مفتاح العلوم

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]

مفتاح العلوم

المؤلف:

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦

وإذا ، ولبيان التفجع في الندبة كما سبق ذلك كله وهي وكذا الياء والواو للإطلاق ، كنحو

أقلّي اللوم عاذل والعتابا

وإذا دارت رحى الحرب الزبون

وسقيت الغيث أيتها الخيام

وللإنكار كنحو قولك : زيد قدماه أو يقدموه. ومررت بحذاميه أو بحذاميه لمن قال : زيد قدم أو يقدم ، ومررت بحذام منكرا لذلك عليه ، أو لخلاف أن يكون كذلك للتذكير نحو : زيد قالا أو يقولوا إذا تذكرت المقول ، ومن العامي إلا أن الألف والواو يحرك لهما ساكن بخلاف الياء كنحو : وكأن قدي ، وآلت حلفة لم تحللي ، في الاطلاق وكذا نحو قدي وإلي إذا تذكرت قد قام والغلام مثلا ، ونحو : أزيدنيه في زيد بالتنوين ، أو أزيدانيه بزيادة إن إذا تذكرت أو أنكرت وجميع ذلك أشياء وقفية فاعلم.

والهاء للدلالة على الغيبة في إياه عند الأخفش كالكاف والياء فيه للخطاب والحكاية عنده ، وللوقف كالشين المعجمة بعد كاف المؤنث في تميم ، وغير المعجمة بعده في بكر ، ومدار الكلام في حرفيتها أعني الهاء.

والكاف والياء على بيان تعدد كونها مجرورة أو منصوبة.

واللام يأتي في جواب لو ولو لا الزيادة الربط غير واجب ، وفي جواب القسم نحو :

والله لزيد قائم ، أو ليقومن ، أو لقد قام واجبا على الأعرف ، وفي الشرط يتقدمه توطئة له نحو : والله [لئن](١) أكرمتني لأكرمنك ، غير واجب وتسمى الموطئة (٢) للقسم ، وتأتي

__________________

والغريب ما لم يجتمع لسواه. كان معاصرا لأبي عبيدة ومنافسا له في اللغة والرواية ، وفي ذلك أخبار ، واشتهر إلى جانب اللغة والرواية بنقد الشعر ... ترك ما يزيد عن أربعين كتابا في مواضيع شتى وكان أكثرها في اللغة.

(١) في (د) ، و (ط): (لأن).

(٢) اللام الموطئة ، وبحث اللامات في المفصل (١٥٢ ـ ١٥٤). ـ ـ

١٨١

لتأكيد مضمون الجملة الاسمية نحو : لزيد منطلق ، وتسمى لام الابتداء (١) ، وهي تجامع أن على أربعة أوجه : إن تدخل على اسم أن مفصولا بينه وبينها كنحو : إن في الدار لزيدا ، أو على ما يجري مجراه من الضمير المتوسط بينه وبين الخبر فصلا كان ، كنحو : إن زيدا لهو المنطلق ، أو أفضل منك أو خير منك ، أو ينطلق ، أو غير فصل كنحو : إن زيدا لهو منطلق ، أو على الخبر. كنحو : إن زيدا لآكل أو ليأكل. وتخصص المضارع بالحال ، أو على متعلق الخبر إذا كان متقدما ، كنحو : إن زيدا لطعامك آكل ؛ ومن شأنها إذا خففت (إن) ولم تعمل أن تلزم ، فرقا بينها وبين (إن) النافية ، وتسمى إذ ذاك الفارقة (٢) ، نحو : إن زيد لمنطق ، وكذا إن كان زيد منطلقا ، وإن ظننت لزيد منطلق ، وكذا عند الكوفيين ، نحو : إن تزينك لنفسك وإن تشينك لهيه.

وعندنا أن هذا الكلام مما لا يقاس عليه وقد جامعها على وجه خامس حيث قالوا : لهنك كذا و [لكذا](٣) على قول من لا يجعل الأصل ، والله ، إنك ، وعلى مذهب سيبويه (٤) [رحمة الله عليه](٥) تأتي للتعريف نحو : الغلام ، والهمزة عنده للوصل ، ولذلك لا تثبت فيه بخلاف الخليل ، فإن سقوطها عنده لمجرد التخفيف ؛ لكثرة دورها والتعريف بها ، إما أن يكون للجنس : وهو أن نقصد بها نفس الحقيقة معينا لها ، كنحو : الدينار خير من الدرهم ، أو للعهد (٦) : وهو أن تقصد بها الحقيقة مع قيد الوحدة ، أو ما

__________________

(لام التعريف ، ولام جواب القسم ، واللام الموطئة للقسم ولام جواب لو ولو لا ولام الأمر ولام الابتداء واللام الفارقة ....)

(١) لام الابتداء ، المفصل ١٥٤ وهي اللام المفتوحة ، ولا تدخل إلا على الاسم والفعل المضارع.

(٢) المفصل : ١٥٤.

(٣) في (غ): (وكذا).

(٤) ينظر رأيه في الكتاب (٤ / ١٤٧) ، المفصل (١٥٣ ـ ١٥٤).

(٥) من (غ).

(٦) المفصل : ١٥٣ (لام العهد).

١٨٢

ينافيها ، معينا لذلك ، كنحو : جاءني الرجل أو الرجلان أو الرجال.

وقد ظهر من هذا أن لا وجه لاعتبار الاستغراق في تعريف الجنس ، إلا ما سيأتيك في علم المعاني.

والنون (١) تأتي للصرف ، كنحو : زيد ، وللتنكير ، كنحو : (صه) ، وعوضا عن المضاف إليه نحو" حينئذ ومررت بكلّ ، وجئتك من قبل عندي ، وكذا كل غاية إذا نونت فليتأمل. ونائبا مناب حرف الاطلاق في إنشاد بني تميم كنحو (٢) :

أقلي اللوم عاذل والعتابن ...

وقولي ......

وغالبا ، كنحو (٣) :

وقاتم الأعماق خاوي المخترقن ....

مشتبه الأعلام ...........

ويسمى في جميع ذلك تنوينا ، ويلزمه السكون إلا عند ملاقاة ساكن ، فإنه يكسر أو يضم ، حينئذ ، على تفصيل فيه ، كنحو : (وَعَذابٍ. ارْكُضْ)(٤) ، وربما حذف ، كنحو قراءة من قرأ : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ)(٥) وتأتي للتأكيد ، كما سبق ، ولا يؤكد به إلا : الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمني ، والعرض ، والقسم ، والشرط المؤكد

__________________

(١) المفصل : ١٥٣.

(٢) البيت من الوافر ، وهو لجرير ، ديوانه ٤١٦ ، وتمامه ،

وقولى إن أصبت لقد أصابن

(٣) البيت من الرجز لرؤبة ، ديوانه ١٠٤ ، وتمامه :

..... مشتبه الأعماق لماع الخفقن

(٤) ص : الايات ٤٣ ، ٤٤.

(٥) سورة الإخلاص ، الايات : ١ ، ٢.

١٨٣

حرفه (بما) ، كنحو : (فَإِمَّا تَرَيِنَ)(١) ، ونحو إن تفعلن ، بدون ما لا يقع إلا في ضرورة الشعر وقالوا : بجهد ما تبلغن ، وبعين ما أرينكّ ، وربما تقولن ذاك ، وقلما تقولن ذاك ، وكثر ما تقولن ، وطرح هذا النون سائغ إلا في القسم ، كنحو : والله ليقوم ، فإنه ضعيف ، ومن شأنه أن يحذف إذا لقي ساكنا بعده.

والتاء للخطاب في أنت وأنت على مذهب الأخفش (٢) ، وللإيذان بأن الفاعل مؤنث في نحو : جاءت هند ، وللفرق بين المذكر والمؤنث في الاسم : كإنسان ورجل وغلامة وحمارة وبرذونة وأسدة ، وهو قليل (٣) ، وللفرق بينهما في صفة المؤنث : كضاربة ومضروبة ، وحائضة وطامثة وطالقة ونظائرها ، حال إرادة الحدوث.

وأما قولهم : حائض وطامث وطالق حال إرادة الثبوت ، فعند الكوفيين (٤) أنها غير مشترك فيها بين المذكر والمؤنث ، وعند الخليل (٥) أنها ليست صفات ، بل هي أسماء فيها معنى النسب : كتامر ، ولابن ، ودارع.

وعند سيبويه (٦) أن موصوفها غير مؤنث ، وهو إنسان أو شخص ، وللدلالة

__________________

(١) سورة مريم ، الآية ٢٦.

(٢) ينظر مبحث التاء للخطاب في الكتاب (٤ / ٢١٨).

(٣) المفصل ٨٢ ، والعبارة : كامرأة وشيخة وإنسانة وغلامة ورجلة وأسدة وبرذونة وهو قليل.

(٤) الإنصاف (٢ / ٧٥٨) ، (ذهب الكوفيون إلى أن علامة التأنيث إنما حذفت من نحو : طالق وطامث وحائض وحامل ، لاختصاص المؤنث).

(٥) الكتاب (٣ / ٢٣٦) والمفصل ٨٣ (فعند الخليل أنه على مضي النسب كلابن وعند سيبويه أنه تأول بإنسان أو شىء ، حائض).

(٦) الكتاب (٣ / ٢٣٦) ، والعبارة : واعلم أنك إذا سميت المذكر بصفة المؤنث صرفته وذلك أن تسمى رجلا بحائض أو طامث أو مئتم ، فزعم لا يكون إلا لمذكر وذلك نحو قولهم : رجلا نكحة ، ورجلا ربعة فجأة فكأن هذا المؤنث وصف ، كسلعة أو لعين أو لنفس وما أشبه. هذا ، كأن الذكر وصف لشئ ، فكأنك قلت هذا شئ حائض ثم وصفت به المؤنث كما تقول هذا بكر ضامر ثم تقول ناقة

١٨٤

على الوحدة : كتمرة وجوزة وضربة ومنعة ، وعلى الكثرة كقولهم : البصرية والكوفية والمروانية (١) ، بتأويل الأمة أو الجماعة ، وقولهم : علامة (٢) ونسابة [وراوية](٣) وفروقة ، وما شاكل ذلك وارد عندي على ذا ، وهو السبب عندي في إفادة المبالغة ، إذا قيل : فلان علامة ، والجهة في امتناع أن يقال في نحو : (عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٤) : علامتها.

ولتأكيد التأنيث في المفرد : كنعجة وناقة ، وفي الجماعة : كحجارة (٥) وصقورة وصياقلة.

وللدلالة على النسب في الجماعة : [كالمهالبة](٦) والأشاعثة.

وعلى التعريف فيها : كالجواربة والموازجة (٧) ، وللنفي نص فيها [كالفرازنة](٨) والجحاجحة (٩).

والسين (١٠) للاستقبال في نحو : سيضرب ، والوقف كما سبق.

والفاء للتعقيب (١١) في العطف ، ونحو قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها

__________________

ـ ـ ضامر وزعم الخليل أن فعولا ومفعالا إنما امتنعا عن الهاء لأنهما وقعا في الكلام على التذكير كما كان الحائض في الأصل صفة لشىء.

(١) المفصل ، ٨٣ ، مع زيادة ..... والزبيرية.

(٢) المفصل ٨٢.

(٣) في (ط): (رواية).

(٤) المائدة : ١٠٩ ، ١١٦ ، التوبة : ٧٨ ، سبأ : ٤٨.

(٥) المفصل ٨٢ ـ ٨٣. ولتأكيد معنى الجمع كحجارة.

(٦) في (ط): (المهابلة).

(٧) المفصل ٨٣ (وللدلالة على التعريف كموازجة وجواربة)

(٨) في (غ) (كالفرازية) بالياء المثناة تحت.

(٩) المفصل ٨٣ (وللتعريف كفرازنة وجحاجحة).

(١٠) المفصل ١٤٨

١٨٥

بَأْسُنا)(١) ، وقوله (٢) :

يمشي فيقعس أو يكب فيعثر

محمول على حذف المعطوف بتقدير ، فحكم بمجيء البأس ، [وبالعثور فيحكم](٣) أو على كونه من باب : عرضت الناقة على الحوض (٤). والتعقيب في الجزاء لازما على ما تقدم ، وفي خبر المبتدأ ، إذا كان المبتدأ متضمنا لمعنى الشرط ، بكونه موصولا أو موصوفا ، والصلة أو الصفة جملة فعلية أو ظرفية غير لازم ، والأخفش (٥) ، رحمه‌الله ، دون سيبويه ، رحمه‌الله ، لا يغير هذا الحكم بدخول إن عليه لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)(٦) ، وأمثال له.

والميم للتعريف في لغة أهل اليمن وعليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : " ليس من امبر امصيام في امسفر" (٧)

__________________

(١) سورة الأعراف الآية : ٤.

(٢) البيت من الكامل وهو لمساور بن هند العبسى ، كما في الحماسة للمرزوقى (١ / ٤٦٠) والبيت :

ورأين شيخا قد حنى صلبه ...

يمشى فيقعس أو يكب فيعثر.

منحنى الصلب : محدودب الظهر ، يمشى مشية القعسان إذا استمر في المشى أو يتعثر لوجهه ، العثار قبل السقوط للوجه. ومساور بن هند بن قيس بن زهير بن حذيمة العبسى ، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ، وكنيته أبو الصمعاء وهو المساور بعمان. الشعر والشعراء (١ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩).

(٣) في (غ) (فيحكم بالعثور).

(٤) هذا من القلب (الصاحبى ٢٠٢ ، والإيضاح ٧٧ ، وقد ذكر المثال نفسه).

(٥) المغنى (١ / ١٧٩).

(٦) سورة الأحقاف ، الآية : ١٣.

(٧) الحديث : " ليس من البر الصيام في السفر" لأن أهل اليمن يعرفون بالميم بدل اللام.

١٨٦

والواو للجمع المطلق في العطف ، وللحال ، ولصرف الثاني عن إعراب الأول ، كما مضيا.

والضرب الثاني : سبعة عشر (١) حرفا : أي ، اي ، أن ، إن ، أم ، أو ، [ها](٢) ، هل ، قد ، الياء المشددة ، لا ، لو ، النون الثقيلة ، سف ، سو ، بل ، ما.

(فأي) : للتفسير في العطف عندي كنحو : جاءني أخوك : أي زيد ، رأيت أخاك : أي زيدا ، ومررت بأخيك أي زيد.

(وإي) للإيجاب ، يقول المستخبر : هل كان كذا؟ فيقال : إي والله ، وإي لعمري ، ولا تستعمل إلا مع القسم ، كما ترى ، وقد تضمر واو القسم ويقال إذ ذاك : إي الله ، بفتح الياء تارة ، وأخرى : إي الله بتسكينها ، وثالثة : الله بحذفها. وقد يقال : إي ها الله ذا ، بتعويض ها عن الواو.

و (أن) : تأتي مفسرة بعد فعل في معنى القول كنحو : ناديته أن قم ، وأمرته أن اسع ، وكتبت إليه : أن احضر ؛ وصلة كنحو : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ)(٣) ، و: أما [والله](٤) أن لو جئتني لأكرمتك ، ومخففة من الثقيلة كما مضى.

(وإن) تأتي نافية بمنزلة [ما](٥) ، كنحو : إن يقوم زيد ، وإن زيد قائم ، وقد جوز المبرد ، رحمه‌الله ، إعمالها عمل ليس ، وصلة كنحو : ما إن رأيت عندنا ، ونحو : انتظرني ما إن جلس القاضي ، ومخففة من الثقيلة على ما عرفت.

__________________

(١) المفصل ١٤٠.

(٢) في (ط): (أها).

(٣) سورة يوسف ، الآية ٩٦.

(٤) سقطت من (غ).

(٥) في (ط): (مالا).

١٨٧

(وأم) للاستفهام وطلب الجواب عن أحد ما يذكر على التعيين في العطف ، كنحو : أزيد عندك أم [عمر](١) ، ولذا لا يصح في جوابها إلا [زيد ، أو](٢) عمرو ، أيهما كان ، وتأتي ولها مدخل في معنى : (أي) تارة ، وتسمى متصلة ، وعلامتها إفراد ما بعدها ، وأخرى في معنى : (بل) وتسمى منقطعة ، وعلامتها كون ما بعدها جملة ، أو ورودها في الخبر كنحو : إنها لإبل أم شاء (٣).

(وأو) في الخبر للشك ، وفي الأمر للتخيير ، وهو الامتناع عن الجمع أو الإباحة. وهي تجويز الجمع. وفي الاستفهام لأحد ما يذكر لا على التعيين ، وجوابها : نعم أو لا ، وجميع ذلك في العطف.

(وها) للتنبيه ، وأكثر ما يدخل على أسماء الإشارة للضمائر.

(وهل) للاستفهام ، كالهمزة ، إلا فيما [كان](٤) يتفرع من الاستفهام ، ثم ، وفي الدخول على الواو والفاء وثم ، وعند سيبويه (٥) ، رحمه‌الله ، أنها بمعنى : (قد) وإفادتها معنى الاستفهام لتقدير الهمزة على نحو ما قال :

أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم (٦).

__________________

(١) في (د): (عمرو).

(٢) في (ط): (زيدا وعمرو).

(٣) المفصل ١٤١ ، (أنها لابل أم شاء) وفي الكتاب (٣ / ١٧٢) أم منقطعة ، وذلك قولك : أعمرو عندك أم زيد ، فهو ليس بمنزلة أيهما عندك ، هذا الآخر منقطع من الأول قول الرجل : إنها لإبل أم شاء يا قوم ، فكما جاءت أم ههنا بعد الخبر منقطعة كذلك تجىء بعد الاستفهام.

(٤) ليست في (ط).

(٥) الكتاب (٣ / ١٨٩) ، قال سيبويه : وكذلك هل إنما تكون بمنزلة (قد) ولكنهم تركوا الألف إذ كانت هل لا تقع إلا في الاستفهام.

(٦) البيت من الطويل ، وهو لزيد الخليل (ديوانه ١٠٠) ، والمقتضب (١ / ٤٤ ، ٣ / ٢٩١) ـ ـ

١٨٨

ويؤنس لقول سيبويه قلة تصرفها في الكلام.

(وقد) (١) مع الماضي لتقريبه من الحال ، ومع المضارع لتقلله ، وفي كونها للتكثير حينا لا تكون إلا نظيرة (ربما) في قوله (٢) :

فإن تمس مهجور الفناء فربما ...

أقام به بعد الوفود وفود

ويجوز (٣) حذف فعله قال (٤) :

لما تزل برحالنا وكأن قد

والفصل بينهما بالقسم نحو : قد والله ، أحسنت.

والياء المشددة كنحو : هاشمي في النسبة ، ومن شأنها تصيير غير الصفة صفة ، والمعرفة نكرة ، إذا لم تكن لفظية ، مثلها في كرسي وبردي.

(ولا) (٥) تأتي نافية في العطف ، لما وجب للأول ، كنحو : جاءني زيد لا عمرو ، وتدخل على المضارع فتنفيه استقباليا ، وتحذف منه على السعة في جواب القسم ،

__________________

والخصائص (٢ / ٤٦٣). وصدره : سائل فوارس يربوع بشدتنا ..... المفصل (١٤٨).

(١) كأنه قال : ربما.

(٢) البيت من الطويل ، ولم أعثر على قائله. وفي الكتاب (٤ / ٢٢٤) : وتكون قد بمنزلة ربما قال الشاعر الهذلي :

قد أترك القرن مصفرا أنامله ...

كأن أثوابه مجت بفرصاد

(٣) المفصل ١٤٨

(٤) البيت من الكامل للنابغة الذبيانى ، في ديوانه (٣٠) ، وصدره :

أزف الترحل غير أن ركابنا ......

(٥) بحث لا في الكتاب (٣ / ٧٦) ، وما بعدها ، والمفصل (١٤٢).

١٨٩

كنحو : (تَاللهِ تَفْتَؤُا)(١). ونحو (٢) :

فقلت : يمين الله أبرح قاعدا

وفي غير جواب القسم ، إذا كان من أخوات كان ، كنحو (٣) :

تزال حبال مبرمات أعدها

ونحو (٤) :

تنفك تسمع ما حييت بهالك حتى تكونه

وقد نفى بها الماضي مكررا ، كنحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)(٥) ،

أو في معنى المكرر ، كنحو قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ)(٦) ، لتفسير الاقتحام بفك الرقبة والإطعام ، والتكرار مع الماضي ملتزم عند قوم ، غير ملتزم عند آخرين ، وأما قول الجميع : لا رعاك الله ، في الدعاء ، وخ خ والله ، لا فعلت في جواب القسم ، فلتنزل الماضي فيهما منزلة المستقبل ، وتأتي نقيضة لنعم ، وذلك إذا قلتها في جواب من قال : خ خ جاء زيد أو هل جاء ، مثل : لا والله ، ولبلى ، وذلك إذا قلتها في جواب من أدخل النفي في الكلامين ، وبمعنى (غير) كنحو : أخذته بلا ذنب ، وغضبت من لا شيء ، وذهبت بلا عناد ، وجئت بلا شيء ، وصلة ، نحو : ما جاءني زيد ولا عمرو ، (وَلا

__________________

(١) يوسف : ٨٥.

(٢) البيت من الطويل لامرىء القيس وعجزه :

...... ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى

(٣) البيت من الطويل ، وهو لليلى امرأة سالم بن قحفان ، وتمامه :

...... لها ما مشى يوما على خفه جمل.

شرح المفصل (٧ / ١٠٩).

(٤) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لخليفة بن براز شرح المفصل (٧ / ١٠٩).

(٥) سورة القيامة ، الآية : ٣١.

(٦) سورة البلد الآية : ١١.

١٩٠

تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ)(١) ، ونحو : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)(٢) و (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٣) ، على الأقرب.

(ولو) (٤) لنحو الشرط في الماضي على امتناع الثاني لامتناع الأول ، كقولك : لو جاء زيد ، أو يجيء لأكرمته ، وحذف جوابها عند الدلالة سائغ ، وقد يجيء في معنى التمني ، كنحو : لو تأتيني فتحدثني ، وزعم الفراء ، رحمه‌الله ، أنها تستعمل في الاستقبال (كإن) ، ولمعنى الشرط فيها حكمها في استدعاء الفعل ، وامتناع تقديم جوابها عليها حكم (إن).

والنون الثقيلة (٥) في التأكيد كالخفيفة فيه ، إلا في الحذف للساكن.

وسف وسو ، لغتان في سوف غير مشهورتين (٦).

(وبل) (٧) للإضراب في العطف عن الأول موجبا أو منفيّا ، كنحو : جاءني زيد ، بل عمرو ، بإفادة مجيء عمرو ، وما جاءني بكر بل خالد ، بإفادة مجيء خالد تارة ، ولا مجيئه أخرى.

__________________

(١) سورة فصلت الآية : ٣٤.

(٢) سورة الواقعة ، الآية : ٧٥.

(٣) سورة الحديد ، الآية : ٢٩.

(٤) المعجم المفصل في النحو (٢ / ٨٩١ ـ ٨٩٦).

(٥) انظر المعجم المفصل في النحو (٢ / ١١٣٥). وتفترق النون الخفيفة عن النون المشددة بأنها تعامل معاملة نون التنوين في الوقف ، كقول تعالى : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً) يوسف ٣٢ ، والأصل : ليكونن.

(٦) في (سو) يقول الشاعر :

فإن أهلك (فسو) تجدون وحدى وإن أسلم يطب لكم المعاش

حيث وردت بمعنى (سوف) وقد : حذفت للضرورة الشعرية. المعجم المفصل في النحو (١ / ٥٥٨)

(٧) المعجم المفصل (١ / ٣٠٩ ، ٣١٠).

١٩١

(وما) (١) لمعنى المصدر كنحو : أعجبني ما صنعت ، أو ما تصنع ، أي صنعك ، ولنفي الحال مع المضارع ، ومع الماضي لنفيه مقربا من الحال ، ولا يقدم عليها شيء مما في حيزها ، ونحو قوله (٢) :

إذا هي قامت حاسرا مشمعلّة ...

تجبّ الفؤاد رأسها ما تقنّع

مع شذوذه ، يحتمل عندي أن يكون من باب النصب على شريطة التفسير ، وتأتي صلة ، إما كافة ، كنحو : ربما قام ، و (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)(٣) ، وما شاكل ذلك ، أو مؤكدة كنحو : إما تفعل أفعل ، أو زائدة في الإبهام ، كنحو : متى ما تزرني أزرك ، أو مسلّطة (٤) ، كنحو : إذا ما تخرج أخرج ، وحيثما تكن أكن ، وفيها شمة من العمل ، وعوضا عن المضاف إليه في بينما على نحو : بينا ، كما سبق ، وعن غير المضاف إليه ، كما سيأتيك في الضرب الخامس.

والضرب الثالث (٥) سبعة أحرف : أجل ، إن ، جير ، نعم ، سوف ، ثم ، بلى.

(فأجل) للتصديق في الخبر خاصة ، يقال : أتاك فلان؟ فتقول : أجل.

(وإن) كذلك ، قال (٦) :

__________________

(١) المعجم المفصل في النحو (٢ / ٩٠٢ ـ ٩١٤).

(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تاج العروس (ما) ، وانظر المعجم المفصل (٤ / ٣٤٧) وفيه (نخيب الفؤاد).

(٣) النساء : ١٧١.

(٤) وهى التى تسلط على عامل لا يعمل ، فتؤهله للعمل ، مثل ما الداخلة على حيث فتوجبها أن تعمل الجزم في الفعلين بعدها ، مثل : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) البقرة : ١٥٠ ، المعجم المفصل (٢ / ٩١٢)

(٥) المعجم المفصل في النحو (١ / ٥٣ ، ٥٤ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٣١١ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٣٤ ، ٥٥٨).

(٦) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص ٦٦ ، وخزانة الأدب

١٩٢

ويقلن شيب قد علاك ...

وقد كبرت فقلت إنّه

ولا يمتنع عندي أن تكون (إنّ) في البيت هي المشبهة (١) ، والهاء اسمها ، لا للوقف ، بمعنى إنه كذلك.

و (جير) ، بكسر الراء ، وقد تفتح ، نظير : أجل.

ويقال : جير لأفعلن بمعنى حقا.

و (نعم) ، للتصديق في الخبر ، ولتحقيق في الاستفهام مثبتين كانا أو منفيين ، وكنانة (٢) تكسر العين منها.

و (سوف) ، للاستقبال كالسين ، وعند أصحابنا أن فيها زيادة تنفيس ، بناء على أن زيادة الحرف لزيادة المعنى ، والمراد زيادة الحرف في إحدى كلمتين ترجعان إلى معنى واحد وأصل كذلك ، ويدخل عليهما عندنا لام الابتداء (٣).

__________________

ـ ـ ١١ / ٢١٣ ، ٢١٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٧٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٢٦ ، ولسان العرب (أنن) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٥٤ ، وجمهرة اللغة ص ٦١ ، والجنى الدانى ص ٣٩٩ ، وجواهر الأدب ص ٣٤٨ ، ورصف المبانى ص ١١٩ ، ١٢٤ ، ٤٤٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٩٢ ، ٥١٦ ، والكتاب ٣ / ١٥١ ، ٤ / ١٦٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٨ ، ٢ / ٦٤٩ ، وقبله : بكر العواذل في الصبوح يلمننى وألومهنه

(١) سميت هذه الأدوات (إن وأخواتها) حروفا مشبهة بالفعل ؛ لأنها تعمل عمل الفعل. ويقول الكوفيون :

الأصل في هذه الحروف ألا تنصب الاسم ، وإنما نصبته ؛ لأنها شبهت بالفعل ، فهي فرع عليه. المعجم المفصل في النحو (١ / ٢٥٨).

(٢) قال ابن منظور في لسان العرب : وفي حديث قتادة عن رجل من خثعم قال : دفعت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بمنى فقلت : أنت الذى تزعم أنك نبى؟ فقال : نعم وكسر العين ، وهى لغة في (نعم) بالفتح التى للجواب ، وقد قرئ بهما. وانظر تتمة الكلام عليه في اللسان (نعم).

(٣) كقوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) الضحى : ٥ ، وقد يفصل بينها وبين المضارع فعل ملغى ، مثل :

وما أدرى وسوف إخال أدرى أقوم آل حصن أم نساء. ـ

١٩٣

و (ثم) ، في العطف للترتيب مع التراخي زمانا أو مرتبة ، وقد يقال : ثمت.

و (بلى) للإيجاب لما بعد النفي مستفهما ، أو غير مستفهم.

والضرب الرابع ستة أحرف (١) : أمّا ، وإما ، وحتى ، وكلا ، ولما ، ولكن.

(فأمّا) : فيها معنى الشرط ، فقولك : أمّا زيد فمنطلق ، بمنزلة مهما يكن من شيء فزيد منطلق ، ولها عند سيبويه ، رحمه‌الله ، خاصية في تصحيح التقديم لما يمتنع تقديمه ، فيجوز ، أمّا هندا فإن عمرا ضارب ، تجويز الخليل ومن تابعه ، أما يوم الجمعة فإنك منطلق بالكسر ، والخليل ومن تابعه ، رحمهم‌الله ، لا يرون ذلك ، فلا يصح عندهم من هذا الجنس إلا ما يصح نصبه بمعنى الفعل كالظرف فاعلم.

و (إما) ، عند سيبويه ، رحمه‌الله من العواطف ، ومعناها معنى (أو) لا فرق ، إلا أن أول كلامك مع (أو) على اليقين ومع (إما) على الشك.

والأظهر أنها ليست من العواطف ، كما ذهب إليه أبو علي الفارسي (٢).

(وحتى) : تأتي عاطفة ومبتدأ ما بعدها كقوله (٣) :

__________________

وانظر المعجم المفصل في النحو (١ / ٥٥٨)

(١) انظر في هذه الحروف المعجم المفصل في النحو (١ / ٢٥٣ ـ ٢٤٠ ، ٤٤٨) ، (٢ / ٨٣٢ ، ٨٨٨).

(٢) قال في المغنى : (وزعم يونس والفارسى وابن كيسان أنها غير عاطفة).

(٣) البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص ٩٣ ولسان العرب (مطا) والدرر ٦ / ١٤١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٢٠ وشرح الأشموني ٢ / ٤٢٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢٨ ، ٢٥٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٧٤ ، وشرح المفصل ٥ / ٧٩ ، والكتاب ٣ / ٢٧ ، ٦٢٦ ومغنى اللبيب ١ / ١٢٧ ، ١٣٠ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٦٧ ، وجواهر الأدب ص ٤٠٤ ورصف المبانى ٥ / ١٨١ ، وشرح المفصل ٨ / ١٩ ولسان العرب ١٥ / ١٢٤ (غزا) ، والمقتضب ٢ / ٧٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٦ ، وانظر المعجم المفصل في الشواهد العربية (٨٦٧).

وصدر هذا البيت : سريت بهم حتى تكلّ مطيّهم.

١٩٤

وحتّى الجياد ما يقدن بارسان

ومعناها وحكمها ههنا عين ما سبق فيها جارة.

و (كلا) ، للردع والتنبيه.

و (لما) ، بمعنى إلا في نحو : أقسمت عليك لما فعلت ، و: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(١).

(ولكن) ، للاستدراك بعد النفي في عطف المفرد ، كنحو : ما جاءني زيد ، لكن عمرو ، وفي عطف الجملة بعد النفي وبعد الإثبات ، كنحو : ما جاءني زيد لكن عمرو قد جاء ، وجاءني زيد لكن عمرو لم يجيء ، وقد أخرجها عن العواطف بعضهم ؛ لصحة دخول العاطف عليها (٢).

والضرب الخامس عدة أحرف : (ألا) (٣) للتنبيه ، ك (ها) و (أما) كذلك ، وفيها استعمالات (أم) ، و (هما) ، و (هم) ، و (عما) ، و (عم) (٤) ، و (هلا) ، و (ألا) بقلب الهاء

__________________

(١) سورة الطارق ، الآية : ٤.

(٢) وحينئذ تكون حرف ابتداء واستدراك ، ويقع بعدها جملة ، إما اسمية ، كقول الشاعر :

وليس أخى من ودنى رأى عينه

ولكن أخى من ودنى وهو غائب

وإما فعلية ، كقول الشاعر :

إذا ما قضيت الدين بالدين لم يكن قضاء ...

ولكن كان غرما على غرم

وانظر المعجم المفصل في النحو (٢ / ٨٦٢).

(٣) المعجم المفصل في النحو (١ / ٢٢١ / ٢٢٢).

(٤) وأما في هذه اللغات الست تكون استفتاحية وتشبيهية ، وغالبا ما يأتى بعدها القسم ، مثل : أما والله لقد سافر القائد. المعجم المفصل (١ / ٢٣٥).

١٩٥

همزة (١) ، و (لو لا) ، و (لوما) ، (للتحضيض) (٢) ، وهي تختص بالفعل ، وسيأتيك تحقيق الكلام فيها في علم المعاني. فإذا رفع اسم بعدها أو نصب ، كان بإضمار فعل.

و (لو لا ولوما) يكونان لامتناع الثاني لوجود الأول فيما مضى ، ويلتزم بعدهما الاسم مرفوعا ، إما على الابتداء ، عند أكثر أصحابنا ، والخبر محذوف (٣) ، وإما على الفاعلية والفعل مضمر ، عند الكوفيين ، وابن الانباري منا ، وهو المختار عندي ، والضمير بعد لو لا ، إما أن يكون منفصلا مرفوعا ، كنحو : لو لا أنا ولو لا أنت ، وهو القياس ، وإما أن يكون متصلا غير مرفوع ، كنحو : لولاي ولولاك.

وأما ، (إما) في قولهم : إما أنت منطلقا انطلقت ، فقريب من هذا النوع إذ أصله عند بعضهم : لأن كنت منطلقا انطلقت ، فحذف كان وعوض عنها (ما) ، وانفصل الضمير المتصل ، وعند آخرين : إن كنت بالكسر ، ففعل بكنت ما تقدم ، ثم فتحت الهمزة لأجل الاسم ، وهو الضمير ؛ محافظة على الصورة ، وقد جاء على الأصل في قولهم : افعل هذا إما لا.

وأما الضرب السادس ، فمضمونه قد تقدم في أثناء ما تلي عليك من الحروف وليكن هذا آخر الكلام في باب الحرف.

الأسماء الفاعلة :

وأما النوع الاسمي ، فهو أيضا يعمل : الرفع ، والنصب ، والجر ، والجزم.

أما الرفع والنصب فلما يرتفع عن الفعل وينتصب عنه ليس إلا ، وإنهما لا يكونان إلا للمصدر ، واسمي الفاعل والمفعول ، والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل ، واسم الفعل ،

__________________

(١) ومنهم من قال : إن أصل (ألا) (هلا) حيث تبدل الهاء من الهمزة ، وهو الأصح ، وقال غيرهم العكس.

المعجم المفصل (١ / ٢٢٢).

(٢) في (ط): (للتخصيص) وهو تصحيف.

(٣) والرفع على الابتداء نحو قول الشاعر :

لو لا الحياء لعادنى استعبار

 .. ولزرت قبرك ، والحبيب يزار.

١٩٦

سوى نصب التمييز ، فهو غير مقصور على ما ذكر ، وهذه جملة لا بد من تفصيلها فنقول :

المصدر (١) يعمل عمل فعله ، تقول : أعجبني ضرب [زيد عمرا ، وعمرو زيدا](٢) ، ولك أن تضيف في الصورتين لغير ضرورة ، وأن تعرّف باللام للضرورة (٣) ، ولا يصح تقديم شيء مما في حيزه عليه ، كما لا يصح تقديم منصوبه على المرفوع تقديرا في الضمائر من نحو : ضربتك ، أو إياك ، وهو المختار.

واسم الفاعل (٤) : كيف كان ، مفردا أو مثنى أو مجموعا جمع تكسير أو تصحيح ، نكرة في جميع ذلك ، أو معرفة ظاهرا أو مقدرا ، [مقدما](٥) أو مؤخرا ، يعمل عمل فعله المبني للفاعل ، إذا كان على أحد زماني ما يجري هو عليه ، وهو المضارع دون المضي أو الاستمرار عندنا ، وكان مع ذلك على الأعرف معتمدا على موصوف ، أو مبتدأ ، أو

__________________

(١) المعجم المفصل (٢ / ٩٩١ ـ ١٠٠).

(٢) في (غ): [نريدا مزيدا] وهو تصحيف.

(٣) إذا كان المصدر مقرونا ب (أل) فعمله قليل ؛ لأنه بعيد عن مشابهة الفعل ؛ لاقترانه ب (أل) كقول الشاعر :

ضعيف النكاية أعداءه ...

يخال الفرار يراخى الأجل

وكقول الشاعر :

لقد علمت أولى المغيرة أنني

لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا

(فمسمعا) مفعول به للمصدر المقرون ب (أل). الضرب ، منصوب بالفتحة. المعجم المفصل (٢ / ٩٩٣)

(٤) المعجم المفصل في النحو (١ / ١١٥ ـ ١١٨).

(٥) ليست في (ط).

١٩٧

ذي حال ، أو حرف نفي ، أو حرف استفهام ، ونحو قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ)(١).

وارد على سبيل حكاية الحال ، وقولهم : الضارب عمرا أمس ، حكمه حكم الذي ضرب ، وينبه على هذا امتناعهم من نحو : [عمرا](٢) الضارب ، من تقديم المنصوب امتناعهم عن ذاك في الذي ضرب.

واسم المفعول في جميع ذلك كاسم الفاعل ، إلا أنه يعمل عمل فعله المبني للمفعول (٣)

والصفة المشبهة (٤) معتمدة تعمل عمل فعلها كنحو : زيد كريم أبواه.

وأما أفعل التفضيل (٥) ، فلا ينصب مفعولا به البتة ، والسبب في ذلك عندي ، ما

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية : ١٨.

(٢) في (ط): (عمر).

(٣) فيرفع نائب فاعل ، مثل قوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) يدخلونها(مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) ص : ٥٠ ، و (الأبواب) نائب فاعل لاسم المفعول (مفتحة). المعجم المفصل (١ / ١٣٠ ـ ١٣١).

(٤) الصفة المشبهة : هى وصف يؤخذ من الفعل اللازم ؛ ليدل على معنى ثالث في الموصوف ، ولا تصاغ إلا من الماضى الثلاثى اللازم المتصرف مثل قول الشاعر :

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ...

قبر ابن مارية الكريم المفضل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ...

شم الأنوف من الطراز الأول

وأوزان هذا الماضى ثلاثة : (فعل) مثل (فرح) ، (فعل) مثل (شرف) ، (فعل) مثل (مات).

وانظر تفصيل الكلام عليها في (المعجم المفصل ١ / ٥٧٤ ـ ٥٧٩).

(٥) المعجم المفصل في النحو (١ / ١٠٤ ـ ١٠٥).

١٩٨

نبهت عليه في القسم الأول ، من أن بناءه من باب أفعال الطبائع ، وقد عرفت أنه لا يتعدى ، وفي رفعه للمظهر دون المضمر للأكثر منع ، وقد روي على الممنوع قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

" ما من أيام أحب إلى الله الصوم فيها من عشر ذي الحجة (١) بفتح أحب ، وقولهم ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد ، بنصب أحسن.

وشأن اسم الفعل (٢) في باب الرفع والنصب شأن مسماه ، وتقديم المرفوع على الرافع في جميع ذلك ممتنع ، وكذا حذفه ، اللهم إلا عند المصدر كقوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً)(٣).

ولا يقال : لعله مضمر ، إذ لو كان يضمر للزم أن يصح ، نحو : أعجبني من هذا الأمر ظهور كله ، على نحو : إن ظهر كله ، وليس يصح ؛ ومن شأنه إذا كان ضميرا مستكنا ، ولا يستكن في المصدر ، أن يبرز البتة ، إذا جرى متضمنه على [غير](٤) ما هو له ، سواء كان الموضع موضع التباس ، كنحو : زيد عمرو ضاربه هو ، أو لم يكن ، كنحو : زيد هند ضاربها هو ، أو زيد الفرس راكبه هو.

التمييز :

أما ما ينصب التمييز من غير ذلك ، فهو كل اسم يكون محلا للإبهام ، وهو ضمير ، كنحو : ويحه رجلا ، ولله دره فارسا ، وحسبك به ناصرا ، وربه كريما ، وغير ذلك.

وصحة اقتران (من) بما ذكرنا تنفي وهم كونها أحوالا أو مضافا ، كنحو : ما في السماء موضع كف سحابا ، ولي ملء الإناء ماء ، ومثل : التمرة زبدا ، أو فيه نون جمع

__________________

(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العيدين ، باب فضل العمل في أيام التشريق (فتح البارى ٢ / ٥٣٠ حديث ٩٦٩). ط الريان ، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه.

(٢) المعجم المفصل (١ / ١١٨ ـ ١٢٢).

(٣) سورة البلد ، الآيات : ١٤ ، ١٥.

(٤) في (ط): (غيرها).

١٩٩

أو تثنية : كعشرون درهما ، ومنوان سمنا ، أو تنون ظاهرا كنحو عندي راقود خلا ، ورطل زيتا ، وكأي رجلا ، أو تقديرا : كأحد عشر درهما ، وكم رجلا؟ في الاستفهام. وكم في الدار رجلا ، في الخبر ، إذا فصلت ، وكذا كذا دينارا ، وتقديم المنصوب هنا على الناصب ممتنع.

واعلم أن الأسماء الناصبة للمميز تتفاوت في اقتضاء زيادة حكم له على النصب ، وعدم الاقتضاء ، فالأعداد مفردة كعشرون ، وثلاثون إلى تسعون ، تقتضي في المنصوب الإفراد حتما ، ومركبة تقتضي فيه ذلك مع التذكير ، إذا كانت على نحو : أحد عشر ، إلى : تسعة عشر ، ومع التأنيث إذا كانت على : نحو إحدى عشرة بسكون الشين ، أو كسرها ، اثنتا عشرة أو ثنتا ، ثلاث عشرة إلى تسع عشرة ، ونحو : قوله تعالى : (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً)(١). محمول على البدل ، ولا يجوز إضافتها إلى المميز ، وكذا حكم : (كم) الاستفهامية ، و (كأي) (٢) بدون (من) ، فإنها تصحبه في الأغلب ، وكذا حكم : عشرون ، والضمير ، والمضاف ، و (كم) الخبرية عند الفصل بغير الظرف ، نظائر : عشرون إلا في لزوم الإفراد للمميز.

والظاهر من حكم جميع ما عدا ذلك ، الخيرة بين الإفراد وتركه ، وجواز الإضافة أيضا ، إذا لم يكن الناصب اسم فعل ، ولا من باب التفضيل ، من نحو : هو أصلب من فلان نبعا ، وخير منه طبعا.

الجر بالإضافة :

وأما الجر (٣) ، فلما يضاف هو إليه ، كنحو : غلام زيد ، وخاتم فضة ، وضارب

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٦٠.

(٢) انظر في (كأى ، وكم) المعجم المفصل (٢ / ٨٢٣ ، ٨٣٥).

(٣) الجر بالإضافة : حالة الاسم الذى يكون مجرورا ؛ لأنه مضاف إليه كقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) الأعراف ٤٣ ، (فأصحاب) فاعل مرفوع وهو مضاف (الجنة). وانظر في الإضافة المعجم المفصل في النحو (١ / ١٧٢ ـ ١٩٢).

٢٠٠