الموجز في أصول الفقه

الشيخ جعفر السبحاني

الموجز في أصول الفقه

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١٤
ISBN: 978-964-357-324-9
الصفحات: ٢٤٨

الفصل الأوّل

في الجمع بين الدليلين

أو

التعارض غير المستقر

إذا كان التعارض بين الخبرين تعارضا غير مستقر ، يزول بالتأمّل بحيث لا يعدّ التكلّم بهذا النحو على خلاف الأساليب المعروفة بين المقنّنين وعلماء الحقوق ، بل كان دارجا بينهم، فيقدّم فيه الجمع على التخيير أو الترجيح أو التساقط وهذا هو المراد من قول الأصوليّين : «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» ومقصودهم هو الجمع المطلوب عند أهل الحقوق والقانون بحيث يعد أحد الدليلين قرينة على التصرف في الآخر ، وهذا ما يعبّر عنه بالجمع العرفي ، أو الجمع مع الشاهد في مقابل الجمع التبرّعي الذي يجمع بين الدليلين بلا شاهد وقرينة ، ولأجل ذلك يكون الجمع الأوّل مقبولا والآخر مرفوضا.

وقد بذل الأصوليّون جهودهم في إعطاء ضوابط الجمع المقبول وحصروها في العناوين التالية :

١. التخصّص ، ٢. الورود ، ٣. الحكومة ، ٤. التخصيص ، ٥. تقديم الأظهر على الظاهر.

وإليك تعريف تلك العناوين :

١. التخصّص : هو خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الدليل الآخر

٢٢١

حقيقة وتكوينا ، كقولنا : «الخمر حرام» و «الخل حلال» فالمحمولان وإن كانا متنافيين ، ولكن التنافي بينهما بدويّ يزول بالنظر إلى تغاير الموضوعين.

٢. الورود : هو رفع أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقة ، لكن بعناية من الشارع بحيث لولاها لما كان له هذا الشأن كتقدّم الأمارة على الأصول العملية.

توضيحه : انّ لكلّ من الأصول العملية موضوعا خاصّا.

مثلا موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ، وموضوع الاشتغال هو احتمال العقاب، وموضوع التخيير هو عدم المرجّح ، فإذا قام الدليل القطعي على حجّية الأمارة ارتفع بذلك موضوع الأصل ، فتكون الأمارة بيانا لمورد الشك (في أصل البراءة) ، ورافعا لاحتمال العقاب (في أصالة الاشتغال) ، ومرجحا لأحد الطرفين على الآخر (في أصالة التخيير). كلّ ذلك بفضل جعل الشارع الحجّية للأمارة.

وهذا هو المراد من قولنا : «لكن بعناية الشارع» إذ لولاها لكانت الأمارة في عرض الأصول لعدم افادتها العلم كالأصول ، لكن لما افيضت عليها الحجية من جانب الشارع ، صارت تهدد كيان الأصول لكونها بيانا من الشارع ، ومؤمّنا للعقاب و ... وبذلك يظهر ورود الأمارة على أصالتي الطهارة والحلّية ، لأنّهما مغياة بعدم العلم ، والمراد منه هو الحجّة الشرعية، فالأمارة بما أنّها حجّة شرعية ، دالة على حصول الغاية في قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر» أو قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء حلال حتى تعلم أنّه حرام».

٣. الحكومة : أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الدليل الآخر ومفسرا له ، فيقدّم على الآخر بحكم انّ له تلك الخصوصية ويسمّى الناظر بالحاكم ، والمنظور إليه بالمحكوم ، ويتلخّص النظر في الأقسام التالية :

٢٢٢

أ : التصرف في عقد الوضع بتوسيعه ، قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (المائدة / ٦) فالمتبادر من الصلاة هي الاعمال المعهودة ، فإذا ضمّ إليه قوله عليه‌السلام : «الطواف بالبيت صلاة» يكون حاكما على الآية بتوسيع موضوعها ببيان انّ الطواف على البيت من مصاديق الصلاة فيشترط فيه ما يشترط في الصلاة.

ومثله قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صلاة إلاّ بطهور» الظاهرة في شرطية الطهارة المائية ، فكأنّه قال : «الطهور شرط للصلاة» فإذا قال : التراب أحد الطهورين ، فقد وسّع الموضوع (الطهور) إلى الطهارة الترابية أيضا ، وهذا النوع من التصرّف في عقد الوضع لا يتم إلاّ ادّعاء ، كادّعاء انّ الطواف أو التيمّم صلاة أو طهور.

ب : التصرّف في عقد الوضع بتضييقه ، ويتحقّق ذلك بنفي الموضوع لغاية نفي حكمه كما إذا قال : «لا شكّ لكثير الشك» ، أو قال : «لا شكّ للإمام مع حفظ المأموم» ، أو بالعكس ، وذلك بعد العلم بانّ للشاك أحكاما معينة في الشريعة فهي حاكمة على أحكام الشاكّ ، متصرفة في موضوعها بادّعاء عدم وجود الشك في تلك الموارد الثلاثة ، والغاية هي رفع الحكم برفع الموضوع ادّعاء.

مع أنّ هذه الأمثلة أشبه بالتخصيص ، ولكن الذي يميّزها عن التخصيص هو أنّ لسانها لسان النظارة إلى الدليل الآخر.

ج : التصرّف في عقد الحمل أو متعلّقه بتوسيعه ، فإذا قال : ثوب المصلي يلزم أن يكون طاهرا وقال : «كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر» فقد وسّع متعلّق الحكم إلى الطهارة الثابتة حتى بالأصل.

د : التصرّف في عقد الحمل بتضييقه ، وهذا كقوله سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج / ٧٨) فإنّها بحكم نظرها إلى الأحكام الشرعية المترتبة على العناوين الأوّلية تضيق محمولاتها ويخصصها بغير صورة الحرج ، ومثله

٢٢٣

قوله : «لا ضرر ولا ضرار» بالنسبة إلى سائر الأحكام فوجوب الوضوء محدد بعدم الحرج والضرر.

والحاصل : أنّ مقوم الحكومة اتخاذ الدليل لنفسه موقف الشرح والتبيين ، فتكون النتيجة إمّا تصرّفا في عقد الوضع ، أو الحمل إمّا بالتوسيع أو بالتضييق. ولكن التعارض ورفعه بالحكومة مختص بصورة التضييق لا التوسيع وليس فيها أيّ تعارض حتى تعالج بالحكومة بخلاف صورة التضييق فالتعارض محقّق لكن يقدم الحاكم على المحكوم في عرف أهل التقنين فلاحظ.

٤. التخصيص : عبارة عن إخراج بعض أفراد العام عن الحكم المحمول عليه مع التحفّظ على الموضوع كما إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم العالم الفاسد ، فهو يشارك الحكومة في بعض أقسامه (القسم الرابع) لكنّه يفارقه بأنّ لسان التخصيص هو رفع الحكم عن بعض أفراد الموضوع ابتداء من دون أن يكون لسانه ، لسان النظارة ، بخلاف الحكومة فإنّ لسانها لسان النظر إمّا إلى المحمول أو إلى الموضوع ، ولذلك ربما يقال بأنّه لو لم يرد من الشارع حكم في المحكوم لم يكن للدليل الحاكم مجال.

٥. تقديم الأظهر على الظاهر ، إذا عدّ أحد الدليلين قرينة على التصرّف في الآخر يقدم ما يصلح للقرينية على الآخر وإن لم يدخل تحت العناوين السابقة ، وهذا ما يسمّى بتقديم الأظهر على الظاهر ولأجل التعرّف على الأظهر والظاهر نذكر أمثلة :

أ : دوران الأمر بين تخصيص العام وتقييد المطلق

إذا دار الأمر بين تخصيص العام وتقييد المطلق ، كما إذا قال المولى : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم الفاسق ، فدار أمر العالم الفاسق بين دخوله تحت الحكم

٢٢٤

الأوّل أو الثاني ، فقد اختار الشيخ الأعظم الأنصاريّ تقديم العام على المطلق ، ولزوم التصرّف في الثاني بتقييد المطلق به ، فتكون النتيجة وجوب إكرام العالم الفاسق ، وما هذا إلاّ لأنّ دلالة العام على الشمول أظهر من دلالة المطلق عليه.

ب : إذا كان لأحد الدليلين قدر متيقّن

إذا كان لأحد الدليلين قدر متيقّن ، مع تساويهما في الظهور اللفظي وكونهما بصيغة العموم كما إذا قال : أكرم العلماء ثمّ قال : لا تكرم الفسّاق ، فبين الدليلين عموم وخصوص من وجه ، فيتعارضان في مجمع العنوانين : أعني : العالم الفاسق ، فيجب إكرامه على الأوّل ويحرم على الثاني ولكن علمنا من حال المتكلّم أنّه يبغض العالم الفاسق ، فهو قرينة على تقديم عموم النهي على عموم الأمر ، فيكون مجمع العنوانين (العالم الفاسق) محرّم الإكرام.

ج : دوران الأمر بين التقييد والحمل على الاستحباب

إذا قال الشارع إذا أفطرت فاعتق رقبة ، ثمّ ورد بعد مدّة إذا أفطرت فاعتق رقبة مؤمنة، فيدور الأمر بين حمل المطلق على المقيد ، أو حمل الأمر المتعلّق بالمقيّد على الاستحباب ، فربما يقدّم الأوّل على الثاني لشيوع التقييد ، وربما يرجح العكس لشيوع استعمال الأوامر على لسان الشارع في الاستحباب. وقد مرّ تفصيله في المقصد الخامس عند البحث في المطلق والمقيّد.

ويدلّ على هذا النوع من الجمع طائفة من الروايات منها :

ما روى داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، انّ الكلمة لتنصرف على وجوه لو شاء إنسان لصرف كلامه حيث يشاء». (١)

__________________

(١) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.

٢٢٥

وهذا الحديث يحث على التأمّل والتدبّر في الأحاديث المروية ، حتى لا يتسرّع السامع باتّهامها بالتعارض بمجرد السماع ، دون التدبّر في أطرافها.

فتلخّص أنّ التنافي غير المستقر يرتفع بأحد الأمور الخمسة التي أشرنا إليها ، بقي الكلام في التنافي المستقر وهو الذي نبحث عنه في الفصل التالي.

الفصل الثاني

التعارض المستقر

أو إعمال الترجيح والتخيير

إذا كان هناك بين الدليلين تناف وتدافع في المدلول على وجه لا يمكن الجمع بينهما جمعا عرفيا مقبولا عند أهل التقنين ، فيقع البحث في أمور :

الأوّل : ما هي القاعدة الأوّلية عند التعارض؟

لا شكّ أنّ الأخبار حجّة من باب الطريقية بمعنى أنّها الموصلة إلى الواقع في كثير من الأحيان ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر أنّ دليل حجية قول الثقة منحصرة في السيرة العقلائية عند المحقّقين ، وبما أنّ السيرة دليل لبّي يؤخذ بالقدر المتيقّن منه لعدم وجود لسان لفظي لها حتى يؤخذ بإطلاقه ، والقدر المتيقّن من السيرة في مورد حجّية قول الثقة هي صورة عدم التعارض ، فتكون القاعدة الأوّلية هي سقوط الخبرين المتعارضين عن الحجّية. لما مضى من أنّ الشكّ في الحجّية يساوق القطع بعدمها.

٢٢٦

الثاني : ما هي القاعدة الثانوية عند التعارض؟

قد وقفت على أنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في الخبرين المتعارضين هو التساقط ، فلو ثبت شيء على خلاف تلك القاعدة نأخذ به ، وإلاّ فهي محكّمة.

فنقول : إنّ الخبرين المتعارضين على صورتين :

أ : الخبران المتكافئان اللّذان لا مزيّة لأحدهما توجب ترجيحه على الآخر.

ب : الخبران المتعارضان اللّذان في أحدهما مزيّة توجب ترجيحه على الآخر.

وإليك الكلام في كلا القسمين :

الصورة الأولى : الخبران المتعارضان المتكافئان

إذا ورد خبران متعارضان متكافئان من دون مزية لأحدهما على الآخر (١) فقد استفاضت الروايات على التخيير بينهما ، فمنها :

١. ما روى الطبرسي في «الاحتجاج» عن الحسن بن الجهم (٢) قال : قلت له تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، فقال : «ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزّ وجلّ وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا» ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحق؟ قال : «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت». (٣)

٢. ما رواه الشيخ في «التهذيب» ، عن علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب

__________________

(١) سيوافيك أنّ أخبار التخيير محمولة على صورة التكافؤ.

(٢) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الشيباني ، ترجمه النجاشي برقم ١٠٨ ، وقال : ثقة ، روى عن أبي الحسن والرضا عليهما‌السلام.

(٣) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.

٢٢٧

لعبد الله بن محمد ، إلى أبي الحسن عليه‌السلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم : صلّها في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّها إلاّ على الأرض ، فقال عليه‌السلام : «موسّع عليك بأيّة عملت». (١)

والرواية بقرينة قوله : «موسّع عليك بأيّة عملت» ناظرة إلى الأخبار المتعارضة ، نعم موردها هي الأمور المستحبّة ، والتخيير في المستحبات لا يكون دليلا على التخيير في الواجبات ، لأنّ للأولى مراتب مختلفة في الفضيلة ، فيصح التخيير بين درجاتها ، وهذا بخلاف الواجبات ، فإنّ أحد الطرفين تعلّق به الأمر دون الآخر.

هل التخيير بدوي أو استمراري؟

إذا ورد خبران متعارضان متكافئان ، فهل التخيير بينهما بدوي أو استمراري بمعنى أنّه له اختيار غير ما اختاره في الواقعة الأولى؟ والحقّ أنّه بدوي ، وقد سبق بيانه في مبحث الاشتغال ، وذكرنا فيه أنّ المخالفة القطعية العملية للعلم الإجمالي قبيح وحرام ، من غير فرق بين أن تكون المخالفة دفعية أو تدريجية ، فإذا أخذ بأحد الخبرين في واقعة ، والخبر الآخر في واقعة أخرى ، فقد علم بالمخالفة العملية امّا بعمله هذا أو بما سبق.

ما هو مرجع الروايات الآمرة بالتوقّف؟

هناك روايات تأمر بالتوقف والصبر إلى لقاء الإمام ، أو من يخبر بحقيقة الحال من بطانة علومهم عليهم‌السلام ومعها كيف يكون التكليف هو التخيير بين الخبرين المختلفين؟

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٤.

٢٢٨

روى الكليني ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال : «يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه». (١)

وفي مقبولة عمر بن حنظلة المعروفة حينما انتهى السائل إلى مساواة الخبرين في المرجّحات قال : «إذا كان ذلك فارجئه حتى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات». (٢)

والأوّل يأمر بالتوقّف منذ بدء الأمر ، والآخر يأمر به بعد مساواتهما في المرجحات ، وعلى كلّ تقدير ينفيان التخيير.

والجواب : أنّ هذا القسم من الروايات محمول على صورة التمكن من لقاء الإمام ، أو من لقاء بطانة علومهم ، ويشهد لهذا الجمع نفس الحديثين ، ففي الأوّل : «يرجئه حتى يلقى من يخبره» أي يخبره بحقيقة الحال وما هو الصحيح من الخبرين ، وفي الثاني : «فارجئه حتى تلقى إمامك» ومن لاحظ الروايات الآمرة بالتوقّف يلمس ذلك ، فإنّ من الرواة من كان يتمكن من لقاء الإمام والسماع منه ، ومنهم من لم يكن متمكنّا من لقائه عليه‌السلام إلاّ ببذل مؤن ، وقطع مسافة بعيدة ، فالأمر بالتوقّف راجع إلى المتمكّن ، والأمر بالتخيير إلى الثاني.

الصورة الثانية : الخبران المتعارضان غير المتكافئين

إذا كان هناك خبران ، أو أخبار متعارضة ، ويكون لأحدهما ترجيح على الآخر ؛ فيقع الكلام في الأمور الثلاثة :

__________________

(١ و ٢). الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥ ، ١. ولاحظ الحديث ٤٢ و ٣٦ من هذا الباب.

٢٢٩

١. التعرّف على هذه المرجّحات.

٢. هل الأخذ بذي المزيّة واجب أو راجح؟

٣. هل يقتصر على المنصوص من المرجّحات أو يتعدى غيره؟

ولنتناول البحث في كل واحد منها.

الأمر الأوّل : في بيان المرجّحات الخبرية

نستعرض في هذا الأمر المرجّحات الخبرية ـ عندنا ـ أو ما قيل إنّها من المرجّحات الخبرية وهي أمور :

أ. الترجيح بصفات الراوي

قد ورد الترجيح بصفات الراوي ، مثل الأعدليّة والأفقهية والأصدقية والأورعية ، في غير واحد من الروايات التي نذكر بعضها.

روى الكليني بسند صحيح ، عن عمر بن حنظلة (١) قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين ، أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان ، وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال : «من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا ، وإن كان حقا ثابتا له ، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ، وما أمر الله أن يكفر به ، قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(٢)».

قلت : فكيف يصنعان؟ قال : «ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا

__________________

(١) عمر بن حنظلة وإن لم يوثق في المصادر الرجاليّة ، لكن الأصحاب تلقّوا روايته هذه بالقبول وـ لذا ـ سمّيت بالمقبولة ، واعتمدوا عليها في باب القضاء ، والحديث مفصّل ذكرناه في مقاطع أربعة فلا تغفل.

(٢) النساء / ٦٠.

٢٣٠

ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنّما استخف بحكم الله وعلينا ردّ ، والراد علينا ، راد على الله وهو على حدّ الشرك بالله».

قلت : فإن كان كلّ رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم ، فقال : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر». (١)

إنّ هذا القسم من الترجيح قد ورد في غير واحد من الروايات (٢) لكن الجميع راجع إلى ترجيح حكم أحد القاضيين على حكم القاضي الآخر ، ومن المحتمل جدا اختصاص الترجيح به لمورد الحكومة ، حتى يرتفع النزاع وتفصل الخصومة ، ولا دليل على التعدي منه إلى غيره ، وذلك لأنّه لمّا كان إيقاف الواقعة وعدم صدور الحكم ، غير خال من المفسدة ، أمر الإمام بإعمال المرجحات حتى يرتفع النزاع.

نعم ورد الترجيح بصفات الراوي في مورد تعارض الخبرين ، فيما رواه ابن أبي جمهور الاحسائي ، عن العلاّمة ، مرفوعا إلى زرارة ، لكن الرواية فاقدة للسند ، يرويها ابن أبي جمهور الاحسائي (المتوفّى حوالي سنة ٩٠٠ ه‍) ، عن العلاّمة (المتوفّى عام ٧٢٦ ه‍)، عن زرارة (المتوفّى عام ١٥٠ ه‍) ، ومثل هذا الحديث لا يصحّ الاحتجاج به أبدا ، ولأجل ذلك، لم نعتمد عليها. وعلى ذلك ليس هنا دليل صالح لوجوب الترجيح بصفات الراوي.

__________________

(١) الكافي : ١ / ٦٨ ، ط دار الكتب الإسلامية.

(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠ رواية داود بن الحصين و ٤٥ ، رواية موسى بن أكيل.

٢٣١

ب : الترجيح بالشهرة العمليّة

قد ورد الترجيح بالشهرة العملية ، أي عمل جلّ الأصحاب بإحدى الروايتين ، دون الرواية الأخرى ، في المقبولة السابقة ، فقد طرح عمر بن حنظلة مساواة الراويين في الصفات قائلا : «فقلت : إنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضّل واحد منهما على الآخر، قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا ـ في ذلك الذي حكما به ـ المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فانّ المجمع عليه لا ريب فيه.

إنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله». (١)

يلاحظ على الاستدلال بأنّه : يحتمل جدا اختصاص الترجيح بالشهرة العملية بمورد القضاء وفصل الخصومة الذي لا يصحّ فيه إيقاف الحكم فيرجّح أحد الراويين على الآخر بملاحظة مصدره ، وأمّا لزوم الترجيح بها أيضا في تعارض الخبرين في مقام الإفتاء ، فغير ظاهر من الحديث ، لا يثبته ولا ينفيه ، إلا إذا قيل بإلغاء الخصوصية بين المقامين عرفا.

ج : الترجيح بموافقة الكتاب

إنّ الإمعان في المقبولة يثبت انّ صدر الحديث بصدد بيان مرجحات القضاء ، لكن السائل لمّا وقف على أنّ الإمام عليه‌السلام يقدّم رأي أحد القاضيين على

__________________

(١) الكافي : ١ / ٦٨.

٢٣٢

الآخر بحجّة أنّ مستند أحدهما هو الخبر المجمع عليه ، بدا له أن يسأله عن تعارض الخبرين ومرجّحاتهما مع قطع النظر عن كونهما مصدرا للقضاء وقال : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟

قال : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة (وخالف العامة) فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة (ووافق العامة)». (١)

ويدلّ على الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة غير واحد من الروايات : روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه». (٢)

ثمّ إنّه ليس المراد من مخالفة الكتاب هو المخالفة بالتناقض والتباين الكلّي ، لأنّ عدم حجية المباين الصريح معلوم لا يحتاج إلى البيان أوّلا ، ولا يضعه الوضّاعون ثانيا ، لأنّه يواجه من أوّل الأمر بالنقد والرد بأنّه كذب موضوع على لسان الإمام.

فإذن المراد من مخالفة الكتاب هو المخالفة بمثل العموم والخصوص ، فلو كان أحد الخبرين موافقا لعموم الكتاب والآخر مخالفا له بنحو التخصيص يؤخذ بالأوّل دون الثاني ، وإن كان المخالف (الخاص) حجّة يخصص به الكتاب إذا لم يكن مبتلى بالمعارض.

__________________

(١) أخذنا الرواية من كتاب الكافي : ١ / ٦٧ ، الحديث ١٠ ، لأنّ صاحب الوسائل جزّأها على عدّة أبواب.

(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ؛ ولاحظ أيضا الحديث ٢١ و ٢٠ من هذا الباب.

٢٣٣

د : الترجيح بمخالفة العامة

روى عمر بن حنظلة ، قال : قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : «ما خالف العامة ففيه الرشاد».

فقلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا ، قال : «ينظر إلى ما هم إليه أميل ـ حكّامهم وقضاتهم ـ فيترك ويؤخذ بالآخر». (١)

ويدلّ عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله (البصري) قال : قال الصادقعليه‌السلام : «فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه». (٢)

كلّ ذلك يكشف عن صدور الموافق تقيّة دون المخالف.

وجه الإفتاء بالتقية

إنّ أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام كانوا يفتون بالتقية خوفا من شرّ السلطان أوّلا ، وفقهاء السلطة ثانيا ، والمحافظة على نفوس شيعتهم ثالثا ، وكان العامل الثالث من أكثر الدواعي إلى الإفتاء بها ، وكفانا في ذلك ما جمعه المحدّث البحراني في هذا الصدد ، في مقدّمة حدائقه. (٣)

إنّ الرواة كانوا على علم بأنّ الإمام ربما يفتي في مكاتيبه بالتقيّة بشهادة ما

__________________

(١) مضى مصدر الرواية.

(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ؛ لاحظ الحديث ٢١ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٨ من ذلك الباب.

(٣) الحدائق : ١ / ٥ ـ ٨.

٢٣٤

رواه الصدوق باسناده عن يحيى بن أبي عمران أنّه قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في السنجاب والفنك والخز ، وقلت : جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك ، فكتب إليّ بخطّه : «صلّ فيها». (١)

لم يكن للإمام بد ، من إعمالها لصيانة دمه ودم شيعته حتى نرى أنّه ربما كان يذم أخلص شيعته ، كزرارة في غير واحد من المحافل حتى لا يؤخذ ويضرب عنقه بحجّة أنّه من شيعة أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام.

وكانت بطانة علومه وخاصة شيعته يميزون الحكم الصادر عن تقية ، عن الحكم الصادر لبيان الواقع عند ما كانت تصل إليهم أجوبة الإمام ، فإن كان على وجه التقية يقولون لمن جاء به : «أعطاك من جراب النورة» وعند ما كان يفتي بالحكم الواقعي يقولون: «أعطاك من عين صافية».

الأمر الثاني : الأخذ بالمرجحات لازم

لا شك انّ من رجع إلى لسان الروايات يقف على لزوم العمل بالمرجحات ، ولا يمكن حملها على الاستحباب إذ كيف يمكن حمل الأمر في قوله عليه‌السلام : «ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه» على الاستحباب ، وقد سبق أنّ الأمر حجّة من المولى على العبد ، فليس له ترك العمل إلاّ بحجّة أخرى.

وأمّا ما هو ترتيب العمل بالمرجحات ، فهل يقدّم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بمخالفة العامة أو لا؟

الجواب : انّ المستفاد من رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله هو تقديم

__________________

(١) الوسائل : الجزء ٣ ، الباب ٣ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٦.

٢٣٥

الترجيح بالأوّل على الثاني وقد مضى نصها. (١)

الأمر الثالث : التعدّي من المنصوص إلى غير المنصوص

قد عرفت أنّ المنصوص من المرجحات لا يتجاوز الاثنين «موافقة الكتاب ومخالفة العامة» ، وهل يجب الاقتصار عليهما ، والرجوع في غيرهما إلى أخبار التخيير ، أو يجوز التعدّي من المنصوص إلى غيره ، فيعمل بكل خبر ذي مزية ، ولا تصل النوبة إلى أخبار التخيير إلاّ بعد تساوي الخبرين في كلّ مزيّة توجب أقربية أحدهما إلى الواقع؟

الحقّ هو الأوّل : لأنّ إطلاق أخبار التخيير يفرض علينا التخيير في مطلق المتعارضين، سواء كانا متكافئين أم غير متكافئين ، خرجنا عن إطلاقها بروايات الترجيح ، وأمّا في غير موردها فالمحكّم هو أخبار التخيير ، فلو كان في أحد الطرفين مزيّة غير منصوصة ، فالتخيير هو المحكّم.

* * *

النتائج المحصلة

قد خرجنا من هذا البحث الضافي في هذا المقصد بالنتائج التالية :

١. إذا كان التنافي بين الخبرين أمرا غير مستقرّ ، يزول بالتدبّر ، فهو خارج عن باب التعارض ، وداخل في باب الجمع الدلاليّ بين الخبرين.

٢. أنّ القاعدة الأوّلية في الخبرين المتعارضين اللّذين يكون التنافي بينهما أمرا مستقرا ، هو التساقط والرجوع إلى دليل آخر ، كالعمومات والإطلاقات إن وجدت ،

__________________

(١) لاحظ صفحة ٢٣٣ من هذا الكتاب.

٢٣٦

وإلاّ فالأصل العملي ، لكن خرجنا عن تلك القاعدة بأخبار التخيير.

٣. انّ مقتضى أخبار التخيير وإن كان هو التخيير بين الخبرين مطلقا ، سواء كان هناك ترجيح أو لا ، لكن خرجنا عن مقتضى تلك الأخبار بلزوم إعمال المرجحات المنصوصة فقط دون غيرها. وهي منحصرة في موافقة الكتاب ومخالفة العامة والأوّل مقدم على الثاني.

خاتمة المطاف

التعارض على نحو العموم والخصوص من وجه

إنّ التنافي بين الدليلين إذا كان بنحو العموم والخصوص المطلق ، أو المطلق والمقيّد، فقد علمت أنّه من أقسام التعارض غير المستقر وانّه داخل في قاعدة الجمع ، وانّ المرجع هناك هو الجمع بينهما ، بتخصيص العام وتقييد المطلق.

وإذا كان التنافي بينهما بنحو التباين الكلي فالمرجع هو الترجيح ، ثمّ التخيير ، كما إذا ورد في الخبر : «ثمن العذرة سحت» وفي الخبر الآخر : «لا بأس بثمن العذرة».

بقي الكلام فيما إذا كان التعارض بين الدليلين على نحو العموم والخصوص من وجه، كما إذا قال : «أكرم العلماء» ، ثمّ قال : «لا تكرم الفسّاق» فيكون العالم الفاسق مجمع العنوانين فيجب إكرامه باعتبار كونه عالما ، ويحرم باعتبار كونه فاسقا ، فما هي الوظيفة؟

وكما إذا ورد دليل يدلّ بإطلاقه على نجاسة عذرة كلّ ما لا يؤكل لحمه ، وورد

٢٣٧

دليل آخر يدلّ بإطلاقه على طهارة عذرة كلّ طائر ، فيكون الطائر غير المأكول مجمع العنوانين ، فهل يحكم بنجاسة عذرته بحكم الدليل الأوّل ، أو بطهارته بحكم الدليل الثاني؟

لا شكّ في انصراف روايات التخيير عن المقام ، لأنّ المتبادر من قوله في رواية الحسن بن الجهم «يجيئنا الرجلان ـ وكلاهما ثقة ـ بحديثين مختلفين» هو اختلافهما في تمام المدلول لا في بعضه ، ولذلك كان منصرفا عمّا إذا كان التنافي بنحو العموم والخصوص المطلق.

فيكون المرجع هو روايات الترجيح ، فلو كان حكم أحد الدليلين في مورد الاجتماع موافقا للكتاب ، دون غيره ، أو مخالفا للعامّة ، فيؤخذ به دون الآخر.

نعم يعمل بهما في موردي الافتراق ولا محذور في ذلك لإمكان أن يكون الإمام في مقام بيان الحكم الواقعي بالنسبة إلى أصل الحكم لا بالنسبة إلى إطلاقه ، وليس الخبر كشهادة الشاهد حيث لا يجوز الأخذ ببعض مدلولها دون بعض.

تمّ الكلام بحمد الله في تعارض الأدلّة

وقع الفراغ من تحرير هذا الكتاب ، ولاح بدر تمامه بيد مؤلّفه جعفر السبحاني

ابن الفقيه الشيخ محمد حسين الخياباني التبريزي ـ قدّس الله سرّه ـ

يوم الأحد الثامن من شهر رجب المرجب

من شهور عام ١٤١٨ من الهجرة النبوية

على هاجرها وآله ألف صلاة وتحية.

٢٣٨

فهرس المحتويات

مقدمة المؤلف................................................................. ٨

المقدمة وفيها أمور............................................................. ٨

الأمر الأوّل : تعريف علم الأصول وموضوعه وغايته................................ ٩

الأمر الثاني : تقسيم مباحثه إلى لفظية وعقلية................................... ١٠

الأمر الثالث : في الوضع وأقسامه الأربعة....................................... ١٠

الأمر الرابع : تقسيم الدلالة إلى تصوّرية وتصديقيّة............................... ١٣

الأمر الخامس : في الحقيقة والمجاز............................................... ١٤

الأمر السادس : علامات الحقيقة والمجاز......................................... ١٥

الأمر السابع : الأصول اللفظية................................................ ١٨

الأمر الثامن : في الاشتراك والترادف............................................ ٢٠

الأمر التاسع : في استعمال المشترك في أكثر من معنى............................. ٢٢

الأمر العاشر : في الحقيقة الشرعية.............................................. ٢٣

الأمر الحادي عشر : الصحيح والأعم.......................................... ٢٤

الأمر الثاني عشر :في المشتق وفيه أمور.......................................... ٢٦

٢٣٩

المقصد الأوّل في الأوامر وفيه فصول      

الفصل الأوّل في مادّة الأمر وفيه مباحث........................................ ٣٢

الفصل الثاني في هيئة الأمر وفيه مباحث........................................ ٣٥

المبحث الأوّل : في بيان مفاد الهيئة............................................. ٣٥

المبحث الثاني : في دلالة هيئة الأمر على الوجوب................................ ٣٧

المبحث الثالث : في استفادة الوجوب من أساليب أخرى.......................... ٣٧

المبحث الرابع : في الأمر عقيب الحظر.......................................... ٣٨

المبحث الخامس : في المرّة والتكرار.............................................. ٣٩

المبحث السادس : الفور والتراخي.............................................. ٣٩

الفصل الثالث في لإجزاء وفيه مباحث.......................................... ٤١

المبحث الأوّل : إجزاء الأمر الواقعي الاضطراري عن الاختياريّ........................

المبحث الثاني : في إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الواقعي......................... ٤٣

الفصل الرابع مقدّمة الواجب.................................................. ٤٥

تقسيمها المقدمة إلى داخلية وخارجية............................................ ٤٥

تقسيمها إلى عقلية وشرعية وعادية............................................. ٤٦

تقسيمها إلى مقدّمة الوجود والصحّة والوجوب والعلم.............................. ٤٦

الرابع : تقسيمها إلى السبب والشرط والمعدّ والمانع................................ ٤٧

تقسيمها إلى مفوّتة وغير مفوّتة................................................. ٤٨

٢٤٠