تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

جرادٍ وهو الكَثيرُ.

وقال ابن شميل : النَّظيمُ شِعْبٌ فيه غُدُرٌ أَو قِلاتٌ مُتواصلةٌ بعضُها قريب من بعض ، فالشِّعبُ حينئذ نَظيمٌ لأنهُ نَظَمَ ذلك الماءَ ، والجماعةُ النُّظُمُ.

وقال غيره : النَّظِيمُ من الرُّكِيِّ ما تَناسَق فُقُرُهُ على نَسَقٍ وَاحِدٍ.

ثعْلب عن ابن الأعرابيّ : النَّظْمةُ كَوَاكِبُ الثريَّا.

وقال أبو ذؤيب :

فَورَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابىء الضَّ

رَبَاء فوقَ النَّظْم لا يَتَتَلَّعُ

ورواه بعضهم : فوق النَّجْم وهما الثريا معا.

ظ ف ب ـ ظ ف م ـ ظ ب م : مهملات كلها.

انتهى.

* * *

٢٨١

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الظَّاء

ظ ذ ـ ظ ث

أهملت وجوهها.

باب الظَّاء والرَّاء

ظ ر

(وا يء) ظرى ، ظأر : [مستعملة].

ظرى : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الظَّارِي : العَاضُّ ، وظَرَى يَظري إذا جَرى وظَرِيَ إذا كاس يَظْرَى ، والظَّرَوْرَى الكَيِّسُ ، وظَرَى بَطْنُهُ يَظْرِي إذا لم يَتَمالَك لِينا.

وقال أبو عمرو : وظَرَى إذا لانَ وظرَى إذا كَاسَ.

وقال شَمِرُ : اظْرَوْرَى بَطْنُه : إذا انتفخ.

وقرأت في «نوادر الأعراب» : الاظْرِيرَاءُ والاطْرِيرَاء البِطْنَةُ وهو مُظْرَوْرٍ مُطْرَوْرٍ وكذلك المُحْبَنْطِي والمُحْبَنظِي.

وقال أبو عبيد : اطْرَوْرَى بطنُه بالطاء.

ظأر : قال أبو الهيثم فيما قرأت بِخَطّه لأبي حاتم في باب البقر : قال الطَّائِفيُّون : إذا أرادت البقرةُ الفَحْلَ فهي ضَبِعة كالناقة ، وهي ظُؤْرَى ولا فِعْلَ للظُّؤْرَى.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الظُّؤْرَةُ الدابة والظُّؤْرَةُ المُرْضِعةُ.

قلت : قرأت في بعض الكتب : اسْتَظأرتْ الكَلْبَةُ بالظَّاءِ : أي أَجْعَلَتْ واسْتَحْرَمَتْ.

وقرأتُ لأبي الهيثم في كتاب البَقَر : الظُّؤْرَى من البَقَر وهي الضَّبِعةُ.

وروى لنا المنذرِيُّ في كتاب «الفروق» ، اسْتَظأرتْ الكَلْبَةُ بالظاء إذا هَاجت فهي مُستظئرة ، وأَنا واقف في هذا.

وقال الليث : الظِّئْر والجميع الظُّؤُورَة ، تقول هذا ظِئْرِي.

قال : والظِّئْرُ سواء للذكر والأنثى من الناس.

ويقال : ظَاءَرَتْ فُلانةُ بِوَزْنِ فَاعَلتْ إذا أَخَذَتْ وَلدا تُرضِعُه مُظاءرة ، ويقال لأب الولد لصُلْبه : وهو مُظائرٌ لتلك المرأة ، ويقال : اظأَرْتُ لِوَلَدِي ظِئرا أي اتَّخَذْتُ ، وهو افْتَعلْت فأدغمت الظّاء في التَّاء ، تَاءِ الافتعال فحُولَتْ ظاءً لأن الظاء من فِخَام حروف الشَّجْر التي قَرُبَتْ مخارجُها من التَّاء فَضَمُّوا إليها حَرْفا فَخْما مِثْلَها ليكون أَيْسَرَ على اللسان لِتَبَايُن مَدْرَجَة الحروف الفِخام من مَدارج الحروف الخُفْتِ ، وكذلك تحوَّلتْ تلك التاء من الصَّاد والضَّاد طاء لأنهما من الحروف الفِخام.

٢٨٢

وقال الليث : الظَّؤُور من النوق التي تعطِف على ولد غيرها أو على بَوٍّ تقول : ظِئِرت فأَظأرت بالظاء ، فهى ظَؤُورٌ ، ومَظْؤُوِر وَجمع الظُّؤُور ، أَظْآرٌ وأَظْؤُرٌ.

وقال متمّم :

فما وَجْدُ أَظآرٍ ثلاثٍ روَائمٍ

رَأَيْنَ مَجَرّا مِن حُوارٍ ومَصْرعَا

وقال الآخر في الظُّؤَار :

يُعَقِّلُهُن جَعْدَةُ مِن سُلَيْم

بِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظَّؤَارِ

وقال الليث : ظَأَرَنِي فلان على أمرِ كذا وأَظأَرَني وظاءرني على فَاعَلَني أي عَطَفَني.

وقال أبو عبيد : من أمثالهم في الإعطاء من الخوفِ قولهم : الطَّعْنُ يَظأَرُ يقول : إذا خافك أنْ تَطعَنَه فَتقتلَه عَطَفَه ذلك عليك فجادَ بماله حينئذ للخوف.

وروي عن ابن عمر أنه اشترى ناقةً فرأى بها تَشْرِيم الظِّئَارِ فَردها ، والتَّشْريمُ التشقيق ، والظِّئَارُ أَنْ تُعْطَفَ الناقةُ على غيرِ ولدها ، وذلك أن تُدَسَّ دُرْجَةٌ من الخِرَق مجموعةً في رَحِمها ، وتُجَلَّلَ بِغَمَامَةٍ تَسْتُر رَأْسها ، وتترك كذلك حتى تَغُمَّها ، ثم تُنزَعَ الدُّرْجَةُ ويُدْنَى حُوارُ ناقةٍ أخرى منها ، وقد لُوِّثَ رأْسُه وجِلْدُه بما خَرَج مع الدُّرجة من أَذَى الرَّحم ، فَتظُنُّ أنها وَلَدَتْه إذا سافته فَتَدِرُّ عليه وترأَمُه ، وإذا دُسَّتْ الدُّرجة في رَحمِها ، ضُمَّ ما بين شُفْرَيْ حَيائها بِسَبْرٍ ، فأراد بالتَّشْريم ما تَخَرَّقَ من شُفْرَيْها.

وقال الأصمعيّ : عَدْوٌ ظَأْرٌ إذا كان مَعَه مِثلُه ، قال : وكلُّ شيءٍ مع شيءٍ مِثلِه فهو ظَأْرٌ.

وقال الأرقط يصف حُمُرا :

تَأْنِيفُهُن نَقْلٌ وأَفْرُ

والشَّدُّ تاراتٍ وعَدوٌ ظَأْرُ

التأنِيفُ : طَلَبُ أُنُفِ الكَلأ ، أراد : عِندها صَوْنٌ من العَدْو لَمْ تَبْذُلْه كلَّه.

وفي الحديث : ومن ظَأَرهُ الإسلامُ ، أي عطفه.

وفي حديث عمر : أنه كتب إلى هُنَيِّ ، وهو في نَعَم الصَّدَقَة : أنْ ظاوِرْ ، قال : وكنا نَجمع الناقتين والثلاثَ على الرُّبَع الواحد ، ثم نَحْدِرُها إليه.

قال شمر : المعروف في كلام العرب ظاءَر بالهمز وهي المظاءرة ، وهو أن تُعْطَفَ الناقةُ إذا مات ولدها أو ذُبح على وَلَد أخرى.

وقال الأصمعيّ : كانت العرب إذا أرادتْ أن تُغِيرَ ظاءَرتْ بِتَقدير فاعلتْ ـ وذلك أنهم يُبقُون اللَّبنَ ليُسْقُوه الخيلَ ، قال : ومن أمثالهم : الطَّعنُ يَظْأَرُ أي يَعطِفُ على الصّلح ، وهذا أحسنُ من قول أبي عبيد الّذي ذكرته قبل هذا.

٢٨٣

وقال أبو الهيثم : ظَأَرتُ النَّاقَةَ أظأرُها ظأرا فهي مَظْؤورَةٌ إذا عَطَفْتَها على ولد غيرها.

قال الكميت :

ظأَرْتُهُم بِعَصا وَيَا

عَجَبا لِمظؤورٍ وَظَائِرْ

قال : والظِّئرُ فِعْلٌ بمعنى مفعولٌ ، والظَّأْرُ مصدرٌ كالثِّنْيِ والثَّني فالثِّنْيُ اسم لِلْمَثْنِيِّ.

والثَّنْيُ فعلُ الثاني ، وكذلك القِطْفُ والقَطْفُ والحِمْلُ والحَمْلُ.

قال : ويقال لِلرُّكنِ من أركانِ القصر : ظِئْرٌ ، والدِّعامةُ تُبْنَى إلى جنب حَائِطٍ ليُدْعَمَ عليها ظِئْرٌ ، ويقال للظّئر : ظَؤُورٌ فَعُول بمعنى مفعول.

انتهى والله تعالى أعلم.

باب الظَّاء واللام

[ظ ل (وا يء)]

لظى : قال الله جلّ وعزّ : (كَلَّا إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦)) [المعارج : ١٥ ، ١٦].

لظى من أسماءِ النار نَعُوذ بالله ، وهي مَعْرِفَةً لا تُنَوَّن لأنها لا تَنْصَرِفُ وقد تَلَظَّتْ النار تَلَظِّيا إذا الْتَهَبتْ.

قال الله جلّ وعزّ : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤)) [الليل : ١٤] أي تتوهجُ وتتوقّدُ.

وقال الليث : اللَّظَى اللهَبُ الخالِص ، ويقال : لَظِيَتْ النار تَلْظَى لَظًى.

وقال غيره : فلان يَتَلَظَّى على فلان تَلَظِّيا إذا تَوقَد عليه من شدة الغضب.

وجعل ذو الرمة اللَّظَى شدة الحرّ ، فقال :

وحتَّى أَتَى يومٌ يكادُ من اللَّظَى

تَرَى التُّوم في أُفحوصِهِ يَتَصَيَّح

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَظَلَّى فلانٌ أي لزم الظِّلال والدَّعة. قلت : وكان في الأصل تظلل فَقُلِبَتْ إحدى اللَّامات ياءً كما قالوا : تَظَنَّيْتَ من الظّن ، وليس في باب الظاء والنون غير التَّظنِّي ، وأصله التظنن. انتهى والله أعلم.

باب الظَّاء والفاء

[ظ ف (وا يء)]

وظف ، فاظ ، فظا ، ظاف : [مستعملة].

[وظف] : يقال : وَظَفَ فلانٌ فلانا يَظِفُهُ وَظْفا إذا تَبِعَه مأخوذٌ من الوظيف.

ووظَفْتُ البَعيرَ أظِفه وَظْفا إذا أصبتَ وظيفه ، والوَظيفُ من كل ذي أربعٍ : ما فَوْق الرُّسْغ إلى مَفْصِل الساق وجمعه أوْظِفَة.

وقال الليث : الوَظيفةُ من كل شيء ما يُقَدَّرُ له كل يوم من رِزْقٍ أو طعَامٍ أو عَلَفٍ أو شرابٍ ، وَجمعُها الوظائفُ وَالوُظُفُ ، وقد وظّفْتُ له توظيفا ، ووَظّفتُ على الصَّبِيِّ كل يوم حِفْظَ آياتٍ من كتاب الله توظيفا ، وأنشد :

٢٨٤

أَبْقَتْ لنا وَقَعَاتُ الدَّهْرِ مَكْرُمَةً

ما هَبَّت الريحُ والدُّنيا لها وُظُفُ

قال : هي شِبْهُ الدُّولِ مرةً لهؤلاء ومرة لِهؤلاء ، جمعُ الوَظِيفَةِ.

ويقال : إذا ذَبحتَ الذبيحةَ فاستوْظِفْ قَطعَ الحُلقوم والمريءِ والوَدَجَيْن ، أي اسْتوْعَب ذلك. هكذا قال الشافعي في كتاب الصيد والذبائح.

فيظ : أبو عبيد عن الكسائيّ : هو يَفيظُ نفسه وقد فَاظتْ نَفسُه وأفاظهُ اللهُ نفسَه.

وقال ابن السكيت : يقالُ فاظَ الميّتُ يَفِيظُ فيْظا ويَفُوظ فَوْظا ، كذا رواها الأصمعيّ وأنشد لرؤبة :

* لا يَدْفِنُون مِنهم مَنْ فَاظَا*

قال : ولا يقال : فاضت نَفْسُه ولا فاظَتْ ، وحكاها غيره.

وروي عن الأصمعيّ عن أبي عمرو : يقال : فاظ الميت ، ولا يقال : فاظت نفسه ولا فاضت.

قال الكسائي : فاظتْ نفسُه ، وفاضتْ نفسُه.

وروى ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : أَهل الحجاز وَطيّىء يقولون : فاظت نفسه ، وقضاعة وتميم وقيس يقولون : فاضت نفسه مثل فاضت دمعتُه.

وقال الليث : فَاظَتْ نَفسه فَيْظا وفَيْظُوظةً إذا خَرَجَتْ ، والفاعل فائِظٌ ، وزعم أبو عبيدة أنها لغةٌ لبعض تميم ، يعني فاظتْ نفسه ، وفَاضَتْ وأنشد :

* فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وفَاضتْ نَفْسُ*

فأنشده الأصمعيّ فقال : إنما هو وَطَنَّ الضِّرْسُ.

فظا : قال الفراء : الفَظَى : مَقصورٌ ماءُ الرَّحم يُكتبُ بالياء والتثنية فَظْوانِ.

وقال غيره : أصله الفَظُّ ، فقلبت الظاء ياءً وهو ماء الكَرِش.

ظوف : الفراء يقال : أخذ بِظُوفِ رَقَبَتَهِ وبظافِ رَقَبَتِه وبقَافِ رقبته وبصُوف رقبته إذا أخذه كلَّه.

أبو زيد يقال : أخذه بقوفِ رقبته وبطوفها وبصُوفِها وكلُّه واحدٌ.

باب الظَّاء والباء

[ظ ب (وا يء)]

ظأب ، ظبي ، بظا ، بيظ ، وظب.

[ظأب] : أبو العبَّاس عن ابن الأعرابيّ : ظأبَ إذا جَلَّب ، وظأب إذا تَزَوَّجَ ، وظَأَب أيضا إذا ظَلَم ، وقال اللحياني : ظَاءَ بني فلانٌ وظاء مَنِي إذا تزوجتَ أنتَ وهو أُخْتين ، والظأْبُ والظَّأْم سِلْفُ الرجلِ ، وقال أبو زيد : فلان ظَأْبُ فلانٍ ، أي سِلفه ، والظَّأْمُ مثله ، وثلاثة أَظْؤُبٍ ، وحُكِي عن ابن الدُّقَيْش في جمعه ظُؤوبٌ ، وقال الأصمعيّ : يقال سمعت

٢٨٥

ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظأْم تَيْسِه وهو صِياحُه في هِبابِه ، وأنشد لأوس بن حَجَر :

يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمٌ

له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الظأْمُ الكلامُ والجَلَبَةُ.

يصوع : يسوق ويجمع ، وعنوق جمع عَناق للأنثى من ولد المعز ، والزنيم الّذي له زنمتان في حلقه.

ظبي : الأنثى من الظَّبَاء ظَبْية ، والذكر ظَبْيٌ ، أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال لكل ذَاتِ خُفّ أَو ظِلْف : الحَيَاءُ ، ولِكل ذاتِ حافرٍ : الظبْيَةُ ، قال : وللسباع كلها : الثَّفْرُ ، قال : وقال الفرَّاء : يقال لِلكلبة ظَبْيَةٌ ، وشَقْحَةٌ ، ولِذوات الحافر ظبْيَةٌ ، وفي الحديث أنه أُهْدِيَ للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ظبيَةٌ فيها خَرَزٌ فأَعْطَى الأهل منها والعَرَبَ ، والظبْيَةُ شِبْهُ الْخَرِيطَةِ والكِيس ، وتُصغَّر فيقال : ظُبَيَّةٌ ، وجمعها ظِبَاء ، وقال عَديّ :

بَيْتِ جُلُوفٍ طَيِّبٍ ظِلُّهُ

فِيهِ ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوص

وفي حديث قَيْلَة : أنها لمّا خرجتْ إلى النبيِّ صَلَى الله عليه وسلم ، أَدْرَكَها عَمُّ بناتِها ، قالت : فأصابتْ ظُبَةُ سَيْفِه طائفةً من قرون رَأْسِه ، قال أبو عبيد : ظُبَةُ السَّيف حَدُّهُ وجمعها ظُبَاتٌ وظُبُون وهو طرف السيف ، ومثله ذُبَابُه ، وقال الكميت :

يرى الراؤون بالشَّفَراتِ منها

وَقُودَ أبي حُباحِبَ والظُّبِينَا

وقال الليث : الظَّبْيَةُ جَهَاز المرأة والنَّاقة ، يعنِي حَيَاءها ، والظبْيَةُ شِبهُ العِجْلة والمَزَادَة ، قال : وإذا خَرَجَ ، تَخْرُجُ امرأة قُدامَه تُسمى ظَبْيَةَ ، وهي تُنْذِرُ المسلمين.

وقال الأصمعيّ : يقال لحدّ السكين الغِرارُ والظُّبَةُ والقُرْنةُ ، ولجانبها الآخر الّذي لا يقطع الكَلُّ ، وظَبْيٌ اسم رَمْلَةٍ في قوله :

* أَساريعُ ظَبْيٍ أو مَساوِيكُ إسْحِلِ*

ابن الأنباري : ظَبيٌ اسم كثيب بعينه ، قال : وأَساريعه دوابُّ فيه تشبه العَظَاءَةَ وأنشد :

وكَفٍ كعُواذ النَّقا لا يضيرها

إذا أُبرِزَتْ ألَّا يكونَ خِضابُ

وعُواذ النقا دوابُّ تشبه العظاءة واحدتها عائذة تلزم الرملَ ولا تبرحه ، ويقال : بفلانٍ داء ظَبْيٍ قال أبو عمرو : معناه أنهُ لا دَاءَ به كما أنَ الظبيَ لا دَاءَ بهِ وأنشد الأمويّ :

فَلَا تَجْهَمِينَا أمَّ عَمْروٍ فإنَّما

بِنا دَاءُ ظبْيٍ لَمْ تَخنْه عَوَامِلُه

قال أبو عبيد : قال الأموي : داءُ الظَّبْيِ أنهُ إذا أراد أن يَثِبَ مَكَثَ ساعةً ثم وَثَب ، وفي الحديث : أن النبي صَلَى الله عليه وسلم أمَر الضحّاكَ بنَ قيس أن يأتيَ قَومَه ، فقال : «إذا أتيتَهم فارْبِضْ في دارهم ظَبْيا» وتأويله ، أنه بعثه

٢٨٦

إلى قوم مُشركين ليتبصَّر ما هم عليه ، ويرجع إليه بِخبرهم ، وأمره أن يكون منهم ، بحيث يَتَبيَّنُهم ولا يستمكنونَ منه ، فإن رَابَه منهم رَيْبٌ تَفَلَّتَ منهم ، فيكون مثلَ الظبْي لا يَرْبِضُ إلا وهو مُتَوَحِّشٌ بالبلد القَفْر ، ومَتَى أَحَسَّ بفزعٍ نَفَر ، ونُصِبتْ ظَبيا على التفسير لأن الرُّبوض له ، فلما حُوِّلَ فِعْلُه إلى المخاطب خَرَج قولُه ظبيا مُفَسِّرا ، قال القُتَيْبي : قال ابن الأعرابيّ : أراد أقِمْ في دارهم آمنا لا تبرح كأنك ظَبيٌ في كناسة قد أَمِن حيت لا يرى إنْسا ، ويقال : أرضٌ مَظبَأةٌ كثيرة الظِّباء ، والظبْيُ سِمَةٌ لبعض العَربِ وإيَّاها أراد عنترة في قوله :

عَمْرَو بنَ أسودَ زَبَّاءَ قارِيةٍ

مَاءُ الكُلابِ عليها الظبْيُ مِعْنَاقُ

ومن أمثالهم : لأَتْرُكَنَّه تَرَكَ الظبي ظِلَّه ، وذلك أن الظبي إذا تَركَ كِناسَه لم يعُد إليه ، يقال ذلك عند تأكيد رَفْضِ الشيء أيَّ شيءٍ كان.

بظا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : البُظاء اللَّحَماتُ المتراكباتُ.

أبو عبيد عن الفراء : خظا لَحْمُه وبَظا وكَظا بغير همز إذا اكتنز ، يَخْظُو ويَبْظو ويَكْظو ، شمر يقال : بَظا لحمه يَبْظو بَظْوا.

وأنشد غيره للأغلب :

* خَاظِي البَضيعِ لَحْمُهُ خظا بَظا*

قال : جَعلَ بَظا صِلةً لخظا كقولهم : تَبّا تَلْبا قال : وهو توكيد لما قبله.

باظ : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : باظَ الرَّجُل يَبِيظُ بَيْظا ، وباظ يَبُوظ بَوْظا إذا قرَّرَ أرون أبي عُمير في المَهْبل.

وقال الليث : البَيْظ ماءُ الرجل.

قلت : أراد ابن الأعرابيّ بالأُرُون المَنِيَّ ، وأبي عُمَيْرٍ الذَّكَرَ وبالمَهْبِل قَرارَ الرّحِم.

وقال ابن الأعرابيّ : باظ الرجلُ إذا سَمِن جِسْمُه بعد هُزال أيضا.

وظب : قال الليث : وَظبَ فلان يَظِبُ وُظوبا وهو المواظبة على الشيء والمداوَمةُ ، ويقال للروضة إذا أُلِحَّ عليها في الرَّعْي : قد وُظِبَتْ فهي مَوْظوبَةٌ ، ووادٍ مَوْظوبٌ.

وقال اللحياني : يُقال فلانٌ مُوَاكِظٌ على كذا وكذا وواكِظٌ ومُواظِبٌ ووَاظِبٌ ومُواكِبٌ ووَاكِبٌ بمعنى مُثَابِر.

وقال سلامة بن جَنْدل يصف واديا :

شِيبِ المبارِكِ مَدْرُوسٍ مَدافِعُه

هَابِي المراغِ قليلِ الوَدْق مَوْظُوبِ

أراد شِيبٍ مَبارِكه ولِذَلك جَمَع ، وقال ابن السكيت في قوله مَوظُوبٌ : قد وُظِبَ عليه حتى أُكِلَ ما فيه ، وقوله : هَابِي المَراغِ أي مُنْتَفِخِ التُّرابِ لا يَتَمَرَّغُ به بعيرٌ ، قد تُرِكَ لِخَوْفِه ، وقوله : مَدروسٍ مدافعه أي قَدْ

٢٨٧

دُقَّ وَوُطِىءَ ، وأُكِل نَبْتُه ، ومَدَافِعُه أوْدِيَتُه ، شِيبُ المبَارِك قد ابْيَضَّتْ من الجُدُوبَة ، ويقال : فلانٌ يَظِبُ على الشيءِ ويواظِبُ عليه.

وقال ابن السكيت : مَوْظَبٌ بفتح الظاء اسمُ موضِع ، وقال خداش :

كَذَبْتُ عَليكُمْ أوْعِدُوني وَعلِّلُوا

بِيَ الأرضَ والأقوامَ قِرْدَانَ مَوْظَبَا

أراد يا قِرْدَانَ مَوْظَبا ، وهذا نادر وقياسه مَوْظِبٌ.

انتهى والله أعلم.

باب الظَّاء والميم

[ظ م (وا يء)]

ظمأ ، (ظام) ، وظم.

[ظمأ ـ ظام] : أما الظام فقد مر تفسيره مع تفسير الظاب لتعاقبهما ، قال : وأما ظَمِئَ فإنه يقال : ظَمِئَ فلانٌ يَظْمَأُ ظَمَأً إذا اشتدَّ عطشُه.

قال الله جلّ وعزّ : (لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ) [التوبة : ١٢٠] ، ورجل ظمآنُ وامرأة ظَمأَى لا يَنْصرِفان نكرةً ولا مَعْرِفةً ، والظِّمْءُ ما بين الشَرْبَتَين في وِرْدِ الإبلِ وجمعه ، أظماءٌ ، وأَقْصَرُ الأظمَاءِ الغِبُّ ، وذلك أن تَرِدَ الإبِلُ الماءَ يَوْما وتَصْدُرَ ، فتكون في المَرْعَى يَوْما وتَرِدُ اليومَ الثالث ، وما بين شَرْبَتَيها ظِمْءٌ ، وهذا في صميم الحَرِّ ، فإذا طَلَعَ سُهيْلٌ زِيدَ في الظِّمْءِ فَتَرِدُ الماءَ وتَصدُرُ ، فتمكثُ في المرعَى يَوْمين ثم تَرِدُ اليوم الرابع ، فيقال : وَرَدتْ رِبْعا ، ثم الخِمْس والسِّدْس إلى العِشْر ، وما بين شربتيها ظِمْءٌ طالَ أو قَصُر ، ويقال للفرس إذا كان مُعَرَّق الشَّوَى : إنه لأَظْمَى الشَّوَى ، وإنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ ، إذا لم يكنْ فيها رَهَلٌ ، وكانت مُتَوَتِّرةً ويُحْمَد ذلك فيها ، والأصلُ فيها الهَمْزُ ، ومنه قول الراجز يصف فرسا ، أنشده ابن السكيت :

يُنجِيهِ مِن مِثْل حَمَام الأَغْلَالْ

وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلِ شِمْلَالْ

ظمأى النَّسَا منْ تَحْتِ رَيَّا من عَالْ.

فجعل قوائمه ظِماءً وسَرَاتَه رَيّا أي مُمْتَلِئة من اللحم.

ويقال للفرس إذا ضُمِّر : قد أُظْمِىء إظْمَاءً وظُمِّئَ تَظْمِئَةً.

وقال أبو النجم يصف فرسا ضُمِّرَ :

نَطْوِيهِ والطَّيُّ الرَّقِيقُ يَجْدُلُه

نُظَمِّئُ الشَّحمَ ولَسْنا نَهْزِلُه

أي نَعْتَصِرُ مَاءَ بَدَنِه بالتَّعْرِيقِ حتى يَذْهَبَ رَهَلُه وَيَكْتَنِزَ لَحمُه ، ويُقال : مَا بَقِيَ من عمره إلا قَدْرُ ظِمْءِ حِمارٍ ، وذلك أنهُ أقلُّ الدَّوابِّ صَبْرا على العَطش ، يَرِدُ الماء في القيظ كلَّ يوم مرتين.

وقال الأصمعيّ : ريحٌ ظَمْأَى إذا كانت

٢٨٨

حارَّةً ليس فيها نَدًى ، وقال ذُو الرمة يصف السَّرابَ :

يَجْرِي وَيَرْقُد أَحْيانا وتَطْرُدُه

نَكْبَاءُ ظمْأَى من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ

وقال ابن شميل : ظَمَاءَةُ الرَّجُل على فَعَاله سُوء خُلُقِه ، ولُؤمُ ضَرِيبته ، وقِلَّةُ إنْصافه لمخالِطِه ، والأصل في ذلك أن الشَّرِّيبَ إذا ساء خُلُقه ، لم يُنْصِفْ شركاءه ، فأَمَّا الظَّمأ مَصْدرُ ظَمِئَ يظْمأ فهو مهموز مقصور.

قال الله جلّ وعزّ : (لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ) [التوبة : ١٢٠] ، ومن العرب من يَمدُّ فيقول : الظَّمَاءُ ، وَمن أمثالهم : الظَّمَاءُ الفادِحُ خيرٌ من الرِّيِّ الفَاضِحْ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : من الرماح الأَظْمَى غيرُ مهموزٍ وهو الأسمر ، وقَناةٌ ظَمْياءُ بَيِّنَةُ الظَّمَى منقوص ، وشَفَةٌ ظَمْياءُ ليست بوارمة كثيرة الدَّم ويُحْمَدُ ظَمَاها.

وقال الليث : الظَّمَى قِلَّةُ دَم اللِّثَة ويَعْترِيه الحُسْنُ ، ورَجُلٌ أظمَى وامرأَةٌ ظَمْياءُ.

قال : وعينٌ ظَمْياء رَقيقةُ الجفْنِ وساقٌ ظَمْياءُ مُعْتَرِقَةُ اللّحم ، ووجهٌ ظمآنُ قليلُ اللحم ، قال : والظَّمَى بلا همز ، ذُبول الشفة من العَطَش قلت : هو قِلَّةُ لَحمه ودَمه ، وليس من ذبول العَطش ، ولكنهُ خِلْقةٌ محمودة.

وقال أبو عمرو : ناقةٌ ظَمْياءُ وإبل ظُمْيٌ إذا كان في لونها سَوَادٌ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الأَظْمَى الأسْودُ ، والمرأة الظمْياءُ السوداء الشفتين.

وظم : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوَظْمَةُ التُّهْمَةُ ، والوَمْظةُ الرُّمانَةُ البرية.

انتهى والله أعلم.

* * *

٢٨٩

باب لفيف الظَّاء

[ظيي] : روى سلمة عن الفضل بن العباس بن حمزة الخزاعي عن الليث أن الخليل قال : الظاءُ حرف عَربيٌ خُصَّ به لسانُ العرب ، لا يَشْركُهم فيه أحدٌ من سائر الأمم.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : أَظوَى الرجل إذا حَمُق ، قال : والظَّيَّاءُ الرجلُ الأحمقُ ، أبو عبيد عن الأصمعيّ : من أشجار الجبال العَرْعَرُ والظَّيَّانُ والنَّبْعُ والنَّشَمُ ، قال : والظَّيَّان يَاسَمِينُ البَرِّ ، وقال الليث : والظَّيَّان شيءٌ من العَسل ، ويجيء في بعض الشعر الظِّيُّ ، والظِّيُّ بلا نون ، قال : ولا يُشْتقُّ منه فِعْلٌ فَتُعْرَفَ يَاؤُه ، وبعضهم يُصَغِّره ظُيَيَّانا وبعضهم ظُوَيَّانا ، قلت : ليس الظَّيَّانُ من العسل في شيء إنما الظَّيَّان ما فَسَّرهُ الأصمعيّ ، وقال مالك بنُ خالد الخزاعِي :

يا مَيُّ إن سِباعَ الأرض هالِكةٌ

الغُفْرُ والأُدْمُ والآرامُ والنَّاسُ

والجَيْشُ مَنْ يُعْجِزَ الأيامَ ذُو

حِيَدٍ بِمُشْمَخِرٍ به الظَّيَّان والآس

أراد بذي حِيَدٍ وَعِلا في قَرْنِه حِيدٌ ، وهي أنَابِيبُهُ ، والمُشْمَخِرُّ الجبل الطويل ، والآسُ ههنا شَجَرٌ ، والآس العَسَلُ أيضا.

[ظأظأ] : عمرو عن أبيه : والظَّأْظاءُ صَوْتُ التَّيسِ إذا نَبَّ.

انتهى آخر كتاب الظاء من «تهذيب اللغة».

* * *

٢٩٠

هذا كتاب حرف الذال

أبواب المضاعف منه

ذ ث : مهملات

[باب الذال والراء]

ذ ر

ذ ر ، ر ذ : مستعملات.

[ذرّ] : أخبرني أبو العباس محمد بن أبي جعفر المنذري عن أبي العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ أنه قال : يقال أصابنا مطرٌ ذَرَّ بَقْلَه ، ويَذُرُّ ، إذا طلَع وظهَرَ ، وذلك أنه يَذُرُّ من أدنى مَطَرٍ ، وإنما يَذُرُّ البَقْلُ من مَطر قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ ، ولا يُقَرِّحُ البقلُ إلا من قَدْرِ الذِّراعِ.

وقال ابن بُزُرْجَ : ذَرَّت الشمس تَذُر ذُرُوا وذَرَّ البقلُ ، وذَرَّت الأرضُ النَّبْتَ ذَرَّا ، وقال ابن الأعرابيّ : ذَرَّ الرجلُ يَذُرُّ إذا شَابَ مُقَدَّمُ رأسِه ، قال : وذَرَّ الشيءُ يَذرُّهُ إذا بَدَّدَه ، وذَرَّ يذُرُّ إذا تَجَدَّدَ ، وذَرت الشمسُ تَذُرُّ إذا طَلَعتْ.

وقال الليث : الذَرُّ الواحدة ذَرَّةٌ وهو صِغار النّمل ، والذَّرُّ مَصْدَرُ ذَرَرْتُ ، وهو أَخْذَكَ الشيءَ بأطراف أصابعك تذرُّه ذَرَّ الملح المسحوق على الطعام ، والذَّرُورُ ما يُذَرّ في العين أو على القَرْحِ من دَوَاء يَابِسٍ ، والذرِيرَةُ فُتَاتٌ من قَصَبِ الطيبِ الّذي يُجاءُ به من بلاد الهند ، يُشبه قَصَبَ النُّشَّابِ ، والذُّرَارَةُ ما تَناثَر من الشيء الّذي تَذرُّه ، وذَرَّتْ الشمس تَذُرُّ ذُرُورا وهو أولُ طلوعها ، وشُروقُها أول ما يسقط ضوؤُها على الأرض والشجر ، وقال الله جلّ وعزّ : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)) [آل عمران : ٣٤].

أجمع القراء على ترك الهمز في الذُّرِّيَّة ، وقال ابن السكيت : قال أبو عبيدة : قال يونس : أهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبيَّ والبريَّةَ ، والذُّرِّيَّة من ذَرَأَ الله الخلق أي خَلقهم ، وقال أبو إسحاق النحوي : الذُّرِّيَة غيرُ مهموز ، قال : وفيها قولان ، قال بعضهم : هي فُعْلِية من الذَّر لأن الله تعالى أخرج الخلقَ من صُلْب آدم كالذَّر حين أشهدهم على أنفسهم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢].

قال : وقال بعض النحويين : أصلها ذُرُّورَةٌ

٢٩١

على وزن فُعْلُولة ، ولكن التَّضعيفَ لما كَثُر أُبدِل من الراء الأخيرة ياءً ، فصارت ذُرُّوبَةٌ ثم أدغمت الواو في الياء فصارت ذُرِّيَّة ؛ قال : والقول الأول أقيس وأجود عند النحويين.

وقال الليث : ذُرِّيَّةٌ فُعْلِيَّةٌ كما قالوا سُرِّيَّةٌ ، والأصل ، من السِّر وهو النِّكاح.

وقال أبو سعيد : ذَرِّيُ السّيفِ فِرِنْدُه.

يقال : ما أَبْيَنَ ذَرِّيَ سَيْفِه ، نُسب إلى الذر وأنشد :

وتُخْرِجُ مِنه ضَرَّةُ اليومِ مَصْدَقا

طُولُ السُّرَى ذَرِّيَ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

يقول : إنْ أَضَرَّ به شِدَّةُ اليوم أَخْرج مِنه مَصْدَقا وصَبْرا وتَهلَّلَ وَجْهُهُ كأنه ذَرِّيُ سيفٍ.

رذّ : أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَخَفُّ المطر وأضعفُه : الطَّل ثم الرَّذَاذُ.

قال : وأرض مُرَذٌّ عَلَيْها ، ولا يقال مُرَذةٌ ولا مَرْذوذَةٌ ولكن يقال مُرَذٌ عليها.

وقال الكسائي : أرضٌ مَرَذةٌ ومَطْلُولَةٌ.

وقال الليث : يوم مُرِذ والفِعْل أَرَذَّتْ السماءُ فهي تُرِذُّ إرْذاذا ، وقال غيره : أَرَذَّتْ العينُ بمائها ، وأَرَذَّ السِقاء إرْذاذا إذا سال ما فيه ، وأَرَذَّتْ الشَّجَّةُ إذا سالتْ ، وكل سائل مُرِذٌّ. انتهى والله تعالى أعلم.

باب الذَّال واللام

[ذ ل]

لذ ، ذل : [مستعملان].

[ذلّ] : أبو عبيد عن الكسائي : فَرسٌ ذَلُولٌ مِن الذُّل ، ورجل ذلُول بَيِّنُ الذِّلَّة والذُّل.

وقال الله جلّ وعزّ في صفة المؤمنين :

(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤].

قال ابن الأعرابيّ فيما روى عنه أبو العباس معنى قوله : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) رُحماء رَفيقين بالمؤمنين ، (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) غِلاظ شِداد على الكافرين.

وقال الزجاج : معنى (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي جانِبُهم لَيِّنٌ على المؤمنين ، ليس أنهم أذلاء مُهانُون.

وقوله جلّ وعزّ : (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) أي جانبهم غليظ على الكافرين ، وقوله جلّ وعَزّ : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) [الإنسان : ١٤].

وقال هذا كقوله : (قُطُوفُها دانِيَةٌ) كلما أرادوا أن يَقْطفوا منها ، ذلِّلَ ذلك لهم فَدَنا منهم قُعودا كانوا أو مضطجعين أو قِياما.

قال الأزهري : وتَذْليلُ العُذُوق في الدنيا أنها إذا انْشَقّتْ عنها كَوافِيرُها التي تُغَطِّيها يَعْمِدُ الآبرُ إليها فيسحبها ويُيَسِّرها حتى يُدَلِّيَها خارجةً من بين ظَهْرَانَيْ الجريد والسُّلَّاء فيسهُل قِطافُها عِنْدَ يَنْعِها.

٢٩٢

وقال الأصمعيّ في قول امرىء القيس :

* وساقٍ كأنْبُوب السَّقِيِ المذَلَّلِ *

قال : أراد ساقا كأنْبُوبِ بَرْدِيِّ بَيْن هذا النَّخْل المُذَلَّل ، قال : وإذا كان أيام الثَّمْر أَلحَّ الناسُ على النَّخْل بالسَّقْي فهو حينئذٍ سَقيٌ ، قال : وذلك أَنْعَمُ للنَّخِيل ، وأجودُ لِلثَّمرة ، رواه شمر عن الأصمعيّ.

قال : وقال أبو عبيدة : السَّقِيُّ الّذي يَسْقِيه الماءُ من غير أن يُتَكلَّفَ له السَّقْي ، قال : وسألت ابن الأعرابيّ عن المذَلّل فقال : ذُلِّلَ طريقُ الماءِ إليه.

قال الأزهري : وقيل : أراد بالسَّقِيِّ العُنْقُر وهو أصلُ البَرْدِيِّ الرَّخْصِ الأبيض وهو كأصل القَصَب.

وقال العجاج :

عَلَى خَبَنْدَى قَصَبٍ مَمْكُور

كَعُنْقُراتِ الحائرِ المكسور

ويقال : حائط ذليلٌ أي قصيرٌ ، وبيتٌ ذليلٌ قصيرٌ السَّمْكِ من الأرض ، ورُمحٌ ذليلٌ قصير ، ويجمع الذليل من الناس أَذِلَّة وذُلَّانا ، ويجمع الذَّلول ذُلُلا ، وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً) [النحل : ٦٩] نعْتٌ لِلسُّبل ، يقال : سَبيلٌ ذلولٌ وسُبُل ذُلُلٌ ، ويقال : إن الذُّلُلَ من صفات النَّحْل أي ذُلِّلَتْ لِتُخرجَ الشرابَ مِن بُطونها ؛ ويقال : أجْرِ الأمور على أَذلالها أي على أَحوالها التي تَصْلُح عليها وتَتَيَسَّر وتَسْهُل ، واحدها ذِلٍ ومنه قول خنساء :

لِتَجْرِ الحوادثُ بعد الفتى ال

مُغَادَرِ بالنَعْفِ أَذْلالها

أراد لتجر على أَذْلالِها ، وطريق مُذلَّل إذا كان مَوْطوءا سهلا ، وذلَّت القَوافي للشاعر إذا تَسَهَّلت.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الذُّل الخِسَّةُ.

أبو عبيد عن أبي زيد : الذَّلاذلُ أسافلُ القميص الطويل واحدها ذُلْذُلٌ.

وقال ابن الأعرابيّ : واحد الذَّلاذل ذُلْذُلٌ ، وقال أيضا : واحدها ذِلْذِلَةٌ ، وهي الذَّنَاذنُ أيضا واحدها ذُنْذُنٌ.

وفي حديث زياد في خطبته : إذا رأيتموني أُنْفِذُ قبلكم الأمر فأنْفِذُوه على أَذْلاله أي على وَجْهِه.

وقوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) [آل عمران : ١٢٣] جمع ذليل.

قلت : هذا جَمْعٌ مطَّرِدٌ في المضاعف وإذا كان فَعيلٌ صفة لا تَضْعِيفَ فيه جُمِعَ على فُعَلاء ، كقولك : كريمُ وكُرَماء ، ولَئِيمٌ ولُؤَمَاء ، وإذا كان اسما جُمِع على أَفْعِلَة ، يقال : جَرِيبٌ وأَجْرِبة وقفيز وأقفزة والذُّلّانُ جَمْع الذليل أيضا ومعنى قوله : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٥٤] أي جانبهم ليِّن على المؤمنين لم يُرد الهوان ؛

٢٩٣

وقوله : (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤] أي جانبهم غليظ عليهم.

وقوله : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ مِنَ الرَّحْمَةِ) [الإسراء : ٢٤]. وقرىء (الذِّل) فالذُّل ضِدُّ العِزِّ والذِّل ضدُّ الصُّعوبة.

وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) [الإسراء : ١١١] أي لم يتخذ وليا يحالفه ويعاونه لِذُلِّه ، وكانتْ العرب يُحَالِفُ بعضُها بعضا يلتمسون بذلك العِزَّ والمَنَعَةَ.

فنفى ذلك عن نفسه جلّ وعزّ.

وفي حديث ابن الزبير : الذُّلُ أَبقَى للأهل والمالِ ، تأويله أن الرَّجلَ إذا أصابته خُطّةُ ضَيْمٍ فلْيَصْبر لها فإنّ ذلك أَبْقَى لأهله ومالِه فإنه إن اضطرب فيها لم يَأْمن أن يُستأصَل ويَهْلِك.

ووجه آخر : أن الرجل إذا عَلَت هِمَّتُه وسَمتْ إلى طلب المعالي عُوديَ ونُوزعَ وقُوتل ، فَربما أتى القتلُ على نفسه ، وإن صَبَرَ على الذُّل وأطاع المُسَلَّط عليه حَقن دَمَه وحَمَى أهله وماله.

لذّ : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : اللَّذُّ النَّوْمُ.

وأنشد :

وَلذٍ كَطَعْم الصَّرخديِّ تركْتُه

بأرض العِدَى من خشْية الحَدَثان

أراد أنه لمَّا دَخل ديارَ أعدائِه لم يَنم حذارا لهم.

وقال ابن الأعرابيّ : اللَّذَّةُ واللَّذَاذةُ واللَّذِيد واللَّذْوَى كلهُ الأكل والشُّرْب بنعْمةٍ وكفاية.

وقال الليثُ : اللَّذُّ واللَّذِيذُ يجريَانِ مجرًى واحدا في النعت ، يقال : شرابٌ لذُّ ولذِيذٌ.

وقال الله عزوجل : (مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) [محمد : ١٥] أي لذيذةٍ وقيل : لَذَّةٍ أي ذَات لذةٍ.

وقال ابن شميل : لَذِذْتُ الشيء أَلذُّه إذا استلْذَذتَه ، وكذلك لَذِذتُ بذلك الشيء وأنا أَلذُّ به لَذاذةً ولَذِذتُه سواء.

وأنشد ابن السكيت :

تقَاك بكعْبٍ واحدٍ وتَلذّهُ

يَدَاكَ إذا ما هُزَّ بالكفِّ يَعْسِلُ

ولذَّ الشيءُ يَلذَّ إذا كان لذيذا.

وقال رُؤبةُ في لَذَذْته أَلذه :

* لَذّتْ أحاديثَ الغَوِيِّ المُبْدِع*

أي اسْتلذَّ بها. ويجمع اللذيذ لذاذا المناوعة شبه المغازلة.

وفي حديث عائشة أنها ذكرت الدنيا فقالتْ : قد مَضى لَذْواها وبَقيَ بَلواها.

قال ابن الأعرابيّ : اللَّذْوَى واللَّذَّةُ واللَّذَاذَةُ كله الأكل والشربُ بِنَعْمةٍ وكِفايةٍ ، كأنها أرادتْ بذهاب لَذْواها حَياةَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبالبلْوى ما امْتُحن الناس به

٢٩٤

من العِناد والخلاف.

باب الذَّال والنون

[ذ ن]

ذن : أبو عبيد عن الأحمر : الأذَنُ الّذي يسيل مُنْخَراه ، ويقال للذي يَسيلُ منه : الذَّنِينُ.

قال أبو عبيد : ذَنَنْتُ أَذِنُ ذَنَنا.

قال الشماخ :

تُوائِلُ من مِصَكٍّ أَنْصَبَتْهُ

حوالبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنينِ

يصف عَيْرا وأُتُنَه.

وقال الليث : يقال ذَنَ أنفُه يَذِنُ ذنينا إذا سال.

وقال الأصمعيّ : يقال هو يَذِنُ في مَشْيهِ ذَنِينا إذا كان يمشي مِشْيةً ضعيفةً.

وقال ابن أحمر الباهلي :

وإنَّ الموتَ أَدْنَى من خيالٍ

ودُونَ العَيْشِ تَهْوَادا ذَنِينا

وذَنَا ذِنُ القميص أسافِلُه واحدها ذُنْذُنٌ.

عن ابن عمرو قال ابن الأعرابي : التَّذْنِينُ سَيَلان الذَّنِينِ.

شمر : امرأةٌ ذَنَّاءُ لا ينقطع حَيْضُها.

أبو عبيد عن الكسائي : الذآنين واحدها ذؤْنُونٌ : نَبْتٌ ، قال : وخرج الناس يَتَذَأْنَنُون ، وأنشد أ، عرابيّ :

كلَّ الطعامِ يَأْكلُ الطّائيُّونَا

الحَمَصِيصَ الرَّطْبَ والذَّآنينا

ومنهم من لا يهمز فيقول : ذونُونٍ وجمعه ذوانينُ. انتهى والله تعالى أعلم.

باب الذَّال والفاء

[ذ ف]

ذف ، فذ.

ذف : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذَفَ على وجه الأرض ودَفَّ ، ويقال : خذ ما ذَفَ لك ودَفَّ ، وما استَذَفَ ، واستَدَفَ ، أي خذ ما تَيَسَّر لك.

ويقال : رجل خَفيفٌ ذفيفٌ وخُفَافٌ ذفافٌ وبه سمي الرّجلُ : ذُفافة.

ويقال : ذَفَفْتُ على الجريح إذا أجْهَزْتَ عليه.

وقال أبو عبيد : الذِّفَافُ البَلَلُ.

وقال أبو ذؤيب :

* وليسَ بها أَدْنى ذُفاف لِوَارِدِ*

وقال الليث : ماءٌ ذُفافٌ ، وجمعه ذفُفٌ وأَذفَّة ، أي قليل.

وقال أبو عمرو : يقال لِلسُّم القاتل : ذِفافٌ لأنه يُجْهِزُ على من شَرِبه.

حدثنا المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال : ذفَّفَهُ بالسيف ، وذَافَ له ، وذافّه إذا أَجْهزَ عليه ، ويقال : كان مع الشَّيِّ من الذِّفافِ.

٢٩٥

وقال أبو عبيد : الذّفاف هو السم القاتل.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذَفْذَفَ إذا تَبَخْتَرَ وفَذْفَذَ إذا تَقَاصَرَ ليَخْتِلَ وهو يَثِبُ ، ويقال : ذافَ عليه بالتشديد مُذافّةً إذا أجْهزَ عليه.

فذ : قال ابن هاني عن أبي مالك قال : ما أصبتُ منه أَفَذّ ولا مَرِيشا ، قال : والأَفذُّ القِدْحُ الّذي ليس عليه رِيشٌ ، والمَرِيشُ الّذي قد رِيشَ.

قال : ولا يجوز غير هذا الْبَتَّة ، قال : والفَذُّ الفرْد.

قال الأزهري وقد قال غيره : يقال : ما أصبتُ منه أَقَذّ ولا مَرِيشا بالقاف ، والأَقَذُّ السهم الّذي لم يُرْش ، وقد مر تفسيره في كتاب القاف.

وقال اللحياني : أَوَّل قِداح الميسر الفذُّ ، وفيه فَرْضٌ واحد له غُنْمُ نَصيبٍ واحدٍ إن فاز ، وعليه غُرْمُ نصيبٍ واحدٍ إن خَابَ فلم يَفُزْ ، والثاني التَّوْأَمُ ، وقد مرّ تفسيره في كتاب التاء.

وقال غيره : الفَذُّ الفرْد ، وكلمة شاذة فاذة فذَّة.

أبو عبيد عن الأحمر : إذا وَلَدَتْ الشاةُ ولدا واحدا فهي مُفِذُّ وقد أَفذَّتْ إفذاذا ، فإن وَلَدتْ اثنين فهي مُتْئمٌ.

وقال غيره : إذا كان من عادتها أن تَلِدَ واحدا فهي مِفْذَاذٌ.

وقال ابن السكيت : لا يقال ناقةٌ مُفِذُّ لأن الناقة لا تُنْتَج إلا واحدا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : فَذْفَذَ الرجلُ إذا تقاصَر ليثِبَ خَاتِلا.

باب الذَّال والباء

[ذ ب]

ذب ، بذ.

ذب : يقال : فلان يَذُبُ عن حَريمه ذبّا ، أي يَدْفع عنهم ، والذَّبُ الطّرْدُ والمِذيّة هَنَةٌ تُسوَّى من هُلْبِ الفَرس يُذَبُ بها الذِّبَّان.

وقال الليث وغيره : ذبَّتْ شفتهُ تَذِبُ ذبُوبا إذا يَبِسَتْ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : ذَبَ الغَدِير يَذِبُ إذا جَفَّ في آخر الحرِّ ، وأنشد :

مَدارينُ إن جاعوا وأَذْعرُ مَن مَشى

إذ الرَّوْضةُ الخضراءُ ذَبَ غَدِيرُها

مدارين من الدَّرن ؛ وهو الوَسخ.

أبو عبيد عن أبي زيد : الذُّبابة بَقيةُ الشيء وكذلك قال الأصمعيّ ، وقال ذو الرمة :

لَحِقْنَا فَراجَعْنا الحمولَ وإنما

يُتلَّى ذُباباتِ الوَدَاع المُراجِعُ

يقول : إنما يُدرِك بقايا الحوائج مَن راجع فيها ، والذُّبابة أيضا : البقية من مياه الآبار ، والذباب الطاعون ، والذباب الجنون ، وقد ذُبَ الرجل إذا جُنَّ وأنشد شمر :

٢٩٦

وفي النّصريِّ أحيانا سماحٌ

وفي النصريِّ أحيانا ذُبابُ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أصابَ فلانا من فلان ذباب لاذع أي شر.

سلمة عن الفراء : أنه رَوَى حديثا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه رأى رجلا طويل الشَّعَر فقال : ذُباب ، أي هو شُؤْمٌ ، قال ورجل ذُبابيٌ مأخوذ من الذُّباب وهو الشؤم.

حدثنا السعدي قال : حدثنا الرمادي قال : حدثنا معاوية بن هشام القَصَّار ، قال : حدثنا سفيان عن عاصم عن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولي شَعَر طويل فقال : ذبابٌ فظننتُ إنه يَعْنيني فرجعت فأخذت من شَعَرِي فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إني لم أَعْنِكَ وهذا حسن.

وقال ابن هانىء : ذَبَ الرجلُ يَذِبُ ذبّا إذا شَحُبَ لَوْنهُ.

أبو زيد : ذبابُ السَّيف حَدُّ طرفه الّذي بَين شَفْرَتَيه ؛ وما حَوله من حَدَّيه ظُبتاه ، والعَيْرُ الناتئ في وَسطه من باطن وظاهر ؛ وله غِراران لكل واحد منهما ما بين العَير وبين إحْدى الظبتين من ظاهرِ السيف وما قُبالَةَ ذلك من باطن ؛ وكل واحد من الغِرارين من باطنِ السيفِ وظاهره.

وقال أبو عبيد : ذبابُ السيف : طَرَف حَدِّه الّذي يَخْرِقُ به وغِرارُه حدُّه الّذي يضرب به وحسامه مثله. قال : وَحَدُّ كل شيء ذُبابُهُ.

وقال ابن شميل : ذبابُ السيف طَرَفه الّذي يخرق به ، وغِراره حَدُّه الّذي يضرب به.

وقال الله جلّ وعزَّ في صفة المنافقين : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) [النساء : ١٤٣] المعنى مُطَرَّدين مُدَفَّعين عن هؤلاء وعن هؤلاء.

وقال الليث : الذَّبْذَبةُ تردُّدُ شيء مُعلَّقٍ في الهواء ، والذَّباذِبُ أشياء تُعَلَّق بهودج أو رأس بَعير للزينة.

والواحد ذُبذبٌ والرجل المُذَبْذَبُ المتردِّدُ بين أَمرين ، أو بينَ رَجُلين ، لا تَثْبُتُ صَحَابتُه لواحدٍ منهما ، والذَّباذِبُ ذَكَرُ الرجلِ ، لأنه يَتذَبذَبُ أي يَتردَّدُ.

وقال أبو عبيد : في أُذُنَي الفرس ذباباها وهما ما حدَّ من أطراف الأذنين.

أبو عبيد عن أبي زيد : ذبابُ العين إنسانها ، ويقال للثور الوحشي : ذَبُ الرِّيادِ ، جاء في شعر ابن مُقبل وغيره.

وقال أبو سعيد : إنما قيل له : ذَبُ الرِّيادِ لأن رِيادَه أتَانُهُ التي تَرودُ معه ، وإن شِئتَ جعلتَ الرِّيادَ رَعْيَه الكلأ ، وقال غيره : يقال له ذَبُ الرِّيادِ لأنه لا يَثبتُ في رَعْيه في مكان واحد ، ولا يُوطِنُ مَرعًى واحدا.

وقال أبو عمرو : رجل ذَبُ الريادِ إذا كانَ

٢٩٧

زَوَّارا للنساء ، وقال بعض الشعراء :

ما لِلْكواعِبِ يا عيساءُ قد جَعلتْ

تُزْوَرُّ عني وتُثْنَى دُوني الحُجُرُ

قد كنتُ فَتَّاحَ أَبْوابٍ مُغلَّقةٍ

ذَبَ الرِّياد إذا ما خُولِسَ النّظَرُ

وسَمَّى مزاحمُ العُقيلي الثور الوحشيّ الأذبَ فقال :

بِلادا بها تلقَى الأذَبَ كَأَنه

بها سابِريٌّ لاحَ منه البنائِقُ

أَراد تلقى الذَّبَ فقال الأذَبَ ، قاله الأصمعيّ ، قال أبو وجزة يصف عَيْرا :

وشَقّه طَرَدُ العانات فَهْوَ به

لو حان من ظَمإِ ذَبٍ ومن عَضْبِ

أراد بالظمأ الذَّبِ اليابِس ؛ وأذبُ البعيرِ : نَابُهُ ، وقال الراجز :

كأَنَّ صَوْتَ نَابِهِ الأذَبِ

صَرِيفُ خُطَّافٍ بِقَعْوٍ قَبِ

وقال ابن السكيت : يقال جَاءنَا رَاكِبٌ مُذَبِّبٌ وهو العَجِلُ المُنْفَرِدُ ، وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ طويل يُسَار فيه إلى الماء مِنْ بُعْدٍ فَيُعَجَّلُ بالسير ، وخمس مُذبِّب : لا فتور فيه.

عمرو عن أبيه : ذَبْذَبَ الرجلُ إذا مَنَع الجِوارَ والأهلَ وحَماهم ، وذَبْذَبَ أيضا إذا آذى.

وفي الحديث : «مَن وُقِيَ شَرَّ ذبْذَبِهِ وقَبْقَبِهِ ذبذبه فرجُه ، وقبقبه بطنُه».

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذبَ إذا مَنَع ، قال : والذَّبِّيُ الجِلْوَازُ ، وواحد الذِّبَّان ذُبابٌ بِغَيْر هاء ، ولا يقال : ذُبَانَةٌ والعددُ أَذِبَّةٌ ، وقال زياد :

* ضَرَّابَةٌ بالمِشْفَرِ الأذبَّهْ*

بذ : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «البَذَاذَةُ من الإيمان».

قال أبو عبيد : قال الكسائي : هو أن يكون الرجلُ مُتَقَهِّلا رَثَّ الهَيْئةِ ، يقال :

منه رجلٌ باذُّ الهَيْئةِ ، وفي هَيْئته بَذَاذَة وبَذَّةٌ ، وبَذٌ.

وقال ابن الأعرابيّ : البَذُّ الرجلُ المَتَقَهِّلُ الفقيرُ ، قال : والبَذَاذة أن يكون يوما مُتَزَيِّنا ويوما شَعِثا ، ويقال : هو تَركُ مُداومِة الزينة.

عمرو عن أبيه ، قال : البَذْبَذةُ : التَّقَشُفُ.

والعرب تقول : بَذَّ فلان فلانا يَبُذُّهُ إذا ما علاه وَفَاقَه في حُسْنٍ أو عملٍ كائنا ما كان ، وبَذَّهُ غَلَبَه.

باب الذال والميم

[ذ م]

ذم ، مذ.

ذم : قال الليث : تقول العرب : ذمَ يَذُمُ ذمًّا وهو اللَّوْمُ في الإساءة ومنه التَّذَمُّم ، فيقال : مِن التَّذَمُّم قد قَضَيْتُ مَذَمَّة صاحبي ، أي أَحْسَنْتُ ألَّا أُذمُ ، والذِّمامُ

٢٩٨

كل حُرْمة تَلْزمُك إذا ضَيَّعتها : المذمَّةُ ، ومِن ذلك يُسَمَّى أهلُ الذِّمة ، وهم الذين يُؤَدُّون الجِزيَةَ من المشركين كلهم ، والذَّمُ المذْمومُ : الذَّميم.

وفي حديث يونس أَنَّ الحوتَ قاءَهُ ، زَرِيّا ذَمًّا ، أي مَذْمُوما يُشْبِه الهالِكَ ، ويقال : افْعلْ كذا وكذا وخَلاك ذمٌ ، أي خلاكَ لَوْمٌ ، قال : والذَّميم بَثْرٌ أمثالُ بَيْضِ النَّمل تَخْرج على الأنف مِن حَرٍّ ، وأنشد :

وترى الذَّمِيمَ على مناخرهمْ

يومَ الهِياج كمازِنِ النَّمْلِ

والواحدة ذمِيمة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الذَّميم والذَّنِينُ ما يسيل من الأنف ، وأنشد :

* مِثلَ الذَّميمِ على قُزْمِ اليَعَامِيرِ*

واليعاميرُ : الجِدَاء واحدُها يَعْمُور ، وقُزْمُها صغارُها.

قال شمر : بلغني عن الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العلاء : سمعت أعرابيا يقول : لم أرَ كاليوم قطّ ، يدخل عليهم مثلُ هذا الرُّطَب لا يُذِمُّون أي لا يتذممون ولا تأخذهم ذمامةٌ حتى يُهْدُوا لجيرانهم.

وقال أبو نصر عن الأصمعيّ : والذَّامُ والذَّامُ جميعا العَيْبُ.

وقال ابن الأعرابيّ : ذَمْذَمَ إذا قَلَّل عطِيَّتَه ، وذُمَ الرجل إذا هُجِيَ ، وذُمَ إذا نُقِصَ ، قال : والذّامُ مُشدّد والذَّامُ خفيف : العيبُ ، قال : والذَّمَّةُ البِئْرُ القليلةُ الماءِ والجميعُ ذُمٌ ، والذِّمَّة العَهد وجمعها ذِمَمٌ وذِمامٌ.

وفي الحديث : «فأتينا على بِئْرِ ذَمَّةٍ».

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : الذَّمَّةُ : القليلةُ الماءِ ، يقال : بِئرٌ ذمَّةٌ وجمعها ذِمام ، وقال ذو الرُّمّة يصف إبلا غارتْ عيُونها من شِدَّةِ السير والكَلال فقال :

عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كأَنَّ عُيونَها

ذمامُ الركايَا أَنْكَزَتْها المواتِحُ

وفي الحديث : أَن الحجاجَ سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عما يُذْهِب عنه مَذَمَّة الرَّضاع ، فقال : «غُرَّةٌ ، عَبْدٌ أوْ أَمةٌ».

قال القتيبي : أراد بمذَمة الرضاع : ذِمَامَ المُرْضِعة برضَاعها.

وقال ابن السكيت : قال يونس يقال : أخذَتْنِي منه مَذِمَّةٌ ومَذَمَّةٌ ، ويقال : أَذْهِبْ عنك مَذَمَّةَ الرَّضاع ، وَمِذَمَّةَ الرَّضاع بِشيءٍ تُعْطِيه الظئرَ ، وهو الذِّمامُ الّذي لَزِمَك لها بإرضاعِها وَلَدَك.

وقال أبو زيد : يقال للرجل إذا كان كَلًّا على الناس : إنهُ لذو مَذَمَّة ، وإنه لطويل المذمَّة ، فأمَّا الذَّمُ فالاسم منه المَذَمَّة.

ويقال : أَذْهِبْ عنك مَذَمَّتهمِ بِشيءٍ ، أي أعُطِيهمْ شيئا ، فإن لهم ذِماما ، قال : ومَذَمَّتُهم لُغةٌ.

ابن الأَنباري : رجل ذِمِّيٌ له عهد ، والذِّمةُ

٢٩٩

العهدُ منسوبٌ إلى الذِّمَّة.

وقال أبو عبيدة : الذِّمة التَّذمُّمُ مِمَّن لا عهدَ له ، والذِّمة العَهدُ منسوب إلى الذِّمَّة.

وفي الحديث : «ويسعَى بذِمَّتهم أدناهم».

قال أبو عبيد : الذِّمة الأَمانُ ههنا ، يقول : إذا أَعْطَى الرجلُ العَدُوَّ أمانا ، جاز ذلك على جميع المسلمين ، وليس لهم أنْ يُخْفِروه ، كما أجازَ عمرُ أمانَ عبدٍ على أهل العَسْكَر.

ومنه قول سَلْمان : ذِمّة المسلمين واحدةٌ فالذِّمّة مع الأمان ، ولهذا سُمِّيَ المعاهِدُ ذِمِّيا ، لأنه أُعطِيَ الأمانَ على ذِمَّة الجِزْية التي تؤخذ منه.

وقوله جلّ وعزّ : (إِلًّا وَلا ذِمَّةً) [التوبة : ١٠] أي ولا أمانا.

ابن هاجَك عن حمزة عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : (إِلًّا وَلا ذِمَّةً) قال : الذمة العَهْد والإِلُ الحِلفُ.

قال أبو عبيدة : الذِّمة : ما يُتَذَمَّم منه.

وقال ابن عرفة : الذمة : الضمان ، يقال : هو في ذِمتي. أي في ضَماني ، وبه سمي أهل الذمة لأنهم في ضمان المسلمين.

يقال : له عليَ ذِمامٌ ، وذِمَّةٌ ، ومَذَمَّةٌ ومَذِمَّةٌ ، وهي الذَّم ، وأنشد :

* كما ناشد الذَّم الكفيلُ المعاهدُ*

شمر قال ابن شميل : أخذتني منه ذِمام ومَذَمَّة ، وعلى الرفيق من الرفيق ذِمام ، أي حِشْمة أي حقّ ، والمَذَمَّةُ : المَلَامَّةُ والذَّمَامةُ الحَقُّ.

وقال ذو الرُّمَّة :

تَكُنْ عَوْجَةً يجْزيكُما اللهُ عِنْدها

بها الأجرَ أو تُقْضَى ذِمامةُ صاحبِ

قال : ذِمامةٌ حُرَمةٌ وحَقٌ ، وفلان له ذِمة أي حقٌّ.

ويقال : أَذَمَّتْ رِكابُ القوم إذْمَاما إذا تَأَخَّرَتْ عن الإبل ولم تَلحقْ بها فهي مُذِمَّةٌ.

وفي الحديث : أُرِي عبد المطلب في منامه احْفِرْ زَمْزَمَ ، لا تُنْزِفُ ولا تُذَمُ.

قال أبو بكر : فيه ثلاثة أقوال : أَحدُها لا تُعابُ من قولك ذَممْتَه إذا عِبتَهُ.

والثاني لا تُلغَى مَذْمُومَةً ، يقال : أَذْمَمْتُه إذا وَجَدْتَه مَذْموما.

والثالث : لا يُوجد ماؤُها نَاقِصا من قولك بِئْرٌ ذَمَّةٌ إذا كانت قليلة الماءِ.

مذ : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذَمْذَم الرجلُ إذا قَلَّلَ عطِيَّته ، ومَذْمَذَ إذا كَذَب ، قال : والمَذيذُ والمِذيذُ الكَذَّابُ.

وقال أبو زيد : رجلٌ مَذمَذِيٌ ، وهو الظَّريفُ المختال وهو المَذْمَاذ.

وقال اللحياني : قال أبو طيْبة : رجل مَذماذٌ وَطْوَاطٌ إذا كان صَيَّاحا ، وكذلك بَرْبَارٌ فَجْفاجٌ بَجْباجٌ عَجّاجٌ.

٣٠٠