تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الدال

[أبواب الدال والتاء]

د ت ظ ـ د ت ذ ـ د ت ث ـ د ت ر : مهملات الوجوه.

د ر ط ـ د ب د ـ د ت ث ـ د ق ر مهملات.

د ت ل

استعمل منه : [تلد ، لتد].

تلد : قال الليث : التِّلادُ كل مال قديم يرثه الرجلُ عن آبائه وهو التّالِدُ والتَّليدُ والمُتلدُ.

ثعلب عن ابن الأعرابي : تلّد الرجلُ ، إذا جمع ومنع.

وقال غيره : جاريةٌ تليدة إذا وَرِثها الرجلُ ، فإذا وُلدتْ عنده فهي وليدةٌ.

الأصمعيّ : تَلد بالمكان تُلودا : أي أقام به ، رواه أبو عبيد عنه ؛ وأتلد ، أي اتَّخَذَ المال.

وقال أبو زيد : تَلَد المالُ يتلِد ويتلُد وأتْلدْتُه أنا.

ورُوي عن شُريح أن رجلا اشترى جارية وشرط أنها مُولَّدة فوجدها تليدةً فردها شُريح.

قال القتيبي : التليدةُ هي التي وُلدْت ببلاد العجم ، وحملت فنشأت ببلاد العرب.

والمولدةُ التي وُلدت في بلاد الإسلام ، قال : وذكر الزيادي عن الأصمعي أنه قال : التليدُ ما وُلد عند غيرك ؛ ثم اشتريتَه صغيرا فَشَبَّ عندك ، والتِّلاد ما ولدتَ أنتَ.

قلت : وسمعتُ رجلا من أهل مكة يقول : تلادي بمكة : أي ميلادي.

وقال ابن شميل : التليدُ الذي وُلد عندك وهو المولد ؛ والأُنثى المولّدةُ ؛ قال : والموَلَّد والمولَّدةُ والتليد واحد عندنا ؛ رواه أبو داود المصاحفي عنه.

لتد : قال (١) : (أبو مالك : لَتَدَه بيده مثل وكزه) فهو لاتد ، (والأتلادُ بطونٌ من بني عبد القيس) (٢).

__________________

(١) أثبت في المطبوعة بعد (باب الدال والتاء والنون ...) ، وما بين الهلالين كرر ضمن مادة (تلد) بعد قوله : فهي وليدة.

(٢) أثبت في المطبوعة ضمن مادة (تلد) ـ بعد قوله : «فهي وليدة» ـ ، ووضعناه هنا لا ستكمال المادة.

٦١

د ت ن ـ د ت ف ـ د ت ن : أهملت وجوهها.

د ت م

[متد] : قال ابن دريد : متد بالمكان يمتُدُ فهو ماتدٌ إذا أقام به.

قلت : ولا أحفظه لغيره.

[أبواب الدال والظاء د ظ](١)

أهملت الدال مع الظاء غير [دلظ] : حرف واحد وهو دَلظ يُقال : دَلَظَه يدلِظُه ويدْلُظُه دلظا إذا وَكزه ولَهَزَهُ ، ورَجلٌ مِدْلَظٌ أي مِدْفعٌ.

[أبواب الدال والذال د ذ]

أهملا في الثلاثي الصحيح إلى آخر الحروف انتهى.

(أبواب) الدال والثاء

في الثلاثي الصحيح

[د ث ر]

دثر ، ثرد ، رثد : مستعملة.

دثر : رُوي عن النبي صَلَى الله عليهِ وسلّم أنه قال : «ذهب أهل الدُّثور بالأجور».

قال أبو عبيد : واحد الدُّثُور دَثْر ؛ وهو المالُ الكثير ، يُقال : هم أهل دثر ودُثور.

وقال الليث : يقال : هم أهل دثر ؛ ومال دثر ، ومال دَبْر أيضا بمعناه.

ورُوِيَ عن الحسن أنه قال : حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور.

قال أبو عبيد : قوله سريعةُ الدُّثُور ، يعني دُروسَ ذِكرِ الله ، يُقال للمنزل إذا عفا ودرس : قد دَثَر دُثورا.

قال ذو الرّمة :

* أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسومِ الدواثِرِ*

وقال شمر : دُثُور القُلوب امِّحاءُ الذِّكْر منها ودُروسُها قال : ودُثُورُ النفوس سُرعةُ نسْيانها ، ودَثَر الرجلُ إذا عَلَتْه كَبْرةٌ واسْتِسْنانٌ.

وقال ابن شميل : الدثَرُ الوَسَخُ ، وقد دَثر دثورا إذا اتَّسَخَ ، ودَثر السَّيفُ إذا صَدِىءَ.

وقال أبو زيد : سيفٌ دَاثِرٌ وهو البعيدُ العهد بالصقال.

قلت : وهذا هو الصواب ، يدل عليه قوله : حادثوا هذه القلوب أي اجلوها واغْسلوا عنها الرَّيْن والطَّبَع بذكر الله كما يُحادَثُ السيفُ إذا صُقِل وجُلِيَ ومنه قول لَبيد :

* كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ*

__________________

(١) في المطبوعة : «د ت ظ ـ د ت ذ : مهملات».

٦٢

أي جُلِيَ وصُقِلَ ، والدِّثار الثوبُ الذي يُستَدْفَأ به من فوق الشِّعار ، يقال : تَدَثَّرَ فلان بالدِّثار تَدَثُّرا وادِّثارا فهو مُدَّثِّرٌ والأصل مُتَدَثِّر فأدْغِمَتْ التاءُ في الدال وشُدِّدتْ.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)) [المدثر : ١] يَعْني المُتَدَثِّر بثيابه إذا نام.

عمرو عن أبيه قال : المُتَدَثِّر من الرجال : المأْبُونُ ، قال : وهو المُتدَأَّم ، والمُتَدَهَّمْ والمِثْفَر والمِثْفارُ.

ثرد : قال الليث : الثَّرِيدُ : معروفٌ ، قلت : أصل الثَّرْد الهَشْم ، ومنه قيل لما يُهْشَمُ مِن الخُبْزِ ويُبَلُّ بماء القِدْر وغيره : ثريدٌ.

وسئل ابن عباس عن الذبيحة بالعُود فقال : كُلّ ما أَفْرَى الأَوْداجَ غير مُثرِّد.

قال أبو عبيد : قال أبو زياد الكلابي : المُثرِّدُ الذي يَقْتلُ بغير ذَكاةٍ يقال : تَثَرَّدتَ ذَبيحتكَ.

وقال غيره : التَّثريدُ أن تَذبحَ الذبيحَة بشيءٍ لا يُنْهِرُ الدّمَ ولا يُسيله ، فهذا المُثَرِّدُ ، وما أفرى الأوداجَ من حديدٍ أو لِيطَةٍ أو ظُرَرٍ أو عُودٍ له حَدٌّ ، فهو ذَكِيٌ غيرُ مُثَرَّدٍ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ثَرِد الرجلُ حُمِل من المعركة مُرْتثّا.

وقال ابن شميل : ثوب مَثْرودٌ أي مَغْموس في الصَّبْغ ، ويقال : أكلنا ثَرِيدة دَسِمَة بالهاء على معنى الاسم أو القطعة من الثريد.

رثد : أهمله الليث ، وقال ابن السكيت : الرَّثْدُ مَصدرُ رَثَدْتُ المتاعَ إذا نَضَدْتَ بعضَه فوق بعض ، وهو طعام مَرْثُودٌ ورَثيدٌ ، ويُقال : تركتُ فلانا مُرْتثِدا ما تَحمَّل بعد : أي نَاضِدا مَتَاعَه ومنه اشتُق مَرْثَدٌ ، وقال ثعلبةُ بنُ صُعَيْرٍ :

فَتَذَكَّرا ثَقَلا رثيدا بَعْدَ ما

أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمينَها في كَافِرِ

قال : والرَّثَدُ متاعُ البيت المنضُود بَعْضُه فوق بعض.

وقال غيره : الرِّثْدَةُ واللِّثْدَةُ الجماعةُ من الناس الكثيرة ، وهم المقيمون وسائرهم يَظْعَنُون.

د ث ل

دلث ، لثد : [مستعملة].

[دلث] : قال الليث : الدِّلاثُ من الإبل السريعُ ، قال كُثيِّر :

دِلاثُ العَتِيقِ ما وَضَعت زِمامَه

مُنِيفٌ بِهِ الهادي إذا احتَثَ ذَامِلُ

أبو عبيد عن الأصمعيّ في الدِّلاثِ مثله ، قال : وقال الفراء : الانْدِلاثُ : التقدم.

وقال الأصمعيّ : انْدَلَثَ فلان انْدلاثا إذا رَكِب رأسه فلم يُنَهْنِهْه شيءٌ في قتال : ويقال : هو يَدْلِف ويَدْلِث دليفا دَلِيثا إذا قارب خَطْوَه مُتَقَدِّما.

٦٣

لثد : يقال : لَثَدْت القَصْعَةَ بالثَّريد مثل رَثَدْتُ إذا جمعتَ بعضه على بَعْضٍ وسوَّيتَه ، فهو لَثِيدٌ ورَثِيدٌ ، واللِّثدةُ والرِّثدةُ الجماعةُ يُقِيمون ولا يَظْعَنون.

د ث ن

ثدن ، ثند ، دثن : مستعملة.

ثند : قال الليث : الثُّنْدُوَةُ لحمُ الثَّدَي. وقال ابن السكيت : هي الثَّنْدُوَةُ اللحم الذي حول الثدي للمرأة.

غير مهموز. قال : ومن همزها ضم أولها فقال : ثندُؤة. وقال غيره الثندوة للرجل والثَّدي للمرأة.

ثدن : يقال : رجل مُثَدَّنٌ إذا كان كَثِير اللحم على الصدر وقد ثُدِّنَ تَثْدِينا وقال :

* رِخْوُ العِظام مُثَدَّنٌ عَبْلُ الشوَى*

وفي حديثِ عليٍ : أنهُ ذَكرَ الخوارج فقال : فيهم رَجلٌ مَثْدُون اليَدِ ورواه بعضهم : مُثَدَّنُ اليد أي تُشْبِهُ يدُه ثديَ المرأةِ.

دثن : قال الفراء : الدّثينَةُ والدّفِينَةُ منزلٌ لبني سُلَيم ، وقال :

ونحنُ تَرَكْنا بالدثينةِ حاضِرا

لآلِ سُلَيم هامةً غير نائمِ

وقال ابنُ دريدٍ : دَثّن الطائرُ تَدْثِينا إذا طَارَ وأسرع السُّقوط في مواضعَ مُتقارِبة.

د ث ف

أهمله الليث.

[ثفد] : وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : الثفافيد سحائبُ بيضٌ بعضُها فوق بعض ، والثفافيدُ بطائِنُ كلِّ شيءٍ من الثياب وغيرها ، وقد ثَفَّدَ دِرْعَه بالحديد أي بطنه.

قال أبو العباس وغيره تقول : فَثَافِيدُ.

د ث ب : أهمل.

د ث م

دمث ، ثمد ، مثد ، ثدم : [مستعملة].

ثدم : أهمل الليث. ثدم (١) : ورجلٌ فَدْمٌ ثَدْمٌ بمعنى واحد.

مثد : أهمله الليث. وروى عمرو عن أبيه : الماثِد الدّيْدَبَان وهو اللابدُ والمختَبِئُ الشِّيِّفَةُ والرَّبيئة.

دمث : شمر عن ابن شميل : الدِّماثُ السهول من الأرض الواحدة دَمِثَةٌ ، كلُّ سَهْل دَمِثْ ، والوادي الدَّمِث السهل. ويكونُ الدِّماث في الرمال وغير الرمال ، وقال غيره : الدِّمائثُ ما سهُل ولان واحدها

__________________

(١) بعده في المطبوعة : «وقال غيره : الدَّمَائث ما سهل ولان» ، والعبارة تابعة لمادة (دمث) التالية. وفي «اللسان» (ثدم ـ ٢ / ٨٨): «رجُل ثَدْمٌ : عَيِيُّ الحجَّةِ والكلام مع ثِقَلٍ ورخاوةٍ وقِلَّةِ فهم ، وهو أيضا الغَليظ الشِّرير الأحمق الجافي والجمع ثِدام ، والأنثى ثَدمة وهي الضخمة الرِّخوة ...»

٦٤

دَمِيثَةٌ. ومنه قيل للرجل السَّهْل الطَّلق الكريم : دَميثٌ وامرأة دَمِيثةٌ شُبِّهَتْ بِدِماثِ الأرض لأنها أكرم الأرض ، ويقال : دمَّثْتُ له المكانَ. أي سهَّلْتُه له ، ويقال : دَمِّث لي ذلك الحديث حتى أطعَن في حوْصِهِ أي اذْكُر لي أَوَّله حتى أَعرِفَ وجهِه ، ومَثَلٌ للعرب : دَمِّثْ لِجَنْبِكَ قَبْلَ اللَّيْلِ مُضْطَجَعا ، أي خذ أهْبَتَه واستَعِدَّ له وتَقَدَّمْ فيه قبل وُقوعه.

ثمد : قال الليث : الثَّمْدُ الماءُ القليلُ ، والإثمد ضَربٌ من الكُحْل.

وقال أبو مالك : الثَّمْدُ ، أَن تعْمِد إلى مَوضعٍ يَلزمُ ماءَ السماء تجعلُه صَنَعا ، وهو المكان يجتمع فيه الماء وله مَسَايلُ من الماءِ وتحفر فيه من نواحيه ركايا فتملؤها من ذلك الماء ، فيشربُ الناسُ الماءَ الظَّاهِرَ حتى يجِف إذا أصابَهُ بَوارحُ القَيْظ ، وتَبْقَى تلك الركايا ، فَهِيَ الثِّماد وأنشد :

لَعَمْرُك إنَّنِي وطِلابَ سَلْمَى

لَكالمُتَبَرِّض الثَّمَدَ الظَّنُونا

والظَّنُون الذي لا يُوثَق بمائه ، ويقال : أصبحَ فلان مَثْمودا إذا أُلِحَّ عليه في السؤال حتى فَنِيَ ما عنده ، وكذلك إذا ثَمَدَتْه النساءُ فلم يَبْقَ في صُلْبه ماءٌ.

شمر عن ابن الأعرابيّ : الثَّمْدُ قَلْتٌ يَجْتَمِعُ فيه ماءُ السماء ، فَيشرب به الناس شهرين من الصَّيف ، فإذا دَخل أولُ القيظ انقطع ، فهو ثَمَدٌ وجمعه ثِمادٌ.

وقال أبو عمرو : يُقال للرجل يَسهر لَيْلَهُ ساريا أو عاملا : فلانٌ يجعل الليلَ إثْمِدا : أي يسهرُ ، فجعلَ سَوادَ الليل بِعَيْنَيْه كالإثْمد ، لأنه يَسْهَر الليلَ كلّه في طلب المعالي ، وأنشد أبو عمرو :

كَمِيشُ الإزار يَجْعَلُ الليلَ إثْمِدا

ويَغْدُو : علينا مُشْرِقا غيرَ وَاجِم

ثَمودُ حَيٌ من العَرب الأُوَل ، يقال : إنهم من بقيَّة عادٍ ، بعث الله إليهم صالحا ، وهو نبيّ عَرَبيّ ، واخْتَلَفَ القُراء في إجرائه في كتاب الله فمنهم من صَرَفه ، ومنهم من لم يَصْرِفه ، فمن صَرفَه ذهب به إلى الحيِّ ، لأنه اسم عربيّ مُذكر سُمِّي بمذكر ، ومن لم يصرفه ذهب به إلى القبيلة وهي مؤنثة.

انتهى والله تعالى أعلم.

(أبواب) الدال والراء

من الثلاثي الصحيح

د ر ل

أهملت وجوهه.

[درل] : [دِرَوْليَّة] (١) وَدَرولية. اسم بلد في

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (د ر ل).

٦٥

أرض الروم.

د ر ن ، دنر ، ردن ، رند ، ندر ، نرد : [مستعملة].

[درن] : قال الليث : الدَّرَنُ تَلَطُّخ الوَسَخ ، وثوب دَرِنٌ وأدْرَنُ أي وسخ.

قال رؤبة يمدح رجلا :

إن امرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأدْرَنِ

سَلِمْتَ عِرْضا ثَوْبُه لم يَدْكَنِ

أبو عبيد عن الأصمعيّ : كلُّ حُطام شَجر أو حَمْضٍ أو أَحرار بَقْل ، فهو الدَّرين إذا قَدُم.

وقال الليث : اليَبيسُ الحَوْليُّ هو الدَّرين.

ويقال : ما في الأرض من اليَبيسِ إلا الدُّرَانَةُ. قال : وناس من أهل الكوفة يسمون الأحمق دُرَيْنَة.

وقال الليث : دُرَّانةُ اسم من أسماء الجواري وهو فُعْلانه. قلت : النون في درَّانة إن كانت أَصْلية فهي فُعْلالَة من الدَّرَنِ ، فإن كانت غير أصلية فهي فُعْلانَة من الدُّر أو الدَّر ، كما قالوا : قُرَّان من القُرِّ أو من القَرِين.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : فلان إدْرَوْنُ شَرِّ وطِمِرُّ شَرٍّ إذا كان نهاية في الشَّر.

وقال شمر : والإدْرَوْنُ الأصلُ ، وقال القُلّاخُ :

ومِثْلُ عَتَّابِ رَدَدْناه إلَى

إدْرَوْنِهِ ولُؤْمِ أصِّهِ على

* الرَّغم مَوْطُوء الحصى مُذَلَّلَا*

قال : وإدْرَوْنُ الدَّابة آرِيُه. قلت : ومن جعل الهمز في إدْرَوْن فاءَ المثال فهي رُباعية ، مثل فِرْعَون وبِرْذَوْن.

دنر : قال الليث : يقال : دَنَّرَ وجهُ الرجل إذا تَلأْلأَ وأشْرَقَ ، ودينار مُدَنَّر أي مَضروبٌ ، وبِرْذَوْنٌ مُدَنَّر اللون أَشْهَبُ على مَتْنَيْهِ وعَجُزِهِ سَوَادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُبْهَة.

وقال أبو عبيد : المدَنَّر من الخيل الذي به نُكَتٌ فوق البَرَشِ.

وقال أبو الهيثم : أصل دينار دِنّارٌ فقلبت إحدى النونين ياءً ولذلك جُمع على دنانير مثل قِيراط أصله قرّاطُ وديباج أصله دِبّاج.

ويقال : دُنِّر الرجلُ فهو مُدَنّر ، إذا كثرت دنانيره.

ردن : الليث : الرُّدْنُ مقَدَّم كمِّ القميص.

عمرو عن أبيه : الرُّدْن الكمّ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الرَّدَنُ الخَزّ.

وقال في قوله :

* كَشَقِّ القَرَايِّ ثَوْبَ الرَّدَنْ *

قال : الردَنُ الخزّ الأصفر.

وقال الليث : الأُرْدُنّ أرض بالشام.

وقال ابن السكيت : الأُرْدُنّ النُّعاسُ

٦٦

الغالبُ وأنشد :

* قد أخذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُ *

قال : وبه سميت الأُرْدُنُ البَلَدُ.

وقال الليث : الرادِنِيُ مِن الإبل ما جَعُدَ وَبَرُه ، وهو منها كريم جميل يَضْرِبُ إلى السَّواد قليلا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا خالَطَ حُمْرَةَ البعير صُفْرَةٌ كالْوَرْسِ قيل : جَمَلٌ رادِنِيٌ وناقة رَادِنِيَّةٌ.

وقال الليث : ليلٌ مُرْدِنٌ ، أي مُظْلِمٌ.

وعَرَق مَرْدونٌ قد نَمَّسَ الجَسَد كلَّه ، وأمَّا قول أبي دُوَاد الإيادي :

أَسْأَدَتْ ليلةً ويوما فلما

دَخَلَتْ في مُسَرْبَخٍ مَرْدُونِ

فإن بعضم قال : أراد بالمردُون المردوم فأبدل من الميم نونا. والمسَرْبَخُ الواسعُ ، وقال بعضهم : المَرْدُومَ الموصول.

وقال شمر : المرْدُون المنْسُوجُ. قال : والرَّدَنُ الغَزْلُ أراد بقوله : في مُسربخٍ مَرْدون الأرضَ التي فيها السَّراب. وقيل : الرَّدَنُ الغَزْل الذي ليس بمستقيم.

رند ـ [نرد] : أبو عبيد عن أبي عبيدة : الرَّنْد شَجَرٌ طَيِّبٌ من شجر البادية ، قال : وربما سمّوا عودَ الطيب الذي يُتَبَخَّر به رَنْدا ، وأنكر أن يكون الرّنْدُ الآس.

وروى أبو عمرو عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الرَّنْد الآسُ عند جماعة أهل اللغة ، إلا أن عمرو الشيباني وابن الأعرابي فإنهما قالا : الرَّندَ الْحَنوَة وهو طيب الرائحة. قلت : والرند عند أهل البحرين شبه جُوالِقٍ واسع الأسفل مخروط الأعْلَى يُسَفُّ من خَوصِ النَّخل ، ثم يُخَيَّط ويُضْرب بالشُّرْطِ المفتولة من الليف حتى يَتَمَتَّن فيقوم قائما ، ويُعَرى بِعُرًى وثيقةٍ ينقل فيه الرُّطب أيّام الْخِراف ، يُحمل منه رَنْدان على الجمل القويّ ، ورَأَيت هَجَريا يقول له : النَّرْد وكأنه مقلوب ، ويقال له : القَرْنة أيضا ، وأما النّرد الذي يتقامر به فليس بعربيٍّ وهو مُعرب.

ندر : قال الليث : يقال : نَدَر الشيء إذا سقَط ؛ وإنما يقال ذلك لشيءٍ يَسْقُط من بين شيءٍ أو مِن جوف شيء ؛ وكذلك نوادرُ الكلام يَنْدِرُ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النَّدْرَةُ الخَصْفَةُ بالعَجَلَة وفي الحديث : أن رجلا نَدَر في مجلسِ عمرَ فأمر القومَ بالتَّطهُّر لئلا يخجل النادرُ.

ويقال نَدَر الرجلُ : إذا مات ، وقال ساعدة الهُذَليّ : كلانا وإنْ طالَ أيامُه سينْدُر عن شَزَنٍ مُدْحِضِ.

سينْدُرُ : سيموت ، والنَّدْرةُ القطعة من

٦٧

الذهب أو الفِضة توجد في المعدن.

وقال الليث : الأنْدِرِيّ ويجمع الأندرين ، يقال : هُمْ الفتيان الذين يجتمعون من مواضع شتى وأنشد :

* ولا تُبقي خُمَور الأنْدَرِينا*

عمرو عن أبيه : الأنْدَرِيُ : الحبْلُ الغليظ وقال لبيد :

* مُمَرٍ كَكَرِّ الأنْدَرِيِ شَتِيم*

وقال الليث : الأندَر : البَيْدَر شَاميَّة ، ويقال : للرجل إذا خَضَفَ : نَدَر بها ، وقيل : الأنْدرُ قرية بالشام فيها كروم ؛ وكأنه على هذا المعنى أراد خمور الأنْدريِّينَ خفِّفَتْ ياءُ النَّسبة كما تقول الأشعرِين بمعنى الأشعرِيِّينَ إنما يكون ذلك في النَّدْرة بَعْد النَّدْرَة إذا كان في الأحايين مرة ، وكذلك الخطيئةُ بعد الخطيئةِ.

[د ر ف]

ر د ف ، رفد ، فدر ، فرد ، دفر : مستعملات.

ردف : قال الليث : الرِّدْفُ ما تَبع شيئا فهو رِدْفُه ، وإذا تَتابَع شيءٌ خلْفَ شيء فهو التَّرادُف ، والجميع الرُّدافَى ، وقال لبيد :

عُذَافرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى

تَخَوَّنها نُزولي وارْتِحَالي

ويقال : جاء القوم رُدَافَى ، أي بعضهم يَتْبَعُ بعضا.

ويقال : للْحُداةِ الرُّدافَى ، وأنشد أبو عبيد قول الراعي :

وَخُودٍ من اللائي يسمِّعنَ بالضُّحَى

قَرِيضَ الرُّدافَى بالغناء المُهَوِّدِ

وقيل : الرُّدافَى : الرَّديفُ ؛ وَأَخبرني المنذريّ عن ابن فهم عن محمد بن سلام عن يونس في قول الله تعالى : (رَدِفَ لَكُمْ).

قال : قَرُب لكم.

وقال الفرّاء في قوله : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] جاء في التفسير : دَنا لكم فكأن اللام دخلت إذْ كان دنا معنى لكم.

قال : وقد تكون اللام داخلة ، والمعنى رَدِفَكم كما تقولون نَقَدْتُ لها مائةً أي نَقَدْتها مائة.

وقال أبو الهيثم : يقال : رَدِفْتُ لفلانٍ أي صرت له رِدْفا.

قال : وتزيدُ العرب اللامَ مع الفعل الواقع في الاسم المنصوب فتقول : سمِع له ، وشكر له ، وَنَصَح له أي سمِعه ونصحه وشكَره.

وقال الزّجّاج في قول الله جلّ وعزّ : (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال : ٩] قال : ومُردَفين فُعِل بهم ذلك.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : رَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه بمعنى واحد.

٦٨

أبو عبيد عن أبي زيد يقال : رَدِفْتُ الرجلَ وأَرْدَفْته إذا ركبتَ خلفه وأنشد :

إذا الجَوْزَاءُ أَرْدَفتِ الثُّريا

ظَنَنْتُ بآلِ فاطمةَ الظُّنونا

وقال شمر : رَدِفتُ وأَرْدفت إذا فعلتَ بنفسك ، فإذا فعلتَ بغيرك فأَرْدَفْتَ لا غير.

وقال الزجّاج : يقال : رَدِفْتُ الرجلَ إذا ركبتَ خَلْفه ، وأَرْدَفْتُه أَركبته خلفي ؛ ويقال : هذه دابةٌ لا تُرادف ، ولا يقال : لا تُردِف ، ويقال : أَرْدَفْتُ الرجلَ إذا جِئْتَ بعده.

وقال الليث : يقال : نزل بهم أمرٌ قد رَدِفَ لهم أعظمُ منه ، قال : والرِّدافُ هو موضع مركَبُ الرديف ، وأنشد :

* لِيَ التَّصْدِيرُ فاتْبَعْ في الرِّدافِ *

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَتَيْنا فلانا فارْتَدَفْنَاهُ أي أخذناه أخذا.

وقال الليث : يقال : هذا البِرْذَونُ لا يُرْدِفُ ، ولا يُرادِفُ أي لا يَدَع رَديفا يَرْكَبُه ، قلت : كلام العرب : لا يُرادِف ، وأما لا يُرْدِفُ فهو مُولَّد من كلام أَهل الحضر.

وقال الليث : الرَّديف كوكبٌ قريب من النَّسر الوَاقِع ، والرديف في قول أصحاب النجوم ، هو النجم الناظر إلى النّجم الطالع ، وقال رؤبة :

وراكبُ الْمِقْدَارِ والرّديفُ

أَفْنَى خُلُوفا قَبْلها خُلوفُ

فراكب المقدار هو الطَّالع ، والرَّديف هو الناظِرُ إليه.

وقال ابن السكيت في قول جرير :

* على عِلَّةٍ فيهن رَحْلٌ مُرادِف *

أي قد أُرْدِفَ الرَّحلُ رَحْلَ بعير وقَدْ خُلِّفَ ، وقال أوس :

* أَمُونٍ ومُلْقًى للزَّميل مُرادِفِ *

وقال الليث : الرِّدْفُ الكفلُ ، وأَرْدافُ النجوم توابعها ، وقال غيره : أردافُ الملوك في الجاهلية الذين يَخْلُفونهم في القيام بأمر المملكة بمنزلة الوزراء في الإسلام ، وهي الرِّدافةُ ، والروادِف أَتباعُ القوم المؤَخَّرون ، يقال : هم رَوَادِف وليسوا بأردافِ ، والرِّدْفانِ الليلُ والنهارُ ، لأن كُلَّ واحد مِنْهُما رَدْفٌ لِصَاحبه.

شمر عن أبي عمرو الشيباني أنه قال في بيت لبيد :

وشَهِدتُ أَنْجِيَة الأفاقَةِ عاليا

كَعْبِي وأَرْدافُ المُلوكِ شُهودُ

كان الملكُ يَرْدِفُ خَلْفه رجلا شَريفا ، وكانوا يَركبون الإبل ، ووَجَّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مُعَاويةَ مع وائل بن حُجْر رسولا في حاجَة له ، ووائلٌ على نَجيب له ، فقال معاوية : ارْدُفني.

فقال : لستَ من أرْدافِ الملوك.

٦٩

قال شمر : وأنشدني ابن الأعرابيّ :

هُمْ أَهْلُ ألواح السريرِ ويَمْنه

قَرابينَ أَرْدافا لها وشِمالها

قال الفراء : الأردافُ ههنا يَتْبَع أوَّلَهم آخِرُهم في الشرف يقول : يتبع البنونَ الآباءَ في الشرف.

فرد : أبو زيد عن الكلابيّين : جئتمونا فرادًى وهم فُرادٌ وأزواج نَوَّنوا ، وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) [الأنعام : ٩٤].

فإنَّ الفراء قال : فُرادى جمع ، قال : والعرب تقول : قومٌ فُرادَى وفَرادُيا هذا فلا يَجْرونها شُبِّهتُ بثلاثَ ورباع ، قال : وفُرَادَى واحدها فَرَدٌ وفَريد وفَرِدٌ وفَرْدانُ ، ولا يجوز فَرْد في هذا المعنى ، قال وأنشدني بعضهم :

تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تَحتَ لَبانِه

فُرادَ ومَثْنى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه

وقال الليث : الفَرْد ما كان وحده ؛ يقال : فَرَد يَفْرُد وأَفْرَدتُه جعلتُه واحدا ، ويقال : جاء القوم فُرَادا وعَدَدتُ الجوْز والدراهم أَفْرادا ، أي واحدا واحدا ، والله هو الفَرْدُ قد تَفَرَّد بالأمر دون خَلْقِه.

ويقال : قد استَطْرَدَ فلانٌ لهم ، فكلما استَفْرَدَ رجلا كَرَّ عليه فَجدَّ له والفَرِيدُ الشَّذْرُ ، الواحدة فَرِيدة ويقال لها الجاوَرْسَقُ بلسان العجم ، وبَيَّاعُهُ الفرَّادُ.

وأخبرني المنذريّ عن إبراهيم الحربي قال : الفريدُ جمعُ الفريدة ، وهي الشَّذْرُ من فِضَّة كاللّؤلؤة.

وقال أبو عبيدة : الفريدةُ المَحالة التي تخرج من الصَّهْوَة التي تلي المَعاقِم ، وقد تَنْتأُ من بعض الخيل ، سُمِّيَتْ فريدةً لأنها وَقَعَتْ بين الفَقَارِ وبين مَحالِ الظَّهر ومَعاقِم العَجز ، والمعاقمُ مُلتقى أطراف العِظام.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الفُرودُ كواكبُ زاهرةٌ حول الثريَّا ، وقال : فَرَّد الرجلُ إذا تفَقهَ ، واعتزلَ الناسَ وخَلا بمراعاةِ الأمر والنهي ، وجاء في الخبر : «طوبى للمُفَرِّدين».

وذكر القتيبي هذا الحديث وقال : المفرِّدون الذين قد هَلكَ لداتُهم من الناس ، وذهب القَرْنُ الذين كانوا فيه وبَقُوا ، فهم يذكرون الله ، قلت : وقول ابن الأعرابيّ في التَّفْرِيد عندي أصوب ، مِن قول القُتَيْبِي.

أبو زيد : فَرَدْتُ بهذا الأمر أَفْرُدُ به فرودا إذا تَفَرَّدتَ به ، ويقال : استَفْرَدتُ الشيءَ إذا أخذتَه فَرْدا لا ثَانيَ له ولا مِثلَ.

وقال الطِّرماح يذكر قِدْحا من قِداح الميسر :

إذا انْتَحَتْ بالشَّمَالِ بارِحَةً

جَالَ بَريحا واسْتَفْردَتْه يَدُه

٧٠

وقال ابن السكيت : استفردَ فلانٌ فلانا أي انْفَرَدَ به ، وقال الليث : الفَارِدُ والفَرَدُ الثَّوْر.

وقَالَ ابن السكيت في قوله :

* طَاوِي المَصيرِ كَسَيْفِ الصَّقيلِ الفَرَدِ*

قال : الفرَد ، والفُرُد بالفتح والضم ، أي هو منقطع القرين لا مِثْلَ له في جَوْدَتِهِ.

قال : ولم أسمع بالفَرَد إلا في هذا البيت ، وأما الفَرْدُ في صفات الله فهو الواحد الأحد الّذي لا نظيرَ له ولا مِثلَ ولا ثاني ولا شريك ولا وزير.

رفد : أبو زيد : رَفَدْتُ على البعير ، أَرْفِد عليه رَفْدا ، إذا جعلتَ له رِفَادة ، قلت : هي مثل رِفادة السَّرج.

وجاء في الحديث : «تروح برِفْدٍ وتغدو برِفْدٍ».

روي عن ابن المبارك أنه قال في قوله : تروح برِفْد وتغدو برِفْد ، الرِّفْد : القَدَحُ تُحْتَلبُ الناقةُ في قَدَح ، قال : وليس من المعونة.

قال شمر : وقال المؤرَّج : هو الرِّفد الإناء الّذي يُحْلَبُ فيه.

وقال ابن الأعرابيّ : هو الرِّفد ، أبو عبيد عن الأصمعيّ : الرَّفد بالفتح.

وقال شمر : رِفْدٌ ورَفْدٌ للقَدَح ، قال والكَسْرُ أَعْرَب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرِّفْدُ أكبرُ من العُسِّ ، وقال : وناقَةٌ رَفُسودٌ رَفودٌ تدومُ على إنائها في شِتائها لأنها تُجالَحُ الشجرَ.

وقال الكسائي : الرَّفْد والمرْفَد الّذي يُحْلبُ فيه.

وقال الليث : الرِّفد المعْونةُ بالعطاء ، وسَقْي اللّبن ، والقول وكُلُّ شيءٍ.

وأخبرني المنذريّ عن الغسّاني عن سلمة عن أبي عبيدة في قول الله جلّ وعزّ : (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) [هود : ٩٩] مجازُه مَجازُ العَوْن المعان يقال : رَفَدْتُه عند الأمير ، أي أَعَنْتُه. قال : وهو مكسور الأوَّل فإذا فتحتَ أوَّلَه فهو الرَّفْد.

وقال الزجاج : كل شيءٍ جعلتَه عَوْنا لِشيء وأسندتَ به شيئا فقد رَفَدْتَه ، يقال : عَمَدْتُ الحائطَ وأَسْنَدْتُه ورَفَدْتَه بمعنى واحد ، قال : والمِرْفَد القَدَحُ العظيمُ.

وقال الليث : رَفَدْتُ فلانا مَرْفدا ، وقال : ومن هذا أُخِذَت رِفَادَةُ السَّرج من تحته حتى يرتفع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال لخَشَبِ السَّقْف : الرَّوافِد.

وقال الليث : ناقةٌ رَفود تملأ مِرْفدها ، وتقول : ارْتفَدْت مالا إذا أَصَبْتَه من كَسْبٍ.

وقال الطرماح :

٧١

عَجَبا ما عَجَبْتُ مِن جامِع المال

يباهي بِهِ ويَرْتَفِدُه

والتّرفيد نَحْوٌ من الهمْلَجَة ، وقال أُمَيّةُ ابن أبي عائذ الهذلي :

وإن غُضَّ مِن غَرْبِها رَفّدَتْ

وسِيجا وأَلْوَتْ بِجِلْسٍ طُوال

وأراد بالجلْس أَصلَ ذَنبها.

وقال أبو عبيدة : الرِّفادةُ شيء كانت قريش تَتَرَافَدُ به في الجاهليَّة ، فيُخرجُ كلُّ إنسانٍ على قدر طاقته فيجمعون مالا عظيما أيام الموسِم ، ويشترون به الجُزُر والطعامَ والزبيبَ للنبيذ ، فلا يزالون يُطعمون الناسَ حتى ينقضيَ الموسم ، وكان أوَّل من قام بذلك هاشم بن عبد مناف ، ويسمى هاشِما لهِشْمِهِ الثريدَ.

وقال ابن السكيت : الرافدان : دِجلةُ والفرات.

وقال الفرزدق :

بَعَثْتَ على العِراق وَرافِدَيْهِ

فَزَارِيا أَحذَّ يَدِ القَمِيصِ

أراد أنه خَفيفُ اليد بالخِيانة.

وفي الحديث : «من اقتراب الساعة أن يكون الفيءُ رِفدا» ، أي يكون الخراجُ الّذي لجماعة أهل الفَيْء رِفدا أي صلات لا يُوضع مَوْضِعَه ، ولكن يُخَصُّ به قومٌ دون قومٍ على قدر الهوى ، لا بالاستحقاق ، وَالرِّفد الصِّلة يقال : رَفَدْتُه رَفْدا والاسم الرِّفْدُ.

دفر : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَفَرْتُهُ في قفاه دَفْرا أي دَفَعْتُه ، قَالوا ومنه قول عُمَر : وا دَفْراهُ يُريد : وا ذُلَّاهُ ؛ وقال أبو عبيدة : معناه وَا نَتْناهُ.

فال والدَّفَرُ النَّتْنُ ، ومنه قيل للدنيا : أمَ دَفْر ، ويقال لِلأَمَة : يا دَفارِ أي يا مُنْتِنةُ ؛ وأما الذَّفَرُ بالذال وتحريك الفاء فهو حِدَّةُ رائحةِ الشيء الخبيث ، أو الطيب ؛ ومنه قيل : مِسْك أَذْفَرُ ، ويُقال للرَّجُلِ إذا قَبَّحتَ أمْرَه : دَفْرا دَافِرا.

وروي عن مجاهد في قول الله جلّ وعزّ : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)) [الطور : ١٣] قال : دَفْرا في أَقْفِيتهم أي دَفْعا.

فدر : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال لِلفَحْل إذا انقطع عن الضِّراب : فَدَرَ وفَدَّر وأَفْدَرَ وأصله في الإبل.

وقال الليث : فَدَر الفحلُ فُدُورا إذا فَتَر عن الضِّراب ؛ قال : والفَدُور الوَعِل العَاقِلُ في الجِبال ، والفادِرةُ الصَّخْرَةُ الضَّخْمةُ ، وهي التي تراها في رأس الجبل ، شُبِّهتْ بالوعِل ، ويقال للوعِل : فَادِرٌ وجمعه فُدْرٌ ، وقال الراعي في شعره :

وكأَنَّمَا انْبَطَحَتْ على أثْباجِها

فُدْرٌ بشابَة قَدْ يَمَمْنَ وُعُولا

٧٢

وقال الأصمعيّ : الفَادِر من الوُعول الّذي قد أَسَنَّ بمنزلة القارِح من الخَيل ، والبازِل من الإبل ، والصَّالغِ من البقر والغنم.

قال الليث : العِذْرَةُ قِطعة من الخيل ، والفِدْرَة قِطعة من اللَّحم المطبوخ الباردة.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أعطيته فِدْرةً من اللحم وهَبْرَةً إذا أعطاه قِطعةً مجتمعة وجمعها فِدَرٌ ، وقال ابن الأعرابيّ : أَدْفَر الرجلُ إذا فاح ريح صُنانِه.

[د ر ب]

درب ، دبر ، ربد ، رَدب ، برد ، بدر : مستعملات.

درب : قال الليث : الدَّرْبُ بابُ السِّكةِ الواسعةِ ، والدَّرْب كلُّ مَدخل من مداخل الروم دَرْبٌ من دُوربِها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّدْرِيبُ الصَّبر في الحَرب وقتَ الفِرار يقال : دَرِبَ فلان وَعَرِدَ عَمْرو.

وفي الحديث عن أبي بكر : لا تزالون تَهزِمون الرومَ فإذا صاروا إلى التَّدْرِيبِ وَقَفَتْ الحربُ ، أرادَ الصَّبْرَ.

أبو عبيد عن الأحمر : الدُّرْبَةُ الضَّراوَة ؛ وقد دَرِبَ يَدْرَب.

وقال أبو زيدٍ مِثْلَه ، يقال : دَرِبَ دَرَبا ، ولَهِجَ لَهَجا ، وضَرِيَ ضَرًى ، إذا اعتاد الشيءَ وأُولِعَ به.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدَّارِبُ الحاذِق بصناعته ؛ قال : والدَّارِبَةُ العاقِلة ، والدَّارِبةُ أيضا الطَّبَالَةُ.

وقال الليث : الدُّرْبةُ عَادةٌ وجُرْأَةٌ على حَرْبٍ وكلِّ أمرٍ ؛ وَرَجُلٌ مُدَرَّبٌ قد دَرَّبَته الشَّدائِد حتى مَرَن عليها ، ويقال : ما زال فلانٌ يعفو عن فلان حتى اتَّخذها دُرْبة.

وقال كعب بن زهير :

وفي الحلم إِدْهانٌ وفي العَفْوِ دُرْبَةٌ

وفي الصدق مَنجاةٌ مِن الشر فاصْدُقَ

وتَدْرِيب البازيِّ على الصيْد أي تَضْرِيَتُه ، وشيخ مُدَرَّب أي مُجَرَّب.

ابن الأعرابيّ : أَدْرَبَ إذا صَوَّتَ بِالطَّبْل.

أبو عبيدة عن أبي عمر : الدَّرْوابُ صوتُ الطَّبْل ، والدَّرْدَبَةُ الخضوع ، ومنه المثل : دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّه الثِّقَافُ ، وفي كتاب الليث : داءٌ في المعدة.

قلت : هذا عندي غلط وصوابه : الذّربُ داءٌ في المعدة وقد ذكرته في كتاب الذال.

ردب : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرّدْب الطريق الّذي لا يَنْفُذُ ، والدربُ الطريق الّذي ينفذ.

وفي الحديث : «مَنَعتِ العِراقُ دِرهَمها وقَفِيزَها ، ومَنعتْ مصرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُمْ من حيث بَدَأْتُمْ» ؛ الإرْدَبُ مِكْيال معروفٌ

٧٣

لأهل مصرَ ، وقيل : إنهُ يأخذُ أربعةً وعشرين صاعا من الطعام بصاع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ والقَنْقَلُ نِصفُ الإرْدَبِ ، والإرْدَب أربعةٌ وستون مَنّا بِمَنِّ بلدنا.

ويقال للبالوعة من الخَزَفِ الواسعة : إِرْدَبَّةٌ شُبّهت بالإردب المكيال ؛ ويجمع الإردبُ أرادِب.

وقال ابن الأعرابيّ : دَرْبَى فلانٌ فلانا يُدَرْبِيهِ إذا ألقاه وأنشد :

اعْلَوَّطَا عَمْرا لِيُشْبِيَاهُ

في كل سوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ

يُشْبِيَاهُ ويُدَرْبِيَاهُ أي يُلْقِيانِ بِهِ فيما يكره.

برد : في الحديث : «أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَةَ».

سلمة عن الفراء قالت : الدُّبَيْرِيَة : البَرْدَةُ التُّخْمَة وكذلك الطَّنَى والرَّان.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : البَرَدةُ الثِّقْلَةُ على المعِدَة.

وقال غيره : سميت التُّخْمَةُ بَرَدَة لأن التُّخْمَة تُبْرِدُ المعدة فلا تَسْتَمرِىء الطعامَ ، ولا تُنْضِجُه ؛ وأما البَرَدُ بغير هاء فإن الليث زعمَ : أنه مَطَر جامِدٌ وسَحابٌ بَرِدٌ ، ذو قُرٍّ وَبَرَدٍ ؛ وقد بُرِدَ القومُ إذا أَصابهم البَرَد.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ) [النور : ٤٣].

ففيه قولان : أحدهما وينزل من السماء من أَمثال جبال فيها من بَرَدٍ ، والثاني وينزل من السماء من جبال فيها بَرَدٌ.

ومِن صِلَة.

وقوله جلّ وعزّ : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤)) [النبأ : ٢٤].

قال الفراء رواية عن الكلبي عن ابن عباس قال : لا يذوقون فيها بَرْدَ الشراب ولا الشراب.

قال : وقال بعضهم : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً) يريد نوما ، وإن النوم لَيُبرِّد صاحبَه وإن العطشان لينام فَيَبْرُدُ بالنون.

وقال أبو طالب في قولهم : ضُرِب حتى بَرَدَ.

قال : قال الأصمعيّ : معناه حتى مَات ؛ والبَرْد النوم.

قال أبو زُبَيْدٍ :

بارِزٌ ناجِذَاهُ قد بَرَدَ المو

ت على مُصْطَلاه أيَ بُرُود

قال : وأمَّا قولهم : لم يَبْرُد بيدي منه شيء ، فالمعنى : لم يَسْتَقِرَّ ولم يَثْبُتْ وأنشد :

* اليومُ يومٌ بارِدٌ سَمُومُه*

قال : وأصله من النومِ والقَرارِ ، يقال : بَرد أي نام وأنشد :

٧٤

فإنْ شِئتُ حرّمتُ النِّساء سِوَاكم

وإن شِئتُ لم أطْعَم نُقَاخا ولا بَرْدا

فالنُّقَاخ الماءُ العَذْب ، والبَرْدُ النَّوم وأنشد ابن الأعرابيّ :

أحِبُّ أمّ خَالِدٍ وخَالدا

حُبّا سَخَاخينَ وَحُبّا بارِدا

قال : سخاخينَ حُبٌّ يُؤْذِيني ، وحُبّا باردا يَسْكن إليه قلبي.

ويقال : بَرَدَ لي عليه كذا كذا درهما : أي ثَبَتَ.

قال ابن الأعرابيّ : البَرْدُ النَّحْتُ.

يقال : بَرَدْتُ الخشبَةَ بالمِبْرَدِ أبردُها برْدا إذا نَحتَّها.

قال : والبَرْدُ تَبْرِيدُ العين ، والبَرُودُ كُحْل يُبَرِّد العَين ، والبرود من الشراب ما يُبَرِّدُ الغُلّة وأنشد :

* ولا يُبَرِّدُ الغَلِيلَ الماءُ*

وقال الليث : يقال : بَرَدْتُ الخُبْزَ بالماءِ إذا صَبَبْتَ عليه الماء فبللتَه ، واسم ذلك الخبز المبْلُول : البَرُود والمَبْرُود ؛ ويقال : اسقني سَويقا أُبرِّد به كَبِدي ، وبرَّدتُ الماءَ تبريدا جَعَلْتَه باردا.

وفي الحديث : «أَبْرِدوا بالظُّهْرِ فإن شِدَّة الحر من فَيحِ جهنم».

وقال الليث : يقال : جئناك مُبْرِدِين ، إذا جاءوا وقد باخَ الحرُّ.

وقال محمد بن كعب : الإبْرادُ أن تَزِيغَ الشمسُ ، قال : والركْبُ في السفر يقولون : إذا زاغت الشمس قد أَبْردتم فَرُوحوا ، وقال ابن أحمد :

* في مَوْكبٍ زَحْلِ الهواجِر مُبْرد*

قلت : لا أعرف محمد بن كعب هذا ، غير أن الّذي قاله صحيح من كلام العرب ، وذلك أنهم يَنْزلُون للتَّغْوِير في شدة الحر ، ويَقِيلون ، فإِذا زالت الشمسُ ثاروا إلى رِكابهم ، فَغَيَّرُوا عليها أقتابها ورحالها ، ونادى مُناديهم : ألا قد أَبْرَدْتُمْ فاركبوا.

وقال الليث : يقال أَبْرَدَ القومُ إذا صاروا في وقتِ القُرِّ آخِر القيظِ ، قال : والبَرُود كُحلٌ يبرَّدُ به العينُ من الحر ، والإنسانُ يَتَبَرَّدُ بالماء : يغتَسلُ به ، ويقال : سقيته فأَبْرَدْتُ له إبْرادا إذا سقيتَه بارِدا.

ويُروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا أَبْرَدْتم إليّ بريدا فاجعلوه حسنَ الوجه حسنَ الاسم».

والبَريدُ : الرسولُ وإبرادُه إرسالُه ، وقال الراجز :

* رأَيتُ للموتِ بَرِيدا مُبْرَدَا*

وقال بعض العرب : الحُمَّى بَريدُ الموت ، أراد أنها رسولُ الموت تُنْذِر به. وسكك البَريدِ كُلُّ سِكَّة منها بريد اثنا عشرَ ميلا ، والسَّفَر الّذي يجوز فيه قَصْر الصلاة أَرْبعةُ

٧٥

بُرُدٍ ، وهي ثمانية وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية التي في طريق مكة.

وقيل لدابَّة البَرِيدُ : بَرِيدٌ لسَيْره في البَريد وقال الشاعر :

إني أَنُصُّ العِيسَ حتى كأَنَّنِي

عليها بأَجْوَازِ الفَلاة بريدُ

أبو عبيد عن الفراء : هي لك بَرْدَةُ نَفْسِها ، أي خالصا ، وهو لي بَرْدَةُ يَميني إذا كان لك مَعْلوما.

قال ابن شميل : إذا قال : وا بَرْدَهُ على الفؤاد إذا أصاب شيئا هينا ، وكذلك وا بَرْدَاه على الفُؤادِ.

فأما قول الله جلّ وعزّ : (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤)) [الواقعة : ٤٤] فإن المنذري أخبرني عن الحراني عن ابن السكيت : أنه قال : عَيشٌ باردٌ أي طَيِّب وأنشده :

قليلة لَحم الناظِرَيْن يَزِينُها

شبابٌ ومَخْفوضٌ مِن العيش بارِدُ

أي طاب لها عيشها ، ومثله قولهم : نسألك الْجَنّة وبَرْدَها أي طيبَها ونَعِيمها.

وقال ابن بُزُرْج : البُرادُ ضَعْفُ القوائم من جوع أو إعياء.

ويقال : به بُراد وقد بَرَد فلان إذا ضَعفتْ قوائمه.

وفي حديث ابن عمر : أنه كان عليه يوم الفتح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ.

قال شمر : رأيت أعرابيا بحزَيْمِيَّة وعليه شِبْهُ مِنديل من صوف قد اتَّزَر به فقلت : ما نُسَميه؟ فقال : بُرْدةٌ ، قُلْتُ : وجمعها بُرَدٌ وهي الشَّملة المُخطَّطةُ.

وقال الليث : البُرْدُ مَعروفٌ من بُرُودِ العَصْب ، والوَشْيِ ، وأما البُرْدَةُ فَكِساءٌ مُرَبَّعٌ فيه صُفْرة ونحو ذلك.

قال ابنُ عمر ، وقال ابن شميل : ثوب بَرُودٌ ليس له زِئْبِرٌ.

وقال أبو عُبيد : يقال بَرَدتُ عينَه بالكُحْل أَبْردُها بَرْدا ، وسقَيْتُه شَرْبةً بَرَدْتُ بها فؤاده وكلاهما من البَرُود. قال : وسحابة بَرَدَة إذا كانت ذات بَرْد.

ويقال : لا تُبَرِّدْ عن فلان بِقَول : أي إن ظلمك فلا تَشْتُمه فَتُنقِص من إثمه ، ويقال : إن أصحابَك لا يُبالون ما بَرَّدوا عليك أي أَثْبَتُوا عليك.

وقال شمر : ثوبٌ بَرُودٌ إذا لم يكن دفِيئا ولا لَيِّنا من الثياب ، ورجل به بِرْدةٌ وهو تَقْطِيرُ البول ولا يَنْبَسِط إلى النساء ، وبَرَدَى اسم نهر بدمشق قال حسان :

يَسْقُون مَن وَرَدَ الْبَرِيصَ عليهِمُ

بَرَدَى تُصَفِّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ

وبُرْدَا الجَراد جناحاه.

وقال ذو الرمة :

* إذا تَجَاوَبَ مِن بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ*

وقال الكُمَيْتُ يَهْجُو بارِقا فقال :

٧٦

تُنَفِّضُ بُرْدَى أمِّ عَوْف ولم يَطِرْ

لنا بارق بخ للوعيد والرهب

وأمُّ عَوْفٍ كُنْيَةُ الجراد.

ابن السكيت : البرْدَان والأبْرَادن الغَدَاةُ والعَشِيُّ وهما الرِّدفان ، والصَّرعان ، والقَرَّتان ، ابن الأعرابيّ : البارِدَةُ الرَّباحة في التجارة ساعة يشتريها ، والبارِدةُ الغنيمةُ الحاصلةُ بغير تعب ، ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة» لتحصيله الأجر بلا ظمأ في الهَوَاجر.

قال ابن الأعرابيّ : ويقال : أَبْردَ طعامَه وَبَرَدَه وبرَّدَه ، والأبارِدُ : النُّمور واحدها أَبْرَدُ ، يقال للنِّمر الأُنْثى : أَبْرَدُ والخَنَيْثَمةُ ، والبُرْدِي ضرب من تَمْرِ الحجاز جَيِّدٌ معروف.

وقال الليث : البَرَّادةُ كَوَّارَةٌ يُبرَّدُ عليها الماء. قلت : ولا أدري أهي من كلام العرب أو من كلام المولدين.

ربد : أبو عبيد : الرُّبَدُ فِرِنْدُ السيف. وقال صخر الغَيّ :

* أَبْيَضَ مَهْوٍ في مَتْنِهِ رُبَدْ*

أبو عبيد عن أبي عمرو : يقال للظَّلِيم : الأرْبَدُ لِلَوْنه ، والرُّبْدَةُ : الرُّمْدَة شِبهُ الوُرْقة تَضْرِب إلى السواد.

وقال الليث : الأرْبَد ضَربٌ من الحيَّات خبيث. وإذا غَضِبَ الإنسان تَرَبّد وَجهُه كأنه يسودّ منه مواضع. قال : وَإذا أَضْرَعَت الشاةُ قيل : رَبَدَتْ وَتَرَبَّدَ ضَرْعُها إذا رأيتَ فيه لُمَعا من سَواد بِبَياض خَفِيّ.

وقال أبو زيد : تقول العرب : ربَّدَتِ الشاةُ تَرْبيدا إذا أَضْرَعَتْ قاله أبو زيد ، قال : والرّبْداءُ من المَعْزَى السَّوداءُ المنقَّطة الموسومة مَوضِعَ النِّطاق منها بحُمْرة.

اللحياني : في نعامة رَبْداء ورَمْداء أي سوداء.

وقال بعضهم : هي التي في سوادها نُقَطٌ بِيض أو حمر.

الأصمعيّ : ارْبَدَّ وجههُ وأَرْمَدَّ إذا تَغَيَّرَ.

وأنشد الليث : في تَرَبُّد الضَّرع فقال في بيت له :

إذا والد منها تَرَبَّد ضَرعُها

جعلتُ لها السكين إحدى القَلائِدِ

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن مَسجده كان مِرْبدا لِيَتيمين في حِجر معوذ بن عَفْراء فاشتراه منهما معاذ بن عفراء فجعله للمسلمين ، فبناه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَسْجدا».

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : المِرْبَد كلُّ شيء حُبِستْ به الإبل ولهذا قيل : مِرْبَدُ النَّعَم الّذي بالمدينة وبه سمي مِرْبَدَ البصرة ، إنما كان موضع سُوق الإبل ، وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أيضا إذا حُبِستْ به الإبل.

وأنشدنا الأصمعيّ فقال في شعره :

٧٧

عَوَاصِيَ إلا ما جَعَلْتُ وراءها

عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشى نُحُورا وأَذْرُعا

قال : يعني بالمِرْبَد ههنا عَصا جعلها مُعْتَرضةً على الباب تمنع الإبل من الخروج سماها مِرْبدا ، لهذا.

قلت : وقد أنكر غيره ما قال ، وقال : أراد عَصا مُعْترضةً على باب المِربد ، فأضاف العصا المعترضة إلى المِرْبد ، ليس أن العصا مِرْبَدٌ.

قال أبو عبيد : والمِرْبد أيضا موضع التمر مثل الجَرِين ، فالمِربد بلغة أهل الحجاز ، والجرينُ لهم أيضا ، والأنْدَرُ لأهل الشام ، والبَيْدَرُ لأهل العراق.

وقال غيره : الربْدُ الحبْس.

وقال ابن الأعرابيّ : الرَّابِدُ الخازن ، والرّابدةُ الخازنة.

وروى عمرو عن أبيه : رَبَد الرجلُ إذا كنز التمرَ في الرَّبَائِد وهي الكُراخات.

دبر : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه قال : ثلاثةٌ لا تُقبل لهم صلاةٌ ، رجلٌ أَتى الصلاةَ دِبارا ، ورجل اعْتَبَدَ مُحَرَّرا ، ورجل أمَّ قوما هم له كارهون».

قال الأفريقيُّ وهو الّذي روى هذا الحديث : معنى قوله دِبارا بعد ما يفوت الوقت.

وقال ابن الأعرابيّ قوله : دِبارا جمع دَبْر ودَبَر : وهو آخر أوقاتِ الشيء ، الصلاةِ وغيرِها. ومنه الحديث الآخر : «ولا يأتي الصلاة إلا دَبَرِيّا».

قال والعرب تقول : العلم قَبْلِيُّ وليس بالدَّبَرِيِ.

قال أبو العباس : معناه أن العالِم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَريعا ، والمُتَخَلِّفَ يقول : لي فيها نظر.

وقال الليث : يقال : شرُّ الرَّأْي الدَّبَرِيُ أي شرّه إذا أَدبَر الأمر وفاتَ ، قال : ودُبُر كل شيء خِلاف قُبُله في كل شيء ، ما خلا قولهم : جَعَل فلانٌ قولَك دَبْر قولَك دَبْر أُذنِه أي خَلْفَ أذنه.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)) [القمر : ٤٥] كان هذا يومَ بدر ، وقال : الدُّبُر فوحَّد ولم يقل الأدبار ، وكل جائزٌ صوابٌ ، يقال : ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأْس ، كما تقول : فلان كثيرُ الدينار والدرهم.

وقال ابن مقبل :

* الكاسرينَ القَنَا في عَوْرةِ الدُّبُرِ*

وقال في قوله عزوجل : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) [ق : ٤٠] ، ومن قرأ بِفتح الألف جَمع على دبُرٍ وأدبار ، وهما الركعتان بعد المغرب.

وروي ذلك عن عليّ بن أبي طالب قال وأما قوله : (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) [الطور : ٤٩] في سورة الطور فهما الركعتان قبل الفجر

٧٨

قال : وتكسران جميعا وتنصبان جائزان.

وقول الله جلّ وعزّ (إِذْ أَدْبَرَ) [المدثر : ٣٣] قرأها ابن عباس ومجاهد (والليل إذا دَبَر) ، وقرأها كثير من الناس : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ).

قال الفراء : وهما لغتان دبَر النهارُ وأَدبر ودبَر الصيفُ وأدبَر ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَل ، فإذا قالوا : أَقْبَل الراكبُ أَو أَدبَر ، لم يقولوا إلّا بالألف ، وإنهما عندي في المعنى لواحدٌ لا أُبْعد أن يأتي في الرِّجال ما أتى في الأزمنة.

وقال غير الفراء بمَعنى قوله : «والليل إذا دَبَر» ، جاء بعد النهار كما تقول خَلَفَ ، يقال : خَلَفني فلان ، ودَبَرني أي جاء بعدي ، ومن قرأ : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣)) [المدثر : ٣٣] فمعناه وَلَّى ليذهب.

وقول الله جلّ وعزّ : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنعام : ٤٥].

وقال في موضع آخر : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) [الحجر : ٦٦].

أخبرني المنذريّ عن أبي طالب ابن سلمة قال : قولهم : قَطَعَ الله دابِرَه.

قال الأصمعيّ وغيره : الدابِرُ الأصل أي أذهب الله أصله.

وأنشد :

فِدًى لكما رِجْلَيَّ أُمِّي وخَالَتي

غَداةَ الكلابِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ

أي يُقتل القومُ فتذهب أصولُهم ولا يبقى لهم أَثرٌ.

وقال ابن بزرج : دابرُ الأمر آخره ، وهو على هذا كأنه يدعو عليه بانْقطاع العَقِب حتى لا يبقى له أحد يَخلُفه ، وعَقِبُ الرجل دابرُه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ. قال : الدَّابِرةُ الْمشْؤومةُ ، والدَّابِرةُ الهزيمة ، والدَّابِرةُ صيصيّةُ الدِّيك. قال : والمَدْبُور : الكثير المال ، والمدْبور المجروح.

وقال ابن السكيت : الدَّبْرُ النَّحْلَ وجَمْعُه دُبُورٌ. قال لبيد :

* وأَرْيَ دبور شَارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ*

قال : والدَّبْر المال الكثير. يقال : مالٌ دَبْر ومالان دَبْرٌ وأموال دَبْرٌ ومثله مال دَثْر.

ويقال : جعل الله عليهم الدَّبَرَةَ : أي الهزيمة ، وجعل لهم الدَّبْرَة عَلَى فلان أي الظَّفَرَةَ والنُّصْرَةَ ، وقال أبو جهل لابن مسعود يوم بدر وهو مُثْبَتٌ جَرِيحٌ : لمنْ الدَّبرَةُ؟ فقال : لله ولرسوله يا عدُوَّ الله.

أبو عبيد عن أبي عمر : والدِّبارُ ، المَشَارَاتُ واحدتها دَبَره.

قال الليث : وهي الكُرْدَةُ من المزْرَعة ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تَدابَرُوا ولا تَقَاطَعُوا».

٧٩

وقال أبو عبيد : التَّدابر : المصارمة والهِجرانُ ، مأخوذ من أن يُولِّي الرجلُ صاحبَه دُبرَه ويُعْرِضَ عنه بوجهه وأنشد :

أَأَوْصَى أَبو قَيْس بأَن تَتَوصَّلُوا

وأَوْصَى أَبُوكم وَيحْكُمْ أن تَدَابروا

ويقال : إن فلانا لو استقبلَ من أمره ما استدبره لَهُدِيَ لِوجْهة أمره ، أي لو علم في بَدْءِ أمرِه ما علمه في آخره لاسترشد أمره ، وقال أَكْثَمُ بنُ صَيْفيّ لبنيه : يا بَنيَّ لا تَتَدبرُوا أعجازَ أُمور قد ولَّتْ صُدورها.

يقول : إذا فاتكم الأمْر لم ينفعكم الرأيُ وإن كان مُحْكَما. والتدْبِيرُ أن يُعْتِق الرجلُ عبدَه بعد موتِه فيقول له : أنت حرٌ بعد موتي ، والتدبير أيضا أن يُدَبِّرَ الرجلُ أمرَه ويَتَدَبَّرهُ أي ينظر في عواقبه ، والدَّبرانُ نجمٌ بين الثريّا والجوزاء ، ويقال له : التَّابع والتُّويْبعُ ، وهو من منازل القمر ، سُمي دَبرانا لأنَّه يدْبُرُ الثُّريا أي يَتْبَعُه ، والدَّبُور ريحٌ تَهُبّ من نحو المغرب ، والصَّبا تقابلهما من ناحية المشْرق.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نُصِرتُ بالصَّبا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبور».

وقال الأصمعيّ : دَبَرَ السهمُ الهدفَ يَدْبُره دَبْرا إذا صار من وراءِ الهَدَفِ ، ودَبِرَ البَعيرُ يَدْبِرُ دَبَرا.

ويقال : ناقة مُقَابلةٌ مُدابَرة : أي كريمة الطرفين من قبل أبيها وأمها ، وغلام مُدَابَرُ مُقابلَ كريم الطرفين ، ويقال : ذهب فلان كما ذهب أمس الدابر ، وهو الماضي لا يرجع أبدا ، ويقال : جعلت كلامه دَبْرَ أُذُنِي أَيْ : أَعْرَضتُ عنه ، ولم أَلْتفِتْ إليه.

وفي حديث النجاشي أنه قال : ما أحِبّ أن لي دَبْرا ذَهَبا وأني آذيتُ رجلا من المسلمين ، وفُسِّر الدَّبْر بالجَبَل في الحديث ؛ ولا أدري أَعربي هو أم لا؟

وقال أبو الهيثم : الدَّبْر : الموت يُقال : دَابَر الرجلُ إذا مات.

وقال أمية :

زَعَمَ جُدعَانُ ابْنُ عَم

رو أنّني يَوْما مُدَابر

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى أن يُضَحّى بمقَابَلةٍ أو مُدَابَرة.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : المقَابلة أن يُقطعَ من طَرَف أذنها شيءٌ ثم يتركَ مُعَلَّقا لا يَبينُ كأنه زَنَمَة ، ويقال لمثل ذلك من الإبل : المزَنَّمُ ، ويسمى ذلك المعَلقُ الرَّعُل ، والمدابرةُ أن يُفْعَل ذلك بمؤَخّر الأذن من الشاة.

قال الأصمعيّ : وكذلك إن بَانَ ذلك من الأذن فهي مُقَابَلةٌ ومُدَابَرةٌ ، بعد أنْ كان قَطْعٌ.

قال ويقال : شَاةٌ ذات إقْبَالةٍ وإدْبَارةٍ إذا شُقّ مُقَدّمُ أُذُنها ومُؤَخّرها وفُتِلَتْ كأنها زنمة.

٨٠