الأصول في النحو - ج ٢

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-406-X
الصفحات: ٥٣٥

يقولوا : لاس ولا يجوز في (أجيئك) ما جاز في (يحبّ) ؛ لأن يحبّ غيرت عن أصلها وكان حقّها يحبّ فلمّا غيرت استحسنوا التغيير هنا والإتباع وأجيئك على حقّها فلا يجوز أن يتبع الهمزة الجيم ؛ لأن الجيم في الأصل ساكنة أيضا.

٣٢١

باب نظائر الثلاثي الصحيح من المعتل

وهو ينقسم ثلاثة أقسام معتل اللام والعين والفاء : الأول : وهو ما اعتلت لامه ، وذلك نحو : رميته رميا ومراه يمريه مريا وهو مار وغزاه يغزوه غزوا وهو غاز هذه الأصول وقالوا :لقيته لقاء واللّقى وقليته فأنا أقليه قلى وهديته هدى وفعل أخت فعل ؛ لأنه ليس بينهما إلّا الضمّ والكسر وكلّ واحدة تدخل على صاحبتها وعتا عتوّا وثوى يثوى ثويّا ومضى مضيّا وعات وثاو وماض ونمى ينمى نماء وبدا يبدو وقضى يقضي قضاء ونثا ينثو نثاء وقالوا : بدا بدا ونثا نثا وزنى زنا وسرى يسري سرى والتّقى.

هذا ما كان ماضيه على (فعل) ، وأما (فعل) فقالوا : بهو يبهو بهاء وهو بهيّ وسرو يسرو سروا وسريّ وبذو يبذو بذاء وهو بذيّ وبذى مثل : سقم في تصرفه ودهوت وهو دهيّ.

وبعض العرب يقول : بزيت كشقيت ، وأما (فعل) فنحو : خشي يخشى خشية وخشيا وهو خشيان وخاش وشقي يشقى شقاوة وشقاء وقوي قوة وخزي يخزى خزاية فهو خزيان إذا استحيى.

قال الأصمعي : خشي الرجل يخشى خشيا وهو خشيان وخشّ إذا أخذه الرّبو والنّفس وهذا مع ما قبله يدخل في باب الأدواء وهذا لم يذكره سيبويه وكان هذا موضعه في فعل فيما مضى وعري الرجل إذا خرج من ثيابه يعرى عريا فهو عريان وامرأة عريانة ونشي الرجل الخبر إذا تخبره ونظر من أين جاء ينشا نشوة فهو نشيان.

نظير ذلك مما اعتلت عينه كلته كيلا والاسم كائل وقلته قولا والاسم قائل وزرته زيارة وخفته خوفا وهبته أهابه هيبة ونلته أناله نيلا وذمته أذيمه ذاما وقتّه قوتا.

وقال بعضهم : (رجل خاف) فجاؤوا به على (فعل) مثل فرق وقزع وعفته أعافه عيافة وغرت أغور غوورا وغيارا وغبت غيوبا وقام قياما ونحت نياحة وغابت الشمس غيابا ودام يدوم دواما ولعت تلاع لاعا ورجل لاع ولائع إلّا أنّ قولهم : لاع أكثر.

٣٢٢

نظير ذلك مما اعتلت فاؤه وعدته أعده وعدا ولا يجيء في هذا الباب (يفعل) يحذف الواو في (يعد) لوقوعها بين ياء وكسرة وتجري باقي حروف المضارعة عليها.

وقال بعضهم : وجد يجد كأنّهم حذفوها من يوجد وقالوا : ورد ورودا ووجل يوجل وهو وجل ووضؤ يوضؤ فأتموا ما كان على فعل وقالوا : ورم يرم ورما وهو شاذ عن القياس وورع يورع لغة ووجد يجد وجدا ووغر يغر ويوغر ووحر يحر ويوحر ويوحر أكثر ولا يجوز يورم وولى يلي وأصله فعل يفعل فنقل إلى (يفعل) ليحذفوها طلبا للخفة ، وأما ما كان من الياء فإنه لا يحذف منه ، وذلك قولهم : يئس ييئس ويمن وييمن وبعضهم يقول : (يئس) يحذف الياء من (يفعل) فأمّا وطيئ يطأ فإنّما فتحوا العين للهمزة وهذا جاء على (فعل يفعل مثل : حسب يحسب.

٣٢٣

باب ذكر المصادر التي تضارع الأسماء

التي ليست بمصادر وحقّها الوصف من هذه الأفعال التي تقدم ذكرها وجاءت على ضربين : أحدهما ما فيه علامة للتأنيث والضرب الثاني لا علامة فيه للتأنيث ويجمع هذه المصادر كلّها أنّها جاءت غير جارية على فعل وأنّ ما وقع منها صفة خالصة فعلى غير لفظ الصفة والمؤنث ينقسم قسمين :

أحدهما : حرف التأنيث فيه ألف والآخر هاء.

القسم الأول : ما جاء من المصادر فيه ألف التأنيث.

وذلك قولهم : رجعته رجعى وبشرته بشرى وذكّرته ذكرى واشتكيت شكوى وأفتيته فتيا وأعداه عدوى والبقيا أمّا الحذيا فالعطية والسّقيا ما سقيت والدّعوى ما ادعيت وقال بعضهم : اللهمّ : أشركنا في دعوى المسلمين وقالوا : الكبرياء.

الفعل رميّا وحجّيزى وحثّيثى وقالوا : الهجّيرى وهو كثرة القول بالشيء والكلام به.

وقال الأخفش : الأهجيرى وهو كثرة كلامه بالشيء يردده.

القسم الثاني على ضربين :

أحدهما (فعلة) يراد بها ضرب من الفعل (فعلة) يراد بها المرة ، وذلك الطعمة وقثلة سوء وبئست الميتة إنّما تريد : الضرب الذي أصابه من القتل وكذلك : الرّكبة والجلسة وقد تجيء الفعلة لا يراد بها هذا نحو الشّدة والشّعرة والدّرية وقد قالوا : الدّرية وقالوا : ليت شعري فحذفوا كما قالوا : ذهبت بعذرتها وهو أبو عذرها وهو بزنته أي بقدره والعدة والضّعة والقحة لا تريد شيئا من هذا ، وأما المرة الواحدة من الفعل فهي فعلة نحو ضربة وقومة وقالوا أتيته إتيانه ولقيته لقاءة وهو قليل وقالوا : غزاة فأرادوا عملة واحدة وحجة عمل سنة وقالوا : قتمة وسهكة وخمطة اسم لبعض الريح كالبنّة والشّهدة والعسلة ولم يرد فعل فعلة.

٣٢٤

الضرب الثاني الذي لا علامة فيه للتأنيث :

وهو ينقسم قسمين :

أحدهما : ما أصله أن يكون مبنيا للصفة فوقع للمصدر والقسم الآخر ما هو من أبنية المصادر فوصف به أو جعل هو الموصوف بعينه : الأول : ما لفظه لفظ الصفة فوقع للمصدر ، وذلك ما جاء على (فعول) نحو : توضأت وضوءا وتطهرت طهورا وأولعت به ولوعا ومنهم من يقول وقدت النار وقودا عاليا وقبلته قبولا والوقود أكثر والوقود الحطب وعلى فلان قبول وهذا البناء أكثر ما يجيء في الصفات نحو : ضروب وقتول وهبوب وتؤوم وطروب.

الثاني : ما لفظه لفظ المصدر فجاء على معنى : مفعول وفاعل ، وذلك قولك : لبن حلب إنّما تريد : محلوب وكقولهم : الخلق إنّما يريد به : المخلوق والدرهم ضرب الأمير : أي :مضروب.

ويقع على الفاعل نحو : رجل غمر ورجل نوم إنّما تريد : الغامر والنائم وماء صرى أي صر ومعشر كرم أي كرماء وقالوا صري يصرى صرى وهو صرّ إذا تغير اللبن في الضرع وهو رضى أي : مرضيّ ، وأما ما جعل هو الموصوف بعينه : إلا أنهم جاؤوا به مخالفا لبناء المصدر وغير مخالف.

فقولهم : أصاب شبعه وهذا شبعه إنّما يريدون مشبعه ومن ذلك : هو ملء هذا أي : ما يملأ هذا وقولهم : ليس له طعم إنّما معناه : ليس له طيب أي : ليس بمؤثر في ذوقي وما ألتذّ به فهذا مما خولف به.

وقد يجيء غير مخالف نحو : رويت ريّا وأصاب ريّه وطعمت طعما وأصاب طعمه ونهل ينهل نهلا وأصاب نهله وقالوا : قتّه قوتا والقوت : الرزق فلم يدعوه على بناء واحد وقالوا :مريتها مريا إذا أراد العمل وحلبتها مرية لا يريد (فعلة) ولكنّه يريد نحوا من الدرة والحلب وقالوا : لعنة للذي يلعن واللعنة المصدر والخلق المصدر والمخلوق جمعا وقالوا : كرع كروعا والكرع : الماء الذي يكرع فيه ودرأته درءا وهو ذو تدرإ أي : ذو عدّة ومنعة وكاللّعنة السّبّة إذا أردت المشهور بالسّبّ واللعن جعلوه مثل : الشهرة.

٣٢٥

قال أبو بكر : قد ذكرت أحوال الأفعال الثلاثية المتعدية وغير المتعدية التي لا زائد فيها وعرّفت : أنّ الفعل الذي لا يتعدى يفضّل على المتعدي بفعل يفعل وعرفتك الأسماء الجارية عليها والمصادر وما لا يجري من المصادر على الفعل.

واعلم أنّ كلّ فعل متعدّ فقد يبنى منه على مفعول نحو قولك في ضرب : مضروب وفي قتل : مقتول وما لا يتعدى فلا يجوز أن يبنى منه (مفعول) إلا أن تريد المصدر أو تتسع في الظروف فتقيمها مقام المفعول الصحيح وقد جاء في اللغة (فعل) ولم يستعمل منه فعلت ، وذلك نحو : جنّ وسلّ.

وورد من الحمّى وهو مجنون ومسلول ومحموم ومورود ولم يستعمل فيه فعلت : ومثله : قطع : كأنّهم قالوا : جعل فيه جنون فجاء مجنون على (فعل) كما جاء محبوب من (أحببت) وكان حق مجنون : مجنّ على : أجنّ وقال بعضهم : (حببت) فجاء به على القياس ونحن نتبع هذا :بذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها.

باب ذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها

هذه الأفعال تجيء على ضربين : أحدهما على وزن الفعل الرباعي ، والآخر على غير وزن ذوات الأربعة ، فأمّا الذي على وزن ذوات الأربعة فهو أيضا على ضربين : أحدهما ملحق ببنات الأربعة ، والآخر على وزن ذوات الأربعة في متحركاته وسواكنه ، وليس بملحق فالمحلق : حوقل حوقلة وبيطر بيطرة وجهور كلامه وكذلك شمللت شمللة وسلقيته سلقاة وجعبيته جعباة فهذا ملحق بدحرج ومضارعه كمضارع يدحرج نحو : يجعبي ويحوقل ويشملل.

ومصدر الرباعي بغير زيادة يجيء على (فعللة وفعلال) نحو : السّرهاف والزّلزلة والزّلزال وكذلك : الملحق الحيقال السّلقاء على مثال الزّلزال كما قال :

وبعض حيقال الرجال الموت

٣٢٦

الضرب الآخر : الذي على وزن ذوات الأربعة وليس بملحق وهو يجيء على ثلاثة أضرب : فعل وأفعل وفاعل الوزن على وزن : دحرج والمضارع كمضارع بنات الأربعة ؛ لأن الوزن واحد ولا يكون المصدر كمصادرها ؛ لأنه غير ملحق بها تقول : قطّع يده يقطعها وكسّر يكسر على مثال : يدحرج وقاتل يقاتل ، وأما أفعلت فنحو : أكرم يكرم وأحسن يحسن وكان الأصل : يؤكرم ويؤحسن حتى يكون على مثال : يدحرج ؛ لأن همزة أكرم مزيدة بحذاء دال دحرج وحقّ المضارع أن ينتظم ما في الماضي من الحروف ولكن حذفت الهمزة وقد ذكرنا هذا فيما تقدم ومع هذا فإنّهم حذفوا الهمزة الأصليّة لالتقاء الهمزتين في : أاكل وأاخذ وأامر فقالوا :خذ وكل ومر وربّما جاء على الأصل فقالوا : أومر ، فإن اضطّر شاعر فقالوا : يؤكرم ويؤحسن جاز ذلك كما قال :

وصاليات ككما يؤثفين (١) ...

وكما قال :

فإنه أهل ؛ لأن يؤكرما ...

والمصادر في الفعل على مثال : الزّلزال وليس فيه مثال : الزّلزلة ؛ لأنه نقص في المضارع فجعل هذا عوضا ، وذلك نحو : أكرمته إكراما وأعطيته إعطاء ، وأما (فاعلت) فمصدره اللازم له (مفاعلة).

وذلك نحو : قاتلته مقاتلة وشاتمته مشاتمة فهذا على مثال : دحرجته مدحرجة ولم يكن فيه شيء على مثال : الدّحرجة ؛ لأنه ليس بملحق (بفعللت) ويجيء فيه (الفعال) نحو : قاتلته قتالا وراميته رماء وكان الأصل (فيعالا) ؛ لأن (فاعلت) على وزن (أفعلت) وفعللت فالمصدر كالزّلزال والإكرام ولكنّ الياء محذوفة من (فيعال) استخفافا ، وإن جاء بها جاء فمصيب ، وأما

__________________

(١) على أنه يمكن أن تكون" الكاف" الثانية مؤكدة للأولى ؛ قياسا على اللامين في البيت الذي قبله ، فلا يكون في البيت دليل على اسمية الكاف الثانية.

وهو من قصيدة لخطام المجاشعي. وهي من بحر السريع ؛ وربما حسب من لا يحسن العروض أنه من الرجز كما توهمه بعضهم ؛ لأن الرجز لا يكون فيه معولات فيرد إلى فعولات. انظر خزانة الأدب ١ / ٢٦٣.

٣٢٧

فعّلت : فمصدره التفعيل ؛ لأنه ليس بملحق فالتاء الزائدة عوض من تثقيل العين والياء بدل من الألف التي تلحق قبل أواخر المصادر ، وذلك قولك : قطّعته تقطيعا وكسّرته تكسيرا وشمّرت تشميرا وكان أصل هذا المصدر أن يكون فعّالا كما قلت أفعلت إفعالا ولكنه غير لبين أنه ليس ملحقا ولو جاء به جاء على الأصل لكان مصيبا كما قال الله جلّ ذكره (وكذبوا ليبين بآياتنا كذّابا) وقال قوم : حمّلته حمّالا وكلّمته كلّاما فهذه تصاريف هذه الأفعال ومصادرها ونحن نذكر معانيها ومواقعها في الكلام إن شاء الله.

الأول : فعّل :

حقه أن يكون للتكثير والمبالغة فأذا أدخلت عليه التاء قلت : تفعّلت تفعّلا ضموا العين ؛ لأنه ليس في الكلام اسم على (تفعّل) وفيه (تفعّل) مثل التنوط اسم ويجيء : فعّلته وأفعلته بمعنى واحد. نحو : خبّرته وأخبرته ووعّزت وأوعزت وسمّيت وأسميت أي : جعلته فاعلا ويجيئان مفترقين نحو : علّمته وأعلمته فعلّت أدبت وأعلمت : آذنت وكذلك آذنت وأذّنت مفترقان فآذنت : أعلمت وأذّنت من النداء والتصويت بإعلام وبعض العرب يجري : أذّنت وآذنت مجرى سمّيت وأسميت وأمرضته جعلته مريضا ومرّضته قمت عليه.

ومثله أقذيت عينه وقذّيتها فأقذيتها : جعلتها قذيّة وقذّيتها : نظفتها من القذاء كثّرت وأكثرت وقلّلت وأقللت فكثّرت أن تجعل قليلا كثيرا وقلّلت تجعل كثيرا قليلا وصبّحنا ومسّينا وسحّرنا فمعناه : أتيناه صباحا في هذه الأوقات ومثله بيّتناه أتيناه بياتا وما بني على (يفعّل) فهو يشجّع ويجبّن ويقوّي أي يرمى بذلك وقد شيّع الرجل أي رمي بذلك وقيل فيه.

الثاني : أفعل :

وحقّ هذه الألف إذا دخلت على : فعل لا زيادة فيه أن يجعل الفاعل مفعولا نحو : قام وأقمته وقد ذكر هذا فيما مضى ويكون في معنى (فعل) في لغتين مختلفتين نحو : قلته وأقلته وأشباه هذا كثير وقد أفرد له النحويون وأهل اللغة كتبا يذكرون فيها : فعلت وأفعلت والمعنى واحد وكما أنه قد جاء أفعلت في معنى : فعلت فكذلك يجيء : فعلت في معنى : أفعلت ينقل الفاعل فيجعله مفعولا نحو : نعم الله بك عينا وأنعم بمعنى واحد ويقال : أبان وأبنته واستبان

٣٢٨

واستبنته بمعنى واحد فأبان وأبنته في ذا الموضع كحزن وأحزنته وكذلك : بيّن وبيّنته ويجيء : أفعلته على أن تعرضه لأمر كأقتلته وأقبرته جعلت له قبرا وسقيته فشرب وأسقيته جعلت له سقيا ويجيء : أفعل على معنى أنه صار صاحب كذا نحو : أجرب صار صاحب جرب وأحال : صار حيال ومثله : مقو ومقطف أي : صاحب قوة وقطاف في ماله من قوي الدابة وقطف ومثله ألام فلان (أي : صار صاحب لائمة) ولامه بغير هذا المعنى وإنّما هو إذا أخبره بأمره والمعسر والمرسر مثل : المجرب فأمّا عسّرته فضيقت عليه ويسّرته وسعت عليه ومثل ذلك :اسمنت وأكرمت فأربط.

وكذلك ألأمت وأراب صار صاحب ريبة ورابني جعل فيّ ريبة ويجيء على معنى أنه استحقّ ذلك نحو : أحصد الزرع وأقطع النخل إذا استحقّ ذلك ، فإن أخبرت أنك فعلت قلت : قطعت وأحمدته : وجدته مستحقاّ للحمد مني وحمدته جزيته وقضيته حقّه ويجيء للمصير إلى الحين ، وذلك نحو : أسحرنا وأصبحنا وأهجرنا وأمسينا أي : صرنا في هذه الأوقات.

ويجيء : أفعلت في معنى : فعّلت كما جاءت (فعّلت) في معناها : أقللت وأكثرت في معنى قلّلت وكثّرت وقالوا : أغلقت الأبواب وغلّقت.

قال الفرزدق :

ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها

حتى أتيت أبا عمرو بن عمار

ومثل : أغلقت وغلّقت أجدت وجوّدت ، وإذا جاء شيء نحو : أقللت وأكثرت : أي جئت بقليل وكثير فهذا على غير معنى : قلّلت وكثّرت.

الثالث : فاعل :

وأصله أن يكون لتساوي فاعلين في (فعل) ، وذلك نحو ضاربته وكارمته فإذا كانت أنت فعلت من ذلك ما تغلب به وتستحقّ أن تنسب الفعل إليك دونه قلت : كارمني فكرمته أكرمه وخاصمني فخصمته أخصمه فهذا الباب كله على مثال : خرج يخرج إلّا ما كان مثل : رميت

٣٢٩

وبعت ووعد ، فإن جميع ذلك : أفعله وليس في كلّ شيء يكون هذا لا تقول : نازعني فنزعته استغني عنه بغلبته.

وقد يجيء (فاعلت) لا تريد به عمل اثنين نحو ناولته وعاقبته وعافاه الله وسافرت وظاهرت عليه ، وأما (تفاعلت) فلا يكون إلّا وأنت تريد فعل اثنين فصاعدا ولا يعمل في (مفعول) نحو : ترامينا وقد يشركه (افتعلنا) فتريد بها معنى واحدا نحو : تضاربوا واضطربوا وتجاوروا واجتوروا وقالوا : تماريت في ذلك وتراءيت له وتقاضيته وقد يجيء (تفاعلت) ليريك أنه في حال ليس فيها نحو : تغافلت وتعاميت وتعاشيت وتعارجت.

قال الشاعر :

إذا تخازرت وما بي من خزر ...

باب دخول (فعّلت) على (فعلت) لا يشركه في ذلك : (أفعلت)

تقول : كسرتها فإذا أردت كثرة العمل قلت : كسّرتها وقالوا : مؤّتت وقوّمت إذا أردت جماعة الإبل وغيرها وقالوا : يجوّل أي : يكثر الجولان ويطّوف أي : يكثر ذاك والتخفيف في هذا كله جائز ؛ لأن كلّ فالقليل فيه واجب يجوز أن تقول : ضربت تريد : ضربا كثيرا وقليلا فإذا قلت : ضرّبت انفرد بالكثير ألا ترى أنك إذا قلت : ضربت ضربا جاز أن يكون مرة ومرارا فإذا قلت : ضربة انفرد بمرة واحدة.

٣٣٠

باب دخول التاء على فعّل

فإذا أدخلت التاء على (فعّل) صار للمطاوعة نحو : كسّرته فتكسّر ، وأما تقيّس وتنزّر فكأنه جرى على (نزر فتنزّر وقيّس فتقيّس) مثل : كسّر فتكسّر ، وإذا أراد الرجل أن يدخل نفسه في أمر حتى يضاف إليه يقول : تفعّل نحن : تشجّع وتمرّأ أي : صار ذا مروة وقد يجيء تقيّس وتنزّر مثله إذا أدخل نفسه في ذلك وقد يشارك (تفعّل) استفعل نحو : تعظّم واستعظم وتكبّر واستكبر وتجيء : تفعّلت بمعنى : الإستثبات ويشاركها استفعلت : نحو : تيقّنت واستيقنت وتبيّنت واستبينت وتثبّت واستثبت وقولهم : تقعّدته إنّما هو : ريّثته عن حاجته وعقته ومثله : تهيبني البلاد وأمّا : تنقّصته فكأنه الآخذ من الشيء الأوّل فالأوّل ومثله : يتجرّعه ويتحسّاه ، وأما (تعقّله) فنحو : تقعّده ؛ لأنه يريد : أن يختله عن أمر يعوقه عنه ويتملّقه نحو ذلك ؛ لأنه إنّما يريد أن يديره عن شيء وقالوا : تظلمني أي : ظلمني مالي كما قالوا : جزت وجاوزته ونهيته واستنهيته مثل : علوته واستعليته والمعنى واحد ، وأما تخوّفه فهو أن توقع أمرا يقع بك فلا تأمنه في حالك التي تكلمت فيها و (خافه) ليس كذلك ، وأما يتسمّع ويتبصّر ويتحفّظ ويتجرّع ويتدخّل ويتعمّق فجميعه عمل بعد عمل في مهلة وتنجّز حوائجه واستنجز في معنى واحد.

باب افتراق فعلت وافعلت

تقول : دخل وأدخله غيره وخاف وأخفته وجال وأجلته ومكث وأمكثته وفرح وأفرحته وفرّحته يشتركان.

ومن العرب من يقول : أملحته والكثير ملّحته وظرف وظرّفته ولا يستنكر (أفعلت) فيها فأمّا : طردته : فنحيته وأطردته : جعلته طريدا وطلعت : بدوت وأطلعت : هجمت وشرقت الشمس بدت وأشرقت : أضاءت : وأسرع : عجل كثقل كأنه غريزة كخفّف وقالوا : فتن الرجل وفتنته وحزن وحزنته لم يرد أن يقول : جعلته حزينا ولكن جعلت فيه حزنا مثل كحلته جعلت فيه كحلا ، وإذا أردت ذلك قلت : أحزنته : وأفتنته ومثله : شتر الرجل وشترت عينه

٣٣١

فإذا أردت تغير شتر الرجل قلت : أشترته وعورت عينه وعرتها وبعضهم يقول : سودت وسدتها من السواد وقد اختلفوا في هذا البيت لنصيب فقال بعضهم :

سودت فلم أملك سوادي وتحته

قميص من القوهيّ بيض بنائقه

وقال بعضهم : سدت : يريد فعلت وجملة هذا أنك إذا أردت تغيير (فعل) قلت : أفعل فقط وقالوا : عوّرت عينه مثلّ فرّحته وسوّدته ومثل : فتنته جبرت يده وجبرتها وركضت الدابة وركضتها ونزحت الرّكيّة ونزحتها وسارت الدابة وسرتها ورجس الرجل ورجسته ونقص الدرهم ونقصته وغاض الماء وغضته وقد جاء فعّلته إذا أردت أن تجعله (مفعلا) نحو : فطّرنه فأفطر وبشّرته فأبشر وهو قليل ، وأما خطّأته فإنّما أردت : سميته مخطئا مثل فسّقته وزنّيته وحيّيته وسقّيته قلت له : حياك الله وسقاك ويا فاسق ويا زاني وأفّغت به قلت له أفّ لك وقالوا : أسقيته في معنى سقّيته ودخل (أفعل) على (فعّل) كدخول فعّل عليه.

القسم الثاني : ما فيه زائد من بنات الثلاثة :

وليس على وزن ذوات الأربعة وهو ما أسكن أوله ودخل عليه ألف الوصل وهي تجيء على ثمانية أبنية : انفعل افتعل استفعل افعاللت افعللت افعوعل افعوّل افعنللت.

الأول : انفعل :

هذا البناء يجيء للمطاوعة نحو : قطعته فانقطع وكسرته فانكسر وقالوا : طردته فذهب استغنى به عن انطرد وقد يجيء : افتعل (في معنى) (انفعل) نحو : غمته فاغتمّ يجوز فيه انفعل وافتعل.

الثاني : افتعل :

حكم افتعل وبابه أن يكون متعديا وقد يجيء في معنى (انفعل) في المطاوعة فمتى جاء على معنى المطاوعة فهو غير متعد فإذا قلت : شويته فاشتوى فهو على معنى : انشوى ، وإذا قلت : اشتويت اللحم أي : اتخذت شواء وشويت مثل : أنضجت وكذلك اختبز وخبز واطّبخ وطبخ واذّبح وذبح فذبح بمنزلة قوله : قتله واذّبح بمنزلة قوله : اتخذ ذبيحة والأجود في

٣٣٢

(افتعل) أن يقع متعديا على غير معنى الانفعال وحبسته بمنزلة : ضبطته واحتبسته اتخذته حبيسا واصطبّ الماء بمنزلة استقه تقول اتخذه لنفسك وكذلك : أكتل واتّزن وقد يجيء على وزنته وكلته فاكتال واتّزن وقد يجيء فيما لا يراد به شيء من هذا نحو : افتقر فأمّا كسب فإنه أصاب واكتسب : هو التصرف والطّلب والإجتهاد بمنزلة الاضطراب.

وقد جاء : افتعلت على (تفعّلت) قالوا : ادّخلوا واتّلجوا يريدون معنى : تدخلوا وتولجوا.

وقالوا : قرأت واقترأت وخطف واختطف بمعنى واحد ، وأما انتزع فهي خطفة كقولك استلب ، وأما (نزع) فإنه تحميلك إياه ، وإن كان على نحو الإستلاب وكذلك : قلع واقتلع وجذب واجتذب.

الثالث : استفعل :

وهو طلب الفعل نحو : استنطقته فنطق لأنّ : استنطق مأخوذ من (نطق) واستكتمته فكتم واستخرجته فخرج واستعطيته طلبت العطيّة ومثله استعتبت واستفهمت وهو متعدّ وفعل المطاوع يجيء على (فعل) إن كان الماضي على (فعل) بلا زيادة ، وإن كان الماضي على (أفعل) كان فعل المطاوع على (أفعل) نحو : استنطقته فنطق ؛ لأنه استنطقته مأخوذ من (نطق) ، فإن قلت : استفتيته قلت : فأفتى ؛ لأن الماضي : أفتى ومنه أخذ استفتى وكذلك : استخبرته فأخبر لأنك تريد : سألته أن يخبر وكذلك : استعملته فأعلمني فعلى هذا يجري هذا فافهمه وقالوا : استحقّه طلب حقّه واستخفّه : طلب خفته واستعجل : مرّ طالبا ذاك من نفسه ويجيء :استفعلت أيضا على معنى : أصابه الفعل أي : أصبت كذا نحو : استجدته : أصبته جيدا واستكرمته أصبته كريما واستعظمته أصبته عظيما وقد جاء في التحول من حال إلى حال نحو :استنوق الجمل واستتيست الشاة.

وقد جاء : استفعل (في معنى) تفعّل قالوا : تعظّم واستعظم وتكبّر واستكبر وتيقّنت واستيقنت وتثبّتّ واستثبتّ وقد جاء على معنى : (أفعل وفعّل) ، وذلك نحو : استخلف لأهله كما تقول : أخلف لأهله واستعليته بمعنى علوته.

٣٣٣

الرابع : افعاللت :

يجيء هذا الضرب في الألوان نحو : احماررت احمرارا واشهابّ اشهيبابا وكذلك جميع هذا الضرب وقد مضى ذكره وتجيء. أشياء مستعملة بالزيادة فقط نحو : أقطارّ النبت وأقطر وارعويت واشمأززت.

قد ذكره سيبويه في الرباعي ، وإن كان مهموزا فليس هذا موضعه وهو ثلاثي.

الخامس : افعللت :

وهو مقصور من افعاللت نحو : احمررت وما أشبهه ويجيء الشيء مستعملا بالزيادة فقط.

السادس : افعوعل :

قال الخليل : كأنّهم يريدون به المبالغة والتوكيد وذلك : خشن واخشوشن واعشوشبت الأرض واحلولى وربّما بني عليه الفعل فلم يفارقه نحو : اعروريت الفلو إذا ركبته بغير سرج.

السابع : افعوّل :

نحو : اجلوّذ واعلوّط كذا قال سيبويه : وقالوا : الاعلواط : ركوب العنق والتقحم على الشيء.

الثامن : افعنلل :

نحو : اسحنكك ومعناه اسودّ فهو بمنزلة : اذلولى إذا أريد به الإلحاق باحرنجم واقعنسس مثله.

باب مصادر ما لحقته هذه الزوائد

أفعلت مصدره إفعال ألفه مقطوعة افتعلت : افتعال ألفه موصولة مثله في فعله انفعلت :انفعال نحو : انطلقت انطلاقا واحمررت : احمرارا واحماررت : احميرارا واشهاببت اشهيبابا واقعنسست اقعنساسا واجلوّذت اجلوّاذا استفعلت استفعالا وكذلك كلّ ما كان على وزنه

٣٣٤

ومثاله يخرج على هذا الوزن وهذا المثال فعّلت : (تفعيل) التاء بدل من العين الزائدة في (فعّلت) والياء بمنزلة الألف في الأفعال.

وقال ناس : كلّمته كلّاما وحملّته حمّالا شبهوه بالإفعال في متحركاته وسواكنه.

تفعّلت (تفعّل) ضموا العين ؛ لأنه ليس في الكلام اسم على : (تفعّل) وفيه : تفعّل.

مثل التّنوط وهو طائر ومن قال : كذّابا.

قال : تحملت تحمّالا فاعلت : مفاعلة الميم عوض من الألف التي بعد الفاء والهاء عوض من الألف التي في المصدر قبل آخره.

ومن قال تحمّالا فهو يقول : قيتّالا وقالوا : ماريته مراء وقاتلته قتالا وجاء فعال على (فاعلت) كثيرا لأنّهم حذفوا الياء التي جاء بها أولئك في قتيال (ومفاعلة) لا تنكسر.

تفاعلت : (تفاعل) : ضموا العين ولم يكسروها لئلا يشبه الجمع ولم يفتحوا ؛ لأنه ليس في الكلام (تفاعل) في الأسماء ولو فتحوا لكان لفظ المصدر كلفظ الفعل.

باب ما لحقته الهاء عوضا

وذلك أقمت إقامة كان الأصل إقواما فحذفت الألف وكذلك : استعنته استعانة كان الأصل : استفعالا وأريته : إراءة ، وإن شئت لم تعوض قال تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) [الأنبياء : ٧٣] وقالوا : اخترت اختيارا فلم يلحقوا الهاء حين أتموا.

وقالوا : أريته : إراء مثل : إقاما وأمّا : عزّيت : تعزية فلا يجوز حذف الهاء منها ولا مما لامه ياء أو واو وكان أصل تعزية تعزّي فحذفت زايا من الزاي المشددة والمشددة حرفان وقد يجيء في الأول نحو الاحواذ والإستحواذ ونحوه على الأصل ولا يجوز الحذف فيما لامه همزة نحو :تجزئة وتهنئة لأنّهم ألحقوهما بأخيتهما الياء والواو.

قال أبو العباس : الإتمام أجود وأكثر عن أبي زيد وجميع النحويين فيقولون : هنّأته وخطّأته تخطئا وتهنئا وتخطئة وتهنئة.

٣٣٥

باب ما جاء المصدر فيه من غير الفعل لأن المعنى واحد

وذلك : اجتوروا تجاورا وتجاوزوا اجتوارا ، وانكسر كسرا وكسر انكسارا ، (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] كأنّه قال : فنبتم نباتا. (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨] كأنه قال : بتّل.

وفي قراءة ابن مسعود : (وأنزل الملائكة تنزيلا) [الفرقان : ٢٥] ؛ لأن أنزل ونزّل واحد.

قال القطامي :

وليس بأن تتبّعه اتّباعا (١)

فجاء به على (اتبع) وقال رؤبة :

__________________

(١) قصيدة للقطامي ، مدح بها زفر بن الحارث الكلابي. وكان بنو أسد أحاطوا به في نواحي الجزيرة وأسروه يوم الخابور وأرادوا قتله ، فحال زفر بينه وبينهم ، وحماه ومنعه ، وحمله وكساه ، وأعطاه مائة ناقة.

فمدحه بهذه القصيدة وغيرها ، وحض قيسا وتغلب على السلم. وبعد هذا البيت :

قفي فادي أسيرك ، إن قومي

وقومك لا أرى لهم اجتماعا

وكيف تجامع مع ما استحلا

من الحرم الكبار وما أضاعا

ألم يحزنك أن حبال قيس

وتغلب قد تباينت انقطاعا

يطيعون الغواة ، وكان شرا

لمؤتمر الغواية أن يطاعا

ألم يجزنك أن ابني نزار

أسالا من دمائهما التلاعا

إلى أن قال :

أمور لو تلافاها حليم

إذا لنهى وهبب ما استطاعا

ولكن الأديم إذا تفرى

بلى وتعينا غلب الصناعا

ومعصية الشفيق عليك مما

يزيدك مرة منه استماعا

وخير الأمر ما استقبلت منه

وليس بأن تتبعه اتباعا

كذاك ، وما رأيت الناس إلا

إلى ما ضر غاويهم سراعا

تراهم يغمزون من استركوا

ويجتنبون من صدق المصاعا

انظر خزانة الأدب ١ / ٢٨٠.

٣٣٦

وقد تطوّيت انطواء الحضب

فجاء به على (انفعل) ومثل هذه الأشياء (تدعه تركا) ؛ لأن المعنى واحد.

هذا باب ما يكثر فيه المصدر من (فعلت):

وتلحق الزوائد وتبنيه بناء آخر على غير ما يجب للفعل تقول : في الهدر التّهدار وفي اللّعب التّلعاب والصّفق التصّفاق والتّرداد والتّجوال والتّقتال والتّسيار فأما : التّبيان فلم تزد التاء للتكثير ولو كانت لذلك لفتحت ولكنّها زيدت لغير علة وكذلك التّلقاء إنّما يريد : اللّقيان.

٣٣٧

ذكر الفعل الرّباعي وهو القسم الثاني من أول قسمة

الرباعي على ضربين : أحدهما : لا زيادة فيه ، والآخر ذو زيادة.

الأول : الذي لا زيادة فيه نحو : دحرجته : دحرجة وزلزلته : زلزلة به نحو : حوقلته : حوقلة وزحولته : زحولة مأخوذ من (الزّحلة) وإنّما ألحقوا الهاء عوضا من الألف التي تكون قبل آخر حرف ، وذلك ألف زلزال وقالوا : زلزال والكسر الأصل نحو : القلقال وسرهفته سرهافا كأنّهم أرادوا مثال الإعطاء ؛ لأن أعطى على وزن : دحرج وسرهف فإذا قلت : سرهافا فصار على وزن : إكرام في سواكنه ومتحركاته لا في زوائده. وزلزال على مثال : تفعيل.

الثاني من الرباعي : وهو ما لحقته الزيادة ففيه ما جاء بالزيادة على مثال : استفعلت (فمصدره يجيء على مثال مصدر استفعل) ، وذلك نحو احرنجمت احرنجاما واطمأننت واطمئنانا والطمأنينة والقشعريرة ليس واحد منهما بمصدر على (اطمأننت) واقشعررت كما أنّ النّبات ليس بمصدر على (أنبت) وتدخل التاء على ذوات الأربعة كما دخلت على ذوات الثلاثة نحو : تدحرج وتدحرجنا تدحرجا والكلام يقلّ في ذوات الأربعة.

باب ما لا يجوز أن تعديه من الثلاثي والرباعي

وذلك انفعلت نحو : انطلقت انطلاقا وانكمشت لا تقول فيه فعلته مثل : كسرته فانكسر لا يجوز : احرنجمته ؛ لأنه نظير انفعلت (في بنات الثلاثة زادوا فيه نونا وألف وصل وليس في الكلام) أفعنللته ولا (افعنليته ولا افعللته ولا افعاللته) وهو نحو : احمررت واشهاببت ونظير ذلك من بنات الأربعة اطمأننت واشمأززت ، وأما (افعوعل) فقد يتعدى.

قال حميد الهلالي :

فلمّا أتى عامان بعد انفصاله

عن الضرع واحلولى دماثا يرودها

وافعوّل أيضا يتعدى نحو (اعلوّطته) وكذلك (فعللته) صعررته ؛ لأنه على بناء دحرجته وهو ملحق به وكذلك فوعلته مفوعلة نحو : كوكبته مكوكبة وقالوا : اعروريت الفلو فعرّوه.

واعلم أنّ ما لا يتعدى في جميع الأفعال أقلّ مما يتعدى.

٣٣٨

قال سيبويه : إنّما كثر المتعدي لأنّهم يدخلون المفعول في الفعل ويشغلونه به كما يفعلون ذلك بالفاعل.

هذا باب نظير (ضربته ضربة) من هذه الأبواب كلّ المصادر :

المصادر تجيء على أفعالها على القياس لا تتغير نحو : استفعلت استفعالا وأعطيت إعطاءة وانطلقت : انطلاقة واستخرجت : استخراجة وتقول : قاتلته مقاتلة ولا تقول : قتالة ؛ لأن الأكثر في (فاعلت) مفاعلة ولو أردت الواحد من (اجتورت فقلت : تجاورة جاز ؛ لأن المعنى واحد ومثل ذلك تركه تركة واحدة.

واحرنجمت احرنجامة واحدة واقشعررت اقشعرارة ونظير ذلك من بنات الأربعة : دحرجته دحرجة واحدة وزلزلة واحدة.

٣٣٩

ذكر المشتقّ من ذوات الثلاثة على مثال المضارع مما أوله ميم

اعلم أنهم يشتقون للمكان والمصدر والزمان من الثلاثي ولا يكاد يكون في الرباعي إلّا قليلا أو قياسا.

الأول : الثلاثي : يجيء على مثال الفعل المضارع على (يفعل) ويفعل فتقع الميم موقع حرف المضارعة للفصل بين الاسم والفعل.

الضرب الأول : وهو ما كان (على) فعل يفعل ، فإن موضع الفعل مفعل مثل يفعل :وذلك مجلس ومحبس والمصدر مفعل ، وذلك قولهم : إنّ في ألف درهم لمضربا أي : لمضربا وقال عزّ وجل : (أَيْنَ الْمَفَرُّ) والمكان (المفرّ) والمبيت : المكان والمعاش المصدر.

وقد جاء مفعل يراد به (الحين) جعلوا الزّمان كالمكان ، وذلك قولهم : أتت الناقة على مضربها وأتت على منتجها تريد الحين وربّما بنوا المصدر على المفعل قال جلّ وعزّ : (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) وقالوا : المحيض يريدون : الحيض.

والمعجز يريدون : العجز وقالوا : المعجز القياس وربّما ألحقوا هاء التأنيث فقالوا : المعجزة كما قالوا : المعيشة ويدخلون الهاء في الموضع أيضا : نحو المزلّة أي : موضع الزّلل وقالوا : المعذرة والمعتبة وقالوا : المعصية والمعرفة.

الضرب الثاني :

ما كان على (يفعل) مفتوحا اسم المكان على مثاله على القياس مفتوح كما أنّ (يفعل) كان فيه مكسورا ، وذلك قولك : شرب يشرب والمكان : مشرب ويلبس والمكان : ملبس والمصدر مفتوح أيضا ؛ لأنه كان يفتح مع المكسور فهو في المفتوح أجدر وقد جاء الكسر للفرق.

وقالوا : علاه المكبر وقالوا : محمدة فأنثوا وكسروا وحكم (يفعل) حكم (يفعل) وتنكبوا أن يقولوا : (مفعل) ؛ لأنه ليس في الكلام اسم مثل (مفعل) تقول في (يقتل) (ويقوم) : المقتل والمقام في المكان وقالوا : الملامة في المصدر وقالوا : المردّ والمكرّ يريدون : الكرور والرّدّ وقالوا :المدعاة والمأدبة يريدون : الدّعاء إلى الطعام وقالوا : مطلع يريدون الطّلوع كما قالوا : في باب

٣٤٠