معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

الدكتور أحمد مطلوب

معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

المؤلف:

الدكتور أحمد مطلوب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٥

الخبر للتّحذير :

منه قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «أبغض الحلال عند الله الطلاق».

الخبر لتحريك الهمّة :

منه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)(١).

الخبر للتّعظيم :

منه «سبحان الله».

الخبر للتّمنّي :

منه : «وددتك عندنا».

الخبر للتّوبيخ :

من ذلك قولنا لتارك الصلاة : «الصلاة ركن من أركان الاسلام».

الخبر للتّوعّد :

كقوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(٢).

الخبر للدّعاء :

قال المبرد : «تقول : «غفر الله لزيد» واللفظ لفظ الإخبار ، والمعنى معنى الدعاء» (٣). ومنه قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٤) ، أي أعنا على عبادتك.

الخبر للفخر :

منه قول عمرو بن كلثوم :

إذا بلغ الفطام لنا صبيّ

تخرّ له الجبابر ساجدينا

وقول أبي فراس الحمداني :

إنّا إذا اشتدّ الزما

ن وناب خطب وادلهم

ألفيت حول بيوتنا

عدد الشجاعة والكرم

للقا العدا بيض السيو

ف وللندى حمر النعم

هذا وهذا دأبنا

يودى دم ويراق دم

وقول الشريف الرضي :

لغير العلى مني القلى والتجنّب

ولو لا العلى ما كنت في العيش أرغب

وقور فلا الألحان تأسر عزمتي

ولا تمكر الصهباء بن حين أشرب

ولا أعرف الفحشاء إلا بوصفها

ولا أنطق العوراء والقلب مغضب

الخبر للمدح :

فإنّك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

الخبر للنّفي :

منه : «لا بأس عليك».

الخبر بالنّفي والإثبات :

نحو قولهم : «ما هو إلا كذّاب» و «إن هو إلا كذّاب» ، ويستعمل في الأمر الذي ينكره المخاطب أو ما ينزل هذه المنزلة ، قال الرازي : «فلا يصح استعمال هذه العبارة في الأمر الظاهر فلا تقول للرجل الذي ترققه على أخيه وتنبهه للذي يجب عليه من صلة الرحم : «ما هو إلا أخوك» (٥).

__________________

(١) يونس ٢٦.

(٢) القيامة ٣٥. ينظر مجاز القرآن ج ٢ ص ٢٧٨.

(٣) المقتضب ج ٣ ص ٢٧٣ ، ج ٤ ص ١٧٥.

(٤) الفاتحة ٥.

(٥) نهاية الايجاز ص ١٥٢.

٤٨١

الخبر للنّهي :

منه قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(١).

الخبر للوعد :

منه قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ)(٢).

الخبر للوعيد :

منه قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٣).

خذلان المخاطب :

خذله يخذله خذلا وخذلانا : ترك نصرته وعونه.

وخذلان الله العبد : أن لا يعصمه من الشّبه فيقع فيها ، نعوذ بلطف الله من ذلك (٤).

قال ابن الأثير : «هو الأمر بعكس المراد ذلك على الاستهانة بالمأمور وقلة المبالاة بأمره ، أي : أنّي مقابلك على فعلك ومجازيك بحسنه (٥). ومن ذلك قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ، قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ)(٦). فقوله : (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ) من باب الخذلان كأنه قال له : إذ قد أبيت ما أمرت به من الايمان والطاعة فمن حقك أن لا تؤثر به ذلك ونأمرك بتركه. وهذا مبالغة في خذلانه ، لأنّ المبالغة في الخذلان أشد من أن يبعث على ضد ما أمر به.

ومن هذا الباب قوله تعالى : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي. فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ)(٧) فإنّ المراد بهذا لامر الوارد على وجه التمييز المبالغة في الخذلان.

وهذا ما تحدث عنه ابن قيم الجوزية ، ونقله عن ابن الاثير (٨).

الخروج :

الخروج : نقيض الدخول ، خرج يخرج خروجا (٩) :

قال أبو دواد بن حريز : «والخروج مما بني عليه أول الكلام إسهاب» (١٠) ، وذكر ذلك العسكري أيضا (١١).

وقال ابن رشيق : «وأما الخروج فهو عندهم شبيه بالاستطراد وليس به لأنّ الخروج إنّما هو أن تخرج من نسيب الى مدح أو غيره بلطف تحيل ثم تتمادى فيما خرجت اليه» (١٢).

كقول أبي تمام :

صبّ الفراق علينا صبّ من كثب

عليه إسحاق يوم الروع منتقما

سيف الإمام الذي سمّته هيبته

لما تخرّم أهل الأرض مخترما

ثم تمادى في المدح الى آخر القصيدة :

وفرّق ابن رشيق بين هذا النوع والتّخلّص وقال : «ومن الناس من يسمّي الخروج تخلّصا وتوسّلا وينشدون أبياتا منها :

إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه

فليس به بأس ولو كان من جرم

ولو أنّ جرما أطعموا شحم جفرة

لباتوا بطانا يضرطون من الشّحم

وأولى الشعر بأن يسمّى تخلّصا ما تخلّص فيه الشاعر

__________________

(١) الواقعة ٧٩.

(٢) فصلت ٥٣.

(٣) الشعراء ٢٢٧.

(٤) اللسان (خذل).

(٥) الجامع الكبير ص ١٩٧.

(٦) الزمر ٨.

(٧) الزمر ١٤ ـ ١٥.

(٨) الفوائد ص ٢١٤.

(٩) اللسان (خرج).

(١٠) البيان ج ١ ص ٤٤.

(١١) كتاب الصناعتين ص ٣.

(١٢) العمدة ج ١ ص ٢٣٤.

٤٨٢

من معنى الى معنى ثم عاد الى الأوّل وأخذ في غيره ثم رجع الى ما كان فيه» (١). وليس الخروج مثل ذلك لأنّه لا يشترط فيه الرجوع الى ما كان عليه الشاعر.

الخروج على مقتضى الظاهر :

الأصل في الكلام أن يكون على مقتضى الظاهر ، ولكنه قد يخرج على خلافه لنكتة أو سبب من الأسباب. ولهذا الخروج أساليب مختلفة منها : وضع المضمر موضع المظهر ، ووضع المظهر موضع المضمر ، والقلب ، والأسلوب الحكيم ، والتغليب ، والالتفات ، وغيرها (٢). ولكل واحد منها موضع في هذا المعجم.

خروج اللّفظ مخرج الغالب :

قال الزّركشي : «كقوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ)(٣). فان الحجر ليس بقيد عند العلماء ، لكنّ فائدة التقييد تأكيد الحكم في هذه الصورة مع ثبوته عند عدمها ، ولهذا قال بعده : (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) ولم يقل : (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) ولم يكنّ في حجوركم ، فدلّ على أن الحجر خرج مخرج العادة» (٤).

الخروج من معنى إلى معنى :

هو أحد محاسن الكلام عند ابن المعتزّ (٥) ، وهو الاستطراد وقد ذكره الحاتمي (٦) وقال الحلبي والنويري عنه : «ذكر الحاتمي في حلية المحاضرة أنّه نقل هذه التسمية عن البحتري نقلها عن أبي تمام وسماه ابن المعتز «الخروج من معنى الى معنى» (٧).

وقد تقدم «الاستطراد».

الخطاب :

الخطاب والمخاطبة : مراجعة الكلام ، وقد خاطبه بالكلام ، وقد خاطبه مخاطبة وخطابا ، وهما يتخاطبان (٨).

وقد تحدّث الزركشي عن وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن الكريم وقال إنّها تأتي على نحو من أربعين وجها ذكر منها : (٩)

الأوّل خطاب العامّ المراد به العموم ، كقوله تعالى :(إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١٠).

الثاني : خطاب الخاصّ والمراد به الخصوص كقوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(١١).

الثالث : خطاب الخاصّ والمراد به العموم كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١٢).

الرابع : خطاب العامّ والمراد به «الخصوص كقوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)(١٣).

الخامس : خطاب الجنس كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ*)(١٤).

السادس : خطاب النوع كقوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ)(١٥).

السابع : خطاب العين كقوله تعالى : (يا آدَمُ اسْكُنْ

__________________

(١) العمدة ج ١ ص ٢٣٦.

(٢) ينظر شرح عقود الجمان ص ٢٧ ، حلية اللب ص ٧٠.

(٣) النساء ٢٣.

(٤) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٣٨.

(٥) البديع ص ٦٠.

(٦) حلية المحاضرة ج ١ ص ٢٢٦.

(٧) حسن التوسل ص ٢٢٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١١٩.

(٨) اللسان (خطب).

(٩) البرهان ج ٢ ص ٢١٧ وما بعدها.

(١٠) المجادلة ٧.

(١١) آل عمران ١٠٦.

(١٢) الطلاق ١.

(١٣) آل عمران ١٧٣.

(١٤) البقرة ٢١ ، ١٦٨ ، وهو كثير في القرآن الكريم.

(١٥) البقرة ٤٠.

٤٨٣

أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١).

الثامن : خطاب المدح كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا*)(٢).

التاسع : خطاب الذم كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ)(٣).

العاشر : خطاب الكرامة كقوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ)(٤).

الحادي عشر : خطاب الاهانة كقوله تعالى :(فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ)(٥).

الثاني عشر : خطاب التهكم كقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٦).

الثالث عشر : خطاب الجمع بلفظ الواحد كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ)(٧).

الرابع عشر : خطاب الواحد بلفظ الجمع كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً)(٨).

الخامس عشر : خطاب الواحد والجمع بلفظ الاثنين كقوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ)(٩).

السادس عشر : خطاب الاثنين بلفظ الواحد كقوله تعالى : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى)(١٠).

السابع عشر : خطاب الجمع بعد الواحد كقوله تعالى : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(١١).

الثامن عشر : خطاب عين والمراد غيره كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ)(١٢).

التاسع عشر : خطاب الاعتبار كقوله تعالى :(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)(١٣).

العشرون : خطاب الشخص ثم العدول الى غيره كقوله تعالى : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ)(١٤).

الحادي والعشرون : خطاب التلوين كقوله تعالى :(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١٥).

الثاني والعشرون : خطاب الجمادات خطاب من يعقل كقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)(١٦).

الثالث والعشرون : خطاب التهييج كقوله تعالى :(وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٧).

الرابع والعشرون : خطاب الإغضاب كقوله تعالى :(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١٨).

الخامس والعشرون : خطاب التشجيع والتحريض كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(١٩).

__________________

(١) البقرة ٣٥.

(٢) وردت كثيرا في القرآن الكريم.

(٣) التحريم ٧.

(٤) الحجر ٤٦.

(٥) الحجر ٣٤ ـ ٣٥.

(٦) الدخان ٤٩.

(٧) الانشقاق ٦.

(٨) المؤمنون ٥١ ، ٥٤.

(٩) ق ٢٤.

(١٠) طه ٤٩.

(١١) يونس ٦١.

(١٢) الاحزاب ١.

(١٣) الأعراف ٧٩.

(١٤) هود ١٤.

(١٥) الطلاق ١.

(١٦) فصلت ١١.

(١٧) المائدة ٢٣.

(١٨) الممتحنة ٩.

(١٩) الصف ٤.

٤٨٤

السادس والعشرون : خطاب التنفير كقوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)(١).

السابع والعشرون : خطاب التحنن والاستعطاف كقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ)(٢).

الثامن والعشرون : خطاب التحبيب كقوله تعالى : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ؟)(٣).

التاسع والعشرون : خطاب التعجيز كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(٤)

الثلاثون : التحسير والتلهف كقوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)(٥)

الحادي والثلاثون : التكذيب كقوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٦).

الثاني والثلاثون : خطاب التشريف وهو كل ما في القرآن العزيز مخاطبه بـ «قل» كقوله : (قُلْ آمَنَّا)(٧).

الثالث والثلاثون : خطاب المعدوم كقوله تعالى :(يا بَنِي آدَمَ)(٨)

وذكر السيوطي هذه الوجوه (٩) ، وكان الامام الشافعي قد تحدث عن بعض هذه الوجوه فعقد أبوابا لما نزل من الكتاب العزيز عاما يراد به العام ويدخله الخصوص ، وما نزل عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص ، وما نزل عام الظاهر يراد به كله الخصوص (١٠) ، ولكنه ـ رضي‌الله‌عنه ـ لم يفصل جميع وجوه الخطاب.

الخطاب بالجملة الاسميّة :

تحدّث ابن الأثير والعلوي (١١) عن الخطاب بالجملة الاسمية ، ويؤتي بها لغرض خاص ، قال العلوي : «ومتى كان واردا على جهة الاسمية فإنّه ينقدح فيه معنيان» (١٢)

الأوّل : أنّ الفاعل قد فعل الفعل على جهة الاختصاص به دون غيره ، كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى. وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(١٣) فصدّر الجملة بالضمير دلالة على اختصاصه بالاماتة والاحياء والاضحاك والابكاء.

الثاني : التحقق وتمكين ذلك المعنى في نفس السامع بحيث لا يخالجه فيه ريب ، كقوله تعالى :(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)(١٤) ، فخاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية وشياطينهم بالجملة الاسمية المحققة بـ «إنّ» المشددة.

ومن ذلك قول بعضهم :

والشيب إن يظهر فإنّ وراءه

عمرا يكون خلاله متنفّس

لم ينتقص مني المشيب قلامة

ولما بقي مني ألبّ وأكيس

فلما كان المشيب يذم في أكثر أحواله أتى باللام المؤكدة في قوله «ولما بقي» وجعل الجملة الاسمية عوضا من الفعلية في ذلك وتأكيدا.

__________________

(١) الحجرات ١٢.

(٢) الزمر ٥٣.

(٣) مريم ٤٢.

(٤) البقرة ٢٣.

(٥) آل عمران ١١٩.

(٦) آل عمران ٩٣.

(٧) آل عمران ٨٤.

(٨) الأعراف ٢٦.

(٩) معترك الاقران ج ١ ص ٢٢٩.

(١٠) الرسالة ص ٥٣.

(١١) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ٢ ص ٢٥.

(١٢) الطراز ج ٢ ص ٢٥.

(١٣) النجم ٤٣ ـ ٤٤.

(١٤) البقرة ١٤.

٤٨٥

الخطاب بالجملة الفعليّة :

تحدث ابن الاثير والعلوي عن الخطاب بالجملة الفعلية (١) ، وقال ابن الاثير : «وإنّما يعدل عن أحد الخطابين الى الآخر لضرب من التأكيد والمبالغة.

فمن ذلك قولنا : «قام زيد» و «إنّ زيدا قائم» فقولنا : «قام زيد» معناه الإخبار عن زيد بالقيام ، وقولنا : «إنّ زيدا قائم» معناه الإخبار عن زيد بالقيام أيضا ، إلّا أنّ في الثاني زيادة ليست في الأوّل وهي توكيده بـ «إنّ» المشدّدة التي من شأنها الإثبات لما يأتي بعدها ، وإذا زيد في خبرها اللام فقيل : «إن زيدا لقائم» كان ذلك أكثر توكيدا في الإخبار بقيامه» (٢). فالغرض من الجملة الاسمية الثبوت والهدف من الجملة الفعلية التجدد ، وقد قال الرازي : «إن كان الغرض من الاخبار الاثبات المطلق غير المشعر بزمان وجب أن يكون الإخبار بالاسم كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(٣) لأنّه ليس الغرض إلا إثبات البسط للكب ، فأما تعريف زمان ذلك فليس بمقصود. وأمّا اذا كان الغرض في الاخبار الاشعار بزمان ذلك الثبوت فالصالح له الفعل كقوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ)(٤). فانّ المقصود بتمامه لا يحصل بمجرد كونه معطيا للرزق بل بكونه معطيا للرزق في كل حين وأوان» (٥). ولخّص القزويني ذلك بقوله : «وفعليتها لافادة التجدد واسميتها لافادة الثبوت فان من شأن الفعلية أن تدلّ على التجدد ، ومن شأنه الاسمية أن تدلّ على الثبوت» (٦).

الخطاب العامّ :

ذكره السبكي وقال : «المقصود منه أن يخاطب به غير معين إيذانا بأنّ الأمر لعظمته حقيق بأن لا يخاطب به أحد دون أحد» (٧). كقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)(٨) ، وقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «بشر المشائين في الظلم». وربما يخاطب واحد بالتثنية كقول :

خليليّ مرّا بي على أم جندب

لنقضي لبانات الفؤاد المعذّب

ثم قال السبكي : «قال الطيبي : والمراد به عموم استغراق الجنس في المفرد فهو كالألف واللام الداخلة على اسم الجنس قال : وتسميته خطابا عاما مأخوذ من قول صاحب الكشاف : «ما أصابك يا انسان» «خطاب عام».

الخيف :

خيف البعير والإنسان والفرس وغيره خيفا وهو أخيف بيّن الخيف والأنثى خيفاء إذا كانت إحدى عينه سوداء كحلاء والأخرى زرقاء (٩).

قال العلوي : «هو فن من فنون البلاغة حسن التأليف والانتظام مشتمل على ما يجوز فيه الكلم الإهمال والإعجام. وهو أن يكون الكلام من المنشور والمنظوم معقودا من جزءين إحدى كلمتي العقد منقوطة كلها والأخرى مهملة كلها. واستعارة هذا اللقب من قولهم : «فرس أخيف» إذا كان إحدى عينيه سوداء والأخرى زرقاء» (١٠).

ومثاله قول الحريري :

اسمح فبثّ السماح زين

ولا تخب آملا تضيّف

__________________

(١) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ٢ ص ٣٠.

(٢) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤.

(٣) الكهف ١٨.

(٤) فاطر ٣.

(٥) نهاية الايجاز ص ٤١.

(٦) الايضاح ص ٩٩ ، وينظر دلائل الاعجاز ص ١٣٢.

(٧) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.

(٨) الانعام ٢٧.

(٩) اللسان (خيف).

(١٠) الطراز ج ٣ ص ١٧٧.

٤٨٦

فقوله «اسمح» لا ينقط شيء من حروفه ، وقوله «فبث» منقوطة كلها ، وهكذا القول في سائر كلمات البيت.

ومن النثر قول الحريري أيضا : «الكرم ثبت الله جيش سعودك يزين ، واللؤم غضّ الدهر جفن حسودك يشين ، والأروع يثيب والمعور يخيب ، والحلاحل يضيف والماحل يخيف».

وكان الوطواط قد سمّاه «الخيفاء» وقال : «الخيف في اللغة هو أن تكون عينا الجواد إحداهما سوداء والأخرى زرقاء ، وتكون هذه الصنعة بان يجعل الكاتب في نثره أو الشاعر في شعره كلمة من عبارته منقولة وكلمة أخرى عاطلة غير منقوطة» (١) ، وذكر ما ذكره العلوي فيما بعد من أمثلة ولكنّه لم يكتف بالبيت الأوّل من قول الحريري وانما ذكر له بيتا آخر وهو :

ولا تجز ردّ ذي سؤال

فنّن أم في السؤال خفّف

وسمّاه الرازي الخيفاء أيضا وقال : «هي الكلام الذي جملة حروف إحدى كلمتيه منقوطة وجملة حروف الكلمة الأخرى غير منقوطة» (٢).

وسمّاه المطرزي «الخيفاء» ايضا وقال : «الخيفاء عند البلغاء هي الرسالة أو القصيدة يكون حروف احدى كلمتيها منقوطة بأجمعها وحروف الأخرى غير منقوطة بأسرها من الفرس الخيفاء وهي التي خيف وهو أن تكون إحدى عينيها سوداء والأخرى زرقاء» (٣).

الخيفاء :

هو الخيف (٤) ، وقد تقدّم.

__________________

(١) حدائق السحر ص ١٦٨.

(٢) نهاية الايجاز ص ٢٣.

(٣) الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢.

(٤) حدائق السحر ص ١٦٨ ، نهاية الايجاز ص ٢٣ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢ ، الطراز ج ٣ ص ١٧٧.

٤٨٧

الدال

الدّلالة :

دلّ يدلّ ، اذا هدى ، ودلّه على الشيء يدلّه دلا ودلالة : سدّده إليه (١) قال الشريف الجرجاني : «الدّلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر والشيء الأوّل هو الدالّ والثاني هو المدلول. وكيفية دلالة اللفظ على المعنى باصطلاح علماء الأصول محصورة في عبارة النصّ وإشارة النصّ ودلالة النصّ واقتضاء النصّ. ووجه ضبطه أن الحكم المستفاد من النّظم إمّا أن يكون ثابتا بنفس النظم أو لا والأوّل إن كان النظم مسوقا إليه فهو العبارة وإلّا فالإشارة ، والثاني إن كان الحكم مفهوما من اللفظ لغة فهو الدّلالة أو شرعا فهو الاقتضاء. فدلالة النصّ عبارة عما ثبت بمعنى النص لغة لا اجتهادا. فقوله : «لغة» أي يعرفه كل من يعرف هذا اللسان بمجرّد سماع اللفظ من غير تأمّل كالنهي عن التأفيف في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢) يوقف به على حرمة الضّرب وغيره مما فيه نوع من الأذى بدون الاجتهاد» (٣).

وتحدّث الجاحظ عن أصناف الدّلالات فقال : «وجميع أصناف الدّلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد : أوّلها اللفظ ثم الإشارة ، ثم العقد ، ثم الخط ، ثم الحال التي تسمى نصبة ، والنّصبة هي الحال الدّالة التي تقوم مقام الأصناف ولا تقصّر عن تلك الدّلالات.

ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها وحلية مخالفة لحلية أختها وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة ثم عن حقائقها في التفسير وعن أجناسها وأقدارها وعن خاصّها وعامّها وعن طبقاتها في السارّ والضارّ وعما يكون منها لغوا بهرجا وساقطا مطّرحا» (٤)

وتحدّث ابن وهب عن وجوه البيان ولم يخرج على دلالات الجاحظ ، قال : «البيان على أربعة أوجه : فمنه بيان الأشياء بذواتها وإن لم تبن بلغاتها ومنه البيان الذي يحصل في القلب عند إعمال الفكر واللب ومنه البيان باللسان ومنه البيان بالكتاب وهو الذي يبلغ من بعد أو غاب» (٥). وهذا الكلام قريب من كلام الجاحظ فإنّ النّصبة عنده هي بيان الاعتبار ويدخل فيها بيان الاعتقاد أيضا لأنّه ثمرة بيان الاعتبار ونتيجته في القلب ، ودلالة اللفظ عند الجاحظ هي البيان الثالث ، ودلالة الخط هي البيان الرابع.

وبدأ مبحث الدلالة يدخل في البلاغة ويقسّم علم البيان بمقتضاه ، ومن أقدم البلاغيين الذين اهتموا بذلك الرازي ، فقد عقد فصولا للكلام على دلالة اللفظ على المعنى ، وقسّم الدلالة إلى وضعية وعقلية (٦). وقرر السّكّاكي أنّ «صاحب علم البيان له

__________________

(١) اللسان (دلل).

(٢) الاسراء ٢٣.

(٣) التعريفات ص ٩٣.

(٤) البيان ج ١ ص ٧٦.

(٥) البرهان في وجوه البيان ص ٦٠.

(٦) نهاية الايجاز ص ٨ وما بعدها.

٤٨٨

فضل احتياج إلى التّعرّض لأنواع دلالات الكلم» (١) وشرح ذلك الاحتياج وتحدّث عن أنواع الدلالات.

وأخرج التشبية من علم البيان لأنّ دلالته وضعية.

وتبعه في ذلك ابن مالك والقزويني وشرّاح التلخيص والعلوي (٢) واتخذوا الدلالات منهجا في دراسة فنون البيان.

والدلالات التي تحدّث عنها القدماء هي : دلالة الإشارة ، ودلالة الالتزام ، ودلالة التّضمّن ، ودلالة الخطّ ، ودلالة العقد ، والدلالة العقلية ، ودلالة اللفظ ، ودلالة المطابقة ، ودلالة النّصبة ، والدّلالة الوضعية.

دلالة الإشارة :

هي من دلالات المعاني الخمس التي ذكرها الجاحظ وقال إنّها باليد وبالرأس وبالعين والحاجب والمنكب اذا تباعد الشخصان وبالثوب وبالسيف ، وقد يتهدّد رافع السيف والسوط فيكون ذلك زاجرا ومانعا رادعا ويكون وعيدا وتحذيرا. والإشارة واللفظ شريكان ونعم العون هي له ونعم الترجمان هي عنه ، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ وما تغني عن الخط (٣).

وقد قال الشاعر في دلالات الإشارة.

أشارت بطرف العين خيفة أهلها

إشارة مذعور ولم تتكلّم

فأيقنت أنّ الطّرف قد قال مرحبا

وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم

وقال الآخر :

وللقلب على القلب

دليل حين يلقاه

وفي الناس من النا

س مقاييس وأشباه

وفي العين غنى للمر

ء أن تنطق أفواه

وقال ابن الزملكاني : «ومن الإشارة قوله تعالى : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ)(٤) ، ومنه ، (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ، قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)(٥)

دلالة الالتزام :

أجمع البلاغيون على أنّ الدّلالة الوضعية لا يقع فيها تفاوت لأنّ «معرفتها التوقيف» (٦) ، وإنّما يقع التفاوت في الدلالة الالتزامية أو دلالة الالتزام. وقال ابن الزملكاني. «اللفظ إمّا يعتبر بالنسبة الى تمام مسماه وهو المطابقة أو الى جزئه من حيث هو كذلك وهو الالتزام» (٧) والأولى وضعية والأخريان عقليتان ، لأنّ اللفظ إذا وضع للمسمى انتقل الذهن من المسمى الى اللازم (٨) ، ومثال دلالة الالتزام دلالة لفظ الإنسان والفرس على كونها متحرّكة وشاغلة الجهة وغير ذلك من الأمور اللازمة.

دلالة التّضمّن :

هي اعتبار اللفظ الى جزئه من حيث هو كذلك ، وذلك نحو دلالة الفرس والانسان والأسد على معانيها التي هي متضمنة لها كالحيوانية والإنسانية ، فإنّ هذه المعاني كلّها تدلّ عليها هذه الألفاظ عند الإطلاق

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ١٥٦.

(٢) المصباح ص ٥٠ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٦ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٥٦ ، المطول ص ١ ـ ٣ الاطول ج ٢ ص ٥٢ ، الطراز ج ١ ص ٣٤.

(٣) البيان ج ١ ص ٧٨.

(٤) مريم ٢٩.

(٥) آل عمران ٤١. البرهان الكاشف ص ٨٣.

(٦) نهاية الايجاز ص ١٤.

(٧) البرهان الكاشف ص ٩٨.

(٨) مفتاح العلوم ص ١٥٦ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الأطول ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ١ ص ٣٨ ، المنزع البديع ص ٢١٣.

٤٨٩

لأنّها متضمنة لها من حيث أنّ هذه الحقائق متضمنة لها. فدلالتها عليها من جهة تضمنها إياها (١).

دلالة الخطّ :

هي إحدى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ ، وقد قالوا : «القلم أبقى أثرا» وقالوا : «القلم مطلق في الشاهد والغائب وهو للغابر الحائن (٢) مثله للقائم الراهن» (٣).

دلالة العقد :

هي إحدى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ ، قال : «وأمّا القول في العقد وهو الحساب دون اللفظ والخط فالدليل على فضيلته وعظم قدر الانتفاع به قول الله عزوجل : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(٤). والحساب يشتمل على معان كثيرة ومنافع جليلة ولو لا معرفة العباد بمعنى الحساب في الدنيا لما فهموا عن الله عزوجل معنى الحساب في الآخرة ، وفي عدم اللفظ وفساد الخط والجهل بالعقد فساد جلّ النّعم وفقدان جمهور المنافع واختلال كل ما جعله الله ـ عزوجل ـ لنا قواما ومصلحة ونظاما» (٥).

الدّلالة العقليّة :

قال الرازي : «وأمّا العقلية فإمّا على ما يكون داخلا في مفهوم اللفظ كدلالة لفظ البيت على السقف الذي هو جزء مفهوم البيت ولا شك في كونها عقلية لامتناع وضع اللفظ إزاء حقيقة مركّبة ولا يكون متناولا لأجزائها ، وإمّا على ما يكون خارجا عنه لدلالة لفظ السقف على الحائط فإنه لما امتنع انفكاك السقف عن الحائط عادة كان اللفظ المفيد لحقيقة السقف مفيدا للحائط بواسطة دلالة الأوّل فتكون هذه الدلالة عقلية» (٦).

دلالة اللّفظ :

هي أعلى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ منزلة ، واللفظ هو الذي يتبارى فيه الأدباء ويجولون في ميادينه (٧).

دلالة المطابقة :

هي أن يعتبر اللفظ بالنسبة الى تمام مسماه وذلك نحو دلالة الإنسان والفرس والأسد على هذه الحقائق المخصوصة فإنّها مرشدة بالوضع عند إطلاقها على معانيها المعقولة. وتختص دلالة المطابقة بأحكام كثيرة منها ثلاثة أحكام هي :

الحكم الأوّل منها : ليس يلزم في كل معنى من المعاني أن يكون له لفظ يدلّ عليه بل لا يبعد أن يكون ذلك مستحيلا ؛ لأنّ المعاني التي يمكن أن يعقل كل واحد منها غير متناهية.

الحكم الثاني : الحقيقة في وضع الالفاظ إنّما هو للدّلالة على المعاني الذهنية دون الموجودات الخارجية.

الحكم الثالث : الألفاظ المشهورة من جهة اللغة المتداولة بين الخاصة والعامة لا يجوز أن تكون

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الاطول ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ١ ص ٣٧ ، المنزع البديع ص ٢١٣.

(٢) الحائن : الهالك.

(٣) البيان ج ١ ص ٧٩ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.

(٤) الانعام ٩٦.

(٥) البيان ج ١ ص ٨٠ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.

(٦) نهاية الايجاز ص ٨ ، مفتاح العلوم ص ١٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الاطول ج ٢ ص ٥٤.

(٧) البيان ج ١ ص ٧٦ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.

٤٩٠

موضوعة بمعنى خفي لا يعرفه إلّا الخاص ولا يصلح أن تكون موضوعة بازاء المعاني الدقيقة التي لا يفهمها إلّا الأذكياء (١).

دلالة النّصبة :

هي إحدى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ وقال : «وأمّا النّصبة فهي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشيرة بغير اليد وذلك ظاهر في خلق السماوات والأرض وفي كلّ صامت وناطق وجامد ونام ومقيم وظاعن وزائد وناقص. فالدّلالة التي في الموات الجامد كالدّلالة التي في الحيوان الناطق ، فالصامت ناطق من جهة الدلالة والعجماء معربة من جهة البرهان» (٢).

الدّلالة الوضعيّة :

وهي دلالة المطابقة (٣) ، وقد تقدّمت.

الدّليل :

قال قدامة : «البلاغة ثلاثة مذاهب :

المساواة : وهو مطابقة اللفظ المعنى لا زائدا ولا ناقصا.

والإشارة : وهو أن يكون اللفظ كاللمحة الدالة.

والدليل : وهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ليظهر لمن لم يفهمه ، ويتأكّد عند من فهمه.

قال بعض الشعراء :

يكفي قليل كلامه وكثيره

بيت إذا طال النّضال مصيب (٤)

__________________

(١) الطراز ج ١ ص ٣٥ ، وينظر مفتاح العلوم ص ١٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الأطول ج ٢ ص ٥٤.

(٢) البيان ج ١ ص ٨١ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.

(٣) نهاية الإيجاز ص ٨ ، مفتاح العلوم ص ١٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الاطول ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ١ ص ٣٨.

(٤) نهاية الأرب ج ٧ ص ٨. ولم يذكر قدامة ذلك في نقد الشعر أو جواهر الالفاظ.

٤٩١

الذال

الذّكر :

الذّكر ـ الحفظ للشيء تذكره ، والذكر أيضا :

الشيء يجري على اللسان يقال ذكره يذكره ذكرا وذكرا (١).

ويقرن البلاغيون الذّكر بالحذف وهو نقيضه وقد تقدّم. ويذكر المسند اليه ، والمسند وغيرهما في العبارة ولسبب من الأسباب ، ومن أغراض ذكر المسند اليه :

أنّه الأصل ولا مقتضى للحذف ، فاذا حذف ذهب المعنى.

وضعف التعويل على القرينة ، وذلك إذا ذكر المسند اليه في الكلام وطال عهد السامع به ، أو ذكر معه كلام في شأن غيره مما يوقع في اللبس إن لم يذكر.

والتنبيه على غباوة السامع حتى أنّه لا يفهم إلا بالتصريح.

وزيادة الايضاح والتقرير كقوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٢) ، ففي تكرير اسم الاشارة زيادة إيضاح وتقرير لتميزهم على غيرهم.

وإظهار التعظيم بالذّكر مثل : «القهار يصون عباده» لعظم هذا الاسم. أو اظهار الاهانة مثل : «اللعين إبليس».

والتبرك باسمه مثل : «محمد رسول الله خير الخلق».

والاستلذاذ بذكره مثل : «(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ورازق كلّ حيّ».

وبسط الكلام حيث يقصد الاصغاء كقوله تعالى : حكاية عن موسى ـ عليه‌السلام : (هِيَ عَصايَ)(٣) ، ولذلك زاد على الجواب بقوله : (أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها). وذكر السكاكي : أنّ المسند اليه يذكر لكون الخبر عام النسبة الى كل مسند اليه (٤) كقول الشاعر :

الله أنجح ما طلبت به

والبرّ خير حقيبة الرّحل

وقول أبي ذؤبب الهذليّ :

والنفس راغبة إذا رغّبتها

وإذا تردّ الى قليل تقنع

ولكنّ القزويني قال : «وفيه نظر ، لأنّه ، إن قامت قزينة تدلّ عليه إن حذف فعموم الخبر وارادة تخصيصه بمعين وحدهما لا يقتضيان ذكره وإلا فيكون ذكره واجبا» (٥).

إما ذكر المسند فللأسباب التي تقدّمت في المسند اليه كزيادة التقرير والتعريض بغباوة السامع والاستلذاذ والتعظيم والإهانة وبسط الكلام ، أو

__________________

(١) اللسان (ذكر).

(٢) البقرة ٥.

(٣) طه ١٨.

(٤) مفتاح العلوم ص ٨٥.

(٥) الايضاح ص ٣٤ ، وينظر شروح التلخيص ج ١ ص ٢٨٢.

٤٩٢

ليتعين كونه اسما فيستفاد منه الثبوت أو كونه فعلا فيستفاد منه التجدد ، أو كونه ظرفا فيورث احتمال الثبوت والتجدد (١).

ذكر الخاصّ بعد العامّ :

هو الإطناب بذكر الخاصّ بعد العامّ (٢) ، وقد تقدّم.

ذكر العامّ بعد الخاصّ :

قال الزركشي : «وهذا أنكر بعض الناس وجوده وليس بصحيح» (٣). ومنه قوله تعالى : (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي)(٤) ، والنسك العبادة ، فهو أعم من الصلاة.

وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٥).

الذّمّ في معرض المدح :

قال الحلبي والنويري : «هو أن يقصد المتكلم ذمّ انسان فيأتي بالفاظ موجهة ظاهرها المدح وباطنها القدح فيوهم أنّه يمدحه وهو يهجوه» (٦). ومنه قول بعضهم في الشريف ابن الشجري :

يا سيدي والذي يعيذك من

نظم قريض يصدا به الفكر

ما فيك من جدّك النبيّ سوى

أنّك لا ينبغي لك الشّعر

ذو القافيتين :

هذه تسمية الوطواط وقد قال عنه : «وتكون هذه الصنعة بأن يقول الشاعر قصيدة او مقطوعة ويجعل لها قافيتين متجاورتين» (٧). ومثاله قول مسعود ابن سعد :

يا ليلة أظلمت علينا

ليلاء قاريّة الدّجنّة

قد ركضت في الدّجى علينا

دهما خداريّة الأعنّة

فبتّ أقتاسها فكانت

حللى نهاريّة الأجنّه

ففي هذه الأبيات نجد أنّ القافية الأولى هي الكلمات «قاريّة» وخداريّة» و «نهاريّة» ، اما القافية الثانية فهي : «الدجنة» و «الأعنة» و «الأجنة» وسماه التفتازاني «ذا القافيتين ايضا (٨) ، وهو التشريع أو التوشيح وقد تقدّما.

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٩٩ ، الايضاح ص ٨٦ ، التلخيص ص ١٠٦ ، شروح التلخيص ج ١ ص ١٩.

(٢) الايضاح ص ١٩٧ ، التلخيص ص ٢٢٣ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢١٦ ، المطول ص ٢٩٢ ، الاطول ج ٢ ص ٤٣ ، البرهان في علوم القرآن ج ٢ ص ٤٦٤ ، شرح عقود الجمان ص ٧٢.

(٣) البرهان ج ٢ ص ٤٧١.

(٤) الأنعام ١٦٢.

(٥) التوبة ٧٨.

(٦) حسن التوسل ص ٣٠١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧٧.

(٧) حدائق السحر ص ١٥٧.

(٨) المطول ص ٤٥٨ ، المختصر ج ٤ ص ٤٦١.

٤٩٣

الراء

رجحان السابق على المسبوق :

رجح الشيء بيده وزنه ونظر ما ثقله ، وأرجح الميزان أي أثقله حتى مال ، ورجح الشيء يرجح ويرجح ويرجح رجوحا ورجحانا ، ورجح في مجلسه يرجح : ثقل فلم يخف (١).

ورجحان السابق على المسبوق نوع من الأخذ ، ولكنّه يكون أقلّ رتبة ودرجة من المأخوذ منه أي أنّ السابق يرجح على المسبوق. وقد ذكره ابن منقذ ولم يعرّفه وقال إنّه كقول مسلم بن الوليد :

فاذهب فأنت طليق عرضك إنّه

عرض عززت به وأنت ذليل

أخذه أبو نواس فقصّر منه الوزن وأطال المعنى فقال :

بما أهجوك لا أدري

لساني فيك لا يجري

إذا فكّرت في هجو

ك أشفقت على شعري

وقال عديّ بن زيد :

لو بغير الماء حلقي شرق

كنت كالغصّان بالماء اعتصاري

أخذه ابو نواس فقصّر عنه بقوله :

غصصت عنك بما لا يدفع الماء

وصحّ هجرك حتى ما به ماء (٢)

الرّجع :

رجع رجعا ورجوعا ورجعى ورجعانا ومرجعا ومرجعة : انصرف وفي التنزيل : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى)(٣) أي الرجوع والمرجع (٤).

تحدث ابن شيث القرشي عن الرّجع وقال : «الرّجع أيضا وهو الرد تقول : «رجعت فلانا عن كذا وكذا» إذا رددته. ومنه (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ)(٥)

وهو ايضا نوعان : مجتمع ومفرق.

فالمجتمع كل كلمتين جاءتا في الكلام المنثور على صيغة واحدة في اللفظ والخط لا تخالف إحداهما الأخرى إلا بأول الحروف ثم يعود ما في كل واحدة من الكلمتين في الاخرى بغير زيادة ولا نقص كقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(٦) ، وقوله : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ)(٧). ومنه قول علي ـ صلوات الله عليه ـ : «الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر ، فخذوا من ممركم لمقركم ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم». ومنه قول أبي عبادة :

__________________

(١) اللسان (رجح).

(٢) البديع في نقد الشعر ص ٢٠٣.

(٣) العلق ٨.

(٤) اللسان (رجع).

(٥) الطارق ١١.

(٦) الهمزة ١.

(٧) غافر ٧٥.

٤٩٤

لانت معاطفه فخيّل أنّه

للخيزران مناسب بعظامه

إن كنت تنكر ما أقول فجاره

أو باره أو سامه أو هامه (١)

والرجع المفرق : هو كل كلمتين جاءنا في الكلام المنثور تضمن احداهما من الحروف ما تضمنته الاخرى بغير زيادة ولا نقصان إلا انه على غير بنية ولا ترتيب كما كان في الرجع المجتمع ولكن قد يتقدم بعض الحروف على بعض وهو من أحسن أوضاع الكتابة كقولك : «فلان أرفع القوم عمادا وأفرعهم معادا وأصدقهم ميعادا». ومنه قول الشاعر :

شواجر أرماح تقطّع بينهم

شواجر أرحام ملوم قطوعها (٢)

وهذا هو الجناس ، فالرجع المجتمع عند ابن الاثير في القسم الثاني من المشبه بالتجنيس وهو «أن تكون الالفاظ متساوية في الوزن مختلفة في التركيب بحرف واحد لا غير وإن زاد على ذلك خرج من باب التجنيس» (٣).

والرجع المفرق عند ابن رشيق من جناس المضارعة وهو : «أن تتقدم الحروف وتتأخر» (٤) كقول أبي تمام :

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

متونهنّ جلاء الشّكّ والريب

وقول البحتري : «شواجر أرماح ...»

الرّجوع :

الرجوع هو الانصراف والعودة ، وقد ذكر الباقلاني أنّ أبا عبيدة كان يقول عن امرئ القيس في بيته :

وإنّ شفائي عبرة مهراقة

فهل عند رسم دارس من معوّل

إنّه رجع فاكذب نفسه كما قال زهير :

قف بالديار التي لم يعفها القدم

بلى وغيّرها الأرواح والديم (٥)

وقال الباقلّاني قبل ذلك إنّ منهم من لا يعدّ الاعتراض والرجوع من البديع وذكر البيتين (٦).

والرجوع هو الفن الثالث من محاسن الكلام عند ابن المعتزّ ، وهو «أن يقول شيئا ويرجع عنه» (٧). كقول بشار :

نبّئت فاضح أمّه يغتابني

عند الأمير وهل عليك أمير؟

وقول يزيد بن الطثرية :

أليس قليلا إن نظرتها

اليك وكلا ليس منك قليل

وعرّفه العسكري بمثل كلام ابن المعتزّ (٨) ، وقرنه ابن منقذ بالاستثناء وقال : إنّ الرجوع والاستثناء هو أن تذكر شيئا ثم ترجع عنه» (٩) ، وذكر بيت ابن عشرية.

وقال الحلبي والنويري : «هو أن يعود المتكلم إلى كلامه السابق بالنقض لنكتة» (١٠). وقد قال السيوطي عن هذه النكتة تعليقا على بيت زهير : «قف بالديار.» : «والنكتة في أنّه يبين برجوعه دهش عقله عند رؤية ديار أحبته فلم يعرف ما يقول وتوهّم ما ليس بصحيح فلما راجعه عقله رجع بالنقض عن

__________________

(١) الأمر من باراه وساماه وهاماه للمغالبة بالمباراة والسمو والهمي.

(٢) معالم الكتابة ص ٧٠ ـ ٧١. الشواجر جمع شاجر وشاجرة بمعنى القاطع.

(٣) المثل السائر ج ١ ص ٢٥٤ ، الجامع الكبير ص ٢٦٠.

(٤) العمدة ج ١ ص ٣٢٥.

(٥) إعجاز القرآن ص ٢٤٥.

(٦) اعجاز القرآن ص ١٥٣.

(٧) البديع ص ٦٠ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٨.

(٨) كتاب الصناعتين ص ٣٩٥.

(٩) البديع في نقد الشعر ص ١٢٠.

(١٠) حسن التوسل ص ٢٦٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٤.

٤٩٥

الكلام الأول» (١).

والرجوع من المحسّنات عند المتأخّرين ، وقد عرّفه القزويني بمثل تعريف الحلبي والنويري (٢) وتبعه في ذلك شرح التلخيص (٣).

وعقد ابن قيم الجوزية فصلا للرجوع والاستدراك وقال : هو على قسمين :

الأول : أن تذكر شيئا وترجع عنه كقولهم : «والله ما معه من العقل شيء إلا بمقدار ما يوجب الحجة عليه».

وقول زهير : «قف بالديار ...».

الثاني : من الاستدراك وهو أن يبتدئ كلامه بما يوهم السامع أنّه هجو ثم يستدرك ويأخذ في المدح كقوله أبي مقاتل الضرير :

لا تقل بشرى ولكن بشريان

غرّة الداعي ويوم المهرجان

وهذا النوع غير مستحسن عند الحذّاق فإنّ السامع ربما يتطير من أول الكلام فيتأذى ولا يلتذ بما بعده (٤).

وقال الحموي : وسمّاه بعضهم استدراكا واعتراضا وليس بصحيح» (٥) ثم قال : «والذي اقوله إنّ هذا الرجوع لا فرق بينه وبين السلب والايجاب وقد تقدم قول أبي هلال العسكري أنّ السلب والايجاب هو الذي يبني المتكلم كلامه على نفي شيء من جهة واثباته من جهة أخرى. وقال القاضي جلال الدين : «الرجوع هو العود على الكلام السابق بالنقض. وكل من التقريرين لائق بالنوعين». وذهب الى مثل ذلك المدني وقال : «وليس المراد أنّ المتكلم غلط ثم عاد لأنّ ذلك يكون غلطا لا بديع فيه ، بل المراد أنّه أوهم الغلط وإن كان قاله عن عمد إشارة الى تأكد الاخبار بالثاني لأنّ الشيء المرجوع اليه يكون تحققه أشد» (٦).

ردّ العجز على الصّدر :

الردّ : صرف الشيء ورجعه ، والمراد : مصدر رددت الشيء. (٧) ورد العجز على الصدر هو «التصدير» وقد تقدم ، وسمّاه ابن المعتز «ردّ أعجاز الكلام على ما تقدمها» (٨) وتبعه في ذلك معظم البلاغيين (٩). وسمّاه التبريزي والبغدادي «ردّ الكلام على صدره» (١٠).

الرّذالة :

الرذل والرذيل والأرذل : الدون من الناس ، وقيل : هو الرديء من كل شيء. وقد رذل فلان يرذل رذالة ورذولة فهو رذل ورذال (١١).

__________________

(١) شرح عقود الجمان ص ١١٢ ، وينظر خزانة الادب ص ٣٦٧ ، نفحات ص ١٦٣ ، شرح الكافية ص ٣٣١.

(٢) الايضاح ص ٣٥٢ ، التلخيص ص ٣٥٩.

(٣) شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٢١ ، المطول ص ٤٢٤ ، الأطول ج ٢ ص ١٩٤ ، وينظر حلية اللب ص ١٣٤ ، التبيان في البيان ص ٣٢٣.

(٤) الفوائد ص ١٦٨.

(٥) خزانة الادب ص ٣٦٧.

(٦) أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٦٩.

(٧) اللسان (ردد).

(٨) البديع ص ٤٧ ، وينظر المنصف ص ٦٠.

(٩) كتاب الصناعتين ص ٣٨٥. اعجاز القرآن ص ١٤٠ ، نهاية الايجاز ص ٣٠ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٤ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، المثل السائر ج ١ ص ٢٥١ ، الجامع الكبير ص ٢٥٨ ، تحرير التحبير ص ١١٦ ، بديع القرآن ص ٣٦ ، التبيان ص ١٧٩ ، نضرة الاغريض ص ١٠٤ ، المصباح ص ٧٧ ، حسن التوسل ص ٢١٤ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٩ ، الايضاح ص ٣٩٠ ، التلخيص ص ٣٩٣ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٣٣ ، المطول ص ٤٤٩ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٨ ، الطراز ج ٢ ص ٣٩١ ، الفوائد ص ٢٣٩ ، البرهان ج ٣ ص ٤٦٧ ، خزانة ص ١١٤ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٨ ، أنوار الربيع ج ٣ ص ٩٤ ، الروض المريع ص ١٠٧ ، نفحات ص ٤٧ ، التبيان في البيان ص ٤١٤ ، شرح الكافية ص ٨٢.

(١٠) الوافي ص ٢٧٢ ، قانون البلاغة ص ٤٤٤.

(١١) اللسان (رذل).

٤٩٦

عقد ابن منقذ بابا للرذالة والجهامة وقال : «إنّ الرّذالة هو أن يكون المعنى لا يراد ولا يستفاد» (١) مثل قول بعض العرب :

زياد بن عين عينه تحت حاجبه

وأسنانه بيض وقد طرّ شاربه

وقول أبي العتاهية :

مات الخليفة أيّها الثّقلان

فكأنّني أفطرت في رمضان

ومنه قول الأخر :

إنّ جسمي شفّ من غير مرض

وفؤادي لجوى الحزن غرض

كجراب كان فيه جبن

دخل الفأر عليه فانقرض

الرّشاقة :

المرشق والرشيق من الغلمان والجواري : الخفيف الحسن القد اللطيفه ، وقد رشق رشاقة. يقال للغلام والجارية إذا كانا في اعتدال : رشيق ورشيقة وقد رشقا رشاقة (٢).

عقد ابن منقذ بابا للرّشاقة والجهامة وقال : «أما الجهامة فهي الكلمات القبيحة في السمع وأما الرشاقة فهي حلاوة الألفاظ وعذوبتها» (٣) كقول الشّنفرى :

لتقرعنّ عليّ السنّ من ندم

إذا تذكرت مني بعض أخلاقي

الرّفو :

رفوت الثّوب أرفوه رفوا (٤) أي أصلحت ما به من عيب وأعدت الالتحام بين أجزائه والرفو نوع من التضمين وذلك ان يضمن المصراع فما دونه ، قال السّيوطي : «والمصراع فما دونه يسمى رفوا وإبداعا لأنّه رفا شعره بشعر الغير وأودعه أياه» (٥)

الرّقطاء :

الرّقطة : سواد يشوبه نقط بياض أو بياض يشوبه نقط سواد ، وقد ارقطّ ارقطاطا وارقاطّ ارقيطاطا وهو أرقط والأنثى رقطاء (٦).

قال المطرّزي : «وأما الرقطاء عندهم فهي التي أحد حروف كلمة منها منقوط والآخر غير منقوط من الشاة الرقطاء وهي التي بها نقط سود وبيض. مثال ذلك من النثر قول الحريري : «أخلاق سيدنا تحب وبعقوته تلب» (٧).

وقد ذكره العلوي وهو يتحدّث عن «الخيف» وقال : «ومما يجيء على أثره ويسبك من خلاصة جوهره نوع آخر من هذه الرسائل يلقب بالرقطاء وهي مخالفة لما ذكره في الخيف لكنّها تختص بها نوعا من الاختصاص ، وهي أن تكون الكلمة الواحدة أحد حروفها منقوط والآخر مهمل لا نقط فيه ، واشتقاقه من قولهم : «شاة رقطاء» وهي التي في جلدها نقط من سواد وبياض ، وليس وراء هذا شيء ، خلا ما ذكرناه من الأحكام في البلاغة وعلو مراتب الفصاحة وسلاطة اللسان وجودة القريحة وصفاء الذهن الى غير ذلك من المواد التي يجعلها الله في بعض الأشخاص دون بعض» (٨) ، ومثاله قول الحريري : «أخلاق سيدنا تحب» فالهمزة مهملة والخاء منقوطة واللام مهملة والقاف منقوطة ، ومثاله من الشعر قول الحريري :

__________________

(١) البديع في نقد الشعر ص ١٦٤.

(٢) اللسان (رشق).

(٣) البديع في نقد الشعر ص ١٦١.

(٤) اللسان (رفا).

(٥) شرح عقود الجمان ص ١٧٠.

(٦) اللسان (رقط).

(٧) الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٣.

(٨) الطراز ج ٣ ص ١٧٨.

٤٩٧

سيّد قلّب سبوق مبرّ

فطن مغرب عزوف عيوف

الرّمز :

الرّمز : تصويت خفي باللسان كالهمس ، والرمز : إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين ، والرمز : كلّ ما أشرت اليه مما يبان بلفظ بأي شيء أشرت اليه بيد أو بعين (١) ،

قال ابن وهب : «وأما الرمز فهو ما أخفي من الكلام ... وإنّما يستعمل المتكلم الرمز في كلامه فيما يريد طيّه عن كافة الناس والافضاء به الى بعضهم فيجعل للكلمة أو للحرف اسما من أسماء الطيور والوحش أو سائر الاجناس أو حرفا من حروف المعجم ويطلع على ذلك الموضع من يريد افهامه رمزه فيكون ذلك قولا مفهوما بينهما ، مرموزا عن غيرهما. وقد أتي في كتب المتقدمين والحكماء والمتفلسفين من الرموز شيء كثير وكان أشدهم استعمالا للرمز افلاطون» (٢).

وعدّ ابن رشيق الرمز من أنواع الإشارة وقال : «ومن أنواعها الرمز كقول أحد القدماء يصف امرأة قتل زوجها وسبيت :

عقلت لها من زوجها عدد الحصى

مع الصبح أو مع جنح كلّ أصيل

يريد : أنّي لم أعطها عقلا ولا قودا بزوجها إلا الهمّ الذي يدعوها الى عد الحصى.

ومن مليح الرمز قول أبي نواس يصف كؤوسا ممزوجة فيها صور منقوشة :

قرارتها كسرى وفي جنباتها

مها تدّريها بالقسيّ الفوارس

فللخمر ما زرّت عليه جيوبها

وللماء ما دارت عليه القلانس

يقول إنّ حدّ الخمر من صور الفوارس التي في الكؤوس الى التراقي والنحور وزبد الماء فيها مزاجا فانتهى الشراب الى فوق رؤوسها. ويجوز أن يكون انتهاء الحباب الى ذلك الموضع لما مزجت فأزبدت.

والأول أملح ، وفائدته معرفة حدّها صرفا من معرفة حدّها ممزوجة» (٣).

وتابع البلاغيون ابن رشيق في عدّ الرمز من الاشارة والكناية فقال عبد القاهر : «وكذلك إثباتك الصفة للشيء تثبتها له اذا لم تلقه الى السامع صريحا وجئت اليه من جانب التعريض والكناية والرمز والاشارة كان له من الفضل والمزية ومن الحسن والرونق ما لا يقل قليله ولا يجهل موضع الفضيلة فيه» (٤).

وتتفاوت الكناية عند السكاكي الى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة قال : «وإن كانت ذات مسافة غريبة مع نوع من الخفاء كنحو «عريض القفا» و «عريض الوسادة» كان اطلاق اسم الرمز عليها مناسبا ، لأنّ الرمز هو أن تشير الى قريب منك على سبيل الخفية» (٥).

وذكر مثل ذلك القزويني وشرّاح التلخيص (٦).

وتابعهم ابن الاثير الحلبي فقال وهو يتحدث عن الكناية : «فإن كثرت الارداف والوسائط فإنّه يكون خفيا جدا كالإلغاز والتعمية التي تراض بهما الأذهان فما وقع من هذا الباب لقصد سمّي كناية أو تعريضا إذا قارب الظهور وأما اذا أوغل في خفائه سمّي لغزا أو رمزا» (٧).

__________________

(١) اللسان (رمز).

(٢) البرهان في وجوه البيان ص ١٣٧.

(٣) العمدة ج ١ ص ٣٠٦.

(٤) دلائل الاعجاز ص ٢٣٧.

(٥) مفتاح العلوم ص ١٩٤.

(٦) الإيضاح ص ٣٢٧ ، التلخيص ص ٣٤٣ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٦٩ ، المطول ص ٤١٣ ، الاطول ج ٢ ص ١٧٦ ، شرح عقود الجمان ص ١٠٣.

(٧) جوهر الكنز ص ١٠٦.

٤٩٨

وتحدّث المصري عن الرمز والإيماء وقال إنّه من مبتدعاته مع أنّ ابن رشيق وغيره تكلّموا على الرمز.

قال : «فحواه أن يريد المتكلّم إخفاء أمر ما في كلامه مع إرادته إفهام المخاطب ما أخفاه فيرمز له في ضمنه رمزا يهتدي به الى طريق استخراج ما أخفاه من كلامه.

والفرق بينه وبين الوحي والإشارة أنّ المتكلّم في باب الوحي والإشارة لا يودع كلامه شيئا يستدل منه على ما أخفاه لا بطريق الرمز ولا غيره بل يوحي مراده وحيا خفيّا لا يكاد يعرفه إلّا أحذق الناس. فخفاء الوحي والإشارة أخفى من خفاء الرمز والإيماء. والفرق بينه وبين الإلغاز أنّ الإلغاز لا بد فيه ما يدل على المعمّى فيه بذكر بعض أوصافه المشتركة بينه وبين غيره وأسمائه فهو أظهر من باب الرمز» (١). ومثال الرمز قول النابغة الذبياني :

فاحكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت

الى حمام شراع وارد الثّمد

يحفّه جانبا نيق ويتبعه

مثل الزجاجة لم تكحل من الرّمد

قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا

الى حمامتنا أو نصفه فقد

فكمّلت مائة فيها حمامتها

وأسرعت حسبة في ذلك العدد (٢)

فانه رمز عدّة الحمام التي رأتها الزرقاء ـ وعدته ستّ وستّون حمامة ـ فأخفى هذه العدّة ولم يدل عليها بصريح الدلالة ، ورمز الدلالة على عدتها بهذا الطريق. ومن أمثلة هذا الباب قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(٣) ، فإنّ صدر هذه الاية دلّ على أنّ الصلوات خمس ، لأنّه ـ عزوجل ـ أشار الى صلاتي النهار بقوله : (طَرَفَيِ النَّهارِ) ودلّ على صلوات الليل بقوله تعالى : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ.)

وعدّه السّجلماسي من التعمية وهي من جنس الإشارة وقال إنّه من الأقاويل اللغزية. (٤)

__________________

(١) بديع القرآن ص ٣٢١.

(٢) فتاة الحي : زرقاء اليمامة. شراع : مجتمعة.

الثمد : الماء القليل. النيق : الجبل. قد : حسب.

الحسبة : الحساب.

(٣) هود ١١٤.

(٤) المنزع البديع ص ٢٦٩.

٤٩٩

الزاي

الزّيادة :

الزّيادة : النّموّ ، والزيادة خلاف النقصان ، زاد الشي يزيد زيدا وزيدا وزيادة ومزيدا ومزادا. اي : ازداد (١).

تحدّث النحاة الأوائل عن الزيادة وفضلها في الكلام ، وقد أشار الخليل الى موضعها وبلاغتها وقال سيبويه في مثل : «مررت برجل حسبك به من رجل»

وزعم الخليل ـ رحمه‌الله ـ أنّ «به» ههنا بمنزلة «هو» ولكنّ هذه الباء دخلت ههنا توكيدا» قال : «كفى الشيب والاسلام» و «كفى بالشيب والاسلام» (٢) فالزيادة تفيد الكلام توكيدا وتقوية والى ذلك ذهب أبو عبيدة وذكر أنّ الحروف تزاد للتأكيد وللتنبيه (٣).

وتحدّث التّبريزي عن الزيادة التي يتم بها المعنى كقول طرفة :

فسقى ديارك ـ غير مفسدها ـ

صوب الربيع وديمة تهمي

فقوله : «غير مفسدها» زيادة جعلت المعنى في غاية الحسن (٤).

وذكر المصري أنّ هذا الفن من مستخرجاته ولكن الخليل وسيبويه وأبا عبيدة قد أشاروا الى بلاغة الزيادة ، وأمثلة التّبريزي تجعله من التتميم أو الاحتراس ولكنّ فضل المصري انه فصّل القول فيه (٥).

ونصح المظفّر العلوي الشاعر أن يتجنب الزيادة كما يتجنب الاخلال ، كقول الشاعر :

فما نطفة من ماء نهض عذيبة

تمنع من أيدي الرقاة يرومها

بأطيب من فيها لو انّك ذقته

اذا ليلة أسجت وغارت نجومها

قوله : «لو أنّك ذقته» زيادة أفسد بها المعنى لأنّه أوهم أنّك اذا لم تذقه لم يكن طيبا ولو قال : «بأطيب من فيها واني لصادق» لكان أوكد في الاخبار وأصح في الانتقاد (٦). وقال ابن قيّم الجوزية عن الزيادة في البناء : «هو أن يقصد المتكلم معنى يعبر عنه لفظتان إحداهما أزيد بناء من الأخرى فيذكر الكلمة التي تزيد حروفها عن الاخرى قصدا منه الى الزيادة في ذلك المعنى الذي عبر عنه. ولهذا فان «اعشوشب» و «اخشوشن» في المعنى أكثر وأبلغ من «خشن» «اعشب» ولهذا وقعت الزيادة بالتشديد أيضا.

فان «ستّار» أبلغ من «ساتر» و «عفّار» أبلغ من «غافر». ولهذا قال سبحانه وتعالى : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً)(٧) ، ومنه قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)(٨) عدل عن «قادر» الى

__________________

(١) اللسان (زيد).

(٢) الكتاب ج ٢ ص ٢٦.

(٣) مجاز القرآن ج ١ ص ٢٢٦.

(٤) الوافي ص ٢٩٦.

(٥) بديع القرآن ص ٣٠٥.

(٦) نضرة الاغريض ص ٤٢٨.

(٧) نوح ١٠.

(٨) الكهف ٤٥.

٥٠٠