التطبيق الصّرفى

الدكتور عبده الراجحي

التطبيق الصّرفى

المؤلف:

الدكتور عبده الراجحي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار المعرفة الجامعية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢١٧

من البقر : تمال فتحة القاف لأنها وقعت قبل راء مكسورة فى الطرف ، وليس مهما أن تكون القاف حرف استعلاء ، فحرف الاستعلاء لا يمنع الإمالة هنا كما يمنعها عند الألف كما ستعرف بعد قليل.

أشر : تمال فتحة الهمزة لأن بعدها راء مكسورة فى الطرف ، لكن الفتحة لم تقع مباشرة قبل الراء ، بل فصل بينها ، غير أن هذا الفاصل مقبول لأنه حرف مكسور وهو غير ياء.

من عمرو : تمال فتحة العين لأن بعدها راء مكسورة فى الطرف ، وإن كان قد فصل بينهما فاصل ، لكنه فاصل مقبول ؛ لأنه حرف ساكن غير ياء.

من الغير : لا تمال فتحة الغين رغم وقوعها قبل راء متطرفة مكسورة ، وذلك لأن الحرف المفتوح هو الياء.

من غيرك : لا تمال فتحة الغين رغم أن الذى يفصلها عن الراء المتطرفة المكسورة حرف ساكن ، وذلك لأن هذا الحرف هو الياء.

رمم : لا تمال فتحة الميم لأن الراء المكسورة وقعت قبل الفتحة وليس بعدها.

٣ ـ تمال الفتحة قبل هاء المؤنث بشرط أن نقف عليها ، مثل :

رحمه ، نعمه : تجوز إمالة فتحة الميم لأنها وقعت قبل الهاء الموقوف عليها.

ثانيا : إمالة الألف نحو الياء :

قلنا إن الألف صائت طويل ، وهى تمال نحو صائت طويل آخر هو الياء ، وذلك للأسباب الآتية :

١ ـ أن تكون الألف متطرفة ، وأن يكون أصلها ياء مثل :

١٨١

الهدى والفتى : تمال هذه الألف نحو الياء لأنها وقعت متطرفة ، وأصلها الياء. (الهدى مصدر من هدى يهدى ، والفتى جمعه فتية وفتيان.).

رمى وسقى : تمال الألف نحو الياء لوقوعها طرفا وأصلها الياء (رمى مضارعه يرمى ومصدره رمى وكذلك سقى).

فتاة : تمال الألف نحو الياء رغم أن بعدها تاء ، غير أن تاء التأنيث فى حكم المنفصلة ، ولذلك تعتبر الألف كأنها وقعت متطرفة ، وأصلها الياء. (فتاة جمعها فتيات.)

ناب : لا تمال الألف نحو الياء رغم أن أصلها الياء (ناب وأنياب) وذلك لعدم وقوعها فى الطرف.

٢ ـ أن تحل الياء محل الألف فى بعض تصاريف الكلمة مثل :

ملهى : هذه الألف ليس أصلها ياء (لها يلهو لهوا) ولكنها تمال نحو الياء ؛ لأن الياء تحل محلها فى بعض التصاريف كالمثنى والجمع : ملهيان وملهيات.

حبلى : هذه الألف ليس أصلها ياء لأنها ألف التأنيث المقصورة ، ولكنها تمال نحو الياء لأن الياء تحل محلها فى بعض التصاريف كالمثنى والجمع : حبليان وحبليات.

غزا : هذه الألف ليس أصلها ياء (غزا يغزو غزوا) ، ولكنها تمال نحو الياء ؛ لأن الياء تخلفها فى بعض التصاريف كما يحدث عند بنائه للمجهول : غزى.

٣ ـ أن تكون الألف عينا فى فعل أجوف سواء أكان أصلها الواو أو

١٨٢

الياء ، وبشرط أن يصير وزن هذا الفعل عند إسناده إلى تاء الضمير إلى : فلت ، بكسر الفاء ، مثل :

باع ، خاف : تمال الألف نحو الياء ؛ لأن الألف وقعت عينا لفعل أجوف ، وأصلها ياء فى الفعل الأول (باع يبيع بيعا) وواو فى الفعل الثانى (خاف يخاف خوفا) ، ثم إن الفعلين يصيران على وزن : فلت بكسر الفاء عند إسنادهما إلى تاء الضمير فنقول : بعت ـ بعت ـ بعت ، خفت ـ خفت ـ خفت.

قال ـ دار : لا تمال الألف نحو الياء ، صحيح أن الألف وقعت عينا لفعل أجوف ، لكن الفعل عند إسناده إلى تاء الضمير لا يصير على وزن :

فلت بكسر الفاء ، وإنما يصير على وزن فلت بضم الفاء ، فنقول :

قلت ـ قلت ـ قلت ، درت ـ درت ـ درت.

مات : هذه الألف تجوز فيها الإمالة وعدمها ، وذلك لأنها وردت بلهجتين : متّ بكسر الفاء ، ومتّ بضمها ، فمن كسر الفاء أجاز الإمالة ومن ضمها نطقها بالفتح دون الإمالة.

٤ ـ أن تقع الألف قبل ياء ، مثل :

ساير تحايل : تمال الألف نحو الياء لوقوع ياء بعدها مباشرة.

٥ ـ أن تقع الألف بعد ياء ، وذلك على النحو التالى :

(أ) أن تكون الياء متصلة بها ، مثل : بيان.

(ب) أن تكون مفصولة عنها بحرف واحد ، مثل : شيبان وحيوان ؛ فالياء هنا انفصلت عن الألف بحرف واحد ، ولكن الإمالة فى (شيبان) أقوى منها فى (حيوان) لأن الياء فى الأولى ساكنة.

١٨٣

حـ ـ أن تكون مفصولة عنها بحرفين ، بشرط أن يكون أحدهما هاء ، مثل : بيتها ؛ فالألف تجوز إمالتها لأنها مفصولة عن الياء بحرفين وأحد الحرفين هو الهاء ، وقد اشترطوا ذلك لأنهم يعتبرون الهاء صوتا خفيا أى أنها فاصل ضعيف.

٦ ـ أن تقع الألف قبل كسرة ، مثل : سالم ، كامل.

٧ ـ أن تقع الألف بعد كسرة ، ومن الواضح أن الكسرة يستحيل أن تكون قبل الألف مباشرة لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا ، ولذلك فإن الألف التى تمال بعد الكسرة تكون على النحو التالى :

(أ) أن تكون منفصلة عنها بحرف واحد مثل : كتاب ـ سلاح ـ تلال.

(ب) أن تكون منفصلة عنها بحرفين بشرط أن يكون أولهما ساكنا مثل : ملحاح ـ مزلاج.

(ج) أن تكون منفصلة عنها بحرفين أحدهما هاء ، مثل : يريد أن يؤدّبها ، وذلك لما ذكرناه من أن الهاء فاصل ضعيف.

(د) أن تكون منفصلة بثلاثة أحرف بشرط أن يكون الأول ساكنا وأحد الحرفين الآخرين هو الهاء مثل : درهماك ، فأنت ترى أن كسرة الدال يفصلها عن الألف ثلاثة أحرف ، لكن أولها وهو الراء حرف ساكن ، والحرف الثانى هو الهاء.

٨ ـ إرادة التناسب ، أى أن الألف قد تكون فى كلمة لا تستحق الإمالة لكن لوقوعها بقرب ألف أخرى ممالة ، فإنه يحسن إمالتها لإحداث الاتساق والانسجام بين الأصوات. مثل :

١٨٤

قرأت كتابا. فأنت إذا وقفت على كلمة (كتابا) فإنك تقف عليها بالألف وليس بالتنوين ، وهذه الألف لا تجوز إمالتها لأنها لا يتوافر فيها شرط من الشروط السابقة ، غير أن الألف التى قبلها تمال لأن قبلها كسرة مفصولة بحرف واحد ، فتمال الألف الثانية لإمالة الألف الأولى إرادة للتناسب.

ونحو قوله تعالى : (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ، ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى). فكلمة (الضحى) منتهية بألف ، لكن هذه الألف لا تجوز إمالتها لأن أصلها واو إذ أصلها (الضحوة) ، غير أن كلمتى (سجى) و (قلى) فى آخر الآيتين التاليتين تمال الألف فيهما لأن أصلها ياء ، وعليه تجوز إمالة ألف (الضحى) لإرادة التناسب.

هذه هى الأسباب التى ذكرها الصرفيون لجواز إمالة الألف نحو الياء ، غير أنهم لاحظوا أنه مع توافر هذه الأسباب التى تدعو إلى الإمالة قد توجد حروف أخرى تمنع هذه الأسباب من العمل ، أى تمنع الإمالة ، وهى التى يسمونها :

موانع الإمالة :

تمنع الإمالة لسببين :

أ ـ حرف الراء.

ب ـ حروف الاستعلاء.

أ ـ حرف الراء : يمنع الإمالة بشرطين :

١ ـ أن يكون غير مكسور.

٢ ـ أن يكون متصلا بالألف سواء أكان قبلها أم بعدها.

١٨٥

٣ ـ ألا يكون ساكنا بعد كسرة.

راشد : المفروض أن هذه الألف تجوز إمالتها لوقوعها قبل كسرة ، إلّا أن الراء المفتوحة وقعت قبلها مباشرة ، ولذلك فهى تمنع الإمالة.

هذا جدار : المفروض أن الألف تجوز إمالتها لوقوع الكسرة قبلها غير أن الراء المضمومة وقعت بعدها مباشرة ، فمنعت الإمالة.

اشتريت ستارة : هذه الألف تجوز إمالتها لوقوع الكسرة قبلها ، غير أن الراء المفتوحة وقعت بعدها مباشرة ، فمنعت الإمالة.

إرشاد : هذه الألف تجوز إمالتها ، ولا تمنع الراء غير المكسورة الإمالة لأن الراء ساكنة بعد كسرة.

رجال : هذه الراء لا تمنع إمالة الألف لأنها مكسورة.

ب ـ حروف الاستعلاء : وهى عندهم سبعة أحرف :

الخاء ، والغين ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والقاف

وهذه الحروف تمنع الإمالة بشروط :

١ ـ أن تكون متقدمة على الألف متصلة بها ، مثل :

طالب ، خالد ، صابر : فهذه الألف تجوز إمالتها لأن بعدها كسرة ، غير أن قبلها حرفا من حروف الاستعلاء متصلا بها ، ومن ثم تمتنع الإمالة.

٢ ـ أن تكون متقدمة على الألف منفصلة عنها بحرف واحد ، مثل :

صحائف ، غنائم : المفروض جواز إمالة الألف لوقوعها قبل كسرة ، غير أن الإمالة ممتنعة هنا لتقدم حرف من حروف الاستعلاء مفصول عن الألف بحرف واحد.

١٨٦

٣ ـ ألا يكون حرف الاستعلاء المتقدم مكسورا ، مثل :

صيام ، قيام : هذه الألف تمال ، ولا يمنع الإمالة وجود حرف استعلاء متقدم عليها ، لكونه مكسورا.

٤ ـ ألا يكون حرف الاستعلاء ساكنا بعد كسرة مثل :

مصباح ، مقدام : هذه الألف تمال ، ولا يمنع الإمالة وجود حرف الاستعلاء متقدم عليها لكونه ساكنا بعد كسرة.

٥ ـ إذا كان حرف الاستعلاء مؤخرا عن الألف فإنه يمنع الإمالة إن كان متصلا بها ، مثل :

ساطع ، حاضر : هذه الألف تجوز إمالتها لوقوعها قبل كسرة ، غير أن وجود حرف الاستعلاء بعدها مباشرة يمنع الإمالة.

٦ ـ أن يكون حرف الاستعلاء المؤخر مفصولا بحرف واحد أو حرفين ، مثل :

ناسخ ، باسط : هذه الألف لا تمال لوقوع حرف من حروف الاستعلاء بعدها مفصولا بحرف واحد.

مواثيق ، نواعير : هذه الألف لا تمال لوقوع حرف من حروف الاستعلاء بعدها مفصولا بحرفين.

ولكن ما السبب فى أن الراء وحروف الاستعلاء تمنع الإمالة؟

قلنا إن الإمالة تهدف إلى التناسق والانسجام بين الأصوات حتى لا ينتقل اللسان من فتح إلى كسر مرة واحدة. أما الراء فهى حرف مكرر يستغرق فترة زمنية أطول ، وأما حروف الاستعلاء فهى تستعلى إلى الحنك ، ولذلك لم تمل الألف معها طلبا للتجانس ، بمعنى أن حرف الصاد

١٨٧

مثلا يناسبه الفتح لأنه يرتفع إلى الحنك فإذا أملنا الألف معه أدى إلى استثقال فى النطق ، والمقصود من الإمالة التخفيف.

مانع الموانع :

عرفت الآن أن الألف تمال لأسباب معينة ، وأن هناك موانع تمنع هذه الأسباب من إمالة الألف ، غير أن هناك ما يسميه الصرفيون بمانع الموانع ، أى أن الألف تمال مع وجود موانع الإمالة ، لأن هناك مانعا آخر كف هذه الموانع ، ومانع الموانع نوعان :

١ ـ أن يكون سبب الإمالة فى الألف نفسها ، وذلك مثل :

طاب ، زاغ : هذه الألف تجوز إمالتها لأن أصلها ياء ، ولكن قبل الأولى وبعد الثانية حرف استعلاء ، أى أن هذه الإمالة كان من المفروض أن تكون ممنوعة بسبب حرف الاستعلاء غير أن هذا المانع لا يعمل هنا لأن سبب الإمالة موجود فى الألف ذاتها باعتبار أن أصلها ياء.

خاف : هذه الألف تجوز إمالتها لوجود كسرة مقدرة ، إذ أن أصل الألف واو مكسورة (خاف أصلها خوف) ، ومع وجود حرف استعلاء قبل الألف ، فإنها تمال لأن السبب موجود فيها نفسها.

٢ ـ وجود راء مكسورة مجاورة ، مثل :

على أبصارهم : يوجد هنا حرف استعلاء (هو الصاد) قبل الألف ، أى أنه كان ينبغى أن يمنعه من الإمالة ، أى أن وجود راء مكسورة بعد الألف تمنع الصاد من العمل ، فتمال الألف.

إن كتاب الأبرار : الألف فى (الأبرار) كان ينبغى أن تمنع من الإمالة لوجود راء مفتوحة قبلها ، لكن وجود راء مكسورة بعدها منعت الراء المفتوحة من العمل ، ولذلك تمال الألف.

١٨٨

ملاحظات :

١ ـ الإمالة ظاهرة خاصة بالنطق فقط ، والكتابة العربية ليس فيها رسم يمثل الإمالة.

٢ ـ ركز القدماء على إمالة الفتحة نحو الكسرة والألف نحو الياء ، وذكر بعضهم إمالة أخرى وهى إمالة الفتحة نحو الضمة والألف نحو الواو ، وهذه الإمالة تلحظ فى اللهجة المصرية العامية مثل : فوق ، نوع ، وشوط. وقد ذكر ابن جنى مثل هذا النوع من الإمالة فى قوله «وأما ألف الإمالة فهى التى تجدها بين الألف والياء نحو قولك فى عالم وخاتم عالم ، خاتم. وأما ألف التفخيم فهى التى تجدها بين الألف وبين الواو نحو قولهم : سلام عليه وقام زيد .... وعلى هذا كتبوا الصلوة والزكوة والحيوة بالواو ، لأن الألف مالت نحو الواو».

* * *

تدريب :

أذكر حكم الإمالة فيما يلى :

مواثيق ـ نافخ ـ نواة ـ سكرى ـ

كال ـ منقار ـ منشار ـ قاسم ـ

هاب ـ آب ـ هاب ـ ناب.

١٨٩

الوقف

من المؤكد أننا لا نستطيع أن نتحدث أو أن نقرأ بوصل كل الكلمات بعضها ببعض ، لأن طاقة التنفس أولا لا تسمح لنا بذلك ، ولأننا ـ فى الأغلب ـ نراعى المعانى فنقف على الكلمة التى نعرف أنها أتمت معنى معينا أو التى نريد أن نلفت إليها انتباها أشد.

الوقف إذن قانون أساسى من قوانين اللغات ، وأنت تعلم أن اللغة العربية لا تبدأ بساكن ، أى أن طبيعتها تفرض أن يكون الحرف الأول متحركا ، فهل نقف على الكلمات بنفس الطريقة التى نقرأها بها إذا كان الكلام متصلا؟

إن هناك قواعد معينة للوقف فى العربية نعرضها على النحو التالى :

١ ـ غير المنون :

إذا كانت الكلمة غير منونة ، كأن تكون اسما معرفا بالألف واللام ، أو اسما ممنوعا من الصرف ، أو فعلا ، فإننا نقف على آخره بالسكون ، مثل :

جاء الرجل. رأيت الرجل. مررت بالرجل. جاءت زينب. رأيت زينب. مررت بزينب. الطالب يكتب. لن يكتب. الطالب كتب.

٢ ـ الاسم المنون :

أ ـ إذا كان الاسم المنون منصوبا أبدلنا تنوينه ألفا ، مثل :

رأيت زيدا. قابلت رجلا.

١٩٠

ب ـ إذا كان مرفوعا أو مجرورا حذفنا التنوين ووقفنا على الحرف الأخير بالسكون ، مثل :

جاء زيد. مررت بزيد.

جاء رجل. مررت برجل.

٣ ـ الاسم المقصور :

نقف عليه بالألف دائما ، سواء أكان منونا أم غير منون ، مثل :

جاء فتى. رأيت فتى. مررت بفتى.

جاء الفتى. رأيت الفتى. مررت بالفتى.

٤ ـ الاسم المنقوص :

إذا كان منونا نظرنا :

أ ـ إن كان منصوبا أثبتنا ياءه ، وأبدلنا التنوين ألفا ، مثل :

رأيت قاضيا.

ب ـ وإن كان مرفوعا أو مجرورا حذفنا الياء ، مثل :

جاء قاض. مررت بقاض.

* هناك لهجة عربية قديمة فصيحة كانت تجيز إثبات الياء فى حالتى الرفع والجر ، فنقول :

جاء قاضى. مررت بقاضى.

وعليها وردت قراءة ابن كثير :

(ولكل قوم هادى) ، (وما لهم من دونه من والى). لكن حذف الياء هى اللغة الغالبة.

١٩١

فإن كان المنقوص معرفا بالألف واللام ، أى غير منون ، ثبتت ياؤه فى كل الأحوال ، فتقول :

جاء القاضى. / رأيت القاضى. / مررت بالقاضى.

غير أنه يجوز حذف الياء أيضا ، كما فى الآية الكريمة :

(وهو الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ).

٥ ـ هاء الضمير :

أ ـ إن كان الضمير عائدا على مفرد مذكر وقفنا على الهاء بالسكون ، مثل :

رأيته. / مررت به. / الكتاب له.

ب ـ وإن كان الضمير عائدا على مفرد مؤنث وقفنا على الضمير بالألف ، مثل :

رأيتها. مررت بها. الكتاب لها.

٦ ـ تاء التأنيث :

تاء التأنيث إما أن تكون فى آخر اسم أو فعل ، وتأتى أيضا ـ كما يقولون ـ مع بعض الحروف ، وأحكام الوقف عليها تسير على النحو التالى :

أ ـ إذا كانت تاء التأنيث فى اسم فإننا نقف عليها مع إبدالها هاء ، مثل :

جاءت طالبة. / رأيت طالبة. / مررت بطالبة.

١٩٢

ب ـ ورد فى اللغة جواز الوقف عليها بالتاء على أن يكون قبلها حركة أو ساكن معتل ، مثل :

شجرت. / ثمرت. / صلات. / حيات.

ح ـ إذا كانت التاء فى آخر اسم وقبلها حرف صحيح ساكن وقفنا عليها بالتاء ، مثل :

أخت. بنت.

د ـ جمع المؤنث السالم نقف عليه بالتاء ، مثل :

جاءت الطالبات. / رأيت الطالبات. / مررت بالطالبات.

وقد ورد فى اللغة جواز الوقف عليها بالهاء ، ومنه قولهم :

«دفن البناه من المكرماه» أى : دفن البنات من المكرمات.

ه ـ إذا كانت تاء التأنيث فى آخر فعل وقفنا عليها بالتاء ، مثل :

الطالبة جاءت.

٧ ـ هاء السكت :

نسمع عن حرف اسمه هاء السكت ، وهو حرف يأتى عند الوقف فى حالات معينة ، هى :

أ ـ الفعل المعتل المحذوف اللام ، أى فى حالتى الجزم أو البناء ، مثل :

لم يسع. لم يدع. لم يرم.

اسع. ادع. ارم.

يجوز أن نضيف هاء السكت فى ذلك كله ، فنقول :

١٩٣

لم يسعه. لم يدعه. لم يرمه.

اسعه. ادعه. ارمه.

* فإذا بقى الفعل على حرف واحد وجبت هذه الهاء ، مثل :

ق (الأمر من وقى) ، نقول : قه.

وهكذا : عه ، فه (فى الأمر من وعى ووفى).

ب ـ ما الاستفهامية المجرورة ، ذلك لأنك تعرف أن ألفها تحذف وجوبا ، فنقول :

بم. لم. عمّ.

وعند الوقف نلحقها هاء السكت فنقول :

بمه. لمه. عمّه.

حـ ـ ياء المتكلم وهو وهى عند من فتحها جميعا ، مثل :

كتابيه. هوه. هيه.

* * *

١٩٤

الإدغام

الإدغام ضرب من التأثير الذى يقع فى الأصوات المتجاورة ، وهو لا يكون إلا فى نوعين من الأصوات :

أ ـ أن يكون الصوتان مثلين كإدغام الكاف فى مثل :

سككر = سكّر.

٢ ـ أن يكون الصوتان متقاربين كإدغام اللام فى الراء من :

قل ربّ (أى أنك تنطقها هكذا : قربّ).

والصرفيون يهتمون بالنوع الأول وهو إدغام المثلين ، وهناك تفصيل شامل للنوع الثانى لدى علماء القراءات.

ومعنى الإدغام أنك تنطق بحرفين من مخرج واحد دفعة واحدة بحيث يصيران حرفا مشددا ، أى أن الإدغام هدفه التخفيف ؛ وقد التفت القدماء إلى ذلك ؛ قال ابن جنى «والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت ألا ترى أنك فى (قطّع) ونحوه قد أخفيت الساكن الأول فى الثانى حتى نبا اللسان عنهما نبوة واحدة ، وزالت الوقفة التى كانت تكون فى الأول لو أدغمته فى الآخر ، ألا ترى أنك لو تكلفت ترك إدغام الطاء الأولى لتجشمت لها وقفة عليها تمتاز من شدة ممازجتها للثانية بها ، كقولك : قططع وسككر ، وهذا إنما تحكمه المشافهة به ، فإن أنت أزلت تلك الوقيفة والفترة على الأولى خلطه بالثانى فكان قربه منه وإدغامه فيه أشد لجذبه إليه وإلحاقه به». ـ (الخصائص ٢ / ١٤٠).

١٩٥

وللإدغام ثلاثة أقسام :

أ ـ واجب.

ب ـ جائز.

ح ـ ممتنع.

وذلك كله يتوقف على شكل الحرفين المثلين ، ذلك أنهما لا يخرجان على ثلاث صور :

١ ـ أن يكون الأول متحركا والثانى ساكنا.

٢ ـ أن يكون الأول ساكنا والثانى متحركا.

٣ ـ أن يكون الاثنان متحركين.

والآن ، نعرض لأحكام الإدغام فى كل صورة من هذه الصور.

أولا : إذا تحرك الأول وسكن الثانى :

هذه الصورة يمتنع فيها الإدغام سواء أكان الحرفان فى كلمة واحدة أم فى كلمتين ، مثل :

مررت : يمتنع إدغام الراءين لتحرك الأولى وسكون الثانية.

يسأل المدرس : يمتنع إدغام اللام (من يسأل) فى اللام (من المدرس) لتحرك الأولى وسكون الثانية.

ثانيا : إذا سكن الأول وتحرك الثانى :

هذه الصورة يجب فيها الإدغام سواء كان الحرفان فى كلمة واحدة أم فى كلمتين ، مثل :

كببر = كبّر ، سللم = سلّم

١٩٦

لم يخرج جمال. (تدغم جيم يخرج فى جيم جمال).

لم يكتب بالقلم. (تدغم باء يكتب فى باء الجر).

* إذا كان المثلان فى كلمتين ، وكان الأول الساكن حرف مدّ واقعا فى آخر الكلمة الأولى امتنع الإدغام ، مثل :

يسمو وائل : الواو الأولى حرف ساكن لأنه حرف مد وقد وقع فى آخر الكلمة الأولى ، ولذلك يمتنع إدغامها فى واو وائل.

يأتى ياسر : يمتنع إدغام ياء يأتى فى ياء ياسر لأن الأولى حرف مد فى آخر الكلمة الأولى.

ثالثا : إذا تحرك الحرفان :

هذه الصورة يتردد فيها الإدغام بين الوجوب والجواز وفقا لشروط نعرضها على النحو التالى.

١ ـ أن يكون الحرفان فى كلمة واحدة ، وهنا يجب الإدغام ، مثل :

شدد = شدّ.

ملل = ملّ.

حبب = حبّ.

* فإن كانا فى كلمتين جاز الإدغام ، مثل ؛

جعل لك : اللام الأولى والثانية متحركتان ، لكن لما وقعتا فى كلمتين صار إدغامهما جائزا لا واجبا.

* فإن كانا فى كلمتين ، وكان الحرف الذى قبلهما ساكنا غير لين امتنع الإدغام مثل ، :

١٩٧

شهر رمضان : الراء الأولى والثانية متحركتان ، وقد وقعتا فى كلمتين ، والحرف الذى قبلهما هو الهاء وهو حرف ساكن غير لين ، ولذلك يمتنع الإدغام.

٢ ـ ألا يكون الحرف الأول فى صدر الكلمة ، مثل :

ددن : يمتنع إدغام الدال الأولى فى اللام لوقوع الأولى فى صدر الكلمة. (الددن : اللعب).

* إذا كان الحرف الأول تاء زائدة فى فعل ماض مبدوء بتاء جاز إدغامهما رغم وقوع الأولى فى صدر الكلمة ، مثل :

تتلمذ تتابع : هذان الفعلان أولهما تاء زائدة ، وبعدها تاء أصلية هى فاء الفعل (وزن الأول تفعلل ، والثانى تفاعل) ، والفعلان ماضيان لذلك يجوز إدغام التاء الأولى فى الثانية ، أى الحرف الأول من الفعل يصير مشددا ، والحرف المشدد أوله ساكن ، والعربية لا تبدأ بساكن ، وإذن لا بد من اجتلاب ألف وصل ، فنقول :

اتلّمذ ، اتّابع.

٣ ـ ألا يكون الحرف مدغما فيه حرف سابق عليه ، مثل :

قرّر : هذا الفعل فيه ثلاث راءات ، الأولى ساكنة والثانية متحركة ، أدغمت الأولى فى الثانية وجوبا ، وراء ثالثة ، أى أن عندنا راءين متحركتين ، وفى هذه الصورة يمتنع الإدغام ، لأن الأولى دخلت فى إدغام ، ومن المستحيل إدغام ، الراءات الثلاث.

٤ ـ ألا يكون الحرفان فى وزن ملحق بغيره ، مثل :

جلبب ـ اقعنسس : الفعل الأول فيه باءان متحركتان ولكنه ملحق

١٩٨

بوزن دحرج ، والفعل الثانى فيه سينان متحركان ، وهو ملحق بوزن احرنجم. وفى هذه الصورة يمتنع الإدغام ، لأنا لو أدغمنا الحرفين ضاع الوزن الذى ألحقنا كلا منهما به.

٥ ـ ألا يكون الحرفان فى اسم على وزن (فعل) ، مثل :

مدد ، ملل : هذان الحرفان يمتنع فيهما الإدغام لوقوعهما فى اسم على وزن (فعل) بفتح الفاء والعين.

٦ ـ ألا يكون الحرفان فى اسم على وزن (فعل) ، مثل :

مرر ، ذلل : يمتنع الإدغام لوقوع المثلين المتحركين فى اسم على (فعل) بضم الفاء والعين.

٧ ـ ألا يكون الحرفان فى اسم على وزن (فعل) ، مثل :

لمم ، كلل : يمتنع الإدغام لوقوعهما فى اسم على وزن (فعل) بكسر الفاء وفتح العين.

٨ ـ ألا يكون الحرفان فى اسم على وزن (فعل) ، مثل :

درر ، جدد : يمتنع الإدغام لوقوعهما فى اسم على وزن (فعل) بضم الفاء وفتح العين.

٩ ـ ألا تكون حركة الحرف الثانى حركة عارضة ، مثل :

اكفف الشّر : فعل الأمر (اكفف) فى آخره فاءان ، والواجب أن تكون الفاء الثانية ساكنة لأن الفعل مبنى على السكون ، لكن هذه الفاء تحركت تخلصا من التقاء الساكنين إذ أن الكلمة التى بعدها (الشر) تبدأ بساكن ، وإذن عندنا فاءان متحركتان ، لكن حركة الفاء الثانية ليست حركة

١٩٩

أصلية وإنما هى حركة عارضة ، وعليه فإن الإدغام ليس واجبا وإنما هو جائز ، فنقول :

اكفف الشّر أو كفّ الشّر.

١٠ ـ ألا يكون الحرفان ياءين بشرط أن يكون تحريك ثانيهما لازما ، مثل :

لن يحيى ، ورأيت محييا : الفعل (يحيى) فيه ياءان والثانية لازمة التحريك لأنه منصوب بلن ، والاسم (محييا) فى آخره ياءان ، والثانية لازمة التحريك لأنه منصوب بكونه مفعولا به ، وفى هذه الصورة يمتنع الإدغام.

* أما إذا كان الفعل ماضيا فإنه يجوز الإدغام ، مثل :

حيى ، عيى : يجوز فيه الفك كما يجوز الإدغام ، فتقول : حىّ ـ عىّ :

١١ ـ ألا يكون الحرفان تاءين فى (افتعل) ، مثل :

اقتتل ، استتر : هذان الفعلان فيهما تاءان ، إحداهما تاء أصلية فى الفعل والثانية تاء الافتعال ، وفى هذه الصورة لا يكون الإدغام واجبا وإنما هو جائز ، بل إن الإدغام فيه قليل ، وعند الإدغام نقول :

قتّل ، ستر : ومع الإدغام قد يختلط وزن (افتعل) بما هو على وزن (فعّل) ، ولكن اللغويين يفرقون بينهما فى المضارع فيقولون إن مضارع (افتعل) الذى حدث فيه إدغام يكون : يقتّل ، يستّر ، بفتح حرف المضارعة ، أما مضارع (فعّل) فيكون :

يقتّل ، يستّر ، بضم حرف المضارعة.

٢٠٠