبري المتطرّف المقتول بترمذ عام ١٢٨ هـ ، ثم لحق بالإمام الصادق عليه‌السلام ودان بمذهب الإمامية ، وما تنقل منه من الآراء التي لا توافق اُصول الامامية ، فانّما هي راجعة إلى العصرين اللذين كان فيهما على النزعة الالحادية أو الجهمية ، وأمّا بعد ما لحق بالإمام الصادق عليه‌السلام فقد انطبعت عقليته بمعارف أهل البيت إلى حد كبير ، حتّى صار أحد المناضلين عن عقائد الشيعة الامامية (١).

٤ ـ قيس الماصر : أحد أعلام المتكلمين ، تعلّم الكلام من علي بن الحسين عليه‌السلام روى الكليني انّه أتى شامي إلى أبي عبداللّه الصادق ليناظر أصحابه ، فقال عليه‌السلام ليونس بن يعقوب : اُنظر من ترى بالباب من المتكلمين ... إلى أن قال يونس : فأدخلت زرارة بن أعين وكان يحسن الكلام ، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام ، وأدخلت هشام بن الحكم وهو يحسن الكلام ، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاماً وقد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما‌السلام (٢).

٥ ـ عيسى بن روضة ، حاجب المنصور : كان متكلّماً ، جيّد الكلام ، وله

__________________

١ ـ إنّ للعلامة الحجة الشيخ عبداللّه نعمة كتاباً في حياة هشام بن الحكم ، فقد أغرق نزعاً في التحقيق وأغنانا عن كل بحث وتنقيب.

٢ ـ الكليني : الكافي ١ / ١٧١.

٥٧٨

كتاب في الإمامة. وقد وصفه أحمد بن أبي طاهر في كتاب بغداد ، وذكر أنّه رأى الكتاب. وقال بعض أصحابنا رحمهم‌الله : انّه راى هذا الكتاب. وقرأت في بعض الكتب : انّ المنصور لمّا كان بالحيرة ، تسمّع على عيسى بن روضة ، وكان مولاه ، وهو يتكلّم في الإمامة فاُعجب به واستجاد كلامه (١) وبما أنّ المنصور توفّي عام ١٥٨ ، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني.

٦ ـ الضحاك ، أبو مالك الحضرمي : كوفي ، عربي ، أدرك أبا عبداللّه عليه‌السلام وقال قوم من أصحابنا : روى عنه وقال آخرون : لم يرو عنه. وروى عن أبي الحسن ، وكان متكلّماً ثقة ثقة في الحديث. وله كتاب : في التوحيد ، رواية علي بن الحسن الطاطري (٢) فالرجل من متكلّمي القرن الثاني. وقال ابن النديم : من متكلّمي الشيعة وله مع ابي علي الجبّائي مجلس في الإمامة وتثبيتها بحضرة أبي محمّد القاسم بن محمّد الكوفي وله من الكتب كتاب الإمامة ، نقض الإمامة على أبي علي ولم يتمّه (٣).

٧ ـ علي بن الحسن بن محمّد الطائي : المعروف بـ « الطاطري » كان فقيهاً ثقة في حديثه له كتب منها : التوحيد ، الامامة ، الفطرة ، المعرفة ، الولاية (٤) وغيرها وعدّه ابن النديم من متكلمي الامامية وقال : ومن القدماء : الطاطري وكان شيعياً واسمه ... وتنقّل في التشيّع وله من الكتب كتاب الإمامة حسن (٥) وبما أنّه من أصحاب الإمام الكاظم فهو من متكلّمي القرن الثاني.

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ١٤٥ برقم ٧٩٤.

٢ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٤٥١ برقم ٥٤٤.

٣ ـ ابن النديم : الفهرست ٢٦٦.

٤ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٧٧ برقم ٦٦٥.

٥ ـ ابن النديم : الفهرست ٢٦٦.

٥٧٩

٨ ـ الحسن بن علي بن يقطين بن موسى : مولى بني هاشم ، وقيل مولى بني أسد ، كان فقيهاً متكلّماً روى عن أبي الحسن والرضا عليهما‌السلام ، وله كتاب مسائل أبي الحسن موسى عليه‌السلام (١) وبما أنّ أبا الحسن الأول توفّي عام ١٨٣ ، والثاني توفّي عام ٢٠٣ ، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني وأوائل الثالث ، وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرضا (٢) وهو الذي سأل الإمام الرضا عليه‌السلام بأنّه لا يقدر على لقائه في كل وقت فعمّن يأخذ معالم دينه؟ فأجاب الامام عليه‌السلام خذ عن يونس بن عبدالرحمان (٣).

٩ ـ حديد بن حكيم : أبو علي الأزدي المدائني ، ثقة ، وجه ، متكلّم ، روى عن ابي عبد الله ، وأبي الحسن عليهما‌السلام له كتاب يرويه محمّد بن خالد (٤) وبما أنّه من تلاميذ الصادق والكاظم عليهما‌السلام فالرجل من متكلّمي الشيعة في القرن الثاني.

١٠ ـ فضال بن الحسن بن فضال : وهو من متكلّمي عصر الصادق عليه‌السلام وذكره الطبرسي في احتجاجه ومناظرته مع أبي حنيفة فلاحظ (٥).

وما ذكرناه نماذج من مشاهير المتكلّمين في عصر الصادقين والكاظم ، وهناك من لم نذكرهم ولهم مناظرات واحتجاجات احتفلت بهم الكتب التاريخية والكلامية كحمران بن أعين الشيباني ، وهشام بن سالم الجواليقي ، والسيد الحميري ،

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال ١ / ١٤٨ برقم ٩.

٢ ـ الشيخ الطوسي : الرجال برقم ٧.

٣ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٤٢١ برقم ١٢٠٩.

٤ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٣٧٧ برقم ٣٨٣ ، وذكره الخطيب في تاريخه ج ٨ برقم ٤٣٧٧.

٥ ـ التستري : قاموس الرجال ٤ / ٣١٣.

٥٨٠