مفتاح العلوم

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]

مفتاح العلوم

المؤلف:

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦

(القسم الأول)

(علم الصرف)

الأول : في بيان حقيقة علم الصرف والتنبيه على ما يحتاج إليه في تحقيقها.

الثاني : في كيفية الوصول إليه.

الثالث : في بيان كونه كافيا لما علق به من الغرض.

وقبل أن نندفع إلى سوق هذه الفصول ، فلنذكر شيئا لا بد منه في ضبط الحديث فيما نحن بصدده ، وهو الكشف عن معنى الكلمة وأنواعها.

الأقرب (١) أن يقال : الكلمة هي اللفظة الموضوعة للمعنى (٢) مفردة ، والمراد بالإفراد أنها بمجموعها وضعت لذلك المعنى دفعة واحدة. ثم إذا كان معناها مستقلا بنفسه ، وغير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة مثل : علم وجهل سميت اسما ، وإذا اقترنت مثل : علم وجهل سميت فعلا ، وإذا كان معناها لا يستقل بنفسه مثل : من وعن سميت حرفا.

ويفسر المستقل بنفسه على سبيل التقريب والتأنيس بأنه الذي يتم الجواب به ، كقول القائل : (زيد) في جوابك إذا قلت : (من جاء) و (قرأ). إذا قلت (ماذا فعل) بخلافه ، إذا قال (في أو على) ، إذا قلت (أين قرأ).

وإذ قد ذكرنا هذا فلنشرع في الفصل الأول ولنشرحه.

__________________

(١) في (غ): (والأقرب) وما أثبتناه أولى بالصواب ، وهو الموافق ل (د) و (ك).

(٢) في (غ): (لمعني).

٤١

الفصل الأول

علم الصرف (١)

اعلم أن علم الصرف هو تتبع اعتبارات الواضع في وضعه من جهة المناسبات والأقيسة. ونعني بالاعتبارات ، وافرضها إلى أن تتحقق ، أنه أولا جنس المعاني؟ ، ثم قصد لجنس جنس منها ، معينا بإزاء كل من ذلك طائفة طائفة من الحروف. ثم قصد لتنويع الأجناس شيئا فشيئا متصرفا في تلك الطوائف بالتقديم والتأخير والزيادة فيها بعد ، أو النقصان منها مما هو كاللازم للتنويع وتكثير الأمثلة ، ومن التبديل لبعض تلك الحروف لغيره لعارض ، وهكذا عند تركيب تلك الحروف من قصد هيئة ابتداء ، ثم من تغيرها شيئا فشيئا. ولعلك تستبعد هذه الاعتبارات ، إذ ليس طريق معرفتها عندك. لكن لا يخفى عليك أن وضع اللغة ليس إلا تحصيل أشياء منتشرة تحت الضبط ، فإذا أمعنت (٢) فيه النظر وجدت شأن الواضع (٣) أقرب شيء من شأن المستوفي الحاذق ، وإنك لتعلم ما يصنع في باب الضبط ، فيزل عنك الاستبعاد (٤) ، ثم إنك ستقف على جلية الأمر فيه مما يتلى عليك عن قريب.

__________________

(١) علم الصرف ويسمى بعلم التصريف أيضا (كما في كشاف اصطلاحات الفنون ص ٨٣٧) يعرفه ابن الحاجب بأنه علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التى ليست بإعراب شرح الشافية ١ / ١ ، ويشرح الاستراباذي هذا بقوله : اعلم أن التصريف على ما حكى سيبويه عنهم هو أن تبني من الكلمة بناء لم تبنه العرب على وزن ما بنته ثم تعمل في البناء الذى بنيته ما يقتضيه قياس كلامهم ، ... ، والمتأخرون على أن التصريف علم بأبنية الكلمة ، وبما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وحذف وصحة وإعلال وإدغام وإمالة ، وبما يعرض لآخرها مما ليس بإعراب ولا بناء من الوقف وغير ذلك شرح الشافية ج ١ / ص ٢ ويعرف ابن هشام التصريف بقوله : هو تغير في بنية الكلمه لغرض معنوى أو لفظي فالأول : كتغير قول المفرد إلى التثنية والجمع وتغير المصدر إلى الفعل والوصف. والثاني : كتغير () قول وغزو إلى قال وغزا. ولهذين التغيرين أحكام الصحة والإعلال ، وتسمى تلك الأحكام : علم التصريف أوضح المسالك ص ٢٩٠ ط مكتبة الآداب.

(٢) كذا في (د) ، في (غ) ، وفي (ط) الواقع

(٣) في (د) : أنعمت ، وفي باقي النسخ أمعنت. (٣) في (ط) : الاستعباد : (والصواب ما أثبتناه من (د) ، (ع)

(٤) كذا في (ذ) في (غ) وفي (ط) الواقع

٤٢

الفصل الثاني

في كيفية الوصول إلى النوعين

وهما : معرفة الاعتبارات الراجعة إلى الحروف ، ومعرفة الاعتبارات الراجعة إلى الهيئات ، وفيه بابان :

الأول : في معرفة الطريق إلى النوع الأول وكيفية سلوكه.

الثاني : في معرفة الطريق إلى النوع الثاني وكيفية سلوكه أيضا.

ومساق الحديث فيهما لا يتم إلا بعد التنبيه على أنواع الحروف التسعة والعشرين ومخارجها.

اعلم أنها عند المتقدمين تتنوع إلى : مجهورة ومهموسة (١) ، وهي عندي كذلك ، لكن على ما أذكره ، وهو أن الجهر انحصار النفس في مخرج الحرف ، والهمس جري ذلك فيه.

__________________

(١) انظر الكتاب لسيبويه هذا باب الإدغام ٢ / ٤٠٤ ط المتنبي

والأصوات الصامتة المجهورة في اللغة العربية ، كما ننطقها اليوم هي الباء والجيم والدال والذال والراء ، والزاى والصاد والظاء ، والعين والغين ، واللام والنون ، والواو ، في نحو : (ولد ، وحوض) والياء ، في نحو : (يترك بيت) فهذه خمسة عشر حرفا ، وقد أضاف علماء العربية (الطاء ، والقاف) إلى الأصوات المجهورة ، أخرجوها من الأصوات المهموسة ، وهذا الذي قالوا ، لا يوافق نطقنا الحالي لهذين الصوتين وقد عد بعضهم (الهمزة) صوتا مهموسا حين قرر علماء العربية القدامى إنها صوت مجهور ، وذهب بعض الباحثين المتأخرين إلى كونها صوتا لا بالمجهور ولا بالمهموس. وانظر علم اللغة العام والأصوات د / كمال بشر ط دار المعارف ص ٨٨ ، والمنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية لملا علي القاري ط مصطفى الحلبي. (ص : ١٦). والصوت المهموس ، هو الصوت الذي لا تتذبذب الأوتار الصوتية حال النطق به ، وحروف الهمس مجموعة في قولهم : (فحثه شخص سكت) ويضاف إليه الطاء والقاف في نطقنا الحالي لهذين الحرفين. وانظر السابق.

٤٣

والمجهورة عندي : الهمزة ، والألف ، والقاف ، والكاف ، والجيم ، والياء ، والراء ، والنون ، والطاء ، والدال ، والتاء ، والباء ، والميم ، والواو يجمعها قولك" قدك أترجم ونطايب".

والمهموسة : ما عداها ، ثم إذا لم يتم الانحصار ولا الجري كما في حروف قولك : " لم يروعنا" سميت معتدلة ، وما بين الشديدة والرخوة. وإذا تم الانحصار كما في حروف قولك : " أجدك قطبت" سميت شديدة. وإذا تم الجري كما في الباقية من ذلك سميت رخوة [ثم](١) إذا تبع الاعتدال ضعف تحمل الحركة أو الامتناع عنه ، كما في الواو والياء والألف سميت معتلة. وإذا تبع تمام الانحصار حفز وضغط كما في حروف قولك : " قد طبج (٢) سميت (٣) " ، حروف القلقلة. وتتنوع أيضا إلى مستعلية وهي : الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف. وإلى منخفضة : وهي ما عداها.

والاستعلاء أن تتصعد لسانك في الحنك الأعلى ، والانخفاض بخلاف ذلك. فإن جعلت لسانك مطبقا للحنك الأعلى كما في : الصاد والضاد والطاء والظاء ، سميت مطبقة. وإلا كما في سواها سميت منفتحة.

ومخارجها عند الأكثر ستة عشر على هذا النهج.

أقصى الحلق : للهمزة والألف والهاء. ووسطه : للعين والحاء. وأدناه : إلى اللسان للغين والخاء.

وأقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف ، ومن أسفل من موضع القاف من اللسان قليلا ومما يليه من الحنك الأعلى مخرج الكاف ، ومن وسط اللسان

__________________

(١) في (د) وفي (غ).

(٢) شاع في علم التجويد التعبير عنها بقولك (قطب جد).

(٣) وقع في (ط) قد طبخ ميت وهو تصحيف فاحش ، وزاد من تلبيسه وضعه ذلك كله بين علامتى تنصيص. وما أثبتناه من (د) و (غ).

٤٤

بينه وبين وسط الحنك الأعلى مخرج الجيم والشين والياء.

ومن بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد ، ومن حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرف اللسان من بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى مما فويق الضاحك والناب والرباعية والثنية مخرج اللام ، ومن طرف اللسان ، بينه وبين ما فويق الثنايا العليا مخرج النون ، ومن مخرج النون ، غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلا لانحرافه إلى اللام ، مخرج الراء.

ومما بين طرف اللسان وأصول الثنايا العليا مخرج الطاء والدال والتاء ، ومما بين الثنايا وطرف اللسان مخرج الصاد والزاي والسين ، ومما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا مخرج الظاء والذال والثاء ، ومن باطن الشفة السفلى ، وأطراف الثنايا العليا مخرج الفاء.

ومما بين الشفتين مخرج الباء والميم والواو. ومن الخياشيم مخرج النون الخفيفة (١) (ويتصور ما ذكرناه من الشكل المصور) (٢).

__________________

(١) انظر في مخارج الحروف عند سيبويه : الكتاب ٢ / ٤٠٤ (هذا باب عدد الحروف العربية ومخارجها ومهموساتها ومجهوراتها ..... إلخ) ط المتنبي.

(٢) انظر الصفحة التالية

٤٥

٤٦

مخارج الحروف

وعندي أن الحكم في أنواعها ومخارجها على ما يجده كل أحد مستقيم الطبع ، سليم الذوق ، إذا راجع نفسه واعتبرها كما ينبغي وإن كان بخلاف الغير لامكان التفاوت في الآلات. وإذ قد تنبهت لما ذكرنا فلنرجع إلى الباب الأول.

الباب الأول

في معرفة الطريق إلى النوع الأول وكيفية سلوكه

والكلام فيه يستدعي تمهيد أصل ، وهو أن اعتبار الأوضاع في الجملة مضبوطة أدخل في المناسبة من اعتبارها منتشرة ، وأعني بالانتشار ورودها مستأنفة في جميع ما يحتاج إليه في جانب اللفظ من الحروف والنظم والهيئة ، وكذا في جانب المعنى من عدة اعتبارات تلزمه. وبالضبط خلاف ذلك ، وتقريره أن إيقاع القريب الحصول أسهل من البعيد (١) ، وفي اعتبارها مضبوطة تكون أقرب حصولا ؛ لاحتياجها إذ ذاك إلى أقل مما تحتاج إليه على خلاف ذلك ، ويظهر من هذا أن اعتبار الأوضاع الجزئية ، أعني بها المتناولة للمعاني الجزئية ، يلزم عند إمكان ضبطها أن تكون مسبوقة بأوضاع كلية لها ، وقد خرج بقولي : " عند إمكان ضبطها" ما كان في الظاهر جنسه نوعه ، كالحروف والأسماء المشاكلة لها من نحو : إذا وأنى ومتى ، عن أن يكون لوضعه الجزئي وضع كلي. هذا على المذهب الظاهر من جمهور أصحابنا (٢) ، وإلا فخروج ذلك عندي ليس بحتم (٣).

__________________

(١) في (د) ، وفي (غ) : البعيدة.

(٢) أي البصريين.

(٣) تصحفت في (ط) إلي ختم بالخاء المعجمة

٤٧

الاشتقاق (١) :

وإذا تمهد هذا فنقول : الطريق إلى ذلك هو أن تبتدئ فيما يحتمل التنويع من حيث انتهى الواضع في تنويعه ، وهي الأوضاع الجزئية ، فترجع منها القهقرى في التجنيس وهو التعميم إلى حيث ابتدأ منه ؛ وهو وضعه الكلي لتلك الجزئية ، كنحو أن تبتدئ من مثل لفظ المتباين ، وهو موضع التباين ، فترده إلى معنى أعم في لفظ التباين وهو المباينة من الجانبين ، ثم ترد التباين إلى أعم : وهو المباينة من جانب في لفظ باين ، ثم ترده إلى أعم : وهو حصول البينونة في لفظ بان ، ثم ترده إلى أعم وهو مجرد البين ، وهذا هو الذي يعنيه أصحابنا في هذا النوع بالاشتقاق.

ثم إذا اقتصرت في التجنيس على ما تحتمله حروف كل طائفة بنظم مخصوص ، كمطلق معنى البينونة فيما ضربنا من المثال للباء ثم الياء ثم النون ، وهو المتعارف ، سمي الاشتقاق الصغير (٢). وإن تجاوزت إلى ما احتملته من معنى أعم من ذلك كيفما انتظمت ، مثل الصور الست للحروف الثلاثة المختلفة من حيث النظم ، والأربع

__________________

(١) الاشتقاق : هو نزع لفظ من آخر بشرط تناسبهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة ، نحو : اشتقاق كلمة دارس من درس (على رأي البصريين) واشتقاق كلمة فارس عن فرس. واختلف الكوفيون والبصريون في أصل الاشتقاق. فقال الكوفيون الفعل أصل الاشتقاق ، وقال البصريون :

المصدر أصل الاشتقاق. وهو أنواع. يأتي بيانها. انظر المعجم المفصل في علوم اللغة للدكتور / محمد التونجي والأستاذ / راجي الأسمر (١ / ٦٢ ـ ٦٣.) وقد ذكر ابن جني الاشتقاق في الخصائص ٢ / ١٣٣ تحت عنوان (باب في الاشتقاق الأكبر) : فليرجع إليه.

(٢) الاشتقاق الصغير ، أو الأصغر أو العام هو نزع لفظ من آخر آصل منه ، بشرط اشتراكهما في المعنى والأحرف الأصول وترتيبها ، كاشتقاق اسم الفاعل (قاتل) واسم المفعول (مقتول) والفعل (نقاتل) وغيرها من المصدر (القتل) على رأي البصريين ، أو من الفعل (قتل) علي رأي الكوفيين. وهذا النوع أكثر أنواع الاشتقاق ورودا في العربية وأعظمها أهمية ، وعليه تجري كلمة (اشتقاق) إذا أطلقت دون تقييد.

٤٨

والعشرين للأربعة ، والمائة والعشرين للخمسة ، سمي الاشتقاق الكبير (١).

وههنا نوع ثالث من الاشتقاق كان يسميه شيخنا الحاتمي (٢) رحمه‌الله الاشتقاق الأكبر (٣) : وهو أن يتجاوز إلى ما احتملته أخوات تلك الطائفة من الحروف نوعا أو مخرجا ، وقد عرفت الأنواع والمخارج على ما نبهناك ، وأنه نوع لم أر أحدا من سحرة (٤) هذا الفن ، وقليل ما هم ، حام حوله على وجهه إلا هو ، وما كان ذلك منه

__________________

(١) الاشتقاق الكبير ، هو القلب اللغوي ، وهو أن يشتق من كلمة كلمة أخرى أو أكثر ، وذلك بتقديم بعض الحروف على بعض ، بدون زيادة أو نقصان ، بشرط أن يكون بين الكلمتين تناسب في المعنى نحو (جذب) و (جبذ) ، ويسمى أيضا : الاشتقاق الأكبر ، والاشتقاق الكبار ، والكبير ، والقلب الاشتقاقي ، والقلب المكاني ، والقلب المكاني اللغوي. (السابق ص ٣٣٦).

(٢) لم يستطع الباحثون التوصل إلى ترجمة الحاتمي هذا ، وذهب د / أحمد مطلوب إلي احتمال أن يكون المراد به سديد الدين بن محمد الخياطي الحاتمي ، وكان رأسا في الفقه والكلام ، وذكرت المصادر أنه تفقه عليه السكاكي (انظر البلاغة عند السكاكي د / أحمد مطلوب ص ٥٣).

(٣) الاشتقاق الأكبر : هو أن تأخذ أصلا من الأصول الثلاثية ، فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحدا ، تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه ، وإن تباعد شئ من ذلك عنه رد بلطف الصنعة والتأويل إليه ، كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد ، وقد سبق السكاكي والحازمي في الكلام عليه أبو علي الفارسى رحمه‌الله فيما نقله عنه ابن جني في الخصائص (٢ / ١٣٣ / ١٣٤) قال ابن جني : هذا موضع لم يسمه أحد من أصحابنا غير أن أبا علي رحمه‌الله كان يستعين به لكنه مع هذا لم يسمه وإنما هذا التلقيب لنا نحن اه مختصرا. وانظر (المعجم المفصل في علم الصرف) لراجي الأسمر (ص ٣٣٦ ، ٣٣٧).

(٤) الساحر : العالم انظر تهذيب اللسان : (سحر) ومنه قوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ ...) الزخرف : ٤٩ وانظر تفسير القرطبي (٩ / ٥٩١٧) ط الريان فأراد ـ رحمه‌الله ـ أرباب هذا الفن والعارفين به ، وأولي السبق فيه ، وقد جاء في اللسان أيضا أن السحر : كل ما لطف مأخذه ودق.

٤٩

تغمده الله برضوانه وكساه حلل غفرانه إلا لكونه الأول والآخر في علماء الفنون الأدبية ، إلى علوم أخر ، ولا ينبئك مثل خبير (١).

وسلوك هذا الطريق على وجهين : أصل فيما يطلب منه ، وملحق به.

أما الأصل ، فهو إذا ظفرت بأمثلة ترجع معانيها الجزئية إلى معنى كلي لها ، أن تطلب فيها من الحروف قدرا تشترك هي فيه ، وهو يصلح للوضع الكلي ، على أن لا تمتنع عن تقدير زيادة أو حذف أو تبديل ، أن توقف مطلوبك على ذلك ، وعن تقدير القلب أيضا في الاشتقاق الصغير ، معينا كلا من ذلك بوجه يشهد له سوى وجه الضبط ، فهو بمجرده لا يصلح لذلك ، وتلك الحروف تسمى أصولا. والمثال الذي لا يتضمن إلا إياها مجردا ، وما سوى تلك الحروف زوائد ، والمتضمن لشيء منها مزيدا ، وإذا أريد أن يعبر عن الأصول عبر عن أولها في ابتداء الوضع بالفاء ، وعن ثانيها بالعين ، وعن ثالثها باللام. ثم إذا كان هناك رابع وخامس كرر لهما اللام فقيل : اللام الثاني ، واللام الثالث. وإذا أريد أن يعبر عن الزوائد عبر عنها بأنفسها ، إلا في المكرر والمبدل من تاء الافتعال ، وستعرفه ، هذا عند الجمهور ، وهو المتعارف. وإذا أريد تأدية هيئة الكلمة ، أديت بهذه الحروف ، ويسمى المنتظم منها إذ ذاك : وزن الكلمة ، والكلام في تقرير هذا الأصل يستدعي تحرير (٢) خمسة قوانين :

أحدها : في أن القدر الصالح للوضع الكلي ما ذا؟ والباقية في أن الشاهد لتعيين كل من الأربعة : الزيادة والحذف والبدل والقلب ما ذا؟

قوانين الاشتقاق :

أما القانون الأول : فالذي عليه أصحابنا هو الثلاثة فصاعدا إلى خمسة ، خلافا

__________________

(١) هذا اقتباس من قوله تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) ....(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) الآية فاطر ١٤ ، وانظر في الاقتباس : التبيان في المعاني والبيان بتحقيقي ط المكتبة التجارية بمكة.

(٢) في (غ) تقرير.

٥٠

للكوفيين (١). أما الثلاثة ، فلكون البناء عليها أعدل الأبنية ، لا خفيفا خفيفا ، ولا ثقيلا ثقيلا ، ولانقسامه على المراتب الثلاث ، وهي : المبدأ ، والمنتهى ، والوسط بالسوية ، لكل واحد واحد ، لا تفاوت مع كونه صالحا لتكثير الصور المحتاج إليه في باب التنويع صلاحا فوق الاثنين ، دع الواحد ، ويظهر من هذا أن مطلوبية العدد فيما جنسه نوعه دون مطلوبيته فيما سوى ذلك. وأما التجاوز عنها إلى الأكثر ، فلكونه أصلح منها لتكثير الصور المحتاج إليه. وأما الاقتصار على الخمسة ، فليكون على قدر احتمال نقصانها زيادتها ، وقد ظهر من كلامنا هذا أن الكلمات الداخلة تحت الاشتقاق عند أصحابنا البصريين ، إما أن تكون ثلاثية ، أو رباعية ، أو خماسية في أصل الوضع.

__________________

(١) ذهب الكوفيون إلى أن نهاية أصول الكلمة ثلاثة ، وما زاد على الثلاثة حكموا بزيادته (انظر شرح شافية ابن الحاجب ١ / ص ٤٧).

٥١

وأما القانون الثاني : وهو أن الحرف إذا دار بين أن يكون مزيدا على مثال هو فيه ، وبين أن يكون محذوفا عن مثال ليس فيه ، فالشاهد للزيادة ما ذا؟ فوجوه ، وقبل أن نذكرها لا بد من شيء يجب التنبيه عليه ، وهو أن لا يكون توجه الحكم بالزيادة على الحرف بعد استجماع ما لا بد منه في ذلك نادرا مثله [بمعنى أن](١) الخارج عن مجموع قولك : " اليوم تنساه" إذا لم يكن مكررا على ما افترعه الاستقراء الصحيح. وهذه الحروف يسميها أصحابنا في هذا النوع حروف الزيادة ، بمعنى أن حكم الزيادة يتفق لها كثيرا ، ولذلك جعل شرطا في زيادة الحرف كونه مكررا ، أو من هذه الأحرف ، وأن لا يتغير حكم الحرف في نظيره. كنحو رجيل ، ومسيلم. وإذ قد تنبهت لهذا فنقول :

الوجه الأول : هو أن يفضل عن القدر الصالح للوضع الكلي ، كنحو ألف قبعثري (٢)

الثاني : أن يكون ثبوته في اللفظ بقدر الضرورة ، كهمزة الوصل في : اسم واعرف وأمثالهما ، وستعرف مواقعها.

الثالث : أن يمتنع عليه الحذف كحروف المضارعة لأدائها إذا قدرت محذوفة عن الماضي إلى خلاف قياس ، وهو أن لا يكون في الأفعال الوزن الذي هو في باب الاعتبار الأصل المقدم وهو الثلاثي البتة ، مع محذور آخر وهو التجاوز عن القدر الصالح للوضع الكلي.

الرابع : وهو أمّ الوجوه أن يكون ثبوته في أقل صور (٣) من لا ثبوته ، ولا مقتضى للحذف من مقتضياته التي تقف عليها في قانونه ، كالحروف التي تقع فيما يصغر ويثنى ويجمع من نحو : مسيلم ومسلمان أو مسلمين ومسلمون. أو مسلمين [أو مسلمات](٤) ،

__________________

(١) من (غ).

(٢) القبعثري : العظيم الشديد ، والجمل الضخم.

(٣) وقع في (غ) وفي (د) : صورا والمثبت من (ط).

(٤) من (ط) ، و (د).

٥٢

وفي الأسماء المتصلة بالأفعال كالمصادر ، وأسماء الفاعلين والمفعولين ، والصفات المشبهة من نحو : مرحمة وراحم ومرحوم ورحيم ، وفي أبنية التفضيل ، وأسماء الأزمنة والأمكنة ، وأسماء الآلات ، من نحو : أطلع ومطلع ومصداق. وفي غير ذلك مما يطلع عليه المتأمل (١). وهذه أشياء لها تفاصيل يتضمنها مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

أما ما يقرع سمعك ، أن من جملة الشواهد لزيادة الحرف أن يكون له معنى على حدة ، ممثلا بالتنوين ، وتاء التأنيث ، وسين الكسكسة (٢) ، وهاء الوقف ، ولام خ خ ذلك وخ خ هنالك وخ خ أولالك ، وأشباه لها. فلو لا أنه يلزم من سوق هذا الحديث إدخال الشين المعجمة الكشكشية (٣) ، وكاف نحو : ذلك وهنالك وكزيد ، وباء نحو : خ خ بزيد في جملة حروف الزيادة ، وأنه يلزم إدخال الأسماء الجارية مجرى الحروف في الاشتقاق ، لكان خليقا بالقبول.

وأما القانون الثالث : وهو أن الحرف إذا اتفق له أن يدور بين الحذف والزيادة ، فالشاهد لكونه محذوفا ما ذا؟ (٤) فنقول : هو أن يلزم من الإخلال (٥) بالحذف ترك أصل تراعيه ، مثل : أن يلزم كون المثال على أقل من ثلاثة أحرف ، إما بدون تأمل كنحو : غد

__________________

(١) في (د) : التأمل.

(٢) الكسكسة في (بكر ومضر ، وربيعة ، وهوازن ....) ، وهي إلحاقهم بكاف المؤنث سينا فتقول في (أبوك) (أبوكس) وقد تبدل تلك الكاف سينا فتقول (أبوس) وقد تبدل تلك الكاف تاء ثم تزاد السين كما في (أمتس) بدلا من (أمك) انظر المعجم المفصل في علوم اللغة ١ / ٤٨٣. (انظر المفصل : ١٥٦).

(٣) الكشكشة : خاصة لهجية لبعض القبائل العربية (مضر ، ربيعة ، بكر ...) وتتمثل في إبدال كاف المخاطبة شينا علي طريقة الكسكسة ، نحو : أمّش أي : أمّك ، وفي زيادة شين بعد كاف المخاطبة ، تحو أمّكش أي : أمّك ، وإبدال كاف المخاطبة تاء ، ثم زيادة الشين نحو : أمّتش أي : أمّك. (انظر المعجم المفصل في علوم اللغة) ، للدكتور / محمد التونجي ، والأستاذ / راجي الأسمر (١ / ٤٨٣).

(٤) من (د) ، (غ).

(٥) بالخاء المعجمة ، وفي (ط) (الإحلال) بالمهملة.

٥٣

ومن بل بتخفيف الهمزة : وقل وقه ولم يك ، أو بأدنى تأمل كنحو : رمتا ، ورموا ، وقمن ، وقمت ، وقمتما ، وقمتم ، وقمت ، وقمتن ، وقمت ، وقمنا ، ونحو رمت ، وعدة ، وحريّ (١) ، فإن ضمائر الفاعلين ، وتاءي التأنيث ، وياء النسب كلمات على حدة. أو باستعمال قانون الزيادة في نحو : يعد ، ويسل ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ)(٢) ، ولم يخش ، ويقلن ، وتدعين واغز ، وأقم ، وغاز ، وغازون ، وأعلون ، وإقامة ، واستقامة ، وجوار ، وجوير (٣) ، وعلى ذا فقس. أو مثل أن يلزم أن لا يكون في الأسماء التي هي لمدار التنويع القطب الأعظم خماسي أصلا ، نظرا إلى التحقير والتكسير ، مع كونهما مستكرهين في نحو : فريزد ، وفرزاد (٤) ، وسفيرج (٥) وسفارج ، وجميع ما شاكل ذلك. واعلم أن الحذف ليس يخص حرفا دون حروف ، إلا أنه في خ خ حرف (٦) اللين إذا تأملت مفرط.

وأما القانون الرابع : وهو أن الشاهد لكون الحرف بدلا عن غيره في محل التردد ماذا؟ فالقول فيه : هو أن تجده أقل وجودا منه في أمثلة اشتقاقه ، كهمزة أجوه (٧) ، وتاء تراث ، ونظائرهما ، لا مساويا له مساواة مثل الدال في : نهد ينهد نهودا ، للضاد في : نهض ينهض نهوضا. بعد أن يكون في مظان الاستشهاد للكثرة بمعزل عن تلك الأمثلة.

أما استعمال هذا القانون في نظيره ، لكن من جنس قليلها في غير موضع ، يلحقه بذلك الكثير وجوبا ، فيبرزه في معرض التهمة عزل أصحابنا أمثلة : الآتي ، وأتى وأتيت

__________________

(١) في (ط) جرى بالجيم.

(٢) الفجر : ٤.

(٣) في (غ) (جوير وجوار).

(٤) فريزد : تصغير فرزدق ، والفرزدق : واحده فرزدقة : وهو الرغيف يسقط في التنور.

(٥) السفيرج : تصغير سفرجل ، وهو ثمر يؤكل نيئا أو مطبوخا بالسكر فيصنع (مربيّ).

(٦) في (د) ، وفي (ط) : حروف.

(٧) أي (وجوه).

٥٤

عند إثبات مساواة ، مثل الواو في نحو : أتوته آتوه آتوا للياء في أتيته آتيه أتيا ، مراعيا في هذا القانون عين ما راعيته في قانون الزيادة ، وهو أن لا يكون توجه حكم البدل على ذلك الحرف عزيزا مثله في الخارج عن مجموع قولك : " أنجدته يوم صال زط" على ما شهد له اعتبار أصحابنا ، وأن لا تغير الحكم في النظير. هذا إذا لم تتخط موضوع الباب وهو معرفة البدل في الحروف الأصول. أما إذا تخطيته إلى معرفته في الزوائد ، فالشاهد هناك لكون الحرف بدلا عن غيره بعد كونه من حروف البدل. أما ما ذكروا (١) فرعية متضمنة على متضمن (من) (٢) ذلك الغير ، فنحو الواو في : ضويرب وضوارب بدلا (٣) عن الألف في ضارب ، أو لزوم إثبات بناء مجهول لكونه غير بدل لزومه من نحو : هراق واصطبر وادارك إذا لم تجعل الهاء بدلا عن الهمزة ، ولا الطاء أو الدال عن التاء وأخوات لها.

وقد ظهر من فحوى كلامنا هذا أن العامل هذا القانون مفتقر إلى الاستكثار من استعماله في مواضع شتى مختلفة المواد ، متأملا حق التأمل لنتائجه هنالك ، مضطر إلى التفطن لتفاوتها وجوبا وجوازا ، مستمرا وغير مستمر ، ضابطا كل ذلك واحدا فواحدا ، ليجذب بضبعه (٤) في مداحض الاعتبارات إذا دفع إليها ، لا سيما اعتبارات كيفية وقوع البدل في النوعين ، فليست غير الأخذ بالأقيس فالأقيس.

وأنا أورد عليك حاصل تأمل أصحابنا في هذا القانون ، إلا ما استصوب ظاهر الصناعة إلغاءه ، من نحو إبدال الميم من لام التعريف ، أو الهاء من تاء التأنيث في الوقف ، أو الألف من نون إذن ، والتنوين ونون التأكيد المفتوح ما قبلها فيه ، وغير ذلك مما هو

__________________

(١) كذا في (ط) ، وفي (غ) ، ذكر ، أو.

(٢) زيادة من ط وغ ، وليست في د.

(٣) في (د) وفي (غ) : بدل.

(٤) يقال جذب بضبعه إذا أعانه وقوّاه ، والضبع : وسط العضد.

٥٥

منخرط في هذا السلك ، إيرادا مرتبا في ثلاثة فصول :

أحدها : فيما يجب من ذلك.

وثانيها : فيما يجوز مستمرا.

وثالثها : فيما لا يستمر ، لأكفيك مؤنة تحصيلها من عند نفسك.

٥٦

الفصل الأول

[في](١) النتائج الواجبة

وأعني بالواجب ما لا يوجد نقيضه ، أو يقل جدا.

الواو في غير صيغة أفعل خارج الإعلام ؛ إذا سكنت قبلها ياء غير بدل عن آخر ، ولا للتصغير أوله إلا أن الواو طرف تبدل ياء : كسيد وأيام ودلية (٢) وضيون (٣) ، عندي كأسامة وهي غير بدل عن آخر ، إذا سكنت قبل ياء في كلمة أو فيما هو في حكم كلمة تدغم في ياء كطي ومرمي ومسلمي في إضافة خ خ مسلمون إلى ياء المتكلم ، وربما أبدلت الياء واوا في الندرة : كنهو ومرضو ، وهي لاما في خ خ الفعلى مؤنث خ خ الأفعل ، تبدل ياء كالدنيا إلا في القليل النزر كالقصوى ، وطرفا من اسم في موضع يضم ما قبل آخره تبدل ياء مكسورا ما قبله : خ خ كالأدلي (٤) وخ خ القلنسي (٥) والتداني ؛ إلا كلمة هو. ولاما في خ خ فعول جمع تبدل ياء مع المدة مشددة مكسورا ما قبلها : كعصي ، إلا فيما لا اعتداد به : كالنحو والنجو (٦) ، وصدرا للكلمة إذا كانت معها أخرى ، فتحرك ، تبدل همزة ، كأويصل وأواصل. وهي أيضا طرفا مفتوحا ما قبلها تبدل ألفا ، وكذا الياء ، كالعصا والرحا ، ومكسورا ما قبلها تبدل ياء : كالداعي ودعي ، وغير طرف عينا بين كسرة قبلها وألف زائدة بعدها في مصدر فعل عينه ألف ، أو في جمع مفرد ساكن

__________________

(١) من (د) وفي (غ).

(٢) دلية : تصغير دلو.

(٣) الضّيون : السنور الذكر. اللسان : (ض ون).

(٤) الأدلى : جمع دلو.

(٥) القلنسى : جمع قلنسوة ، وهى لباس للرأس.

(٦) النجو : السر بين اثنين. الجمع نجاء. كما يطلق علي الغائط.

٥٧

العين ، صورة صحيح اللام تبدل ياء أيضا : كإياس وحياض وديار ، وهي أو الياء أيتهما كانت ، تبدل همزة ، إذا وقعت طرفا بعد ألف زائدة ، كالدعاء والبناء ، وهي بعد الكسر ، والياء بعد الضم ، ساكنتين غير مشددتين تبدلان ياء وواوا : كميعاد وموقن وقيل : واو قط.

الياء لاما في فعلى ، اسما مفتوحة الفاء ساكنة العين تبدل واوا : خ خ كالشروى (١) ، وطرفا في فعل مضموما ما قبلها كذلك [مثل قولك](٢) : رموت اليد ، وهي مدة ثانية إذا كانت زائدة تبدل أيضا واوا في التحقير ، والجمع الذي ليس على زنته واحد ، كضويرب وضواريب في ضيراب ، إن سمي به ، وكذلك الألف ثانية إذا كانت زائدة كضويرب وضوارب ، فإن لم تكن ، ردها خ خ التحقير (٣) إلى الأصل : كبويب ونييبة.

والألف تتبع ما قبلها ، ضما كان أو كسرا ، [إذ](٤) لم تطلب لها حركة : كضورب وضيراب ومفيتيح ومفاتيح ، وهي بعد ياء التحقير تبدل ياء ككثيب ، وإذا كانت عينا في فعل أبدلت همزة إذا وقعت في وزن فاعل ، كقائل وبائع ، وهي زائدة واقعة بعد ألف جمع تتوسط بين أربعة ، وكذا الواو الزائدة المدة أو الياء بهذا الوصف بعدها ، وكذا آخر المعتلين بالإطلاق أو الواوين ، خصوصا ، على خلاف فيه ، مما يكتنفانها كل منهما يبدل همزة ، وفي غير ذلك تبدل ياء مع إبدال الآخر ألفا : كرسائل وعجائز وصحائف وبيائع وسيائق وأوائل ، وكذا قوائل عندي وخطايا وشوايا. وهي أينما وقعت عينا أو لاما تكون بدلا : كباب وناب والعصا والرحا ، وقال وباع ودعا ورمى.

__________________

(١) الشروى : المثل ، ويكون بلفظ واحد في الجميع ، فيقال : هو وهى وهما وهن شرواك أى مثلك.

ويقال : إنه لا يملك شروى نقير. وهو مثل يضرب في القلة.

(٢) في (غ): (مثل :).

(٣) التحقير : التصغير ، وفي الكتاب لسيبويه باب عنه (٣ / ٤١٥) قال : واعلم أن تحقير ذلك كتحقير ... (٣ / ٤١٩).

(٤) في (ط) : إذا وفي باقي النسخ : إذ.

٥٨

وفي الطرف فوق الثلاثة ، زائدة كانت أو غير زائدة ، تقلب في مظان القلب ياء : كحبليان وملهيان ومرميان وكيدعيان أيضا وكيرضين فليتأمل.

وإما ثالثة فترد فيها إلى الأصل : كعصوان ورحيان ، وأعني بمظان القلب : التثنية ، وجمعي السلامة ، واتصال الضمائر المرفوعة البارزة ونوني التأكيد.

الهمزة طرفا بعد إخرى مكسورة تبدل ياء كالجائي ، وغير طرف ساكنة بعد متحركة تبدل مدة مناسبة لحركة المتحركة : كآدم وقولك : يسر أو سر. وحكم الطرف في جميع ما قرع سمعك لا يتغير بتاء التأنيث إلا إذا لزمت ، وذلك قليل كما في نحو : نهاية وعلاوة وخ خ خنذوة (١) وخ خ قمحدوة (٢).

وقد نظم حرف التثنية في سلك هذه التاآت من قال : ثنايان ومذروان.

النون ساكنة قبل الباء تقلب ميما : كعنبر ، تاء الافتعال تبدل طاء إذا كانت الفاء مطبقا : كاصطبر واطبخ واضطجع وخ خ اصطلم (٣) ، وإذا كانت بدل المطبق زايا أو دالا أو ذالا أبدلت دالا ، كازدجر وادان واذدكر ، وإذا كانت تاء قلبت كل واحدة منهما إلى صاحبتها : كاتار (٤) بالتاء ، والثاء التثنية والجمع بالألف ، والتاء والنسبة يقلبن همزة ألف التأنيث الممدودة واوا : كصحراوان وصحراوات وصحراوي ، والنسبة تقلب كل ألف في الطرف ، أو ياء مكسور ما قبلها فيه ، إذا لم تحذفا واوا ألبتة : كرحوي ومرموي وحبلوي وعصوي وملهوي وعموي وقاضوي ، وكذا نونا التأكيد تقلبان الألف في الطرف ياء.

__________________

(١) الخنذوة بالخاء ، والذال المعجمتين بينهما نون ، الشعبة من الجبل. ووقع في (ط) في (د) بالحاء والدال المهملتين.

(٢) القمحدوة : العظم الناتئ فوق القفا ، وهي بين الذؤابة والقفا.

(٣) اصطلم الشئ : استأصله.

(٤) في بعض النسخ (كاثار) بالثاء المثلثة.

٥٩

الفصل الثاني

النتائج الجائزة

في النتائج الجائزة على استمرار : الواو غير طرف بعد ياء التحقير تبدل ياء : كجديل وأسيد ، وكذا طرفا في نحو مدعي ، وهي غير مشددة إذا انضمت ضما لازما تبدل همزة : كأجوه (١) [وأقتت](٢) ، وعند المازني (٣) رحمه‌الله أنها مكسورة أولا في إبدالها همزة. كتلك مثل : خ خ أشاح وخ خ إعاء أخيه.

الواو والياء غير البدل عن الهمزة فاء في باب الافتعال ثابتة تاؤه تبدل تاء : كاتعد واتّسر ويتعد ويتسر ومتّعد ومتسر ، وأنه كالواجب عند الحجازيين.

الياء بعد ألف غير زائدة قبل ياء النسبة تبدل همزة كثائي في النسبة إلى خ خ ثاية (٤) ، ونحو الياء في رضي وبادية تبدل ألفا في لغة طيء فيقال : رضا وباداة.

الألف [آخرا](٥) لغير التثنية قبل ياء الإضافة تبدل ياء في لغة هذيل قريبا من الواجب كعصي ورحي.

__________________

(١) أجوه : جمع وجه.

(٢) أقتت : في (ط) : وقتت.

(٣) المازني ، هو أبو عثمان بكر بن محمد بن بقية المازنى ، نحوى ، بصرى ، مؤلف رسالة التصريف ، ت ٢٤٧ ه‍ (أخبار النحويين البصريين ٥٧ ـ ٦٥). ورأى المازني في المفصل (١٧٢ ، ١٧٣) قال : (ومن الواو غير المضمومة في نحو إشاح ، وإفادة ، وإسادة ، و (إعاء أخيه) يوسف ٧٦ في قراءة سعيد بن جبير ، وإناه واحد ، في الحديث ، والمازنى يرى الإبدال من المكسورة قياسا.

(٤) الثاية : مأوى الإبل.

(٥) في (د) آخر.

٦٠