تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

تور ـ تير : قال الليث : تارة ألفها واو وجمعها تِيَرٌ ، وتجمع تارات أيضا ، وأخبرني المنذريّ عن الطوسيّ عن الخراز عن ابن الأعرابيّ قال : تَأرةٌ مهموزة فلمّا كثُر استعمالهم لها تركوا همزها ، قلت : وقال غيره : جمع تأْرةٍ تِئَر مهموزة ، ومنه يقال : أَتْأَرْتُ إليه النظر إتآرا أدَمتُه تارةً بعد تارةٍ.

أبو عبيد عن الفراء : أتأَرْتُ إليه النّظَر بهمز في الألفين غير مَمْدود ، إذا أَحْدَدْتَه ، قلت : ويقال : أَتْأَرتُه بصري أيضا ومنه قول الشاعر :

أَتأَرتُهم بَصَرِي والآلُ يَرْفَعُهُمْ

حتى اسْمَدَرّ بِطَرْفِ العَيْنِ إتْآرِي

ومن ترك الهمز قال : أَتَرْتُ إليه الرَّمْيَ والنظر أُتِيرُه إتارةً وأَتَرْتُ إليه الرميَّ ، إذا رَمَيْتَه تارة بعد تارة ، فهو مُتارٌ ، ومنه قول الشاعر :

* يَظَلُّ كأَنَّهُ فَرَأٌ مُتارُ*

وقال لبيد يصف عَيْرا يُديمُ صوته ونهيقه :

يجِدُّ سَحِيلُه ويُتِيرُ فيه

ويُتْبِعُها خِناقا في زِمَالِ

والتَّوْرُ إنَاءٌ معروف تُذَكِّره العَربُ.

وأنشد ابن السكيت :

تالله لولا خَشْية الأميرِ

وخشية الشُّرَطِيِ والتُّؤْرورِ

قال : والتُّؤرور : أتباع الشَّرط.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : التَّوْرَةُ الجارية التي ترسل بَيْنَ العُشَّاق.

وقال أبو عمرو : يقال للرسول : تَوْرٌ ، وأنشد أبو العباس :

والتَّوْرُ فيما بَيْنَنَا مُعْمَلٌ

يرْضَى بِهِ المأتِيُ والمرْسِلُ

والتَّيَّارُ تيارُ البَحْرِ ، وهو آذِيُّه ومَوْجُه ومِنْه :

* كالبحر يَقْذِف بِالتَّيارِ تَيَّارا*

والتيارُ فَيْعالٌ من تَار يَتُور مِثل القَيَّام مِن قام يقوم غير أن فِعْلَه مُماتٌ.

قال ابن الأعرابيّ : التائر المداوم على العمل بعد فُتُورٍ ، والتِّيَرُ جَمْع تارة مرةً بَعْدَ مَرَّةٍ. قال العجاج :

ضَرْبا إذا ما مِرْجَلُ الموت أَفَرْ

بالغَلْيِ أَحْموْهُ وأَخْبَوْهُ التِّيَرْ

أرت : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ ، وعمرو عن أبيه : الأُرْتَةُ : الشَّعَرُ الّذي على رأس الحِرْبَاءِ.

وقال أبو عمرو : التُّرتَةُ رَدَّةٌ قبيحة في اللسان من العَيْب.

تتر : قال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) [المؤمنون : ٤٤].

وقرأ أَبو عمرو وابن كثير : (تَترًى) مُنوَّنةً ، ووقَفَا بالأَلف ، وقرأ سائر القراء (تَتْرا) غير مُنونة.

وقال الفراء : أكثرُ العرب على تَرْكِ تنوين

٢٢١

تَتْرَى ، لأنها بِمنزِلَةِ تَقْوَى ، ومنهم مَن نَوَّن فيها ، وجعلها ألِفا كأَلِف الإعراب.

وقال أبو العباس : من قرأ (تَترا) فهو مثل شَكَوْتُ شَكْوا ، والأصل وَتَرتُ قُلبت الواو تاء فقيل : تَترتُ تَتْرا. ومن قرأ (تَتْرا) فهو مثل شَكوْتُ شكْوَى غير منونة لأنها فَعْلَى ، وفَعْلَى لا تُنوَّن ونحوَ ذلك.

قال الزَّجاج : قال ومن قرأ بالتّنوين فمعناه وَتْرا فأبْدَلَ التاءَ من الواو ، وكما قالوا : تَوْلَجَ من وَلَجَ وأصله وَوْلَجٌ.

وكما قال العجاج :

* فإن يَكُنْ أَمْسَى البِلَى تَيْقُوري*

أراد : وَيْقُورِي وهو فَيْعُولٌ من الوَقَار ، ومن قرأ (تَتْرا) فهي ألف التأنيث قال : وتَتْرَى من الموَاترةِ.

[وتر] : قال الأصمعيّ : واتَرْتُ الخَبَر أَتْبَعْتُ بعضَه بعضا ، وبين الخبرين هُنيهَةٌ.

وقال غيره : المواتَرة المتابَعةُ ، وأصل هذا كله من الوِتْرِ ، وهو الفَرْد ، وهو أنَّى جَعَلْتُ كلَّ واحدٍ بعد صاحبه فردا فردا.

وأَخبرني المنذرِيُّ عن ابن فهم عن محمد بن سلَّام قال : سألت يونس عن قوله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) قال : مُتقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةَ الأوقات ، وجاءَتْ الخيل تَتْرَى إذا جاءتْ مُتَقَطِّعة ، وكذلك الأنبياء بين كل نبيين دَهرٌ طويل.

وقال أبو هريرة : لا بأس بقضاء رمضانَ تَتْرَى أي مُتَقَطعا.

وفي حديث آخر لأبي هريرة في قضاء رمضان قال : يواتر.

قال أبو الدقيش : يصوم يوما ويفطر يوما أو يصوم يومين ويفطر يومين.

قال الأصمعيّ : لا تكون المواتَرة مُواصلة حتى يكون بينَهما شيء.

وقال الأصمعيّ : المَواتِرة من النوق هي التي لا ترفع يَدا حتى تَستمكِنَ من الأخرى وإذا بَركْت وَضَعْت إحدى يديها ، فإذا اطمأَنَّت وَضَعتْ الأخرى ، فإذا اطمأنَّت وَضَعَتْهما جميعا ، ثم تضع وَرِكَها قليلا قليلا ، والتي لا تُواتِر تَزُجُّ بنفْسِها زجا فَيَشُق على راكبها عند البروك.

قال : وكتبَ هِشامُ بنُ عبد الملك وكان به فَتْق إلى بعض عُمَّاله : أن اخْتَرْ لي ناقةً مُواتِرة ، أراد هذا المعنى ، ويقال : وَاتَر فلان كُتُبَه إذا أتبعها وبينَ كلِّ كِتابين فَترةٌ قليلة ، وتَواترتْ الإبل والقَطا وغيرُها إذا جاء بعضُها في إثْر بعضٍ ، ولم يجِئْن مُصْطَفَّاتٍ.

وقال حُمَيد :

قَرِينَة سَبْعٍ إنْ تَواتَرنَ مَرةً

ضُرِبْنَ وَصَفَّتْ أرؤُسٌ وجُنُوبُ

وفي حديث العباس بن عبد المطلب : قال : كان عمر بن الخطاب لي جارا ، يصومُ النهارَ ويقومُ الليلَ فلما وَلِيَ ،

٢٢٢

قلت : لأنظرَنَّ الآن إلى عَمَله ، فلم يزلْ على وَتِيرَةٍ واحدة إلى أن مات.

قال أبو عبيدة : الوَتِيرةُ المداوَمةُ على الشيء ، وهو مأخوذ من التَّواتُر والتَّتابُع ، قال : والوَتِيرَةُ في غير هذا : الفَتْرَةُ عن الشَّيْء والعَمَل.

وقال زهير يصف بقرة :

في حُضْرها نَجَاءٌ مُجِدٌ ليس فيه وَتِيرَة

وتذبيبُها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ

قال : والوَتيرة أيضا غُرَّةُ الفرس إذا كانت مُستديرة فإذا طالتْ فهي الشادِخةُ ، قلت : شُبِّهتْ غُرَّةُ الفرس إذا كانت مُستديرة بالحَلْقَةِ التي يُتَعَلَّم عليها الطعن ، يقال لها الوَتيرةُ.

وقال الشاعر يصف فرسا :

تُبَارِي قُرْحةً مِثلَ ال

وتيرةِ لم تكن مَغْدَا

والمغْدُ النَّتْفُ ، يقول : هذه القُرْحَةُ خِلْقةٌ لم تُنْتَف فَتَبْيَضَّ وقوله :

فَذَاحَتْ بالوَتَائِر ثم بَدَّتْ

يدَيْها عِنْدَ جَانِبِه تَهيلُ

ذاحَتْ يَعني : ضَبُعا نَبَشَتْ عن قَبْرِ قَتيلٍ.

وقال أبو عمر : الوتائِر ههنا ما بين أصابع الضَّبُع.

وقال الأصمعيّ : الوَتِيرةُ من الأرض ولم يَحُدُّها.

قال أبو مالك : الوتيرة الوردة البيضاء ، والوتيرة الوردة الصغيرة.

ابن السكيت : قال يُونُس : أهل العالية يقولون : الوِتْرُ في العدد والوَتْرُ في الذَّحْل ، قال : وتميمٌ تقول : وِتْرٌ بالكسر في العدد وفي الذَّحْل سواءً.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)) [الفجر : ٣] قرأ حمزة والكسائي (والوِتر) بالكسر ، وقرأ عاصم ونافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ، (وَالْوَتْرِ) بفتح الواو ، وهما لُغتان مَعْروفتان : وِتْر وَوَتْرٌ في العَدَد.

ورُوِي عن ابن عباس أنه قال : الوِتر آدمُ ، والشَّفْعُ شُفِعَ بزوجته ، وقيل الشفع : يومُ النحر ، والوِترُ يومُ عَرَفَة ، وقيل : الأعدادُ كلها شَفْعٌ وَوِتْر كثرتْ أو قَلَّتْ ، وقيل الوِتْر : الله الواحد ، والشَّفع جميعُ الخلق خُلِقوا أزواجا وهو قول عطاء.

ابن السكيت : كان القوم وِترا فشفعتُهم ، وكانوا شفعا فوترتُهم.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا استجمرتَ فأوْتِرْ» أي استَنْجِ بثلاثةِ أحجار أو خمسةٍ أو سبْعةٍ ولا تَسْتَنْجِ بالشَّفْع ؛ وكذلك يُوتِر الإنسان صلاةَ الليل فيُصلي مَثْنَى مَثْنَى ويُسَلِّم بين كل ركعتين ، ثم يُصلِّي في آخرها رَكْعةً تُوتر له ما قد صلى فأوتروا يا أهل القرآن.

٢٢٣

وفي حديث النبي عليه‌السلام : إن الله وِتر يُحِب الوِتر وقد قال : الوِتر رَكْعةٌ واحدة.

وقال عليه الصلاة والسلام : «من فاتته صلاة العَصْر فكأنما وُتِر أهلَه وماله».

قال أبو عبيدة ، قال الكسائي : هو من الوِتر ، وهو أن يجني الرجل جناية ، يقتل له قتيلا أو يذهب بماله وأهله فيقال : وَتَر فلانٌ فلانا أهلَه ومالَه ، وقال أبو عبيد وقال غيره في قوله : وتر أهله وماله أي نُقِصَ أهلَه ومالَه وبَقِيَ فَرْدا ، وذهب إلى قوله : (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) [محمد : ٣٥] ، يقول لن يُنْقِصَكم ، يقال : قد وَترَهُ حَقَّه إذا أَنقَصه ، وأحد القولين قريبٌ من الآخر.

وقال الفراء يقال : وَتَرتُ الرجلَ إذا قتلتَ له قتيلا ، أو أخذتَ له مالا.

وقال الزجاج في قوله : (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) لن يُنْقِصَكم من ثوابكم شيئا ، ويقال : وَتَرَهُ في الذَّحْل يَتِرُهُ وَتْرا وترةً ، والفِعْل من الوَتْر الذَّحْل : وَتَر يَتر ، ومن الوِتر الفرد أَوْتَر يُوتِر بالألف.

وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : «قَلِّدُوا الخيل ولا تُقَلِّدوها الأوتار».

قال أبو عبيد : بلغني عن النضر بن شميل أنه كان يقول : معناه لا تَطلُبوا عليها الأوتار والذُّحُولُ التي وُتِرْتُم بها في الجاهلية.

قال أبو عبيد : وغير هذا الوجه أَشْبَهُ عندي بالصواب ، سمعتُ محمد بن الحسن يقول : معنى الأوتار ههنا أَوْتار القِسِيِّ ، وكانوا يقلِّدونها أَوْتارَ القِسِيِّ فتختنق ، فقال : لا تقلِّدوها بها.

وروي عن جابر أن النبي عليه‌السلام أمر بقطع الأوتار من أعناق الإبل.

قال أبو عبيدة : بلغني عن مالك بن أنس ، أنه قال : كانوا يقلِّدونها أوتار القسي ، لئلا يصيبها العينُ فأمرهم بِقَطْعها ، يُعَلِّمهم أن الأوتارَ لا تَرُدُّ من أمر الله شيئا ، وهذا أشبه بما كُرِهَ من التَّماتِم.

وقال الليث : الوَتَرَةُ جُلَيْدَة بين الإبهام والسَّبابة ، ويقال : تَوَتَّرَ عَصَبُ فرسه ، والوَتَرَةُ في الأنف صِلة ما بين المنْخَرَيْن.

وقال الأصمعيّ : حِتَارُ كلِّ شيء وَتَرُهُ.

أبو زيد : الوَتِيرة غُرَيْضِيفٌ في جوف الأذن يأخذ مِن أَعْلَى الصِّماخ ، قبل القَرْعِ ، قال : والوَتيرةُ الحاجز بين المنْخَرَيْن من مُقَدَّم الأنف دون الغُرْضُوفِ ، ويقال للحاجز الّذي بين المنخرين غُرَضُوفٌ ، والمِنْخَران خَرْقا الأنف ، والخبر المتواتر أن يُحَدِّثه واحد عن واحد ، وكذلك خبر الواحد مِثلُ التَّواترُ.

رتا : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال في الحَساءِ : أنه يَرْتُو فؤاد الحزين ويسرُو عن فؤاد

٢٢٤

السَّقيم.

قال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : قوله يرتو فُؤَاد الحزين يشُدُّه ويقوّيه.

وقال لبيد يصف درعا :

فَخْمَةٌ دَفْرَاءُ تُرْتَى بالعُرَى

قُرْدُمانِيّا وتَرْكا كالبَصَلْ

يعني الدروعَ أنَّ لها عُرًى في أَوْساطها فيُضَمُّ ذيلُها إلى تلك العُرى وتُشَدُّ لِتَنْشَمِرَ عن لابِسها ، فذلك الشَّدُّ هو الرَّتْوُ.

قال أبو عبيد : وقال الأموي : رَتَوْتُ بالدلو أَرْتو رَتْوا مَدَدتُ مَدّا رفيقا.

وقال بعضهم : رَتا برأسه يرتُو رَتْوا ، وهو مِثلُ الإيماء.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرَّتْوُ يكون شدّا ويكون إرخاءً ، وأنشد فقال :

مُكْفَهرّا على الحوادِث لا ير

تُوهُ للدَّهر مُؤْيِدٌ صَمَّاءُ

أي لا تُرْخِيه.

وقال أبو عبيد : معنى لا تَرْتُوهُ لا تَرْمِيه ، وأصلُ الرَّتْوِ الخَطْوُ ، يقال : رَتَوْتُ أرْتُو رَتْوا إذا خَطَوتَ ، أراد أن الداهية لا تَخَطَّاه ولا تَرْمِيه فتُغَيِّرهُ عن حاله ، ولكنه باقٍ على الدهر.

وروي عن مُعاذ أنه قال : يَتَقَدَّمُ العلماءُ يومَ القيامة بِرَتْوةٍ.

قال أبو عبيد : الرَّتْوَةُ الخَطْوَةُ ههنا. قال وقال بعضهم : الرَّتْوَةُ البَسْطَةُ ، ويقال : الرتوة نَحْوٌ مِن مِيلٍ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الرَّتْوَةُ الخَطْوَةُ ، والرَّتْوةُ الدَّعوةُ ، والرَّتوة الدَّرجةُ والمنزِلةُ عِند السلطان ، والرَّتْوةُ الزِّيادةُ في الشرف ، وغيره ، والرَّتْوةُ العُقْدَةُ الشديدةُ ، والرَّتْوةُ العقدةُ المسْتَرْخِيةُ.

وقال ابن الأعرابيّ : التَّائر المداوِمُ على العمل بعد فُتُور ، والرَّاتِي الزَّائِدُ على غيره في العلم ، والرَّاتي الرَّبَّانِيُّ ، وهو العالِمُ العامِل المُعَلِّم ، فإن حُرِمَ خَصْلَة لَمْ يُقلْ له : ربَّانيٌّ.

وقال ابن شميل يقال : ما رَتَأ كَبِدَه اليوم بطعام أي ما أكل شيئا يهْجأُ جُوعَه ولا يقال : رَتَأَ إلا في الكَبِدِ ، يقال : رَتَأَها يَرْتؤُها رَتْأً بالهمز. انتهى والله أعلم.

باب التاء واللام

[ت ل (وا يء)]

تلا ، تول ، ليت ، (لتى) ، لتا ، ولت ، أَلت ، أَتل ، وتل.

[تلا] : قال الليث : يقال : تَلا يَتْلُو تِلاوة يعني قَرأَ قِراءة ، وتَلَا إذا تَبع فهو تالٍ أي تابعٌ ، والمَتَالِي الأُمهاتُ إذا تلاها الأوْلاد الواحدةُ مُتْلٍ ومُ تْلِية.

وقال الباهلي : المتالي الإبلُ التي نُتجَ بعضُها ولم يُنتَجْ بعضٌ وأنشد :

٢٢٥

وكُلُّ سِمَارَكيٍّ كَأَنَّ رَبَابَهُ

مَتَالِي مُهِيبٍ من بني السِّيد أَوْرَدَا

قال : نَعَمُ بني السيد سود فشبَّه سَوَادَ السحاب بها ، وشبَّه صوتَ الرَّعد بحنين هذا المتالِي.

ومثله قول أبي ذؤيب :

* فَبتُّ إخَالُهُ دُهْما خِلَاجَا*

أي اخْتُلِجَتْ عنها أولادُها فهي تحِنُّ إليها.

وقوله تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) [يونس : ٣٠].

قال الفراء : تَقْرَأُ وقال غيره : تَتْبَعُ.

والقارئ تالٍ لأنه يَتْبَعُ ما يَقْرَأُ والتَّالي التَّابع ، (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣)) [الصافات : ٣] ، هم الملائكة يأتون بالوحي فَيتلُونه على أنبياء الله.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَلَا اتَّبَع ، وتَلا إذا تَخَلَّف ، وتلا إذا اشترى تِلْوا وهو وَلدُ البَغْل ، قال : وتَتلَّى بَقَّى بقيّةً من دَيْنِه وتَتَلَّى إذا جمع مالا كثيرا.

أبو عبيد : تَلَوْتُ الرجلَ أَتْلوه تَلْوا خَذَلْتُه وتركْتُه.

حكاه عن أبي زيد ، قال : التُّلاوةُ بَقِيَّةُ الشيءِ ، وقد تَلَّى الرجلُ إذا كان بآخِرِ رَمَق.

قال : وقال الكسائي : هي التُّلاوةُ أيضا ، وقد تَتَلَّيْتُ حَقِّي عنده أي تركت منه بقيَّةً ، وتَتَلَّيتُ حقِّي تَتَبَّعْتُه حتى يستوفيَه.

الأصمعيّ : هي التَّلِيَّةُ أيضا ، وقد تَلِيَتْ لي عنده تَلِيّةٌ أي بَقيَّة ، وأَتْلَيْتُها أنا عنده أَبْقيتها.

قال شمر : قال الأصمعيّ : تلا تأخر ، يقال : ما زلت أتلوه حتى أتليته ، أي أخرته.

وأنشد :

* ركض المذاكى وتلا الحوْليُّ*

أي تأخر.

وقال غيره : أتليت عليك من حقي تُلاوة أي بقية ، والتُّلاوة البقية.

الحراني عن ابن السكيت قال : التُّلاوةُ بقيَّة الحاجة قال : وَتَلا إذا تأخر ، والتَّواليّ ما تأَخَّر.

قال : وقال أبو زيد : تَلا عني يَتلُو تَلْوا إذا تَرَكَكَ وتَخلَّفَ عنك ، وكذلك خَذَل يَخذل خُذُولا.

وقال الأصمعيّ في قول ذي الرمّة :

لَحِقْنَا فراجَعْنَا الحُمولَ وإنَّما

تَتَلَّى دِباب الوادعات المراجع

قال تَتَلَّى : يَتتبَّعُ.

وقال شمر : يقال : تَلَّى فلان صَلاتَه المكتوبة بالتطوع أي أَتبَعَها.

وقال البَعِيث :

٢٢٦

عَلَى ظَهْرِ عَادِيِّ كأَن أُرُومَهُ

رجالٌ يُتلَّون الصلاةَ قِيامُ

قال : ويكون تلا وتَلَّى بمعنى تَبع.

قال : وقال عطاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) [البقرة : ١٠٢] قال : وفلان يَتْلُو فلانا أي يَحْكِيه ويَتْبع فِعْلَه ، وهو يُتَلِّي بقِيَّةَ حاجتِه أي يَقْتَضِيها وَيَتَعَهَّدُها.

وقال النضر : التِّلْوة من أولاد المِعْزَى والضأن التي قد استَكرَشَتْ وشَدَنَتْ ، والذكرُ تِلوٌ.

وقال ابن الأعرابيّ : يقال لِوَلَدِ البَغْل : تِلْوٌ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّلاءُ : الذِّمة ، وقد أَتْلَيْتُه أي أعطيته الذِّمَّة وأنشد :

* وسيَّانَ الكفَالةُ والتَّلاءُ*

قال ابن الأنباري : التَّلاء الضمان ، يقال : أتليتُ فلانا إذا أعطيته شيئا يأمن به ، مثل سهم أو نقل.

وقال الأصمعيّ : التَّلاء : الحوَالَةُ وقد أَتْلَيْتُ فلانا على فلانٍ أي أَحَلْتُه عليه ، وأنشد الباهليُّ هذا البيت :

إذا خُضْرُ الأصَمَّ رَميتُ فِيها

بِمُسْتَتلٍ على الأدْنَين باغِ

قال : المراد بخُضْرِ الأصم : دآدي ليالي شَهْر رَجَب ، والمُسْتَتلِي من التُّلاة وهو الحَوالة أي يجنِي عليك ويُحيل عليك فتؤخذ بجنايته والباغي هو الجارِم الجَانِي على الأدنَينِ من قرابته.

وقال ابن الأعرابيّ : استَتلَيْتُ عليه فُلانا أي انتظرتُه ، واستتليته جعلته يَتلوني.

العرب تقول : ليس هَوادِي الخَيْل كالتَوالي ، فهوادِيها أَعْناقُها ، وتواليها مآخرُها رجلاها وذَنبُها ، وتَوَالِي الإبل مآخرها وتوالي كل شيء آخره ، وتاليات النجوم أواخرها.

وقال بعضهم : ليس تَوالِي الخيل كالهوادي ، ولا غُفْرُ اللَّيالي كالدَّآدِي ، وغفْرها بِيضُها.

وقال أبو زيد في قوله جلّ وعزّ : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البقرة : ١٢١] ، قال : يتَّبعونه حقَّ اتِّباعه.

وقال مجاهد : يعملون به حقَّ عَمَله.

وقال ابن عباس : يتبعونه حقّ اتباعه فيعملون به حقّ عمله.

وقال أبو عبيدة في قوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) [البقرة : ١٠٢] ، قال : ما تَتكلم به كقولك : يتلو فلان كتابَ الله أي يقرؤه وَيَتكلَّم به.

وقال عطاء : (ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) ما تُحدِّث وما تَقُصُّ.

وفي الحديث : «إن المنافق إذا وُضِع في قبره سُئِل عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما جاء به فيقول : لا أدري فيقال له : لا دَرَيْتَ ولا

٢٢٧

تَلَيت ولا اهْتَدَيتَ».

وأخبرني المنذري عن أبي طالب في تفسيره : قال بعضهم : معنى ولا تَلَيت ولا تَلَوْت ، أي لا قَرَأْتَ ولا دَرَسْتَ من تلا يتلو ، فقال : تَلَيْتَ بالتاء ليعاقب بها الياء في دَرَيت.

كما قالوا : إني لآتية بالغَدَايا والعَشَايَا وتجمع الغَداةُ غَدَوَات ، وقيل : غَدايَا من أجل العَشَايا ليزْدَوِجَ الكلامُ ، قال : وكان يونس يقول : إنما هو : ولا أَتْلَيْتَ في كلام العرب : معناه أَلا يُتْلِيَ إبلَه ، أي لا يكونُ لها أولاد تَتْلُوها ، وقال غيره : إنما هو لا دَرَيْتَ ولا اتَّلَيْتَ على افْتَعَلْتَ من أَلَوْتَ أي أَطَقتَ واسْتَطَعْتَ كأنه قال : لا دَرَيْتَ ولا استَطَعْتَ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العرب تسمي المراسل في البناء والعمل : المُتالي قال : والتَّلِيُ الكثير الإيمان ، والتَّلِيُ الكثير المال.

[تول] : قال ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَالَ : يَتولُ تَوْلا إذا عالج التِّولَةَ وهي السِّحْر ، قال : وأما التُّولَةَ بالضم والهمزة ، فإنها الداهية. أبو عبيد عن الفراء : جاء فلان بالدُّؤَلَةَ والتُّؤَلة وهما السحر ، قال وقال الأصمعيّ : التِّوَلَةُ بكسر التاء هو الّذي يُحَبِّبُ المرأة إلى زوجها ، قال ومثله في الكلام سَبْيٌ طِيَبةٌ.

وروى أبو عبيدة في حديث ابن مسعود أنه قال : والتمائم والرقى والتِّولة شرك ؛ ابن السِّكِّيت.

قال أبو صاعد : تُوَلَةٌ من الناس ، أي جماعة جاءت من بيوتٍ وصبيان ومال.

وقال غيره : التَّالُ صِغارُ النَّخْل وفَسِيلهُ ، والواحدة : تالة.

ألت : قال الله جلّ وعزّ : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الطور : ٢١] قال الفراء : الألْتُ النَّقْصُ ، وفيه لغة أخرى ، وما لِتْناهم بكسر اللام ، وأنشد في الألت :

أَبْلِغْ بني ثُعلٍ عنِّي مُغَلغَلَةً

جَهْدَ الرِّسَالَةِ لا أَلْتا ولا كَذِبَا

يقول : لا نقصانَ ولا زيادة وأنشد قول الراجز :

وليلةٍ ذاتِ نَدَى سَرَيْتُ

ولم يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيتُ

أي لم يَثْنِنِي عنها نَقْصٌ بي ولا عجز عنها ، رُوِي عن عمر : أن رجلا قال له : اتقِ الله يا أمير المؤمنين فسمعها رجل فقال : أَتألِتُ على أمير المؤمنين ، فقال عمر : دَعْه فلن يزالوا بخير ما قالوها لنا.

قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : معنى قوله : أَتأْلِتُهُ ، أتحطهُ بذلك ، أتضعُ منه أَتُنْقِصُه؟ قلت : وفيه وجه آخر ، هو أشبه بما أراد الرجل. روى أبو عبيد عن الأصمعيّ أنه قال : أَلَتَه يمينا يَألِتُه أَلْتا إذا

٢٢٨

أَحْلَفه ، كأنه لما قال له : اتَّقِ الله فقد نَشَدَه الله ، تقول العرب : أَلَتُّكَ باللهِ لَمَا فَعلتَ كذا ، معناه نَشَدْتك بالله.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الأَلْتُ النَّقْص ، والألت القَسَمُ ، يقال : إذا لم يُعْطك حقّك فقيِّده بالأَلت ، وقال أبو عمرو : الأُلْتَة اليمين الغموس ، والأُلتة العَطيّةُ الشَّقْنةُ. وهي القليلة.

وفي حديث عبد الرحمن : ولا تغمدوا سيوفكم على أعدائكم فتُولِتُوا أعمالكم.

قال القتيبي : أي لا تُنقِصوها ، يريد أنه كانت لهم أعمال في الجهاد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإذا هم تركوها واختلفوا ، نقصوها ، يقال : لاتَ يَلِيت ، وأَلَتَ يأْلِتُ ، ولم أسمع أَوْلَت يُولِتُ إلا في هذا الحديث.

لات وولت : قال الله جلّ وعزّ : (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) [الحجرات : ١٤] قال الفرّاء : معناه لا يُنْقصكم ولا يظلمكم من أعمالكم شيئا. قال : وهو من لات يليت قال : والقراء مجتمعون عليها ، قال : ولاتَ يَلِيتُ وأَلَتَ يَأْلِتُ لُغتان في معنى النقص ، وقال أبو زيد : يقال وَلَتَه يلِته وَلْتا وأَلته يألِته أَلْتا ولاتَه يلِيته لَيْتا ، وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : سمعت بعضَهم يقول : الحمد لله الّذي لا يُفاتُ ولا يُلاتُ ، قال : وقال خالد بن عتبة : لا يُلات أي لا يأخذ فيه قولَ قائل ، أي لا يُطيع أحدا ، قال : وقيل للأسَدِية : ما المدحَلَةُ؟ فقالت : أن يَلِيتَ الإنسانُ شيئا قد عَلِمه ، أي يَكْتُمُه ويَأْتِي بخَبرٍ سِواه ، أبو عبيد عن الأصمعيّ ، قال : إذا عَمَّى عليه الخَبَر ، قيل : قد لَاتَهُ يَليته لَيْتا.

وقال الزجاج : لَاتَه يَليته وألاته يُليتهُ ، وأَلَتَه يَأْلِته إذا نَقَصه ، قال : وقوله : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الطور : ٢١] ، يجوز أن يكون من أَلَتَ ومن أَلَات ، قال : ويكون لَاته يَليته إذا صرفه عن الشيء ، وقال عروة بن الورد :

ومُحْسِبَةٍ ما أَخطأَ الحقُّ غَيرَها

تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشَّوى

فأعجبني إقدامُها وسَنامُها

فبِتُ أُليتُ الحق والحقُّ مبتلى

أنشده شمر وقال : أُليتُ الحق أُحِيله وأصْرِفه ، وقال الأصمعيّ : اللَّيتَانِ صَفْحَتَا العنق ، ويجمع اللِّيتُ على اللِّيتَةِ ، ولَيْتَ كلمة تمنٍ ، ليتني فَعَلتُ كذا وكذا وهي من الحروف الناصبة. وليتِي في معنى ليتني.

أتل : أبو عبيد عن الفراء : أَتَلَ الرجلُ يأتِلُ أُتُولا ، وأَتَن يأتِنُ أُتونا ، إذا قاربَ الرجلُ خَطْوَهُ في غَضَب وأنشد :

أَراني لا آتيك إلا كأَنما

أسأتُ وإلا أنتَ غَضْبانُ تأتِلُ

٢٢٩

وقد يقال في مصدره الأَتلان والأَتَنَان.

وقال الليث : التَّأَلَانُ الّذي كأنه يَنهض برأسه إذا مشى يُحركه إلى فوق ، قلت : هذا تصحيف فاضح ، وإنما هو النّأَلان بالنون ، وذكر الليثُ هذا الحرف في أبواب التاء فلزمني التنبيه على صوابه لئلا يَغتر به من لا يعرفه ، وقال : وقد أوضحت الحرف في باب اللام والنون.

لتا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : لَتا إذا نقص.

قلت : كأنه مقلوب من لَاتَ أوْ من أَلَتَ.

وقال ابن الأعرابيّ : اللَّتيُ المُلازِمُ للموضع.

أبو تراب ، قال الأصمعيّ : لَعَنَ اللهُ أُمًّا لَتأَتْ به ، ولَكأَتْ به أي رَمَتْ به ، قال وقال شمر : لَتَأتُ الرجلَ بالحجر إذا رَمَيتَه به ، ولَتَأتُه بِعيني لَتْأً إذا أَحْدَدْتَ إليه النظر وأنشد ابن السكيت :

تراهُ إذا أجَّه الضَّنَى

يَنُوءُ اللَّتِيء الّذي يَلتؤُه

قال اللّتِيءُ : فعيلٌ من لَتأتُه إذا أصبته ، واللّتِيءُ المَلْتِيُ المرْمِيُّ.

قال العجاج :

دافعَ عني بتقصير مَوْتَتِي

بعد اللُّتيا واللَّتيا والَّتي

أراد اللُّتيا تصغير التي ، وهي الداهية الصغيرة ، والَّتي : الداهية الكبيرة.

وتل : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الوُتُلُ من الرجال الذين ملأوا بطونهم مِن الشراب ، الواحد أَوْتَلُ ، واللُّتَّام [الكُتَّام] المالِئوها من الطعام.

باب التَّاء والنون من المعتلات

[ت ن (وا يء)]

وتن ، تين ، تون ، يتن ، أتن ، تنأ ، نتأ ، أنت ، نأت.

تين : قال الله جلّ وعزّ : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)) [التين : ١].

قال الفراء : قال ابن عباس : هو تينكم هذا وزَيتُونكم ، ويقال : إنهما مَسجدان بالشام ، قال الفرَّاء : وسمعتُ رجلا من أهل الشام ، وكان صاحب تَفْسير قال : التينُ جبالٌ ما بين حُلوان إلى هَمذان ، والزيتون جبال الشام.

روى المنذري عن الحراني عن ثابت بن أبي ثابت أنه قال : قال الأصمعيّ : الزيتون شجرةٌ تشبه الرِّمْثَ وليست به.

[تون] : وقال أبو عمرو : التَّتاوُن احْتيالٌ وخَدِيعةٌ ، والرجل يَتتاوَنُ الصَّيْدَ إذا جاءه مَرَّة عن يَمينه ، ومرة عن شِماله وأنشد :

تتَاوَنَ لِي في الأمر من كل جانبٍ

ليصرِفَنِي عمَّا أرِيدُ كُنودَا

وقال ابن الأعرابيّ : التُّونُ الخزفة التي يُلْعَبُ عليها بالكُجَّة ولم أر هذا الحرف

٢٣٠

لغيره ، وأنا واقف فيه أَنه بالنون أَو بالزاي.

يتن : أبو عبيد عن اليزيدي : اليَتْنُ أَن تَخْرجَ رِجلا المولود قبل يديه.

وقال غيره : تُكْرَه الوِلادةُ إذا كانت كذلك ، وقد أَيْتَنَتْ به أمُّه ، وقالت أم تأبَّط شرا : واللهِ ما حَملْتُه غَيْلا ولا وَضَعتُه يَتْنا ، وفيه لُغات يقال : وضعته أمُّه يَتْنا وأَتْنا ووَتْنَا.

وروى المنذريُّ عن الحراني عن ثابت بن أبي ثابت أنه قال : قال الأصمعيّ : اليَتْنُون شجر يشبه الرِّمث وليست به.

وتن : قال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) [الحاقة : ٤٦] الوَتين نِياط القلب ، وإذا انقطع الوتينُ لم يكن بعده حياة.

وقال أبو زيد : الوَتِينُ عِرْقٌ يَسْتَبْطِنُ الصُّلْبَ يجتمعُ إليه البطنُ أجمع ، وإليه تَضْرِبُ العُرُوق ، وهي الوُتُن ، وثَلاثَةُ أَوْتِنة.

وقال أبو عمرو : وَتَنَ بالمكان يَتِنُ وتُونا.

تنأ ـ نتأ : تَنَأَ يَتْنَأَ تُنُوءا ، إذا أقام به ، فهو وَاتِنٌ وتَانِئٌ ، وجمع التَّانِئ تُنَّاء.

وفي حديث عمر : ابنُ السبيل أحقّ بالماء مِن التَّانِئ عليه ، أراد أنَّ ابن السبيل إذا مَرّ بِرَكِيَّةٍ عليها قومٌ يَسْقون منها نَعمهم ، وهم مُقيمون عليها ، فابن السبيل مارا أحق بالماءِ منهم يُبْدأ به فيُسْقَى وَظَهره لأن سائرهم مقيمون ، ولا يَفوتُهم السَّقْي ولا يُعْجِلُهم السَّفَر والمسير.

سَلَمة عن الفراء : الأتْنَاءُ الأَقران ، والأنْتَاءُ الأوْرَامُ.

وقال أبو زيد : نَتَأْتُ فأنا أنْتَأُ نُتُوءًا إذا ارتفعتَ ، وكلُّ ما ارتفع فهو نَاتِئٌ ، قلت : ومن العرب من يقول : نَتَا عُضْوٌ من أعضائه يَنْتُو نتُوّا فهو ناتٍ إذا وَرِم بغير همز ، وانْتَتَأَ إذا ارتفع أيضا ، وأنشد أبو حازم :

فلما انْتَتَأْتُ لدِرِّيئهم

نَزَأْتُ عليه الوأَي أهذَؤُه

لِدِرِّيئهم أي لِعَرِيفهم نَزَأْتُ عليه أي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ ، الوَأَى وهو السيف أهْذَؤُه أي أَقْطَعُه ، وفي بعض الحديث كان حُميد بن هلال من العلماء فأخرتْ به التِّنَايَةُ ، قال الأصمعيّ : إنما هي التِّنَاوَةُ أيْ أنه تَركَ المذاكرة ، وكان ينزل قرية على طريق الأهواز.

وقال الليث : النُّتُوءُ خروج الشيء من موضعه من غير بينونة.

وقال ابن الأعرابيّ : أنْتَى أَنتَا إذا تأخَّر ، وأنتَى إذا كَسَر أَنْف إنسان فَوَرَّمَه ، وأَنْتَى إذا وافق شكلَه في الخَلْق والخُلُق مأخوذ من التِّنِّ.

٢٣١

أبو عبيد عن الأحمر في باب من يستَحْضَر وهو ذَو تِكْراهٍ يحقِرُ ، وهو يَنْتأ أي أنك تَزْدَرِيه لسكوته وهو يُحادِيُك.

[نأت] : وقال أبو زيد يقال : نَأَتَ الرجلُ وهو يَنْئِتُ نَئِتا وأَنَ يَئِنُ أَنِينا وأَنَتَ يَأْنِتُ أَنيتا بمعنى واحد غير أن النئيتَ أجْهرُها صوتا.

أبو عبيد : النُّوتيُ الملّاح والجميع النَّواتِيّ والنُّوتيُّون ؛ أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : امرأة مَوْتُونَةٌ إذا كانت أديبةً ، وإن لم تكن حسنة.

[وتن ـ أتن] : قال : والوَتْنَةُ مُلازمةُ الغَريم ، والوَتْنَةُ المخالفة.

وقال الليث : وَتَنَ بالمكان وُتُونا وأَتِنَ أُتونا إذا أقام به ، وأتانٌ وثلاثُ آتُنٍ ؛ وأتُنٌ كثيرةٌ.

قال : الأتُون أَتُون الحمَّام والجصَّاصة ونحوه.

وقال الفراء : جَمَعت العرب الأَتُّون أَتَاتين بتاءين ، قال : وهذا كما جمعوا قَسّا قَسَاوسة أرادوا أن يجمعوه على مثال مَهالِبة فكثُرت السينات فأبدلوا إحداهن واوا ، قالوا : وربما شدَّدوا الجمع ولم يشدِّدوا واحده مثل أُتُون وأَتَاتِين.

وقال أبو زيد : الوَاتِنُ من المياه الدائم المَعِينُ الّذي لا يذهبُ.

وقال ابن شميل : الأتَانُ قاعِدة الفَوْدَج ، والجميع الأُتُن ، قال : وقال لي أبو موهب : الحمائر هي القَواعِد والأُتُن الواحدة حمارة وأَتانٌ.

وقال أبو الدُّقيش : القواعد والأُتن المرتفعة من الأرض ، وأَتَانُ الضَّحْل الصَّخْرةُ العظيمة تكون نابتَةً في الماء وأنشد :

* عَيْرَانَةٌ كأَتانِ الضَّحْلِ عُلْكومُ*

وقال أبو عمرو : الأتان الصخرةُ تكون في الماء ، وقيل : هي الصخرةُ التي هي في أسفل طَيِّ البئرِ ، فهي تَنِي الماء.

وقال الأصمعيّ :

بِنَاجِيَةٍ كأَتان الثَّمِيل

توفى السُّرَى بَعْدَ أَيْنٍ عَسِيرا

أي تُصْبِحُ عَاسِرا بِذَنبها تَخْطِرُ به مَراحا ونَشَاطا.

وقال ابن شميل : أَتَانُ الثَّمِيلِ الصَّخْرةُ التي لا يَرْفَعُها شيء ولا يُحَرِّكها ولا يأْخُذُ فيها ، طُولُها قَامَةٌ في عَرْض مِثْلِه ، وأتانُ الرمل دويْبةٌ دقيقة الساقَيْن.

[أنت] : أبو عمرو : رجل مَأْنوتٌ ، وقد أَنَتَه الناس يَأْنِتونَهُ إذا حَسدوه فهو مأنوتٌ وأَنِيتٌ.

انتهى والله تعالى أعلم.

* * *

٢٣٢

باب التَّاء والفاء من المعتل

[ت ف (وا يء)]

تفى ، توف ، فتا ، فوت ، أفت.

تفى : يقال : رأيته على تَفِئَةِ ذاك وتَئِفَة ذاك وأفّاية ذاك أي على حين ذاك.

قلت : وليست التَّاء في تَفِئَةٍ وتَئفَّةٍ أَصْلِيّة.

توف : وفي نوادر الأعراب : ما فيه تُوفَةٌ ولا تافَةٌ أي ما فيه عَيبٌ.

فتا : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الفُتَيُ قدَحُ الشُّطَار ، وقد أفتى إذا شَرِبَ به.

شمر عن أبي حاتم عن الأصمعيّ : المُفْتِيُ مِكيال هِشام بن هُبَيْرة ، والْعُمَريُّ هو مكيال اللَّبن.

قال : والمُدُّ الهِشَامِي هو الّذي كان يتوضأ به سعيد بن المسيب.

حدثنا السعدي عن أبي سعيد عن يحيى الحماني عن ابن فضيل عن حُصَين عن يزيد الرقاشي ، عن امرأة من قومه حَجَّت فمرَّت على أمّ سَلَمة ، فسألتها أن تُرِيَها الإناءَ الّذي كان يَتَوَضَّأ فيه رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخرجته ، فقالت : هذا مَكُّوكُ المُفْتِيِ.

قلت : أريني الإناء الّذي كان يَغتسل فيه فأخرجته فَقلْتُ : هذا قَفِيزُ المُفْتِيَ.

وقال ابن السكيت يقال : تَفَتَّتْ الجارية إذا راهَقَت فخُدِّرَتْ ومُنعتْ من اللَّعب مع الصبيان ، وقد فُتِّيَتْ تَفْتيةً.

ويقال للجارية الحَدَثة : فتاةٌ ، وللغلام فتًى وتَصْغيرُ الفتاةِ فُتيَّةٌ ، وتصغير الفَتى فُتَيُ.

للبكرة من الإبل : فَتِيَّةٌ وبَكْرٌ فَتِيُ كما يقال للجارية فتاةٌ ، وللغلام فَتًى ، ويقال : بَكْرٌ فَتِيُ ، بيِّن الفَتَاء ممدود ، وفَتِيٌ من الناس بيِّن الفُتوَّة.

وقال ابن عِمران بن حصين :

جَذَعةٌ أَحَبُّ إليّ مِن هَرِمَةٍ

اللهُ أَحَقُّ بالفَتَاءِ وَالكَرَمِ

قال أبو عبيد : الفَتاء ممدود ، مَصْدَرُ الفَتِيِ في السن وأنشد :

إذا عاشَ الفَتى مائتين عاما

فقد أَوْدَى اللَّذَاذَةُ والفَتَاءُ

فقصرَ الفتى في أوّل البيت ومدَّه في آخره ، واستعارَه في الناس ، وهو من مصادر الفَتِيِ من الحيوان ، ويُجمع الفتى فِتيانا وفُتُوا ، ويجمع الفتِيُ في السنّ أَفْتاءٌ.

وقال الليث : الفَتِيّ والفَتِيَّة الشَّابُّ والشابّةُ والفِعل فَتُوَ يَفْتُو فتَاءً.

ويقال : فعل ذلك في فَتائِه ، وجماعة الفتى فِتيةٌ وفِتيان وقد يُجمع على الأَفتاء وجمع الفتاةِ فَتياتٌ.

قال القُتيبي : ليس الفتى بمعنى الشابِّ والحَدثِ ، إنَّما هو بمعنى الكامل الجزْل من الرجال تَدلُّك على ذلك :

٢٣٣

قول الشاعر :

إن الفتى حَمَّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ

ليْس الفتى بِمُنعَّم الشُّبانِ

وقال ابن هَرْمة :

قد يُدْركُ الشَّرَفَ الفتى ورداؤه

خَلَقٌ وجَيْبُ قَميصِه مَرْقُوعُ

وقال الأسود بن جعفر :

ما بَعدَ زيدٍ في فتاةٍ فُرِّقوا

قتْلا وسَبْيا بعدُ طولِ تآدِي

وقبله :

في آلِ عَوْفٍ لو بَغَيتَ لي الأَسَى

لَوجدتُ منهم أُسْوَةَ العُوَّاد

فتخيَّروا الأرضَ الفضاءَ لِعِزّهم

ويزيدُ رافِدُهم على الرُّفَّاد

ويقال : أفتى الرجلُ في المسألة واسْتفتيتَه فأفتاني إفتاءً ، وفُتْيا وفَتْوَى اسمان من أَفتَى توضعان موضع الإفتاء.

ويقال : أَفتيتُ فلانا في رؤْيا رآها ، إذا عَبَرْتَها له ، وأفتيتُه في مسألته إذا أَجَبْتُه عنها.

وفي الحديث : أن قوما تَفاتوا إليه ، معناه تحاكموا.

قال الطرماح :

أنِخْ بفناء أشْدَقَ من عَدِيٍ

ومن جرم ، وهم أهل التَّفاتي

أي التحاكم ، وأصل الإفتاء والفُتْيا تبيين المشكل من الأحكام ، أصله من الفتيِ ، وهو الشاب الحدث الّذي شب وقَوِيَ فكأنه يُقوِّي ما أشكل ببيانه ، فيشب ويصير فَتِيا قويا ، وأفتى المفتي إذا أحدث حكما.

قال ابن الكلبي : هؤلاء قومٌ من بني حَنظَلَةَ. خَطبَ إليهم بعضُ الملوك جاريةً يقال لها : أمّ كَهْف فلم يُزَوِّجوه فغَزَاهم وأجلاهم عَنْ بلادهم.

وقال أبوها :

أَبَيتُ أَبَيْتُ نِكاحَ الملوك

لأنِّي امرؤٌ مِن تميم بن مُرْ

أَبيتُ اللِّئامَ وأَقْليهِمُ

وهل يُنكحُ العبدَ حرُّ بن حُرْ

وقوله تعالى : (فَاسْتَفْتِهِمْ) [الصافات : ١١] ـ أي سَلْهُمْ.

ويقال للعبد فتًى وللأمة فتاةٌ.

(وَقالَ لِفِتْيانِهِ) : أي لممالكيه ـ وقُرِىء (لِفتيته).

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا يَقولَنَّ أحدكم عبْدي وأَمتِي ، ولكن لِيَقُلْ فتايَ وفَتاتِي».

وسمَّى الله جلّ وعزّ صاحب موسى الّذي صحبه في البحر ، فَتاهُ لأنه كان يخدُمه في سفره.

وقال أبو إسحاق في قوله تعالى :

٢٣٤

(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) [الصافات : ١١] أي فاسألهم سؤال تقرير أهم أشد خلقا من الأمم السالفة؟ وقوله : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ) [النساء : ١٧٦] أي يسألونك سؤالَ تَعلُّمٍ.

ومن مهموز هذا الباب قول الله جلّ وعزّ : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥].

قال ابن السكيت يقول : ما زلتُ أفْعَلُهُ وما فَتئتُ أفعلُه ، وما بَرِحْتُ أفعلُه ، قال : ولا يُتكلَّم بهنّ إلا مع الجَحْد ، قلت : وربما حَذَفت العرب حَرْف الجحد من هذه الألفاظ ، وهو مَنْوِيٌ كقول الله جلّ وعزّ : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ).

وقال أبو زيد : ما فَتأتُ أذكره أي ما زِلت ، وهما لغتان ما فَتئتُ وما فَتأْتُ.

وقال الفراء : يقال : فَتِئ يَفْتِئ وفتُوَ يَفْتُوُ وأجمعوا على الفتُوَّةِ بالواو ، وفي «نوادر الأعراب» : فَتِئْتُ من الأمر أَفْتَأُ إذا نَسِيتَه وانْقَدَعْتَ عنه ، ورَوَى ابن هانىء عن أبي زيد قال : تميمُ تقول : أَفْتَأْتُ ، وقيسٌ وغيرهم يقولون : فَتِئْتُ ، يقولون : ما أفْتأتُ أذكره إفْتَاءً ، وذلك إذا كنت لا تَزالُ تذكره وما فَتِئتُ أذكرُه ، أَفتأُ فَتْأً.

فوت : قال الليث : فاتَ يفوتُ فَوْتا فهو فَائتُ والمفعول به مَفوتٌ ، وهو من قولك : فاتني فأَنا مَفُوتٌ ، وهو فَائِتٌ ، ويقال : بينهم فَوْتٌ فَائِتٌ ، كما يقال : بَوْنٌ بائِنٌ ، وبينهم تَفَاوتٌ وتَفَوّتٌ.

قال الله جلّ وعزّ : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك : ٣]. وقُرِئ : من (تَفَوُّتٍ) ، والأول قراءة أبي عمرو ، وقال قتادة : المعنى من اختلاف. وقال السُّدِّيُّ : مِنْ تَفَوُّتٍ مِنْ عَيْبٍ ، يقول الناظر : لو كان كذا كان أحسن ، وقال الفراء : هما بمعنى واحد.

وقيل : (مِنْ تَفاوُتٍ) من اختلاف واضطراب ، والتفاوت التباعد وقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) [سبأ : ٥١] قال ابن عرفة : أي لم يسبقوا ما أريد به ، وقد افتات عليه في رأيه أي سبقه ومثله قوله : أمثلي يُفاتُ عليه في بناتِه؟

وفي الحديث أن رجلا تَفَوَّت على أبيه في ماله فأَتَى أبوه النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر ذلك له فقال : «ارْدُد على ابنك فإنما هو سهم من كنانتك».

قال أبو عبيد قوله : تَفَوَّتَ مأخوذٌ من الفَوْت ، وتَفَعَّل منه ، ومعناه أن الابن فات أباه بمال نفسه فوهَبَه وبَذَّره فأمر النبي الأب بارتجاع المال ورده إلى ابنه ، وأعمله أنه ليس للابن أن يَفتاتَ على أبيهِ بِماله ، وقال أبو عبيد : وكلُّ من أحدثَ دونك شيئا فقد فاتك وافتات عليك فيه ،

٢٣٥

وقال معن بن أوس يَعاتب امرأة :

فإن الصبحَ مُنتَظَرٌ قَريبٌ

وإنَّكِ بالملامة لَنْ تُفاتِي

أي لا أَفوتك ولا يَفُوتُك مَلامي إذا أصبحت فَدَعيني ونَوْمي إلى أن تُصبحي.

وزوَّجَتْ عائشة رحمها الله تعالى ، ابنةَ أخيها عبدِ الرحمن وهو غَائِبٌ من المنذر بن الزُّبير ، فلمَّا رجع من غيبته قال : أمثِلي يُفتَاتُ عليه في بناته؟ نَقِمَ عليها نكاحَها ابْنَتَه دُونَه.

ورَوَى الأصمعيّ بيت ابن مقبل :

يا مُرُّ أمْسَيْتُ شيخا قد وَهَى بَصَرِي

وافْتِيتَ ما دُونَ يومِ البَعْثِ من عُمُري

قال الأصمعيّ : هو مِن الفَوْتِ ، قال : والافتياتُ ، الفراغُ يقال : افْتاتَ بأمره أي مضى عليه ولم يَسْتَشِرْ أحدا ، لم يَهْمِزْه الأصمعيّ. وروى ابن هانىء عن أبي زيد : افْتأَتَ الرجلُ عَليّ افتئاتا : وهو رجل مُفْتِئتٌ وذلك إذا قال عليك الباطل.

وقال ابن شميل في كتاب «المنطق» : افْتَأَتَ فلانٌ علينا يَفْتَئِتُ : أي استبدّ علينا برأيه ، جاء به في باب الهمز.

وقال ابن السكيت في باب الهمز : افْتأَت بأمره إذا استبدَّ به ، قلت : وقد صحَّ الهمز عن ابن شميل وابن السكيت في هذا الحرف ، وما علمت الهمز فيه أصليا ، ومَوْتُ الفَواتِ مَوْتُ الفُجَاءة ، وفاتني كذا أي سبقني ، وفُتُّه أنا ، وقال الأعرابيّ : الحمد لله الّذي لا يُفَاتُ ولا يُلات ، ذكره في اللام والتاء.

أفت : قال رؤبة :

* إذا بناتُ الأرْحَبِيِ الأُفْتِ *

قال ابن الأعرابيّ : الأُفْتُ التي عندها من الصبر والبقاء ما ليس عند غيرها كما قال ابن الأحمر :

* كأَنِّي لم أقلْ عاجٍ لأَفْتٍ *

وقال أبو عمرو : الإفْتُ الكريم من الإبل انتهى. رأيته في نسخة قُرِئت على شمر إذا بنات الأرحَبِيِ الإفت بكسر الهمزة فلا أدري أهو لغة أَو خطأ.

باب التَّاء والباء

[ت ب (وا يء)]

توب ، تبا ، بيت ، أبت ، أتب ، تأب.

[تبا] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تبا إذا غَزا وغَنِمَ وسَبَى.

توب : قال الليث : تابَ الرجلُ إلى الله يَتوبُ تَوْبَةً ومَتابا ، والله التَّوَّابُ يتوبُ على عبده ، والعبد تَائِبٌ إلى الله ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَقابِلِ التَّوْبِ) [غافر : ٣] أراد التَّوْبةَ ، قلت : أصل تَابَ عاد إلى الله ورجع وأنابَ وتَابَ الله عليه ، أي عاد عليه بالمغفرة ، وقال جلّ وعزّ : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) [النور : ٣١] أي عودوا إلى

٢٣٦

طاعته وأنيبوا والله التوّاب يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه ، واستتبْتُ فلانا أي عَرَضْتُ عليه التوبةَ ممَّا اقترف ، أي الرجوع والنَّدم على ما فَرَط منه ، وأمَّا التُّؤَبةُ والإتئابُ فالأصل وُؤَبة ، وليس من هذا الباب وسأفسره في موضعه.

وقوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ) [المزمل : ٢٠] أي رجع بكم إلى التخفيف ، وقوله تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٨٧]. أي أباح لكم ما كان حُظِر عليكم (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) أي ارجعوا إلى خالقكم. و (التَّوَّابُ) من صفات الله تعالى هو الّذي يتوب على عباده ، والتواب من الناس هو الّذي يتوب إلى ربه.

[تأب] : عمرو عن أبيه : التَّوْأبانيان رأسا الضرع من الناقة.

أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّوْأبانيَّان قَادِمَتا الضّرع ، وقال ابن مُقبل :

فمرَّتْ على أطرافِ هِرٍّ عَشِيَّةً

لها توأَبانيان لم يَتَفَلفَلا

قال : لم يتَفلْفلا أي لم يَظهرا طهورا بَيِّنا ومنه قول الآخر :

* طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتى كأَنها فَلافِل*

أي لصقت الأخْلافُ بالضرة ، فصارت كأَنها فَلافِلُ ، قلت : والتاء في التوأبانيين ليست أصلية.

أبت : أبو عبيد عن الكسائي : يومٌ أبْتٌ وليلة أَبْتَةٌ ، وكذلك ، حَمْتٌ وحَمْتةٌ ، ومَحْتٌ ومَحْتةٌ كل هذا في شِدَّة الحرِّ ، وقال شمر : يقال : أَبتَ يَأْبِتُ أَبْتا وأنشد :

* مِن سافِعاتٍ وهجيرٍ أبتِ *

أتب : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الإتْبُ البَقيرَةُ ، وهو أن يُؤخذ بُردٌ فيُشَقَّ ثم تلقيه المرأة في عُنُقها من غير كمين ، ولا جيب وقال أحمد بنُ يحيى : هو الإتبُ والعِلْقَةُ والصِّدارُ والشَّوْذَرُ.

أبو زيد : أتَّبْتُ الجارية تأْتِيبا : إذا دَرَّعْتها دِرعا ، والاسمُ الإتبُ والجميع الآتابُ ، وَائتتبت الجاريةُ فهي مُؤْتَتِبَةٌ إذا لَبِسَتْ الإتْب ، وقال ابن الأعرابيّ : المِئتَبُ المِشْمَل.

بيت : سلمة عن الفراء : باتَ الرجلُ إذا سَهِرَ الليلَ كله في طاعة أو مَعْصية.

وقال الليث : البَيْتُوتَةُ دُخُولُك في الليل ، تقول : بِتُ أصنعُ كذا وكذا ، قال ومن قال : بات فلانٌ إذا نام فقد أخطأ ، ألا ترى أنك تقول : بِتُ أُراعِي النجومَ ، معناه بِتُ أنظر إليها فكيف نام وهو ينظر إليها؟

ويقال : أَباتَكَ اللهُ إباتَةً وباتَ بَيْتُوتَةً صالحةً وأتاهم الأمر بَيَاتا ، أي أتاهم في جَوْفِ الليل.

قال ابن كيسان : بَاتَ يَجوز أن يَجْرِيَ ، مَجرى نام ، وأن يَجْرِي مَجْرى كان ، قاله

٢٣٧

في باب كان وأَخواتها ، ما زال وما انفك وما فتىء وما برح.

وقال الفراء في قوله تعالى : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) [النساء : ٨١] معناه غيَّروا ما قالوا وخالفوا.

وفي قراءة عبد الله : (بَيَّتَ مُبَيِّتٌ غير الّذي تقول).

وقال الزجاج في قول الله جلّ وعزّ : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) [النساء : ١٠٨] كل ما فُكِّر فيه أو خِيضَ فيه بِلَيْل فقد بُيِّتَ ، ويقال : هذا أمرٌ دُبِّر بليل وبُيِّتَ بليل بمعنى واحد.

وقوله تعالى : (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) [الأعراف : ٤] أي ليلا ، والبيت سمي بيتا لأنه يُبَات فيه ، وبَيَّتهم العدُوُّ إذا جاءهم ليلا.

وقوله : لَيُبَيِّتُنَّه أي ليُعوقِعَنَّ به بَيَاتا أي ليلا.

وقوله : (ما يُبَيِّتُونَ) أي ما يُدَبِّرون بالليل.

وفي الحديث أنه قال لأبي ذَرِّ : كيف نَصْنَعُ إذا ماتَ الناس حتى يكون البيتُ بالوَصِيفِ؟

قال القتيبي : لم يُرِدْ بالبيت مساكنَ الناس ، لأنها عندَ فُشُوِّ الموتِ تَرْخُص ، وإنما أراد بالبيت القَبْرَ ، وذلك أن مواضع القبور تَضِيقُ عليهم فَيَبْتاعون كل قبرٍ بوصيفٍ ولهذا ذهب حماد في تأويله.

ويقال : ما عند فلان بِيتُ ليْلَةٍ وبِيتَةُ لَيْلةٍ أي ما عِنده قُوتُ ليلةٍ ، (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) [النساء : ٨١] أي يُدَبِّرون ويُقَدِّرون من السوء.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للفقير : المسْتَبِيتُ ، وفلانٌ لا يستبيت ليلةً أي ليس له بِيتُ لَيْلَةٍ من القُوتِ.

سلمة عن الفراء : هو جاري يَبْتَ بَيْتَ وبيتا لبيتٍ ، وبيتٌ لبيتٍ ، وبَيْتُ الرجلِ دارُهُ وبَيْتُه قَصْرُهُ.

ومنه قول جبريل للنبي عليهما الصلاة والسلام : بَشِّرْ خديجة بِبَيْتٍ من قَصَبٍ ، أراد بشّرها بِقَصْرٍ مِن لُؤْلُؤَة مُجَوَّفةٍ ، وسمعت أعرابيا يقول : اسقني من بَيُّوتِ السِّقاءِ ، أي من لَبَن حُلِبَ لَيْلا وحُقِنَ في السِّقاء حتى بَرَدَ فيه ليلا ، وكذلك الماءُ إذا بُرِّد في المزادةِ ليلا : بَيُّوتٌ.

ويقال : بَيَّتَ فلانٌ بني فلانٍ أي أَتاهم بَيَاتا فَكَبَسَهم وهم غارُّونَ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العرب تَكْنِي عن المرأة بالبيتِ وقاله الأصمعيّ ، وأنشد :

* أَكِبَرٌ غَيَّرَني أَمْ بَيْتُ *

قال : والخِبَاءُ بَيْتٌ صَغير من صُوف أو شَعَر ، فإذا كان أكبر من الخِباء فهو بَيْتٌ ثم مِظَلَّة إذا كَبُرَت عن البيت ، وهي تسمى بيتا أيضا إذا كان ضخما مُرَوَّقا.

أَخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ : العرب تقول : أَبيتُ وأَبَاتُ ،

٢٣٨

وأَصِيدُ وأَصَادُ ، ويَموتُ ويَماتُ ، ويَدُومُ ويَدَامُ ، وأَعيفُ وأَعافُ وأَخِيلُ الغَيْثَ بِنَاحِيَتِكم ، وأَخالُ لغة ، وأَزيلُ أَقول ذلك يريدون : أَزَالُ.

قال : ومن كلام بني أسد : ما يَلِيقُ بكم الخَيْرُ ولا يَعِيقُ إتْباع.

وقال ابن الأعرابيّ : بات الرجلُ يَبيتُ بيتا إذا تزوَّج ، وبَيْتُ العرب شَرفُها ، والجميع البيوتُ ثم يُجمعُ بُيُوتات جمع الجمع ، ويقال : بَيْتُ تميم في بني حَنْظَلة أي شرفُها.

وقال العباس يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتى احْتَوَى بَيْتُك المهَيْمِنُ مِن

خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تحتَها النُّطُقُ

أراد ببيته شَرَفَه العالي جعل في أعلى خندف بيتا ، والبَيْت من أبيات الشِّعْرِ سُمِّي بيتا لأنه كلام جُمِعَ مَنْظوما فصار كَبيتٍ جُمِع من شُقَقٍ وكِفَاءٍ ورِوَاقٍ وعُمُدٍ ، وسَمّى الله جلّ وعزّ (الْكَعْبَةَ : الْبَيْتَ الْحَرامَ).

وقال نوح حين دعا ربه : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) [نوح : ٢٨] فسمى سَفِينَتَه التي ركبها أيام الطوفان : بيتا ؛ ويقال : بنى فلان على امرأته بَيْتا إذا أَعْرَسَ بها وأدخلها بيْتا مَضروبا ، وقد نَقَل إليه ما يحتاجان إليه من آلةٍ وفِراش وغيره.

باب التَّاء والميم

[ت م (وا يء)]

تيم (أتام) ، توم ، أتام ، يتم ، أتم ، أمت ، موت ، متى ، وتم.

تيم : قال أبو عبيد : التَّيْمُ أن يَسْتَعْبِدُه الهوى ، ومنه سُمِّي تَيْمُ الله ، وهو ذَهابُ العَقْل من الهوى ، وهو رجلٌ مُتَيَّم.

وقال ابن السكيت : التَّيْمُ ذهاب العقل وفساده.

وقال الأصمعيّ : تَيَّمتْ فلانةُ فُلانا تُتَيِّمه وتَامَتْه تتِيمُهُ تَيْما ، فهو مُتَيَّمٌ بالنساء ، ومَتِيمٌ بهنّ وأنشد :

تَامَتْ فُؤادَك لن يَحْزُنكَ ما صَنَعَتْ

إِحْدَى نساءِ بني ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَا

وقال غيره : المتَيَّم المضَلَّلُ ، ومنه قيل للفلاة : تَيْماء لأنه يُضَلُّ فيها.

شمر عن ابن الأعرابيّ : التَّيْمَاءُ : فلاةٌ واسعةٌ.

وقال الأصمعيّ : التَّيْمَاءُ التي لا مَاءَ بها من الأرَضِين ، ونحو ذلك.

قال أبو خَيْرة : وَكَتَبَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لِوائِل بن حُجْر كتابا أَمْلَى فيه : «في التِّيعَةِ شاةٌ ، والتِّيمَةُ لصاحبها».

قال أبو عبيد : التِّيمةُ يقال : إنها الشاة الزائدة عن الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى ، ويقال : إنها الشاة تكون

٢٣٩

لصاحبها في منزلهِ يَحْتَلِبها وليستْ بِسائِمةٍ ، وهي من الغنم الرَّبائب.

قال أبو عبيد : وربما احتاج صاحبها إلى لحمها فيذبحها ؛ فيقال عند ذلك : قد اتَّام الرجلُ واتَّامت المرأةُ.

وقال الحطيئة :

فما تَتَّامُ جارةُ آلِ لأيٍ

ولكن يَضْمنون لَها قِراهَا

يقول : لا تحتاج إلى أَنْ تَذْبح تِيمتَها.

وقال أبو الهيثم : الاتِّيامُ أن يشْتَهِيَ القومُ اللَّحمَ فيذبحوا شاة من الغنم فتلك يقال لها : التِّيمةُ تُذْبح من غير غَرَضٍ ، يقول : فجارتهم لا تَتَّام لأن اللحم عندها من عندهم فتكْتَفي ولا تحتاج إلى أن تذبح شاتها.

وقال ابن الأعرابيّ : الاتّيام أن تُذبحَ الإبلُ والغَنَمُ لغير عِلَّة.

وقال العَمَاني :

نَأْنَفُ لِلجارةِ أن تَتَّامَا

ونَعْقِرُ الكُوَم ونُعْطِي حاما

أي نُطعِمُ السودانَ من آل حامٍ.

أبو زيد : التِّيمةُ الشاةُ يذبحها القومُ في المجاعة حينَ يُصيبُ الناسَ الجوعُ.

وقال ابن الأعرابيّ : تَامَ إذا عَشِقَ ، وتام إذا تَخَلَّى من الناس.

وقال ابن السكيت : أَتْأَمَتِ المرأة إذا ولدت اثنين في بطن ، فإذا كان ذلك من عادتها قيل مِتْامٌ. قال ويقال : هما تَوْأَمان ، وهذا توأمٌ ، وهذه توأمَةٌ ، والجميع تَوائمٌ وتوآمٌ.

وأنشد قول الراجز :

قَالَتْ لنا ودَمْعُها توآمُ

كالدُّر إذ أَسْلَمةُ النِّظَامُ

على الذين ارتحلوا السلام

وقال :

نخلاتٌ من نَخْلِ نَيْسَان أينَعْ

نَ جميعا ونَبتُهُن تُؤامُ

قال : ومثل تُؤآم في الجمع غَنَم رُبَابٌ وإبلٌ ظُؤَارٌ.

وقال اللحياني : التَّوْأَمُ مِن قداح الميسر هو الثاني ، وله نَصِيبانِ إن فاز وعليه غُرْمُ نَصيبين إن لم يَفُزْ ، والتَّوأَمَاتُ من مَراكب النساء كالمشاجِرَ لا أظلالَ لها واحدتها تَوْأَمة.

وقال أبو قِلابة الهذلي يذكر الظَّعُن :

صَفّا جَوانِحَ بين التَّوْأَمَاتِ كما

صَفَّ الوُقُوعَ حَمَامُ المشْرَبِ الحانِي

والتَّوأَم في جميع ما ذكرتُ الأصل فيه وَوْأَمٌ فقلبت الواو تاءً ، كما قالوا : تَوْلج لِكِناس ، وأصله وَوْلَج وأصله توأم من الوئام وهي المقاربة والموافقة.

وتَوائم النجوم السِّماكان والفَرقَدانَ

٢٤٠