مفتاح العلوم

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]

مفتاح العلوم

المؤلف:

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦

محالة كقولك : ارمين وادعون واخشين ، وليرضين. والخفيفة لا تخالف الثقيلة في جميع ذلك إلا في وقوعها بعد الألفين ، فلا ثبات لها هنالك عندنا خلافا للكوفيين ، فهم جوزوا إثباتها ساكنة عند بعضهم ، مكسورة عند آخرين في الوصل (١).

النوع الثالث عشر : في إجراء الوقف على الكلم

في الوقف ثلاث لغات أو أربع. التضعيف ، كقولك : عمر ، وهو مختص بالذي آخره صحيح غير همزه وما قبله متحرك ؛ والرفع وهو أن تروم في إسكانك الآخر قدرا من التحريك ، والإسكان الصريح وهو على نوعين : إسكان بإشمام ، وهو ضم الشفتين بعد الإسكان ، وأنه مختص بالمرفوع ؛ وبغير إشمام ، والأصل في سكون الوقف أن لا يعتد به لكونه عارضا ، فلا يحتفل باجتماع الساكنين في نحو بكر وعمرو وغلام وكتاب ، ثم [من](٢) العرب من يحتفل به فيحول حركة الآخر ضمة كانت أو كسرة دون الفتحة التي هي لخفتها كلا حركة ، ولعدم استمرار المحتفل به معها كقولهم : بكرا وعمرا ، هذا إذا لم يكن [الآخر](٣) همزة إلى ما قبله إذا كان صحيحا ساكنا كنحو : مررت ببكر ، وجاءني بكر ، وكذا ضربته ولم أضربه ؛ وأما إذا كان همزة حولها ، أية كانت ، بعلة التخفيف أو تمهيد له كنحو : الخبو والردو والبطو ، والخبي والردي والبطي ، والخبا والردا والبطا ، على هذا الوجه ، إلا قوما من تميم ، فهم يتفادون من أن يقولوا : هذا الردو ومن البطي فيفرون إلى الاتباع قائلين : هذا الرديء ومن البطؤ. ومن العرب من يعامل ما يتحرك ما قبل همزته كالكلا ، بمجرد علة التخفيف معاملة ما يسكن ما قبل همزته ، فيقول : الكلو والكلي والكلا. والحجازيون في قولهم الكلا بالألف في الأحوال

__________________

(١) ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز إدخال نون التوكيد الخفيفة على فعل الاثنين ، وجماعة النسوة نحو (افعلان ، وافعلنان) بالنون الخفيفة ، وإليه ذهب يونس بن حبيب البصري ، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز إدخالها في هذين الموضعين.

(٢) في (ط): (إن).

(٣) في (ط) و (غ): (الآخرة).

١٢١

الثلاث [وأكموا](١) بالواو فيها ، وكذا في قولهم أهني بالياء ، عاملون بسكون الوقف معاملة سكون همزة رأس ولؤم وبئر ، فاعلم.

وللوقف وراء هذا ما يتلى عليك فاستمع ؛ وذلك قلب تاء التأنيث هاء كنحو : ضاربه (٢) ، إلا عند بعض يقولون : ضاربت وهم قليل ؛ واستدعاء هاء فيما هو على حرف واحد كنحو : قه وره ونحو مجيء : مه ومثل مه في مجيء : م جئت ، ومثل : م أنت على الوجوب. وأما في نحو : علام وفيم ، قوي الاتصال بما قبله وفيما حذف آخره المعتل من الغابر ، ومثال الأمر فعلى الجواز لك أن تسكن وأن تلحق الهاء ، وحذف التنوين إذا لم يكن ما قبله مفتوحا نحو : جاءني زيد ومررت بزيد ، وكذا قاض عند سيبويه وهو الأكثر ، أو قاضي عند الأخفش ، وقلبه ألفا إذا كان مفتوحا نحو : رأيت زيدا وقاضيا. وحكم النون الخفيفة ونون إذن حكم التنوين ، فقل في الوقف على هل تضربن وإذا تضربون ، وإذا وجواز حذف الياء في نحو القاضي ، ويا قاضي عند بعض مع امتناع حذفها في نحو يا مري ويايعي اسما مما لا يبقي بعد الحذف إلا على حرف واحد أصلي عند الجميع ، وإبدال الألف على خلاف الأعرف ياء أو واوا أو همزة كحبلي بالياء في لغة قوم من بني فزارة وقيس ، وحبلو بالواو في لغة قوم من طي ، وحبلأ بالهمزة في لغة قوم ، وكذا رأيت رجلا ويضربها وقالوا : خ خ أنا مرة ، وأنه أخرى في الوقف على أنّ ، وهو بالإسكان تارة ، خ خ وهوه أخرى وههنا ، خ خ وها هناه ، [وهؤلا](٣) ، وهؤلاء ، عند القصر ؛ وأكرمتك وأكرمتكه ، وغلام وضربن فيمن يسكن الياء وصلا ، وغلامي وضربني ، وغلاميه وضربنيه ، فيمن يحرك ؛ وضربكم وضربهم ، وعليهم ، وبهم ، ومنه ، وضربه بالإسكان فيمن ألحق وصلا ، أو حرك ؛ وهذه فيمن قال هذهي ، والوقف

__________________

(١) في (ط): (وأكمموا).

(٢) في بعض النسخ (ضاربة) بالتاء وهو خطأ ، والصواب بالهاء.

(٣) في (ط) و (د) (هؤلاء) والصحيح (هؤلا) بحذف الهمزة ، ليجانس ما قبله ، وليوقف عليه بالصورة الأخرى (هؤلاه) بهاء السكت ، وقوله بعده : (عند القصر) يوضح ذلك.

١٢٢

على من الاستفهام أن يشبع في نونه حركة المستفهم عنه كنحو : منو ، مني ، منا فقط ، أو أن تثنى وتجمع وتؤنث أيضا على نحو المستفهم عنه كنحو : منان ، منين ، منون ، منين ، منة ، منتان ، منتين ، منات ، وكل واو أو ياء لا تحذف في الوقف ، تحذف فيه بشفاعة الفاصلة كنحو : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ)(١) ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ)(٢) أو القافية كقوله :

وبعض القوم يخلق ثمّ لا يفر (٣)

هذا ، ثم إن الوصل قد يجري مجرى الوقف مثل قوله :

ببازل وجناء أو عيهل (٤)

وقوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)(٥).

كمل القسم الأول من الكتاب. والله المشكور على كماله والمسؤول أن يمنح التوفيق في الباقي. بحق محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآله (٦).

__________________

(١) الرعد : ٩.

(٢) الفجر : ٤.

(٣) عجز بيت لزهير بن أبي سلمى ، وهو في ديوانه ٩٤.

والخالق الذى يقدر ويهيئ القطع ، يقول : أنت إذا تهيأت لأمر مضيت له.

(٤) رجز لمنظور بن مرثد الفقعسى الأسدى ، وهو من شواهد سيبويه (الكتاب ٤ : ١٧٠) ، والخصائص لابن جنى (٢ / ٣٥٩) والإنصاف (٢ / ٨٧٠) ولسان العرب (عيهل) ونسبه إليه ، وخزانة الأدب (٤ / ٣٧٨).

(٥) الكهف : ٣٨.

(٦) هذا من الدعاء البدعى ، الذى لا يشرع.

١٢٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

القسم الثاني

علم النحو

تمهيد

الفصل الأول : (علم النحو : ما هو)؟

الفصل الثاني : (ضبط ما يفتقر إليه علم النحو)

الباب الأول : القابل.

الباب الثاني : الفاعل.

الباب الثالث : الأثر وهو الإعراب.

الخاتمة

١٢٤

القسم الثاني

(من الكتاب في علم النحو. وفيه فصلان (١))

أحدهما في أن علم النحو ما هو؟

والثاني في ضبط ما يفتقر إليه في ذلك.

الفصل الأول

علم النحو : ما هو؟

اعلم أن علم النحو هو أن تنحو معرفة كيفية التركيب فيما بين الكلم لتأدية أصل المعنى مطلقا بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب ، وقوانين مبنية عليها ، ليحترز بها عن الخطأ في التركيب من حيث تلك الكيفية ، وأعني بكيفية التركيب تقديم بعض الكلم على بعض ، ورعاية ما يكون من الهيئات إذ ذاك ، وبالكلم نوعيها المفردة وما هي في حكمها ، وقد نبهت عليها في القسم الأول من الكتاب ، وسيزداد ما ذكرنا وضوحا في القسم الثالث إذا شرعنا في علم المعاني بإذن الله تعالى.

الفصل الثاني

ضبط ما يفتقر إليه علم النحو

في ضبط ما يفتقر إليه في ذلك ، والكلام فيه يستدعي تقديم مقدمة.

__________________

(١) في بعض النسخ : بسم الله الرحمن الرحيم القسم الثاني في علم النحو وفيه فصلان.

١٢٥

مقدّمة

وهي أن تلك الهيئات التي يلزم رعايتها ، على تفاوتها بحسب المواضع وجهة التقديم والتأخير ، منحصرة بشهادة الاستقراء في أنها اختلاف كلم دون كلم ، اختلافا لا على نهج واحد ، لاختلاف أشياء معهودة ، فيظهر من هذا أن الغرض في هذا الفصل إنما يحصل بضبط ثلاثة : القابل والفاعل والأثر. فلنضمنه ثلاثة أبواب : أحدها في القابل ، وهو المسمى عند أصحابنا معربا. وثانيها في الفاعل وهو المسمى عاملا ، وثالثها في الأثر وهو المسمى إعرابا .. ولا يذهب عليك أن المراد بالقابل ههنا هو ما كان له جهة اقتضاء للأثر فيه من حيث المناسبة ، وبالفاعل هو ما دعا الواضع إلى ذلك الأثر أو كان معه داعية له إلى ذلك ، وإلا فالفاعل حقيقة هنا هو المتكلم.

١٢٦

الباب الأول

القابل أو المعرب

في القابل وهو المعرب :

اعلم أن ليس كل كلمة معربة ، بل في الكلم ما يعرب ، وفيها ما لا يعرب ، ويسمى مبنيا. فلا بد من تمييز البعض عن البعض ، ويتعين أحدهما بتعيين الآخر ، والمبني أقرب إلى الضبط فلنعينه يتعين المعرب.

اعلم أن المبني قسمان : قسم لا يحتاج إلى عده واحدا فواحدا ، وقسم يحتاج إلى ذلك.

القسم الأول

جعلناه أربعة عشر نوعا :

أولها : الحروف.

وثانيها : الأصوات المحكية على قول من لا يجعلها حروفا كنحو : حس (١) وبس (٢) ووي (٣) ووا (٤) وأخ (٥) وبخ (٦) ومض (٧) وغيط (٨) ونح (٩)

__________________

(١) حس : أن يتمنطق بشفتيه عند رد المحتاج.

(٢) بس : أن يتمنطق بشفتيه ، دعاء للغنم.

(٣) وى : كلمة تعجب ، نحو : وى لزيد أى أعجب به ، وتأتى للزجر.

(٤) وا : تأتى حرف نداء مختصا بالندبة ، وقد يستعمل في النداء الحقيقى.

(٥) أخ : يستعمل عند التكره.

(٦) بخ : اسم فعل معناه عظم الأمر وفخم ويستعمل عند الإعجاب ، ويكرر للمبالغة (بخ ، بخ).

(٧) مض : أن يتمنطق بشفتيه عند رد المحتاج.

(٨) غيط : صوت الفتيان إذا تصايحوا في اللعب.

(٩) نح : تردد الصوت في الصدر.

١٢٧

ونخ (١) وهيخ (٢) وأيخ (٣) ، ونحو : ظيخ (٤) وشيب (٥) وماء (٦) وغاق (٧) وخاز باز (٨) وطاق (٩) وطق (١٠) وقب (١١) ، ونحو : هلا (١٢) وعدس (١٣) وهيد (١٤) [وهيد](١٥) وهاد (١٦)

__________________

(١) نخ : صوت عند إناخة البعير. (مشددة ومخففة).

(٢) هيخ : صوت عند إناخة البعير.

(٣) أيخ : صوت عند إناخة البعير.

(٤) ظيخ : حكاية صوت الضاحك.

(٥) شيب : صوت مشافر الإبل عند الشرب.

(٦) ماء : حكاية بغام الظبية.

(٧) غاق : حكاية صوت الغراب (يقال غاق غاق ، وعاء عاء).

(٨) خازباز : ضرب من العشب ، وعند بعض العرب ذباب يكون في الروض.

(٩) وفيه لغات (الكتاب ٣ / ٣٠١) ، وفي المفصل ٧١ ، وشرح المفصل ٤ / ١٢٠ ، طاق : حكاية صوت الضرب.

(١٠) طق : حكاية صوت وقع الحجارة بعضها ببعض.

(١١) قب : حكاية صوت وقع السيف.

(١٢) هلا : زجر الخيل.

(١٣) عدس : اسم صوت يزجر به البغل ، اسم للبغل.

(١٤) هيد : بفتح الهاء ، زجر للإبل.

(١٥) هيد : بكسر الهاء ، زجر للإبل.

(١٦) هاد : زجر للإبل.

١٢٨

وحه (١) وده (٢) وحوب (٣) وحاي (٤) وعاي (٥) وحب (٦) وحل (٧) وهدع (٨) وهس (٩) وهيخ (١٠) وفاع (١١) وحج (١٢) وعه (١٣) وعيز (١٤) وهج (١٥) وهجا (١٦) وجاه (١٧) ، ونحو : جوت (١٨) وجي ودوه (١٩) وبس (٢٠) وثيء (٢١) وساء (٢٢) [وسوء](٢٣) وقوس (٢٤) ،

__________________

(١) جه : زجر للإبل.

(٢) ده : زجر للإبل.

(٣) حوب : حث للإبل.

(٤) حاى : حث للإبل.

(٥) عاى : حث للإبل.

(٦) حب : زجر للإبل. يقال للجمل : حب لا مشيت.

(٧) حل : زجر للناقة.

(٨) هدع : تسكين لصغار الإبل.

(٩) هس : زجر للغنم.

(١٠) هيخ : صوت عند إناخة البعير.

(١١) فاع : زجر للغنم.

(١٢) حج : زجر الضأن إلى الشرب.

(١٣) عه : زجر الضأن إلى الشرب.

(١٤) عيز : زجر الضأن إلى الشرب.

(١٥) هج : زجر للغنم.

(١٦) هجا : زجر للكلب.

(١٧) جاه : زجر للسبع.

(١٨) جوت : دعاء للإبل إلى الشرب.

(١٩) دوه : دعاء للربع.

(٢٠) بس : دعاء للغنم.

(٢١) ثىء : دعاء للتيس عند السفاد.

(٢٢) ساء : دعاء للحمار إلى الشرب.

(٢٣) في (غ) (تشؤ) وهي دعاء للحمار إلى الشرب.

(٢٤) قوس : دعاء للكلب (ينظر شرح المفصل لابن يعيش لمعرفة هذه الأسماء (٤ / ٧٥).

١٢٩

ونظائرهن.

وثالثها : أمثلة الماضي ، والأمر أيضا عندنا.

ورابعها : أسماء الأفعال كنحو : رويد (١) زيدا ويقال : رويدك [وتبل](٢) وهلم (٣) وهات (٤) ، والأصح فيه عندي أنه ليس باسم فعل ، وستعرفه ، وهاء (٥) فيه لغات وله استعمالات ، ودونك زيدا ، وعندك عمرا ، وحذرك بكرا ، وحذارك وحيهل (٦) وفيه لغات ، وبله (٧) ، وعليك الأمر ، وبه ونحو : صه (٨) ومه وهيت (٩) وهلم (١٠) وهل (١١) وهيك (١٢) وهيل (١٣) وهيا (١٤) وقدك وقطلك (١٥) وإليك وأمين وآمين (١٦) ، ونحو :

__________________

(١) رويد : بمعنى أمهله.

(٢) التبل : العداوة ، والجمع تبول والتبل : الحقد.

سقطت من (ط).

(٣) هلم : أي قربه وأحضره.

(٤) هات الشيء : أعطنيه.

(٥) هاء : خذ.

(٦) حيهل الثريد : أي ائتيه.

(٧) بله زيدا : أي دعه.

(٨) صه : اسكت ، ومه : اكفف.

(٩) هيت : أسرع.

(١٠) هلم : أي قربه وأحضره.

(١١) هل : أسرع.

(١٢) هيك وهنيك وهيا : أسرع.

(١٣) الهيل : ما لم ترفع به يدك ، وهال الرمل : دفعه فانهال.

(١٤) هيا : أسرع.

(١٥) قطلك وإليك : اكتف.

(١٦) آمين : استجب.

١٣٠

هيهات. وفيه لغات ، وشتان (١) وسرعان (٢) ووشكان (٣) وأف (٤) وأوه (٥) وفيه لغات ، وأمثال ذلك دون حسبك فيه وكفيك على الظاهر.

وخامسها : المضمرات.

وسادسها : المبهمات : وهي كل ما كان متضمنا للإشارة إلى غير المتكلم والمخاطب من دون شرط أن يكون سابقا في الذكر لا محالة ، ثم إذا كان مدركا بالبصر أو منزلا منزلته بحيث يستغنى عن قصة كنحو : ذا وتا وتي وته وذه وأولا بالقصر والمد ، وغير ذلك سميت أسماء الإشارة ؛ وإن لم يكن مدركا بالبصر ولا منزلا منزلته بحيث لا يستغني عن قصة كنحو : الذي والتي وما ومن وذو الطائية وذا في ما ذا والألف واللام في نحو الضارب زيدا أمس والألى ، وما انخرط في هذا السلك ، سميت موصولات ، وتلك القصة صلة إلا المثنى منها في أكثر اللغات ، واللائين والذين أيضا في لغة بني عقيل وبني كنانة ، قال قائلهم :

نحن الذون صبحوا الصباحا ..

يوم النخيل غارة ملحاحا (٦)

وإلا أيهم (٧) كاملة الصلة عند سيبويه ومن تابعه ، أو على أية حال كانت عند الخليل ، ووجه ترك القصة في نحو : اللتيا واللتي يأتيك في علم المعاني ، إن شاء الله تعالى.

وسابعها : صدور المركبات من نحو : بعلبك وحضر موت وخمسة عشر والحادي

__________________

(١) شتان : بعد.

(٢) سرعان : أسرع.

(٣) وشكان : وشك.

(٤) أف : أتضجر. ينظر شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ٧٥) لمعرفة هذه الأصوات.

(٥) أوه : أتوجع.

(٦) البيت من الرجز ، وهو لرؤبة (ديوانه ١٧٢) والمغنى (٨ / ٥).

(٧) الكتاب (٢ / ٢٩٨) ، وفيه البحث عن أى.

١٣١

عشر والحادية عشرة ، ونحو : ضاربة وهاشمي عندي إذا تأملت وأمثالها إلا اثني عشر على الأقرب ، ونحو : زيد بن عمرو ، وهند ابنة عاصم ، مما يكون العلم موصوفا بابن مضاف إلى العلم ، أو ابنة هي كذلك ، إلا أن هذا الصدر من بين صدور المركبات التزم فيه اتباعه حركة العجز ، وهو المضاف. هذا ما يذكر ولي فيه نظر.

وثامنها : الغايات وهي كل ما كان أصل الكلام فيه أن ينطق به مضافا ، ثم يختزل عنه ما يضاف إليه لفظا لا نية ، كنحو : أتيتك من قبل مثلا.

وتاسعها : ما يتضمن معنى حرف الاستفهام أو الجزاء ما عدا أيا ، أو معنى غير ذلك ، لكن من إعجاز المركبات كنحو : أحد عشر وأخواته ، وكذا حيص بيص (١) ، وكفة كفة ، وصحرة بحرة (٢) ، فيمن لا يضم إليهما نحرة ، وبين بين ، ويوم يوم ، وصباح مساء ، وشغر بغر (٣) ، وشذر مذر (٤) ، وخذع (٥) مذع ، وحيث (٦) بيث ، وحاث (٧) باث ، لتضمن الأعجاز فيها كلها معنى حرف العطف ، وكذا جاري بيت بيت ، لتضمن العجز إما معنى اللام أو معنى إلى عند أصحابنا ، والأولى عندي أن يضمن معنى حرف غير عامل فيه ، كفاء العطف لسر تطلع عليه في خاتمة الكتاب بإذن الله تعالى.

وعاشرها : ما كان على فعال ، إما أمرا كنحو : حذار وتراك ، وأنه قياس عند

__________________

(١) حيص بيص : الاختلاط أو الشدة أو الضيق.

(٢) صحرة بحرة : يقال : لقيته صحرة بحرة إذا لم يكن بينك وبينه شئ. اللسان (صحر).

(٣) شغر بغر : يقال : تفرقوا شغر بغر أى في كل وجه (شرح المفصل ٤ / ١١٩).

(٤) شذر مذر : يقال : تفرقوا شذر مذر أى ذهبوا في كل وجه (شرح المفصل ٤ / ١١٩).

(٥) خذع مذع : يقال ذهبوا خذع مذع أى متفرقين.

(٦) حيث بيث : من الاتباع وهو أن تتبع الكلمة الكلمة على وزنها أو رويها إشباعا وتأكيدا (الصاحبى ٢٧٠)

(٧) حاث باث : من الاتباع. في شرح المفصل (٤ / ١٩٩) : قالوا تركوا البلاد حيث بيث وحاث باث وحوث بوث إذا تفرقوا. وربما نونوا تشبيها لها بالأصوات المذكورة ، وقالوا : حيثا بيثا.

١٣٢

سيبويه (١) في جميع الثلاثيات المجردة ، وإما بمعنى المصدر المعرفة كنحو : فجار للفجرة ، ويسار للميسرة ، وجماد للجمود ، وحماد للمحمدة ، ولا مساس ، ودعني كفاف ، ولا عباب ، ولا أباب وبوار ، وبلاء ، وغير ذلك (٢). وإما معدولة (٣) عن الصفة مختصة بالنداء كنحو : يا رطاب ، ويا خباث ، ويا دفار (٤) ، ويا فجار ، يا لكاع (٥) ، وقوله :

أطوف ما أطوف ثم آوي ...

إلى بيت قعيدته لكاع (٦)

شاذ ، ويا فساق ، ويا خضاف (٧) ، ويا خزاق (٨) ، ويا حباق (٩) ؛ أو غير مختصة به كنحو : براح (١٠) وكلاح (١١) وجداع (١٢) وإذام (١٣) وطمار (١٤) وطبار (١٥) ولزام ؛ وإما

__________________

(١) الكتاب (٣ / ٢٧١).

(٢) المفصل ٦١ ، ٦٣.

(٣) المفصل ٦١ ، ٦٣.

(٤) دفار : من الدنيا ، وأصلها الدفر ، أى النتن.

(٥) لكاع : لئيمة. (الكتاب ٣ / ٢٧٢).

(٦) الشعر للحطيئة يهجو فيه امرأته. والحطيئة هو أبو مليكة ، ابن أوس العيسب ، ولد دعيا لا يعرف نسبه ، واضطر إلى الشعر لكسب القوت ، سىء الخلق ، دنىء النفس ، فاسد الدين ، .... إلى آخر الصفات الكريهة التي أسبغها عليه الأصمعي .... وكان شاعرا متين الشعر ، غزير البحر ، رائق الأسلوب ...

مات سنة ٥٩ ه‍ والبيت من الوافر له. (الديوان ٢٨٠).

(٧) خضاف : من خضف البعير إذا ضرط. يقال للأمة : يا خضاف ، وللمسبوب : يابن خضاف.

(٨) خزاق : خزق الطائر ، والرجل ، يخزق خزقا : ألقى ما في بطنه ، ويقال للأمة : يا خزاق يكنى به عن الذرق ، والذرق : الخراء.

(٩) حباق : من حبق أى ضرب ، وحبق العنز : ضرط ، وأكثر استعماله في الإبل والغنم ، ويقال للأمة : يا حباق.

(١٠) براح : اسم علم للشمس.

(١١) كلاع : السنة المجدبة.

(١٢) جداع : السنة الشديدة ، التى تؤخر النبات فلا ينمو ، وتذل الناس.

(١٣) إدام : من أدم وهو خلط الخبز بالإدام.

(١٤) طمار : اسم للمكان المرتفع. يقال : انصب عليهم فلان من طمار (مثل).

(١٥) طبار : يقال : وقعوا في طبار : أى في داهية.

١٣٣

معدولة (١) عن فاعلة في الأعلام كنحو : حذام وقطام (٢) وبهان (٣) وسجاح وكساب (٤) وسكاب (٥) وظفار (٦) وعرار (٧) ، في لغة أهل الحجاز (٨) دون لغة بني تميم في غير ما كان آخره من ذلك راء ، إذ في الرائى لا خلاف في البناء.

وحادي عشرها : ما أضيف إلى ياء المتكلم أو إلى الجمل من أسماء الزمان كيوم فعل أو إلى إذ منها : كيومئذ وما شاكل ذلك فيمن يبني فيهما.

وثاني عشرها : ما نودي مفردا معرفة كنحو : يا زيد.

وثالث عشرها : ما نفي نفي جنس ، كنحو : لا رجل.

ورابع عشرها : نحو يضربن من الأفعال المضارعة ، وليضربن أو ليضربن مما هو يقترن بنون جماعة النساء ، أو نون التوكيد ، وههنا نوع خامس عشر وهي الجمل.

__________________

(١) المفصل : ٦٣ ، ٦٤.

(٢) قطام : المكان العالى.

(٣) بهان : اسم علم.

(٤) كساب : اسم كلبة.

(٥) سكاب : اسم فرس.

(٦) ظفار : موضع ، وقيل : هى قرية من قرى حمير. وهى في الجنوب العربى الآن.

(٧) عرار : مثل فطام : اسم بقرة.

(٨) المفصل ٦٣ ، ٦٤.

١٣٤

والقسم الثاني من المبني

إذا وإذ والآن وأمس (١) عند غير الخليل (٢) ، وقط ، وفيه لغات ، وعوض (٣) بالفتح والضم ، وحيث بالحركات الثلاث ، وحوث بمعناه بالضم والفتح ، ولدن وأخواته جمع إلا في لغة قيس ، ومن وما الموصوفتان ، وما غير موصولة ولا موصوفة ، وكم الخبرية ، وكأبن وكأي على مذهب يونس بن حبيب (٤) ومحمد بن [يزيد](٥) ، وكيت وزيت ولهى أبوك وأخواته ووله لا أفعل ولات أوان في قوله :

طلبوا صلحنا ولات أوان ...

فأجبنا أن ليس حين بقاء (٦)

فيمن ليس مجرورا عنده ، ولما ومذ ومنذ وعلى وعن والكاف أسماء.

__________________

(١) الكتاب (٣ / ٢٨٣) وفيه سؤال سيبويه الخليل عن أمس.

(٢) الخليل : هو الخليل بن أحمد الفراهيدى الأزدى وهو أستاذ سيبويه توفى عام ١٧٤ ه‍ (أخبار النحويين البصريين ٣٠ ، ٣١).

(٣) عوض : ظرف لاستغراق المستقبل. مثل : لا أفارقك عوض ، أى : أبدا أو لاستغراق المضى نحو : ما رأيت مثله عوض أى قط.

(٤) يونس بن حبيب نحوى بصرى وهو من كتاب أبى عمرو بن العلاء ، وروى عنه سيبويه ، وله قياس في النحو ، وسمع منه الكسائى والفراء من الكوفيين ، توفى عام ١٨٩ ه‍ (أخبار النحويين البصريين ٢٧ ـ ٣٠).

(٥) تصحفت في (ط) إلى (زيد) ، ومحمد بن يزيد ، هو المبرد.

(٦) البيت من الخفيف ، وهو للطائى أبى زبيد (ديوانه ٣١) و (الخصائص ٢ / ٣٧٧). وتأول أبو العباس قول الشاعر أى إبقاء ، على أنه حذف المضاف إليه ، أوان ، فعوض التنوين عنه.

١٣٥

أنواع المعرب :

هذا هو الحاصل من مبنيات الكلم ، وما خرج منه فهو معرب. وأنه نوعان : نوع من الأسماء وهو يختص بالرفع والنصب والجر ، ونوع من الأفعال وهو [ما](١) يختص بالرفع والنصب والجزم.

ثم إن النوع الاسمي صنفان : صنف يقبل الحركات مع التنوين ويسمى منصرفا ، وصنف لا يقبلها مع التنوين ويسمى غير منصرف. فلا بد من تمييز أحدهما عن الآخر ، والوجه في ذلك هو أن ههنا أمورا تسعة وتسمى أسباب منع الصرف.

أحدها : التأنيث معنى أو لفظا بالتاء أو بما يقوم مقامه ، كالآخر من المؤنث الزائد على ثلاثة أحرف مثل : عناق وعقرب ، ومثل مساجد ومصابيح عندي من بين المكسرات للزوم الجمع التكسيرى الذي هو كذلك ، التأنيث بخلاف ما سوى ذلك ، إذا اقترن بالعلمية نحو : سعاد وطلحة وعناق وعقرب ومساجد ومصابيح أسماء أعلاما ، أو بالألف مقصورة كانت : كحبلى ، أو ممدودة : كصحراء ؛ وسيرد في ألف التأنيث كلام في باب العامل.

وثانيها : العجمة وهي كون الكلمة من غير أوضاع العربية كنحو : إبراهيم وإسماعيل ونوح ولوط ، إذا اقترنت بالعلمية (٢).

وثالثها : العدل وهو تغيير الصيغة بدون تغيير معناها كتغيير نحو : عامر وحاذمة في الأعلام ، وواحد وأحد إلى عشرة عشرة في غيرها ، إلى عمر وحذام ، وإلى موحد أو آحاد إلى معشر أو عشار.

__________________

(١) في (ط).

(٢) حرك السكاكى (نوح ولوط) ويوحى ذلك بجواز الأمرين عنده ، والعلم الأعجمى إذا كان ثلاثيا ساكن الوسط وجب صرفه ، مثل : نوح ، ولوط ، وهود ، وشيث ، والسكاكى أخذ عدم صرفها عن الزمخشري في (المفصل ١٠) والجمل (٩).

١٣٦

ورابعها : الجمع اللازم كنحو : مساجد ومصابيح ، وفيه تفصيل ، وهو أن نحو : مساجد مما بعد ألف جمعه حرفان ، إذا كان ثانيهما ياء حذف في الرفع والجر ، ونون إلا فيما لا يعتد به.

وخامسها : وزن الفعل المختص بالأفعال كنحو : ضرب ، أو المنزل بمنزلته ، وهو الغالب ، كنحو : أفعل.

وسادسها : الألف والنون الزائدتان في باب فعلان فعلى ، كنحو سكران ، أو في الأعلام كنحو : مروان وعثمان.

وسابعها وثامنها : الوصف والتركيب الظاهر كنحو : ضارب وبعلبك ، وقولي التركيب الظاهر احتراز عن نحو ضاربة وهاشمي على ما قدمت.

وتاسعها : العلمية وهي كون الاسم موضوعا لشيء بعينه لا يتعداه. وقد عد بعض النحويين عاشرا : وهو ألف الإلحاق المقصورة إذا اقترنت بالعلمية ، وعند من لم يعد ألحقها بألف حبلى.

هذه التسعة متى كان في الاسم المعرب منها الجمعية اللازمة ، أو ألف التأنيث مقصورة أو ممدودة ، أو مما سوى ذلك اثنان فصاعدا كان غير منصرف ، وإلا كان منصرفا البتة عندنا خلافا للكوفيين ، فهم جوزوا منعه عن الصرف للعلمية وحدها.

وههنا تفصيل لا بد منه : وهو أن الاسم إذا كان ثلاثيا ساكن الحشو ، فمع الاثنين صرفه أولى ، وأن نحو أحمر مما يمتنع من الصرف اسم جنس عند تنكيره عن العلمية ، إذا كنت نقلته إليها لا يصرفه سيبويه ويصرفه الأخفش ، وأن مصغر نحو : أعشى يعامل معاملة باب جوار.

وجها الإعراب :

ثم إن المعرب في قبوله الإعراب على وجهين : أحدهما : أن يكون بحيث لا يقبله إلا بعد أن يكون غيره قد قبله ، والثاني : أن لا يكون كذلك.

والوجه الأول من النوع الاسمي خمسة أضرب تسمى التوابع وهي : صفة وعطف بيان ومعطوف بحرف وتأكيد وبدل.

١٣٧

فالصفة : هي ما يذكر بعد الشيء من الدال على بعض أحواله تخصيصا له في المنكرات ، وتوضيحا في المعارف ، وربما جاءت لمجرد الثناء والتعظيم كالصفات الجارية على القديم سبحانه وتعالى ، أو لما يضاد ذلك من الذم والتحقير ، أو للتأكيد كنحو : أمس الدابر ، ومن شأنها إذا كانت فعلية وهي ما يكون مفهومها ثابتا للمتبوع أن تتبعه في الإفراد والتثنية والجمع ، والتعريف والتنكير ، والتأنيث والتذكير ، كما تتبعه في الإعراب. وإذا كانت سببية وهي ما يكون مفهومها ثابتا لما بعدها ، وذلك متعلق لمتبوعها ، أن لا تتبع إلا في الإعراب ، والتعريف والتنكير. أو كانت يستوي فيها المذكر والمؤنث ، والواحد والاثنان والجمع ، نحو : فعيل بمعنى مفعول جاريا على الموصوف ، ونحو : فعول ونحو : علامة وهلباجة وربعة ويفعة مما يجري مؤنثا على المذكر ، ومن شأن متبوعها أن يكون ملفوظا به ، اللهم إلا عند وضوحه ، فيقتصر إذ ذاك على التقدير غير واجب مرة ، وواجبا أخرى ، كما في قولهم : الفارس والراكب والصاحب والأورق والأطلس والأبطح والأجرع ونظائرها.

وعطف البيان : هو ما يذكر بعد الشيء من الدال عليه ، لا على بعض أحواله ، لكونه أعرف.

والمعطوف بالحرف : هو ما يذكر بعد غيره بوساطة أحد هذه الحروف : الواو والفاء وثم وحتى وأو وأم وإما ، على خلاف فيه ، ولا وبل ولكن على خلاف فيه أيضا ، وأي عندي. ومن شأن المعطوف إذا كان ضميرا متصلا مرفوعا أن يؤكد بالمنفصل ، وإلا لم يجز إلا لضرورة الشعر مع قبح ، إلا عند الفصل ، كنحو : ضربت اليوم وزيد ، وإذا كان ضميرا مجرورا أن [يعاد](١) الجار في المعطوف ألبتة.

والتأكيد : وهو في عرف أصحابنا ينصرف إلى المؤكد ، فهو ما يعاد في الذكر بدون وساطة حرف عطف ؛ لئلا يذهب بالكلام عن ظاهره إعادة ، إما بلفظه كنحو : رأيت زيدا زيدا ، وإما بأحد هذه الألفاظ وهي : النفس والعين ، وتثنيتهما وجمعهما ، وكلا

__________________

(١) تصحفت في (ط) إلى (يعادل).

١٣٨

ومؤنثه ، وكل وأجمعون ، وما كان من لفظه كأجمع وجمعاء وجمع.

ومن شأن المؤكد إذا كان ضميرا متصلا مرفوعا ، والتأكيد أحد لفظي النفس والعين أن يوسط بينهما ضمير منفصل مرفوع ، وهذا الحكم في تثنيتهما وجمعهما لا يتغير ، وإذا كان متصلا منصوبا أو مجرورا أن لا يؤكد من الضمائر إلا بالمنفصل المرفوع ، كقولك : رأيتني أنا ، ومررت بك أنت ، وإذا كان منكرا أن لا يؤكد بكل وأجمعين إلا المحدود منه عند الكوفيين كنحو قوله : قد صرت البكرة يوما أجمعا.

والبدل : هو ما يذكر بعد الشيء من غير وساطة حرف عطف ، على نية استئناف التعليق به ، لما علق بالأول مدلولا على ذلك تارة بإعادة العامل ، وأخرى بقرائن الأحوال ، وهو على أربعة أقسام : بدل الكل من الكل كقوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(١) وبدل البعض من الكل كقولك : رأيت القوم أكثرهم ، وبدل الاشتمال : كقولك : سلب زيد ثوبه ، وبدل الغلط كقولك : مررت برجل حمار في كلام لا يصدر [عنك](٢) عن روية وفطانة.

ووجه الحصر عندي هو أنا نقول : البدل إما أن يكون عين المبدل منه ، أو لا يكون ، فإن كان فهو بدل الكل من الكل ، وإن لم يكن ، فإما أن يكون أجنبيا عنه أو لا يكون ، فإن كان فهو بدل الغلط ، وإن لم يكن ، فإما أن يكون بعضه ، فهو بدل البعض من الكل ، أو غير بعضه ، فهو المراد ببدل الاشتمال. وقد سقط بهذا زعم من زعم أن هاهنا قسما خامسا أهمله النحويون ، وهو بدل الكل من البعض كنحو : نظرت إلى القمر فلكه.

ومن شأن البدل أن يراعى فيه رتبة الحكاية ، والخطاب ، والغيبة ، ومن ثم امتنع بي

__________________

(١) سورة الفاتحة ، الآية : ٧.

(٢) زيادة من (غ)

١٣٩

الشريف الاجتهاد ، وعليك الظريف الاعتماد ، ولم يمتنع مررت به [زيدا](١) أو بزيد به ، ورأيتك إياك. وأن لا يلزم رعاية رتبة التعريف والتنكير ، خلا أنه لا يحسن إبدال النكرة من المعرفة إلا موصوفة.

ومن النوع الفعلي ثلاثة أضرب : المعطوف بالحرف ، والتأكيد بإعادة اللفظ أو بغيره مما هو بمعناه بدل لفظي النفس والعين والبدل فتأمل.

الوجه الثاني من وجهي المعرب من النوع الاسمي تسعة عشر ضربا (٢) ؛ ستة في الرفع ، واحد منها أصل في ذلك ، وهو أن يكون فاعلا ، والباقية ملحقة به : وهي أن يكون : مبتدأ أو خبرا له ، أو خبرا لأن وأخواتها ، أو خبر لا التي لنفي الجنس ، أو اسم ما ولا المشبهتين بليس.

وأحد عشر في النصب : واحد منها أصل في ذلك : وهو أن يكون مفعولا ، وأنه عندي أربعة أنواع (٣) : مفعول مطلق ، ومفعول له ، ومفعول فيه ، ومفعول به ، والباقية ملحقة به وهي : أن يكون [متعدي](٤) إليه بوساطة حرف جر ، أو أن يكون منصوبا بحرف النداء ، أو بالواو بمعنى مع ، أو بالاستثناء ، أو حالا ، أو تمييزا ، أو خبرا في باب كان ، أو اسما في باب إن ، أو منصوبا بلا لنفي الجنس ، أو خبرا لما ولا المشبهتين بليس.

واثنان في الجر : أحدهما أصل فيه وهو أن يكون مضافا إليه ، وثانيهما كالفرع وهو أن يكون مجرورا بحرف جر.

ومن النوع الفعلي ثلاثة أضرب : ما ارتفع وانتصب وانجزم ، لغير العطف والتأكيد والبدل. وتفصيل القول في هذه الضروب يستلزم تفصيل القول في الفاعل فلنضمنه بابه.

__________________

(١) في (ط) : زيد.

(٢) المفصل في النحو (١١ ، ١٦ ـ ٣٦).

(٣) المفصل (١١ ـ ١٦ ـ ٣٦).

(٤) كذا في كل الأصول ، والجادة (أن يكون متعديا) خبر كان.

١٤٠