بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٠٤

وفي الختام نقول :

نفترض أنّ التقية جريمة يرتكبها المتقي لصيانة دمه وعرضه وماله ولكنّها في الحقيقة ترجع إلى السبب الذي يفرض التقيّة على الشيعي المسلم ويدفعه إلى أن يتظاهر بشيء من القول والفعل الذي لا يعتقد به ، فعلى من يعيب التقية للمسلم المضطهد ، أن يسمح له الحرية في مجال الحياة ويتركه بحاله ، وأقصى ما يصح في منطق العقل ، أن يسأله عن دليل عقيدته ومصدر عمله ، فإن كان على حجّة بيّنة يتبعه ، وإن كان على خلافها يعذره في اجتهاده وجهاده العلمي والفكري.

نحن ندعو المسلمين للتأمل في الدواعي التي دفعت بالشيعة إلى التقية ، وأن يعملوا قدر الإمكان على فسح المجال لاخوانهم في الدين فإنّ لكل فقيه مسلم ، رأيه ونظره ، وجهده وطاقته.

إنّ الشيعة يقتفون أثر الأئمة أهل البيت في العقيدة والشريعة ، ويرون رأيهم ، لأنّهم هم الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وأحد الثقلين اللذين أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتمسك بهما في مجال العقيدة والشريعة ، وهذه عقائدهم لا تخفى على أحد ، وهي حجّة على الجميع.

نسأل اللّه سبحانه : أن يصون دماء المسلمين وأعراضهم عن تعرض أي متعرض ، ويوحّد صفوفهم ، ويؤلّف بين قلوبهم ، ويجمع شملهم ، ويجعلهم صفّاً واحداً في وجه الأعداء إنّه بذلك قدير وبالإجابة جدير.

٣٦١
٣٦٢

المسألة السادسة :

الرجعة

إنّ فكرة الرجعة التي تحدّثت عنها بعض الآيات القرآنية والأحاديث المرويّة عن أهل بيت الرسالة ممّا يشنّع بها على الشيعة ، فكأنّ من قال بها ، رأى رأياً يوجب الخروج عن الدين ، غير أنّ هؤلاء نسوا أو تناسوا انّ أوّل من أبدى نظرية الرجعة هو الخليفة عمر بن الخطاب فقد أعلن عندما شاعت رحلة النبيّ الأكرم بأنّه ما مات وليعودنّ فيقطعنّ أيدي وأرجل أقوام ...

عن أبي هريرة قال : لمّا توفّي رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام عمر بن الخطاب ، فقال : إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون انّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توفّي ، وانّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واللّه ما مات ، ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ، ثمّ رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، واللّه ليرجعنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما رجع موسى ، فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا انّ

٣٦٣

رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات (١).

ولا يخفى أنّ كلام الخليفة لو كان كلاماً حقيقياً لابد أن يحمل على أنّ النبي ما مات موتاً لا رجوع فيه وإنّما يرجع فيقوم بما أخبر عنه الخليفة ، ولو أراد من نفي موته أنّه ما زال حياً فهو خلاف رأي جميع الصحابة الذين اتفقوا على موته ، ولم يكن موت النبي أمراً يدركه جميع الناس ولا يدركه الخليفة.

إنّ الرجعة بمعنى عود جماعة قليلة إلى الحياة الدنيويه قبل يوم القيامة ثمّ موتهم وحشرهم مجدّداً يوم القيامة ليس شيئاً يضاد اُصول الإسلام ، وليس فيه انكار لأيّ حكم ضروري ، وليس القول برجعتهم إلى الدنيا ينفي بعثهم يوم القيامة ، وكيف لا يكون كذلك وقد أخبر سبحانه عن رجوع جماعة إلى الحياة الدنيوية ، نظير :

١ ـ إحياء جماعة من بني إسرائيل (٢).

٢ ـ إحياء قتيل بني إسرائيل (٣).

٣ ـ موت اُلوف من الناس وبعثهم من جديد (٤).

٤ ـ بعث عزير بعد مائة عام من موته (٥).

٥ ـ إحياء الموتى على يد عيسى عليه‌السلام (٦).

فلو كان الاعتقاد برجوع بعض الناس إلى الدنيا قبل القيامة أمراً محالاً ، فما معنى هذه الآيات الصريحة في رجوع جماعة إليها؟

__________________

١ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ٣٠٥.

٢ ـ البقرة / ٥٥ ـ ٥٦.

٣ ـ البقرة / ٧٢ ـ ٧٣.

٤ ـ البقرة / ٢٤٣.

٥ ـ البقرة / ٢٥٩.

٦ ـ آل عمران / ٤٩.

٣٦٤

ولو كان الرجوع إلى الدنيا على وجه الاطلاق تناسخاً فكيف تفسّر هذه الآيات؟

إنّ الاعتقاد بالذكر الحكيم يجرّنا إلى القول بأنّه ليس كل رجوع إلى الدنيا تناسخاً وانّما التناسخ الباطل عبارة عن رجوع الانسان إلى الدنيا عن طريق النطفة والمرور بمراحل التكوّن البشري من جديد ليصير انساناً مرّة اُخرى وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن الكامل من جميع الجهات من دون أن يكون فيها رجوع من القوّة إلى الفعلية ، أو دخول روح في بدن آخر ، إنساناً كان أو حيوانا؟!

اتّفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه وقد كتبوا فيه مقالات ورسائل يقف عليها من كان له إلمام بكتبهم وعقائدهم ، وقد ذكروا أنّ للتناسخ أنواعاً وأقساماً ، غير انّ الرجوع إلى الدنيا من خلال دخول الروح إلى البدن الذي فارقه عند الموت لا يعد تناسخا ، وانّما هو إحياء للموتى ، الذي كان معجزة من معاجز المسيح.

كل ذلك يدل على أنّه ليس أمام القول بالرجعة عراقيل وموانع وانّما هو أمر ممكن لو دلّ عليه الدليل القطعي نأخذ به وإلاّ فنذره في سنبله ، والحال انّ بعض الآيات والروايات تدل على أنّه سيتحقّق الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة لبعض الناس على وجه الاجمال ، وأمّا من هم؟. وفي أي وقت يرجعون؟. ولأيّ غرض يعودون إلى الدنيا؟ فليس هنا مقام بيانها ، انّما نكتفي ببيان بعض الآيات الدالّة على وقوعه قبل البعث ، وإليك الآيات.

قال سبحانه :

( وإذا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِمْ أخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنونَ * وَيَومَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ اُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ

٣٦٥

يُوزَعُونَ ) (١).

لا يشك من أمعن النظر في سياق الآيات وما ذكره المفسّرون حولها ، في أنّ الآية الاُولى تتعلّق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وعليه تكون الآية الثانية مكمّلة لها ، وتدل على حشر فوج من كل جماعة قبل يوم القيامة ، والحال أنّ الحشر في يوم القيامة يتعلّق بالجميع لا بالبعض ، يقول سبحانه ( وَيَومَ نُسَيِّرُ الجِبالَ وتَرى الأرضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أحدا ) (٢).

أفبعد هذا التصريح يمكن تفسير الآية السابقة بيوم البعث والقيامة؟

وهذه الآية تعرب عن الرجعة التي تعتقد بها الشيعة في حقّ جماعة خاصّة وأمّا خصوصياتها فلم يحدّث عنها القرآن الكريم وجاء التفصيل في السنّة.

وقد سأل المأمون العباسي الامام الرضا عليه‌السلام عن الرجعة ، فأجابه بقوله : إنّها حقّ قد كانت في الاُمم السالفة ونطق بها القرآن وقد قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون في هذه الاُمّة كل ما كان في الاُمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة (٣).

وأمّا من هم الراجعون؟ وما هو الهدف من إحيائهم؟ فيرجع فيه إلى الكتب المؤلّفة في هذا الموضوع ، واجمال الجواب عن الأوّل أن الراجعين لفيف من المؤمنين ولفيف من الظالمين.

وقال المفيد ناقلاً عن أئمّة أهل البيت : إنّما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم ، من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً ، وأمّا ما سوى هذين فلا رجوع

__________________

١ ـ النمل / ٨٢ ـ ٨٣.

٢ ـ الكهف / ٤٧.

٣ ـ بحارالأنوار ٥٣ / ٥٩ الحديث ٤٥.

٣٦٦

لهم إلى يوم المآب (١).

وقال أيضاً في المسائل السروية : والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ، ومحض الكفر دون ما سوى هذين الفريقين (٢).

وإجمال الجواب عن الثاني ما ذكره السيّد المرتضى ، قال : إنّ اللّه تعالى يعيد عند ظهور المهدي ـ عجل اللّه تعالى فرجه الشريف ـ قوماً ممّن كان تقدّم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم.

ذكر نكات :

١ ـ إنّ الرجعة وإن كانت من مسلّمات عقائد الشيعة ، ولكنّ التشيّع ليس منوطاً بالاعتقاد بها فمن أنكرها فقد أنكر عقيدة مسلّمة ، بين أكثر الشيعة ، ولكن لم ينكر ركناً من أركان التشيّع ، ولأجل ذلك نرى انّ جماعة من الشيعة أوّلوا الأخبار الواردة في الرجعة إلى رجوع الدولة إلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الاُمور دون رجوع أعيان الأشخاص ، والباعث لهم على هذا التأويل هو عجزهم عن تصحيح القول بها نظراً واستدلالا ، ولكن المحقّقين من الامامية ، أخذوا بظواهرها وبيّنوا عدم لزوم استحالة عقلية على القول بها لعموم قدرة اللّه على كل مقدور ، أجابوا عن الشبه الواردة عليها ، وإلى هذا الاختلاف يشير الشيخ المفيد بقوله : واتّفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

__________________

١ ـ الشيخ المفيد : تصحيح الاعتقاد ٤٠.

٢ ـ الشيخ المفيد : تصحيح الاعتقاد ٤٠.

٣٦٧

ويشير إلى الاختلاف ، تلميذه الجليل الشريف المرتضى في المسائل التي وردت عليه من الرىّ ومنها حقيقة الرجعة ، فأجاب بأنّ الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية بأنّ اللّه تعالى يعيد عند ظهور المهدي قوماً ممّن كان تقدّم موته من شيعته ، وقوماً من أعدائه ، وانّ من الشيعة ، تأوّلوا الرجعة على أنّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى شيعتهم ، من دون رجوع الأشخاص واحياء الأموات (١).

٢ ـ كيف يجتمع اعادة الظالمين مع قوله سبحانه : ( وحَرامٌ عَلى قَرْيَة أهْلَكْناها أنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) (٢) فإنّ هذه الآية تنفي رجوعهم بتاتاً ، وحشر لفيف من الظالمين ، يخالفها.

والاجابة عن السؤال واضحة ، فإنّ الآية مختصّة بالظالمين الذين اُهلكوا في هذه الدنيا ورأوا جزاء عملهم فيها ، فالآية تحكم بأنّهم لا يرجعون ، وأمّا الظالمون الذين رحلوا عن الدنيا بلا مؤاخذة فيرجع لفيف منهم ليروا جزاء عملهم فيها ثمّ يردّون إلى أشدّ العذاب في الآخرة ، فالآية تنفي رجوع لفيف من الظالمين الذين ماتوا حتف الأنف.

٣ ـ إنّ الظاهر من قوله تعالى : ( حَتّى إذا جاءَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أعْمَلَ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاّ إنّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلها ومِن ورائِهمْ بَرْزَخٌ اِلى يَومِ يُبْعَثُونَ ) (٣) هو نفي الرجوع إلى الدنيا بعد مجيئ الموت لأي أحد.

والاجابة عنها واضحة. انّ الآية كسائر السنن الإلهية الواردة في حقّ الإنسان ، فهي تفيد أنّ الموت بطبعه ليس بعده رجوع وهذا لا ينافي رجوع البعض

__________________

١ ـ بحارالانوار ٥٣ / ١٣٨.

٢ ـ الأنبياء / ٩٥.

٣ ـ المؤمنون / ١٠٠ ـ ١٠١.

٣٦٨

استثناءً ولمصالح عليا ، كما مرّت الآيات الواردة في هذا المضمار.

أضف إلى ذلك أنّ عود بعض الظالمين إلى الدنيا ـ على القول بالرجعة ـ إنّما هو لأجل عقابهم والانتقام منهم ، وأين هذا من طلب هؤلاء الكفار الرجوع لأجل تصحيح عملهم والقيام بما تركوه من الصالحات ، وردّ هذا الفرع من الرجوع لا يكون دليلا على نفي النوع الأوّل منه.

٣٦٩
٣٧٠

المسألة السابعة :

زواج المتعة

وممّا يشنّع به على الشيعة : قولهم بجواز نكاح المتعة ، ويعدّون القول بتشريعه أو بعدم نسخه مخالفاً للكتاب والسنّة. والمسألة فرعية فقهية لا يناسب البحث عنها في كتب تاريخ العقائد ، غير انّه لما كانت من شعائر فقه الشيعة ، آثرنا أن نبحث عنها في اطار الكتاب والسنّة على وجه الاجمال حتّى يقف القارئ على أنّ القول بأصل تشريعها وعدم نسخها ، ممّا يثبته الكتاب والسنّة. وانّ القول بعدم تشريعها بتاتاً أو ادّعاء نسخها يضادّهما. وسيوافيك انّ لفيفاً من الصحابة والتابعين كانوا يفتون بجوازها وعدم نسخها وانّما منع عنها عمر بن الخطاب لحافز نفسي أو اجتهاد شخصي لا دليل عليه وليس حجّة على الآخرين.

وقد أبدى بنظيره في متعة الحج في زمن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

__________________

١ ـ لاحظ الفصل الرابع من هذا الجزء ، المورد الثالث من الموارد التي اجتهدوا فيها مقابل النص.

٣٧١

وأمّا زواج المتعة : وهي عبارة عن تزويج المرأة الحرّة الكاملة إذا لم يكن بينها وبين الزوج مانع من نسب أو سبب أو رضاع أو احصان أو عدّة أو غير ذلك من الموانع الشرعية ، بمهر مسمّى إلى أجل مسمّى بالرضا والاتّفاق ، فإذا انتهى الأجل تبين منه من غير طلاق. ويجب عليها مع الدخول بها إذا لم تكن يائسة أن تعتد عدّة الطلاق إذا كانت ممّن تحيض وإلاّ فبخمسة وأربعين يوما (١).

وولد المتعة ذكراً كان أو اُنثى يلحق بالأب ولا يُدعى إلاّ به ، وله من الارث ما أوصانا اللّه سبحانه به في كتابه العزيز. كما يرث من الاُم وتشمله جمع العمومات الواردة في الآباء والأبناء والاُمّهات وكذا العمومات الوارده في الاخوة والأخوات والأعمام والعمّات.

وبالجملة : المتمتّع بها زوجة حقيقة وولدها ولد حقيقة ولا فرق بين الزواجين : الدائم والمنقطع إلاّ انّه لا توارث هنا ما بين الزوجين ولا قسم ولا نفقة لها. كما انّ له العزل عنها وهذه الفوارق الجزئية فوارق في الاحكام لا في الماهية والماهية واحدة غير انّ أحدهما مؤقت والآخر دائم. وانّ الأوّل ينتهي بانتهاء الوقت والآخر ينتهي بالطلاق أو الفسخ.

وقد أجمع أهل القبلة على انّه سبحانه شرّع هذا النكاح في صدر الإسلام ولا يشك أحد في أصل مشروعيّته وانّما وقع الكلام في نسخه أو بقاء مشروعيته.

والأصل في مشروعيته قوله سبحانه : ( وحلائِلُ أبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ وأنْ تَجْمَعُوا بينَ الاُختَينِ إلاّ ما قَدْ سَلَفَ إنَّ اللّه كانَ غَفُوراً رَحيماً * والُمحصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ كِتابَ اللّهِ عَلَيكُمْ وأحِلَّ لَكُمْ

__________________

١ ـ لاحظ الكتب الفقهية للشيعة الامامية في ذلك المجال.

٣٧٢

ماوَراءَ ذلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بِأموالِكُمْ مُحصِنِينَ غَيرَ مُسافِحينَ فَما اسْتَمتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ فريضةً ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ فيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعدِ الفَريضَةِ إنَّ اللّهَ كانَ عَليماً حَكيما ) (١).

والآية ناظرة إلى نكاح المتعة وذلك لوجوه :

١ ـ الحمل على النكاح الدائم يستلزم التكرار بلا وجه :

إنّ هذه السورة ـ سورة النساء ـ تكفّلت ببيان أكثر ما يرجع إلى النساء من الأحكام والحقوق ، فذكرت جميع أقسام النكاح في أوائل السورة على نظام خاص ، أمّا الدائم فقد أشار إليه سبحانه بقوله : ( وإنْ خِفْتُمْ ألاّ تُقْسِطُوا فِى اليَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثَلاثَ ورُباعَ وإنْ خِفْتُمْ ألاّ تَعدِلُوا فَواحِدَةً ... ) (٢).

وأمّا أحكام المهر فقد جاءت في الآية التالية : ( وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيء مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَريئا ) (٣).

وأمّا نكاح الاماء فقد جاء في قوله سبحانه : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أنْ يَنْكِحَ الُمحْصَناتِ المُؤمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ المُؤْمِناتِ واللّهُ أعْلَمُ بِإيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض فانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ وَاَتُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحات ولا مُتَّخِذاتِ أخْدانٍ ... ) (٤).

__________________

١ ـ النساء / ٢٣ ـ ٢٤.

٢ ـ النساء / ٣.

٣ ـ النساء / ٤.

٤ ـ النساء / ٢٥.

٣٧٣

فقوله سبحانه : ( فمن ما ملكت أيمانكم ) إشارة إلى نكاح السيّد لأمته ، الذي جاء في قوله سبحانه أيضاً : ( إلاّ عَلى أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ ... ) (١).

وقوله سبحانه : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ ) إشارة إلى الزواج من أمة الغير. فالى هنا تم بيان جميع أقسام النكاح فلم يبق إلاّ نكاح المتعة وهو الذي جاء في الآية السابقة ، وحمل قوله سبحانه : ( فما استمتعتم ) على الزواج الدائم وحمل قوله : ( فآتوهنّ اُجورهنّ ) على المهور والصدقات يوجب التكرار بلا وجه ، وحمله على وجوب الصداق كله بالدخول ، خلاف المتبادر على أنّه يجب الكل بالعقد والطلاق قبله منصِّف. فالناظر في السورة يرى انّ آياتها تكفّلت ببيان أقسام الزواج على نظام خاص ولا يتحقّق ذلك إلاّ بحمل الآية على نكاح المتعة كما هو ظاهرها أيضاً.

٢ ـ تعليق دفع الاُجرة على الاستمتاع :

إنّ تعليق دفع الاُجرة على الاستمتاع في قوله سبحانه : ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ اُجورهنَّ ) يناسب نكاح المتعة الذي هو زواج مؤقّت لا النكاح الدائم ، فإنّ المهر هنا يجب بمجرّد العقد ولا يتنجّز وجوب دفع الكل إلاّ بالمس.

٣ ـ تصريح جماعة من الصحابة على شأن نزولها :

ذكرت اُمّة كبيرة من أهل الحديث نزولها فيها وينتهي نقل هؤلاء إلى أمثال ابن عباس وأبي بن كعب وعبداللّه بن مسعود وجابر بن عبداللّه الأنصاري

__________________

١ ـ المؤمنون / ٦.

٣٧٤

وحبيب بن أبي ثابت وسعيد بن جبير إلى غير ذلك من رجال الحديث الذين لا يمكن اتهامهم بالوضع والجعل.

وقد ذكر نزولها من المفسّرين والمحدّثين : امام الحنابلة في مسنده (١) وأبو جعفر الطبري في تفسيره (٢) وأبوبكر الجصّاص الحنفي في أحكام القرآن (٣) وأبوبكر البيهقي في السنن الكبرى (٤) ومحمود بن عمر الزمخشري في الكشاف (٥) وأبوبكر بن سعدون القرطبي في تفسير جامع أحكام القرآن (٦) وفخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب (٧) ، إلى غير ذلك من المحدّثين والمفسّرين الذين جاءوا بعد ذلك إلى عصرنا هذا ولا نطيل الكلام بذكرهم.

وليس لأحد أن يتّهم هؤلاء الأعلام بذكر ما لا يثقون به. فبملاحظة هذه القرائن لا يكاد يشكّ في ورودها في نكاح المتعة.

ونزيد بياناً بقوله سبحانه : ( واُحِلَّ لَكُمْ ماوَراءَ ذلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بَأمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غيرَ مُسافِحين ).

إنّ قوله سبحانه : ( أن تبتغوا ) مفعول له لفعل مقدّر ، أي بيّن لكم ما يحلّ ممّا يحرم لأجل أن تبتغوا بأموالكم ، وأمّا مفعول قوله : ( تبتغوا ) فيعلم من القرينة وهو النساء أي تطلبوا النساء ، أي بيّن الحلال والحرام لغاية ابتغائكم النساء

__________________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ٤٣٦.

٢ ـ تفسير الطبري ٥ / ٩.

٣ ـ أحكام القرآن ٢ / ١٧٨.

٤ ـ السنن الكبرى ٧ / ٢٠٥.

٥ ـ الكشاف ١ / ٣٦٠.

٦ ـ جامع أحكام القرآن ٥ / ١٣.

٧ ـ مفاتيح الغيب ٣ / ٢٦٧.

٣٧٥

من طريق الحلال لا الحرام.

وقوله سبحانه : ( محصنين ) وهو من الاحصان بمعنى العفة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام ، وقوله سبحانه : ( غير مسافحين ) هو جمع مسافح بمعنى الزاني مأخوذ من السفح بمعنى صبّ السائل ، والمراد هنا هو الزاني بشهادة قوله سبحانه في الآية المتأخّرة في نكاح الإماء ( وآتوهنّ اُجورهنّ بالمعروف محصنات غير مسافحات ) أي عفائف غير زانيات.

ومعنى الآية : انّ اللّه تبارك وتعالى شرّع لكم نكاح ماوراء المحرّمات لأجل أن تبتغوا بأموالكم ما يحصنكم ويصون عفّتكم ويصدّكم عن الزنا. وهذا المناط موجود في جميع الأقسام : النكاح الدائم ، والمؤقت والزواج بأمة الغير ، المذكورة في هذه السورة من أوّلها إلى الآية ٢٥.

هذا هو الذي يفهمه كلّ إنسان من ظواهر الآيات غير انّ من لا يروقه الأخذ بظاهر الآية( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ اُجورهنّ ) لرواسب نفسية أو بيئية حاول أن يطبّق معنى الآية على العقد الدائم وذكر في المورد شبهات نشير إليها.

الشبهة الاُولى : إنّ الهدف في تشريع النكاح هو تكوين الاُسرة وإيجاد النسل وهو يختصّ بالنكاح الدائم دون المنقطع الذي لا يترتّب عليه إلاّ إرضاء القوّة الشهوية وصبّ الماء وسفحه.

يجاب عنها بأنّه خلط بين الموضوع والفائدة المترتّبة عليه. وما ذكر انّما هو من قبيل الحكمة ، وليس الحكم دائراً مدارها ، ضرورة أنّ النكاح صحيح وإن لم يكن هناك ذلك الغرض. كزواج العقيم واليائسة والصغيرة. بل أغلب المتزوّجين في سن الشباب بالزواج الدائم لا يقصدون إلاّ قضاء الوطر واستيفاء الشهوة من طريقها المشروع ، ولا يخطر ببالهم طلب النسل أصلا وإن حصل لهم قهراً ، ولا يقدح ذلك في صحّة زواجهم.

٣٧٦

ومن العجب حصر فائدة المتعة في قضاء الوطر مع انّها كالدائم قد يقصد منها النسل والخدمة وتدبير المنزل وتربية الأولاد والارضاع والحضانة.

ونسأل المانعين الذين يتلقّون نكاح المتعة ، مخالفاً للحكمة التي من أجلها شرّع النكاح ، نسألهم عن الزوجين الذين يتزوّجان نكاح دوام ، ولكن ينويان الفراق بالطلاق بعد شهرين فهل هذا نكاح صحيح أو لا؟ لا أظن أنّ فقيهاً من فقهاء الإسلام يمنع ذلك ، وإلاّ فقد أفتى بغير دليل ولا برهان فيتعيّن الأوّل. فأي فرق يكون حينئذ بين المتعة وهذا النكاح الدائم سوى انّ المدّة مذكورة في الأول دون الثاني؟

يقول صاحب المنار : إنّ تشديد علماء السلف والخلف في منع المتعة يقتضي منع النكاح بنيّة الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون انّ عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ، ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إيّاه يعدّ خداعاً وغشّاً وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت (١).

أقول : نحن نفترض انّ الزوجين رضيا بالتوقيت لبّاً ، حتّى لا يكون هناك خداع وغشّ ، فهو صحيح بلا اشكال.

الشبهة الثانية : إنّ تسويغ النكاح المؤقت ينافي ما تقرّر في القرآن كقوله عزّوجلّ في صفة المؤمنين : ( والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون * إلاّ عَلى أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيرُ مَلُومين * فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَاُولئِكَ هُمُ العادُون ) (٢).

والمراد من الآية أن من ابتغى وراء ذلك ، هم المتجاوزون ما أحلّه اللّه لهم إلى ما حرّمه عليهم ، والمرأة المتمتّع بها ليست زوجة فيكون لها على الرجل مثل الذي

__________________

١ ـ المنار ٥ / ١٧.

٢ ـ المؤمنون / ٥ ـ ٧.

٣٧٧

عليها بالمعروف.

يلاحظ عليه : انّها دعوى بلا دليل. فانّها زوجة ولها أحكام وعدم وجود النفقة وعدم وجود القسم ، لا يخرجانها عن الزوجيّة فإنّ الناشزة زوجة ليست لها النفقة وحقّ القسم. ومثلها الصغيرة. والعجب أن يستدل بعدم وجود الأحكام على نفي الماهية ، فإنّ الزوجيّة رابطة بين الزوجين يترتّب عليها أحكام وربّما تختص بعض الأحكام ببعض الأقسام.

الشبهة الثالثة : إنّ المتمتّع في النكاح المؤقت لا يقصد الاحصان دون المسافحة ، بل يكون قصده مسافحة ، فإن كان هناك نوع ما من احصان نفسه ومنعها من التنقّل في دِمَنِ الزنا ، فإنّه لا يكون فيه شيء ما من احصان المرأة التي تؤجر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل :

كرة حُذِفْت بصوالجة

فتلقّفها رجل رجل (١)

يلاحظ عليه : انّه من أين وقف على انّ الاحصان في النكاح المؤقّت ، يختص بالرجل دون المرأة ، فإنّا إذا افترضنا كون العقد شرعياً ، فكل واحد من الطرفين يُحْصن نفسه من هذا الطريق ، وإلاّ فلا محيص عن التنقل في دمن الزنا. والذي يصون الفتاة عن البغي أحد الاُمور الثلاثة :

١ ـ النكاح الدائم.

٢ ـ النكاح المؤقّت بالشروط الماضية.

٣ ـ كبت الشهوة الجنسية.

فالأوّل ربّما يكون غير ميسور خصوصاً للطالب والطالبة الذين يعيشان بمنح ورواتب مختصرة يجريها عليهما الوالدن أو الحكومة ، وكبت الشهوة الجنسية أمر

__________________

١ ـ المنار ٥ / ١٣.

٣٧٨

شاق لا يتحمّله إلاّ الأمثل فالأمثل من الشباب والمثلى من النساء ، وهم قليلون ، فلم يبق إلاّ الطريق الثاني ، فيحصنان نفسهما عن التنقل في بيوت الدعارة.

إنّ الدين الإسلامي هو الدين الخاتم ، ونبيّه خاتم الأنبياء ، وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع فلابد أن يضع لكل مشكلة اجتماعية ، حلولاً شرعية ، يصون بها كرامة المؤمن والمؤمنة ، وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه :

ماذا يفعل هؤلاء الطلبة والطالبات الذين لا يستطيعون القيام بالنكاح الدائم ، وتمنع كرامتهم ودينهم عن التنقل في بيوت الدعارة والفساد ، والحياة المادية بجمالها تؤجّج نار الشهوة في نفوسهم ، فمن المستحيل عادة أن يصون نفسه أحد إلاّ من عصمه اللّه ، فلم يبق طريق إلاّ ما ذكره الإمام علي بن أبي طالب ، حيث قال : « لولا نهي عمر عن المتعة لما زنى إلاّ شقي أو شقية ».

وأمّا تشبيه المتعة بما جاء في الشعر فهو يعرب عن جهل الرجل بحقيقة نكاح المتعة وحدودها ، فإنّ ما جاء فيه هي المتعة الدورية التي ينسبها الرجل (١) وغيره إلى الشيعة ، وهم براء من هذا الإفك إذ يجب على المتمتّع بها بعد انتهاء المدّة ، الاعتداد على ما ذكرنا ، فكيف يمكن أن تؤجر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل؟! سبحان اللّه ما أجرأهم على الكذب على الشيعة والفرية عليهم ، وما مضمون الشعر إلاّ جسارة على الوحي والتشريع الإلهي ، وقد اتّفقت كلمة المحدّثين والمفسّرين على التشريع ، وانّه لو كان هناك نهي أو نسخ فانّما هو بعد التشريع والعمل.

الشبهة الرابعة : إنّ الآية منسوخة بالسنّة ، واختلفوا في زمن نسخه إلى أقوال شتّى :

١ ـ اُبيحت ثم نهي عنها عام خيبر.

__________________

١ ـ لاحظ كتابه : السنّة والشيعة ٦٥ ـ ٦٦.

٣٧٩

٢ ـ ما اُحلّت إلاّ في عمرة القضاء.

٣ ـ كانت مباحة ونهي عنها في عام الفتح.

٤ ـ اُبيحت عام أوطاس ثم نهي عنها (١).

وهذه الأقوال تنفي الثقة بوقوع النسخ ، على انّ نسخ القرآن بأخبار الاحاد ممنوع جدّاً ، وقد صحّ عن عمران بن الحصين انّه قال : « انّ اللّه أنزل المتعة وما نسخها بآية اُخرى وأمرنا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمتعة وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه » ، يريد به عمر بن الخطاب.

إنّ الخليفة الثاني لم يدّع النسخ وانّما أسند التحريف إلى نفسه ، ولو كان هناك ناسخ من اللّه عزّوجلّ أو من رسوله ، لأسند التحريم إليهما ، وقد استفاض قول عمر وهو على المنبر :

متعتان كانتا على عهد رسول اللّه وأنا أنهى عنهما واُعاقب عليهما : متعة الحج ومتعة النساء بل نقل متكلّم الأشاعرة في شرحه على شرح التجريد انّه قال : أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول اللّه ، وأنا أنهى عنهنّ ، واُحرّمهنّ ، واُعاقب عليهنّ : متعة النساء ومتعة الحج وحىّ على خير العمل (٢).

وقد تقدم في الفصل الرابع بعض الكلام في ذلك أن ابن عباس قال لبعض المناظرين الذين كانوا يحتجون بنهي أبي بكر وعمر : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء. أقول : قال رسول اللّه ، وتقولون : قال أبوبكر وعمر ، حتّى أنّ ابن عمر لمّا سئل عنها ، أفتى بالاباحة ، فعارضوه بقول أبيه ، فقال لهم : أمر رسول اللّه أحقّ أن

__________________

١ ـ لاحظ للوقوف على مصادر هذه الأقوال : مسائل فقهية ٦٣ ـ ٦٤ ، الغدير ٦ / ٢٢٥ ، أصل الشيعة واُصولها ١٧١ ، والأقوال في النسخ أكثر مما جاء في المتن.

٢ ـ مفاتيح الغيب ١٠ / ٥٢ ـ ٥٣ ، شرح التجريد للقوشجي ٤٨٤ طبع ايران.

٣٨٠