دروس في البلاغة - ج ١

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في البلاغة - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٤

المفهوم عرفا لا صاغة الدّنيا ، قيل : المثال مبنيّ على مذهب المازنيّ (١) وإلّا (٢) فاللّام في اسم الفاعل عند غيره (٣) موصول ، وفيه (٤) نظر ، لأنّ الخلاف إنّما هو في اسم الفاعل والمفعول بمعنى الحدوث دون غيره (٥) نحو : المؤمن والكافر والعالم والجاهل (٦) ، لأنّهم (٧) قالوا هذه الصّفة (٨) فعل في صورة الاسم ،

______________________________________________________

(١) حاصل ما قيل : إنّ الصّاغة جمع صائغ ، كقالة جمع قائل ، فيكون اسما فاعلا ، واللّام في اسم الفاعل واسم المفعول اسم موصول وليس حرف تعريف عند غير المازني ، فكان التّمثيل مبنيّا على مذهبه ، لأنّ القائل بأنّ اللّام الدّاخلة على اسمي الفاعل والمفعول حرف تعريف مطلقا ، أي سواء كانا بمعنى الحدوث أم لا ، لا موصولة هو مذهب المازني.

(٢) أي وإن لم يكن مبنيّا على مذهب المازني ، بل على مذهب الجمهور ، فلا يصحّ هذا المثال لأنّه لا يطابق الممثّل ، إذ اللّام الدّاخلة على اسم الفاعل واسم المفعول عندهم موصولة لا حرف تعريف.

(٣) أي غير المازني.

(٤) أي ما قيل : من أنّ الخلاف في اسم الفاعل واسم المفعول مطلقا نظر ، لأنّ الخلاف بين المازني وغيره إنّما هو في اسم الفاعل واسم المفعول بمعنى الحدوث دون غيره حيث إنّ الحدوث بمعنى تجدّد الحدث باعتبار زمانه والحدوث هو معنى الفعل ، ومعلوم أنّ حرف التّعريف لا يدخل على الفعل ولا على ما بمعناه.

(٥) ممّا أريد بهما الدّوام والثّبات ، فاللّام الدّاخلة فيه حرف تعريف اتّفاقا ، لأنّهما حينئذ من جملة الصّفة المشبّهة.

(٦) أمثلة لكون اسم الفاعل بمعنى الدّوام والثّبوت والصّائغ مثلها في عدم الدّلالة على الحدوث ، فاللّام الدّاخلة على اسم الفاعل في هذه الأمثلة ، ومنها الصّائغ حرف تعريف اتّفاقا كما عرفت.

(٧) أي الجمهور وهذا علّة لكون اللّام في اسم الفاعل بمعنى الحدوث موصولة.

(٨) أي اسم الفاعل والمفعول ، وفي بعض النّسخ هذه الصّلة أي صلة اللّام «فعل في صورة الاسم» حيث إنّ الحدوث من معاني الأفعال ، وحرف التّعريف لا يدخل على الفعل.

٣٤١

فلا بدّ فيه (١) من معنى الحدوث ، ولو سلّم (٢) فالمراد تقسيم مطلق الاستغراق سواء كان بحرف التّعريف أو غيره (٣) والموصول أيضا ممّا يأتي للاستغراق نحو : أكرم الّذين يأتونك إلّا زيدا (٤) ، واضرب القاعدين والقائمين إلّا عمرا [واستغراق المفرد (٥)] سواء كان بحرف التّعريف أو غيره (٦) [أشمل] من استغراق المثنّى والمجموع (٧) بمعنى أنّه (٨) يتناول كلّ واحد واحد من الأفراد ، والمثنّى إنّما يتناول كلّ اثنين اثنين

______________________________________________________

(١) أي في الفعل من معنى الحدوث لأنّه معتبر في الفعل ، فعلم من هذا أنّهما لا يكونان فعلين في صورة الاسم إلّا إذا قصد بهما الحدوث وأمّا إذا قصد بهما الدّوام والثّبات كانا اسمين حقيقة ولم يكن أحدهما فعلا في صورة الاسم.

(٢) أي ولو سلّم جريان الخلاف في اسم الفاعل مطلقا أي سواء كان بمعنى الحدوث أو الثّبوت ، وأنّ اللّام في الصّائغ ليست حرف تعريف على مذهب الجمهور ، بل موصولة ، فلا ينافي الاتّفاق لأنّ التّمثيل صحيح على الكلّ لأنّ مراد المصنّف تقسيم مطلق الاستغراق الشّامل لحرف التّعريف والموصول ، لأنّ الموصول أيضا كحرف التّعريف ممّا يأتي للاستغراق فلا حاجة إلى القول بأنّ المثال مبني على قول المازني.

(٣) مثل : كلّ وقاطبة وكافّة والموصول ونحو ذلك ، فالضّمير في قوله : «هو ضربان» راجع إلى مطلق الاستغراق لا إلى الاستغراق المستفاد من اللّام.

(٤) حيث إنّ المراد من الموصول كلّ من يأتي لك بدليل الاستثناء ، وكذلك قوله : «القاعدين والقائمين» حيث تكون اللّام فيهما موصولة فالمعنى اضرب الّذين قعدوا وقاموا.

(٥) المراد بالمفرد ما هو مفرد في المعنى سواء كان مفردا في اللّفظ أيضا أو لا ، كالجمع المحلّى باللّام الّذي بطل فيه معنى الجمعيّة ، نحو : لا أتزوّج النّساء حيث يكون المراد واحدة من النّساء.

(٦) أي سواء كان استغراق المفرد بحرف التّعريف نحو : الرّجل ، «أو غيره» كحرف النّفي في النّكرة ، نحو : لا رجل.

(٧) المراد بالجمع ما كان جمعا بحسب المعنى ، سواء كان جمعا في اللّفظ أيضا أو لا نحو : قوم ورهط.

(٨) أي استغراق المفرد «يتناول كلّ واحد واحد من الأفراد» سواء كان منفردا أو

٣٤٢

والجمع إنّما يتناول كلّ جماعة جماعة [بدليل صحّة لا رجال في الدّار إذا كان فيها رجل أو رجلان دون لا رجل] فإنّه (١) لا يصحّ إذا كان فيها رجل أو رجلان ، وهذا (٢) في النّكرة المنفيّة مسلّم ، وأمّا في المعرّف باللّام فلا (٣) ،

______________________________________________________

من أجزاء التّثنية والجمع ، وكذلك استغراق المثنّى إنّما يتناول اثنين اثنين ، لأنّ الاستغراق معناه شمول أفراد مدلول اللّفظ ، ومدلول صيغة التّثنية هو الاثنان ، كما أنّ مدلول صيغة الجمع هو الجماعة.

لا يقال : إنّا لا نسلّم كون استغراق المفرد أشمل من استغراق التّثنية والجمع ، بل قد يكون الأمر بالعكس ، كما في قولك : هذا الخبر يتّسع كلّ رجال أو رجلين ، فإنّه أشمل من قولك :

هذا الخبر يتّسع كلّ رجل ، لأنّه يلزم من كونه يتّسع الجمع أو التّثنية أن يتّسع الواحد بخلاف العكس. فإنّه يقال : إنّ المراد هو الأشمليّة بحسب الصّدق والمعنى المطابقي ، والأشمليّة في المثالين المذكورين بالالتزام ، وذلك بدليل صدق «لا رجال في الدّار إذا كان فيها» أي في الدّار «رجل أو رجلان دون لا رجل».

(١) أي لا رجل «لا يصحّ» أي لا يصدق إذا كان في الدّار رجل أو رجلان.

(٢) أي كون استغراق المفرد أشمل «في النّكرة المنفيّة مسلّم» فيكون قوله : «وهذا ...» جوابا عن سؤال مقدّر ، حاصل السّؤال : إنّ محلّ كلامنا هو الاستغراق المتولّد من حرف التّعريف ، فلماذا أورد المصنّف البيان بلا الّتي لنفس الجنس ، ولم يرد بحرف التّعريف.

حاصل الجواب : إنّ لا الّتي لنفي الجنس نصّ في الاستغراق بخلاف حرف التّعريف ، فإنّه ظاهر فيه ، ولذا أورد المثال بلا الّتي لنفي الجنس.

(٣) أي فلا نسلّم الشّمول ، ثمّ الاقتصار على المعرّف باللّام ، إنّما هو ، لأنّ الكلام فيه ، وإلّا فالموصول والمضاف كذلك ، وبالجملة إنّ قوله : «لا رجال في الدّار» إذا لم يكن منافيا لخروج الواحد والاثنين مع نصوصيّته في الاستغراق ، فنحو : أكرم العلماء لا يكون منافيا للخروج المذكور بطريق أولى ، بخلاف ما إذا كان المصنّف أورد المثال بالجمع المعرّف باللّام ، فإنّ خروج الواحد والاثنين منه لم يكن دالا على نحو الأولويّة على خروجهما من الجمع الواقع في حيّز لا الّتي لنفي الجنس ، لاحتمال كونه منافيا للخروج من أجل نصوصيّته في الاستغراق.

٣٤٣

بل الجمع المعرّف بلام الاستغراق (١) يتناول كلّ واحد من الأفراد على ما ذكره أكثر أئمّة الأصول والنّحو ودلّ عليه (٢) الاستقراء وأشار إليه (٣) أئمّة التّفسير ، وقد أشبعنا الكلام في هذا المقام في الشّرح (٤). فليطالع ثمّة (٥).

______________________________________________________

(١) نحو : إنّي أحبّ المسلمين إلّا زيدا ، يتناول كلّ فرد من أفراد المسلمين مثل المفرد ، فإنّ المراد كلّ فرد لا كلّ جمع ، وإلّا لقيل إلّا الجمع الفلاني ، لا إلّا زيدا ، فيكون الجمع كالمفرد في الاستغراق كأنّه بطل معنى الجمعيّة.

(٢) أي على التّناول المذكور.

(٣) أي إلى التّناول ، وحاصل اعتراض الشّارح على المصنّف أنّ الجمع يكون مساويا للمفرد في الشّمول ، فلا تصحّ دعوى المصنّف أشمليّة المفرد على الجمع ، فيما إذا كان الجمع معرّفا بلام الاستغراق.

(٤) أي المطوّل.

(٥) أي المطوّل ، حيث أشبع المصنّف الكلام فيه بإيراد الأمثلة والشّواهد الدّالّة على أنّ الجمع المعرّف باللّام مساو للمفرد في الاستغراق ، فالمتحصّل من الجميع أنّ الشّارح استدلّ على التّسوية بوجوه :

الأوّل : إجماع أئمّة الأصول ، فإنّهم قد ذكروا في باب العامّ والخاصّ : إنّ الجمع المعرّف باللّام من ألفاظ العموم ، وأنّه يفيد الاستغراق بحيث لا يخرج عنه الواحد والاثنان.

الثّاني : الاستقراء ، أعني تتبّع موارد استعماله في كلمات العرب ، فإنّهم قد استعملوا في كلامهم المنظوم والمنثور في الاستغراق والشّمول.

الثّالث : اتّفاق أئمّة التّفسير ، حيث إنّهم قد فسّروا الجمع المحلّى باللّام بكلّ فرد فرد من دون كلّ جمع جمع في أيّ موضع وقع في التّنزيل.

الرّابع : صحّة استثناء الفرد أو التّثنية منه على طريقة الاستثناء المتّصل ، ولو كان لاستغراق كلّ جمع جمع ، لما كان الاستثناء صحيحا إلّا على طريقة الاستثناء المنقطع ، لأنّ المستثنى في الاستثناء المتّصل لا بدّ أن يكون من أفراد المستثنى منه عند كون الاستثناء ناظرا إلى العموم ، ومعلوم أنّ الواحد والاثنين ليسا من أفراد الجماعة ، بل إنّما هما من أجزائها.

نعم ، قد يقال في جواب هذا الاعتراض : إنّ المراد بقوله : «واستغراق المفرد أشمل» أنّه قد يكون أشمل في الجملة ، وبه صرّح السّيّد.

٣٤٤

ولمّا كان ههنا مظنّة اعتراض (١) وهو أنّ إفراد الاسم يدلّ على وحدة معناه والاستغراق يدلّ على تعدّده ، وهما (٢) متنافيان.

وأجاب عنه (٣) بقوله : [ولا تنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم لأنّ الحرف] الدّالّ على الاستغراق كحرف النّفي ، ولام التّعريف [إنّما يدخل عليه] أي على الاسم المفرد حال كونه [مجرّدا عن] الدّلالة على [معنى الوحدة]

______________________________________________________

(١) أي لمّا كان في قوله : «واستغراق المفرد أشمل» موضع اعتراض مظنون.

وحاصله :

إنّ إدخال أداة الاستغراق على اسم الجنس المفرد لا يجوز ، لأنّ الاسم المفرد لكونه في مقابل التّثنية والجمع يدلّ بأفراده على وحدة معناه ، وأداة الدّاخلة عليه للاستغراق تدلّ على تعدّده ، ويمتنع أن يكون الشّيء الواحد واحدا ومتعدّدا في حالة واحدة ، فبطل كون المفرد مستغرقا ، لأنّ الوحدة والتّعدّد متنافيان ، فلا يجتمعان.

(٢) أي الوحدة والمتعدّدة.

(٣) أي أجاب المصنّف عن الثّاني ، والاعتراض المذكور بجوابين :

الأوّل : بتسليم أنّ الوحدة تنافي التّعدّد بأن يقول : سلّمنا التّنافي بينهما لكن أداة الاستغراق المفيدة للتّعدّد إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة ، كما أنّ علامة التّثنية والجمع إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة.

الثّاني : بمنع تنافيهما بأن يقول : لا نسلّم أنّ الوحدة تنافي التّعدّد ، لأنّ معنى الوحدة عدم اعتبار اجتماع أمر آخر معه ، والمفرد الدّاخلة عليه أداة الاستغراق معناه كلّ فرد فرد بدلا عن الآخر ، بحيث لا يخرج فرد من الأفراد الّتي يصدق عليها حقيقة أو عرفا ، وهذا لا ينافي الوحدة ، وليس عبارة عن مجموع الأفراد حتّى ينافي هذا ، لكنّ الأولى للمصنّف تقديم الجواب الثّاني على الأوّل ، لأنّ الأوّل بالتّسليم ، والثّاني بالمنع ، والشّأن عند المناظرة تقديم المنع على التّسليم ، ويمكن الجواب عنه بأنّه اختار التّدريج بالإرخاء أوّلا ، وبالرّد ثانيا ، كما في الدّسوقي.

٣٤٥

وامتناع وصفه (١) بنعت الجمع للمحافظة على التّشاكل اللّفظي [ولأنّه] أي المفرد الدّاخل عليه حرف الاستغراق [بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد ولهذا (٢) امتنع وصفه بنعت الجمع] عند الجمهور وإن حكاه (٣) الأخفش في نحو : أهلك النّاس الدّينار الصّفر والدّرهم البيض [وبالإضافة]) أي تعريف المسند إليه بالإضافة إلى شيء من المعارف (٤) [لأنّها] أي الإضافة [أخصر طريق (٥)] إلى إحضاره في ذهن السّامع

______________________________________________________

(١) أي المفرد المعرّف بلام الاستغراق ، هذا الكلام دفع توهّم وهو أنّه إذا كانت أداة الاستغراق لا تدخل على المفرد إلّا بعد تجريده عن معنى الوحدة حتّى لا تتناقض الصّفة ومدلولها ، فلم لا يوصف بنعت الجمع بعد ما عرفت من عرائه من معنى الوحدة.

وملخّص الدّفع : إنّ امتناع وصف المفرد المعرّف بلام الاستغراق بنعت الجمع للمحافظة على التّشاكل اللّفظي بين الصّفة والموصوف ، هذا أوّلا ، وثانيا ما أشار إليه المصنّف بقوله : «ولأنّه» أي المفرد الدّاخل عليه حرف الاستغراق «بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد» فمعنى قولنا : الرّجل كلّ فرد من أفراد الرّجال على سبيل البدل ، لا مجموع الأفراد.

(٢) أي لأجل كون المفرد المستغرق بمعنى كلّ فرد لا مجموع الأفراد امتنع وصفه بصفة الجمع لئلّا يلزم التّنافي بين الصّفة والموصوف ، ف لا يقال : جاءني الرّجل العالمون ، إذ معنى الرّجل كلّ فرد فرد على البدل ، ومعنى العالمون هو مجموع الأفراد ، فقولنا : الرّجل لا ينافي الوحدة ، إلّا أنّ قولنا : العالمون ينافي الوحدة.

(٣) أي حكى الأخفش جواز وصف المفرد المعرّف بلام الاستغراق بصفة الجمع في مثل الدّينار الصّفر ، والدّرهم البيض حيث وقع الجمع ، أعني الصّفر جمع أصفر والبيض جمع أبيض نعتا للدّينار والدّرهم ، وهما يكونان مفردين ، ومثل المعروف في قولهم : أهلك النّاس الدّينار الصّفر والدّرهم البيض.

(٤) أي كالإضافة إلى العلم وذي اللّام واسم الإشارة والموصول.

(٥) أي باعتبار المفهوم الّذي قصد المتكلّم إحضار المسند إليه ، كما في البيت الآتي حيث إنّ مقصوده إحضاره باعتبار كونه مهويّا ليفيد زيادة التّحسّر ، وله طرق ، أعني الّذي أهواه ، ومن أهواه ، وهواي ، وأخصرها الأخير ، فعليه لا يرد أنّ الحكم بكون الإضافة أخصر طريق إنّما يتمّ بالإضافة إلى الموصول ، وأمّا بالإضافة إلى العلم ،

٣٤٦

[نحو : هواي (١)] أي مهويّ (٢) ، وهذا (٣) أخصر من الّذي أهواه ونحو ذلك (٤) ، والاختصار مطلوب (٥) لضيق المقام ، وفرط السّآمة (٦) لكونه (٧) في السّجن والحبيب على الرّحيل [مع الرّكب اليمانين مصعد (٨)] أي مبعد ، ذاهب في الأرض.

______________________________________________________

والضّمير واسم الإشارة ، فلا يتمّ وجه عدم الورود أنّ هذه الأمور من الإضافة بالقياس إلى إحضار ذات المسند إليه ، وإن كانت أخصر ، وأمّا بالنّسبة إلى إحضاره ملبّسا بلباس مهواي ، فلا تكون أخصر بل الأمر بالعكس ، وأنّها أخصر الطّرق الّتي تفيد مقصود المتكلّم بحسب المقام.

(١) من إضافة هوا ـ بمعنى مهوى اعني محبوبتي ـ إلى ياء المتكلّم ، وفيه إشارة إلى أنّ الحبيبة منه بمنزلة الرّوح من البدن ، والظّرف أعني إلى ، متعلّق بموصول مقدّر ، أي أخصر طريق موصول إلى إحضاره ...

(٢) التّفسير إشارة إلى أنّ المصدر بمعنى اسم المفعول ، والصّواب أن يقال : مهويّتي أو محبوبتي ، يدلّ عليه ما بعد هذا البيت وهو :

عجبت لمسراها وإنّي تخلّصت

إليّ وباب السّجن بالقفل مغلق

(٣) أي الإضافة إلى ياء المتكلّم «أخصر من الّذي أهواه» على صيغة المتكلّم من هوى يهوي.

(٤) ممّا يدلّ على ما قصده المتكلّم ، كمن أهواه ، أو الّذي يميل إليه قلبي.

(٥) أي والحال إنّ الاختصار مطلوب ، وفيه إشارة إلى أنّ إحضاره في ذهن السّامع على أخصر طريق إنّما يقتضي تعريفه بالإضافة إذا كان الاختصار مطلوبا ، وإلّا فلا يقتضيه.

(٦) أي شدّة الملالة والحزن.

(٧) أي الشّاعر العاشق في السّجن ، والحال أنّ الحبيب كان عازما على الرّحلة والرّحيل اسم مصدر من الارتحال ، و «لكونه» علّة لضيق المقام.

(٨) «الرّكب» اسم جمع الرّاكب ، كصحب وصاحب «اليمانين» جمع يمان أصله يمنيّ ، حذفت ياء النّسبة ، وعوّض عنها الألف على خلاف القياس لكثرة الاستعمال والتّخفيف «مصعد» خبر «هوايّ» وقد عقّب مبعّدا بذاهب تنبيها على كونه لازما دون متعدّ «في

٣٤٧

وتمامه (١) جنيب وجثماني بمكّة موثق ، الجنيب المجنوب (٢) المستتبع والجثمان الشّخص والموثّق المقيّد ، ولفظ البيت خبر (٣) ، ومعناه تأسّف وتحسّر (٤) [أو لتضمّنها] أي لتضمّن الإضافة [تعظيما (٥) لشأن المضاف إليه (٦) أو المضاف (٧) أو غيرهما (٨) كقولك :] في تعظيم المضاف إليه [عبدي حضر] تعظيما لك بأنّ لك عبدا (٩) [أو] في تعظيم المضاف [عبد الخليفة ركب] تعظيما للعبد بأنّه عبد الخليفة [أو] في تعظيم غير المضاف والمضاف إليه [عبد السّلطان عندي] تعظيما

______________________________________________________

الأرض» إشارة إلى أنّ مصعدا مأخوذ من أصعد في الأرض أي مضى فيها ، فالصّلة محذوفة بقرينة المقام.

(١) أي تمام البيت.

(٢) أي الجنيب فعيل بمعنى المفعول ، كالحبيب بمعنى المحبوب ، وكلّ طائع منقاد جنيب ، وإلى هذا المعنى أشار بقوله : «المستتبع» كناية عن كون حبيبه لا يمكن له التّأخّر عن الرّكب ، أي أصحاب الإبل في السّفر ولا يمكن له المجيء إليه.

(٣) أي جملة خبريّة.

(٤) فيكون إنشاء ، إنشاء التّأسّف على بعد الحبيب وفراقه ، وحاصل معنى البيت : أنّ حبيبي تابع لغيره في التّوجّه إلى اليمن كأنّه قال : روحي راحت وذهبت نحو اليمن وجسمي مقيّد بالسّجن.

(٥) منصوب على كونه مفعول التّضمّن.

(٦) أي تعظيما لشأن المضاف إليه الّذي أضيف إليه المسند إليه.

(٧) لتضمّنها تعظيما لشأن المضاف الّذي هو المسند إليه.

(٨) أي غير المسند إليه المضاف ، وغير ما أضيف هو إليه ، وإن كان ذلك الغير مضافا أو مضافا إليه حيث لم يكن مسندا إليه ، ولا مضافا إليه المسند إليه ، وقدّم المصنّف المضاف إليه ، حيث قال : تعظيما لشأن المضاف إليه ، لأنّ المضاف إليه مقدّم على المضاف في الاعتبار ، وإن أخّر عنه في الذّكر.

(٩) أي تعظّم نفسك بأنّ لك عبدا ، وفي المثال الثّاني تعظّم شأن العبد ، بأنّه عبد الخليفة ، وفي المثال الثّالث تعظّم شأن المتكلّم بأنّ عبد السّلطان عنده.

٣٤٨

للمتكلّم بأنّ عبد السّلطان عنده (١) ، وهو غير المسند إليه المضاف ، وغير ما أضيف إليه المسند إليه ، وهذا (٢) معنى قوله : أو غيرهما ، [أو] لتضمّنها (٣) [تحقيرا] للمضاف (٤) [نحو : ولد الحجّام حاضر (٥)] أو المضاف إليه نحو : ضارب زيد حاضر (٦) ، أو غيرهما نحو : ولد الحجّام جليس زيد (٧) ، أو لإغنائها (٨) عن تفصيل متعذّر نحو : اتّفق أهل الحقّ على كذا ، أو متعسّر نحو : أهل البلد فعلوا كذا (٩) ، أو لأنّه يمنع عن التّفصيل مانع مثل تقديم البعض على بعض (١٠) ، نحو : علماء البلد حاضرون ،

______________________________________________________

(١) أي المتكلّم ، وفيه أيضا تعظيم للعبد بأنّه عبد السّلطان كالمثال السّابق إلّا أنّه ليس مقصودا.

(٢) أي المراد ب «غيرهما» في كلام المصنّف هو غير المسند إليه المضاف وغير ما أضيف إليه المسند إليه ، وليس معناه غير المضاف إليه أو غير المضاف مطلقا حتّى يرد أنّ ما ذكره من المثال الثّالث ليس غيرهما ، بل منهما ، لأنّ الياء من عندي مضاف إليه.

(٣) أي الإضافة.

(٤) أي المضاف المسند إليه ، لأنّ الكلام إنّما هو في بيان أحوال المسند إليه.

(٥) أي تحقيرا لشأن الولد ، لأنّ العرب كانوا يستحقرون الحجّام والحلّاق ، بحيث كانت المعاشرة معهما عارا عندهم. وإنّما اقتصر المصنّف في جانب التّحقير على مثال تحقير المضاف لأنّ ما سبق يشعر بمثال تحقير المضاف إليه وغيرهما فلا حاجة إلى إعادة الأمثلة.

(٦) أي تحقيرا لشأن زيد ، إذ في كونه مضروبا نوع من الحقارة.

(٧) أي تحقيرا لزيد بأنّ ولد الحجّام جليسه.

(٨) أي الإضافة ، الإغناء مصدر مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف والمعنى تعريف المسند إليه بالإضافة لإغنائها المتكلّم عن تفصيل متعذّر ، وذلك لكون عدد المسند إليه غير محصور «نحو : اتّفق أهل الحقّ على كذا» فإنّه يتعذّر ويستحيل عادة تعداد كلّ من هو على الحقّ.

(٩) فإنّ تعداد أهل البلد وإن لم يكن بمحال لكنّه متعسّر لا سيّما إذا كان البلد كبيرا.

(١٠) أي التّفصيل يستلزم تقديم بعض العلماء على بعض من دون مرجّح في مثال

٣٤٩

إلى غير ذلك من الاعتبارات (١). [وأمّا تنكيره] أي تنكير المسند إليه (٢) [فللأفراد (٣)] أي للقصد إلى فرد (٤) ممّا يقع عليه اسم الجنس [نحو : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى)(١) (٥) أو النّوعيّة (٦)] أي للقصد إلى نوع منه [نحو : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٢)]

______________________________________________________

علماء البلد حاضرون ، إذ لو قيل مثلا : زيد وعمرو وبكر وخالد حاضرون ، يسأل لما ذا ذكر زيدا أوّلا ، فاللّائق أن يقال : علماء البلد حاضرون.

(١) أي كالتّصريح بذمّهم وإهانتهم ، يقال : علماء البلد فعلوا كذا من الأمور القبيحة ، فإنّ في هذا تصريحا لذمّهم كأنّه قيل : لا ينبغي لأصحاب العلم مثل هذه الأفعال القبيحة ، بخلاف ما لو قيل : فلان وفلان وفلان بأسماء أعلامهم.

(٢) يشمل المثنّى والجمع ولا ينافيه قوله : «فللأفراد» لأنّ الأفراد في المثنّى القصد إلى بعض معناه وهو اثنان ممّا صدق عليه ، وفي الجمع القصد إلى بعض أفراد معناه وهو جماعة ممّا صدق عليه مفهومه ، قدّم المصنّف التّنكير على التّوابع والفصل احترازا عن الفصل بين التّعريف والتّنكير مع شدّة تناسبهما ، والمفتاح قدّم التّوابع والفصل على التّنكير لاختصاص الفصل بالمعارف ومزيد اختصاص التّوابع بها.

(٣) أي لجعل الحكم مخصوصا بفرد واحد من أفراد النّوع.

(٤) أي فرد غير معيّن فحينئذ إن كانت النّكرة موضوعة للفرد ، فالأمر واضح ، وإن كانت موضوعة للجنس فالغالب استعماله في الفرد فتذكر النّكرة لتحمل على الغالب بقرينة المقام ، والمتحصّل أنّ إيراد المسند إليه نكرة لقصد الأفراد بأن يكون المقام مقام الأفراد أي لا يحصل الغرض فيه إلّا بذكره فرد غير معيّن من الجنس.

(٥) أي واحد لا رجلان ولا رجال ، والمراد به مؤمن آل فرعون ، وقوله : (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) أي من أبعدها وآخرها والمراد بها مدينة فرعون وهي قد خربت الآن على ما في الدّسوقي.

(٦) أي المقصود بالحكم على نوع من أنواع اسم الجنس المنكر ، وذلك لأنّ التّنكير كما يدلّ على الوحدة الشّخصيّة يدلّ على الوحدة النّوعيّة.

__________________

(١) سورة القصص : ٢٠.

(٢) سورة البقرة : ٧.

٣٥٠

أي نوع من الأغطية (١) وهو غطاء التّعامي عن آيات الله تعالى. وفي المفتاح أنّه (٢) للتّعظيم أي غشاوة عظيمة [أو التّعظيم أو التّحقير (٣) كقوله (٤) : له حاجب] أي مانع عظيم [في كلّ أمر يشينه] أي يعيبه [وليس له عن طالب العرف (٥) حاجب] أي مانع

______________________________________________________

(١) غير ما يتعارفه النّاس لأنّ الأغطية المتعارفة عند النّاس من الحرير والدّيباج ، وسائر الأجناس المانعة عن رؤية ما ورائها وأمّا الغطاء الّذي على أبصارهم ، فهو غطاء التّعامي عن آيات الله ، ولذا قيل : (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها).

وكيف كان فليس المراد فرد من أفراد العشاوة ، لأنّ الفرد الواحد لا يقوم بالأبصار المتعدّدة ، بل المراد نوع من جنس الغشاوة ، وذلك النّوع ، هو غطاء التّعامي ، هذا ما في الكشّاف.

(٢) أي تنكير (غِشاوَةٌ) للتّعظيم ، أي غشاوة عظيمة تحجب أبصارهم ، ويمكن أن يقال : إنّه لا تنافي بين كلام المصنّف والمفتاح ، لأنّ الغشاوة العظيمة نوع من مطلق الغشاوة ، فمراد المصنّف بقوله : نحو : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) أي نوع من الغشاوة ، هو الغشاوة العظيمة ، وذلك النّوع هو غطاء التّعامي ، وإضافة ال «غطاء» إلى «التّعامي» بيانيّة.

(٣) أي يذكر المسند إليه نكرة لإفادة تعظيم معناه أو تحقيره ، وأنّه بلغ في ارتفاع شأنه ، أو في الانحطاط مبلغا لا يمكن أن يعرف لعدم الوقوف على عظمته في الأوّل ، ولعدم الاعتداد به في الثّاني.

(٤) أي قول ابن أبي السّمط «له حاجب» أي الممدوح مانع ، والمراد بالحاجب هي النّفس الإنسانيّة الّتي هي لطيفة ربّانيّة ، وبالعناية الإلهيّة صارت مائلة إلى التّطهير ، فتمنع من أجل ذلك من كلّ ما يشينه أي يعيبه «أي مانع عظيم» إشارة إلى كون التّنكير للتّعظيم هنا ، وللتّحقير فيما سيأتي ، وذلك بالقرينة المقاميّة حيث إنّ المقام مقام المدح والمناسب له في حاجب الأوّل حمل تنكيره على التّعظيم ، وفي حاجب الثّاني حمل تنكيره على التّحقير.

ومعنى البيت أنّ الممدوح إذا أراد أن يرتكب أمرا قبيحا منعه مانع عظيم بلغ في العظمة إلى مكان لا يمكن تعيينه وتحديده ، وإذا طلب منه إنسان معروفا وإحسانا لم يكن له مانع حقير فضلا عن العظيم يمنعه من الإحسان فهو في غاية الكمال.

(٥) أي الإحسان.

٣٥١

حقير ، فكيف بالعظيم (١)؟! [أو التّكثير كقولهم : إنّ له لإبلا (٢) ، وإنّ له لغنما ، أو التّقليل نحو : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ)(١)] والفرق بين التّعظيم والتّكثير إنّ التّعظيم بحسب ارتفاع الشّأن وعلوّ الطبقة (٣) ، والتّكثير باعتبار الكميّات (٤) والمقادير (٥) تحقيقا كما في الإبل (٦) أو تقديرا كما في الرّضوان (٧) ، وكذا (٨) التّحقير والتّقليل وللإشارة إلى أنّ بينهما (٩) فرقا قال : [وقد جاء] التّنكير [للتّعظيم والتّكثير (١٠) نحو : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)(٢)

______________________________________________________

(١) أي لا يكون لطالب الإحسان مانع عظيم قطعا ، فالاستفهام للإنكار.

(٢) أي إبلا كثيرا «وإنّ له غنما» أي كثير ، ومثال التّقليل : (نحو : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) أي رضوان قليل من الله أكبر من كلّ نعيم في الجنّة ، لأنّ ما عداه من ثمراته فإنّ رضاه سبب لكلّ سعادة وفلاح ، والقرينة في الجميع حكم العقل والذّوق السّليم والفهم المستقيم.

(٣) أي المرتبة والدّرجة ، فهو راجع إلى الكيفيّات.

(٤) أي المنفصلة كما في المعدودات.

(٥) أي الكمّيّات المتّصلة ، كما في المكيلات والموزونات.

(٦) حيث يقال : مائة إبل أكثر من خمسين ، فالتّكثير حقيقيّ.

(٧) حيث إنّ الرّضوان من المعاني الّتي تتّصف بالكثرة والقلّة عرفا ، فالتّكثير تقديريّ.

(٨) أي الفرق بين التّحقير والتّقليل ، حيث إنّ الأوّل بحسب انحطاط الشّأن وسفالة الطّبقة ، والثّاني : بحسب اعتبار الكمّيّة والتّعداد.

(٩) أي بين التّعظيم والتّكثير فرقا ، فإنّ عطف «التّكثير» على «التّعظيم» في قوله : جاء للتّعظيم والتّكثير ، يقتضي المغايرة بينهما.

(١٠) أي جاء التّنكير للتّعظيم والتّكثير جميعا في جملة واحدة.

__________________

(١) سورة التّوبة : ٧٣.

(٢) سورة فاطر : ٤.

٣٥٢

[أي رسل ذوو عدد كثير] هذا ناظر إلى التّكثير (١) [و] ذوو [آيات عظام] هذا ناظر إلى التّعظيم (٢) ، وقد يكون للتّحقير والتّقليل معا (٣) ، نحو : حصل لي منه شيء ، أي حقير قليل.

[ومن تنكير غيره (٤)] أي غير المسند إليه [للأفراد أو النّوعيّة نحو : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ)(١)] أي كلّ فرد (٥) من أفراد الدّوابّ من نطفة معيّنة هي نطفة أبيه المختصّة به ، أو كلّ (٦) نوع من أنواع الدّوابّ من نوع من أنواع المياه ، وهو نوع النّطفة الّتي تختصّ بذلك النّوع من الدّابّة [و] من تنكير غيره (٧) [للتّعظيم نحو : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٢)] أي حرب عظيم

______________________________________________________

(١) لا يقال : إنّ الكثرة مستفادة من جمع الكثرة وهو (رسل) فلا يصحّ التّمثيل به.

فإنّه يقال : إنّ المراد بالتّكثير فوق التّكثير المستفاد من الجمع لأنّ الكثرة مقولة بالتّشكيك فالمأخوذ من صيغة الجمع أصل الكثرة ، ومن تنكيرها المبالغة في الكثرة.

(٢) لأنّ كون الآيات عظاما يدلّ على ارتفاع شأن ذوي الآيات وعلوّ درجتهم.

(٣) أي قد يكون التّكثير للتّحقير والتّقليل جميعا ، نحو : حصل لي من فلان شيء ، أي حقير قليل.

(٤) خبر مقدّم وقوله : (وَاللهُ خَلَقَ) مبتدأ مؤخّر.

(٥) إشارة إلى كون التّنكير للإفراد.

(٦) إشارة إلى أنّ التّنكير للنّوعيّة. فالمراد من الآية على الاحتمال الأوّل : أن خلق الشّخص من الشّخص ، فالتّنكير في دابّة وماء للإفراد والوحدة الشّخصيّة.

وعلى الاحتمال الثّاني : أن خلق النّوع من النّوع فالتّنكير فيهما للوحدة النّوعيّة ، والكلام في الصّورتين محمول على الغالب ، فلا يستشكل بآدم وحوّاء وعيسى عليهم‌السلام.

(٧) أي غير المسند إليه.

__________________

(١) سورة النّور : ٤٥.

(٢) سورة البقرة : ٢٧٩.

٣٥٣

[وللتّحقير (١) نحو : (إِنْ نَظُنُ)(١)] أي ظنّا حقيرا ضعيفا ، إذ الظّنّ ممّا يقبل الشّدّة والضّعف ، فالمفعول المطلق ههنا للنّوعيّة لا للتّأكيد (٢) ، وبهذا الاعتبار (٣) صحّ وقوعه بعد الاستثناء مفرّغا مع امتناع نحو : ما ضربته إلّا ضربا على أن يكون المصدر للتّأكيد ، لأنّ مصدر ضربته لا يحتمل غير الضّرب (٤) والمستثنى منه يجب أن يكون متعدّدا يحتمل المستثنى وغيره ، واعلم أنّه كما أنّ التّنكير الّذي في معنى البعضيّة يفيد التّعظيم ، فكذلك صريح لفظة البعض كما في قوله تعالى : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ)(٢) أراد محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥) ،

______________________________________________________

(١) أي ومن تنكير غير المسند إليه للتّحقير نحو : قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) أي ظنّا حقيرا ضعيفا ، فالمفعول المطلق هنا للنّوعيّة لا للتّأكيد ، فالمعنى : إن نظنّ شيئا من أنواع الظّنون إلّا ظنّا حقيرا ضعيفا.

(٢) حتّى يلزم إخراج الشّيء عن نفسه.

(٣) أي باعتبار كون المفعول المطلق هنا للنّوعيّة لا للتّأكيد صحّ وقوعه بعد لفظ إلّا مفرّغا ، أي استثناء مفرّغا.

وهذا الكلام من الشّارح جواب عن إشكال يورد على مثل هذا التّركيب ، وهو أنّ المستثنى المفرّغ يجب أن يستثنى من متعدّد مستغرق حتّى يدخل فيه المستثنى ، فيخرج بالاستثناء ، وليس مصدر نظنّ محتملا غير الظّنّ مع الظّنّ حتّى يخرج الظّنّ من بينه ، وبما ذكره الشّارح ينحلّ الإشكال ، إذ المعنى عندئذ : إن نظنّ شيئا من أنواع الظّنون إلّا ظنّا ، أي ظنّا حقيرا.

(٤) لأنّه للتّأكيد.

(٥) إنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلغ في ارتفاع شأنه ، وعلوّ مكانه مبلغا لا يليق أن يذكر اسمه صريحا ، ولذا ذكر البعض ، وأريد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) سورة الجاثية : ٣١.

(٢) سورة البقرة : ٢٥٣.

٣٥٤

ففي هذا الإبهام (١) من تفخيم فضله (٢) وإعلاء قدره ما لا يخفى ، [وأمّا وصفه (٣)] أي وصف المسند إليه ، والوصف قد يطلق على نفس التّابع المخصوص (٤) ، وقد يطلق بمعنى المصدر (٥) ، وهو (٦) الأنسب ههنا ، وأوفق بقوله : وأمّا بيانه ، وأمّا الإبدال عنه ، أي وأمّا ذكر النّعت له (٧)

______________________________________________________

(١) خبر مقدّم ، وقوله : «ما لا يخفى» مبتدأ مؤخّر ، أي ما لا يخفى على من له أدنى دراية بخصوصيّات اللّغة العربيّة.

(٢) أي فضل نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الإبهام يدلّ على أنّ المعبّر عنه أعظم في رفعته ، وأجلّ من أن يعرف حتّى يصرّح به.

(٣) قدّم الوصف على سائر التّوابع لكثرة وقوعه في الكلام وكثرة اعتباراته ، أي فوائده ومباحثه والأغراض المتعلّقة به من التّوضيح والتّخصيص ونحوهما كالمدح والذّمّ.

وبعبارة أخرى : إنّ الصّفة على أربعة أوجه : لأنّ الموصوف إمّا أن لا يعلم ويراد تمييزه عن أسماء الأجناس بما يكشفه ، فهي الصّفة الكاشفة ، وإمّا أن يعلم لكن التبس من بعض الوجوه ، فيؤتى بما يرفعه ، فهي المخصّصة ، وإمّا أنّه لم يلتبس ولكن يوهم الالتباس فيؤتى بما يقرّره فهي المؤكّدة ، وإلّا فهي المادحة والذّامّة.

(٤) أي كالعالم والفاسق ونحوهما.

(٥) أي الإتيان بالوصف ، وبعبارة أخرى : توصيف المسند إليه بوصف فيكون فعل المتكلّم.

(٦) أي المعنى المصدري «الأنسب ههنا» وأوفق بقوله : «وأمّا بيانه» لأنّه مصدر ، وبيان ذلك إنّ الوصف يطلق بالاشتراك على معنيين :

أحدهما : وهو الأصل فيه المعنى المصدريّ أعني ذكر أوصاف للشّيء.

والآخر : النّعت أعني التّابع المخصوص ، لكن حمله على الأوّل أشبه طردا للباب على وتيرة واحدة ليوافق قوله في بقيّة التّوابع حيث عبّر عنها بالمعنى المصدري ، أعني قوله : «وأمّا بيانه وأمّا الإبدال عنه» وأمّا العطف فحمله على المعنى المصدريّ أنسب بالتّعليل وهو قوله : «فلكونه ...» وأوفق بقوله : «وأمّا بيانه وأمّا الإبدال عنه ...».

(٧) تفسير لقوله : «وأمّا وصفه» بناء على المعنى المصدري.

٣٥٥

[فلكونه] أي الوصف بمعنى المصدر والأحسن أن يكون بمعنى النّعت (١) على أن يراد باللّفظ (٢) أحد معنييه (٣) ، وبضميره معناه الآخر (٤) على ما سيجيء في البديع (٥) [مبيّنا له] أي للمسند إليه [كاشفا عن معناه كقولك : الجسم الطّويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله (٦)] فإنّ هذه الأوصاف ممّا يوضّح الجسم ويقع تعريفا له. [ومثله في الكشف] أي مثل هذا القول في كون الوصف للكشف والإيضاح وإن لم يكن وصفا للمسند إليه [قوله : (٧)

الألمعيّ الّذي يظنّ بك الظّ

نّ كأن قد رأى وقد سمعا]

______________________________________________________

(١) أي الأحسن أن يكون الوصف الّذي عاد عليه الضّمير بمعنى النّعت.

وجه الأحسنيّة : أنّ الكاشف عن معناه ، والمبيّن للمسند إليه إنّما هو الأمر اللّفظي أعني النّعت النّحوي لا الأمر المعنوي القائم بالمتكلّم أعني المصدر أعني ذكر الوصف وإن كان ذكره مبيّنا بواسطة النّعت فيكون النّعت كاشفا ومبيّنا أوّلا وبالذّات ، والمعنى المصدريّ إنّما يتّصف بهما ثانيا وبالعرض.

(٢) أعني قوله : «وصفه».

(٣) وهو الوصف بالمعنى المصدري.

(٤) أي النّعت النّحوي على سبيل الاستخدام.

(٥) أي في بحث الاستخدام من علم البديع ، وهو أن يكون للفظ معنيان يراد أحدهما بظاهره ، والآخر بضميره ، والمقام من هذا القبيل يراد بظاهر الوصف المعنى المصدري ، وبضميره أعني «فلكونه» المعنى الأخر ، وهو النّعت النّحوي.

(٦) أي يحتاج إلى مكان يملأ الجسم ذلك المكان بأنّ يستقرّ فيه ، فإنّ الأوصاف الثّلاثة المذكورة للجسم بمجموعها كان مبيّنا وكاشفا عن معنى الجسم الّذي هو عبارة عن المتحيّز القابل للقسمة في الأبعاد الثّلاثة أعني الطّول والعرض والعمق ، وإليه أشار الشّارح بقوله : «ويقع تعريفا له» أي تعريفا مساويا له ، ثمّ قوله : «يحتاج إلى فراغ» خبر عن قوله : «الجسم» ، وهنا كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.

(٧) أي قول أوس بن حجر ، ثمّ المماثلة بين القولين في مجرّد كون الوصف

٣٥٦

فإنّ الألمعي معناه الذّكي المتوقّد (١) ، والوصف بعده (٢) ممّا يكشف معناه ويوضّحه لكنّه (٣) ليس بمسند إليه ، لأنّه إمّا مرفوع على أنّه خبر إنّ في البيت السّابق أعني قوله :

إنّ الّذي جمع السّماحة والنّج

دة (٤) والبرّ والتّقى جمعا

أو منصوب على أنّه صفة لاسم إنّ ، أو بتقدير أعني (٥) [أو] لكون الوصف [مخصّصا (٦)] للمسند إليه أي مقلّلا اشتراكه (٧) أو رافعا احتماله ،

______________________________________________________

للكشف لا في كونه وصفا للمسند إليه وكاشفا عنه ، ثمّ الوصف هنا لما لم يكن للمسند إليه فصّله عمّا قبله ، وفي هذا الفصل تنبيه على التّفاوت بينهما في الكشف ، فإنّ السّابق بعينه تفصيل معنى الجسم ، وهذا ليس بعينه تفصيل معنى الألمعي ، لأنّ معناه الذّكي المتوقّد ، كما قال الشّارح ، وليس الوصف تفصيله ، بل بحيث لو تأمّل فيه ينكشف معناه ، وهو أنّه مصيب في ظنّه كأنّه رأى المظنون أو سمعه إن كان من المسموعات ، ثمّ الأصل سمع ، والألف في قوله : «سمعا» للإطلاق والإشباع.

(١) أي الماهر والمحرق كالنّار المشتعلة من حيث سرعة الفهم ، لأنّه إذا أعمل ووجّه عقله إلى شيء أدركه فورا بحيث كأنّه رأى ذلك الشّيء إن كان من المبصرات ، وسمعه إن كان من المسموعات.

(٢) أي بعد الألمعي ، وهو الموصول مع الصّلة.

(٣) أي الألمعي.

(٤) أي القوّة.

(٥) على جميع هذه التّقادير ليس مسندا إليه ، غاية الأمر على التّقديرين الأخيرين يكون الخبر محذوفا.

(٦) الفرق بينه وبين الوصف المبيّن : أنّ الغرض فيه تخصيص اللّفظ بالمراد ، وفي الوصف المبيّن كشف المعنى.

(٧) أي المسند إليه في النّكرات «أو رافعا احتماله» أي المسند إليه في المعارف ، وهذا الكلام من الشّارح إشارة إلى أنّ المراد بالتّخصيص هو التّخصيص عند البيانيّين ، لا التّخصيص عند النّحويّين ، والفرق بينهما إنّ التّخصيص عند أرباب المعاني أعمّ منه

٣٥٧

وفي عرف النّحاة التّخصيص عبارة عن تقليل الاشتراك في النّكرات (١) ، والتّوضيح عبارة عن رفع الاحتمال الحاصل في المعارف [نحو : زيد التّاجر عندنا] فإنّ وصفه بالتّاجر يرفع احتمال التّاجر وغيره (٢) ، [أو] لكون الوصف (٣) [مدحا أو ذمّا نحو : جاءني زيد العالم أو الجاهل حيث يتعيّن الموصوف (٤)] أعني زيدا [قبل ذكره]

______________________________________________________

عند النّحاة ، لأنّ التّخصيص عند البيانيّين يجري في النّكرات والمعارف ، هذا بخلاف التّخصيص عند النّحاة حيث لا يجري إلّا في النّكرات ، وأمّا رفع الاحتمال في المعارف ، فهو توضيح لا تخصيص.

توضيح ذلك : إنّ التّخصيص على اصطلاح أرباب المعاني يغاير التّخصيص على اصطلاح النّحويّين ، لأنّ أئمّة المعاني يطلقون التّخصيص على معنى شامل لتقليل الاشتراك الحاصل في النّكرات ، ولرفع الاحتمال الكائن في المعارف ، وأئمّة النّحو يطلقون التّخصيص على خصوص تقليل الاشتراك الكائن في النّكرات ، وأمّا رفع الاحتمال الكائن في المعارف فيطلقون عليه التّوضيح لا التّخصيص ، وعليه فما ذكره المصنّف من التّمثيل لكون الوصف مخصّصا بقوله : «زيد التّاجر» مبنيّ على ما اصطلح عليه أرباب المعاني ، فلا يرد عليه أنّه وقع في غير محلّه.

(١) نحو : رجل عالم ، فإنّه كان بحسب الوضع محتملا لكلّ فرد من أفراد الرّجال ، فلمّا قلت : عالم ، قلّلت ذلك الاشتراك والاحتمال وخصّصته بالفرد من الأفراد المتّصفة بالعلم.

(٢) فإنّ زيدا كان فيه احتمال أن يكون تاجرا أو غيره بحسب تعدّد الوضع ، فلمّا وصفته بالتّاجر رفعت احتمال غيره.

(٣) إشارة إلى أنّ قوله : «مدحا» عطف على قوله : «مبيّنا أو مخصّصا» ويحتاج حينئذ إلى التّأويل بمادح أو ذامّ أو إلى كونه بتقدير ذا مدح ، أو ذا ذمّ أو إلى القول بأنّه جعل الوصف مدحا أو ذمّا مبالغة.

(٤) إمّا لعدم شريك له في ذلك الاسم أو لمعرفة المخاطب له بعينه قبل ذكر الوصف ، فالحيثيّة للتّقييد ، يعني أنّ هذا المثال يكون مثالا للمدح أو الذّمّ في مقام يتعيّن ويعلم قبل ذكر الوصف وإن لم يتعيّن ، لا يكون مثالا لهما.

٣٥٨

أي ذكر الوصف ، وإلّا (١) لكان الوصف مخصّصا [أو] لكونه [تأكيدا نحو : أمس (٢) الدّابر كان يوما عظيما] فإنّ لفظ الأمس ممّا يدلّ على الدّبور ، وقد يكون الوصف لبيان المقصود وتفسيره كقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(١) (٣) حيث وصف دابّة وطائر بما هو من خواصّ الجنس لبيان أنّ القصد منهما إلى الجنس دون الفرد. وبهذا الاعتبار (٤) أفاد هذا الوصف زيادة التّعميم والإحاطة (٥)

______________________________________________________

(١) أي وإن لم يتعيّن الموصوف «لكان الوصف مخصّصا» لا مدحا ولا ذمّا.

(٢) إنّ لفظ الأمس ممّا يدلّ على الدّبور ، فوصفه بالدّابر تأكيد ، ثمّ المراد من التّأكيد ليس التّأكيد الاصطلاحي لا اللّفظي ولا المعنوي ، بل المراد المقرّر كما في بعض الشّروح.

«أمس» مبنيّ على الكسر لالتقاء السّاكنين ، عند الحجازيّين لتضمّنه معنى لام التّعريف ، وعند التّميم معرب غير منصرف للتّعريف والعدل ، وعلى التّقديرين فهو مبتدأ والجملة خبره.

(٣) إنّ قوله تعالى : (فِي الْأَرْضِ) وصف شارح لقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ) وكذلك (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) وصف شارح لقوله : (وَلا طائِرٍ).

وبعبارة أخرى : إنّهما نعتان لدابّة وطائر ، والغرض منهما بيان المقصود وهو الجنس حيث إنّ الكينونة في الأرض والطّيران بالجناحين لا يختصّان بفرد دون فرد ، أو بطائفة دون طائفة ، بل يوجدان في كلّ ما يكون داخلا تحت الجنسين ، وذلك قرينة على أنّ المراد هو الجنس المستلزم للاستغراق الحقيقيّ.

(٤) أي باعتبار كون الوصف لبيان الجنس.

(٥) أي أفاد زيادة التّعميم بسبب تحقّق الجنس في جميع الأفراد ، فلا تنافي بين قصد الجنس ، وإفادة زيادة التّعميم ، ثمّ زيادة التّعميم مستفادة من تحقّق الجنس في جميع الأفراد وأصل التّعميم والإحاطة حاصل من وقوع النّكرة في سياق النّفي مقرونة بمن.

إن قلت : إنّ وقوع النّكرة في سياق النّفي ـ يفيد العموم سيّما مع من الزّائدة ، فإنّها عندئذ نصّ في الاستغراق ـ كاف في بيان أنّ المقصود من النّكرة هو الجنس الموجود في ضمن جميع الأفراد دون الفرد ، فإذا لا وجه للالتزام بأنّ الوصفين لبيان أنّ المقصود من

__________________

(١) سورة الأنعام : ٣٨.

٣٥٩

[وأمّا توكيده (١)] أي توكيد المسند إليه [فللتّقرير] أي تقرير المسند إليه (٢) ، أي تحقيق مفهومه (٣) ومدلوله (٤) أعني جعله (٥) مستقرّا (٦) محقّقا (٧) ثابتا بحيث لا يظنّ به (٨) غيره ، نحو : جاءني زيد زيد ، إذا ظنّ (٩) المتكلّم غفلة السّامع عن سماع لفظ

______________________________________________________

النّكرة هو الجنس دون الفرد.

قلت : إنّ وقوع النّكرة في سياق النّفي ليس نصّا في أنّ المراد بها الجنس الموجود في ضمن جميع الأفراد دون الفرد لاحتمال أن يكون الاستغراق عرفيّا كأن يكون المراد بالدّابة الّتي في الآية ذوات القوائم الأربع ، وبالطّائر الطّيور الّتي يعتبرها النّاس ويعتدّون بها كالطّيور الّتي تصادّ ، وعليه لا يكون المراد بهما الجنس الموجود في ضمن جميع الأفراد ، بل الفرد حيث إنّ المراد به الأعمّ من الواحد والطّائفة ، فإذا يصحّ جعل الوصفين لبيان أنّ المقصود هو الجنس الموجود في ضمن جميع الأفراد.

(١) أي تعقيب المسند إليه المعرّف بالتّابع المسمّى بالتأكيد.

(٢) التّفسير المذكور ردّ على من حمل التّقرير على تقرير الحكم.

(٣) وهذا التّفسير الثّاني إشارة إلى أنّ المراد بالتّقرير ليس ذكر المسند إليه أوّلا ، ثمّ ذكر ما يقرّره ويثبته ثانيا ، فإنّ هذا يشمل نحو : أنا سعيت في حاجتك ، وهو ليس المراد في المقام.

(٤) عطف على مفهومه وإنّما أتى به لإفادة أن ليس المراد تقرير معناه الحقيقيّ فقط ، كما هو المتبادر إلى الفهم من لفظ المفهوم ، بل المراد تقرير ما يدلّ عليه المسند إليه سواء كان معنى حقيقيّا ، كما في قولك : جاءني زيد نفسه ، أو معنى مجازيّا ، كقولك : دخل الأسد نفسه في الحمّام.

(٥) أي المفهوم.

(٦) أي في ذهن السّامع.

(٧) أي متيقّنا عند السّامع.

(٨) أي لا يظنّ السّامع بالمسند إليه غيره ، وبعبارة أخرى : بحيث يدفع ظنّ السّامع بالمسند إليه غيره.

(٩) المراد بالظّنّ أعمّ من الاحتمالات والوهم ، فإنّ السّامع ربّما يتوهّم في حكمك

٣٦٠