تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

أَكْويه إمَّا أَرادَ الكَيَّ مُعْترِضا

كيَّ المُطَنِّي من النَّحْرِ الطَّنَى الطَّحِلَا

قال : المُطنِّي : الّذي يُطَنِّي البعيرَ إذا طَنَى.

قلت : الطنَى يكون في الطِّحال كما قال أبو عبيد ورَواه عن الأصمعي.

وقال اللحيانيّ : رجُلٌ طَنٍ ، وهو الّذي يُحَمّ غِبّا فيعظُمُ طِحَالُه ، وقد طَنِيَ طَنى.

قال : وبعضهُم يهمِز فيقول : طَنِىء يطنأ طَنَأً فهو طَنيءٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أطْنَى الرجلُ إذا مال إلى الطَّنَى وهو الرِّيبَةُ والتُّهْمَةُ ، أَطْنَى إذا مال إلى الطّنّى وهو البِساط فنام عليه كَسَلا. قال : أَطْنَى إذا مال إلى الطَّنَى ، وهو المنزل ، وأَطْنَى إذا مال إلى الطَّنَى فشَرِبه وهو الماء يَبْقَى أسفلَ الحَوض ، وأَطْنَى إذا أَخَذَه الطِّنَى وهو لُزوق الرّئة بالجَنْب.

وقال ابن الأعرابي أيضا : الطَنْءُ الرِّيبة والطِّنْءُ : الأرض البَيْضاء ، والطِّنءُ الروضة ، وهي بقيّة الماء في الحَوْض.

أبو عُبيد عن الأُمَويّ : الطِّنءُ : المنزِل.

وقال شِمر : الطِّنْءُ الرِّيبة والتهمة. وأنشد الفرّاء :

* كان على ذي الطِّنْءِ عَيْنا بَصِيرة*

وفي النوادر : الطِّنْءُ شيءٌ يُتَّخَذ لصَيد السِّباع مثل الزُّبْية.

وقال الليث : الطّنْء في بعض الشعْر اسمٌ للرّماد الهامد ، والطِّنْء : الفُجور ، قال : ويقال : قوم طُنَاةٌ زُناةٌ. وأخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيْثم أنّه يُقال : لدَغَتْهُ حيّة فأطنَتْهُ إذا لم تَقتُله ، وهي حيَّةٌ لا تُطْنِىءُ أي لا تُخطِىء. والإطناء مِثل الإشواء.

سلمة عن الفرّاء : الأطناءُ الأهواءُ ، والأطناء : العَطيَّات.

أبو تراب عن شمِر : طَنَأْتُ طُنُوءا وزَنَأْتُ إذا استحْيَيْتُ. قال : وقاله الأصمعيّ ، ولم يَعْرِفه أبو سعيد. أبو زيد ، يقال : رُمِيَ فلانٌ في طِنْئهِ وفي نَيْطِه ، وذلك إذا رُمِيَ في جَنازَتِه ومعناه إذا مات.

وطن : قال الليث : الوَطنُ مَوْطِن الإنسان ومَحَلُّه قال : وأَوْطانُ الغَنَم مَرابِضُها التي تأْوِي إليها. ويقال : أَوْطَن فلانٌ أرضَ كذا وكذا ، أي اتَّخَذَها مَحَلًّا ومَسْكنا يقيم فيها ، قال رؤبة :

حتى رأى أهلُ العراقِ أنَّني

أوطنْتُ أرضا لم تكن من وَطَني

وأمّا الوَطَن فكلّ مكان قام به الإنسان لأمرٍ فهوَ مَوْطن له ، كقولك : إذا أتيتَ فوقفتَ في تلك المواطنِ فادْعُ اللهَ لي ولإخواني ، وتقول : وَاطَنْتُ فلانا على هذا الأمر إذا جعلْتُما في أَنْفُسِكُما أن تَفْعَلاه ، فإذا أردتَ معنَى وافَقْتَهُ قلتَ : وَاطَأْته ، وتقول : وَطَّنْتُ نفسي على أمرٍ

٢١

فتوطَّنَتْ ، أي حَمْلتُها فذَلَّتْ ، وقال كُثَيّر :

وقلتُ لها يا عَزُّ كلُّ مصيبَةٍ

إذا وُطِّنتْ يوما لها النفسُ ذَلّتِ

أبو نصر عن الأصمعيّ : هو المَيْدَان والمِيطان بفتح الميم من الأَوَّل وكسرِها من الثاني : ورَوَى عَمرو عن أبيه أنه قال : هي المَياطِين والمَيادِين.

نوط ـ نيط : قال الليث : النَّوْط مصدرُ ناط يَنُوط نَوْطا ، تقول : نُطْتُ القِرْبةَ بنِياطها نَوْطا.

أبو عُبيد : النَّوْطُ : الجُلّةُ الصغيرة فيها التَّمر ، ورواه عن أبي عَمرو ، وسمعتُ البَحْرانِيِّينَ يُسمُّون الجِلالَ الصِّغار المكنوزة بالتمر التي تُعلَّق بعُراها من أَقْتاب الحَمولة نِياطا ، واحدُها نَوْط.

وفي الحديث : «أنّ وَفْدَ عبد القيس قَدِموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأَهدَوا له نَوْطا من تَعْضُوضِ هَجَرَ» ، أي أهْدَوا له جُلَّةً صغيرة من تَمْر التَّعْضُوض ، وهو من أسرَى تُمْرَان هَجَرَ أَسْود جَعْدَ لَحيم عَذْب الطَّعم شديد الحلاوة. وقال الليث : النِّياط عِرْقٌ غَلِيظٌ قد عُلِّق به القَلْب من الوَتِين وجمعُه أَنْوِطَة فإذا لم تُرِد العَدَدَ جاز أن تقول : للجمع : نوطٌ لأنّ الياء التي في النِّيَاط واوٌ في الأصل ، وإنما قيل لبُعْدِ الفَلاة : نِيَاط لأنّها مَنُوطةٌ بفَلاةٍ أخرى تَتَّصِل بها.

وقال رؤبة :

* وبلدةٍ بَعيدةِ النِّياطِ*

ويقال : انتاطَتْ المغازي أي بَعُدَتْ ، من النَّوط ، وانْتَطَتْ جائزٌ على الْقَلْبِ. قال رؤبة :

* وبلدةٍ نِياطُها نَطِيُ *

أراد نَيِّطٌ فقلب ، كما قالوا : في جمع قَوْسٍ قِسِيّ.

وقال الخليل : المدّاتُ الثلاثُ مَنُوطات بالهمز ، ولذلك قال بعضُ العرب في الوقوف : أفْعَلِىءْ وأَفْعَلَأْ وأَفْعَلؤْ فهَمَزوا الألفَ والياء والواو حِينَ وَقفوا.

أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّنَوُّطُ طَيرٌ واحدتُها تَنَوُّطة ، ويقال : تُنَوِّط ، واحدتها تُنَوِّطةٌ.

قال الأصمعيّ : وإنَّما سُمِّيَ تنَوّطا لأنَّه يُدَلِّي خُيوطا من شجرةٍ ثم يُفرخُ فيها.

وقال أبو زيد : نحو ذلك.

شَمِر عن ابنَ الأعرابي : بئر نَيِّط إذا حُفِرَتْ فأتَى الماءَ من جانبٍ منها فسال إلى قَعْرِها ، ولم تَعِنْ من قعرها بشيء ، وأنشد فقال :

لا تَسْتَقِي دِلاؤُها من نَيِّطِ

ولا بَعيدٍ قَعْرُها مَخْرَوِّطِ

وقال أبو الهَيْثَم : النَّيِّط : المَوْت ، والنَّيِّط : العَيْن في البئر قبل أن تصلَ إلى القَعْر.

وقال أبو عبيد : بعيرٌ مَنُوطٌ ، وقد نِيطَ : لونه نَوْطةٌ إذا كان في حَلْقِه وَرَم ، ورجل

٢٢

مَنُوطٌ بالقوم : ليس من مُصاصِهِمْ وقال حسّان :

وأنت مَنُوط نِيطَ من آلِ هاشمٍ

كما نِيطَ خَلْفَ الراكبِ القَدَح الفَرْدُ

أبو عبيد عن أبي زيد والأمويّ : النَّيْط الموت ، قال : وقال الأصمعيّ : يقال للبعير إذا وَرِمَ نَحْرُه وأرفاغُه قد نِيطَ : له نَوْطةٌ ، قال ابن أحمر :

ولا عِلْمَ لي ما نَوْطَةٌ مُستكنَّةٌ

ولا أيُّ مَن فارقت أَسْقِي سِقائيا

قال : ويقال : رَماه الله بالنَّيْط ، وهو الموت.

قلت : إذا خُفِّف فهو مِثلَ الهَيْن والهَيِّن واللَّيْن واللَّيِّن ، ورُوِي عن عليّ أنه قال لمعاوية : إنه ما بَقِيَ من بني هاشم نافخُ ضَرْمَةٍ إلا طُعِنَ في نَيْطه ، معناه ما بقيَ منهم أحد وأنهم ماتوا كلهم.

شَمِر عن ابن شُمَيل : النَّوْطةُ ليست بوادٍ ضَخْم ولا بتَلْعةٍ هي بينهما.

وقال ابن الأعرابي : النَّوْطةُ : المكان فيه شجرٌ في وسطه وطَرَفَاهُ لا شجرَ فيها ، وهو مُرتفِع عن السَّيْل.

وقال أعرابي وصف غيثا : أصابنا مَطرُ جَوْد ، وإنَّا لَبِنَوْطَةٍ فجاء بجَارِّ الضَّبُع.

نطا : قال الليث وغيرُه : الإنطاء لغةٌ في الإعطاء.

وفي الحديث : إنَّ مالَ اللهِ مَسْؤُولٌ ومُنْطًى ، أي مُعْطًى.

ورَوَى سَلمة عن الفرّاء : الأنطَاء : العَطِيَّات.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : رَوَى الشَّعْبِيُ أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لرجل : أنطِه كذا وكذا ، أي أَعْطِه.

قال : وقال زيد بن ثابت : كنتُ مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يُملي عليَّ كِتابا ، وأنا أستَفْهِمه ، فاستأذن رجلٌ عليه ، فقال لي : نْطُ أي اسكتُ. قال ابن الأعرابيّ : فقد شَرَّف النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه اللُّغة وهي حميريَّة.

قال : وقال المفضَّل : وزَجْرٌ للعَرَب تَقُولُ للبعير تسكينا له إذا نَفَر : أنْطُ ، فيسكُن.

قال : وهو أيضا إشْلاء الكَلْب.

وقال الليث : النَّطاةُ حُمَّى تأخذ أَهْلَ خَيْبرَ.

قلتُ : هذا غَلَط ، ونَطاةُ عَيْنُ ماء بخَيْبَر تَسقِي نَخِيلَ بعضِ قُراها وهي فيما زعموا وَبِيئَةٌ ، وقد ذكَرَها الشاعر فقال يذكر محموما :

كأنَ نَطاةَ خَيبرَ زَوَّدتْهُ

بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوع

فظنّ الليث ، أنّها اسم للحمَّى ، وإنما نَطاةُ اسمُ عَيْن بخيبر. ومنه قول كثير :

٢٣

حُزِيَتْ لي بحَزْم فَيدَةً تُحْدَى

كاليهودي من نطاةَ الرِّقالِ

أبو عبيد عن الكسائي : تَناطَيْتُ الرِّجال ولا تُناطِ الرِّجال ، أي لا تَمرَّس بهم ولا تُشارَّهم.

ومنه قولُ لبيد يَمدَح قومَه :

* وهُم العشيرةُ إنْ تَناطَى حاسِدٌ*

أي همْ عَشيرتي التي أفتخر بهم إن تمرّسَ بي عدوّ يَحسُدني.

عَمرو عن أبيه : النَّطْوَة : الشفْرة البعيدة.

ويقال : نَطَتِ المرأةُ غَزْلَها أي شَدَّتْه تَنْطُوه نَطْوا ، وهي ناطيَةٌ ، والغَزْلُ مَنْطُوٌ ونَطِيٌ ، أَي مُسَدًّى ، والنّاطِي : الْمُسَدِّي.

قال الراجز :

ذَكَّرْتُ سَلمَى عَهْدَهُ فَشوَّقَا

وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرّقاقَ السَّمْلَقا

* ذَرْعَ النَّوَاطِي السُّحُل المدَقَّقا*

طون : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الطَّونةُ كثرة الماء.

نأط : وقال ابن بُزُرْجَ : نأَطَ بالحِمْل نأْطا إذا زَفَر به ، ونَئِيطا. انتهى والله أعلم.

باب الطاء والفاء

ط ف (وا يء)

طفا ، طفأ ، طوف ، طيف ، وطف ، فطأ ، فوط.

[طفا] : رُوِيَ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه ذكَر الدَّجَّالَ فقال : كأن عينَه عِنَبَةٌ طافِيَة.

قال أبو العبَّاس : وسُئل عن تفسيره فقال : الطافِية من العِنَب : الحَبَّة التي قد خَرجتْ عن حَدِّ نِبْتَةِ أَخواتِها من الحَبّ فنتأتْ وظهرتْ. قال : ومنه الطّافي من السَّمَك لأنه يعلو ، ويَظهرُ على رأس الماء.

وقال الليث : طَفَا الشيءُ فوقَ الماءِ يطفو طَفْوا ، وقد يقال للثور الوحشيّ إذا عَلَا رَمْلَةً : طَفَا فَوْقها.

قال العجّاج :

إذا تَلَقَّتْه الدِّهاسُ خَطْرَفا

وإن تَلقَّتْه العقاقِيل طَفَا

وفي حديث آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : اقْتلُوا الجانّ ذا الطفيَتين والأبتَر.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : الطفْيَةُ : خُوصة المُقْل وجمعها طُفًى. قال : وأراهُ شَبَّه الخَطَّين اللذَين على ظهرِه بخُوصتَين من خُوص المُقْل ، وأنشد بيتَ أبي ذؤيب :

عَفَتْ غيرَ نُؤْيِ الدارِ ما إن تُبِينُه

وأَقْطاعِ طُفْيٍ قد عَفتْ في المَعَاقِلِ

وأنشد ابن الأعرابيّ :

* عَبْدٌ إذا مَا رَسَبَ القومُ طَفَا*

قال : طَفَا أي نزَا بجَهلِه إذا تَرَزَّنَ الحَليم.

سلمَةُ عن الفرّاء : الطُّفاوِيُ مأخوذٌ من الطُّفاوَة ، وهي الدارة حولَ الشمس.

٢٤

وقال أبو حاتم : الطفَاوَة الدَّارة التي حَوْل القمر ، وكذلك طُفَاوَةُ القِدْر ما طفَا عليها من الدّسَم.

قال العجّاج :

* طُفَاوَةُ الأُثْرِ كَحَمِّ الجُمَّلِ*

والجُمّل الذين يُذيبُون الشّحْمَ.

طفأ : قال الله جلّ وعزّ : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) [المائدة : ٦٤] أي أَهمَدَها حتى تبْرُدَ ، وقد طَفِئَتْ تطفَأ طُفُوءًا ، والنار سَكَن لهبُها وجَمْرُها يتَّقد فهي خامدة ، فإذا سَكَن لهبُها وبرَدَ جمرُها فهي هامدة طافئة.

طوف ـ طيف : قال الله جلّ وعزّ : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ) [الأعراف : ١٣٣].

قال الفرّاء : أَرسل اللهُ عليهم السماءَ سَبْتا فلَم تُقلِع لَيْلا ولا نهارا ، فضاقَتْ بهم الأرضُ ، فسألوا مُوسى أن يُرْفع عنهم ، فرُفع ، فلم يتوبوا.

وأخبرني المنذريّ عن أبي بكر الخطّابي ، عن محمد بن يزيد ، عن يحيى بن يمان عن المنهال بن خليفة ، عن الحجّاج ، عن الحكم بن حَبْناء عن عائشة قالت : قال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الطوفان المَوْت.

وأخبرني عن أبي العباس أنه قال : قال الأخفش في قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) قال : واحدتُه في القياس طُوفَانَةٌ ، وأنشد فقال :

غيَّرَ الجِدَّةَ من آياتِها

خُرُقُ الرِّيح وطوفانُ المطَرْ

قال : وهو من طافَ يطوف.

وقال أبو العباس : الطوفان مصدرٌ مثلُ الرُّجحان والنُّقصان ، فلا حاجة إلى أن نطلبَ له واحدا.

وقال غيره : يقال لِشدّة سوادِ الليل طُوفان.

وقال الرّاجز :

* وعَمَ طوفان الظَّلامِ الأثأَبَا*

وقال الزجّاج : الطوفان من كلّ شيء ، ما كان كثيرا مُحيطا مُطيفا بالجماعة كلها كالغَرَق الذي يَشمل المدُن الكثيرَة ، يقال له : طُوفَانٌ ، وكذلك القَتْل الذَّريع طُوفان ، والموت الجارفُ طوفان.

وقال الفرّاء في قوله جلّ وعزّ : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) [النور : ٥٨] هذا كقولك في الكلام : إنما هُمْ خَدَمُكم ، وطوَّافون عليكم ، قال : ولو كان نَصبا كان صوابا تُخْرِجه مِن عليهم.

وأخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيْثم قال : الطائف هو الخادم الذي يَخدمُك برفِق وعناية ، وجمعه الطوّافون ، وقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الهرّة : إنما هي من الطوّافات في البيت ، أراد والله أعلم أنها من خَدَم البيت.

وقال الفراء في قول الله جلَّ وعزَّ : (إِذا

٢٥

مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) [الأعراف : ٢٠١] وقرىء إذا مسّهم طيّف الطائف والطيْف سواء ، وهو ما كان كالخَيال ، والشيءُ يُلمّ بك.

وقال الهذَلي :

* فإذا بهَا وأَبِيكَ طَيْفُ جُنونِ*

وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد ، (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) قال : الغَضَب.

رَوَى الحكمُ عن عكرمةَ في قوله : إذا مَسَّهم طَيْفٌ من الشيطان تذكروا ، قال ابن عباس : الطيْفُ الغَضَبُ : قلتُ : الطَّيْفُ في كلام العَرَب الجُنون ، رواه أبو عبيد عن الأحمر ، وقيل : الغضَبُ طيفٌ لأن عَقْلَ من استفزّه الغَضَبُ يَعزُبُ حتى يَصيرَ في صورة المجنون الذي زال عقلُه ، وينبغي للعاقل إذا أحسَّ من نفسه إفراطا في الغَضَب أن يَذكُر غَضَب الله على المُسْرِفين ، فلا يُقدم على ما يوبِقُه ، ونسألُ الله توفيقَنا للقَصْد في جميع الأحوال إنه الموفق له.

ولا حول ولا قوة إلا به.

وقال غيره : طُفْت أطوفُ طَوْفا وطَوَافا ، وطاف الخيالُ يَطيف طَيْفا.

وقال اللّيث : كلُّ شيءٍ يَغشى البصَر مِن وَسْواسِ الشيطان فهو طَيْف ؛ قال : ويقال أَطافَ فلانٌ بالأمر إذا أَحَاطَ به ، والطائف : العاسُّ باللّيل ، قال : والطائفُ الّتي بالغَوْرِ سُمِّيت طائفا لحائِطها المبنيِّ حولَها المحدق بها ، والطائفة من كل شيء قِطْعةٌ ، يقال : طائفةٌ من الناس ، وطائفةُ من اللّيل ، ويقال : طاف بالبيت طَوَافا ، واطَّوَّف اطِّوّافا ، والأصل تَطَوّفَ تَطَوُّفا ، وطافَ طَوْفا وطِوافا.

أبو عبيد عن الأحمر : يقال لأوّل ما يَخرُج من بطن الصبي : عِقْيٌ ، فإذا رضِعَ فما كان بعد ذلك قيل : طافَ يَطوفُ طَوْفا.

وقال ابن الأعرابي مِثلَه ، وزاد فقال : أطَّاف يَطَّاف اطِّيافا ، إذا أَلقَى ما في جَوفِه ، وأنشد :

عَشَّيْتُ جابَانَ حتى اشْتدَّ مَغْرِضُه

وكادَ يَنْقَدُّ إلا أنهُ أطَّافَا

جابان : اسم جمَل ، والمطاف ، موضعُ الطواف حولَ الكعبة.

وقال الليث : الطوف قِرَبٌ ينفخ فيها ثم يشد بعضها إلى بعض كهيئة سطح فوقَ الماء يُحمل عليها الميرة ، ويُعبَر عليها.

قلتُ : الطَّوْف الّذي يُعبَر عليه في الأنْهار الكبار تُسَوَّى من القَصَب والعِيدان يُشَدّ بعضُها فوقَ بعض ، ثم تُقَمَّطُ بالقمُط حتّى يُؤمَنَ انحلالها ، ثم تُركَبُ ويُعْبَرُ عليها ، وربّما حُمِل عليها الجَمَل على قَدْر قُوّته ، وثَخانته ، وهو الرِّمْثُ أيضا ، وتَسمَّى العَامَة بتخفيف الميم.

٢٦

وقال الفرّاء : في قول الله جلّ وعزّ : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) [القلم : ١٩] لا يكون الطائف إلا لَيْلا ، ولا يكون نهارا ، وقد تتكلّم به العرب فيقولون : أطفْتُ به نهارا ، وليس موضعُه بالنهار ، ولكنه بمنزلة قولِك : لو تُرِك القَطَا لَيْلا لَنَام ، لأنَّ القطا لا يَسْرِي لَيْلا ، أنشدني أبو الجرّاح :

أطفْتُ بها نَهارا غيرَ لَيْلٍ

وألْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ

وقال الليث : الطَّيَاف : سوادُ اللّيل ، وأنشد :

* عِقْبَان دَجْنٍ بادَرَتْ طِيافَا*

فطأ : أبو زيد في كتاب الهمز : فَطأْتُ الرجَل أفْطَؤُهُ فَطْأً إذا ضرَبْتَه بعَصا ، أو بظهرِ رِجلِك.

قال : وتَفاطَأَ فلانٌ عن القوم بعد ما حَمَل عليهم تَفاطُؤا ، وذلك إذا انكَسَر عنهم ورَجَع.

قال : ويقال : تَبازَخ عنهم تَبازُخا في معناها.

وقال الليث : الفَطَأُ في سَنامِ البعير ، بعيرٌ أفطأُ الظَّهْر ، والفعل فَطِئَ يَفْطَأ فَطَاءً.

أبو عبيد عن الأحمر وأبي عمرو : الأفْطأُ مهموز : الأفطَس.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أفَطَأ الرجلُ إذا جامَعَ جماعا كثيرا ، وأَفْطَأ إذا اتّسعتْ حالُه ، وأَفطَأ إذا ساءَ خُلُقُهُ بعد حُسْن.

وطف : قال الليث : الوَطَفُ كثرةُ شَعَرِ الحاجَبين والأشفار واسترخاؤه.

ويقال : سحابة وَطْفَاء ، كأنما بوجهها حِمْلٌ كثير ، ويقال في الليل : ظلامٌ أوطَفُ.

ومن صفة رَسولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه كان بأشْفارِه وَطَف ، المعنى أنّه كان في هُدْب أشفارِ عَيْنيه طولٌ ، يقال : رجلٌ أوطَف ، وامرأة وَطْفاء ، إذا كانا كثيرَيْ شعرِ أهْداب العَيْن.

وفي حديث آخر أنّه كان أهدَبَ الأشفار أي طويلَها.

أبو زيد : الوَطْفاء الدِّيمة السَّحُّ الحَثِيثةُ طال مطرُها أو قَصُر إذا تَدَلَّتْ ذُيولُها ، وقال امرؤ القيس :

* دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفْ *

فوط : قال الليث : الفُوَطُ : ثيابٌ تُجلَب من السِّند ، الواحدة فُوطَة ، وهي غِلاظٌ قصارٌ تكون مآزِرَ.

قلت : لم أسمعْ في شيء من كلام العرب العاربة الفُوَطَ ، ورأيتُ بالكوفة أُزُرا مخطّطةً يشتريها الجَمّالون والخَدَم فيتَّزرون بها ، الواحدة فوطة ، قال : فلا أدري أعربيّ أم لا. انتهى والله تعالى أعلم.

٢٧

باب الطاء والباء

ط ب (وا يء)

طيب ، طوب ، طاب ، طبي ، وطب ، وبط ، أبط ، بوط ، بطأ.

وبط : أبو عبيد عن أبي زيد : الوابِطُ الضَّعيفُ ، وقد وَبَطَ يَبِط وَبْطا.

وقال الليث : وَبَط رأيُ فلانٍ في هذا الأمر وُبُوطا ، إذا ضَعُف.

أبط : أبو عمرو الشيْباني : وَبَطه الله : وأَبَطَه الله وهَبَطَه بمعنًى واحد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أبَطَه الله وهَبَطه بمعنًى واحد.

وأنشد أبو عمرو :

أَذاكَ خيرٌ أيُّها العَضارِطُ

أم مُسْبَلاتٌ شبينُهُنَّ وابِطُ

أي واضِعُ الشرَف. والإبْطُ إبْطُ الرجُل والدّواب ، وجمعُه الآباطِ.

وقال ابن شميل : الإبْط أسفَلُ حَبْلِ الرَّمْل ومَسْقَطُه.

ورُوِي عن أبي هُريرة : أنّه كانت رِدْيَتُه التأبُّط.

وقال الأصمعيّ : هو أن يُدخِلَ الثوبَ تحتَ يدهِ اليُمْنَى ، فيلقِيَه على منكبِه الأيسَر ، حكاه أبو عبيد عنه.

وقال الليث : تَأَبَّطَ فُلانٌ سَيْفا أو شيئا ، إذا أخذَه تحتَ إبْطِه ، ولذلك قيل لثابت بن العَمَيثل الشاعر تأبَّط شَرّا.

بوط : قال الليث : البُوطة الّتي يُذِيب فيها الصَّاغةُ ونحوهم من الصُّنَّاع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : باطَ الرجلُ يَبُوط إذا افتَقَر بعد غِنًى وذَلّ بعد عِزّ.

[بطأ] : وقال أبو زيد : تَبَأَّط الرجلُ تَبَؤُّطا إذا أَمْسَى رَخِيَّ البال غير مهموم صالحا.

قال الليث : البُطْؤُ : الإبطاء ، يقال : بَطُؤَ في مَشيه يَبْطُؤُ بُطْءا ، فهو بَطِيءٌ ، ومنه الإبْطاء والتَّباطُؤُ.

ويقال : ما أبْطأَ بك يا فلان عنّا ، وبطَّأَ فلانٌ بفُلان إذا ثَبَّطه عن أمرٍ عَزَم عليه.

قال الليث : بَاطيَةُ : اسمٌ مجهولٌ أصلهُ.

قلت : الباطيَة النَّاجودُ الذي يُجعَل فيه الشراب وجمعه البَواطِي ، وقد جاء في أشعارِهم.

وطب : الوَطْبُ : سِقاءُ اللّبن ، وجمعُه وِطاب وأَوْطاب ، وامرأَة وَطْباء إذا كانت ضخمَة الثَّدْيَين ، كأنّها تَحمِل وَطْبا من اللّبن ، ويقال للرّجل إذا ماتَ أو قُتِل : صَفِرَتْ وِطابه ، أي فَرغَتْ وخَلَتْ.

وقيل : إنهم يَعْنون بذلك خُروجَ دَمِه من جَسَدِه ، قال امرؤ القيس :

وأَفْلَتَهنَّ عِلْباءٌ جَريضا

ولو أدْرَكْتَه صَفِرَ الوِطابُ

ويقال ذلك للرّجل يُغار على نَعَمِه ومالِه.

٢٨

طيب ـ طوب : قال الليث : الطِّيْبُ على بِناءِ فِعْل : والطيب نَعْت ، والفِعلُ طابَ يَطيب طِيبا.

قال : والطابَة : الخَمْر.

قلتُ : كأنَّها بِمَعْنى طَيّبة ، والأصْل طَيْبة ، وكذلك اسمُ مدينةِ الرَّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : طابَه وطَيْبة ، ومنه قوله :

* فأَصْبَحَ مَيْمونا بطَيْبَةَ راضِيا*

ويقال : ما أطيَبَه وأَيطَبَه وأَطيبْ به وأيْطِبْ به كلَّه جائز.

وقال الله جلَّ وعزَّ : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) [الرعد : ٢٩].

قال أبو إسحاق : طُوبَى فُعْلَى من الطَّيبِ.

قال : والمعنَى العيشُ الطيّب لهم ، قال : وقيل : إن طُوبَى اسمُ شجرةٍ في الجنَّة ، وقيل : (طُوبى لَهُمْ) [الرعد : ٢٩] حُسنَى لهم ، وقيل : (طُوبى لَهُمْ) خَيْرٌ لهُمْ ، وقيل : طُوبَى اسمْ الجَنَّة بالهِنْدِيَّة. وقيل : (طُوبى لَهُمْ) خِيرَةٌ لهم. قال : وهذا التفسير كلّه يُسَدِّد قول النحويِّين أنها فُعلى من الطِّيب.

وقال غيرُه العَرَب : تقول طوبى لك ، ولا تقول طوبَاك. وهذا قولُ أكثر النحويِّين إلا الأخفش فإنه قال : من العرب من يُضيفُها فيقول طوبَاك.

ورُوِي عن سعيد بن جُبَير أنه قال : طُوبَى اسمُ الجنّة بالحبشية.

قلت : وطُوبَى كانت في الأصل طُيْبَى فقُلِبت الياء واوا لانضمام الطاء.

أبو حاتم عن الأصمعيّ : سَبْيٌ طِيَبة ، أي سَبْيٌ طَيّبٌ يَحِلّ سَبْيُه ، ولم يُسْبَوْا ولهم عَهدٌ وذِمّةٌ ، وهو بوَزْن خِيرَة وتِوَلَة.

ورُوِي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نَهَى أن يَستَطِيبَ الرجلُ بِيمِينه.

قال أبو عبيدة : الاستطابةُ الاستنجاء. سُمِّي استطابةً لأنّه يُطيّبُ جَسَده ممّا عليه من الخَبَث بالاستنجاء فيقال منه : استطابَ الرجلُ فهو مُستطِيب ، وأطَاب نفسَه فهو مُطِيب. قال الأعشى :

يا رَخَما قَاظَ على مطلوبِ

يُعجِلُ كفَّ الخارِىء المُطِيبِ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أطابَ الرجلُ واستطابَ إذا استَنْجى وأَزال الأذَى ، وأَطابَ إذا تَكلّم بكلام طيّب ، وأطابَ قَدَّم طَعاما طَيِّبا ، وأطابَ : وَلَدَ بنينَ طيّبين ، وأطابَ : تَزوَّج حَلالا ، وأنشدَ :

لَما ضُمِّنَ الأحشاءُ مِنكَ عَلاقةٌ

ولا زُرتَنا إلَّا وأنتَ مُطِيبُ

أي متزوّج ، وهذا قالتْه امرأةٌ لِخدْنها.

قال : والحرَام عند العشَّاق أطيَب ولذلك قالت :

* ولا زرتنا إلا وأنت مطيب *

قال الليث : مَطايِبُ اللَّحْم ، وكلّ شيء لا يُفْرد فإنْ أُفرِد فواحدُه مَطابٌ ومَطَابة.

وهو أطيبه.

٢٩

ورَوَى اللّحياني عن الأصمعيّ قال : يقال : أَطعِمْنان مَطايبها وأطايِبها واذكر مَنَاتِنَها وأَناتِنَها ، وامرأةٌ حَسنة المَعارِي ، والخيلُ تَجرِي على مَساويها ، والمَحاسنُ ، والمقاليدُ لا يُعرف لهذه واحدة.

قال : وقال الكسائي : واحد المطَايِب مَطْيَبٌ ، وواحد المعارِي مَعْرًى وواحد المَساوِي مَسْوًى.

وقال الليث : الطيِّبَاتُ من الكلامِ أفضَلُه وأحسَنُه ، ويقال : طابَ القتالُ أي حَلّ ، وفي حديث أبي هُرَيْرَة : طابَ المضرب والقتل ، يريد طابَ الضَّرْبُ والقتلُ أي حَلّ ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ) [النور : ٢٦].

قال الفرّاء : أي الطَّيِّباتُ من الكلام لِلطَّيِّبِينَ من الرجال.

وقال غيره : الطَّيِّباتُ من النساء لِلطَّيِّبِينَ من الرجال.

وأمّا قولُه جلّ وعز : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) [المائدة : ٤].

الخطاب للنَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمراد به العَرَب ، وكانت العربُ تستقذِر أشياءَ كثيرةً فلا تأْكُلها ، وتستطيب أشياء تأكلها فأحَلَّ اللهُ جلَّ وعزَّ لهم ما استطابوه ، ممَّا لم يَنزِل بتحريمه تِلاوةٌ مِثل لُحومِ الأنعام وألبانِها ، ومثل الدَّوابّ الّتي كانوا يأكلونها من الضِّباب واليرابيع والأرانب والظباء وغيرها.

أبو عبيد عن أبي عبيدة قال : الأطيَبان الفَمُ والفَرْج.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذهب أطيَبَاه أكلهُ ونِكاحُه.

وقال ابن السكّيت : هما النَّوْم والنِّكاح ، والطُّوبة : الآجُرَّةُ ذَكَرَها الشافعيّ ، قال : والطوبُ الآجُرُّ.

ورَوَى شمر عن ابن شميل قال : فلان لا آجُرَّة له ولا طُوبَة. قال : الطُّوب الآجرُّ.

ويقال : فلان طيّب الإزار ، إن كانَ عَفيفا.

وقال النابغة :

رِقاقُ النِّعال طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ

يُحيَّون بالريحان يوم السَّبَاسِبِ

أراد أنَّهم أعفّاء الفروج عن المحارِم ، وماء طيّبٌ وطُيّابٌ. قال الراجز :

* إنا وَجَدنا ماءَها طُيَّابا*

إذا كان عَذبا ، وطعام طيّب إذا كان سائغا في الحَلْق ، وفلانٌ طيِّب الأخْلاق إذا كان سَهْلَ المعاشرة. وبَلد طيبٌ لا سِباخَ فيه ، والكلمة الطيّبة : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؛ وماء طيب : أي طاهر ؛ ويقال : طيَّبَ فلانٌ فلانا بالطِّيب ، وطيَّب صَبيَّهُ إذا قارَبَه وناغَاه بكلام يوافقه. وماءٌ طيَّاب ؛ أي طيّب ، وقال :

* إنا وَجدْنا ماءَهَا طُيّابا*

٣٠

طبي : أبو عبيد عن الأصمعيّ ، يقال للسِّباع كلِّها : طُبْيٌ وأطْباء ، وذواتُ الحافر كلُّها مِثلُها ، وللخُفّ والظِّلْف خِلْف وأَخْلاف.

أبو عبيد عن الفرّاء : طَبَاني الشيء يَطْبيني ويَطبُوني إذا دَعاك ، وقال الليث : طَبى فلانٌ فلانا يَطْبِيه عن رأيه وأَمرِه. وكل شيء صَرَف شيئا عن شيء ، فقد طَبَاه عنه ، وأنشدَ :

* لا يَطَّبيني العَمَلُ المُقَذِّي*

أي لا يستميلُني. قال : والطُبيْ : الواحدُ من أَطْباء الضَّرْع وكل شيء لا ضرع له مثل الكلبة فَلها أَطْباء.

وقال شَمِر : طَبَاهُ وأَطْباهُ واستئعاه دعاءً لطيفا.

انتهى والله أعلم.

باب الطاء والميم.

ط م (وا يء)

طيم ، طما ، أطم ، مطى ، ميط ، ومط.

طيم : يقال : ما أحسنَ ما طامَه الله وطانَه ، أي جَبَلَه ، يَطيمُهُ طَيْما ويَطِينه طيْنا.

أبو عُبيد عن الأحمر : طانَه الله على الخَيْر وطامه ، أي جَبَله.

طما : قال الليث : يقال طَمَى الماءُ يَطمِي طُمِيّا ويَطْمُوا طُمُوّا فهو طامٍ ، وذلك إذا امتلأ البحرُ أو النهر أو البئر.

ابن السكّيت عن أبي عُبيدة : طَمَا الماءُ يَطْمُو طموّا ويَطمِي طُمِيّا إذا ارتفع ، ومنه يقال : طَمَتْ المرأةُ بزَوجها أي ارتَفَعت به.

مطا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : مَطَى إذا صاحَبَ صَدِيقا ، وهو مِطْوِي أي صاحبي.

قال : وَمَطى إذا فَتَح عينيه ، وأَصلُ المطو المدُّ في هذا ، ومَطَا إذا تَمَطَّى ، وإذا تَمطّى على الحُمَّى فذلك المُطَوَاء ، وقد مَرَّ تفسيرُ المَطِيطاء في باب المضاعَف ، وهو الْخُيَلَاء والتَّبختُر ، وقوله عزوجل.

(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣)) [القيامة : ٣٣] أي يتبختر ، يكون من المَطّ والمَطْوِ ، وهما المدّ.

وفي حديث أبي بكر أنه مَرَّ ببلال وقد مُطِيَ في الشّمس ، فاشتراه وأَعتَقه ، معنَى مُطِيَ أي مُدَّ ، وكلّ شيء مَدَدْتَه فقد مَطَوْتَه ؛ ومنه المَطْو في السَّيْر.

وقال ابن الأعرابيّ : مَطَا الرجُل يَمْطو إذا سارَ سَيْرا حَسَنا ، وقال رؤبة :

بِهِ تَمَطّتْ غَوْلَ كلِّ رَسيلَة

بِنَا جَراجيحُ المَطِيِ النُّفّهِ

تمطّت بنا ، أي سارت بنا سَيْرا طويلا ممدودا ، وقال الآخر :

تمطّت به أُمُّه في النِّفاسِ

فليس بِيَتْنٍ ولا تَوأَمِ

أي نَضّجَتْ به وجَرَّت حَمْلَه ، وقال الآخر :

٣١

تَمطّت به بيضاءُ فرعٌ نَجِيبَةٌ

هَجانٌ وبعضُ الوَالِداتِ غَرامُ

والمَطّية. الناقةُ الّتي يُركَبَ مَطاها.

أبو عبد عن الأسوى : المَطْوُ الشِّمْراخ بلُغة بَلْحارث بنِ كَعْبٍ ، وجمْعه مِطاء ، وهي الكِناب والعَاسي.

وقال ابن الأعرابي : مَطَأَ الرجلُ إذا أكَل الرُّطَب من الكُبَاسَة ، قال : والأُمْطِيُ الّذي يُعمَل منه العِلْكُ.

قال : واللُّبَايةُ : شجر الأُمْطِيّ ، وقال النضر : الْمِطوُ سَبَلُ الذُّرَة. والمَطَا : مقصورٌ. والمطيّة : البعيرُ يُمْتَطَى ظَهْرُه ، وجمعه المَطايا يقع على الذكر والأنثى ؛ وقال ابنْ بزرج : سمعتُ الباهليِّين يقولون : مَطَا الرجلُ المرأةَ ومَطأَها بالهمز أي وَطِئَها.

قلت : وشَطَأَها بالشين بهذا المعنى لُغةٌ.

أطم : عمرو عن أبيه ، الأطُوم : سمكةٌ في البحر يقال لها المَلِصَة ، والزالِخة.

وقال أبو عبيد : الأطُوم سَمَكةٌ من البحر وأنشد :

وجِلْدُها من أَطُومِ ما يؤيِّسُه

طِلْحٌ بضاحِيَة البَيْداء مَهْزُولُ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الأُطُوم : القُصور ؛ والأطُوم : السُّلَحْفَاة.

أبو عبيد : الأطيمةُ مَوْقِدُ النّار ، وجمعها أطائِم ، وقال الأفْوَه الأوْدِيُّ :

في مَوْطِنٍ ذَرِب الشَّبَا فَكأنما

فيه الرجالُ على الأطائِم واللُّظى

وقال شَمِر : الأطِيمةُ توثق الحمام بالفارسيّة. وقال ابن شميل : الأتُّون والأطيمةُ الدَّاسْتورن.

ابن بُزُرْجَ : أَطَمْتُ على البيت أَطْما أي أَرْخَيْتُ سُتُورَه ، وأَطَمْتُ أُطُوما إذا سَكَتَّ ، وتأطّم فلانٌ عليَ تأطُّما إذا غَضِبَ ، وأَطَمْتُ البئرَ أَطْمًا إذا ضَيَّقْتَ فَاها. ويقال للرّجل إذا عسُرَ عليه بُروزُ غائِطه : قد أُطِم أَطْما وأُتطِمَ ائْتِطاما.

أبو عبيد عن الأصمعي : هي الآطام والآجام للحصون ، واحدها أطْمٌ وأُجْمٌ.

الليث : تأطّم السَّيْلُ : إذا ارتفَعتْ في وَجْهِه طَحَماتٌ كالأمواج ، قال رؤبة :

* إذا ارتَمَى في وَأْدِه تأَطُّمُهْ *

وَأْدُهُ : صَوْتُه.

ويقال : أصابه أُطام وإطام إذا احتَبَس بطنُه.

وقال أبو زيد : بعيرٌ مَأْطوم ، وقد أُطِم إذا لم يَبُل من داءٍ يكون به ، والتَّأْطِيمُ في الهَوْدج : أن يُسَتَّرَ بثياب ، يقال : أَطَّمْتُه تَأْطِيما ، وأنشد :

* تَدخُل جَوْزَ الهَوْدَجِ المؤطَّمِ *

وقال أبو عمرو : التَّأَطُّمُ سُكُوتُ الرجلُ على ما في نفسِه ، وتَأَطُّمُ اللّيلِ ظُلْمَتُه ،

٣٢

وقال خليفة : أزَمَ بيَده وأَطَمَ إذا عَضَّ عليها.

ميط : أبو عُبيد عن الكسائيّ : مِطْتُ عنه وأَمَطْتُ إذا تَنَحَّيْتَ عنه ، وكذلك مِطْتُ غيري وأَمَطْتُه أي نَحَّيْتُه.

وقال الأصمعيّ : مِطْت أنا ، وأَمَطْتُ غيري ، ومن قال بخلافه فهو باطلٌ ، وأنشد :

فَمِيطي تَمِيطي بصُلْبِ الفُؤادِ

وَوَصْلِ كَرِيمٍ وكنَّادِها

شَمِر عن ابن الأعرابيّ : مِطْ عَنِّي أَمِطْ وَأَسِط عنِّي بمعنًى ، وَرَوَى بيتَ الأعشى :

* أَمِيطي تَمِيطي *

أبو عبيد عن الفرّاء : تَهايَط القومُ تَهايُطا إذا اجتَمَعوا وأَصلَحوا أمرَهم ، وتَمايَطوا تمايُطا إذا تباعدوا وفَسَد ما بينهم.

وأخبَرَني المنذريّ عن أبي طالب النَّحوي ، عن مسلمة قال : قولهم ما زِلنا بالهياطِ والمِيَاطِ ، قال الفرّاء : الهياطُ أشدُّ السَّوْق في الوِرد ، والمِياط أشدُّ السَّوق في الصَّدَرِ ، قال : ومَعْنى ذلك بالمجيء والذَّهاب.

وقال اللَّحياني : الهِياط : الإقبال ، والمِياط : الإدبار.

وقال غيره : الهِياط : اجتماعُ الناس للصُّلح ، والمِياط التفرُّق عن ذلك.

وقال الليث : الهِياط المُزَاوَلة ، والمِياط المَيْل ، ويقال : أَماطَ اللهُ عنك الأذَى أي نَحَّاه. ويقال : أرادوا بالهِياط الجَلَبة والصَّخَب ، والمِياط التباعُد والتنحّي والمَيْل.

أبو زيد : يقال : أَمِطْ عنّي أي اذهَبْ عنّي واعدِل. وقد أماطَ الرجلُ إماطةً.

وقال أبو الصَّقر : ماطَ عنّي مَيْطا ومِطْ وأَمِطْ عنّي الأذى إماطةً. لا يكون غيرُه.

ومط : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الوَمْطةُ الصَّرعةُ من التَّعب.

انتهى والله أعلم.

* * *

٣٣

باب اللفيف من حرف الطاء

طاء ، طوي ، وطأ ، طاط ، وطوط ، طوط ، أطأ ، طأطأ ، أطط ، طيا.

طاء ـ طوي : قال الخليل بن أحمد : الطاءُ حرْف من حروف العربية ألفُها ترجع إلى الياء ، إذا هَجَّيْتَه جزمْتَه ولم تُعْرِبْهُ كما تقول : طَ. دَ. مرْسَلَة اللّفْظ بلا إعراب ، فإذا وصَفْتَه وصيّرْتَه اسما أعربتَه ، كما يعرب الاسم فيقال : هذه طاء طويلة ، لما وصفته أعربته. وتقول : طويتُ الصحيفة أطوِيها طيّا فالطيُ المصدرُ ، وطوَيْتُها طَيَّة واحدة ، أي مَرّة واحدة ، وَإِنَّه لَحسَن الطِّيّة بكسر الطاء يريدون ضَرْبا من الطَّيّ ، مِثل الجِلْسة والمِشْية ، وقال ذو الرمّة :

* كما تُنْشَر بعد الطِّيّةِ الكتُب*

فكَسَر الطاء لأنّه لم يُرِدْ به الطِّية الواحدة ويقال للحيَّة ومَا يُشْبِهها انْطَوَى يَنْطَوِي انطِواء ، فهو منطوٍ على مُنْفَعِل.

قال : ويقال اطَّوَى يَطَّوِي اطِّوَاءً ، إذا أردتَ به افْتَعَل فأَدْغِمْ التاء في الطاء ، فتقول : مُطَّوٍ مُفْتَعِل. قال : والطِّيّة تكون مَنزِلا ، وتكون مُنْتَوًى ، يقال : مَضَى لطيَّته أي لِنيَّته التي انْتواها ، وبعُدَتْ عنّا طِيَّتُه ، وهو المَوْضع الّذي انْتواه ، ويقال : طَوَى اللهُ لنا البُعْدَ ، أي قَرَّبه ، وفلانٌ يَطوِي البلادَ أي يَقْطعُها بَلَدا عن بلد ، ويقال : طِيَّةٌ وطِيَةٌ ، وقال الشاعر :

* أصَمّ القَلْب حُوشِيَ الطِّيَاتِ *

وقال : طوَى فلانٌ كَشحَه إذا مَضَى لوجهه ، وأنشد :

وصاحبٍ قد طَوَى كَشحا فقُلْتُ له

إنّ انطواءَكَ هذا عنك يَطوِيني

وأخبَرَني المنذريّ عن أبي الهيثم ، يقال : طَوَى فلانٌ فؤاده على عزيمة أمرٍ إذا أسَرَّها في فؤاده ، وطوَى فلانٌ كَشحَه على عداوة إذا لم يُظهِرها.

ويقال : طَوَى فلانٌ حديثا إلى حديثٍ ، أي لم يُخْبر به أسَرَّهُ في نفسه ، فجازَه إلى آخَر كما يَطوِي المسافر منزلا إلى منزل فلا يَنزِلُ ، ويقال : اطْوِ هذا الحديثَ أي اكتُمْه.

ويقال : طوَى فلان عنّي كَشحه أي أَعرَض عنّي مُهاجِرا. وطَوَى كَشحَه على أمرٍ إذا أَخْفاه وقال زُهير :

وكان طَوَى كَشحا على مُستَكنَّةٍ

فلا هوَ أبْداها ولم يَتَقَدَّمِ

أراد بالمستكِنّة عَداوةً أكَنّها في ضميره.

٣٤

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : طَوَى إذا أَبَى ، وطَوَى إذا جازَ.

وقال في موضع آخر : الطَّيُ الإتيان ، والطيُ الجواز يقال : مَر بنا فَطَوانَا أي جَلَس عندنا ، ومرَّ بنا فَطَوَانا أي جازَنا.

وقال الليث : أطْواءُ الناقة : طَرائِقُ شحم جَنْبَيْها وسنَامِهَا طيٌ فوق طي ، ومَطاوِي الحيّة ومَطاوِي الأَمعاءَ والشحمِ والبَطن والثَّوب أطواؤُها ، والواحد مَطْوًى وكذلك مطاوي الدَّرْع إذا ضُمّت غُضُونُها ، وأنشد :

وعِنْدِي حَصْداءُ مَسْرودَةٌ

كأنّ مطاوِيَها مِبْرَدُ

وقوله جلّ وعزّ : (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) [طه : ١٢] قال أبو إسحاق : طُوَى اسمُ الوادي وهو مذكَّر ، سمَّي بمذكَّر على فعل نحو حطم وصُرد ومن لم يُنوِّنه ترك صرفه من جهتين إحداهما أن يكون معدولا عن طاوٍ ، فيصير مثل عُمَر المعدول عن عامر ، فلا يَنْصَرف ، كما لا ينصرف عُمَر ، والجهة الأخرى أن يكون اسما للبُقْعة ، كما قال : (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) [القصص : ٣٠] ، وإذا كسِر فنُوِّن طِوًى فهو مِثل مِعًى وضِلَع معروف ، ومن لم ينون جعله اسما للبقعة.

وسئل المبرد عن وادٍ يقال له : طُوًى أَنصرِفه؟ قال : نعم ، لأن إحدى العلتين قد انخَرَمَتْ عنه. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب الحضرمي طُوَى وأنا وطوى اذْهَبْ غيرَ مُجْرًى. وقرأ الكسائي وعاصم وحمزة وابن عامر : طُوىً منوَّنا في السُّورتين.

أبو عبيد عن الكسائي : رجلٌ طَيّانٌ لم يأكل شيئا. وقد طَوِيَ يَطْوَى طَوىً ، فإذا تعمَّد ذلك ، قيل : طَوَى يَطْوِي.

وقال الليث : الطَّيَّان الطَّاوي البَطين ، والمرأة طَيَّا وطاوِيَة. وقال : طَوَى نَهارَه جائعا يَطوِي طَوىً فهو طاوٍ طَوٍ. قال : طَيَءٌ قبيلةٌ بوزن فَيْعِل والهمزة فيها أصليّة.

قال : والنسبة إليها طائيٌ لأنه نُسِب إلى فَعِل فصارت الياء ألفا ، وكذلك نَسَبوا إلى الحيرة حارِيّ ، لأن النسبة إلى فَعِل فَعَلِيّ ، كما قالوا في رَجُل من النَّمِر : نَمَرِيٌ.

قال : وتأليف طيِء من همزة وطاء وياء ، وليست من طَوَيْت ، وهو ميّتُ التصريف.

وقال بعض النّسابين : سُمِّيت طَيِءٌ طَيِّئا لأنه أوّل من طَوَى المنَاهِل ، أي جازَ مَنْهَلا إلى مَنهَلٍ آخَر ولم يَنزِل.

ابن السكّيت. ما بالدار طُوئيٌ بوَزْن طُوعِيٍّ وطُؤْوِيٌّ بوزن طُعْوِيّ ، وقال العجّاج :

* وبلدة ليس بها طُوئيٌ *

أي ليس بها أحد. والطَّوِيُ : البئرُ المَطْوِيّة بالحِجارة ، وجمعها أَطْواء.

٣٥

وطأ : قال الليث : الموطِىء : المَوْضع. قال : وكلُّ شيء يكون الفعلُ منه على فَعِل يَفعَل فالفِعْل منه مفتوح العين إلّا ما كان من بَنات الواو على بناء وَطِىءَ يَطَأُ وَطْأً.

قال : وإنّما ذَهَبت الواوُ من يَطأُ فلم تَثْبُت كما تَثْبُتُ في وَجِل يوْجَل ، لأن وَطِىءَ يَطَأُ مَبْنِيٌّ على تَوَهُّم فَعِلَ يَفعِل مِثلَ وَرِم يَرِمُ غيرَ أنَّ الحرف الذي يكون في موضع اللام مِن يَفعَل من هذا الحدّ إذا كان من حروف الحلق الستة ، فإنَّ أكثرَ ذلك عند العرب مفتوح ، ومنه ما يُقَرُّ على أصلِ تأسيسه مِثل وَرِمَ يَرِم ، وأمّا وَسِع يَسَع فُتِحَت يَسَعَ لِتِلك العلّة.

وقال الليث : الوطْءُ بالقدَم والقَوائم ، تقول : وطَّأْتُه بقدمي إذا أردتَ به الكثرة.

ووطَّأْتُ لك الأمرَ إذا هيأتَه. ووطأْتُ لك الفِراشَ ، وقد وَطؤَ يَوْطؤُ وَطْأً والوطْءُ بالخَيْل أيضا. ويقال : وَطِئْنا العدُوَّ وَطاةً شديدةً. والوَطأَةُ : الأخْذَةُ.

وجاء في الحديث : «اللهم اشْدُدْ وطأَتَك على مُضَر» ، أي خُذْهم أخْذا شديدا ، فأَخذَهم الله بالسِّنِين ، والوَطَأَةُ هم أبناءُ السَّبيل من الناس ، سُمُّوا وَطَأَةً لأنّهم يطِئون الأرضَ.

ويقال : أوطأْتُ فلانٌ دابّتي حتى وَطِئَتْهُ.

أبو عبيد عن أبي عبيدة ، قال أبو عمرو بنُ العلاء : الإيطاء ليس بعَيْب في الشِّعر عند العرب وهو إعادة القافية مرَّتين وقد أوطأَ الشاعر.

قال الليث : إنما أُخِذ من المُواطأَة ، وهي المُوافقة على شيء واحد ، يقال : واطأ الشاعرُ وأَوْطأَ إذا اتّفقتْ له قافيتان على كلمة واحدة معناهما واحد. قال : فإذا اختَلَفَ المعنى واتّفق اللفظ فليس بإيطاء.

وأخبرني أبو محمد المُزَني عن أبي خليفة ، عن محمد بن سلّام الجُمحي أنه قال : إذا كثُرَ الإيطاء في قصيدة مَرّاتٍ فهو عَيْبٌ عندهم.

وقال الليث : تقول. واطأْتُ فلانا وتواطأْنا ، أي اتَّفقنا على أمرٍ. ووَطئْتُ الجاريَة ، أي جامَعْتُها ، قال : والواطيءُ من كل شيء ما سَهُل ولانَ حتى إنّهم يقولون : رجلٌ وطيءٌ ، ودابّته وطيئة ، بيّنة الوَطاءةِ ، ويقال : ثَبَّت اللهُ وطأَتَه.

وفي الحديث عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : «وأن آخِرَ وطأَةٍ لِلَّهِ بوجٍّ» ، والوَطأَة كالأخذة الوَقْعَة ، ووَجّ هي الطائف ، وكانت غَزْوةُ الطائف آخرَ غَزاةٍ غَزاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهمّ اشْدُدْ وَطْأَتَك على مُضَر».

وقد وطِئْتهم وَطْأً ثقيلا. ويقال : هذه أرضٌ مستويةٌ لا رِباءَ فيها ولا وِطاء : لا صَعودَ فيها ولا انخفاض.

قال : ووطَّأْتُ له المجلسَ توطئَةً.

والوَطيئة طعامٌ للعَرَب تُتّخذ من التّمر.

٣٦

وقال شَمِر : قال أبو أسْلَم لوطيئة التّمر ويُجعَل في بُرْمة ويُصَبُّ عليه الماءُ والسَّمن إن كان ، ولا يُخلَط به أَقِط ، ثم يُشرَب كما تُشْرَب الحَسِيّةُ.

وقال ابن شميل : والوطيئة مِثلُ الحيْس تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسَّمن. قال : الوطيئة الغِرَارةُ أيضا ، ورجل مُوَطّأُ الأكناف إذا كانَ سَهْلا دَمِثا كريما يَنزل به الأضيافُ فيَقْرِيهم.

وقال ابن الأعرابيّ : الوَطيئة الحَيْسة ، وقال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) [المزمل : ٦].

قرأ أبو عمرو وابن عامر : (وِطاءً) بكسر الواو وفتح الطاء والمدّ والهمزة ، من المُواطأَة والموافَقة.

وقرأ ابنُ كَثير ونافع وحمزة وعاصم والكسائي : (وَطْأَى) بفتح الواو ساكنة الطاء مهموزةً مقصورة.

وقال الفرّاء : معنى (هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) ، يقول : هي أثبتُ قِياما. قال : وقال بعضهم : (أَشَدُّ وَطْئاً) أي هي أشدُّ على المصلِّي من صلاة النهار ، لأنَّ اللّيل للنّوم ، فقال : هي وإن كانت (أَشَدُّ وَطْئاً) فَهِيَ (أَقْوَمُ قِيلاً).

قال : وقرأ بعضُهم هي أشَدُّ وِطاءً على فِعال يريدون أشدَّ عِلاجا ومُواطأَةً.

واختار أبو حاتم فيما أخبَرَني أبو بكر بنُ عثمان عنه أشدُّ وِطاء بكسر الواو والمدّ.

وأخبَرَني المنذريّ عن أبي الهيثم : أنه اختار هذه القراءة. وقال : معناه أنَّ سمعَه يُواطىءُ قلبَه وبَصَرَه ، ولِسانه يواطِىءُ قلبَه وطاء ، يقال : واطَأَني فلان على الأمر : إذا وافَقَك عليه لا يَشتغل القلبُ بغير ما اشتَغَل به السَّمع ، يقال : واطأَنِي فلانٌ على الأمر وهذا واطأَ ذاك يريد قيامَ الليل ، والقراءةَ فيه.

وقال الزّجاج : أشد وِطاءً لقلَّة السَّمْع ، ومَن قرأ (وَطْئاً) فمعناه هي أبلغ في القيام وأبينُ في القول.

أبو زيد : ابْتَطَأَ الشَّهْر وذلك قبلَ النِّصف بيَوم وبعدَه بيوم ، بوَزن ايَتَطَعَ.

* وطوط : روِي عن عطاء أنّه قال في الوَطْوَاط يَصيدُه المُحْرِم : ثُلُثا دِرْهم.

قال أبو عبيد عن الأصمعيّ : الوَطْوَاط الخُفّاش. قال أبو عبيد يقال : إنّه الخُطّاف ، وهذا أشْبَهُ القَوْلَين عندي بالصَّواب ، وقد يقال للرجل الضَّعيف : الوَطواطُ ولا أراه يسمَّى بذلك إلّا تشبيها بالطَّائر ، وجمعُ الوَطواط وَطاوط.

وقال اللِّحياني : يقال للرّجل الصَّيّاح وَطواط.

قال : وزعموا : أنَّه الذي يُقارِب كلامَه كأنَّ صوتَه صوتُ الخَطاطيف ، ويقال للمرأة وَطْواطة.

طوط ـ (طاط): قال الليث : الطَّاط الفَحْل

٣٧

الهائجُ يوصَف به الرجلُ الشّجاع والجميع الطّاطونَ ، وفُحولٌ طاطَةٌ.

قال : ويجوز في الشِّعر فُحولٌ طاطاتٌ وأَطْواطٌ.

وقال ابن الأعرابيّ في الطاطِ مثله ، قال ذو الرُّمة :

فربَّ امرىء طاطٍ عن الحقّ طامِحٍ

بعَيْنيْه عمّا عوَّدَتْه أقارِبُهْ

قال : طاطٍ يَرْفَعُ عَيْنَهُ عن الحقّ لا يكاد يُبصِره ، كذلك البعيرُ الهائجُ الّذي يَرفَع أنفَه ممّا به ؛ ويقال : طائطٌ ، وقال ابن الأعرابيّ : رجلٌ طاطٌ طويل ، قال : وطَوَّطَ الرّجُل إذا أَتَى بالطَاطةِ من الغِلْمَان ، وهم الطِّوال.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : فَحْلٌ طاطٌ ، وقد طاطَ يَطِيط طُووطا وطُيُوطا.

وقال غيرُه : يَطَاط ، وهو الّذي يُهَدِّرُ في الإبل.

وقال ابن الأعرابي : جمع الوَطْواط ، الْوُطُطُ الضعيفُ العقل والأبدان ، من الرّجال ، والواحِد وَطْواط.

شمِر عن الفرّاء : رجل طاطٌ وطوطٌ إذا كان طويلا ، والطَّاط : الشديد الخُصومة.

قال الليث : الطُّوطُ. الحيَّة وأنشد :

ما إنْ يَزالُ لها شَأْوٌ يُقَوِّمُها

مقوِّمٌ مِثلُ طُوط الماءَ مَجدولُ

يعني الزمام شبَّهه بالحيّة.

عمرو عن أبيه قال : الطُوط : الحيّة. أبو عبيد عن الأصمعيّ : الطُّوطُ : القُطْنُ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الطِّيطانُ : الكُرَّاثُ.

أطط : ابن الأعرابي أيضا : الأطَطُ الطويل ، والأُنثى طَطَّاءُ.

وقال الليث : الأَطُّ والأَطِيط تَقَبُّضُ صوت المحامل والرِّحال إذا أَثقَلَ عليها الرُّكْبان.

وأَطِيط الإبلِ صوتُها. يقال : لا أفعلَ ذلك ما أَطَت الإبل.

وقال ابن الأعرابي : أَطِيطُ البَطْن صوتٌ يُسمَع عند الجوع ، وأنشدَ :

هل في دَجُوبِ الحرة المخِيطِ

وَذِبْلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ

طأطأ : عمرو عن أبيه : الطأطاء المكان المطمئنّ الضيق ، ويقال له : الصّاعُ والمِعَى. والطّأْطاء : الجَمَل الخَرْبَصِيص ، وهو القصير الشِّبْر.

قال الليث : الطأطأةُ مَصدَرُ طأطأ فلانٌ رأسَه طَأْطَأَةً ، وقد تَطَأْطأَ إذا خَفَض رأسَه ، والفارِسُ إذا نَهَزَ دابّته بفَخِذَيه ثم حرّكه للحُضْر يقال طَأْطَأَ فَرسَه.

وقال المَرّار :

شُنْدُفٌ أشْدَفُ ما وَرَّعته

وإذا طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِرُّ

٣٨

وقال أبو عُبَيدة في طَأْطَأَةِ الفَرَس نحوه ، وطأَطأَ فلانٌ من فلان وَضَع من قَدْرِه.

طيا : ثعلب عن ابن الأعرابي : الطايَة : السَّطْح الّذي يُنام عليه وبِوَزْنه التَّايَة ، وهو أن يُجمَع بين رُؤوسِ ثَلاثِ شَجَرات أو شجرتين ، ثم يُلْقِي عليها ثوبٌ فيُستظلُّ بها.

وقال الليث : الطَّايَة صخرةٌ عظيمةٌ في رَمْلة ، وأَرْضٌ لا حِجَارَة فيها ، وقال غيرُه : جاءت الإبل طاياتٍ ، أي قُطْعانا ، واحدتها طايَة.

وقال عَمرو بنُ لَجأ يصفُ إِبِلا :

* تَرِيعُ طاياتٍ وتَمشِي هَمْسا*

والطِّيطوَى : ضَرْبٌ من الطيرِ معروف ، وعلى وزنه نِينَوَى ، وكلاهُما دَخِيلان.

وقال بعض المحدثين :

أَمَا والذي أرسى ثَبِيرا مكانه

وأنبَتَ زَيْتونا على نهرِ نينَوَى

لئن عابَ أقوامٌ مَقالِي بقَوْلِهمْ

لمَا زِغْتُ عن قَوْلي مدى فِنْر طيطوَى

وذُكِر عن بعضهم أنّه قال : الطِّيطَوى ضَرْبٌ من القَطَا طِوال الأَرْجُل.

قلت : ولا أصلَ لهذا القول. ولا نظيرَ لهذا في كلام العرب.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ عن المفضّل قال : الوَطِيءُ والوَطِيئةُ العَصيدةُ الناعمةُ ، فإذا ثَخُنَتْ فهي النَّفيتَةُ ، فإذا زادتْ قليلا فهي النّفيثة بالثاء ، فإذا زادَتْ فهي اللَّفِيتةُ ، فإذا تعلَّكَت فهي العَصِيدةُ.

أبو تراب عن الحصين يقال : الحَقْ بطيّتك وبيّتك أي بحاجَتك.

وقال الفرّاء وابن الأعرابي : الحَقْ بِطِيتكَ وبِبَيتِكَ مِثلها.

*[وطوط] : شمر قال : الوطواط الضعيف ، ويقال : الكثير الكلام وقد وَطوَطُوا أي ضَعفوا.

ويقال إذا كثر كلامُهم. وقال الفرزدق :

إذا كره الشَّعْبُ الشِّقَاق وَوَطَوطَ

الضعاف وكان العِزُّ أمْرَ بَزازِ

وقال ابن شميل : الوطواط : الرجلُ الضَّعيف العَقل والرَّأْي. قال : والوَطواط الخُفّاش. وأهلُ اليَمن يسمّونه السَّرْوَع ، وهي البحرية ، ويقال لها : الخفاش. والله أعلم.

(أبواب) الرباعي من حرف الطاء

[باب الطاء والثاء ط ث]

[طرمث] : قال الليث : الطُّرْمُوث الرَّغيف.

قال : والطُّرْمُوسَة الظّلمة.

[ثرمط] : أبو عُبيد عن الفرّاء : وَقَع فلانٌ

٣٩

في ثُرْمُطَةٍ أي في طِينٍ رطْب.

قال شَمِر : واثْرَنْمَطَ السِّقاء إذا انتفَخ ، وأنشدَني ابن الأعرابيّ :

تأكلُ بَقْلَ الرِّيف حتّى تَحْبَطا

فبطْنُها كالوَطْبِ حين اثْرَنْمَطَا

وقال شَمِر : الاثْرِنْمَاطُ اطْمِحْرار السِّقاء إذا رابَ ورغَا وكَرْثأَ.

قال : وكَرْثَأَ إذا ثَخُنَ اللبَنُ عَلَتْهُ كَرْثَأَة مثلَ اللِّبَإ الخَثِرِ ، حكاه عن أبي العَطَّاف الغَنَوِيّ.

[ثنطب] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الثُّنْطُبُ مِجْوَابُ القَفَّاصِ.

[باب الطاء والراء ـ والطاء واللام ط ر ـ ط ل]

[برطل] : شمر ، قال أبو عمرو : والبَراطِيل : المَعَاوِل ، واحدها بِرْطيل.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : البِرْطيل البَيْرَم ، والبِرْطيل : خَطْمُ الفَلْحَس ، وهو الكَلْب ، والفَلحَس : الدُّبّ المُسِنّ.

وقال شَمِر : قال ابن شميل : البِرْطيل الحَجَر الطويل الرَّقيق وهو النَّصِيل ، قال : وهما ظُرَوَانِ مَمْطولانِ تُنقَر بهما الرَّحَى وهما من أَصْلَب الحِجارة مسلكة محدّدة ، وقال كعب بن زهير :

كأنّ ما فات عَيْنَيْها ومَذْبَحها

مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ

الليث : البُرْطُلَة هي المِظَلّة الصَّيْفيّة.

وقال غيرُه : إنما هو ابنُ الظُّلَّة.

[طربل] * : ورُوِيَ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا مَرَّ أحدُكم بِطرْبَالٍ مائلٍ فليُسرع المشيَ».

قال أبو عبيد : كان أبو عُبيدة يقول : هو شَبيهٌ بالمنظَرَة من مناظِر العَجَم كهيْئَة الصَّومَعة والبناء المرتفِع ، قال جرير :

أَلْوَى بها شَذبُ العُروق مُشذَّبٌ

فكأنَّما وَكَنَتْ على طِرْبالِ

ورأيتُ أهل النَّخْل في بَيْضَاءَ بَني جَذِيمة يَبْنون خِياما من سَعَف النخل فوق نُقْيان الرِّمال فيتظلَّل بها نَوَاطِيرُهم أيام الصرام ويسمونها الطَّرابيل والعَرازيل.

وقال الليث : الطِّرْبال عَلَم يُبنى.

وقال شمر : قال أبو عمرو : الطرابيل الأَمْيال ، واحدها طِربال.

وقال ابن شميل : الطِّرْبال بناءٌ يُبْنى عَلما للخَيل يُسْتَبق إليه ، ومنه ما هو مِثلُ المنَارة وبالمنْجَشانية واحد منها وأنشد بموضع قريب من البصرة قال دُكَيْن :

حتى إذا كان دُوَيْنَ الطِّرْبالْ

بشِّرْ مِنه بصَهِيلٍ صَلْصَالْ

* مُطَهَّمِ الصُّورة مِثل التِّمْثال*

سلَمة عن الفرّاء قال : الطِّرْبال الصَّوْمعَة.

٤٠