ابن بزرج يقال : ما رأيته مذ عامِ الأولِ وقاله قطري.
وقال العوام : مذ عامِ أوّلَ.
وقال أبو هلال : مُذْ عاما أولَ.
وقال الآخر : مُذْ عامٌ أولُ ومذ عامُ الأول.
وقال نجّاد : مذ عامٌ أولُ وكذلك ، قال حبناء.
وقال غيره : لمْ أَرَه مُذْ يومان ، ولم أره منذ يومين ترفع بمُذْ وتخفِض بِمنذ ، وقد أشبعته في باب منذ.
* * *
أبواب الثلاثي الصحيح
ذث : مهمل مع سائر الحروف.
[أبواب الذال والراء]
[ذ ر ل]
استعمل منه : [رذل].
رذل : قال الليث : الرَّذلُ الدُّونُ من الناس في مَنظرِه وحالاتِه ، ورجل رَذْلُ الثيابِ والنعْلِ ، رَذُلَ يَرْذُل رَذالَةً ، وهم الرَّذْلون والأرْذال.
وقال الزّجّاج في قول الله جلّ وعزّ : (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء : ١١١] ، قَالَ قومُ نوحٍ لنوح : اتّبعكَ أرَاذلنا ، قال : نسبوهم إلى الحِياكَةِ ، قال : والصِّناعاتُ لا تَضُرُّ في باب الديانات.
وقال الليث : رُذالَةُ كل شيء أَرْدَؤُه ، وثوبٌ رَذْلٌ وَسِخٌ ، وثوب رَذيلٌ رديءٌ ، ويقال : أَرْذَلَ فلانٌ دراهمي أي فَسَّلَها ، وأرْذَلَ غنَمي ، وَأَرْذَلَ من رحالِهِ كذا وكذا رجلا ، وهم رُذالَةُ الناس ورُذَالُهم.
وقوله عزوجل : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [النحل : ٧٠] ، قيل : هو الّذي يَخْرَفُ من الكِبَر حتى لا يَعْقِل شيئا ، وبَيَّنَهُ بقوله : (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) [النحل : ٧٠] ويجمع الرذل أرذالا.
ذ ر ن
استعمل من وجوهه : [نذر].
نذر : قال الليث : النَّذْرُ ما يَنْذِره الإنسانُ فيجعَلُه على نَفسه نَحْبا واجبا ، وجَعَل الشافعيُّ في كتاب جِراح العمْد ما يجب في الجراحات من الدِّيات نَذْرا ، وهي لُغَةُ أهلِ الحجاز ، كذلك أخبرني عبد الملك عن الشافعي ؛ وأهلُ العراق يسمونه : الأرْشَ.
وقال شمر : قال أبو نَهْشَل : النُّذُورُ لا تكون إلا في الجراحِ صغارِها وكبارِها وهي معاقل تِلك الجراح.
يقال : لي قِبَلَ فلانٍ نَذْرٌ إذا كان جُرْحا واحدا له عَقْلٌ.
قال شمر : وقال أبو سعيد الضّرير : إنما قِيلَ له نَذرٌ ، لأنه نُذِرَ فيه أي أُوجِبَ ، من قولك : نَذرْتُ على نفسي أي أَوْجَبتُ.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) [فاطر : ٣٧].
قال أهل التفسير : يعني النبي صلىاللهعليهوسلم.
كما قال : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً
وَنَذِيراً) [الفتح : ٨].
وقال بعضهم : النّذيرُ ههنا الشّيْبُ ، والأول أَشْبهُ وأَوْضَحُ.
قال الأزهري : والنَّذِيرُ يكون بمعنى المُنْذِر وكان الأصلُ نَذَرَ ، إلا أنَّ فِعلَه الثُّلاثي مُمَاتٌ.
ومثله السميع بمعنى المُسْمِع ، والبديع بمعنى المبدِع.
عن ابن عباس قال : لما أُنْزِل : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)) [الشعراء : ٢١٤] أتي رسولُ الله الصَّفا فصعَّد عليه ثم نادَى : يا صبَاحاه ، فاجْتَمَع إليه الناسُ بين رَجل يجيءُ ورجلٍ يَبْعَثُ رسولَه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا بَني عبد المطلب يا بَني فلان : لو أخبرتكم أن خَيلا بِسَفْح هذا الجبل تُريدُ أن تُغِيرَ عليكم صَدَّقْتُموني قالوا : نعم ، قال : فإِنِّي (نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ)».
فقال أبو لَهبٍ : تَبّا لكم سائرَ القوم أَمَا آذَنْتُمُونا إلا لهذا؟
فأنزل الله : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)) [المسد : ١].
وحَدَّث أحمد بن أحمد عن عبد الله ابن الحارث المخزومي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط عن ابن المسيَّب : أن عمر وعثمان قَضَيا في المنطَاة بنصف نَذْر المُوضِحَةِ.
روَاه عنه محمد بن نصر الفرّاء.
وقوله جلّ وعزّ : (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) [الملك : ١٨] معناه : كيف كان إنذاري ؛ والنذيرُ اسمٌ من الإنذار.
وقوله جلّ وعزّ : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣)) [القمر : ٢٣].
قال الزّجاج : النُّذر جمع نَذِيرٍ ، قال : وقوله جلّ وعزّ : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) (٦) [المرسلات : ٦] وقرئت عُذُرا أو نُذُرا ، قال : معناهما المصدر قال : وانتصابهما على المفعول له ، المعنى (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) للإِعْذار أو الإنذار ، ويقال : أَنذَرْتُه إنذارا ونُذُرا ، والنُّذرُ جمع النَّذير وهو الاسم من الإنذار.
يقال : أَنْذَرْتُ القومَ مَسِيرَ عدوهم إليهم فَنَذِرُوا أي أعْلَمتُهم ذلك فنَذِروا أي عَلِمُوا فَتَحَرَّزوا ، والتَّناذُر أن يُنذِرَ القومُ بعضُهم بعضا ، شرّا مخوفا.
قال النابغة يذكر حيَّة :
تَنَاذرَها الرَّاقُونَ من سُوءِ سَمِّها |
تُطَلِّقُهُ حِينا وحِينا تُراجِعُ |
قال الليث : النَّذيرَةُ اسمٌ للولد يُجْعَلُ خادما للكنيسة ، أو للمُتَعَبَّد من ذكرٍ أو أنثى ، وجمعُها النَّذائر.
وقال الله جلّ وعزّ : (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) [آل عمران : ٣٥].
قالته امرأةُ عِمْرانَ أمُّ مَرْيَم ، نذرت أي
أوجبت.
وقال غيرُه : نَذِيرَةُ الجيش طَليعتُهم الّذي يُنْذِرُهم أمْرَ عدُوِّهم أي يُعْلِمُهم.
وَمن أمثال العرب : قَدْ أعْذَرَ مَنْ أَنذَرَ ، أي من أعلمكَ أنْ يُعاقبَكَ على المكروه منك فيما يستقبله ، ثم أتَيْتَ المكروهَ فعَاقبك فقد جَعَل لنفسه عذرا يَكُفُّ به لائمةَ الناس عنه ، ومُناذِرُ اسم قرية ، ومُحمد بن مَناذِر الشاعر.
ومحمد بنَ مَنَاذر بفتح الميم ، والمناذِرة هُمْ بَنو الْمُنْذِر مثل المهالبة.
ومن أمثال العرب في الإنذار : أنا النَّذيرُ العُرْيانُ.
أخبرني المنذريّ عن أبي طالب أنه قال : إنما قالوا : أنا النذيرُ العُريَّان لأن الرجلَ إذا رأى الغارةَ قد فَجِئتهم وأراد إنذار قومه تجرَّدَ من ثيابه ، وأشار بها ليُعْلِمَ أنْ قد فَجِئَتْهُم الغارةُ ، ثم صار مَثَلا لكلِّ شيء يُخافُ مُفاجأَته.
ومنه قول خُفافٍ يصف فرسا :
ثَمِلٌ إذا صَفَر اللِّجامُ كَأَنَّهُ |
رَجلٌ يُلوِّحُ باليدين سَلِيبُ |
وذَكر ابن الكلبي في النذير العريان حديثا لأبي داود الإيادي ورقبة بن عامر البهراني الهراني فيه طول.
وقال ابنُ عرفة : لينذر قوما الإنذار الإعلام بالشيء الّذي يُحذَر منه ، وكل مُنْذِرٍ مُعْلِم وليس كل مُعْلِمٍ مُنْذِرا ، ومنه قوله : أنذرهم يوم الحشر أي حَذِّرْهم ، أَنْذَرْتُهُ فَنذِر أي عَلِم والاسمُ من الإنذار النَّذير لقوله : (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) [فاطر : ١٨] تأويله إنما يَنْفَعُ إنذارك الذين يخشون ربهم الغيب.
أو نذرتُم من نَذَر أي أوجبتم على أنفسكم شيئا من التطوُّع ، يقال : نَذَرتُ أُنذِر وأَنْذَرُ.
قال ابن عرفة : فلو قال قائلٌ : عليَّ أنْ أتصدَّقَ بدينار لم يكن ناذرا ، ولو قال :
على أنْ شَفَى الله مَرضِي ، أو رَدَّ عَليَّ غائبي صدقةُ دينارٍ ، كان ناذرا ، فالنَّذْرُ ما كان وَعْدا على شرطٍ ، وكلُ نَاذِرٍ وَاعِدٌ وليس كل واعِد ناذِرا.
ذ ر ف
ذرف ، ذفر.
ذرف : قال الليث : الذَّرْفُ صَبُّ الدَّمْع ، يقال : ذَرَفَتْ عَيْنُهُ دمعَها ذَرْفا وذَرَفَانا ، وقد يُوصَفُ به الدمعُ نفسه ، يقال : ذَرَفَ الدمعُ يَذْرِفُ ذُروفا وذَرَفَانا وأنشد :
* عَيْنَيَّ جُودِي بالدُّموع الذَّوَارِفِ *
قال : وذرَّفَتْ دُموعي تَذْرِيفا وتَذْرَافا وتَذْرِفَةً ، ومَذَارِفُ العَيْن مَدَامِعُها.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : ذرَّفْتُ على الستين.
أبو عبيد عن أبي زيد : ذرَّفْتُ على
الخمسين وذَمَّمْتُ عليها أي زِدتُ عليها ، ونحو ذلك قال ابن الأعرابيّ ويقال : وذرَّفْتُه الموتَ أي أَشْرفْتُه به عليه وأنشد :
أَعْطيكَ ذِمَّةَ وَالِديَّ كِلَيْهما |
لأذرَّفَنْك الموتَ إنْ لم تَهْرُبَ |
ذفر : قال ابن السكيت : الذَّفَرُ كلُّ ريح ذَكِيةً من طِيب أو نَتْنٍ ، يقال : مِسْكٌ أَذْفَرُ أي ذَكيُّ الريح ، ويقال للصُّنانِ : ذَفَرٌ وهذا رجل ذَفِرٌ أَي له صُنانٌ ، وخُبْثُ ريح ، وقال لبيد :
فَخْمَة ذَفْرَاء تُرتَى بالعُرَى |
قُرْدُمانِيا ونَرْكا كالبَصَلْ |
يصف كتيبةً ذاتَ دُروع ذَفِرْت روائح صَدَئِها وقال آخر :
ومُؤَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رأسه |
فَتَركْتُه ذَفِرا كرِيح الجوْرَبِ |
وقال الراعي وذكر إبلا رَعَتْ العُشْبَ وأزاهيرَه فلما صَدَرَتْ عن الماء نَدِيَتْ جلودُها ففاحَتْ منها رائحة طيبةٌ ، فتِلك الرائحةُ فأرةَ الإبل فقال الراعي :
لها فأرَة ذفْرَاءُ كلَّ عَشِيَّة |
كما فَتقَ الكافورَ بالمسك فَاتِقُهْ |
وقال ابن أَحْمر :
بِهَجْلٍ من قسا ذَفرِ الخُذَامَى |
تَداعَى الْجِربيَاءُ به حَنينا |
أي ذكيُّ ريح الْخُذامى طيِّبُها ، وقال : وقال الأصمعيّ : قلت لأبي عمرو بن العلاء : الذِّفْرَى من الذَّفَر؟
قال : نعم ، والذَّفْرَاء عُشْبةٌ خبيثة الريح لا يكاد المالُ يأكلُها.
وقال الليث : الذِّفْرَى من القفا الموضعُ الّذي يَعْرَقُ من البَعير ، وهما ذفْرَيانِ من كل شيء ، قال : ومن العرب من يقول : ذِفرًى فيصرفها ، يجْعلون الألفَ فيها أصليةً وكذلك يجمعونها على الذفَارَى.
وقال القتيبي : هما الذفريان والمِقذَّان ، وهما أصول الأُذنَيْن ، وأولُ ما يَعْرقُ من البَعير.
قال شمر : الذِّفْرَى : عظم في أعلى العنق من الإنسان عن يمين النّقرة وشِمالها.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الذَّفراءُ نبتةٌ طيبةُ الرائحة ، والذفراءَ نبتة مُنتِنَةٌ.
وقال أبو عبيد : سمعت أبا زيد يقول : بعير ذفرٌّ وناقة ذِفرَّةٌ وهو العظيم الذِّفرى.
وقال الليث : الذفرة الناقةُ النَّجيبةُ الغليظة الرقبة.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الذِّفرُّ العظيم من الإبل.
ذ ب ر
ذبر ، ذرب ، بذر ، ربذ.
ذبر : أبو عبيد : ذَبَرْتُ الكتابَ أَذبُره وذَبرْتُه أَذبِرُه كَتَبتُه.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، وسئل عن
قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أهل الجنة خَمْسةُ أصناف : منهم الّذي لا ذِبْر له» أي لا لسان له يتكلم به.
وفي حديث حُذَيْفَة أنه قال : يا رسول الله من ضعفه من قولك ذَبرْت الكتاب أي قرأته قال وذبرته أي كتبته ففرق بين ذَبر وذَبر ، ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الذابرُ المتقنُ للعلم ، يقال ذبره يذبره ، ومنه الخبر كان معاد يذبُرُه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أي يتقنه ذبْرا وذبارَةً يقال : ما أَرْصَن ذبَارته ، وقال الأصمعيّ : الذِّبَار الكتب واحدها ذبْرٌ ، وقال ذو الرُّمة يَصف وقوفه على دار :
أَقُولُ لِنَفْسي وَاقِفا عِند مُشْرِفٍ |
على عَرَصاتٍ كالذِّبارِ النَّوَاطِقِ |
وقال ابن الأعرابيّ : ذَبَرَ أي أَتْقَنَ وذَبِرَ غَضِبَ ، وقال الليث : الذَّبْر بِلُغة أهل هُذيل كلُّ قِراءَة خَفِيَّة ، قال وبعضٌ يقول : زَبَرَ كَتَبَ ، وبعض يقول : الزَّبُورُ الفِقْه بالشيء والعلم.
قال صخر الغَي :
فيها كتابٌ ذَبْرٌ لمقْتَرِىء |
يَعْرِفُه أَلْبُهُمْ ومَن حَشَدُوا |
ذبْر بَيِّنٌ ، يقال : ذبَر يذْبُر إذا نظر فأحسن النظر ، أَلْبُهمْ مَن كان هواه معهم يقال : بنو فلان ألْبٌ واحدُ حشدوه جمعوه.
ذرب : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أبوالُ الإبل فيها شِفاء من الذَّرَبِ» ، أبو عبيد عن أبي زيد : ذَرِبَتْ مَعِدَتُه تَذْرَبُ ذَرَبا فهي ذَرِبَةٌ إذا فَسِدَتْ ، وفي حديث آخر : إنَّ أعشى بني مازن قدم على النبي صلىاللهعليهوسلم فأنشده أبياتا يشكو فيها امرأتَه :
يا سيدَ الناسِ وَدَيَّان العَرَبْ |
إليك أشكو ذِرْبَة من الذِّرَبْ |
|
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطعامَ في رَجَبْ |
فَخَلَفَتْنِي بِنزَاعٍ وحَرَبْ |
|
أَخْلَفَتْ العَهْدَ وبَطَّتْ بِالذَّنَبْ |
وتركتني وَسْطَ عيصٍ ذِي أشَبْ |
قال عمر : الذِّرْبَةُ : الداهية أراد بالذِّرْبَةِ امرأتَه ، كَنَى بِهَا عن فَسادها وخِيانتها في فرجها وجمعُها ذربٌ وأصله من ذَرَبِ المعدة وهو فَسادُها.
وقال شمر : امرأةٌ ذَرِبةٌ طويلةُ اللسان فاحشةٌ.
وقال أبو زيد : يقال لِلغُدَّةِ ذِرْبٌ وتجمع ذِرَبٌ ، ويقال للمرأة السليطة اللسان : ذَرِبةٌ وذِرْبَةٌ ، وذَرَبُ اللسان حِدَّتُه.
وقال أبو عُبَيد : ذَرَبْتُ الحَديدةَ أذرُبُها ذَرْبا فهي مَذْرُوبَة إذا أحْدَدْتَها.
وقال الليث : الذَّرِبُ الحادُّ من كل شيء ، لِسانٌ ذرِبٌ ومَذْروبٌ ، وسنان ذرِبٌ ، ومَذْروبٌ ، وفِعْلُه ذرِبَ يَذْرَبُ ذَرَبا وذَرَابَة. وقوم ذُرْبٌ قال : وتَذْرِيبُ السيف
أن يُنْقَع في السُّم فإذا أُنْعِمَ سَقْيُه ، أُخْرِجَ فشُحِذَ.
ويجوز ذَرَبْتُه فهو مَذْرُوبٌ قال عبيدة :
وخرْقٍ مِنَ الفتْيانِ أكرمَ مَصْدَقا |
مِن السَّيْف قَد آخَيْتُ لَيْسَ بمذْرُوبِ |
قال شمر : ليس بفاحش.
وفي حديث حذيفة قال : حدثنا ابن هاجك ، قال : حدثنا حمزة عن عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن مغيرة قال : سمعت حذيفة يقول : كنت ذَرِب اللسان على أَهْلي فقلت : يا رسول الله إني لأخشى أن يدخلني لساني النارَ فقال رسول الله : «فأين أنت من الاستغفار إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة». قال : فذكرته لأبي بردة فقال : وأتوب إليه ، قال أبو بكر في قولهم : ذَرب اللسان : سمعت أبا العباس أنه قال : يا رسول الله إني رجل ذرب اللسان.
سمعت أبا العباس يقول : معناه فاسد اللسان قال : وهو عيب وذم.
يقال : قد ذَرِبَ لِسان الرجُل يذْرَبُ إذا فَسَدَ ، ومن هذا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه فسدتْ وأنشد :
أَلَمْ أَكُ باذلا وِدِّي ونَصْرِي |
وأَصْرِفُ عَنْكم ذَرَبِي ولغْبِي |
قال : واللَّغْبُ الرَّدِيء من الكلام وأنشد :
* وعرفت ما فيكم مِنْ الأذْرَابِ *
معناه من الفساد ، قال : وهو قول الأصمعيّ.
قال غيرهما : الذَّرِبُ اللسانُ الحادُ اللسان ، وهو يرجع إلى معنى الفساد. إنِّي رجلٌ ذَرِبُ اللِّسان وعامَّة ذلك على أهلي ، قال : فاستغفر الله.
قال شمر : قال أسيد بن موسى بن حَيْدة : الذَّرِبُ اللسانُ الشتَّامُ الفاحشُ.
وقال ابن شميل : الذَّرِبُ اللسان الفَاحِشُ الشتَّامُ البَذِيءُ الّذي لا يُبالي ما قال.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : التَّذْرِيبُ حَمْلُ المرأة ولدَها الصغيرَ حتى يَقْضِيَ حاجتَه ، ويقال : ألقَى بينهم الذَّرَبُ وهو الاخْتِلافُ والشرُّ ورماهم بالذربين مثله.
وقال أبو عبيد : الذَّرَبَيَّا على مِثال فَعَلَيَّا الداهية.
وقال الكميت :
رَمَانِيَ بالآفات مِن كلِّ جَانِبٍ |
وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وشِيبُها |
وقال غيره : الذَّرَبَيّا هو الشرّ والاختلاف.
بذر : قال الليث : البَذرُ ما عزِل للزَّرع ولِلزّراعة من الحبوب كلّها ، والجميع البُذُورُ ، والبَذْرُ أيضا مَصدر بَذَرْتُ وهو على معنى قولك نَثَرْتُ الحَبَّ ، ويقال لِلنَّسْل أيضا : البذْرُ ، يقال : إن هؤلاء لَبَذْرُ سَوْءٍ.
قال : والبَذِيرُ من الناس الّذي لا يستطيع أن يُمْسك سِرَّ نَفْسِه.
يقال : رجل بَذِيرٌ وبَذُورٌ ، وقوم بُذُرٌ ، وقد بَذُرَ بَذَارةً.
وفي الحديث : «لَيْسوا بالمسَايِيح البُذُرِ» ، والتَّبْذِيرُ إفساد المال وإنفاقُه في السَّرف ؛ قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) [الإسراء : ٢٦].
وقيل : التّبْذِيرُ إنْفَاقُ المال في المعاصي ، وقيل : هو أن يَبْسُطَ يده في إنفاقه حتى لا يُبْقِي منه ما يَقْتَاتُه ؛ واعتباره بقوله عزوجل : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الإسراء : ٢٩].
ويقال طعامٌ كثيرُ البُذَارَةِ أي كثيرُ النَّزَلِ وهو طعامٌ بَذِرٌ أي نَزَلٌ ، وقال الشاعر :
وَمِنَ العَطِيَّة ما ترى |
جَذْمَاءَ ليس لَها بُذَارَة |
عمرو عن أبيه : البَيْذَرَةُ والتّبْذِيرُ والنَّبْذَرة بالنونِ والبَاءُ تفريقُ المال في غير حَقِّه.
وقال الأصمعيّ : تَبَذَّر الماءُ إذا تَغَيَّر واصْفَرَّ ، وأنشد لابن مُقْبِلٍ :
قَلْبا مُبَلِّيَةً جوائِزَ عَرْشِها |
تَنْفِي الدِّلاء بآجِنٍ مُتَبَذِّرِ |
قال : المتَبَذرُ المتَغَيِّر الأصفرُ ؛ وبَذَّرُ اسم ماءٍ بعينه ، ومثلُه خَضَّمُ وعَثَّرُ ، ويَقَّمُ شجرة ، وليس لها نظائر.
ربذ : قال الليث : الرَّبَذُ خِفَّةُ القَوائم في المشْي ، وخِفّة الأصابع في العَمَل تقول : إنه لرَبِذٌ.
أبو عبيد عن الفراء : الرَّبَذُ العُهون التي تُعَلَّقُ في أعناق الإبل واحدتها رَبَذَةٌ.
وثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الرَّبَذَةُ والوَفِيعَةُ صوفٌ يُطْلَى به الجِرْبَى.
قال : والرَّبَذَةُ والثُّمْلَةُ والْوَقِيعَةُ صِمَام القَارُورة.
أبو عبدة عن الكسائي يقال للخرقة التي تُهنَأَ بها الجربى : الرَّبَذَةُ.
قال الليث : الرَّبَذَةُ التي تُلْقيها الحائض.
وقال أحمد بن يحيى : سألت ابن الأعرابيّ عن الرَّبَذَةِ اسم القرية؟ فقال : الرِّبْذَةُ الشِّدةُ والشَّرُّ الّذي يَقَعُ بين القوم ، يقال : كنا في رِبْذَةٍ ما تجلَّت عنَّا.
وقال ابن السكيت : الرَّبَاذِيةُ الشرُّ الّذي يقع بين القوم ، وأنشد لزياد الطماحي قال :
وكانَتْ بين آل أبي زياد |
زَبَاذِيَةٌ وأَطفأَها زِيادُ |
أبو سعيد : لِثَةٌ رَبِذَةٌ قليلةُ اللحم وأنشد قول الأعشى :
تَخَلْهُ فِلَسْطِيَّا إذا ذُقْتَ طَعْمَه |
على رَبِذَاتِ النِّيِّ خُمسٌ لِثَاتُها |
قال : النِّيِّ اللّحْمُ ، وقال الأزهري :
ورواه المنذري لنا عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : على ربذات النيّ من الربْذَة ، وهي السواد ، قال ابن الأنباري : النِّيُ : الشحم من نَوْف الناقة إذا سَمِنتْ.
قال : والنَّيْءُ بِكسْرِ النون والهمز : اللحم الّذي لم ينضج وهذا هو الصحيح.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرَّبَذُ العُهون تُعَلَّق على الناقة ، وفرس رَبِذٌ أي سريع ، وأَرْبَذَ الرجلُ إذا اتَّخَذَ السِّياط الرَّبَذِيَّة وهي معروفة.
وقال ابن شميل : سَوْط ذو رُبَذٍ ، وهي سيور عند مُقَدّم جِلْد السوط.
وقال ابن الأعرابيّ : أَذرَبَ الرجلُ إذا فَصُح لِسانُه بعد حَصَرٍ ولَحْنٍ ، وأَذْرَبَ الرجلُ إذا فَسدَ عليه عَيشُه.
[ذ ر م]
رذم ، ذمر ، مذر ، مرذ.
رذم : قال الليث : قصْعةٌ رَذَومٌ وهي التي قد امتلأتْ حتى إن جَوانبها لتَنْدَى وتَصبَّبُ والفعْل رَذَمتْ ترْذَمُ ، وقلّما يستعمل إلا بفعل مجاوز نحو أَرْذَمتْ.
قال أبو الهيثم : الرَّذُومُ القَطُورُ من الدَّسم وقد رَذَم يَرْذِمُ إذا سال.
وأنشد :
وعَاذِلةٍ هبَّتْ بليلٍ تلومُني |
وفي يدها كِسْرٌ أَبَجُ رَذُومُ |
قال : والأبَجُّ العَظيمُ الممْتَلىءِ مِن المُخِّ.
قال : والجَفْنةُ إذا مُلِئت شَحْما ولَحْما فهي جَفنةٌ رَذَومٌ ، وجِفانٌ رُذُمٌ ، قال : ويقال صار بعد الخزِّ والوَشيِ في رُدَمٍ وهي الخُلْقان الدال غير معجمة.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الرُّذُمِ الجِفان الملأَى والرُّذُمُ الأعضاءُ الممِخَّةُ.
وأنشد غيره :
لا يملأ الدّلْوَ صُباباتُ الوَذَمْ |
الإسِجالٌ رَذَمٌ على رَذَمْ |
قال الليث : الرّذَمُ ههنا الامتلاء ، والرّذْم الاسم والرّذْمُ المصدر.
مرذ : أبو عبيد عن الأصمعيّ : مَرثَ فلانٌ الخبز في الماء ، ومرذَه إذا ماثَه ، رواه لنا الإيادي ، مَرُذه بالذال مع الثاء وغيره يقول : مرَده بالدَّال.
ويروى بيت النابغة :
فلمّا أَبى أَنْ يَنْقُصَ القوْدُ لَحْمه |
نَزَعْنا المزيد والمدِيدَ ليَضْمُرَا |
ويقال : امْرُذْ الثَّرِيدَ فَتَفُتَّه ثم تَصُبُّ عليه اللَّبن ثمَّ تَمَيتُهُ وتحسّاه.
ذمر : أبو عبيد عن الفراء : رجل ذَمِرٌ وذِمْرٌ وذَمِيرٌ وذِمِرٌّ : وهو المُنْكَرُ الشديدُ.
قال غيره : الذَّمْرُ اللُّؤْم والحَضُّ معا ، والقائدُ يَذمُر أصحابَه إذا لامَهم وأسمَعهم
ما كرهوا ، ليكون أجَدَّ لهم في القتال ، والتَّذَمُّر من ذلك اشْتِقَاقه ، وهو أن يفعل الرجل فعلا لا يُبالغ في نكايةِ العدُوِّ ، فهو يتذمَّر أي يَلُومُ نفسهُ ويُعاتبها ، لكي يَجِدَّ في الأمر ، والقومُ يَتذامَرُون في الحرب أي يحُضُّ بعضُهم بعضا على الجِدّ في القتال ، ومنه قول عنترة :
* يتذَامَرُون كرَرْتُ غير مُذَمَّمِ*
والذِّمار ، ذِمار الرجل ، وهو كل شيء يلزمُه حِمايتُه ، والدفعُ عنه وإن ضيّعه لزمه اللَّومُ.
أبو عبيد عن الفراء : الذِّمْر الرجلُ الشجاعُ من قوم أَذْمارٍ.
وقال أبو عمرو : الذِّمار الحرَم والأهل ، والذِّمارُ الحَوْزةُ ، والذِّمار الحَشم ، والذِّمارُ الأرَبُ ، ويوضع التَّذمُّرُ موضعَ الحَفيظة للذِّمار ، إذا اسْتُبِيحَ.
وقال ابن مسعود : انتَهيْتُ يوم بدرٍ إلى أبي جهْل ، وهو صَرِيعٌ فوضعْتُ رجْلي على مُذَمَّره فقال لي : يا رُوَيْعيَ الغنم لقد ارْتَقَيتَ مُرْتقًى صعبا ، قال : فاحتزرْتُ رأسَه.
وقال أبو عبيد قال الأصمعيّ : المُذمَّرُ هو الكاهِلُ والعُنُق وما حوله إلى الذِّفْرَى ، ومنه قيل للرجل الّذي يُدخلُ يدَه في حياء الناقةِ لينظرَ أذكَرٌ جنينُها أم أنثى : مُذَمِّرٌ لأنه يضع يدَه ذلك الموضع فيعْرفُه.
قال الكميت :
وقال المُذمِّر للنّاتجيْنِ |
مَتَى ذمِّرتْ قَبْليَ الأرجُلُ |
يقول : إن التّذميرَ إنما هو في الأعناق لا في الأرجل.
وقال ذو الرمّة :
حرَاجيجُ قودٌ ذُمِّرتْ في نَتاجِها |
بناحيةِ الشِّحْرِ الغُرَيرِ وشَدْقَمِ |
يعني أنها من إبل هؤلاء فهم يُذَمِّرونها.
مذر : قال الليث : مَذَرَتْ البيْضةُ مَذَرا إِذا غَرْقلَتْ وقد أمْذرتْها الدَّجاجةُ.
وقال أبو عمرو : إذا مذرَتْ البيضةُ فهي الثّعِطةُ.
وقال الليث : التَّمَذُّرُ خُبث النَّفْس.
وأنشد :
فَتَمَذرَتْ نَفْسِي لذاك وَلَم أَزلْ |
مَذِلا نهارِي كلَّه حتى الأُصُلْ |
وقال شمر : قال شيخٌ من بني ضبّة : المُمْذِقِرُّ من اللبن الّذي يَمُسُّه الماءُ فَيَتَمَذَّرُ.
قال : فكيف يَتَمَذَّر؟
قال : يُمذرُهُ الماءُ فيتفرَّق.
قال : وَيتَمذَّر : يتفرَّق ، ومنه قولهم : تفرقوا شذَرَ ومذر.
(أبواب) الذَّال واللام
[ذ ل ن]
نذل : قال الليث : النَّذيلُ والنَّذْلُ من الرجال الّذي تزْدَريه في خِلقتِه وعقله ، وهُم الأنذالُ ، وقد نَذُلَ نَذَالةً.
ذ ل ف
ذلف ، فلذ.
فلذ : في الحديث : وتُلْقِي الأرضُ أَفْلاذَ كَبِدها.
قال الأصمعيّ : الأفلاذُ جمعُ الفِلْذةِ ، وهي القطعة من اللحم تُقطعُ طولا ، وضربَ أفلاذَ الكَبِدِ مَثَلا للكنوز المدفونة تحت الأرض ، وقد تُجْمَعُ الفِلْذةُ فِلَذا ، ومنه قيل للأعشى :
* تكفيه حُرَّةُ فِلْذٍ إن أَلمَّ بها*
ويقال : فَلَذْتُ اللحم تفليذا إذا قطّعته ؛ وَفَلَذْتُ له فِلْذةً من المال أي قطعت ، وافْتَلذتُ له فِلْذةً من المال أي اقتطعته.
قال ابن السكيت : الفِلْذ لا يكون إلا للبعير ، وَهو قطعةٌ من كبده ، يقال : فِلْذَةٌ واحدةٌ ثم يجمع فِلَذا وأفلاذا وهي القطع المقْطُوعة.
وقوله : تُلْقِي الأرضُ أَفْلاذَ أَكْبَادِها.
وفي بعض الحديث : وتَقِيءُ الأرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها ، أي تخْرِجُ الكنوزَ المدفونة فيها ، وهو مِثل قوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢)) [الزلزلة : ٢].
وسَمَّى ما في الأرض كَبِدا تشبيها بالكبد الّذي في بَطْن البَعير ، وقَيْءُ الأرض إخراجُها إيَّاها ، وخَصَّ الكَبِد لأنه من أَطايِبِ الجذور ، وافتَلَذْتُ منه قطعة من المال افتِلاذا إذا اقْتَطَعْتَه.
وأما الفُولاذُ من الحديد فهو مُعَرَّب وهو مُصاصُ الحديد الْمُنَقَّى خَبَثُه ، وكذلك الفَالُوذُ الّذي يؤكل يُسَوَّى من لُبِّ الحِنطة وهو مُعَرَّبٌ أيضا.
ذلف : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الذَّلَفُ اسْتِواءُ قَصَبَةِ الأنف في غير نُتُوءٍ ، وقِصَرٌ في الأرْنبة ، قال : وأما الفَطَسُ فهو لُصُوقُ القَصَبَة بالوجه مع ضِخَم الأَرْنَبَة.
وقال أَبو النجم :
لِلَّثْم عِنْدِيَ بَهْجَةٌ ومَزِيَّةٌ |
وأُحِبُّ بعضَ مَلاحةِ الذَّلفَاءِ |
ذ ل ب
بذل ، ذبل.
[ذبل] : يقال : ذَبَل الغُصنُ يَذْبُل ذُبولا فهو ذَابل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الذَّبْلُ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ البَحْرِيَّة يجعل منه الأمشاط.
وقال غيره : يُسَوَّى منه المَسَكُ أيضا : قال جرير يصف امرأة راعية :
تَرَى العَبَسَ الحَوْلِيَّ جَوْنا بِكُوعِها
لها مَسَكا من غيرِ عاجٍ ولا ذَبْل
وقال ابن شميل : الذَّبْلُ القُرونُ يُسَوَّى منه المَسَك.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال : ذِبْلٌ ذابلٌ وهو الهوان والخِزْيُ.
وقال شمر : رواه أصحاب أبي عبيد : ذِبْلٌ بالذال ، وغيره يقول : دِبْلٌ دابِلٌ بالدَّال.
وقال ابنُ الأعرابيّ يقول : ذِبْلٌ ذبِيلٌ أي ثُكْلٌ ثاكِلٌ ، ومنه سُمِّيَت المرأةُ ذِبْلَةً ، قال ويقال : ذَبَلَتْهُمْ ذُبَيْلَةٌ ، أي هَلكوا.
قال الأزهري : وروى أبو عُمر عن أبي العباس قال : الذُّبَال النَّقَاباتُ وكذلك الدُّبال بالدال والنَّقَاباتُ قُروح تخرج بالجنْب فتنقب إلى الجوف. قال : وذَبَلَتْهُ ذبولٌ ودَبَلَتْهُ دُبُولٌ ، قال : والذِّبْل الثُّكْلُ.
قال الأزهري : فهما لُغَتان ؛ ويَذْبُلُ اسم جَبَلٍ بعينه ، ويقال : ذَبُلَ فُوهُ يَذْبُل ذُبولا ، وذَبَ ذُبُوبا إذا جَفَّ ويَبِسَ ريقُه.
ويقال للفتيلة التي يُصْبَحُ بها السِّراج : ذُبالةٌ وذُبَّالةٌ وجمعهُ ذُبالٌ وذُبَّالٌ.
قال امرؤ القيس :
* كمِصْباحِ زَيْتٍ في قنادِيل ذُبَّالِ *
وهو الذُّبَال الّذي يُوضَع في مِشْكاةِ الزُّجاجة التي تُسْرَجُ بها.
بذل : قال الليث : البَذْلُ ضِدُّ المنْعِ ، وكل من طابتْ نفسُه بإعطاءِ شيءٍ فهو باذلٌ ، والبَذْلَةُ من الثِّياب ما يُلْبَسُ فلا يُصان ، ورجلٌ مُتَبَذِّل إذا كان يَلي العملَ بِنَفْسه ، يقال : تَبَذل في عملِ كذا ، وقد ابْتَذَل نفسَه فيما تولَّاه من عمله ، ورجلٌ بذَّال ، وبَذُول إذا كَثُر بَذْلُه للمال ، وفلانٌ صَدْقُ المُبْتَذَل ، إِذا وُجِد صُلْبا عند ابتِذالِه نَفْسَه ، ومِبْذلُ الرجُل مِيدَعته ، ومِعْوَزُه الثوب الّذي يَبْتَذِلُه ويلبَسه.
ويقال : استبذلْتُ فلانا شيئا إذا سألتَه أن يَبْذُلَه لكَ فَبذَله. وفرسٌ ذو صوْنٍ وابتِذَالٍ ، إذا كان له حُضْرٌ قد صانه لوقتِ الحاجة إليه ، وعَدْوٌ دونَه قد ابتَذلُه.
ذ ل م
ذلم ، ملذ ، مذل ، لذم ، لمذ (١) ، ذمل.
ذمل : أبو عبيد عن أبي عمرو : الذَّميلُ : اللَّيِّن من السَّيْر وقد ذَمَلَتْ الناقةُ تَذمِلُ ذمِيلا.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الذَّمِيلةُ المُعْيِيَةُ وجمع الذامِلة من النوق الذوَامِلُ.
وقال أبو طالب :
* تَخُبُّ إليه اليَعْمَلاتُ الذوامِلُ *
لذم : قال الليث : اللَّذِمُ المُولَع بالشيءِ ، وقال لَذِمَ به لَذَما وَأنشد :
* ثَبْتَ اللِّقاء في الحروب مِلْذَمَا*
__________________
(١) جاء في «اللسان» (لمذ ـ ١٢ / ٣٢٦) ، أنها لغة في لمج.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : لَذِمْتُ به لَذَما ، وضَرِيتُ به ضَرًى إذا لَهِجْتَ به ، وَأَلْزَمْتُ فلانا بفلان إلْزاما إذا ألْهَجْتَه به ؛ وقال غيرُه : أَلذِمْ لِفلانٍ كرامتَك أي أَدِمْها له ، واللُّزَمَةُ اللازِمُ للشيءِ لا يُفارقُه.
ابن السكيت عن الأصمعيّ : يقال للأرنب : حُذمَةٌ لُذَمَةٌ تَسْبِقُ الجمعَ بالأكمةُ ، وقوله لُزمةٌ أي لازِمةٌ للعَدْو وحُذَمَةٌ إذا عدت أَسْرَعَتْ.
مذل : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : المِذالُ من النِّفاق ورُوِي المِذَاء بالمدّ.
قال أبو عبيد : المِذالُ أصله أن يَمْذُل الرجل بِسرِه أي يَقْلَق ، وفيه لُغتان مَذِل يَمْذَل ومَذَلَ يَمْذُل ، وكُلُّ مَن قَلِق بِسِرِّه حتى يُذيعه ، أو بِمَضْجَعِه حتى يَتَحوَّل عنه ، أو بماله حتى يُنفِقَه فقد مَذلَ به.
وقال الأسود بن يَعْفُر :
ولقد أَرُوحُ عَلَى التِّجارِ مُرَجَّلا |
مَذِلا بمالي لَيِّنا أَجْيادِي |
وقال الراعي :
ما بالُ دَفِّكَ بالفِراشِ مَذيلا |
أَقَذًى بِعَيْنِكَ أَمْ أَرَدْتَ رَحِيلَا |
وقال قيس بن الخطيم :
فَلا تَمذُلْ بِسرِّك كلُّ سِرِّ |
إذا مَا جَاوَزَ الاثنين فَاشى |
قال الأزهري : والمِذالُ أَنْ يَقْلَق بِفراشه الّذي يُضاجِع عليه امرأتَه ويتحول عنه حتى يَفْترِشَها غيرُه ، وأما المذاء بالمد فإني قد فسرته في موضعه.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : المِمْذَلُ : الكثير خَدَرِ الرِّجْل ، والمِمْذلُ القَوَّادُ على أهله ، والمِمذلُ الّذي يَقْلَقُ بسرّه ، ويقال : مَذَلتْ رِجْلي تَمْذُلُ مَذْلا ، إذا خَدِرَتْ وامْذَالتْ امْذِلالا.
وأنشد أبو زيد في مَذَلَتْ رِجلُه إذا خَدِرت :
وإن مَذَلَتْ رِجْلي دَعَوْتكِ أَشْتَفِي |
بدعواكِ من مَذْلٍ بها فَتَهُونُ |
وقال الكسائي : مَذِلْتُ من كلامك ومَضِضْتُ بمعنى واحد.
ملذ : قال الليث : مَلَذَ فلانٌ يَمْلُذ مَلْذَا ، وهو أن يُرضِيَ صاحبَه بكلام لَطيفٍ ويُسْمِعه ما يَسُرُّه ، ولَيْسَ مع ذلك فِعْلٌ ، ورجل ملَّاذٌ ومَلَذَانٌ وأنشد فقال :
جِئتُ فَسلَّمتُ على مُعاذِ |
تَسْلِيمَ ملَّاذٍ عَلَى ملَّاذِ |
قال الأزهري : والمَلْثُ والمَلْذُ واحد ، وقال الراجز وأنشده ابن الأعرابيّ :
إني إِذا عَنَّ مِعَنُّ مِتْيَحُ |
ذُو نَخْوةٍ أو جَدِلٍ بَلَنْدَحُ |
|
أَوْ كَيْذُبانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ |
والمِمْسَح الكذاب.
ذلم : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الذَّلَمُ مَغِيضُ مَصَبِّ الوادي ، واللُّذومُ لُزومُ الخير أو الشر.
(أبواب) الذَّال والنون
[ذ ن ف]
نفذ ، فنذ.
نفذ : قال الليث : نَفَذَ السهمُ من الرَّميَّة يَنفُذ نَفَاذا ، ورمَيْتُه فأَنْفذتُه ، ورجل نَافِذ في أَمْرِه وهو الماضي فيه ، وقد نَفذ يَنْفُذ نَفَاذا قال : وأما النَّفَذ فإنه يستعمل في موضع إنفاذ الأمر.
يقال : قال المسلمون بِنَفَذ الكتاب ، أي بإنْفاذ ما فيه.
وقال قيس بن الحطيم في شعره :
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ القَيْسِ طَعْنَة ثائِرٍ |
لها نَفَذٌ لو لا الشُّعاعُ أضاءها |
أراد بالنَفَذ : المنفَذ.
يقول : نفذت الطعنة : أي جاوزت الجانب الآخر حتى يُضيء نفذُها خَرْقَها ولو لا انتشارُ الدمِ الفائرِ لأبْصَرَ طاعِنُها مَا ورَاءها ، أراد أن لها نَفَذا أضاءها لو لا شُعاع دمها ، ونَفَذُها : نُفُوذُها إلى الجانب الآخر.
قال الليث : النَّفاذ : الجَواز والخُلوص من الشيء ، تقول : نفذتُ ، أي جُزتُ.
قال : والطريقُ النافِذ الّذي يُسْلك وليس بمَسْدُودٍ بَيْنَ خَاصَّةٍ ، دُون سُلُوكِ العامَّةِ إيَّاه.
ويقال : هذا الطريقُ يَنفذُ إلى مكان كذا وكذا ، وفيه مَنْفَذٌ للقوم ، أي مَجازٌ.
وقال أبو عبيدة : من دَوائر الفَرَسِ دائرةٌ نافِذةٌ وذلك إذا كانت الهَقْعَةُ في الشِّقَّيْن جميعا ، وإذا كانتْ في شِقٍّ واحد فهي هَقْعَةٌ.
وفي الحديث : «أيُّما رجل أَشَادَ على رجلٍ مُسلمٍ بما هو بريءٌ منه كان حقا على الله أن يُعذبَه ، أو يَأتيَ بِنَفَذٍ ما» قال أي بالمخرج منه ، يقال : ائتني بِنَفَذِ ما قلتَ : أي بالمَخرَج منه.
وفي حديث ابن مسعود : إنكم مَجمُوعُون في صَعيدٍ واحد يَنفُذكم البَصَرُ.
قال الأصمعيّ : سمِعْتُ ابنَ عوفٍ يقول : يَنفُذهم.
يقال منه : أنفَذتُ القومَ إذا خَرَقْتَهم ومشيتَ في وسطهم ، فإن جُزْتَهم حتى تَخْلُفَهم ، قُلتَ : نَفَذتُهم أَنفُذهم.
وقال أبو عبيد : المعنى أنه يَنْفُذهم بصرُ الرحمن ، حتى يأتي عليهم كلّهم.
وقال الكسائي يقال : نَفَذَنِي بصرُه يَنفُذني إذا بَلَغَنِي وجاوَزني.
وقال أبو سعيد : يقال للخُصُوم إذا تَرافَعُوا إلى الحاكم : قد تَنَافَذُوا إليه بالذَّال ، أي خَلَصوا إليه ، فإذا أَدْلَى كلُّ واحد منهم
بحُجَّته قيل : قد تَنَافَدُوا بالدال أي أَنْفَدُوا حجتهم.
والعرب تقول : سِرْ عَنْكَ وأَنْفِذْ عنك ولا معنى لِعَنْك.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : قال أبو المكارم : النَّوافِذُ كلُّ سَمٍّ يُوصِل إلى النْفس فَرَحا أو تَرَحا ، قلت له : سمِّها؟
فقال : الأصْرَانِ والخِنَّابَتَانِ والفَمُ والطِّبِّيجة ، قال : والأصْرَان ثَقْبا الأُذُنَيْن والخِنَّابَتَانِ سَمَّا الأنْف.
[فنذ] : الفَانِيذُ الّذي يؤكل وهو حُلْوٌ ، معرب.
ذ ن ب
بذن ، ذنب ، ذبن ، نبذ : مستعملة.
بذن : قال ابن شميل في المنطق : بَأْذَنَ فلانٌ من الشر بَأْذَنَةً ، وهي المُبَأْذَنَةُ مَصدر.
ومثله قوله : أنائلا تُريد أم مُعَتْرَسةً يريد بالمعَتْرسةِ الفِعْلَ ، مثل المُجاهدة تقوم مقام الاسم.
ذبن : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الذُّبْنَةُ ذبول الشفتين من العَطَشِ.
قال الأزهري : النون مُبْدَلةٌ من اللام أصلها الذُّبْلَة.
ذنب : قال الليث : الذَّنْبُ الإثْمُ والمَعْصِيةُ والجميع الذُّنوب ، والذَّنَب معروف وجمعه أَذْناب ، ويقال للمسيل ما بَين التَّلْعَتَيْنِ : ذَنَبُ التَّلْعة ، والذَّانِبُ التَّابعُ للشيء على أَثَرِهِ ، يقال : هو يَذْنِبُهُ أي يتبعُه ، والمَسْتَذنِب الّذي يَتْلُو الذنَبَ لا يفارقُ أثرَه ، وأنشد فقال :
* مثل الأجيرِ اسْتَذنَبَ الرَّواحِلَا*
قال الأزهري : وذَنَبُ الرَّجُلِ أتْباعُه ، وأذنابُ القوم أتباعُ الرُّؤساء.
يقال : جاء فلان بِذَنبه أي بأتباعه.
وقال الحطيئةُ يمدح قوما فقال :
قومٌ هم الأنفُ والأذنابُ غيرُهم |
ومن يُسوِّي بأنفِ الناقةِ الذنَبَا |
وهؤلاء قوم من بني سعدِ بن زيدِ مناةَ ، يُعرفون ببني أنفَ الناقة لقول الحطيئة هذا ، وهم يَفْتَخِرون به إلى اليوم.
وروي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه ذكر فِتنة فقال :إذا كان ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بِذَنْبه فتجتمع الناس إليه ، أراد أنه يَضْرِبُ في الأرض مُسرعا بأتباعه الذين يَرَون رأيَه ولم يُعرِّج على الفتنة ، والذَّنُوب في كلام العرب على وجوه ، من ذلك قول الله جلّ وعزّ : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) [الذاريات : ٥٩].
روى سلمة عن الفراء أنه قال : الذَّنُوبُ من كلام العرب الدَّلْو العظيمةُ ، ولكن العرب تَذْهب به إلى النَّصيب والْحَظِّ ، وبذلك جاء في التفسير (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) ،
أي أشركوا حَظَّا من العذاب كما نزل بالذين من قبلهم ، وأنشد الفراء :
لها ذَنوبٌ ولكم ذَنوبُ |
فإنْ أَبَيْتُم فلنا القَلِيبُ |
قال : والذَّنوبُ بمعنى الدَّلْو يُذكَّر ويُؤنَّث.
وقال ابن السكيت : الذَّنوب فيها ماء قريب من المَلْءِ.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الذَّنُوبُ لحم المَتْنِ.
وقال غيره : الذَّنُوبُ الفرسُ الطويل الذَّنَبِ ، والذَّنُوبُ موضعٌ بعينه.
وقال عَبِيد بن الأبرص :
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ |
فالقُطَبِيَّاتُ فالذُنوبُ |
سلمة عن الفراء يقال : ذَنب الفرس وذُنَابَى الطائر وذُنابةُ الوادي ، ومِذَنبُ النهر ، ومِذنبُ القِدْر ، وجميع ذُنَابَة الوادي الذَّنائِب ، كأن الذُّنابةَ جمع ذَنبِ الوادي ، وذِنَابٌ وذِنابَةٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ وجِمالَةٍ ثم جِمالات جمعُ الجمع.
قال الله عزوجل : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات : ٣٣] وذَنَب كلِّ شيء آخره وجمعه ذِنَابٌ ومنه قول الشاعر :
ونَأخُذ بعده بِذِنَابِ عَيْشٍ |
أَجَبَّ الظهر ليسَ له سَنام |
وقال ابن بزرج : قال الكلابي في طلبه جَمله : اللهم لا يهديني لذُنانته غيرك ، قال : ويقال : مَن لك بذنابِ لَوْ قال الشاعر :
فمن يَهْدِي أخا لِذِنَابِ لوٍ |
فأَرْشُوهُ فإنَّ الله جارُ |
وقال أبو عبيدة : الذُّنابَى الذَّنَبُ وأنشد :
* جَمُومُ الشَّدِّ شائِلَةُ الذُّنَابِى *
والذنَبَانُ : نَبْتٌ معروف الواحدة ذنَبَانَةٌ.
وقال الليث : وبعض العرب تسميه : ذَنَبَ الثعلب ، قال : والتَّذنيبُ لِلضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك ، إذا أرادتْ التَّعاظُلَ والسِّفادَ.
وأنشد :
* مثل الضِّبَابِ إذ هَمّتْ بتذنيب *
قال الأزهري : إنما يقال للضَّب مُذَنِّبٌ إذا ضَرَبَ بِذَنبه مَن يريدُه من مُحترِشٍ أو حَيَّةٍ ، وقد ذَنَّبَ تذنيبا ، إذا فعل ذلك ، وضَبٌ أذْنبُ طويلُ الذنب.
وأنشد أبو الهيثم :
لم يَبق مِن سُنّة الفَاروق نَعرِفه |
إلا الذُّنَيْبِي وإلا الدَّرةُ الخَلَقُ |
قال : الذُّنَيْبِيُ ضَرْب مِن البُرود.
قال : تَرَك ياءَ النسبة كقوله :
* مَتى كُنَّا لأمك مُقْنوِينا*
أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا بدت نُكتٌ من الإرطاب ، في البُسْر من قِبَل ذِنبها قيل : قد ذَنَّبتْ فهي مُذَنِّبةٌ ، والرُّطَبُ
التَّذْنوب.
سلمة عن الفراء : جاءنا بتَذْنوبٍ ، وهي لغة بني أسد ، والتميمي يقول : التَّذْنوب والواحدة تَذْنُوبةٌ.
وقال ابن الأعرابيّ : يَوْمٌ ذَنوبٌ طويل الذَّنَب لا يَنْقَضِي طولُ شَرِّه.
ابن شميل : المِذْنَبُ كهيئة الجدول يَسيل عن الروضة ماؤها إلى غيرها فيتفرق ماؤها فيها ، والتي يسيل عليها الماء مِذْنَبٌ أيضا ؛ وأَذنابُ القلاع مآخيرها.
وقال الليث : المِذْنَبُ مَسيلُ ماءٍ بحضيض الأرض وليس بِجُدٍّ طويلٌ واسعٌ ، فإذا كان في سَفْح أو سَند فهو تَلْعةٌ ، ومَسيلُ ما بين التَّلْعتين ذَنَبُ التلْعة.
أبو عبيد عن الأموي : المذَانِبُ المغَارِف واحدها مِذْنبة. وقال أبو ذؤيب :
* وسودٍ مِن الصيدان فيها مَذانِب *
أبو عبيد : فَرَس مُذانِبٌ ، وقد ذَانبتْ إذا وقع ولَدُها في القُحْقُح ، ودنا خروجُ السِّقْي وارتفع عَجْبُ ذنبها ، وعَلِق به فلم يَحْدِروه.
والعرب تقول : ركب فلان ذَنَبَ الريح إذا سبق فلم يُدْرَكْ ، وإذا رَضِيَ بحظٍ ناقصٍ قيل : ركب ذَنَب البعير ، واتَّبع ذَنَبَ أمرٍ مُدْبرٍ يَتَحَسَّر على ما فاته.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المُذَنَّبُ الذَّنَبُ الطويل ، والمُذَنِّب الضب ، والمِذْنبة والمِذْنَبِ المِغْرَفة ، وأَذناب السوائل أسافل الأودية وفي الحديث : لا تمنع فلانا ذَنَبَ تَلْعةٍ ، إذا وُصف بالذُّل والضِّعف والخِسَّة.
نبذ : قال الليث : النَّبْذُ : طرحُك الشيءَ من يدك أمامك أو خلفك ، قال : والمُنابذة انتباذ الفريقين للحق ، يقول : نابذناهم الحرب ونَبذْنا إليهم الحرب على سواء.
قال الأزهري : المُنَابَذَة أن تكون بين فئتين ، عهدٌ وهدنةٌ بعد القتال ، ثم أرادا نقض ذلك العهد فينبذ كلُّ فريق منهما إلى صاحبه العهدَ الّذي توادَعا عليه ، ومنه قول الله عزوجل : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) [الأنفال : ٥٨] المعنى : إذا كان بينك وبين قوم هُدْنَةٌ فخِفتَ منهم نَقْضا للعهد ، فلا تُبَادِرْ إلى النقْض والقتل ، حتى تُلقِيَ إليهم أنك قد نقَضْتَ ما بَيْنَك وبينهم فيكونوا معك في عِلْم النقْض والعَوْد إلى الحرب مُستَوِين ، ويقال : جلس فلان نَبْذَة ونُبذَة أي ناحية ، وانتبذ فلان ناحيةً : إذا انْتحى ناحيةً ، وقال الله عزوجل في قصة مريم : (انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) [مريم : ١٦]. وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم نَهَى عن المُنابذة والمُلامسة.
قال أبو عبيدة : المُنَابَذَةُ : أن يقول الرجل لصاحبه : انْبِذْهُ إليَّ الثوبَ أو غيره من المتاع ، أَو أَنْبذُه إليكَ ، وقد وَجَبَ البيعُ بكذا وكذا ، قال ويقال : إنما
هي أن تقول : إذا نَبذتُ الحصاة إليك فقد وَجَبَ البيعُ ، ومما يحقّقه الحديث الآخر أنه نَهى عن بيع الحصاة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المِنْبَذة الوِسادة ، المنْبوذون هم أولاد الزِّنى الذين يُطرحون. قال الأزهري : المنْبوذ الولد الذي تَنْبِذُه والدتُه حِين تلده فَيلْتَقِطُه الرجل ، أو جماعة من المسلمين ويقومون بأمره ومؤونته ورَضاعه ، وسواء حملته أمه من نِكاح أو سِفاح ، ولا يجوز أن يقال له : وَلَدُ زِنى لما أمْكن في نَسَبه من الثبات ، والنَّبيذ معروف ؛ وإنما سُمِّي نبيذا لأن الّذي يَتخذه يأخذ تمرا أو زبيبا فيَنبذه ، أي يُلْقيه في وِعاء أو سِقاءٍ ، ويَصُبُّ عليه الماء ويتركه حتى يفورَ ويَهْدِر فيصير مُسكرا ، والنَّبْذُ الطرحُ ، وما لم يَصِرْ مُسْكرا حلال فإذا أسكر فهو حرام.
وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤْمن بالله واليوم الآخر أن تَحُدَّ على مَيِّت فوق ثلاث إلا على زوجٍ فإنها تَحُدُّ عليه أربعة أشهر وعَشْرا ، ولا تكْتَحِل ولا تَلْبَس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عَصْب ولا تَمَسُّ طيبا إلا عند أَدنَى طهرها ، إذا اغتسلت من مَحيضها».
نُبْذَة قُسْطٍ وأظْفارٍ ، يَعْني قِطعةً منه.
ويقال للشاةِ المهزولة التي يُهملها أهلها : نَبِيذةٌ ؛ ويقال : لما يُنْبَثُ من تُراب الحفْرة : نبيثَةٌ ، ونبيذَة ، وجمعها النَّبَائِث والنبائذُ ؛ ويقال : في هذا العِذْق نَبْذٌ قليلٌ من الرُّطَب ، ووَخْزٌ قليل ، وهو أن يُرْطب منه الخَطِيئة بعد الخَطِيئة.
وفي حديث عديّ بن حاتم أنه لما أتَى النبي صلىاللهعليهوسلم أمر له بِمِنْبَذَةٍ ، وقال : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ، والمنْبَذَة : الوسادة سميت مِنْبَذَةً لأنها تُنْبَذُ بالأرض أي تطرح للجلوس عليها.
ذ ن م
منذ : قال الليث : مُنْذُ ، النُّون والذَّال فيها أصلِيّتان ، وقيل : إن بِناء مُنْذ مأخوذٌ من قولك مِن إذْ ، وكذلك معناها من الزمان إذا قلت : منذ كان ، معناه : مِن إذْ كان ذلك ، فلما كَثُر في الكلام طُرِحَت همزتُها ، وجُعِلتا كلمة واحدة ورُفِعت على توهم الغاية.
وقال غيره : مُنْذُ ومُذْ من حروف المعاني : فأَمَّا مُنْذُ فإن أكثر العرب تخْفِضُ بِها ما مضى وما لم يمض وهو المجمع عليه ، واجتمعوا على ضم الذال فيها عند الساكن والمتحرك كقولك : لم أره مُنْذُ يومٍ ومُنْذُ اليومِ ؛ وأما مُذْ فإِن العرب تخفِضُ بها ما لم يمْضِ وترفَعُ ما مضى قال : ويسكنون الذال إذا وَلِيَها مُتحرك ويضمونها إذا وَلِيها ساكن ، يقولون : لم أرَهُ مُذْ يومان ولم أرَهُ مُذُ اليومِ ، وهذا
قول أكثر النحويين. وفي مُنْذُ ومُذْ لغات شاذة ، تَتَكَلَّمُ بها الخطِيئَةُ من أحياء العرب فلا يُعْبَأ بها فإِن جمهور العرب على ما بينته لك ، وسُئِلَ بعض النحويين : لم خَفَضُوا بِمُنْذُ ، ورفعوا بِمُذْ؟ فقال : لأن مُنْذُ كانت في الأصل مِنْ إذْ كان كذا وكذا ، فَكَثُر استعمالهم لها في الكلام ، فحذِفَتْ الهمزة وضَمةُ الميم ، وخَفَضوا بها على عِلَّةِ الأصل ؛ وأما مُذْ فلما حَذَفوا منها النونَ ذَهَبتْ مِنها علامةُ الآلة الخافِضَة وضمُّوا الميم فيها ، ليكون أمتن لها ، ورفعوا بها ما مَضى مع سُكون الذَّال ، ليُفَرِّقوا بين ما مضى ، وبين ما لم يمضِ.
قال الفراء : في مُذْ ومُنْذُ : هما مَبْنِيَّتان مِنْ مِنْ ، ومِنْ ذو ، التي بمعنى الّذي في لغة طيىء. فإِذا خُفِضَ بهما أجريتا مُجرى مِنْ ، وإذا رُفِعَ بهما ما بعدهما أُجْرِيتا مُجرى ، إضمار ما كان في الصلة كأنه قال : من الّذي هو يومان؟
ذ ف ب ـ ذ ف م : أهملت وجوهها كلها.
[باب الذال والباء مع الميم]
ذ ب م
بذم : قال الليث : البَذْمُ مصدر البَذِيم وهو العَاقِلُ الغَضَبِ من الرجل ، يَعْلَم ما يُغْضَبُ له ، يقال : بَذُمَ بَذَامةً ، وأنشد فقال :
كَرِيمُ عُروقِ النَّبْعَتَيْن مُطَهَّرٌ |
ويَغْضَبُ مِمَّا فيه ذُو البَذْم يَغْضَبُ |
أبو عُبيد : البُذْمُ الاحتمالُ لِما حُمِّل.
وقال الأموي : البُذْم : النَّفْس.
وقال شمر : قال أبو عُبيدة وأبو زيد : البُذْم : القُوَّةُ والطَّاقَةُ ، وأنشد :
أَنُوءَ بِرِجلٍ بها بُذْمُها |
وأَعْيَتْ بها أُخْتُها الآخِرَهْ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : البَذيمُ من الأفواه المتَغَيِّرُ الرائحة. وأنشد :
شَمِمْتُها بِشاربٍ بَذِيمِ |
قد خَمَّ أو قد هَمَّ بالخُمُومِ |
وقال غيره : أبْذَمت الناقة وأَبْلَمَتْ إذا وَرِمَ حَياؤها من شِدَّةِ الضَّبَعَةِ ، وإنما يكون ذلك في بَكَرات الإبل.
وقال الراجز :
إذا سَما فَوْق جَمُوحٍ مِكْتامْ |
من غَمْطِهِ الإِثْنَاء ذاتَ الإبْذَامْ |
يَصِفُ فيها فَحْل إبلٍ أُرسل فيها ، أرادَ أنه يَحْتَقِرُ الإِثْنَاءَ ذاتِ البَلَمة فَيَعْلُو الناقة التي لا تَشُول بِذَنَبِها وهي لاقِحٌ كأَنها تَكْتُم لَقاحها.
ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : البَذِيمةُ الّذي يَغْضَبُ في غير موضع الغضب.
والبَزِيمَةُ المرسلة مَعَ القِلادة.
انتهى والله أعلم.