عجالة المعرفة في اصول الدين

الشيخ ظهير الدين ابي الفضل محمد بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي

عجالة المعرفة في اصول الدين

المؤلف:

الشيخ ظهير الدين ابي الفضل محمد بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي


المحقق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-026-9
الصفحات: ٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

٣

٤

مقدمة المؤسسة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين على نعمه وآلائه ، وأفضل الصلاة والتسليم على محمّد سيد أنبيائه ، وعلى الأئمة المعصومين من آله خلفائه.

وبعد ، فالمكتبة الشيعيّة الإماميّة ، تزخر بالمؤلّفات الأصوليّة الكلامية ، لما لمسائل علم الكلام من بالغ الأهمّيّة ، فمعرفتها من الواجبات العينيّة ، التي تجب على كلّ مسلم بالأدلّة العقلية القطعية.

ولقد تفنّن علماء الكلام في بلورة هذا العلم ، وابدعوا في عرض مناهجه ، وسبك كتبه ، كلّ حسب قناعته ، وأسلوبه بما يناسب زمانه ، ومدارك أهل عصره.

والمتتبِّع الذي يجوس خلال معاجم تراجم علماء الكلام ، وفهارس كتب الأعلام ، في مختلف الطبقات وعلى مدى العصور والأعوام ، يقف ـ لكلّ واحد ـ على كتاب أو أكثر في هذا العلم الشريف.

والمتوغّل في الثروة الكلامية الموجودة ، يعرف دلالتها على ما ذكرنا من اختلاف المناهج ، وتعدّد الأساليب ، بوضوح ، ويطمئنّ على أنّ المفقود منها ـ وهو ليس بالقليل ـ قائمٌ على ذلك.

ومن العيّنات القيّمة التي ـ تشهد على ما قلنا ـ هو كتاب « عجالة المعرفة في أصول الدين » تأليف الإمام ، ظهير الدين ، محمّد ابن الإمام قطب الدين سعيد بن هبة الله ، الراونديّ ، من أعلام القرن السابع الهجري.

فقد كان في عداد المفقود من التراث ، حتّى لم يذكر اسمه في شيء من الفهارس أو المعاجم ، سواء القديمة منها او الحديثة ! وهو كتاب بديع في

٥

نهجه وعرضه للقواعد الكلامية ، بما لم يسبق له مثيل في ما سبقه من الكتب الكلامية.

مع أنّه يعتمد عنصر الإيجاز ـ غير المخلّ ـ بما يناسب عنوانه « العجالة » مع الالتزام بقوة العبارة ، وأدائها المتميّز بالبلاغة العالية ، والفصاحة المتينة.

فهو ـ بكل مميزاته ـ يمثل قلة رفيعة بلغتها الثقافة الكلامية عند الطائفة في عصر المؤلّف ، مما يدلّ على وجود الجذور الرصينة والثابتة لعقائدها منذ القدم ، وعدم انفصام عرى السلسلة الذهبية المتواصلة في حلقاتها ، برغم الإرجاف الذي يحاول أن يوحيه الجاهلون المعادون للعلم وأهله ، والمرجفون بالحق وحزبه.

ولا غرو في كلّ ذلك من مثل المؤلّف الإمام الراونديّ ، الذي ينتمي الي بيئة علمية وبيت عريق في الطائفة من اشهر الأسر الشيعية في عصرها.

ولقد ازدانت مجلة « تراثنا » بنشر هذا الكتاب النادر ، لأول مرة ، محققاًً علي صفحاتنا في حقل « من ذخائر التراث » في العدد ٢٩ ، وهو الرابع من سنتها السابعة ، شوال ـ ذي الحجّة ١٤١٢ ه‍ ، في الصحفات ٢٠١ ـ ٢٤٠.

ونقوم بنشره ثانية ، ضمن ما التزمنا نشره مستقلاً من المنشور هناك ، ولتعميم الفائدة ، مزداناً بمراجعة ثانية ، وبإضافات مهمّة وفهارس فنّيّة ، تزيد من قيِّمة العمل وكماله.

والله المأمول للقبول بإفضاله ، وله الحمد في الاخرة والاولى بمحمّد وآله.

مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام

لإحياء التراث

٦

مقدّمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين الذي هدانا لدينه الحقّ ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين الذي جاء بالصدق ، وعلى الأئمة المعصومين من آله حجج الله على الخلق.

وبعد ، فممّا وفّقني له ربّي أن وقفتُ على هذا الكتاب القيّم ، فوجدتُه من نوادر تراثنا الغالي.

فهو نادرٌ حيثُ لم يُعرف من ذي قبل ، ولم توجد له نسخة ، بل لم يذكر اسمه في شيء من الفهارس ، حتّى فات « الذريعة » لشيخنا الإمام الطهراني على سعة تتبعه قدّس الله روحه.

وهو نادرٌ في نسبته إلى مؤلفه الموصوف ( بالإمام العلامة الفقيه ).

وهو نادرٌ في اُسلوب تأليفه ومنهج ترتيبه الرائع.

وقد وفقني الله جل اسمه للعمل فيه ، فكانت حصيلة الجهد الذي بذلته ، ما أقدمه بهذا الشكل.

والله هو المسؤول أن يتقبّل عملنا بأحسن القبول ، وان يوفقنا للمزيد من فضله المأمول بمحمّد وآله.

٧

١ ـ مع المؤلف

١ ـ اسمه وأوصافه :

قال الشيخ منتجب الدين : محمّد بن سعيد بن هبة الله ، الراونديّ ، الشيخ ، الإمام ، ظهير الدين ، أبو الفضل ، ... فقيه ، ثقة ، عدل ، عين. (١)

والشيخ منتجب الدين من معاصري المؤلف.

ووصفه تلميذه القطب الكيدري ب‍ « الشيخ الإمام » (٢).

ووصفه كاتب هذه النسخة ب‍ « الإمام السعيد العلامة » (٣).

٢ ـ لقبه :

هو ملقب ب‍ « ظهير الدين » كما عرفنا في نصّ المنتجب ، إلا أن كاتب هذه النسخة لقبه ب‍ « قطب الدين » فليلاحظ (٤).

__________________

(١) فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنفيهم : ١٧٢ رقم ٤١٨ وقد تناقل العلماء هذا النصّ ، فانظر : أمل الآمل ، للحر العاملي ٢ / ٢٧٤ رقم ٨٠٧ والفوائد الرضوية للقمي : ٥٣٧ والثقات العيون للطهراني : ٢٦٥.

(٢) سيأتي نقل كلامه عند ذكره في تلامذة المؤلف.

(٣) لاحظ خاتمة النسخة من كتابنا هذا.

(٤) لاحظ نهاية هذه النسخة.

٨

٣ ـ كنيته :

كنى نفسه ب‍ « أبي الفضل » كما في اجازته لبعض تلامذته (٥) وكذلك كناه منتجب الدين كما عرفنا.

٤ ـ نسبته :

نسب المؤلّف « راوندياً » وهي نسبة أسرته جمعياً ، و « راوند » المنسوب اليها بفتح الراء والواو ، بينهما الالف ، وسكون النون ، وفي آخرها الدال [ المهملة ] ـ كما قال السمعاني : ـ قرية شيعية من قري قاشان بنواحي أصبهان (٦) وهي لا تزال قائمة ، وفيها آثار قديمة.

٥ ـ أُسرته :

« الراونديّون » من العلماء كثيرون جداً ، وأكثرهم ينتسبون إلى عائلتين.

إحداهما : علوية النسب ، وجدهم أبو الرضا فضل الله بن علي الراونديّ الحسينى بعد ( ت ٥٧١ ).

والأخرى : عائلة القطب الراونديّ ( ت ٥٧٣ ) والد المؤلف.

وإليك أسماء من وقفنا على اسمه من عائلة المؤلّف :

١ ـ أبوه :

الشيخ الإمام ، قطب الدين ، أبو الحسين ، سعيد بن هبة الله ، الراونديّ ، الفقيه ، المتكلّم ، الفاضل في جميع العلوم ، والمصنّف في كلّ نوع ، توفّي سنة (٥٧٣) وهو صاحب « الخرائج والجرائح » و « فقه القرآن » وغيرهما من المؤلّفات

__________________

(٥) سنقف على نصّ الاجازة عند ذكر التلميذ المذكور.

(٦) الأنساب ، للسمعاني ص ٢٤٥ ب.

٩

الكثيرة الممتعة.

ترجم له الشيخ منتجب الدين في الفهرست ( ص ٨٧ ) رقم ( ١٨٦ ) ، وفي تاريخ الريّ ، على ما نقله ابن حجر في لسان الميزان ( ٣ / ١٨٠ ) ، وترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ( ٤ / ٦٣٩ ) رقم ( ٢٧٩٩ ).

يروي عنه أبناؤه ، وكثير من معاصريه.

٢ ـ أخوه :

الشيخ ، نصير الدين ، أبو عبد الله ، الحسين ، العالم الصالح ، الشهيد ، ترجم له المنتجب في الفهرست ( ص ٥٦ ) رقم ( ١١١ ) ، ولاحظ الثقات العيون ( ص ٧٥ ) ، وشهداء الفضيلة للأميني ( ص ٤٠ ).

٣ ـ أخوه :

عليّ ، عماد الدين ، الفقيه ، الثقة.

وكنّاه ابن طاوس « أبا الفَرَج » ونقل رواية أسعد بن عبد القاهر عنه سنة ٦٣٥ ، وروايته هو عن أبي جعفر محمّد بن علي بن المحسّن الحلبي ، في سعد السعود ( ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ) ولاحظ : فتح الأبواب في الاستخارات (ص) واليقين ( ص ٢٨٠ ).

لاحظ الفهرست للمنتجب ( ١٢٧ ) رقم ( ٢٧٥ ) ، والثقات العيون ( ص ١٩٠ ).

٤ ـ أخوه :

أبو سعيد ، هبة الله بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراونديّ.

ذكره في الروضات.

٥ ـ ابنه :

محمّد بن محمّد بن سعيد بن هبة الله الراونديّ.

وقع راوياً عن أبيه المؤلّف كما سيأتي في الرواة عنه.

١٠

٦ ـ ابن أخيه :

محمّد بن علي بن سعيد ، الشيخ ، برهان الدين ، أبو الفضائل ، الفاضل ، العالم.

ذكره المنتجب في الفهرست ( ص ١٧٢ ) رقم ( ٤١٩ ).

تنبيه :

ولا بدّ أن يميز المؤلّف عن « محمّد بن سعيد بن هبة الله بن دعويدار القمّي القاضي » وفي نسخة « بن سَعْد ».

وهو مترجم في الفهرست للمنتجب ( ص ١٨٥ ) رقم ( ٤٧٩ ) وهو من « آل دعويدار » اسرة علمية عريقة في ( قم ) أنجبت كثيراً من العلماء والقضاة في القرنين الخامس والسادس.

فلاحظ الفهرست للمنتجب ( ص ١١ ) هامش (٣).

٦ ـ مشايخه :

يروي عن أبيه القطب الراونديّ.

وقد وقع في سند رواية أوردها ابن العديم في ترجمة أبي جعفر الحلبي (٧) ، من تلامذة الشيخ الطوسيّ :

قال ابن العديم : أخبرنا أبو المؤيّد ، محمّد بن محمود بن محمّد ، قاضي خوارزم ، قال : أخبرنا محمّد بن محمّد بن سعيد الراونديّ ، قال : أخبرني والدي ، محمّد بن سعيد بن هبة الله ، الراونديّ ، قال : أخبرني والدي ، قطب الدين ، سعيد بن هبة الله بن الحسن ، الراونديّ ، قال : أخبرنا الشيخ أبو جعفر

__________________

(٧) هو محمّد بن علي بن المحسّن ، أبو جعفر الحلبي ، ترجم له المنتجب في الفهرست : ١٥٥ رقم ٣٥٧ وصرّح برواية القطب الراونديّ عنه ، فلاحظ.

١١

الحلبيّ ، قال :

أخبرنا الشيخ ، الفقيه ، الثقة ، أبو جعفر ، محمّد بن الحسن ، الطوسيّ ، قال : أخبرنا الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد بن نعمان الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الطيب ، الحسين بن علي بن محمّد ، التمّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن جدّه ، عن علي بن حفص المدائني ، عن ابراهيم بن الحارث ، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ، قال :

قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « لا تُكْثروا الكلامَ بغير ذكر الله ، فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب ، وان أبعد الناس من الله القلب القاسي » (٨).

وهذا الحديث هو أوّل أحاديث كتاب أمالي الطوسيّ ج ١ ص ٣ ح ١.

وقد صرّح القطب الكيدريّ أنّ المؤلّف يروي كتب أصحابنا عن أبيه. كما سيأتي.

ولا بدّ أنّ المؤلّف لَقِيَ أعلاماً من رجال الطائفة وروى عنهم إلا أنّا لم نقف على شيء من أسمائهم.

٧ ـ الرواة عنه :

روى عن المؤلّف عدّة من العلماء ، وقفنا منهم على :

١ ـ ابنه محمّد :

كما مرّ في سَنَد الحديث الي رواه ابن العديم ، ونقلناه سابقاً.

٢ ـ قطب الدين الكيدري :

هو محمّد بن الحسين بن الحسن ، البيهقي ، الشيخ أبو الحسن النيسابوريّ ذكر في كتابه « بصائر الاُنس بحظائر القُدْس » أن له اجازة رواية كتب

__________________

(٨) بغية الطلب ، لابن العديم : ٤٣٧٥ في الجزء العاشر.

١٢

الأصحاب ، عن الشيخ الإمام محمّد ، بن السعيد بن هبة الله ، الراونديّ ، وهو يرويها عن والده القطب الراونديّ.

نقل ذلك الشيخ النباطي في كتابه « الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم » (٩).

٣ ـ الجاسبي القمّي :

الشيخ علي بن محمّد بن علي ، رشيد الدين ، الجاسبي القمّي ، الفقيه (١٠).

قرأ على المؤلّف كتاب « النهاية » للشيخ الطوسيّ ، فكتب المؤلّف على نسخته بلاغ القراءة ، وأجاز له الكتاب عنه ، واليك نصّ ما كتبه :

« قرأه عليّ الشيخ ، الإمام ، العالم ، وحيد الدين ، جمال الاسلام ، أبو القاسم ، علي بن محمّد بن علي ، الجاسبي ، أدام الله سداده.

وأجزت له روايته عني ، عن مشايخي ، عن المصنف ، رضي الله عنهم.

وقد بيّنْتُ له الطرق في رواياتي عنه.

وكَتَبَ

أبو الفضل الراونديّ

محمّد بن سعيد بن هبة الله الراونديّ

في شهور سنة ثمانين وخمسمائة هجرية

حامداً ، مصلّياً ، مسلّماً » (١١)

__________________

(٩) لاحظ : الثقات العيون : ٢٦٠.

(١٠) ترجمة المنتجب في الفهرست : ١٣٧ رقم ٣١٢.

(١١) جاء نصّ هذه الاجازة في مجلة معهد المخطوطات العربيّة ، التي تصدر في القاهرة ، في المجلد الثالث ، الجزء الأوّل ، الصادر في شوال سنة ( ١٣٧٦ ) عن نسخة من « النهاية » كانت في خزانة محمّد أمين الخونجي في طهران.

وعن النسخة فلم في أفلام دانشگاه طهران ، برقم ٢٠٩٥ ، ولاحظ الذريعة : ٢٤ / ٤٠٤.

١٣

و « جاسْب » المنسوب اليها الشيخ الراوي ، من قُرى مدينة « قم » وهي قائمة آهلة حتّى الآن.

٤ ـ أبو طالب ابن الحسين الحسيني :

ذكر شيخنا العلامة الطهراني : أنّه وجد على نسخة من « النهاية » للشيخ الطوسيّ ، محفوظة في مكتبة « ملك » في طهران : أن ( أبا طالب ) المذكور تلميذ الراونديّ محمّد ـ المؤلّف ـ.

وأنّ أبا طالب أجاز تلك النسخة لكاتبها محمّد بن الحسين بن محمّد بن الحسن في سنة (٣٣٦) (١٢).

٥ ـ علي بن يوسف بن الحسن ، علاء الدين :

نسخة من « نهج البلاغة » رقم ٥٦٩٠ ، في المكتبة المرعشية ـ قم ، كما في فهرسها ٨٧ / ١٥ ، ومصورات من بعض صفحاتها في نهاية ذلك الجزء بالأرقام ٤٣ ـ ٤٩.

وعلى النسخة قراءات واجازات وبلاغات انهاء من :

١ ـ يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد.

٢ ـ أبو الفضل الراونديّ.

٣ ـ سعيد بن هبة الله بن الحسن [ القطب الراونديّ ].

ونصّ بلاغ قراءة أبي الفضل واجازته لروايته :

« قرأ عليّ الشيخ الإمام علاء الدين جمال الحاج والمحرمين ، عليّ بن يوسف بن الحسن دام توفيقه والى كلّ طريقه هذا المجلد قراءة محقّق مدقّق.

وأجزت له روايته عني عن جماعة عن المصنف رضي الله

__________________

(١٢) لاحظ الذريعة : ٢٤ / ٤٠٤.

١٤

عنهم وعنا.

وكتب

أبو الفضل الراونديّ

[ حامداً ] »

وقد ترجم صاحب الرياض للمجاز في رياض العلماء ٤ / ٢٩٣ وذكر هذه الاجازة بعينها ، وتحدث عن تلك النسخة بتفصيل.

ونورد ـ في النماذج المصوّرة الآتية ـ صورة خط المؤلّف من هذه النسخة ، وكذلك صورة خط والده القطب الراونديّ الموجودة في نفس النسخة.

٧ ـ مؤلفاته :

١ ـ هذا الكتاب « عجالة المعرفة في أصول الدين » : وقد ذكره صديقنا الفقيد المغفور له العلامة المفهرس السيّد عبدالعزيز الطباطبائي رحمه‌الله. (١٣)

٢ ـ الأربعون حديثاً : ذكره السيّد الطباطبائي رحمه‌الله ، وقال : يوجد في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن المجموعة ٣ / ٢١٣٠ من ٢١ ـ ٣٢ ، بخطّ العلامة الجليل سردار كابلي رحمه‌الله سنة ١٣٤٥ ه‍ ، كما ذكرت في فهرسها ٩ / ٧٧٣ (١٤).

وممّا يذكر أنّ السيّد قد ترجم للمؤلّف ضمن ترجمة والده الإمام قطب الدين الراونديّ ، شارح نهج البلاغة ، كما ترجم لسائر أفراد الاُسرة في حلقة من مقاله « نهج البلاغة عبر القرون » (١٥).

__________________

(١٣) نهج البلاغة عبر القرون / ٧ ، للطباطبائي ، مجلة « تراثنا » العددان ٣٨ ـ ٣٩ ، ص ٢٩٥.

(١٤) نهج البلاغة عبر القرون / ٧ ، للطباطبائي ، مجلة « تراثنا » العددان ٣٨ ـ ٣٩ ، ص ٢٩٦.

(١٥) لاحظ المصدر السابق.

١٥

٢ ـ مع الكتاب

١ ـ مَوْضُوعُهُ :

يبحث الكتاب عن أصول الدين ، والعلم المتكفّل لمثل هذا البحث هو « علم الكلام ».

ويتميّز ـ بينَ العلوم ـ بوجوبه العينيّ على كلّ مُنْتَمٍ إلى الدين الإسلاميّ الحنيف ، بل على كلّ انسان يتمتّع بنعمة العقل ، ومخاطب بنداء الضمير والفطرة ، حيث تدعوه إلى البحث عن المسائل الأساسية المطروحة في هذا العلم.

وقد سلك العلماء مناهج عددةً للوصول إلى « إثْبات هذه الحقيقة » وتوضيح هذا الوجوب ، وايصال ذلك الخطاب ، وتوجيه تلك الدعوة.

ويمكن اختصار القول في ذلك بأنّ الالتزام بعقيدة محدّدة ، وهو الأساس اللازم ليرسم الانسان خُطّةً معيّنة يسير عليها في حياته ، وكلّما كان الأساسُ قويماً رصيناً ، كانت الخطّة المبتنيةُ عليه والمرسومة حسبه موصلةًً ، شاملةً موثوقةً.

ومن الواضح ، أنّ الانسان ـ مهما كانت اتّجاهاته وقدراته وتطلّعاته ـ فإنّه مجبول على الفطرة السليمة ، وموهوب له العقل الهادي ، فهو ـ لو خُلّيَ وطبعه ـ يحسّ بهاجس هذين العاملين ، فلا بدّ أن يحسّ بضرورة مثل هذا المعتقّد ، ويتوجّه إلى لزوم مثل تلك الخطّة.

وإنّ من أهمّ ما يعتني به علماءُ الكلام ، ويُحاولون ابراز قدراتهم العلمية ، وابداعاتهم المنهجيّة فيه ، هو ابراز هذه الحقيقة واثباتها ، ولهذا ـ بعينه ـ اختلفت مناهجهم ، وتعدّدت اساليبهم في عرض الكتب والمؤلّفات.

* * *

١٦

٢ ـ منهج المؤلّف :

وقد أبدع المؤلّف في رسم منهج فريد ، يعتمد عنصر « الحاجة » التي يحسها كلّ انسانٍ في وجوده ، فهو ليس بمستغنٍ عمّن سواه ، وهذا احساس فطريّ ، وبديهيٌّ ، غير قابل للانكار ، وقد ذكر الله تعالى بهذا الإحساس في قوله : ( يا أيُّها النّاسُ ، أنْتُمُ الفُقَراءُ إلى اللهِ ، واللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيْدُ ) سورة فاطر ( ٣٥ ) الآية ( ١٥ ) وقوله تعالى : ( واللهُ الغَنِيُّ ، وَأنْتُمُ الفُقَراءُ ) سورة محمّد ( ٤٧ ) الآية ( ٣٨ ).

ثمّ إنْ كانت « الحاجةُ » محسوسةً ، فطرياً ، فإنّ رفضها ونفيها أمر مطلوب للانسان ، لأنّها نقصٌ ملموس ، ولذلك كان « الكمالُ » الذي يضادّه أمراً مطلوباً ، بالطبع الأولي ، والفطرة السليمة ، بل هو من المقاصد العالية والشريفة للإنسان على الأرض.

وهذا الإحساس هو الذي تؤكّد عليه الشرائع بأنبيائها وكتبها ، وإرشاداتها ، ومدارسها ، وما تملك من سُبُل ، وطُرُقٍ ، وأدوات ، وعوامل.

ولا بدّ للانسان أن يتجاوز حدّ « الحاجة » وما فيها من نقص ، ويصل إلى الكمال ، فيكون « غنيّاً بالله عمّن سواه » كيْ يليق بمقام « الخلافة عن الله » في الأرض ، وإلا : فالفقر سواد الوجه في الدارين ، كما ورد في الأثر الشريف (١٦).

٣ ـ أسلوب الكتاب :

وعلى أساس من ذلك المنهج القويم ، والراسخ ، والمتين ، ألّف الشيخ الإمام المؤلّف كتابه القيّم « عجالة المعرفة » هذا الذي نقدّم له.

وقد اتّخذ له أسلوباً رائعاً ، في جانبي العبارة ، والترتيب :

__________________

(١٦) حديث نبوي ، لاحظ : سفينة البحار ، للقمي ٢ / ٣٧٨.

١٧
ففي العبارة :

لا تجد أيّ تعقيد ، أو غرابة ، أو صعوبة ، بل على العكس من كلّ ذلك ، يُحاول التوضيح والتيسير ، والتقريب.

ويعتمد على الحجّة والاستدلال على كلّ حكم في كلّ قضيّة ، حتّى لا نجد فيه أمراً ، غير مستدلٍ عليه ، على الاطلاق.

وهذا ـ مع الالتزام بالاختصار الشديد والوجازة البليغة ـ أمر مُلْفِت للنظر ، ويدل على عبقرية أدبية فائقة.

ومن جهة أخرى لا تكاد تجد في كلّ الكتاب ـ على استيعابه لموضوعات أصول الدين كلّها ـ جملة زائدة مستغنىً عنها.

وهذا ـ أيضاً ـ يدلّ على نَباهة ودقّة وعمق.

وفي الترتيب :

حيث عمد إلى ربط فصول الكتاب ، على اختلاف مواضيعها وبحوثها ، بشكل يلمس القارئ أنّها حلقات مترابطة في قلادة واحدة.

فهو ـ في نهاية كلّ فصل ـ يمهّد للفصل التالي ، بحيث يوحي للقارئ « منطقية » ترتيب الفصول ، كما هو الحال في ترتيب مقدّمات قياس برهانيّ متكامل.

وهذا ما يجعل القارئ يتابع الكتاب ، متنقلاًَ من فصل إلى آخر بيُسْر ، ورغبة ، واستيعاب.

ففي مقدّمة الكتاب :

أورد الاعتماد على الأساس الذي اعتبره « منهجاً » لتفكيره ، وهو اثبات « اصل الحاجة » الذي يتوصل به إلى « المعرفة » ولزومها وضرورتها.

١٨

وفي الفصل الأوّل :

وعلى ذلك الأساس ، اثبت وجود الصانع ، وأثبت له الصفات الإلهيّة ، الثبوتيّة الجلاليّة ، والسلبيّة الإكراميّة.

ومهّد في آخر الفصل للحاجة إلى « النبوّة » باعتبارها طريقاً إلى « الكمال » المنشود.

وفي الفصل الثاني :

دخل في بحث « النبوّة » وخصائصها ، ولوازمها.

ومهد في نهايته « للإمامة » باعتبارها استمراراً لأداء مهمة هداية الامة.

وفي الفصل الثالث :

دخل في بحث « الإمامة » وتحديد شرائطها ، وتعيين المتأهّلين لها ، وهم « الأئمة الاثنا عشر » حتّى الإمام الثاني عشر ، الذي أثبت صحّة « غَيْبته » وأسرارها.

وفي نهاية الفصل مهّد للبحث عن « المعاد » وشؤونه ، على أساس أنّ الداعي إلى وجود الإمام ، وهو حفظ النظام ، لا يتمّ الا بثبوت الجزاء ، من ثواب للطاعة ، وعقاب للعصيان ، إلى آخر ما تستتبعه من اُمور.

وفي الفصل الرابع :

يدخل في البحث عن « العدل والوعد والوعيد » وما يترتب على ذلك من شؤون « المعاد ».

مستنداً إلى أنّ « الكمال » البشري المنشود ، لا يتوصّل إليه إلا بوجود

١٩

ذلك ، إذْ لولاه لما استقرَّ للتكليف والنظام أثر منظور ، ولم يفرق بين الحقّ والباطل ، ولا بين المعصية والطاعة ، فلم يتوصّل إلى « الكمال » المنشود.

وهكذا قدم المؤلّف في هذه الرسالة مجموعة موجزة عن « أصول الدين » الاعتقادية : التوحيد والنبوّة والامامة والعدل والمعاد.

٤ ـ أهمية الكتاب :

وبعد الالتفات إلى أن الكتاب واحد من عيون التراث الكلامي في المكتبة الاسلامية.

وواحد من مؤلفات علمائنا ، التي كانت من الكنوز المخفيّة.

فإنّ أهمّيّته ليس في تلك الجوانب ، فحسب ، بل باعتباره دالاً على اتصال حلقات « العقيدة الشيعيّة الامامية » وتواصل حلقاتها المعرفية ، عبر القرون ، إذْ يمثّل هذا الكتاب هذا الفكر في القرن السابع الهجريّ ، وبنفس العمق والقوة والأبعاد التي يتمتّع بها في القرن الحاضر ، والحمد لله.

٥ ـ اسم الكتاب :

جاء في آخر النسخة المعتمدة ما نصّه : نجز تحرير هذه الرسالة ، وهي مختصر « عجالة المعرفة ».

والظاهر أن أضافة كلمة « مختصر » إلى « عجالة المعرفة » أضافةٌ بيانيّة ، أيّ المختصر الذي هو العجالة ، وليست أضافةً لاميّةً حتّى يكون هذا مختصراً لكتاب آخر مسمّى بالعجالة.

إذ لم نجد في ما بأيدينا من مصادر التراث كتاباًَ آخر بهذا الاسم.

كما أنّه يبعده تكرار المؤلّف في هذا الكتاب التعبير بأنّه لا يتحمل التفصيل ، مما يدلّ على أنّ بناءه على الايجاز والاختصار.

مع أنّ لفظة « العجالة » تقتضي أن يكون وضع الكتاب المسمّى بها على

٢٠