معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

الدكتور أحمد مطلوب

معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها

المؤلف:

الدكتور أحمد مطلوب


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٥

أو بالحركة والسكون كقولهم : «البدعة شرك الشّرك».

أو بالتخفيف والتشديد كقولهم : «الجاهل اما مفرط واما مفرّط».

التّجنيس المذيّل :

قال السّكّاكي : «هو أن يختلفا بزيادة حرف» (١).

وقال الحموي : «اختلف جماعة المؤلفين في اسمه ولم يتقرر له أحسن من هذه التسمية فانّ فيها مطابقة للمسمّى وما ذاك إلّا أنّ المذيل هو ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفا في آخره فصار له كالذيل» (٢).

وذكر السيوطي أنّ بعضهم يسميه «المتوّج» (٣) وسمّاه الوطواط «التجنيس الزائد» وقال : ويسمونه أيضا التجنيس المذيّل» (٤). وسمّاه الحلبي والنويري المذيّل والزائد والناقص (٥).

وقال العلوي : «هو أن تجيء الكلمتان متجانستي اللفظ متفقتي الحركات والزنة خلا أنّه ربما وقع بينهما مخالفة» (٦). وتلك المخالفة على وجهين :

الأول : أن تختص احدى الكلمتين بحرف يخالف الأخرى من عجزها كقول أبي تمام :

يمدّون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب

فآخر «عواص» ياء وآخر «عواصم» ميم ، وآخر «قواض» ياء ، وآخر «قواضب» باء.

وقول البحتري :

لئن صدفت عنّا فربّت أنفس

صواد الى تلك النفوس الصوادف

فآخر «صواد» الياء وعجز «صوداف» الفاء مع اتفاقهما فيما عدا ذلك.

الثاني : أن تختلف الكلمتان من أولهما كقوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ)(٧). فلم يختلف «الساق» و «المساق» إلا بزيادة الميم في أول «المساق».

ومن ذلك ما ذكره عبد القاهر :

وكل سبقت منه اليّ عوارف

ثنائي من تلك العوارف وارف

وكم غرر من برّه ولطائف

لشكري على تلك اللطائف طائف

قال : «وذاك أنّ زيادة «عوارف» على «وارف» بحرف اختلاف من مبدأ الكلمة في الجملة فانّه لا يبعد كل البعد عن اعتراض طرف من هذا التخيل وإن كان لا يقوى تلك القوة كأنك ترى أنّ اللفظة أعيدت عليك مبدلا من بعض حروفها غيره أو محذوفا منها» (٨).

التّجنيس المردّد :

هو التجنيس المزدوج والمكرّر (٩) ، قال ابن الزّملكاني : «ومتى ولي أحد المتجانسين الآخر من غير فصل قيل له المزدوج» (١٠). مثل : «من جدّ وجد» وقال الشاعر :

حدق الآجال آجال

والهوى للناس قتّال

__________________

(١) مفتاح العلوم ص ٢٠٢ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٠.

(٢) خزانة الادب ص ٢٨.

(٣) معترك ج ١ ص ٤٠٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٥.

(٤) حدائق السحر ص ٩٦.

(٥) حسن التوسل ص ١٨٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩١.

(٦) الطراز ج ٢ ص ٣٦٢.

(٧) القيامة ٢٩ ـ ٣٠.

(٨) أسرار البلاغة ص ١٩.

(٩) حدائق السحر ص ٨٩ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، حسن التوسل ص ١٩١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٣ ، الطراز ج ٢ ص ٣٦٥.

(١٠) التبيان ص ١٦٨ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١.

٢٨١

فالأوّل جمع «إجل» بكسر الهمزة وسكون الجيم وهو القطيع من بقر الوحش ، والثاني جمع «أجل» بفتحهما ، وهو مدة الشيء.

وقال الحلبي والنويري : «ويقال له التجنيس المردّد والمكرر أيضا ، وهو أن يأتي في أواخر الاسجاع وقوافي الأبيات بلفظتين متجانستين إحداهما ضميمة الاخرى وبعضها» (١). كقول البستي :

أبا العباس لا تحسب لشيني

بأنّي من حلى الأشعار عاري (٢)

فلي طبع كسلسال معين

زلال من ذرى الأحجار جاري

وكان ابن الاثير قد ذكر هذين البيتين شاهدا للتجنيس المجنب (٣). وصحح الصفدي ذلك وقال : «هو النوع الذي يسمونه بالمزدوج» (٤).

وقال العلوي : «وإنما لقّب هذا بالمزدوج لما يظهر بين الكلمتين من الاستواء ، ومنه الازدواج وهو الاستواء. ويقال له التجنيس المردد ، ويقال له المكرر ايضا. وينقسم الى ما يكون الازدواج واردا على جهة الانفصال في الكلمتين جميعا كقولك : «من جدّ وجد» و «من لجّ ولج». والى ما يكون الازدواج واردا على جهة الانفصال في إحداهما والاتصال في الأخرى كقولك : «إذا ملأ الصاع انصاع» (٥).

وكبيتي البستي السابقين. «أبا العباس ...».

التّجنيس المرفوّ :

أدخله القزويني في التجنيس التامّ وقال : «والتامّ أيضا إن كان أحد لفظيه مركّبا سمّي جناس التركيب ، ثم إن كان المركّب منهما مركّبا من كلمة وبعض كلمة سمّي مرفوّا» (٦).

وقال الحلبي والنويري : «ومن أنواع المركّب المرفوّ وهو أن تجمع بين كلمتين إحداهما أقصر من الأخرى فتضم الى القصيرة من حروف المعاني أو من حروف الكلمة المجاورة لها حتى يعتدل ركنا التجنيس» (٧).

وقال المدني : «هو ما كان أحد ركنيه مستقلا والآخر مرفوّا من كلمة أخرى» (٨).

ومنه قول الحريري :

ولا تله عن تذكار ذنبك وابكه

بدمع يحاكي الوبل حال مصابه

ومثّل لعينيك الحمام ووقعه

وروعة ملقاه ومطعم صابه

وكان عبد القاهر قد سمّاه كذلك ومثّل له بقول القائل :

ناظراه فيما جنى ناظراه

أو دعاني أمت بما أودعاني

التّجنيس المركّب :

هو تجنيس التركيب والتجنيس المرفوّ (٩). وقد تقدّم.

__________________

(١) حسن التوسل ص ٩١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٣.

(٢) مر البيت في «التجنيس المجنب» بصورة أخرى.

(٣) الجامع الكبير ص ٢٦٣.

(٤) نصرة الثائر ص ١٤٨.

(٥) الطراز ج ٢ ص ٣٦٥.

(٦) الايضاح ص ٣٨٣ ، وينظر التبيان ص ١٦٧ ، حسن التوسل ص ١٩٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٢ ، خزانة الأدب ص ٢٣ ، معترك ج ١ ص ٤٠١ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٤ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١.

(٧) حسن التوسل ص ١٩٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٢.

(٨) انوار الربيع ج ١ ص ١١١.

(٩) التبيان ص ١٦٧ ، حسن التوسل ص ١٩٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٢ ، الطراز ج ٢ ص ٣٦٠ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١ ، جنى الجناس ص ١٢١ ، التبيان في البيان ص ٤٠٦.

٢٨٢

التّجنيس المزدوج :

هو التجنيس المردد أو المركب (١).

التّجنيس المستوفى :

ويقال له التامّ والكامل ، وهو أن تكون كل كلمة مستوفاة في الأخرى (٢). وقال الحموي عن التام : «إن انتظما من نوعين كاسم وفعل سمّي مستوفى» (٣) وهذا ما ذهب اليه القزويني من قبل (٤).

وعدّ هذا من التجنيس لاختلاف المعنيين لأنّ أحدهما فعل والآخر اسم ، ولو اتفق المعنيان لم يعدّ تجنيسا وإنما كان لفظة مكررة أي أنّه ينبغي أن تكون الكلمتان من نوعين ، ولذلك قال القزويني : «وإن كانا من نوعين كاسم وفعل سمّي مستوفى» (٥). ومنه قول الشاعر :

ما مات من كرم الزمان فانّه

يحيا لدى يحيى بن عبد الله

وقول الآخر :

وسمّيته يحيى ليحيا فلم يكن

الى ردّ أمر الله فيه سبيل

تجنيس المشابهة :

وهو مما يشبه المشتق ويسميه بعضهم المغاير (٦).

كقوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٧) وقوله : (لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)(٨).

ومنه قول البحتري :

واذا ما رياح جودك هبّت

صار قول العذّال فيك هباءا

وقول أبي حية البجلي :

يعدّها للعدى فتيان عادية

وكل كهل رحيب الباع صهميم (٩)

قال المظفر العلوي : «وقوله : «يعدها للعدى» تجنيس مشابه» (١٠).

التّجنيس المشوّش :

قال السّكّاكي : «وههنا نوع آخر يسمّى تجنيسا مشوّشا وهو مثل قولك : «بلاغة وبراعة» (١١).

وقال الغانمي : «وكلّ تجنيس تجاذبه طرفان فلا يمكن إطلاق اسم أحدهما عليه فهو المسمى بالمشوّش. مثاله قولهم : «فلان مليح البلاغة لبيق البراعة» (١٢).

وقال العلوي : «فلو اتّفق العينان في الكلمتين وكانتا من حرف واحد لكان ذلك من تجنيس التصحيف ، أو كان اللامان متفقين لكان ذلك من المضارع ، فلما لم يكن كما ذكرناه بقي مذبذبا بين الأمرين ينجذب الى كل واحد منهما يشبه. ومنه قولهم : «صدّعنّي مذ صدّعنّي» فلولا تشديد النون لكان معدودا من

__________________

(١) حدائق السحر ص ٩٨ ، مفاتح العلوم ص ٢٠٣ ، حسن التوسل ص ١٩١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٣ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٧ ، التبيان في البيان ص ٤٠٧.

(٢) الطراز ج ٢ ص ٣٥٦.

(٣) خزانة الأدب ص ٣٠ ، وينظر الوساطة ص ٤٢ وأسرار البلاغة ص ٨ ، ١٧.

(٤) الايضاح ص ٣٨٣.

(٥) الايضاح ص ٣٨٣ ، وينظر الوساطة ص ٤٢ ، الوافي ص ٢٦١ ، قانون البلاغة ص ٤٣٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٠ ، الاطول ج ٢ ص ١٢٣.

(٦) حسن التوسل ص ١٩٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٥.

(٧) الرحمن ٥٤.

(٨) المائدة ٣١.

(٩) الصهميم من الرجال : الشجاع الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يريد ويهوى.

(١٠) نضرة الاغريض ص ٥٢.

(١١) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.

(١٢) التبيان ص ١٦٨ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٢ ، وينظر حسن التوسل ص ١٩٣ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٤ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٨ ، جنى الجناس ص ٢٧٥.

٢٨٣

تجنيس المركب» (١).

وقال الحموي : «إنّ الركنين إذا تجاذبهما نوعان من التجنيس ولم يخلصا لواحد كان الجناس مشوشا» (٢).

ومثاله قول أبي فراس :

لطيرتي في الصّداع نالت

فوق منال الصّداع منّي

وجدت فيه اتفاق سوء

صدّعني مثل صدّعنّي

قال المدني : «فلولا تشديد نون «عني» لكان جناسا مركبا ، أو كان «صدّعنّي» كلمة واحدة لكان جناسا محرفا» (٣).

التّجنيس المصحّف :

هو تجنيس التصحيف (٤) ، وقد تقدّم.

التّجنيس المضارع :

تحدّث ابن رشيق عن تجنيس سماه «المضارعة» وقال إنّه على ضروب كثيرة منها أن تزيد الحروف وتنقص وهو الذي يسميه القاضي الجرجاني (٥) الناقص كقول أبي تمام :

يمدّون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب

ومنها أن تتقدم الحروف وتتأخر كقول أبي تمام :

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

متونهنّ جلاء الشّك والريب

ومنها التصحيف ونقص الحروف كقول بعضهم :

فان حلّوا فليس لهم مقرّ

وإن رحلوا فليس لهم مفرّ (٦)

وقال الرازي : «إنّ الحرفين اللذين وقع الاختلاف فيهما إما أن يكونا متقاربين أو لا يكونا متقاربين ، فالأول يسمى المضارع والمطرف» (٧).

وقال السكاكي : «التجنيس المضارع أو المطرف هو أن يختلفا بحرف أو حرفين مع تقارب المخرج» (٨).

وقال ابن الزملكاني : «وإن لم يتفقا خطا فإن وقع التفاوت بحرف من الحروف المتقاربة سواء وقع أولا أو آخرا أو حشوا لقّب المضارع» (٩).

وقال القزويني : «ثم الحرفان المختلفان إن كانا متقاربين سمي الجناس مضارعا» (١٠). وهو إما في الأول نحو : «بيني وبين كنّي ليل دامس وطريق طامس». أو في الوسط كقوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)(١١). أو في الآخر كقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «الخيل معقود بنواصيها الخير الى يوم القيامة».

وقال الحلبي والنويري : «ومنه المضارع ويسمى المطمع ، وهو أن يجاء بالكلمة ويبدأ بأختها على مثل أكثر حروفها فتطمع في أنّها مثلها فتخالف بحرف.

ويسمى المطرف أيضا وهو أن تجمع بين كلمتين متجانستين لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد من

__________________

(١) الطراز ج ٢ ص ٣٦٨.

(٢) خزانة الأدب ص ٣٦.

(٣) أنوار الربيع ج ١ ص ٢٢٢ ، وينظر التبيان في البيان ص ٤٠٨.

(٤) حسن التوسل ص ١٩٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٣ ، الطراز ج ٢ ص ٣٦٥ ، خزانة الأدب ص ٣٦ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١ ، جنى الجناس ص ١٨٠.

(٥) الوساطة ص ٤٣.

(٦) العمدة ج ١ ص ٣٢٥ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٨٥.

(٧) نهاية الايجاز ص ٢٩ ، وينظر أنوار الربيع ج ١ ص ١٧١ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٢.

(٨) مفتاح العلوم ص ٢٠٢.

(٩) التبيان ص ١٦٧.

(١٠) الايضاح ص ٣٨٦ ، التلخيص ص ٣٩١.

(١١) الانعام ٢٦.

٢٨٤

الحروف المتقاربة سواء وقع آخرا أو حشوا كقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «الخيل معقود بنواصيها الخير». ومنه قول الحطيئة :

مطاعين في الهيجا مطاعيم في الدجى

بنى لهم آباؤهم وبنى الجدّ

وقول البحتري :

ظللت أرجم فيك الظنو

ن أحاجمه أنت أم حاجبه؟ (١)

ولكن المطرف عند القزويني هو «أن يختلفا بزيادة حرف واحد في الأول كقوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ)(٢). أو في الوسط كقولهم «جدّي جهدي». أو في الآخر كقول أبي تمام :

يمدّون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب

وعرّف المضارع بأن يكون الحرفان المختلفان متقاربين (٣).

وقال العلوي : «هو أن يجمع بين كلمتين هما متجانستان لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد سواء وقع أولا أو آخرا أو وسطا حشوا» (٤). وهو وجهان :

الأول : أن يقع الاتفاق في الحروف المتقاربة كالحديث الشريف السابق.

الثاني : أن يقع في الحروف التي لا تقارب فيها كقوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ)(٥).

وكقول البحتري :

ألما فات من تلاق تلاف

أم لشاك من الصّبابة شاف؟

ثم قال : «وما هذا حاله يقال له التجنيس اللاحق والتجنيس الناقص» (٦).

وأدخله السيوطي في تجنيس التصريف وهو عنده قسمان : «ما يكون التخالف بحرف مقارب في المخرج وما يكون بغيره ، والأول يسمّى المضارع والثاني اللاحق. وكل منهما إمّا في الأول أو في الوسط أو في الآخر» (٧).

والمضارع عند الحموي هو «المشابه في المخرج» (٨). وسمّاه المدني «المطرف» وقال : «وأمّا الجناس المطرف فهو ما زاد أحد ركنيه على الآخر بحرف في طرفه الأول وهو عكس المذيل ، فإنّ المذيل تكون الزيادة في آخره فهي كالذيل. وقد يسمى هذا الجناس المردوف والناقص وفي تسميته اختلاف كثير ولكن المطرف أولاها لأنّه مطابق للمسمى إذ الزيادة فيه كالطرف لأنّها في أوله ، وخير الاسماء ما طابق المسمى» (٩).

التّجنيس المضاف :

قال القاضي الجرجاني : «ومنه التجنيس المضاف كقول البحتري :

أيا قمر التّمام أعنت ظلما

عليّ تطاول الليل التّمام

ومعنى التمام واحد في الامرين ولو انفرد لم يعد تجنيسا ولكنّ أحدهما صار موصولا بالقمر والآخر بالليل فكانا كالمختلفين» (١٠).

وقال ابن رشيق تعليقا على هذا البيت : «فهذا عندهم وما جرى مجراه إذا اتصل كان تجنيسا واذا

__________________

(١) حسن التوسل ص ١٩٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٤ وينظر الروض المريع ص ١٦٤.

(٢) القيامة ٢٩ ـ ٣٠.

(٣) الايضاح ص ٣٨٥ ، التلخيص ص ٣٩٠.

(٤) الطراز ج ٢ ص ٣٦٦.

(٥) النساء ٨٣.

(٦) الطراز ج ٢ ص ٣٦٧.

(٧) شرح عقود الجمان ص ١٤٦ ، معترك ج ١ ص ٤٠٠ ، التبيان في البيان ص ٤٠٥.

(٨) خزانة الأدب ص ٢٩.

(٩) أنوار الربيع ج ١ ص ١٧١.

(١٠) الوساطة ص ٤٤.

٢٨٥

انفصل لم يكن تجنيسا. وإنما كان يتمكن ما أراد لو أنّ الشاعر ذكر الليل وأضافه فقال : «ليل التمام» كما قال : «قمر التمام». والرماني سمّى هذا النوع مزاوجا ومثله عنده قول الآخر :

حمتني مياه الوفر منها مواردي

فلا تحمياني ورد ماء العناقد (١)

وقال المصري : «وأما القسم الذي جعلته لها تاسعا وهو الذي ذكره التبريزي وسماه التجنيس المضاف وأنشد فيه قول البحتري : «أيا قمر التمام ...» فهو مع قطع النظر عن الاضافة من تجنيس التحريف ، لكن هو قسم قائم بذاته لاتصال المضاف بالمضاف اليه» (٢).

وليس هذا النوع من تسمية التبريزي وإنما من تسمية القاضي الجرجاني (٣) .. وسمّاه ابن الزملكاني «تجنيس الاضافة» (٤) وقد تقدم.

التّجنيس المطابق :

قال البغدادي : «وأما التجنيس فهو أن يأتي الشاعر بلفظتين في البيت إحداهما مشتقة من الاخرى ويسمونه المطابق وهو أشهر أوصافه وأكبر أصنافه» (٥) نحو قول امرىء القيس :

لقد طمح الطمّاح من بعد أرضه

ليلبسني من دائه ما تلبّسا

والمطابق من تسمية قدامة وقد قال : «فاما المطابق فهو ما يشترك في لفظة واحدة بعينها» (٦).

مثل قول زياد الأعجم :

ونبئتهم يستنصرون بكاهل

وللؤم فيهم كاهل وسنام

والتجنيس المطابق هو التجنيس المطلق عند التبريزي الذي نقل عنه البغدادي تعريفه ومثاله ولكنّه وضعه للمطابق (٧).

التّجنيس المطرّف :

هو التجنيس المضارع (٨) ، وقد تقدّم. غير أنّ الحموي قال عنه : «وأما الجناس المطرّف فهو ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفا في طرفه الأول» (٩) وهذا غير تعريفه للمضارع (١٠).

التّجنيس المطلق :

قال القاضي الجرجاني : «وأما التجنيس فقد يكون منه المطلق وهو أشهر أوصافه ، كقول النابغة :

وأقطع الخرق بالخرقاء قد جعلت

بعد الكلال تشكّى الأين والسّأما (١١)

وهذا يتصل بالاشتقاق فـ «خرق» و «خرقاء» يجمعهما أصل ، وقد قال ابن رشيق بعد أن تكلم على التجنيس المحقق : «ومثله في الاشتقاق قول جرير ، والجرجاني يسميه التجنيس المطلق» (١٢).

وقال التبريزي : «التجنيس أن يأتي الشاعر بلفظتين في البيت إحدهما مشتقة من الأخرى وهذا الجنس

__________________

(١) العمدة ج ١ ص ٣٣٠ ، وينظر الوافي ص ٢٦٢ ، قانون البلاغة ص ٤٣٨.

(٢) تحرير التحبير ص ١١٠.

(٣) الوساطة ص ٤٤ ، وينظر الوافي ص ٢٦٢ ، قانون البلاغة ص ٤٣٨ ، جنى الجناس ص ٢٨٣.

(٤) التبيان ص ١٦٨.

(٥) قانون البلاغة ص ٤٣٧.

(٦) نقد الشعر ص ١٨٥.

(٧) الوافي ص ٢٦٤.

(٨) حدائق السحر ص ٩٩ ، نهاية الايجاز ص ٢٩ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٢ ، حسن التوسل ص ١٩٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٤ ، الايضاح ص ٣٨٥ ، التلخيص ص ٣٩٠ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٢٥ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٥ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٦ ، أنوار الربيع ج ١ ص ١٧١.

(٩) خزانة الأدب ص ٣٥.

(١٠) خزانة ص ٢٩.

(١١) الوساطة ص ٤١.

(١٢) العمدة ج ١ ص ٣٢٤.

٢٨٦

يسمونه المطلق» (١). نحو قول امرىء القيس :

لقد طمح الطماح من بعد أرضه

ليلبسني من دائه ما تلبّسا

وقول جرير :

فما زال معقولا عقال عن النّدى

وما زال محبوسا عن المجد حابس

وهذا الذي سماه البغدادي «التجنيس المطابق» وذكر له الأمثلة نفسها (٢).

وعرّفه ابن الزملكاني بمثل تعريف التبريزي وذكر بيت جرير (٣) ، وسماه المظفر العلوي «تجنيس اللفظ» (٤) ، وعدّه العلوي من الناقص وقال : «المختلف بالأحرف وتتفق الكلمتان في أصل واحد يجمعهما الاشتقاق وما هذا حاله يقال له المطلق» (٥) ، كبيت جرير ، ثم قال : «وإنما سمي مطلقا لأنّه لما كانت حروفه مختلفة ولم يشترط فيه أمر سواه قيل له مطلق». وسماه السكاكي «تجنيس المشابهة» أو «المتشابه» (٦) ، وقال الحموي : «أما الجناس المطلق فانّ للناس في الفرق بينه وبين المشتق معارك وسماه السكاكي وغيره المتشابه والمتقارب لشدة مشابهته وقربه من المشتق وكل منهما يختلف في الحروف والحركات ، ولكنّ الفرق بينهما دقيق قلّ من أتى بصحته ظاهرا فإنّ المشتق غلط فيه جماعة وعدّوه تجنيسا وليس الأمر كذلك فانّ معنى المشتق يرجع الى أصل واحد والمراد من الجناس اختلاف المعنى في ركنيه ، والمطلق كل ركن منه يباين الآخر في المعنى» (٧).

التّجنيس المطمع :

هو التجنيس المضارع (٨) ، وقد تقدّم. قال السيوطي : «وسمّى قوم هذا النوع المطمع لأنّه لما ابتدأ بالكلمة على وفق الحروف التي قبلها طمع في أنّه يجانسها بمثلها جناسا مماثلا» (٩).

وقال المظفر العلوي : «هو أن يأتي الشاعر بكلمة ثم يبدأ في أختها على وفق حروفها فيطمع في أنه يجيء بمثلها فيبدل في آخرها حرفا بحرف وهو حسن في التجنيس» (١٠). كقول الحطيئة :

مطاعين في الهيجا مطاعيم في الدّجى

بنى لهم آباؤهم وبنى الجدّ

وقول أبي كدراء العجلي :

نهضت الى حديد مشرفيّ

حديث الصّقل مأثور حسام

التّجنيس المعكوس :

هو أن يقدم المتكلم المؤخر من الكلام ويؤخر المقدم منه ، قال ابن الاثير : «وقد سماه قدامة بن جعفر الكاتب «التبديل» وذلك اسم مناسب لمسماه ، لأنّ المؤلف يأتي بما كان مقدما في جزء كلامه الأول مؤخرا في الثاني ، وبما كان مؤخرا في الأول مقدما في الثاني» (١١). وهو ضربان :

الأول : عكس الألفاظ كقول بعضهم : «عادات السادات سادات العادات». وقول عتاب بن ورقاء :

إنّ الليالي للأنام مناهل

تطوى وتنشر دونها الأعمار

__________________

(١) الوافي ص ٢٦٠.

(٢) قانون البلاغة ص ٤٣٧.

(٣) التبيان ص ١٦٦.

(٤) نضرة الاغريض ص ٥٥.

(٥) الطراز ج ٢ ص ٣٥٩.

(٦) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.

(٧) خزانة الأدب ص ٢٥ ، وينظر جنى الجناس ص ٢٧٢.

(٨) حسن التوسل ص ١٩٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٤.

(٩) شرح عقود الجمان ص ١٤٦ ، وينظر جنى الجناس ص ٢١٠.

(١٠) نضرة الاغريض ص ٧٢.

(١١) الجامع الكبير ص ٢٦٢ ، المثل السائر ج ١ ص ٢٦١.

٢٨٧

فقصارهنّ مع الهموم طويلة

وطوالهنّ مع السرور قصار

وكقول الأضبط :

قد يجمع المال غير آكله

ويأكل المال غير من جمعه

ويقطع الثوب غير لابسه

ويلبس الثوب غير من قطعه

ومنه قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(١).

الثاني : عكس الحروف كقوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ)(٢) ، وقول بعضهم :

أهديت شيئا يقلّ لو لا

أحدوثه الفأل والتبرّك

كرسي تفاءلت فيه لما

رأيت مقلوبه يسرّك

وكقول الآخر :

كيف السرور بإقبال وآخره

إذا تأملته مقلوب إقبال

قال ابن الاثير : «وهذا الضرب نادر الاستعمال لأنّه قلما تقع كلمة تقلب حروفها فيجيء معناها صوابا» (٣).

تجنيس المعنى :

قال المظفر العلوي : «هو أن يأتي الشاعر بألفاظ يدلّ بمعناها على الجناس وإن لم يذكره» (٤). كقول الشاعر في مدح المهلّب :

حدا بأبي أم الرئال فأجفلت

نعامته من عارض يتلهّب

يذكر فعل المهلب بقطريّ بن الفجاءة ، وكان قطريّ يلقب «أبا نعامة» فأراد أن يقول : حدا بأبي نعامة فاجفلت نعامته أي روحه فلم يستقم له فقال : «بأبي أم الرئال» وأم الرئال النعامة وهو جمع رأل.

وقال الحلبي والنويري : «هو أن تكون إحدى الكلمتين دالة على الجناس بمعناها دون لفظها.

وسبب استعمال هذا النوع أن يقصد الشاعر المجانسة لفظا ولا يوافقه الوزن على الاتيان باللفظ المجانس فيعدل الى مرادفه» (٥). ثم قالا : «وبعضهم لا يدخل هذا في باب التجنيس وإن كان في غاية الحسن والصعوبة».

وتحدث العلوي عن هذا النوع في «تجنيس الاشارة» (٦) ، وأفرد الحموي نوعا سماه «الجناس المعنوي» (٧) ، وهو «تجنيس المعنى» ، وقسّمه الى تجنيس إضمار وتجنيس إشارة وقال : «إنّ المعنوي طرفة من طرف الأدب عزيز الوجود جدا». وتابعه في ذلك السيوطي والمدني» (٨) وقسماه الى إضمار وإشارة ، وقد تقدم هذان النوعان.

التّجنيس المغاير :

قال ابن منقذ : «هو أن تكون الكلمتان اسما وفعلا» (٩). كقوله تعالى حكاية عن بلقيس :(وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١٠).

وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(١١).

وقول ذي الرّمة :

__________________

(١) الروم ١٩.

(٢) الأنبياء ٣٣.

(٣) الجامع الكبير ص ٢٦٢.

(٤) نضرة الاغريض ص ٧٠.

(٥) حسن التوسل ص ١٩٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٧.

(٦) الطراز ج ٢ ص ٣٧٢.

(٧) خزانة الأدب ص ٤١.

(٨) شرح عقود الجمان ص ١٤٧ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٠٩ ، جنى الجناس ص ٢٧٧.

(٩) البديع في نقد الشعر ص ١٢.

(١٠) النمل ٤٤.

(١١) الروم ٤٣.

٢٨٨

كأنّ البرى والعاج عيجت متونه

على عشر نهّى به السّيل أبطح (١)

وقول جرير :

كأنّك لم تسر ببلاد نجد

ولم تنظر بنا ظرة الخياما

وقول الآخر :

ربّ خود عرفت في عرفات

سلبتني بحسنها حسناتي

ورمت بالجمار جمرة قلبي

أيّ قلب يقوى على الجمرات

حرّمت حين أحرمت نوم عيني

واستباحت حماي باللّحظات

وأفاضت مع الحجيج ففاضت

من دموعي سوابق العبرات

لم أنل من منّى منى النفس لكن

خفت بالخيف أن تكون وفاتي

وقال المظفر العلوي : «هو أن يأتي الشاعر بكلمتين إحداهما اسم والأخرى فعل» (٢). ثم قال : «وهذا التجنيس يستحسنه أهل البديع في الشعر وهو كثير جدا».

وقال الحلبي والنّويري : «ومما يشبه المشتق ويسميه بعضهم المشابه وبعضهم المغاير قوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٣) وقوله تعالى : (لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)(٤) وقوله تعالى : (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)(٥) وقوله تعالى : (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ)(٦).

ومن النظم قول البحتري :

واذا ما رياح جودك هبّت

صار قول العذّال فيها هباءا (٧)

وسّماه ابن الأثير الحلبي «جناس المغايرة» وقال : «هو أن تكون إحدى الكلمتين اسما والأخرى فعلا» (٨).

وهذا النوع أقرب الى تجنيس الاشتقاق وغيره من الأنواع الأخرى التي تعتمد على المقاربة في الاشتقاق ولكنّهم اشترطوا في هذا النوع أن تكون إحدى الكلمتين اسما والأخرى فعلا.

التّجنيس المفروق :

وهو الضرب الثاني من التجنيس المركب ، والمركب قد يكون من كلمة وبعض كلمة وهو المرفو ، أما اذا اختلفا فهو المفروق (٩). ومنه قول البستي :

كلّكم قد أخذ الجا

م ولا جام لنا

ما الذي ضرّ مدير ال

جام لو جاملنا

وقال المدني : «وخصّ باسم المفروق لافتراق الركنين في الخط» (١٠) ومن أمثلة هذا النوع قول الشاعر :

__________________

(١) البرى : الخلاخيل. العاج : أسورة من العاج.

عيجت : لويت. العشر : شجر ناعم لين. نهى به السيل : بلغ به اليه ، الابطح بطن الوادي.

(٢) نضرة الاغريض ص ٦١.

(٣) الرحمن ٥٤.

(٤) المائدة ٣١.

(٥) يونس ١٠٧.

(٦) النمل ٤٤.

(٧) حسن التوسل ص ١٩٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٥.

(٨) جوهر الكنز ص ٩٢ ، وينظر جنى الجناس ص ١٦١.

(٩) نهاية الايجاز ص ٣٠ ، التبيان ص ١٦٧ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، حسن التوسل ص ١٨٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٢ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١ ، الايضاح ص ٣٨٤ ، التلخيص ص ٣٨٩ ، خزانة الأدب ص ٢٢ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٤ ، أنوار الربيع ج ١ ص ١٠٣.

(١٠) أنوار الربيع ج ١ ص ١٠٣.

٢٨٩

لا تعرضّنّ على الرواة قصيدة

ما لم تبالغ قبل في تهذيبها

فمتى عرضت الشعر غير مهذّب

عدّوه منك وساوسا تهذي بها

وقول أبي الفضل الميكالي :

لقد راعني بدر الدجى بصدوده

ووكّل أجفاني برعي كواكبه

فيا جزعي مهلا عساه يعود لي

ويا كبدي صبرا على ما كواك به

وقول ابن جابر :

أيّها العاذل في حبّي لها

خلّ نفسي في هواها تحترق

ما الذي ضرّك مني بعد ما

صار قلبي من هواها تحت رق

التّجنيس المقارب :

قال المظفّر العلوي : «ومعناه أنّه يقارب التجنيس وليس بتجنيس» (١) كمال قال محمد بن عبد الملك الأسدي :

ردّ الخليط أيانقا وجمالا

وأراد جيرتك الغداة زيالا

ف «ردّ» و «أراد» يشبه التجنيس للتقارب وليس بتجنيس.

وقال القطامي :

كأنّ الناس كلّهم لأمّ

ونحن لعلّة علت ارتفاعا

التّجنيس المقتضب :

هو تجنيس الاشتقاق وتجنيس الاقتضاب (٢) ، وقد تقدّم.

التّجنيس المقلوب :

هو تجنيس العكس (٣) ، وقد تقدّم.

التّجنيس المكرّر :

هو التجنيس المردد والتجنيس المزدوج (٤) ، وقد تقدم.

التّجنيس الملفّق :

قال الحموي : «حدّ الملفق أن يكون كل من الركنين مركّبا من كلمتين ، وهذا هو الفرق بينه وبين المركّب. وقلّ من أفرده عنه ، وغالب المؤلّفين ما فرّقوا بينهما بل عدّوا كلّ واحد منهما مركّبا إلّا الحاتمي وابن رشيق وأمثالهما.

ولعمري لو سمي الملّفق مركّبا والمركّب ملفّقا لكان أقرب الى المطابقة في التسمية ؛ لأنّ الملفّق مركّب في الركنين والمركّب ركن واحد كلمة مفردة والثاني مركّب من كلمتين ، وهذا هو التلفيق» (٥). ومنه قول الشاعر :

وكم لجباه الراغبين اليه من

مجال سجود في مجالس جود

وقول ابن عنين :

خبرّوها بأنه ما تصدّى

لسلّو عنها ولو مات صدّا

وقال السيوطي : «هو المتركب ركناه» (٦) ، وذكر المدني مثل ما قال الحموي وأضاف أمثلة اليه (٧). ومن

__________________

(١) نضرة الاغريض ص ٦٦ ، وينظر جنى الجناس ص ٢٧٠.

(٢) حسن التوسل ص ١٩٣ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٥ ، معترك ج ١ ص ٤٠١ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٧.

(٣) خزانة الأدب ص ٣٩ ، أنوار الربيع ج ١ ص ١٩٥.

(٤) حدائق السحر ص ٩٨ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، حسن التوسل ص ١٩١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٣ ، الطراز ج ٢ ص ٣٦٥.

(٥) خزانة الأدب ص ٢٧.

(٦) شرح عقود الجمان ص ١٤٤.

(٧) أنوار الربيع ج ١ ص ١٢٦.

٢٩٠

ذلك قول الصلاح الصفدي الذي كان مولعا بهذا النمط :

ولمّا نأيتم لم أزل مترقّبا

قدومكم في غدوة ومساء

وأين اذا كان الفراق معاندي

مطالع ناء من مطال عناء

وقوله :

وساق غدا يسقي بكأس وطرفه

يجرد أسيافا لغير كفاح

إذا جرح العشاق قالوا أقمت في

مدارج راح أم مدار جراح

وقوله :

بكيت على نفسي لنوح حمائم

وجدت لها عندي هديّة هاد

تنوب إذا ناحت على الأيك في الدجى

مناب رشاد في منابر شاد

وقوله :

متى تصنع المعروف ترق الى العلى

وتلق سعودا في ازدياد سعود

وإن تغرس الإحسان تجن الثمار من

مغار سعود لا مغارس عود

التّجنيس المماثل :

قال التفتازاني : «سمي جناسا مماثلا جريا على اصطلاح المتكلمين من أنّ التماثل هو الاتحاد في النوع» (١).

وقال ابن منقذ : «هو أن تكون الكلمتان اسمين أو فعلين» (٢) كقوله تعالى : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)(٣) وقوله : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٤) وقول النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «الظلم ظلمات يوم القيامة».

ومنه قول البحتري :

يذكرنيك والذكرى عناء

مشابه فيك طيبة الشكول

نسيم الروض في ريح شمال

وصوب المزن في راح شمول

وقول الآخر :

إذا أعشطتك أكفّ اللئام

كفتك القناعة شبعا وريّا

فكن رجلا رجله في الثرى

وهامة همته في الثريّا

أبيا لنائل ذي ثروة

تراه بما في يديه حفيّا

فانّ إراقة ماء الحياة

دون إراقة ماء المحيّا

وعرّفه المظفر العلوي بمثل ذلك (٥) ، وقال القزويني : «فإن كانا من نوع واحد سمي مماثلا» (٦) ، وهو من الجناس التام ، ومثّل له بقوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ)(٧).

وسمّاه ابن الاثير الحلبي «جناس المماثلة» (٨) ، وردد الحموي ما قاله القزويني وهو أنّه «اذا انتظم ركناه من نوع واحد كاسمين أو فعلين سمي مماثلا» (٩).

__________________

(١) المختصر ج ٤ ص ٤١٥.

(٢) البديع في نقد الشعر ص ١٤.

(٣) الواقعة ٨٩.

(٤) الرحمن ٥٤.

(٥) نضرة الاغريض ص ٩٥.

(٦) الايضاح ص ٣٨٢ ، التلخيص ص ٣٨٨.

(٧) الروم ٥٥.

(٨) جوهر الكنز ص ٩٣ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٨٢.

(٩) خزانة الأدب ص ٣٠.

٢٩١

التّجنيس المنفصل :

قال ابن رشيق : «وقد أحدث المولّدون تجانسا منفصلا يظهر أيضا في الخط كقول أبي تمام :

رفدوك في يوم الكلاب وشقّقوا

فيه المراد بجحفل كاللّاب

الكاف للتشبيه ، واللاب جمع لابة ، وهي : الحرة ذات الحجارة السود ... وليس بتجانس صحيح على ما شرطه المتقدمون ، ولكنّه استظرف فادخل في هذا الباب تملحا. وأكثر من يستعمله الميكالي وقابوس وأبو الفتح البستي وأصحابهم فمن ذلك قوله :

عارضاه بما جنى عارضاه

أو دعاني أمت بما أودعاني

فقوله : «أودعاني» إنما هي «أو» التي للعطف نسق بها «دعاني» وهو أمر الاثنين من «دع» على قوله : «عارضاه» الذي في أول البيت. وقوله «أو دعاني» الذي في القافية فعل ماض من اثنين» (١).

التّجنيس الناقص :

وهو غير التام والكامل ، وذلك أن يكون نقص في إحدى الكلمتين. قال القاضي الجرجاني : «ومنه الناقص كقول الأخنس بن شهاب :

وحامي لواء قد قتلنا وحامل

لواء منعنا والسيوف شوارع

فجانس بـ «حامي وحامل» ، والحروف الأصلية في كل واحد منهما تنقص عن الآخر» (٢).

وأدخله ابن رشيق في «تجنيس المضارعة» وأشار الى أنّ الجرجاني سماه التجنيس الناقص (٣) وسماه التبريزي والبغدادي والصنعاني ناقصا (٤) ، وقال الرازي إنه «التجنيس الذي يكون الاختلاف واقعا في هيئة الحروف» (٥) وهذا ما قاله الوطواط من قبل (٦).

والى ذلك ذهب السكاكي وقال : «هو أن يختلفا في الهيئة دون الصورة» (٧) وقال ابن الزملكاني : «وهو ما عدا التام» (٨). وقال القزويني : «وإن اختلفا في أعداد الحروف سمي ناقصا» (٩) ، وهو إما أن يختلفا بزيادة حرف واحد وهو المطرف ، أو بزيادة أكثر من حرف واحد وهو المذيل.

وسمّاه الحلبي والنويري «المختلف» وقالا : «ومنه المختلف ويسمى التجنيس الناقص وهو مثل الأول في اتفاق حروف الكلمتين إلا أنّه يخالفه إما في هيئة الحركة ... أو بالحركة والسكون» (١٠).

وقسّم العلوي التجنيس كغيره الى قسمين أساسيين :

الأول : التجنيس التام وهو المستوفى والكامل ، وذلك أن تتفق الكلمتان في لفظهما ووزنهما وحركاتهما ويختلفا في المعنى.

الثاني : الناقص ، ويقال له المشبه ويأتي على أنحاء مختلفة ويأتي على عشرة أضرب : المختلف والمشتق وغير المشتق ـ المفروق والمرفو ـ والمذيل والمزدوج والمصحف والمضارع والمشوش والمعكوس والاشارة (١١).

__________________

(١) العمدة ج ١ ص ٣٢٨.

(٢) الوساطة ص ٤٣.

(٣) العمدة ج ١ ص ٣٢٥ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٨٦.

(٤) الوافي ص ٢٦٢ ، قانون البلاغة ص ٤٣٨ ، الرسالة العسجدية ص ١٣٣.

(٥) نهاية الايجاز ص ٢٨.

(٦) حدائق السحر ص ٩٥.

(٧) مفتاح العلوم ص ٢٠٢.

(٨) التبيان ص ١٦٦.

(٩) الايضاح ص ٣٨٥ ، التلخيص ص ٣٨٩.

(١٠) حسن التوسل ص ١٨٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩١.

(١١) الطراز ج ٢ ص ٣٥٩ ، وينظر معترك ج ١ ص ٤٠٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٥ ، الأطول ج ٢ ص ٢٢٥ ، الروض المريع ص ١٦٦ ، التبيان في البيان ص ٤٠٤.

٢٩٢

وقد سبق الكلام على هذه الأنواع وغيرها من الأنواع التي شعبها المتأخرون ، وهي كلّها ترجع الى التجنيس الناقص.

التّحجيل :

التحجيل : بياض يكون في قوائم الفرس ، وحجل فلان أمره تحجيلا إذا شهره (١). وهو تذييل أواخر الفصول بالأبيات الحكمية والاستدلالية لتزداد بهاء وحسنا ، وتقع في النفوس أحسن موقع (٢). وقال القرطاجني : «وأيضا فإنّا سمينا تحلية أعقاب الفصول بالأبيات الحكمية والاستدلالية بالتحجيل ليكون اقتران صنعة رأس الفصل وصنعة عجزه نحوا من اقتران الغرة بالتحجيل في الفرس (٣).

التّحرّز :

الحرز : الموضع الحصين ، واحترزت من كذا وتحرزت أي : توقيت (٤).

وهو الاحتراس وقد تقدم ، وسمّاه بهذا الاسم ابن سنان الذي قال : «وأما التحرز مما يوجب الطعن فان يأتي بكلام لو استمر عليه لكان فيه طعن فيأتي بما يتحرز به من ذلك الطعن ، كقول طرفة :

فسقى ديارك ـ غير مفسدها ـ

صوب الربيع وديمة تهمي

فلو لم يقل : «غير مفسدها» لظن به أنّه يريد توالي المطر عليها وفي ذلك فساد للديار ومحو لرسومها» (٥).

التّحويل :

تحوّل عن الشيء : زال عنه الى غيره ، وحال الرجل يحول مثل تحوّل من موضع الى موضع (٦). وهو المقلوب أو الانتقال ، وقد تحدث عنه المبرد وقال : «ومما في القرآن مما يجيء مثله في كلام العرب من التحويل كقوله» : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٧). وإنما العصبة تنوء بالمفاتح. ومن كلام العرب : «إن فلانة لتنوء بها عجيزتها» ، ويقولون : «ادخلت القلنسوة في رأسي وأدخلت الخف في رجلي» وانما يكون هذا فيما لا يكون فيه لبس ولا إشكال ولا وهم ولا يجوز : «ضربت زيدا» وأنت تريد : غلام زيد على حكم قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف ٨٢) ومثل قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ.) ومن كلام العرب قول الأخطل :

أمّا كليب بن يربوع فليس لهم

عند التفاخر إيراد ولا صدر

مخلّفون ويقضي الناس أمرهم

وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا

مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت

نجران أو بلّغت سوءاتهم هجر (٨)

تخصيص المسند :

خصّه بالشيء : أفرده به من دون غيره ، وأختص فلان بالأمر وتخصص له إذا انفرد (٩).

وذلك بالاضافة مثل : «زيد ضارب غلام» أو بالوصف مثل : «زيد رجل عالم» وذلك لتكون الفائدة أتم (١٠).

__________________

(١) اللسان (حجل).

(٢) منهاج البلغاء ص ٣٠٠.

(٣) منهاج البلغاء ص ٢٩٧.

(٤) اللسان (حرز).

(٥) سر الفصاحة ص ٣٢٢.

(٦) اللسان (حول).

(٧) القصص ٧٦.

(٨) ما اتفق لفظه واختلف معناه ص ٣٧ ـ ٣٩.

هداجون : من الهدج والهدجان بالتحريك : السير السريع. يقول : ان رهط جرير كالقنافذ لمشيهم في الليل للسرقة والفجور.

(٩) اللسان (خصص).

(١٠) مفتاح العلوم ص ١٠١ ، الايضاح ص ٩٧ ، التلخيص ص ١١٩.

٢٩٣

التّخلّص :

هو الانفكاك من الشيء ، وخلص الشيء ، اذا كان قد نشب ثم نجا وسلم (١).

وهو براعة التلخص وحسن التخلص ، وقد تقدم.

وممن سماه «التخلص» القزويني وشراح تلخيصه (٢).

تخليص الألفاظ والمعاني :

التخليص : التنجية من كل منشب ، تقول : خلّصته من كذا تخليصا أي نجيته (٣).

قال التنوخي : «ومن البيان تخليص الالفاظ بعضها من بعض والمعاني بعضها من بعض ، واجتناب اختلاطها» (٤). ومثال اختلاط الالفاظ بالتقديم والتأخير قول بعض الأعراب :

أحبّ بلاد الله ما بين منعج

اليّ وسلمى أن يصوب سحابها

لأنّ الترتيب أن يقال : أحبّ بلاد الله أن يصوب سحابها اليّ ما بين منعج وسلمى.

ومثال اختلاط المعاني بالتقديم والتأخير قول الشاعر :

ولم أر مثل الحيّ حيّا مصبّحا

ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

أكرّ وأحمى للحقيقة منهم

وأضرب منّا بالسيوف القوانسا

معناهما : لم أر مثلا للحي أكرّ منهم ولا مثلا لنا أضرب منا ، فخلط المعنيين والالفاظ الدالة عليهما وفي إعرابهما إشكال وفيهما شذوذ من بناء أفعل التفضيل مما ليس من الغرائز.

التّخيير :

خيرته بين الشيئين أي فوضت اليه الخيار ، وتخير الشيء : اختاره (٥) وقد أشار أبو العلاء المعري الى احتمال تغيير القوافي وذكر قول من قال :

ألمّ بصحبتي وهم هجوع

خيال طارق من أمّ حصن

لها ما تشتهي عسلا مصفّى

إذا شاءت وحوّارى بسمن

فهذان البيتان يصلحان للتغيير وإبدال قافيتهما ، وقد فعل أبو العلاء ذلك ، فأم حصن : أم حفص وأم جزء وأم حرب وأم صمت ، وحوّارى بسمن : بلمص وبكشء وبضرب وبكمت (٦). ولكن أبا العلاء لم يعرفه ولم يسمه هذا الاسم.

وقد سمى المصري هذا النوع من الفن «التخيير» وقال إنه من مبتدعاته وعرّفه بقوله : «هو أن يأتي الشاعر ببيت يسوغ أن يقفى بقواف شتى فيتخير منها قافية مرجحة على سائرها بالدليل تدخل بتخيرها على حسن اختياره» (٧).

كقول الحريري :

إنّ الغريب الطويل الذيل ممتهن

فكيف حال غريب ماله قوت

فانه يسوغ أن يقول : «فكيف حال غريب ما له حال» أي : ماله مال ، ماله نشب ماله سبب» ولكنّ «ما له قوت» أدل على الفاقة وأمس بذكر الحاجة.

ومنه قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ

__________________

(١) اللسان (خلص).

(٢) الايضاح ص ٤٣٢ ، التلخيص ص ٤٣٢ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٥٣٥ ، المطول ص ٤٧٩ ، الاطول ج ٢ ص ٢٥٧.

(٣) اللسان (خلص).

(٤) الأقصى القريب ص ١٠١.

(٥) اللسان (خير).

(٦) رسالة الغفران ص ١٥٤.

(٧) تحرير التحبير ص ٥٢٧ ، بديع القرآن ص ٢٣٣.

٢٩٤

اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(١). وقد انتهت كل آية بفاصلة حددها المعنى ولذلك جاءت في مكانها ولا يغني غيرها عنها.

وأدخل المصري في التخيير نوعا آخر وهو «أن يؤتى بقطعة من الكلام أو بيت من الشعر قد عطف بعض جمله على بعض بأداة التخيير» (٢) كقوله تعالى :(فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)(٣).

ومنه قول الشاعر :

خلّوا التفاخر أو حلّوا اليفاع إذا

ما أسنت الناس أو لبّوا الصريخ ضحى (٤)

ثم قال : «ولا يكون هذا الضرب من المحاسن حتى تكون الجمل المعطوف بعضها على بعض متضمنة صحة التقسيم كما جاء في الآية الكريمة إذ حصر ـ سبحانه وتعالى ـ فيها أنواع الكفّارة التي لا يجزىء الموسر غيرها كما جاء في البيت من حصر أعظم الأسباب التي تفاخر بمثلها وهي نهاية الكرم وغاية الشجاعة إذ لا يحل بالمكان المرتفع من الأرض في المجاعة ليدل على بيته إلا الجواد كما قال شاعر الحماسة :

له نار تشبّ على يفاع

إذا النيران ألبست القناعا

ولم يك أكثر الفتيان مالا

ولكن كان أرحبهم ذراعا

كما أنّه لا يبادر الى تلبية الصريخ عند الضحى وهو وقت الغارات إلا أشجع القوم».

وفرّق بينه وبين حسن النسق وغيره بقوله : «والفرق بين التخيير بـ «أو» وحسن النسق من وجهين :

أحدهما : أنّ حسن النسق يكون بجميع حروف العطف وغالبا ما تقع الواو ، وربما وقع منه شيء بالفاء للتعاقب أو بـ «ثم» للمهلة والتراخي ووقوعه بالواو أكثر ، والتخيير لا يكون إلا بـ «أو» التي هي للتخيير خاصة.

والثاني : أنّ التخيير يشترط فيه صحة التقسيم ولا كذلك حسن النسق. والفرق بين تخيير مقطع الكلام دون كل مقطع يسدّ مسدّه وبين التسهيم أنّ صدر كلام التخيير لا يدلّ إلا على المقطع فقط وصدر كلام التسهيم يدلّ على ما زاد على المقطع الى أن يبلغ عجز البيت. والفرق بين التخيير والتوشيح التوطئة بتقديم لفظة القافية في أول البيت من التوشيح ولا كذلك التخيير» (٥).

وقال السبكي عن التخيير : «هو إثبات البيت أو الفقرة على روي يصلح لاشياء غيره فيتخير له» (٦).

وذكر بيت الحريري : «إن الغريب ...» وكان الفن التسعون من البديع عنده «التخيير» الذي قال عنه : «هو البيت يأتي على قافية مع كونه يسوغ أن يقفّى بقواف كثيرة» (٧) كقول ديك الجن :

قولي لطيفك ينثني

عن مضجعي عند المنام

فعسى أنام فتنطفي

نار تأجّج في العظام

جسد تقلبه الأكفّ

على فراش من سقام

أمّا أنا فكما علمت

فهل لوصلك من دوام

فانه يصلح مكان منام : رقاد ، هجوع ، هجود ،

__________________

(١) الجاثية ٣ ـ ٥.

(٢) تحرير ص ٥٢٩ ، بديع القرآن ص ٢٣٦.

(٣) المائدة ٨٩.

(٤) اليفاع : التل المشرف. أسنت الناس : أصيبوا بالسنين أي أصابهم الجدب. الصريخ :المستغيث.

(٥) تحرير ص ٥٣٠ ، بديع القرآن ص ٢٣٧.

(٦) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠.

(٧) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٤.

٢٩٥

وسن. ومكان عظام : فؤاد ، ضلوع ، كبود ، بدن.

ومكان سقام : قتاد ، دموع ، وقود ، حزن. ومكان دوام : معاد ، رجوع ، وجود ، ثمن.

قال المدني : «فهذه القوافي المثبتة حيال كل بيت يناسب كل منها المعنى ولكنّ الأول أولى» (١). وهذا النوع كالسابق الذي ذكره السبكي في الثاني والخمسين من أنواع البديع ، ولكنه ـ كما يبدو ـ فرّق بينهما بأنّ الاول ربما خصّ الروي في البيت الواحد ، وربما شمل الثاني الأبيات. ولكنّ الفكرة واحدة ولذلك عدّه المصري فنا واحدا. ومزج الحموي بين النوعين واستشهد ببيت الحريري وأبيات ديك الجن بعد أن عرّفه بتعريف المصري نفسه (٢). وحينما تحدث عن التورية قال : «يقال لها الايهام والتوجيه والتخيير» (٣). ولعل في الكلمة تصحيفا أي انها «التحيير» لأنّ في التورية نوعا من التحير في ارادة المعنى ، أو لعله «التخييل».

ولم يخرج السيوطي على ما ذكره السابقون (٤) ، ومثله المدني في ذلك ، وردّ على الحموي الذي استشهد بآيات من كتاب الله فقال : «وذكر ابن حجة في هذا النوع آية من كتاب الله تعالى وعدّها منه وهو غير صواب ، بل هي نوع من التمكين قطعا ، إذ مفهوم التخيير أنّه يسوغ أن يؤتي في مكان الفاصلة بفاصلة أخرى لو لا ما حظر الشرع من ذلك وليس كذلك ، فانّ القرآن العظيم نزل على أكمل الوجوه لفظا ومعنى بحيث لا يمكن أحد أن يغير فيه حرفا واحدا وإن خفي على بعض الضعفاء وجه الحكمة في بعض الألفاظ والفواصل وتوهّم أنّه يمكن تغييرها فهو من غباوته وجهله بمواقع الالفاظ. والآية التي عدّها ابن حجة من هذا النوع عدّها غيره من التمكين» (٥).

وليس الحموي هو الذي ذكر الآية أول مرة وانما سبقه الى ذلك المصري كما تقدم.

التّخييل :

خال الشيء : ظنه ، وتخيّله : ظنه وتفرسه. وخيّل عليه : شبّه (٦).

قال عبد القاهر : «وجملة الحديث الذي أريده بالتخييل ههنا ما يثبت فيه الشاعر أمرا هو غير ثابت أصلا ويدعي دعوى لا طريق الى تحصيلها ، ويقول قولا يخدع فيه نفسه ويريها ما لا ترى» (٧).

وقال ابن الزّملكاني : «هو تصوير حقيقة الشيء حتى يتوهّم أنّه ذو صورة تشاهد وأنّه مما يظهر في العيان» (٨). كقوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(٩). وقوله :(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)(١٠).

وسمّى الحلبي والنويري الايهام والتورية تخييلا (١١) وربما كان ذلك قريبا لأنّ الرازي (١٢) ذكر مثالا للتورية وهو قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ...) وهي من التخييل.

وتحدث العلوي عنه وبعد أن ذكر تعريفي ابن الزملكاني والمطرزي قال : «هو اللفظ الدال بظاهره عى معنى والمراد غيره على جهة

__________________

(١) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٥١.

(٢) خزانة الأدب ص ٧٨.

(٣) خزانة ص ٢٣٩ ، نفحات ص ٢٢٩ ، شرح الكافية ص ٩٤.

(٤) شرح عقود الجمان ص ١٥٥.

(٥) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٤٩.

(٦) اللسان (خيل).

(٧) أسرار البلاغة ص ٢٥٣.

(٨) التبيان ص ١٧٨.

(٩) الزمر ٦٧.

(١٠) الصافات ٦٥.

(١١) حسن التوسل ص ٢٤٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٣١.

(١٢) نهاية الايجاز ص ١١٣ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢.

٢٩٦

التصوير» (١). وقال الزركشي وهو يتحدث عن الاستعارة : «ومنها جعل الشيء للشيء وليس له من طريق الادعاء والاحاطة به نافعة في آيات الصفات» (٢). وذكر الآية السابقه ثم قال : «ويسمى التخييل». وقال إنّ التورية تسمى ايهاما وتخييلا (٣) أي أنّه ذهب الى ما ذكره الرازي والحلبي والنويري أيضا. وذكر الدمنهوري مثل ذلك حينما عرّف التخييل بقوله : «ويقال له الايهام ، وهو أن يذكر لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد» (٤). وهذا تعريف التورية عند البلاغيين.

والتخييل من أهم الفنون البلاغية لأنّه يتصل بالابداع والخلق الفني ، وقد أولاه عبد القاهر أهمية كبيرة عند ما تكلم على التشبيه والتمثيل في كتابه «أسرار البلاغة» ، وقال الزمخشري عنه : «ولا ترى بابا في علم البيان أدق ولا أرق ولا ألطف من هذا الباب ولا أنفع وأعون على تعاطي تأويل المشتبهات من كلام الله تعالى في القرآن وسائر الكتب السماوية وكلام الأنبياء ، فإنّ اكثره وعليته تخييلات قد زلّت بها الأقدام قديما» (٥). وأشار المتأخرون الى هذا الأثر ونقلوا عبارة الزمخشري (٦). والتخييل عند السجلماسي هو : التشبيه والاستعارة والمماثلة أو التمثيل والمجاز (٧) ، ولكل نوع مادته في هذا المعجم.

التّدبيج :

الدبج : النقش والتزيين ، ودبج الارض المطر يدبجها دبجا : روّضها (٨).

وقال المدني : «التدبيج مشتق من الديباج ، وهو ثوب سداه ولحمته ابريسم ، وهو معرّب «ديبا» بدون الجيم ثم كثر حتى اشتقت العرب منه فقالوا : دبج الغيث الارض دبجا ـ من باب ضرب ـ ودبّجها تدبيجا ـ بالتضعيف ـ إذا سقاها فأنبتت أزهارا مختلفة ، لأنّه عندهم اسم للمنقش» (٩).

والتدبيج من مبتدعات المصري ، وقد قال في تعريفه : «هو أن يذكر الشاعر أو الناثر ألوانا يقصد الكناية بها أو التورية بذكرها عن أشياء من مدح أو وصف أو نسيب أو هجاء أو غير ذلك من الفنون أو لبيان فائدة الوصف بها» (١٠). كقوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ)(١١) ، فان المراد بذلك الكناية عن المشتبه والواضح من الطرق.

ومنه قول ابن حيّوس الدمشقي :

إن ترد علم حالهم عن يقين

فالقهم يوم نائل أو نزال

تلق بيض الوجوه سود مثار

النقع خضر الأكناف حمر النصال

وقول أبي تمام :

تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى

لها الليل إلا وهي من سندس خضر

وقول البحتري :

تحسّنت الدنيا بعدلك فاغتدت

وآفاتها بيض وأكنافها خضر

ويأتى للذم كقول بعضهم :

__________________

(١) الطراز ج ٣ ص ٥.

(٢) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤٤٠.

(٣) البرهان ج ٣ ص ٤٤٥.

(٤) حلية اللب ص ١٦٩.

(٥) الكشاف ج ٤ ص ١١١.

(٦) التبيان ص ١٧٨ ، الطراز ج ٣ ص ٣ ، البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤٤٠.

(٧) المنزع البديع ص ٢١٨ ، وما بعدها وينظر الروض المريع ص ١٠٣.

(٨) اللسان (دبج).

(٩) أنوار الربيع ج ٦ ص ١١٨.

(١٠) تحرير التحبير ص ٥٣٢ ، بديع القرآن ص ٢٤٢.

(١١) فاطر ٢٧.

٢٩٧

وأحببت من حبّها الباخلين

حتى ومقت ابن سلم سعيدا

إذا سيل عرفا كسا وجهه

ثيابا من اللؤم بيضا وسودا

وعرّف التدبيج بمثل ما عرفه المصري ابن مالك والحلبي والنويري وابن الاثير الحلبي والعلوي والحموي والسيوطي والمدني (١).

وللتدبيج معنى آخر عند البلاغيين ، فقد تكلم ابن سنان بعد الطباق على نوع سماه «المخالف» وقال : «فاما المخالف وهو الذي يقرب من التضاد فكقول أبي تمام :

تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى

لها الليل إلا من سندس خضر

فان الحمر والخضر من المخالف وبعض الناس يجعل هذا من المطابق» (٢). ومنه قول عمرو بن كلثوم :

بأنّا نورد الرايات بيضا

ونصدرهنّ حمرا قد روينا

وتحدث القزويني عن مثل هذا في الطباق ولكنه قال بعد بيتي ابن حيّوس وأبي تمام : «ومن الناس من سمّى نحو ما ذكرناه تدبيجا ، وفسّره بأن يذكر في معنى من المدح أو غيره ألوان بقصد الكناية أو التورية. أما تدبيج الكناية فكبيت أبي تمام وبيتي ابن حيّوس ، وأما تدبيج التورية فكلفظ الأصفر في قول الحريري» (٣). وقول الحريري هو : «فمذ ازورّ المحبوب الأصفر ، وأغبرّ العيش الأخضر ، اسودّ يومي الأبيض ، وابيضّ فودي الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فيا حبّذا الموت الأحمر».

وسار على ذلك شرّاح التلخيص والحموي والسيوطي والمدني بعد أن ذكروا المعنى الأول أيضا (٤).

التّداول والتّناول :

الدولة : الانتقال من حال الى حال أو من حال الشدة الى الرخاء ، وتداولنا الأمر : أخذناه بالدّول ، وتداولته الايدي : أخذته هذه مرة وهذه مرة (٥).

وناولت فلانا شيئا مناولة إذا عاطيته ، وتناولت من يده شيئا : إذا تعاطيته ، وناولته الشيء فتناوله ، وتناول الأمر : أخذه (٦).

وقد عقد ابن منقذ بابا سماه «السابق واللاحق والتداول والتناول» وقال : «هو أن يأخذ البيت فينقص من لفظه أو يزيد في معناه أو يحرره فيكون أولى به من قائله لكنّ الأول سابق والآخر لاحق» (٧). كقول علي بن الجهم :

وكم وففة للريح دون بلادها

وكم عقبة للطير دون بلادي

أخذه المعري فقال :

وسألت كم بين العقيق الى الحمى

فجزعت من بعد النوى المتطاول

وعذرت طيفك في الجفاء لأنّه

يسري فيصبح دوننا بمراحل

__________________

(١) المصباح ص ٨٩ ، حسن التوسل ص ٣١٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٨٠ ، جوهر الكنز ص ٢٢٨ ، الطراز ج ٣ ص ٧٨ ، خزانة الادب ص ٤٤١ ، معترك ج ١ ص ٣٩٥ ، الاتقان ج ٢ ص ٨٩ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ١١٨ ، نفحات ص ٩٣ ، شرح الكافية ص ٢٩٠.

(٢) سر الفصاحة ص ٢٣٩.

(٣) الايضاح ص ٣٣٩ ، التلخيص ص ٣٥٠.

(٤) شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٩١ ، المطول ص ٤١٨ ، الاطول ج ٢ ص ١٨٤ ، خزانة ص ٦٩ ، شرح عقود الجمان ص ١٠٧ ، أنوار الربيع ج ٢ ص ٤٧.

(٥) اللسان (دول).

(٦) اللسان (نول).

(٧) البديع في نقد الشعر ص ٢٢٢.

٢٩٨

وكقول الآخر :

له خلائق بيض لا يغيّرها

صرف الزمان كما لا يصدأ الذّهب

أخذه الآخر فقال :

صديق لي له نسب

صداقة مثله تجب

إذا نقدت خلائقه

تبهرج عنده الذّهب

التّدلّي :

الانسان يدلي شيئا في مهواة ويتدلى هو نفسه ، ويقال : تدليت فيها وعليها ، ولا يكون التدلّي إلا من علو الى استفال ، يقال : تدلّى من الشجرة ، وتدلّى فلان علينا من أرض كذا وكذا أي : أتانا (١).

وقال السيوطي : «التدلي بأن يذكر الأعلى ثم الأدنى لنكتة نحو «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فانّ الأول أبلغ ، ولو اقتصر عليه لاحتشم أن يطلب منه اليسير فكمل بالألطف لذلك. وخرّج على ذلك : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(٢) و (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما)(٣) و (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)(٤). ونكتة البداءة بالمسيح أنّ الخطاب مسوق للرد على النصارى ثم استطرد للرد على العرب المدعين في الملائكة ثم تخلص الى حال المعاد» (٥).

التّذنيب :

ذنب ذنبا : تبعه ، والتذبيب : التعاظل ، وذنّب الضبّ : أخرج ذنبه من أدنى الجحر ورأسه في داخله (٦).

والتذنيب الزيادة ، وقد قال قدامة هو : «أن يأتي الشاعر بألفاظ تقصر عن العروض فيضطر الى الزيادة فيها» (٧). كقول الكميت :

لا كعبد المليك أو كيزيد

أو سليمان بعد أو كهشام

فالملك والمليك اسمان لله ـ عزوجل ـ والخليفة هو عبد الملك بن مروان ، وقد اضطر الشاعر الى أن يجعله «عبد المليك» للضرورة الشعرية.

التّذييل :

الذيل : آخر كل شيء ، وذيّل فلان ثوبه تذييلا أي طوّله (٨).

والتذييل : «أن يذيل الناظم أو الناثر كلاما بعد تمامه وحسن السكوت عليه بجملة تحقق ما قبلها من الكلام وتزيده توكيدا وتجري مجرى المثل بزيادة التحقيق» (٩). وهو الاطناب بالتذييل وقد تقدم ، ولكنّ كثيرا من البلاغيين بحثوه مستقلا (١٠) ، وبحثه القزويني وشرّاح التلخيص والسيوطي في

__________________

(١) اللسان (دلى).

(٢) البقرة ٢٥٥.

(٣) الاسراء ٢٣.

(٤) النساء ١٧٢.

(٥) شرح عقود الجمان ص ١٣٥.

(٦) اللسان (ذنب).

(٧) نقد الشعر ص ٢٥٠.

(٨) اللسان (ذيل).

(٩) خزانة الأدب ص ١١٠.

(١٠) كتاب الصناعتين ص ٣٧٣ ، إعجاز القرآن ص ١٥٥ ، سر الفصاحة ص ٢٤٣ ، ٢٥٦ ، الوافي ص ٢٨١ ، قانون البلاغة ص ٤١٦ ، ٤٤٩ ، البديع في نقد الشعر ص ١٢٥ ، تحرير التحبير ص ٣٨٧ ، بديع القرآن ص ١٥٥ ، المصباح ص ٩٨ ، حسن التوسل ص ٢٦٤ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٠ ، جوهر الكنز ص ٢٤٤ ، الطراز ج ٣ ص ١١١ ، الفوائد ص ١٢١ ، البرهان ج ٣ ص ٦٨ ، خزانة ص ١٠٩ ـ ١١١ ، معترك ج ١ ص ٣٦٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٧٤ ، انوار الربيع ج ٣ ص ٣٩ ، ٤٢ ، ٤٣ ، نفحات ص ٣٢٣ ، كفاية ص ١٧٩.

٢٩٩

الاطناب (١).

التّرتيب :

رتب الشيء يرتب : ثبت فلم يتحرك ، ورتبّه ترتيبا : أثبته (٢).

والترتيب من استخراج شرف الدين التيفاشي وهو الذي سماه بهذا الاسم وقال عنه : «هو أن يجنح الشاعر الى أوصاف شتى في موضوع واحد أو في بيت وما بعده على الترتيب ويكون ترتيبها في الخلقة الطبيعية ولا يدخل الناظم فيها وصفا زائدا عما يوجبه علمه في الذهن أو في العيان» (٣).

وقال السيوطي : «هو الترتيب والمتابعة» (٤). ومنه قول زهير :

يؤخر فيوضع في كتاب فيدّخر

ليوم الحساب أو يعجل فينقم

وقول مسلم بن الوليد :

هيفاء في فرعها ليل على قمر

على قضيب على حقف النقا الدهس

فان الأوصاف الأربعة على ترتيب الانسان من الأعلى الى الأسفل.

ومنه قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً)(٥).

التّرجّي :

الرجاء من الأمل نقيض اليأس ، رجاه يرجوه رجوا ، ورجيه وارتجاه وترجّاه بمعنى (٦).

والترجي من أساليب الانشاء ، وقد فرقوا بينه وبين التمني بأنّه في الممكن والتمني فيه وفي المستحيل ، وبأنّ الترجي في القريب والتمني في البعيد ، وبأنّ الترجي في المتوقع والتمني في غيره ، وبأنّ التمني في المعشوق للنفس والترجي لغيره (٧).

وحرفا الترجي «لعل» و «عسى» وقد تردان مجازا لتوقع محذور ويسمّى الاشفاق ، كقوله تعالى : (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)(٨).

التّرجيع :

رجع يرجع : انصرف ، ورجّع الرجل وترجّع : ردد صوته في قراءة أو أذان أو غناء أو زمر أو غير ذلك مما يترنم به. والترجيع في الأذان : أن يكرر قوله : «أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمدا رسول الله. وترجيع الصوت : ترديده في الحلق ، والترجيع : ترديد القراءة (٩).

ذكر العلوي فنا سماه «الترجيع في المحاورة» وقال : «الترجيع تفصيل من قولك : رجّعت الشيء ، إذا رددته ، ويسمى الترجيع رجيعا وهو ما يخرج من بطن ابن آدم لأنّه يتردد فيه ويقال للسماء ذات الرجع (١٠) لأنّ المطر يتردد في نزوله منها. وهو في مصطلح علماء البيان عبارة عن أن يحكي المتكلم

__________________

(١) الايضاح ص ٢٠٠ ، التلخيص ص ٢٢٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٢٥ ، المطول ص ٢٩٤ ، الاطول ج ٢ ص ٤٥ ، شرح عقود الجمان ص ٧٤ وينظر الروض المريع ص ١٥١ ، التبيان في البيان ص ٣٠٧ ، شرح الكافية ص ٧٧.

(٢) اللسان (رتب).

(٣) خزانة الأدب ص ٣٦٧ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٠ ، أنوار الربيع ج ٥ ص ٣١٧ ، نفحات ص ١٤٥ ، شرح الكافية ص ٢١٠.

(٤) شرح عقود الجمان ص ١٣٤.

(٥) غافر ٦٧.

(٦) اللسان (رجا).

(٧) البرهان في علوم القرآن ج ٢ ص ٣٢٣ ، معترك ج ١ ص ٤٤٦ ، الاتقان ج ٢ ص ٨٢. الروض المريع ص ٧٧.

(٨) الشورى ١٧.

(٩) اللسان (رجع).

(١٠) الآية ١١ من سورة الطارق : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ).

٣٠٠