الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٢

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-062-2
الصفحات: ٦٢٨

تُعنى الشعوب الحيّة بتاريخها ، وتقف طويلاً عند أحداثه ووقائعه ، وتتطلّع إلى ما يزخر به من مواقف مضيئة ، ساهم في صنعها العظماء ، لتستهدي بها في بناء حاضرها ومستقبلها ، وتعزير وجودها وكيانها.

وهي في ذات الوقت لا تنفكّ عن ملاحظة ما شابَ تاريخَها من مساحات سوداء وصفحات مظلمة ، ودراسة الأسباب التي أدت إلى تواجدها ، بهدف إثراء التجربة وإنماء الوعي وصولاً إلى رسم حاضر ومستقبل زاهر ، تضيق فيه تلك المساحات أو تزول ، على حسب ما تتمتع به هذه الشعوب من وعي وعزم وإرادة تحثّها على تجاوز أسباب الضعف والتخلف والتقهقر.

وإذا كان التاريخ ـ كلّ تاريخ ـ بحاجة إلى دراسة وإعادة تقييم على ضوء الأفكار والمعطيات الجديدة والمناهج الحديثة لكي تنتفع به الأُمّة في مسيرتها الفكرية والاجتماعية والسياسية ، فإنّ التاريخ الإسلامي لا يشذّ عن ذلك ، بل هو ـ كما نرى ـ أشدّ حاجة إلى ذلك من غيره ، لتعدّد وتنوّع العوامل التي ساهمت في العبث به تحريفاً للحقائق وتزويراً للأقوال واختلافاً للأحداث.

فقد دُوِّن جانب كبير من تاريخنا بيد حكام الجور من بني أُميّة وبني العباس وأشياعهم من تجّار الحديث والتاريخ ، وبيد مستسلمة أهل الكتاب وغيرهم من أصحاب الأهواء والأطماع والأحقاد ، الذين جهدوا في طمس الحقائق ونشر الأباطيل وترويج الأكاذيب.

٢٨١

وممّا لا شكّ فيه أنّ أتباع مدرسة أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ قد نالهم على مرّ التاريخ ـ من التشويه والطعن والتحامل نصيب وافر ، ولا زالت معاناتهم في هذا المجال قائمة ، ولله درّ الشاعر الأزري ، حيث يقول :

اقرأْ بعصرك ما الأهواءُ تكتبهُ

يُنْبِئْكَ عمّا جرى في سالف الحُقُبِ

لقد آن الأوان لإماطة اللثام عن وجه الحقيقة ، ورفع الحيف عن المظلومين من خلال دراسة جادّة للتاريخ ، تُعيد تفسير أحداثه ووقائعه انطلاقاً من مقاييس وموازين ومفاهيم صحيحة تعتمد الصدق والاخلاص والأمانة التاريخية والمناهج العلمية الحديثة.

ونحن نعتقد أنّ النقد البنّاء للتاريخ لإجلاء حقائقه سوف ينعكس بنتائجه الايجابية على حاضرنا ومستقبلنا ويوطّد عرى الوحدة والتعاون بين المسلمين ، ويذيب الخلافات بينهم والصراعات التي تُنهك القوى وتُبعثر الجهود.

النقد يُصلحُ للشعوب كيانَها

وتُماثُ فيه الفتنة الصمّاء

وإذا تمّ اعتماد ما سبق ، وكُسرت قيود التعصب ، وأُغمد سيف التهديد والإرعاب ، فإنّ الآفاق ستتسع للتعبير الأفكار والمفاهيم والرؤى دون خوف أو وجل ، وعندها سترحل التقيّة ـ التي اشتهر بالعمل بها أتباع مدرسة أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ـ عن واقعنا ، وسيحلّ محلّها الاطمئنان والثقة المتبادلة.

ولما كانت التقيّة قد أُحيطت بالغموض ، وأُثيرت حولها الشبهات ، فإنّنا نعمد إلى الكشف عن حقيقتها بهذا البيان القائم على الحجج التاريخية الصحيحة التي أُسدل عليها ستار الجهل.

تُعدّ التقية من المفاهيم الإسلامية الأصيلة ، المنسجمة مع حكم العقل ،

٢٨٢

وروح الإسلام ، ومرونة الشريعة المقدسة وسماحتها ، وضرورات العمل الإسلامي ، وقد وردت في القرآن الكريم ، وأكّدتها السنة الشريفة ، وآمن بمشروعيتها علماء المسلمين.

ولا ريب في أنّ الشيعة ـ وبحكم الظروف العصيبة التي حاقت بهم على امتداد فترات تاريخية طويلة ـ اشتهروا بالعمل بالتقية ، واللّياذ بظلها كلما اشتدت عليهم وطأة القهر والظلم.

وقد سعى الصائدون في الماء العكر من حُكّام الجور والمغرضين والمتعصّبين إلى استغلال هذا الأمر ، وذرّ الرماد في العيون من خلال إيجاد تصوّرات وأوهام باطلة ، وغرسها في أذهان الناس ، بدعوى أنّ التقية عند الشيعة ضرب من النفاق والخداع والتموية ، وأنّها تجعل منهم منظّمة سرية غايتها الالتفاف على الإسلام وتشويه صورته وتهديم أركانه.

إنّ العمل بالتقية والاحتراز عن الإفصاح عن المبادئ والأفكار لا يعنيان أبداً أنّ للشيعة أسراراً وطلاسم يتداولونها بينهم ، ولا يتيحون للآخرين فرصة الاطلاع عليها ومعرفتها ، ولا يعنيان أيضاً أنّ لهم نوايا عدوانية ضدّ الإسلام وأهله ، وإنّما يتعلّق الأمر كلّه بإرهاب فكري وسياسي مُورس ضدهم ، وجرائم وحشية ارتكبت بحقهم ، ألجأتهم إلى اتخاذ التكتّم والاحتراز أسلوباً لصيانة النفوس والأعراض والمحافظة عليها. ونحن إذا نظرنا إليهم في بعض العهود التي استطاعوا أن يتنفسوا فيها نسائم الحرية ، نجد كيف أنّهم بادروا وبنشاط إلى نشر أفكارهم وآرائهم وبثّ مبادئهم وتعاليمهم ، وكيف أنّهم ساهموا ـ مع إخوانهم من سائر المذاهب والطوائف ـ في صنع حضارة الإسلام الخالدة.

٢٨٣

وإذا كان الانصاف يدعو إلى تبرير موقف ضحايا القمع والاستبداد بالالتجاء إلى حمى التقية لضمان السلامة والتوقّي من الشر المستطير ... وإذا كان الضمير الحي يدعو إلى مواساة هؤلاء المظلومين الذين تُحصى عليهم أنفاسهم ويعانون أفانين الضغط والإكراه ، وأشكال التضييق والمحاربة ، فإنّ شيئاً من هذا ولا ذاك لم يحصل ، بل حصل العكس ، إذ عمد الكثير من أهل السنّة والجماعة ـ ومع الأسف ـ إلى الإغضاء عن الجزّارين أو معاضدتهم ، وإلى التنديد بالضحايا والتشهير بهم!!

وأخيراً ، نحن نعتقد أنّ العمل بالتقية أمر لا مفرّ منه ، وأنّ مجانبتها تماماً وفي كلّ الأحوال والعصور أمر لا واقع ولا حقيقة له. وأنت إذا رميت ببصرك إلى بعض الشعوب التي تحكمها أنظمة قمعية استبدادية ، لوجدت أنّها ـ وفيها من هم من أهل السنّة ـ تتجنّب الإعلان عن آرائها وأهدافها جهرةً ، وتسكت عمّا يُمارس بين ظهرانيها من أعمال منافية للإسلام ، وما ذلك إلاّ خوفاً من البطش والقتل والأذى الذي سيصيبها لو أنّها نطقت بما يخالف إرادة المستبدين.

وهذه الرسالة المتواضعة ، ستميط الستر عن وجه الحقيقة وتثبت ، انّ التقية ثمرة البيئة التي صودرت فيها الحريات ، ولو كان هناك لومٌ وانتقاد ، فالأجدر أن نتوجه بهما إلى من حمل المستضعفين على التقية ، لا إليهم أنفسهم.

وستتضح للقارئ في غضون هذه الرسالة ، انّ التقيّة من المفاهيم القرآنية التي وردت في أكثر من موضع في القرآن الكريم ، وفي تلك الآيات إشارات واضحة إلى الموارد التي يلجأ فيها المؤمن إلى استخدام هذا المسلك الشرعي خلال حياته أثناء الظروف العصيبة ، ليصون بها نفسه وعرضه وماله ، أو نفسَ من

٢٨٤

يمتُّ إليه بصلة وعرضَه ومالَه ، كما استعملها مؤمن آل فرعون لصيانة الكليم عن القتل والتنكيل (١) ولاذ بها عمّار عند ما أُخذ وأُسِر وهُدِّد بالقتل (٢) ، إلى غير ذلك من الموارد الواردة في الكتاب والسنّة ، فمن المحتّم علينا أن نتعرّف عليها ، مفهوماً (لغة واصطلاحاً) ، وتاريخاً وغايةً ودليلاً وحدّاً ، حتى نتجنَّب الافراط والتفريط في مقام القضاء والتطبيق.

وتحقيق المسألة يتم ببيان أُمور :

__________________

(١) القصص : ٢٠.

(٢) النحل : ١٠٦.

٢٨٥

١

التقية لغة

التقية اسم مصدر ل «اتقى يتقي» وأصل اتقى : اوتقى فقلبت الواو ياءً للكسرة قبلها ، ثمّ أُبدلت تاءً وادغمت وقد تكرر ذكر الاتقاء في الحديث ومنه حديث علي : «كنّا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله» ، أي جعلناه وقاية لنا من العدو. (١)

وقد أخذ «اتقى» من وقي الشيء ، يقيه إذا صانه ، قال الله تعالى : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) أي حماه (٢) منهم فلم يضرّه مكرهم.

وربما تستعمل مكان التقية لفظة «التُّقاة» قال سبحانه : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً). (٣)

قرأ الأكثر «تقاة» إلاّ يعقوب فقرأ «تقيّة» وكلاهما مصدر لفعل اتقى «فتقاة ، أصله «وقية» أبدلت الواو تاءً كما أبدلوها في تُجاة وتكاة وانقلبت الياء الفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وهو مصدر على وزن فُعل كتؤدة وتخمة. (٤)

__________________

(١) النهاية : مادة وقي.

(٢) غافر : ٤٥.

(٣) آل عمران : ٢٨.

(٤) عن تعليق أحمد محمد شاكر على دائرة المعارف الإسلامية : ٥ / ٤٢٣.

٢٨٦

٢

التقية اصطلاحاً

التقية كما عرّفها السرخسي هي أن يقي الإنسان نفسه بما يظهره وإن كان ما يضمر خلافه. (١)

وقال ابن حجر : التقية : الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير. (٢)

وعرفها صاحب المنار بأنّها ما يقال أو يفعل مخالفاً للحقّ لأجل توقّي الضرر. (٣)

وعرفها الشيخ محمد أبو زهرة بأنّها أن يخفي الشخص ما يعتقد دفعاً للأذى. (٤)

والتعريف الثالث أشمل من الرابع لاختصاص الأخير بالعقيدة وعمومية الآخر لها وللفعل.

__________________

(١) المبسوط للسرخسي : ٢٥ / ٤٥.

(٢) فتح الباري : ١٢ / ٣١٤ ، ط المكتبة السلفية.

(٣) تفسير المنار : ٣ / ٢٨٠.

(٤) محمد أبو زهرة : الإمام الصادق : ٢٥٥.

٢٨٧

وأمّا الشيعة فقد عرّفها الشيخ المفيد بقوله : التقية كتمان الحقّ وستر الاعتقاد فيه ، ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا.

وفُرض ذلك ، إذا علم بالضرورة أو قوي في الظن ، فمتى لم يعلم ضرراً بإظهار الحقّ ولا قوي في الظن ذلك لم يجب فرض التقية. (١)

وعرفها الشيخ الأنصاري بقوله : التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ. (٢)

__________________

(١) شرح عقائد الصدوق : ٦٦ ، ط تبريز.

(٢) رسالة التقية للشيخ الأنصاري : ٣٧.

٢٨٨

٣

التقية تاريخيّاً

ربما يتصوّر لأوّل وهلة انّ للتقية مبدأً تاريخياً ظهر في المجتمع الإنساني ، ولكن هذا التصور يجانب الحقّ ، فظاهرةُ التقية زامنت وجود الإنسان على هذا الكوكب يوم برز بين البشر القويّ والضعيف ، وصادر الأوّل حريات الثاني ولم يسمح له بإبداء ما يضمره عن طريق القول والفعل.

فظهور التقية في المجتمع البشري إذن ، كان تعبيراً عن مصادرة الحريات ، وسلاحاً لم يجد الضعيف بدّاً من اللجوء إليه للدفاع عن نفسه وعرضه وماله.

١. التقيّة في عصر الكليم

وأظهر مورد تبنّاه القرآن الكريم في هذا الصدد هو مؤمن آل فرعون ، يقول الله تعالى :

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ). (١)

__________________

(١) غافر : ٢٨.

٢٨٩

وكانت عاقبة أمره أن (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ). (١)

وما كان ذلك إلاّ لأنّه بتعميته ، استطاع أن ينجّي نبيَّ الله من القتل كما يحكيه سبحانه عنه ويقول : (قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ). (٢)

نقل الثعلبي عن السدي ومقاتل انّ مؤمن آل فرعون كان ابن عم فرعون وهو الذي أخبر الله تعالى عنه فقال : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى). (٣)

وقال آخرون : كان إسرائيلياً ، ومجاز الآية : «وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعونْ ، واختلفوا أيضاً في اسمه.

فقال ابن عباس وأكثر العلماء : اسمه حزبيل.

وقال وهب بن منبه : اسمه حزيقال.

وقال ابن إسحاق : خبرل. (٤)

٢. التقية في عصر الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

هناك حوادث تاريخية تدلّ على شرعية التقية في عصر الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ نكتفي بهذين النموذجين :

١. يقول سبحانه : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ). (٥)

قال المفسرون : قد نزلت الآية في جماعة أُكْرِهُوا على الكفر ، وهم عمّار وأبوه

__________________

(١) غافر : ٤٥.

(٢) القصص : ٢٠.

(٣) القصص : ٢٠.

(٤) تفسير الثعلبي : ٨ / ٢٧٣.

(٥) النحل : ١٠٦.

٢٩٠

ياسر وأُمّه سُميّة ، وقُتل الأبوان لأنّهما لم يُظهرا الكفر ولم ينالا من النبي ، وأعطاهم عمّار ما أرادوا منه فأطلقوه ، ثمّ أخبر بذلك رسول الله ، وانتشر خبره بين المسلمين ، فقال قوم : كفر عمار ، فقال الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «كلاّ انّ عماراً ملئ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه».

وفي ذلك نزلت الآية السابقة ، وكان عمّار يبكي ، فجعل رسول الله يَمْسَحَ عينيه ، ويقول : «إن عادُوا لك فعُد لهم بما قلت». (١)

٢. أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن ، انّ مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فقال لأحدهما :

أتشهد انّ محمّداً رسول الله؟ قال : نعم ، قال : أفتشهد أنّي رسول الله؟ قال : نعم ، ثمّ دعا بالآخر فقال : أتشهد أنّ محمّداً رسول الله؟ قال : نعم ، فقال له : أفتشهد انّي رسول الله؟ قال : إنّي أصمّ. قالها ثلاثاً ، كل ذلك يجيبه بمثل الأوّل ، فضرب عُنقُه ، فبلغ ذلك رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فقال : أمّا ذلك المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه ، وأخذ بفضله ، فهنيئاً له.

وأمّا الآخر فقبلَ رخصة الله فلا تبعةَ عليه. (٢)

٣. التقية بعد رحيل الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قد استغل الأمويُّون مسألة القضاء والقدر وركّزوا على أنّ كلّ ما يجري في

__________________

(١) مجمع البيان : ٣ / ٣٨٨.

(٢) مسند ابن أبي شيبة : ١٢ / ٣٥٨ ، ط السلفية ؛ التبيان : ٢ / ٤٥٣ ، وقد علق الطوسي على الرواية وقال : وعلى هذا التقية رخصة ، والافصاح بالحق فضيلة ، وظاهر أخبارنا يدلّ على انّها واجبة ، وخلافها خطأ وسيوافيك أنّها على أقسام خمسة.

٢٩١

المجتمع الإسلامي بقضاء وقدر من الله سبحانه وليس لأحد فيه الاختيار ولا الاعتراض ، وعلى ذلك فالفقر المدقع السائد بين أكثر المسلمين تقدير من الله ، والترف الذي يعيشه الأمويون ، والظلم الذي يُلحقونه بالمسلمين تقدير من الله.

ولما كانت تلك المزعمة مخالفة لضرورة الدين وبعثة الأنبياء ، قام غير واحد بوجه هذه الفكرة ، وسكت كثيرون خوفاً من بطش الأمويين ، فكتموا عقيدتهم وسلكوا مسلك التقيّة.

١. هذا هو ابن سعد يروي عن الحسن البصري بانّه كان يخالف الأمويين في القدر بالمعنى الذي تتبنّاه السلطة آنذاك فلما خوّفه بعض أصدقائه من السلطان ، وعد أن لا يعود.

روى ابن سعد في طبقاته عن أيوب قال : نازلت الحسن في القدر غير مرة حتّى خوّفته من السلطان ، فقال : لا أعود بعد اليوم. (١)

٢. كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم رئيس الشرطة في بغداد أن يُشخص إليه سبعة نفر من المحدثين منهم :

١. محمد بن سعد كاتب الواقدي ، ٢. أبو مسلم ، مستملي يزيد بن هارون ، ٣. يحيى بن معين ، ٤. زهير بن حرب أبو خثيمة ، ٥. إسماعيل بن داود ، ٦. إسماعيل بن أبي مسعود ، ٧. أحمد بن الدورقي فامتحنهم المأمون وسألهم عن خلق القرآن ، فأجابوا جميعاً انّ القرآن مخلوق فأشخصهم إلى مدينة السلام ، وأحضرهم إسحاق بن إبراهيم داره فشهّر أمرهم وقولهم بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث فأقرّوا بمثل ما أجابوا به المأمون فخلّى سبيلهم. وقد فعل إسحاق بن إبراهيم ذلك بأمر المأمون.

__________________

(١) طبقات ابن سعد : ٧ / ١٦٧ ، ط بيروت.

٢٩٢

يُذكر أن الرأي الذي كان سائداً بين المحدّثين هو قدم القرآن أو عدم حدوثه ولكنّهم اتّقوا واعترفوا بخلق القرآن ، وهذا هو نفس التقية التي يعمل بها الشيعة ، وقد مارسها المحدِّثون في عصر المأمون.

وهناك رسالة أُخرى للمأمون إلى إسحاق بن إبراهيم رئيس الشرطة ، وممّا جاء فيها : وليس يَرى أمير المؤمنين لمن قال بهذه المقالة (القرآن ليس بمخلوق) حظاً في الدين ولا نصيباً من الإيمان ....

فلما جاءت الرسالة إلى إسحاق بن إبراهيم أحضر لفيفاً من المحدّثين ربما يبلغ عددهم إلى ٢٦ فقرأ عليهم رسالة المأمون مرتين حتّى فهموها ثمّ انّ إسحاق دعا بهم رجلاً رجلاً فأجاب القوم كلّهم واعترفوا بانّ القرآن مخلوق إلاّ أربعة نفر منهم :

أحمد بن حنبل ، وسجادة ، والقواريري ، ومحمد بن نوح المضروب ، فأمر بهم إسحاق بن إبراهيم فشُدُّوا في الحديد ، فلما كان من الغد دعا بهم جميعاً يساقون في الحديد فأعاد عليهم المحنة فأجابه سجادة إلى أنّ القرآن مخلوق فأمر بإطلاق قيده وخلّى سبيله وأصرّ الآخرون على قولهم.

فلما كان من بعد الغد عاودهم أيضاً فأعاد عليهم القول ، فأجاب القواريري بأنّ القرآن مخلوق فأمر بإطلاق قيده وخلّى سبيله ، وأصرّ أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما ولم يرجعا فشدّا جميعاً في الحديد ووُجِّها إلى طرسوس وكتب معهما كتاباً بإشخاصهما.

ثمّ لما اعتُرض على الراجعين عن عقيدتهم ، برّروا عملهم بعمل عمار بن ياسر حيث أكره على الشرك وقلبه مطمئن بالإيمان. (١)

__________________

(١) لاحظ تاريخ الطبري : ٧ / ١٩٧ ، حوادث ٢١٨ ه‍.

٢٩٣

كلّ ذلك يدلّ على انّ التقية أصل مشروع التزم بها المسلمون عند الشعور بالضعف أمام السلطة الغاشمة.

وبذلك يظهر انّ اتهام الشيعة بتفرّدها بالقول بالتقية يضادُّ الذكر الحكيم والسنة النبوية وسيرة المسلمين عبر التاريخ.

إنّ التقية سلاح الضعيف ، سلاح من صُودرتْ حقوقه وحرّياته من قبل سلطة غاشمة ، قاهرة ، لا تُبدي أية مرونة في مواقفها ، وهذا هو حكم العقل وهو دفع الضرر عن النفس والنفيس بإظهار الموافقة لساناً وعملاً حتّى يرتفع الضرر ثمّ يعود الإنسان إلى ما كان عليه.

ومثل هذا لا يمكن أن يختص بفرقة دون أُخرى.

٢٩٤

٤

محنة الشيعة

في عصر الأمويين والعباسيين

اشتهرت الشيعة بالتقيّة أكثر من سائر الفرق ، ولكونهم أكثر من غيرهم من حيث التعرّض للضغط ، ومصادرة الحريّات ، والأخذ بالظنّة ، والتشريد والقتل تحت كلّ حجر ومدر.

إنّ الذي دفع بالشيعة إلى التقية بين إخوانهم وأبناء دينهم إنّما هو الخوف من السلطات الغاشمة ، فلو لم يكن هناك في غابر القرون ـ من عصر الأمويين ثمّ العباسيين والعثمانيين ـ أيُّ ضغط على الشيعة ، ولم تكن بلادهم وعُقر دارهم مخضّبة بدمائهم (والتاريخ خير شاهد على ذلك) ، لأصبح من المعقول أن تَنْسى الشيعة كلمة التقية وأن تحذفها من قاموس حياتها ، ولكن ـ يا للأسف ـ إنّ كثيراً من إخوانهم كانوا أداة طيّعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون في مذهب الشيعة خطراً على مناصبهم ، فكانوا يؤلِّبون العامة من أهل السنّة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم ، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة ، لم يكن للشيعة ، بل لكل من يملك شيئاً من العقل وسيلة إلاّ اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدّسة التي هي أغلى عنده من نفسه وماله.

٢٩٥

والشواهد على ذلك أكثر من أن تُحصى أو أن تعدَّ ، إلاّ أنّا سنستعرض جانباً مختصراً منها : فمن ذلك ما كتبه معاوية بن أبي سفيان باستباحة دماء الشيعة أينما كانوا وكيفما كانوا ، وإليك نص ما ذكرته المصادر عن هذه الواقعة لتدرك محنة الشيعة :

محنة الشيعة في العصر الأموي

روى أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب «الأحداث» قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة ، وعلى كل منبر ، يلعنون علياً ويتبرءون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة مَن بها من شيعة عليّ ـ عليه‌السلام ـ فاستعمل عليها زياد بن سمية ، وضم إليه البصرة ، فكان يتتبَّع الشيعة وهو بهم عارف ، لأنّه كان منهم أيام عليّ ـ عليه‌السلام ـ ، فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسَمَلَ العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرَّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم ، وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق : ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.

ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ علياً وأهل بيته ، فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه ، وشفع ذلك بنسخة أُخرى : مَن اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكّلوا به ، واهدموا داره. فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيّما بالكوفة حتّى أنّ الرجل من شيعة عليّ ـ عليه‌السلام ـ ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته ، فيُلقي إليه سرّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ، ليكتمنَّ عليه.

٢٩٦

وأضاف ابن أبي الحديد : فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي ـ عليهما‌السلام ـ ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه ، أو طريد في الأرض.

ثمّ تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ـ عليه‌السلام ـ ، وولي عبد الملك بن مروان ، فاشتد على الشيعة ، وولّى عليهم الحجاج بن يوسف ، فتقرَّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه ، وموالاة من يدعي من الناس أنّهم أيضاً أعداؤه ، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من البغض من عليّ ـ عليه‌السلام ـ وعيبه ، والطعن فيه ، والشنئان له ، حتى أنّ إنساناً وقف للحجاج ـ ويقال إنّه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب ـ فصاح به : أيّها الأمير إنّ أهلي عقوني فسمّوني علياً ، وإنّي فقير وبائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج ، فتضاحك له الحجاج ، وقال : للطف ما توسّلتَ به ، قد ولّيتك موضع كذا. (١)

واستمر الحزب الأموي في الإرهاب وسفك الدماء على امتداد مراحل وجوده في السلطة ، حيث سجّل لنا التاريخ حوادث أُخرى تحكي أبشع صور الإرهاب والاستخفاف بقيم الحق والعدل أيام عبد الملك بن مروان وقتله سعيد بن جبير. وقد جاء في كتاب عبد الملك بن مروان الذي ولى فيه خالد بن عبد الله القسري :

أمّا بعد ، فانّي ولّيت عليكم خالد بن عبد الله القسري ، فاسمعوا له وأطيعوا ، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلاً ، فإنّما هو القتل لا غير ، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير ، والسلام. ثمّ التفت إليهم خالد ، وقال : والذي نحلف به ، ونحجُّ إليه ، لا أجده في دار أحد إلاّ قتلته وهدمت داره ودار كلّ من جاوره واستبحت حرمته ، وقد أجلّت لكم فيه ثلاثة أيّام. (٢)

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١١ / ٤٤ ـ ٤٦.

(٢) الإمامة والسياسة : ٢ / ٤٧ ، ط مصر.

٢٩٧

ثمّ يُلقى القبض على سعيد بن جبير الذي كان من طلائع الموالين لآل البيت النبوي ، ويُسلَّم إلى الحجاج السفّاح الشهير في تاريخ الإسلام الذي قتل عشرات الآلاف من معارضي السلطة ، فيقتله.

وهذا هو الإمام الباقر ـ عليه‌السلام ـ يصف بيئته والمجتمع الذي كان يعيش فيه حيث قال لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيانا ، وتظاهرهم علينا ، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس ... ـ إلى أن قال ـ ثمّ لم نزل ـ أهلَ البيت ـ نُستذل ونُستضام ، ونُقصى ونُمتهن ، ونُحرم ونُقتل ، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ، ووجد الكاذبون الجاحدون ، لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقربون به إلى أوليائهم ، وقضاة السوء وعمال السوء في كلّ بلدة ، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ورووا عنّا ما لم نقله وما لم نفعله ، ليبغّضونا إلى الناس ، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن ـ عليه‌السلام ـ فقتلت شيعتنا بكلّ بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سُجن أو نُهب ماله ، أو هدمت داره ، ثمّ لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ـ عليه‌السلام ـ ثمّ جاء الحجاج فقتلهم كلّ قتلة وأخذهم بكلّ ظنة وتهمة ، حتّى انّ الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحبّ إليه من أن يقال شيعة علي. (١)

محنة الشيعة في العصر العباسي

لقد مارست السلطة العباسية سياسة البطش والقتل والتشريد كنظيرتها

__________________

(١) شرح ابن أبي الحديد : ١١ / ٤٣ ـ ٤٤.

٢٩٨

السلطة الأموية بل كانت أكثر بطشاً وتنكيلاً ، وهذا هو أبو الفرج الاصفهاني يقول في حقّ المتوكل :

كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظاً في جماعتهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم ... واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي ، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ومنع الناس من البرّ بهم ، وكان لا يبلغه انّ أحداً أبرّ أحداً منهم بشيء ، وإن قل إلاّ أنهكه عقوبة ، واثقله غرماً ، حتّى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة ثمّ يرقعنه ، ويجلسن على مغازلهن عواري حاسرات. (١)

هكذا شاء أمير المؤمنين المتوكل على الله ، أن تقبع العلويات في بيوتهن عاريات يتبادلن القميص المرقع عند الصلاة ، وان تختال الفاجرات العاهرات بالحلي وحلل الديباج بين الاماء والعبيد ... لقد أرسل الرشيد إلى بنات الرسول من يسلب الثياب عن أبدانهن ، أمّا المتوكّل فقد شدد وضيق عليهن ، حتّى ألجأهن إلى العري ، وهكذا تتطور الفلسفات والمناهج مع الزمن على أيدي القرشيين العرب أبناء الأمجاد والأشراف!

لقد تفرق العلويون أيام المتوكل ، فمنهم من توارى فمات في حال تواريه كأحمد بن عيسى الحسين وعبد الله بن موسى الحسيني ، ومنهم من ثار على القهر والجور كمحمد بن صالح ومحمد بن جعفر.

ولم يكتف المتوكل بالتنكيل بالأحياء ، حتّى اعتدى على قبور الأموات فهدم

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.

٢٩٩

قبر الحسين ـ عليه‌السلام ـ وما حوله من المنازل والدور ، ومنَع الناس من زيارته ونادى مناديه من وجدناه عند قبر الحسين ـ عليه‌السلام ـ حبسناه في المطبق ـ سجن تحت الأرض ـ فقال الشاعر :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوماً

فلقد أتاه بنو أبيه مثلها

هذا لعمرك قبره مهدوماً

أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا

في قتله فتَتّبعوه رميماً(١)

نعم كانت التقية بين الشيعة تزداد تارة وتتضاءل أُخرى ، حسب قوّة الضغط وضآلته ، فشتّان بين عصر المأمون الذي يجيز مادحي أهل البيت ، ويكرم العلويين ، وبين عصر المتوكل الذي يقطع لسان ذاكرهم بفضيلة.

فهذا ابن السكيت أحد أعلام الأدب في زمن المتوكل ، وقد اختاره معلّماً لولديه فسأله يوماً : أيّهما أحبُّ إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ قال ابن السكيت : والله إنّ قنبر خادم عليّ ـ عليه‌السلام ـ خير منك ومن ابنيك. فقال المتوكل : سلّوا لسانه من قفاه ، ففعلوا ذلك به فمات. ولما مات سيَّر المتوكل لولده يوسف عشرة آلاف درهم وقال : هذه دية والدك!! (٢).

وهذا ابن الرومي الشاعر العبقري يقول في قصيدته التي يرثي بها يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي :

__________________

(١) الشيعة والحاكمون : ١٦٩ ـ ١٧٠.

(٢) ابن خلكان : وفيات الأعيان : ٣ / ٣٣. الذهبي : سير أعلام النبلاء : ١٢ / ١٦.

٣٠٠