بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٠٤

١ ـ روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولو لم يبق من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جورا (١).

٢ ـ أخرج أبو داود عن عبداللّه بن مسعود أنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تنقضي الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (٢).

٣ ـ أخرج أبو داود عن اُمّ سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت : سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة (٣).

٤ ـ أخرج الترمذي عن ابن مسعود أنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (٤).

إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة التي بلغت أعلى مراتب التواتر على وجه يقول الدكتور عبدالباقي : إنّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين أو راو أو راويين انّها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريبا ، اجتمع على تناقلها مئات الرواة وأكثر من صاحب كتاب صحيح (٥).

هذا هو المهدي الذي اتّفق المحدّثون والمتكلّمون عليه ، وانّما الاختلاف بين الشيعة والسنّة في ولادته ، فالشيعة ذهبت إلى أنّ المهدي الموعود هو الامام الثاني عشر الذي ولد بسامراء عام ٢٥٥ هـ واختفى بعد وفاة أبيه عام ٢٦٠ هـ ، وقد تضافرت

____________

١ ـ مسند أحمد ١ / ٩٩ ، ٣ / ١٧ ـ ٧٠.

٢ ـ جامع الاُصول ١١ / ٤٨ برقم ٧٨١٠.

٣ ـ المصدر نفسه برقم ٧٨١٢.

٤ ـ المصدر نفسه برقم ٧٨١٠.

٥ ـ الدكتور عبدالباقي : بين يدي الساعة ١٢٣.

٥٢١

عليه النصوص من آبائه ، على وجه ماترك شكّاً ولا شبهة (١) ووافقتهم جماعة من علماء أهل السنّة ، وقالوا بأنّه ولد وأنّه محمّد بن الحسن العسكري.

نعم كثير منهم قالوا بأنّه سيولد في آخر الزمان ، وبما أنّ أهل البيت أدرى بما في البيت ، فمن رجع إلى روايات أئمّة أهل البيت في كتبهم يظهر له الحق ، وأنّ المولود للامام العسكري هو المهدي الموعود.

وممّن وافق من علماء أهل السنّة بأنّ وليد بيت الحسن العسكري هو المهدي الموعود :

١ ـ كمال الدين محمّد بن طلحة بن محمّد القرشي الشافعي في كتابه « مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ». وقد أثنى عليه من ترجم له مثل اليافعي في « مرآة الجنان » في حوادث سنة ٦٥٠. قال بعد سرد اسمه ونسبه : « المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر ، فأمّا مولده فبسرّ من رأى ، وأمّا نسبه أبا فأبوه الحسن الخالص » ثمّ أورد عدّة أخبار واردة في المهدي من طريق أبي داود ، والترمذي ، ومسلم والبخاري وغيرهم ثمّ اعترض بأنّها لا تدل على أنّه محمّد بن الحسن العسكري وأجاب بأنّ الرسول لمّا وصفه وذكر اسمه ونسبه وجدنا تلك الصفات والعلامات موجودة في محمّد بن الحسن العسكري علمنا أنّه هو المهدي.

٢ ـ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابيه : « البيان في اخبار صاحب الزمان » و « كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

٣ ـ نور الدين علي بن محمّد بن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة في معرفة الأئمّة.

__________________

١ ـ اقرأ هذه النصوص في كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق ٣٠٦ ـ ٣٨١ ترى فيه النصوص المتضافرة على أنّ المهدى الموعود هو ولد الامام أبو محمّد الحسن العسكري وانّ له غيبة.

٥٢٢

٤ ـ الفقيه الواعظ شمس الدين المعروف بالسبط ابن الجوزي « في تذكرة الخواص ».

إلى غير ذلك من علماء وحفّاظ ذكر أسماءهم وكلماتهم السيد الأمين في أعيان الشيعة وأنهاه إلى ثلاثة عشر ، ثمّ قال : والقائلون بوجود المهدي من علماء أهل السنّة كثيرون وفيما ذكرناه منهم كفاية ومن أراد الاستقصاء فليرجع إلى كتابنا « البرهان إلى وجود صاحب الزمان » ورسالة « كشف الأستار » للشيخ حسين النوري (١).

وقد كان الاعتقاد بظهور المهدي في عصر الأئمّة الهداة أمراً مسلّماً حتّى أنّ دعبل الخزاعي ذكره في قصيدته التي أنشدها لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام فقال :

خروج إمام لا محالة قائم

يقوم على اسم اللّه والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

ولمّا وصل دعبل إلى هذين البيتين بكى الرضا عليه‌السلام بكاءً شديداً ثمّ رفع رأسه ، فقال له : يا خزاعيّ نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ومتى يقوم؟ ، فقلت : لا يا مولاي ، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً ، فقال : يا دعبل ، الامام بعدي محمّد ابني ( الجواد ) وبعد محمّد ابنه علي ( الهادي ) وبعد علي ابنه الحسن ( العسكري ) وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا ، وأمّا متى؟ فاخبار عن الوقت ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن

__________________

١ ـ أعيان الشيعة ٢ / ٦٤ ـ ٧٥.

٥٢٣

آبائه عن علي عليه‌السلام إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قيل له : يا رسول اللّه متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلاّ هو. ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة (١).

ثمّ إنّ للمهدي ـ عجّل اللّه تعالى فرجه ـ غيبتين صغرى وكبرى ، كما جاءت بذلك الأخبار عن أئمّة أهل البيت ، أمّا الغيبة الصغرى فمن ابتداء إمامته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته بوفاة السفراء وعدم نصب غيرهم ، وقد مات السفير الأخير علي بن محمّد السمري عام ٣٢٩ هـ ، ففي هذه الفترة كان السفراء يرونه وربّما رآه غيرهم ويصلون إلى خدمته وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في اُمور شتّى.

وأمّا الغيبة الكبرى فهي بعد الاُولى إلى أن يقوم بإذن اللّه تعالى.

وأمّا من رأى الحجّة في زمان أبيه وفي الغيبة الصغرى وحتّى بعد الكبرى ، فحدّث عنه ولا حرج فقد اُلف في ذلك كتب أحسنها وأجملها : كمال الدين للصدوق والغيبة للشيخ الطوسي.

ثمّ إنّ حول الامام المهدي أسئله وشبهات ربّما يتجاوز العشرة ، وقد ذكرها المحقّقون من علماء الإمامية في كتبهم وأجابوا عنها بوضوح (٢).

__________________

١ ـ الصدوق : كمال الدين وتمام النعمة ٢ / ٣٧٢.

٢ ـ لاحظ محاضراتنا : الإلهيات : بقلم الشيخ الفاضل حسن مكّي ٢ / ٦٤١ ـ ٦٥٣ وفي كتاب منتخب الأثر في الامام الثاني عشر لشيخنا : لطف اللّه الصافي ـ دام ظله ـ غنى وكفاية لطالب الحق.

٥٢٤

الفصل الثاني عشر

دور الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية

وازدهار العلوم

٥٢٥
٥٢٦

الحضارة تقابل البداوة ، وتطلق على الاقامة في الحضر وهي الكلمة الدارجة في أيّامنا هذه على ألسن الخطباء وقلم الكتّاب وكلمة التمدّن هي التي كانت رائجة سابقاً.

ولقد شهدت الحياة البشرية على هذا الكوكب ( الأرض ) حضارات متعدّدة ، لكلٍّ ميزاتها وخصائصها التي ضبطها التاريخ ، وأفصحت عنها الاكتشافات الأثرية.

ومن مشاهير هذه الحضارات : الحضارة الصينية ـ المصرية ـ البابلية ـ اليونانية الرومانية ـ الفارسية ـ وأخيراً الحضارة الغريبة ولكل انطباعاتها الخاصة.

وأمّا الحضارة الإسلامية فهي التي تتوسّط بين الحضارة الأخيرة ( الغربية ) وما تقدّمها. وهي أكبر الحضارات في تاريخ الإنسان وأكثرها اهتماماً بالعلم والفلسفة والأدب والفنون. وهي الأساس الوطيد الذي قامت عليه حركة النهضة الاوربية. ولقد وضع عشرات من العلماء موسوعات وكتب لبيان ما قدّمته الحضارة الإسلامية من خدمات جليلة إلى المجتمع البشري في المجالات المختلفة.

وليست الحضارة الإسلامية حضارة عربية ابتدعتها العرب ، بمواهبها وتجاربها بل حضارة الشعوب الإسلامية من عرب وفرس وترك وغيرهم من القوميات ، الذين ذابوا في الإسلام ونسوا قومياتهم ومشخّصاتهم العنصرية والبيئية. وكلّما

٥٢٧

تُستخدم الحضارة العربية يراد منها الحضارة الإسلامية. التي انبثقت بطلوع فجر الإسلام في الجزيرة العربية وانتشرت بانتشاره بسرعة عجيبة فخفقت راياتها في بقاع واسعة من العالم فامتدّت من حدود الصين شرقا ، إلى المحيط الأطلسي غربا.

إنّ الحضارة الحقيقة تتميّز بانعدام الهمجية والفوضى الاجتماعية ، وباستغلال الموارد الطبيعية والمواهب البشرية إلى أقصى الحدود. كما تتميز بتقدّم العلوم وازدهار الآداب والفنون ، وسموّ المطامح الإنسانية وحلول التنظيم الاجتماعي.

إنّ الحضارة تتألّف من عناصر أربعة :

١ ـ الموارد الاقتصادية.

٢ ـ النظم السياسية.

٣ ـ التقاليد الخلقية.

٤ ـ متابعة العلوم والفنون.

وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق لأنّه إذا ما أمن الإنسان من الخوف تحرّرت في نفسه دوافع التضلّع وعوامل الابداع والانشاء وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها (١).

وما ذكره ذلك العالم الباحث من اُسس الحضارة وأركانها يرجع إلى تفسير الحضارة بالمعنى الجامع الشامل للحضارة الإلهية والمادّية. وأمّا بالنظر إلى الحضارة المرتكزة على الاُسس الدينية فمن أهم أركانها توعية الإنسان في ظلال الاعتقاد باللّه سبحانه واليوم الآخر. حتّى يكون هو الدافع إلى العمل والالتزام بالسلوك الأخلاقي والديني. فالحضارة المنقطعة عن التوعية الدينية حضارة صناعية

__________________

١ ـ ويل دورانت : قصة الحضارة ١ / ٣.

٥٢٨

لا إنسانية ، وتمدّن مادّي وليس بالهي.

إنّ مؤسّس الحضارة الإسلامية هو النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد جاء بسنن وقوانين دفعت البشرية إلى مكارم الأخلاق ومتابعة العلوم والفنون ، واستغلال الموارد الطبيعية وتكوين مجتمع تسود فيه النظم الاجتماعية المستقيمة.

ولا يشك في ذلك من قرأ تاريخ الإسلام وتاريخ النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصوصاً إذا قارن بين حياة البشرية بعد بزوغ شمس الإسلام بما قبلها.

ثمّ إنّ المسلمين شيدوا أركان الحضارة الإسلامية في ظل الخطوط التي رسمها النبيّ الأكرم من خلال القرآن والسنّة فأصبح لهم قوّة اقتصادية ، ونظم سياسية ، وتقاليد دينية وخلقية وأصبحت العلوم والفنون تتطوّر وتتقدم. وقد قاموا بترجمة كتب اليونانيين والفرس وغيرهم إلى لغتهم فصارت الحضارة الإسلامية مزدهرة. بفضل هذه العلوم وتطويرها. فصارت المكتبات عامرة بآلاف الكتب المتنوّعة.

انّ لكلّ حضارة طابعاً خاصاً. فلبعضها طابع اقتصادي ولاُخرى طابع عسكري ، ولثالث طابع فنّي معماري وهكذا ، ولكن الحضارة الإسلامية تتمتّع بمجموع هذه المميزات فلم تترك ميزة دون اُخرى.

والذي يطيب لنا في هذا الفصل ، ذكر مشاركة الشيعة في بناء هذه الحضارة خصوصاً فيما يرجع إلى الركن الرابع وهو متابعة العلوم والفنون ، وأمّا الأركان الثلاثة الباقية فغير مطلوبة لنا في هذا الفصل وذلك :

لأنّ الموارد الاقتصادية شارك فيها المسلمون انطلاقاً من دوافعهم النفسية من خلال الاهتمام بالاُمور التالية :

١ ـ التنمية الزراعية بأنواعها المختلفة من الحبوب والفاكهة وغيرهما.

٥٢٩

٢ ـ استخراج المعادن الذهبية ، والفضّية ، والأحجار ، النفيسة الكريمة ، كالفيروز ، والعقيق ، والزمرّد واللؤلؤ والمرجان.

٣ ـ إحداث القنوات المائية وبناء السدود. وتقسيم الماء ، ومحاربة طغيانه.

٤ ـ تربية الحيوانات الأليفة وصيد السمك والطيور.

٥ ـ صناعة الألبسة والأقمشة والستور والسجاد.

٦ ـ صناعة الورق وكتابة الكتب ونشرها في العالم.

٧ ـ ايجاد المواصلات البرّية والبحريّة ، وتنظيم حركة الملاحة ، ومحاربة قطاع الطرق واللصوص في البحر والبر.

٨ ـ العناية الفائقة بالتجارة وعقد الاتّفاقيات التجارية مع البلدان المجاورة ، إلى غير ذلك ممّا يوجب ازدهار الوضع الاقتصادي ، فلا يصح ابعاد قوم عن تلك الساحة وتخصيص الازدهار الاقتصادي بطائفة دون اُخرى فإنّ الإنسان حسب الفطرة والدافع الغريزي ، ينساق إلى ذلك.

وأمّا النظم السياسية فقد نضجت في الدولتين الاموية والعباسية في حقول شتى : الادارة والعسكرية البرية منها والبحرية ، فقد قامت كل دولة في مصر الخلفاء بواجبها من غير فرق بين الدول الشيعية منها كالحمدانيين والبويهيين والفاطميين وغيرهم كالسامانية والسلاجقة والغزاونة وهكذا.

وأمّا التقاليد الخلقية فقد كانت منبثقة من صميم الإسلام ومأخوذة من الكتاب والسنّة وأمّا التقاليد القومية لقد أفسح الإسلام لها المجال إذا لم تكن معارضة لمبادئ الشريعة والمثل الأخلاقية الإسلامية.

فلأجل ذلك نركز على الركن الرابع من هذه الأركان الأربعة للحضارة ، وهو متابعة العلوم والفنون فهي الطابع الأساسي للحضارة الإسلامية وبها تتميّز عن ما تقدّم عليها وعن ما تأخّر عنها ، فنأتي بموجز عن دور الشيعة في بناء هذا الركن أي ازدهار

٥٣٠

العلوم والفنون ليظهر أنّهم كانوا في الطليعة وكان لهم الدور الأساسي.

إنّ الحضارة الإسلامية تستمد من الكتاب والسنّة فكل من قدّم خدمة للقرآن لفظاً ومعنى ، صورة ومادة فقد شارك في بناء الحضارة الإسلامية ومثله السنّة وإليك البيان.

١ ـ قدماء الشيعة وعلم النحو :

إنّ دراسة القرآن بين الاُمة ونشر مفاهيمه ، يتوقّف على معرفة العلوم التي تعد مفتاحاً له إذ لولا تلك العلوم لكانت الدراسة ممتنعة ، ونشرها في ربوع العالم غير ميسور ، جدّاً. بل لولا هذه العلوم ونضجها لحرم جميع المسلمين حتّى العرب منهم من الاستفادة من القرآن الكريم. لأنّ الفتوحات فرضت على المجتمع العربي الاختلاط مع بقية القوميات وسبَّب ذلك خطراً على بقاء اللغة العربية وكان العرب عند ظهور الإسلام يعربون كلامهم على النحو الذي في القرآن إلاّ من خالطهم من الموالي والمتعرّبين ، ولكن اللحن لم يكثر إلاّ بعد الفتوح وانتشار العرب في الآفاق فشاع اللحن في قراءة القرآن فمست الحاجة الشديدة إلى ضبط قواعد اللغة (١).

فقام أبو الأسود الدؤلي بوضع قواعد نحوية بأمر الامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام فأبو الأسود إمّا واضع علم النحو أو مدوّنه وكان من سادات التابعين ، صاحب عليّاً وشهد معه صفين. ثمّ أقام في البصرة. يقول الشيخ أبو الحسن سلامة الشامي النحوي : إنّ علياً دخل عليه أبو الأسود يوماً. قال : فرأيته مفكّراً ، فقلت له : مالي أراك مفكّراً يا أميرالمؤمنين؟ قال : إنّي سمعت من بعض الناس لحناً وقد هممت أن أضع كتاباً أجمع فيه كلام العرب. فقلت : إن فعلت ذلك أحييت

__________________

١ ـ جرجي زيدان : تاريخ آداب اللغة العربية ١ / ٢١٩.

٥٣١

أقواماً من الهلاك فألقى إليّ صحيفة فيها : الكلام كلّه إسم وفعل وحرف. فالإسم ما دلّ على المسمّى ، والفعل ما دلّ على حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن معنى وليس بإسم ولا فعل وجعل يزيد على ذلك زيادات قال : واستأذنته أن اصنع في النحو ما صنع فأذِن وأتيته به فزاد فيه ونقص ، وفي رواية أنّه ألقى إليه الصحيفة وقال له : انح نحو هذه فلهذا سمّي النحو نحوا (١).

ومن المعلوم انّ هذه القواعد لم تكن تسد الحاجة الملحّة. ولكن أبا الأسود قام باكمالها وضبطها وبتمييز المنصوب من المرفوع والاسم من الفعل بعلامات نسمّيها الاعراب فالروايات مجمعة على أنّ أبا الأسود ( وهو شيعي المذهب توفّي سنة ٦٩ ) إمّا مدوّن علم النحو أو واضعه وأضحى مادوَّنه مصدراً لهذا العلم في العصور الّلاحقة وهناك كلام لابن النديم دونك لفظه. يقول :

قال محمّد بن إسحاق : زعم أكثر العلماء أنّ النحو اُخذ عن أبي الأسود الدؤلي وأنّ أبا الأسود أخذ ذلك عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ثمّ نقل عن الطبري وقال : انّما سمّي النحو نحواً لأنّ أبا الأسود الدؤلي قال لعلي عليه‌السلام وقد ألقى عليه شيئاً من اُصول النحو قال أبو الأسود : واستأذنته أن أصنع نحو ما صنع ، فسمّي ذلك نحواً (٢).

٢ ـ وإذا كان أبو الأسود الدؤلي واضعاً للنحو فالخليل بن أحمد الفراهيدي هو المنقّح له والباسط له. قال أبوبكر محمّد بن الحسن الزبيدي : والخليل بن أحمد ، أوحد العصر ، وفريد الدهر ، وجهبذ الاُمة واُستاذ أهل الفطنة الذي لم ير نظيره ولا

__________________

١ ـ حسن الصدر : تأسيس الشيعة ٥١ ولقد بلغ الغاية في ذلك المجال فنقل كلمات المؤرّخين في ما قام به الأمام وتلميذه في تأسيس علم النحو.

٢ ـ ابن النديم : الفهرست ٦٦ وللكلام صلة من أراد فليرجع إلى المصدر.

٥٣٢

عرف في الدنيا عديلة ، وهو الذي بسط النحو ومدّ اطنابه وسبب علله وفتق معانيه وأوضح الحجاج فيه ، حتّى بلغ أقصى حدوده وانتهى إلى ابعد غايته ...

وسيوافيك انّ الخليل من أصحاب الامام الصادق ومن شيعته.

ثمّ إنّ علماء الفريقين شاركوا في نضج هذا العلم وايصاله إلى القمة.

وليس للمنصف بخس حق طائفة لمصالح اُخرى ولكن لمّا كان الهدف هو بيان دور الشيعة في تطوير العلوم وتتبّعها نذكر من خدم علم النحو من قدماء الشيعة فقط منهم.

١ ـ عطاء بن أبي الأسود : قال الشيخ الطوسي في باب أصحاب الحسين بن علي : ومنهم ابن أبي الأسود الدؤلي. وقال الحافظ السيوطي في الطبقات : عطاء ، استاذ الأصمعي وأبو عبيدة (١).

٢ ـ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي : قال السيوطي : هو أوّل من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو وسمّاه الفيصل وهو اُستاذ الكسائي والفرّاء (٢).

قال النجاشي : روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهما‌السلام وله كتاب الوقف والابتداء ، وكتاب الهمز ، وكتاب اعراب القرآن (٣).

٣ ـ حمران بن أعين أخو زرارة بن أعين : كان نحوياً إماماً فيه ، عالماً بالحديث واللغة والقرآن ، أخذ النحو والقراءة عن ( ابن ) أبي الأسود ، وأخذ عنه الفراء وحمزة أحد السبعة وأخذ الحديث عن الامام السجاد والباقر والصادق. وآل أعين بيت كبير بالكوفة من أجلّ بيوت الشيعة ولأبي غالب الزراري

__________________

١ ـ تأسيس الشيعة ٦٥.

٢ ـ تأسيس الشيعة ٦٧.

٣ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٢٠٠ برقم ٨٨٤.

٥٣٣

رسالة في ترجمة آل أعين قال : كان حمران من أكابر مشايخ الشيعة وكان عالماً بالنحو واللغة (١).

٤ ـ أبو عثمان المازني : بكر بن محمّد : قال النجاشي : كان سيد أهل العلم بالنحو والعربية واللغة ومقدمته بذلك مشهورة ، وكان من علماء الإمامية ، قد تأدّب على يد إسماعيل بن ميثم (٢) له في الأدب كتاب التصريف ، كتاب ما يلحن فيه العامة ، التعليق. مات سنة ٢٤٨ (٣).

٥ ـ ابن السكيت : يعقوب بن إسحاق السكيت : كان مقدّماً عند أبي جعفر ( الجواد ) وأبي الحسن ( الهادي ) عليهما‌السلام وكانا يختصّانه. وله عن أبي جعفر عليه‌السلام رواية ومسائل ، وقتله المتوكّل لأجل تشيّعه ، وأمره مشهور ، وكان وجيهاً في علم العربية واللغة ، ثقة ، مصدّقاً ، لا يطعن عليه. وله كتب : إصلاح المنطق ، كتاب الألفاظ ، كتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه ، كتاب الأضداد ، كتاب المذكّر والمؤنّث ، كتاب المقصور والممدود ، و ... (٤).

وسبب قتله : انّ المتوكل سأله يوماً وهو يعلّم ابنيه وقال : يا يعقوب أيّهما أحبّ إليك ، ابناي هذان ، أم الحسن والحسين؟ فأجابه : « انّ قنبراً خادم علي خير منك ومن ابنيك » فأمر المتوكّل فسلّوا لسانه من قفاه فمات ، وقد خلّف بضعة وعشرين أثراً في النحو واللغة والشعر (٥) واستشهد سنة ٢٤٤.

__________________

١ ـ أبو غالب : رسالة في آل أعين ٢ ـ ٣ بتلخيص.

٢ ـ وهو من أئمّة المتكلّمين في الشيعة.

٣ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٢٧٢ برقم ٢٧٧ وذكره ابن النديم في أخبار النحويين واللغويين ٩٠ والخطيب البغدادي في تاريخ مدينة بغداد ج ٧ برقم ٣٥٢٩.

٤ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٤٢٥ برقم ١٢١٥.

٥ ـ جرجي زيدان : تاريخ آداب اللغة العربية ١ / ٤٢٤ وترجمه ابن خلكان : في وفياته ، وياقوت في طبقات الادباء وغيرهما.

٥٣٤

٦ ـ ابن حمدون : أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون : قال النجاشي : الكاتب النديم ، شيخ أهل اللغة ووجههم. اُستاذ أبي العباس (١) وكان خصيصاً بسيدنا أبي محمّد العسكري وأبي الحسن قبله. له كتب ثمّ ذكر كتبه (٢).

٧ ـ أبو إسحاق النحوي : ثعلبة بن ميمون : قال النجاشي : كان وجهاً في أصحابنا ، قارئاً ، فقيهاً ، نحويّاً ، لغويّاً ، راوية ، وكان حسن العمل ، كثير العبادة والزهد ، روى عن الصادق والكاظم (٣). وبما أنّ الامام الكاظم توفّي عام مائة وثلاث وثمانين ، فهو من أهل المائة الثانية.

٨ ـ قتيبة النحوي ، الجعفي ، الكوفي : قال النجاشي : المؤدب المقري ، ثقة ، عين ، روى عن الصادق (٤) وذكره السيوطي في بغية الوعاة ووصفه في تأسيس الشيعة بأنّه إمام أهل النحو واللغة (٥).

٩ ـ إبراهيم بن أبي البلاد : قال النجاشي : كان ثقة ، قارئاً ، أديباً ، روى عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام (٦).

١٠ ـ محمّد بن سلمة اليشكري : قال النجاشي : جليل من أصحابنا الكوفيين ، عظيم القدر ، فقيه ، قارئ ، لغوي ، راوية ، خرج إلى البادية ، ولقى العرب وأخذ

__________________

١ ـ يريد ثعلب ( ٢٠٠ ـ ٢٩١ م ).

٢ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٢٣٧ برقم ٢٢٨.

٣ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٢٩٤ برقم ٣٠٠ وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ برقم ٣٣٢.

٤ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ١٨٥ برقم ٨٦٧.

٥ ـ تأسيس الشيعة ٧٦.

٦ ـ النجاشي : الرجال ١ / ١٠٢ برقم ٣١.

٥٣٥

عنهم ، وأخذ عنه : يعقوب بن السكيت ، ثمّ ذكر كتبه (١) وبما أنّه شيخ ابن السكيت فهو أهل المائة الثانية وأوائل الثالثة.

١١ ـ أبو عبداللّه النحوي : الحسين بن أحمد بن خالويه ، سكن حلب ومات بها ، وكان عارفاً بمذهبنا ، مع علمه بعلوم العربية ، واللغة ، والشعر ، وله كتب ومن كتبه : مستحسن القراءات والشواذ ، كتاب في اللغة (٢). ووصفه السيوطي في الطبقات إنّه إمام اللغة والعربية ، وغيرهما من العلوم الأدبية ، دفن ببغداد سنة ٣١٤ هـ.

١٢ ـ أبو القاسم التنوخي : قال الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب : انّه من جملة الشعراء المجاهرين بالشعر في مدح أهل البيت ، وقال ياقوت : كان في النحو وحفظ الأحكام وعلم الهيئة والعروض قدوة ، وكان يحفظ من اللغة والنحو شيئاً عظيما (٣).

ما ذكرناه نماذج من أئمّة اللغة من الشيعة الامامية في القرون الاُولى ، وأمّا من وليهم من الأئمّة فحدّث عنهم ولا حرج ، فإنّ ذكر أسمائهم ونبذ من حياتهم يدفعنا إلى تأليف مفرد ، وقد كفانا في ذلك ما كتبه السيد الصدر في هذا المجال ، فقد بلغ النهاية ، وقد ذكر أئمّة النحو من الشيعة إلى القرن السابع (٤) فبلغ ١٤٠ إماماً واُستاذاً ومؤلّفاً في الأدب العربي ولا سيما النحو وبينهم شخصيات بارزة كالشريف المرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) والشريف الرضي وابن الشجرىّ الذي يقول في حقه السيوطي : كان أوحد زمانه ، وفرد أوانه في علم العربية ومعرفة اللغة وأشعار العرب توفّي ٥٤٢ ـ

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٢١٨ برقم ٨٩٧.

٢ ـ النجاشي : الرجال ١ / ١٨٨ برقم ١٥٩.

٣ ـ تأسيس الشيعة ٩١.

٤ ـ لاحظ تأسيس الشيعة ٣٩ ـ ١٣٧.

٥٣٦

ونجم الأئمّة الرضي الاستر آبادي ، إلى غير ذلك من الشخصيات البارزة.

٢ ـ قدماء الشيعة وعلم الصرف :

إنّ أوّل من دوّن الصرف أبو عثمان المازني وكان قبل ذلك مندرجاً في علم النحو ، كما ذكره في كشف الظنون ، وشرحه أبو الفتح عثمان بن جنّي المتوفّي في ٣٩٢ هـ (١) وأبسط كتاب في الصرف ، ما كتبه نجم الأئمة أعني محمّد بن الحسن الاسترآبادي الغروي ، له شرح الشافية في الصرف ، كما له شرح الكافية في النحو وكلا كتابيه جليل الخطر محمود الأثر ، قد جمع بين الدلائل والمباني ، قال في كشف الظنون : للكافية شروح أعظمها شرح الشيخ رضيّ الدين محمّد بن الحسن الطوسي الاستر آبادي النحوي قال السيوطي : لم يؤلّف عليها ، بل ولا في غالب كتب النحو مثله جمعاً وتحقيقاً فتداوله الناس واعتمدوا عليه وله فيه أبحاث كثيرة ومذاهب ينفرد بها فرغ من تأليفه سنة ٦٨٣ .

أقول : فرغ من شرح الكافية سنة ٦٨٦ في النجف الأشرف ، كما هو مذكور في آخر الكتاب.

ولنكتف بهذا المقدار في مساهمة الشيعة ، مع غيرهم في بناء الأدب العربي وتجد قواعده وارسائها في مجالي النحو والصرف ، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.

٣ ـ قدماء الشيعة وعلم اللغة :

ونريد بعلم اللغة ، الاشتغال بألفاظ اللغة من حيث اُصولها ، واشتقاقها ، ومعناها وهو يطلب لنفسه تأليف معاجم لغوية إمّا في موضوعات خاصّة كالخيل

__________________

١ ـ كشف الظنون ١ / ٢٤٩ مادة « كافية ».

٥٣٧

والشاة والوحوش والإنسان فقد اُلّف حولهما كتب تحتوي كلّ منها أسماء الحيوانات وأعضائها ، ومن الإنسان أعضائه وأسماؤه. أو موضوعات عامة وأوّل من ألّف في القسم الثاني هو :

١ ـ أبو عبدالرحمان الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي الأزدي : سيد أهل الأدب ، هو أوّل من ضبط اللغة وأوّل من استخرج علم العروض إلى الوجود ، فهو أسبق العرب إلى تدوين اللغة وترتيب ألفاظها على حروف المعجم فألّف كتابه « العين » جمع فيه ما كان معروفاً في أيّامه من ألفاظ اللغة وأحكامها ، وقواعدها ، ورتّب ذلك على حروف الهجاء ، لكنّه رتّب الحروف حسب مخارجها من الحلق ، فاللسان ، فالأسنان ، فالشفتين ، وبدأ بحرف العين وختمها بحروف العلّة « واى » وسُمِّي الكتاب بأوّل لفظ من ألفاظه (١).

وكان الكتاب مخطوطاً عزيز النسخة ، لكنّه رأى النور أخيراً وطبع محقّقاً. لم يشك أحد من علمائنا أنّ الخليل كان شيعيّاً وعن المرزباني أنّه ولد عام مائة من الهجرة وتوفي سنة ١٧٠ أو ١٧٥ وقال ابن قانع أنه توفّي سنة ١٦٠ (٢) قد ألّف كتاباً في الإمامة ، أورده بتمامه محمّد بن جعفر المراغي في كتابه واستدرك عليه ما لم يذكره وأسماه « الخليلي » قال النجاشي محمّد بن جعفر بن محمّد : أبو الفتح الهمداني الوادعي المعروف بـ « المراغي » كان يتعاطى الكلام ، له كتاب مختار الأخبار ، كتاب الخليلي في الامامة ، وكتاب ذكر المجاز من القرآن (٣).

قال العلاّمة في الخلاصة : كان خليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب

__________________

١ ـ آداب اللغة العربية ٤٢٧ ـ ٤٢٨.

٢ ـ المامقاني : تنقيح المقال ١ / ٤٠٣ برقم ٣٧٣٩.

٣ ـ النجاشي : الرجال ٢ / ٣١٨ برقم ١٠٥٤.

٥٣٨

وقوله حجّة فيه واخترع علم العروض ، وفضله أشهر من أن يذكر وكان إماميّ المذهب (١).

وقال ابن داود : الخليل بن أحمد شيخ الناس في علوم الأدب فضله وزهده أشهر من أن يخفى ، كان إماميّ المذهب (٢).

٢ ـ أبان بن تغلب بن رباح الجُرَيري : من أصحاب الباقر والصادق ، قال النجاشي : كان قارئاً من وجوه القرّاء ، فقيهاً ، لغوياً ، سمع من العرب وحكى عنهم (٣) وقال ياقوت : ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفّي الامامية. وقال : هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة وقال : كان قارئاً ، فقيهاً ، لُغويّاً ، نبيهاً ثبتا (٤).

٣ ـ ابن حمدون النديم : شيخ أهل اللغة ووجههم واُستاذ أبي العباس ثعلب (٥).

٤ ـ أبوبكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي : الأديب اللغوي ، صاحب الجمهرة في اللغة مات هو وأبو هاشم الجبّائي في يوم واحد فقال الناس : مات علم اللغة والكلام. ألّف كتاب « جمهرة اللغة » على منوال « العين » واختصره الصاحب وسمّاه « جوهرة الجمهرة » (٦).

٥ ـ الصاحب بن عباد : عظيم الشأن ، جليل القدر في العلم والأدب ، وألّف الصدوق ( ٣٠٦ ـ ٣٨١ ) كتابه عيون أخبار الرضا عليه‌السلام لأجله ، ومن كتبه في اللغة : « المحيط » عشر مجلدات وقد عرفت تلخيص الجوهرة. وأمّا تشيّعه فحدّث

__________________

١ ـ العلامة الحلّي : الخلاصة ، القسم الأول ٦٧.

٢ ـ ابن داود الحلّي : الرجال ، القسم الأول ٨٨ برقم ٥٧٤.

٣ ـ النجاشي : الرجال ١ / ٧٣ برقم ٦.

٤ ـ ياقوت : معجم الاُدباء ١ / ١٠٧.

٥ ـ الطوسي : الفهرست ١١ / ٥٦.

٦ ـ الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ٢ / ١٩٥.

٥٣٩

عنه ولا حرج.

وكم له من قصائد في مدح أهل البيت نذكر منها مايلي :

ألم تعلموا انّ الوصي هو الذي

أتى الزكاة وكان في المحراب

ألم تعلموا انّ الوصي هو الذي

حكم الغدير له على الأصحاب (١)

ولنكتف بهذا المقدار فانّ المقصود اراءة نماذج من كبار القدماء الذين شاركوا المسلمين في تأسيس العلوم العربية وتطويرها وأمّا التفصيل فيرجع إلى محالّه (٢).

٤ ـ قدماء الشيعة وعلم العروض :

إذا كانت الشيعة هي التي ابتكرت علم النحو بهداية من باب علم النبي الأكرم عليه‌السلام ولحسن الحظ أنّها المبتكرة أيضاً لعلم العروض واستخراجه إلى الوجود وإليك المؤسّسين والمؤلّفين فيه بوجه موجز.

١ ـ الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري قال ابن خلّكان : هو الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود ، وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً (٣).

٢ ـ كافي الكفاة الصاحب بن عباد الطائر الصيت ، له كتاب الاقناع في

__________________

١ ـ الغدير ٤ / ٦٦ وله قصائد اُخرى مذكورة فيه.

٢ ـ لاحظ تأسيس الشيعة للسيد الصدر فقد ترجم فيه ٢٤ شخصاً كلّهم من أقطاب علم اللغة وللمناقشة في بعض ما ذكره وان كان مجالا لكنّه لا ينقص عن عظم الجهد الذي بذله في طريق منشوده.

٣ ـ وفيات الأعيان ٢ / ٢٤٤ برقم ٢٢٠.

٥٤٠