مفتاح العلوم

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]

مفتاح العلوم

المؤلف:

يوسف بن محمّد بن علي السّكّاكي [ السّكّاكي ]


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-1468-9
الصفحات: ٨٤٦

أو هي ممالة كنحو أن تقول : عمادا بإمالة فتحة الدال.

وقد تكون الإمالة للمشاكلة نحو : (ضحاها) (١) من أجل مشاكلة (تلاها) (٢) وأخواتها ، والألف المنفصلة كنحو : التي في مثل عمادا في هذا الباب نظيرة المتصلة ، والكسرة العارضة ، كنحو التي في من سماحك ، والمقدرة كنحو التي في مثل ، جاد وجواد ، ومثل : ماش في [الوقف](٣) على الماشي ، نظيرة الأصلية والصريحة ، والفتحة تمنع عن الإمالة متى كان حرفها مستعليا نحو قالع ، أو جارا للمستعلي على نحو : عاقل أو [عالق](٤) أو معاليق. وأما على نحو ضعاف وأضعاف بأن يكون المستعلي مكسورا قبل الفتحة ، أو ساكنا ، فلا ، عند الأكثر ، والراء غير المكسورة في باب المنع على الإمالة كالمستعلى ، وأما المكسورة فلا منع عندها. وللإمالة شرط وهو : أن لا تكون الكلمة اسما غير مستقل كإذا أو حرفا إلا ثلاثة يا في النداء وبلا ولا في إمالا.

النوع الثاني : التفخيم

وهو أن تكسو الفتحة ضمة فتخرج بين بين إذا كانت بعدها ألف منقلبة عن الواو ، لتميل تلك الألف إلى الأصل كقولك الصلاة الزكاة.

النوع الثالث : تخفيف الهمزة

وله ثلاثة أوجه : الإبدال : وقد تقدم ، والحذف : وهو أن تكون متحركة ، وما قبلها بعد سكونه حرفا صحيحا ، أو ياء ، أو واوا أصليتين أو مزيدتين لمعنى ، فتلقي حركتها عليه ، وتحذف ، كنحو : يسل والخطب ، وكذا من : بوك ، ومن : بلك ، ونحوه : حيل

__________________

(١) ضحاها : من قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) الشمس : ١.

(٢) تلاها : من قوله تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) الشمس : ٢.

(٣) في (ط): (الواقف).

(٤) سقطت من (ط).

١٠١

وحوبة ونحو : أبويوب وذورش ، وأطيعي مرة ، [وقاضو بيك](١) ، وقد التزم ذلك في باب يرى وأرى يرى ، وأن تجعل بين بين ، وذلك إذا حركت متحركا ما قبلها في غير مواقع الإبدال المستمر كنحو : سأل وسئم ولؤم وأئمة وأ أنت. وكثيرا ما توسط ألف بين الهمزتين في نحو هذه الصورة ثم تخفف الهمزة بين بين أو تحقق.

النوع الرابع : [اعتبار](٢) الترخيم

وهو النظر في كمية المحذوف في هذا الباب ، وكيفية إجراء المحذوف عنه بعد الحذف. والأصل فيه : هو أنه إحداث حذف في آخر الاسم على الوجه المناسب من غير ارتكاب فيه لخلاف أصل ، فيقتضي هذا أن لا تزيد في الحذف على الواحد في نحو : عامر وطلحة ، لئلا يقع في الوسط. وأن لا تقتصر على الواحد في نحو : صحراء وسكران وطائفي ومسلمان ومسلمون مما يوجد في آخره زيادتان تزادان معا ، فتجريان مجرى الآخر له ، إذا أفضت النوبة إلى الحذف فتحذف إحداهما ، وتترك الأخرى ، فيقول لك صنيعك تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، ولا في نحو : عمار ومسكين ومنصور ، فتغلب الأقوى وهو الصحيح الأصلي المتحرك ، وتعجز عن الأضعف فيقول لك الحال : صلت على الأسد وبلت عن النقد ، فيقع الحذف لا على الوجه المناسب ، وأن لا تجترئ على نحو : قرار ومكين فيما قبل المدة فيه حرفان فقط ، فتفعل به ما فعلت بعمار ومسكين فتخرج به إلى خلاف أصل ، وهو صوغه على أقل من ثلاثة. وأن لا تجبن عن حذف التاء من نحو : [ثبة](٣) على مذهب سيبويه ، رحمه‌الله ، في هذا الباب ؛ لأن من قرنه بتاء التأنيث هو الذي خرج به عن الأصل ، لأن تاء التأنيث مع الكلمة بمنزلة كلمة مع كلمة ، فلست تصنع بحذف التاء شيئا مما تخطر ببالك ، وأن تقول في نحو : ثمود وهراوة وحياة ومطواء وقاض وأعلون إذا لم تقدر المحذوف ثابتا. ثمي وهراوة وحي

__________________

(١) أي : قاضى أبيك ، في (غ): (وقاكالوبيك)!.

(٢) من (د).

(٣) في (ط): (ثبت).

١٠٢

ومطا وقاض وأعلى ، وأن لا تتوقف في حذف آخر جزء المركب بكماله وأنت تحذف نظيره ، وهو تاء التأنيث.

النوع الخامس : التكسير

هو نقل الاسم عن دلالته على واحد بتغيير ، ظاهرا أو تقديرا غير تغيير مسلمون ومسلمين ومسلمات إلى الدلالة على أكثر من اثنين ، فمتى قلنا في اسم إنه مكسر فقد ادعينا هناك ثلاثة أشياء : الجمعية لفظا ومعنى ، والنقل والتغيير ، وإثبات الأول بامتناع وصفه بالمفرد المذكر ، وبهذا يفارق اسم الجمع. وإثبات النقل في نحو : الأهالي وأراهط وأعاريض ، من جموع لا تستعمل مفرداتها ، وتقدير التغيير في نحو : فلك وفلك ، وهجان وهجان ، فيما يلتبس فيه الجمع بالمفرد ، إلى تلفيق مناسبات نبهت على أمثالها غير مرة.

واعلم أن التكسير صنفان : صنف لا يختلف قبيله فيه وهو المقصود ههنا ، وصنف يختلف وذكره استطرادا.

والصنف الأول : ينقسم إلى مستكره وغير مستكره ، ولهما مثال واحد وهو مثال فعالل ، ومتى قلت مثال كذا فلا أعني بالفاء والعين واللام هناك غير العدد ، وتفسير المستكره فيما نحن فيه ، وذكر مواقعه ، وكيفية اقتضائه فيها ، عين تفسيره ومواقعه ، وكيفية اقتضائه في التحقير ، فنذكرها هناك ، بإذن الله تعالى ، وغير المستكره تكسير الرباعي اسما كان أو صفة ، مجردا من تاء التأنيث أو غير مجرد ، والثلاثي الذي فيه زيادة للإلحاق بالرباعي ، أو لغير الإلحاق ، وليست بمدة اسما غير صفة تقول : ثعالب وسلاهب (١) ودساكر (٢) وشهابر (٣) وجداول وأجادل (٤) ، وكذا تكسير المنسوب

__________________

(١) السلاهب : مفرد سلهب ، وهو : الطويل من الرجال ، ومن الخيل : ما عظم وطال عظامه.

(٢) الدساكر : مفردها دسكرة ، وهي : القرية العظيمة ، أو الصومعة ، أو الطريق المستطيلة.

(٣) الشهابر : جمع الشهبر ، وهي : العجوز الكبيرة.

(٤) الأجادل : مفردها الأجدل ، وهو الصقر.

١٠٣

والأعجمي من ذلك على ما يكسران عليه. وهو مثال فعاللة : كالأشاعثة والجواربة هذا هو القياس. وأما بدون التاء فيشذ ، وكذا تكسير فاعلة أو فاعلاء اسمين على ما تكسران عليه ، وهو فواعل : ككواثب وقواصع.

والصنف الثاني : ينقسم إلى سبعة أقسام ، إما أن يختلف إلى مثالين أو إلى ثلاثة أو أربعة أو ستة أو تسعة أو عشرة في الغالب أو أحد عشر.

[أما](١) القسم الأول :

فستة أضرب :

أولها : فعل فعال بكسر الفاء وفتح العين غير مشبع ومشبعا لما لحقه التاء من الثلاثي المجرد ، وهو وصف : كعلج (٢) وكماش (٣) في علجة وكمشة.

وثانيها : فعل فعائل لما كان اسما ثلاثيا مؤنثا بالتاء فيه زيادة ثالثة مدة نحو : صحف ورسائل في صحيفة ورسالة.

وثالثها : فعل فواعل لمؤنث فاعل ، وهو صفة نحو : نوم وحيض وضوارب وحوائض ، في نائمة وضاربة وحائض.

ورابعها فعال فعالي للاسم مما في آخره ألف تأنيث رابعة مقصورة أو ممدودة ، نحو : إناث وصحاري في أنثى وصحراء ، ولفعلان صفة نحو غضاب وسكارى ، وقد حولت [فعالى](٤) بفتح الفاء إلى فعالى بضمها في خمسة : كسالى وعجالى وسكارى وغيارى وأسارى. أيضا عندي ، على أنه متروك المفرد ، كأباطيل وأخواته.

__________________

(١) من (د).

(٢) العلج : الرجل الضخم القوى من العجم ، وبعضهم يطلقه على الكافر عموما ، وهو الحمار أيضا.

(٣) الكماش : الكمش إن وصف به ذكر من الدواب فهو القصير الصغير الذكر ، وإن وصفت به الأنثى فهى الصغيرة الضرع.

(٤) سقطت من (غ).

١٠٤

وخامسها : فعال ومثال فعاليل للثلاثي فيه زيادة للإلحاق بالرباعي ، أو لغير الإلحاق وليست بمدة إذا لحق ذلك حرف لين رابع ، وكذا للرباعي إذا لحقه هذا ، وكذا للمجرد من الثلاثي فيه ياء النسب : كسراح (١) وقراويح (٢) وسراحين (٣) وسراديح (٤) وكراسي ، في : سرحان [وقرواح](٥) وسرداح وكرسي. وسادسها : فعلى فعلاء ، ولكن فعلاء قليلة لفعيل بمعنى مفعول كقتلى وإسراء.

والقسم الثاني أربعة أضرب :

أولها : فعل أفاعل فعلان لأفعل صفة نحو : حمر وحمران ، والأكابر في : أحمر والأكبر.

وثانيها : فعال أفعال أفعلاء لفعيل نحو : جياد وأموات وأبيناء في : جيد وميت وبين.

وثالثها : فعال فعائل فعلاء لمؤنث صفة ثلاثية فيها زيادة ثالثة مدة نحو : صباح وعجائز وخلفاء في : صبيحة وعجوز وخليفة.

ورابعها : فواعل فعلان لفاعل اسما نحو : كواهل وجنان وحجران في : كاهل وجان وحاجر لمستنقع الماء.

والقسم الثالث ضرب واحد :

فعل فعل فعال فعالى للصفة مما في آخره ألف تأنيث مقصورة أو ممدودة نحو : حمر والصغر وبطاح وحرامي في : حمراء والصغرى وبطحاء وحرمى.

__________________

(١) السراح : جمع سرحان ، وهو الذئب.

(٢) القراويح : جمع قرواح ، وهو الناقة الطويلة القوائم ، ونخلة قرواح : ملساء جرداء طويلة.

(٣) السراحين : جمع سرحان.

(٤) السراديح : جمع سرداح ، جماعة الطلع ، وأرض سرداح : مستوية بعيدة والسرادحة : الناقة الطويلة ، وقيل : الشديدة التامة.

(٥) من (د) و (غ) ، وفي (ط): (قراوح).

١٠٥

والقسم الرابع ضرب واحد :

فعل فعل فعل أفعل فعال فعول لما لحقه التاء من الثلاثي المجرد وهو اسم نحو : بدن وبدر وبرم وأنعم وقصاع وحجوز في : بدنة وبدرة وبرمة ونعمة وقصعة وحجزة.

والقسم الخامس : ضربان :

أحدهما : فعل فعل [فعال](١) فعول فعلة [فعلة](٢) فعال فعلان فعلاء لفاعل صفة مذكر نحو : بزل وشهد وتجار وقعود وفسقة وقضاة وتختص بالمنقوص ، وكفار وصحبان وشعراء في : بازل وشاهد وتاجر وقاعد وفاسق وقاض وكافر وصاحب وشاعر. وقد جاء عاشر ، فواعل ، لكن شاذا متأولا وهو : فوارس ؛ والآخر : فعل فعال فعول أفعال أفعلة فعلان فعلان فعلاء أفعلاء ، للثلاثي فيه زيادة ثالثة مدة ، وهو وصف نحو : نذر وكرام وظروف وأشراف وأشحة [وشجان](٣) وشجعان وجبناء وأنبياء في : نذير وكريم وظريف وشريف وشحيح وشجاع وجبان ونبي.

والقسم السادس ضرب واحد :

فعل فعل أفعل فعال فعول فعلة فعلة أفعال فعلان فعلان للثلاثي المجرد اسما أو صفة نحو : سقف وورد ، ونمر ونصف ، وأفلس وأجلف ، وقداح وحسان ، وأسود وكهول ، وجيرة وشيخة ، وقردة ورطلة ، وأفراح وأشياخ ، ورئلان وضيفان ، وحملان وذكران. وقد وجد له اسما حادي عشر ، فعلى قالوا : حجلى في حجل ، وله صفة حادي عشر ، وثاني عشر ، فعالى وفعلاء قالوا : [وجاعي](٤) في وجع ، وسمحاء في سمح.

__________________

(١) سقطت من (ط).

(٢) صحفت في (ط) إلى (فعاة).

(٣) من (غ) وسقطت من (ط). وفي (د): (وشجعان وشجعان).

(٤) في (ط) (أوجاعى).

١٠٦

والقسم السابع ضرب واحد أيضا :

فعل أفعل فعال فعول فعلة أفعال أفعلة فعائل فعلان فعلان أفعلاء ، للثلاثي فيه زيادة ثالثة مدة وهو اسم نحو : كثب وأذرع وتختص بالمؤنث ، وأمكن شاذ ، وفصال وعنوق وغلمة وأيمان وأرغفة وأفائل وغزلان وقضبان وأنصباء في : كثيب وذراع وفصيل وعناق وغلام ويمين ورغيف وأفيل وغزال وقضيب ونصيب. هذا ما سمعت ، فإذا نقل إليك تكسير على خلاف ضبطنا هذا ، فإلى أنه متروك المفرد ، أو أنه محمول على غيره بجهة : كمرضى وهلكى وموتى وجربى وحمقى وكأيامي ويتامى. واعلم أن أفعل وأفعالا وأفعلة وفعلة من أوزان التكسير للقلة كالعشرة فما دونها.

النوع السادس : التحقير

وهو فيما سوى الجمع لوصفه بالحقارة ، وفي الجمع لوصفه بالقلة ، هذا هو الأصل [و](١) له في جميع المواضع إلا فيما نطلعك عليه ، بإذن الله ثلاثة أمثلة ، وقد عرفت مرادي بقولي مثال كذا في نوع التكسير.

أحدها : مثال فعيل بضم الصدر وفتح الثاني ، ولتحرك الثاني في التحقير لإثبات همزة الوصل فيه ، وياء ثالثة ساكنة تسمى ياء التحقير فيما هو على ثلاثة أحرف كيف كانت أصولا نحو : بيت أو غير أصول أعني أن فيها زائدا نحو : ميت. ولا مدخل في حروف ما يحقر لتاء التأنيث ، وكذا الزيادات للتثنية ، وجمعي التصحيح ، والنسبة. كما لا مدخل لحروف الآخر من المتركبين في ذلك ، مثل : بعيلبك وحضير موت وخميسة عشر. تقول : بييت ومييت ، أو على أقل فيكمل ثلاثة بردّ ما يقدر محذوفا فيقال : حريح ودمي ، وكذا منيذ وسؤيل ، وأخيذ ، وكذا بني ووعيدة في : حر ودم ، وفي مذ وسل وخذ أسماء ، وفي ابن وعدة.

وثانيها : مثال فعيلل بكسر ما بعد ياء التحقير فيما هو على أربعة أحرف كيف

__________________

(١) سقطت من (ط).

١٠٧

كانت ، نحو : جعفر ومصحف وسلم وخدب ، تقول : جعيفر ومصيحف وسليلم وخديب ، بالجمع بين الساكنين ياء التحقير والمدغم ، ولا يجمع بينهما في الوصل إلا في نحو ما ذكرنا ، وكذا إذا كان بدل ياء التحقير مدة : كدابة. ويسمى هذا حد اجتماع الساكنين أو على أكثر بحرف أو حرفين فصاعدا ، فيرد إلى الأربعة بالحذف لما نيف عليها ، وتحقير مثل هذا مستكره ، أي لا يقع في الاستعمال إلا نادرا ، ولا يحذف أصل مع وجود زائد ، ولا زائد مفيد مع وجود غير مفيد ، ولا غير مفيد له نظير مع وجود عديم النظير ، ولا غير آخر من الأصول مع وجود آخر ، اللهم إلا بجهة مناسبة بين ذاك وبين ما يليق به الحذف. تقول : دحيرج في مدحرج أو متدحرج بحذف الزائد دون أصل ، ومطيلق ومخيرج في منطلق ومستخرج بحذف ما سوى الميم لكون الميم علامة في اسم الفاعل ، وتقيريض في استقراض بحذف السين لوجود تفيعيل كتجيفيف دون سفيعيل ، وفريزد بحذف الآخر. ولك أن تحذف الدال لمناسبتها التاء.

وثالثا : مثال فعيليل بإشباع كسرة ما بعد ياء التحقير فيما كان على خمسة أحرف رابعها مدة ، كقريطيس وقنيديل وعصيفير ، وفيما يستكره تحقيره أيضا عوضا مما يحذف ، فكثيرا ما يقال : فريزيد ومطيليق فقس. والألف في المحقر ثانية لضرورة التحريك ترد إلى أصل إن وجد لها ، وذلك إذا كانت غير زائدة ، وإلا قلبت واوا [لضمة](١) الصدر ، وثالثة طرفا وغير طرف لامتناع بقائها ألفا لوقوع ياء التحقير ، الساكنة قبلها لا تظهر إلا ياء ، وههنا اعتبارات لطيفة فتأملها ، فقد عرفناك الأصول ، ورابعة : طرفا لغير التأنيث تقلب ياء ، والمقتضى لزوم كسر ما بعد ياء التحقير ، وللتأنيث مقصورة كانت أو ممدودة تعامل معاملة تاء التأنيث ، فيزول المقتضى فتبقى ألفا فيقال : حبيلي وحميراء ، وغير طرف تقلب ياء للمقتضى إلا في بابي سكران وإجمال تفريعا للأول على حمراء ، والوجه ظاهر ، وللثاني عليها ، وعلى سكران معا. وخامسة : تحذف ليس إلا إذا كانت مقصورة ، أما الممدودة للتأنيث فلا تقول في نحو : حبركي وححجبي : حبيرك وححيجب ، وفي نحو : خنفساء خنيفسا ، ويعامل الألف والنون في

__________________

(١) في (ط): (الضمة).

١٠٨

نحو : زعفران وعقربان معاملة ألف التأنيث الممدودة ، فيقال : زعيفران وعقيربان. وأما ما سوى الألف ، كيف كان غير بدل : كسوط وخيط ورأس وغير ذلك ، وبدلا لكن بشرط اللزوم كنحو : عيد وتراث وتخمة [وقائل](١) وادد ، فلا تتغير إلا الواو بعد ياء التحقير ، طرفا أو غير طرف ، فحكمها ما سبق ، وأكثر هذه الأحكام مذكورة فتذكر ، تقول : سويط وخييط ورؤيس وعييد وتريث وتخيمة وقوئيل وأديد. وأما البدل غير اللازم فيرد ، يقال : مويزين ومييقن ومويعد في : ميزان وموقن ومتعد. ومتى اجتمع عندك مع ياء التحقير ياءآن فاحذف الأخيرة فقل : عطي وهرية في عطاء وهراوة ، وأحي في أحوى (٢) ، على قول : من يقول أسيد. ويشترط في تحقير الجمع أن يطلب له اسم جمع : كقويم ، أو جمع قلة : كأجيمال ، أو يجمع بعد التحقير بالواو والنون في العقلاء الذكور : كرجيلون وشويعرون ، وبالألف والتاء فيما سواهم : كدريهمات وضويربات. ويحترز عن جمع [الكثرة](٣) لئلا يكون تحقيره كالجمع بين المتنافيين ، ويلزم التحقير ظهور تاء التأنيث في المؤنث السماعي إذا كان على ثلاثة أحرف : كأريضة ونعيلة إلا ما شذ من نحو : عريس وعريب ، دون ما تجاوز الثلاثة كعنيق وعقيرب ، إلا ما شذ من نحو : قديديمة ووريئة.

واعلم أن التحقير لا يتناول الحروف ولا الأفعال إلا في باب ما أفعله على قول أصحابنا ، يقال : ما أميلح زيدا ، ولا ما يشبه الحروف من الأسماء : كالضمائر وأين ومتى ومن وما وحيث وأمس وكحسب وغير وعند ومع [وغد ، وأول](٤) من أمس والبارحة وأيام الأسبوع ولا المصدر واسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة حال

__________________

(١) في (ط): (وقاتل).

(٢) الأحوى : الأسود ، والنبات الضارب إلى السواد لشدة خضرته.

(٣) من (د) ، و (غ) ، وفي (ط): (الكسرة) والمراد (الكثرة) لأن فيه معنى التكثير ، الذى لا يناسبه التحقير ، الذى فيه معنى التقليل.

(٤) في (ط) سقطت (وغد) وتصحفت (وأول) إلى (أل).

١٠٩

العمل ، وقد يحقر ذا وتا وأو ، لا بالقصر والمد ، والذي والتي والذين واللاتي هكذا : ذيا وتيا وأوليا وأولياء واللذيا واللتيا واللذيون واللتيات. وههنا نوع يسميه أصحابنا تحقير الترخيم ، وهو أن تجرد المزيد في التحقير عن الزوائد لا للضرورة ، كتحقيرك أزرق ومحدودبا وقرطاسا مثلا على : زريق وحديب وقريطس.

النوع السابع : التثنية

وطريقها إلحاق آخر الاسم على ما هو عليه : ألفا أو ياء مفتوحا ما قبلها ، ونونا مكسورة ، اللهم إلا إذا كان آخره ألفا مقصورة : فإنها ترد ثالثة إلى الأصل. واوا كان : كعصوان ، أو ياء : كرحيان ، وتقلب فوق الثالثة ياء لا غير.

وأما الممدودة ، فإذا كانت للتأنيث قلبت همزتها واوا وإلا لم تقلب ، سواء كانت أصلية : كقراء ، أو منقلبة عن حرف أصلي : ككساء ، أو عن جار مجرى [الأصل](١) ، وهو أن يكون للإلحاق : كعلباء (٢) ، وقد رخص في القلب ، وأما سائر ما قد يقع من نحو : حذف تاء التأنيث في خصيان واليان على قول من لا يأخذهما متروكي المفرد ، ورد المحذوف : كيديان ودميان ، فيسمع ولا يقاس. وكما تجري التثنية في المفردات تجرى في أسماء الجموع ، وفي المكسرات أيضا ، وأما نحو تأبط شرا مما يحكى فلا يثنى.

__________________

(١) في (ط): (الأصلى).

(٢) العلباء : عصب العنق.

١١٠

النوع الثامن : جمعا التصحيح

والمراد بهما نحو : مسلمون ومسلمين ، مما يلحق آخره واو مضموم ما قبلها ، أو ياء مكسور ما قبلها ، ونون مفتوحة علامة للجمع ، ونحو : مسلمات ، مما يلحق آخره ألف وتاء للجمع أيضا. والأول قياس في صفات العقلاء الذكور كنحو : مسلمون وضاربون ، وفي أسمائهم الأعلام مما لا تاء فيه كنحو : زيدون ومحمدون ، وفيما سوى ذلك كثبون (١) وأوزون (٢) سماع.

والثاني للمؤنث كتمرات وهندات ومسلمات وطلحات ، وللمذكر الذي لا تكسير له كنحو : سجلات ، وقلما يجامع فيه المكسر كنحو : بوانات وبون (٣). وحق كل واحد منهما أن يصح معه نظم المفرد فلا يتغير عن هيئته إلا في عدة مواضع ، ذلك التغيير قياس فيها منها نحو : أعلون وأعلين ، فإن الألف تحذف لملاقاتها الساكن في غير الحد خارج الوقف ، ونحو : قاضون وقاضين ، فإن الياء تحذف لمثل ذلك ، لأن الأصل قاضيون وقاضيين ، فلتضاعف الثقل ، وهو تحرك المعتل مع اجتماع الكسر والضم في الأول ، وهو مع توالي الكسرات حكما في الثاني ، وهي كسرة الضاد وكسرة الياء ، ونفس الياء ، لأنها أخت الكسرة ، يسكن المعتل بالنقل ، فيلاقي الساكن على الوجه المذكور ، فتحذف. ومنها نحو : مسلمات في مسلمة ، فإن التاء تحذف احترازا عن الجمع بين علامتي التأنيث ، ومنها الهمزة من ألف التأنيث الممدودة فإنها تبدل واوا لذلك ، ومنها الألف المقصورة ، كيف كانت ، فإنها تبدل ياء [للضرورة](٤) ، ومنها العين من فعلة وفعلة وفعلة ، فإنها تفتح أو تحرك بحركة الفاء إذا كانت اسما والعين صحيحة ؛

__________________

(١) الثبون : جمع ثبة ، وهى العصبة من الفرسان ، وتجمع على ثبات وثبون.

(٢) الأوزون : جمع أوز ، وهو البط.

(٣) البون : جمع بوان ، وهو عمود من أعمدة الخباء.

(٤) من (غ) ، وفي (ط) ، و (د) ، (للصورة) وهو خطأ.

١١١

كتمرات ، وسدرات وسدرات ، وغرفات وغرفات ، ويجوز التسكين في غير المفتوحة الفاء وأما نحو :

أخو بيضات رائح متأوب (١)

فإنما يقع في لغة هذيل.

النوع التاسع : النسبة

وهي بيان ملابسة الشيء الشيء بطريق مخصوص ، إما بصوغ بناء كفعال لذي صنعة يزاولها ويديمها : كعواج وثواب وبتات ، وكفاعل ، وهو لمن يلابس الشيء في الجملة : كلابن وتامر ودارع.

وإما بإلحاق آخر الاسم ياء مشددة مكسورا ما قبلها : كيمني وشامي ، وقد يزاد عوضا عن التشديد قبل الياء ألف : كيمان وشآم.

ولهذه الياء تغييرات بعضها مضبوط ، وبعضها عن الضبط بمعزل ، فمن الأول حذف التاء كبصري ، وعلامتي التثنية والجمع إذا اتفقتا في المنسوب ، وهما على حالهما : كزيدي ، في زيدان وزيدون اسمين ، أما إذا خرجتا عن حالهما بأن يجعل النون معتقب

__________________

(١) البيت من الطويل ، وعجزه :

 .....................

رقيق بمسح المنكبين سبوح

(المنصف ١ / ٣٤٣) (المفصل ٧٧) وفيه (أبو بيضات).

والرائح : السائر ليلا ، والمتأوب : السائر نهارا.

رقيق بمسح المنكبين : عالم بتحريكهما في السير.

السبوح : الحسن الجرى.

والبيت وصف للظليم : وهو ذكر النعامة ، شبه به ناقته ، فهى مسرعة وسيرها سير ظليم له بيضات ، يسير ليلا ونهارا ؛ ليصل إلى بيضاته.

١١٢

الإعراب فلا ، والقياس إذ ذاك ، زيداني وزيديني ، والياء في زيديني من لوازم الاعتقاب لا النسبة ، ومن ذلك فتح ما قبل الآخر من ذي ثلاثة أحرف إذا كان مكسورا على الوجوب : كنمري ودؤلي ، ومن ذي أكثر على الجواز. كيثربي وتغلبي ، ومن ذلك أن يقال : فعلى ألبتة في كل فعيلة وفعولة كحنفى وشنئى ، وأن يقال : فعلى في كل فعيلة كجهني إلا في المضاعف ، والأجوف من ذلك ، فإنه يقتصر على حذف التاء ، وأن يقال : فعلي في فعيل وفعيلة من المنقوص ، وفعلى في فعيل وفعيلة منه : كغنوى [وضروى](١) وقصوي وأموي ، وقيل : أميي وقالوا في تحية : تحوي ، وأن يقال : فعولي في فعول وفعولة منه كعدوي عند أبي العباس المبرد ، رحمه‌الله ، وأما سيبويه ، فيقول : في فعولة فعلى (٢) ، فيفرق.

ومن ذلك أن تحذف الياء المتحركة من كل مثال قبل آخره ياء مشددة : كسيدي في سيد وما شاكل ذلك ، ولهذا قلنا : الألف في طائي بدل عن ياء ساكنة ، وكمهيمي في مهيم اسم فاعل من هيمة ، وأما في مهيم تصغير مهوم ، فيقال مهيمي على التعويض. ومن ذلك أن يقلب الألف في الآخر ثالثة أو رابعة أصلية واوا لا غير ، وأما رابعة غير أصلية يتقدمها سكون ، فلك أن تقلب وتحذف : كدنيوي [ودنيي](٣) ونحو : دنياوي وحبلاوي وجه ثالث ، وإما رابعة لا يتقدمها سكون كجمزى ، وخامسة فصاعدا فليس إلا الحذف ، هذا إذا كانت مقصورة ، والممدودة تقلب همزتها واوا إذا كانت للتأنيث ، وإلا فالقياس ترك القلب فيه ، ولما التزم فتح ما قبل الياء في نحو : العمى والقاضي والمشتري ولزم من ذلك انقلاب الياء ألفا كان حكمها حكم الألف المقصورة في جميع ما تقدم ، إلا في تفاصيل كونها رابعة ، فلا يقع ههنا من تلك إلا الخيرة بين القلب والحذف ، وإن كان الحذف هو الأحسن. وقالوا في نحو المحيي محوي تارة ومحيي أخرى ،

__________________

(١) في (ط) و (غ): (ضرورى).

(٢) ينظر باب الإضافة إلى (فعيل وفعيل) من بنات الياء والواو ، في كتاب سيبويه (٣ / ٣٤٤ ، وما بعدها)

(٣) في (ط) (ودينى) وفي (غ): (ودنى) ، والمثبت من (د).

١١٣

وكذا لما التزم أيضا فتح العين في نحو طي ولية وحية قيل : طووي ولووي وحيوي ، وفي نحو : ظبية وقنية ودمية ، وكذا في بنات الواو لما التزمه يونس (١) ، رحمه‌الله ، قال : ظبوي وقنوي ودموي ، وكأن الواو في غزوي عنده بدلا من الألف ، ولما لم يلتزم الخليل وسيبويه ، رحمهما‌الله ، فيها قالا : ظبيي وغزوي في ظبية وغزوة ، كما في ظبي وغزو ، ويقول في نحو : دو وكوة ، دوي وكوي.

ومن ذلك أن تحذف ياء النسب إن كانت في الاسم ، فتقول في النسبة إلى نحو شافعي شافعي وكذا في كراسي أيضا اسم رجل كراسي وكأن من قال مرمي في مرمي شبه الياء بياء النسبة ، ومن قال مرموي ترك التشبيه.

ومن ذلك أن تهمز في نحو : حماية دون علاوة ، فتقول : حمائي وعلاوي ، وتخير في نحو : راية وثاية وآية بين الهمز والياء والواو.

ومما هو عن الضبط بمعزل حال الثنائي ، فقد رد في البعض : كأخوي وأبوي وضعوي وستهي (٢) ، ولم يرد في بعض نحو : عدي وزني ، وكذا الباب إلا ما اعتل لامه ، نحو : شية ، فإنك تقول فيه وشوي ، وجاء الأمر أن في البعض نحو : غدي وغدوي ، ودمي ودموي ، ويدي ويدوي ، وحرى وحرحي ، وابني وبنوي ، وقالوا : اسمي وسموي ، وكعدي وعدوي ، فقلبوا. وأبو الحسن الأخفش ، رحمه‌الله ، يعتبر الأصل فيما يرد فيقول : وشي وحرحي بالسكون ، وعلى هذا في أخواتهما ، والخليل وسيبويه ، رحمهما‌الله ، يقولان : بنوي وأخوي في بنت وأخت (٣) ، ويونس ، رحمه‌الله ، يقول : بنتي وأختي ، فلا ينظم تاءهما في سلك تاء التأنيث ، ومما هو أبعد [عن](٤) الضبط قولهم : بدوي

__________________

(١) هو يونس بن حبيب النحوى ولد سنة ٩٠ ه‍ ، ومات سنة ١٨٢ ه‍ (بغية الوعاة ٢ / ٣٦٥) ، وفي الكتاب (٣ / ٣٤٧) : وأما يونس ، فكان يقول في ظبية : ظبوى ، وفي دمية : دموى ، وفي فتية : فتوى.

(٢) الكتاب (٣ / ٣٥٩ ، وما بعدها).

(٣) السابق (٣ / ٣٦٣ ، ٣٦٤).

(٤) في (ط): (من).

١١٤

[وبصرى](١) وعلوي وطائي وسهلي ودهري وأموي وثقفي وقرشي وهذلي وخراشي وخرسي وخرفي وكذا : عبدري وعبقسي وعبشمي ، فهذه وأمثالها إلى اللغة.

ويشترط في المنسوب أن يكون مفردا غير جمع ولا مركب ولا مضاف ، فيقال في النسبة إلى [نحو](٢) صحائف وكتب : صحفي وكتابي ، وأما الأنصاري والأنباري والأعرابي ، فإنما ساغ ذلك لجريها مجرى القبائل ، كأنماري وضبابي وكلابي وكمعافري ومدايني ، وفي النسبة إلى نحو : معدي كرب وخمسة عشر ونحو اثني عشر أيضا ، فتنبه معدي وخمسي واثني أو ثنوي ، وفي النسبة إلى نحو : ابن الزبير وامرئ القيس : زبيري وامرئي ينظر إذا كان المضاف إليه اسما يتناول مسمى على حياله كالزبير نسب إليه ، وإلا كانت النسبة إلى المضاف.

النوع العاشر : إضافة الشيء إلى نفسه

طريقها بعد استجماع شرائط الإضافة ، وستعرفها في النحو ، إلحاق آخر الكلمة ياء مخففة مفتوحة في الأصل ، وتسكينها للتخفيف مكسورا ما قبلها ، إلا فيما كان آخره ألفا : كعصاي ، أو مستحق الإدغام فيها كمسلمي ، وأعلى ، بفتح ما قبل الياء مشددة في : مسلمين وأعلين وفي أعلون أيضا ، وكمسلمي بكسرة ما قبل الياء المشددة في مسلمين ومسلمون أيضا ، ويقال لدي وإلي وعلي فاعلم.

النوع الحادي عشر : في اشتقاق ما يشتق من الأفعال

جميع ما يشتق من الأفعال قد سبق الكلام فيها على ما يليق بها ، وهو قريب العهد ، فلا نعيده إلا مثال الأمر ، فإنه بعد غير مذكور ، فنتكلم فيه.

اعلم أن طريق اشتقاقه هو أن تحذف من الغابر ، الزائد في أوله ، وتبتدئ على الثاني

__________________

(١) في (ط): (وبشرى).

(٢) ليست في (ط).

١١٥

إن كان متحركا ، وإلا فلامتناع الابتداء بالساكن إن كنت في باب أفعل ، رددت الهمزة الساقطة ، وإلا جلبت همزة وصل مضمومة في باب يفعل المضموم العين مكسورة في جميع ما عداه ، ثم تحذف الآخر إن كان معتلا ، أو تسكنه إن لم يكنه ولا مشددا ، وتحركه في المشدد بأي حركة شئت ، إذا كان ما قبله مضموما ، وإلا فغير الضم ، و [لسكون](١) الآخر تحذف المدة قبله متى اتقفت نحو : قل وبع وخف ، وستحقق هذا.

وههنا فائدة لا بد من ذكرها. وهي أن الغابر المشدد الآخر ، حال اشتقاق الأمر منه ، لا يلزم تشديده ، بل لك أن تفك تشديده ، على هيئة ما يقتضيه الباب ، ثم تشتق. ولا يؤمر بهذا المثال إلا الفاعل المخاطب.

النوع الثاني عشر : تصريف الأفعال مع الضمائر ونوني التأكيد

الكلام في هذا النوع يستدعي إشارة إلى الضمائر فلنفعل.

اعلم أن الضمير عبارة عن الاسم المتضمن للإشارة إلى المتكلم أو إلى المخاطب أو إلى غيرهما بعد سبق ذكره ، هذا أصله ، وهو ، أعني الضمير ، ينقسم إلى قسمين من حيث الوضع ، قسم لا يسوغ الابتداء به ويسمى : متصلا ، وقسم يسوغ فيه ذلك ويسمى : منفصلا. وكل واحد منهما ، بحسب اعتبار المراتب العرفية ، وراء تعرض الرفع والنصب والجر ، كأن يحتمل ثمانية عشر صورة (٢) ، ستا في غير المواجهة ، لاعتباره مذكرا ومؤنثا ، واعتبار الوحدة والتثنية والجمع في [كلي](٣) الجانبين ، وستا أخر في المواجهة بمثل ذلك ، وستا أخر في الحكاية. لكن لما ألغي اعتبار التذكير والتأنيث في الحكاية ، لقلة الفائدة فيه ، ولم تصح التثنية والجمع فيها حقيقة ، فاقتصر لهما على صورة

__________________

(١) في (ط): (ولكون).

(٢) كذا في المطبوع (ثمانية عشر صورة) والجادة (ثمان) ؛ لأن المعدود مؤنث.

(٣) في (غ): (كلا).

١١٦

تشملهما معنى ، ولم يفرق بين اثنين واثنتين فيما سوى ذلك حكاية ، عادت اثنتي عشرة لا مزيد كما ترى ، ثم لما تعذر اعتبار الجر في المنفصل لمنافاته الانفصال ، ولم يغاير بين النصب والجر في المتصل لتآخيهما إلا في الحكاية عن نفسك ، تكررت الاثنتا عشرة أربع مرات ، لم يفت إلا صورتا الغائب والغائبة بقيتا مستكنتين. ولنذكرها بأسرها في أربع جمل لتحقق صورها.

الجملة الأولى : في المنفصلة المرفوعة وهي : أنا نحن وأنت أنتما أنتم أنت أنتن وهو هما هم هي هن.

الجملة الثانية : في المنفصلة المنصوبة وهي : إياي إيانا وإياك وإياكما إياكم إياك إياكن وإياه إياهما إياهم إياها إياهن.

الجملة الثالثة : في المتصلة المرفوعة وهي : عرفت عرفنا ، وعرفت عرفتما عرفتم ، عرفت عرفتن ، وعرف عرفا عرفوا ، عرفت عرفتا عرفن.

الجملة الرابعة : في المتصلة المنصوبة وهي : عرفني عرفنا ، وعرفك عرفكما عرفكم ، عرفك عرفكن ، وعرفه عرفهما عرفهم ، عرفها عرفهن.

وهذه الجمل الأربع لا تتفاوت بفوات المواضع سوى المتصلة المرفوعة ، فإنها في الغابر تتفاوت فاسمعها ، وهي : أعرف نعرف ، وتعرف تعرفان تعرفون ، تعرفين تعرفان تعرفن ، ويعرف يعرفان يعرفون ، تعرف [تعرفان](١) تعرفن.

واعلم أن الأفعال كلها في اتصالها بالمنصوبة لا تتفاوت هيئة ، وأما في اتصالها بالمرفوعة فالعارية منها عن الإدغام وحروف العلة لا يزيد تفاوتها على ما ترى ، وأما ما لا يعرى عن ذلك فما إدغامه في غير آخره : كجرب ويجرب ، أو [معتله](٢) يبعد عن آخره كوضوء وأبيض ويوضؤ ويبيض حكمه في ذلك حكم العاري ، وما إدغامه في

__________________

(١) في (ط) (يعرفان) بالياء المثناة التحتية ، والصواب بالتاء المثناة.

(٢) في (ط) (معتلة) آخره تاء ، والصواب آخره هاء.

١١٧

آخره : كشد ويشد ، أو معتله في آخره أو فيما قبله : كدعا وقال ويدعو ويقول ، زائد التفاوت تارة بفك الإدغام ، وأخرى بإبدال المعتل أو حذفه ، والضابط هناك أصلان :

أحدهما : في فك الإدغام وإبدال الألف ، ولا إبدال لغير الألف في اللفظ ، وهو أن الإدغام من شرطه كون المدغم فيه متحركا ، وأن الإعلال بالألف المعتد به ، فنذكر من شروطه : تحرك المعتل ، وهذا الشرط يفوت في الماضي مع ثمانية من الضمائر وهي الضميران في الحكاية ، والخمسة في المواجهة ، وضمير جماعة النساء في غير المواجهة ؛ ولنسمها مسكنات الماضي ، فيزول الإدغام ، فيعود المدغم إلى حركته ، كقولك في باب فعل المفتوح العين : كررت كررنا ، كررت كررتما كررتم ، كررت كررتن كررن ، وفي باب فعل المكسور العين ظللت ظللنا. وكذا في باب أفعل : أعددت ، وفي فاعل : حاججت ، وعلى هذا حتى إنك تقول : احماروت واحمررت واقشعررت. وقد يحذف عند فك الإدغام أحد المتكررين كقولهم : ظلت أو [ظلت](١) بفتح الظاء أو كسرها وكقوله :

 ...........................

أحسن به فهن [إليه](٢) شموس (٣)

ويزول الإعلال بالألف ، فيعود الأصل في الثلاثي المجرد : كدعوت دعونا ، دعوت دعوتما دعوتم ، دعوت دعوتن دعون ؛ ورميت رمينا ، رميت رميتما ، رميتم ، رميت رميتن رمين ، وفي غير الثلاثي المجرد يلزم الياء كأرضيت ورجيت ، وأما في الغابر ، فيفوت مع ضمير جماعة النساء في المواجهة ، وغير المواجهة فحسب ، ولنسمه مسكن

__________________

(١) في (ط): (ظللت).

(٢) في (ط) : الياء.

(٣) عجز بيت من الوافر ، قائله أبو زبيدة الطائى ، شعره ٩٦ ، وصدره :

خلا إن العتاق من المطايا

 ...............

وفي (غ) : شوس.

١١٨

الغابر ، فيزول الإدغام أيضا ، فيعود المدغم إلى حركته كقولك : تعضضن ويعضضن ، و [تقررن ويقررن](١) ، وتشددن ويشددن ، وكذا في سائر الأبواب. ويزول الإعلال بالألف ويلزم الياء ، هذا هو القياس : كترضين ويرضين ، وتدعين ويدعين.

وثانيهما في الحذف ، وهو أن من شرط ثبوت المدة ، ألفا كانت أو ياء أو واوا ، أن لا يقع بعدها ساكن غير مدغم ، وهذا الشرط يفوت مع مسكنات الماضي في ماض قبل آخره مدة ، فتسقط المدة كقولك في قال : قلت ، قلنا ، قلت قلتما قلتم ، قلت قلتن قلن.

وفي اختار : اخترت اخترنا ، وعلى هذا.

وههنا أصل لا بد من المحافظة عليه وهو أن ما قبل الألف عند سقوطها يفتح في غير الثلاثي المجرد البتة ، كاخترت وأنقذت ، وفي الثلاثي المجرد يكسر في باب فعل المكسور العين : كخفت ، ويضم في باب المضموم العين : كطلت ؛ وأما في باب فعل المفتوح العين ، فيكسر إذا كانت الألف من الياء كملت ، ويضم إذا كانت من الواو كقلت. وما قبل غير الألف عند السقوط لا يتغير كقولك في قيل : بالكسر الخالص ، أو بالإشمام : قلت يا قول وقلت بهما ، وفي قول قلت بالضم ، ويفوت أيضا مع مسكن الغابر فيما قبل آخره مدة ، فتسقط ويبقى ما قبلها على حاله : كتخفن ويخفن ، وتبعن ، ويبعن ، وتقلن ويقلن ، وكما كان يفوت مع تلك الثمانية شرط ثبوت الألف فيما قبل آخر الماضي ، فكانت تسقط كذلك ، يفوت شرط ثبوتها في آخره مع ثلاثة ، فتسقط ، وهي : تاء التأنيث الساكنة ظاهرا ، كما في قولك : دعت ورمت ، وتقديرا كما في قولك : دعتا ورمتا. ومن العرب من لا يعتبر التقدير فيقول : دعاتا ورماتا ؛ والشائع الكثير هو الأول.

وواو الضمير : كدعوا ورموا ؛ وأما ألف الاثنين ، فلما لم يجز معها بقاء الألف ألفا لامتناع الإعلال معها لما نبهت عليه في باب الإعلال ، لا جرم تغير الحكم ، وكما كان يفوت شرط ثبوت المدة فيما قبل آخر الغابر مع ما عرفت ، فكانت تسقط كذلك ،

__________________

(١) في (غ): (وتفررن ويفررن) بالفاء.

١١٩

يفوت شرط ثبوتها فيه إذا كانت في الآخر مع اثنين ، فتسقط ، أحدهما. ضمير الجمع في المواجهة وغير المواجهة كتخشون وترمون وتدعون ، وتخشون ويرمون ويدعون ، والثاني : ضمير المخاطبة : كتخشين وترمين وتدعين. وبيان فوات الشرط إنما يظهر ببيان كون أواخر الأفعال في هذين الموضعين مدات ، وبيان كونها مدات باستعمال طريقين : أحدهما : طريق الإعلال ، والثاني : طريق التسكين بالنقل.

أما طريق الإعلال ، فحيث يكون ما قبل آخر الفعل مفتوحا ، كقولك : تخشين وتدعين ، تعل الياء فيصير : تخشاين وتدعاين ، ثم تحذفها لفوات الشرط.

وأما طريق التسكين بالنقل ، فحيث يكون ما قبل آخره مكسورا أو مضموما ، كقولك : ترميون وتدعوون ، وكذا ترميين وتدعوين ، تهرب عن تضاعف الثقل ، وذلك تحرك المعتل مع اجتماع الكسر والضم في نحو قولك : ترميون وتدعوين ، فتسكن ذلك المعتل بنقل حركته إلى ما قبله ، فيصير مدة ، ثم تحذفها لفوات الشرط ، أو تحركه مع توالي الضمات في نحو : تدعوون ، وهي ضمة ما قبل الواو ، وضمة الواو ، ونفس الواو ، فهي أخت الضمة ، أو مع توالي الكسرات في نحو : ترميين ، وهي كسرة ما قبل الياء ، وكسرة الياء ، ونفس الياء ، فهي أخت الكسرة ، فتسكنه أيضا بنقل حركته إلى ما قبله ، وإن كان لا يظهر أثر النقل في اللفظ ، فيصير مدة ثم تحذفها لفوات الشرط ، وحال اتصال الضمائر بمثال الأمر على نحو حال اتصالها بالغابر لا فرق ، إلا في شيء واحد وهو أنك بعد ألف الضمير وواوه ويائه تترك النون كقولك : اضربا اضربوا اضربي.

ونونا التأكيد مدخلهما الغابر ومثال الأمر ، والثقيلة منها تفتح ما قبل نفسها إذا اتصلت بما لا ضمير في آخره : كأضرب ونضرب في الحكاية ، وتضرب للمخاطب ، ويضرب وتضرب للغائب والغائبة ، وتستصحب مع نفسها ألفا في اتصالها بما في آخره نون جماعة النساء ، وتحذف النون بعد ألف الضمير وواوه ويائه ؛ نعم والواو أيضا ، والياء إذا لم يكن ما قبلهما مفتوحا ، وإذا كان كذلك حركت الواو بالضم ، والياء بالكسر ، تحريكا عارضا مثل رمتا كقولك : اخشون واخشين ، وتكون مكسورة بعد ألف الضمير والألف المستصحبة كقولك : اضربان واضربنان ، ومفتوحة في سائر المواضع. ومن شأنها أن ترد المدة المحذوفة من الآخر ، وإذا كانت ألفا أن تقلبها ياء لا

١٢٠