للزهراء شذى الكلمات

للزهراء شذى الكلمات

المؤلف:


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٥

١
٢

بادئ ذي بدء

الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

تولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام فيولد النور .. لأنّها قبله كانت في الأزل شمساً ساطعة بالخلود ، ولأنّه اقتفى خطاها المقدّسة ظلاًّ لألقها وطهرها ومجدها المضيء ..

والزهراء ـ بعد ـ خلاصة هذا الخلق الذي أحسن الله تكوينه وأفاض عليه من سيمائه .. ووهب له الكون ومخلوقاته .. كائناً قبل الأشياء يمدُّها ببقائها ويختطّ لها مداراتها وحركاتها وصلواتها اللاهثة حول العرش.

الزهراء ـ اذن ـ وآلها الأقدسون نفحة الخلد في هذه الأرض الموهوبة ، وخلاصة الخلافة الإلهية .. تنزّلوا إلى عوالم التراب حتى يصعدوا بها إلى المطلق .. وكان لهم ذلك لو لا بقية الظلام وأخدان الشيطان ومسوخ الخلائق ، ممّن ابت نفوسهم المنكوسة إلاّ عناداً واستكباراً وعداءً ..

فإذا النور البارق في جبين الرسالات مجدّل مسفوح قطيع الوتين ، وإذا الخير يغتاله الفحيح الشرير لظلام أهوج .. وإذا نحن شعراء الولاء الخضيب ننشد بحناجر منكسرة لكنّها واثقة النبرة جهيرة الانتماء للزهراء ومجدها وعنفوانها وطهرها وشذاها الأسنى الذي أنار برهان القلوب وسطع في خلجات الحروف ونمّت عنه الكلمات فرحةً وحزينة ،

٣

حسبها في ذلك ولاؤها ومفاداتها على طول تاريخها الشاخص المرير.

فلك ـ يا زهراء ـ كل هذا الحداء المرّ من محبين شاخصين إلى يومك الموعود حيث تزدهر الفرحة في الوجوه والعيون والشفاه على الكوثر العذب.

وحيث تمرّ الذكرى السنويّة الاُولى لافتتاح مكتبتنا الأدبية المختصّة التابعة لمكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الكبير السيد السيستاني ـ دام ظلّه ـ حاولنا ـ في هذه الإضمامة العاجلة من شعر الولاء للزهراء عليها‌السلام ـ أن نلمّ شتات أصوات غائرة في عمق التاريخ إلى اُخرى جديدة الأصداء طريّة النبرات من شعراء اقتسموا بينهم مدارات المديح والرثاء في آفاق الولاء لأهل بيت الحق والبراءة من أعدائهم .. كلُّ يطير به جناحه الناهض إلى حيث يشاء إلاّ أنّنا أفردنا للماضين الراحلين منهم صدارة الطواف حول الذكرى احتفاءً بسبقهم السابق ، أمّا المعاصرون فما برحت أغلب قصائدهم أبكاراً لم تُجمَع في ديوانٍ أو خلال مطبوعةٍ ممّا سجّل لنا السبق ( اللاحق ) في نشرها .. كانت هذه المجموعة الشعرية ( للزهراء شذى الكلمات ) المهداة إلى اُمّ الحسنين في يوم مولدها العظيم. على أمل ان تسنح الفرص ـ عاجلاً ـ لإدراج كل ما تطاله أيدينا من شعرٍ حولها وحول آلها عليهم‌السلام في أعمالً قادمة أوسع وأثرى .. عسى أن نوفّق لذلك .. والسلام على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودَع فيها ، وعليكم ورحمة الله وبركاته.

مدير المكتبة الأدبية المختصة

فرات الأسدي

جمادى الثانية / ١٤١٩

٤

الصدّيقة

سفيان ابن مصعب العبدي

صدّيقة خُلقت لصدّيق

شريفٍ في المناسبْ

اختاره واختارها

طهرين‌ من دنس المعايب

اسماهما قرناً على

سطر بظل العرش راتب

كان الإله وليّها

وأمينه جبريل ‌خاطب

والمهر خمس الأرض موهوباً

وغالت في المواهب

ونهابها من حمل طوبى

طيّبت تلك المواهب

المشهد الأعلى

السيد الحميري

والله زوّجه الزكية فاطماً

في ظل طوبى مشهدا محضورا

كان الملائك ثم في عدد الحصى

جبريل يخطبهم بها مسرورا

يدعو له ولها وكان دعاؤه

لهما بخير دائماً مذكورا

حتى إذا فرغ الخطيب تتابعت

طوبى تُساقط‌‌‌‌‌‌‌‌‌ لؤلؤاً منثورا

وتهيل ياقوتاً ‌عليهم مرَّة

وتهيل درّاً تارة ‌وشذورا

فترى نساء الحور ينتهبونه

حوراً بذلك يهتدين الحورا

٥

فيكم ودادي

مهيار الديلمي

لئن نام دهري دون‌ المنى

واصبح عن نيلها ‌مقعدي

فملتم بها حسد الفضل عنه

ومن يك خير الورى يُحسدِ

وقلتم بذاك قضى الاجتماع

ألا انما‌ الحق للمفرد

وإرث عليّ لأولاده

إذا آية الإرث لم ‌تفسد

فمن قاعد ‌منهم خائف

ومن ثائر ‌قام لم يسعد

سيعلم من فاطم خصمه

بأي نكال غداً يرتدي

ومَن ساء أحمد يا سبطه

فباء بقتلك ماذا ‌يدي

فداؤك نفسي ومَن لي فدا

ك لو ان مولى بعبد فدي

أنا العبد والاكم عقده

إذا القول بالقلب‌ ‌لم يعقد

وفيكم ودادي‌ وديني‌ معا

وإن‌ كان في فارس مولدي

خصمت ضلالي بكم فاهتديت

ولولاكم لم أكن‌ أهتدي

وجردتموني وقد كنتُ في

يد الشرك كالصارم ‌المغمد

وما زال شعري من نائحٍ

ينقّل فيكم إلى منشد

وما فاتني ‌نصركم باللسان

إذا فاتني‌ نصركم باليد

الحكم والخصم

الصاحب بن عبّاد

سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم

إذا حان معشر التعديلِ

وأبوها وبعلها وبنوها

حولها والخصام غير قليلِ

وتنادي يا رب ذبّح أولادي

لماذا وأنتَ انتَ مديلي

٦

فينادي بمالكٍ ألهبِ النار

وأجّج وخذ بأهل الغلولِ

ويجازي كلِّ بما كان منه

من عقاب التخليد والتنكيل

سبطا محمّد

محمد بن منصور السرخسي

وأراد ربّ العرش أن يلقي بها

شجراً كريم العرق والأغصانِ

فقضى فزوّجها عليّاً انّه

كان الكفي لها بلا نقصانِ

وقضى الإله بان تولّد منهما

ولدان كالقمرين يلتقيانِ

سبطا محمّد الرسول وفلذّتا

كبد البتول كذلك يعتلقانِ

فبني الإمامة والخلافة والهدى

بعد الرسالة ذانك الولدانِ

المم بقبرها

الهبل اليمني

غرسٌ نما في المجد ؛ أورق غصنه

بوداد أبناء النبي ، وأثمرا ..!

شرفي العظيم ، ومفخري ، أنّي لهم

عبدٌ ، وحُقّ بمثل ذا .. أن أفخرا !

لن يعتريني في اقتفاء طريقهم

ريبٌ يصدُّ عن اليقين ولا امترى ..

هذي عقيدتي التي ألقى بها

ربَّ الأنام إذا أتيتُ المحشرا !

إنّي رجوت رضى الإله بحبّهم ،

وجعلتُه لي عندهم أقوى العُرى

يا أيّها الغادي المجدّ بجسرةٍ

يطوي السباسب رائحاً ومبكّرا ؛

جُز بالغريّ ؛ مُسلّماً متواضعاً ،

ولِحُرّ وجهك في ثراه معفّرا ؛

حيث الإمامة ، والوصاية ، والوزارة ، والهدى ، لا شك فيه ولا مرا ؛

٧

والمم بقبر فيه سيدة النساء

بأبي واُمي ؛ ما أبرَّ وأطهرا !

قبّل ثراها عن محب قلبه ..

ما انفكّ جاحم حزنه مُتسعّرا ؛

مُتلهّفٌ غضبان مما نالها ؛

لا يستطيع تجلّداً ، وتصبّرا

حزن البتول

الشيخ صالح الكوّاز

الواثبين لظلم آل محمّد

ومحمّد ملقى بلا تكفينِ

والقائلين لفاطم آذيتنا

في طول نوحٍ دائم وحنين

والقاطعين إراكةً كيما تقيل

بظل أوراق لها وغصون

ومجمّعي حطبٍ على البيت الذي

لم يجتمع لولاه شمل الدين

والداخلين على البتولة بيتها

والمسقطين لها أعزّ جنين

والقائدين إمامهم بنجاده

والطهر تدعو خلفهم برنين

خلّوا ابن عمّي أو لأكشف للدعا

رأسي وأشكو للإله شجوني

ما كان ناقة صالح وفصيلها

بالفضل عندالله إلاّ دوني

ورنت إلى القبر الشريف بمقلة

عبرى وقلب مكمد محزون

قالت وأظفار المصاب بقلبها

ابتاه قلّ على العداة معيني

أبتاه هذا السامري وصحبه

تُبعاً ومال الناس عن هارون

أيّ الرزايا اتقي بتجلّد

هو في النوائب ما حييت قريني

فقدي أبي أم غصب بعلي حقّه

أم كسر ضلعي أم سقوط جنيني

أم أخذهم إرثي وفاضل نحلتي

أم جهلهم قدري وقد عرفوني

قهروا يتيميك الحسين وصنوه

وسألتهم حقّي وقد نهروني

باعوا بضائع مكرهم وبزعمهم

ربحوا وما بالقوم غير غبينِ

٨

البغي الزاحف

السيد حيدر الحلي

وأقسم ما سنَّ الضلال سوى الألى

على اُمّة المختار بغياً تخلّفوا

فيوم غدوا بغياً على دار فاطمٍ

أتت جندهم بالغاضرية تزحف

وقتل ابنها من يوم رضّت ضلوعها

ومن هتكها هتك الفواطم يُعرف

ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا

بهنَّ اُسارى شأنهنّ التلهّف

نقضوا عهد أحمد

الشيخ كاظم الأزري

نقضوا عهد أحمد في أخيه

وأذاقوا البتول ما أشجاها

وهي العروة التي ليس ينجو

غير مستعصم بحبل ولاها

لم يرَ الله للنبوة أجراً

غير حفظ الوداد في قرباها

لستُ أدري إذ روّعت وهي حسرى

عاند القوم بعلها وأباها

يوم جاءت إلى عديّ وتيمٍ

ومن الوجد ما أطال بكاها

فدعت واشتكت إلى الله شجواً

والرّواسي تهتز من شكواها

فاطمأنّت لها القلوب وكادت

أن تزول الأحقاد ممّن حواها

تعظ القوم في أتمِّ خطابٍ

حكت المصطفى به وحكاها

أيها الناس أيّ بنت نبي

عن مواريثه أبوها زواها

كيف يزوي عني تراثي عتيقٌ

باحاديث من لدنه افتراها

أيدي الحوادث

الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء

لكِ الله من قلبٍ بأيدي الحوادثِ

لعبن به الأشجانُ لعبة عابثِ

٩

تمرّ به الأفراح مرّة مسرعٍ

وتوقفه الأتراح وقفة ماكث

تذكّر من أرزاء آل محمّد

مصائب جلّت من قديم وحادث

عشيّة خان المصطفى كل غادر

وبزّ حقوق المرتضى كلّ ناكث

وهاجت على الزهراء بعد محمّد

دفائن أضغان رموها بنابث

فألمها في سوطه كل ظالم

ودافعها عن حقّها كل رافث

وردّ الهدى والدين في الأرض دولة

تداول فيما بينهم كالموارث

فأدلى إلى ( الثاني ) بها شرّ ( أوّل )

ودسّ بها الثاني إلى شرّ ( ثالث )

وما ذاك إلاّ انّهم ما تمسّكوا

من الدين حتى بالحبال الرثايث

إلى ان دبت تسري بسمّ نفاقهم

إلى كربلا رقش الأفاعي النوافث

فاحنت على آل النبيّ بوقعة

بها عاث في شمل الهدى كل عايث

العبرات السخينة

الشيخ سليمان البلادي البحراني

إلى كم ولوع القلب بالغادة الحسنا

وذكرى ليالي وصل بثنةَ أو لبنى

ولو انّها ساوت جناح بعوضة

لما اتخذتها الأولياء لهم سجنا

وفي غدرها بالمصطفى وباله

سلاطينها برهان مقدارها الادنى

لهم سددت من أقوس البغي اسهما

أصمّت وأصمت للهدى القلب والاُذنا

فكم كابد المختار من قومه أذى

يهيج اسى يستغرق السهل والحزنا

قضى نحبه بالسم وهو معالج

على رغم أنف الدين سقماً له أضنى

وقد قلبت ظهر المجنّ لحيدر

فكم زفرة أبدى وكم غصة جنا

ومخدومة الأملاك سيدة النسا

سليلة خير الخلق والدرة الحسنا

أتاحت لها كهف العدى غصص الردى

وذاقت لها سمّاً من الحقد والشحنا

١٠

بضرب وضغط واهتضام ولوعةٍ

وكان حماها العز والأمن والحصنا

على دارها داروا بجزلٍ لحرقها

وكانت بها الأملاك تلتمس الاُذنا

وفي بعلها الهادي استحلوا محرماً

كما حرموها نحلة المصطفى ضغنا

وما برحت من بعد حامي ذمارها

معصبة رأساً ومنهدة ركنا

عليلة جسم للنحول ملازم

لفرط الضنا حتى حكى قلبها المضنا

إذا ذكرت حالاتها في حيوته

تؤجج نار الفقد في قلبها حزنا

فتبكيه والحيطان تبكي لصوتها

فما بقعة إلاّ وعبرتها سخنا

إلى أن أرادت روحها العالم الذي

بدت منه واشتقات لموردها الأسنى

ففارقت الدنيا كراهة لبثها

ورافقت الاُخرى ونعمتها الحسنى

سل أربعاً

الشيخ حسن الحلّي

سل أربعاً فطمت أكنافها السحبُ

عن ساكنيها متى عن اُفقها غربوا

وقائلٍ لي رفّه عن حشاك ولي

وجدٌ إذا ما نزا بالقلب يضطرب

فقلت لم يشجني نأي الخليط ولا

ربع محت رسمه الأعوام والحقب

لكن أذاب فؤادي حادث جللٌ

تُنمى إليه الرزايا حيت تنتسب

يوم قضى المصطفى في صحبه وعلى الأعقاب من بعده أصحابه انقلبوا

قادوا أخاه ورضّوا ضلع بضعتهِ

بجورهم ولها البغضاء قد نصبوا

لم أنسها وهي تنعاه وتندبه

وقلبها بيد الأزراء ملتهب

تقول : يا والدي ضاق الفضاء بنا

لمّا مضيت وحالت دونك الترب

( قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنتَ شاهد هالم تكثر الخطب )

( إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا )

١١

نفوا أخاك علياً عن خلافته

وشيخ تيم عناداً منهم نصبوا

ويل لهم نبذوا القرآن خلفهم

ومزّقوه عناداً بئس ما ارتكبوا

ما راقبوا غضب الجبّار حين إلى المختار أحمد قول الهجر قد نسبوا

الغوا وصاياه في أهليه وانتهبوا

ميراثه وإلى حرمانهم وثبوا

جاروا على ابنته من بعده فغدت

عبرى النواظر حزناً دمعها سرب

وجرّعوها خطوباً لو وقعن على

صم الجبال لأضحت وهي تضطرب

أبضعة الطهر طه نصب أعينهم

بالباب يعصرها الطاغي وما غضبوا

رضّوا أضالعها أجروا مدامعها

أدموا نواظرها ميراثها غصبوا

يا باب فاطم لا طُرقتَ بخيفة

الشيخ محمّد حسن آل سميسم

مَن مبلّع عنّي الزمان عتاباً

ومُقرِّع منّي له أبوابا

يا ويح دهري راح ينزع للأسى

من بعد ما ذقتُ النعيم شرابا

دهرٌ تعامى عن هداهُ كأنّه

أصحاب أحمد أشركوا مُذ غابا

نكصوا على الأعقاب بعد مماته

سيرون في هذا النكوص عقابا

يا باب فاطم لا طُرقت بخيفةٍ

ويدُ الهدى سدلت عليه حجابا

أوَلست أنت بكل آنٍ مهبط

الأملاك فيك تقبِّل الأعتابا

أوْهاً عليك فما استطعت تصدَّهم

لما أتوك بنو الضلال غضابا

نفسي فداك أما علمتَ بفاطمٍ

وقفت وراك توبّخ الأصحابا

أوَ ما رققتَ لضلعها لما انحنى

كسراً وعنه تزجر الخطّابا

أوَ ما درى المسمار حين أصابها

من قبلها قلب النبي أصابا

عتبي على الأعتاب فيها محسن

مُلقىً وما انهالت عليه ترابا

١٢

حتى تواريه لأن لا تستحق ال‍

أقدام منه أضلعاً واِهابا

هو أوّل الشهداء بعد محمّدٍ

ويرى المصاب على الصواب صوابا

ما اسطاع يدفع عن أبيه واُمّه

فمضى لأحمدَ يشتكي الأصحابا

لما عدوا للبيت عدوةَ آمنٍ

من ليث غابٍ حين داسوا الغابا

لو ينظرون ذُباب صارم حيدر

لرأيتهم يتطايرون ذُبابا

لكنّهم علِموا الوصية أنّها

صارت لصارمه الصقيل قِرابا

فهناك قد جعلوا النّجاد بعُنق مَن

مدّوا له يوم « الغدير » رِقابا

سحبوه والزهراء تعدو خلفه

والدمع أجرته عليه سحابا

فدعتْهم خلوا ابن عمي حيدرٍ

أو أكشفنَّ إلى الدعاء نِقابا

حاربتم الباري وآل نبيّه

وعصيتُم الأعواد والمحرابا

ونكثتُم كثمود ، هذا صالحٌ

لِمَ تسحبون الصالح الأوّابا

رجعوا إليها بالسياط ليُخمدوا

نور النّبي الساطع الثقّابا

فتهافتوا مثل الفراش ونوره

قد صار دونهم لها جلبابا

رمتها سهام الدهر

الشيخ حبيب شعبان

سقاك الحيال الهطّال يا معهد الألف

ويا جنّة الفردوس دانية القطفِ

أيا منزل الأحباب ما لكَ موحشاً

بزهوتك الأرياح أودت بما تسفي

تعفّيت يا ربع الأحبّة بعدهم

فذكّرتني قبر البتولة إذ عفّي

رمتها سهام الدهر وهي صوائب

بشجوٍ إلى ان جرَّعت غصص الحتف

شجاها فراق المصطفى واهتضامها

لدى كلّ رجس من صحابته جلف

لقد بالغوا في هضمها وتحالفوا

عليها وخانوا الله في محكم الصحف

١٣

فآبت وزند الغيظ يقدح في الحشا

تعثَّرُ بالأذيال مثنية العطف

وجاءت إلى الكرار تشكو اهتضامها

ومدّت إليه الطرف خاشعة الطرف

أبا حسن يا راسخ الحلم والحجا

إذا فرّت الأبطال رعباً من الزحف

ويا واحداً أفنى الجموع ولم يزل

بصيحته في الروع يأتي على الألف

أراك تراني وابن تيم وصحبه

يسومونني ما لا أطيق من الخسف

ويلطم عيني نصب عينيك ناصبُ

العداوة لي بالضرب منّيَ يستشفي

فتغضي ولا تنضي حسامك آخذاً

بحقيّ ومنه اليوم قد صفرت كفّي

لِمَن اشتكي إلاّ إليك ومَن به

ألوذُ وهل لي بعد بيتك من كهف

وقد أضرموا النيران فيه واسقطوا

جنيني فواويلاه منهم ويا لهفي

وما برحت مهضومة ذات علّة

تؤرقها البلوى وظالمها مُغفي

إلى ان قضت مكسورة الضلع مسقَطاً

جنينٌ لها بالضرب مسودّة الكتف

المناقب الغر

الشيخ حبيب شعبان

هي الغيد تسقى من لواحظها خمرا

لذلك لا تنفك عشاقها سكرى

واصفي ودادي للديار وأهلها

فيسلو فؤادي ودّ فاطمة الزهرا

وقد فرض الرحمان في الذكر ودّها

وللمصطفى كانت مودتها أجرا

وزوّجها فوق السما من أمينه

عليٍ فزادت فوق مفخرها فخرا

وكان شهود العقد سكّان عرشه

وكان جنان الخلد منه لها مهرا

فلم ترض إلاّ ان يشفّعها بمَن

تحب فأعطاها الشفاعة في الأخرى

حبيبة خير الرسل ما بين أهله

يقبّلها شوقاً ويوسعها بشرا

ومهما لريح الجنة اشتاق شمّها

فينشق منها ذلك العطر والبشرا

١٤

إذا هي في المحراب قامت فنورها

بزهرته يحكي لأهل السما الزهرا

وانسية حوراء فالحورُ كلّها

وصائفها يعددن خدمتها فخرا

وان نساء العالمين إماءَ‌ها

بها شرفت منهنّ من شرفت قدرا

فلم يكُ لولاها نصيبٌ من العلا

لاُنثى ولا كانت خديجة بالكبرى

لقد خصّها الباري بغرّ مناقبٍ

تجلّت وجلّت ان نطيق لها حصرا

وكيف تحيط اللسن وصفاً بكنهِ من

أحاطت بما يأتي وما قد مضى خبرا

وما خفيت فضلاً على كل مسلمٍ

فياليت شعري كيف قد خفيت قبرا

وما شيّع الأصحاب سامي نعشها

وما ضرّهم ان يغنموا الفضل والأجرا

لها الله من مظلومة كم ظلامة

لديك لها لا تستطيع لها حصرا

وأفجع ما قاسته منك وكلها

فجائع ان ارقيت صدر ابنها شمرا

النجم المشرق

الدكتور محمد اقبال اللاهوري

نسب المسيح بنى لمريم سيرةً

بقيت على طول المدى ذكراها

والنجم يشرق من ثلاث مطالع

في مهد فاطمة فما أعلاها

هي بنت مَن، هي زوج مَن، هي اُمّ مَن ؟

مَن ذا يداني في الفخار أباها

هي ومضة من نور عين المصطفى

هادي الشعوب إذا تروم هداها

هي رحمة للعالمين وكعبة الآمال

في الدنيا وفي اُخراها

مَن أيقظ الفطر النيام بروحه

وكأنّه بعد البلى أحياها

وأعاد تاريخ الحياة جديدة

مثل العرائس في جديد حلاها

ولزوج فاطمة بسورة هل أتى

تاجٌ يفوق الشمس عند ضحاها

١٥

ما بال عينيك

السيد مهدي الأعرجي

ما بال عينيك دماً تنسكب

ونار أحشاك اسى تلتهبُ

يوم قضى فيه النبي نحبه

فضلَّت الدنيا له تنتحبُ

وانقلب الناس على أعقابهم

ولن يضرَّ الله مَن ينقلبُ

وأقبلوا إلى ( البتول ) عنوة

وحول دارها أُدير الحطبُ

فاستقبلتهم ( فاطم ) وظنّها

إن كلّمتهم رجعوا وانقلبوا

حتى إذا خلت عن الباب وقد

لاذت وراها منهمُ تحتجبُ

فكسّروا أضلاعها واغتصبوا

ميراثها وللشهور كذّبوا

وأخرجوا ( الكرار ) من منزله

وهو ببند سيفه ملببُ

يصيح أين اليوم منّي ( حمزة )

ينصرني و ( جعفر ) فيغضبُ

وخلفهم ( فاطمة ) تعثر في

أذيالها وقلبها منشعبُ

تصيح خلّوا عن ( علي ) قبل أن

أدعو وفيكم أرضكم تنقلبُ

فأقبل العبد لها يضربها

بالسوط وهي بالنبيّ تندبُ

يا والدي هذا ( علي ) بعد

عينيك على اغتصابه تألّبوا

واعتزلوا جانباً وأمّروا ضئيل تيم بعده ونصّبوا

تجاهلوا مقامه وهو الذي

بسيفه في الحرب قُدّ ( مرحبُ )

ولو تراني والعدى تحالفوا

عليّ لمّا غيّبتك التربُ

وجرّعوني صحبك الصاب وقد

تراكمت منهم عليّ الكربُ

ولم تزل تجرع منهم غصصاً

تندكّ منها الراسيات الهضبُ

حتى قضت بحسرة مهضومة

حقوقها وفيئها مستلبُ

وأخرج الكرار ليلاً نعشها

و ( زينب ) خلفهم تنتحبُ

١٦

من الأنوار القدسية

الشيخ محمد حسين الاصفهاني

جوهرةُ القدس من الكنز الخفي

بدت فابدت عاليات الأحرفِ

وقد تجلّى من سماء العظمه

من عالم الأسماء اسمى كَلِمَهْ

بل هي اُمّ الكلمات المحكمه

في غيب ذاتها نكات مبهمه

اُمّ الأئمة العقول الغرَّ بلْ

اُمّ أبيها وهو علة العللْ

روحُ النبيّ في عظيم المنزلةْ

وفي الكفاء كفو من لا كفوَ لهْ

هي البتول الطهر والعذراء

كمريم الطهر ولا سواء

فانّها سيدة النساء

ومريم الكبرى بلا خفاء

وحبها من الصفات العالية

عليه دارت القرون الخالية

تبتّلت عن دنس الطبيعة

فيا لها من رتبةٍ رفيعة

في اُفق المجد هي الزهراء

للشمس من زهرتها الضياء

بل هي نورُ عالم الأنوارِ

ومطلع الشموس والاقمارِ

رضيعة الوحي من الجليل

حليفة المحكم والتنزيل

مفطومة من زلل الأهواء

معصومة عن وصمة الأخطاء

زكية من وصمة القيود

فهي غنية من الحدود

يا قبلة الأرواح والعقول

وكعبة الشهود والوصول

لهفي لها لقد اُضيع قدرُها

حتى توارى بالحجاب بدرها

تجرّعت من غصص الزمان

ما جاوز الحدَّ من البيانِ

إنّ حديث الباب ذو شجون

ممّا جنت به يد الخؤنِ

أيضرم النار بباب دارها

وآية النور على منارِها

وبابها باب نبي الرحمة

وباب أبواب نجاة الاُمّة

بل بابها باب العليّ الأعلى

فثم وجه الله قد تجلّى

ما اكتسبوا بالنار غير العار

ومن ورائه عذاب النار

١٧

ما أجهل القوم فانّ النار لا

تطفيء نور الله جلَّ وعلا

لكنّ كسر الضلع ليس ينجبرْ

إلاّ بصمصام عزيزٍ مقتدر

إذ رضّ تلك الأضلع الزكية

رزية لا مثلها رزيهْ

ومن نبوع الدم من ثدييها

يعرف عُظم ما جرى عليها

وجاوزوا الحدّ بلطمِ الخدِّ

شُلّت يد الطغيان والتعدي

فأجرت العين وعينُ المعرفة

تذرفُ بالدمع على تلك الصفة

ولا يزيلُ حمرة العينِ سوى

بيضُ السيوف يومَ يُنشرُ اللوى

ومن سواد متنها اسودّ الفضا

يا ساعدَ الله الإمام المرتضى

ووكز نعل السيف في جنبيها

أتى بكلّ ما أتى عليها

ولست أدري خبر المسمار

سلْ صدرها خُزانة الأسرار

وفي جنين المجد ما يُدمي الحشا

وهل لهم إخفاء أمرٍ قد فشى

والبابُ والجدار والدماءُ

شهود صدقٍ ما به خفاءُ

لقد جنى الجاني على جنينها

فاندكّت الجبال من حنينها

أهكذا يُصنع بابنة النبي

حرصاً على المُلك فيا للعجب

أتُمنع المكروبةُ المقروحة

عن البكا خوفاً من الفضيحة

تاللهِ ينبغي لها تبكي دما

ما دامت الأرض ودارتِ السما

لفقد عزِّها أبيها السامي

ولاهتضامها وذلَِّ الحام

قل للبتول

الشيخ عبد الحسين صادق العاملي

خذ في مديحك للبتول

حظّين من عرضٍ وطولِ

قل للقريحة في مهذب

مدحة فيضي وسيلي

ولفيك قل : فه في حديثك

غير محسور كَليلِ

١٨

قل : للبتول عظيم فضل

لم يُدنَّس بالفضولِ

هي قبل كلّ مكوّنٍ

قنديل عرش للجليلِ

هي صفوة للخلق سيدة

النسا في كلّ جيلِ

هي للقبيل عقيلة

ومليكة هي للعقولِ

هي للنبي وللوصي

وللزكي وللقتيلِ

مقرونة في عصمة

عن كلّ مذموم وبيلِ

هي لبوة نبويّة

محجوبة في خير غيلِ

سكن لحيدرة وحيدرة

هزبرٌ للرسولِ

الشكوى والدموع

السيد كاظم الأمين

يا صاحبي كن من الدنيا على وجلِ

وخالف النفس واحذر كاذب الأملِ

فما أرى هذه الدنيا وان عطفت

سوى عدو بثوب الغدر مشتمل

وقد أعود على نفسي بتسلية

فيما نعانيه من أيامنا الفصل

بأهل بيت الهدى كم كابدوا محنا

تزول شمّ الرواسي وهي لم تزل

وكم دماء لهم عند العدى هدر

يحول صبغ الليالي وهي لم تحل

اليّةً برة بالبيت والحرم الشريف والقبر مثوى خاتم الرسل

لقد تزلزلت السبع الطباق وما

على البسيطة من سهل ومن جبل

غداة اجهشت الزهراء معلنة الشكوى بدمع من الأحشاء منهمل

وربّ دمع لها من بعد ذاك جرى

على قتيل بأرض الطف منجدل

الله يعلم ما تلك الدماء جرت

بالطف إلاّ بتمهيد من الأول

فسوف يعلم أقوام منازلهم

وما أعدّ لهم فيها من النزل

١٩

يعزّ على الرسول

الشيخ محمّد علي اليعقوبي

ترك الصبا لك والصبابه

صبّ كفاه ما أصابه

ولقد يعزّ على رسول

الله ما جنت الصحابه

قد مات فانتقلبوا على

الأعقاب لم يخشوا عقابه

منعوا البتولة ان تنوح

عليه أو تبكي مصابه

نعش النبي أمامهم

ووراءهم نبذوا كتابه

لم يحفظوا للمرتضى

رحم النبوة والقرابه

لو لم يكن خير الورى

بعد النبي لما استنابه

قد أطفأوا نور الهدى

مذ أضرموا بالنار بابه

أسد الإله فكيف قد

ولجت ذئاب القوم بابه

في أيّ حكم قد أباحوا

ارث فاطم واغتصابه

بيت النبوة بيتها

شادت يد الباري قبابه

أذِنَ الإله برفعه

والقوم قد هتكوا حجابه

بأبي وديعة أحمد

جرعاً سقاها الظلم صابه

عاشت معصّبة الجبين

تئنّ من تلك ( العصابة )

حتى قضت وعيونها

عبرى ومهجتها مذابه

وأمضّ خطب في حشا الا

سلام قد أورى التهابه

بالليل واراها الوصيّ

وقبرها عفّى ترابه

مولد الزهراء

السيد محمّد جمال الهاشمي

مولدُ الزهراء للإيمان عيدُ

كلّ شيعي بذكراه سعيدُ

ذكرياتُ الفجر في مطلعه

تتجلّى ، ولنا فيه عَهودُ

٢٠