الأصول في النحو - ج ٢

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-406-X
الصفحات: ٥٣٥

نحو : أسيّد وحميّر تقول أسيديّ وحميريّ تحذف الياء المتحركة وقالوا في زبينة : زبانيّ أبدلوا ألفا من ياء.

وتقول في مهيّيم تصغير مهوّم : مهيّيميّ فلا تحذف منه شيئا لئلا يصير كأسيّد.

الضرب الثاني : ما يحذف آخره عند الإضافة من الالفات والياءات وهو على ثلاثة أقسام :

الأول : الإضافة إلى اسم على أربعة أحرف فصاعدا إذا كان آخره ياء ما قبلها مكسور.

الثاني : الإضافة إلى كلّ اسم آخره ألف زائدة لا ينون وهو على أربعة أحرف.

الثالث : الإضافة إلى كلّ اسم كان آخره ألفا وكان على خمسة أحرف.

الأول من ذلك : وهو ما كان على أربعة أحرف فصاعدا إذا كان آخره ياء قبلها مكسور :

تقول في رجل من بني ناجية : ناجيّ وفي أدل : أدليّ وفي صحار : صحاريّ وفي ثمان : ثمانيّ وفي رجل اسمه يمان : يمانيّ لأنك لو أضفت إلى رجل اسمه يمني لأحدثت ياءين سواهما ، وحذفتهما وإلى يرمي يرميّ وإلى عرقوة : عرقي.

وقال الخليل : من قال في يثرب : يثربيّ وفي تغلب : تغلبيّ : ففتح فإنّه يقول في يرمي :يرمويّ.

الثاني : الإضافة إلى كلّ اسم آخره ألف زائدة لا ينون وهو على أربعة أحرف :

تقول في حبلى : حيليّ ودفلى : دفليّ وسلّى : سليّ ومنهم من يقول : دفلاويّ يفرق بينها وبين التي هي من نفس الحرف فجعلت بمنزلة : حمراويّ وقالوا في دهناد : دهناويّ وقالوا في دنيا :دنياويّ ، وإن شئت قلت : دنييّ ومنهم من يقول : حبلويّ فيجعلها بمنزلة ما هو من نفس الحرف.

قال سيبويه : فإن قلت في ملهى : ملهيّ لم أر به بأسا ولا يجوز الحذف في (قفا) ؛ لأنه ثلاثي.

وأما جمزى فلا يجوز فيه : جمزويّ ولكن : جمزيّ لأنّها ثقلت لتتابع الحركات.

والحذف في معزى أجود. قال : لأنه ليس كالأصل ، وإن كان ملحقا.

٣٠١

الثالث : الإضافة إلى كلّ اسم كان آخره ألفا وكان على خمسة أحرف :

تقول في حبارى : حباريّ. وفي جمادى : جماديّ. وفي قرقرى : قرقريّ. وكذلك كلّ اسم كان آخره ألفا وكان على خمسة أحرف.

قال : وسألت يونس عن مرامى فقال : مراميّ يجعلها كالزيادة ، وتقول في مقلولى : مقولويّ ، وفي يهيرّى : يهيرّيّ ولا يفرق هنا بين الزائد والأصل فأمّا الممدود مصروفا كان أو غير مصروف كثر عدده أو قلّ فإنّه لا يحذف ، وذلك قولك في خنفساء : خنفساويّ وحرملاء : حرملاويّ ومعيوراء : معيوراويّ لم تحذف هذه الألف لأنّها متحركة وحذفت تلك لأنّها ساكنة ميتة.

فكذلك لو أضفت إلى عثير وحثيل لقلت : عثيريّ وحثيليّ كما قلت : حميريّ ولم يجز إسقاط الياء لأنها متحركة فقد فرقوا بين المتحرك والساكن مثنىّ بمنزلة مرامى لأنّها خمسة.

الخامس من القسمة الأولى : وهو ما أضيف إلى الأسماء المحذوفة قبل الإضافة وهو على ثلاثة أقسام :

الأول : الإضافة إلى بنات الحرفين.

الثاني : الإضافة إلى ما فيه الزوائد من بنات الحرفين.

الثالث : الإضافة إلى ما ذهبت فاؤه.

الأول من ذلك : الإضافة إلى بنات الحرفين

وهي تجيء على ضربين : أحدهما أنت فيه مخير في ردّ ما حذفت وتركه والآخر : لا بدّ فيه من الردّ.

اعلم أنه ما كان منقوصا فأنت فيه بالخيار إن شئت قلت في دم ويد : دميّ ، وإن شئت قلت : دمويّ تردّ ما حذف وكذلك غد وغدويّ وإنّما فتحت عين غد ويد وهما فعل لأنّك نسبته إلى الاسم وكانت العين متحركة فرددت وتركت الحرف.

وتقول في ثبة : ثبيّ وثبويّ. وفي شفة : شفيّ وشفهيّ. وفي حر : حريّ وحرحيّ.

٣٠٢

وإنت أضفت إلى (رب) فيمن خفف قلت : ربيّ ، وإن شئت رددت كما قالوا في قرة : قريّ وإنّما اسكنت كراهية التضعيف فلم يقولوا : ربّيّ ، وأما ما لا يجوز فيه إلّا الردّ من بنات الحرفين فنحو : أب وأخ تقول في أب : أبويّ وفي أخ : أخويّ وفي حم : حمويّ ؛ لأن هذه تظهر في الإضافة والتثنية.

والجمع تقول : أبو زيد وأخو عمرو وحمو بكر وتثني فتقول : أبوان ومن يقول : هنوك مثل (أبوك) يقول : هنويّ ومن قال : وضعة وهو نبت ضعوات قال : ضعويّ ومن جعل سنة من سانهت يقول : سنهيّ ومنهم من يقول : في عضة ويقول : عضويّ ، وإن أضفت إلى أخت قلت : أخويّ لأنك تقول : أخوات.

قال سيبويه : وسمعنا من يقول في جمع هنت : هنوات وكان يونس يقول : أختيّ وليس بقياس.

الثاني : الإضافة إلى ما فيه الزوائد من بنات الحرفين :

إن شئت قلت في ابن واسم وابنة واست واثنان : ابنيّ واثنيّ فتركته على حاله ، وإن شئت رددته إلى أصله : سمويّ وبنويّ وستهيّ.

وزعم يونس : أنّ أبا عمرو زعم : أنّهم يقولون : ابناويّ في الإضافة إلى أبناء ، وقال سيبويه : في الإضافة ابنمّ إن شئت : بنويّ ، وإن شئت : ابنميّ.

واعلم أنك إذا حذفت ألف الوصل فلا بدّ من الرّدّ وتقول في بنت : بنويّ ولو جاز بنيّ ؛ لأنه يقول بنات لجاز : بنيّ في ابن ؛ لأنه يقول بنون فالزيادة كأنّها عوض عما حذف فإذا حذفتها فلا بدّ من الردّ ؛ لأنه قد زال ما استعيض به وكذلك : كلتا وثنتان تقول : كلويّ وثنويّ.

قال أبو العباس : التاء في (كلتا) عند سيبويه بدل من ألف (كلا) مثل التاء التي هي بدل من واو فحذف ألف التأنيث وردّ ما التاء بدل منه.

وكان يونس يقول : ثنيتيّ كقوله : في أخت وذيت بمنزلة بنت وأصلها ذيّة فإذا حذفت التاء لزمها التثقيل ؛ لأن التاء عوض ، فإن نسبت إليها قلت : ذيويّ وإنّما ثقلت كما ثقلت (كيّ)

٣٠٣

اسما وأصل بنت وابنة (فعل) وكذلك أخت واست والدليل : استاه وسه وآخاء وبنون وقالوا : في اثنين : أثناء ولم يجيء : ثينيّ وقالوا في : اثنتين اثنتيّ هكذا ليس عينه في الأصل متحركة إلّا ذيت ، وأما (كلتا) فالدليل على تحرك عينها قولهم كلا كمعا واحد الأمعاء.

ومن قال : رأيت كلتا أختيك فإنه جعل الألف ألف تأنيث.

فإن سمّى بها شيئا لم يصرفه في معرفة ولا نكرة وصارت التاء بمنزلة الواو في (شروى) ولو جاء من هذا اسم منقوص وبان لك أنه فعل لحركت العين إذا أضفته وفم إذا شئت قلت :فميّ لأنّهم قالوا : فموان ولو لم يقولوه لم يجز ؛ لأنه لا ينبغي أن يجمع بين العوض والمعوض وبين الحرف الذي عوّض فالميم إنّما جعلت عوضا من الواو إذا قلت : فو زيد.

قال أبو بكر : والذي زين لهم عندي أن قالوا : (فموان) أنّ هذا يعد محذوفا وهي الهاء يدلّك عليه قولك : تفوهت وأفواه ، فإن أضفت إلى رجل اسمه ذوا مال قلت : ذوويّ وكذلك ذات مال لأنك إذا أضفت حذفت الهاء فكأنك تضيف إلى (ذو) ، وإن أضفت إلى رجل اسمه فو زيد.

قال سيبويه : فكأنك إنما تضيف إلى فم والإضافة إلى شاء شاويّ كذا تكلموا به ، وإن سميت به رجلا قلت : شائيّ ، وإن شئت قلت : شاويّ كذا قال سيبويه.

وبين شائيّ وعطائيّ فرق ؛ لأن الهمزة في عطاء بعد ألف زائدة وليست في شاء كذلك كما قلت : عطاويّ وفي شاة شاهيّ والإضافة إلى لات من اللات والعزى حكمها حكم (لا) لا تقول : (لائيّ) ولا تحرك العينان من هذه الحروف (كلو).

واعلم أنّ (لوا) إذا ثقلتها وسميت بها ليست كالأسماء المنقوصة ؛ لأن الأسماء المنقوصة التي قد حذفت لاماتها حقّها وحكمها أن تعرب العينات وتحرك إذا أفردت والواو من (لوّ) لم تحلقها حركة في حال والإضافة إلى امرئّ مثل امرعيّ ؛ لأنه ليس من بنات الحرفين وكذلك امرأة وقد قالوا : مرئيّ مثل مرعيّ في امريء القيس والإضافة إلى ماء مائيّ ومن قال :عطاويّ قال : ماويّ وقولهم : شاويّ يقوي ذا.

٣٠٤

قال أبو بكر : شاء مثل ماء ، وإن الهمزة تصلح أن تكون فيهما جميعا مبدلة من هاء لقولهم موية وشويهة.

الثالث : الإضافة إلى ما ذهبت فاؤه من بنات الحرفين :

اعلم أنّ هذا الباب ينقسم قسمين :

أحدهما : أن تكون الفاء وحدها من حروف اللين في الاسم.

والآخر : أن يجتمع فيه حرفا لين فتكون فاؤه ولامه معتلتين فالأول : إذا نسب إليه لم ترد الفاء لبعدها من حروف الإضافة ، وذلك قولهم في : عدة : عديّ وفي زنة : زنيّ ، وأما الذي فاؤه وعينه معتلتان فإذا نسبت إليه رردت الفاء.

قال سيبويه : وتترك العين على حركتها فتقول : شية وشويّ فلا تسكن مثل : شجويّ.

وقال الأخفش : القياس : اسكان العين.

فتقول : وشيّ ، وأما الردّ فلا بدّ منه ؛ لأنه لا يبقى الاسم على حرفين أحدهما حرف لين.

٣٠٥

باب ما غير في النّسب وجاء على غير القياس الذي تقدم وهو ينقسم أربعة أقسام :

الأول : ما جاء على غير قياس.

الثاني : ما يكون علما خلافه إذا لم يردّ به ذلك.

الثالث : ما يحذف فيه ياء الإضافة إذا جعلته صاحب معالجة.

الرابع : ما يكون مذكرا يوصف به مؤنّث على تأول النّسب.

الأول : ما جاء معدولا على غير قياس وهو يجيء على ضربين :

أحدهما : أن تبدل الاسم عن لفظ إلى لفظ آخر والضرب الثاني : تغير ياءي النّسب من ذلك قولهم : هذيل هذليّ وفقيم كنانة : فقميّ ومليح خزاعة ملحيّ وثقيف ثقفيّ وكان القياس في جميع هذه أن تثبت وقالوا في زبينة : زبانيّ وفي طيء : طائيّ والعالية : علويّ وبادية : بدويّ والبصرة : بصريّ والسّهل : سهليّ والدهر : دهريّ وفي حيّ من بني عديّ يقال لهم : بنو عبيدة :عبديّ.

قال سيبويه حدثني من أثق به أنّ بعضهم يقول : في بني جذيمة : جذميّ وقالوا في بني الحبلى من الأنصار : حيليّ وفي صنعاء : صنعانيّ وفي شتاء : شتويّ ، وقال أبو العباس : هو جمع شتوة.

وفي بهراء قبيلة من قضاعة : بهرانيّ وفي دستواء : دستوانيّ مثل بحرانيّ وزعم الخليل : أنّهم بنوا البحر على بناء فعلان وفي الأفق : أفقيّ ومن العرب من يقول : أفقيّ على القياس.

وفي حروراء وهو اسم موضع : حروريّ وكان القياس : حرواويّ وجلولاء : جلوليّ وخراسان : خرسيّ وخراسانيّ أكثر وخراسيّ وقال بعضهم : إبل حمضّية إذا أكلت الحمض وحمضيّة أجود وإبل طلاحيّة إذا أكلت الطّلح.

قال سيبويه : وسمعنا من يقول : أمويّ وقال في : الرّوحاء : روحانيّ وروحاويّ أكثر.

وقالوا في : طهيّة : طهويّ وقال بعضهم : طهويّ على القياس.

٣٠٦

الضرب الثاني : ما جاء معدولا محذوفا منه إحدى الياءين :

وذلك قولهم في شأم : شآم وفي تهامة : تهام يفتحون التاء ومن كسرها شدّد فقال : تهاميّ ويمان في اليمن وزعم الخليل : أنّهم ألحقوا هذه الألفات عوضا من ذهاب إحدى الياءين.

وقال سيبويه : منهم من يقول : تهاميّ ويمانيّ وشآميّ ، وإن شئت قلت : يمنيّ على القياس قال : وزعم أبو الخطاب : أنه سمع من العرب من يقول في الإضافة إلى الملائكة والجنّ : روحانيّ أضاف إلى الروح وللجميع : رأيت روحانيين.

وزعم أبو عبيدة : أنّ العرب تقوله لكلّ شيء فيه الروح وجميع هذا إذا صار اسما في غير هذا الموضع فأضفت إليه جرى على القياس.

الثاني : ما يكون علما خلافه إذا لم يرد به ذلك :

قالوا في الطويل الجمّة : جمانيّ وفي الطويل اللحية : لحيانيّ وفي الغليظ الرقبة : رقبانيّ فإذا سميت بها قلت : رقبيّ وجمّيّ على الأصل وقالوا في القديم السنّ : دهريّ ولو سميت بالدهر لقلت : دهريّ.

الثالث : ما تحذف منه ياء الإضافة :

إذا جعلته صاحب معالجة جاء على (فعّال) قالوا : لصاحب الثياب : ثوّاب ولصاحب العاج : (عوّاج) وذا أكثر من أن يحصى وقد قالوا : البتّيّ أضافوه إلى البتوت وقد قالوا : البتّات فأمّا ما كان ذا شيء وليس بصنعة فيجيء على فاعل تقول لذي الدرع : دارع ولذي النبل : نابل ومثله ناشب وتامر ذو تمر وآهل أي : ذوا أهل ولصاحب الفرس : فارس وعيشة راضية ذات رضا ومثله طاعم كاس ذو طعام وكسوة.

وناعل ذو نعل وقالوا : بغّال لصاحب البغل شبهوه بالأول وقالوا لذي السيف : سيّاف ولا تقول لصاحب الشعير : شعّار ولا لصاحب البرّ : برّار ولا لصاحب الفاكهة : فكّاه ولم يجىء هذا في كلّ شيء والقياس في جميع ذا أن تنسب إليه بالياء المشددة على شرائط النّسب التي مضت.

٣٠٧

الرابع : ما يكون مذكرا يوصف به مؤنث :

اعلم بأنّ هذا الباب جاء على ذي شيء مثل دارع ونابل وهذا قول الخليل فمن ذلك قولهم : حائض وطامث وناقة ضامر.

قال الخليل : لم يجيء هذا على الفعل وكذلك مرضع ، فإن أجراه على الفعل قال : مرضعة وهي حائضة غدا ولا يجوز غيره.

وقال سيبويه : إنّ (حائض) جاء على صفة شيء والشيء مذكر.

وقال : إنّ (فعولا ومفعالا ومفعلا) يكون في تكثير الشيء وتشديده ووقع في كلامهم على أنه مذكر.

وقال الخليل : إنّهم : يريدون الإضافة ويستدلّ على ذلك بقولهم : رجل عمل وليس معناه المبالغة إلّا أنّ الهاء تدخله يعني : (فعل) وقال : نهر يريدون : نهاريّ يعني : النهار وقالوا : رجل حرح : ورجل سته كأنّه قال : حريّ واستيّ وقال في قولهم : موت (مائت) وشغل شاغل وشعر شاعر أرادوا به المبالغة.

قال أبو العباس : أي شعر يقوم بنفسه وشغل يقوم مقام فاعله.

وقال الخليل : هو بمنزلة قولهم : همّ ناصب وقد جاءت هاء التأنيث في.

شيء من (فعول) ومفعال وأمّا : مفعيل فقلّما جاءت فيه الهاء ومفعل قد جاءت الهاء فيه.

يقال : مصكّ ومصكةّ.

٣٠٨

هذا باب المصادر وأسماء الفاعلين

المصادر : الأصول ، والأفعال مشتقة منها ، وكذلك أسماء الفاعلين ، وقد تكون أسماء في معاني المصادر لم يشتقّ فيها فعل ولكن لا يجوز أن يكون فعل لم يتقدمه مصدر فإذا نطق بالفعل فقد وجب المصدر الذي أخذ منه ووجب اسم الفاعل ولو كانت المصادر مأخوذة من الفعل كاسم الفاعل لما اختلفت كما لا يختلف اسم الفاعل ونحو نذكر أربعة أشياء : المصدر والصفة والفعل وما اشتقّ منه.

فالفعل ينقسم قسمين : ثلاثي ورباعي. والثلاثي ينقسم قسمين : فعل بغير زيادة وفعل فيه زيادة. وانقسام المصادر في الزيادة وغيرها كانقسام الأفعال.

القسم الأول : الفعل الثلاثي الذي لا زيادة فيه :

وهو ينقسم على ضربين : فعل متعد إلى مفعول وفعل غير متعدّ.

٣٠٩

ذكر أبنية المتعدي من الثلاثي

وهو على ثلاثة أضرب :

على فعل يفعل مثل : ضرب يضرب.

وفعل يفعل مثل : قتل يقتل.

وفعل يفعل نحو : لحس يلحس.

وليس في الكلام فعل يفعل إلّا أن يكون فيه حرف من حروف الحلق وسنذكرها بعد إن شاء الله.

والصفة : على فاعل في جميع هذا ، وذلك نحو : ضارب وقاتل ولا حس وقد جاء اسم الفاعل على (فعيل) قالوا : ضريب قداح للضارب وصريم بمعنى : صارم وأصل المصدر في جميعها أن يجيء على (فعل) ؛ لأن المرة الواحدة على فعلة ولكنّها اختلفت أبنيتها كما تختلف أبنية سائر الأسماء ونحن نذكر ما جاء في باب باب منها.

الضرب الأول : فعل يفعل :

يجيء على اثني عشر بناء :

فعل نحو : ضرب ضربا وهو الأصل.

وفعل : قاله قيلا.

وفعل : سرق سرقا.

فعلة : غلبة.

فعلة : سرقة.

فعل : كذب.

فعلة : حمية.

فعال : ضراب الفحل كالنّكاح.

فعالة : حماية.

٣١٠

فعلان : حرمان.

فعلان : غفران.

فعلان : ليّان من لويته.

قال أبو العباس : فعلان لا يكون مصدرا ولكن استثقلوا الكسرة مع الياء.

الضّرب الثاني : فعل يفعل :

فعل : هو الأصل نحو : القتل وجاء (فعل) حلبها يحلبها حلبا فعل : الخنق فعل كفر فعل قيل : وحجّ فعلة : شدّة فعال : كتاب فعلان : شكران فعول : شكور وقد جاء : فعل يفعل :حسب يحسب ويئس ييئس ونعم ينعم.

قال سيبويه : والفتح في هذا أقيس وكان هذا عند أصحابنا إنّما يجيء على لغتين ومن ذا قولهم : فضل يفضل ومتّ تموت وكدت تكاد.

الضرب الثالث : فعل يفعل :

فعل الأصل مثل : حمد حمدا فعل : عمل فعل : شرب فعلة : رحمة فعلة : خلته خيلة فعلة قالوا : رحمته رحمة فعال : سفاد.

فعال : سماع فعلان : غشية غشيانا فعل يفعل من حروف الحلق فعالة : نصاحة فعالة :نكاءة فعال : سوال.

القسم الثاني من الثلاثي وهو الذي لا يتعدى :

وهو ينقسم قسمين : عمل وغير عمل ، ونحن نبدأ بذكر ما هو عمل.

اعلم أنّ هذا الفعل على أبنية المتعدي واسم الفاعل في الثلاثة التي على وزن المتعدي على (فاعل) والمصدر الذي يكثر فيه (فعول) وعليه يقاس فعل يفعل فعول الكثير مثل : جلوس فعل : حلف فعل : عجز.

٣١١

فعل يفعل وجدت فعل يفعل فيما هو غير متعدّ أكثر من (فعل يفعل) وهما أختان فعول هو الأكثر الذي يقاس عليه نحو : قعود فعال : ثبات فعل قالوا : سكت : سكتا فعل : مكث والشغل فعل : فسق فعالة : عمارة.

فعل يفعل فعل : عمل فعل.

حرد يحرد حردا وهو حارد قولهم : فاعل يدلّ على أنّهم جعلوه من هذا الباب.

فعل : حميت الشمس حميا وهي حامية فعل : الضّحك.

وأما ما كان غير عمل فقد تجيء هذه الأبنية فيه إلّا أنه يخصه فعل : يفعل وهذا البناء لا يكون في المتعدي البتة.

باب فعل يفعل من حروف الحلق :

فعل : هدأ هدءا. فعال : ذهاب. فعال : مزاح.

٣١٢

ذكر ما جاء من المصادر والصفات والأفعال على بناء واحد لتقارب المعاني

هذا الضرب إنّما حقه أن يجيء فيما كان خلقة أو خلقا أو صناعة تكون في الشيء فما جاء من الأعمال فمشبه بهذا.

اعلم أنّ العرب ربما أجرت هذه المصادر على المعاني كما خبرتك وربّما رجعوا إلى بناء الفعل وكذلك الصفة وأبنية الأفعال قد تجيء على بناء واحد لتقارب المعاني وجميع هذه التي ذكرت لا تخلو من أن تتفق في المصادر أو في الصفات أو في الفعل فهي من أجل هذا تقسم ثلاثة أقسام :

الأول : منها المتفقة في المصدر

والثاني : المتفقة في الصفة.

والثالث : المتفقة في الفعل.

الضرب الأول : المتفقة في المصدر :

وهو ينقسم على سبعة أقسام : فعال فعالة فعال فعالة فعالة فعل فعلان.

الأول : فعال لما كان داءا نحو : السّكات والعطاس.

والثاني : لما فتّت نحو : الجطام والفتات والفضاض.

الثالث : لما كان صوتا كالصّراخ والبكاء وقد جاء الهدير والضجيج والصّهيل وقالوا : الهدر والصوت أيضا تحرك فباب فعال وفعلان واحد وقد جاء الصوت على فعلة نحو : الرّزمة والجلبة.

الثاني : فعالة : ما كان جزاء لما عملت : نحو العمالة والخباسة والظلامة.

الثاني من فعالة : ما كان معناه الفضالة نحو القلامة والقوارة والقراضة.

الثالث من الأول : فعال للهياج نحو : الصّراف في الشاة والهباب والقراع ؛ لأنه تهييج فيذكّر الثاني من فعال وهو لما كان انتهاء الزمان نحو : الصّرام والجزاز والحصاد وربّما دخلت

٣١٣

اللغة في بعض ذا فكان فيه (فعال وفعال) فإذا أرادوا الفعل على (فعلت) قالوا : حصدته حصدا إنّما يريد العمل لا انتهاء الغاية.

الثالث من فعال للتباعد نحو : الشّراد والشّماس والنّفار والخلاء.

وقالوا : النّفور والشّموس والشّبيب من شبّ الفرس وقالوا : الشّبّ وقالوا : خلأت الناقة خلاء وخلأ مثل خلع وقالوا : العضاض شبهوه بالحران ولم يريدوا به : فعلته فعلا.

الرابع من (فعال) ما كان وسما نحو : الخباط والعلاط والعراض.

الأثر يكون على فعال والعمل يكون فعلا كقولك : وسمته وسما ، وأما المشط والدّلو والخطّاف فإنما أرادوا به صورة هذه الأشياء.

وقد جاء على (فعلة) نحو : القرمة والجرفة اكتفوا بالعمل وأوقعوه على الأثر.

فعالة للقيام بالشيء وعليه نحو : الولاية والإمارة والخلافة والعرافة والنّكابة والعياسة والسياسة وقالوا في العياسة : العوس والعياسة ، والسياسة والقصابة وإنّما أرادوا أن يخبروا بالصنعة التي تليها فصار بمنزلة الوكالة وكذلك السّعاية تريد : الساعي الذي يأخذ الصدقة.

فعالة للترك والانتهاء نحو : السّامة والزّهادة والاسم فاعل وقالوا : الزّهد.

فعل للانتهاء والترك أيضا هذا يجيء فعله على (فعل يفعل) نحو : أجم يأجم أجما وسنق يسنق سنقا.

قال أبو بكر : وعندي أنّ حذر وفرق وفزع من هذا الباب للترك وجاؤوا بضده على مثاله نحو : هوي هوى وهو هو وقنع : يقنع فهو قنع وقالوا : قناعة كزهادة وقالوا : قانع كزاهد وقالوا : بطن يبطن بطنا وهو بطن وتبن وثمل مثله.

فعلان : ما كان زعزعة للبدن في ارتفاع كالعسلان والرّتكان والغثيان واللّمعان وجاء على (فعال) لأنهما يتقاربان في المعنى ، وذلك (النّزاء) والقماص.

وقالوا : وجب وجيبا ووجف وجيفا كما قالوا في الصوت : الهدير ورسم البعير رسيما وقالوا : النّزو واللّمع ولا يجيء فعله متعديا إلّا شاذّا نحو : شنئته شنآنا.

٣١٤

وقال أبو العباس : المعنى شنئت منه.

الضرب الثاني : المتفقة في الصفة :

فعلان : الجوع والعطش ويكون المصدر (فعل) فالفعل : فعل يفعل ، وذلك طوي : يطوي طوا وهو طيّان وعطش يعطش عطشا وهو : عطشان وقالوا : الظّماءة والطوّى مثل الشّبع وضده مثله : شبع يشبع شبعا وهو من : شبعان وملئت من الطعام وقدح نصفان وجمجمة نصفى وقدح قربان وجمجمة قربى بمنزلة ملآن ولم يقولوا : قرب.

ورجل شهوان وشهوى ؛ لأنه بمنزلة الغرثى والغضب كالعطش ؛ لأنه في جوفه ومثله : ثكل يثكل ثكلا وهو ثكلان وثكلى وعبرت تعبر عبرا وعبرى.

وأمّا ما اعتلت عينه فعمت تعام عيمة وهو عيمان وهي عيمى كأنّ الهاء عوض من فتحة العين في (عيمة) وحرت تحار حيرة وهو حيران وهي حيرى وهو كسكران ، وأما جربان وجربى فلأنه بلاء وقالوا : الرّيّ وسغب يسغب سغبا وهو ساغب وجاع يجوع وهو جائع وجوعان وسكر وسكر.

الثاني من الصفة : أفعل :

للألوان ويكون الفعل على (فعل) (يفعل) والمصدر فعلة نحو : كهب يكهب كهبة وشهب يشهب شهبة وصدي يصدا صدأة وقالوا أيضا : صدأ وربّما جاء الفعل على فعل : يفعل نحو : أدم يأدم ومن العرب من يقول : أدم يأدم أدمة وشهب وقهب وكهب ويبنون الفعل منه على إفعالّ مثل اشهابّ ويستغني (بإفعالّ) عن (فعل) وهو الذي لا يكاد ينكسر في الألوان يقولون : أسودّ وابيضّ فيقصرونه وقالوا : (الصّهوبة والبياض والسّواد كالصباح والمساء) ومن الألوان جون وورد على وزن (فعل).

وقالوا : الأغبس والغبسة كالحمرة.

وجاء المصدر الوردة والجونة.

وجاء فعيل : خصيف أي : أسود.

٣١٥

وتأتي (أفعل) صفة في معنى الداء والعيب.

الفعل فعل يفعل والمصدر (فعل) فيما كان داءّ أو عيبا عور يعور عورا وأعور وأصلع وأجذم وأجبن وأقطع وأجذم لم يتكلم بالفعل منه ويقال لموضع القطع : القطعة والقطعة والصّلعة والصلعة وقالوا : ستهاء وأسته جاء على بناء ضده رسحاء وأرسح وأهضم وهضماء.

وقالوا : أغلب وأزبر والأغلب العظيم الرّقبة والأزبر العظيم الزّبرة وهو موضع الكاهل وآذن وأذناء وأسكّ وسكاء وأخلق وأملس وأجرد كما قالوا : أخشن في ضده وقالوا : الخشنة وخشونة كالصهوبة ومؤنث كلّ أفعل فعلاء.

قال أبو العباس : أفعل فعلان وفعيل شيء واحد لأنها تقع لما لا يتعدى وقالوا في الأصيد : صيد يصيد صيدا وقالوا : شاب يشيب ومثل : شاخ يشيخ وأشيب كأشمط وأشعر كأجرد وأزبّ.

وقالوا : هيج يهوج هوجا وثول يثول ثولا وأثول وقالوا : مال يميل وهو مائل وأميل.

فعيل بمعنى : العديل ؛ لأن فعلة فاعلته ، وذلك نحو : الجليس والعديل والخليط والكميع وخصيم ونزيع وقد جاء خصم ثاني فعيل : ما أتى من الفعل نحو : حلم يحلم حلما فهو حليم وظرف يظرف ظرفا وهو ظريف وقالوا : في ضده جهل جهلا وهو جاهل وقالوا : عالم وعلم يعلم وجهل كحرد حردا وهو حارد فهذا ارتفاع في الفعل واتضاع وقالوا : عليم وفقيه وهو فقيه والمصدر فقه.

وقالوا : اللّبّ واللّبابة ولبيب كما قالوا : اللؤم واللآمة ولئيم وقالوا : فهم يفهم فهما وهو فهم ونقه ينقه نقها وهو نقه وقالوا : الفهامة وناقة ولبق.

وحذق يحذق حذقا ورفق يرفق رفقا وهو رفيق وقالوا : رفق وعقل يعقل عقلا وعاقل ورزن رزانة وهو رزين ورزينة وقالوا للمرأة : حصنت حصنا وهي حصان مثل جبان.

٣١٦

وقالوا : حصنا ويقال لها ثقال ورزان وصلف يصلف صلفا وصلف ورقع رقاعة كحمق حماقة وحمق وأحمق كأشنع وخرق خرقا وأخرق وقالوا : النّواكة وأنوك واستنوك ولم نسمعهم قالوا : نوك.

ثالث فعيل : ما كان ولاية نحو : أمير ووكيل ووصيّ وجريّ بمعنى وكيل.

الضرب الثالث : المتفقة في الفعل :

هذا الباب يكون في الخصال المحمودة والمذمومة يجيء هذا على (فعل) يفعل إلّا في المضاعف وهو على ثلاثة أضرب :

الأول : ما كان حسنا أو قبحا.

الثاني : ما كان في الصغر والكبر.

الثالث : الضّعف والجبن والشجاعة ومنه ما يختلط منه فعل بفعل كثيرا وهو الرّفعة والضّعة ؛ لأن فعل أخت (فعل).

الأول من فعل يفعل ما كان حسنا أو قبحا :

الفعل فعل يفعل فعالا وفعالة وفعلا والاسم فعيل قبح يقبح قباحة ووسم يوسم وسامة ووساما وجمل جمالا وقالوا : الحسن والقبح وفعالة أكثر وقالوا : نضير على الباب وقالوا : نضر وجهه وناضر ونضر ونضارة وقالوا : ضخم وسبط وقطط مثل : حسن وسبط سباطة وسبوطة وملح ملاحة ومليح وسمح سماحة وسميح وشنع شناعة وشنيع ونظف نظافة كصبح صباحة وقالوا : رجل سبط وجعد.

قال أبو العباس : هذيل تقول : سميح ونذيل.

قال سيبويه : وقالوا : طهر طهرا وطهارة وطاهر وقالوا : طهرت المرأة وطمثت.

الثاني : الصغر والكبر :

وذلك عظم عظامة وهو عظيم ويجيء المصدر على (فعل) نحو : الصّغر والكبر والقدم وكثر كثارة وهو كثير وقالوا : الكثرة وسمن سمنا وهو سمين ككبر كبرا وهو كبير وقالوا : كبر

٣١٧

على الأمر كعظم وجاء : فخم وضخم والمصدر فعولة الجهومة وقالوا : بطن يبطن بطنة وهو بطين.

الثالث : الضعف والجبن وضدّهما :

شجع شجاعة وشجيع وشجاع وفعيل أخو فعال وضعف ضعفا وهو ضعيف وجرؤ يجرؤ جرأة وهو جريء وغلظ يغلظ غلظا وغليظ للصلابة من الأرض وغيرها.

وسهل سهولة وسهل وسرع سرعا وهو سريع وبطؤ بطأ وهو بطيء.

قال سيبويه : إنما جعلناهما في هذا الباب ؛ لأن أحدهما أقوى على أمره وكمش كماشة وكميش وحزن حزونة للمكان وهو حزن وصعب صعوبة وهو صعب.

هذا باب ما يختلط فيه (فعل يفعل) كثيرا وهو ما كان من الرفعة والضّعة :

قالوا : غني غنى وهو غبيّ وفقير كصغير والفقر كالضّعف ولم يقولوا : فقر كما لم يقولوا في الشديد شددت استغنوا بافتقر واشتدّ وشرف شرفا وهو شريف وكرم ولؤم مثله ودنو وملؤ ملاءة وهو مليء ووضع ضعة وهو وضيع وضعة ورفيع ولم يقولوا : رفع وقالوا : نبه ينبه وهو نابه ونبيه وسعد يسعد سعادة وسعيد وشقي يشقى شقاوة وشقيّ وبخل يبخل بخلا وبخيل أمر علينا فهو أمير وأمر أيضا وقالوا : الشّقاء حذفوا الهاء.

ورشد يرشد رشدا وراشد والرّشد ورشيد والرّشاد والبخل والبخل كالكرم.

أمّا المضاعف فلا يكون فيه (فعلت) ، وذلك نحو : ذلّ يذلّ ذلّا وذلّة وذليل وشحيح وشحّ يشحّ وقالوا : شححت.

وضننت ضنّا وضنانة ولبّ يلبّ واللّبّ واللّبابة واللبيب وقلّ يقلّ قلّة وقليل وعفّ يعفّ عفة وعفيف ويقولون : لببت تلبّ.

٣١٨

باب : فعل يفعل من حروف الحلق

اعلم أنّ يفعل إذا قلت فيهن : فعل يفعل مفتوح العين ، وذلك كانت الهمزة أو الهاء أو العين أو الغين أو الحاء أو الخاء لاما أو عينا نحو : قرأ يقرأ ووجبه يجبه وقلع يقلع وذبح يذبح ونسخ ينسخ. وهذا ما كانت فيه لامات.

وأما ما كانت فيه عينات فهو كقولك : سأل يسأل وذهب يذهب وبعث يبعث ونحل ينحل ونحر ينحر ومغث يمغث وذخر يذخر وقد جاؤوا بأشياء منه على الأصل قالوا : برأ يبرؤ كما قالوا : قتل يقتل وهنأ يهنىء كضرب يضرب وهو في الهمز أقلّ وكذلك في الهاء لأنّها مستقلة في الحلق وكلّما سفل الحرف كان الفتح له ألزم والفتح من الألف والألف أقرب إلى حروف الحلق من أختيها وقالوا : نزع ينزع ورجع يرجع ونضح ينضح ونطح ينطح ورشح يرشح وجنح يجنح والأصل في العين أقلّ لأنّها أقرب إلى الهمزة من الحاء وقالوا : صلح يصلح وفرغ يفرغ وصبغ يصبغ ومضغ يمضغ ونفخ ينفخ وطبخ يطبخ ومرخ يمرخ والخاء والغين الأصل فيهما أحسن لأنّهما أشدّ ارتفاعا إلى الفم ومما جاء على الأصل من هذه الحروف فيه عينات قولهم : زأر يزئر ونأم ينئم ونعر ينعر ورعدت ترعد وقعد يقعد وشحج يشحج ونحت ينحت وشحب يشحب ونغرت القدر تنغر ولغب يلغب وشعر يشعر ومخض يمخض ونخل ينخل ونخر ينخر وهذا الضرب إذا كانت فيه الزوائد لم يفتح البتة كان حرف الحلق لاما أو عينا ؛ لأن الكسر له لازم وليس هو مثل (فعل) الذي يجيء مضارعه على (يفعل) ويفعل ، وذلك مثل : استبرأ يستبرىء وانتزع ينتزع وكذلك : فعل يفعل لا يغير ؛ لأنه لازم له الضمّ ، وذلك قولهم : صبح يصبح وقبح يقبح وضخم يضخم وملؤ يملؤ وقمؤ يقمؤ وضعف يضعف وقالوا : رعف يرعف وسعل يسعل.

فضموا ما جاء منه على فعل فهم في (فعل) أجدر وكان حقّ (سعل) ورعف أن يجيء على مثال ما جاءت عليه الأدواء.

٣١٩

فإن كانت هذه الحروف فاءات نحو : أمر وأكل وأفل يأفل لم تفتح العين لسكون حرف الحلق وقالوا : أبى يأبى شبهوه بيقرا وفيه وجه آخر أن يكون مثل : حسب يحسب فتحا كما كسرا وقالوا : جبى يجبى وقلى يقلى (جبى جمع الماء في الحوض) وحكى سيبويه : عضضت تعضّ.

وقال أبو العباس : عضضت غير معروف وما كانت لامه ياء أو واوا فحكمه في هذا الباب حكم غير المعتلّ نحو : شأى يشأى وسعى يسعى ومحا يمحى وصفى يصفى ونحا ينحى وقد قالوا : ينحو يصفوا ويزهوهم الآل وينجو ويرغو ، وأما ما كانت لامه من حروف الحلق وعينه معتلة فلا تفتح لأنّها تكون ساكنة نحو : باع يبيع وتاه يتيه وجاء يجيء وكذلك المضاعف : نحو : دعّ يدعّ وشحّ يشحّ وزعم يونس : أنّهم يقولون : كعّ يكعّ.

قال سيبويه : يكعّ أجود وهو كما قال.

واعلم أنّ هذه الحروف الستة إذا كنّ عينات في (فعل) ففيه أربع لغات : فعل وفعل وفعل اسما كان أو صفة نحو : رحم وبعل.

والاسم رجل لعب وضحك وما أشبه ذلك في جميع حروف الحلق.

وفي (فعيل) لغتان : فعيل وفعيل وتكسر الفاء في هذا الباب في لغة تميم نحو : سعيد ورغيف وبخيل وبيئس ، وأما أهل الحجاز فيجرون جميع هذا على القياس ، فإن كانت العين مضمومة لم تضم لها ما قبلها نحو : رؤوف ورؤوف لا يضمّ.

قال : وسمعت من بعض العرب من يقول : بيس ولا يحقق الهمزة ويدع الحرف على الأصل.

وأمّا الذين قالوا : مغيرة ومعين فليس على هذا ولكنهم أتبعوا الكسرة الكسرة كما قالوا :منتن وأنبؤك وأجؤك (أراد : أنبئك وأجيئك) وقالوا : في حرف شاذّ : إحبّ يحبّ شبهوه (بمنتن) فجاؤوا به على (فعل) كما قالوا : يئبى لما جاء شاذا عن بابه خولف به وقالوا : ليس ولم

٣٢٠