تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

عن ابن الأعرابيّ : تَنْتَنَ الرّجل : إذا ترَكَ أصدقاءَهُ وصَاحبَ غيرهم.

نت : أبو تراب عن عَرَّام : ظَلَّ لِبطنه نَتيتٌ ونَفيت بمعنى واحد.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : نَتْنَتَ الرجلُ إذا تَقَذَّرَ بعد نَظافة.

نتن : أبو عبيد عن أبي عمرو الشيباني : يقال : نَتَنَ اللحمُ وغيره يَنْتِنُ وأَنْتَنَ يُنْتِنُ ، فمن قال : نَتَنَ قال مِنْتِنٌ ، ومن قال : أَنتن قال مُنْتِنٌ بضم الميم ، وقال غيره : مِنْتِنٌ كان في الأصل مِنْتِينٌ فحذفوا المد ، ومثله مِنْخِرٌ أصله مِنْخِيرٌ والقياس أن يقال نَتَنَ فهو نَاتِنٌ فتركوا طريق الفاعل وبنَوْا منه نعتا على مِفعيل ثم حذفوا المدة ، وقال أبو الهيثم : سيف كهام ، ودانٌ ومُنْتنٌ أي كليل ، سيف كهيم مثله وكل مُنْتِنٌ مذموم.

باب التَّاء والفَاء

[ت ف]

تف ، فت : [مستعملان].

[تف] : قال الليث : التُّفُ : وَسَخُ الأظفار ، والأُفُ وَسَخُ الأذن ، قال : التَّتفْيفُ من التُّفِ كالتأفيف من الأُفِّ.

وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب أنه قال قولهم أُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفٌ وتفَّة ، قال الأصمعيّ : الأُفّ وَسَخ الأُذن ، والتّفّ وسخ الأظفار ، فكان ذلك يقال عند الشيءِ يستقذر ثم كثر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يتأذون به ، قال : وقال غيره : أُفّ له : معناه قِلَّة له ، وتُفٌ اتباع مأخوذ من الأَفف وهو الشيءُ القليل ؛ أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : أنه يقال : تَفْتَفَ الرجلُ إذا تَقَذَّرَ بعد تَنظفٍ.

فت : قال ابن الأعرابيّ : الفَتُ والثَّتُ : الشَّقُّ في الصخرة ، وهي الفُنُوت والثُّتُوتُ ، قال ويقال : فلان يَفُتّ في عَضُدِ فلان ، وعَضُدُه أهلُ بيته إذا رَامَ إِضْرَارهُ بتخَوُّنه إياهم.

عمرو عن أبيه : الفُتَّة الكُتْلَة من التَّمْر.

سلمة عن الفراء : أولئك أهل بيتٍ فَتٍ وفَتٍ وفَتٍ ، إذا كانوا مُنْتشرين غيرَ مجتمعين.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : فَتْفَتَ الراعي إبله إذا ردَّها عن الماء ولم يَقْصَعْ صَوَّارَهَا وهو التَّفَهُّرُ.

وقال الليث : الْفَتُ أن تأخذَ الشيءَ بأصبعك فتُصَيِّرهُ فتَاتا أي دُقاقا ، قال : والفَتِتُ كلُّ شيءٍ مَفْتوتٍ إلا أنهم خصوا الخبزَ المفتوتَ بالفتيت قال : والفَتِيتُ أيضا الشيءُ الّذي يقع فَيَتَفَتَّت ، قال : والفُتَّة بَعْرة أو رَوْثَة مَفْتوتة تُوضع تحتَ الزَّنْدَة.

قلت : وفُتَاتُ العِهن والصوف ما تساقط منه ، وقال زهير في شعر له :

١٨١

كأَنَ فُتَاتَ العِهن في كلِّ مَنْزِلٍ

نَزَلْنَ به حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّمِ

انتهى والله أعلم.

باب التَّاء والباء

[ت ب]

تب ، بت : [مستعملان].

[تب] : قال الليث : التَّبُ الخَسار ؛ يقال : تَبّا لِفلان على الدُّعاء ، نُصِب لأنه مَصدرٌ محمول على فِعله ؛ قال : وتَبَّبتُ فلانا أي قلتُ له : تَبّا. قال : والتَّبَابُ الهلاكُ ؛ ورجل تابٌ ضعيف والجميع الإتْبابُ وقول الله جلّ وعزّ : (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) [هود : ١٠١] قال أهل التفسير : ما زادوهم غير تخْسير ؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [المسد : ١] أي خَسِرتْ ، قال : (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) [غافر : ٣٧] أي ما كيده إلَّا في خُسران.

وقال أبو زيد : إن من النساء التَّابَّةُ وهي الكبيرة ، ورجل تَابٌ أي كبير ، وقال غيره : حِمارِ تَابُ الظَّهر إذا دَبِرَ ، وجَمَلٌ تابٌ كذلك ، ويقال : استَتَبَ أمرُ فلان إذا اطَّرَد واستقام وتَبَيَّن ؛ وأصلُ هذا من الطريق المسْتَتِبِ ، وهو الّذي خَدَّ فيه السيارةُ خُدودا وشَرَكا فوضحَ واستبانَ لمن سَلَكه ، كأَنَّهُ ثُبِّتَ بكثرة الوطء وقُشِرَ وجهُه فصار مَلْحُونا بَيِّنا من جماعة ما حَوَالَيْه من الأرضين ، فَشُبِّه الأمرُ الواضحُ البيِّن المستقيمُ به ، وأنشد المازنيُّ في المَعانِي :

ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلام بَعَثْتُه

يَشكو الكلالَ إليَّ دامَى الأَظْلَلِ

أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومراحه

شهْرا نواصِيَ مُسْتَتِبٍ مُعْمَلِ

نصب نواصِيَ لأنه جعله ظرفا ، أراد في نواصِي طريقٍ مُسْتَتِبٍ.

نَهْجِ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَهُ

ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ

شبه ما في هذا الطريق المستتبّ من الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّن ، وهو الحديد الّذي يُحرَثُ به الأرضُ ، وقال آخر في مثله :

أَنْضَيْتُها مِن ضُحاها أَوْ عَشِيَّتِها

في مُسْتَتِبٍ يَشُقّ البِيدَ والأكُما

أي في طريق ذي خُدودٍ أي شُقوقٍ مَوْطوءٍ بَيِّن ، والتَّبِّيُ ضربٌ من تمر البحرين رديءٌ يأكله سُقَّاطُ الناس.

وقال الجعدي :

وأَعْظَمَ بَطْنا تَحْتَ دِرْعٍ تَخَالُه

إذا حُشِيَ التَّبِّيَ زِقّا مُقَيَّرا

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَبَ إذا قَطَع وتَبَ إذا خسر ، ومن أمثالهم : مَلَك عبدٌ عبدا فأَوْلاه تَبّا ، يَقول : لم يكن له مِلكٌ فلما ملك هَانَ عليه ما مَلك ، وتَبْتَبَ إذا

١٨٢

شاخَ.

بت : قال الليث : البَتُ ضَربٌ من الطَّيالسة يسمى السَّاجَ مُربَّع غليظ لونُه أَخضر ، والجميع البُتُوتُ.

أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ : البَتُ ثوبٌ من صوف غليظ شِبْهُ الطَّيْلَسان وجمعه بُتوت.

وفي الحديث : أدركتُ الناسَ وما بالكُوفَةِ أحدٌ يَلْبَسُ طَيْلَسانا إلا شَهْرَ بنَ حَوْشَبَ ، مَا النَّاسُ إلا في البُتُوت.

قال علي بن خَشْرم : وسمعتَ وكِيعا يقول : لا يكون البَتُ إلا مِن وَبَرِ الإبل وأنشد :

من كان ذَا بَتٍ فَهَذَا بَتِّي

مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي

وهذا الرجز يَدُل على أن القَوْلَ في البَتِ ما قاله الأصمعيّ.

وقال الليث : البَتُ القَطْع المستَأْصِلُ يقال : بَتَتْتُ الحبلَ فانْبَتَ ، ويقال : أعطيتُه هذه القطعة بَتّا بَتْلا ، والبَتَّةُ اشتقاقُها من القطع غير أنه يُسْتَعملُ في أمر يمضي لا رَجْعَة فيه ولا التواء ، وأَبَتَ فُلانٌ طلاقَ امرأته أي طلَّقها باتا ، والمجاوز منه الإِبْتاتُ قلت : وَهَمَ اللَّيث في الإبتات والبَت لأنه جعل الإبتاتَ مجاوزا وجعل البَتَ لازما وكلاهما متعدٍّ.

يقال : بَتّ فلان طلاق امرأته بغير ألف وأَبَتَّهُ بالألف ، وقد طلَّقها البَتَّةَ ، ويقال : الطلقةُ الواحدةُ تَبُتَ وتَبِت أي تَقْطع عِصْمة النِّكاح إذا انْقَضَتْ العِدَّةُ.

أبو عبيد عن الكسائي : سكرانُ باتٌ ، وسكران ما يَبُتُ ، وما يَبِتُ كلاما ، أي ما يُبَيِّنه ، وصدقةٌ بَتَّةٌ بَتْلَةٌ إذا قَطَعَها المتصدِّق بها مِن مَاله وأَدَّاها.

وكان الأصمعيّ يقول : سكرانُ ما يَبُتُ أي ما يقطع أمرا وكان ينكر يُبِتُ.

وقال الفراء : هما لُغتان ، يقال : بَتَتُ عليه القَضَاءَ وأَبْتَتْهُ عليه ، أي قَطَعْتُه عليه.

وقال الأصمعيّ : ويقال : طلقها ثلاثا بتةً.

وقال الليث : أحمقُ بَاتٌ شديدُ الحُمْق.

قلت : والّذي حفظناه عن الثِّقات أحمق تابٌ من التَّبابِ ، وهو الخَسارُ كما يقال : أحمقُ خَاسِرٌ دَابِرٌ دَامِرٌ.

وقال الليث : يقال انقطع فلان عن فلان وانْبَتَ حبلُه عنه أي انقطع وِصَالِه وانقبض وأنشد :

فَحَلّ في جُشَمٍ وانْبَتَ مُنْقَبِضا

بِحَبْله مِن ذَوِي العزّ الغطارِيفِ

وفي الحديث أنه عليه‌السلام كَتَبَ لحارثة بن قَطَنٍ ومن بِدُومَةِ الجَنْدل مِن كَلْبٍ : إنَّ لَنا الضاحية من البَعْل ولكم الضَّامِنة من النَّخْل ، ولا يُؤْخَدُ منكم عُشْر البَتَاتِ يَعْنِي المتاع ليس عليه زكاة مال.

قال : والبَتَاتُ متاع البيت.

١٨٣

وقال الأصمعيّ : البَتَاتُ الزادُ ، ويقال : ما له بتاتٌ أي ما له زاد وأنشد :

ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَن لم تَبِعْ له

بتاتا ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ

وهو كقوله :

* ويأتيكَ بالأنْبَاءِ من لم تُزَوِّدِ*

أبو عبيد عن أبي زيد يقال : طحنتُ بالرَّحَى شَزْرا وهو الّذي يَذْهَب بالرحَى عن يمينه ، وبتًّا عن يساره وأنشدنا :

ونَطْحَنُ بالرحى شَزْرا وبَتّا

ولو نُعْطَى المغازِلَ ما عَيِينَا

ويقال للرجل إذا انْقُطِع به في سفره وعَطِبتْ راحلتُه : صار مُنْبَتّا ، ومنه قول مطرف :

* إنَ المنْبَتَ لا أَرْضا قَطَع ولا ظَهْرا أَبْقَى*

وقال الكسائي : انْبَتَ الرجلُ انْبِتاتا إذا انقطع ماءُ ظهره ، وأنشد :

لَقَدْ وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ

عندَ القِيام وانْبِتَاتا في السَّحَرْ

وفي الحديث : «لا صيام لمن لم يُبِتَ الصوم» ، معناه لا صيام لمن لم يَنْوِه قَبْل الفجر ، فَيَقْطعْه من الوقت الّذي لا صَومَ فيه ، وأصله من البَتِ وهو القطعُ ، ويقال : بَتَ الحاكمُ القَضاء على فلان إذا قَطَعَه وفَصَلَه ، وسُمِّيت النيةُ بَتّا ، لأنها تَفْصِل بين الفِطر والصوم وبين النفل والفرض.

وقال ابن شميل : سمعتُ الخليل بن أحمد يقول : الأمور على ثلاثة أنحاء ، يعني على ثلاثة أوجهٍ ، شيءٌ يكونُ البَتَّةَ ، وشيءٌ لا يكون الْبَتَّة ، وشيءٌ قد يكون وقد لا يكون ، فأما ما لا يكون فما مضى من الدهر لا يرجع ، وما يكون الْبَتَّة فالقيامة تقوم لا محالة ، وأمّا شيءٌ قد يكون وقد لا يكون فمِثلُ قد يَمْرضُ وقد يَصِحُّ.

انتهى والله تعالى أعلم.

باب التَّاء والميم

[ت م]

تم ، مت : [مستعملان].

[تم] : قال الليث : تَمَ الشيء يَتِمُ تَماما وتَمَّمَهُ الله تَتْمِيما وتَتِمَّةً قال : وتَتِمَّةُ كلِّ شيء ما يكون تَمام غايته كقولك : هذه الدراهم تَمامُ هذه المائة ، وتَتِمَّة هذه المائة ، والتِّم الشيءُ التَّام يقال : جعلتُه لكِ تِمَّا أي : بتمامِه قال : والتَّمِيمةُ قِلادة من سيور ، وربما جعلت العُوذَة التي تُعَلَّق في أعناق الصبيان.

وفي حديث ابن مسعود : إنَ التَّمائمَ والرُّقى والتِّوَلةَ من الشرك.

قلت : التَّمائم واحدتها تميمةٌ وهي خَرَزَات كانت الأعراب يُعلقونها على أولادهم يَتَّقون بها النَّفْس والعَيْن بزعمهم ، وهو باطل ، وإياها أراد أبو ذؤيب الهذليّ بقوله :

١٨٤

وإذا المنيةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارها

أَلْفَيْتَ كلَ تميمةٍ لا تنفعُ

وقال آخر :

إذا ماتَ لم تُفْلِحْ مُزَيْنَةُ بعدَه

فَتُوطى عليه يا مُزينُ التَّمائما

وجعلها ابن مسعود : من الشرك لأنهم جعلوها وَاقية من المقادير والموت ، فكأنهم جعلوا لِلَّهِ شريكا فيما قَدَّر وكتب من آجال العباد والأعراض التي تصيبهم ، ولا دَافع لما قَضى ، ولا شريك له عزوجل فيما قَدَّرَ ، قلتُ : ومن جَعل التمائم سيورا فغَيْرُ مُصيبٍ ، وأما قول الفرزدق :

وكيْفَ يضلُّ العنْبَرِيُّ ببلدةٍ

بها قُطِعَتْ عنه سُيُورُ التَّمائم

فإنه أضاف السيور إلى التمائم لأن التمائم خَرَزٌ يُثْقَبُ ويُجعل فيها سيورٌ وخيوطٌ تُعلَّق بها ، ولم أرَ بين الأعراب خلافا ، أنّ التميمة هي الخرزةُ نفسُها ، وعلى هذا قول الأئمة ، ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تمَ إذا كُسِرَ وتَمَ إذا بَلَّغَ.

وقال رؤبة :

* في بطْنِهِ غَاشيةٌ تُتَمّمُهُ *

قال شمر : الغاشيةُ وَرَمٌ في البَطنِ.

وقال تُتَمّمُهُ أي تُهلكُه وتُبَلِّغُهُ أَجَلَه.

وقال ذو الرمة :

إذا نال مِنها نظرةً هِيضَ قَلْبُه

بها كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَمِّمِ

يقال : ظلعَ فلانٌ ثُمَ تَتَمَّمَ تَتَمُّمَا أي تمَ عَرَجُه كَسْرا من قوله تُمَ إذا كُسر.

وقال الليث : التَّمْتَمَةُ من الكلام ألَّا يُبَيِّن اللسانُ ، يُخطىء مَوضع الحرفِ فيرجِع إلى لفظٍ كأنه التاء أو الميم وإن لم يكن بَيَّنا ، ورجل تَمتامٌ.

وأخبرني المنذري عن محمد بن يزيد أنه قال : التَّمْتَمَةُ التّردِيدُ في التاء والفأفأة الترديد في الفاء.

وقال أبو زيد : التّمتامُ هو الّذي يَعْجَلُ في الكلام ولا يكاد يُفْهِمُك.

قال : والفأفاءُ الّذي يَعْسُر عليه خروجُ الكلام.

وقال أبو عبيد : التَّمِيمُ الصُّلْب وأَنشد : وصُلبِ تميم يبهر اللِّبْد جَوْرُه.

أي يضيق منه اللبد لتمامه. أبو عبيد : ولد فلان لتَمامٍ ، وتِمامٍ وليلُ التَّمام بالكسر لا غير.

وأخبرني المنذريّ عن الصَيْداويّ عن الرياشي قال : نهارٌ نحْبٌ مِثْلُ ليلٍ تِمام أطول ما يكون.

وقال الأصمعيّ : ليلُ التِّمام في الشتاء أطولُ ما يكون من الليل.

١٨٥

قال : ويطول ليلُ التِّمام حين تَطلعُ فيه النجوم كلُّها ، وهي ليلةُ ميلادِ عيسى عليه‌السلام ، والنصارى تُعَظِّمُها وتقوم فيها.

وحكى ثابت بن أبي ثابت عن أبي عمرو الشيباني أنه قال : ليلُ تِمام إذا كان الليلُ ثلاث عشرة ساعة إلى خمسَ عشرةَ ساعة.

وقال الليثُ : ليلُ التِّمام أطولُ ليلةٍ في السنة.

ويقال : هي ثلاثُ ليالٍ لا يُسْتَبان فيها نُقْصانها مِن زيادتها.

قال وقال بعضُهم : يقال : لِليلة أربع عشرةَ ، وهي الليلة التي يَتم فيها القمرُ : ليلةُ التَّمام بفتح التاء.

وروي عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقوم اللَّيلَةَ التِّمام فيقرأ سورة البقرة وآل عمران ، وسورة النساء ولا يمر بآية إلا دعا الله فيها.

وقال شمر : قال ابن شميل : ليلُ التِّمام في الشِّتاء أطولُ ما يكون الليلُ ، ويكون لكل نجمٍ هَوِيٌّ من الليل يَطْلُع فيه حتى تَطْلُعَ كلها فيه فهذا ليل التِّمام.

ويقال : سافرنا شهرَنا ليلَ التِّمام لا نُعَرِّسُه.

وهذه ليالي التِّمامِ أي شهرا في ذلك الزمان.

قال وقال أبو عمرو : ليلُ التِّمام ستةُ أشهر ، ثلاثةُ أشهر حين تزيد على ثِنْتَيْ عشرةَ ساعة ، وثلاثَةُ أشهر حين ترْجع.

قال : وسمعت ابن الأعرابيّ يقول : كلُّ ليلةٍ طالت عليك فلم تَنْم فهي ليلةُ التِّمامِ أو هي كليلةِ التِّمامِ.

ويقال : ليلُ التِّمام وليلٌ تِمامِيٌ أيضا.

قال الفرزدق :

تِماميّا كأنَ شآمِياتٍ

رَجَجْنَ بجانِبَيْه مِن الغُؤُورِ

وقال ابن شميل : يعني نحوها شآمية. ليلةُ السَّواءِ ليلةُ ثلاثَ عشرةَ ، وفيها يستوي القمر وهي ليلةُ التِّمام وليلةُ تَمامِ القمر هذا بفتح التاء والأول بالكسر.

وقال أبو خيرةَ : أبى قائلها إلَّا تُمَّا.

وقال : رئي الهلالُ لِتِمِ الشهر.

وقوله تعالى : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام : ١٥٤].

قال الزجاج :

يجوز أنه يعني تماما على المُحسن ، أراد تَماما من الله على المحسنين ، ويكون تَماما على الّذي أَحْسَنَه مُوسى من طاعةِ الله واتِّباع أمره ، ويجوزُ تَمَاما على الّذي هو أحسن الأشياء ، وتماما منصوب مفعول به ، وكذلك : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) [الأنعام : ١١٥] أي حَقّت وَوَجبت (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٥٤] ،

١٨٦

المعنى آتيناه لهذه العلة أي للتَّمام والتَّفْصِيلِ.

قال : وَالقِراءة (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) بفتح النون ، ويجوز أحسنُ ، على إضمار على الّذي هو أحسنُ وأَجاز الفراء : أن تكون أحسنُ في مَوضِع خَفْضٍ وأن يكون مِن صفة الّذي ، وهو خَطَأ عند البصريين لأنهم لا يَعْرِفُون الَّذي إلَّا موصولة ، ولا توصف إلا بعد تمام صِلتها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التِّمُ الناسُ وجمعه تِمَمَة قال : والتميمُ الطويلُ ، والتَّمِيمُ العُوذُ واحدتها تميمة ، قلت : أراد الخرزَ التي تُتَّخذُ عُوَذا.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : إذا فاز قَدْح الرجلِ مرة بعد مرة فأَطْعَمَ لحمَه المساكينَ ، سمي مُتَمِّما ، ومنه قول النابغة :

إني أُتَمِّم أَيْسارِي وأمْنَحُهُمْ

مَثْنى الأَيَادِي وأَكْسُو الجفْنَة الأُدُما

وقال غيره : التَّمِيمُ في الأيسار أن ينقص الأيْسَارُ في الجزور ، فيأخذ رجلٌ ما بقي حتى يُتَمِّمَ الأَنصباء ، وهو قول اللحياني.

وقال الليث : تَمَّمَ الرجُل إذا صار تَمِيمِيَ الرَّأْي والهَوَى والمَحَلَّةِ قلت : وقياس ما جاء في هذا الباب : تَتَمَّمَ بتاءين كما يقال تَمَضَّر وتَنزَّر وكأنهم حذفوا إحدى التاءين استثقالا للجمع بينهما.

مت : قال الليث : مَتّ اسم أعجمي.

قال : والمَتُ كالمَدِّ إلا أن المَتَ توصُّل بقرابة ودَالَّةٍ يُمَتُ بها. وأنشد فقال :

إنْ كُنْتَ في بكر يُمَتُ خُؤولَةً

فأنا المُقاتِلُ في ذُرَى الأعْمامِ

قال : ويُونُس بن مَتَّى نَبِيٌّ كان أبوه يُسمَّى مَتّى على فَعْلَى فُعلِ ذلك أنهم لَمّا لم يكن لهم في كلامهم في آخر الاسم بعد فَتْحة على بناءِ مَتّى حملوا الياء على الفتحة التي قبلها فجعلوها ألفا كما يَقولون : مِن غَنّيْتُ غَنّى ومن تَفَنَّيْتُ تَفَنَّى ، وهي بِلغة السريانية مَتّى.

وأنشد أبو حاتم قول مُزَاحِمٍ العُقَيْلِي :

أَلَمْ تَسْأَلِ الأطْلَالَ مَتّى عُهودُها

وهل تَنْطِقَنْ بَيْدَاءُ قَفْرٌ صَعِيدُها

قال أبو حاتم : سألت الأصمعيّ عن مَتَّى في هذا البيت فقال : لا أدري.

وقال أبو حاتم : ثَقَّلَها كما تُثَقّلُ ربّ وتُخَفَّفُ وهي مَتَى خَفِيفَةً فَثَقَّلَها.

قال أبو حاتم : وإن كان يريدُ مصدرَ مَتَتُ مَتّا أي طويلا أو بَعيدا عهودُها بالناس فلا أدري.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : مَتْمَتَ الرجلُ إذا تقرّب بمودَّة أو قَرابة.

١٨٧

قال : والمَتُ مَدُّ الحبل وغيره ، يقال : مَتَ ومَطَّ ومَطَلَ ومَغَطَ وشَبَحَ بمعنى واحد.

وقال النضر : مَتَتُ إليه بِرَحمٍ أي مَدَدت إليه وتَقَرَّبتُ إليه ، قال : وبَيْنَنَا رحم ماتَّة أي قريبةٌ.

* * *

١٨٨

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف التاء

ت ظ : أهملتا مع سائر الحروف إلى آخرها وكذلك التاء مع الذال.

[أبواب التاء والثاء]

ت ث ر

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّواثِيرُ الجَلَاوِزَةُ.

ت ث ل

استعمل من وجوهها : [ثتل].

[ثتل] : الثَّيْتَلُ قال شمر : الثَّيْتَل الذَّكَرُ من الأرْوَى.

وقال ابن شميل : الثَّياتِلُ تكون صِغار القرون.

وقال أبو خَيْرَة : الثَّيْتَلُ من الوعول لا يَبْرَحُ الجَبل ولقرنيه شُعَبٌ.

قال : والوُعُول على حِدَةٍ ، والوعولُ كُدْرُ الألوان في أسافِلها بياضٌ ، والثَّياتِل مثلُها في ألوانها وإنما فَرَّقَ بينهما القرونُ ، والوَعِلُ قرناه طويلان عَدا قَراهُ حتى يُتجاوِزَا صَلَوَيْهِ يلتقيان مِن حَوْل ذَنَبِهِ مِن أعلاه.

وأنشد شَمِر لأُمَية بن أبي الصلت :

والتّماسيحُ والثَّياتِل والإيّلُ

شَتَّى والرِّيم والْيَعْفُور

قال ابن السكيت : أنشدني ابن الأعرابيّ لخداش :

فإني امرؤ من بني عامرٍ

وإنكِ دَارِية ثيتلِ

قال : وسمعت أبا عمرو يقول : الثيْتل الضخم من الرجال الّذي يُظَن فيه خير وليس فيه خير.

ورواه الأصمعيّ : تِنْيل.

وقال الفراء : رجل تِنْتَلٌ وتَنْبُلٌ قصير.

ت ث ن

استعمل من وجوهها : [ثنت].

ثنت : أبو عبيد عن الأموي : الثنيت : المُنْتِنُ وقد ثَنِت ثَنَتا.

وقال غيره : ثَتِن ثَتَنا إذا أنتن.

وأنشد :

* وثَتِنٌ لِثَاتُهُ تِئبَاية*

ت ث ف

استعمل من وجوهه : [تفث].

تفث : قال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج : ٢٩].

١٨٩

وحدَّثنا محمد بن إسحاق السِّنْدي قال : حدثنا عَلِي بن خَشْرَم عن عيسى عن عبد الملك عن عَطاءِ عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج : ٢٩].

قال : التَّفَثُ الحَلْق والتّقصير والأخذُ من اللّحية والشّارب والإبط ، والذّبْح والرمي.

وقال الفراء : التّفَثُ نَحْرُ البُدْنِ وغيرها من البقر والغنم وحَلْق الرأس ، وتَقْليم الأظْفار وأشباهه.

وقال الزجاج : التفَث أهل اللغة لا يعرفونه إلا من التفسير.

قال : التّفَثُ الأخْذُ من الشّارِب وتَقليمُ الأظفار ، ونَتْفُ الإبط وحَلْقُ العَانَة والأخذُ من الشعر كأنه الخُروجُ من الإِحرام إلى الإِحلال ، وقال أعرابيّ لآخر : ما أَتْفَثَكَ وأدْرَنكَ.

وقال ابن شميل : التّفَثُ النُّسُكُ مِن مناسك الحج ، رجل تَفِثٌ أي مُغْبَرٌ شَعِثٌ لم يَدَّهِنْ وَلم يستحدّ.

قلت : لم يفسر أحد من اللغويين التَّفَثَ كما فَسَّره ابن شميل : جعل التفَثَ التّشَعُّثَ ، وجعل قَضَاءَه إذْهَابَ الشّعَثِ بالحَلْقِ والتَّقْليم وما أشبهه.

وقال ابن الأعرابيّ في قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال : قضاء حوائجهم من الحَلْق والتّنْظِيف وما أشبهه ، وقال ابن الأعرابيّ.

ت ث ب

استعمل من وجوهه : [ثبت].

ثبت : ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال للجراد إذا رَزَّ أَذْنَابَه لِيبيضَ : ثَبَتَ وأَثْبَتَ وتَثَبَّتَ.

وقال الليث : يقال : ثَبَتَ فلانٌ بالمكان يَثْبُتُ ثُبُوتا فهو ثَابِتٌ إذا أقام به ، وتَثَبَّت في رأيه وأَمْرِه إذا لم يَعْجَل وتَأَنَّى فيه ، واسْتَثْبَتَ في أمره إذا شاوَرَ وفحص عنه ، وأُثْبِتَ فلانٌ فهو مُثْبَتٌ إذا اشتَدَّتْ به عِلَّتُهُ وأَثْبَتَتْهُ جِراحُه فلم يَتَحَرَّكْ ، ورجل ثَبْتٌ وثَبِيتٌ إذا كان شجاعا وَقُورا ، وأُثْبِيتٌ اسم موضع ، أو جبل ، ويُصَغّر ثابِتٌ من الأسماء ثُبَيتا ، وأما الثابِتُ إذا أردتَ به نَعْتَ شيء فتصغيره ثُوَيْبِيتٌ.

وقول الله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة : ٢٦٥].

قال الزجاجُ : أي يُنفقونها مُقِرِّين بأنها مما يُثيبُ اللهُ عليها.

وقال في قوله تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) [هود : ١٢٠] قال : معْنى تَثبيتُ الفؤاد تسكين القلب ، ههنا ليْسَ لِلشكّ ، ولكن كلّما كان الدلالةُ والبرهانُ أكثرَ كان القلبُ أَسْكن وأثبتَ أبدا.

١٩٠

قال إبراهيم : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة : ٢٦٠] وقوله : (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) [البقرة : ٢٥٠]. يقال : رجل ثابت في الحرب وثبيتٌ وثبتٌ ، ويقال للراوي : إنه لَثبتٌ ، وهم الأثبات أي الثِّقات.

وقوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) [الأنفال : ٣٠] أي ليحبسوك.

رَماهُ فأَثْبَته إذا حبَسه مكانه وأصبح المريض مُثبَتا أي لا حَراك به.

ت ث م

أهمله الليث.

[ثمت] : وروى ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الثّمُوت العِذْيَوْطُ وهو الّذي إذا غَشِيَ المرأة أَحدَثَ وهو الثّتُّ أيضا.

انتهى ، والله أعلم.

(أبواب) التَّاء والراء

ت ر ل

استعمل من وجوهه : [رتل].

رتل : أخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنه قال في قوله عزوجل : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل : ٤] ما أعلمُ الترتِيلَ إلا التَّحْقِيقَ والتمكينَ أَراد في قراءة القرآن.

وقال الليث : الرّتَلُ تنْسِيقُ الشيء ، وثَغْر رَتِلٌ حَسَنُ التّنضيدِ ، ورتّلْتُ الكلامَ ترتيلا أي تمهَّلتُ فيه وأَحْسنْتُ تأليفَه ، وهو يترتّل في كلامه ويَترسّل.

ورُوي عن مجاهد أنه قال : الترتيل الترسُّلُ.

وقال ابن عباس في قوله : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل : ٤].

قال : بَيِّنْهُ تَبْيِينا.

وقال الضحاك : انبذْهُ حَرْفا حَرْفا.

وروى سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً).

قال : بعضه على أثرِ بَعْض.

قلت : ذهب به إلى قولهم : ثَغْرٌ رَتَلٌ إذا كان حَسَن التَّنْضيد.

وقال أبو إسحاق : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) بَيِّنه تبيينا ، والتبيين لا يتم بأن تَعْجل في القراءة ، وإنما يتم التبيين بأن تُبَيِّن جميع الحروف وتُوفِّيها حقها من الإشباعِ ، (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) أي أنزلناه تنزيلا ، وهو ضد المعجل ويقال : ثَغر رَتِل ، ورتَلَ إذا كان مُفَلّجا لا لَصَصَ فيه.

ت ر ن

رتن ، تنر ، نتر ، ترن.

[رتن] : قال الليث : المُرَتَّنَة الخُبْزَةُ المشَحَّمَةُ والرَّتْم والرَّتنُ خَلطُ الشّحْم بالعجين.

قلت : حَرَصْتُ على أن أجد هذا الحرف لغير الليث فلم أجد له أصلا ولا آمن أن يكون الصواب المُرَثّنةُ بالثاء مِن الرّثَان وهي الأمطارُ الخَفِيفَةُ فَكأَن تَرْثينَها ترويتُها

١٩١

بالدسم.

تنر : قال الله جلّ وعزّ : (إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) [هود : ٤٠].

قال أبو إسحاق : أَعْلَمَ اللهُ جلّ وعزّ أن وقت هلاككم فَوْرُ التَّنُّور.

وقيل في التنور أقوال قيل التَّنُّورُ وجهُ الأرض ، ويقال : أراد أن الماء إذا فار من ناحية مَسْجِدِ الكوفة ، وقيل : أيضا أن التَّنُّور تَنْوِير الصبح.

ورُويَ عن ابن عباس أنه قال : (فارَ التَّنُّورُ) قال : التَّنُّور الّذي بالجزيرة وهي عَيْنُ الْوَرْدِ واللهُ أعلم بما أراد.

وعن علي رضي‌الله‌عنه : التَّنُّورُ تَنْوِيرُ الصُّبْح.

وعن عِكْرِمَة : التَّنُّورُ وجْهُ الأرض ، ويقال : أراد أن الماءَ إذا فار من ناحية مَسْجِد الكوفة.

وعن مجاهد : التنور حَيْثُ يَنْبَجِسُ الماء فيه ، أمر نوح أن يركب ومن معه السفينة.

وقال الليث : التنُّورُ عَمَّتْ بكل لسان وصَاحِبُه تنَّارٌ.

قول من قال : إن التنّور عمت بكل لسان يدل على أن الأصل في الاسم عجميّ فعَرَّبَتْها العَرَبُ فصار عربيا على بناء فَعُّول ، والدليل على ذلك أن أصل بنائه تَنَرَ ، ولا يُعْرَفُ في كلام العرب ـ لأنَّه مُهْمَلٌ ـ وهو نظيرُ ما دخل في كلام العرب من كلام العجم مثل الدّيباج والدِّينار والسُّنْدُس والإستبرق وما أَشْبَهها. ولما تكلَّمت بها العرب صارت عربيَّة.

قلت : ذَاتُ التَّنانِير عَقَبَةٌ بِحِذَاءِ زُبالَة مما يلي المَغْرِب مِنها.

نتر : قال اللّيث : النَّتْرُ جَذْبٌ فيه جَفْوَة ، والإنسانُ يَنْتُر في مَشيِه نَتْرا كأنه ينجذبُ جَذْبا.

ابن السكيت : يقال : رَمْيٌ سَعْرٌ وضَرْبٌ هَبْرٌ وَطَعْنٌ نَتْرٌ ، قال : وهو مثل الخَلْس يختلسها الطاعن اختلاسا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النَّتْرَةُ الطَّعْنَةُ النافذة.

وقال الشافعي في الرجل يَسْتَبِرىءُ ذَكرَه إذا بال أن يَنْتُرَهُ نَتْرا مرة بعد أخرى كأنه يجتذبه اجتذابا.

وفي الحديث : «إن أحدهم لَيُعَذَّبُ في قبره فيقال : إنه لم يكن يستَنتِر عند بوله».

الاستنتار : الاجتذاب مرة بعد مرة يعني الاستبراء.

وفي حديث عليّ : اطعنوا النَّتر أي الخلْس ، وهو من فعل الحذّاق.

ترن : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : العرب تقول للأَمة : تُرْنَى وفَرْتَنَى ، وتقول لِوَلد البَغِيّ : ابن تُرْنى وابن فَرْتَنَى.

١٩٢

وقال صخر الغيّ :

فإنَّ ابنَ تُرْنَى إذا جِئْتُكم

أَراه يُدَافِعُ قَوْلا عَنِيفا

قلت : ويحتمل أن يكون تُرْنَى مأخوذةً من رُنِيَتْ تُرْنَى إذا أديم النظر إليها.

[ت ر ف]

ترف ، تفر ، رفت ، فتر ، فرت : [مستعملة].

[ترف] : قال الليث : التُّرْفَةُ والطُّرْمَةُ من وَسط الشفة خِلْقَةً وصاحبها أَتْرَفُ.

وقال غيره : التُّرفةُ النَّعْمَةُ ، وصبيٌ مَتَرَّف إذا كان مُنَعَّمَ البَدَنِ مُدَلَّلا ، والمُتْرَفُ الّذي أَبْطَرَتْهُ النّعْمة ، وسَعَةُ العَيْشِ.

وقال ابن عرفة : المترف المتروك يصنع ما يشاء لا يمنع منه ، وقيل للمتنعِّم : مُترف لأنه مُطلق له لا يمنع من تنعم ، أَمَرْنَا مُتْرفيها ، قال قتادة جبابرتها.

تفر : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : التِّفْرَةُ من الإنسان الدائرة التي عند الأنف وسط الشفة العليا.

وقال ابن الأعرابيّ : يقال لهذه الدائرة : تَفِرَة وتُفْرَة وتُفَرَة وتِفْرَة.

وقال الطِّرمّاح :

لها تَفِرَاتٌ تحتَها وقُصَارها

إلى مَشْرَةٍ لم تَعْتَلِقْ بالمحاجِنِ

وقال أبو عمرو : التَّفِرَاتُ من النبات ما لا تَسْتَمْكِنُ منه الرَّاعِيةُ لِصِغَرِها وأرض مُتْفِرَةٌ فيها تَفِرَاتٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّافِرُ الوَسِخُ من الناس ، ورجل تَفِرٌ وتَفْرَانُ.

قال : وأَتْفَرَ الرَّجُلُ إذا خَرَج شَعْر أَنْفِه إلى تِفْرَتِه وهو عيب.

رفت : يقال : رَفَتُ الشيءَ وحطَمتُه وكَسْرتهُ ، والرُّفاتُ الحطامُ من كل شيء تَكسَّر ، يقال : رَفَتَ عِظامَ الجَزُور رَفْتا إذا كَسَرَها ليَطبُخها ويستخرجَ إهالَتها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرُّفَتُ التِّبْنُ.

ويقال : في مَثَلٍ : أَنا أَغْنَى عنك من التُّفَهِ عن الرُّفَتِ ، والتُّفَهُ عَنَاقُ الأرض وهو ذو نابٍ لا يَرْزأُ التِّبْنَ والكَلأَ والتُّفَهُ تكتب بالهاء والرُّفَتُ بالتاء.

فرت : الفُرَاتُ : أعذَبُ المِياه قال الله جلّ وعزّ : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) [الفرقان : ٥٣] وقد فَرُتَ الماءُ يَفْرُتُ فُروتَةً إذا عَذُبَ فهو فُرَاتٌ.

وقال ابن الأعرابيّ : فَرِتَ الرجلُ بكسر الراء إذا ضَعُفَ عقله بعد مُسْكَةٍ.

فتر : قال الليث : فَتَرَ فلان يَفْتُرُ فُتورا إذا سكن عن حِدَّتِه ولانَ بَعْدَ شِدَّتِه ، وطَرْفٌ فاتِرٌ فيه فُتورٌ وسُجُوٌّ ليس بِحادِّ النظر.

ويقال : أَجِدُ في نفسي فَتْرَةً وهي كالضَّعْفَةِ ، ويقال للشيخ قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ

١٩٣

وعَرَتْهُ فَتْرَةٌ ، والفِترُ قَدْرُ ما بين طَرَفِ الإبهام وطَرَفِ الْمُسَبِّحَة ، وقد فَتَرْتُ الشيءَ إذا قَدَّرْتَهُ بِفِتْرِك ، كما تقول : شَبَرْتُهُ بِشِبْرِي.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَفْتَرَ الرجُلُ إذا ضَعُفَتْ جُفُونه فانكسر طَرْفُه.

وفي الحديث أنه عليه‌السلام : نهَى عن كل مُسْكِرٍ ومُفَتِّر ؛ فالمسْكر الّذي يُزيل العقل إذا شُرِبَ والْمُفَتِّر الّذي يُفَتِّرُ الجسدَ إذا شُرِبَ ، وماءٌ فاتِرٌ بيْن الحارّ والبارد.

وقال ابن مُقبل يصف غَيْثا :

تَأَمَّلْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارقٍ

يَمانٍ مَرَتْه رِيحُ نَجْدٍ فَفَتّرَا

قال حمّاد الرواية : فتَّرَ أي أقامَ وسَكَن.

وقال الأصمعيّ : فتَّرَ مَطَرَ فَرَّغَ ماءَه وكَفَّ وتَحيَّر.

أبو زيد : الفُتْرُ النَّبِيةُ وهو الّذي يُعْمَلُ من خُوصٍ يُنْخَل عليه الدقيقُ كالسُّفْرة.

ت ر ب

ترب ، تبر ، برت ، بتر ، رتب ، ربت : مستعملات.

ترب : أبو عبيد عن الأصمعيّ : التُّرْتُبُ الأمرُ الثَّابتُ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : التُّرْتُبُ بضم التاءَين العَبْدُ السوء ، وقال : والتُّرْتُبُ التُّراب أيضا.

أبو عبيد عن أبي عمرو : التَّيْرَبُ التراب وقال غيره يقال : بِفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ والتَّرْباء والتَّوْراب.

شمر عن ابن الأعرابيّ : بفيه التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ. ويقال : بَعِيرٌ تَرَبُوتٌ إذا كان ذَلُولا ، وناقةَ تَرْبُوتٌ كذلك ، فهذه الحروف التي جاءت في هذا الباب مع زيادة التاء والياء والواو.

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «تُنكَحُ المرأة لِمِيسَمِهَا ولِمالِها ولحَسبِها ، عليك بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداك».

قال أبو عبيد قوله : تربَتْ يداك ، يقال للرجل إذا قلّ ماله : قد تَرِبَ أي افْتَقَر حتى لَصِقَ بالتُّراب.

قال الله جلّ وعزّ : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦)) [البلد : ١٦] ، قال : ويروى والله أعلم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يَتَعَمَّد الدعاءَ عليه بالفَقْرِ ولكنها كلمةٌ جارية على أَلْسِنة العرب يقولونها وهم لا يريدون وقوع الأمر ، قال وقال بعض الناس : إنَّ قوله : تَرِبَتْ يداك يريدون استغْنت يداك ، وهذا خطأ لا يجوز في الكلام ، ولو كان كما قال لقال : أتْرَبَتْ يداك ، يقال : أَتْرَبَ الرجلُ فهو مُتْرِبٌ إذا كَثُرَ ماله ، فإذا أرادوا الفقر قالوا تَرِبَ يَتْرَبُ.

وقال ابن عرفة : أراد بقوله : تَرِبَتْ يداك ، إن لم تَفْعَل ما أمرتُك به.

١٩٤

قال أبو بكر : معناه : لِلَّهِ دَرُّك إذا استعملتَ ما أمرتُك به ، واتَّعظت بِعظتي.

وذهب بعض أهل العِلْم إلى أنه دعاء على الحقيقة.

وقوله في حديث خُزَيْمَةَ : «أَنَعِمْ صباحا تَرِبتْ يداك» ، يدلّ على أَنه ليس بدعاء عليه ، بل هو دعاء له وترْغيبٌ في استعمال ما تقدمت الوَصاةُ به ، ألا تراهُ قال : أنعم صباحا ثم عَقبَه ، تربَتْ يداك ، والعربُ تقولُ : لا أمَّ لك ولا أبَ لك ، يريدون لِلَّه دَرُّك ، قال :

هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَثُ الصبحُ غادِيا

وماذا يؤَدِّي الليلُ حِينَ يَؤُوبُ

فظاهره : أَهْلَكه الله ، وباطِنه : لِلَّه درّه ، قال : وهذا المعنى أراده جميل بقوله :

رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَة بِالقَذَى

وبالغُرّ من أبنائِها بالفَوادِحِ

أراد لِلَّه درّها ما أحسن عَيْنَيْها ، وأراد بالغُر من أبنائها ساداتِ أهل بيتها ، قال : وقال بعضهم : لا أُمَّ لك ولا أَرْضَ لك ، ذَمٌ ولا أبَ لك ولا أبا لك ، مدح وهذا خطأ ، ألا ترى أن الفصيح من الشعراء قال : وهَوَتْ أمُّه ، في موضع المدح.

ورَوَى شمر عن ابن الأعرابيّ : رجل تَرِب فقير ، ورجل تَرِبٌ لازِقٌ بالتراب من الحاجّة ليس بينه وبين الأرض شيء.

وقال أبو العباس : التَّتْرِيْبُ كَثْرَةُ المال ، قال : والتَّتْرِيبُ قلة المال أيضا ، قال : وأَتْرَبَ الرجلُ إذا مَلَك عَبْدا مُلِكَ ثلاثَ مرَّاتٍ.

وقال الليث : التُّرْبُ والتُّرابُ واحد إلا أنهم أَنَّثوا قالوا : التُّرْبةُ ، يقال : أرض طيّبة التربة ، أي خِلْقَةُ ترابها ، فإذا عَنَيْتَ طاقةً واحدةً من التراب قلت : تُرَابَةٌ ، وتلك لا تدرك بالبصر دِقَّةً إلا بالتوهّم ، وطعامٌ تَرِبٌ إذا تَلَوَّث بالتُّراب. ومنه حديث علي : «لئن وَلِيتُ بَني أُمَيَّةَ لانْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ الوِزَامَ التَّرِبَةَ».

وقال غيره : تَتَرَّبَ فُلانا تَتَرُّبا إذا تَلَوَّث في التُّراب ، وتَرَّبَ الكتاب تتريبا ، ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبَةٌ قد حَمَلَت تُرابا.

قال ذو الرمة :

* مرَّا سَحَابٌ ومَرَّ بارِحٌ تَرِبُ *

وقيل : تَرِبٌ أي كثير التراب.

وقال الليث : التَّرْبَاءُ نَفْسُ التُّراب ، يقال : والتُّرباء ، لأضربنه حتى يَعَضَ بالتَّرْباءِ.

وفي الحديث : «خَلَقَ الله التُّرْبَةَ يوم السبت ، وخلق فيها الجبالَ يوم الأحد ، والشجرَ يومَ الاثنين ، والتِّرْبُ اللِّدَةُ ، ويقال : هذه تِرْب هذه ، وقوله : (عُرُباً أَتْراباً (٣٧)) [الواقعة : ٣٧] أي أَمْثَالا وهما تِرْبان.

١٩٥

وقال ابن السكيت : تُرَبَةُ واد من أودية اليمن.

ابن بزرج : قالوا تَرَبتُ القرطاس ، فأنا أتْرُبة تَرْبا وتَرَبت فلان الإهاب لتصلحه ، وتَرَبت السِّقاء وكل ما يصلح فهو متروب ، وكل ما يفسد فهو مترَّب مشدد.

قال الفراء في قول الله جلّ ثناؤه : (مِنْ ماءٍ دافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧)) [الطارق : ٦ ، ٧].

قال : الترائب ما اكتنف لَبّاتِ المرأة مما يقع عليه القِلادة ، وقوله من الصلب والترائب يعني صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ المرأة يقال للشيئين ليخرجن من بَني هذين خيرٌ كثير ومن هذين خيرٌ كثير.

وقال الزجاج : جاء في التفسير : أن الترائب أربع أضلاع من مَيْمَنَةِ الصَّدر وأربع أضلاع من يَسْرَةِ الصدر.

وجاء أيضا في التفسير : أن الترائب اليدان والرجلان والعيْنَان.

وقال أهل اللغة أجمعون : التَّرائِب موضع القِلادة من الصَّدر وأنشدوا فقالوا :

مُهَفْهَفَةٌ بيضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ

تَرائبُها مَصْقُولة كالسَّجَنْجَلِ

قال المنذري : أخبرني أبو الحسن الشيخي عن الرياشي قال : التَّرِيبَتانِ الضِّلعان اللَّتان تَلِيَان التَّرْقُوَتَيْن ، وأنشد :

ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوح على تَرِيبٍ

كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ له غُضُونُ

أبو عبيد : الصدر فيه النحر ، وهو موضع القِلادة ، واللَّبّةُ موضِعُ النَّحْر ، والثُّغْرةُ ثُغْرَة النَّحْر ، وهي الهَزْمَةُ بين التَّرْقُوَتَيْن ، وقال :

والزَّعفَرَانُ على تَرائِبها

شَرِقٍ به اللَّبّاتُ والنَّحْرُ

والتَّرْقُوَتَان العَظْمَان المُشْرِفان في أعلى الصَّدر من رأْسَ المَنكِبَيْن إلى طَرَفِ ثُغْرَةِ النَّحْر ، وباطِن التَّرقُوَتَين الهواءُ الّذي يهوي في الجوف لو خُرِق ، ويقال له القَلْتَانُ. وهما الحافِنَتَانِ أيضا ، والزَّاقِنَةُ طَرفُ الحُلْقُوم.

تبر : قال الليث : التِّبْر الذَّهبُ والفِضَّة قبل أن يُصاغا.

قال : وبعضهم يقول : كلُّ جوهرٍ قبل أن يستعملَ تِبْرٌ ، من النحاس والصُّفْر ، وأنشد :

كلُّ قومٍ صِيغَةٌ مِن تِبْرِهِمْ

وبَنُو عَبْدِ مَنافٍ من ذَهَبْ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التِّبْرُ الفُتَاتُ من الذَّهب والفِضَّة قبل أن يُصاغا ، قلت : التبر يقع على جميع جواهر الأرض قلت : أن تُصاغ ، منها النحاس والصُّفر والشَّبة والزجاج وغيره ، فإذا صيغَا فهما ذهب وفضّة ، وقول الله جلّ وعزّ : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) [نوح : ٢٨].

قال الزجاج : معناه إلا هلاكا ولذلك

١٩٦

سمي كل مُكَسَّر تِبْرا ، وقال في قوله : (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) [الفرقان : ٣٩] ، قال : والتَّتْبِيرُ التَّدْميرُ ، وكل شيء كَسَرته وفتّتَّهُ فقد تَبَّرْتَهُ ، ومن هذا قيل لِمُكَسَّر الزجاج : التِّبْرُ وكذلك تِبْرُ الذهب.

وقال الليث : تَبِرَ الشيءُ يَتْبِرُ تَبارا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المَتْبُورُ الهالكُ ، والمتبورُ الناقص ، قال : والتَّبْراء الحسنةُ اللَّونِ من النُّوق.

بتر : قال الليث : البَتْرُ قَطْعُ الذَّنَبِ ونحوهِ إذا استأصلْتَه.

وقال غيره : يقال : بَتَرْتُه فانْبَتَر ، وأبتَرْته فَبُتِر ، وصاحِبُه أبتر وذَنَبٌ أَبتَرُ.

قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)) [الكوثر : ٣].

قال أبو إسحاق : نَزَلْت في العاصي ابن وائل ، دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو جالس ، فقال : هذا الأبترُ أي هذا الّذي لا عَقِبَ له ، فقال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)) ، فجائز أن يكون هذا المنْقَطِعَ العَقِبِ وجائز أن تكون هو المنقطع عنه كل خير.

قال : والبَتْرُ استئصالُ القَطْع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أبتر الرجلُ إذا أعطى ومنع ، وأَبْتَر إذا صَلَّى الضُّحَى حين تُقَضِّبُ الشمس ، ويقال : تُقَضِّبُ أي يَخْرج شُعاعها كالقُضبانِ.

وفي حديث عليّ : أنه سئل عن صلاة الضحى ، فقال : حين تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأرضَ.

عمرو عن أبيه : البُتَيْرَاءُ الشمسُ ، وسيف باترٌ وبَتَّارٌ قَطَّاع.

وقال ابن الأعرابيّ : البُتَيْرَةُ تصغيرُ البَتْرَة وهي الأَتَان.

برت : أبو عبيد عن الأصمعيّ : قال البُرْتُ : الرجلُ الدَّليلُ وجمعه أَبْراتٌ.

قال شمر : رواه المسدى : البِرت بالكسر ولا بأس.

أبو نصر عن الأصمعيّ : يقال للدَّليل الحاذق : البُرتُ والبِرتُ ، وقاله ابن الأعرابيّ رواه عنهما أبو العباس.

وقال شمر : هو البِرِّيتُ والخِرِّيتُ أيضا قال : والبُرتُ الفأس أيضا.

وقال الليث : هو البُرت بلغة أهل اليمن قال : والبُرتُ بلغتهم السُّكر الطَّبَرْزَد.

وقال شمر : يقال للسكر الطَّبَرْزَد : مِبْرَتٌ ومِبَرَّت.

وقال أبو عبيد : البرِّيتُ المستوِي من الأرض.

وقال ابن الأعرابيّ عن أبي عون : البِرِّيتُ مكانٌ معروف كثير الرمل.

وقال شمر يقال : الحَزْنُ والبِرِّيتُ أرضان بناحية البصرة ، ويقال : البريتُ الجَدْبَةُ

١٩٧

المسْتَوِيَةِ وأنشد :

* بِرِّيتُ أَرْضٍ بَعْدها بِرِّيتُ *

وقال الليث : البِرِّيت اسم اشتق من البرِّية : كأنما سَكَنت الياء فصارت الهاءُ ياء لازمة كأنها أصلية كما قالوا : عِفْريتٌ والأصل عِفْرِيَةٌ.

ثعلب عن ابن أبي عمرو عن أبيه : بَرِتَ الرجلُ إذا تحيَّر وبَرَتَ بالتاء إذا تَنَعَّمَ تَنعُّما واسعا ، قال : والبُرْتَةُ الحذاقَةُ بالأمر ، وأَبْرَتَ إذا حَذِق صِناعةً ما.

ربت : قال : رَبَّتُ الصبيَّ ورَبَّيتُه تَرْبِيتا وتَرْبِيَة.

وقال الراجز :

* لَيْس لمن ضُمِّنَهُ تَرْبِيتُ *

رتب : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أرْتَبَ الرجلُ إذا سأل بعد غِنًى ، وأرْتَبَ الرجلُ إذا دَعا النقري إلى طعامه ، قال : ورَتَبَ الشيءُ رُتوبا إذا انتصب فإنما هو راتبٌ وأنشد :

وإذا يَهُب مِن المنام رأيتَه

كَرُتُوبِ كَعْبِ السَّاق ليس بزُمَّلِ

وقال الليث : الصبي يُرْتِبُ الكَعْبَ إرتابا قال : والرَّتَبَةُ الواحدةُ من رَتَبَاتِ الدَّرَج ، والمرْتَبَةُ المنزلةُ عند الملوك ونحوها ، والمراتب في الجبال والصحارى من الأعلام التي يُرَتَّبُ فيها العيون والرُّقَباء ، ويقال : ما في عيشة رَتَبٌ ، وما في هذا الأمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أي هو سهل مُستقيم ، قلت : هو بمعنى النَّصَب والتَّعب.

وقال ابن الأعرابيّ : الرَّتْباءُ النَّاقَةُ المنْتَصِبةُ في سيرها ، والرّقْبَاءُ الناقةُ المُندَفِعَةُ.

ت ر م

رتم ، متر ، تمر ، مرت ، ترم : مستعملة.

رتم : الحراني عن ابن السكيت قال : الرّتْمُ الدَّقُ والكَسْرُ يقال : قد رَتَمَ أَنفَهُ رَتْما ، وقال أَوْسُ بنُ حجر :

لأَصْبَحَ رَتْما دُقَاق الحَصَى

مَكان النّبيِّ مِن الكَاثِبِ

والرَّتْمُ والرَّثْمُ بالتّاء والثَّاء واحدٌ ، وقد رَتَمَ أَنْفَه ورَثمه ، ورُوِي البيت بالتّاء والثَّاء ، ومعناهما واحد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال : ما رَتم فلانٌ بكلمة وما نَبَس بها بمعنى واحد ، والمصدر الرَّتْمُ أيضا.

وقال ابن السكيت : الرَّتَمُ بفتح التّاء شَجَرٌ.

وقال الراجز :

نَظَرتُ والعَيْنُ مُبِينة النَّهَمْ

إلى سَنَا نَارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ

وقال ابن الأعرابيّ : الرَّتمُ المَزَادةُ المملُوءَة ماءً ، قال : والرَّتْمَاء النّاقة التي تحمل الرّتَمَ ، والرَّتَمُ المحجَّة ، والرّتَمُ الكلامُ الخَفِيُّ.

١٩٨

قال : والرّتَمُ الحَيَاءُ التّام ، والرَّتَمُ ضَرْبٌ مِن النبات.

وقال الليث : الرّتَمُ : خَيط يُعْقد على الإصبع أو الخَاتَم للعلامة ، والرّتيمةُ والرّتَمةُ نباتٌ من دِقِّ الشجر كأَنه من دِقَّته يُشَبَّه بالرّتَم ، والفِعْل أَرْتَمَ إرتاما.

أبو عبيد عن أبي زيد : أرْتَمْتُ الرجلَ إرْتَاما إذا عَقَدْتَ في إصبَعه خيطا يَسْتَذكِرُ به حَاجَته ، واسم ذلك الخيط الرّتمَةَ والرّتيمةُ ، وأنشدنا :

هَلْ يَنْفَعَنكَ الْيَوْمَ إنْ هَمّت بِهِمْ

كَثْرةُ ما توصِي وتعْقَاد الرّتَمْ

وقال شمر : قال سَلَمة عن عاصم قال الأصمعيّ في قوله : تَعْقَاد الرّتم كان الرجل يَخْرُج في سَفْرةٍ فَيَعْمِدُ إلى غُصنين ، أو شجرتين فَيعْقِدُ غُصنا إلى غُصْن ، ويقول : إن كانت المرْأَةُ على العَهْد بَقِيَ هذا على حَاله مَعْقُودا ، وإلَّا فقد نَقَضَتِ العهد ونحو ذلك.

قال ابن السكيت : في تفسير هذا البيت : ويقال : ما زلتُ رَاتِما على هذا الأمر ورَاتبا أي مُقيما.

وقال ابن الأعرابيّ : الرّتِيمُ خيطُ التذْكِرة ، وغَيْره يقُولُ : الرّتيمة.

مرت : شمر قال الأصمعيّ وغيره : المرْتُ الأرض التي لا نَباتَ فيها.

وقال ابن شميل : المرْتُ الّذي ليس به شيءٌ قليلٌ ولا كثيرٌ ، وأرض مَرْتٌ ومَرُوتٌ. قال : فإن مُطِرتْ في الشّتاء فإنها لا يقال لها مَرْتٌ لأن بها حينئذٍ رَصَدا ، والرَّصَدُ الرَّجاءُ لها كما تُرجَى الحاملَة ، ويقال : أرض مُرْصِدةٌ وهي التي قد مُطِرتْ ، وهي تُرْجَى لأن تُنْبِتَ.

وقال رؤبة :

* مَرتٌ يُنَاصِي خَرْقَها مَرُوتُ *

وقال ذو الرمة :

يَطْرَحْنَ بالمهارِقِ الأغْفال

كلَّ جَنِينٍ لَثِقِ السِّرْبالِ

حَيِّ الشَّهِيقِ مَيِّتِ الأوْصالِ

مَرْتِ الحَجَاجَيْنِ مِن الإِعجالِ

يصف إبلا أَجْهَضَت أولادَها قبل نَباتِ الوَبَر عليها ، يقول : لم يَنْبُتْ شَعْر حَجاجَيْه.

قلت : كأن التاء مُبْدَلةٌ من الطاء في المرتِ.

متر : قال الليث : المَتَرُ : السَّلْحُ إذا رُمِيَ به.

قال : والنَّارُ إذا قُدِحَتْ رأيتها تَتَماتَرُ.

قلت : هذا حرف لم أسمع به لغير الليث.

ترم : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : التَّرِيمُ مِن الرجال المُلَوَّث بالمعايبِ والدَّرَن.

قال : والتَّرِيمُ المتواضِع لِلَّهِ ، والتَّرَمُ وَجَعُ الخَوْرَانِ.

تمر : الليث : التَّمْرُ : حَمْل النَّخْلِ وأَثْمَرَتْ

١٩٩

النَّخلُ وأَثْمَرَ الرُّطَب ، وجمع التمر تُمورٌ وتَمْرانٌ ، ورجل تَامِرٌ ذو تَمْرٍ ، وتَمَرني فلانٌ ، أي أَطْعَمَنِي تَمْرا ، وتَمْرتُه أنا وأَتْمَرتُه.

وقال الأصمعيّ : التُّمَّرةُ طائرٌ أَصْغَرُ من العُصفور ويقال لها التُّمَّرَةُ ، ونحو ذلك قال الليث.

شمر عن أبي نصير عن الأصمعيّ : التامور الدم والخمر والزعفران.

أبو عُبيد عن أبي زيد : التامُورةُ الإبريق ، وقال الأعشى :

وإذَا لهَا تَامُورَةٌ

مَرفُوعَةٌ لِشَرابِها

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : تَامُورُ الرجل قَلْبُه ، يقال : حَرْفٌ في تامورك خيرٌ مِن عَشرةٍ في وِعَائِك.

ويقال : احذر الأسد في تَامُورتِه ، ومِحْرَابه وغِيلهِ وعِرْزَالِه.

قال : ويقال : ما بالدار تُومُور ، أي ليس بها أحد.

وقال ابن السكيت : ما بها تُومُرِيِ ، وما بها تُومُرِيٌ أَحْسَن منها ، للمرأة الجميلة ، أي خَلْقا ، وما رأيت تُومُرِيا أحسن منه.

قال : ويقال : أَكَلَ الذِّئْبُ الشاة فما ترك منها تامُورا ، وأكلنا جَزَرَةً فما تركنا منها تامُورا أي شيئا.

وقال أوس بن حجر :

أُنْبِئْتُ أَنَّ بني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا

أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ

قال الأصمعيّ : أي مُهجةَ نَفْسِه وكانوا قَتَلُوهُ.

أبو عبيد عن أبي زيد : ما بها تأمُورٌ ، مهموز ، أي ما بها أحد.

قال : ويقال : ما في الرّكِيَّة تأمُورٌ ، يعني الماءَ ، وهو قياس على الأول.

وقال أبو زيد : يقال : لقد تامُورُكَ ذاك أي قَدْ عَلِمتَ نفسك ذاك.

وسأل عمر بن الخطاب عَمْرو بنَ مَعدي كَرِبَ عن سَعْدٍ ، فقال : أسَدٌ في تامُورَتِه.

والتَّامُورُ أيضا : صَوْمَعَةُ الراهب.

وقال ربيعة بن مَقْرومٍ الضَّبيُّ :

لَرنا لِبَهجَتِهَا وحُسْنِ حَدِيثها

وَلَهَمَّ مِن تَامُورِهِ يَتَنَزَّلُ

والتَّتْمِيرُ : التَّقْدِيدُ ، يقال : تَمَّرْتُ القَديد فهو مُتَمَّرٌ.

وأنشد اللحياني فقال :

لها أَشَاريرُ مِن لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ

مِن الثَّعَالِي وَوَخْرٌ مِن أَرَانِيهَا

أي مُقَدّدَةً.

أبو زيد : اتْمَأَرَّ الرّمحُ اتمِئرارا فهو مُتْمَئِرٌ ، إذا كان غَليظا مُسْتقيما ، والله تعالى أعلم.

٢٠٠