مفتاح العلوم

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]

مفتاح العلوم

المؤلف:

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦

طرف في النقصان إلا هذه الحركات بشهادة الوجدان ، وكم بين الشيء كلا وبعضا في باب القرب ، مع امتناعه حيث كان يمتنع النقصان ، ومختار الآخر لهذا التبديل لكونه أقبل للتغيير ، لاحتماله الأحوال الأربع من غير كلفة دون الصدر ، ولا مدخل للوسط في الاعتبار ؛ إذ هو شيء لا يوجد كثيرا ، كما في نحو : غد ويد ، ولا يتعين كما في نحو : مكرم ، ومستخرج ؛ ولكون التناسب بين الدليل على هذا الوجه ، وبين مدلوله ، وهو قيد مسمى الكلمة المتأخر في الاعتبار مرعيا في كونهما متأخرين.

المقدمة الثانية

وأما الثانية ، فهي أن الغرض الأصلي من وضع الكلم هو التركيب لامتناع وضعها إلا لفائدة ، وامتناع الفائدة فيها غير مركبة ، لامتناع استعمالها من أجل إفادتها المسميات [لاستلزامها](١) الدور ؛ لتوقف إفادتها لها على العلم بكونها مختصة بها ، غير مستوية النسبة إليها وإلى غيرها ، لاستحالة ترجح أحد المتساويين على الآخر. وتوقف العلم باختصاصها بها على العلم بها أنفسها ابتداء ، مع امتناع عد ما سبق إلى الفهم عند التلفظ بها مجرد القصد إلى مسمياتها فائدة بشهادة الوجدان.

والأصل في التركيب هو نوع الخبر ؛ لكثرته وقلة ما سواه بالنسبة إليه بشهادة الاستقراء ، وتنزيل الأكثر منزلة الكل بحكم العرف ، لعدم انفكاك حقيقته عن الخبر ، يجعل أصلا في باب الخبر ، فيظهر من هذا تمام انصباب الغرض من الوضع إلى اعتبار الفعل.

وإذا تقرر [هاتان](٢) المقدمتان على هذا الوجه بنينا على الأولى منهما الكلام في علة وقوع الإعراب في الكلم ، وعلة كونه في الآخر ، وعلة كونه بالحركات ، وعلة عدم استكنانه لخروجه إذ ذاك عن الدلالة ، وعلة كونه في الأسماء دون الأفعال ، لظهور كون الأسماء مقتضية لذلك من جهة المناسبة لحصول كونها ، ومتقيدة بما يحتاج عنده في

__________________

(١) في (ط ، د) : لاستلزام.

(٢) من (غ) وفي (ط) : هذا ، أن ، وفي (د) : هذان.

٢٢١

الدلالة عليه ، وهو معنى الفاعلية والمفعولية ، وكونها مضافا إليها ، وعلة كون الصرف في الأسماء أصلا ؛ لتقيدها بما يقتضي الجر ، كفاه تقيدها بما يقتضي أخويه ، واستدعاء دخول الجر فيها عدم منع التنوين منها ، كما ستقف عليه ، وعلة كون البناء لغير الأسماء ، وكونه على السكون أصلا ؛ لانتفاء موجب التحريك جريا [على](١) الظاهر ، وعلة كون الفعل في باب العمل [العمل أصلا](٢) ، لظهور كونه داعيا ، أو كون الداعي معه إلى الإعراب لتقيد الاسم معه في نحو : عرف زيد عمرا ، بالفاعلية والمفعولية. والاسم ، وإن كان يتقيد معه في نحو : غلام زيد ، بالكون مضافا إليه ، لا يلزم مع الفعل في قرن ؛ لقلة التقيد معه بالنسبة إلى الفعل.

وعلى الثانية : الكلام في : تقدم الفاعل [والمفعول](٣) والمضاف إليه في الاعتبار ، وتوزيع الرفع والنصب والجر عليها على ما وزعت ، لما أن الفعل المتقدم في الاعتبار حيث لم يقم [وحده](٤) في باب الخبر بالفائدة ، واستتبع فاعله ومفعوله ، إذ هما أقرب شيئين إليه ، تقدم الفاعل والمفعول والمضاف إليه في الاعتبار ، وحيث كان الفاعل في الاعتبار أقوى لامتناع الفائدة بدونه ، والمفعول أضعف لكونه [بخلافه](٥) ، والمضاف إليه بين بين ، لشموله إياهما ، وشهد [الحس](٦) للضم بكونه أقوى الحركات ، وللفتح بكونه أضعفها ، وللكسر بكونه بين بين ، جعل الرفع للفاعل والنصب للمفعول ، والجر للمضاف إليه اعتبارا للتناسب.

__________________

(١) في (غ) : عن.

(٢) في (غ) (في باب أصلا) وفي (ط ، د) في باب العمل أصل.

(٣) في (غ) : والمفصول.

(٤) في (غ) : حده.

(٥) في (غ) : بخلاف.

(٦) في (غ) : الحسم.

٢٢٢

وأما الفصول ، فأحدها : في علة بناء ما بني من الأسماء ، وما يتصل بالبناء من اختلافه سكونا وحركة ، فتحة وضمة وكسرة.

وثانيها : في علة امتناع ما يمتنع من الصرف وما يتصل بذلك.

وثالثها : في علة إعراب الأسماء الستة بالحروف مضافة.

ورابعها : في علة إعراب المثنى والمجموع على ما هو عليه.

وخامسها : في علة إعراب كلا وكلتا مضافين إلى الضمير على ما هو عليه.

وسادسها : في علة إعراب نحو : مسلمات على ما هو عليه.

وسابعها : في علة إعراب ما أعرب من الأفعال ووقوع الجزم في إعرابه موقع الجر في الأسماء وكيفية تفاوته ظهورا واستكنانا وزيادة ونقصانا.

وثامنها : في علة عمل الحروف العاملة وكيفية اختلافها في ذلك.

وتاسعها : في علة عمل الأسماء غير الجر وكيفية اختلافها في ذلك.

وعاشرها : في علة عمل المعنى الرفع للمبتدأ والخبر والفعل المضارع ، وبه نختم الكلام في هذا القسم بإذن الله تعالى.

وقبل أن نشرع في هذه الفصول يجب أن يكون مقررا عندك أن كلام الفرقتين في هذه المناسبات وارد على مساق قياس الشبه في الغالب.

الفصل الأول

في علة بناء ما بني من الأسماء

وما يتصل بالبناء من اختلافه سكونا وحركة ، فتحة وضمة وكسرة.

اعلم أن البناء في الأسماء : تارة يكون لفوات موجب الإعراب الذي قررنا ، وأخرى لوجود مانع ، وثالثة لكلا الاعتبارين.

فمن القسم الأول : أسماء الأفعال : ويندرج فيها فعال بمعنى الأمر. والمنفصلة من الضمائر ، والمتصلة المرفوعة ، وأما ما سوى المرفوعة بعد التزام أن يكون المجرور

٢٢٣

والمنصوب على صورة واحدة لتآخيهما في كونهما فضلتين في الكلام مع جهات أخر [اتحادية](١).

فمن القسم الثاني : وكذا صدور المركبات ، ولك أن تدخلها في القسم الأول لعدم تقيدها بعد التركيب بما أوجب الإعراب فيها ، ويندرج فيها المضاف إلى ياء المتكلم ؛ لقوة الاتصال بينهما من الجانبين ، وكذا نوعا (يضربن) بنون جماعة النساء ، (وليضربن) بالنون الثقيلة أو الخفيفة.

ومن الثاني : الأصوات لوضعها على سبيل الحكاية المراد بها تأدية الهيئة من غير تصرف فيها ، والمتضمنة لمعاني الحروف غير العاملة فيها ، لتوخي التنبيه ببنائها على المتضمن الذي لا عمل له فينبه بذلك عليه ، وقد اندرج فيها : (أمس) ، لتضمنه معنى لام التعريف ، وبيان ذلك بشيئين : أحدهما أنه معرفة ، ويدل على ذلك تعريفهم وصفه في قولهم : أمس الدابر ، وأمس الأحدث.

وثانيهما : بأن تعرفه باللام ، ويدل عليه تقسيم المعارف إلى خمسة أنواع للإجماع وهي : المضمرات والمبهمات ، والمضافات ، والأعلام ، والداخلة فيها اللام وسبرها بأن ليس من المضمرات والمبهمات والمضافات ، كما لا يخفى ، ولا من الأعلام أيضا ، لدخول معنى الجنس فيه ، وهو كل يوم سبق يومك بليلة ، وامتناع ذلك في الأعلام ، (وفعال) أيضا بمعنى المصدر المعرفة والمنفي [نفي الجنس لتضمنه معنى](٢) (ما) الإبهامية عندي ، والغايات أيضا إذا تمت فإنها متضمنة معنى الإضافة [وإنها](٣) من معاني الحروف.

ولا يقال : يشكل بنفس لفظ الإضافة ، فإن المراد بمعنى الإضافة ههنا لازم معناها

__________________

(١) من (غ) ، وفي (ط ، د): (تجارية).

(٢) سقطت في (غ).

(٣) ليست في (غ).

٢٢٤

كلاميتها أو ميمتها ، ولا تنس قولي : غير العاملة فيها و (ههنا) و (هنا) ، و (ثم) لتضمنها لمعنى الإشارة ، وأسماء الإشارة لشبهها بالحروف ، في أنها لا تقوم بأنفسها في الدلالة على المعاني في الظاهر.

وأما ما يذكر [ابن جنى](١) من أنها [تلزم](٢) المسميات ، والأصل في الأسماء لزومها إياها ، فحيث خالفتها في الأصل خالفتها في الحكم.

فلو كانت عند تلخيص مسمياتها [غير لازمة](٣) لها ، كما يقال ، لكان شيئا ، ويندرج فيها الآن في قول أبي العباس المبرد ، [رحمه‌الله تعالى](٤) ، لوضعها من أول أحوالها مع لام التعريف ، بخلاف ما عليه الأسماء والموصولات ؛ لشبهها بالحروف أيضا ، بافتقارها في تفهم المعنى المراد منها إلى الصلات.

ولك أن تدخلها في حكم صدور المركبات لذلك ، والمنادى المضموم لنزوله [منزلة](٥) الضمير ؛ لاتحادهما خطابا وتعريفا وإفرادا.

(وفعال) في الباقي مما ذكر من أنواعه لمعنى الاتحاد ، و (لما) ، و (مذ) ، و (منذ) ، و (على) ، و (عن) ، و (الكاف) ، أسماء ؛ لاتحادها بصور غلبت عليها الحرفية ، و (من) ، و (ما) الموصوفتان ، و (ما) غير الموصولة والموصوفة ، و (كم) الخبرية لاتحادها بصور غلب

__________________

(١) من (غ).

(٢) من (غ) وفي (ط ، د) ، (لا تلزمه).

(٤) من (د)

(٣) من (ط ، د) ، وفي (غ) رحمة الله عليه.

(٤) من (د)

٢٢٥

عليها البناء ، ويقرب من الاندراج في باب الاتحاد المضاف إلى المبني ، إذا لزمت إضافته إليه ، (كإذ) ، و (إذا) ، و (حيث) في إضافتها إلى الجمل ضربة لازب ، وأما نحو قوله (١) :

أما ترى حيث سهيل طالعا

وقوله (٢) :

حيث ليّ العمائم

فشاذ لا يقاس عليه ، أو نزلت منزلة اللازم ؛ لكثرتها كأسماء الزمان في إضافتها إلى الجمل ، أو إلى (إذ) المبني المحرك بالكسر لملاقاته الساكن ، وهو التنوين الذي هو عوض عن المضاف إليه ، وحم حول البقية على نحو ما ترى ، وليكن من قانونك في شيء يبقى على الأصل خارجا مما مهدته ، إذا قل ، أنه بقي تنبيها على الأصل.

__________________

(١) الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٣ ، والدرر ٣ / ١٢٤ وشرح شذور الذهب ص ١٦٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٩٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٠ وشرح ابن عقيل ص ٣٨٥ ومغنى اللبيب ١ / ١٣٣ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢ وتاج العروس ٥ / ٢٣٠ (حيث) وتهذيب اللغة ٥ / ٢١١ وعجزه :

نجما يضىء كالشهاب لامعا

وانظر المعجم المفصل (١١ / ٣٩).

(٢) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق قوله :

ونطعنهم تحت الحبى بعد ضربهم

ببيض المواضى حيث ليّ العمائم

شرح شواهد المغنى ١ / ٣٨٩ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٧ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٢٥ وخزانة الأدب ٦ / ٥٥٣ ، ٥٥٧ ، ٥٥٨ ، ٧ / ٤ والدرر ٣ / ١٢٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٤ وشرح التصريح ٢ / ٣٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢ ، والمعجم المفصل (٧ / ٢٧٢).

٢٢٦

وأما اختلاف البناء سكونا وحركة ؛ فلأن السكون هو الأصل ، وقد عرف ، ثم يمنع عنه مانع فيترك إلى الحركة ؛ والمانع إما لزوم الجمع بين ساكنين ، كنحو : حيث وأمس وأين ، ونحو : اضربن واضربن ، لو أجريت على السكون أو الابتداء بالساكن ، إما لفظا أو حكما : كزيدك ، وغلامك ، لو أسكن الكافان ، أو عروض البناء لما هو أصل في الإعراب كنحو : يا عمر ، وقولي : لما هو أصل في الإعراب احتراز عن نحو : يضربن في جماعة النساء ، أو مشابهة المعرب ، كالأفعال الماضية ، فإنها عند أصحابنا حركة لمشابهتها المضارع في الدخول في الشرط والجزاء ، ودخول (قد) عليها ، والوقوع صفة للمنكر بعد اتحادهما في الفعلية والمصير إلى أصل واحد.

وأما اختلاف الحركة فتحة وضمة وكسرة ، فالاعتبارات مختلفة ههنا ، والكلية منها دون الجزئية ، هي أن الفتحة خفيفة قريبة بخفتها من السكون ، فيقع في الاختيار للمواضع الكثيرة الدوران المرددة ثقلا بغيرها ، وأن الضمة قوية فتقع في الاختيار للمواضع المعتنى بشأنها ، أو الممتنعة عن أختيها : كالمنادى.

وأن الكسرة أصل تحريك الساكن ، فتقع في الاختيار لمواضع تعرى عما ذكر ، وإن كانت أصل تحريك الساكن ؛ لكونها أكثر فائدة من أختيها في أصل الاعتبار ، وذلك أن اجتماع الساكنين حيث كان محوجا إلى التحريك ، وقد شهد لوقوعه الاستقراء بالكثرة ، وأن للأفعال منها المعلى ، وناهيك نوعا الأوامر من الأفعال المشددة الأواخر ، وما ينجزم منها بأنواع الجوازم ، وطالما تلي عليك للأكثر حكم الكل تقدمت في الاعتبار ، وإفادة الكسرة ، والحال هذه ، بعد إتقانك أن لا مدخل للجر في الأفعال ، الخلاص من اجتماع الساكنين وكونها طارئة ، كما قرعت سمعك.

الفصل الثاني

في علة امتناع ما يمتنع من الصرف وما يتصل بذلك

ونحن نسوق الكلام فيه على أن المقصود من منع الصرف إنما هو منع التنوين ، لا لمعارضة حرف التعريف والإضافة ، وأن منع الجر إنما هو لمنع التنوين على الوجه

٢٢٧

المذكور لارتضاعهما ضرعا واحدا ، وهو الاختصاص بالاسم ، والتناوب في نحو : راقود (١) خلا ، بالتنوين لا مع جر الخل ، وراقود خلّ ، لا بالتنوين مع جر الخل ، وأن تحريكه حال منع الجر للهرب عما هو أصل البناء ، وبالفتح لخفته المطلوبة على الخصوص هنا ، لا لاعتبار التآخي بينه وبين الجر.

وإذ قد وقفت على هذا فنقول : العلة في منع الاسم عن الصرف ، هو تحقيق الشبه بينه وبين الفعل على وجه يستلزم الخفة ، وذاك أن كل فعل مما لا يتمحل في فعليته من نحو : ضرب ، ومنع لتضمن مفهومه ، لا محالة ، شيئين : الزمان ، والمصدر ، متقيدا أحدهما بالآخر ، كما لا يخفى ، فهو متصف بكونه ثانيا للغير ، وهو الاسم باعتبارين ، وكل واحد من أسباب منع الصرف ثان لغير.

فالتأنيث ثان للتذكير ، يدلك على ذلك أنك متى ظفرت بمؤنث في كلامهم ، وجدته في الأمر العام مع زيادة ؛ واستقراؤك الأسماء لا سيما قبيل الصفات منها ينبئك عليه بخلافه في المذكر هذا في اللغة الشائعة ، فأما على لغة من يقول : إنسانة ورجلة وغلامة وحمارة وأسدة ، فيفضل الاستقراء.

ومعلوم عندك أن الزيادة إذا وجدت في شيء يطرأ عليه أمران ، دلالة على أحدهما ، كان وجودها عند المتصف بتأخر ، أدخل في القياس منه عند غير المتصف بذلك ، من حيث إن الزيادة معلوم علما قطعيا اتصافها بالتأخر عن المزيد عليه.

فمتى كانت مجلوبة لما له حظ في الاتصاف بالتأخر كان أقيس ، فوجودك الزيادة مع التأنيث دون التذكير في لغتهم المبنية على رعاية هذه المناسبات ، كما لا يخفى ، شاهد على تأخره عنه ، وهذا معنى قول أصحابنا ، رحمهم‌الله تعالى : لا يجوز أن ينقل الاسم بالزيادة من التأنيث إلى التذكير.

وفي كلامنا هذا ما يدلك على حكمهم أن سكران وسكرى صيغتان ليست إحداهما من الأخرى ، ونحو : ثلاثة رجال وثلاث نسوة عن النقص ، إذا تأملت ، بمعزل ؛

__________________

(١) الراقود : إناء خزف مستطيل مقيّر.

٢٢٨

وذلك أن رجالا قدمت في الاعتبار على النسوة ، نظرا إلى الإفراد ، وقد كان أنثها التكسير فأنث العدد ، ثم لما انتهى الأمر إلى اعتبار النسوة ، واستهجن إلغاء الفرق ، ومنع عن زيادة التاء الأخرى امتناع اجتماع علامتي التأنيث ، لزم حذف التاء.

وأمر آخر : وهو لفظ الشيء يقع على كل مذكر ومؤنث ، ثم إنه لا يستعمل إلا مذكرا ، فلو لا أن التذكير أصل ؛ لوقع التغليب للفرع ، ولخرج عن القياس.

والعجمة ثانية للغتهم العربية لطروئها عليها ، والطارئ على الشيء بعد المطروء عليه في بابه.

والعدل ثان للمعدول عنه ، وأمره ظاهر ، والجمع ثان للجنس من حيث إن الجمعية قيد للجنس ، ووجود الشيء من حيث هو مطلقا ، قبل وجوده من حيث هو مقيدا في باب الاعتبار.

والفعل الذي هو ثان للاسم لا بد من أن يكون وزنه المختص به ثانيا لوزن الاسم.

وأما الألف والنون الزائدتان ، وألف الإلحاق ، فالأمر فيهما أبين ، والوصف والتركيب والعلمية أمرها على نحو أمر الجمع.

فمتى اجتمع في الاسم منها ما لا [يقصر](١) به عن أن يصير ثانيا باعتبارين ، وذلك بحصول اثنين منها ، أو الجمع ، أو ألف التأنيث ، وستعرف السر ، أشبه الفعل ، فيمنع منه التنوين لما ذكرنا ، ولهذا ينتظر في منعه الخفيف من الأسماء خاصة ، كالثلاثي الساكن الحشو تقوى الشبه بازدياده مما يكسوه ذلك في اللغة الفصحى.

وإذا علمت أن العلة في منع الصرف هي ما ذكرنا ، تنبهت للمعنى في جواز صرفه للشاعر المضطر ، وتنبهت أيضا للمعنى الذي لأجله شرطت منها اللائي عددنا بما شرطت ، وهو اكتسابها به قوة حال ، أو زيادة ظهور ، أو تحققا ، ألا يرى أن المؤنث بالتاء ، إذا لم يكن علما ، كان للتاء من احتمال الانفصال ما لا يكون لها بعد العلمية ،

__________________

(١) في (ط): (يقتصر).

٢٢٩

وكم بين الشيء ، لازما وغير لازم.

ومن هذا تتبين أن ألف التأنيث أقوى حالا من التاء ؛ لأنها لا تنفصل عن الكلمة بحال ، وهو السبب عند أصحابنا ، رحمهم‌الله ، في أن أقيمت مقام اثنين ، وأما نحو آخر عناق وعقرب ، فإنما سلك به مسلك التاء ؛ تفاديا مما في غير ذلك من ارتكاب خلاف قياس ، وهو جعل الفرع أقوى من الأصل ؛ لأنه فرع على التاء ، وإذا كانوا لا يسوغون التسوية بينه وبين التاء في نحو : بصرى وعناق ، كانوا أن لا يسوغوا تفضيله عليها في الجملة أجدر.

وأما المؤنث بالمعنى نحو : سعاد ؛ فلأنه إذا تعرى عن العلمية جرى مجرى مسماه ، وقد عرفت الحال ثمّ ، وأن الاسم الأعجمي إذا اقترنت به العلمية منقولا ومنقولا عنه ، كانت عجمته أدخل في التحصن منها إذا لم تكن كذلك ، فتكون أقوى وأظهر : ألا تراهم كيف يتصرفون في نحو : ابريسم وديباج وفرند (١) وسخت (٢) ، تصرفهم في كلمهم ، تارة بإدخال اللام عليها أو التنوين إدخالهم إياهما في نحو : رجل وفرس ، وأخرى باشتقاقهم منها على نحو اشتقاقهم من كلمهم قال رؤبة : (٣)

هل ينفعني حلف سختيت ...

أو فضة أو ذهب كبريت

__________________

(١) الفرند : جوهر السيف ووشيه.

(٢) السخت : الصلب الدقيق.

(٣) البيت من الرجز ، وهو في ديوانه ٢٦ ، والخصائص ١ / ٣٥٨ ، وفي الديوان

فقلت :

أنجو النفس إذ نجيت

هل ينفعنى حلف سختيت

أو فضة أو ذهب كبريت

والعجاج هو : أبو الشعثاء عبد الله الطويل بن رؤبة ، والشعثاء ابنته ولد بالبصرة في خلافة عثمان وفيها لقي أبا هريرة وسمع منه الحديث ، ولد له ولدان : رؤبة والقطامى ، وفلج ومات نحو سنة ٩٧ ه‍ انظر المعجم المفصل في الأدب (٢ / ٦١٨).

٢٣٠

فاشتق سختيتا من السخت اشتقاق نحرير من النحر ، وكم له من نظير. وأن الجمع إذا كان على الوصف المذكور كان أقوى حالا ؛ لأنه إذ ذاك يتعين للجمعية فلا يرد على زنة واحد في أسماء الأجناس ، ولا يعامل معاملة المفرد فيصغر ويجمع ، ويكون جمع جمع كأكالب وأناعم ، ولا تستبعد لمجموع ذلك قيامه مقام اثنين ، وأما نحو قولهم : حضاجر ، فعلم لها ، وهو جمع حضجر في الأجناس قال (١) :

حضجر كأمّ التوأمين توكأت ...

على مرفقيها مستهلة عاشر

وأما سراويل فعند سيبويه (٢) وكثير من النحويين أنه أعجمي وقع في كلام العرب ، فوافق بناؤه بناء ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ، فأجرى مجرى ذلك ؛ وعند ناس منهم أنه جمع على سروالة قال (٣) :

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لسماعة النعامى في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩٢ ، وبلا نسبة في الكتاب ٢ / ٧١ ، ولسان العرب ٤ / ٢٠٢ (حضجر. وقبله :

متى تر عينى مالك وجرانه

وجنبيه تعلم أنه غير ثائر.

والمعجم المفصل ٣ / ٤٩١ والحضجر : العظيم البطن الواسعه.

(٢) قال سيبويه : واعلم أنك إذا سميت رجلا مساجد ، ثم حقرته صرفته ؛ لأنك قد حولت هذا البناء ، وإن سميته حضاجر ثم صغرته صرفته لأنها إن سميت بجمع الحضجر ، سمعنا العرب يقولون : أوطب حضاجر ، وإنما جعل هذا اسما للضبع لسعة بطنها ، وأما سراويل ، فشىء واحد ، وهو أعجمى أعرب كما أعرب الآجر ، إلا أن السراويل أشبه من كلامهم ما لا ينصرف في نكرة ولا معرفة الكتاب.

(٣) البيت من المتقارب ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٢٣٣ ، والدرر ١ / ٨٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٢١٢ وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٢٧٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٠٠ ، وشرح المفصل ١ / ٦٤ ، ولسان العرب ١١ / ٣٣٤ (سرل) والمقتضب ٣ / ٣٤٦ وهمع الهوامع ١ / ٢٥ وتاج العروس (سرول) ، والمعجم المفصل (٥ / ٩٢) وعجزه :

فليس يرقّ لمستعطف

٢٣١

عليه من اللؤم سروالة

وأما نحو : جوار ، فالأقرب عندي أن يقال بعد حمل نحو ثمان ورباع وشناح (١) على غير الإفراد وشذوذ قول من قال (٢) :

يحدو ثماني مولعا بلقاحها

على جميع الأقاويل ، مع ورودها على زنة جوار ورودا خاصّا ، ولمثل هذا من التأثير ما لا يخفى اقتضى صرفه ، لكن قربه من باب مساجد منع أن يحرم امتناع الصرف البتة ، فوفق بين الاعتبارين ، وجعلت الصورة الواحدة لغير الصرف أن لا يلزم من عكسه تغليب الفرع على الأصل في الجملة ، وجعلت النصب دون أحد أخويه أن لا يفقد حصول الخفة في صورة من الصورتين ، بحذف الياء على طريق معبد ، وحمل باب أعيش عليه في القول [الأعرف](٣) لاتحادهما في عدة أمور.

أحدها : عدد الحروف والحركات والسكنات.

وثانيها : كون الثالث حرفا معتلا مزيد المعنى ، مفتوحا ما قبله ، مجامعا الساكن ، كدواب وأصيم.

وثالثها : كون الآخر ياء مكسورا ما قبله كسرا لا لأجل الياء.

__________________

(١) الشناح : الجسم الطويل من الإبل.

(٢) البيت من الكامل ، وهو لابن ميادة في ديوانه ص ٩١ ، وخزانة الأدب ١ / ١٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٩٧ ولسان العرب ١٣ / ٨٠ ، ٨١ (ثمن) وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص ١٦٤ ، وشرح الأشموني ص ٥٢٢ ، والكتاب ٣ / ٢٣١ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٤٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٥٢ وقال : أقول : قائله أعرابي ، قاله أبو الخطاب ولم ينسبه ، ونسبه السيرافي لابن ميادة. وعجزه :

حتى هممن بزيغة الإرتاج.

وانظر المعجم المفصل (٢ / ٢٩).

(٣) في (غ): (الاعراب).

٢٣٢

ورابعها : خروجهما إلى معنى التأخر بذلك خروجا ظاهرا ، وأن الوزن لا يظهر حاله في معناه حتى يختص بالفعل أو يجري مجرى المختص به ، وأن الألف والنون الزائدتين ، على ما ذكر ، تكونان ممتنعتين عن دخول تاء التأنيث عليهما ، فتكتسبان شبها بألفي التأنيث في نحو : حمراء ، فيزداد حالهما في معناهما قوة ، وكذا ألف الإلحاق عند اقتران العلمية بها. [والله الموفق للصواب](١).

الفصل الثالث

في علة إعراب الأسماء الستة بالحروف مضافة

وهي إظهار الاجتناب [بألطف](٢) وجه وأقربه عن أن يقوى خلاف قياس فيها.

بيان ذلك ، أن : (فوه ، وذو مال) ، لو أعربا بترك إشباع الحركات لكانا قد بقيا على حرف واحد ، وكان حذف العين واللام منهما واقعا في غاية خلاف القياس ، (وأبوه وأخوه وحموها) لو تركت على حرفين بإعرابها بالحركات ؛ لكان خلاف القياس في حذف الثالث منها أقوى منه في نحو : غد ويد ؛ لكون التكميل في أسماء العقلاء أدخل في الطلب منه في غيرها.

وقد مهد هذه القاعدة الإمام عبد القاهر [رحمة الله عليه](٣) في مقتصده (٤) ، فليطلب هناك.

وأما (هن) فلكونه كناية عن أسماء الأجناس اندرج بحكم التغليب بعد تنزيل الكناية منزلة المكنى عنه ، بحكم العرف في أسماء العقلاء.

__________________

(١) ليست في (غ).

(٢) تصحفت في (غ) إلى (ألف).

(٣) من (غ) وعبد القاهر الجرجاني : هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني ، صاحب دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة والجمل ت ٤٧١ ه‍ فوات الوفيات ١ / ٦١٢ ، ٦١٣.

(٤) يريد كتاب المقتصد لعبد القاهر الجرجاني.

٢٣٣

والسبب في ترك ذلك في الإفراد هو امتناع إظهاره في الأغلب بشهادة اعتبار نحو : أبون أبان أبين ، في المنون ، ونحو : الأبو الكريم ، الأبا الكريم ، الأبي الكريم في غير المنون.

٢٣٤

الفصل الرابع

في علة إعراب المثنى والمجموع

على ما هو عليه

الكلام في ذلك على الوجه المستقصى ، مذكور في كتابنا" شرح الجمل" للإمام عبد القاهر ، رحمة الله عليه ، ولكنا نورد من ذلك ههنا ما هو شرط الموضع.

اعلم أن التثنية والجمع إذا أريد وضع طريقة لهما ، لزم اعتبار تغيير ، وأن يكون ذلك في الاسم ، وأن يكون في آخره ، وأن يكون بالزيادة ولأخذ الإعراب التبديل ، وأن تكون واحدة بناء لجميع ذلك على المقدمة الأولى ، وأن تكون من حروف المد ؛ لكونها خفيفة لذواتها قريبة الوقوع لكثرة دورها ، إما بأنفسها أو بأبعاضها ، وقد مرنت لذلك بها الألسن ، واستأنست المسامع ، وألفتها الطباع ، ومالت إليها النفوس ، وأن يكون فيها دليل الإعراب محافظة عليه ، وحسن نظر له ، لامتناع المدات عن التحريك ، وجمعا بين الغرضين.

لكن استلزام المحافظة عليه في أحواله الثلاث : حالتي التثنية والجمع بالمدات الثلاث ، الاشتراك في كل واحدة منهن المخالف للقياس أوجب إلغاءها في بعض الأحوال ؛ تقليلا للاشتراك في الحروف ، وحين آل الأمر إلى جعل بعض الحروف مشتركا دون بعض ، تعينت الياء التي من شأنها استواء النسبة إلى الخفة والثقل وإلى مخرجي أختيها ؛ للاشتراك الذي من شأنه استواء النسبة إلى المعنيين ، وانقسمت أختاها على التثنية والجمع لجهتي التقدم والتأخر.

ثم لما قدم الرفع في الاعتبار كونه حصة الفاعل المتقدم فيه ، كما سبق ، تعينت له ، ثم تعينت الياء لأخويه فيهما ، وأصلا للجر منهما ، لما بينها وبينه من النسب ما ليس بينها وبين النصب ، فحصل إعراب المثنى والمجموع على ما ترى.

وأما النون ، فالأقرب فيه أنه لما اعتبر الإغراب الذي هو للاسم بحكم الأصالة في التثنية والجمع على حدها للجهة المذكورة ، واستهجن إلغاؤه فيهما لمناسبات تآخذت في ذلك ، امتنع بحكم رعاية ذلك بناء المثنى والمجموع جمع السلامة ، ولذلك اختلف في

٢٣٥

نحو : ذان ، واللذان ، واللذون ، والذين بين أن يحكم فيها بالتثنية والجمع ، وبين أن لا يحكم ، فتنظم في سلك أبانان ، وعمايتان ، وعشرون ، وثلاثون ، وما شاكل ذلك ، ولم يكن الاسم يدخل بالتثنية والجمع على حدهما في باب ما لا ينصرف ، لم يصادفوا في ترك التنوين عذرا يعتبر ، فأتى به وحرك محافظة على الساكن قبله ، إذ كان دأبهم تحريكه لنوع من العذر ، كنحو : غلام اكتهل ، وكسر بعد الألف على أصل تحريك الساكن ، وفتح بعد أختيها تفاديا من الجمع بينهما وبين الكسر لأصول مقررة.

وحيث استمرت الحركة عليه ، صار بمنزلة غير التنوين ، فلم يحذف في الوقف ، ولا مع نفي الجنس ، ولا مع الألف واللام ، ولا مع النداء على الضم ، وإنما بنيت الكلام على الحذف ؛ لامتناع تأخير التثنية والجمع في ذلك كله لاستلزامه تحصيل الممتنع.

أما في الوقف فلاستلزامه الوصل في الوقف ، وأما في نفي الجنس فلاستلزامه طلب الزيادة ، حيث لا مزيد ، وأما في المعرف : وهو الداخل عليه اللام ، أو المضموم في النداء ، فلاستلزامه تحصيل التثنية والجمع لا مع الصحة.

ألا ترى أن التثنية والجمع طريقان ليتناول الاسم بهما أكثر مما هو متناوله ، فيستلزم تحصيلهما بحكم الضرورة صحة تناول المزيد المنافية للاختصاص بما سوى المزيد الممتنع انتفاؤه مع اللام والضم ، فمتى أريدت التثنية والجمع ، والحال هذه ، لزم ما ذكرنا ، ومدار حكم أصحابنا ، رحمهم‌الله ، في تنكر العلم إذا ثني أو جمع على ما ذكرت ، فاستوضح.

٢٣٦

الفصل الخامس

في علة إعراب (كلا وكلتا) مضافين إلى الضمير على ما هو عليه

اختلفت الفرقتان في ذلك وتشعبت آراء أصحابنا ، رحمهم‌الله ، وأنا أذكر ، بإذن الله تعالى ، ما هو بالقبول أجدر ، بعد التنبيه على ما لا بد في ذلك منه ، وهو أن كل واحد من (كلا وكلتا) عندنا مثنى معنى ، مفرد لفظا ، فالألف فيهما غير ألف التثنية ، خلافا للكوفيين ، رحمهم‌الله ، بدليل عود الضمير إليهما تارة مثنى حملا على المعنى كقوله (١) :

كلاهما حين جدّ الجري بينهما ...

قد أقلعا ......

وكما حكي عن بعض العرب من قوله : كلاهما قائمان ، وكلتاهما لقيتهما ، وأخرى كثيرا مفردا حملا على اللفظ كقوله (٢) :

كلا أخوينا ذو رجال كأنهم

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق ، في أسرار العربية ص ٢٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ٦٦ ، والخصائص ٣ / ٣١٤ ، والدرر ١ / ١٢٢ وشرح التصريح ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٥٢ ، ونوادر أبي زيد ص ١٦٢ ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ٤٤٧ ، والخزانة ١ / ١٣١ ٤ / ٢٩٩ والخصائص ٢ / ٤٢١ وشرح الأشموني ١ / ٣٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٧١ ، وشرح المفصل ١ / ٥٤ ، ومغنى اللبيب ص ٢٠٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٤١ ، والمعجم المفصل ١ / ٣٦١ ، ٣٦٢. وتتمة عجزه :

كلا أنفيهما رابي

(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٨٦ ، والإنصاف ٢ / ٤٤٢ ، والمعجم المفصل ٧ / ٣٩١.

وعجزه :

أسود الشرى من كل أغلب ضيغم

٢٣٧

وقول الآخر (١) :

أكاشره وأعلم أن كلانا ...

على ما ساء صاحبه حريص

وقول الآخر (٢) :

كلا ثقلينا واثق بغنيمة

وقول الآخر (٣) :

كلانا يزيد يحبّ ليلى

وكقوله عز من قائل : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(٤) ، وأمثال لها.

__________________

(١) البيت من الوافر ، وهو لعدى بن زيد ، في الكتاب ٣ / ٧٤ ، وليس في ديوانه ، ولعمرو بن جابر الحنفى في حماسة البحترى ص ١٨ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢٠١ ، وشرح المفصل ١ / ٥٤ ، والمقتضب ٣ / ٢٤١ والمعجم المفصل (٤ / ١٢٣).

(٢) البيت من الطويل ، وهو لإياس بن مالك في لسان العرب ٥ / ٧٨ (قدر) وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٤٤٣ والمعجم المفصل (٣ / ٢٤١).

وعجزه :

وقد قدر الرحمن ما هو قادر.

(٣) البيت من الوافر ، وهو لمزاحم بن الحرث العقيلي ، وكان يهوى ليلى المعروفة بمجنونها قيس بن معاذ ، ويروى البيت :

كلانا يا يزيد يحب ليلى ..

يفىّ وفيك من ليلى التراب

والبيت في ديوانه ص ٢٥ ، والأغاني ٢ / ١٠ ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ٤٤٣.

(٤) سورة الكهف ، الآية : ٣٣.

٢٣٨

وإذا ثبت لنا هذا ، قلنا : العلة في انقلاب الألف فيهما إلى الياء في الجر والنصب عند الإضافة إلى الضمير حصول أمرين يدعوان إلى ذلك :

أحدهما : شبهها معنى ألف التثنية المنقلبة ياء في الجر والنصب.

وثانيهما : شبهها بلزوم الاتصال بالاسم ، وانجرار ذلك بعدها لألف (على وإلى) المنقلبة ياء عند الضمير ، ولعل من يقول : مررت بكلاهما ، ورأيت كلاهما ممن يقول قائلهم (١) :

طاروا علاهنّ فطر علاها

أو ممن [على](٢) لغتهم ، على الأصح قوله تعالى (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)(٣)

__________________

(١) الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٦٨ وله أو لأبي النجم أو لبعض أهل اليمن في المقاصد النحوية ١ / ١٣٣ ولبعض أهل اليمن في خزانة الأدب ٧ / ١٣٣ ، ١١٥ وشرح شواهد المغنى ١ / ١٢٨ ، وبلا نسبة في لسان العرب ٤ / ٥١٠ (طير) ١٥ / ٨٩ (علا) ، ٣٠٦ (نجا) خزانة الأدب ٤ / ١٠٥ ، والخصائص ٢ / ٢٦٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٥٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٤ ، ١٢٩ وتاج العروس ١٨ / ١٢٠ (قلص) (المعجم المفصل ١٢ / ٣٢٢).

وصدره :

نادية وناديا أباها

وقد جاء في نوادر أبي زيد :

أي قلوص راكب نراها.

والشاهد في البيت : قلب الياء الساكنة إذا انفتح ما قبلها ألفا في قوله : علاها : أي عليها ، وهي لغة لبني الحارث.

(٢) ليست في (غ).

٢٣٩

الفصل السادس

في علة إعراب نحو (مسلمات) على ما هو عليه

وهي أن جمع المذكر لما سوى فيه بين الجر والنصب لما تقدم ، اتبعه في ذلك جمع المؤنث ؛ طلبا للتناسب ، من حيث إنهما جمعا تصحيح ، وأن المؤنث فرع على المذكر ، كما سبق.

ومعلوم عندك أن إتباع الفرع الأصل في حكم مما له عرف في التناسب ، وأن المؤنث نقيض المذكر ، وقد عرفت الوجه في حمل النقيض على النقيض في القسم الأول من الكتاب.

الفصل السابع

في علة إعراب ما أعرب من الأفعال ، ووقوع الجزم في إعرابه موقع الجر في الأسماء ، وكيفية تفاوته ظهورا واستكنانا ، وزيادة ونقصانا.

اعلم أن علة إعراب المضارع عند أصحابنا ، رحمهم‌الله ، خلافا للكوفيين ، رحمهم‌الله ، هي مضارعته الاسم بعدد الحروف والحركات والسكنات ، كنحو : يضرب وضارب ، وبدخول لام الابتداء عليه.

وبتبادر الفهم منه إلى الحال في نحو : مررت برجل يكتب ، تبادره إليها من الاسم إذا قلت : مررت برجل كاتب ، وباحتمال أمرين ، وقبول أن يختص ، والأمران هنا الحال والاستقبال ، وهناك التعريف والتنكير.

وأما وقوع الجزم موقع الجر ؛ فلأن إعرابه ، لما كان فرعا على إعراب الاسم ، واقتضى العرف حطه ، ولم يكن للجر من التعلق بالفعل ما كان لأخويه ، حيث انتظما في عمله دونه ، تعين للحط سادا الجزم مسده.

__________________

سورة طه ، الآية : ٦٣.

٢٤٠