الأصول في النحو - ج ٢

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-406-X
الصفحات: ٥٣٥

ما لحقته الزيادة من بنات الخمسة وجاءت الزوائد في بنات الخمسة أقلّ بحرف فزوائده ثلاثة :

الأول : لحاق الياء خامسة :

فعلليل خندريس وعندليب طائر وسلسبيل والصفة دردبيس وهي العجوز والداهية أيضا. فعلّيل : خزعبيل وهي الأباطيل عن الجرمي.

الثاني : لحاق الواو خامسة :

فعللول : عضرفوط وهي العظاءة الذكر. فعللول : صفة قرطبوس : وفي كتابي موقع عن أبي العباس قرطبوس : هو المعروف.

الثالث : لحاق الألف سادسة لغير التأنيث :

فعلّلى : قبعثرى وهو العظيم الشديد.

٣٨١

باب أبنية ما أعرب من الأعجمية

الكلام الأعجمي يخالف العربي في اللفظ كثيرا ومخالفته على ضربين :

أحدهما : مخالفة البناء.

والآخر : مخالفة الحروف.

فأمّا ما خالف حروفه حروف العرب ، فإن العرب تبدله بحروفها ولا تنطق بسواها ، وأما البناء فإنه يجيء على ضربين أحدهما : قد بنته العرب بناء كلامها وغيّرته كما غيرت الحروف التي ليست من حروفها.

ومنه ما تكلمت به بأبنية غير أبنيتها وربما غيروا الحرف العربي بحرف غيره ؛ لأن الأصل أعجمي.

الأول : ما بنته من كلامها :

وذلك قولهم : درهم ودينار وإسحاق ويعقوب وقالوا : آجور وشبارق فألحقوه بعذافر ورستاق ألحقوه بقرطاس.

الثاني : ما بنته على غير أبنية كلامها :

وذلك نحو : آجرّ وإبريسم وسراويل وفيروز. وربّما تركوا الاسم على حاله إذا كانت حروفه من حروفهم كان على بنائهم أو لم يكن نحو : خراسان وخرّم والكركم وربّما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم ولم يغيروه على بنائه في الفارسية نحو : فرند وبقّم.

واعلم أنّهم إذا أبدلوا حرفا من حروف الفارسية أبدلوا منه ما يقرب من المخرج فيبدلون من الحرف الذي بين الكاف والجيم الجيم ، وذلك نحو : الجربز والآجرّ والجورب وربّما أبدلوا القاف لأنّها قريبة أيضا.

قال بعضهم : قربز وقالوا : قربق في قربك ، وإذا كانت حروف لا تثبت في كلام العجم ، وإن كانت من حروف العرب أبدلوا منه نحو : كوسه وموزه ؛ لأن هذه الحروف تحذف وتبدل في كلام الفرس همزة مرة وياء أخرى فأبدلت من ذلك الجيم فقالوا : موزج وجعلوا الجيم

٣٨٢

الأولى لأنّها قد تبدل من الحرف الأعجمي الذي بين الكاف والجيم وربّما أدخلت القاف عليها.

قال بعضهم : كوسق وكربق وقالوا : قربق وكيلقة ويبدلون من الحرف الذي بين الياء والفاء نحو : الفرند والفندق وربّما أبدلوا الباء لقربها قال بعضهم : البرند والعرب تخلط فيما ليس من كلامها إذا احتاجت إلى النطق به فإذا حكي لك في الأعجمي خلاف ما العامة عليه فلا ترينه تخليطا ممّن يرويه.

٣٨٣

ما ذكر أنّه فات سيبويه من الأبينة

تلقامّة وتلعابّة وفرناس وفرانس تنوفى ترجمان.

شحم أمهج رقيق : أنشد أبو زيد :

يطعمها اللحم وشحما أمهجا

مهو أن عياهم ترامز تماضر ينابعات دحندج فعلّين ليث عفرين زعم أنه العنكبوت الذي يصيد الذباب ترعاية الصّنبر زيتون كذبذب هزنبران عفزّران اسم رجل هيدكر ضرب من المشي زيادة في حفظ أبي علي : هيدكر وفي نسخة في حفظ أبي علي : هديكر.

قال أبو علي : سألت ابن دريد عنه فقال : لا أعرفه ولكن أعرف الهيدكور هندلع : بقلة درداقس حزرانق.

٣٨٤

ذكر ما بنت العرب من الأفعال

جميع ما بنت العرب من الأفعال اثنان وثلاثون بناء من بنات الثّلاثة ومن بنات الأربعة وما ألحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة وما زيد على الثلاثة والأربعة مما ليس بمحلق ولا يبنى من بنات الخمسة فعل البتّة.

الأول : ما لا زيادة فيه الثلاثي :

فعل : مضارعه يفعل أو يفعل وربّما انفردا والأصل اجتماعهما.

قال الجرمي : سمعت أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو بن العلاء قال : سمعت الضمّ والكسر في عامة هذا الباب : فعل : مضارعه يفعل وشذّ حرف واحد قالوا : فضل يفضل ، وأما المعتلّ فقد شذت منه أحرف قالوا : ورم يرم وومق يمق وقالوا في حرفين من بنات الواو فعل يفعل قالوا : متّ تموت ودمت تدوم والأجود : متّ تموت ودمت تدوم. فعل يفعل ففيه ثلاثة أبنية.

الثاني : ما فيه زائد وهو ينقسم ثلاثة أقسام :

الأول : لا ألف وصل فيه.

والثاني : فيه ألف وصل.

والثالث : ملحق بالرباعي أفعل يفعل. واسم الفاعل : مفعل والمفعول : مفعل. وكان القياس أن يقولوا : يؤفعل فتثبت الهمزة في المضارع ولكنّهم حذفوها استثقالا وقد حذفوها وهي فاء الفعل في : كل وخذ وكان القياس أوكل أوخذ وقال أكثرهم : أومر. فاعل يفاعل فعالا ومفاعلة وهي التي لا تنكسر. فأمّا الفعال فربّما انكسر. وفوعل إذا أردت (فعل) فتقلب الألف واوا لإنضمام ما قبلها وكذلك كلّ ألف ينضمّ ما قبلها.

واسم الفاعل على : مفاعل والمفعول على مفاعل فعّل يفعّل تفعيلا وهو مفعّل والمفعول مفعّل تفاعل يتفاعل تفاعلا واسم الفاعل على : متفاعل والمفعول متفاعل تفعّل يتفعّل تفعّلا واسم الفاعل على متفعّل والمفعول متفعّل. وليس تلحق الياء شيئا من بنات الثلاثة ليس فيه

٣٨٥

زيادة ولا تضم التاء في المضارع إذا قلت : ينفعل ولكن تفتحها لأنّها شبهت بألف الوصل ألا ترى أنّ العرب الذين يكسرون التاء والنون والهمزة في المضارع إذا كانت فيما فيه ألف وصل يكسرونها هاهنا فيقولون : أنت تتعهد وتتفاعل فيجرونها مجرى تنطلق وأنا أنطلق وأنت تنطلق فيضمون ذلك في جميع ما كانت فيه ألف الوصل وفي جميع ما كانت فيه التاء زائدة في أوله فلذلك خمسة أبنية.

ما فيه ألف الوصل من بنات الثلاثة :

انفعل ينفعل انفعالا وفعل فيه انفعل ينفعل والفاعل منفعل والمفعول منفعل ولا تلحق النون شيئا من الفعل إلّا انفعل وحده افتعل يفتعل افتعالا وفعل منه افتعل يفتعل استفعل يستفعل استفعالا وفعل منه استفعل استفعالا واسم الفاعل مستفعل والمفعول مستفعل افعاللت يفعالّ افعيلالا وتجري مجرى استفعلت في جميع ما تصرفت فيه لأنها في وزنها وإنّما أدغمت اللام في اللام فقيل : ادهامّ لأنّها ليست بملحقة ولو كانت ملحقة لما أدغمتها كما قالوا : جلبب يجلبب جلببة وفعلل : افعوّل ادهوّم أدهمياما واشهيبابا افعللت : احمررت احمرارا وفعل منه : احمرّ في هذا المكان وافرّ فيه يصفرّ اصفرارا.

وافعوعل يفعوعل افعيلالا نحو : اغدودن النبت يغدودن اغديدانا إذا نعم افعوّل يفعوّل افعوّالا نحو : اخروّط السّفر يخروّط اخروّاطا إذا طال السّفر وامتدّ قال الأعشى :

لا تأمن البازل الكرماء ضربته

بالمشرفي إذا ما اخروّط السّفر

وفعّل : اخروّط واعلوّط اعلواطا.

قال الجرمي : سألت : أبا عبيدة عن اعلّوطت المهر قال : ركبته عريا قال : وسألت الأصمعي عن ذلك فقال : اعتنقته فذلك سبعة أبنية فأمّا هرقت الماء فأكثر العرب يقول : أرقت أريق أراقة. وهو القياس.

ويقول قوم من العرب : هراق الماء يهريق هراقة فيجيء به على الأصل ويبدل الهاء من الهمزة ودمع مهراق قال زهير :

٣٨٦

ولم يهريقوا بينهم ملء محجم

وقال امرؤ القيس :

وإن شفائي عبرة مهراقة

فهل عند رسم دارس من معوّل

وأما الذين قالوا : اهراق يهريق اهراقة فقد زادوها لسكون موضع العين من الفعل فأجروه مجرى الذين قالوا : اسطاع يسطيع اسطاعة فزادوا السين لسكون موضع العين من الفعل.

٣٨٧

ما ألحق بالرباعي

فعللت أفعلل فعللة. جلببت الرجل أجلبهه جلببة إذا ألبسته الجلباب وهي الملحفة والفاعل مجلبب فأجروه مجرى : دحرجت. فوعل يفوعل فوعلة : حوقل يحوقل حوقلة ، وذلك إذا أدبر عن النّساء يستعمل في كلّ مدبر. فيعل يفيعل فيعلة : بيطر يبيطر بيطرة وفعّل : بوطر فعول يفعول فعولة : هرول يهرول هرولة. فعليت أفعلي فعلاة : سلقيته أسلقيه سلقاة كان الأصل سلقية مثل دحرجة فقلبت الباء لإنفتاح ما قبلها ومعنى سلقاه : رمى به على قفاه افعنلى فإذا أرادوا فعل الرجل بنفسه قالوا : اسلنقى يسلنقي اسلنقاء فعنلته يقول بعضهم : قلسنته ويقول بعضهم : قلنسته أقلنسة قلنسة تفعلى وقالوا : قلسته فتقلس يتقلس تقلسيا دحرجته فتدحرج تدحرجا وكان الأصل تقلسوا ولكنّ الواو إذا كانت طرفا في الاسم وقبلها ضمة قلبت ياء فيعلته : شيطنته فتشيطن تشيطنا تفعول : سهوكته فتسهوك تسهوكا والمتسهوك : المدبر الهالك افعنلل قالوا : تفنجج يتفنجج اتفنجاجا ملحق باحرنجم وهي تجري مجرى استفعل في جميع ما تصرفت فيه فهذا جميع ما بنت العرب من الأفعال من بنات الثلاثة تمفعل وقد جاء حرفان شاذان لا يقاس عليهما قالوا : تمدرع من المدرعة يتمدرع تمدرعا وأكثرهم : تدرع يتدرع تدرّعا وهو القياس وهو أكثرهما وأجودهما وقالوا : تمسكن يتمسكن تمسكنا للمسكين وأكثرهم يقول : تسكّن يتسكن تسكنا وهو أجودهما وهو القياس وقال : تمندل بالمنديل يتمندل تمندلا إذا مسح يده بالمنديل وأكثرهم يقول : تندّل يتندل تندّلا وهو أجودهما فذلك اثنا عشر بناء.

بناء الأفعال من بنات الأربعة بلا زيادة :

فعلل : دحرج يدحرج دحرجة وسرهف يسرهف سرهفة وقالوا : سرهافا قال العجاج :

سرهفته ما شئت من سرهاف

٣٨٨

والمسرهف الحسن الغداء فعلل مكرر فإذا كان من المكرر قالوا : زلزلته زلزلة وزلزالا وبعض العرب يفتح هذا المكرر فيقول زلزلته زلزالا فإذا أردت اسم الفاعل قلت : هذا مزلزل ومدحرج.

ما فيه زيادة من الرباعي وألف الوصل :

افعنلل يفعنلل افعنلالا : احرنجم يحرنجم احرنجاما والمحرنجم المجتمع بعضه إلى بعض افعللّ : اقشعرّ يقشعرّ اقشعرارا واطمأنّ يطمئنّ اطمئنانا فيجري مجرى : استعدّ يستعدّ استعدادا ، وأما قولهم : الطمأنينة والقشعريرة فهذا اسم فليس بمصدر على الفعل وليس في الأربعة ملحق إذ لم يكن للخمسة بناء تلحق به فذلك أربعة أبنية.

٣٨٩

ذكر التصريف

هذا الحدّ إنّما سمي تصريفا (١) لتصريف الكلمة الواحدة بأبنية مختلفة وخصوا به ما عرض في أصول الكلام وذواتها من التغيير وهو ينقسم خمسة أقسام : زيادة وإبدال وحذف وتغيير بالحركة والسكون وإدغام وله حدّ يعرف به.

الأول : الزيادة :

والزيادة تكون على ثلاثة أضرب : زيادة لمعنى وزيادة لإلحاق بناء ببناء وزيادة فقط لا يراد بها شيء مما تقدم فأمّا ما زيد لمعنى فألف (فاعل) إذا قلت : ضارب وعالم ونحو حروف المضارعة في الفعل نحو الألف في أذهب والياء في يذهب والتاء في تذهب والنون في نذهب ، وأما زيادة الإلحاق فنحو : الواو في كوثر ألحقته ببناء جعفر ، وأما زيادة البناء فنحو : ألف حمار وواو عجوز وياء صحيفة.

والحروف التي تزاد عشرة : الهمزة والألف والياء والواو والهاء والميم والنون والتاء والسين واللام يجمعها في اللفظ قولك : اليوم تنساه.

الأول : الهمزة :

أمّا الهمزة فتزاد إذا كانت أول حرف في الاسم في ذوات الثلاثة فصاعدا بالزوائد في الاسم والفعل نحو : أفكل وأذهب وفي الوصل في ابن واضرب والهمزة إذا لحقت رابعة من أول الحرف فصاعدا فهي زائدة ، وإن لم يشتقّ منه ما تذهب فيه الزيادة ولا تجعله من نفس الحرف إلّا بثبت ، فإن سميته فأفكل وأيدع لم تصرفه وأنت لا تشتقّ منه ما تذهب فيه الألف وكذلك إن جاءت الهمزة مع غيرها من الزوائد في الكلمة فاحكم عليها بالزيادة نحو : اصليت وأرونان. ومحال أن تلحق رباعيّا أو خماسيّا ؛ لأن الزيادة لا تلحق ذوات الأربعة من أوائلها وهي من الخمسة أبعد فأما : أولق فالألف من نفس الحرف يدلّك على ذلك قولهم : ألق وإنّما

__________________

(١) قال الجرجاني : التصريف : تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها ، وعلم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلمة التي ليست بإعراب.

٣٩٠

أولق فوعل ولو لا هذا الثبت لحمل على الأكثر وكذلك : الأرطى لأنّك تقول : أديم مأروط ولو كانت الألف زائدة قلت : مرطى. وكذلك : إمّرة أمعة إنّما هو فعلة ؛ لأنه لا يكون أفعل وصفا والهمزة المضمومة والمكسورة كالمفتوحة ألا ترى أنك تسوّي بين أبلم وإثمد وإصليت وأرونان وإمخاض وإنّما هي من الصلت والرون والمخض وكذلك : ألندد إنّما هو من ألدد وأسكوب إنّما هو من السّكب ولا تزاد الهمزة غير أول إلّا بثبت فمن ذلك : ضهياء هي زائدة لأنك تقول : جرواض وحطائط ؛ لأن القصير محطوط ومن ذلك شملال شأمل لأنك تقول :شمللت الريح.

الثاني : الألف :

الألف لا تزاد أولا ، وذلك محال لأنّها لا تكون إلا ساكنة ولا يجوز الابتداء بساكن وتزاد ثانية في (فاعل) ونحوه وثالثة في جماد ونحوه ورابعة في عطشى ومعزى وحبلى ونحوهنّ وخامسة في حلبلاب وجحجبى وحبنطى ونحو ذلك ولا تلحق الألف رابعة فصاعدا إلّا مزيدة وهي بمنزلة الهمزة أولا وثانية وثالثة ورابعة إلّا أن يجيء ثبت وهي أجدر بالزيادة من الهمزة لأنّها لا تكثر ككثرتها فإنّه ليس في الكلام حرف إلّا وبعضها فيه أو بعض الياء والواو ، فإن جاءت الألف رابعة وأول الحرف ونحو ذلك ولا تلحق الهمزة أو الميم ... فهي أصل نحو : أفعى وموسى ؛ لأن أفعى (أفعل) وموسى (مفعل) فإذا لم يكن ثبت فهي زائدة أبدا ، وأما (قطوطى) فهي فعوعل ؛ لأنه ليس في الكلام فعولى وفيه (فعوعل) مثل : عثوثل وحبركى ولم يجعل فعلعل ؛ لأن فعوعلا أولى به من باب صمحمح ودمكمك زعم أنّ الواو لا يكون أصلا في بنات الثلاثة فصاعدا فلذلك قال : قطوطى فعوعل فالألف إذا لحقت رابعة فهي زائدة ، وإن لم يشتقّ من الحرف ما يذهب فيه كما وجب في الهمزة إذا كانت أولا رابعة.

الثالث : الياء :

وهي تكون زائدة إذا كانت أول الحرف رابعة فصاعدا كالهمزة في الاسم والفعل. نحو :يرمع ويربوع ويضرب وتكون زائدة ثانية وثالثة في مواضع الألف ورابعة في نحو : حذرية

٣٩١

وهي قطعة من الأرض وقنديل وخامسة نحو : سلحفية. وتلحق إذا ثنيت قبل النون الياء أخت الألف فإذا جاءت في كلمة تذهب فيما اشتقت منه فهي زائدة نحو : حذيم إنّما هو من حذمت وعثير إنّما هو من عثرت وسلقيته إنّما هو من سلقته وقلسيته وتقلّس لأنّهم يقولون :تقلنس وتقلس ومن ذلك قولهم في عيضموز عضاميز وفي عيطموس : عطاميس ومثل ذلك ياء عفرية وزبنية لأنك تقول : عفر وعفره وزبنه فمتى جاءت ملحقة فحكمها حكم الزيادة ، وإن جاءت الياء في حرف لا يجيء على مثال الأربعة والخمسة فهي بمنزلة ما يشتق منه ما ليس فيه زيادة لأنك إذا قلت : حماطة ويربوع كان بمنزلته لو قلت : ربعت وحمطت ؛ لأنه ليس في الكلام مثل : سبطر ولا مثل : دملوج ويهيرّ يفعلّ ؛ لأنه ليس في الكلام فعيلّ ولو كانت يهير مخففة الراء لكانت الياء هي الزائدة ؛ لأن الياء إذا كانت أولا بمنزلة الهمزة ألا ترى أن يرمعا بمنزلة أفكل. قال : ولا في الكلام أيضا (يفعلّ) اسما ولكنّهم قد يقولون : يهير خفيف وفي الكلام مثله فلمّا قالوه علمنا أنّه مشتقّ منه ، وأما يأجج فالياء فيه من نفس الحرف لو لا ذلك لأدغموا كما يدغمون في مفعل ويفعل وإنّما الياء هاهنا كميم مهدد. ويستعور الياء فيه أصلية بمنزلة عين عضرفوط ؛ لأن الحروف الزوائد لا تلحق ببنات الأربعة أولا إلّا الميم التي في الاسم الذي يكون على فعله.

الرابع : الواو :

وهي تزاد ثانية في : حوقل وصومعة ونحوهما وثالثة في : قعود وعجوز وقسور ونحوها ورابعة في بهلول وقرنوة وخامسة في قلنسوة وقمحدوة ونحوهما وفي : عضرفوط كما لحقت الياء خندريس وهي كالياء إذا ألحقت بنات الثلاثة ببنات الأربعة والأربعة ببنات الخمسة فهي زائدة في الأسماء والأفعال التي يشتقون منها فالذاهب فيه بمنزلة الهمزة أولا أن يجيء ثبت وهو أولى أن تكون زائدة من الهمزة قالوا : جهورت وإنّما هي من الجهارة وقسور من الإقتسار وعنفوان إنّما هو من الإعتناف وقرواح إنّما هو من القراح وأمّا : ورنتل فالواو من نفس

٣٩٢

الحرف ؛ لأن الواو لا تزاد أولا أبدا وقرنوة : فعلوة ؛ لأنه ليس مثل قحطبة فهو بمنزلة ما أذهبه الاشتقاق.

الخامس : الهاء :

وهي تزاد لتتعّين بها الحركة وقد بينا ذلك وبعد ألف المدّ الندبة والنداء : واغلاماه ويا غلاماه.

السادس : الميم :

وهي تزاد أولا في : مفعول ومفعل ومفعل ومفعال والميم بمنزلة الألف يعني الهمزة فموضع زيادتها كموضع زياتها وكثرتها ككثرتها إذا كانت أولا في الاسم والصفة فمنبج : مفعل لذلك فأمّا المعزى فالميم من نفس الحرف لقولك : معز ومعدّ مثله لقولهم : تمعدد لقلة (تمفعل) في الكلام ، وأما مسكين فمن تسكّن وقالوا : تمسكن مثل تمدرع في المدرعة.

وتمفعل شاذّ ، وأما منجنيق فالميم فيه من نفس الحرف صار الاسم رباعيّا لأنّك جعلت النون من نفس الحرف والزيادات لا تلحق بنات الأربعة أولا إلا الأسماء الجارية على أفعالها نحو : مدحرج ، وإن جعلت النون زائدة لم يجز أن تكون الميم زائدة فيجتمع حرفان زائدان في أول الاسم وهذا لا يكون في الأسماء ولا الصفات التي ليست على الأفعال المزيدة.

والهمزة التي هي نظيرة الميم ولم يقع بعدها أيضا زائد في الكلام فمنجنيق بمنزلة عنتريس فهي فنعليل والنون زائدة ويقوي ذلك قولهم : مجانيق فحذفوا النون ومنجنون فعللول بمنزلة عرطليل إلّا أنّ موضع الياء واو ويجمع مناجين.

فالميم أصلية لما أخبرتك وكذلك ميم مأجج ومهدد ولو كانتا زائدتين لأدغمتا كمردّ ومفرّ وإنّما مهدد ملحق بجعفر ومرعزاء (مفعلاء) ولكن كسرت الميم إتباعا للكسرة التي في العين كما قالوا : منخر يدلّ على ذلك قولهم : مرعزّى ومكورّى مثله وهو العظيم الروثة مأخوذ من كوّره إذا جمعه وقالوا : يهيرّي فليس شيء من الأربعة على هذا المثال لحقته ألف التأنيث ؛ لأن (فعللّى) لم يجيء. وقالوا : يهير فحذفوا كما قالوا : مرعز وقال بعضهم : مكورّ.

٣٩٣

وقال سيبويه : مراجل ميمها من نفس الحرف قال العجاج : بشية كشية الممرجل.

والممرجل : ضرب من ثياب الوشي والميم إذا جاءت في أول الكلام فإنّه يحكم بزيادتها ، فإن جاءت غير أول فإنّها لا تزاد إلا بثبت لقلتها وهي غير أول زائدة وقالوا : ستهم وزرقم يريدون : الأستة والأزرق.

السابع : النون :

وهي تزاد في فعلان خامسة : عطشان ونحوه. وسادسة في زعفران ونحوه ورابعة في : رعشن والعرضنة ونحوهما وفيما يصرف من الأسماء وفي الفعل الذي تدخله النون الخفيفة والثقيلة.

وفي تفعلين وفي فعل النساء إذا جمعت نحو : فعلن ويفعلن وفي تثنية الأسماء وجمعها وفي (نفعل) تكون أولا وثانية في عنسل وثالثة في قلنسوة.

وتكثر في فعلان وفعلان للجمع.

وتكثر في فعلان مصدرا ، وأما فعلان فعلى فقال سيبويه : النون فيه بدل من همزة (حمراء) ولا يجعلها زائدة فيما خلا ذا إلّا بثبت.

ولو سميت رجلا : نهشلا أو نهسرا لصرفته ولم تجعله زائدا كالياء والألف وكذلك نون عنتر لا تجعلها زائدة فأمّا عنسل فالنون زائدة لأنهم يريدون : العسول وكذلك العنبس ؛ لأنه مشتقّ من العبوس ونون عفرنى زائدة من العفر ونون بلهنية من قولك : عيش أبله ونون فرسن لأنّها من فرست ونون خنفقيق ؛ لأن الخنفقيق الخفيفة من النساء الجريئة.

قال سيبويه : وإنّما جعلها من خفق يخفق كما تخفق الريح يقال : داهية خنفقيق. ومن ذلك :البلنصى تقول للواحد : البلصوص ومثل ذلك عقنقل وعصنصر لأنك تقول : عقاقيل وتقول :عصاصير وعصيصير ولو لم يوحد هذان لكانت النون زائدة ؛ لأن النون إذا كانت ثالثة ساكنة في هذا المثال فهي زائدة ولا تجعل النون فيها زائدة إلّا باشتقاق من الحروف ما ليس فيه نون

٣٩٤

لأنّها تكثر في هذا وتلحق البناء بالبناء فيما كان على خمسة أحرف نحو : حبنطى وجحنفل ودلنظى وقلنسوة وهذه النون في موضع الزوائد نحو ألف عذافر وواو فدوكس وياء سميدع.

والنون والألف يتعاوران الاسم في معنى واحد نحو : شرنبث وشرابث وجرنفس وجرافس وقالوا : عرنتن وعرتن فحذفوا كعلبط وما جاء من هذا بغير نون نحو : عوطط وجندب وعنصل وخنفس وعنظب النون زائدة ؛ لأنه لا يجيء على مثال : فعلل شيء إلّا وحرف الزيادة لازم له وأكثر ذلك النون ثانية فإنّما جعلت نوناتهنّ زوائد ؛ لأن هذا المثال تلزمه حروف الزوائد كما جعلت النونات فيما كان على مثال احرنجم زائدة ؛ لأنه لا يكون إلّا بحرف الزيادة وما اشتقّ من هذا النحو مما ذهبت فيه النون قنبر لأنهم قالوا قبّر لو لم يشتق منه ولا من ترتب لكان علمك بلزوم حرف الزيادة هذا المثال بمنزلة الإشتقاق وكذلك : سندأو وحنطأو للزوم النون والواو هذا المثال ، وأما نونا دهقان وشيطان فلا تجعلهما زائدتين لقولهم : تدهقن وتشيطن.

وإذا جاء شيء على فعلان فلا تحتاج فيه إلى الاشتقاق ؛ لأنه لم يجىء شيء آخره من نفس الحرف على هذا المثال فإذا رأيت الشيء فيه من حروف الزوائد شيء ولم يكن على مثال ما آخره من نفس الحرف فاجعله بمنزلة المشتقّ الذي تسقط معه حروف الزيادة ، وأما جندب فالنون فيه زائدة لأنّك تقول جدب لو لا ذلك لكانت أصلا ونون عرند زائدة لقولهم : عردّ ولأنّه ليس في الأربعة على هذا المثال ، وإذا كانت ثانية ساكنة فلا تزاد إلّا بثبت ، وذلك نحو : حنزقر وعندليب ، وإذا كانت ثانية متحركة أو ثالثة فلا تزاد إلّا بثبت ، وذلك جنعدل وخدرنق ، وأما كنهبل فالنون فيه زائدة ؛ لأنه ليس في الكلام على مثال سفرجل وقرنفل مثله ، وأما القنفخر فالنون زائدة لأنك تقول : قفاخريّ في هذا المعنى.

وكنتأل النون زائدة ؛ لأنه ليس مثل جردحل يقال : خنثعبة وخنثعبة بكسر الخاء وضمها إذا كانت غزيرة.

٣٩٥

الثامن : التاء :

وهي تؤنث بها الجماعة نحو : منطلقات. ويؤنث بها الواحد نحو : هذه طلحة وحمزة ورحمة وبنت وأخت وتلحق رابعة نحو : سنبتة وخامسة نحو : عفريت وسادسة نحو : عنكبوت ورابعة أولا فصاعدا في تفعل أنت وتفعل وفي الاسم كتجفاف وتنضب وترتب فالذي بين لك أنّ التاء زائدة في تنضب أنه ليس في الكلام مثل جعفر وكذلك التتفل لأنّهم قد قالوا : التّتفل فهذا بمنزلة ما اشتقّ منه ما لا تاء فيه وكذلك ترتب وتدرأ لأنّهما من رتب ودرأ وكذلك جبروت وملكوت لأنّهما من الملك والجبرية وكذلك عفريت ؛ لأنه من العفر وكذلك عزويت ؛ لأنه ليس في الكلام فعويل ولا يجوز أن يكون : عزويت (فعليل) ؛ لأن الواو لا تكون أصلا في بنات الأربعة وكذلك : الرّغبوت والرّهبوت ؛ لأنه من الرغبة والرّهبة وكذلك :التّحلىء والتّحلئة لأنّها من حلأت وحلئت وكذلك السنبتة من الدهر ؛ لأنه يقال : سنبة من الدهر وكذلك التّقدّميّة لأنّها ممن قدمت وكذلك : التّربوت ؛ لأنه من الذّلول يقال للذلول مدرّب والتاء الأولى مكان الدّال كما قالوا : الدّولج في التّولج وكما قالوا : ستّة فأبدلوا التاء مكان الدال ومكان السين وكما قالوا : سبنتى وسبنداء واتّغر وادّغر والعنكبوت والتّخربوت لأنّهم قالوا : عناكب وقالوا : العنكباء فاشتقوا منه ما ذهبت فيه التاء وكذلك : تاء أخت وبنت وثنتين وكلتا لحقن للتأنيث وبنين بناء ما لا زيادة فيه من الثلاثة وكذلك تاء هنت ومنت يريد :هنه ومنه وكذلك : التّجفاف والتّمثال لأنّهما من جفّ ومثل وكذلك : التنبيت والتمتين لأنّهما من المتن والنّبات ولو لم يجيء ما تذهب فيه التاء لعلمت أنّها زائدة ؛ لأنه ليس في الكلام مثل :قنديل ومثل ذلك : التّنوط ؛ لأنه ليس في الكلام مثال (فعلّل) وهو من ناط ينوط ومثله التّهبط وترنموت من التّرنم.

واعلم أنّ التاء لم تجعل زائدة فيما جاءت فيه إلّا بثبت لأنّها لم تكثر في الأسماء والصفات ككثرة الأحرف الثلاثية نعني : الألف والياء والواو والهمزة والميم وإنّما كثرتها في الأسماء للتأنيث إذا جمعت أو الواحدة التي الهاء فيها بدل من التاء إذا وقعت ولا تكون في الفعل ملحقة ببنات الأربعة فكثرتها في هذا في الأفعال في افتعل واستفعل وتفاعل وتفوعل وتفعول

٣٩٦

وتفعّل وكثرت في (تفعّل) مصدرا وفي تفعال وفي التفعيل ولا تكون إلّا مصدرا وحقّها أن لا تجعل زائدة إلّا بثبت.

التاسع : السين :

تزاد في استفعل.

العاشر : اللام :

وهي تزاد في ذلك وفي عبدل.

فأمّا الزيادة من غير حروف الزيادة فأن يتكرّر الحرف إذا جاوزت الثلاثة نحو : قردد ومهدد وقعدد ورمدد وجبنّ وخدبّ وسلّم ودنّب وكذلك جميع ما كان من هذا النحو وكذلك : شملال وبهلول وعدبّس وصمحمح وبرهرهة هذا ضوعفت فيه العين واللام والذي أذهب إليه في جميع هذا أنّ الزوائد : الثاني الذي قد تكرر.

واعلم أنّ النحويين قد جعلوا الفاء والعين واللام أمثلة للحروف الصحاح فيقولون : جمل وزنه : فعل وجمال : فعال وجميل : فعيل وعجوز : فعول وضارب : فاعل فيوازنون الأصول بالأصول من الفاء والعين واللام وينطقون بالزّوائد بألفاظها فإذا قالوا : فاء هذا الحرف وواو أو ياء فإنّما يعنون أن أول حرف منه أصلي واو أو ياء وكذلك إذا قالوا : عينه كذا أو لامه كذا فإنّما يعنون الثاني الأصلي الذي هو عين والثالث الأصلي الذي هو لام فإذا تكرر الحرف الأصلي بعد تمام الثلاثة كرروا اللام.

الثاني من القسم الأول :

وهو الإبدال لغير إدغام وهو أحد عشر حرفا ثمانية منها من حروف الزوائد وثلاثة من غيرهن : الهمزة والألف والياء والواو والتاء والدال والطاء والميم والجيم والهاء والنون.

الأول : الهمزة :

وهي تبدل من ثلاثة أشياء : تبدل من الياء إذا كانت لاما في نحو : قضاء وسقاء كان الأصل : قضاي وسقاي ؛ لأنه من : قضيت وسقيت والملحق بمنزلة الأصل وذلك : القيقاء

٣٩٧

والزّيزاء بمنزلة العلياء ملحق بسرداح ويدلّك على أنّها ملحقة زائدة أنه لا يكون في الكلام على مثاله إلّا مصدر.

ويدلّك على أنّ الهمزة في : قيقاء وزيزاء مبدلة من ياء قولهم : قواق فجعلوا الياء الأولى مبدلة من واو مثل (قيل) فعلباء وقيقاء. مثل درحاية وإنّما هي فعلاية.

وتبدل من الواو إذا كانت لاما نحو : كساء. وعزاء تبدل من الواو إذا كانت الواو عينا مضمومة في أدور وأنور ولك أن لا تهمز وكلّ واو مضمومة لك أن تهمزها إن شئت إلّا واحدة فإنّهم اختلفوا فيها وهو قوله عز وجل : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ). وما أشبهها من واو الجمع فأجاز بعض الناس الهمزة وهم قليل والإختيار غير ما قالوا ، وإذا اجتمعت واوان في أول الكلمة ولم تكن الثانية مدة فالهمزة لازمة تقول في تصغير واصل : أويصل.

قال سيبويه : سألت الخليل عن فعل من وأيت فقال : وؤي فقلت فيمن خفّف فقال أوي فأبدل من الواو همزة وقال : لا تلتقي واوان في أول الحرف.

قال المازني : الذي قال خطأ. ؛ لأن الواو الثانية منقلبة من همزة ؛ فإن كانت الواو أولا وكانت مضمومة فأنت في همزها بالخيار أعد في وعد وأجوة من وجوه ، وإن كانت غير مضمومة فقد جاء الهمز في بعض ذلك نحو : إسادة في وسادة وإشاح في وشاح.

وتبدل من الألف المنقلبة ومن الألف الزائدة إذا وقعت بعد ألف ، وذلك (فاعل) إذا اعتلّ فعل منه نحو : قام فهو قائم وباع فهو بائع ومن شأنهم إذا اعتلّ الفعل أن يعل اسم الفاعل الجاري عليه وكان أصل قام : قوم وأصل باع : بيع فأبدلت الياء والواو ألفين فلمّا صرف منه فاعل وقعت الألف بعد ألف فلم يمكن النطق بهما لأنّهما ساكنتان والألف لا تتحرك فقلبت همزة وقيل : إنّها همزت ؛ لأن أصل الياء السكون في : يقول ويبيع فوقعت بعد ساكن فهمزت وكذلك الألف الزائدة إذا وقعت بعد ألف نحو ألف رسالة إذا جمعتها قلت : رسائل ؛ لأن الألف وقعت بعد ألف فهمزت وشبهت ياء صحيفة وواو عجوز بألف رسالة فقالوا : صحائف ورسائل وعجائز فهمزوا ، وأما قولهم : الشّقاوة والنّهاية ، فإن هذا بني من الهاء في أول أحواله.

٣٩٨

فلم تكن الياء والواو حرف إعراب فيها ولو بني على التذكير كان مهموزا كقولهم : عباءة وصلاءة وعظاءة وهذا أصل قبل دخول الهاء ، وأما قولهم : غوغاء ففيها قولان : أمّا من قال :غوغاء فلم يصرف فهي عنده مثل : عوراء ، وأما من صرف وذكر فهي عنده بمنزلة : القمقام والهمزة مبدلة من واو وأبدلوا الهمزة من الهاء في موضع اللام من ماء يدلّ على ذلك تصغيرها موية وفي الجمع مياه وأمواه.

وزعم أبو زيد : أنّ العرب تقول : ماهت الركية تموه موها إذا ظهر ماؤها وأماهها صاحبها يميهها إماهة.

الثاني : الألف :

الألف تبدل من الياء والواو والهمزة والنون الخفيفة.

الضرب الأول : إبدال الألف من الياء :

وهي تبدل منها في ثلاثة مواضع :

الأول : تبدل وهي لام وعين وفاء أما اللام فنحو : بعت وقضيت إذا وقعت الياء والواو موقعا تتحركان فيه مثل ضرب قلت : رمى وغزا فقلبت الياء والواو ألفا لأنّهما في موضع حرف متحرك وقبلها فتحة وكذا حقّ الياء والواو إذا وقعتا بهذه الصيغة وكذلك : يرمي ويرى ، وإذا كان الماضي من هذا على (فعل) فمضارعه على يفعل يلزم العين الكسرة لتثبت الياء ولا يقع فيه (يفعل) كيلا تنقلب الياء واوا وكذلك فعل فيه من الواو نحو : غزا يلزمه يفعل فتقول : يغزو وتدخل فعلت عليهما فتقول : خشيت واللام ياء ؛ لأنه من خشيه وتقول :غبيت فالأصل واو ؛ لأنه من الغباوة ، وأما فعل فلا يكون فيما لامه ياء.

ويكون لامه واو نحو : سرو يسرو ولم يقع هذا في الياء استثقالا له لأنّهم قد يفرون من الواو إلى الياء.

والياء إذا كانت ملحقة فحكمها حكم الأصل تعلّ كما تعلّ نحو : سلقيت وجعبيت تقول : سلقى وجعبى.

٣٩٩

واعلم أنّ آخر المضاعف من بنات الياء يجري مجرى ما ليس فيه تضعيف فحكم : حييت حكم خشيت فالموضع الذي تعلّ فيه لام خشيت تعلّ لام حييت فتقول : حيي يحيا كما تقول : خشي يخشى فتنقلب الياء ألفا ولا يجمع على الحرف أن تعلّ لامه وعينه فيختلّ وتقول : محيا كما تقول : مخشى ويحيا مثل يخشى وكذلك يعيى وقالوا محيا كما قالوا مخشى فإذا وقع شيء من التضعيف بالياء في موضع تلزم ياء يخشى فيه الحركة وياء يرمي وكانت حركة غير مفارقة ، فإن الإدغام جائز فيه ، وذلك قولك : قد حيّ في هذا المكان وقد عيّ بأمره ، وإن شئت قلت : قد حيي والإدغام أكثر ؛ لأن لام رمى وخشي في هذا الموضع بمنزلة الصحيح إذا كانا قد لزمها الحركة ولم يعلّا ومثل ذلك : قد أحي البلد كما تقول : أرمى يا هذا فتصحّ فلمّا ضاعفت صارت بمنزلة مدّ وأمدّ وقال عز وجلّ : (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) وكذلك قولهم : حياء وأحيّة لأنّك لو قلت : أرميّه للزم الياء الحركة ورجل عييّ وقوم أعياء ؛ لأن الحركة لازمة فإذا قلت : فعلوا وأفعلوا قلت : حيوا كما تقول خشوا فتذهب الياء ؛ لأن حركتها قد زالت كما زالت في : (ضربوا) فتحذف لالتقاء الساكنين ولا تحرك بالضمّ لثقل الضمة في الياء وأحيوا مثل أخشوا.

قال الشّاعر :

وكنّا حسبناهم فوارس كهمس

حيوا بعد ما ماتوا من الدهر أعصرا

وقد قال بعضهم : حيّوا وعيّوا لما رأوها في الواحد والإثنين في المؤنث إذا قالوا : حيّت المرأة بمنزلة المضاعف غير المعتلّ قال الشّاعر :

عيّوا بأمرهم كما

عيّت ببيضتها الحمامه

فهؤلاء عندي إنّما أدخلوا الياء بعد أن قالوا في الواحد حيّ فأجروه عليه.

وقد قال ناس من العرب : حيي الرجل وحييت المرأة فبين وجرى على القياس.

قال سيبويه : وأخبرنا بهذه اللغة يونس قال : وسمعنا من العرب من يقول : أعيياء وأحيية فيبين وأحسن ذلك أن يخفيها وتكون بزنتها متحركة ، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كما قال عزّ وجلّ : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) [القيامة : ٤٠].

٤٠٠