الحديث النبوي في النحو العربي

الدكتور محمود فجال

الحديث النبوي في النحو العربي

المؤلف:

الدكتور محمود فجال


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٤

وفي الحديث قول «عمر بن الخطاب» رضي‌الله‌عنه : «كنت وجار لي من الأنصار» (١) ومن ذلك ما حكاه «سيبويه» من قولهم : (مررت برجل سواء والعدم). فـ «سواء» صفة لرجل ، وهو بمعنى مستو ، وفيه ضمير مستتر عائد على «رجل» ، والعدم : معطوف على ذلك الضمير المستتر.

ومن ذلك قول «عمر بن أبي ربيعة المخنومي» (٢) :

قلت إذ أقبلت وزهر تهادى

كنعاج الفلا تعسّفن رملا

فقوله : «وزهر» معطوف على الضمير المرفوع المستتر في «أقبلت» ، وتقديره «هي».

وقول «جرير بن عطية» (٣) يهجو «الأخطل التغلبي» :

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه

ما لم يكن وأب له لينالا

فقوله : «أب» معطوف بالواو على الضمير المرفوع المستتر في «يكن» ، وتقديره «هو» يعود إلى «الأخيطل».

والبصريون يحملون جميع ذلك على الضرورة ، وهذا لا يجمل الأخذ به ، لأن في الشواهد المذكورة ما ليس بشعر. وعلى هذا يكون مذهب الكوفيين في هذه المسألة أقوم حجة ، وأظهر دليلا من مذهب البصريين. كما قال «محمد محي الدين عبد الحميد». وهذا يقاس عليه عند الكوفيين ، خلافا للبصريين.

__________________

(١) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب المظالم ـ باب الغرفة والعلّيّة المشرفة وغير المشرفة في السّطوح وغيرها) ٣ : ١٠٣.

(٢) ديوانه : ٣٤٠ ، «النعاج» : المها.

(٣) ديوانه : ٣٦٢.

٢٦١

مسألة (٨٢)

في العطف على ضمير الجر بغير إعادة الخافض (١)

مذهب البصريين : لا يجوز العطف على ضمير الجر بغير إعادة الخافض ، سواء أكان حرفا أم إضافة.

ومن أدلتهم قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ)(٢) ، (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٣) ، (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ)(٤) ، (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ)(٥).

ولهم حجتان : إحداهما : أن ضمير الجر شبيه بالتنوين ، ومعاقب له ، فلم يجز العطف عليه ، كما لا يعطف على التنوين.

الثانية : أن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصح حلول كل واحد منهما محل الآخر.

وضمير الجر لا يصح حلوله محل ما يعطف عليه ، فمنع العطف عليه إلا بإعادة حرف الجر.

ومذهب الكوفيين : لا يجب عود الجار في العطف على ضمير الجر ؛ لورود ذلك في الفصيح بغير عود ، فتقول : (مررت بك وزيد) ، و (جئت إليك وعمرو).

وتبع الكوفيين يونس وقطرب والأخفش.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» عند قوله وعود خافض لدى عطف على ...) و «شواهد التوضيح» ٥٣ ، و «فتح الباري» ٤ : ٤٤٧ ، و «همع الهوامع» ٢ : ١٣٩ ، و «النحو الوافي» ٣ : ٦٣٣.

(٢) فصلت : ١١.

(٣) المؤمنون : ٢٢.

(٤) الأنعام : ٦٤.

(٥) البقرة : ١٣٣.

٢٦٢

فما جاء في النثر من ذلك قراءة «حمزة» : واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام (١) بالخفض في «الأرحام».

وقد ضعف «الشاطبي» حملها على أن الواو للقسم.

ومن ذلك قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمّالا) (٢) بجر «اليهود».

وقد تضمن هذا الحديث العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار.

وحكى «قطرب» عن العرب : (ما في الدار غيره وفرسه) بجر كلمة «فرس» المعطوفة على الهاء من غير إعادة الجار ، وهو الاسم المضاف. وقال الشاعر :

اليوم قد بتّ تهجونا وتشتمنا

فاذهب ، فما بك والأيام من عجب

أي : وبالأيام.

وقد رد «ابن مالك» على ما احتج به البصريون : بأن شبه الضمير بالتنوين لو منع من العطف عليه لمنع من توكيده والإبدال منه كالتنوين ، ولا يمنعان بإجماع ، وأن الحلول لو كان شرطا لم يجز : رب رجل وأخيه ،

ولا : كل شاة وسخلتها بدرهم.

ولا : الواهب المائة الهجان وعبدها.

ونحو ذلك مما لا يصلح فيه الحلول.

ويمكننا القول : بأن عدم إعادة الخافض أمر ثابت ، تحقق في النظم والنثر ، الواردين عن العرب ، فهو قوي وإن كان لا يبلغ في قوته وحسنه البلاغي درجة الكثير.

__________________

(١) النساء : ١ ، قرأ «حمزة» : «والأرحام» خفضا. وقرأ باقي السبعة : «والأرحام» نصبا. «حجة القراءات» ١٨٨ ، و «إتحاف فضلاء البشر» ١٨٥. وانظر «دراسات لأسلوب القرآن الكريم» (القسم الأول ٣ : ٥٤٣).

(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الإجارة ـ باب الإجارة إلى صلاة العصر) ٣ : ٥٠.

٢٦٣

مسألة (٨٣)

في حذف العاطف وحده (١)

يجوز حذف «واو» العطف ، دون المعطوف بها ، في الأصح.

كحديث : «تصدّق رجل من ديناره ، من درهمه ، من صاع برّه ، من صاع تمره» (٢).

وحكي : (أكلت سمكا لحما تمرا).

وقال الشاعر :

كيف أصبحت ، كيف أمسيت ممّا

يغرس الودّ في فؤاد الكريم

أي : وكيف.

ومنع ذلك ابن جني ، والسّهيليّ ، وابن الضائع ؛ لأن الحروف دالة على معاني في نفس المتكلم ، وإضمارها لا يفيد معناها.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الأشموني» ٣ : ١١٧ ، و «همع الهوامع» (عطف النسق).

(٢) أخرجه «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الزكاة ـ باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة) ٣ : ٨٧.

و «النسائي» في «سننه» في (كتاب الزكاة ـ باب التحريض على الصدقة) ٥ : ٧٦.

و «أحمد» في «مسنده» ٤ : ٣٥٩.

٢٦٤

البدل

مسألة (٨٤)

في بدل الإضراب (١)

من أنواع البدل بدل البداء ، ويسمى : «بدل الإضراب».

أثبته «سيبويه» وغيره. وأضرب «ابن مالك» عن التعبير عن هذا النوع ببدل البداء ، لأيهامها في التسمية إذا أضيف البدل إلى كلام من لا يليق به البداء ، وهذا البدل يقع في الكلام الفصيح.

ومنه الحديث : «إن العبد ليصلّي الصلاة وما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» (٢).

أخبر أنه قد يصليها وما كتب له إلا عشرها ، ثم أضرب عنه ، وأخبر أنه قد يصليها ، وما كتب له إلا تسعها ، وهكذا.

وقال «الشاطبي» : والأظهر في قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره ، من صاع تمره) (٣) أن يكون من هذا.

وكذلك قول «عمر» ـ رضي‌الله‌عنه ـ : «صلى رجل في إزار ورداء ، في إزار وقميص ، في إزار وقباء».

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» عند قوله :

(وذا للاضراب اعز إن قصدا صحب ...) ، و «همع الهوامع» (البدل) ، و «شرح شذور الذهب» : ٤٤٠.

(٢) أخرجه «أحمد» في «مسنده» ٤ : ٣٢١ ، من حديث «عمار بن ياسر». وانظر «إحياء علوم الدين» تخريج «العراقي» ٢ : ٩٦.

(٣) تقدّم تخريجه في «مسألة / ٨٣».

٢٦٥

النداء

مسألة (٨٥)

في جواز حذف «يا» النداء (١)

من مواضع منع حذف «يا» النداء ما فيه اختلاف ، وهو ضربان : أحدهما : اسم الجنس ، والثاني : اسم الإشارة. وكلاهما يجوز عند «ابن مالك» فيهما الحذف ، لكن قليلا. فأما اسم الجنس فهو قليل ، كما في نحو : رجل يفعل كذا ، أي : يا رجل.

وفي الحديث : «اشتدي أزمة تنفرجي» (٢)

وفي الحديث الآخر حكاية عن موسى ـ عليه‌السلام ـ : «ثوبي حجر» (٣)

يريد : يا أزمة ، ويا حجر.

ومن كلام العرب : افتد مخنوق ، وأطرق كرا. يقال للكركي إذا صيد : أطرق كرا ، أطرق كرا إن النعام في القرى.

وقالوا : أصبح ليل. وأنشد «سيبويه» للعجاج :

جاري لا تستنكري عذيري

أراد : يا جارية.

وأما اسم الإشارة ، فنحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ)(٤). وعند الكوفيين : إن حذف حرف النداء من اسم الجنس والمشار إليه قياس مطرد. والبصريون يقصرونه على السماع.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» عند قوله وغير مندوب ومضمر وما ...) و «شرح ابن الناظم» ٢٢٠ ، و «همع الهوامع» (النداء) ، و «شرح الأشموني» ٣ : ١٣٦.

(٢) أخرجه «العسكري» و «الديلمي» و «القضاعي» من حديث «علي». وفي سنده «الحسين ابن عبد الله بن ضمرة» وهو كذاب ، متهم بالزندقة. انظر «تمييز الطيب من الخبيث» ٢٣ ، و «فيض القدير» ١ : ٥١٦ ، و «المقاصد الحسنة» ٥٩.

(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الغسل ـ باب من اغتسل عريانا وحده ...) ١ : ٧٣ ، من حديث «أبي هريرة» بإثبات «يا» ، وفي (كتاب الأنبياء ـ حدثني إسحاق بن نصر) ٤ : ١٢٩ دون «يا». قال «السيوطي» في «همع الهوامع» : أما الحديث فلم يثبت كونه بلفظ الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كما تقرر غير مرة ، ويؤيده وروده في بعض الطرق بلفظ : «يا حجر».

(٤) البقرة : ٨٥.

٢٦٦

مسألة (٨٦)

في معاملة المفرد معاملة المضاف (١)

قال «ابن مالك» في «التسهيل» :يجوز نصب ما وصف من معرّف بقصد وإقبال.

وحكاه في شرحه عن «الفراء».

وأيده بما روي من قوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ في سجوده : (يا عظيما يرجى لكل عظيم) (٢)

وقال «الشاطبي» ـ بعد أن ذكر الحديث ـ :

هذا مما عومل فيه المفرد معاملة المضاف للطول بالصفة ، وهو ظاهر من كلام «سيبويه» ، ويرشح هذا احتياج النكرة إلى الصفة التي تبينها ، فقد صارت بذلك معها كالشيء الواحد على حد المضاف والمضاف إليه. وهذا ممكن على أن يكون نقل إلى النداء موصوفا فبقي على ما كان عليه حين صارت الصفة له كالمعمول للعامل.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» (النداء) ، و «شرح المرادي» ٣ : ٢٧٨ ، و «شرح الأشموني» ٣ : ١٣٨.

(٢) الحديث في «كنز العمال» ٧ : ٤٦٦ ، برواية : «يا عظيم» وانظر «مجمع الزوائد» ٢ : ١٢٨.

٢٦٧

الاختصاص

مسألة (٨٧)

في المخصوص المضاف إلى المعرف (١)

قال «الشاطبي» : ومما تنصب العرب على الاختصاص ما كان مضافا إلى ما فيه الألف واللام. وفي الحديث : «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث» (٢)

وقال «ابن عقيل» : ... الاختصاص يشبه النداء لفظا ، ويخالفه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه لا يستعمل معه حرف نداء.

والثاني : أنه لا بدّ أن يسبقه شيء.

والثالث : أن تصاحبه الألف واللام.

وذلك كقولك : أنا أفعل كذا أيها الرّجل ، نحن العرب أسخى الناس.

وقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) ، وهو منصوب بفعل مضمر ، والتقدير : أخصّ العرب ، وأخص معاشر الأنبياء.

وقال «ابن هشام» : جملة الاختصاص جملة اعتراضية ، جاء الاختصاص بعد ضمير التكلم.

قال «العكبري» : «ما» بمعنى الذي ، والفعل صلة ، والعائد الهاء ، و «صدقة» مرفوع خبر الذي.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» ، و «شرح ابن الناظم» : ٢٣٥ ، و «شرح الأشموني» ٣ : ١٨٦ ، و «أوضح المسالك» ٣ : ١١١ ، و «شرح ابن عقيل» ٣ : ٢٩٨ ، و «الكافي شرح الهادي» ٦٦٥ ، (آلة كاتبة) ، و «شرح الكافية للرضي» ١ : ١٦١ (المنادى) ، و «إعراب الحديث النبوي» : ٩١ ، و «مغنى اللبيب» ٥٠٧ ، ٧١٤ ، ٨٩٢ ، و «همع الهوامع» (المفعول به).

(٢) أخرجه «أحمد» في «مسنده» ٢ : ٤٦٣ عن «أبي هريرة» بلفظ : «إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد مؤنة عاملي ، ونفقة نسائي صدقة».

٢٦٨

أسماء الأفعال والأصوات

مسألة (٨٨)

في حقيقة «حيهل» (١)

«حيهل» : اسم فعل أمر ، بمعنى : إيت ، نحو : «إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر» (٢).

وفي «النهاية» : حيهل بمعنى أقبل به ، وأسرع. وهي كلمتان جعلتا كلمة واحدة.

فـ «حيّ» بمعنى : أقبل ، و «هلا» بمعنى : أسرع.

وقيل : اسكن عند ذكره حتى تنقضي فضائله. وفيها لغات.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» ، و «شرح الأشموني» ٣ : ٢٠٥.

(٢) أخرجه «أحمد» في «مسنده» ٦ : ١٤٨.

من قول «عائشة».

وقال «البغدادي» في «تخريج أحاديث رضي الدين» (مخطوط ورقة : ٧) : رواه الطبراني في الأوسط ، وإسناده حسن. من قول «علي» ـ رضي‌الله‌عنه ـ. ومن قول «عبد الله بن مسعود». كما في «مجمع الزوائد».

وانظر مسألة / ٤ / في (دخول نون التوكيد على الماضي).

٢٦٩

مسألة (٨٩)

في استعمال كلمة «بله» (١)

تكون «بله» بمعنى «دع» ، ومنه الحديث الشريف : (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا ، بله ما أطلعتم عليه) (٢)

وتكون «بله» معربة مجرورة بـ «من» كما في رواية : «من بله ما اطلعتم عليه».

قال «السيوطي» في «همع الهوامع» : وفي بعض طرق الحديث : «من بله» بفتح الهاء مبنية على الفتح.

قال «البغدادي» في «خزانة الأدب» : ووقع في أكثر نسخ «البخاري» : «من بله ما أطلعتم عليه» بزيادة «من» ، قال «القسطلاني» : هي رواية : أبي ذر ، وأبي الوقت ، والأصيلي ، وابن عساكر. قال «ابن حجر» : قال «الصغاني» : اتفقت نسخ الصحيح على : «من بله» ، والصواب إسقاط كلمة «من». وتعقب بأنه لا يتعين إسقاطها إلا إذا فسرت بمعنى : دع ، وأما إذا فسرت بمعنى : من أجل ، أو من غير ، أو سوى ، فلا.

وقال «القسطلاني» : قد ثبت جر «بله» بـ «من» في الفرع المعتمد المقابل على أصل «اليونيني» المحرر بحضرة إمام العربية «أبي عبد الله بن مالك» ا ه.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» ، و «شرح الأشموني» ٣ : ٢٠٤ ، و «شواهد التوضيح» : ٢٠٥ ، و «مغنى اللبيب» : ١٥٦ ، و «الكافي شرح الهادي» ١٣٨٧ ، و «شرح الكافية للرضي» ١ : ١٦١ ، و «همع الهوامع» (المجرورات) ، و «خزانة الأدب» ٣ : ٢٧ ـ ٣١ ، و «تخريج أحاديث في شرح رضي الدين للبغدادي» : ٧ ق ، و «النحو الوافي» ٤ : ١٥٠ ـ ١٥٢.

(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب التفسير ـ تنزيل السجدة) ٦ : ٢١ برواية :

«بله» ، و «مسلم» في «صحيحه» في أول (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها) ٨ : ١٤٣ ، برواية : «بله» ، و «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب الزهد ـ باب صفة الجنة) ٢ : ١٤٤٧ ، برواية : «من بله» ، و «أحمد» في «مسنده» ٢ : ٤٦٦ برواية : «بله» ، و ٢ : ٤٩٥ ، برواية : «من بله».

٢٧٠

وفي مختصر العين : «بله» بمعنى «كيف» ، وبمعنى «دع».

فأما الجر بعد «بله» ، وهو المجمع على سماعه. فذهب بعض الكوفيين إلى أنها بمعنى «غير» ، فمعنى «بله الأكف» : غير الأكف ، فيكون هذا استثناء منقطعا.

وذهب «الفارسي» : إلى أنها مصدر لم ينطق له بفعل ، وهو مضاف ، وهي إضافة من نصب.

وذهب «الأخفش» : إلى أنها حرف جر.

وأما النصب فيكون على أنه مفعول ، و «بله» مصدر موضوع موضع الفعل ، أو اسم الفعل ليس من لفظ الفعل. فإذا قلت : (قام القوم بله زيدا) فكأنك قلت : تركا زيدا ، أودع زيدا.

وأما الرفع فعلى الابتداء ، و «بله» بمعنى «كيف» في موضع الخبر. ا ه

حكى «ابن التين» رواية «من بله» فتكون مبنية ، و «ما» مصدرية ، وهي وصلتها في موضع رفع على الابتداء ، والخبر هو الجار والمجرور المتقدم.

ويكون المراد بـ «بله» : «كيف» التي يقصد بها الاستبعاد ، والمعنى : من أين اطلاعكم على هذا القدر الذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به.

ودخول «من» على «بله» إذا كانت بهذا المعنى جائز.

ويمكن تلخيص المسألة على أربعة أوجه :

(١) اسم فعل أمر بمعنى «دع» أو «اترك» ناصبة لما يليها على أنه مفعوله ، وفتحة «بله» بنائية ، كقول «ابن هرمة» :

تمشى القطوف إذا غنّى الحداة بها

مشي الجواد فبله الجلّة النّجبا (١)

__________________

(١) القطوف من الدواب وغيره : البطيء ، والنجب : جمع نجيب ، وهو الأصيل الكريم ، والمعنى أن البطيء يمشي كمشي الجواد من الخيل مع الحداء ، فدع الإبل الكرام ، فإنها مع الحداء تسرع أكثر من غيرها.

٢٧١

(٢) مصدر بمعنى الترك ، نائب عن فعل الأمر ، مضاف إلى ما يليه ، وفتحته إعرابية ، وهو مصدر مهمل الفعل ، ممنوع التصرف.

(٣) اسم بمعنى «كيف» في موضع الخبر ، وما بعدها مرفوع على الابتداء ، وفتحة «بله» بنائية.

وأنكر «الفارسي» رفع ما بعدها. وإنكاره مردود بحكاية أبي الحسن ، وقطرب.

وقد روي بالأوجه الثلاثة قول «كعب بن مالك» (الصحابي) يصف السيوف :

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكفّ كأنّها لم تخلق

(٤) اسم بمعنى «سوى» فتكون من ألفاظ الاستثناء قاله «الرضي».

٢٧٢

مسألة (٩٠)

في تحقيق كلمة «كخ» (١)

«كخ» كلمة زجر للصبي عما يريد فعله ، وفي الحديث «كخ كخ ، فإنها من الصدقة» (٢).

قال «النووي» : قال «القاضي» : كخ كخ ، بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ، ويجوز كسرها مع التنوين. وهي كلمة يزجر بها الصبيان من المستقذرات ، فيقال له : كخ ، أي : اتركه ، وارم به.

قال «الداودي» : هي عجمية معربة بمعنى «بئس».

وقد أشار إلى هذا «البخاري» بقوله في ترجمة (باب من تكلم بالفارسية والرطانة).

وفي حاشية صحيح مسلم (طبع استانبول) : والتكرير للتأكيد ليطرحها من فيه.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الأشموني» ٣ : ٢٠٨ ، و «شرح صحيح مسلم» للنووي ٧ : ١٧٥ ، و «فتح الباري» ٦ : ١٨٥.

(٢) قطعة من حديث أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الجهاد والسير ـ باب من تكلم بالفارسية ..) ٤ : ٣٦ عن أبي هريرة ، وتمامه : «أن الحسن بن عليّ أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال له النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالفارسية : كخ كخ أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة». وأخرجه «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الزكاة ـ باب تحريم الزكاة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم) ٣ : ١١٧ ، و «أحمد» في «مسنده» ٢ : ٤٠٩ ، ٤٤٤ ، ٤٧٦ ، و «الدارمي» في «سننه» في (كتاب الزكاة ـ باب الصدقة لا تحل للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولا لأهل بيته) ١ : ٣٨٧.

٢٧٣

ما لا ينصرف

مسألة (٩١)

في استعمال كلمة «مثنى» (١)

مما يمنع من الصرف «مثنى» ، وهو موازن «مفعل».

ولا تستعمل إلا نكرة ، وهي إما نعت ، كقوله تعالى : (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٢) ، وإما حال ، نحو قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٣) ، وإما خبر ، نحو قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (صلاة الليل مثنى مثنى) (٤).

وإنما كرّر لقصد التوكيد ، لا لإفادة التكرير.

والمانع لها من الصرف : الوصفية والعدل عن اثنين اثنين ، بدليل أنها تفيد فائدة التكرار.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح ابن الناظم» ٢٤٩ ، و «شرح المرادي» ٤ : ١٢٧ ، و «أوضح المسالك» ٣ : ١٤٥ ، و «شرح الأشموني» ٣ : ٢٣٨.

(٢) فاطر : ١.

(٣) النساء : ٣.

(٤) أخرجه «أبو داود» في «سننه» في (كتاب الصلاة ـ باب صلاة الليل مثنى مثنى) ٢ : ٣٦ ، و «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب إقامة الصلاة ـ باب ما جاء في الوتر بركعة) ١ : ٣٧١ ، عن «ابن عمر» برواية : «صلاة الليل مثنى مثنى» ، و «الترمذي» في «مسنده» في (أبواب الصلاة ـ باب ما جاء في التخشع في الصلاة) ١ : ٢٣٨ عن «الفضل بن عباس».

و «مالك» في «الموطأ» في (كتاب صلاة الليل ـ باب ما جاء في صلاة الليل) ١ : ١١٩.

و «أحمد» في «مسنده» ٢ : ٢٦ ، ٥١ ، ١٣٣ ، عن «ابن عمر» ، و «أحمد» في «مسنده» أيضا ٤ : ١٦٧ ، عن «المطلب بن ربيعة» برواية : «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى».

٢٧٤

إعراب الفعل النواصب

مسألة (٩٢)

في جواز إعمال «إذن» وإهمالها مع اجتماع الشروط (١)

قال «الشاطبي» عند قوله :

ونصبوا بإذن المستقبلا

إن صدّرت والفعل بعد موصلا

قال : ونصبوا ، أطلق القول في ذلك ، وهذا الإطلاق غير صحيح ، إذ النحويون يحكون مع اجتماع الشروط الوجهين : النصب ، والرفع ؛ فقد حكى «سيبويه» (٢) عن «عيسى بن عمرو» أن أناسا من العرب يقولون : إذا أفعل ذلك ، في الجواب ـ يعني مع اجتماع الشروط ـ قال : فأخبرت «يونس» بذلك ، فقال : لا تبعدنّ ذا ، ولم يكن ليروي إلا ما سمع ، جعلوها بمنزلة «هل» و «بل».

ومنه في الحديث : «إذا يحلف يا رسول الله» (٣) فقد ثبت الوجهان.

وكلام الناظم يقتضي الاقتصار على وجه واحد ، وهو إخلال في النقل.

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» ، و «شرح ابن الناظم» ٢٦٣ ، و «عمدة القاري» ١٢ : ١٩٩.

(٢) الكتاب ١ : ٤١٢.

(٣) قطعة من حديث أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب المساقات ـ باب الخصومة في البئر والقضاء فيها) ٣ : ٧٥ ، وفي (كتاب في الرهن في الحضر ـ باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعي واليمين على المدّعى عليه) ٣ : ١١٦ ، وفي (كتاب الأيمان والنذور ـ باب قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ٧ : ٢٢٨.

و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الأيمان ـ باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار) ١ : ٨٦ ، ورواية «مسلم» قال «الأشعث بن قيس» : كان بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : هل لك بيّنة؟ فقلت : لا ، قال : فيمينه ، قلت : إذن يحلّف ، فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند ذلك : من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان. فنزلت : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً.) إلى آخر الآية.

٢٧٥

وفي «عمدة القاري» ١٢ : ١٩٩ «إذا يحلف» قال «الكرماني» :ويحلف ، بالنصب لا غير. قلت : كلمة «إذا» حرف جواب وجزاء ، ينصب الفعل المستقبل ، مثل ما يقال : أنا آتيك ، فيقول : إذا أكرمك. وإنما يقال :بالنصب ، لا غير ، لأنها تصدرت ، فيتعين النصب ، بخلاف ما إذا وقعت بعد الواو والفاء ، فإنه يجوز فيه الوجهان.

وقال «ابن الناظم» : وحكى «سيبويه» عن بعض العرب إلغاء «إذن» مع استيفاء شروط العمل ، وهو القياس ، لأنها غير مختصة ، وإنما أعملها الأكثرون حملا على «ظنّ» ، لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها ، كما حملت «ما» على «ليس» ؛ لأنها مثلها في نفي الحال.

مسألة (٩٣)

في سقوط فاء السّببيّة (١)

تنفرد «الفاء» عن «الواو» بأن الفعل بعد الفاء التي ينتصب بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصد الجزاء ، وذلك بعد الطلب بأنواعه. فتقول : (ائتنا تحدثنا) ، و (اسلم تسلم).

ومنه قوله تعالى : (وَقالُوا : كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا)(٢)

وقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما» (٣)

وقول امرئ القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ، ومنزل

بسقط اللّوى ، بين الدّخول فحومل

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» عند قوله :

وبعد غير النفي جزما اعتمد

إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد

و «شرح الأشموني» ٣ : ٣٠٩ ، ولم يذكر الحديث.

(٢) البقرة : ١٣٥.

(٣) أخرجه «البيهقي» في «شعب الإيمان» بلفظه. و «ابن ماجه» في «سننه» ١ : ١٤١٠ ، و «الطبراني» في «الأوسط» عن أبي هريرة.

والحديث بتمامه : «يا أبا هريرة! كن ورعا تكن أعبد الناس ، وكن قنعا تكن أشكر الناس ، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا ، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ، وأقلّ الضحك فإنّ كثرة الضحك تميت القلب» «كنز العمال» ١٦ : ٢٤٣.

٢٧٦

مسألة (٩٤)

في شرط جزم الجواب بعد النهي (١)

شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي موضعه. وعلامة ذلك أن يصح المعنى بتقدير : (إن لا) نحو : (لا تدن من الأسد تسلم). فهذا يصح جزمه ، لأن المعنى : إن لا تدن من الأسد تسلم ، بخلاف : (لا تدن من الأسد يأكلك) ، فإن هذا لا يصح جزمه ؛ لعدم صحة المعنى بتقدير : إن لا تدن.

وهذا مذهب الجمهور.

وأجاز «الكسائي» جزم جواب النهي مطلقا ، ولا يشترط الشرط المتقدم بل يقدر : إن تدن من الأسد يأكلك.

وما يحتج للكسائي به من قول «أبي طلحة» (في غزوة أحد) : «يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم» (٢).

__________________

(١) موارد المسألة : «شرح ابن الناظم» ٢٦٩ ، و «شرح الشاطبي» و «شرح المرادي» ٤ : ٢١٤ ، و «أوضح المسالك» ٣ : ١٧٩.

(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (مناقب الأنصار ـ باب مناقب أبي طلحة ـ رضي‌الله‌عنه ـ) عن «أنس» ٤ : ٢٢٩ برواية رفع «يصيبك» أي : فإنه يصيبك ، ولأبي ذر :

«يصبك» بالجزم جواب النهي. وفي (كتاب المغازي ـ باب (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) ٥ : ٣٣ ، و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الجهاد والسّير ـ باب غزوة النساء مع الرجال) ٥ : ١٩٦ ، برواية : «لا تشرف لا يصبك سهم» ، وانظر «عمدة القاري» ١٦ : ٢٧٤.

٢٧٧

ومن رواية من روى قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح الثوم) (١) بجزم «يؤذنا».

وقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) (٢)

وأجيب بأن المجزوم ثانيا بدل اشتمال من المجزوم ، لا جوابا.

أي : بدل فعل من فعل ، مع أن الرواية المشهورة : «يؤذينا» ، و «يضرب» بالرفع.

ويحتمل أن يكون «يضرب بعضكم» على الإدغام ، نحو قوله تعالى : (وَيَجْعَلْ لَكُمْ)(٣).

__________________

(١) لم أعثر على هذا الحديث بهذا اللفظ ، وأخرج «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب المساجد ـ باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها) ٢ : ٧٩ برواية : «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنّ مسجدنا ولا يؤذينّا بريح الثوم» من حديث «أبي هريرة». ومثله في «مسند أحمد» ٢ : ٢٦٦.

(٢) تقدم تخريجه في مسألة / ٢٢ / في (استعمال أفعال بمعنى «صار»).

(٣) نوح : ١٢.

٢٧٨

مسألة (٩٥)

في انتصاب المضارع بعد الفاء في الرجاء (١)

قال «الشاطبي» عند قوله :

والفعل بعد الفاء في الرّجا نصب

كنصب ما إلى التّمنّي ينتسب

أخبر الناظم أن الفعل ينتصب بعد الفاء في الرجاء. فتقول في الرجاء : (لعل لي مالا فأنفق منه). وقرأ «حفص» عن «عاصم» : «لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى» (٢) بنصب «أطلع».

وقرأ «عاصم» أيضا : «وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى» (٣) بنصب «فتنفعه» ، وذلك كله على جواب «لعل» ، ومعناها :

الترجي ، وأنشد «الفراء» (٤) :

علّ صروف الدّهر أو دولاتها

يدلتنا اللّمّة من لمّاتها

فتستريح النّفس من زفراتها

وتنقع الغلّة من غلّاتها

بنصب «تستريح» ، والنصب بعدها ليس بكثير ، لم يطرد في الكلام الفصيح الذي هو القرآن ، فلا يقال : إنه ممتنع.

وقد حكى «ابن المؤلف» في التكملة عند البصريين أنهم يمنعون النصب بعد الرجاء ، لأنه في حكم الواجب.

وحكى جوازه عن الكوفيين بناء على كون «لعل» تأتي للاستفهام

__________________

(١) مورد المسألة : «شرح الشاطبي».

(٢) غافر : ٣٦ ، ٣٧.

(٣) عبس : ٣ ، ٤.

(٤) «معاني القرآن» ٣ : ٢٣٥ ، والرجز في شرح شواهد الشافية : ١٢٩ وعل : أصله لعل ، وصروف الدهر : حوادثه ونوائبه ، ويدلننا الله : من أدالنا الله من عدونا إدالة ، وهي الغلبة ، يقال : أدلني على فلان وانصرني عليه. واللمة : الشدة.

٢٧٩

والشك ، فيجاب في الوجهين. ومن أمثلتهم : (لعلي سأرجع فأزورك). والاستفهام بـ «لعل» غير معروف عند البصريين.

وقد استدل المؤلف ـ أي : ابن مالك ـ على ثبوته بقوله ـ عليه‌السلام ـ : (لعلنا أعجلناك) (١) ، وبقوله : «وما يدريك لعلّه يزكّى» ، ولا حجة في شيء من ذلك.

والصحيح أنها محمولة على التمني في نصب الجواب ، لأن التمني والترجي متقاربان في المعنى ، فكأنهم أشربوا «لعل» معنى «ليت» (٢).

__________________

(١) تقدم تخريجه في مسألة / ٣٢ / في (ورود «لعلّ» للاستفهام).

(٢) وفي «البحر المحيط» ٨ : ٤٢٧ :

«قرأ الجمهور : «فتنفعه» برفع العين عطفا على «أو يذكر». وقرأ «عاصم» في المشهور ، و «الأعرج» ، و «أبو حيوة» ، و «ابن أبي عبلة» ، و «الزعفراني» بنصبهما.

قال «ابن عطية» : في جواب التمني ، لأن قوله : «أو يذكر» في حكم قوله : «لعله يزكى» ا ه.

وهذا ليس تمنيا ، إنما هو ترج ، وفرق بين الترجي والتمني.

وقال «الزمخشري» : وبالنصب جوابا لـ «لعل» ، كقوله : «فأطلع إلى إله موسى». اه.

والترجي عند البصريين لا جواب له فينصب بإضمار «أن» بعد الفاء.

وأما الكوفيون فيقولون : ينصب في جواب الترجي».

٢٨٠