معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

الدكتور أحمد مطلوب

معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

المؤلف:

الدكتور أحمد مطلوب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٥

ومثل ذلك ما حكاه عن لقمان في وصيته لابنه إذ قال له : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(١). تم قطع وأخذ في فن آخر فقال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) الى قوله : (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٢).

ثم رجع الى تمام القول الأول في وصية لقمان فقال : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ، إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)(٣). الى آخر الآيات» (٤).

وهذا قريب من الفصل والوصل ، ولكّنه أوسع منه لأنّه لا يخص ربط جملة بجملة أو فصل واحدة عن أخرى وإنّما ربط المعاني أو فصلها أي : قطعها.

القلب :

القلب : تحويل الشّيء عن وجهه ، قلبه يقلبه قلبا (٥).

القلب من الخروج على مقتضى الظاهر وذلك بأن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر ، والآخر مكانه على وجه يثبت حكم كل منهما للآخر (٦).

وقد عقد ابن منقذ بابا للقلب ولكنّه غير ما أراده الأخرون فهو «أن يقصد شيئا ويكون المقتضى بضد ذلك الشيء» (٧) كما قال امرؤ القيس :

إذا قامتا تضوّع المسك منهما

نسيم الصّبا جاءت برّيا القرنفل

عابوا عليه تشبيه المسك بالقرنفل وقالوا : إنما يشبه القرنفل بالمسك لأنّه أجلّ منه. وقد خرّج النقاد له وجها غير ذلك فقالوا إنّه أراد قوله تضوّع ، أي مثل المسك كما قال أيضا :

ألم ترياني كلّما جئت طارقا

وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب

أي : مثل الطيب. وهذا من التشبيه المقلوب او المعكوس او المنعكس.

وعقد الرازي للقلب فصلا وقال : «هو إما في الكلمة الواحدة أو في الكلمات فإن كان في الكلمة الواحدة فإما أن يتقدم كل واحد من حروفها على ما كان متأخرا عنه ويصير بعض الحروف كذلك دون بعض ، فالاول يسمّى مقلوب الكلّ مثل : «الفتح» و «الحتف» في قوله :

حسامك منه للأحباب فتح

ورمحك منه للأعداء حتف

ثم إن وقع مثل هاتين الكلمتين على طرفي البيت سمّي مقلوبا مجنحا كقوله :

ساق هذا الشاعر الحي

ن الى من قلبه قاس

سار حيّ القوم فالهم

م علينا جبل راس

وإن كان التقديم والتأخير في بعض حروف الكلمة سمّي مقلوب البعض كقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «استر عوراتنا وآمن روعاتنا» ، وإما إن كان القلب في مجموع كلمات بحيث يكون قرابتها من أوّلها الى آخرها عين قرابتها من آخرها الى أولها فذلك مقلوب مستو مثل قول الحريري :

آس أرملا إذا عرى

وارع اذا المرء أسا (٨)

وهذا ما ذكره الوطواط (٩) من قبل وذكره السكاكي

__________________

(١) لقمان ١٣.

(٢) لقمان ١٤ ـ ١٥.

(٣) لقمان ١٦.

(٤) البرهان في وجوه البيان ص ١٥٦ ـ ١٥٧.

(٥) اللسان (قلب).

(٦) شروح التلخيص ج ١ ص ٤٨٦.

(٧) البديع في نقد الشعر ص ١٧٦.

(٨) نهاية الايجاز ص ٣٣.

(٩) حدائق السحر ص ١٠٨.

٥٦١

في المحسنات اللفظية (١) وتبعه في ذلك ابن مالك والقزويني وشراح التلخيص وآخرون (٢).

وذكر القزويني وشرّاح التلخيص نوعا آخر من القلب في بحث السرقات وهو «أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول ، سمّي بذلك لقلب المعنى الى نقيضه» (٣) ، ومنه قول أبي الشيص :

أجد الملامة في هواك لذيذة

حبّا لذكرك فليلمني اللّوّم

وقول المتنبي :

أأحبّه وأحبّ فيه ملامة

إنّ الملامة فيه من أعدائه

وتحدث الزركشي عن أقسام القلب وهي :

الأول : قلب الاسناد وهو أن يشمل الاسناد الى شيء والمراد غيره كقوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٤) ، ومعناه أنّ العصبة تنوء بالمفاتح لثقلها فأسند «لتنوء» الى «المفاتح» والمراد اسناده الى العصبة.

الثاني : قلب المعطوف وهو جعل المعطوف عليه معطوفا والمعطوف معطوفا عليه كقوله تعالى : (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ)(٥) حقيقته : فانظر ما ذا يرجعون ثم تولّ عنهم. ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى)(٦) أي : تدلى فدنا.

الثالث : العكس وهو أمر لفظي كقوله تعالى : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ)(٧).

الرابع : المستوي وهو أنّ الكلمة أو الكلمات تقرأ من أولها الى آخرها ومن آخرها الى أولها لا يختلف لفظها ولا معناها كقوله تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)(٨).

الخامس : مقلوب البعض وهو أن تكون الكلمة الثانية مركّبة من حروف الكلمة الاولى مع بقاء بعض حروف الكلمة الأولى كقوله تعالى : (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(٩). فـ (بَنِي) مركّب من حروف «بين» وهو مفرق إلا أنّ الباقي بعضها في الكلمتين وهو أولها (١٠).

فالقلب أنواع مختلفة ولكنّ الاهتمام بما يخرج على مقتضى الظاهر كان أعظم ، وقد ثارت مناقشات في هذه المسألة فأنكر بعضهم القلب ، وقبله بعضهم مطلقا ، وقبله بعضهم إذا تضمن اعتبارا لطيفا ، وهذا ما ذهب اليه القزويني بقوله : «والحق أنّه إذا تضمن اعتبارا لطيفا قبل وإلا ردّ» (١١).

القوّة :

القوّة : نقيض الضّعف والجمع قوى وقوى ، وقد قوي الرجل والضعيف يقوى قوّة فهو قويّ (١٢).

عقد ابن منقذ بابا للقوة والركاكة وقال : «هو أن يكون المعنى متناولا واللفظ متداولا كالكلمات المستعملة والالفاظ المهملة فيكون الشعر ركيكا والنسج ضعيفا» (١٣) كقول امرئ القيس :

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.

(٢) المصباح ص ٩١ ، الايضاح ص ٣٩٩ ، التلخيص ص ٤٠٤ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٥٩ ، المطول ص ٤٥٧ الاطول ج ٢ ص ٢٣٦ ، حسن التوسل ص ٣٠٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧١ ، الطراز ج ٣ ص ٩٤ ، الفوائد ص ٢٣٨ ، معترك ج ١ ص ٤٠٦.

(٣) الايضاح ص ٤١٣ ، التلخيص ص ٤١٩ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٥٠٠ ، المطول ص ٤٦٨ ، الأطول ج ٢ ص ٢٤٨.

(٤) القصص ٧٦.

(٥) النمل ٢٨.

(٦) النجم ٨.

(٧) الانعام ٥٢.

(٨) المدثر ٣.

(٩) طه ٩٤.

(١٠) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٢٨٨ وما بعدها.

(١١) الايضاح ص ٧٧.

(١٢) اللسان (قوي).

(١٣) البديع في نقد الشعر ص ١٦٤.

٥٦٢

ألا إنني بال على جمل بال

يقود بنا بال ويتبعنا بال

قال ابن منقذ : «ومن العجب أنّ صاحب الصناعتين جعله من محاسن الشعر ولقّبه بالتعطف ، ولا خلف بين العالم والجاهل في ركاكته» (١).

وقال : «ومن الشعر الخلق :

ولو أرسلت من حبك

مبهوتا من الصين

لوافيتك قبل الصّبح

أو قبل تصلين

قوّة اللّفظ لقوّة المعنى :

قال ابن الأثير : «اعلم أنّ اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل الى وزن آخر اكثر منه فلا بدّ من أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولا ؛ لأنّ الالفاظ أدلّة على المعاني وأمثلة للابانة عنها فاذا زيد في الالفاظ أوجبت القسمة زيادة المعنى وهذا لا نزاع فيه لبيانه ، وهذا النوع لا يستعمل إلا في مقام المبالغة» (٢). ومن ذلك «خشن» و «اخشوشن» فمعنى الاولى دون معنى الثانية لما فيها من تكرير العين وزيادة الواو ومن ذلك قوله تعالى : (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ)(٣) ، وقد استعمل (مُقْتَدِرٍ) لأنّه أقوى وأبلغ من «قادر».

ومن ذلك قول أبي نواس :

فعفوت عني عفو مقتدر

حلّت له نقم فألفاها

والأمر في اختلاف الصيغ كأمر هذا الاختلاف ، ولذلك ينتقل المتكلم من لفظة الى أخرى حينما يريد أن يقوي المعنى أو يعطيه نوعا من المبالغة والتوكيد.

وتحدّث العلوي عن هذا النوع بمثل ما تكلّم عليه ابن الأثير وقال إنّ ذلك يقع في الأسماء كقوله تعالى : (الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(٤) فانه أبلغ من «قائم» ، وفي الأفعال كقوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها)(٥) ، فانه مأخوذ من «الكبّ» وهو القلب لكنّه كرر الباء للمبالغة فيه. وفي الحروف ـ وهو قليل الاستعمال ـ مثل : «سأفعل» و «سوف أفعل» فان زمان «سوف» أوسع من زمان السين وما ذاك إلا لأجل امتداد حروفها (٦).

وهذا النوع مما تحدّث عنه اللغويون والنحاة كابن جني ولكنهم لم يجلوه كما جلاه ابن الأثير ولذلك قال : «هذا النوع قد ذكره أبو الفتح في كتاب «الخصائص» إلا أنّه لم يورده كما أوردته أنا ولا نبّه على ما نبهت عليه من النكت التي تضمنته» (٧) وكرر العلوي هذا الكلام في كتابه الطراز (٨).

القول بالموجب :

هذا النوع من مبتدعات المصري ، قال : «هو أن يخاطب المتكلّم فيبني عليها من لفظه ما يوجب عكس معنى المتكلّم وذلك عين القول بالموجب لأنّ حقيقته ردّ الخصم كلام خصمه من فحوى لفظه» (٩). كقول ابن حجاج :

قلت ثقّلت إذ أتيت مرارا

قال ثقّلت كاهلي بالأيادي

قلت طوّلت قال لي بل تطوّل

ت وأبرمت قلت : حبل ودادي

وقال ابن الدويدة المغربي في رجل أودع بعض القضاة

__________________

(١) البديع في نقد الشعر ص ١٦٥ ، وينظر : كتاب الصناعتين ص ٤٢٠.

(٢) المثل السائر ج ٢ ص ٦٠ ، الجامع الكبير ص ١٩٣.

(٣) القمر ٤٢.

(٤) البقرة ٢٥٥.

(٥) الشعراء ٩٤.

(٦) الطراز ج ٢ ص ١٦٢ وما بعدها ولعل المرد أنه كرر (الكاف).

(٧) المثل السائر ج ٢ ص ٦٠.

(٨) الطراز ج ٢ ص ١٦٢.

(٩) تحرير التحبير ص ٥٩٩ ، بديع القرآن ص ٣١٤.

٥٦٣

مالا فادّعى ضياعه :

إن قال قد ضاعت فيصدق أنها

ضاعت ولكن منك يعني لو تعي

أو قال قد وقعت فيصدق أنها

وقعت ولكن منه أحسن موقع

ومنه قوله تعالى : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ)(١) وموجب هذا القول إخراج الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ المنافقين منها لأنّه الأعز وهم الأذلون وقد كان ذلك ألا ترى أنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال على أثر ذلك : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون ٨).

وفرّق المصري بين القول بالموجب والتعطف من وجهين :

الأوّل : أنّ اللفظة التي تزيد في التعطف لا تكون مع اختها في قسم واحد وإنما تكون كل لفظة في شطر.

الثاني : أنّ الثانية من كلمتي التعطّف لا تكون عكس معنى الكلام وهذه تعكس معناه. وذكر الحموي والنويري (٢) أنّ القول بالموجب ضربان :

الأول : يقع صفة في كلام مدّع شيئا يعني به نفسه فتثبت تلك الصفة لغيره من غير تصريح بثبوتها له ولا نفيها عنه كالآية السابقة.

الثاني : حمل كلام المتكلم مع تقريره على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه كبيتي ابن حجاج ، وقول الارجاني :

غالطتني إذ كست جسمي ضن

كسوة أعرت من الجلد العظاما

ثم قالت أنت عندي في الهوى

مثل عيني صدقت لكن سقاما

وأدخله القزويني في المحسنات المعنوية وقسمه كتقسيم الحلبي والنويري وتبعه في ذلك شراح التلخيص (٣).

وقال الحموي : إنّ القول بالموجب هو أسلوب الحكيم (٤) ، وليس الأمر كذلك بل هما يختلفان في الغاية وإن اتفقا في أنّ كليهما إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر. فغاية القول بالموجب ردّ كلام المتكلم وعكس معناه وغاية أسلوب الحكيم تلقي المخاطب بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيها على أنّه الأولى بالقصد ، أو السائل بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيها على أنّه الاولى بحاله أو المهم له (٥).

وقال السّيوطي (٦) : «ولم أر من أورد له مثالا من القرآن ، وقد ظفرت بآية منه وهي قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ، قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)(٧).

وقال أيضا : «وحذّاق البديع شرطوا خلوّه من لفظة «لكن» لأنهم خصصوا بها نوع الاستدراك» (٨). ولكنّ المدني قال إنّ الطيبي سبقه الى ذلك في «التبيان» (٩).

__________________

(١) المنافقون ٨.

(٢) حسن التوسل ص ٣٠٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧٠.

(٣) الايضاح ص ٣٨٠ ، التلخيص ص ٣٨٦ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٠٦ ، المطول ص ٤٤٤ ، الأطول ج ٢ ص ٢٢٠.

(٤) خزانة الادب ص ١١٦ ، وينظر نفحات ص ٩٤ ، شرح الكافية ص ٩٦.

(٥) أنوار الربيع ج ٢ ص ٢٠٩.

(٦) معترك ج ١ ص ٤٦٢.

(٧) التوبة ٦١.

(٨) شرح عقود الجمان ص ١٣١.

(٩) أنوار الربيع ج ٢ ص ٢٠٠.

٥٦٤

الكاف

كثرة التّكرار :

ذكره القزويني وشرّاح التلخيص في شروط فصاحة الكلام ، ويريدون به ذكر الشيء مرة بعد مرة ، وكثرته يكون فوق الواحد أي اذا أعيد مرة ثانية كان تكرارا واذا أعيد ثالثة فاكثر كان «كثرة التكرار» ويدخل في هذا تتابع الإضافات (١). ومن ذلك قول المتنبي :

وتسعدني في غمرة بعد غمرة

سبوح لها منها عليها شواهد (٢)

الكشف :

الكشف ، رفعك الشيء عما يواريه ويغطيه ، كشفه يكشفه كشفا ، وكشف الامر : أظهره (٣).

تحدث الحاتمي عن كشف المعنى وإبرازه بزيادة منه تزيد نصاعة وبراعة (٤) مثال ذلك أنّ امرأ القيس قال :

كبكر المقاناة البياض بصفرة

غذاها نمير الماء غير المحلّل (٥)

أخذ هذا المعنى ذو الرّمة فكشفه وأبرزه وزاد فيه زيادة لطيفة فقال :

كحلاء في برج صفراء في نعج

كأنّها فضّة قد مسّها ذهب (٦)

وذهب الى هذا المعنى ابن رشيق (٧) ، ولكنّ ابن منقذ قال : «هو أن يكشف المتبع معنى المبتدع اذا كان فيه شيء من الخفاء» (٨) ، وذكر بيتي امرىء القيس وذي الرمة ، وقول جرير :

إنّ الذين غدوا بلبك غادروا

وشلا بعينك لا يزال معينا

فقد كشفه ذو الرّمة بقوله :

ولما تلاقينا جزت من عيوننا

دموع كشفنا غربها بالأصابع

ونلنا سقاطا من حديث كأنّه

جنى النحل ممزوجا بماء الوقائع

وقال العتابي :

مضت على عهده الليالي

وأحدثت بعده أمور

واعتضت باليأس عنه صبرا

واعتدل الحزن والسرور

__________________

(١) الايضاح ص ٧ ، التلخيص ص ٣١ ، شروح التلخيص ج ١ ص ١١٢ ، المطول ص ٢٣ ، الاطول ج ١ ص ٢٧.

(٢) تسعدني : تعينني. الغمرة : الشدة. سبوح : وصف للفرس اذا كان حسن الجري.

(٣) اللسان (كشف).

(٤) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٩٠.

(٥) البكر : البيضة الاولى من بيض النعام. المقاناة :المخالطة. غير المحلل : أي لا ينزل عليه لانه ملح لا يتغذى به.

(٦) البرج : سعة في بياض العين. النعج : البياض الخالص.

(٧) العمدة ج ٢ ص ٢٩٠.

(٨) البديع في نقد الشعر ص ٢١٤.

٥٦٥

كشفه بعضهم بقوله :

ولسّت أرجو ولست أخشى

ما أحدثت بعده الدهور

فليجهد الدهّر في مساتي

فما عسى جهده يصير

ويدخل هذا النوع في الأخذ والسرقات.

كشف المعنى :

وهو كشف الثاني معنى الاول وإبرازه اذا كان فيه شيء من الخفاء (١) ، وهو «الكشف» وقد تقدم.

الكلام الجامع :

جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا ، وجمعت الشيء : إذا جئت به من ههنا وههنا (٢).

قال الحلبي والنّويري : «هو أن يكون البيت كله جاريا مجرى مثل واحد» (٣) كقول زهير :

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله

على قومه يستغن عنه ويذمم

ومن لا يصانع في أمور كثيرة

يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم

ومهما تكن عند امرىء من خليقة

وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وقال السّبكي : «هو أن يجيء المتكلم مثلا في كلامه بشيء من الحكمة والموعظة أو شكاية الزمان أو الأحوال» (٤).

وقال الحموي : «هو أن يأتي الشاعر ببيت مشتمل على حكمة أو وعظ أو غير ذلك من الحقائق التي تجري مجرى الامثال ويتمثل الناظم بحكمها أو وعظها أو بحالة تقتضي إجراء المثل» (٥). وعرّفه السيوطي بمثل هذا التعريف (٦) وقال المدني : «الكلام الجامع هو عبارة عن أن يأتي الشاعر ببيت يكون جملة حكمة أو موعظة أو نحو ذلك من الحقائق الجارية مجرى الامثال. هكذا قال غير واحد من البديعيين ، وقال الطيبي في التبيان : «هو أن يحلي المتكلم كلامه بشيء من الحكمة والموعظة وشكاية الزمان والاخوان» وهذا أعم من الاول» (٧). ومن ذلك قول أبي تمام :

واذا أراد الله نشر فضيلة

طويت أتاح لها لسان حسود

لو لا اشتعال النار فيما جاورت

ما كان يعرف طيب عرف العود

وقول الأخر :

حاول جسيمات الأمور ولا تقل

إنّ المحامد والعلى أرزاق

فارغب بنفسك أن تكون مقصّرا

في غاية فيها الطلاب سباق

وقول العتابي يخاطب محبوبته :

تحبين أني نلت ما نال جعفر

من الملك أو ما نال يحيى بن خالد

فقالت : نعم ، فقال :

وأنّ أمير المؤمنين أحلّني

محلّهما بالمرهفات البوارد

فقالت : لا ، فقال :

دعيني تجئني ميتتي مطمئنة

ولم أتجشّم هول تلك الموارد

__________________

(١) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٩٠ ، العمدة ج ٢ ص ٢٩٠ ، البديع في نقد الشعر ص ٢١٤.

(٢) اللسان (جمع).

(٣) حسن التوسل ص ٢٤٣ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٢٨ ، وينظر حدائق السحر ص ١٨٦.

(٤) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.

(٥) خزانة الأدب ص ١١٣.

(٦) شرح عقود الجمان ص ١٣٤.

(٧) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣١٨ ، نفحات ص ٧٧ ، شرح الكافية ص ١٢١.

٥٦٦

فانّ جسيمات الامور منوطة

بمستودعات في بطون الأساود

ومن ذلك قول ابن دريد :

من لم يعظه الدهر لم ينفعه ما

راح به الواعظ يوما أو غدا

من لم تفده عبرا أيامه

كان العمى أولى به من الهدى

الكلام الموجّه :

وجّه اليه كذا : أرسله ، ووجّهت في حاجة ووجهت وجهي لله وتوجهت نحوك واليك ، وكساء موجّه : ذو وجهين (١).

قال ابن الأثير : «الموجّه أي له وجهان وهو مما يدلّ على براعة الشاعر وحسن تأتّيه» (٢). والكلام الموجّه هو القسم الثاني من أقسام تأويل المعنى ، فالاول أن يفهم منه شيء واحد لا يحتمل غيره ، والثاني أن يفهم منه الشيء وغيره ، وتلك الغيرية ضد ، والثالث أن يفهم منه الشيء وغيره وتلك الغيرية لا تكون ضدا. والأول يقع عليه أكثر الأشعار ، والثاني قليل الوقوع جدّا ، والثالث أكثر وقوعا منه وهو واسطة بين الطرفين.

ومن ذلك قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من كلام النبوّة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت». وهذا يشتمل على معنيين ضدين :

أحدهما : أنّ المراد به إذا لم تفعل فعلا تستحي منه فافعل ما شئت.

والآخر : أنّ المراد به إذا لم يكن لك حياء يزعك (٣) عن فعل ما يستحى منه فافعل ما شئت.

وهذان معنيان ضدان ، أحدهما مدح والآخر ذمّ.

ومن ذلك قول المتنبي يخاطب كافورا :

عدوّك مذموم بكلّ لسان

ولو كان من أعدائك القمران

ولله سرّ في علاك وإنّما

كلام العدى ضرب من الهذيان

ثم قال :

فما لك تعنى بالأسنّة والقنا

وجدّك طعّان بغير سنان

فإنّ هذا بالذم أشبه منه بالمدح ، لأنّه يقول : لم تبلغ ما بلغته بسعيك واهتمامك بل بجد وسعادة وهذا لا فضل فيه ؛ لأنّ السعادة تنال الخامل والجاهد ومن لا يستحقها ، واكثر ما كان المتنبي يستعمل هذا القسم في قصائده الكافوريات.

كمال الاتّصال :

هو أن تكون الجملة الثانية متصلة اتصالا تاما بالجملة الأولى (٤). وقد تقدم في الفصل والوصل.

كمال الانقطاع :

وهو من المواضع التي يجب فيها الفصل ويكون لأمر يرجع الى الاسناد أو إلى طرفيه (٥) ، وقد تقدم في الانقطاع والفصل والوصل.

كمال البيان :

قال العلوي : «إنّ لهذا الصنف من المكانة البلاغية موقعا عظيما ، وحاصله في لسان أهل البلاغة أنّه كشف المعنى وايضاحه حتى يصل الى النفوس على

__________________

(١) اللسان (وجه).

(٢) المثل السائر ج ١ ص ٣٥.

(٣) يزعك : يكفك ويزجرك وينهاك.

(٤) الايضاح ص ١٥١ ، التلخيص ص ١٨٠ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٣٠ ، المطول ص ٢٥٢ ، الاطول ج ٢ ص ٣٠.

(٥) مفتاح العلوم ص ١٢٢ ، الايضاح ص ١٥٠ ، التلخيص ص ١٧٩ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٥ ، المطول ص ٢٥١ ، الاطول ج ٢ ص ٧.

٥٦٧

أحسن شيء وأسهله» (١). وهو حسن البيان وقد تقدم.

كمال المعنى :

قال ابن سنان : «وأمّا كمال المعنى فهو أن تستوفي الأحوال التي تتم بها صحته وتكمل جودته» (٢). وذلك مثل قول نافع بن خليفة الغنوي :

رجال إذا لم يقبل الحقّ منهم

ويعطوه عاذوا بالسيوف القواضب

فتمم المعنى بقوله : «ويعطوه» لأنّه لو اقتصر على قوله : «إذا لم يقبل الحق منهم عاذوا بالسيوف» كان المعنى ناقصا.

الكناية :

الكناية : أن تتكلّم بشيء وتريد غيره ، وكنّى عن الأمر بغيره يكني كناية ، وتكنّى : تستر من كنّى عنه إذا ورّى ، أو من الكنية (٣).

من أقدم الذين عرضوا للكناية أبو عبيدة وهي عنده ما فهم من الكلام ومن السياق من غير أن يذكر اسمه صريحا في العبارة فهي تستعمل قريبة من المعنى البلاغي كما في قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ)(٤) فهو كناية وتشبيه (٥) ، وفي قوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ*)(٦) كناية عن الغشيان (٧).

وقد تأتي الكناية بمعنى الضمير وهو ما ذكره سيبويه وكرّره أبو عبيدة في «مجاز القرآن» والفراء في «معاني القرآن». وأشار الجاحظ الى الكناية والتعريض وذكر أنّهما لا يعملان في العقول عمل الافصاح والكشف (٨) ، وربطها هي والوحي باللحظ ودلالة الاشارة (٩) ونقل عن شريح أنه قال : «الحدّة كناية عن الجهل» ونقل عن أبي عبيدة أنّه قال : «العارضة كناية عن البذاء» قال : «واذا قالوا فلان مقتصد فتلك كناية عن البخل ، واذا قيل للعامل مستقص فذلك كناية عن الجور» (١٠). وهذا هو المعنى الذي وقف عنده البلاغيون والنقاد.

وذكر ابن المعتزّ فنّا من محاسن الكلام هو «التعريض والكناية» (١١) ولكنه لم يعرفهما وأدخل فيهما ما سمّي لغزا وذكر قول بعضهم :

أبوك أب ما زال للناس موجعا

لأعناقهم نقرا كما ينقر الصّقر

إذا عوّج الكتّاب يوما سطورهم

فليس بمعوجّ له أبدا سطر

وتقع الكناية عند المبرّد على ثلاثة أضرب :

أحدها : التعمية والتغطية كقول النابغة الجعدي :

أكني بغير اسمها وقد علم

الله خفيات كلّ مكتتم

وقال ذو الرّمة استراحة الى التصريح من الكناية :

أحبّ المكان القفر من أجل انني

به اتغنّى باسمها غير معجم

وثانيها : الرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش الى ما يدلّ على معناه من غيره كقوله تعالى في المسيح وأمه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)(١٢) وهو كناية عن قضاء الحاجة.

وثالثها : التفخيم والتعظيم ومنه اشتقت الكنية وهو

__________________

(١) الطراز ج ٣ ص ٩٩.

(٢) سر الفصاحة ص ٣١٩.

(٣) اللسان (كني).

(٤) البقرة ٢٢٣.

(٥) مجاز القرآن ج ٢ ص ٧٣.

(٦) النساء ٤٣ ، المائدة ٦.

(٧) مجاز القرآن ج ١ ص ١٥٥.

(٨) البيان ج ١ ص ١١٧. ولكن الجاحظ قال ايضا في رسالة نفي التشبيه (الرسائل ج ١ ص ٣٠٧) : «وربما كانت الكناية أبلغ في التعظيم وأدعى الى التقديم من الافصاح والشرح».

(٩) البيان ج ١ ص ٤٤.

(١٠) البيان ج ١ ص ٢٦٣.

(١١) البديع ص ٦٤.

(١٢) المائدة ٧٥.

٥٦٨

أن يعظّم الرجل أن يدعى باسمه ، وقد وقعت في الكلام على ضربين : في الصبي على جهة التفاؤل بأن يكون له ولد ويدعى بولده كناية عن اسمه ، وفي الكبير أن ينادى باسم ولده صيانة لاسمه (١).

وذكر قدامة فنا سمّاه الإشارة ، وهو أن يكون اللفظ القليل مشتملا على معان كثيرة بايماء اليها أو لمحة تدلّ عليها كما قال بعضهم وقد وصف البلاغة «هي لمحة دالّة» (٢). وذكر في باب ائتلاف اللفظ والمعنى فنا سماه «الإرداف» وهو أن يريد الشاعر دلالة على معنّى من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى بل بلفظ يدلّ على معنّى هو ردفه وتابع له فإذا دلّ على التابع أبان عن المتبوع ، كقول عمر بن ابي ربيعة :

بعيدة مهوى القرط إمّا لنوفل

أبوها وإما عبد شمس وهاشم

وإنما أراد أن يصف طول الجيد فلم يذكره بلفظه الخاص بل أتى بمعنى هو تابع لطول الجيد وهو بعد مهوى القرط (٣).

وتحدّث ابن سنان عن حسن الكناية عما يجب أن يكنى عنه في المواضع التي لا يحسن التصريح فيها ، وعدّه أصلا من أصول الفصاحة وشرطا من شروط البلاغة (٤).

وتحدّث عن الإرداف وقال : «ومن نعوت البلاغة والفصاحة أن تراد الدّلالة على المعنى فلا يستعمل اللفظ الخاص الموضوع له في اللغة بل يؤتى بلفظ يتبع ذلك المعنى ضرورة فيكون في ذكر التابع دلالة على المتبوع ، وهذا يسمّى الإرداف والتتبيع لأنه يؤتى فيه بلفظ هو ردف اللفظ المخصوص بذلك المعنى وتابعه» (٥).

واختلط مصطلحا «الكناية» و «التعريض» عند العسكري وقال : «هو أن يكنّى عن الشيء ويعرّض به ولا يصرّح على حسب ما عملوا باللحن والتورية عن الشيء» (٦) وتحدّث عن الإرداف والتوابع وقال : «أن يريد المتكلّم الدلالة على معنى فيترك اللفظ الدالّ عليه الخاص به ويأتي بلفظ هو ردفه وتابع له فيجعله عبارة عن المعنى الذي أراده ، وذلك مثل قول الله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ)(٧). وقصور الطرف في الأصل موضوعة للعفاف على جهة التوابع والإرداف ، وذلك أنّ المرأة اذا عفّت قصرت طرفها على زوجها فكان ، قصور الطرف ردفا للعفاف ، والعفاف ردف وتابع لقصور الطرف» (٨). وتكلّم على المماثلة وهي : «أن يريد المتكلّم العبارة عن معنى فيأتي بلفظة تكون موضوعة لمعنى آخر إلا أنّه ينبىء اذا أورده عن المعنى الذي أراده كقولهم : «فلان نقي الثوب» يريدون أنّه لا عيب فيه وليس موضوع نقاء الثوب البراءة من العيوب وإنما استعمل فيه تمثيلا» (٩).

وأدخل ابن رشيق الكناية في باب الإشارة وهي عنده من غرائب الشعر وملحه ، وبلاغته عجيبة تدلّ على بعد المرمى وفرط المقدرة وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز والحاذق الماهر ، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالّة واختصار وتلويح يعرف مجملا ، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه. ومن أنواعها التفخيم والايماء والتعريض والتلويح والكناية والتمثيل والرمز واللمحة واللغز واللحن والتعمية والحذف والتورية والتتبيع. وقال عن الكناية : «والعرب تجعل المهاة شاة لأنّها عندهم ضائنة الظباء ، ولذلك يسمونها نعجة. وعلى هذا المتعارف في الكناية جاء قول الله ـ عزوجل ـ في إخباره عن

__________________

(١) الكامل ج ٢ ص ٦٧٤.

(٢) نقد الشعر ص ١٧٤.

(٣) نقد الشعر ص ١٧٨.

(٤) سر الفصاحة ص ١٩٢.

(٥) سر الفصاحة ص ٢٧٠.

(٦) كتاب الصناعتين ص ٣٦٨.

(٧) الرحمن ٥٦.

(٨) كتاب الصناعتين ص ٣٥٠.

(٩) كتاب الصناعتين ص ٣٥٣.

٥٦٩

خصم داود ـ عليه‌السلام ـ : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ)(١). كناية بالنعجة عن المرأة. وقال امرؤ القيس :

وبيضة خدر لا يرام خباؤها

تمتعت من لهو بها غير معجل

كناية بالبيضة عن المرأة» (٢). وقال إنّ من الكناية اشتقاق الكنية لانك تكني عن الرجل بالابوة ، وذكر الأضرب الثلاثة التي ذكرها المبرّد.

وبدأ فن الكناية يأخذ طابعه العلمي بعد ذلك فقال عبد القاهر : «الكناية أن يريد المتكلّم اثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة ولكن يجيء الى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومىء به اليه ويجعله دليلا عليه» (٣).

وقال الرازي : اعلم أنّ اللفظة اذا اطلقت وكان الغرض الاصلي غير معناها فلا يخلو إما أن يكون معناها مقصودا أيضا ليكون دالا على ذلك الغرض الاصلي ، وإما أن لا يكون. فالأول الكناية ، والثاني المجاز» (٤).

وقال ابن الزملكاني : «هي أن تريد إثبات معنى فتترك اللفظ الموضوع له وتأتي بتاليه وجودا لتومىء به اليه وتجعله شاهدا له ودليلا عليه» (٥).

وقال السّكّاكي : «هي ترك التصريح بذكر الشيء الى ذكر ما هو ملزومه لينتقل من المذكور الى المتروك» (٦).

وذكر ابن الأثير عدّة تعريفات ورجّح «أنّها كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز» (٧).

وقال القزويني : «الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ» (٨).

وقال المصري : «هي أن يعبر المتكلم عن المعنى القبيح باللفظ الحسن وعن الفاحش بالطاهر» (٩).

وذكر العلوي عدّة تعريفات ثم قال : «فالمختار عندنا في بيان ماهية الكناية أن يقال هي اللفظ الدالّ على معنيين مختلفين حقيقة ومجازا من غير واسطة لا على جهة التصريح» (١٠).

وقال الزركشي : «الكناية عن الشيء : الدلالة عليه من غير تصريح باسمه ، وهي عند أهل البيان أن يريد المتكلّم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له من اللغة ولكن يجيء الى معنى هو تاليه ورديفه في الوجود ويجعله دليلا عليه فيدلّ على المراد من طريق أولى» (١١).

وفرّق الحموي بين الكناية والإرداف فقال عنها : «الكناية هي الإرداف بعينه عند علماء البيان ، وإنما علماء البديع أفردوا الإرداف عنها ، والكناية هي أن يريد المتكلّم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة ولكن يجيء الى معنى هو ردفه في الوجود فيومىء اليه ويجعله دليلا عليه» (١٢). وقال في الإرداف : «نوع الإرداف قالوا :

__________________

(١) سورة ص ٢٣.

(٢) العمدة ج ١ ص ٣١٢.

(٣) دلائل الاعجاز ص ٥٢ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٦ ، الروض المريع ص ١١٦.

(٤) نهاية الايجاز ص ١٠٢.

(٥) البرهان الكاشف ص ١٠٥ ، التبيان ص ٣٧.

(٦) مفتاح العلوم ص ١٨٩.

(٧) المثل السائر ج ٢ ص ١٩٤ ، الجامع الكبير ص ١٥٦.

(٨) الايضاح ص ٣١٨ ، التلخيص ص ٣٣٧ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٣٧ ، المطول ص ٤٠٧ ، الاطول ج ٢ ص ١٦٩ ، نفحات ص ١٦١ ، شرح الكافية ص ٢٠١.

(٩) تحرير التحبير ص ١٤٣ ، بديع القرآن ص ٥٣.

(١٠) الطراز ج ١ ص ٣٧٣.

(١١) البرهان في علوم القرآن ج ٢ ص ٣٠١.

(١٢) خزانة الادب ص ٣٥٩.

٥٧٠

إنّه هو والكناية شيء واحد. قلت : واذا كان الامر كذلك كان الواجب اختصارهما وإنما ائمة البديع كقدامة والحاتمي والرماني قالوا : إنّ الفرق بينهما ظاهر. والإرداف هو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له بل يعبر عنه بلفظ هو رديفه وتابعه» (١).

وقال المدني : «هي ترك التصريح بذكر الشيء الى ذكر لازمه المساوي لينتقل الذهن منه الى الملزوم المطوي ذكره» (٢) ، وقال السجلماسي : «هي اقتضاب الدلالة على ذات المعنى بما له اليه نسبة» (٣).

ولا يخرج كلام الآخرين على الكناية عما تقدم (٤).

واختلف البلاغيون في الكناية ، هل هي حقيقة أو مجاز؟ وقد أنكر الرازي أن تكون مجازا (٥) وفعل مثله عز الدين بن عبد السّلام الذي قال : «الظاهر أنّ الكناية ليست من المجاز لأنّك استعملت اللفظ فيما وضع له وأردت به الدلالة على غيره ولم تخرجه عن أن يكون مستعملا فيما وضع له» (٦). وذهبت جماعة الى أنّها مجاز كالعلوي الذي قال : «وهكذا اسم المجاز فانه شامل لانواعه من الاستعارة والكناية والتمثيل» (٧) وقال السكاكي : «إنها نازلة من المجاز منزلة المركب من المفرد» (٨) ولذلك أخّر بحثها عن المجاز. وعدّ ابن الاثير الكناية من الاستعارة وقال إنّ كلّ كناية استعارة وليست كل استعارة كناية (٩). وذهب القزويني الى أنّها واسطة بين الحقيقة والمجاز (١٠) وعلّل الدسوقي ذلك بقوله : «الكناية إخراجها بناء على أنّها واسطة لا حقيقة ولا مجاز ، أما أنّها ليست حقيقة فلانها ـ كما سبق ـ اللفظ المستعمل فيما وضع له. والكناية ليست كذلك وأما أنّها ليست مجازا فلانّه اشترط فيها القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة ، والكناية ليست كذلك ولهذا أخرجها من تعريف المجاز» (١١).

ولخّص السيوطي المذاهب المختلفة في الكناية وحصرها في أربعة :

الاول : أنّها حقيقة قاله ابن عبد السّلام وهو الظاهر لأنّها استعملت فيما وضعت له وأريد بها الدلالات على غيره.

الثاني : أنّها مجاز.

الثالث : أنّها لا حقيقة ولا مجاز واليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي وتجويزه ذلك فيها.

الرابع : وهو اختيار الشيخ تقي الدين السبكي أنّها تقسم الى حقيقة ومجاز ، فان استعمل اللفظ في معناه مرادا من لازم المعنى أيضا فهو حقيقة وإن لم يرد المعنى بل عبّر بالملزوم عن اللازم فهو مجاز لاستعماله فيما وضع له (١٢).

ولم يكن للكناية في مراحل التأليف الاولى تقسيم واضح ، ولكنّ ابن الاثير قسمها في كتابه «الجامع الكبير» الى أربعة أقسام هي : التمثيل والإرداف والمجاورة والكناية التي ليست تمثيلا ولا إردافا ولا مجاورة (١٣). وفي كتابه «المثل السائر» قال إنّ هذا التقسيم غير دقيق ، وقسمها الى لونين : ما يحسن

__________________

(١) خزانة ص ٣٧٦.

(٢) أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٠٩.

(٣) المنزع البديع ص ٢٦٥.

(٤) المصباح ص ٧٠ ، الأقصى القريب ص ٧٢ ، جوهر الكنز ص ١٠٠ ، الفوائد ص ١٢٦ ، وغيرها من كتب البلاغة.

(٥) نهاية الايجاز ص ١٠٣.

(٦) الاشارة الى الايجاز ص ٨٥ ، وينظر البرهان في علوم القرآن ج ٢ ص ٣٠١.

(٧) الطراز ج ١ ص ١٩٧.

(٨) مفتاح العلوم ص ١٥٧.

(٩) المثل السائر ج ٢ ص ١٩٧.

(١٠) الايضاح ص ٣١٨ ، التلخيص ص ٣٣٧.

(١١) حاشية الدسوقي ج ٤ ص ٢٦.

(١٢) الاتقان ج ٢ ص ٤١.

(١٣) الجامع الكبير ص ١٥٧ ، وما بعدها.

٥٧١

استعماله وما لا يحسن استعماله وهو عيب في الكلام فاحش (١). وقسّمها السّكاكي ومن سار على نهجه كالقزويني وشرّاح التلخيص (٢) الى ثلاثة أقسام :

الأوّل : الكناية المطلوب بها نفس الموصوف ، وهي قريبة وبعيدة ، ومثال القريبة قول الشاعر كناية عن القلب :

الضاربين بكلّ أبيض مخذم

والطاعنين مجامع الأضغان (٣)

و «مجامع الأضغان» كناية عن القلوب.

وقول أبي العلاء :

سليل النار دقّ ورقّ حتى

كأن أباه أورثه السّلالا

و «سليل النار» كناية عن السيف.

وقول الآخر :

ودبّ لها في موطن الحلم علّة

لها كالصلال الرقش شرّ دبيب

و «موطن الحلم» كناية عن الصدور.

والكناية البعيدة أن يتكلف المتكلّم اختصاصها بأن يضم الى لازم لازما آخر وآخر حتى يلفق مجموعا وصفيّا مانعا من دخول كل ما عدا مقصوده ، كأن يقال في الكناية عن الانسان : «حي مستوي القامة عريض الأظفار».

الثاني : الكناية المطلوب بها نفس الصفة ، وهي قريبة وبعيدة ، فالقريبة كقول طرفة :

أنا الرجل الضّرب الذي تعرفونه

خشاش كرأس الحية المتوقّد

وقد كنّى عن صلابة جسمه وخفّة لحمه ومضي رأيه وتوقّد ذهنه وذكائه.

وقول الآخر :

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

ولكن على أقدامنا تقطر الدما

وهذا كناية عن الشجاعة.

والكناية البعيدة هي الانتقال الى المطلوب من لازم بعيد بوساطة لوازم متسلسلة كقول نصيب :

لعبد العزيز على قومه

وغيرهم منن ظاهره

فبابك أسهل أبوابهم

ودارك مأهولة عامره

وكلبك آنس بالزائرين

من الأم بابنتها الزائره

فانه انتقل من وصف كلبه بما ذكر أنّ الزائرين معارف عنده ، ومن ذلك الى اتصال مشاهدتهم ليلا ونهارا ، ومنها الى لزومهم بابه ، ومنها الى وفور إحسانه وهو المقصود.

ومنه قول المتنبي :

تشتكي ما اشتكيت من ألم الشّو

ق اليها والشّوق حيث النحول

الثالث : الكناية التي يطلب بها تخصيص الصفة بالموصوف وهي الكناية عن نسبة ويراد بها إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه أو كما قال ابن الزملكاني : «أن يأتوا بالمراد منسوبا الى أمر يشتمل عليه من هي له حقيقة» (٤). ومن هذا النوع قول زياد الأعجم :

إنّ السماحة والمروءة والنّدى

في قبّة ضربت على ابن الحشرج

وقول الشنفري :

__________________

(١) المثل السائر ج ٢ ص ٢٠٠.

(٢) مفتاح العلوم ص ١٩٠ ، الايضاح ص ٣١٩ ، التلخيص ص ٣٣٨ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٤٧ ، المطول ص ٤٠٩ ، الاطول ج ٢ ص ١٧١.

(٣) الابيض : السيف. المخذم : القاطع.

(٤) البرهان الكاشف ص ١٠٥ ، التبيان ص ٣٨.

٥٧٢

يبيت بمنجاة عن اللوم بيتها

إذا ما بيوت بالملامة حلّت

وقول حسان بن ثابت :

بنى المجد بيتا فاستقرّ عماده

علينا فأعيا الناس أن يتحوّلا

وقول الآخر :

اليمن يتبع ظلّه

والمجد يمشي في ركابه

وقول أبي نواس :

فما جازه جود ولا حلّ دونه

ولكن يصير الجود حيث يصير

وقول المتنبي :

إنّ في ثوبك الذي المجد منه

لضياء يزري بكلّ ضياء

وقال السّكاكي بعد هذه الاقسام إنّه قد يظن بعضهم أنّ هناك قسما رابعا وليس الأمر كذلك قال : «وقد يظن أنّ ههنا قسما رابعا وهو أن يكون المطلوب بالكناية الوصف والتخصيص معا مثل ما يقال : «يكثر الرماد في ساحة عمرو» في الكناية عن أن عمرا مضياف فليس بذاك إذ ليس ما ذكر بكناية واحدة بل هما كنايتان وانتقال من لازمين الى ملزومين ، أحد اللازمين كثرة الرماد والثاني تقييدها وهو قولك «في ساحة عمرو» (١).

وهذه الأقسام الثلاثة هي مما ذكره عبد القاهر (٢) ، غير أنّه لم يحدّدها تحديدا دقيقا أو يفصل الأمثلة فصلا تاما ، وكان السّكاكي ومن سار على مذهبه قد أوقفوا هذا الفن عند هذه الحدود.

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ١٩٣.

(٢) دلائل الاعجاز ص ٢٣٦ وما بعدها.

٥٧٣

اللام

لازم فائدة الخبر :

لازم فائدة الخبر هو الغرض الثاني من أغراض الخبر الأصلية ، وذلك أن يكون المخبر عالما بالحكم كقولك لمن زيد عنده ولا يعلم أنك تعلم ذلك : «زيد عندك» (١).

اللّحن :

اللّحن : من الأصوات المصوغة الموضوعة وجمعه ألحان ولحون ، ولحن في قراءته إذا غرّد وطرّب فيها بألحان ، واللحن : ترك الصواب في القراءة والنشيد ، يقال : لحن يلحن لحنا ولحنا. ولحن : قال له قولا يفهمه عنه ويخفى على غيره لأنّه يميله بالتورية عن الواضح المفهوم. وقول مالك ابن اسماء بن خارجة الفزاري :

وحديث ألذّه هو مما

ينعت الناعتون يوزن وزنا

منطق رائع وتلحن أحيا

نا وخير الحديث ما كان لحنا

يريد أنّها تتكلّم بشيء وهي تريد غيره وتعرّض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها كما قال عزوجل : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)(٢) ، أي : في فحواه ومعناه (٣).

وكان الجاحظ قد ظن أنّ اللحن هو الخطأ والخروج على الإعراب (٤) ، وقد روى الخطيب البغدادي عن يحيى بن علي أنّه قال : حدّثني أبي قال : قلت للجاحظ : إني قرأت في فصل من كتابك المسمّى كتاب البيان والتبيين أنّ مما يستحسن من النساء اللحن في الكلام واستشهدت ببيتي مالك بن اسماء ـ يعني قوله :

وحديث ألذّه هو مما

ينعت الناعتون يوزن وزنا

منطق صائب وتلحن أحيا

نا وخير الحديث ما كان لحنا

قال : هو كذاك. قلت : أفما سمعت بخبر هند بنت اسماء بن خارجة مع الحجّاج حين لحنت في كلامها فعاب ذلك عليها فاحتجّت ببيت أخيها فقال لها : إنّ أخاك أراد المرأة فطنة ، فهي تلحن بالكلام الى غير المعنى في الظاهر لتستر معناه وتورّي عنه وتفهمه من أرادت بالتعريض كما قال الله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ولم يرد الخطأ في الكلام ، والخطأ لا يستحسن من أحد. فوجم الجاحظ ساعة ثم قال : لو سقط اليّ هذا الخبر لما قلت ما تقدّم. فقلت له : فأصلحه ، فقال : الآن وقد سار الكتاب في الآفاق.

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٨٢ ، الايضاح ص ١٧ ، التلخيص ص ٤١ ، شروح التلخيص ج ١ ص ١٩٦ ، المطول ص ٤٤ ، الاطول ج ١ ص ٥٥.

(٢) محمد ٣٠.

(٣) اللسان (لحن).

(٤) البيان ج ١ ص ١٤٧.

٥٧٤

هذا لا يصلح (١).

أي أنّ اللحن في قول مالك بن أسماء هو التعريض عن فطنة ، والى ذلك ذهب ابن وهب حين قال : «وأمّا اللحن فهو التعريض بالشيء من غير تصريح أو الكناية عنه بغيره» (٢). والعرب تفعل ذلك لوجوه وتستعمله في أوقات ومواطن فمن ذلك ما استعملوه للتعظيم أو للتخفيف أو للاستحياء أو للبقيا أو للانصاف أو للاحتراس. فأمّا ما يستعمل من التعريض للاعظام فهو أن يريد مريد تعريف ما فوقه قبيحا إن فعله فيعرض له بذلك من فعل غيره ويقبح له ما ظهر منه فيكون قد قبحّ له ما أتاه من غير أن يواجهه به ، وفي ذلك يقول الشاعر :

ألا ربّ من أطنبت في ذمّ غيره

لديه على فعل أتاه على عمد

ليعلم عند الفكر في ذاك أنّما

نصيحته فيما خطبت به قصدي

وأما التعريض للتخفيف فهو أنّ يكون لك الى رجل حاجة فتجيئه مسلما ولا تذكر حاجتك فيكون ذلك اقتضاء له وتعريضا بمرادك منه ، وفي ذلك يقول الشاعر :

أروح بتسليم عليك وأغتدي

وحسبك بالتسليم مني تقاضيا

وأمّا التعريض للاستحياء فالكناية عن الحاجة بالنجو والعذرة.

وأما التعريض للبقيا فمثل تعريض الله ـ عزوجل ـ بأوصاف المنافقين وإمساكه عن تسميتهم إبقاء عليهم وتألفا لهم. ومثل تعريض الشعراء بالديار والمياه والجبال والاشجار بقيا على ألّا فهم وصيانة لأسرارهم وكتمانا لذكرهم.

وأما التعريض للانصاف فكقوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣) وأما التعريض للاحتراس فهو ترك مواجهة السفهاء والانذال بما يكرهون وإن كانوا لذلك مستحقين خوفا من بوادرهم وتسرعهم وإدخال ذلك عليهم بالتعريض والكلام اللين.

وأدخل ابن رشيق اللحن في باب الإشارة وقال : «ومن الإشارات اللحن وهو كلام يعرفه المخاطب بفحواه وإن كان على غير وجهه» (٤). وقال : «ويسميه الناس في وقتنا هذا «المحاجاة لدلالة الحجا عليه» وذلك نحو قول الشاعر يحذر قومه :

خلّوا على الناقة الحمراء أرحلكم

والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا

إنّ الذئاب قد اخضّرت براثنها

والناس كلّهم بكر اذا شبعوا

أراد بالناقة الحمراء : الدهناء ، وبالجمل الأصهب : الصمان ، وبالذئاب : الأعداء. فيقول : «قد اخضرت أقدامهم من المشي في الكلأ والخصب والناس كلهم اذا شبعوا طلبوا الغزو فصاروا عدوا لكم كما أنّ بكر بن وائل عدوكم» (٥) وفعل مثله السجلماسي الذي عدّ اللحن من التعمية وهو من جنس الإشارة (٦).

لزوم ما لا يلزم :

هو الإعنات أو الالتزام أو التضييق أو التشديد ، وقد سمّاه كذلك معظم البلاغيين» (٧) ، وسمّاه المدني

__________________

(١) تأريخ بغداد ج ١٢ ص ٢١٤ ، معجم الادباء ج ٦ ص ٦٥.

(٢) البرهان في وجوه البيان ص ١٣٣.

(٣) سبأ ٢٤.

(٤) العمدة ج ١ ص ٣٠٧.

(٥) العمدة ج ١ ص ٣٠٨.

(٦) المنزع البديع ص ٢٦٨ ، وينظر الأغاني ج ١٧ ص ٣٢٦ ، أمالي المرتضى ج ١ ص ١٥ ، شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ج ١ ص ١١٤.

(٧) الوافي ص ٢٩٥ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٦ ، المثل السائر ج ١ ص ٢٦٧ ، الجامع الكبير ص ٢٦٦ ، التبيان ص ١٧٢ ، ـ ـ الاقصى القريب ص ١١٦ ، الايضاح ص ٣٩٩ ، التلخيص ص ٤٠٦ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٦٣ ، المطول ص ٤٥٨ ، الاطول ج ٢ ص ٢٣٧ ، الطراز ج ٢ ص ٣٩٧ ، الفوائد ص ٢٣٤ ، معترك ج ١ ص ٥١ ، الاتقان ج ٢ ص ١٠٤ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٥ ، نفحات ص ٣١٦.

٥٧٥

الالتزام وأشار الى الأسماء الأخرى (١).

لطافة المعنى :

لطف به وله يلطف لطفا ، اذا رفق به ، ولطف به لطفا ولطافة وألطفه وألطفته : اتحفته ، وألطفه بكذا أي : برّه به ، واللطيف من الكلام : ما غمض معناه وخفي (٢).

قال ثعلب : «لطافة المعنى هو الدّلالة بالتعريض على التصريح» (٣) كقول امرىء القيس :

أمرخ خيامهم أم عشر

أم القلب في إثرهم منحدر (٤)

أي هل هم مقيمون كعود المرخ أو قد حطّوا للرحلة كانسطاح العشر أو قد ارتحلوا فالقلب في إثرهم منحدر.

وقال ثعلب : «ومن لطف المعنى كل ما يدلّ على الايماء الذي يقوم مقام التصريح لمن يحسن فهمه واستنباطه» (٥) كقول امرىء القيس :

وخليل قد أقارقه

ثم لا أبكي على أثره

وقول مهلهل بن ابي ربيعة :

يبكى علينا ولا نبكي على أحد

لنحن أغلظ أكبادا من الإبل

وقول جرير :

وإنّي لا ستحيي أخي أن أرى له

عليّ من الفضل الذي لا يرى ليا

وقول عروة بن الورد :

أقسّم جسمي في جسوم كثيرة

وأحسو قراح الماء والماء بارد

وقول نصيب في سليمان بن عبد الملك :

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله

ولو سكتوا أثنت عليه الحقائب

اللّغز :

ألغز الكلام وألغز فيه : عمّى مراده وأضمره على خلاف ما أظهره ، واللّغز : ما ألغز من كلام فشبّه معناه ، واللغز : الكلام الملبّس (٦).

وقد عقد الجاحظ بابا في «اللغز في الجواب» (٧) وذكر عدة أخبار منها : «قالوا : كان الحطيئة يرعى غنما له وفي يده عصا فمّر به رجل فقال : يا راعي الغنم ما عندك؟ قال : عجراء من سلم. يعني عصاه. قال : إنّي ضيف ، فقال الحطيئة : «للضيفان أعددتها».

وذكر بعض أشعار اللغز من ذلك أكل أولاد العقرب بطن أمهم كما في قول بعضهم :

وحاملة لا يكمل الدهر حملها

تموت ويبقى حملها حين تعطب

وقال ابن وهب : «وأما اللغز فانّه من ألغز اليربوع ولغز اذا حفر لنفسه مستقيما ثم أخذ يمنة ويسرة ليخبي بذلك على طالبه. وهو قول استعمل فيه اللفظ المتشابه طلبا للمعاياة والمحاجة. والقائدة في ذلك في العلوم الدنيوية رياضة الفكر في تصحيح المعاني وإخراجها من المناقضة والفساد إلى معنى الصواب والحق وقدح

__________________

(١) أنوار الربيع ج ٦ ص ٩٣.

(٢) اللسان (لطف).

(٣) قواعد الشعر ص ٤٣.

(٤) المرخ : الزند. العشر : الزندة ، فالزند قائم والزندة مسطوحة على الارض.

(٥) قواعد الشعر ص ٤٤.

(٦) اللسان (لغز).

(٧) البيان ج ٢ ص ١٤٧.

٥٧٦

الفطنة في ذلك واستنجاد الرأي في استخراجها» (١).

وذلك مثل قول الشاعر :

ربّ ثور رأيت في جحر نمل

ونهار في ليلة ظلماء

فالثور ههنا القطعة من الأقط ، والنهار فرخ الحبارى ، فاذا استخرج هذا صحّ المعنى وإذا حمل على ظاهر لفظه كان محالا.

وأدخل فيه الاسماء المشتركة مثل المجنون الذي به الخبل والمجنون الذي جنّة الليل ، والنبيذ الذي يشرب والنبيذ الصبي المنبوذ ، والعليّ المرتفع والعليّ الفرس الشديد ، والجرح المصدر من الجراح والجرح الكسب. ومثل ذلك كثير وقد جمعه أهل اللغة ، وممن جوزّه وجمع أكثره ابن دريد في كتاب «الملاحن» ، وقد ذكر عبد القاهر بعض تلك الملاحن (٢).

وأدخل ابن رشيق اللغز في باب الإشارة وقال : «ومن أخفى الاشارات وأبعدها اللغز وهو أن يكون للكلام ظاهر عجيب لا يمكن وباطن ممكن عجيب» (٣) كقول أبي المقدام :

وغلام رأيته صار كلبا

ثم من بعد ذاك صار غزالا

فقوله : «صار» بمعنى عطف وما أشبهه ، ومستقبله يصور ، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)(٤). وقال الصفدي : «اللغز هو أن تذكر شيئا بصفات يشاركه فيها غيره فيرجع الذهن في ذلك الى حيرة لا يدري مصرفها الى أي متصف منهما بتلك الصفات لكونها تصدق من جهة وتكذب من أخرى. واشتقاقه من «اللغيزى» وهي حفر يحفرها اليربوع تحت الارض ويجعلها متشبعة يمنة ويسرة ليخفي أمره على من يقصده فاذا طلبه في واحد منها خرج من آخر» (٥).

وقال السبكي : «اللغز ويسمى الأحجية والمعمّى وهو قريب من التورية وأمثلته لا تكاد تنحصر ، وفيه مصنفات للناس» (٦).

وقال المدني : «الإلغاز مصدر ألغز الكلام وفيه أتيت به مشتبها ، قال ابن فارس : اللغز : ميلك بالشيء عن وجهه. وفي الاصطلاح : أن يأتي المتكلّم بكلام يعمي به المقصود بحيث يخفى على السامع فلا يدركه إلا بفضل تأمّل ومزيد نظر» (٧).

اللّفّ والنّشر :

هو الطّيّ والنّشر (٨) ، وقد تقدّم.

اللّمحة :

لمح اليه يلمح لمحا وألمح : اختلس النظر ، وقال بعضهم : لمح : نظر ، واللمحة : النظرة العجلة (٩).

__________________

(١) البرهان في وجوه البيان ص ١٤٧.

(٢) اسرار البلاغة ص ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٣) العمدة ج ١ ص ٣٠٧.

(٤) البقرة ٢٦٠.

(٥) نصرة الثائر ص ٣٤٧ ، وينظر المثل السائر ج ٢ ص ٢٢٤.

(٦) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢ ، الروض المريع ص ١٢٢ ، التبيان في البيان ص ٢٤٦.

(٧) أنوار الربيع ج ٦ ص ٤٠.

(٨) الكامل ج ١ ص ١١٢ ، ج ٢ ص ٧٤٠ ـ ٧٤١ ، المنصف ج ٢ ص ١١٧ ، سر الفصاحة ص ٢٢٥ ، نهاية الايجاز ص ١١٢ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٠ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٠ ، المصباح ص ١١٢ ، حسن التوسل ص ٢٤٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٢٩ ، الايضاح ص ٣٥٥ ، التلخيص ص ٣٦١ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٢٩ ، المطول ص ٤٢٦ ، الاطول ج ٢ ص ١٩٦ ، الطراز ج ٢ ص ٤٠٤ ، معترك ج ١ ص ٤٠٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٣ ، شرح عقود الجمان ص ١١٨ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٣٤١ ، التبيان ص ١٧٧ ، البرهان الكاشف ص ٣١٣ ، الروض المريع ص ١٠٨ ، نفحات الأزهار ص ٥٠ ، التبيان في البيان ص ٣٢٩ ، شرح الكافية ص ٧٦.

(٩) اللسان (لمح).

٥٧٧

وقد ذكر البلاغيون المتقدمون أنّ البلاغة هي اللمحة الدالة (١) ، وعدّ ابن رشيق اللمحة من باب الإشارة ، قال : «ومن الإشارات اللمحة كقول أبي نواس يصف يوما مطيرا :

وشمسه حرّة مخدّرة

ليس لها في سمائها نور

فقوله : «حرة» يدل على ما أراد في باقي البيت إذ كان من شأن الحرة الخفر والحياء ولذلك جعلها مخدرة ...

وكذلك قول حسان ويكون ايضا تتبيعا :

أولاد جفنة حول قبر أبيهم

قبر ابن مارية الكريم المفضل

يريد أنهم ملوك ذوو حاضرة ومستقر عز ، ليسوا أصحاب رحلة وانتجاع» (٢).

__________________

(١) نقد الشعر ص ١٧٤.

(٢) العمدة ج ١ ص ٣٠٦.

٥٧٨

الميم

المؤاخاة :

آخى الرّجل مؤاخاة وإخاء ، وفي الحديث أنّ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ آخى بين المهاجرين والأنصار ، أي : ألّف بينهم بأخوة الاسلام والايمان. وقال الليث : الاخاء :

المؤاخاة والتأخي ، والأخوّة : قرابة الأخ والتأخّي : اتخاذ الاخوان (١).

المؤاخاة هي الائتلاف أو التلفيق أو التناسب أو مراعاة النظير ، و «مراعاة النظير هو أن يجمع الناظم أو الناثر أمرا وما يناسبه لا مع ذكر التضاد لتخرج المطابقة ، وسواء كانت المناسبة لفظا لمعنى أو لفظا للفظ أو معنى لمعنى ؛ إذ القصد جمع شيء الى ما يناسبه من نوعه أو ما يلائمه من أحد الوجوه» (٢).

وقال المدني بعد تعريف مراعاة النظير : «ولا يخفى أنّ هذا التفسير يدخل فيه ائتلاف اللفظ مع المعنى ، وائتلاف اللفظ مع اللفظ ، وائتلاف المعنى مع المعنى ، وكل من هذه الأقسام عدّه أرباب البديعيات نوعا برأسه ونظموا له شاهدا مستقلّا وجعلوه مغايرا لهذا النوع» (٣). وسمّاه ابن قيم الجوزية «المؤاخاة وقال : «وهي على قسمين :

الأوّل : المؤاخاة في المعاني.

والثاني : المؤاخاة في الألفاظ.

ويكون للكلام بها رونق لأنّ النفس يعرض لها عند الشعور شيء يطلع الى مناسبة فلا يرد إلا بعد تشوّف ، ولا كذلك المباين ، فلذلك يقبح ذكر الشيء مع مباينه في المعنى المذكور» (٤). وقال السبكي : «هو أخصّ من الائتلاف ، وهو أن تكون معاني الالفاظ متناسبة» (٥) كقول ذي الرّمة :

لمياء في شفتيها حوّة لعس

وفي الثنايا وفي أنيابها شنب (٦)

احترازا عن مثل قول الكميت :

وقد رأيت بها خودا منعّمة

بيضا تكامل فيها الدّلّ والشنب

فذكر «الشنب» مع «الدل» غير مناسب.

وقبح قول أبي تمام :

مثقفات سلبن العرب سمرتها

والروم زرقتها والعاشق القصفا

وكان ينبغي أن يقول : «والعشاق قصفها» لكن منعه الوزن والقافية.

المؤاخاة اللّفظيّة :

قسّموا المؤاخاة الى مؤاخاة في الالفاظ ومؤاخاة

__________________

(١) اللسان (أخا).

(٢) خزانة الادب ص ١٣١.

(٣) أنوار الربيع ج ٣ ص ١١٩.

(٤) الفوائد ص ٩٣.

(٥) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧١.

(٦) اللمى : السمرة في الشفة تضرب الى الخضرة.

الحوة : حمرة في الشفة تضرب الى السواد.

الشنب : برودة وعذوبة في الفم ورقة في الاسنان.

٥٧٩

في المعاني وطلبوا أن يحسن مراعاة المؤاخاة اللفظية كالإفراد والتثنية والجمع وغير ذلك من الأحكام اللفظية ، فاذا كان الاول مفردا استحب في مقابله أن يكون مفردا مثله ، وهكذا إذا كان مجموعا ، ومن ثمّ عيب على أبي تمام قوله في وصف الرماح :

مثقفات سلبن العرب سمرتها

والروم زرقتها والعاشق القصفا

وعيب على أبي نواس قوله في وصف الخمر :

صفراء مجّدها مرازبها

جلّت عن النظراء والمثل

لأنّه جمع ثم أفرد في معنى ، وكان الأحسن أن يقول : «والامثال» ليطابق «النظراء» ، أو «النظير» ليطابق «المثل» (١).

ومن جميل المؤاخاة اللفظية قوله تعالى : (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ)(٢) ، وقوله : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ)(٣) وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٤).

المؤاخاة المعنويّة :

تأتي المؤاخاة المعنوية مطابقة على ما سبق من الكلام ، ومنها كثير في فواصل القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)(٥) فصل الآية بقوله : (لَطِيفٌ خَبِيرٌ) لما فيه من المطابقة لمعناها لأنّه ضمنها ذكر الرحمة للخلق بانزال الغيث لما فيه من المعاش لهم ولانعامهم فكان لطيفا بهم خبيرا بمقادير مصالحهم. ومنه قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٦) وقد فصلها بقوله : (الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ليطابق ما أودعه فيها لأنّه لما ذكر أنّه مالك لما في السماوات والارض لا لحاجة قابله بقوله : (لَهُوَ الْغَنِيُ) أي : عن كل شيء ؛ لأنّ كل غني لا يكون نافعا بغناه إلا إذا كان جوادا به منعما على غيره فانه يحمده المنعم عليه فذكر (الْغَنِيُ) ليدل به على كونه غير مفتقر اليها وذكر (الْحَمِيدُ) لما كان جوادا على خلقه فلا جرم استحق الحمد من جهتهم.

ومن المؤاخاة المعنوية قول ذي الرّمة :

لمياء في شفتيها حوّة لعس

وفي الثنايا وفي أنيابها شنب (٧)

فقد ناسب بين «في شفتيها حوة» و «في الثنايا شنب».

ومثال ما لا تناسب فيه قول الكميت :

وقد رأيت بها خودا منعّمة

بيضا تكامل فيها الدلّ والشنب

ولا تناسب بين «الدل» و «الشنب» (٨).

المؤتلفة والمختلفة :

قال الحلبي والنّويري : «هو أن يريد الشاعر التسوية بين ممدوحين فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما ويروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة لا ينقص بها مدح الآخر فيأتي لأجل الترجيح بمعان تخالف التسوية» (٩). ومنه قول الخنساء في أخيها صخر وقد أرادت مساواته بأبيه مع مراعاة حق الوالد بزيادة فضل لا ينقص بها قدر الولد :

جارى أباه فأقبلا وهما

يتعاوران ملاءة الحضر

__________________

(١) الطراز ج ٢ ص ٣٨٨ ، الفوائد ص ٩٣.

(٢) النحل ١٠٨.

(٣) فصلت ٢٠.

(٤) البقرة ٧.

(٥) الحج ٦٣.

(٦) الحج ٦٤.

(٧) تقدم شرح المفردات في الصفحة السابقة.

(٨) الطراز ج ٢ ص ٣٩٠ ، الفوائد ص ٩٣.

(٩) حسن التوسل ص ٢٨٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٥١.

٥٨٠