الأصول في النحو - ج ٢

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »

الأصول في النحو - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر محمّد بن السريّ بن سهل النحوي « ابن السراج »


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-406-X
الصفحات: ٥٣٥

في موضعه كما وصفت لك وقياس (ظننت) ، وإن وكان والابتداء والخبر واحد وكذلك لو قلت : (كان زيد خلفكم) لم تكن كان الناصبة (لخلف) فكذلك إذا قلت : (كان أكثر شربي السويق ملتوتا) نصب (ملتوتا) بما كان انتصب به قبل دخول (كان) سد مسد خبرها كما سد مسد خبر الابتداء ولكن ما ينصب هذه الظروف هو الخبر لهذه العوامل كما كان خبر الابتداء فإذا قلت : (كان زيد خلفكم) فتقديره : (كان زيد مستقرا خلفكم) وكان ضربي زيدا إذا كان قائما وما كان مثلهن فهذا مجراه.

١٨١

ذكر ما يحرك من السواكن في أواخر الكلم وما يسكن من المتحركات وما تغير حركته لغير إعراب وما يحذف لغير جزم

أما ما يتحرك من السواكن (١) لغير إعراب فهو على ضربين : إما أن يحرك من أجل ساكن يلقاه ، ولا يجوز الجمع بين ساكنين. وإما أن يكون بعده حرف متحرك فيحذف ويلقي حركته عليه.

الأول على ضربين :

أحدهما : إما أن يكون آخر الحرف ساكنا فيلقاه ساكن نحو قولك : (قم الليل) حركت الميم بالكسر لالتقاء الساكنين وأصل التحريكات لالتقاء الساكنين الكسر ولم ترد الواو ؛ لأن الكسر غير لازمة في الوقف وكذلك قولك : (كم المال ومن الرجل) ، فإن قلت : (من الرجل)

__________________

(١) إذا التقى ساكنان فإمّا أن يكون أولهما مدّة أو لا ، فإن كان أوّلهما مدّة وجب حذفها لفظا وخطّا سواء أكان الساكن الثاني والأول من كلمة أم كان الثاني كجزء من الكلمة ، فالأول نحو" خف" من خاف يخاف و" قل" من قال يقول و" بع" من باع يبيع ، والثاني نحو" تغزون" أصلها تغزوون (اجتمع ب" تغزوون" واو الكلمة وواو الجمع ، تحركت الواو الأولى وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فصارت تغزوان ، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين وحركت الزاي بالضّمة لمناسبة الواو ، وهكذا غيرها) بواو الكلمة وواو الجمع و" ترمنّ" أصلها :ترميينّ بياء الكلمة وياء المخاطبة.

و" تغزنّ" يا رجال و" ترمنّ" أصلهما : تغزووننّ وترموننّ ونحو" أنت ترمين وتغزين". أصلهما ترميين وتغزوين و" لتغزنّ" يا هند ، " ولترمنّ" وأصلهما : لتغزووننّ (اجتمع في" تغزووننّن" واوان : واو الكلمة ، وواو الجمع ، وثلاثة نونات ، وإعلالها : تحركت الواو الأولى وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين فبقى واو الجماعة وثلاث نونات ، حذفت نون الرفع لتوالي النونات ، فالتقى ساكنان : واو الجماعة ونون التوكيد فحذفت واو الجماعة ورمز إليها بالضمة قبل نون التوكيد فصارت تغزنّ وهكذا غيرها) ولترمييننّ.

وتحذف لفظا فقط إذا كان الساكنان في كلمتين نحو" يخشى الله" و" يغزو الجيش" و" يرمي الحاجّ" ومنه (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ) (الآية : ١٥ سورة النمل) ، (وَما قَدَرُوا)(قَدْرِهِ) (الآية : ٩١ سورة الأنعام) (أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ونحو (ركعتا الفجر خير من الدّنيا وما فيها). انظر معجم القواعد ٢ / ٩١.

١٨٢

فالفتح أحسن من قبل أن الميم مكسورة فيثقل الكسر بعد كسرة ولكثرة الاستعمال أيضا والكسرة الأصل فكل ما لا يتحرك إذا لقيه ساكن حرك من ذلك قولك : (هذا زيد العاقل) حركت التنوين بالكسر.

والآخر (١) : ما حرك من أواخر الكلم السواكن من أجل سكون ما قبلها وليس التحريك تحرك البناء كأين وأولاء وحيث فمن ذلك الفعل المضاعف والعرب تختلف فيه ، وذلك إذا اجتمع حرفان من موضع واحد فأهل الحجاز يقولون : (اردد ، وإن تضارر أضارر وغيرهم يقول : (ردّد) وفرّ ، وإن تردّ أردّ ويقولون : لا تضار ؛ لأن الألف يقع بعدها المدغم والذين يدغمون يختلفون في تحريك الآخر فمنهم من يحركه بحركة ما قبلها أي حركة كانت ، وذلك ردّ وعضّ وفرّ واطمئن واستعدّ واجترّ ؛ لأن قبلها فتحة فإذا جاءت الهاء والألف التي لضمير المؤنث فتحوا أبدا فقالوا : ردّها وعضّها وفرّها ؛ لأن الهاء خفية فكأنه قال : فرّا وردّا ولم يذكرها فإذا كانت الهاء مضمومة (٢) في مثل قولهم : ردهو ضموا كأنهم قالوا : ردوا.

فإن جئت بالألف واللام وأردت الوصل كسرت الأول كله فقلت : ردّ القوم وردّ ابنك وعضّ الرجل وفرّ اليوم ، وذلك ؛ لأن الأصل : أردد فهو ساكن فلو قلت : أردد القوم لم يكن

__________________

(١) والثاني ما ليس أولهما مدّة :إن لم يكن أول السّاكنين مدّة وجب تحريكه إلّا في موضعين ـ وسنأتي على ذكر الموضعين بنهاية هذا البحث ـ وتحريكه إمّا بالكسر على أصل التّخلّص من التقاء الساكنين وإمّا بالضم وإما بالفتح.

أما التّحريك بالكسر فهو الأصل كما قدمنا ، ويكون في كلّ ما عدا موضعي الضّمّ ومواضع الفتح. انظر معجم القواعد ٢ / ٩٢.

(٢) التّحريك بالضّم فيجب في موضعين : (١) أمر المضعّف المتّصل به هاء الغائب ومضارع المضعّف المجزوم نحو" ردّه" و" لم يردّه" والكوفيون يجيزون الفتح والكسر.

(٢) الضّمير المضموم نحو (لهم البشرى) (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ويترجّح الضمّ على الكسر في واو الجماعة المفتوح ما قبلها نحو" اخشول الله" ؛ لأن الضمة على الواو أخفّ من الكسرة ، ويستوي الكسر والضّم في ميم الجماعة المتّصلة بالضمير المكسور نحو" بهم اليوم". انظر معجم القواعد ٢ / ٩٣.

١٨٣

إلا الكسر فهذه الدال تلك وهي على سكونها وهو الأصل على لغة أهل الحجاز ألا ترى أن الذال في (مذ واليوم في ذهبتم لما لقيها الألف واللام احتيج إلى تحريكها لالتقاء الساكنين ردّ إلى الأصل وأصلها الضم فقلت : مذ اليوم وذهبتم اليوم ؛ لأن أصل (مذ) منذ يا هذا وأصل ذهبتم : ذهبتم يا قوم فرد مذ وذهبتم إلى أصله وهي الحركة ومنهم من يفتح على كل حال إلا في الألف واللام وألف الوصل وهم بنو أسد.

قال الخليل : شبهوه (بأين وكيف) ومنهم من يدعه إذا جاء بالألف واللام مفتوحا يجعله في جميع الأشياء (كأين) ومن العرب من يكسر ذا أجمع على كل حال فيجعله بمنزلة (اضرب الرجل) ، وإن لم تجىء بالألف واللام ؛ لأنه فعل حرك لالتقاء الساكنين والذي يكسرون كعب وغني.

ولا يكسر هلم البتة من قال : هلما وهلمي ليس إلا الفتح وأهل الحجاز وغيرهم يجمعون على أنهم يقولون للنساء أرددن ؛ لأن سكون الدال هنا لا يشبه سكون الجزم ولا سكون الأمر والنهي لأنها إنما سكنت من أجل النون كما تسكن مع التاء وزعم الخليل وغيره إن ناسا من بكر بن وائل يقولون (ردّن ومرّن وردّت) كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء والشعراء إذا اضطروا إلى ما يجتمع أهل الحجاز وغيرهم على إدغامه أخرجوه على الأصل ومن ذلك الهمزة إذا خففت وقبلها حرف ساكن حذفت وألقيت الحركة على الساكن وسنذكر باب الهمزة إن شاء الله.

والثاني : ما يسكن لغير جزم وإعراب :

وهو على ثلاثة أضرب : إسكان لوقف ، وإسكان لإدغام ، وإسكان لاستثقال.

أما الوقف فكل حرف يوقف عليه فحقه السكون كما أن كل حرف يبتدأ به فهو متحرك وأنا أفرد ذكر الوقف والابتداء.

وأما الإدغام فنحو قولك : (جعل لك) فمن العرب من يستثقل اجتماع كثرة المتحركات فيدغم وهذا يبين في الإدغام.

وأما إسكان الاستثقال فنحو ما حكوا في شعر امرىء القيس في قوله :

١٨٤

فاليوم أشرب (١) غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل

كان الأصل : أشرب فأسكن الباء كما تسكنها في (عضد) فتقول : (عضد) للإستثقال فشبه المنفصل والإعراب بما هو من نفس الكلمة وهذا عندي غير جائز لذهاب علم الإعراب ولكن الذين قالوا (وهو) فأسكنوا الهاء تشبيها (بعضد) والذين يقولون في (عضد) (عضد) وفي (فخذ) إنما يفعلون هذا إذا كانت العين مكسورة أو مضمومة فإذا انفتحت لم يسكنوا.

الثالث : ما غيرت حركته لغير إعراب :

تقول : هذا غلام فإذا أضفته إلى نفسك قلت : غلامي فزالت حركت الإعراب وحدث موضعها كسرة وقد ذكرت ذا فيما تقدم فهذه الياء تكسر ما قبلها إذا كان متحركا ، فإن كان قبلها ياء نحو : (يا قاضي) قلت : قاضيّ وجواريّ ، فإن كان قبلها واو ساكنة وقبلها ضمة قلبتها ياء وأدغمت نحو (مسلميّ) ، فإن كان ما قبلها ياء ساكنة وقبلها حرف مفتوح لم تغيرها تقول :(رأيت غلامي) تدع الفتحة على حالها وكل اسم آخره ياء يلي حرفا مكسورا فلحقته الواو والنون والياء للجمع تحذف منه الياء ويصير مضموما تقول في (قاض) إذا جمعت (قاضون) وقاضين لما لزم الياء التي هي لام السكون أسقطت لالتقاء الساكنين ، فإن أضفت (قاضون (٢)) إلى نفسك قلت : (قاضي) كما قلت : مسلميّ وتختلف العرب في إضافة المنقوص إلى الياء فمن العرب من يقول : بشراي بفتح الياء ومنهم من يقول : بشريّ ، وأما قولهم : في عليّ عليك ولديّ لديك فإنما ذاك ليفرقوا بينهما وبين الأسماء المتمكنة كذا قال سيبويه : وحدثنا الخليل إن ناسا من العرب يقولون : علاك ولداك وإلاك وسائر علامات المضمر المجرور بمنزلة الكاف

__________________

(١) ليس قوله أشرب مجزوما وإنما هو مرفوع ولكن حذفت الضمة للضرورة أو على تنزيل ربغ بالضم من قوله أشرب غير منزلة عضد بالضم فإنهم قد يجرون المنفصل مجرى المتصل فكما يقال في عضد بالضم عضد بالسكون كذلك قيل في ربغ بالضم ربغ بالإسكان. شرح شذور الذهب ١ / ٢٧٦.

(٢) إن جمع المنقوص هذا الجمع حذفت ياؤه وضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء فتقول في قاض قاضون رفعا وقاضين جرا ونصبا. انظر شرح ابن عقيل ٤ / ١٠٩.

١٨٥

وهؤلاء على القياس قال : وسألته عن من قال : رأيت كلا أخويك ومررت بكلا أخويك ومررت بكليهما فقال : جعلوه بمنزلة : عليك ولديك وكلا لا تفرد أبدا إنما تكون للمثنى.

الرابع : ما حذف لغير جزم :

وذلك على ضربين :

أحدهما : ما يحذف من الحروف المعتلة لالتقاء الساكنين.

والآخر : ما يحذف في الوقف ويثبت في الإدراج.

فأما الذي يحذف لالتقاء الساكنين فالألف والياء التي قبلها كسرة والواو التي قبلها ضمة ، وذلك نحو : هو يغزو الرجل ويرمي القوم ويلقي الفارس وكذلك إن كانت واو جمع أو ياء نحو : مسلمو القوم ومسلمي الرجل ، فإن كان قبل الواو التي للجمع فتحة لم يجز أن يحذف لأنها لا تكون كذا إلا وقبلها حرف قد حذف لالتقاء الساكنين وهي مع ذلك لو حذفت لإلتبست بالواحد ، وذلك قولك : هم مصطفو القوم واخشوا الرجل والفتح مع ذلك أخف من الضم ، وأما الذي يحذف في الوقف ويثبت في غيره فنذكره في الوقف والابتداء ونجعله يتلو ما ذكرنا ثم نتبعه الهمز للحاجة إليه إن شاء الله.

١٨٦

باب ذكر الابتداء

كل كلمة يبتدأ بها من اسم وفعل وحرف ، فأول حرف تبتدئ به وهو متحرك ثابت في اللفظ ، فإن كان قبله كلام لم يحذف ولم يغير إلا أن يكون ألف وصل فتحذف البتة من اللفظ ، وذلك إجماع من العرب أو همزة قبلها ساكن فيحذفها من يحذف الهمزة ويلقي الحركة على الساكن ، وسنذكر هذا في تخفيف الهمزة ، فأما ما يتغير ويسكن من أجل ما قبله فنذكره بعد ذكر ألف الوصل إن شاء الله.

ألف الوصل

ألف الوصل (١) : همزة زائدة يوصل بها إلى الساكن في الفعل والاسم والحرف إذ كان لا يكون أن يبتدأ بساكن وبابها أن تكون في الأفعال غير المضارعة ثم المصادر الجارية على تلك الأفعال وقد جاءت في أسماء قليلة غير مصادر ودخلت عليحرف من الحروف التي جاءت لمعنى ونحن نفصلها بعضها من بعض إن شاء الله.

__________________

(١) همزة الوصل :

١ ـ تعريفها :

هي : همزة سابقة موجودة في الابتداء مفقودة في الدّرج.

٢ ـ مواضعها :

قد تأتي في بعض الأسماء ، وبعض الأفعال ، وبعض الحروف.

٣ ـ مجيؤها في بعض الأسماء :

تجيء من الأسماء في مصادر" الخماسي" و" السداسي" ك" انطلاق"" استنفار" وفي ااثني عشر اسما وهي :" اسم ، واست (الاست : الدبر) ، وابن ، وابنم ، وابنة ، وامرؤ وامرأة ، واثنان ، واثنتان ، وايمن المخصوص بالقسم ، وايم لغة فيه وأل الموصوفة" (ـ في حروفها).

٤ ـ مجيؤها في بعض الافعال :

تأي همزة الوصل من الأفعال في الفعل" الخماسي" ك" انطلق" و" اقتدر" والفعل" السداسي" ك" استخرج" وأمر الثلاثي نحو" اكتب".

٥ ـ مجيؤها في بعض الحروف :

لا تأتي همزة الوصل من الحروف إلّا بحرف واحد هو" أل". انظر معجم القواعد ٢٧ / ١٢.

١٨٧

أما كونها في الأفعال غير المضارعة فنحو قولك مبتدئا : اضرب اقتل اسمع اذهب كان الأصل : تذهب تضرب وتقتل وتسمع فلما أزلت حرف المضارعة وهو (التاء) بقي ما بعد الحرف ساكنا فجئت بألف الوصل لتصل إلى الساكن وأصل كل حرف السكون فكان أصل هذه الهمزة أيضا السكون فحركتها لالتقاء الساكنين بالكسر ، فإن كان الثالث في الفعل مضموما ضممتها وتكون هذه الألف في (انفعلت) نحو : انطلقت وافعللت نحو : احمررت وافتعلت نحو : احتبست ويكون في : استفعلت نحو : استخرجت وافعللت نحو : اقعنسست وافعاللت نحو : اشهاببت وافعولت نحو : اجلوذت وافعوعلت نحو : اغدودنت وكذلك ما جاء من بنات الأربعة على مثال استفعلت نحو احرنجمت واقشعررت فألف الوصل في الفعل في الابتداء مكسورة أبدا إلا أن يكون الثالث مضموما فتضمها نحو قولك : اقتل استضعف احتقر احرنجم والمصادر الجارية على هذه الأفعال كلها وأوائلها ألفات الوصل مثلها في الفعل ولا يكون إلا مكسورة تقول : انطلقت انطلاقا واحمررت احمرارا واحتبست احتباسا واستخرجت استخراجا واقعنسست اقعنساسا واشتهابيت اشهيبابا واجلوذت اجلواذا واغدودنت اغديدانا.

وأما الأسماء التي تدخل عليها ألف الوصل سوى المصادر الجارية على أفعالها وهي أسماء قليلة : فهي : ابن وابنة واثنان واثنتان وامرؤ وامرأة وابنم واسم واست فجميع هذه الألفات مكسورة في الابتداء ولا يلتفت إلى ضم الثالث تقول : مبتدئا ابنم وامرء لأنها ليست ضمة تثبت في هذا البناء على حال كما كانت في الفعل ، وأما الحرف الذي تدخل عليه ألف الوصل فاللام التي يعرف بها الأسماء نحو : القوم والخليل والرجل والناس وما أشبه ذلك إلا أن هذه الألف مفتوحة وهي تسقط في كل موضع تسقط فيه ألف الوصل إلا مع ألف الاستفهام (١)

__________________

(١) همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة الوصل ، ثبتت همزة الاستفهام وسقطت همزة الوصل ، وذلك ؛ لأن همزة الوصل إنما أتي بها ليتوصّل بها إلى النطق بالساكن الذي بعدها ، فلمّا دخلت عليها همزة الاستفهام استغني عنها بهمزة الاستفهام ، فأسقطت ، نحو قولك في الاستفهام" أبن زيد أنت؟ " و" أمرأة عمرو أنت؟ "" أستضعفت زيدا"" أشتريت كتابا؟ " ومنه قوله تعالى : (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً)؟ (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ

١٨٨

فإنهم يقولون : أالرجل عندك فيمدون كيلا يلتبس الخبر بالاستفهام وقد شبهوا بهذه الألف التي في (أيم وأيمن) في القسم ففتحوها لما كان اسما مضارعا للحروف ، وأما ما يتغير إذا وصل بما قبله ولا يحذف فالهاء من (هو) إذا كان قبلها واو أو فاء نحو قولهم : فهو قال ذاك وهي أمك وكذلك لام الأمر في قولك : لتضرب زيدا إذا كان قبلها واو وصلت فقلت : ولتضرب والعرب تختلف في ذلك فمنهم من يدع الهاء في (هو) على حالها ولا يسكن وكذلك هي ومن ترك الهاء على حالها في (هي) و (هو) ترك الكسرة في اللام على حالها فقال في قوله :فلينظر (فلينظر) ، فإن كان قبل ألف الوصل ساكن حذفت ألف الوصل وحركت ما قبل الساكن لالتقاء الساكنين ، وإن كان مما يحذف لالتقاء الساكنين حذفته فأما الذي يحرك لالتقاء الساكنين من هذا الباب فإنه يجيء على ثلاثة أضرب يحرك بالكسر والضم والفتح فالمكسور نحو قولك : (اضرب ابنك واذهب اذهب) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ١ اللهُ) [الإخلاص] ، وإن الله وعن الرجل وقط الرجل ، وأما الضم فنحو قوله : (قُلِ انْظُرُوا) [يونس : ١٠١](وَقالَتِ اخْرُجْ) [يوسف : ٣١] وعذاب أركض ومنه أو انقض إنما فعل هذا من أجل الضم الذي بعد الساكن ومنهم من يقول : قل انظرزا ويكسر جميع ما ضم غيره ومن ذلك الواو التي هي علامة الإضمار يضمّ إذا كان ما قبلها مفتوحا نحو : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة : ٢٣٧].

قال الخليل : لفصل بينها وبين واو (لو) وأو التي من نفس الحرف وقد كسر قوم ، وقال قوم : لو استطعنا والياء التي هي علامة الإضمار وقبلها مفتوح تكسر لا غير نحو أخشى

__________________

الْعالِينَ) (أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ؟) (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ)؟ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) إلى كثير من الأمثال. وقال ابن قيس الرّقيّات :

فقالت : أبن قيس ذا؟

وبعض الشّيب يعجبها

وقال ذو الرّمّة :

أستحدث الرّكب عن أشياعهم خبرا؟

أم راجع القلب من أطرابه طرب؟

انظر معجم القواعد ٢٧ / ٩.

١٨٩

الرجل يا هذه وواو الجميع وياؤه مثل الضمير نقول : (مصطفو الله) في الرفع و (مصطفى الله) في النصب والجر ، وأما الفتح فجاء في حرفين (الم (١) اللهُ) [آل عمران] فرقوا بينه وبين ما ليس بهجاء.

والآخر : من الله ومن الرسول لما كثرت وناس من العرب يقولون : (من الله) واختلفت العرب في (من) إذا كان بعدها ألف وصل غير ألف اللام فكسره قوم ولم يكسره قوم ولم يكسروا في ألف اللام لكثرتها معها إذ كانت الألف واللام كثيرة في الكلام وذلك : (من ابنك) (ومن امرىء) وقد فتح قوم فصحاء فقالوا : (من ابنك) ، وأما ما يحذف من السواكن إذا وقع بعدها حرف ساكن فثلاثة أحرف الألف والياء التي قبلها حرف مكسور والواو التي قبلها حرف مضموم فالألف نحو : رمى الرجل وحبلى الرجل ومعزى القوم ورمت دخلت التاء وهي ساكنة على ألف (رمى) فسقطت وقالوا : رميا وغزوا لئلا يلتبس بالواحد وقالوا : حبليان وذفريان لئلا يلتبس بما فيه ألف تأنيث والياء مثل : يقضي القوم ويرمي الناس والواو نحو :يغزو القوم ومن ذلك : لم يبع ولم يقل ولم يخف.

فإذا قلت : لم يخف الرجل ولم يبع الرجل ورمت المرأة لم ترد الساكن الساقط وكان الأصل في (يبع) (يبيع) وفي (يخف) يخاف وفي (يقل) يقول : فلم نرد لأنها حركة جاءت لالتقاء الساكنين غير لازمة وقولهم : (رمتا) إنما حركوا للساكن الذي بعده ولا يلزم هذا في (لم يخافا) (ولم يبيعا) ؛ لأن الفاء غير مجزومة وإنما حذفت النون للجزم ولم تلحق الألف شيئا حقه السكون.

١٩٠

ذكر الوقف على الاسم والفعل والحرف

أما الأسماء فتنقسم في ذلك على أربعة أقسام : اسم ظاهر سالم ، وظاهر معتل ، ومضمر مكني ، ومبهم مبنيّ.

الأول : الأسماء الظاهرة السالمة :

نحو : (هذا خالد وهذا حجر ومررت بخالد وحجر) فأما المرفوع والمضموم فإنه يوقف عنده على أربعة أوجه : اسكان مجرد وإشمام وروم (١) التحريك والتضعيف وجعل سيبويه لكل شيء من ذلك علامة في الخط فالإشمام نقطة علامة.

وعلامة الإسكان وروم الحركة خط بين يدي الحرف وللتضعيف الشين فالإشمام لا يكون إلّا في المرفوع خاصة لأنك تقدر أن تضع لسانك في أي موضع شئت ثم تضم شفتيك وإشمامك للرفع إنما هو للرؤية وليس بصوت يسمع فإذا قلت : (هذا معن) فأشممت كانت عند الأعمى بمنزلتها إذا لم تشم وإنما هو أن تضم شفتيك بغير تصويت وروم الحركة صوت

__________________

(١) في الوقف على المتحرك خمسة أوجه : الإسكان ، والروم ، والإشمام ، والتضعيف ، والنقل. ولكل منها حدّ وعلامة : فالإسكان عدم الحركة وعلامته خ فوق الحرف ، وهي الخاء من خف أو خفيف ، والإشمام ضم الشفتين بعد الإسكان في المرفوع والمضموم للإشارة للحركة من غير صوت ، والغرض به الفرق بين الساكن والمسكن في الوقف ، وعلامته نقطة قدام الحرف هكذا. والروم وهو أن تأتي بالحركة مع إضعاف صوتها ، والغرض به هو الغرض بالإشمام إلا أنه أتم في البيان من الإشمام ، فإنه يدركه الأعمى والبصير ، والإشمام لا يدركه إلا البصير ، ولذلك جعلت علامته في الخط أتم. وهو خط قدام الحرف هكذا ـ والتضعيف تشديد الحرف الذي يوقف عليه ، والغرض به الإعلام بأن هذا الحرف متحرك في الأصل ، والحرف المزيد للوقف هو الساكن الذي قبله وهو المدغم ، وعلامته ش فوق الحرف وهي الشين من شديد. والنقل تحويل الحركة إلى الساكن قبلها ، والغرض به إما بيان حركة الإعراب أو الفرار من التقاء الساكنين ، وعلامته عدم العلامة ، وسيأتي تفصيل ذلك : فإن كان المتحرك هاء التأنيث لم يوقف عليها إلا بالإسكان ، وليس لها نصيب في غيره ، ولذلك قدم استثناءها ، وإن كان غيرها جاز أن يوقف عليه بالإسكان وهو الأصل وبالروم مطلقا أعني في الحركات الثلاث ، ويحتاج في الفتحة إلى رياضة لخفة الفتحة ، ولذلك لم يجزه أكثر القراء في المفتوح ووافقهم أبو حاتم. ويجوز الإشمام والتضعيف والنقل لكن بالشروط الآتية. انظر شرح الأشموني ٢ / ٢.

١٩١

ضعيف ناقص فكأنك تروم ذاك ولا تتممه ، وأما التضعيف فقولك : هذا خالد وهو يجعل وهذا فرح ومن ثم قالت العرب في الشعر في القوافي (سبسبا تريد : السبسب وعيهلّ تريد : العيهل) وإنما فعلوا ذلك ضرورة وحقه الوقف إذا شدد ، وإذا وصل رده إلى التخفيف ، فإن كان الحرف الذي قبل آخر حرف ساكنا لم يضعفوا نحو (عمرو) فإذا نصبت فكل اسم منون تلحقه الألف في النصب في الوقف فتقول : (رأيت زيدا وخالدا) فرقوا بين النون والتنوين ولا يفعل ذلك في غير النصب وأزد السراة يقولون : هذا زيدو وهذا عمرو وبكرو ومررت بزيدي يجعلون الخفض والرفع مثل النصب والذين يرومون الحركة يرومونها في الجر والنصب والذين يضاعفون يفعلون ذلك أيضا في الجر والنصب إذا كان مما لا ينون فيقولون : مررت بخالدّ ورأيت أحمرّ.

وقال سيبويه : وحدثني من أثق به أنه سمع أعرابيا يقول : أبيضّه يريد : أبيضّ وألحق الهاء مبنيا للحركة فأما المنون في النصب فتبدل الألف من التنوين بغير تضعيف وبعض العرب يقول في (بكر) : هذا بكرو من بكر فيحرك العين بالحركة التي هي اللام في الوصل ولم يقولوا :رأيت البكر ؛ لأنه في موضع التنوين وقالوا : هذا عدل وفعل فأتبعوها الكسرة الأولى ؛ لأنه ليس من كلامهم فعل وقالوا في اليسر فأتبعوها الكسرة الأولى ؛ لأنه ليس في الأسماء فعل وهم الذين يقولون في الصلة اليسر فيخففون وقالوا : (رأيت العكم) ولا يكون هذا في (زيد وعون) ونحوهما لأنهما حرفا مدّ ، فإن كان اسم آخره هاء التأنيث نحو : (طلحة وتمرة وسفرجلة) وقفت عليها بالهاء في الرفع والنصب والجر وتصير تاء في الوصل فإذا ثنيت الأسماء الظاهرة وجمعتها قلت : زيدان ومسلمان وزيدون ومسلمون تقف على النون في جميع ذلك ومن العرب من يقول : ضاربانه ومسلمونه فيزيد هاء يبين بها الحركة ويقف عليها والأجود ما بدأت به ، وإذا جمعت المؤنث بالألف والتاء نحو : تمرات ومسلمات فالوقف على التاء وكذلك الوصل لا فرق بينهما فإذا استفهمت منكرا فمن العرب من يقول إذا قلت رأيت زيدا قال : أزيدنيه ، وإن كان مرفوعا أو مجرورا فهذا حكمه في إلحاق الزيادة فيه فأما آخر الكلام فعلى ما شرحت لك من الإعراب فإذا كان قبل هذه العلامة حرف ساكن كسرته لالتقاء الساكنين ، وإن كان

١٩٢

مضموما جعلته واوا ، وإن كان مكسورا جعلته ياء ، وإن كان مفتوحا جعلته ألفا ، فإن قال :(لقيت زيدا وعمرا) قلت : أزيدا وعمرنيه ، وإذا قال : (ضربت عمر) قلت : أعمراه ، وإن قال : (ضربت زيدا الطويل) قلت : الطويلاه ، فإن قال : (أزيدا يا فتى) تركت العلامة لما وصلت ومن العرب من يجعل بين هذه الزيادة وبين الاسم (إن) فتقول : أعمرانيه.

القسم الثاني : وهو الظاهر المعتل :

المعتل من الأسماء على ثلاثة أضرب : ما كان آخره ياء قبلها كسرة (١) أو همزة أو ألف مقصورة فأما ما لامه ياء فنحو : (هذا قاض وهذا غاز وهذا العم) يريد : القاضي والغازي والعمى أسقطوها في الوقف لأنها تسقط في الوصل من أجل التنوين.

قال سيبويه : وحدثنا أبو الخطاب : أنّ بعض من يوثق بعربيته من العرب يقول : (هذا رامي وغازي وعمي) يعني في الوقف والحذف فيما فيه تنوين أجود ، فإن لم يكن في موضع تنوين ، فإن البيان أجود في الوقف ، وذلك قولك : هذا القاضي والعاصي وهذا العمي لأنها ثابتة في الوصل ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام كأنهم

__________________

(١) المنقوص المختوم بياء فإذا وقفنا عليه وجب إثبات يائه في ثلاث مسائل : (١) أن يكون محذوف الفاء أي أوّل الكلمة كما إذا سمّيت بمضارع" وفى" وهو" يفي" ؛ لأن أصلها" يوفى"" حذفت" فاؤه فلو حذفت لامه لكان إجحافا.

(٢) أن يكون محذوف العين أي وسط الكلمة نحو" مر" اسم فاعل من" أرى" أصله" مرئي" نقلت حركة عينه وهي الهمزة إلى الرّاء ، ثمّ حذفت للتّخفيف ، وأعلّ قاض (قاض : أصلها قاضي بياء ساكنة وتنوين ساكن فحذفنا الياء الساكنة للتخلص من التقاء الساكنين) فلا يجوز حذف الياء في الوقف.

(٣) أن يكون منصوبا منوّنا نحو (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) (الآية : ١٩٣ سورة آل عمران) ، أو غير منوّن نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (الآية : ٢٦ سورة القيامة) ، ، فإن كان مرفوعا أو مجرورا جاز إثبات يائه وحذفها ، ولكنّ الأرجح في المنوّن الحذف نحو" هذا ناد" و" نظرت إلى ناد" ويجوز الإثبات (ورجحه يونس) وبذلك قرئ ولكل قوم هادي (الآية : ٧ سورة الرعد) ، وما لهم من دونه من والي (الآية : ١١ سورة الرعد) والأرجح في غير المنوّن الإثبات نحو" هذا الدّاعي" و" مررت بالرّاعي" و" قرأ الجمهور (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (الآية : ٩ سورة الرعد) بالحذف". انظر معجم القواعد ٢٨ / ١٠.

١٩٣

أدخلوا الألف واللام بعد أن وجب الحذف فيقولون : (هذا القاض والعاص) هذا في الرفع والخفض فأما النصب فليس فيه إلا البيان لأنها ثابتة في الوصل تقول : رأيت قاضيا ورأيت القاضي وقال الله عز وجل : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) [القيامة : ٢٦] وتقول : رأيت جواري وهنّ جوار يا فتى في الوصل ومررت بجوار فالياء كياء قاضي والياء الزائدة هاهنا كالأصلية نحو : ياء ثمان ورباع إذا كان يلحقها التنوين في الوصل.

قال سيبويه : وسألت الخليل عن (القاضي) في النداء فقال : (اختار يا قاضي) ؛ لأنه ليس بمنون كما اختار هذا القاضي فأما يونس فقال : (يا قاض) بغير ياء وقالا في (مر) وهو اسم من أرى هذا مري بياء في الوقف كرهوا أن يخلو بالحرف فيجمعوا عليه لو قالوا : مر ذهاب الهمزة والياء ، وذلك أن أصله مرئي مثل : مرعي ، فإن كان الاسم آخره ياء قبلها حرف ساكن أو واو قبلها ساكن فحكمه حكم الصحيح نحو : (ظبي وكرسيّ) وناس من بني سعد يبدلون الجيم مكان الياء في الوقف لأنها خفيفة فيقولون : هذا تميمج يريدون تميمي وهذا علجّ يريدون : علي وعربانج يريدون : عرباني والبرنج يريدون : البرني وجميع ما لا يحذف في الكلام وما لا يختار فيه أن لا يحذف يحذف في الفواصل والقوافي فالفواصل قول الله عز وجل : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : ٤]. و (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) [الكهف : ٦٤] و (يَوْمَ التَّنادِ) [غافر : ٣٢] ، و (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) [الرعد : ٩].

الضرب الثاني : وهو ما كان آخره همزة :

ما كان في الأسماء في آخره همزة وقبل الهمزة ألف فحكمه حكم الصحيح وإعرابه كإعرابه تقول : هذا كساء ومررت بكساء وهو مثل حمار في الوصل والوقف ، فإن كانت الهمزة ألف قبلها وقبلها ساكن فحكمها حكم الصحيح وحكمها أن تكون كغيرها من الحروف كالعين ، وذلك قولك : الخبء حكمه حكم الفرع في الإسكان وروم الحركة والإشمام فتقول :هو الخبء ساكن والخبء بروم الحركة والخبء تشم وناس من العرب كثير يلقون على الساكن الذي قبل الهمزة الحركة ومنهم تميم وأسد يقولون : (هو الوثوء) فيضمون الثاء بالضمة التي كانت في الهمزة في الوصل وفي الوثيء ورأيت الوثأ وهو البطؤ ومن البطيء

١٩٤

ورأيت البطأ وهو الردؤ وتقديرها : الردع ومن الردّىء ورأيت الردأ وناس من بني تميم يقولون : هو الرديء كرهوا الضمة بعد الكسرة وقالوا رأيت الرديء سووا بين الرفع والنصب وقالوا : من البطؤ ؛ لأنه ليس في الكلام (فعل) ومن العرب من يقول : هو الوثو فيجعلها واوا من الوثي ورأيت الوثاء ومنهم من يسكن الثاء في الرفع والجر ويفتحها في النصب ، وإذا كان ما قبل الهمزة متحركا لزم الهمزة ما يلزم النّطع من الإشمام والسكون وروم الحركة وكذلك يلزمها هذه الأشياء إذا حركت الساكن قبلها ، وذلك قولك : هو الخطأ والخطأ تشم والخطأ تروم.

قال سيبويه : ولم نسمعهم ضاعفوا لأنهم لا يضاعفون الهمزة في آخر الكلمة ومن العرب من يقول : هو الكلو حرصا على البيان ويقول : من الكلى ورأيت الكلاء وهذا وقف الذين يحققون الهمزة فأما الذين لا يحققون الهمزة من أهل الحجاز فيقولون : الكلا وأكمو وأهنى يبدل من الهمزة حرفا من جنس الحركة التي قبلها ، وإذا كانت الهمزة قبلها ساكن فالحذف عندهم لازم ويلزم الذي ألقيت عليه الحركة ما يلزم سائر الحروف من أصناف الوقف.

الضرب الثالث : منه وهو ما كان في آخره ألف مقصورة (١) :

حقّ هذا الاسم أن تقف عليه في الرفع والنصب والجر بغير تنوين ، وإن كان منصرفا فتقول : هذا قفا ورأيت قفا ومررت بقفا إلا أن هذه الألف التي وقفت عليها يجب أن تكون

__________________

(١) المقصور المنون يوقف عليه بالألف ، نحو : رأيت فتى وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب : الأول أنها بدل من التنوين في الأحوال الثلاث ، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلا ووقفا ، وهذا مذهب أبي الحسن والفراء والمازني وهو المفهوم من كلام الناظم هنا ؛ لأنه تنوين بعد فتحة. والثاني أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة وأن التنوين حذف فلما حذف عادت الألف ، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي والكوفيين ، وإليه ذهب ابن كيسان والسيرافي ، ونقله ابن الباذش عن سيبويه والخليل ، وإليه ذهب المصنف في الكافية. قال في شرحها : ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفا والاعتداد بها رويّا وبدل التنوين غير صالح لذلك. ثم قال : ولا خلاف في المقصور غير المنون أن لفظه في الوقف كلفظه في الوصل ، ، وإن ألفه لا تحذف إلا في ضرورة. انظر شرح الأشموني على الألفية ٢ / ١٩.

١٩٥

عوضا من التنوين في النصب وسقطت الألف التي هي لام لالتقاء الساكنين كما تسقط مع التنوين في الوصل هذا إذا كان الاسم مما ينون مثله وبعض العرب يقول في الوقف : هذا أفعى وحبلى وفي مثّنّى مثنّى فإذا وصل صيرها ألفا وكذلك كل ألف في آخر اسم وزعموا أن بعض طيء يقول : (أفعو) لأنها ابين من الياء وحكى الخليل عن بعضهم : هذه حبلا مهموز مثل حبلع ورأيت رجلا مثل رجلع فهمزوا في الوقف فإذا وصلوا تركوا ذلك.

القسم الثالث : وهي الأسماء المكنية :

من ذلك (أنا) الوقف بألف فإذا وصلت قلت : أن فعلت ذاك بغير ألف ومن العرب من يقول في الوقف : هذا غلام يريد : هذا غلامي. شبهها بياء قاض وقد أسقان وأسقن يريد :أسقاني وأسقني ؛ لأن (في) اسم.

وقد قرأ أبو عمرو فيقول : (رَبِّي أَكْرَمَنِ) و (رَبِّي أَهانَنِ) [الفجر : ١٦ ، ١٥] على الوقف وترك الحذف أقيس فأما : هذا قاضيّ وهذا غلاميّ ورأيت غلاميّ فليس أحد يحذف هذا ومن قال : غلاميّ فاعلم وإني ذاهب لم يحذف في الوقف لأنها كياء القاضي في النصب ومن ذلك قولهم : (ضربهو زيد وعليهو مال ولديهو رجل وضربها زيد) وعليّها مال فإذا كان قبل الهاء حرف لين ، فإن حذف الياء والواو في الوصف أحسن وأكثر ، وذلك قولك : عليه يا فتى ولديه فلان ورأيت أباه قبل وهذا أبوه كما ترى وأحسن القراءتين : (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء : ١٠٦] و (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ) [الأعراف : ١٧٦] (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) [يوسف : ٢٠] و (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) [الحاقة : ٣٠].

والإتمام عربي ولا يحذف الألف في المؤنث فيلتبس المذكر والمؤنث ، فإن لم يكن قبل هاء التذكير حرف لين أثبتوا الواو والياء في الوصل وجميع هذا الذي يثبت في الوصل من الواو والياء يحذف في الوقف إلا الألف في (ها) وكذلك إذا كان قبل الهاء حرف ساكن ، وذلك قول بعضهم : منه يا فتى وأصابته جائحة والإتمام أجود ، فإن كان الحرف الذي قبل الهاء متحركا فالإثبات ليس إلا كما تثبت الألف في التأنيث وهاتان والواو والياء تلحقان الهاء التي هي كناية يسقطان في الوقف هذا في المكنى المتصل فأما إن كانت الكناية منفصلة نحو : هو وهي وهما

١٩٦

وهنّ ، فإن جميع ذا لا يحذف منه في الوقف شيء ومن العرب من يقول : هنّه وضربتنّه وذهبتّه وغلاميه ومن بعديه وضربنه فأما من رأى أن يسكن الياء فإنه لا يلحق الهاء وهيه يريدون (هي) وهوه يريدون (هو) يا هذا وخذه بحكمكه وكثير من العرب لا يلحقون الهاء في الوقف.

فإذا قلت : عليكمو مال وأنتمو ذاهبون ولديهمي مال فمنهم من يثبت الياء والواو في الوصل ومنهم من يسقطهما في الوصل ويسكن الميم والجميع إذا وقفوا وقفوا على الميم ولو حركوا الميم كما حركوا الهاء في (عليه مال) لاجتمع أربع متحركات نحو : (رسلكمو) وهم يكرهون الجمع بين أربع متحركات وهذه الميمات من أسكنها في الوصل لا يكسرها إذا كان بعدها ألف وصل ولكن يضمها لأنها في الوصل متحركة بعدها واو كما أنها في الإثنين متحركة بعدها ألف نحو : غلامكما وإنما حذفوا وأسكنوا استخفافا ، وذلك قولك : كنتم اليوم وفعلتم الخير وتقول : مررت بهي قبل ولديهي مال ومررت بدارهي وأهل الحجاز يقولون : مررت بهو قبل ولديهو مال ويقرأون : (فخسفنا بهو وبدار هو الأرض) [القصص : ٨١] وجميع هذا الوقف فيه على الهاء ويقول بهمي داء وعليهمي مال ومن قال : (بدار هو الأرض) قال :عليهمو مال وبهمو داء والوقف على الميم.

الرابع : المبهم المبني :

تقول في الوصل : علام تقول كذا وكذا وفيم صنعت ولم فعلت وحتام وكان الأصل : على (ما) وفي ما ولما صنعت فالأصل (ما) إلا أن الألف تحذف مع هذه الأحرف إذا كان (ما) استفهاما فإذا وقفت فلك أن تقول : فيم وبم ولم وحتام ولك أن تأتي بالهاء فتقول : لمه وعلامه وحتامه وبمه وثبات الهاء أجود في هذه الحروف لأنك حذفت الألف من (ما) فيعوضون منها في الوقف الهاء ويبينون الحركة ، وأما قولهم : مجيء م جئت ومثل م أنت فإنك إذا وقفت ألزمتها الهاء ؛ لأن (مجيء ومثل) تستعملان في الكلام مفردين لأنهما اسمان ويقولون : مثل ما أنت ومجيء ما جئت ، وأما حيهّل إذا وصلت فقلت : حيهّل بعمر ، وإذا وقفت ، فإن شئت قلت : حيهّل ، وإن شئت قلت : حيهّلا تقف على الألف كما وقفت في (أنا) وتقول : هذي أمة

١٩٧

الله فإذا وقفت قلت : (هذه) فتكون الهاء عوضا عن الياء وقد مضى ذكر ذا وقد تلحق الهاء بعد الألف في الوقف ؛ لأن الألف خفية ، وذلك قولهم : هؤلاء وهاهناه والأجود أن تقف بغير هاء ومن قال : هؤلاء وهاهناه لم يقل في (أفعى وأعمى) ونحوهما من الأسماء المتمكنة كيلا يلتبس بهاء الإضافة ؛ لأنه لو قال : أعماه وأفعاه لتوهمت الإضافة إلى ضمير.

واعلم أنهم لا يتبعون الهاء ساكنا سوى هذا الحرف الذي يمتد به الصوت ؛ لأنه خفي وناس من العرب كثير لا يلحقون الهاء.

١٩٨

الوقف على الفعل (١)

الفعل ينقسم إلى قسمين : سالم ، ومعتل. فأما السالم فما لم تكن لامه ألفا ولا ياء ولا واوا ، والمعتل ما كان لامه ألفا أو ياء أو واوا.

الأول : الفعل السالم :

والوقف عليه كما تقف على الاسم السالم في الرفع في جميع المذاهب غير مخالف له إلا في الاسم المنصوب المنصرف الذي تعوض فيه الألف من التنوين فيه فتعوض منه تقول لن نضرب أما المجزوم فقد استغنى فيه عن الإشمام والروم وغيره ؛ لأنه ساكن وكذلك فعل الأمر تقول : لم يضرب ولم يقتل واضرب واقتل ، وإذا وقفت على النون الخفيفة في الفعل كان بمنزلة التنوين في الاسم المنصوب فتقول : اضربا ومنهم من إذا ألحق النون الشديدة قال في الوقف :اضربنّه وافعلنّه وافعلنّه ومنهم من لا يلحق الهاء. وقد ذكرنا باب النونين الخفيفة والشديدة.

__________________

(١) قال الأشموني في شرح الألفية : (وقف بها السّكت على الفعل المعل بحذفآخر كأعط من سأل) يعني أن هاء السكت من خواص الوقف ، وأكثر ما تزاد بعد شيئين : أحدهما الفعل المعتل المحذوف الآخر جزما نحو لم يعطه ، أو وقفا نحو أعطه. والثاني ما الاستفهامية إذا جرت بحرف نحو على مه ولمه ، أو باسم نحو اقتضاء مه ، ولحاقها لكل من هذين النوعين واجب وجائز أما الفعل المحذوف الآخر فقد نبه عليه بقوله (وليس حتما في سوى ما كع أو كيع مجزوما فراع ما رعوا) يعني أن الوقف بهاء السكت على الفعل المعل بحذف الآخر ليس واجبا في غير ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد ، فالأول نحو عه أمر من وعى يعي ، ونحو ره أمر من رأى يرى ، والثاني لم يعه ولم يره ؛ لأن حرف المضارعة زائد فزيادة هاء السكت في ذلك واجبة لبقائه على أصل واحد ، كذا قاله الناظم. قال في التوضيح : وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على لم أك من تق بترك الهاء.

تنبيه : مقتضى تمثيله أن ذلك إنما يجب في المحذوف الفاء وإنما أراد بالتمثيل التنبيه على ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد كما سبق ، فمحذوف العين كذلك كما سبق في التمثيل بنحوره ولم يره. وفهم منه أن لحاقها لما بقي منه أكثر من ذلك نحو أعطه ولم يعطه جائز لا لازم (وما في الاستفهام إن جرّت حذف ألفها) وجوبا سواء جرت بحرف أو اسم. انظر شرح الأشموني ٢ / ٢٨.

١٩٩

الثاني : الفعل المعتل (١) :

نحو : يرمي ويغزو وأخشى ويقضي ويرضى وجميع هذا يوقف عليه بالواو والياء والألف ولا يحذف منه في الوقف شيء ؛ لأنه ليس مما يلحقه التنوين في الوصل فيحذف فأما المعتل إذا جزم أو وقف للأمر ففيه لغتان : من العرب من يقول : إرمه ولم يغزه وأخشه ولم يقضه ولم يرضه ومنهم من يقول : ارم واغز واخش فيقف بغير هاء.

__________________

(١) من خصائص الوقف اجتلاب هاء السّكت ، ولها ثلاثة مواضع : (أحدها) الفعل المعلّ بحذف آخره ، سواء أكان الحذف للجزم نحو" لم يغزه" و" لم يرمه" و" لم يخشه" ومنه (لَمْ يَتَسَنَّهْ) (الآية : ٢٥٩ سورة البقرة). ومعنى لم يتسنه : لم تغيره السنون) ، أو لأجل البناء نحو" اغزه" و" اخشه" و" ارمه" ومنه : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (الآية : ٩٠ سورة الأنعام) ، والهاء في هذا كلّه جائزة ، وقد تجب إذا بقي الفعل على حرف واحد كالأمر من وعى يعي ، فإنّك تقول : " عه".

(ثانيها): " ما" الاستفهاميّة المجرّدة ، فإنّه يجب حذف ألفها إذا جرّت في نحو" عمّ ، وفيم" مجرورتين بالحرف" ومجيء م جئت" (الأصل : جئت مجيء م؟ وهذا سؤال عن صفة ـ المجيء ، أي على أي صفة جئت ثم أخّر الفعل ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام ، ولم يمكن تاخير المضاف) مجرورة بالمضاف ، فرقا بينها وبين" ما" الموصوليّة الشرطيّة.

فإذا وقفت عليها ألحقت بها الهاء حفظا للفتحة الدّالّة على الألف المحذوفة ، وتجب الهاء إن كان الخافض ل" ما" الاستفهاميّة اسما كالمثال المتقدم : " مجيء" وتترجّح إن كان الخافض بها حرفا نحو : عمه يتساءلون (عمه : وبها السكت قرأ البزي) (الآية : ١ سورة النبأ).

(ثالثها) : كلّ مبنيّ على حركة بناء دائما ، ولم يشبه المعرب كياء المتكلم ك" هي" و" هو" وفي القرآن الكريم : (مالِيَهْ) (الآية : ٢٨ سورة الحاقة) و (سُلْطانِيَهْ) (الآية : ٢٩ سورة الحاقة) و (ما هِيَهْ) (الآية : ١٠ سورة القارعة) وقال حسّان :

إذا ما ترعرع فينا الغلام

فما إن يقال له من هوه

هب : بصيغة الأمر ، وهي من أفعال القلوب وتفيد في الخبر رجحانا ، وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر نحو قول عبد الله بن همّام السّلولي :

فقلت أجرني أبّا خالد

وإلّا فهبني امرءا هالكا

ويقال" هبني فعلت ذلك" أي احسبني واعددني ، ولا يقال : " هب أني فعلت". انظر معجم القواعد ٢٧ / ٢.

٢٠٠