يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]
المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦
الهمزة ساكنة لا بعد أخرى تبدل مدة مناسبة لحركة ما قبلها : كراس وذيب وسول ، ومفتوحة بعد ساكن تبدل ألفا عند الكوفيين : كالمرأة ، وبعد مضموم تبدل واوا : كجول ، وبعد مكسور ياء : كميرة ، ومكسورة بعد ياء التحقير ياء أيضا : [كأفيس](١) ، وكذا مضمومة بعد مكسور تبدل ياء أيضا عند الأخفش (٢) رحمهالله ، كيستهزيون ، وكيف كانت بعد مدة زائدة غير ألف تبدل مناسبة لها : كخطية ومقروة.
وههنا إبدالات تختص بباب الإدغام كاسمع ، واطير ، وازين ، واثاقل ، وادارؤا في : استمع وتطير وتزين وتثاقل وتدارؤا ، فتأملها أنت ، واعلم أن إبدال حروف اللين والهمزة بعضها من بعض نسميه إعلالا.
__________________
(١) أفيس : تصغير فأس ، وجمع فأس : أفؤس وفؤوس.
(٢) الأخفش : هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعى بالولاء ، النحوي ، المعروف بالأخفش الأوسط ت ٢١٥ ه ، أحد نحاة البصرة ، وهو المقصود. والأخفش الأكبر : أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد ت ١٧٧ ه ، والأخفش الأصغر : على بن سليمان ت ٣١٥ ه ، (معجم الأدباء ٣ / ٢٤٦ ٢٥٧) (وفيات الأعيان ٢ / ٣٨٠ ، ٣٨١) (المعجم المفصل في اللغة ١ / ٢٢). ورأى الأخفش في الخصائص (٣ / ١٤٢) فيبدلها ياء البتة وهو رأى أبي الحسن.
الفصل الثالث
النتائج غير المستمرة
في النتائج غير المستمرة ، ووجه ضبطها على أن الاختصار أن نطلعك على ما وقع بدلا منه كل حرف من حروف البدل دون غيره ، اللهم إلا عند التعمق.
الألف وقعت بدلا في غير تلك المواضع عن الياء والواو والهمزة في نحو : طائي ، وياجل ، ولا هناك المرتع ، والمرأة عندنا ، وأما (آل) فالحق المعول فيه ، ما ذكره ابن جني (١) أن الألف فيه بدل عن همزة بدل عن الهاء.
والياء عن أختيها والهمزة والعين والنون والسين والثاء والباء في نحو : حبلى وصيم والواجي (٢) والضفادي (٣) وأناسي والسادي (٤) والثالي (٥) والثعالي (٦) ، وعن أحد حرفي التضعيف في نحو : دهديت وتلعيت ومكاكي (٧) ودياجي وتقضي البازي وأمليت ، ونحو تسريت ولم يتسن ، والتصدية باعتبار ، وقصيت الأظفار ، وديباج ، وديماس ، وديوان.
__________________
(١) ابن جني ، هو أبو الفتح عثمان بن جنى الموصلى النحوي ، من مصنفاته الخصائص ، وسر صناعة الإعراب ، وشرح التصريف للمازني ت ٣٩٢ بالموصل (وفيات الأعيان ٢ / ٢٤٦ ـ ٢٤٨). ورأى ابن جنى في الخصائص (٣ / ١٤٦) : فجفا عليه التقاء الهمزتين هكذا ، ليس بينهما إلا الألف ، فأبدل الثانية ياء كما أنه لما كره أصل تكسير ذؤابة ، وهو ذآئب أبدل الأولي واوا
(٢) الواجى : من وجأ أى ضرب.
(٣) الضفادى : الضفادع.
(٤) السادى : السادس.
(٥) الثالى : الثالث.
(٦) الثعالى : الثعالب.
(٧) جمع مكاء ، وهو طائر يألف الريف.
ونحو قوله : ايتصلت وما شاكل ذلك.
والواو عن أختيها في نحو : جبلو (١) ، وممضو (٢) عليه.
والهمزة عن حروف اللين والهاء والعين في نحو : بأز وشئمة ومؤقد وماء وأباب (٣) ، والهاء عن الألف والهمزة في نحو : يا هناه باعتبار وهرقت.
والجيم عن الياء في نحو قوله : أمسجت (٤) وأمسجا (٥).
واللام عن الضاد والنون في نحو : الطجع (٦) وأصيلال (٧).
والنون عن الواو في صنعاني.
والدال عن التاء في اجدمعوا (٨).
والصاد عن السين في نحو : اصبغ وصلح وصبقت وصاطع.
والزاي عنها أيضا في نحو : يزدل ثوبه (٩).
والتاء من الواو والصاد والسين والباء في نحو : أتلج (١٠) ولصت (١١) وطست
__________________
(١) في (ط) ، و (د) بالحاء المهملة ، والجبلو : الجبلي.
(٢) ممضو : ممضي.
(٣) أباب : عباب.
(٤) أمسجت : أمسيت.
(٥) أمسجا : أمسيا.
(٦) الطجع : اضطجع.
(٧) أصيلال : أصيلان.
(٨) اجدمعوا : اجتمعوا.
(٩) يزدل : يسدل أى يرخي.
(١٠) أتلج : أولج.
(١١) لصت : لص.
والذعالت (١).
والميم عن الواو والنون والباء في نحو : فم وبنام (٢) وكثم (٣). ولو لا أن الكلام في هذا الفصل ، وفيما قبله ، متطفل على الكلام في الفصل الأول إذا تأملت ، لما خففت فيهما كما ترى.
وأما القانون الخامس :
وهو أن شاهد القلب الدائر بين أن يكون مقلوبا عن غيره ، وأن لا يكون ما ذا؟ والذي حام حوله أصحابنا ، هو أن يكون أقل تصرفا ، كنحو قولهم : ناء يناء فحسب ، ونأى ينأى نايا ونحو : الجاه ، والحادي ، والآدر بمعنى الأدور (٤) ، والآرام (٥) بمعنى الأرآم ، والهاعي (٦) ، واللاعي (٧) والقسي (٨) والشواعي (٩) ، ونحو : الجائي إذا لم تحمله على تخفيف الهمزة ، أو أن يكون الإخلال بالقلب يهدم عندك أصلا يلزمك رعايته : كأشياء في غير باب المنصرف ، إذا لم تأخذها مقلوبة عن شيآء ، وقد كنت أبيت أن يكون أصلها أشياء هذا تمام الأصل.
وأما الملحق به : فهو إذا لم يكن معك من الأمثلة ما يصلح لتمام ما ذكرنا أن
__________________
(١) الذعالت : الذعالب ، وهو مع ذعلب ، وهى الناقة السريعة.
(٢) البنام : البنان ، وهو طرف الأصبع.
(٣) الكثم : الكثب ، وهو القرب.
(٤) الأدور : جمع دار.
(٥) الآرام : جمع رئم ، وهو الظبي الأبيض.
(٦) الهاعي : الهائع ، وهو الجزوع الجبان.
(٧) اللاعي : اللائع ، وهو الجزوع الجبان.
(٨) القسىّ : جمع قوس ، والأصل : قووس.
(٩) الشواعى : الشوائع ، جاءت الخيل شواعي ، وشوائع أي متفرقة.
تستخرج لأصالة الحروف وللزيادة أصولا ، وكذا لوقوع البدل عن معين ، فتستعملها.
وأما الحذف والقلب فيما نحن بصدده فكغير الواقع ندرة ، فلا تستخرج لهما أصولا ، وإن ألجئت إلى شيء من ذلك يوما من الدهر ، أمكنك أن تتقصى منه بأدنى نظر ، إذا أنت أتقنت ما سيقرع سمعك مما نحن له ، على أن تكون في استعمالك لتلك الأصول مجتهدا في أن لا تطرق لشيء [لك](١) منها إلى المعربة من نحو : مرزنجوش (٢) ، وباذنجانة ، وأسيفيدباج ، وإستبرق (٣) ، طريقا. وإلا وقعت في تخبط. ووجه الاستخراج هو أن تسلك الطريق على ما عرفت سلوكا في غير موضع ، صادق التأمل لحروف الزيادة.
وقد عرفتها أين تمتنع زيادتها أو تقل ، فتتخذ ذلك الموضع أصلا لأصالة الحروف ، وأين تجب لها أو تكثر ، فتتخذه أصلا للزيادة. وهكذا الحروف البدل ، وقد أحاطت بها معرفتك ، أيما موضع يختص بحرف معين أو يكثر ذلك فيه ، فتتخذه أصلا لكون ما سوى ذلك الحرف هناك بدلا منه ، وأنا أذكر لك ما أورده أصحابنا من ذلك في ثلاثة فصول :
أحدها : في بيان مواضع الأصالة.
وثانيها : في بيان مواضع الزيادة.
وثالثها : في بيان مواضع البدل عن معين.
لأخلصك عن ورطة الاستخراج.
__________________
(١) ليست في (د).
(٢) المرزنجوش : الزعفران ، طيب تجعله المرأة في مشطها يضرب إلى الحمرة.
(٣) الإستبرق : غليظ الديباج.
الفصل الأول
مواضع الأصالة
في بيان مواضع الأصالة وهي : الأول من كل كلمة لا تصلح لزيادة الواو ، فواو خ خ ورنتل (١) أصل ، وهو والحشو منها للام. فلام نحو خ خ لهذم (٢) وخ خ قلفع (٣) أصل ، والآخر أيضا له إلا في : عبدل ، وزيدل ، وخ خ فحجل (٤) ، وفي خ خ هيقل (٥) ، وخ خ طيسل (٦) ، وخ خ فيشلة (٧) احتمال. وأما نحو : ذلك ، وهنالك وأولالك ، فليس عندي بمنظور فيه.
والأول من كل اسم غير متصل بالفعل وقد نبهت عليه فيما تقدم ، إذا كان من بعده أربعة أصول لا يصلح للزيادة ، فنحو : الهمزة والميم في اصطخر وخ خ مردقوش (٨) أصل ، وهو والثاني من كل اسم غير متصل بالفعل أيضا ، إذا عرف في أحدهما زيادة ، فصاحبه لا يصلح للزيادة إلا نادرا خ خ كانقحر (٩) ، وخ خ انقحل (١٠) ، وخ خ انزهو (١١). فميم
__________________
(١) الورنتل : الشر والأمر العظيم.
(٢) اللهذم : السيف الحاد.
(٣) القلفع : الطين الذي إذا نضب عنه الماء يبس وتشقق.
(٤) الفحجل : الأفحج.
(٥) الهيقل : ذكر النعام.
(٦) الطيسل : الكثير.
(٧) الفيشلة : طرف الذكر.
(٨) المردقوش : الزعفران.
(٩) الأنقحر : المسن الهرم.
(١٠) الأنقحل : الشيخ الذي يبس جلده على عظمه.
(١١) الأنزهو : الرجل المتكبر.
منجنيق أصل ، إذ عرف ثانيه زائدا بقولهم مجانيق ، وغير أول الكلمة لا يصلح لزيادة الهمزة والميم في الأغلب فهما في نحو : ضئبيل (١) ، وزئبر (٢) ، وجؤذر (٣) ، وبرأل (٤) ، وتكرفأ (٥) ، وحرمل (٦) ، وعظلم (٧) ، أصل ، إلا إذا كانت الهمزة طرفا بعد ألف قبلها ثلاثة أحرف فصاعدا ، خارجة عن احتمال الزيادة ، فهي زائدة : كطرفاء (٨) ، وعاشوراء ، وبراكاء (٩) وبروكاء (١٠) ، وجخادباء (١١) ، إلا فيما احتمل أن يكون النصف الثاني منه ، إذا ألفيت [الألف](١٢) عين النصف الأول ، كالضوضاء ، ويسمى هذا مضاعف الرباعي ، والآخر من الفعل لا يصلح لزيادة النون ، فنون تدهقن وتشيطن أصل عند أصحابنا ، والأقرب عندي إلى تجاوب الأصول ، أن هذا الأصل أكثري ، والنون فيما ذكرنا زائدة ، وكل واحد من المواضع الأربعة من مضاعف الرباعي لا يصلح للزيادة ،
__________________
(١) الضئبيل : من أسماء الداهية.
(٢) الزئبر : ما يعلو الثوب.
(٣) الجؤذر : ولد البقرة الوحشية.
(٤) برأل : أن ينفش الطائر الريش حول عنقه.
(٥) تكرفأ : كثر والتف.
(٦) الحرمل : نبات معروف.
(٧) العظلم : عصارة بعض الشجر ، والعظلم المظلم.
(٨) الطرفاء : نوع من النبات الذى يستخدم حطبا.
(٩) البراكاء : السرعة في العدو.
(١٠) بروكاء : السرعة في العدو.
(١١) الجخادباء : الضخم الغليظ ضرب من الجخادب ، والجراد الخنفساء.
(١٢) في (ط) الفاء.
فليس في نحو : وعوع (١) وصيصية (٢) زيادة ، وكذا في نحو : قوقيت ، والسين لا تكون زائدة في الأسماء غير المتصلة بالأفعال ، كالميم في الأفعال ونحو : تمندل (٣) ، وتمدرع (٤) ، وتمسكن ، لا اعتداد به ، فميم تمعدد (٥) وتمغفر (٦) ، واسمهر (٧) ، واحرنجم (٨) ، وأمثالها أصل البتة.
وأما الهاء (٩) فقد كان أبو العباس المبرد (١٠) رحمهالله ، يخرجها عن الحروف الزوائد ، ولو لا أني في قيد الاختصار لنصرت قوله بالجواب عما أورد عليه الإمام ابن جني ، رحمهالله ، في ذلك (١١). ولكن كيفما دارت القصة ، فالأصل فيها الأصالة. فهاء نحو :
__________________
(١) وعوع : عوى ، والوعوعة من أصوات الكلاب.
(٢) الصيصية : شوكة الحائك الذى يسوي بها السداة واللحمة ، وصيصة الديك : الشوكة التى في رجله.
(٣) تمندل : تمسح بالمنديل من أثر الوضوء أو الطهور.
(٤) تمدرع : لبس المدرعة ، وهو ثوب كالدراعة.
(٥) تمعدد : صار في معد أو انتسب إليهم.
(٦) تمغفر : خرج يجني المغافير ، وهو صمغ يشرب نقيعه.
(٧) اسمهر الشوك : يبس وصلب ، اسمهر الظلام : تنكر.
(٨) احرنجم : أراد الأمر ثم رجع عنه.
(٩) ينظر شرح المبرد في المقتضب (١ / ٦٦) ، وينظر شرح الشافية (٢ / ٣٨٢) ، وهمع الهوامع (٢ / ٢١٥).
(١٠) المبرد : هو أبو العباس محمد بن يزيد ، نحوي بصري له : الكامل والمقتضب ، ينظر أخبار النحويين البصريين (٧٢ ـ ٨١) ، (١٠٨ ـ ١٢٠).
(١١) تنظر زيادة الهاء في التصريف الملوكي لابن جني ص (٢٤).
هجرع (١) ، ودرهم ، أصل. وأما هاء الوقف في نحو ثمه ، وكتابيه ، فبمعزل عندي عن الاعتبار أصلا.
__________________
(١) الهجرع : الأحمق. وقال الأصمعي : هو الطويل.
الفصل الثاني
مواضع الزيادة
في بيان مواضع الزيادة : أول كل كلمة فيها ثلاثة أصول ، لا يصلح لأصالة الهمزة والياء وكذا الميم. لكن في الأغلب ، فأوائل : أصبع ، ويعفر (١) ، ومذحج (٢) ، زوائد. وأعني بقولي : أصول ، أن خروجها عن حروف الزيادة يشهد لذلك. أو مواضعها ، وكل موضع من كلمة تشتمل على ثلاثة أصول ، وليست مضاعف الرباعي ، لا يصلح لأصالة حروف اللين إلا الأول للواو. فحروف اللين في نحو : كاهل ، وغزال ، والعلقي (٣) ، وضيغم ، وعثير (٤) ، وعوسج ، وخروع ، زوائد. وكذا إذا كانت أكثر من ثلاثة ، لكن سوى الأول لا يصلح لأصالتها أيضا. فهي في نحو : عذافر (٥) ، وسرداح (٦) ، والحبركي (٧) ، وسميدع (٨) ، وغرنيق (٩) ، وفدوكس (١٠) ، وفردوس ، والقبعثري ،
__________________
(١) يعفر : اسم.
(٢) مذحج : اسم أكمه ، واسم قبيلة.
(٣) العلقي : شجر تدوم خضرته.
(٤) العثير : الفجاج ، التراب ، الغبار ، الأثر الخفي.
(٥) العذافر : الأسد ، والعظيم الشديد من الإبل.
(٦) السرداح : الناقة الطويلة.
(٧) الحبركي : القوم الهلكى ، القراد والطويل.
(٨) السميدع : السيد الكريم والسخي الشريف ، والذئب ، والرجل الخفيف في حوائجه.
(٩) الغرنيق : طائر مائي أبيض.
(١٠) الفدوكس : الأسد ، والشديد.
وخزعبيل (١) ، وعضرفوط (٢) ؛ زوائد. وآخر كل اسم قبله ألف قبلها ثلاثة أحرف فصاعدا أصول ، لا يصلح لأصالة النون في الأغلب ، فنون سعدان ، وسرحان وعثمان وغمدان و [ملكعان](٣) وزعفران وجندمان (٤) وعقربان زائدة ، وكل موضع من الكلمة للنون أو التاء يخرجها بأصالتها عن أبنية الأصول المجردة ، وسنذكرها في الباب الثاني من هذا الكتاب ، لا يصلح لأصالتها ، فيحكم بزيادة النون والتاء في نحو : نرجس ، وكنهبل (٥) وترتب (٦) و [تتفل](٧) مفتوحي الأول وما لا يخرجها ، فالأمر بالعكس في الأغلب فهما في نحو : نهشل وحنزقر (٨) وصعتر (٩) وكذا في عنتر أصلان ، إلا النون إذا كانت ثالثة ساكنة ، مثلها في عقنقل (١٠) وحجنفل (١١) وشرنبث (١٢) فهي في نظائرها
__________________
(١) الخزعبيل : الباطل من الكلام.
(٢) العضرفوط : دويبة بيضاء ناعمة.
(٣) في (ط) : ملعكان ، والملكعان : اللئيم الدنىء.
(٤) الجندمان : اسم قبيلة.
(٥) الكنهبل : شجر عظام.
(٦) الترتب : الشىء القيم الثابت.
(٧) في (ط) تنفل ، بتاء بعدها نون ، والتتفل بتاءين : الثعلب أو جروه.
(٨) الحنزقر : القصير الدميم من الناس.
(٩) الصعتر : لون من النبات واحدته صعترة.
(١٠) العقنقل : الكثيب من الرمل.
(١١) الحجنفل : الغليظ الشفة.
(١٢) الشرنبث : القبيح الشديد.
زائدة ، وكذا كل موضع أو موضعين للتكرير من الكلمة : كقردد (١) ورمدد (٢) وعندد (٣) وشربب (٤) و [خدبّ](٥) وفلزوجين وقطع واقشعر ومرمريس (٦) وعصبصب (٧) إذا كانت توجد فيها ثلاثة أصول لا تصلح للأصالة.
واعلم أن أصول هذين الفصلين كثيرا ما يجامع بعضها البعض ، وهي في ذلك إما أن لا تورث ترددا في إمضاء الحكم مثلها في نحو : اصطبل ، حيث تقضي للام بالأصالة ، ثم للهمزة ، ونحو : يستعور (٨) ، حيث تقضي للسين والتاء بالأصالة ثم للياء ، ونحو : إعصار وإخريط (٩) وأدرون (١٠) حيث تقضي لحروف اللين بالزيادة ثم للهمزة ، ونحو : عقنقل حيث تقضي للنون بالزيادة ثم للمكرر ، ونحو : خفيدد (١١) حيث تقضي للياء والمكرر بالزيادة ، ونحو : ضميران حيث تقضي للياء والألف والنون بالزيادة ، فتمضي في الحكم كما ترى.
__________________
(١) القردد : ما ارتفع من الأرض ، جبل.
(٢) الرمدد : الكثير ، الدقيق ، الهالك.
(٣) العندد : يقال ما لي عنه عندد ولا معلندد : أى ما لي عنه بدّ.
(٤) الشرنبث : اسم واد أو موضع.
(٥) في (ط) : خدبب. والخدبّ : الشيخ ، العظيم من النعام وغيره.
(٦) المرمريس : شديد أو داهية.
(٧) العصبصب : الشديد.
(٨) اليستعور : الباطل ، وشجر.
(٩) الإخريط : نبات ينبت في الجدد.
(١٠) الأدرون : المعلف.
(١١) الخفيدد : ضرب من الشجر من ريحان البر.
وإما أن تورث من حيث هي هي ترددا ، إما لاجتماعها على سبيل التعاند مثل أصلي التاء في ترتب وتتفل بالفتح والضم ، أو على سبيل الدور مثل الأصلين في نحو : محبب وموظب ومكوزة (١) ومريم وأيدع وأوتكي وحومان ، وما جرى مجراها ، فيقع عنان الحكم في يد الترجيح ، اللهم إلا عند الإعواز ، فيحام حول الخيرة إذ ذاك. والقانون عندي في باب الترجيح ههنا هو اعتبار شبهة الاشتقاق ابتداء ، ثم من بعد اعتبار الكلي من هذه الأصول ، ثم إن وجد تعارض في النوعين ، اعتبار اللواحق ، وأعني بقولي ههنا أن المنظور فيه ليس يرجع إلى اشتقاقين رجوع أرطى (٢) حيث يقال : بعير آرط وراط ، وأديم مأروط ومرطي ، وشيطان حيث يعتزى إلى أصلين يلتقيان به وهما ش ، ط ، ن. وش ، ي ، ط. فإن الترجيح في مثل هذا عند أصحابنا ، رحمهمالله ، بالتفاوت في وضوح الاشتقاق وخفائه ليس إلا ، ونحن نستودع هذا الفصل من الأمثلة على اختصار ما يورثك ، بإذن الله تعالى ، كيفية التعاطي لهذا الفن ، جاذبا بضبعك (٣) فيما أنت من تمام تصوره بمنزلة ، ثم نحيل باقتناص غايات المرام إذا رأيناها قد أعرضت لك ، مما فعلنا بك على صدق همتك في السعي لما يعقب ذلك.
أما الترجيح بشبهة الاشتقاق ، فكالقضاء في نحو : موظب ومكوزة ومحبب للواو ، والمكرر بالأصالة دون الميم على ارتكاب الشذوذ عما عليه قياس أخواتها من الكسر والإعلال والإدغام لما يوجد من وظ ب ، وك وز ، وح ب ب في الجملة دون م ظ ب ، وم ك ز ، وم ح ب ، وأنا إذا قضيت لمريم وياجج بمفعل ويفعل ، ولترتب وتتفل في اللغتين بزيادة التاء ، ولإمرة بفعلة ولعزويت (٤) بفعليت ، دون فعليل أو فعويل قضيت لهذا. وأما الترجيح بالكلي فكالقضاء بزيادة تاء ترتب وتتفل بدون اعتبار شبهة
__________________
(١) المكوزة : الرأس الطويل ، ومكوزة اسم.
(٢) الأرطي : شجر ينبت في الرمل.
(٣) جذب بضبعه : أعانه وقواه.
(٤) عزويت : حي من الجن ، موضع.
الاشتقاق. وأما الترجيح باللواحق فكالقضاء لمدين بزيادة الميم دون الياء ، لعوز فعيل بفتح الفاء في الأوزان ؛ وزيادة ميم مريم تؤكد بهذا ؛ وكالقضاء لمورق منه ومهدد (١) وماجج (٢) بزيادة الواو ، والمكرر دون الميم للزوم الشذوذ زيادتها وهو فتح الراء إذ ذاك ، وفك الإدغام مع عدم ما أوجب ارتكابه في مريم ، وكالقضاء لحومان بزيادة النون دون الواو لما تجد فعلان في الأوزان أكثر من فوعال ، ولحسان مضموم الحاء بفعلان لما تجده أكثر من فعال بالإطلاق ، ولرمان بعكس هذا لما تجد فعالا في باب النبات أكثر من فعلان. ولحسان وحما (٣) رقبان بفعال ، إذا نقلا إليك مصروفين ، وبفعلان إذا نقلا إليك غير مصروفين. ولأيدع وأولق وأوتكي بزيادة الهمزة دون الياء والواو ، لما تجد أفعل أكثر من فيعل وفوعل. ولأمعة بزيادة المكرر لما تجد فعلة أكثر من أفعلة : فاؤها وعينها من جنس واحد. وهذا يؤكد ما قدمنا في إمرة ولكلتا بزيادة الألف وإبدال التاء من الواو ، لعوز فعتل والحولايا (٤) بفوعالا دون فعلايا لعوزها ، ولما تجد فعليتا دون فعويل تتأكد فعليتيه عزويت دون فعويليته. ولنقتصر على هذا القدر في التنبيه به على ما حاولنا فإنه ، بل الأقل ، كاف في حق من أوتي حظا من الجلادة ، فأما البليد ، فوحقك لا يجدين عليه التطويل ، وإن تليت عليه التوراة والإنجيل.
__________________
(١) مهدد : اسم امرأة.
(٢) ماجج : اسم مكان.
(٣) حما رقبان : دويبة.
(٤) الحولايا : اسم مكان ، وفي معجم البلدان : قرية كانت بنواحي النهروان.
الفصل الثالث
مواضع البدل
في بيان مواضع يقع البدل فيها عن حرف معين : الألف طرفا زائدة على الثلاثة أو ثالثة لكن قبلها ياء لا تكون إلا مبدلة عن ياء ، وكذا إذا لم تكن قبلها ياء لكنها تمال أو صدر كلمتها واو ، اللهم ، إلا نادرا.
الباب الثاني
في معرفة الطريق إلى النوع الثاني وكيفية سلوكه أيضا
في الطريق إلى معرفة الاعتبارات الراجعة إلى الهيئات : والكلام فيه مبني على الأصل الممهد في الباب الأول من مراعاة الضبط ، وتجنب الانتشار.
اعلم أن الطريق إلى هذه الاعتبارات ، على نحو الطريق إلى الاعتبارات الأول ، من انتزاع كلي عن جزئيات ، وسلوكه هو أن تعمد لاستقراء الهيئات فيما يتناوله الاشتقاق متطلبا بين متناسبتها ، رد البعض إلى البعض عن تأمل تتفتح له أكمام المناسبات المستوجبة للرعاية هناك ، مصروف الاجتهاد في شأن الرد إلى اعتبار أبلغ ما يمكن من التدريج فيه ، فاعلا ذلك عن كمال التنبه لمجاريه وشواهده ، وما يضاد ذلك ، ضابطا إياها كل الضبط ، في أصول تستنبطها وقوانين ؛ وكأني بك وقد ألفت فيما سبق ، أن أكون النائب عنك في مظان الاستقراء ، ومداحض التأمل ، تنزع ههنا إلى مألوفك ، فاستمع لما يتلى عليك وبالله التوفيق.
اصطلاحات :
ولنقدم أمام الخوض فيما نحن له عدة اصطلاحات لأصحابنا ، رحمهمالله ، عسى أن يستعان بها على شيء من الاختصار في أثناء مساق الحديث ، وهي : أن الاسم والفعل ،
إذا لم يكن في حروفه الأصول معتل ، سمي صحيحا وسالما ، وإذا كان بخلافه سمي معتلا ، ثم إذا كان معتل الفاء سمي مثالا ، وإذا كان معتل العين سمي [أجوف](١) ، وذا الثلاثة ، وإذا كان معتل اللام سمي منقوصا ، وذا الأربعة. وإذا كان معتل الفاء والعين ، أو العين واللام ، سمي لفيفا مقرونا ، وإذا كان معتل الفاء واللام سمي لفيفا مفروقا.
ثم إن صحيح الثلاثي أو معتله ، إذا تجانس العين منه واللام ، سمي مضاعفا ، وكذا الرباعي ؛ إذا تجانس الفاء واللام الأولى منه ، والعين واللام الثانية منه ، سمي مضاعفا. وقد تقدم هذا. والأول حقه الإدغام ؛ وهذا لا مجال فيه لذلك.
وإذ قد وقفت على ذلك ، فلنعد إلى الموعود منبهين على أن الكلمة المستقرأة نوعان : نوع يشهد التأمل لتقدمه في باب الاعتبار ، ونوع بخلافه ، والثاني هي الأفعال. ومن الأسماء ما يتصل بها ، وقد تنبهت لها في صدر الكتاب. والأول هي ما عدا ذلك وتسمى الأسماء الجوامد. ووجه التقدم والتأخر بين النوعين على ما يليق بهذا الموضع ، هو أن الفعل : لتركب معناه ظاهر التأخر عن الجوامد. وما يتصل به من الأسماء لا شك في فرعيتها عليه ، إلا المصدر فقط عند أصحابنا البصريين ، رحمهمالله ، ودليل إعلال المصدر وتصحيحه باعتبار ذلك في الفعل ؛ وستقف عليه في أثناء النوع الثاني ، يرجح عندي مذهب (٢) الكوفيين ، فليتأمل المنصف ، وفرع المتأخر عن الشيء لا بد من أن يكون متأخرا عن ذلك الشيء ، ونحن على أن نراعي في إيراد النوعين حق الترتيب ، والله المستعان وعليه التكلان.
النوع الأول : وهو مشتمل على فصلين : أحدهما في هيئات المجرد من ذلك ، والثاني في هيئات المزيد.
__________________
(١) في (ط) : أجوفا وهو خطأ ، والصواب ما أثبتناه من (د) و (غ) فإنه ممنوع من الصرف.
(٢) خلاف الكوفيين والبصريين في المصدر ، الإنصاف (: ٢٣٥).
الفصل الأول
الثلاثي المجرد من الأسماء
اعلم أن الثلاثي المجرد من الأسماء بعد التزام تحريك الفاء ، إما لامتناع سكونه عند بعض أصحابنا ، أو لأدائه إلى الكلفة عند آخرين ، وهو المختار ، وإما امتناع الابتداء بالألف والواو والياء المدتين ، فلذواتها عندي ، لا لما بني عليه مذهبه الإمام ابن جني ، رحمهالله ، ودعوى امتناع الابتداء بالساكن ، فيما سواها حتما غير مدغم ومدغما ممنوعة ، اللهم إلا إذا حكيت عن لسانك. لكن ذلك غير مجد عليك. وبعد ترك اللام للأعراب كان يحتمل اثنتي عشرة هيئة من جهة ضرب أحوال عينه الأربع وهي : السكون والحركات الثلاث في أحوال فائه الثلاث ، وهي الحركات دون السكون ؛ لكن الجمع بين الكسر والضم [لازما](١) حيث كان ينبو الطبع عنه فأهمل ، وحمل في الدئل (٢) والوعل والرئم ، مضمومات فاء ، مكسورات عينا ، على كونه فرعا فيها. مثله في ضرب ، لو سمي به مأخوذة هي من جملة زيد وأسامة ، وفي الحبك (٣) ، بالعكس من الأول الثلاث على ما رواه الإمام ابن جني ، رحمهالله ، على تداخل لغتي : حبك بكسرتين ، وحبك بضمتين ، فيه عادت الهيئات عشرا وهي : كشح (٤) وكفل (٥) وكتف وعضد ورجل وضلع وأطل (٦) وبرد وصرد (٧) وطنب (٨). وكل واحدة منها فيما
__________________
(١) في (غ) : لازم.
(٢) الدئل : ابن آوى.
(٣) الحبك : الشدّ ، وحبك الرمل : حروفه وأسناده.
(٤) الكشح : ما بين السرة ووسط الظهر.
(٥) الكفل : العجز ، الردف.
(٦) الأطل : الخاصرة ، والجمع : آطال.
(٧) الصرد : طائر ضخم الرأس.
(٨) الطنب : الحبل الطويل الذي يشد به سرادق البيت أو الوتد.
ذكرنا ، أصلية. وفحوى الكلام بذلك تدلك ، بإذن الله تعالى عن قريب ، لكنها في غير ذلك ، قد يرد بعضها إلى البعض ، إما في موضع تجتمع فيه كنحو : رد فخذ وفخذ وفخذ مثلا ، بفتح الفاء وكسرها مع سكون العين ، وبكسرهما معا إلى فخذ بفتح الفاء وكسر العين دون أن يكن أصولا لمكان الضبط ، مع عدم ما يمنع عنه ، وهو عدم مساواة بعضها البعض فيما تثبت له الأصالة والفرعية ، أو يحكم بالعكس من ذلك لمكان المناسبة ، وهي كون الأكثر وقوعا في الاستعمال ، أولى بالأصالة لا محالة ، وتقرير هذا ظاهر.
ووجه آخر ، وإن كان دونه في القوة ، وهو كون العذر في ترك ما يترك بعد تقدير تحققه إلى ما سواه ، أيسر منه إذا قلبت القضية مثله في ترك فخذ بفتح الفاء وكسر العين. وكذا كل فعل ثانيه حرف حلق إلى فعل بإبطال حركة العين للتخفيف ، أو فعل بنقلها إلى الفاء ، لذلك أيضا أو فعل باتباع الفاء العين ، لتحصيل المشاكلة. وكنحو : رد كتب جمع كتاب ، بضم الفاء وسكون العين ، إلى كتب بضمتين للضبط أيضا والمناسبة من الوجهين. والعلة في ترك الأصل الاستخفاف. وكنحو : رد قطب بضمتين ، إلى قطب بسكون العين للضبط ، ولأول وجهي المناسبة. وإن ذهب بك الوهم إلى شيء من إيراد الوجه الآخر معارضا ، فتذكر ضعفه.
والعلة في ترك الأصل طلب المشاكلة ، وإما في غير موضع ، كنحو رد فعل في [الجموع](١) بكسر الفاء وسكون العين في الأجوف اليائي : كبيض إلى فعل فيها بضم الفاء في غير ذلك ، كسود وزرق مثلا ؛ دون أن يؤخذ أصلين للضبط أو يعكس الحكم فيهما للمناسبة من وجهيها.
أحدهما : كون فعل بالضم في [الجموع](٢) أكثر ، لوقوعها في الصحيح والأجوف الواوي.
__________________
(١) في (ط) : المجموع.
(١) في (ط) : المجموع.
والثاني : أن ترك الضم إلى الكسر مع الياء ، أقرب من ترك الكسر إلى الضم مع الراء ، مثلا : ورد فعل فيها ، بضم الفاء وسكون العين في المضاعف ، كذب : جمع ذباب ؛ والأجوف الواوي ، كعون إلى فعل فيها بضمتين فيما سوى ذلك ، ككتب وقذل للضبط والمناسبة ، فاعتبرها.
وأما الرباعي المجرد منها ، فهيئاته المتفق عليها خمس ، لعدم احتمالهن ما يحتمل سواهن من القدح في انخراطها في سلكهن ، أو بعدهن عن ذلك الاحتمال بعدا مكشوفا ، وهي : جعفر وزبرج (١) وجرشع (٢) وقلفع (٣) وحبجر (٤). وأبو الحسن الأخفش ، أثبت سادسة وهي جخدب (٥) بضم الجيم وسكون الخاء وفتح الدال ، وهي عندي من القبول بمحل ، لمساواته جخدبا بضم الدال في الاعتبار ، فليتأمل. وناهيك بوجوب قبولها إن لم ينكرها عليه من خلف في هذا المضمار الأولين والآخرين ، وهو شيخنا الحاتمي تغمده الله برضوانه. وأما نحو : جندل (٦) وعلبط (٧) فبعدهما البعيد عن الاعتدال ، وهو توالي أربع حركات ، هو أول ما اقتضى الهرب عن أصالة هيئتهما ، وحملهما على جنادل وعلابط. وأما الخماسي المجرد فهيئاته المتفق عليها أربع وهي : فرزدق (٨) وجحمرش (٩) وقرطعب (١٠) وقذعمل (١١).
__________________
(١) الزبرج : الزينة من وشى وجوهر الذهب.
(٢) الجرشع : العظيم الصدر.
(٣) القلفع : الطين الذي إذا نضب عنه الماء يبس وتشقق.
(٤) الحبجر : الوتر الغليظ.
(٥) الجخدب : الجراد الطويل الأخضر.
(٦) الجندل : المكان الغليظ الذي فيه حجارة.
(٧) العلبط : القطيع من الغنم.
(٨) الفرزدق والفرزدقة : الرغيف يسقط من التنور ، وفتات الخبز ، وهو لقب همام بن غالب بن صعصعة ، الشاعر الأموى.
(٩) الجحمرش : العجوز الكبير ، والمرأة السمجة ، والأرنب المرضع ، ومن الأفاعي : الحثناء ، جمعه جحامر.
(١٠) القرطعب : يقال ما عنده قرطعبة ، أي لا قليل ولا كثير أو شىء.
(١١) القذعمل : الشيخ الكبير.
الفصل الثاني
في هيئات المزيد
وأما هيئات المزيد من الأبواب الثلاثة ، ففيها كثرة يورث حصرها سآمة ، فلنخص بالذكر منها عدة أمثلة لها مدخل في التفريع. والقانون في ذلك هو أن لا يكون المثال إلحاقيا ؛ وتفسير الإلحاق ، هو : أن يزاد في الكلمة زيادة ، لتصير على هيئة أصلية لكلمة فوقها في عدد الحروف الأصول ، وتتصرف تصرفها. والاستقراء المنضم إلى اعتبار المناسبات افتر عن امتناع كون الألف للإلحاق حشوا. والسر في ذلك هو : أن الزيادة الإلحاقية جارية مجرى الحرف الأصلي. والألف متى وقعت موقع الحرف الأصلي ، كباب وناب ، وقال ومال ، كانت في تقدير الحركة البتة ، بدليل امتناع وقوعها حيث لا حركة : كدعون ورمين ويدعون ويدعين ويرمين ونظائرها. فلو جوز كونها للإلحاق حشوا ، لاقتضى الرجوع إلى المهروب عنه في جندل وعلبط.
وأمر آخر ، وهو أن القيد الذي اعتبرنا ، وهو قولنا تتصرف تصرفها ، يمنع عن ذلك ، إذ يستحيل أن تصرف نحو ، كاهل وغلام ، تصرف الرباعي في التحقير والتكسير والألف ألف ، والوجه هو الأول ، وجميع القيود المذكورة في تفسير الإلحاق متضمنة لفوائد جمة ، فلا تحرمها فكرك ، وإذ قد عرفت هذا ، فتقول من الأمثلة التي لها مدخل في التفريع : أفعل بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم العين جمعا نحو : الأعصر يفرع عليه أفعل فيها بنقل ضم العين إلى الفاء في المضاعف ، كالأشد ؛ وأفعل فيها أيضا بإبدال ضم العين كسرة في المنقوص كالأظبي (١) والأدلى (٢) للضبط والمناسبة.
أما المضاعف فلأن الداعي معه إلى تسكين أحد المتجانسين ، وهو العين إذا قدرت
__________________
(١) الأظبي : جمع ظبي.
(٢) الأدلى : جمع دلو.