بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٠٤

الفصل الثالث

ماهومقتضى الكتاب والسنّة

في صيغة الخلافة بعد الرسول

٤١
٤٢

إنّ مقتضى الكتاب والسنّة في صيغة القيادة بعد الرسول هوالتخصيص لا التفويض إلى الاُمّة ولا ترك الأمر إلى الظروف والصدف ، فنقدّم الكلام في السنّة فإنّها صريحة في التعيين وأمّا الكتاب فسيأتي البحث عنه.

فنقول : إنّ سيرة النبيّ الأكرم ونصوصه في موافق مختلفة تثبت بوضوح أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غرس النواة الاُولى في أمر القيادة منذ أن أصحر بالدعوة وتعاهدها إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة.

وهذه النصوص من الكثرة والوفرة بحيث إنّه لا يمكن استيعابها ولا ذكر كثير منها ، ويكفينا مؤونة ذلك ، الموسوعات الحديثية في المناقب والفضائل والمؤلّفات الكلامية في أمر الولاية ، ونحن نكتفي بالقليل من الكثير.

١ ـ التنصيص على الخليفة في حديث بدء الدعوة :

بُعث الرسول الأكرم لهداية الناس وإخراجهم من الوثنية إلى التوحيد ، ومن الشرّ إلى الخير ، ومن الشقاء إلى السعادة ،وكانت الظروف المحدقة به قاسية جدّاً ، لأنّه بعث في اُمّة عريقة في الوثنية ، ويخاطبهم سبحانه : ( لِتُنْذِرَ قَوْماً

٤٣

ما أُنذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ )(١) ، فأخذ بالدعوة سرّاً ونشر دينه خفاءً سنوات عديدة إلى أن نزل قوله سبحانه : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (٢) فعند ذلك أمر الرسول علي بن أبي طالب وهوشاب يافع يتراوح عمره بين ( ١٣ سنة إلى ١٥ ) أمره رسول اللّه أن يعد طعاماً ولبناً ثمّ دعا (٤٥) رجلاً من سُراة بني هاشم ووجوههم ، وبعد أن فرغوا من الطعام قال رسول اللّه : « إنّ الرائد لا يكذب أهله ، واللّه الذي لا إله إلا هوإنّي رسول اللّه إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة ، واللّه لتموتنّ كما تنامون ، ولتبعثنّ كما تستيقظون ، ولتحاسبنّ بما تعملون ، وانّها الجنّة أبداً والنار أبداً ـ ثمّ قال : ـ يا بني عبدالمطلب إنّي واللّه ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، انّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني اللّه عزّوجلّ أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ».

ولمّا بلغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذا الموضع وقد أمسك القوم وسكتوا عن آخرهم ، قام علي عليه‌السلام فجأة وقال : أنا يا رسول اللّه أكون وزيرك على ما بعثك اللّه ، فقال له رسول اللّه : اجلس ، ثمّ كرّر دعوته ثانية وثالثة ، ففي كلّ مرّة يحجم القوم عن تلبية دعوته ويقوم علي ويعلن استعداده لمؤازرة النبي ويأمره رسول اللّه بالجلوس حتى إذا كان في المرّة الثالثة ، أخذ رسول اللّه بيده والتفت إلى الحاضرين من عشيرته الأقربين وقال : « إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا » (٣).

__________________

١ ـ يس / ٦.

٢ ـ الشعراء / ٢١٤.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ١١١ ، تارخ الطبري ٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ، تاريخ الكامل ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، إلى غير ذلك من المصادر المتوفّرة يقف عليها من سبر كتب السيرة ـ عند سرد حوادث بدء الدعوة ـ وكتب التفسير في تفسير الآية الآنفة في سورة الشعراء.

٤٤

نحن لا نُريد أن نحوم حول الرواية ونعرض عن الإشارة إلى ماجنى عليها بعض المؤرّخين والكتّاب الجدد (١) ولكن نذكر نكتة أنّ النبي أعلن وزيره وخليفته ووصيّه يوم أعلن رسالته وكأنّهما فرقدان في سماء الوحي لا يفترقان ، وما القيادة بعد النبي إلا استمرار لوظائف النبوّة ، وإن كانت النبوّة مختومة ولكن الوظائف والمسؤوليات كانتا مستمرّتين.

٢ ـ حديث المنزلة :

روى أصحاب السير والحديث أنّ رسول اللّه خرج إلى عزوة تبوك وخرج الناس معه فقال له علي : « أخرج معك »؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا » ، فبكى علي فقال له رسول اللّه : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبيّ بعدي ، انّه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي » ، أخرجه البخاري في صحيحه (٢) والاستثناء يدل على ثبوت ما لهارون من المناصبت لعلي سوى النبوّة سيأتي توضيحه.

وروى مسلم في صحيحه انّ إمام الفئة الباغية قال لسعد بن أبي وقاص : ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال : امّا ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول اللّه يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه بعد ما شكى إليه علي بقوله : « يا رسول اللّه خلّفتني مع النساء والصبيان » : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه

__________________

١ ـ كالدكتور حسنين هيكل في حياة النبي ، لاحظ محاضراتنا في سيرة النبي وقد طبعت باسم ( سيّد المرسلين ١ / ٣٩٤ ـ ٣٩٧ ).

٢ ـ صحيح البخاري ٥ باب فضائل أصحاب النبي باب مناقب علي ٢٤ وغيره.

٤٥

لا نبوّة بعدي ».

وسمعته يقول يوم خيبر : « لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ اللّه ورسول ، ويحبّه اللّه ورسوله » قال : فتطاولنا لها ، فقال : « اعدوا لي عليّاً ، فاُتي به أرمد العين ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح عليه.

ولمّا نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْناءَنا وأبْناءَكُمْ ) دعا رسول اللّه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فقال : « اللّهمّ هؤلاء أهلي » (١).

٣ ـ حديث الغدير :

إنّ حديث الغدير من الأحاديث المتواترة رواه الصحابة والتابعون والعلماء في كل عصر وجيل ، ولسنا بصدد اثبات تواتره وذكر مصادره فقد قام غير واحد من المحقّقين بهذه المهمّة ، وانّما الهدف ايقاف القارىء على نصوص الخلافة في حقّ علي حتى يقف على أنّ النبيّ الأعظم هوالباذر الأوّل لبذرة التشيّع والدعوة إلى علي بالامامة والوصاية ، وعلى أنّ مسألة التشيّع قد نشأت قبل رحلته ، ونذكر في المقام ما ذكره ابن حجر وقد اعترف بصحّة سنده ، يقول : إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب بغدير خم تحت شجرات ، فقال : « أيّها الناس انّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله ، وانّي لأظن أنّي يوشك أن اُدعى فاُجيب وانّي مسؤول وانّكم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ » قالوا : نشهد أنّك قد بلّغت وجهدت ونصحت فجزاك اللّه خيراً ، فقال : « أليس تشهدون أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً عبده ورسوله وأنّ جنّته حق وأنّ ناره حقّ وأنّ الموت حق وأنّ البعث حق بعد الموت وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأنّ

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٦ باب فضائل علي ١٢٠ ـ ١٢١ طبعة محمّد علي صبيح.

٤٦

اللّه يبعث من في القبور؟ » قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال : « اللّهمّ اشهد » ثمّ قال : « يا أيّها الناس إنّ اللّه مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولا فهذا ـ يعني عليّاً ـ مولاه اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه » ثمّ قال : « يا أيّها الناس انّي فرطكم وانّكم واردون عليّ الحوض ، حوض أعرض ممّا بين بصري إلى صنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضّة » وانّي سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما الثقل الأكبر كتاب اللّه عزّوجلّ سبب طرفه بيد اللّه وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض » (١).

وأخرجه غير واحد من أئمّة الحديث منهم الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم قال : نزلنا مع رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بواد يقال له وادي خم ، فأمر بالصلاة فصلّاها بهجير ، قال : « فخطبنا وظُلِّل لرسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس ، فقال : « ألستم تعلمون ، أولستم تشهدون ، أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه؟ » قالوا : بلى ، قال : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » (٢).

وأخرجه الحاكم في مناقب علي من مستدركه عن طريق زيد بن أرقم من طريقين صحّحها على شرط الشيخين قال : لمّا رجع رسول اللّه من حجّة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، فقال : « إنّي دعيت فأجبت ، قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ،

__________________

١ ـ الصواعق ٤٣ ـ ٤٤ ، وأخرجه عن طريق الطبراني وغيره ، وحكم بصحّته.

٢ ـ مسند الامام أحمد ٤ / ٣٧٢ ، وأخرجه الامام أيضاً في مسنده من حديث البراء بن عازب من طريقين ، لاحظ الجزء الرابع الصفحة ٢٨١.

٤٧

فانّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ـ ثمّ قال : ـ إنّ اللّه عزّوجلّ مولاي وأنا مولى كل مؤمن ـ ثمّ أخذ بيد علي فقال : ـ من كنت مولاه فهذا وليّه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاده ... » (١).

وأخرجه النسائي في خصائصه عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع النبي من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثمّ قال : « كأنّي دعيت فأجبت ، وانّي تارك فيكم الثقلين : أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب اللّه وأهل بيتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فانّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ـ ثمّ قال : ـ إنّ اللّه مولاي وأنا ولي كل مؤمن ـ ثمّ أخذ بيد علي فقال : ـ من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » قال أبوالطفيل : فقلت لزيد : سمعته من رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه باُذنه (٢).

إنّ سؤال أبي الطفيل يعرب عن حقيقة مرّة ، وهوأنّه يرى التنافي بين مضمون الحديث وعمل الاُمّة ، فإنّ الحديث نصٌّ على ولايته وخلافته والاُمّة صرفتها عن علي ، فلأجل ذاك عاد يتعجّب ويسأل ، وليس التعجّب مختصّاً به ، فهذا هوالكميت يصرّح به في هاشمياته ويقول :

ويوم الدوح دوح غدير خم

أبان له الخلافة لواُطيعا

ولكن الرجال تبايعوها

فلم أر مثلها خطراً مبيعا

ولم أر مثل ذال اليوم يوماً

ولم أر مثله حقّاً اُضيعا (٣)

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٠٩. مع أنّ الذهبي في تعليقته على المستدرك يعلّق على مواضع من تصحيحات الحاكم صرّح في هذا المقام بصحّة الحديث.

٢ ـ الخصائص العلوية ٢١.

٣ ـ الهاشميات طبعت غير مرّة وشرحها غير واحد من اُدباء العصر كالرافعي المصريّ ، والاُستاذ محمّد شاكر الخياط وقد دبَّ إليها الدسّ والتحريف ، لاحظ الغدير ٢ / ١٨١.

٤٨

ولوأردنا استقصاء مصادر الحديث ومسانيده ورواته من الصحابة والتابعين والعلماء لأحوجنا ذلك إلى تأليف مفرد ، وقد قام بحمد اللّه أعلام العصر ومحقّقوه بذلك المجهود (١).

والمهم هودلالة الحديث على الولاية العامّة والخلافة الكبرى لعلي بعد الرسول ، ويكفي في ذلك التدبّر في الاُمور التالية :

١ ـ إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في خطبته : « أنا أولى بهم من أنفسهم ـ ثمّ قال : ـ فمن كنت مولاه » وهذا قرينة لفظية على أنّ المراد من المولى هوالأولى ، فالمعنى أنّ اللّه أولى بي من نفسي ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومن كنت أولى به من نفسه ، فعلي أولى به من نفسه. وهذا هومعنى الولاية الكبرى للإمام.

٢ ـ ذيل الحديث وهوقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » وفي بعض الطرق « وانصر من نصره واخذل من خذله » فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا نصّبه إماماً على الاُمّة بعده ، كان يعلم أنّ تطبيق هذا الأمر رهن توفّر الجنود والأعوان وطاعة أصحاب الولايات والعمّال ، مع علمه بأنّ في الملأ من يحسده وفيهم من يحقد عليه ، وفي زمرة المنافقين من يضمر له العداء ، فعاد يدعولمن والاه ونصره ، وعلى من عاداه وخذله ، ليتمّ أمر الخلافة ، ولِيُعْلم الناس أنّ موالاته موالاة لله وأنّ عداءه عداؤه ، والحاصل أنّ هذا الدعاء لا يناسب إلا من نصب زعيماً للإمامة والخلافة.

٣ ـ إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصدر كلامه بأخذ الشهادة من الحضّار بأن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه ، ثمّ قال : إنّ اللّه مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا

__________________

١ ـ العبقات للسيد مير حامد حسين ( ت ١٣٠٦ ) ، والغدير للعلامة الفذ عبد الحسين الأميني ( ت ١٣٩٠ ) ، وكلاهما من حسنات الدهر.

٤٩

أولى بهم من أنفسهم ، فقال : « فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ».

٤ ـ إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر قبل بيان الولاية قوله : « كأنّي دعيت فأجبت » أوما يقرب من ذلك ، وهويعرب أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبق من عمره إلا قليل يحاذر أن يدركه الأجل ، فأراد سد الفراغ الحاصل بموته ورحلته بتنصيب عليّ إماماً وقائداً من بعده.

هذه القرائن وغيرها الموجودة في كلامه ، توجب اليقين بأنّ الهدف من هذا النبأ في ذلك المحتشد العظيم ليس إلا إكمال الدين واتمام النعمة من خلال ما أعلن عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّ علياً قائد وإمام الاُمّة ، ومن أراد التوسع في الاطلاع على هذه القرائن فليرجع إلى الأثر القيّم الغدير (١).

لا يشك من درس مضمون حديث الغدير وما حوله من القرائن يقف على أنّ المراد منه هونصب علي للامامة والخلافة وهذا هوالذي فهمه الحضّار من المهاجرين والأنصار في ذلك المحفل كما فهمه من بلغه النبأ بعد حين ممّن يُحتجّ بقوله في اللغة ، وتتابع هذا الفهم فيمن بعدهم من الشعراء ورجال الأدب إلى العصر الحاضر ، وهذا هوحسّان بن ثابت الحاضر مشهد الغدير وقد استأذن رسوله اللّه أن ينظم الحديث في أبيات منها قوله :

وقال له قم يا علي فانّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا (٢)

حتى أنّ عمروبن العاص الذي لا يخفى عداؤه لعلي على أحد يقول في قصيدته التي أرسلها إلى معاوية شاكياً إيّاه :

وكم قد سمعنا من المصطفى

وصايا مخصّصة في علي

__________________

١ ـ الغدير ١ / ٣٧٠ ، وقد ذكر هناك ما يقرب من عشرين قرينة على ما هوالمراد من الحديث.

٢ ـ رواة غير واحد من حفاظ الفريقين لاحظ الغدير ٢ / ٣٥ ـ ٣٧.

٥٠

وفي يوم خم رقى منبراً

وبلّغ والصحب لم ترحل

فأمنحه إمرة المؤمنين

من اللّه مستخلف المنحل

وفي كفّه كفّه معلناً

ينادي بأمر العزيز العلي

وقال : فمن كنت مولى له

علي له اليوم نعم الولي (١)

شبهتان واهيتان :

وقد توالى فهم الاُدباء والعلماء على ذلك في طيّات القرون عبر النظم والنثر.

غير أنّ هناك لفيفاً من الناس ممّن يعاند الحقيقة ولا يرضى بقبولها ، أبدى شبهتين ضعيفتين نذكرهما على وجه الإجمال :

الشبهة الاُولى :

إنّ المولى يراد به معان مختلفة فمنها ، المحبّ والناصر ، فمن أين علم أنّ المراد بها المتولّي والمالك للأمر والأولى بالتصرّف؟

يلاحظ عليه : أنّ لفظ المولى ليس له إلاّ معنى واحد وهو: الأولى. قال سبحانه : ( فَالْيَوْمَ لا يُؤخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ولاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُم النَّارُ هِي مَوْلاكُمْ وَبِئسَ المَصير ) (٢) وقد فسّره غير واحد من المفسّرين بأنّ المراد أنّ النار أولى بكم ، غير أنّ الذي يجب التركيز عليه هوأنّ الاُولى هوالمعنى الوحيد للمولى

____________

١ ـ والقصيدة تربوعلى ٦٦ بيتا ، نقل قسماً منها ابن أبي الحديد في شرحه ١٠ / ٥٦ ـ ٥٧ ونقلها برمتها الأميني في الغدير ٢ / ١١٥ ـ ١١٧.

٢ ـ الحديد / ١٥.

٥١

وانّ كلّما ذكر من المعاني المختلفة له إنّما هي من موارد استعماله ومتعلّقاته ، فقد ذكروا له من المعاني سبعة وعشرين معنى ، خلطوا فيها المتعلّق بالمعنى ، ومورد الاستعمال بالموضوع له ، فقد قيل إنّ من معانيه الرب ، والعم ، والمعتق ، والعبد ، والمالك ، والتابع ، والمحب ، والناصر وكلّها متعلّقات للمعنى ، وليس له إلاّ معنى واحد وهوالجامع لهاتيك المعاني جمعاء ، ومأخوذ في كل منها بنوع من العناية ، ولم يطلق لفظ المولى على شيء منها إلاّ بمناسبة.

١ ـ فالربّ سبحانه هوأولى بخلقه من أي قاهر عليهم ، خلق العالمين كما شاءت حكمته يتصرّف فيه بمشيئته.

٢ ـ والعم أولى الناس بكلاءة ابن أخيه والعطف عليه وهوالقائم مقام والده الذي كان أولى به.

٣ ـ و« المعتِق » أولى بالتفضّل على من أعتقه ، كما أنّ المعتق أولى بأن يعرف جميل من أعتقه عليه.

٤ ـ والمالك أولى بالتصرّف في ماله وكلاءة مماليكه.

٥ ـ والتابع أولى بمناصرة متبوعه ممّن لا يتبعه.

٦ ـ والمحب والناصر أولى بالدفاع عمّن أحبّه أوالتزم بنصرته.

فإذن ليس للمولى إلاّ معنى واحد ، وتختلف هذه الأولوية بحسب الاستعمال في الموارد المختلفة.

الشبهة الثانية :

المراد أنّه أولى بالإمامة مآلاً وإلاّ كان هوالإمام مع وجود النبي ولا تعرض فيه لوقت المآل ، فكان المراد حين يوجد عقد البيعة له ، فلا ينافي حينئذ تقديم الأئمّة

٥٢

الثلاثة عليه (١).

وهذه الشبهة من الوهن بمكان ، وذلك لأنّه لا يجتمع مع حكمة المتكلّم وبلاغته ولا مع شيء من أفعاله العظيمة وأقواله الجسيمة ، وهويستلزم أن لا تعم ولايته جميع الناس والحضّار ، فيخرج عن ولايته الخلفاء الثلاثة ، مع أنّ الشيخين ـ حينما سمعا قول رسول اللّه ـ قالا له : بخ بخ لك يا علي ، أمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (٢).

حصيلة البحث :

إنّ من سبر غضون السير والتواريخ يقف على أنّ النبي الأكرم لم يبرح يدعوالناس إلى علي بالتصريح تارة ، والاشارة اُخرى من بدء الدعوة إلى ختامها. فتارة يعرّفة بأنّه خليفته ووصيّه ووزيره ، واُخرى بأنّ منزلته منه منزلة هارون من موسى ، وأنّ له كل المناصب الثابتة لهارون إلاّ منصب واحد وهوالنبوّة ، والدليل على ذلك هوالاستثناء « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » وقد كان هارون وزيراً لموسى وشريكاً له في النبوّة قال سبحانه : ( وأخِى هَارُونُ هُوَ أفْصَحُ مِنِّى لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِى إِِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنا أَنتَُما وَمنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ ) (٣) وقال سبحانه حاكياً عن موسى : ( وَاجْعَل لِى وَزيراً مِنْ أَهْلِى * هَارُونَ أَخِى * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى * وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى * كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ

__________________

١ ـ الصواعق المحرقة ٤٤.

٢ ـ مسند أحمد ٤ / ٢٨١.

٣ ـ القصص / ٣٤ ـ ٣٥.

٥٣

بِنا بَصيراً * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ) (١).

وثالثة ينصبه قائداً وإماماً في هواء حار وأرض جافة في محتشد عظيم مبتدئاً كلامه بما يرجع إلى اُصول الدين من أخذ الشهادة من الناس على ولاية اللّه وولاية الرسول ثم يأخذ بيد علي وهوعلى المنبر محرّكاً شعور الحاضرين وليشد القلوب نحوعلي ويقول : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ».

ودلالة هذه الأحاديث على خلافة من عيّنه الرسول على وجه لا ينكره إلاّ مكابر ولا يردّه إلاّ معاند ، وكفانا في الموضوع ما ألّفه أصحابنا حول هذه الأحاديث الثلاثة.

مرجعية أهل البيت الفكرية بعد الرسول :

دلّت الأحاديث السابقة على أنّ الزعامة السياسية والخلافة بعد الرسول تتمثّل في علي وعترته ، وهناك أحاديث متوفّرة تسوقنا إلى مرجعيتهم الفكرية وأنّهم الأئمة والأوصياء بعد الرسول وأنّه لابدّ للمسلم أن يرجع إليهم في دينه ، ويأخذ عنهم اُصوله وفروعه ، وأنّ النبي الأكرم جعلهم المفزع بعده ، والعترة والكتاب توأمان لايفترقان ، وإليك بعض ما ورد عن الرسول في المقام :

٤ ـ حديث الثقلين :

إنّ النبي الأكرم أيقظ الغافلين وبيّن مرجع الاُمّة بعد رحلته بهتافه الدوي وقال : « يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي

__________________

١ ـ طه / ٢٩ ـ ٣٦.

٥٤

أهل بيتي » (١).

وقال : « إنّي تركت ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (٢).

وقال : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٤).

وقال : « إنّي اُوشك أن اُدعى فاُجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّوجلّ وعترتي ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وأنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (٥).

وقال في منصرفه من حجّة الوداع ونزوله غدير خم : « كأنّي دعيت فاجبت ، انّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب اللّه وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٦).

__________________

١ ـ كنز العمال ١ / ٤٤ ، أخرجه الترمذي والنسائي عن جابر.

٢ ـ كنز العمال ١ / ٤٤ ، أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم.

٣ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، ١٨٩.

٤ ـ المستدرك للحاكم ٣ / ١٤٨.

٥ ـ مسند أحمد ٣ / ١٧ ـ ٢٦ ، أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري.

٦ ـ المستدرك للحاكم ٣ / ١٠٩ ، أخرجه من حديث زيد بن أرقم.

٥٥

٥ ـ حديث السفينة :

إنّ النبي الأكرم يشبّه أهل بيته بسفينة نوح ويقول : « ألا انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق » (١). وفي حديث آخر يقول : « إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ، وأنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له » (٢) وفي حديث ثالث : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس » (٣).

ومن المعلوم أنّ المراد ليس جميع أهل بيته على سبيل الاستغراق لأنّ هذه المنزلة ليست إلاّ لحجج اللّه ولفيف من أهل بيته ، وقد فهمه ابن حجر وقال : يحتمل أنّ المراد بأهل البيت الذين هم أمان ، علماؤهم ، لأنّهم الذين يهتدى بهم كالنجوم ، والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون ، ـ وقال في مقام آخر ـ انّه قيل لرسول اللّه : « ما بقاء الناس بعدهم؟ » قال : « بقاء الحمار إذا كسر صلبه » (٤).

والمراد من تشبيههم عليهم‌السلام بسفينة نوح : أنّ من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه واُصوله عن أئمّتهم الميامين نجا من عذاب اللّه ، ومن تخلّف عنهم كمن أوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر اللّه غير أنّ ذاك غرق في الماء ، وهذا غرق في الحميم.

والوجه في تشبيههم بباب حطة هوأنّ اللّه تعالى جعل ذلك الباب مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله ، والبخوع لحكمه ، وبهذا كان سبباً للمغفرة ، وقد جعل انقياد

__________________

١ ـ مستدرك الحاكم بسنده إلى أبي ذر ٣ / ١٥١.

٢ ـ الأربعون حديثاً للنبهاني ٢١٦ ، نقله عن الطبراني في الأوسط.

٣ ـ مستدرك الحاكم بسنده إلى ابن عباس ٣ / ١٤٩.

٤ ـ الصواعق لابن حجر ( الباب الحادي عشر ) : ٩١ ، ١٤٢.

٥٦

هذه الاُمّة لأهل بيت نبيّها وأتباعهم ، مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله والبخوع لحكمه ، وبهذا كان سبباً للمغفرة.

ثمّ إنّ ابن حجر قد أوضح حقيقة التشبيه في كلامه وقال : « ووجه تشبيههم بالسفينة أنّ من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم ، وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعيم ، وهلك في مفاوز الطغيان ـ إلى أن قال : ـ وبباب حطة ـ يعني ووجه تشبيههم بباب حطة ـ انّ اللّه جعل دخول ذلك الباب الذي هوباب أريحا أوبيت المقدس مع التواضع والاستغفار سبباً للمغفرة ، وجعل لهذه الاُمّة مودّة أهل البيت سبباً لها » (١).

وفي هذه الأحاديث الخمسة غنى وكفاية لطلاّب الحق.

الائمّة الاثنا عشر في حديث الرسول :

إنّ هناك روايات تحدّد وتعيّن عدد الأئمّة بعد الرسول ، وإن لم تذكر أسماءهم ، ولكنّها تذكر سماتهم وهذه هي أحاديث الأئمة الاثني عشر رواها أصحاب الصحاح والمسانيد نذكرها إكمالاً للبحث ، وهي على وجه لا ينطبق إلاّ على من عيّنهم الرسول ووصفهم بالخلافة والزعامة ، ولذلك نذكرها في عداد أدلّة التنصيص على الخلافة. والإمعان فيها يرشد القارىء إلى الحق ، ويأخذ بيده حتّى يرسي مركبه على شاطىء الأمان والحقيقة.

__________________

١ ـ لاحظ الصواعق ( الباب الحادي عشر ) : ٩١ ، وقد علّق سيّدنا الإمام شرف الدين على كلام ابن حجر وقال : قل لي لماذا لم يأخذ بهدي أئمّتهم في شيء من فروع الدين وعقائده ، ولا شيء من اُصول الفقه وقواعده ، ولا شيء من علوم السنّة والكتاب ، ولا في شيء من الأخلاق والسلوك والآداب فلماذا تخلّف عنهم فأغرق نفسه في بحار كفر النعم ، وأهلكها في مفاوز الطغيان ( المراجعات ٢٥ ).

٥٧

ويطيب لي أن أذكر مجموع هذه النصوص فإنّها تؤكّد بعضها بعضاً وإليك البيان :

الائمة الاثنا عشر :

١ ـ روى البخاري عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول اللّه يقول : « يكون اثنا عشر أميرا » فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : أنّه قال : « كلّهم من قريش » (١).

٢ ـ روى مسلم عنه أيضاً قال : دخلت مع أبي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : « إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة » قال ثمّ تكلّم بكلام خفي عليّ ، قال فقلت لأبي : ما قال؟ قال : « كلّهم من قريش ».

٣ ـ وروى مسلم عنه أيضاً قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً » ثمّ تكلّم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي : ماذا قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟فقال : « كلّهم من قريش ».

٤ ـ وروى عنه أيضاً نفس الحديث إلاّ أنّه لم يذكر : « لا يزال أمر الناس ماضياً ».

٥ ـ وروى مسلم عنه أيضاً يقول : سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة » ثمّ قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي : ما قال؟ فقال : « كلّهم من قريش » (٢).

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٩ / ١٠١ ، كتاب الأحكام ، الباب ٥١ ( باب الاستخلاف ).

٢ ـ صحيح مسلم ٦ / ٣.

٥٨

٦ ـ وروى مسلم عنه ايضاً قال : انطلقت إلى رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعي أبي فسمعته يقول : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة » فقال كلمة صمَّنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال؟ ، قال : « كلّهم من قريش ».

٧ ـ وروى مسلم عنه أيضاً قال : سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول : « لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أويكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » (١).

٨ ـ روى أبوداود عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول اللّه يقول : « لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر » فكبّر الناس وضجّوا ، ثمّ قال كلمة ، خفيت ، قلت لأبي : يا أبه ما قال؟ قال : « كلّهم من قريش » (٢).

٩ ـ روى الترمذي عن جابر بن سمرة قال : قال رسول اللّه : « يكون من بعدي اثنا عشر أميراً » ثمّ تكلّم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني ، فقال : قال : « كلّهم من قريش » قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن جابر ، ثمّ ذكر طريقاً آخر إلى جابر (٣).

١٠ ـ روى أحمد في مسنده عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي يقول : « يكون لهذه الاُمّة اثناعشر خليفة » ورواه عن ٣٤ طريقاً (٤).

١١ ـ روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين في كتاب معرفة الصحابة عن عون بن جحيفة عن أبيه قال : كنت مع عمّي عند النبي فقال : « لا يزال أمر اُمّتي

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٦ / ٣ ـ ٤.

٢ ـ صحيح أبي داود ٢ ، كتاب المهدي ٢٠٧ ( طبع مصر ) وروى أيضاً نحوه بطريقين آخرين.

٣ ـ صحيح الترمذي ٢ / ٤٥ ( طبع عام ١٣٤٢ ).

٤ ـ مسند أحمد ٥ / ٨٦ ـ ١٠٨.

٥٩

صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة » ثمّ قال كلمة وخفض بها صوته ، فقلت لعمّي ـ وكان أمامي ـ : ما قال يا عم؟ قال : قال : « كلّهم من قريش » (١).

١٢ ـ وروى أيضاً بسنده عن جرير عن المغيرة عن الشعبي عن جابر قال : كنت عند رسول اللّه فسمعته يقول : « لا يزال أمر هذه الاُمّة ظاهراً حتى يقوم اثناعشر خليفة » و قال كلمة خفيت عليّ وكان أبي أدنى إليه مجلساً منّي فقلت : ما قال؟ فقال « كلّهم من قريش »(٢).

ونحن نكتفي في حديث « الأئمة الاثنا عشر » بالأحاديث الاثنا عشر ولا نتجاوز عنها تيمّناً وتبرّكاً ، ورواه كثير من أعلام الاُمّة في مجامعهم الحديثية والتاريخية.

١ ـ رواه أحمد بسنده عن مسروق قال : كنّا جلوساً عند عبداللّه بن مسعود وهويقرئنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمان هم سألتم رسول اللّه كم يملك هذه الاُمّة من خليفة؟ فقال عبداللّه بن مسعود : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثمّ قال : نعم ، ولقد سألنا رسول اللّه فقال : « اثنا عشر كعدة نقباء بني اسرائيل (٣).

٢ ـ رواه الخطيب في تاريخه بسند عن جابر بن سمرة (٤).

٣ ـ وقال المتّقي الهندي في منتخب كنز العمّال : يملك هذه الاُمّة اثناعشر خليفة كعدد نقباء بني إسرائيل ، وأخرجه عن أحمد والطبراني في المعجم الكبير ، والحاكم في المستدرك (٥).

__________________

١ ـ المستدرك على الصحيحين ( كتاب معرفة الصحابة ) ٣ / ٦١٧ ـ ٦١٨ ( طبع الهند ).

٢ ـ المصدر نفسه.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٩٨.

٤ ـ تاريخ بفداد ١٤ / ٣٥٣ برقم ٧٦٧٣.

٥ ـ منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ٥ / ٣١٢.

٦٠