وقال ابن الأعرابيّ : هو الهَدَف المشرِف.
بلنط : قال الليث : البَلَنْط شيءٌ يُشبه الرُّخام ، إلّا أَنَّ الرُّخامَ أَهَشُّ منه وأرْخَى ، وأنشد بيت عمرو بن كُلْثوم :
وسَارِيَتَيْ رُخام أو بَلَنْط |
يَرِنُّ خشاشُ حَلْيِهمَا رَنِينا |
*[طربل] : وأخبَرَني المنذريُّ عن ابن حَمُّوَيْه قال : سمعتُ أبا تراب يقول : كتب أبو محكّم إلى رجل : اشترِ لنا جَرَّة ولْتكن غيرَ قَعْراء ولا دَنّاء ولا مُطَرْبَلة الجوانب ، قال : ابنُ حَمُّويه : فسألتُ شِمرا عن الدَّنّاء فقال : القصيرة ، قال : والمطربلة الطويلة.
[مرطل] : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : مَرْطَلَ الرجلُ ثوبَه بالطين إذا لَطَخَه ، وأنشد :
* مَمْعُوثةٌ أعراضُهُمْ مُمَرْطَلَة*
[طلنف] : قال : والمُطْلَنْفِئُ اللاطئُ بالأرض.
وقال اللحيانيّ : هو المستلقِي على ظهرِه.
قال أبو زيد : اطلنفَأت اطلنفاء إذا لزقت بالأرض.
[طنبر] : وقال الليث : الطُّنبورُ الذي يُلعَب به معرّب. وقد استعمل في لفظ العربيّة.
وقال أبو حاتم عن الأصمعيّ : الطُّنبور دخيل وإنّما شبِّه بألْيَة الحَمَل ، وهو بالفارسية ذُنْبَهِ بَرَه فقيل : طُنْبُور.
[برطم] : أبو عبيد عن الأمويّ : البِرْطام : الرجلُ الضَّخْمُ الشفةِ.
وقال الليث : البرطَمة عُبوسٌ في انتفاخ وَغَيْظ ، تقول : رأيتُه مُبَرْطِما ، ولا أدري ما الّذي بَرْطَمَهُ.
وقال الأصمعيّ : يقال للرّجل قد بَرْطَم بَرْطَمةً إذا غَضِبَ. ومِثلُه اخْرَنطَم ، وبَرْطَمَ الليلُ إذا اسودّ.
[فرطم] : وقال الليث : الفُرطومة مِنقار الخُفّ إذا كان طويلا محدَّد الرّأس.
وفي الحديث : إنَّ شيعَةَ الدَّجال شوارِبُهم طويلة ، وخِفافُهُم مُفَرْطَمَة.
قلتُ : وقد رَوَى أبو عمرَ عن أحمدَ بنِ يحيى ، عن ابن الأعرابيّ أنه قال : قال أعرابيّ : جاءنا فلان في نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْن بالقاف ، أي لهما منقاران ، والنِّخافُ : الخُفُّ رواه بالقاف ، وهو عندي أصحّ ممّا رواه الليث بالفاء.
*[برطم] : عمرو عن أبيه ، جاء فلان مُبْرَنْطِما إذا جاء متغضّبا.
[تفطر] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التفاطير : البَثْر ، قال وأنشدني المفضّل :
تفاطيرُ المِلَاح بِوَجْهِ سَلْمَى |
زَمَانا لا تَفاطيرُ القِباحِ |
وقرأتُ بخطّ أبي الهَيْثَم بيتا لِلْحُطَيْئة في صفة إبلٍ نَزَعَت إلى نبت بلد ذكره فقال :
طبَاهُنّ حتى أطفَلَ الليلُ دونَها
تفاطيرُ وَسْمِيٍّ رِوَاءً جُذورُها
أي رَعاهنّ تفاطير وَسْمِيّ. قال : والتفاطير نَبْذٌ من النبت يقع في مواقعَ من الأرض مختلفة قال : ويقال : التَّفاطِير أوّل النبت.
قلتُ : من هذا أخذ تَفاطير البَثْر. وأطفَل الليل ، أي أظلمَ.
وقرأت في نوادر اللِّحياني عن الإيادي : في الأرض تَفاطير من عُشْب بالتاء أي نَبْذٌ متفرّق ، وليس له واحد. وقال بعضهم : التفاطير من النبات ، وهو رواية الأصمعيّ والناس ، والتفاطير بالتاء النوْر.
طرطب : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ثَدْيٌ طُرْطبٌ أي طويل.
وقال أبو عمر : امرأةٌ طرْطُبّة مسترخيَة الثَّدْيَين وأنشدَ :
أُفٍّ لتلك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّةْ |
العَنْقَفِير الجَلْبَح الطُّرْطُبَّهْ |
قال : والطَّرْطبَه دُعاء الحمار وأنشدَ :
* وَجَالَ في جِحاشِه وطَرْطبَا*
أبو عُبيد عن أبي زيد : طرْطبَ بالنَّعْجَةِ طرْطَبَةً إذا دعاها.
[طمطم] : أبو تراب : الطَّواطم والطَّماطمُ العُجْم ، وأنشد للأَفْوَه الأوْدي :
كالأسوَد الحَبَشِيّ الْحَمْشِ يَتْبَعُه |
سُودٌ طماطمُ في آذانها النُّطَفُ |
[بربط] : الليث : البَرْبَطُ معرَّب ، وهو من مَلاهِي العَجَم ، شبيه بصَدْر البَطّ والصَّدْر بالفارسيّة بَتْر فقِيلَ : بَرَبَط ، والبِرْبيطيَّاءُ موضعٌ يُنْسَبُ إليه الوَشيُ ، ذكَرَه ابنُ مُقبِل في شعره ، فقال :
خُزَامَى وسَعْدانٌ كأَنَّ رِياضَها |
مُهِدْنَ بذي البِرْبيطيَاءِ المهذَّبِ |
وقال أبو عمرو : البِرْبيطياء : ثيابٌ.
[برطم] : ورُوي عن الكسائي أنه قال : الْبَرْطَمَةُ والبَرْهَمَةُ كهَيْئَةِ التَّخَاوُصِ.
وقال أبو سعيد نحوا منه ، والله تعالى أعلم. انتهى.
آخر كتاب الطاء والحمد لله على نعمه.
* * *
كتاب حرف الدال
أبواب المضاعف من حرف الدال
د ت : مهمل.
[باب الدال والظاء]
د ظ
] دظ : قال الليث : الدَّظّ هو الشَّلّ بلُغَة أهلِ اليَمن ، يقال : دَظَظْناهم في الحرب ، ونحن نَدُظُّهمْ دظّا.
قلت : لا أحفَظُ الدّظّ لغير اللّيث.
د ذ : مهمل.
[باب الدال والثاء
د ث]
دث : أهمَلَهُ الليث ، وهو مستعمل عند الثِّقات.
روَى أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : من الأمطار الدّثّ وهو الضعيف ، وقد دَثَّتْ السماء تَدِثّ دَثّا.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الدّثّة والهَدْنةُ للمطر الضعيف.
وقال أبو زيد : أرض مَدثُوثةٌ وقد دُثّتْ دثّا ، قال : ويقال : دَثَثْتُه أَدُثُّه دثّا وهو الرَّمْيُ المتقارِبُ من وراءِ الثِّيابِ.
عمرو عن أبيه قال : الدُّثَّةُ الزُّكام القليل.
قال : والدُّثَّاثُ صَيَّادُو الطَّيْر بالمِخْذَفَة.
ورَوَى ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الدّثّ والدَّفّ الْجَنب ، والدّثّ : الضرْب المؤلم ، والدّثّ : الرمْيُ بالحِجَارة ، والدّث الزُّكام ، ودُثّ فلانٌ دثّا وهو التواءٌ في بعض جسدِه.
انتهى والله أعلم.
باب الدال والراء
[د ر]
د ر ، ر د : [مستعملة].
در : قال الليث : دَرّ اللبنُ يَدِرُّ دَرّا ، وكذلك الناقة إذا حُلِبَتْ فأَقبَل منها على الحالب شيء ، كثير ، قيل : دَرّتْ وإذا اجتمع في الضَّرْع من العُرُوقِ وسائر الجَسَد قيل : درَّ اللبنُ ودرّت العُرُوقِ إذا امتلأتْ دَما.
ودَرّت السماءُ إذا كثُرَ مطرُها ، وسحابةٌ مِدْرار وناقةٌ دَرُورٌ.
ورُوي عن عمر بن الخطّاب أنه أَوصَى عُمَّاله حين بعثهم فقال في وصيَّته لهم : أُدِرُّوا لِقحة المسلمين.
قال الليث : أراد بذلك فَيْئَهم وخراجهم ،
قال : والاسم من ذلك الدَّرّة.
وقال غيره : يقال دَرَّت الناقةُ تَدِر وتَدُرّ إذا امتلأت لبنا ، وأدَرّها فصيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُون الفصيل ، إذا مَسَح ضَرْعها ، ويقال للسماء إذا أخالتْ : دُرِّي دُبَسْ بضمّ الدال ، رَوَى ذلك عن العرب ابنُ الأعرابي وهذا من دَرَّ يدُرّ.
وقال أبو الهيثم : دَرّتْ الناقةُ تَدِر دُرُورا ودرّا ، وتدُرّ أيضا ، قال : ودرَّ السِّراجُ وسراج درّارٌ ودَرِير ، ودَرَّ الفَرَسُ دِرّة فهو دَرِير إذا أسْرَعَ في عَدْوه ، قال : وأصلُ الدّرّ في كلام العرب اللّبَن. قال : ويقال : لله دَرُّك.
وقال الليث : لله دَرّك معناه لله خيْرُك وفِعالُكَ ، يقال هذا لمن يُمدح ويتعجب من عمله ، وإذا شتَموا قالوا : لا درّ درُّهُ أي لا كثُر خيْرُه. قال : والدَّرِير من الخيْل السَّريع المكتَنز الخلْق المقتدِر.
وقال ابن شميل في قولهم : لله دَرُّك ، أي لله ما خرج منك من خير.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الدَّرّ العمل من خير أو شرّ ، ومنه قولُهم : لله درُّك يكون مدحا ، ويكون ذمّا كقولهم : قاتَله الله ما أكفره ، وما أشعَرَه.
قال : والدَّرُّ النّفْس. والدَّرّ اللبن ، ودَرَّ وجهُ الرجل يَدِرّ إذا حَسُنَ وجهُه بعد العِلة ، ودرَّ الخَراج يدرّ إذا كثُر ، ودرَّ الشيء إذا جُمِع ، ودرّ إذا عُمِل.
وقال أبو زيد : الدِّرَّة في الأمطار أن يَتبَع بعضُها بعضا ، وجمعُها دِرَرٌ.
سلمة عن الفرَّاء قال : الدَّردَرَّى الذي يذهب ويجيء في غير حاجة.
وقال أبو عبيدة : الإدرار في الخيل أن يُقلَّ الفرسُ يدَه حينَ يعْتَق فيرفعها وقد يضعُها في الْخَببِ.
وقال الزجَّاج في قول الله جل وعزّ : (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) [النور : ٣٥] ، من قرأ بغير همز ، نسبَه إلى الدُّر في صفائِه وحُسْنه. قال : وقرئت (دِرِّىٌ) بالكسر.
وقال الفرّاء : من العرب من يقول : كوكب دِرّيّ ينسبُه إلى الدُّر ، كما قالوا : بَحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ ، وقرئتْ دِرِّيءٌ بالهمز وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال الليث : الدُّر العِظام من اللؤلؤ ، الواحدة دُرّة ، قال : والكوكب الدُّرّيّ : الثاقبُ المضيء وجمع الكواكب دراريّ.
قالوا : ودَرَّايةُ : من أسماء النِّسَاء.
والدُّرْدُورُ : موضعٌ من البحر يجيشُ ماؤه وقلَّما تسلم السفينة منه ، يقال : لجَّجُوا فوقعوا في الدُّرْدُور ، ويقال : دَرِدَ الرجُل فهو أَدْرَدُ إذا سَقطتْ أسنانُه وظهرَتْ دَرادِرُها وجمعُه الدُّرْدُ. ومن أمثال العرب السائرة : أَعيَيْتني بأُشُرٍ ، فكيفَ أرجوكِ بدُرْدُرٍ.
قال أبو عبيد : قال أبو زيد : هذا يُخاطب امرأتَه يقول : لم تقبَلي الأدبَ وأنت شَابَّةٌ ذات أشُرٍ في ثغرك ، فكيف الآن وقد أسنَنْتِ حتى بدتْ دَرَادرُك وهي مَغارِزُ الأسنان ، ودرَّد الرجل إذا سقطت أسنانه وظهرت درادره.
قال : ومثلُه : أعتيتني من شُبَ إلى دُبَ ، أي من لدن شبَبتَ إلى أن دَببْتَ ، والدِّرّة : درَّة السلطان التي يضرب بها.
الأصمعي ، يقال : فلان دَرَرَكَ أي قُبالتك.
وقال ابن أحمر :
كانت مَناجعَها الدَّهْنا وجَانِبُها |
والقُفُّ ممّا تراه فوْقَهُ دَرَرَا |
وقال أبو سعيد : يقال هو على دَرر الطريق ، أي على مَدْرَجته.
وقال أبو زيد : يقال : فلان على درر الطريق ، ودَارِي بِدَرَرِ دارك أي بحذائها إذا تقابلَتا.
وفي حديث عَمرو بن العاص أنه قال لمعاوية : أتيتُك وأَمرُك أشدُّ انفِضاحا من حُقِّ الكهول ، فما زلتُ أَرُمُّه حتى تركتُه مثل فلكة المُدِرِّ.
وذكر القُتيبيّ هذا الحديث فأخطأَ في لفظه ومعناه : وحُقُّ الكهول بَيتُ العنْكبوت وقد مرَّ تفسيرُه ، وأما المُدِرُّ فهو الغزّال : ويقال للمغزَل نفسها الدَّرّارَة ، وقد أدرَّت الغزَّالة درّارَتها ، إذا أدارتْها لتستحكم قوَّة ما تغزله من قطن أو صُوف ، وضرَب فلكةَ المُدرّ مثلا لاستحكام أمرِه بعد استرخائه ، واتساقه بعد اضطرابه ، وذلك أن الغزَّال يُبالغ في إحكام فلكة مِغزَله وتقويمها لئلا تقلقَ إذا أدَرَّ الدّرّارَة.
أبو عبيد : سمعتُ الأمويّ يقول : يقال للمِعزَى إذا أرادت الفحلَ قد استدرّت استدرِارا ، وللضأن قد استوْبلتْ استِبيالا.
وفي حديث ذي الثُّديّة المقتول بالنهْروان ، كانت له ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعة تدَرْدَرُ أي تمرْمَرُ وترجرَج.
وقال أبو عمرو : يقال للمرأة إذا كانت عظيمَة الألْيَتين ، فإذا مشتْ رَجفَتا هي تَدَرْدَرُ. وأنشد فقال :
أُقسم إن لم تأْتنا تَدَرْدَرُ |
ليُقطعنَّ من لسانٍ دُرْدُرُ |
قال والدُّردُرُ ههنا طرف اللسان ، ويقال : هو أصلُ اللسان ، وهو مَغرز السنّ في أكثر الكلام.
وأنشد أبو الهيثم :
لما رأتْ شيخا لها دَوْدرَّى |
في مثل خيْط العهْن المُعَرَّى |
قال : الدوْدرّى من قولهم فرس درير ، والدليلُ عليه قولُه :
* في مثل خيْط العِهن المُعرى*
يريد به الخذرُوف ، والمُعرّى : جُعلتْ له عُروَة ، والدَّرْدارُ ضرب من الشجر معروف.
رد : قال الليث : الردُّ مصدرُ رددتُ الشيءَ ، ورُدُودُ الدَّراهِم واحدُها رَدُّ ، وهو ما زُيِّفَ ، فرُدَّ على ناقِدِه بعدَ ما أُخذَ منه.
قال : والرَّدّ ما صار عِمادا للشيء يَدفَعه ويَردّه.
قال : والرَّدّةُ : تَقاعُس في الذّقَن.
ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للإنسان إذا كان فيه عيب : فيه نَظْرة ورَدَّة وخَيْلة.
وقال أبو الهيثم : قال أبو ليلى : في فلان رَدَّة أي يَرتدّ البَصَر عنه من قُبحِه.
قال : وفيه نَظْرة أي قُبح.
وقال الليث : يقال للمرأة إذا اعتراها شيء من جمالٍ وفي وجهِها شيء من قَباحة : هي جميلة ، ولكن في وجهِها بعض الرَّدَّة. ورَدّادٌ : اسم رجل كان مُجَبِّرا يُنسب إليه المُجَبِّرون ، وكلُّ مجبِّر يقال له : رَدَّادٌ.
وفي حديث الزُّبير في دار له وقَفَها فيكتب : وللمَرْدُودة من بناتي أن تسكُنَها ، قال أبو عبيد : قال الأصمعي : المردُودة من النساء المطلَّقة.
ورُوِي عن النّبيّ صَلَى الله عليه وسلم أنه قال لسُراقَة بن مالك : «ألا أدُلُّك على أفضل الصّدَقة ابنتُكَ مَرْدُودَةٌ عليك لا كاسبَ لها غَيرُك» ، أراد أنّها مطلَّقة من زَوجِها ، فأَنفِق عليها.
وقال أبو عمرو : الرُّدَّى : المرأة المردودة المطلّقة.
أبو عبيد عن الكسائي : ناقة مُرْمِدٌ على مثالِ مُكرِم ، ومُرِدٌّ مثال مُقِل إذا أشرق ضَرْعها ووَقَع فيه اللبن.
قال أبو عبيد : وأَنشد غيرُه :
* تَمشِي من الرِّدّة مَشْيَ الحُفَّلِ*
وقال غيره : ناقةٌ مُرِدّ إذا شَربت الماءَ فَورِم ضَرعُها وحياؤها من كثْرة الشرب ، يقال : نُوقٌ مَرادٌّ ، وكذلك الجِمال إذا أَكْثرتْ من الشّرب فثَقُلتْ.
ورَجُلٌ مُرِدّ إذا طالت عُزْبَتُه فَتَرَادَّ الماءُ في ظهره.
ويقال : بَحْر مُرِدّ أي كثيرُ الماء ، وأَنشدَ :
رَكبَ البحرُ إلى البحرِ إلى |
غَمَراتِ الموت ذِي المَوْجِ المُرِدّ |
ورُوِي عن عمرَ بن عبد العزيز أنّه قال : لا رِدِّ يدَي في الصَّدَقة.
يقول : لا تُردُّ.
وقال أبو عبيد : الرِّدِّيدَى من الرَّدّ في الشيء.
أبو تراب عن زائدة : يقال : رَدَّه عن الأمر ولَدَّه ، أي صَرَفه عنه برفق ، قال : والرِّدّ الظَّهْر والحَمُولة من الإبل.
قلتُ : سمّيتْ رِدّا لأنّها تُرَدّ مِن مَرتَعها إلى الدار إذا احتَمَلَ أهلُها ، قال زُهير :
رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحَيِّ فاحْتَملوا |
إلى الظَّهيرة وأَمْرٌ بيْنهم لَبِكُ |
ابن الأعرابيّ : الرُّدُدُ : القِباحُ من النَّاس ، يقال : في وجهه رَدَّة وهو رَادٌّ ، وارتَدَّ الرجُل عن دِينه رِدّة إذا كَفَر بعد إسلامه ، وأَمرُ الله لا مَرَدّ له. انتهى والله أعلم.
باب الدال واللام
[د ل]
دلَّ ، لدَّ : مستعمل.
دلّ : في الحديث : أن أصحابَ عبد الله بنِ مسعود كانوا يَرحَلُون إلى عمرَ بن الخطاب فينظرُون إلى سَمْتِه وهَدْيه ودَلِّهِ فَيَتشَبَّهون به.
قال أبو عبيد : أما السَّمْت فيكون بمعنيين : أحدُهما حُسْنُ الهيئةِ والمَنظَر في الدِّين وهيئة أهلِ الخير ، والمعنى الثاني أن السَّمْتَ الطريق ، يقال : الزَمْ هذا السَّمْتَ ، وكلاهما له معنًى ، إمَّا أرادوا هَيْئَةَ الإسلام أو طريقة أهْلِ الإسلام.
وقولُه : إلى هَدْيِه ودَلِّهِ فإنّ أحدَهما قريب من الآخر ، وهما من السكينة والوَقار في الهيئة والمَنظَر والشمائل وغيرِ ذلك.
وقال عدِيّ بن زَيْد يمدح امرأةً بحُسن الدَّلّ فقال :
لمَ تَطَلَّعْ من خِدْرِها تبتغي خِبَّا |
ولا سَاءَ دَلُّها في العِناقِ |
ورُوِي عن سعد أنَّه قال : بينا أنا أطوف بالبيت إذْ رأيْتُ امرأةً أعجبَني دَلُّها ، فأردتُ أن أَسأَل عنها ، فخِفتُ أن تكون مشغولةً ولا يَغُرَّكَ جَمالُ امرأة لا تَعرِفها.
وقال شمر : الدَّلَالُ للمرأة ، والدَّلُ حُسْن الحديث وحُسْن المَزْح والهيئة ، وأنشد فقال :
فإن كان الدَّلَالُ فلا تلِحّي |
وإن كان الوَداعُ فبالسَّلامِ |
قال : ويقال هي تَدِلّ عليه ، أي تجترىءُ عليه ، يقال : ما دَلَّك عليَّ أي ما جَرَّأك عليَّ ، وأَنشدَ :
فإن تَكُ مَدْلولا عليّ فإنني |
لِعَهْدِكَ لا غُمْرٌ ولستُ بِفانِي |
أراد ، فإن جَرَّأَكَ عَلَيَّ حِلْمِي فإنّي لا أُقِرُّ بالظُّلْم.
وقال قيس بنُ زهير :
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَ عليَّ قومِي |
وقد يُسْتَجهَلُ الرجلُ الحَليمُ |
قال محمد بنُ حبيب : دَلَ عليَّ قومي ، أي جَرَّأَهم ، وفيها يقول :
ولا يُعْيِيكَ عُرْقوب لِلأيٍ |
إذا لم يُعْطِكَ النَّصفَ الخَصِيمُ |
وقوله : عُرْقوب لِلأْي ، يقول : إذا لم يُنْصِفك خَصْمُك فأَدخِل عليه عُرْقوبا يَفْسَخُ حجّته ، والمُدِلُ بالشجاعة : الجَريء.
ثعلب عن ابن الأعرابي : المُدَلِّل الّذي يتجنَّى في غيرِ موضعِ تَجَنٍّ. قال : ودَلَ فلان إذا هَدَى ، ودَلَ إذا افتخرَ.
سَلَمة عن الفرّاء ، الدَّلّ : المِنَّةُ ، والدَّلَّةُ الإدْلال.
وقال ابن الأعرابي أيضا : دَلَ يَدُلُ إذا هَدَى ، ودَلَ يَدِلّ إذا مَنَّ بعَطائه ، والأدَلُ المَنّان بعَمَله.
وقال الليث : يقال تدلَّلَتِ المرأةُ على زَوْجِها ، وذلك أن تُرِيَه جَراءةً عليه في تَغَنُّجِ وشَكْلٍ كأنّها تُخالِفه ، وليس بها خلافَ.
قال : والبازِيُ يُدِلّ على صيده. والدِّلّةُ مِمّن يُدِلّ على من له عنده مَنزِلة شِبهُ جَراءة منه.
ابن السكّيت عن الفرّاء : دَليلٌ من الدِّلالة والدَّلالة بالكسر والفتح.
وقال أبو عبيد : الدِّلِّيلَى من الدَّلالة.
وقال شمر : دَلَلْتُ بهذا الطريق دَلالةً ، أي عرفتُه ، ودلَلْتُ به أَدُلّ دَلالة ، وقال أبو زيد : أَدْلَلْتُ بالطّريق إدلالا.
قال : وقلتُ : وسمعتُ أعرابيا يقول لآخَر : أما تَندَلّ على الطّريق ، وأَنشدَ ابن الأعرابي :
ما لَكَ يا أحمقُ لا تَنْدَلُ |
وكيف يَندَلُ امرؤٌ عِثْوَلُ |
وقال الليث : الدُّلْدُل شيءٌ عظيم أعظمُ من القُنْفُذ ذو شوك. والتّدلدُل كالتَّهدُّل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : من أسماء القنفذ ، الدُّلْدُل والشَّيْهمَ والأَزْيبُ.
اللّحياني : وقع القومُ في دَلدال وبَلْبالٍ إذا اضطَرَب أمرُهم وتذَبذَب ، وقومٌ دَلْدال إذا تَدَلْدَلُوا بين أمرين فلم يستقيموا ، وقال أوس :
أمْ مَنْ لِحَيٍّ أَضاعوا بعضَ أمرِهُم |
بين القُسوطِ وبين الدِّين دَلْدال |
وقال ابن السكّيت : جاء القومُ دُلْدُلا إذا كانوا مُذَبذَبين (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) ، وقال أبو مَعْدان الباهليّ :
جاء الحَزَائمُ والزَّبائنُ دُلْدُلا |
لا سابِقِين ولا مَعَ القُطَّانِ |
|
فعَجِبتُ مِن عَمرو وماذا كُلِّفتْ |
وتجيءَ عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ |
قال : والحَزيمَتان والزَّبينَتانِ من باهلة ، وهما حَزيمة وزَبينة ، فجمعهما ، وَتَدَلْدَلَ الشيءُ وَتَدَرْدَرَ إذا تحرَّك.
وقال الكسائيَّ : دلدَل في الأرض وبَلْبَل وقَلْقَل ذهبَ فيها.
لد : في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «خير ما تداويتُم به اللَّدُود والحِجامةُ والمَشِيُّ».
قال أبو عُبَيْد : قال الأصمعي : اللَّدُود : ما سُقِيَ الإنسانُ في أحد شِقَّي الفَمِ ، وإنما
أخذ اللَّدُودُ من لَدِيدَيِ الوادي وهما جانِباه ، ومنه قيل للرجل : هو يتلدَّد إذا تلفَّت يمينا وشِمالا ، ولَدَدْتُ الرُّجلَ ألُدُّه لَدّاً إذا سقيتَه ، كذلك وجمعُ اللَّدود أَلِدَّة.
وقال ابن أحمَر :
شَربتُ الشُّكاعَى والْتَدَدْتُ أَلِدَّةً |
وأقبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المكَاوِيَا |
والوَجُور في وَسَط الفَم.
وقال الفرَّاء : اللَّدّ : أن يُؤْخَذ بلسان الصبيّ فيُمَدَّ إلى أحَدِ شِقَّيه ويُوجَر في الآخر الدواءُ في الصَّدَف ، بين اللسان وبين الشَّدْق.
قال : واللَّدِيدَان صَفْحتا العُنُق ، وأَنشدَ :
لَدَدْتُهُمُ النَّصِيحة كلَ لَدِّ |
فَمَجُّوا النُّصْحَ ثم ثَنَوْا فقاءُوا |
وقال رؤبة :
* على لَدِيديْ مُصْمَئِل صِلْخادْ*
وقال ابن الأعرابي : اللَّديد الرَّوْضة الزَّهراء.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) [البقرة : ٢٠٤] معنى الخصم في اللغة الألَدُّ الشديدُ الخصومةِ ، واشتقاقُه من لَدِيدَيِ العُنُق ، وهما صَفْحتاه ، وتأويلُه أنّ خصمَه أيّ وجهٍ أخَذ من وجوه الخصومة غَلَبَهُ في ذلك ، يقال رجُلٌ ألَدُّ ، وامرأةٌ لَداء ، وقومٌ لدٌّ وقد لَدِدْتَ يا هذا تَلَد لَدّا ، ولَدَدْتُ فلانا ألُدّه لَدّا إذا جادَلْته فغلبْتَه.
وقال ابن السكيت : رجل أَلَنْدَد ويَلَنْدَد وهو الشديد الخُصومة ، وقال الشاعر يذكر ناقةً :
* بعيدةٌ بَينَ العَجْبِ والمتلدَّدِ*
أراد أنها بعيدة ما بين الذنَب والعُنُق.
وقال اللَّيث : هُذَيل تقول : لَدّهُ عن كذا وكذا أي حَبَسه.
ثعلب عن ابن الأعرابي : لَدَّدَ به وبَدَّدَ به إذا سَمَّع بِه.
وقال أبو عمرو : الدَّلِيلة : المحجة البَيْضاء وهي الدُّلى.
باب الدال والنون
[د ن]
دن ، ند ، (دوان) ددن : [مستعملة].
الدَّدَن : اللهْو واللَّعب.
ددن : ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : هو اللهْو ، والديْدَيون ، وهو دَدٌ ودَدَا ودَيْدٌ ودَيَدانٌ ودَدَنٌ كلُّها لغات صحيحة.
وفي الحديث : ما أنا مِن دَدٍ ولا الدَّدُ مِني.
قال أبو عبيد : قال الأحمر : فيه لُغات ، يقال : اللهْو دَدٌ مثل يَدٍ ودَدا مثل قَفَّا وعَصا ، ودَدَنٌ مِثل حَزَن ، وأَنشد :
أيّها القلبُ تَعلّقْ بِدَدَنْ |
إن هَمِّي في سَماعٍ وَأَذَنْ |
وقال الأعشى :
* وكنتَ كَمَنْ قَضَى اللُّبَانَةَ من دِدِ*
وقال : سَيْفٌ دَدَانٌ أي كَهام.
[دنّ] : وقال الليث : الدَّنّ ما عَظُم من الرّواقيد ، والجميع الدِّنان ، وهو كهيئة الجُبِّ ، إلّا أنَّه طويل مُستوِي الصَّنْعَة ، في أسفله كهيئة قَوْنَس البَيْضة.
أبو عبيد عن الأحمر : الأَدَنّ من النّاس : المُنحنِي الظَّهر.
وقال أبو الهيْثم : الأدَنُ من الدوابّ الّذي يداه قصيرَتان وعُنْقُه قريبة من الأرض ، وأَنشد :
بَرَّحَ بالصِّينيّ طُول المَنّ |
وسَيْرُ كلِّ راكبٍ أَدّنِ |
|
* معترِضٍ مثل اعتراضِ الطُّنّ* |
وقال الراجز :
* ولا دَنَنٌ فيهِ ولا إخْطاف*
والإخطاف صِغَر الجَوف ، وهو شَرّ عيوب الخيل.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الأَدَنّ الّذي كأنّ صُلْبه دَنّ ، وأَنشد :
قد حَطَأت أُمُّ خيْثَم بِأَدَنْ |
بناتِىء الجبهة مَفْسُوء القَطَنْ |
قال : والفَسَأُ : دُخُول الصُّلْب ، والفَقَأُ : خُروج الصَّدْر.
ويقال : دَنٌ وأَدْنَنٌ ودِنَّانٌ ودِنَنَةٌ.
وقال أبو زيد : الأدَنّ البعير المائل قُدُما ، وفي يَديْه قِصَر ، وهو الدَّثَمُ ، والدَّنَن : اسمُ بلدٍ بعَينِه ، ومنه قول ابن مقبل :
يَثْنِينَ أَعْناق أُدْمٍ يَختَلِينَ بها |
حَبَّ الأَراك وحَبَّ الضَّال مِن دَنَنْ |
وفي الحديث : «فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعاذ فلا تُحْسِنها».
قال أبو عبيد : الدَّنْدَنة أن يتكلّم الرجلُ بالكلام تَسمَع نَغْمَته ولا تفهمه عنه لأنّه يُخفيه. والهَيْنَمَةُ نحوٌ منها.
وقال شمر : طَنْطَن طَنْطَنة ودَنْدَن دَنْدَنةً بمعنًى واحد ، وأَنشد :
* تُدَنْدِن مِثلَ دَنْدَنَة الذُّبابِ*
وقال الليث : الدَّنين والدَّنْدَنة أصواتُ النَّحْل والزَّنَابير ، وأَنشد :
* كَدَنْدَنَةِ النَّحْلِ في الخَشْرَمِ*
أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا اسود اليَبِيسُ من القِدَم فهو الدِّنْدِن ، وأَنشدَ.
مِثل الدِّنْدِن البَالِي : وقال الليث : الدِّنْدِن أصولُ الشجر.
قلت : الدِّنْدِن ما فَسَّرَهُ الأصمعيّ وهو الدَّرِين.
أبو تراب : أَدَنّ الرّجُل بالمَكان إدْنانا وأَبَنَ إبْنانا إذا أقام ، ومِثلُه ممَّا يعاقِب فيه الدال والباء ، انْبَرَى وانْدَرَى بمعنًى واحد.
ند : قال ابن المظفَّر : النَّدُّ ضَرْبٌ من
الدُّخْنَةِ.
وروَى أبو يعْلَى عن الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العَلاء.
ويقال للعنْبرِ : النَّدّ ، وللبَقَّم : العَنْدَمُ ولِلْمِسك : العتيقُ.
ويقال : نَدَّ البعيرُ يَنِدّ نُدودا إذا شَرَد.
وقال الله جلّ وعزّ : (يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) [غافر : ٣٢ ، ٣٣] القُرَّاء على تخفيف الدال من التَّنادِ ؛ وقرأَ الضّحاك وحدَه : (يوم التَّنادِّ) بتشديد الدال.
وأخبَرَني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : هو من نَدَّ البعير نِدادا أي شَرَد. قال : وقد يكون التَّنادِ بتخفيف الدال من نَدَّ فليَّنوا تشديد الدال وجَعلوا إحدى الدالين ياءً ، ثم حَذَفوا الياء ، كما قالوا : دِيوان ودِيباج ودِينار وقِيراط. والأصل دِوّان ودِبّاج وقِرّاط ودِنّار. والدليلُ على ذلك جمعُهم إيّاها على دَوَاوِين وقَرَارِيط ودَبابِيج ودَنانير ، قال : والدليل على صحّة قراءة من قرأ (التَّنادّ) بتشديد الدال قولُه : (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ).
أبو عبيد عن أبي زيد : نَدَّدْتُ بالرجلِ تَنْدِيدا ، وسمَّعْتُ به تسميعا إذا أسمعتَه القبيحَ وشتمتَه.
شمِر عن الأخفش في قول الله جلّ وعزّ : (مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) [البقرة : ١٦٥]. قال : النِّدّ الضِّدّ والشِّبْه. قال : وقوله : (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) [الزمر : ٨] أي أضدادا وأَشْبَاها ، وفلانٌ نِدّ فلان ، ونَدِيدهُ ونَدِيدَتُه أي مِثْلُه وشِبهُه ، وأنشدَ للَبيد :
كيلا يكونُ السَّنْدَرِيّ نَدِيدَتِي |
وأجْعَل أَقْواما عُمُوما عَمَاعِما |
وقال أبو الهيثم : يقال للرجل إذا خالفَكَ فأَرَدْتَ وَجْها تذهَبُ فيه ونازعك في ضدِّه : فلانٌ نِدِّي ونَدِيدِي للّذي يريد خلاف الوجه الذي تريد وهو يستقِلّ من ذلك بِمثل ما تَسْتَقِلُّ به.
وقال حسّان :
أتَهْجُوه ولستَ له بِنِدٍّ |
فَشَرُّكما لخيرِكما الفِداءُ |
أي لستَ له بمِثْلٍ في شيء من معانيه.
ويقال : نادَدْتُ فلانا أي خالَفْتُه ، والتَّنْدِيدُ : رفْعُ الصَّوتِ ، وقال طرفة :
* لهِجْسٍ خَفِيِّ أو لصَوتِ مندد*
والصَّوتُ المندَّد المُبَالِغُ في النداء.
ويقال : ذهب القوم ينادِيدَ وأَنادِيدَ إذا تفرقوا في كلّ وجه.
وقال ابن شُميل : يقال : فلانة نِدُّ فلانة ، وخَتَنُ فلانةَ وتِرْبُها ، ولا يقال : فلانةُ نِدُّ فُلانٍ ولا خَتَنُ فلان ، فَتُشَبِّهُها به.
قال : وأما قولُه :
قَضَى على الناس أمرا لا نِدَادَ له |
عنهم وقد أَخَذَ الميثاقَ واعْتَقَدَا |
فمعناه أنه لا يَندُّ عنهم ولا يَذهب.
باب الدال والفاء
[د ف]
دف ، فد : [مستعملة].
[دف] : قال الليث : الدَّفّ والدَّفّة : الجَنْب لكلّ شيء ، وأنشد في الدَّفّة :
ووَانِيَةٍ زَجَرْتُ على وَجَاها |
قَرِيح الدَّفّتين من البِطانِ |
قال : ودَفّتا الطَّبْل. اللّتان على رأسه ، ودَفّتَا المُصْحَفِ ضِمَامَتاه من جانبيه.
وفي حديث عمرَ أنه قال لمالك بن أوْس : أنه قد دفّت علينا من قومك دافَّةٌ وقد أَمَرْنَا لهم بِرَضْخ فاقسِمه فيهم.
قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : الدَّافّة : القومُ يسيرون جماعةً سيرا ليس بالشَّديد ، يقال : هم يَدِفُّون دَفيفا.
ومنه الحديث الآخَر أنّ أعرابيا قال : يا رسول الله هل في الجنَّة إِبل؟ فقال : «نعم إنَّ فيها النَّجائب تَدِفّ بِرُكْبانها» ، قال : وقال أبو زيد : خُذْ ما دَفَ لك واسْتَدَفّ ، أي ما تَهَيَّأ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : دفَ على وجه الأرض وزَفَ بمعنًى واحد ، ونادَى منادِي خالد بن الوليد في بعض غَزَوَاته : أَلا مَن كان معه أسيرٌ فليُدافِّه. قال أبو عبيد : قال أبو عمرو والأمويّ قوله : فليُدافِّه ، يعني ليُجْهِز عليه ، يقال : دافَفْتُ الرجلَ دِفافا ومُدافَّةً ، وهو إجهازك عليه ، قال رُؤبة :
لمَّا رآني أُرْعِشتْ أَطْرَافي |
كان مع الشَّيْبِ من الدِّفافِ |
وكان الأصمعيّ يقول : تَدافَ القومُ إذا ركبَ بعضُهم بعضا.
قال أبو عبيد : وهو من هذا. قال : وفيه لغة أخرى فليدَافِهِ بتخفيف الفاء من دافَيْتُه ، وهي لغةٌ لجهينَة.
ومنه الحديث المرفوع : أنه أُتِي بأسير فقال : «أَدْفُوه» ، يريد الدِّفْءَ من البَرْدِ ، فَقَتَلُوه فَوَاداه رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم ؛ قال أبو عبيد : وفيه لغةٌ ثالثة بالذال فليذافِّه ، يقال : ذفَّفْتُ عليه تَذْفيفا إذا أجهزتَ عليه ، ومنه حديثُ عَلِيّ : لا يُذَفَّفُ على جريح ، والدُّفّ : الّذي يُضرَبُ به ، يقال له : دَفٌ أيضا ، وأما الدَّف بمعنى الجَنْب فهو بالفَتْح لا غير ، وجمعه دُفُوف.
وقال الليث : الدَّفيف أن يَدُفّ الطائرُ على وجه الأرض يحرِّك جناحيه ، ورِجلاه بالأَرْض وهو يطير ، ثم يستقلُّ ، وقال رؤبة :
* والنسرُ قد يَركُض وهو دافِ*
فخفّف وكسَرَ على كَسرةِ دافِفٍ ، وحَذَف إحدى الفاءين.
وقال ابن شميل : دُفوف الأرض أسنادُها ، وهي دَفادِفُها ، الواحدة دَفْدَفة ، وَدَفَ
العُقاب يَدُف : إذا دَنا من الأرض في طَيَرانه ، والدَّفيف : العَدْو أيضا.
فد : في حديث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنَّ الجفاءَ والقسوةَ من الفدَّادِين».
قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : هي مخفّفة واحدها فَدَّان مشدّدة ، وهي البقر الّتي يُحرَث بها.
وقال أبو عبيد : ليس الفَدادِين من هذا في شيء ، ولا كانت العرب تعرفها ، إنَّما هذه للرُّوم وأهلِ الشام ، وإنما افتُتحت الشام بعد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولكنهم الفَدَّادونَ بتشديد الدال واحدُهم فَدَّاد.
وقال الأصمعيّ : وهم الذين تَعْلُو أصواتُهم في حروثِهم وأموالِهم ومَواشيهم وما يعالجون بها. وكذلك قال الأحمر.
يقال منه : فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فَدِيدا. إذا اشتَدَّ صوتُه. وأنشد :
أُنْبئْتُ أَخْوَالي بَني يَزيدُ |
ظُلما علينا لهمُ فَدِيدُ |
وكان أبو عبيدة يقول غير ذلك كأنه قال : الفدادون المكثِرون من الإبل الذين يملك أحدهم المئتين من الإبل إلى الألف يقال له : فَدَّاد إذا بلغ ذلك. وهم مع هذا : جُفاةٌ أهلُ خُيَلاء.
قال أبو عبيد : وقول أبي عبيدة هو الصواب عندي. ومنه الحديث الآخر إنَّ الأرض إذا دُفن فيها الإنسانُ قالت له : مَشَيْتَ على ظَهرِي فَدَّادا ذا مالٍ كثير وذَا خُيَلاء ، ثعلب عن ابن الأعرابيّ : فَدَّدَ الرجلُ : مَشَى على وجه الأرض كِبَرا وبَطَرا. وَفَدَّدَ إذا صاحَ في بَيْعه وشرائه.
قال أبو العباس : وقوله عليهالسلام : «الجَفاء والقسْوة في الفَدّادين» ، هم الجَمَّالُونَ والرُّعْيان والبَقّارون والحَمّارون. وفَدْفَدَ : إذا عَدَا هَارِبا من عَدُوّ أو سَبُع.
قال الليث : الفديدُ صوتٌ كالخفيف ، وقد فَدَّ يَفِدّ فَديدا ، ومنه الفَدْفَد.
وقال النابغة :
أوَابِدُ كالسّلام إذا استمرَّت |
فليس يَرُدُّ فَدْفَدَهَا التَّظَنِّي |
وفَلاةٌ فَدْفَد لا شيءَ فيها.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الفَدْفَد المكان المرتفع فيه صَلابةٌ ، ونحو ذلك قال ابن شميل.
وقال ابن الأعرابي : يقال لِلَّبن الثَّخين فُدَفِدٌ.
باب الدال والباء
[د ب]
دب (ديدبون) ، بد : [مستعملة].
دب ـ ديدبون : ثعلب عن ابن الأعرابي : الدَّيْدَبون : اللهْو ، والدَّيْدَبان : الطَّليِعة وهو الشَّيِّفَةُ قلتُ : أصله ديذَبان ، فَغَيَّرُوا
الحركةَ وقالوا دَيْدَبان وجعلوا الذال دالا.
لمّا أُعرب.
قال ابن المظفَّر : دَبّ النَّمْل يَدب دَبيبا أي مَشَى على هِينتيه ، ولم يُسْرع ودبّ الشراب في شاربه دبيبا ؛ ودبّ القوم إلى العدو دبيبا ، أي مَشَوْا على هِينتهم لم يسرعوا قال : والدَّبْدَبَة العُجْرُوفُ من النَّمْل ، وذلك أنَّهُ أَوْسَع خَطْوا وأَعجَل نَقْلا ، والدَّبّابة آلة تُتَّخَذ في الحُروب يَدخُل فيها الرجال ثم تدْفَع في أصلِ حصْن فينقبونَهُ وهم في جَوْف الدّبّابة.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدَّبَّة الكَثيب بفتح الدال.
قال : ودُبَّةُ الرجلِ طريقتُه من خيرٍ أو شرّ بالضمّ.
وقال ابن عبّاس : اتَّبِعوا دُبّة قريش ولا تُفارقوا الجماعة ، والدَّبَّة
: الموضع الكثيرُ الرّمل يُضرَبُ مَثلا للأمر الشديد ، وَقَعَ فلانٌ في دَبَّةٍ من الرّمل ، لأن الجملَ إذا وقع فيه تَعِب ، ودَبَبْتُ أَدِبُ دِبَّةً خَفِيَّة والدَّببُ الزّغب على الوجه وأنشد :
* قَشْر النساء دَبَبَ العروس*
والدَّبيب : الزَّحف على الوجه. وأنشد :
تِرْعِيبَةٌ في دَمٍ أو بَيْضةٌ جُعِلَتْ |
في دَبَّةٍ من دِبابِ الرَّمل مِهيار |
وقال ابن الأعرابيّ : يقال : دَبّ إذا اختبأ ، ودَبّ إذا مَشَى من قولهم : أكْذَبُ مَنْ دَبّ ودَرَجَ ، فَدَبّ مَشَى ، ودَرَج ماتَ وانْقَرَض عَقِبُه وقال رؤبة :
إذا تَزَابَى مِشيَةً أَزَائِبا |
سمعتَ من أَصواتِها دبَادِبا |
قال : تَزَابَى مَشَى مشيَةً فيها بُطْءٌ. قال : والدَّبادِب صوت كأَنَّهُ دُبْ دُبْ ، وهو حكايةُ الصّوت. وقال ابن الأعرابيّ أيضا : الدُّبادِب والجُباجِب الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة ، وأنشدَ :
إيّاكِ أَنْ تَستَبدِلي قَرِدَ القَفَا |
حَزَابِيَةً وَهَيَّبَانا جُبَاجِبَا |
ومعنى قولهم : فلانٌ أَكَذَب مَنْ دَبَ ودَرَج ، أَي أكذَبُ الأحياء والأموات.
وفي الحديث : لا يَدخُل الجنَّة دَيْبُوبٌ ولا قَلّاع ، الدَّيْبُوب الذي يَدِب بالنمية بين القوم ، وهوكقوله صَلى اللهُ عليهِ وسلّم : «لا يَدخُل الجنة قتاتٌ».
ويقال : رَجَل دبُوب ودَيْبُوب الذي يجمع بين الرجال والنساءِ ، سُمِّي دَيْبُوبا لأنَّهُ يَدِبُ بينهم ويَستخفِي.
قال أبو عمرو : دَبدَبَ الرجلُ إذا جَلّب ، ودَرْدَب إذا ضَرَبَ بالطَّبل.
أبو عبيد : أرض مَدَبة كثيرة الدِّبَبَةِ ، واحدها دُبّ والأنثى دُبَّة.
وفي الحديث أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لنسائه : لَيْتَ شِعْري أيَّتُكن صاحبةُ الجمل الأدْبَبِ تنبحَها كِلابُ الحَوْأَبِ» قالوا : أراد
بالأدْبب الأدَبِ فأظهر التضعيف ، وهو الكثيرُ الوَبَر.
قال ابن الأعرابيّ : جملٌ أدَبّ كثير الدَّبَبِ ، وقد دَبَ يَدِبّ دَبَبا ، قال : والدَّبَبُ : الشَّعْر الّذي على وجه المرأة.
قلتُ : والخَلْصاء : رَمْلٌ يقال له الدَّبَّابُ ، وبحذِائه دُحْلانُ كثيرة ، ومنه قولُ الشاعر يذكره :
كأن هِنْدا ثَناياها وبَهْجَتَها |
لمّا التَقَيْنَا على أَدْحَالِ دَبَّابِ |
وقال الزّجّاج في قول الله جلّ وعزّ : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) [النور : ٤٥] الدَّابةُ اسمٌ لكلّ حيوان مميِّز وغيرِه ، فلمّا كان لِما يَعقل ولِما لا يَعقل قال : فمِنْهم ، ولو كان لِما لا يعقِل قِيلَ فمنها أو فمنهنّ ، وتَصْغِيرُ الدابة دُويبَة ، الياء ساكنة ، وفيها إشمامٌ من الكسر ، وكذلك كلُّ ياء التصغير إذا جاء بعدَها حرفٌ مُثقَّلٌ في كل شيء ، والمِدَبُ : موضعُ دَبِيب النّمل وغيرِه.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المِدْبَبُ الجَمَل الّذي يمشي دَبَادِب ، والدَّبُوب : الناقة السَّمينة ، وجمعُها دُبُبٌ ، والدُّباب مَشْيُها.
وقال سيبويه : يقال للضَّبُع : دَبابِ ، يريدون دِبِّي كما يقال : نَزالِ وحَذَارِ ، وَدُبّ في بني شيْباب ، دُبّ بن مُرة بن ذُهْل بن شيبان.
بد : قال الليث : البُدُّ : بيتٌ فيه صَنَمٌ وتصاويرُ. ويقال : البُدُّ هو الصَّنَم نفسه ، وهو إعراب : بُتْ بالفارسية وأنشد :
لقد عَلِمَتْ تَكاكرة ابن تِيرِي |
غَداةَ البُدِّ أنِّي هِبْرِزِيُ |
ويقال : ليسَ لهذا الأمر بُدٌّ أي لا محالة.
عمرو عن أبيه : البُدُّ : الفِراق ، يقال : لا بُدَّ اليوم مِنْ قضاء حاجتي : أي لا فِراق ، ومنه قول أم سلمة : أيِّديهم تَمْرَةً تَمرة : أي فَرِّقي فيهم.
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : يقال : أَبْدَدتُهم العَطَاء إذا لم تجمعْ بين اثنين ، وقال أبو ذؤيب يصف صيّادا ، فرّق سهامَه في حُمر الوَحش :
فأَبَدَّهَن حُتُوفَهن فهاربٌ |
بذِمائِه أو بارك مُتَجَعْجِعُ |
وقال أبو عبيد : الإبْدَادُ في الهِبة أن يُعطي واحدا واحدا ، والقِرانُ أن تُعطِيَ اثنين اثنين ، وقال رجل من العرب : إن لي صِرْمة أُبِدُّ منها وأَقْرُنُ.
ثعلب عن عمرو عن أبيه : البَدُّ التَّعبُ ، وهو بِدُّه وبَدِيداهُ أي مِثلُه ، قال وقال ابن الأعرابيّ : البَدادُ والعِدَادُ : المُناهَدَةُ قال : وبَدَّدَ إذا تَعِب ، وبَدَّد إذا أخرج نَهْدَه ، والبَديدُ التَّطْهِيرُ يقال : ما أنت بِبَدِيدٍ لي فتكلمني ، والبِدَّان المثْلان.
أبو حاتم عن الأصمعيّ يقال : أَبِدَّ هذا الجَزوز في الحيّ فأعطِ كلَّ إنسان بُدَّتَهُ أي نَصِيبَه.
وقال ابن الأعرابيّ : البُدَّة : القِسْم.
وأنشد :
فمَنَحتُ بُدّتَها رفيقا جامِحا |
والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوارِها |
أيْ أطَعمتْه بعضَها : أيْ قِطعة منها ، قال : والبِدَادُ أن تبِدّ المالَ القومَ فتَقْسِمه بينهم ، وقد أَبْدَدْتهم المال والطعام ، والاسم البُدّةُ والبِدادُ ، والبُدَدُ جمع البُدَّةِ ، والبُدُدُ جمع البِدادِ ؛ وقال : جاءت الخيل بَدَادِ بدادِ إذا جاءت مُتَبَدِّدة ، وقال ذلك أبو زيد وأنشد :
كُنَّا ثمانيةً وكانوا جَحْفلا |
لجبا فشُلُّو بالرِّماح بَدَادِ |
أي متبددين.
وقال الأصمعيّ : العربُ تقول : لو كان البَدَاد لما أطاقونا. قال : والبَدَاد : البِرازُ تقول : لَوْ بارَزُونا رجل لرجلٍ. قال : فإذا طرحوا الألف واللام خَفَضُوا ، فقالوا : يا قوم بَدَادِ بَدَادِ مرتين أي ، لِيأخْذ كلُّ رجلٍ رَجُلا ، وقد تبادَّ القومُ إذا أخذوا أقرانَهم.
ويقال : لَقُوا قَوْما أبدادَهم ، ولَقِيَهم قومٌ أَبْدَادُهم ، أي أعدادُهم لكل رجلٍ رجلٌ.
ويقال : لقَي فلانٌ وفلانٌ فلانا فابتدَّاه بالضرب ، أي أخَذاه منِ ناحيَتَيْه ، والسَّبُعَانِ يَبْتَدَّان الرجلَ ، والرضيعان التَّوْأَمان يبتدَّان أمَّهما ، يرضع هذا من ثَدْيٍ وهذا من ثَدْيٍ ، ويقال : لو أنَّهُما لَقِياه بخَلاءٍ فابتدَّاه لما أطاقاهُ ، ويقال : لما أطاقه أحدُهما ، وهي المُبادَّة. ولا يقال : ابتدَّها ابنها ولكن ابتدها ابْناها ، ويقال : إن رَضَاعَها لا يقع منهما موقعا فأَبِدَّهما تلك النَّعْجةَ الاخرى ، فيقال : قد أَبدَدْتهما.
غيره : تَبَدَّدَ القوم : إذا تفرقوا ، وذهب القوم بَدَادِ بَدَادِ ، وجاءت الخيل بَدَادِ بَدَادِ أي واحدا واحدا ، واستَبَدّ فلان برأيه إذا تفرَّدَ به.
أبو عبيد عن أبي زيد : البِدَادان في القَتَب بمنزلة الكرِّ في الرَّحْلِ.
وقال أبو مالك : البِدَادُ بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تحت القَتَبِ وِقايةً للعبير أَلَّا يصيبَ ظهرَه القَتَبُ ، ومن الشق الآخر مثله ، وهما مُحيطان مع القتب ، والجَدَياتُ من الرَّحل شِبْهُ اْلصَدَغَةِ يُبطَّن به أعالي الظَّلِفاتِ إلى وَسَط الحِنْوِ.
قلت : البِدَادان في القتب شِبْهُ مِخْلاتَيْنِ تُحشيان وتُشدَّان بالخيوط إلى ظَلِفات القَتَب وأَحْنَائه. ويقال لها : الأبِدَّة واحدها بِدٌّ ، وللاثنين بِدَّان فإذا شُدَّتْ إلى القَتَب فَهي مع القتب حِداجَةٌ حينئذ.
وقال الليث : البِدادُ لبدٌ يُشدُّ مَبْدُودا على الدَّابة الدَّبِرَة ، تقول : بُدَّ عن دَبَرِها أي
شُقَّ.
قال : وفَلاةٌ بَدْبَدٌ لا أَحَد فيها.
أبو عبيد : رجل أبدّ وامرأةٌ بَدَّاء عظيمة الخَلْق وأنشد :
* بَدَّاء تَمشي مِشيَةَ الأبَدِّ*
ويقال : هو العريض ما بين المنكبين ، وقال الليث : برذون أبدّ ، وهو الذي في يديه تباعد عن جنبيه ، وهو البدد ، قال : والحائِل أبدّ أبدّا ، وقال أبو زيد في بعير أبدّ وهو الذي في يديه فَتلَ. وقال أبو مالك : الأَبدُّ الواسِعُ الصَّدر.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : في فَخْذَيه بَدَد أي طول مُفرِط. وقال ابن السِّكِّيت : البَدَد تباعدُ ما بين الفَخِذين في الناس من كَثْرة لحمها ، وفي ذوات الأربع في اليدين ، ويقال للمصلي أَبِدَّ ضَبْعَيْك ، وإبدادُهما تفريجُهما في السُّجود ، ويقال : أَبَدَّ فلانٌ يدَه إذا مدَّها.
وأخبرني المنذريّ ، عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال : قال ابن الكلبي : كان دُرَيْدُ بن الصّمة قد بَرِص بادَّاهُ من كَثرة رُكوب الخَيلِ إِعْرَاء ، وبادَّاه مَا يَلِي السَّرْج منِ فَخِذيه.
وقال القُتَيْبي : يقال لذلك الموضع من الفَرَس : بادٌّ ، والبَدَّاء المرأةُ كثيرة لَحْم الفَخِذين.
ورَوَى أبو حاتم عن الأصمعي : أنه قال : قيل لامرأةِ من العرب : عَلَام تمْنَعِين زوجَك القِضَّةَ؟ فقالت : كذَبَ والله إني لأطأْطِىءُ له الوسادَ ، وأُرْخي له الْبَادَّ ، تريد أنها لا تضمّ فخذيها ، وقال الراجز :
جاريةٌ يَبُدُها أَجمُّها |
قد سمَّنتْها بالسَّوِيق أُمُّها |
والرجل إذا رأى ما يَسْتَنْكِره فأَدم النظرَ إليه يُقال : أَبَدَّهُ بَصَرُه.
أبو عبيد عن أبي زيد : ما لك بهذا بُدٌّ ، وما لك به بِدَّةٌ ، أي ما لك به طاقةٌ ولا يَدَان.
الكسائي : ذهب القوم عَباديدَ إذا تفرقوا.
وقال الفراء : يَبَادِيدَ إذا تفرقوا وأنشد :
* يَرَونَنِي خارجا طيرٌ يَبَادِيدُ*
ويقال : أَبَدَّ فلانٌ نظره إذا مَدّه ، وأبددتُه بصري وأبددتُ يدي إلى الأرض فأَخذتُ منها شيئا ، أي مَدَدْتُها.
عمرو عن أَبيه : البديدة التَّفَرُّقُ.
باب الدال والميم
[د م]
دم : قال الليث : الدَّمُ الفِعْل من الدِّمامِ وهو كل دَوَاءٍ يُلْطَخ على ظاهر العَيْن. وأَنشد :
تَجْلو بقادمَتيْ حمامةِ أَيْكَةٍ |
بَرَدا تُعَلُّ لِثاتُهُ بَدَمامَ |
يعني النَّؤُور قد طُلِيَت به حَتّى رَسَخَ.
ويقال للشيء السمين كأنما دُمَ بالشحم : دَمّا ، وقال عَلْقَمَةُ :
* كأنَّهُ من دَمِ الأَجْوَافِ مَدْمُوم *
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَمَ الرجلُ فلانا إذا عَذَّبه عذابا ما ، ودُمَ الشيءُ إذا طُلِيَ.
سلمة عن الفراء في قوله جل وعزّ (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) [الشمس : ١٤] ، قال : دَمْدَم أَرْجَفَ ، وقال أبو بكر بن الأنباري في قوله : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) أي غضب ، قال : وتكون الدَّمْدَمةُ الكلام الذي يُزْعج الرجلَ إلا أن أكثر المفسرين قالوا في دَمْدَم عليهم أي أطْبَق عليهم العذابَ ، يقال : دَمْدَمتُ على الشيء أي أطبقتُ عليه ، وكذلك دَمْدَمْتُ عليه القَبْرَ وما أشبهه ، لذلك يقول : ناقةٌ مَدمُومة أي قد أُلْبِسها الشحمُ فإِذا كَرَّرْتَ الإطباقَ ، دَمْدَمت عليه.
وأخبرني المنذري عن إبراهيم الحربي عن عمرو عن أبيه قال : الدمدم ما يبس من الكلأ قلت : هو الدِّنْدِنُ ، قال : والدُّمادِمُ هو شيء يشبه القَطِران يسيل من السَلَم والسَّمُرِ أحمرُ الواحد دُمَدِمٌ وهو حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يَعْني شجرةً.
قال : وقال أبو الخرقاء : تقول للشيء يُدفن : قد دَمْدَمْتُ عليه أي سَوَّيْتُ عليه.
أبو عبيد عن الفراء : الدُّوَدِمُ شِبْهُ الدَّم يخرج من السَّمُرة وهو الحَذَال ، يقال : قد حَاضَتْ السَّمُرة إذا خرج ذلك منها ، وقال أبو تراب : قال أبو عمرو : الدِمْدِم أصول الصِّلِّبان المُحِيل ، في لغة بني أسد ، وهو في لغة بني تميم الدِّنْدِنُ.
اللحياني : ورَجُلٌ دَميم وقوم دِمام وامرأة دَمِيمة من نسوة دمائِم ودِمام ، وما كان دميما ولقد دمَ وهو يَدِمُ دَمامة.
أبو عبيد عن أبي زيد : دَمَ يَدِمُ دَمامةً.
قال : وقال الكسائي : دَمَمْتَ بَعْدي تَدِم دَمامة.
وقال اللحياني : يقال للرجل إذا طَحَن القومَ فأهلكهم : قد دَمَّهم يَدُمُّهم دَمّا.
ويقال لليربوع إذا سَدَّفَا حُجْرِه بِنبيثَتِهِ : قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّا ، واسم الجُحْر الدَّمَّاءُ ممدود والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ.
ويقال للمرأة إذا طَلَتْ ما حول عينها بِصَبْرٍ أو زعفران : قد دَمَّتْ عينها تَدُمُّها دَمّا ، ودُمَ البعيرُ دَمّا إذا كَثُر شحمُه ولَحمُه حتى لا يجدِ اللَّامس مَسَّ حجْم عَظْمٍ فيه.
ويقال لِلْقِدر إذا طُلِيتْ بالدّم أو بالطِّحال بعد الجَبْر : قد دُمَّت دَمّا ، وهي بُرْمةٌ مَدْمُومة ، ودَمِيمٌ ودَمِيمةٌ ، ويقال : دَمَمْتُ ظَهْره بآجُرَّة أَدُمُّه دَمّا ، أي ضربتُ ظَهْره ، ودَمَمْتُ البيت أَدُمُّه دَمّا أي طَيّنْتَه ، جَصَّصْتَه ، ودَمَمْتُ رأسَه إذا ضَربتَه فَشَجَجتَه.
قال : وقال الكسائي : لم أسمع أحدا يُثَقِّل الدَّمَ ، ويقال منه : قد دُمِّيَ الرجل وأُدْمِيَ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدّميمُ بالدال في قَدِّه ، والذّميم في أخلاقه.
وقال الليث : يقال : أساء فلان وأَدَمّ أي أقبح ، الفِعْل اللازم دَمّ يَدِمُ وقد قيل : دَمَمْتَ يا فلان تَدُمّ وليس في المضاعف مثله.
ابن الأعرابيّ : الدّمّ نبات والدُّمُ القُدورُ المطْلِيَّةِ والدِّم القُوليِّة. وقال : دَمْدَم إذا عَذَّب عذابا تاما ، ومَدْمَدَ إذا هَرَب.
مد : قال الليث : المَدُّ كثرةُ الماءِ أيام المُدُودِ ، يقال : مَدّ النهرُ ، وامْتَدّ الحبلُ ، وهكذا تقول العرب.
أبو حاتم عن الأصمعيّ : المَدُّ مَدُّ النهرِ ، والمَدُّ الحَبْلُ ، والمَدّ أن يَمُدّ الرجلُ الرجلَ في غَيِّه.
ويقال : وَادِي كذا يَمُد في نهر كذا ، أي يزيد فيه ، ويقال مِنْه : قَلّ ماء رَكِيّتِنا فمَدّتْها رَكِيّةٌ أُخْرَى ، فهي تَمُدّها مدّا وأنشد :
* سَيْلٌ أتِيٌ مَدّهُ أَتِيُّ*
وقال الأصمعيّ : امْتَد النهرُ ، ومَدَّ إذا امْتلأ ، ومَدّه نهرٌ آخر ، ومددتُ الحبلَ وامْتَدَّ.
قال : والإمْداد : أن يُرْسِلَ الرجلُ للرجل بمَدَدٍ ، يقال : أَمْدَدْنا فلانا بجيشٍ.
قال جل وعزّ : (هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ) [آل عمران : ١٢٥].
وقال في المال : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥)) [المؤمنون : ٥٥]. هكذا روي نُمِدُّهُمْ بضم النون.
وقال : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) [الإسراء : ٦]. قال : يكون مِدادا كالمِدَادِ الذي يُكتب به ، والشيءُ إذا مَد الشيءَ فكان زيادةً فيه فهو يَمُدُّه ، يقول : دِجْلةُ تَمُدُّ بِئَارَنا وأنهارَنا ، والله يَمُدُّنا بها ، وتقول : قد أَمْدَدتُك بألف فَمُدّ. ولا يُقاسُ على هذا كلُّ ما وَرَدَ.
الأصمعيّ : أَمَدَّ الجُرْحُ يَمُدُّ إمْدادا وأَمْدَدْتُ الدَّوَاة إمْدادا.
وقال أبو زيد : مَدَدْتُ الإبل أَمُدها مَدّا ، والاسم المَدِيدُ ، وهو أن يَسقيها الماءَ بالبَزْر أو الدقيق أو السِّمسم.
أبو عبيد عن الكسائي : مَدَدت الدواة ، وأمْدَدتُها جعلتُ فيها ماءً.
وقال أبو عبيد : مَد النهرُ جرى فيه ، ومَدَدْنا القومَ صِرنا لهم مَدَدا ، وَأَمْدَدْناهم ، بغيرنا ؛ وأمَد الجُرْحُ ، وَأَمْدَدْتُ الرجلَ مُدةً وَأَمْدَدْت الدوَاة إذا جعلت فيها مِدادا.
وقال الليث : المَدَدُ ما أمْددتُ به قومَك في حرب أو غير ذلك من طعام أو أعوان ، والمادةُ كلُّ شيء يكون ـ مدادا ـ
لغيره ، ويقال : دَعْ في الضَّرع مادَّةَ اللّبن ، فالمتروكُ في الضرع هو الدَّاعِيةُ ، وما اجتمع إليه فهو المادّة ، والأعرابُ مادةُ الإسلام ، والمِدَادُ ما يُكتبُ به ، يقال : مُدَّني يا غلامُ أي أعطني مَدّة من الدَّواة ، وإن قلت : امْدُدني مُدة كان جائزا ، وخُرِّج على مجرى المَدَد بها والزيادة ، والمديدُ شعير يُجَشُّ ثم يُبلُّ فيضفرُ البعيرَ والمدّة الغاية ، يقال لهذه الأمة مُدَّةٌ أي غاية من بقائها ، ويُقال : أمدَّ الله في عمرك ، أي جعل لعمرك مُدةً طويلة ، والمُدُّ مكيال معلومٌ وهو ربع الصاعِ ، ولُعبة للصبيان تسمى مداد قيْس.
وقال أبو زيد : يقال : مُدٌّ وثلاثةُ أَمداد ومِددٌ ومدادٌ كثيرة ، والتَّمدُّدُ كتهدُّدِ السِّقاء ، وكذلك كل شيء تبقى فيه سَعةُ المدِّ ، ويقال : امتدّ بهم السيْر أي طال.
وقوله سبحان الله : مداد كلماته أي عَدَدَها وكثرتها ، والأمدَّة المِساكُ في حافتي الثوب إذا ابتدىء في عَمله.
وقال ابن الأعرابي : مدْمد أي هربَ ، قال : والمددُ العَساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله ، ويُقال : جاء هذا على مدادٍ واحد أي على مثال واحد.
وقال جَندل :
لم أقْو فيهنّ ولم أساند |
على مدادٍ ورَوِيٍ واحد |
والإمدّان مياهُ السِّباخ.
وقال أبو الطمحَان :
فأصبحن قد أقْهيْن عنِّي كما أَبتْ |
حِياض الإمدَّان الظِّباءُ القوامحُ |
وقال أبو زيد : الأمدان الماء الملح الشديد الملوحة ، وفلان يُمادُّ فلانا ، أي يُماطله ويجاذبُه ويقال : مددتُ الأرض مدّا إذا زِدْت فيها ترابا أو سمادا من غيرها ، ليكون أعمر لها وأكثر ريعا لزرعها.
وقال شمر : كل شيء امتلأ وارتفع فقد مدّ وأمددتُه أنا ، ومدّ النهارُ : إذا ارتفع.
وقال يونس : ما كان من الخير فإنك تقول : أَمددتُه ، وما كان من الشر ، فهو مددتُهُ ، ومدَّ النهرُ النهر إذا جرى فيه.
ومددنا القوم صرنا لهم مددا وأمددناهم بغيرنا.
وقال أبو زيد : الإمدَّانُ الماءُ المالح الشديدُ الملوحة.
انتهى والله أعلم.
* * *