التطبيق النحوى

الدكتور عبده الراجحي

التطبيق النحوى

المؤلف:

الدكتور عبده الراجحي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار المعرفة الجامعية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٠

يومان : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف.

* سبق أن بينا ـ في باب المبنيات ـ أحكام الظروف المنقطعة عن الإضافة لفظا لا معنى ، وأحكام الظروف المركبة تركيب خمسة عشر.

* * *

تدريب : أعرب ما يأتي :

١ ـ (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً.)

٢ ـ (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.)

٣ ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ.)

٤ ـ (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.)

٥ ـ (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ.)

٦ ـ (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ.)

٧ ـ (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ، وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً.)

٨ ـ (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى. وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى. أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى. وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى. فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ.)

٩ ـ (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ.)

١٠ ـ (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.)

١١ ـ (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى.)

١٢ ـ (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ.)

١٣ ـ (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ.)

٢٤١

١٥ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.)

* * *

٢٤٢

و ـ المفعول معه

المفعول معه هو :

١ ـ اسم منصوب ، لا يكون جملة ولا شبه جملة.

٢ ـ قبله واو تدل على المصاحبة.

٣ ـ قبل الواو جملة فيها فعل أو ما يشبهه.

وذلك مثل :

سرت والشاطئ.

سرت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع.

الواو : واو المعية ، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

الشاطئ : مفعول معه منصوب بالفتحة.

* والعامل الأصلي الذي يعمل النصب في المفعول معه هو الفعل ، وهو يتوصل إليه بواو المعية ، أما العوامل الأخرى فهي :

١ ـ اسم الفاعل ، مثل :

أنا سائر والشاطئ.

أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

سائر : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

الواو : واو المعية ، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

الشاطئ : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.

(العامل فيه اسم الفاعل : سائر.)

٢ ـ اسم المفعول ، مثل :

زيد مكرم وأخاه.

زيد : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.

٢٤٣

مكرم : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

الواو : واو المعية ، حرف مبني علي الفتح لا محل له من الإعراب.

أخاه : مفعول معه منصوب بالألف ، والهاء ضمير مبني على الضم فى محل جر مضاف إليه.

(العامل فيه هو اسم المفعول : مكرم.)

٣ ـ المصدر ، مثل :

سيرك والشاطئ في الصباح مفيد.

سيرك : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة ، وخبره كلمة (مفيد) الآتية.

الواو : واو المعية.

الشاطئ : مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة.

(العامل فيه هو المصدر : سير.)

٤ ـ اسم الفعل ، مثل :

رويدك والمريض.

رويدك : اسم فعل أمر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

الواو : واو المعية.

المريض : مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة.

ومعنى الجملة : أمهل نفسك مع المريض.

(العامل فيه اسم الفعل : رويدك.)

* ولك في الاسم الواقع بعد الواو حالات نوجزها فيما يلي :

١ ـ وجوب نصبه على أنه مفعول معه في نحو :

سار زيد والشاطئ.

فكلمة (الشاطئ) هنا مفعول معه ، ولا يصح أن تكون معطوفا على زيد وإلا صار المعنى : سار زيد وسار الشاطئ. وكذلك في نحو :

عجبت منك وزيدا.

٢٤٤

فكلمة (زيدا) هنا مفعول معه ، لأنه لا يصح عطفها على الضمير المجرور بمن ، إذ إن العطف على الضمير المجرور يقتضي في الغالب تكرار حرف الجر. فإن أردت العطف قلت : عجبت منك ومن زيد.

٢ ـ امتناع إعرابه مفعولا معه ووجوب إعرابه معطوفا ، وذلك في مثل :

حضر زيد وعليّ قبله.

لابد أن تعرب (عليا) معطوفا على زيد ، ويمتنع إعرابه مفعولا معه لوجود كلمة (قبله) التي تمنع أن تكون الواو دالة على المصاحبة.

وفي مثل :

تضارب زيد وعليّ.

عليّ هنا معطوف على زيد ، ويمتنع إعرابه مفعولا معه ، وذلك لأن الفعل (تضارب) يقتضي أكثر من فاعل لأنه يدل على الاشتراك.

٣ ـ جواز إعرابه معطوفا أو مفعولا معه ، والثاني أفضل ، مثل :

سرت وزيدا ، (أو زيد).

الأفضل إعرابه مفعولا معه ، ويجوز أيضا إعرابه معطوفا ، والأول أحسن ، وذلك لأن العطف على الضمير المتصل يقتضي في الغالب وجود فاصل بينه وبين المعطوف. وفي غير هذه الحالات يكون الإعراب على العطف أفضل.

* يكثر في الكلام استعمال المفعول معه بعد الاستفهام في مثل.

كيف أنت والامتحان؟

ما أنت وزيدا؟

ما لك وعليا؟

والمشكل في هذه الجمل أن المفعول معه يقتضي وجود جملة قبل الواو ، بشرط أن يكون فيها فعل يعمل النصب في المفعول معه.

وهناك من يرى أن اسم الاستفهام هو العامل في المفعول معه ، أما الرأي الغالب عندهم فهو تقدير فعل في جملة الاستفهام مثل :

كيف تكون أو تصنع أو تفعل والامتحان؟ وكذلك في الباقي.

٢٤٥

٤ ـ الحال

في كتب النحو تفصيلات مطولة عن الحال لا مجال لعرضها هنا ، وإنما غرضنا أن نعرض الأساليب المستعملة في الظاهرة اللغوية بغية تحليلها في التطبيق النحوي ، ومن ثم نقدم الحال على النحو التالي :

١ ـ الحال فضلة حكمها النصب ، تبين هيئة صاحبها وقت الفعل على الأغلب.

٢ ـ صاحب الحال أنواع :

أ ـ الفاعل ، مثل :

أقبل زيد ضاحكا.

ضاحكا : حال منصوب بالفتحة الظاهرة. (وصاحبها هو الفاعل : زيد)

ب ـ المفعول به ، مثل :

ركب زيد السيارة مسرعة.

(صاحبها هو المفعول به : السيارة.)

ج ـ الفاعل والمفعول به معا ، مثل :

استقبل زيد عليّا ضاحكين.

(صاحبها هو الفاعل والمفعول به : زيد ، عليا.)

د ـ المبتدأ ، مثل :

الخضراوات ـ طازجة ـ مفيدة.

(صاحبها هو المبتدأ : الخضراوات.) (١)

__________________

(١) يعترض بعض النحاة على جعل المبتدأ صاحبا للحال ، ولكن العرب استعملته كثيرا.

٢٤٦

ه ـ المضاف إليه بشروط :

* أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه ، مثل :

أعجبتني شرفة البيت فسيحا.

(صاحب الحال هو المضاف إليه : البيت ، والمضاف : شرفة ؛ جزء من المضاف إليه.)

* أن يكون بمنزلة جزء من المضاف إليه ، مثل :

أعجبتني مقالة زيد موضّحا.

(صاحب الحال هو المضاف إليه : زيد ، والمضاف : مقالة ؛ ليس جزءا منه ولكن بمنزلة الجزء ، ويصح حذفه ، فتقول : أعجبني زيد موضحا.)

* أن يكون المضاف عاملا في المضاف إليه مثل :

أعجبتني كتابة الكتاب واضحا.

(صاحب الحال هو المضاف إليه : الكتاب والمضاف عامل في المضاف إليه لأن الكتاب ـ في الأصل ـ مفعول به للكتابة.)

٣ ـ العامل في الحال عند النحاة لا بد أن يكون هو العامل في صاحبها إلا في الحال التي تأتي من المبتدأ أو ما أصله المبتدأ ؛ فإن العامل في المبتدأ هو الإبتداء ، أو الناسخ ، والعامل في الحال هو المبتدأ. والعامل الأصلي في الحال هو الفعل كما في الأمثلة السابقة ، أما العوامل الأخرى فهي :

أ ـ عوامل لفظية مثل :

* المصدر الصريح :

تعجبني قراءته مجوّدا.

(العامل في الحال هنا هو المصدر : قراءة ، وهو عامل أيضا في صاحب الحال الذي هو ضمير مضاف إليه.)

* اسم الفاعل :

هذا طالب كاتب مقالته واضحة.

٢٤٧

(العامل في الحال هو اسم الفاعل : كاتب ، وهو نفسه الذي عمل النصب في صاحب الحال : مقالة.)

* اسم المفعول :

هذه مقالة مكتوب موضوعها واضحا.

(العامل في الحال هو اسم المفعول : مكتوب ، وهو نفسه الذي عمل الرفع في صاحب الحال : موضوع.)

* اسم الفعل :

كتاب شارحا.

كتاب : اسم فعل أمر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

شارحا : حال منصوب بالفتحة الظاهرة.

(العامل في الحال هو اسم الفعل : كتاب ، وهو نفسه الذي عمل الرفع في صاحب الحال : أنت.)

ب ـ عوامل معنوية ، وهي عوامل تتضمن الفعل دون حروفه ، مثل :

* الإشارة :

هذا عملك ممتازا.

(العامل في الحال هو اسم الإشارة لأنه يتضمن معني فعل : أشير.)

* حرف التمني :

ليت المواطن ـ مثقفا ـ يساعد غير المثقفين.

(العامل في الحال هو حرف التمني : ليت ، لأنه يتضمن معني فعل :

أتمني.)

* حرف التشبيه :

كأنّ زيدا ـ خطيبا ـ ساحر يأخذ بالألباب.

(العامل في الحال هو حرف التشبيه : كأنّ ، لأنه يتضمن معنى فعل : أشبه.)

٢٤٨

* شبه الجملة :

الموضوع أمامك واضحا.

الموضوع في ذهنه واضحا.

(العامل في الحال هو شبه الجملة : أمامك ، وفي ذهنه ، لأن شبه الجملة تتعلق بمتعلق أصله الفعل ، فهو يتضمن معناه.)

٤ ـ الأصل في الحال أن تكون مشتقة كما في الأمثلة السابقة ، وقد تكون جامدة مؤولة بمشتق أو غير مؤولة.

* أما المؤولة بمشتق فهي :

أ ـ أن تكون في الأصل مشبها به.

هجم المحارب أسدا.

(الحال : أسدا يمكن تأويلها بمشتق : مقداما ـ جريئا ـ مفترسا).

ب ـ أن تكون دالة على مفاعلة (التي تعني المشاركة) :

سلمته الكتاب يدا بيد.

يدا : حال منصوبة بالفتحة الظاهرة.

بيد : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة في محل نصب (والموصوف هو كلمة يدا الواقعة حالا.)

(الحال : يدا مع صفتها بيد يمكن تأويلها بمشتق : مقابضة أو ما في معناه.)

ج ـ أن تكون دالة على سعر :

اشتريت القمح كيلة بخمسين.

كيلة : حال منصوبة بالفتحة الظاهرة.

بخمسين : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة في محل نصب (والموصوف هو كلمة كيلة الواقعة حالا.)

(الحال : كيلة يمكن تأويلها بمشتق هو : مسعّرا.)

٢٤٩

د ـ أن تكون دالة على ترتيب :

دخلوا القاعة ثلاثة ثلاثة.

ثلاثة : حال منصوبة بالفتحة الظاهرة.

ثلاثة : معطوف بحرف محذوف هو الفاء أو ثم. ويمكن إعرابه توكيدا.

(الحال : ثلاثة يمكن تأويلها بمشتق هو : مترتبين.)

ه ـ أن تكون مصدرا صريحا.

جرى زيد خوفا.

(الحال : خوفا مصدر صريح يمكن تأويله بمشتق : خائفا.)

* وأما الحال الجامدة التي لا تؤول بمشتق فهي :

أ ـ أن تكون فرعا من صاحبها :

يلبس الذهب خاتما.

(الحال الجامدة : خاتما فرع من صاحبها : الذهب.)

ب ـ أن يكون صاحبها فرعا منها :

يلبس الخاتم ذهبا.

(الحال الجامدة : ذهبا نوع وصاحبها فرع منها.)

ج ـ أن تكون في أسلوب تفضيل وصاحبها مفضل على نفسه تبعا لأحواله :

الفاكهة تفاحا أحسن منها بلحا.

(الحال الجامدة : تفاحا وبلحا صاحبها هو : الفاكهة وهي مفضلة على نفسها تبعا لأنواعها.)

د ـ أن تكون عددا :

تم عدد الطلاب ثلاثين طالبا.

(الحال الجامدة : ثلاثين ... ويجوز تأويلها ـ على رأي ـ بمشتق : بالغين.)

٢٥٠

ه ـ أن تكون موصوفة بمشتق :

ارتفع البحر قدرا كبيرا.

(الحال الجامدة : قدرا ، موصوفة بمشتق : كبيرا.)

٥ ـ الأصل في الحال أن تكون نكرة كما في الأمثلة السابقة ، وقد وردت استعمالات للحال معرفة مثل :

ذهبت وحدي ، وذهب وحده ، وذهبوا وحدهم.

فكلمة (وحد) هي الحال ، وهي ملازمة للإضافة ، وتضاف إلى الضمير ، والمضاف إلى معرفة معرفة ، ويمكن تأويل الحال هنا بنكرة ، ويكون التقدير :

ذهبت منفردا ..

ملحوظة : في بعض البيئات العربية يشيع استخدام كلمة «وحد» مسبوقة باللام ؛ فيقولون : ذهبت لوحدي ، وذهب لوحده ، ذهبوا لوحدهم وكل ذلك خطأ ؛ لأن كلمة «وحد» لا تستخدم إلا على صورة واحدة ؛ فهي لا تكون إلا منصوبة غير مسبوقة باللام ، ولا تفيد إلا معنى الحال.

ومن ذلك أيضا قولك :

حاولت جهدي.

سعيت في الأمر طاقتي.

فكلمة (جهد) و (طاقة) حال ، وهما مضافتان إلى ضمير ، ويمكن تأويلها بنكرة : حاولت جاهدا ، وسعيت في الأمر مطيقا.

ومن ذلك :

ادخلوا الأول فالأول.

فكلمة (الأول) الأولى حال ، والثانية معطوفة ، وهما معرفتان بالألف واللام ، وتأويل الحال : ادخلوا مترتبين.

ومن ذلك :

جاءوا قضّهم بقضيضهم.

٢٥١

جاءوا الجمّاء الغفير.

فكلمة قضّهم حال. والجماء حال. والقضّ هو الكسر. فكان معنى الجملة الأولى : جاءوا كاسرهم مع مكسورهم ، أي جاءوا جميعا ، أما الجمّاء فمعناه الكثير ، وتأويلها أيضا : جاءوا جميعا.

ومن ذلك :

رجع زيد عوده على بدئه.

فكلمة (عود) حال ، وهي مضافة إلى الضمير ، وتأويلها : رجع عائدا على بدئه ، أي على الطريق نفسه ، أو على الفور.

٦ ـ الأصل في الحال أن تكون منتقلة ، بمعنى أنها لا تدل على هيئة ثابتة لصاحبها ، بل على هيئة معينة مدة معينة ، فأنت حين تقول

جاء زيد ضاحكا. فمعناه أن هيئته ضاحكة وقت المجئ فحسب هذا هو الأصل. وقد تأتي للدلالة على أمر ثابت لصاحبها ، وذلك في استعمالات أشهرها :

أ ـ أن تكون مؤكدة لمضمون الجملة قبلها ، بشرط أن تكون الجملة مكونة من اسمين معرفتين جامدتين. مثل :

زيد أبوك رحيما.

فكلمة (رحيما) حال من (أبوك) (١) وهذه الحال تؤكد مضمون الجملة قبلها ، لأن (زيد أبوك) تتضمن معني الرحمة.

ب ـ أن يكون عاملها دالا على خلق أو تجدد ، مثل :

خلق الله رقبة الزرافة طويلة.

فكلمة (طويلة) حال من (رقبة) وهي دالة على هيئة ثابتة لها.

ج ـ أن تكون هناك قرينة تدل على ثبات الحال ، مثل قوله تعالى

__________________

(١) بعضهم يؤول صاحب الحال ضميرا محذوفا ، ويكون التقدير زيد أبوك أعرفه رحيما

٢٥٢

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً).

فكلمة (مفصلا) حال من (الكتاب) وهي تدل على هيئة ثابتة له غير منتقلة إذ يستحيل أن يكون القرآن مفصلا وقت إنزاله فحسب.

٧ ـ الحال تكون كلمة واحدة ، أي ليست جملة ولا شبه جملة ، كما في الأمثلة السابقة. وتكون جملة أو شبه جملة يتعلق بحال محذوفة بشرط أن يكون صاحبها معرفة ؛ فشبه الجملة مثل :

الصيف على الجبال أجمل منه على الشاطئ.

على الجبال : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال في محل نصب. أي الصيف كائنا على الجبال أجمل منه على الشاطئ.

السفينة بين الأمواج كالريشة في مهب الريح.

بين الأمواج : ظرف مكان منصوب بالفتحة الظاهرة. والأمواج مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. وشبه الجملة متعلق بمحذوف حال في محل نصب.

وأما الجملة فتكون جملة اسمية أو فعلية :

رأيت زيدا وهو خارج.

الواو : واو الحال ، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

خارج : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال.

رأيت زيدا يخرج.

يخرج : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب حال.

وحين تكون الحال جملة فلابد من وجود رابط بها يربطها بصاحبها ، وهذا الرابط إما أن يكون «الواو» أو «ضميرا» عائدا على صاحبها كما في المثالين ، وعلى التفصيل الموجود في كتب النحو.

٢٥٣

٨ ـ تعلم أن الصفة إن تقدمت على موصوفها النكرة صارت حالا مثل :

لزيد مفيدا كتاب.

لزيد : اللام حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وزيد اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وشبه الجملة متعلق بمحذوف خبر مقدم في محل رفع.

مفيدا : حال من كتاب منصوب بالفتحة الظاهرة.

كتاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

ومثل :

لزيد في النحو كتاب.

لزيد : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم في محل رفع.

في النحو : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال مقدم في محل نصب.

كتاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

والأصل : لزيد كتاب مفيد.

لزيد كتاب في النحو.

فلما تقدمت الصفة على الموصوف ، وهو نكرة ، نصبت ، وصارت حالا.

٩ ـ هناك كلمات يكثر استعمالها حالا ، مثل : كافة ـ قاطبة ـ طرّا جميعا ـ معا.

* * *

تدريب : أعرب ما يأتي :

١ ـ (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً.)

٢ ـ (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ.)

٣ ـ (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً.)

٤ ـ (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.)

٢٥٤

٥ ـ (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً.)

٦ ـ (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً.)

٧ ـ (فَانْفِرُوا ثُباتٍ.)

٨ ـ (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ.)

٩ ـ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) أن لن (نَجْمَعَ عِظامَهُ؟ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ.)

١٠ ـ (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ.)

١١ ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً.)

١٢ ـ (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.)

١٣ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ. وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.)

١٤ ـ (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.)

* * *

٢٥٥

٥ ـ التمييز

التمييز : اسم نكرة ، فضلة ، يوضح كلمة مبهمة ، أو يفصل معنى مجملا وحكمه النصب وهو جامد على الأغلب.

فهو ـ على ذلك ـ نوعان :

١ ـ نوع يوضح كلمة مبهمة ، وهو ما يعرف بالتمييز الملفوظ ، ويسمى أيضا تمييز المفرد أو تمييز الذات ، لأنه يرفع الغموض الموجود في كلمة واحدة ويأتى في الاستعمالات الآتية :

أ ـ بعد الكيل :

اشتريت إردبا قمحا.

قمحا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(كلمة إردب كلمة غامضة لا نعرف المقصود منها إلا دلالتها على مقدار معين ، والتمييز هو الذي وضح المعنى المراد).

ب ـ بعد الوزن :

اشتريت أقة عنبا.

عنبا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

كلمة أقة كلمة غامضة ، والتمييز : عنبا ، هو الذي رفع الإبهام فيها).

ج ـ بعد المساحة :

اشتريت فدانا قصبا.

قصبا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

كلمة فدان غامضة ، والتمييز : قصبا ، هو الذى رفع إبهامها).

٢٥٦

(ولا يشترط أن تكون الكلمات الدالة على المقادير السابقة من المصطلحات المعروفة في عصرنا أو مما نقلته لنا الكتب القديمة ، بل كل كلمة تدل على كيل أو وزن أو مساحة).

د ـ بعد الأعداد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين :

رأيت خمسة عشر طالبا.

طالبا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(كلمة خمسة عشر غامضة ، والتمييز : طالبا ، هو الذى وضح المقصود منها).

(الأعداد الباقية يأتي بعدها اسم مفرد مجرور أو جمع مجرور كما هو معلوم ويعرب مضافا إليه ، ومن الخطأ إعرابه تمييزا لأن التمييز في الاصطلاح النحوي كلمة منصوبة.)

٢ ـ نوع يوضح الإبهام المتضمّن في جملة إذا كانت تدل على معنى مجمل ، وهذا النوع يسمى تمييز الجملة أو تمييز النسبة ، ونسميه أحيانا التمييز الملحوظ ، ويأتي في الاستعمالات الآتية :

أ ـ ازداد زيد علما.

علما : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(جملة ازداد زيد. تقدم لنا معني مبهما مجملا ، لا نعرف منه أي شئ ازداد زيد. والتمييز : علما ، هو الذى رفع الإبهام عن معنى الجملة ، أي وضح النسبة المقصودة من الزيادة المسندة إلى زيد).

وهذا النوع يقول عنه النحاة إنه تمييز محول عن فاعل ، لأن أصل الجملة فى التقدير هو : ازداد علم زيد.

ومن الأمثلة المستعملة في ذلك بكثرة : طابت المدينة هواء ، كرم زيد خلقا ، حسن عليّ أدبا ، تقدمت البلاد صناعة .. الخ.

ب ـ طورت الحكومة البلاد اقتصادا.

(هذه الجملة قبل التمييز تقدم لنا معنى مبهما مجملا لا نعرف منه

٢٥٧

المقصود من تطوير الحكومة للبلاد ، والتمييز : اقتصادا ، هو الذي رفع الإبهام عن معنى الجملة ، ووضح النسبة المقصودة من التطوير المسند إلى الحكومة).

وهذا النوع يقول عنه النحاة إنه محول عن المفعول به ، لأن أصل الجملة :

طورت الحكومة اقتصاد البلاد.

والتمييز المحول عن الفاعل أو المفعول هو الاستعمال الأغلب في التمييز الملحوظ.

ج ـ زيد أفضل من عليّ علما.

علما : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(يكثر استعمال التمييز بعد اسم التفضيل ، لأن اسم التفضيل الواقع خبرا لا يبين لنا في أي شئ زيد أفضل من عليّ ، والتمييز هو الذي يوضح لنا نسبة هذه الأفضلية. ويمكن تأويل هذا النوع بأنه محوّل عن الفاعل أيضا لأن المعنى : (فضل علم زيد على علم عليّ).

د ـ ما أكرم زيدا خلقا.

خلقا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

اكرم بزيد خلقا.

خلقا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(يكثر استعمال التمييز بعد التعجب سواء كان بصيغة «ما أفعل» أم «أفعل به» ، لأن التعجب قبل التمييز لا يبين لنا في أي شئ زيد كريم ، والتمييز : خلقا هو الذي وضح لنا نسبة الكرم عند زيد. وهذا النوع يمكن تأويله بأنه محول عن الفاعل أيضا ، لأن المعنى : كرم خلق زيد).

ه ـ لله درّ زيد عالما.

كفى بالله شهيدا.

حسبك بالله وكيلا.

٢٥٨

عالما ، شهيدا ، وكيلا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(التمييز هنا يوضح الإبهام الموجود في الجملة التي قبله أيضا ، ويكثر استعماله بعد الضمير مثل : لله دره عالما).

و ـ نعم زيد عالما.

نعم عالما زيد.

(يكثر استعمال تمييز النسبة في أسلوب المدح والذم ، وذلك لبيان جهة المدح أو الذم. والمثال الثاني قياسى لأنه يوضح الضمير الواقع فاعلا لفعل المدح أو الذم إذ إن أصل الجملة : نعم «هو» عالما زيد).

* امتلأت القاعة طلابا.

ازدحمت الشوارع ناسا.

طلابا ، ناسا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

(يكثر استعمال التمييز بعد فعل امتلأ وما أشبهه ، ولا يصح تأويله بالفاعل على ظاهر اللفظ ، وإن كان النحاة يقولون إن معناه هو الفاعل أيضا ، لأن المعنى. ملأ الطلاب القاعة ...)

* قد يكون التمييز مسبوقا بحروف جر (من) غير زائد ، وفي هذه الحالة يعرب اسما مجرورا ولا يعرب تمييزا ، وقد تزاد قبله (من) مثل :

قال الله عزّ من قائل.

قال : فعل ماض مبني على الفتح.

الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

عزّ : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

من : حرف جر زائد مبنى على السكون لا محل له من الإعراب.

قائل : تمييز منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

وتقدير الجملة : قال الله عزّ قائلا.

٢٥٩

(وهذا التمييز تمييز نسبة لأنه يوضح معنى الجملة الفعلية التي قبله).

* العامل الذي يعمل في النصب في تمييز المفرد هو الكلمة المبهمة التي يرفع إبهامها ، أما تمييز الجملة فالعامل فيه ما في معنى الجملة من فعل أو شبهه.

* * *

تدريب : أعرب ما يأتي :

١ ـ (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً).

٢ ـ (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).

٣ ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).

٤ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا).

٥ ـ (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً).

٦ ـ (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً).

٧ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً).

٨ ـ (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً).

٩ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ. أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ، بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً).

١٠ ـ (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى).

* * *

٢٦٠