الأصول في النحو - ج ٢

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-406-X
الصفحات: ٥٣٥

وتقول : رجل معيبة فتبين ؛ لأن الهاء غير لازمة وكذلك محييان ومعيبان وحييان إذا ثنيت الحيا الذي تريد به الغيث ، وأما تحية فهي تفعلة والهاء لازمة.

قال سيبويه في باب حيّيت : ومما جاء في الكلام على أنّ فعله مثل : بعت : آي وغاية وآية وهذا ليس بمطرد وهو شاذ وهو قول الخليل.

وقال غيره : إنّما هي أيّة وأي فعل ولكنّهم قلبوا الياء وأبدلوا مكانها الألف لاجتماعهما كما تكره الواوان وكما قالوا : ذوائب فأبدلوا الواو كراهية الهمزة ، وأما الخليل فكان يقول : جاء على أن فعله معتلّ ، وإن كان لم يتكلم به كما قالوا : قود فجاء كأنّ فعله على الأصل.

وجاء استحيت على حاي مثل باع وقياس فاعله أن يكون حاء في مثل بائع مهموز ، وإن لم يستعمل وكان أصل استحيت استحييت مثل استبيعت فأعلوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء فقالوا : استحيت كما قالوا : استبعت. قال سيبويه : حذفت لالتقاء الساكنين قال :وإنّما فعلوا ذلك حيث كثر في كلامهم.

قال المازني : لم تحذف لالتقاء الساكنين ولو كانت حذفت لالتقاء الساكنين لردّها إذا قال :(هو يفعل) فيقول : هو يستحي. فاعلم.

والذي عندي في ذلك : أنّها حذفت استثقالا لمّا دخلت عليها الزوائد السين والتاء وقول المازني في هذا عندي أقرب وقولهم للاثنين استحيا دليل على أنّه لم تحذف لالتقاء الساكنين ولو ردوا في يستحي فجعلوه مثل يستبيع على ما قال سيبويه لوجب أن يقال : يستحيّ والأفعال المضارعة إذا كان آخرها معتلا لم يدخلوا الرفع في شيء من الكلام وهذا أصل مطرد فيها ولهذا قيل : يحي ولم تحذف الياء الأخيرة ولو وقع مثل هذا في الأسماء لحذفت كما حذفوا في تصغير عطاء وأحوى فقالوا : عطيّ وأحيّ ؛ لأن الأسماء قد تعرب إذا أعللت أواخرها فأمّا قولهم :

يحيى فإنّما جاز ذلك فيه محييّ وهو اسم ؛ لأنه اسم فاعل جاء على فعله فحكمه حكمه ؛ لأن الأسماء الجارية على أفعالها تعتلّ باعتلالها فمحيّ نظير يحيي فهذا فرق بينهما وفيه لطف.

واعلم أنّ افعاللت من رميت بمنزلة أحييت في الإدغام والبيان والخفاء وهي متحركة تقول : ارماييت فيلزمها ما يلزم ياء أحييت وكذلك افعللت وتقول : ارمويّ في هذا المكان كما

٤٠١

قلت : حيّ وأحيّ فيه ؛ لأن الفتحة لازمة ولا تقلب الواو ياء لأنّها كواو سوير وهي زائدة لا تلزم وتكون ألفا في سائر.

ومن قال : أحيي فيها قال : أرميني أرموبي فيها.

وافعللت من حييت بمنزلتها من رميت فافعللت بمنزلة ارمييت إلّا أنه يدركها من الإدغام مثل ما يدرك اقتتلت وتبين كما تبين لأنهما ياءان في وسط الكلمة كالتاءين في وسطها ولك أن تخفي كما تخفي في التاءين لا فرق بينهما في ذلك وإنّما منعهم أن يجعلوا اقتتلوا مثل رددت فيلزمه الإدغام أنّه في وسط الحرف وسنبين ذلك في الإدغام إن شاء الله.

قال سيبويه : سألته يعني الخليل عن قولهم : معايا فقال : الوجه معاي وهو المطرد وكذلك قال يونس وإنّما قالوا : معايا كما قالوا : مدارى وكانت الكسرة مع الياء أثقل.

الثاني : العين :

الألف تبدل من الياء والواو إذا كانتا عينين وكانتا متحركتين وقبلهما فتحة كاللام لا فرق بينهما ، وذلك نحو : قال وباع وخاف والأسماء نحو : باب ودار وناب فالواو والياء تقلب في جميع ذلك لأنّهما متحركتان قبلهما فتحة فهذا يعود مستقصى في باب إبدال الألف من الواو وهي عين وقالوا : العاب يريدون : العيب فهؤلاء بنوها على فعل وقالوا : أحال البئر وحولها قال الجرمي : فأبدلوا الألف من الواو. وليس الأمر عندي كما قال ولكنّهما لغتان ؛ لأن الواو في هذا الموضع لا يجب أن تقلب. وقالوا : مات فأبدلوا الألف من الواو.

الثالث : إبدالها من الفاء :

منهم من يقول في يئس ويبس. ياتئس وياتبس فأبدلوا من الياء الفاء.

الضرب الثاني : إبدال الألف من الواو :

تبدل الواو لاما وعينا وفاء.

الأول : تبدل الواو لاما نحو : غزوت إذا أوقعتها موقعا تتحرك فيه نحو : ضرب قلت :غزا فقلبت الواو ألفا لأنّها في موضع حرف متحرك وقبلها متحرك يفعل فيه يلزمه يفعل

٤٠٢

لتصحّ الواو فتقول : يغزو وفعلت يدخل عليها نحو : شقيت وهو من الشقوة ، وأما فعل فيكون في الواو نحو : سرو ويسرو والدّوداة والشوشاة والأصل : دودة فقلبت وهذا مضاعف كالقمقام والموماة مثله بمنزلة المرمر ولا تجعل الميم زائدة.

قال سيبويه : لا تجعلها بمنزلة تمسكن ؛ لأن ما جاء هكذا والأول من نفس الحرف هو الكلام الكثير ولا تكاد تجد في هذا الضّرب الميم زائدة ، وأما قولهم : الفيفاة فالألف زائدة لأنّهم يقولون الفيف في هذا المعنى ، وأما القيقاء والزّيزاء فهو (فعلاء) ملحق بسرداح ؛ لأنه لا يكون في الكلام مثل القلقال إلّا مصدرا.

إبدال الألف من الواو وهي عين :

الأول : ما الواو فيه والياء ثانية وهما في موضع العين في الفعل : فعل وفعل وفعل تبدل في جميع هذا الإلف من الياء والواو ، وذلك قولهم : قال وهو فعل من القول وخاف فعل من الخوف.

وطال فعل من الطول يدلّك على ذلك طلت وطويل والياء في هذا كالواو.

الثاني : ما الواو فيه ثانية وهي في موضع العين في الاسم :

اعلم أنّه ما جاء من الأسماء وساق وزن الفعل المعتلّ أعلّ وما خالف منها بناء الفعل صحّ فالمعتلّ نحو : باب ودار وساق ؛ لأن ذلك على مثال الأفعال وربّما جاء على الأصل في الاسم نحو : القود والحوكة والخونة والجورة وكذلك : (فعل) ، وذلك خفت ورجل خاف وملت ورجل مال ويوم راح وقد جاء على الأصل قالوا : رجل روع وحول ، وأما فعل فلم يجيئوا به على الأصل كراهية للضمة في الواو ولما يصيرون إليه من الإسكان والهمز وفعل في كلامهم نحو طال ويدلّك على أنّه فعل قولهم : طلت وطويل وفعل على الأصل ؛ لأنه لا يكون فعلا معتلّا فيجري على فعله وما لم يكن له مثال في الفعل قد أعلّ لم يعلّ ، وذلك قولهم : رجل نوم وسولة ولومة وعيبة وكذلك إن أردت نحو : إبل قلت : قول ومن البيع بيع فأمّا (فعل) ، فإن الواو تسكن لإجتماع الضمتين والواو ، وذلك قولهم : عوان وعون ونوار ونور وقوول :قول وألزموا هذا الإسكان إذ كانوا يسكنون (رسل) ولم يكن لأدؤر وقؤول مثال من غير

٤٠٣

المعتلّ يسكن فيشبه هذا به ويجوز تثقيل فعل في الشعر وفعل في بنات الياء بمنزلة غير المعتل نحو : غيور وغير ودجاج بيض ومن قال : رسل قال : بيض.

قال الأخفش : أقول في فعلة من البيع : بوعة ولا أغير إلّا في الجمع وهو مذهب أبي العباس.

إبدال الهاء من الواو وهي فاء :

ذكر سيبويه في : وجل يوجل أربع لغات فأجودهنّ وأكثرهنّ يوجل وهي الأصل قال الله عز وجل : (لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ) [الحجر : ٥٣].

ويقول قوم : أنت تيجل فيكسرون التاء ويقلبون الواو ياء لانكسار ما قبلها وهي لغة تميم وعامة قيس ومن العرب من يكره الياء مع الواو فيقلب الواو فيقول : ياجل وهي لغة معروفة وقوم من العرب يكسرون الياء فيقولون : هو ييجل فيكسرون الياء فتنقلب الواو ياء وليس ذلك بالمعروف.

الضرب الثّالث : إبدال الألف من النون :

الألف تبدل من النون الخفيفة في ثلاثة مواضع :

أحدها : التنوين في الصرف في الاسم المنصوب تقول : رأيت زيدا إذا وقفت فإذا وصلت جعلتها نونا ، وإذا وقفت جعلتها ألفا.

والثاني : النون الخفيفة في الفعل إذا انفتح ما قبلها في قولك : اضربن زيدا بالنون الخفيفة فإذا وقفت قلت اضربا.

والثالث : قولك : إذن آتيك فإذا وقفت قلت : إذا. قال الله عز وجلّ : (وإذن (لا يَلْبَثُونَ) خلفك (إِلَّا قَلِيلاً)(١) [الإسراء : ٧٦] إذا وقفت عليها قلت : (إذن).

__________________

(١) اختلفوا في كسر الخاء وإثبات الألف في قوله عز وجل : (خَلْفَكَ.)

فقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية أبي بكر : لا يلبثون خلفك.

حفص ، عن عاصم : (خِلافَكَ.)

وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : (خِلافَكَ). ـ زعم أبو الحسن : أنّ خلافك في معنى خلفك ، وأن يونس روى ذلك عن عيسى ، وأن معناه : بعدك ، فمن قرأ : (خَلْفَكَ) و (خِلافَكَ) فهو في تقدير القراءتين جميعا على حذف المضاف ، كأنه : لا يلبثون بعد خروجك ، وكان حذف المضاف في الآية [الحجة للقراء السبعة : ٥ / ١١٤]

٤٠٤

إبدال الياء من الواو :

إبدالها من اللامات في (شقيت) وهي متحركة مفتوحة وقبلها كسرة والواو إذا كان قبلها حرف مضموم في الاسم وكانت حرف الإعراب قلبت ياء وكسر المضموم ، وذلك قولهم : دلو وأدل وحقو وأحق كان الأصل : أدلو وأحقو قلبت الواو ياء ، فإن كان قبل الواو ضمة ولم يكن حرف الإعراب ثبتت ، وذلك نحو : عنفوان وقمحدوة وقالوا : قلنسوة فأثبتوا ثم قالوا :قلنس فأبدلوا لما صارت طرفا وقبلها ضمة ، وإذا كان قبل الياء والواو حرف ساكن جرتا مجرى غير المعتل ، وذلك نحو : ظبي ودلو ومن ثم قالوا : مغزو وعثوّ ؛ لأن قبل الواو ساكنا وقالوا : عتيّ ومغزيّ شبهوها حين كان قبلها حرف مضموم ولم يكن بينهما إلّا حرف ساكن بأدل والوجه في هذا النحو الواو والأخرى عربيّة كثيرة ، فإن جاء مثل هذا الواو في جمع فالوجه الياء ، وذلك قولهم : في جمع ثدي : ثديّ وعصيّ وحقيّ.

وقال بعضهم : إنّكم لتنظرون في نحو كثيرة فشبهوها : بعتوّ وهذا قليل وألزم الجمع الياء لأنّهم يقولون في : صوّم : صيّم وهو أبعد من الطرف.

فكان هذا أوجب. وقد يكسرون أول الحرف لما بعده من الكسر والياء وهي لغة جيدة ، وذلك قولهم : عصيّ وثديّ وعتيّ وجثيّ وقد أبدلت الياء من الواو استثقالا من غير شيء مما تقدم فقال الشاعر :

وقد علمت عرس مليكة أنّني

أنا الليث معديا عليه وعاديا

وقالوا : يسنوها المطر وهي أرض مسنية وقالوا : مرضيّ وأصله الواو وقالوا : مرضوّ فجاءوا به على الأصل والقياس.

وهذه الواو إذا كانت لاما وقبلها كسرة قلبت ياء ، وذلك نحو : غاز وغزي.

٤٠٥

قال سيبويه : وسألته يعني الخليل عن غزي وشقي إذا خفف في قول من قال : علم ذاك وعصر في عصر فقال : إذا فعلت ذلك تركتها ياء على حالها لأني إنّما خففت ما قد لزمته الياء وإنّما أصلها التحريك وقلب الواو ألا تراهم قالوا : لقضو الرجل ولقضو.

قال : وسألته عن قول بعض العرب : رضيوا فقال : هي بمنزلة : غزي ؛ لأنه أسكن العين ولو كسرها لحذف ؛ لأنه لا يلتقي ساكنان حيث كانت لا تدخلها الضمة وقبلها الكسرة والواو كذلك تقول : سرووا على الإسكان وسروا على إثبات الحركة وفعلى من بنات الواو إذا كانت اسما فالياء مبدلة من الواو ، وذلك قولك : الدّنيا والعليا والقصيا.

وقد قالوا : القصوى فأجروها على الأصل لأنّها قد تكون صفة بالألف واللام وهي من :دنوت وعلوت يقولون : قضا يقضو وهو قاض ويجري (فعلى) من بنات الياء على الأصل اسما وصفة.

وأمّا فعلى منهما فعلى الأصل صفة واسما يجريهما على القياس ؛ لأنه أوثق ما لم تتبين تغيرا منهم.

إبدال الياء من الواو :

تقلب الواو ياء في شقيت وغبيت لإنكسار ما قبلهما فإذا قالوا : يشقى ويغبى قلبوها ألفا لإنفتاح ما قبلها ، وإذا قالوا : يشقيان ويغبيان قلبوا الواو ياء ليكون المضارع كالماضي ، وإذا كان : فعلت مع التاء على خمسة أحرف فصاعدا وكان الفعل ممّا لامه واو قلبت ياء ، وذلك قولك : أغزيت وغازيت واسترشيت وإنّما فعل ذلك لأنّك إذا قلت منه يفعل انكسر ما قبل الواو فقلبت الواو ياء لذلك ثمّ اتبع الماضي المستقبل ، فإن قال قائل : فما بال قولهم : تغازينا ومستقبله يتغازى وما قبل اللام مفتوح في الماضي والمستقبل قيل له : إنّ الأصل كان قبل دخول التاء في (تغازينا) غازينا نغازي (فاعل) غازي من أجل اعتلال (يغازي) ثم دخلت التاء بعد أن وجب البدل ومن ذلك قولهم : ضوضيت وقوقيت الياء مبدلة من واو ؛ لأنه بمنزلة : صعصعت تكررت فيه الفاء والعين ولكنّهم أبدلوا الواو إذ كانت رابعة ياء والمضاعف من بنات الواو ممّا عينه ولامه واوان لا يثبتان في (فعل) ويلزمان في الماضي ان يبنيا

٤٠٦

على (فعل) حتى تنقلب الواو التي هي لام ياء ، وذلك قولهم : من القوة : قويت ومن الحوة :حويت وقوي وحوي ولم يقولوا : قد قوّ كما قالوا (حيّ) ؛ لأن العين في الأصل قالبة الواو الآخرة إلى الياء وليس قوي مثل : حييّ ؛ لأن العين واللام في (قوي) قد اختلفا وإنّما الإدغام بإتفاقهما ولم يقولوا : قووت تقوو كما قالوا : غزوت تغزو استثقالا للواوين وقالوا : قوّة ؛ لأن اللسان يرتفع رفعة واحدة فجاز هذا كما قالوا : سأل : لمّا كان اللسان يرتفع رفعة واحدة والهمزة أثقل من الواو.

وافعللت وافعاللت من غزوت اغزويت واغزاويت لا يقع فيهما الإدغام ولا الإخفاء حتى لا يلتقي حرفان من موضع واحد وإنّما وقع الإدغام والإخفاء في باب : حييت لأنّهما ياءان فاغزويت مثل : ارعويت وثبتت الواو الأولى ولم تحول ألفا ، وإن كانت متحركة وقبلها فتحة من أجل سكون ما بعدها وأنّه إذا كانت العين واللام من حروف العلة أعلت اللام وصحت العين وإنّما الواو هنا بمنزلة نزوان وافعاللت من الواوين بمنزلة غزوت ، وذلك قول العرب : قد احواوت الشاة واحواويت والمصدر احويّاء.

وتقول : احوويت فتثبت الواوان وسطا كالياءين ويجري احوويت على : اقتتلت في البيان والإدغام والإخفاء وتقول في (فعل) من شويت : شيء قلبت الواو ياء حين كانت ساكنة بعدها ياء وكسرت الشين كراهية الضمة مع الياء كما تكره الواو الساكنة وبعدها ياء وكذلك فعل (من) (حييت) حيّ.

وقد ضمّ بعض العرب الأول ولم يجعلها كبيض ؛ لأنه حين أدغم ذهب المدّ ألا ترى أنّ ما لا يعرب من الياء والواو إذا كانتا لامين متى وقع فيهما إدغام وجب الإعراب ؛ لأن الحرف إذا شدّد قوي وصار بمنزلة الصحيح وكان بمنزلة الياء والواو اللتين قبلهما ساكن ولو كانت :(حيّ) في قافية مع (عمي) لجاز وقالوا : قرن ألوى وقرون ليّ.

قال سيبويه : ومثل ذلك قولهم : ريّا وريّة حيث قلبوا الواو المبدلة من الهمزة فجعلوها كواو (شويت) يريد : رويا وروية وقد قال بعضهم : ريّا وريّة كما قالوا : ليّ ومن قال : ريّة قال

٤٠٧

في (فعل) من (وأيت) فيمن ترك الهمزة : ويّ : يدع الواو الأولى على حالها ؛ لأنه لم يلتق واوان إلّا في قول من قال : أعدّ في وعد هذا قول سيبويه.

وقال أبو العباس : هذا غلط ؛ لأن الذي يقول : ويّ ينوي الهمزة فكيف يفرّ من الهمز الذي هو الأصل ويأتي بغير الأصل ومن قال : ريّا فكسر الراء قال : ويّ فكسر الواو وأبدلوا الياء من الواو في قولك : هذا أبوك وأخوك ثم قالوا : مررت بأخيك وأبيك وكذلك : مسلمون إذا قلت : مررت بمسلمين.

إبدال الياء من الألف :

حاحيت وعاعيت وهاهيت ، قال سيبويه : أبدلوا الألف لشبهها بالياء ويدلّك على أنّها ليست فاعلت قولهم : الحيحاء والعيعاء كما قالوا : السّرهاف والحاحاة والهاهاة فأجري مجرى :دعدعت إذ كنّ للتصويت كما أن دهديت هي فيما زعم الخليل : دهدهت وتبدل الياء من الألف في قولك : هذان رجلان ثم تقول : رأيت رجلين ومررت برجلين وتبدل من الألف في (قرطاس) إذا صغرت أو جمعت قلت : قراطيس وقريطيس وتبدل في لغة بعض العرب طيىء وغيرهم يقولون : أفعى وحبلى.

إبدال الياء من الواو وهي فاء :

وذلك ميزان وميقات وهو من الوقث والوزن ولكنّهم قلبوا الواو ياء لإنكسار ما قبلها.

إبدال الياء من الواو وهي عين :

تبدل في (فعل) من القول والخوف فيقولون : قد خيف وقد قيل.

وقد ذكر في موضعه وتبدل مدغمة في : سيّد وميّت والأصل : فيعل وهو من الموت والسودد ولكن كلمّا التقت واو وياء وسكن الأول منهما قلبوا الواو ياء وأدغموا الياء في الياء وأكثر الكلام على هذا إلّا أحرفا شاذة.

وقالوا : لويت ليّة وليّا وطويت طيّا والأصل : لويت لوية ولويا وطويت طويا ولكن لما سكنت الواو وبعدها الياء قلبوها ياء وأدغموها في الياء وليس في الصحيح : (فيعل) ولكن قد

٤٠٨

يخصون المعتلّ ببناء ليس في الصحيح كما قالوا : كينونة وقيدودة وإنّما هو من : قاد يقود فأصلها : فيعلول وليس في غير المعتلّ : فيعلول مصدر فيعلولة. وقضاة ليس في جمع الصحيح مثله ولو أرادوا : (فيعلا) لقالوا : سيّد كما قالوا : تيّحان وهيّبان ومما قلبوا فيه الواو ياء : ديّار وقيّام وإنّما كان الحدّ : قيوام وقالوا : قيّوم وديّور والأصل : ديوور : وأمّا : زيّلت ففعّلت من :زايلت وزلت ولو كانت زيّلت فيعلت : لقلت في المصدر : زيّلة ولم تقل : تزييلا ، وأما تحيزت فتفيعلت من : حزت : والتحيّز : التّفيعل.

إبدالهما من الواو الزائدة :

وتبدل الياء من الواو في : بهلول وكردوس إذا صغرتهما أو جمعتهما تقول في التصغير : بهيليل وكريديس وفي الجمع : بهاليل وكراديس ومن ذلك : مقصيّ ومرميّ إنّما هو مفعول وكان القياس أن تقول : مقصويّ ومرمويّ ولكن لما سكنت الواو بعدها الياء قلبوها ياء وأدغموها فيها وكذلك إذا قلت : هذه عشروك وعشريّ إنّما قلبت الواو ياء للياء التي بعدها قال :وسألت الخليل عن : سوير وبويع ما منعهم من أن يقلبوا الواو ياء فقال : لأنّها ليست بأصل وكذلك : تفوعل نحو : تبويع ؛ لأن الأصل الألف ومثله : روية ورويا غير مهموز لم يقلبوا ؛ لأن الأصل الهمز وقال بعضهم ريّا ورويا قال : ولا يكون هذا في : سوير وتبويع ؛ لأن الواو بدل من الألف فأرادوا أن يمدوا نحو واو سوير واو ديوان ؛ لأن الياء بدل من الواو.

إبدال الياء من المدغم عينا :

وذلك قولهم : دينار وقيراط والأصل : دنّار وقرّاط يدلّ على ذلك جمعهم إياه دنانير وقراريط والتصغير دنينير وقريريط فأبدلوا الأولى ياء. وكلهم يقول في (ديوان) دواوين في الجمع وديوين في التصغير فقلبت الواو ياء للكسرة.

إبدال الياء من الواو تشبيها بما يوجب القلب :

من ذلك قولهم : حالت حيالا وقمت قياما.

قال سيبويه : قلبوها لإعتلالها في الفعل ، وإن قبلها كسرة وبعدها حرف يشبه الياء يعني الألف قال ومثل ذلك : سوط وسياط لمّا كانت الواو ساكنة فأمّا ما كان قد قلب في الواحد فإنّه

٤٠٩

لا يثبت في الجمع إذا كان قبله الكسر ، وذلك قوله : ديمة وديم وحيلة وحيل وقامة وقيم ودار وديار وهذا أجدر إذا كانت بعدها الألف استثقلوا الواو بعد الكسرة.

فجميع هذا لم يعلّ للكسرة التي قبله فقط ؛ لأن الكسرة إنّما تقلب الواو ياء إذا كانت الواو ساكنة ولكنّ هذه الواو ضارعت الواو الساكنة باعتلالها في الواحد فأعلوها في الجميع ، فإن لم تعتلّ في الواحد لم تعلّ في الجميع ، وذلك قولهم : كوز وكوزة وعود وعودة وثور وثورة وقد قالوا : ثيرة. قلبوها حيث كانت بعد كسرة وهذا شاذّ والفرق بينه وبين : سوط وسياط أنّ بعد الياء في (سياط) ألفا وهو حرف يقرب من الياء.

وقال أبو العباس : هؤلاء إنما قالوا : ثيرة ليفرقوا بين : ثور الأقط.

وثور من البقر وقال : بنوه على فعلة ثم حركوه فصار ثيرة وممّا أجري مجرى (حيالا) :اجتزت اجتيازا وانقدت انقيادا فأمّا قولهم : جوار فلصحته في الفعل قالوا : جاورت وقد قلبوا الواو ياء في (فعّل) وذلك : صيّم في (صوّم) وفي قوّل : قيّل : وفي قيّم قوّم شبهوها بعتوّ وعتيّ كما قالوا : جثوّ.

وفعول إذا كانت جمعا فحقّها القلب نحو : عات وعتيّ ، وإذا كان مصدرا فحقه التصحيح ؛ لأن الجمع أثقل عندهم من الواحد ألا تراهم قالوا : في جمع أبيض : بيض وكان القياس : بوض ؛ لأنه فعل : يدلّك على ذلك قولهم : أحمر حمر ولكنّهم أبدلوا الضمة كسرة لتصحّ الياء التي كانت في الأصل ولئلا يخرجوا من الآخفّ إلى الأثقل في الجمع وهو أثقل من الواحد عندهم فيجتمع ثقلان وقالوا أيضا : صيّم ونيّم كما قالوا : عتيّ فكسروا ليؤكدوا البدل.

ولم يقلبوا في : زوّار وصوّام لبعدها من الطرف فأمّا طويل وطوال فصحّ في الجمع كما صحّ في الواحد. أما فعلان وفعلى فنحو : جولان وحيدان وحيدى فأخرجوه بهذه الزيادة من مثال الفعل الذي يعتلّ فأشبه عندهم ما صحح ؛ لأنه جاء على غير مثال الفعل المعتل نحو :الحول والغير وكذلك فعلاء نحو : السيراء وفعلاء : نحو : القوباء والخيلاء وقد وكذلك فعلاء نحو : السيراء وفعلاء : نحو : القوباء والخيلاء وقد أعلّ بعضهم : فعلان وفعلى كما أعلّ ما لا

٤١٠

زيادة فيه جعلوا الزيادة بمنزلة الهاء ، وذلك قولهم : داران وهامان وليس ذا بالمطرد ، وأما فعلى وفعلى فلا تدخله العلة كما لا تدخل : فعلاء وفعلاء.

إبدال الواو من الياء :

الواو تبدل من الياء إذا سكنت وانضم ما قبلها نحو : موقن وموسر كان الأصل : ميقن وميسر فأبدلت واوا من أجل الضمة ويا زيد وإس وقال بعضهم : يا زيد بئس شبهه بقيل وقرأ أبو عمرو : (يا صالح يتنا) جعل الهمزة ياء ثمّ لم يقلبها واوا ولم يقولوا : هذا في الحرف الذي ليس منفصلا وهي لغة ضعيفة وتبدل من الياء في النسب إذا نسبت إلى ندا ورحا : ندويّ وروحويّ وإلى غنيّ : غنويّ وهذه الياء إنما تقلب ألفا ثم تقلب واوا فالأصل ياء والتقدير قلبها من الألف وقد ذكرت ذا في النسب وتبدل الواو من الياء في (فعلى) إذا كانت اسما والياء موضع اللام يقولون : لك شروى هذا الثّوب وإنّما هي من : شريت وتقوى وإنّما هي من التّقيّة ، وإن كانت صفة تركوها على أصلها قالوا : امرأة خزيا وريّا ولو كانت : ريّا اسما لكانت :روّا لأنك كنت تبدل واوا موضع اللام وتثبت الواو التي هي عين فعلى من الواو على الأصل.

وذلك : شهوى صفة ودعوى اسم وأبدلوها وهي عين في فعلى ، وذلك قولهم : هذه الكوسى والطّوبى وهو من الكيس والطيب وإنّما أبدلوها للضمة قبلها ، فإن كانت صفة ليست فيها ألف ولام ردوها إلى أصلها قال : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم : ٢٢].

وذكر سيبويه : أنّها فعلى وأنه ليس في الكلام : فعلى (صفة) وفي الكلام فعلى صفة مثل : حبلى و (فعلى) إذا كانت فيها ألف ولام استعمل استعمال الأسماء ، وإن كانت مشتقة ألا ترى أنّك تقول الصّغرى والكبرى فلا تحتاج أن تقول : المرأة الصّغرى وأمّا : (فعلى) فعلى الأصل في الواو والياء ، وذلك قولهم : فوضى وعيثى وفعلى من قلت على الأصل كما كانت فعلى من غزوت على الأصل.

وكأنّهم عوضوا الواو في هذا الباب من كثرة دخول الياء عليها في غيره وذا قول سيبويه.

إبدال الواو مكان الهمزة :

٤١١

قد ذكرنا في باب الهمزة ابدال الواو من الألف بعض العرب يقول : هذه افعو وحبلو في الوقف وتبدل الواو من الألف إذا كانت ثانية زائدة في الجمع والتصغير فتقول في : ضاربة ضويربة وفي جمعها : ضوارب وتبدل الواو من همزة التأنيث في النّسب والتثنية والجمع فتقول : ناقتان عشراوان وامرأتان نفساوان وأينق عشراوات ونساء نفساوات ، وإذا نسبوا إلى : ورقاء قالوا : ورقاويّ وأبدلوها في موضعين بدلا شاذا وقالوا : في فتيان : هؤلاء فتوّ كما ترى وأنشدوا :

في فتوّ أنا رابئهم

من كلال غزوة ماتوا (١)

وقالوا في المصدر : فتوّة فهذا من الشاذّ وقالوا في النّسب : كساويّ والهمز أجود وقالوا :هذان علباوان في تثنية علباء وهذه كثيرة ؛ لأن الياء زائدة في (علباء) ، وإذا قلت : (فعل) من فاعل قلت : فوعل : فأبدلت من الألف واوا ، وذلك نحو : سوير هو من سائر وكذلك بايع وبويع.

إبدال التاء : أبدلوها من الواو والياء :

تبدل في موضعين من الواو والياء ومن أشياء تشذّ إبدالا مطردا وتبدل من السين إبدالها من الواو تقلب التاء من الواو إذا كانت الواو في موضع الفاء قلبا مطردا إذا قلت : افتعل يقولون : اتّعد واتّزن يتّزن ويتّعد وهم متّزنون ومتّعدون وكذلك الياء تقول افتعل من يأس اتّأس فتقلب.

__________________

(١) ورابئ : اسم فاعل من ربأت القوم بالهمزة ربئا وارتبأتهم ، أي : رقبتهم ، وذلك إذا كنت لهم طليعة فوق شرف. والربيء والربيئة على وزن فعيل وفعلية : الطليعة. والمربأة على مفعلة ، وكذلك المربأ : المرقبة.

والعورة تقدم شرحها. وصمات : جمع صامت ، وصمتهم للحراسة.

وروى الجوهري :

في فتو أنا رابئهم

من كلال غزوة ماتوا

والكلال ، بالفتح : التعب. وهو مضاف إلى غزوة. والغزوة ، بمعجمتين ، وجملة ماتوا : صفة ثانية لفتو.

وأردا بالموت : مقاساة الأهوال والشدائد. انظر خزانة الأدب ٤ / ٢١٧.

٤١٢

وناس يقولون : ايتعد وقالوا : ياتعد وموتعد. وتقلب قلبا غير مطرد في قولهم : أتهم وأتلج وأولج أكثرهم يقوله. ، وأما أتهم فهو من الوهم والظنّ يقال : قد أتهم الرجل إذا صار تظنّ به الرّيبة ومثله : التّخمة وإنّما هو من (الوخامة) ومثلها : تجاه وهي من : واجهت وكذلك تراث هي من : ورثت وربّما أبدلوا التاء إذا التقت الواوان وليس بمطرد قالوا : تولج.

وزعم الخليل : أنّها فوعل ولم يجعلهما تفعلا لأنك لا تكاد تجد في الأسماء تفعلا وفوعل كثير ومنهم من يقول : دولج في تولج.

إبدال التاء من الياء :

قال سيبويه : إذا قلت افتعل من اليبس قلت اتّبس يتّبس اتباسا وهو متّبس.

قال الجرمي : والعرب تقول في أيسار الجزور الذي يقتسمونها قد أتّسروها يتّسرونها اتّسارا وهذا أكثر على ألسنتهم وبعضهم يقول : ائتسروها يأتسرونها ائتسارا وهم مؤتسرون.

الشذوذ :

يبدلون التاء من السين والدال في قولهم : ستّ وكان الأصل : (سدس) والدليل على ذلك إذا جمعت قلت أسداس ، وإذا صغرت قلت : سديسة ويقولون : غلام سداسيّ فإذا زالت عن الموضع. الذي قلبوها فيه ردوها إلى أصلها وأبدلوا التاء من الواو في قولهم : أسنتوا إذا أصابتهم السنة والجدوبة وإنّما كان أصلها : أسنوا ولكنّهم إذا أرادوا أن يقولوا : لبثنا هاهنا سنة قالوا :قد أسنوا يسنون اسناء فأرادوا الفصل بينهما فقلبوا الواو في هذا المعنى تاء وهذا كله شاذّ لا يقاس عليه ، وإذا كانت الذال لاما في (فعلت) فمنهم من يجريها على الأصل فيقول : أخذت فيظهر الذال والتاء وهي قليلة وأكثرهم يقلب الذال تاء فيقول أختّ وهي أكثر القراءة وقرأوا : (وأختم على ذلكم إصري) [آل عمران : ٨١].

إبدال الدال في افتعل وفعلت :

تبدل من التاء في (افتعل) قلبا مطردا إذا كان قبل التاء حرف مجهور زاي أو دال تقول في (افتعل) من الزينة : ازدان ازديانا ومن الزرع : ازدرع ازدراعا وذاك أنّ التاء كانت مهموسة

٤١٣

والزاي مجهورة فأبدلوا من التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال وكذلك : افتعل من الذّكر وهو قولك : ادّكر يدّكر ادّكارا وهو مدّكر وهذه أكثر في كلام العرب ويقول قوم : اذّكر يذّكر وهو مذّكر وكان الأصل : مذدكر ثمّ أدغمت الذال في الدّال ؛ لأن حقّ الإدغام أن يدغم الأول في الثاني وهو أكثر كلام العرب ومن العرب من يكره أن يدغم الأصلي فيما هو بدل من الزائد فيقول : مذّكر وهي قليلة فهذا لا تعدّ فيه الذال بدلا ؛ لأنه قلب وبدل لإدغام وكذلك قولهم : اثّرد يريدون : اثترد ومنهم من يقول : اتّرد فيدغم الثّاء في التاء وهو الكثير والذين قالوا : اثّرد كرهوا أن يدغموا الأصليّ في الزائد.

وبعض بني تميم إذا كانت الزاي لاما قلبوا التاء في (فعلت) دالا وقالوا فزد يريدون فزت ومنهم من يقول : وولج في : تولج.

إبدال الطاء :

الطاء تبدل من التاء في (افتعل) إذا كان قبلها طاء أو ضاد ، وذلك قولهم : اظطلم يظطلم اظطلاما واضطجع يضطجع اضطجاعا وهو مضطجع وفي (افتعل) من (ظلم) ثلاث لغات من العرب من يقلب التاء طاء ثمّ يظهر الطاء والظاء جميعا كما ذكرت لك ومنهم من يريد الإدغام فيدغم الظاء في الطاء وهي أكثر اللغات فيقول : اظّلم يظّلم اظّلاما وهو مظّلم ومنهم من يكره أن يدغم الأصلي في الزائد فيقول : اظّلم يظّلم اظّلاما ومظّلم ، وأما مضطجع ففيه لغتان : مضطجع ومضّجع ولا يدغمون الضاد في الطاء.

وإذا كان الأول صادا قالوا : اصطبر يصطبر اصطبارا وهو مصطبر ، فإن أرادوا الإدغام قالوا هو مصبّر وقد اصبّر ؛ لأن الصاد لا تدغم في الطاء فقلبوا الطاء ضادا وأدغموا الضاد فيها ، فإن كان أول (افتعل) طاء فكلهم يقول : اطّلب يطّلب وهو مطّلب ، وإذا كان أوله سينا فمنهم من يظهر التاء ومنهم من يدغم فيقول : اسّمع وقد أبدلوا التاء في (فعلت) طاء إذا كان قبلها الصاد وسكنت الصاد وتحركت التاء وهي لغة لناس من بني تميم يقولون : فحصط برجلي فيجعلون التاء طاء كما فعلوا ذلك في : اصطبر فقلبوا التاء طاء وكذلك إذا كانت التاء قبلها طاء موضع اللام يقولون : خبط بيدي وقال علقمة بن عبدة :

٤١٤

وفي كلّ قوم قد خبطّ بنعمة

فحقّ لشأس من نداك ذنوب

إبدال الميم :

إذا كانت النون ساكنة وبعدها الباء فالعرب تقلب النون ميما فيقولون : العنبر : الكتابة بالنون واللفظ بالميم وشنباء أيضا الكتابة بالنون واللفظ بالميم فيقلبون النون ميما إذا كانت النون ساكنة يقولون : أخذته عن بكر الكتابة بالنون واللفظ بالميم فيقلبون النون إذا سكنت فإذا تحركت أعادوها إلى أصلها فجعلوها نونا يقولون : الشّنب ورجل أشنب لمّا تحركت رجعت إلى أصلها ، وإذا صغّرت (العنبر) قلت : عنيبر تردّ النون إلى أصلها لمّا تحركت.

قال الجرمي : وسمعت الأصمعي يقول : الشّنب : برد الفم والأسنان فقلت له : إنّ أصحابنا يقولون : إنّه حدتها حين تطلع فيراد بذلك حداثتها وطراءتها لأنّها إذا أتت عليها السنون احتكت فقال : ما هو إلّا بردها وقد قلبوا قلبا شاذا لا يقاس عليه قالوا : في فيك وفوك إذا أفردوه فم وأصله : فوه والدليل على ذلك تصغيره : فويه وجمعه : أفواه فإذا أضافوه ففيه لغتان : يقول بعضهم : هذا فوك ورأيت فاك وفي فيك فيجيئون بموضع العين ويحذفون اللام وهي لغة كثيرة إذا أضافوا ومنهم من يقول : هذا فمك ورأيت فمك وفي فمك ويجيء في الشعر لغة ضعيفة على غير هذا قالوا : هذان فموان ورأيت فموين وكذلك إذا أضافوا قالوا :هذان فمواكما ورأيت فمويكما.

إبدال الجيم :

أبدلت الجيم مكان الياء المشددة وليس ذلك بالمعروف وأنشدوا :

خالي عويف وأبو علجّ

المطعمان الشّحم بالعشجّ

وبالغداة فلق البرنيجّ

وقد أبدلوها من المخففة ، وذلك ضعيف قليل وأنشد أبو زيد :

يا ربّ إن كنت قبلت حجّتج

٤١٥

فلا يزالن شاحج يأتيك بج

يريدون (حجتي) ويأتيك (بي) وأنشدوا :

حتى إذا ما أمسجت وأمسجا

يريد : أمسيت وأمسيا فهذا كله قبيح وليس بالمعروف.

قال أبو عمر : ولو رده إنسان كان مذهبا.

إبدال اللام :

أبدلوا اللام في : (أصيلال) من النون ، وذلك أنّهم إذا صغروا : الأصيل قالوا : أصيل وهو القياس وقال بعضهم : أصيلان فزاد الألف والنون وهي لغة معروفة وهذا من الشاذّ فأبدل بعضهم هذه النون لاما فقال : أصيلال والأصيل بعد العصر إلى المغرب قال النابغة :

وقفت فيها أصيلالا أسائلها

أعيت جوابا وما بالرّبع من أحد (١)

الهاء :

الهاء تبدل من التاء تاء التأنيث في الاسم في الوقف نحو : تمره وطلحه وقائمه ومن الهمزة في : أرحت : هرحت.

النون :

والنون تكون بدلا من الهمزة في : (فعلان) فعلى كما أنّ الهمزة بدل من الألف في : حمراء هذا مذهب الخليل وسيبويه.

الحذف :

إذا كانت الواو أولا وكانت فاء نحو : وعد يعد حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ؛ لأن مضارع فعل يفعل فوعد فعل ، فإن كان الماضي مثل : وجل جاء المضارع على : يفعل وتثبت الواو لأنّها لم تقع بين ياء وكسرة.

__________________

(١) قال الأعلم : الشاهد في قوله : إلّا الأواريّ ، بالنصب على الاستثناء المنقطع ، لأنها من غير جنس الأحد ، والرفع جائز على البدل من الموضع ، والتقدير : وما بالربع أحد إلّا الأواريّ ، على أن تجعل من جنس الأحد اتّساعا ومجازا ، انتهى. انظر خزانة الأدب ٤ / ١٠٤.

٤١٦

وتفعلة من : وعدت وتفعل : إذا كانا اسمين توعدة وتوعد والدليل على أنّها تثبت قولهم : توسعة وتودية والمصدر من : وعدت : عدة فعلة والهاء لا بدّ منها ، وإذا لم تكن فلا حذف أعلوا المصدر كفعله.

قال سيبويه : وقد أتموا فقالوا : وجهة في جهة.

قال أبو بكر : وهذا عندي أعني وجهة لم يجيء على الفعل والواو تثبت في الأسماء قالوا : ولدة وقالوا أيضا لدة كعدة فالاسم : وعدة والمصدر : عدة.

وإن كانت الياء أولا فاء لم تحذف في الموضع الذي تحذف فيه الواو ، وذلك قولهم : يعر ييعر وحكي عن بعضهم في المضارع : يئس وييئس كما قالوا : يعد ومن ذلك قولهم : هين وميت يريدون هيّن وميّت فحذفوا العين وهي متحركة ومن ذلك : كينونة وقيدود وإنّما هو من : قاد يقود وأصلها : فيعلول.

قال سيبويه : سألت الخليل عن (لم أبل) فقال : هي من (باليت) ولكنّهم لما أسكنوا اللام حذفوا الألف ؛ لأنه لا يلتقي ساكنان وزعم الخليل : أنّ ناسا يقولون : لم أبله لا يزيدون على حذف الألف ولم يحذفوا لا أبالي كما أنّهم إذا قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم تحذف وأبالي إنّما يحذف في موضع الجزم فقط ، وإذا كانت اللام ياء بعد ياءين مدغمين فاجتمع ثلاث ياءات في اسم غير مبني على (فعل) حذف اللام ، وذلك قولك في تصغير عطاء عطيّ وفي أحوى : حييّ ، فإن كان اسم على فعل تثبت نحو قولك : حيّا فهو محييّ.

٤١٧

التحويل والنقل

هذا على ضربين : فعل واسم جار على : (فعل).

واعلم أنّ كلّ كلمة فحقّها أن تترك على بنائها الذي بنيت عليه ولا تزال عنه حركاتها التي بنيت عليها ولا يحول إلّا (فعلت) مما عينه واو أو ياء فإنه في الأصل (فعل) نحو : قام وباع فإذا قلت : فعلت نقلت ما كان من بنات الواو إلى (فعلت) وما كان من بنات الياء إلى (فعلت) ثمّ حولت الضمة في (فعلت) من : قلت إلى الفاء ومن : بعت إلى الفاء وأزلت الحركة التي كانت لها في الأصل فقلت : قمت وبعت وكان التقدير : قومت وبيعت فلمّا نقلت عن العينين حركتيهما إلى الفاء سكنتا وأسكنت اللام من أجل التاء في : (فعلت) فحذفت العين لالتقاء الساكنين فصار قمت وبعت فألزموا : فعلت بنات الواو وألزموا (فعلت) بنات الياء شبهوا ما اعتلت عينه بما اعتلت لامه كما ألزموا : يغزو وبابه (يفعل) وألزموا (يرمي) وبابه (يفعل) وكلّ ما كان ماضيه على (فعل) فعلى هذا يجري وقد جعلوا ما قبل كلّ واحدة منهما حركتها منها فتقدير : قلت قول وتقدير : بعت بيع ويدلّك على أنّ أصل : قمت وما أشبهه :(فعلت) أنه ليس في الكلام (فعلته) فأمّا (طلت) فإنّها (فعلت) في الأصل لأنّك تقول : طويل وطوال ولا يجوز : طلته وليس في بنات الياء (فعلت).

ودخلت (فعلت) على بنات الواو نحو : شقيت وغبيت ولم تدخل (فعلت) على ذوات الياء لأنّها نقلت من الأثقل إلى الأخفّ ، وإذا قلت : يفعل من قلت ونحوه ألزمته (يفعل) فقلت : يقول وكان الأصل : يقول فحوّلت الحركة كما فعلت في (فعلت) حين قلت : قمت وقلت في بعت : أبيع وكان الأصل أبيع فنقلت الحركة كما قلت في (فعلت) من (بعت) ، وأما (خفت) فالأصل : خوفت مبنيّ على (فعلت) والعين مكسورة فهذا لم يحول من بناء إلى بناء وهو على أصله ولكنّك نقلت حركة العين فألقيتها على الفاء ويدلّك على أنّ خاف (فعل) قولهم : يخاف ويخاف (يفعل) كان الأصل : يخوف فنقلت الحركة كما فعلت في الماضي ومستقبل : (فعل) على : (يفعل) نحو : حذر يحذر وفرق يفرق فنقل الحركة من عين (فعلت)

٤١٨

وفعلت كانتا محوّلتين أو أصليتين إلى الفاء واجب في (فعلت) ، وأما التحويل من بناء إلى بناء فليس إلّا في (قمت) ونحوه وبعت ونحوه فافهمه وخصّ (بعت) وقمت بالتحويل دون غيرهما لشبههما بيغزو ويرمي ويخاف لا يشبه (يغزو) لأنّ : يخاف (يفعل) مفتوح العين ، وإذا كان الماضي فعل جاء المضارع على يفعل ويفعل وليس ذلك في (فعل) فنقلنا من الفعل الماضي ما له (يفعل) و (يفعل) تشبيها به وما ليس له ذاك لم ينقل فتأمل هذا فإنّه غير مشروح في كتبهم.

وطلت أصله : طولت (فعلت) فنقلت الحركة إلى الفاء ولم يحوّله من شيء إلى شيء فمستقبله مثل (يطول) ، وإذا كان (فعل) من بنات الواو ونقل إلى (فعل) كان (فعل) الذي أصله من بنات الواو حقيقا بأن لا يزال عن جهته و (فعل) ليس في ذوات الياء ، وإذا قلت (فعل) في هذه الأشياء كسرت الفاء وحولت عليها حركة العين كما فعلت ذلك في (فعلت) لتغير حركة الأصل ، وذلك قولك : خيف وبيع وهيب وقيل وبعض العرب يشم الضم إرادة أن يبين أنّها (فعل) وبعض من يضم يقول : بوع وقول وخوف يتبع الياء ما قبلها كما قال :موقن وهذه اللغات دواخل على قيل وخيف وبيع وهيب والأصل الكسرة.

وإذا قلت (فعل) صارت العين تابعة لما قبلها ولو لم تجعلها تابعة لما قبلها لألتبس (فعل) من (باع وخاف) (بفعل).

قال سيبويه : وحدثنا أبو الخطاب : أنّ ناسا من العرب يقولون : كيد زيد يفعل وما زيل زيد يفعل يريدون زال وكاد فهؤلاء نقلوا في (فعل) وحولوا كما فعلوا في (فعلت) فإذا قلت :فعلت أو فعلن أو فعلنا من هذه الأشياء ففيها لغات أمّا من قال : بيع وهيب وخيف فإنّه يقول : خفنا وبعنا وخفن وبعن وخفت وبعت وهبت تدع الكسرة على حالها وتحذف الياء لالتقاء الساكنين.

وأما من ضمّ بإشمام إذا قال : فعل فإنّه يقول : قد بعنا وقد بعن يميل الفاء ليعلم أنّ الياء قد حذفت والذين يقولون : بوع وقول وخوف يقولون : بعنا وخفنا وهبنا ، وأما متّ تموت فإنّما اعتلت من (فعل يفعل) ونظيرها من الصحيح : فضل يفضل وهذه الأشياء تشذّ كأنّها

٤١٩

لغات تداخلت فاستعمل من يقول : فضل في المضارع لغة الذي يقول : فضل وكذلك (كدت) تكاد جاءت تكاد على كدت وكدت على : تكود.

قال سيبويه : وأما ليس فكأنّها مسكنة من نحو قوله : صيد كما قالوا : علم ذاك في (علم ذاك) وإنّما فعلوا ذلك بها حيث لم يكن لها (يفعل) شبهوها (بليت) أمّا (عور يعور) و (حول يحول) و (صيد يصيد) فجاءوا بها على الأصل ؛ لأنه في معنى (اعوررت) و (احوللت) ، وأما طاح يطيح وتاه يتيه فزعم الخليل : أنّها (فعل يفعل) بمنزلة : حسب يحسب وهي من الواو يدلّك على ذلك : طوّحت وتوّهت وهو أطوح منه وأتوه منه ومن قال : طيّحت وتيّهت فقد جاء بها على (باع يبيع).

واعلم أنّ جميع هذه إذا دخلت عليها الزوائد فهي على علتها لا فرق بينها وبينها إلّا أنّك لا تنقل فيها من بناء إلى بناء ألا ترى أنّك تقول : قام ثمّ تقول : أقام فهو مثل (قام) كما كان.

فإذا قلت : (فعلت) اختلفا فقلت : (قمت) ، فإن قلت : أفعلت قلت : أقمت فتركت القاف مفتوحة نقلت إليها الفتحة من (أقومت) ولم تحول من بناء إلى بناء ؛ لأنه قد زال هنا أن يشبه المضارع مضارع (يغزو ويرمي) ؛ لأن مضارع أجاد : يجيد وأقام : يقيم فقد زالت تلك العلّة التي كانت (بقمت وبعت) قبل دخول الزيادة ولو فعلوا هذا به أيضا لكانوا قد حوّلوه إلى ما ليس من كلامهم وهو (أفعل) فلمّا كان من كلامهم (فعل) حوّلوا إليه ولمّا امتنع منه (أفعل) ألقوه وقد جاءت حروف على الأصل ولا يقاس عليها ، وذلك نحو قولهم : أجودت وأطولت واستحوذ واستروح وأطيب وأخيلت وأغيلت وأغيمت وجميع هذا فيه اللغة المطردة.

قال سيبويه : إلّا أنّا لم نسمعهم قالوا إلّا (استروح إليه وأغيلت واستحوذ) ومن هذا الباب : اختار واعتاد وانقاس فتار من (اختار) وتاد من اعتاد وقاس من انقاس نظير (قام) لا فرق بينهما في سواكنه ومتحركاته ، وإذا قلت فعلت قلت أخترت وانقدت.

٤٢٠