تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

وقال ابن السكيت : آدَ العشيُ إذا مَال وأنشد أيضا :

أَقَمتَ بها نَهَارَ الصَّيْف حتى

رأيتَ ظِلالَ آمِرِه تَؤُود

وقال آخرُ يَنْعَتُ امرأةً مَالتْ عليها الميَرةُ بالتَّمْر :

خُذَامِيَّةٌ آدتْ لها عَجْوَةٌ العُرْي

فتأكل بِالمأقُوط حيْسا مُجَعَّدا

ويقال : أَوِدَ الشيءُ يأوَد أَوَدا إذا اعْوج فهو أَوِد ، وأوْدُ قبيلةٌ وأَدُدُ مَوْضِعٌ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : هو الأيْدُ والآدُ لِلقُوة والتأييد مصدر أيَّدْتُه ، أي قَوَّيتُه ، قال الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [المائدة : ١١٠] وقرىء : إذا آيَدْتُك أي قَوَّيتك.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)) [الذاريات : ٤٧].

وقال أبو الهيثم : آد يئيدُ إذا قوي ، وآيدَ يُؤْيِدُ إيادا إذا صار ذا أيْدٍ ، وقد تَأَيّدَ وقد إدتُ أَيْدا أي قَوِيتُ.

وقال الليث : وإياد كلِّ شيء ما يُقوَّى به من جانبيه ، وهما إياداه ، قال : وإياد العسكر الميمنة والميسرة ، وقال العجّاج :

* عن ذي إياديْنِ لُهَامٍ لو دَسَرْ*

وقال يصف الثور : مُتخِذا مِنها إيادا هَدَفا وكل شيء كان واقيا لشيء فهو إياده.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الإياد الترابُ يُجعل حول الحوض أو الْخِباءِ. قال ذو الرمة يصف الظليم :

دفَعْناه عَن بَيضٍ حِسان بأجْرَع

حَوَى حَوْلها مِن تربها بإِياد

يَعْني طَرَدْناهُ عَن بَيْضِه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الإياد الجبلُ المنيعُ ، ومنه قولُهم : أيّدَهم الله ، قال : الإياد : اللِّحاء والستر والكَنَف وكلُّ شيء كنفك وسَتَرك فهو أياد ، وكلُّ ما يُحرَزُ به فهو إياد ، وقال امرؤ القيس يصف نخلا :

فأَثَّتْ أَعَاليه وآدَتْ أصوله

ومال بِقِنيان من البُسر أَحْمَرا

وآدت أصوله قَوِيت تَئِيد أَيْدا ، وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : رماه الله بإحدى الموائد والمآود أي الدواهي.

أدى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَدَى السِّقاء يأدِي أُدِيّا إذا أمكن أن يُمخض ، وقال ابن بُزُرْج : أَدَا اللَّبنُ أُدُوّا مُثقلٌ ، يأدُو وهو اللبنُ بين اللَّبَنين ليس بالحامضِ ولا بالحلو ، وقد أدَتْ التمرة تأدو أُدُوّاً وهو اليُنوع والنُّضْج ، قال : وأَدَوْتُ اللَّبن أدْوا إذا مَخَضتَه ، وأَدْوتُ في مشيي أَدْوًا وهو مَشيٌ بين المشيين ، ليس بالسريع ولا بالبطيء ، وأَدَوْتُ أَدْوا إذا اختَلْتَ.

ويقال : تَأَدَّيْتُ إلى فلان مِن حقِّه إذا أَدَّيْتَه

١٦١

وقَضيتَه ، وتقول : لا يَتأَدى عبدٌ إلى الله من حقوقه كما يجب ، ويقول الرجل : ما أَدرِي كيف أَتَأَدَّى إليكَ من حَق ما أوليتني ، أبو عُبيد عن الأصمعيّ : آدى الرجلَ فهو مُؤْد إذا كان شاكَّ السلاح ، وهو من الأداة. وقال الأسود بن يعفر :

ما بَعْدَ زيْدٍ في فتاةٍ فُرّقوا

قَتْلا وَسَبيا بَعد حُسْن تآدي

أي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة ، وقد تآدى القوم إذا أخذوا العُدة التي تُقوّيهم على الدَّهر ، وغيره ، وأهل الحجاز يقولون : استَأدَيتُ السّلطان على فلان ، أي استَعْدَيْتُ فآداني عليه أي أَعْداني وأعاننِي ، ويقال : تآدَى القوم تآدِيا وتَعَادَوْا تعادِيا إذا تتابعوا مَوتا ، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أي قليلة.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الأديّة تقدير عِدَّةٍ من الإبل القليلة العدد.

ابن بزرج : هل تآديتم لذلك الأمر؟ أي هل تأهبتم له؟

قلت : مأخوذ من الأداة.

وقال الليث : يقال أدَّى فلانٌ ما عليه أدَاءً وتأْدِيةً.

قال وتقول : فلان آدَى للأمانة من فلان ، والعامةُ قد لَهِجُوا بالخطأ فقالوا : فلان أدَّى للأمانة ، وهو لَحْن غير جائز.

قلت أنا : وما علمت أحدا من النحويين أجازوا آدى لأنّ أَفْعَلَ في باب التعجب لا يكون إلا في الثلاثيّ ، ولا يقال : آدَى بالتخفيف بمعنى أدَّى بالتشديد ، ووجه الكلام أن يقال : فلانٌ أحسنُ أَداء.

وأما قول الله جلّ وعزّ : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨)) [الدخان : ١٨] فهو من قول موسى لذوي فرعون ، معناه :

سلِّموا إليّ بني إسرائيل كما قال : (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الأعراف : ١٠٥] أي أطلِقهم من عذابك ، وقيل نُصِبَ (عِبادَ اللهِ) ، لأنه نِداء مضاف ، ومعناه أدوا إلى ما أمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم.

قلت : وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون : (أَدُّوا إِلَيَ) بمعنى استمعوا إلىّ كأنه يقول : أدوا إليَّ سمعكم أبلغكم رسالة ربكم ، يدل على هذا المعنى من كلام العرب قول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا :

سَبَعْتَ رِجالا فأهلكتَهم

فأَدِّ إلى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ

أراد بقوله : أدِّ إلى بعضهم أي استمع إلى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ منه كأنه قال : آدِّ سَمْعَك إليه لتسمع منه ، كأنه قال : أدِّ سَمْعَكَ إليه.

وقال الليث : ألف الأداة واو ، لأن جمعها أَدوات ، ولكل ذي حرفة أداةٌ وهي آلته التي تُقيم حرفته ، وأداة الحرب

١٦٢

سلاحها ، ورَجل مُؤْدٍ كامل أداةِ السلاح.

والإداوَةُ للماء وجمعها أَداوَى.

وقال ابن السكيت : آديْتُ للسفر فأنا مُؤْدٍ له إذا كنت متهيأً له.

ودى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : وَدَى الفرسُ وَدْيا إذا أدْلَى ، قال وقال الكسائيّ : وَدَأ يَدَأُ بوزن وَدَع يَدَعُ إذا أَدْلَى.

وأخبرني الإياديّ عن أبي الهيثم أنه قال : هذا وهْمٌ ليس في وَدى الفرس إذا أدلى همز.

قال وقال شمر : وَدَى الفرسُ إذا أَخْرج جُرْدانَه.

ويقال : وَدَى يَدِي إذا انْتَشَرَ.

وروى أبو عبيد عن اليزيدي : وَدى الفرسُ ليبولَ وأدلى ليَضْرِب.

قال : وقال الأموي : هو المَذِيُّ والمَنِيُّ والودِيُ مشدودات.

قال : وغيره يخفف.

قال : وقال أبو عبيد : المَنِيُّ وحده مُشَدّد ، والآخران مُخَفَّفَان ، ولا أَعْلَمُني سَمِعْتُ التخفيف في المني :

قال أَبو عبيد وسمعت الأصمعيّ يقول : هو الوَديُ لِصغار النَّخْلِ واحدتها وَديَّة.

وقال غيره : تجمع الوَديَّة وَدايا.

قال شَمِر قال ابن شميل : سمعت أعرابيا يقول : إني أخاف أن يَدِي ، قال : يُريد أن يَنْتَشِرَ ما عِنْدك قال : يريد به ذَكَرَه ، قال : سمعتُ من أحمد بن الحريش.

قال شمر : وَدى أي سال ، قال ومنه : الوَديُ فيما أَرَى لخروجه وسَيَلانِه ، ومنه الوَادي.

وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء : قال : أَمْنى الرجل وأَوْدى وأَمْذَى ومَذَى وأدلَى الحمار ، وقال : وَدى يَدِي مِن الوَديِ وَدْيا ، ويقال : أَوْدى الحمارُ في معنى أدْلَى ، وقال : وَدَى أكثر من أوْدى. ورأيتُ لِبَعْضهم استوْدَى فلان بِحقِّي أي أَقَرَّ به وعَرَفَه.

وقال أبو خَيْرَة :

ومُمَدَّحٍ بالمكرُماتِ مَدَحْتُهُ

فاهْتَزَّ واسْتَوْدَى بها فحَباني

ولا أَعْرِفُه إلا أن يَكونَ من الدِّيَةَ كأنه جَعَلَ حِبَاءَه له على مَدْحِه دِيَةً لها ، قال أبو عُبيد : وسمعت الأصمعيّ يقول : هو الوَديُ لصغار النحل واحدتها وَدِيَّة.

وقال غيره : يُجمعُ الوَدِيَّةُ وَدايا.

وقال الليث : وَدى الحِمار فهو وَادٍ إذا أَنْعَظ.

قال : ويقال : وَدَى بمعنى قَطَرَ منه الماءُ عند الإنعاظ.

وقال الأغلب :

كأَنّ عِرْقَ أَيْرِه إذا وَدى

حَبْلُ عَجُوز ضَفَرتْ سَبْع قُوَى

١٦٣

قال : والوَدْيُ الماءُ الّذي يخرج أبيضَ رَقيقا على أَثرِ البول من الإنسان ، وقال : وَدَى فلانا إذا أدَّى ديتَه إلى وَليِّه وأصل الدِّية وِدْيَة فحذفتْ الواوُ كما قالوا : شِيَةٌ من الوَشْي.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : أوْدى الرجلُ إذا هَلَكَ.

وقال الليث : أَوْدى به المَنُونُ أي أَهْلَكه ، قال : واسم الهلاك من ذلك الوَدَى قال : وقلّما يستعمل ؛ والمصدر الحقيقي الإيدَاءُ ، والتَّوادي الخشبات التي تُصَرُّ بِها أَطْبَاءُ الناقة لئلا يَرْضَعَها الفَصِيلُ وقد وَدَيْتُ الناقَة بِتَوْدِيتَيْنِ أي صَرَرْتُ أخلافَها بهما ، والوَادي كل مَفْرَجٍ بَيْن جِبال وآكامٍ ، وتِلال يكون مَسْلَكا للسَّيْل أو مَنْفَذا والجميع الأودية ، ومِثْلُه نادٍ وأَندية للمجلس.

دأي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوادي تجمع أوداء على أفعال مثل صاحب وأصحاب.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : ابنُ دأيَة فهو الغُراب ، سمي بذلك لأنه يقع على دَأْيَة البعير فَيَنقُرها ، والدَّأيةُ هو الموضع الّذي يَقَع عليه ظَلِفَة البعير فَتَعْقِرُه.

وقال الليث : الدَّأْيُ جمع الدَّأْيَة ، وهي فَقَارُ الكاهل في مُجتمع ما بين الكَتِفَيْن مِن كاهل البَعير خاصَّة والجميع الدَّأَيَاتُ وهي عِظامُ ما هُنالك ، كلّ عَظْمٍ منها دَأْيَة.

وقال أبو عُبيدة : الدَّأَيَاتُ خَرَزُ الْعُنُقِ ، ويُقالُ خَرَزُ القَفَا.

وقال ابن شُمَيل : يقال للضِّلعين اللَّتين تَلِيَان الواهنتين : الدَّأْيَتَانِ ، قال : والدَّئِيُ في الشَّرَاسِيفِ هِي الثوانِي الحواني المستأخِرات الأوساطُ من الضلوع ، وهي أرْبَعٌ وأَرْبَعٌ ، وهُنَّ الْعُوجُ ، وهن المسَقّفَاتُ ، وهُنَّ أطولُ الضُّلُوع كلِّها وأَتَمُّها ، وإليها يَنْتَفِخُ الجَوف.

وقال أبو زيد : لم يَعْرِفُوا ، يَعْنِي الْعَربَ ، الدَّأَيَاتِ في العنق ، وعرفوهن في الأضْلاع وهي سِتٌّ يَلِينَ المَنْحَر من كل جانب ثلاث ، ويقال لمقاديمهن جوانح ، ويقال للَّتين تليان المنحر : ناحرتان ، قلت : وهذا صواب ، ومنه قول طرفة :

كأَنَّ مَجَرَّ النَّسْعِ في دَأَيَاتِها

مواردُ مِن خَلْقَاءِ في ظَهْرِ قَرْدَدِ

ودأ : وقال أبو زيد : وَدَّأْتُ عليه الأرض تَوْديئا إذا سَوَّيتَها عليه.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : الأرضُ المُوَدَّأَة المُهْلكَةُ ، وهي في لفظ المفعول به ، وأنشد شمر للراعي :

كائِن قَطَعْنا إليْكم مِن مُوَدَّأَةٍ

كأَنَّ أَعْلَامَها في آلِها القَزَعُ

قال وقال ابن الأعرابيّ : المُودَّأَةُ حُفْرَةُ الميت ، والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وأنشد :

١٦٤

لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مَوَدَّأ لِرَهِينَةٍ

زُلْجِ الجَوانِبِ راكِدِ الأَحْجَارِ

وقال ابن شميل يقال : تودَّأَتْ على فلان الأرضُ وهو ذهاب الرجل في أباعِد الأرض حتى لا يُدْرَى ما صَنَع ، وقد تَوَدّأَتْ عليه إذا ماتَ أَيضا ، وإن مَاتَ في أهله ، وأنشد :

فما أَنَا إلَّا مِثْلُ مَنْ قد تَوَدَّأَتْ

عليه البلادُ غيرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ

ويقال : تَوَدَّأَتْ عليه الأرضُ ، أي اسْتَوَتْ عليه مثل ما تستوي على الميت ، وتَوَدَّأَتْ عليه الأخبار أي انْقَطَعَتْ دونه ، وأنشد :

وللأَرْضِ كَمْ مِنْ صَالحٍ قَدْ تَوَدَّأَتْ

عليه فَوَارَتْهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفْرِ

وقال الكميت :

إذا وَدَّأَتْنا الأرضُ إنْ هِيَ وَدَّأَتْ

وَأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمُورِ مَقُوبُها

وَدَّأَتْنا الأَرْض غَيَّبَتْنا ، وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم يقال : تَوَدَّأَتْ عليه الأرض فهي مُوَدَّأَةٌ ، قال : وهذا كما قيل : أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فَهُو مُسْهَبٌ وأَلْفَج فهو مُلْفَجٌ ، وليس في الكلام مثلها.

وقال أبو مالك : تَوَدَّأْتُ على مالي أي أَخَذْتُه وأَحْرَزْتُه.

ودد : قال الليث : الوُدّ مَصدر للمودة ، وكذلك الوِداد قال : والودَادة مصدر وَدِدْتُ أَوَدُّ وهو مِن الأُمْنِيَّة ، وفلانٌ وِدُّكَ وَوَديدُك كما تقول حِبُّك وحَبِيبُك.

وقال الفراء يقال : وَدِدْتُ أَوَد ، هذا أفضل الكلام.

وقال بعضهم : وَدَدْتُ ، ويَفْعَل منه : يَودُّ لا غيرُ والمصدر الوَد ، والوِد ، والوِداد ، والوَدادة ، ذكر هذا في قولهم : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [البقرة : ٩٦] أي يتمنى.

قال الفراء : ويقال : في الحُب : الوُد والوَد والمَوَدَّة والْمَوددَةُ وأنشد :

إنَّ بنيّ لَلِئامٌ زَهَدَة

ما لِي في صدورهم مِنْ مَوْدِدهْ

وأنشد في التمنّي :

وَدِدتُ وَدادةً لو أَنَّ حَظِّي

من الخُلَّانِ ألّا يَصْرِمُونِي

قال : وأختارُ في مَعْنَى التمني : وَدِدتُ ، وسمعت وَدِدتُ بالفتح وهي قليلة ، قال : وسواء قلت : وَددت أو وَدَدتُ المستقبَل منهما أَوَد يَوَد ونَوَد لا غيرُ قلت : وأنكر البصريون وَدَدتُ وهو لحن عندهم.

وقال الزجاج : قد علمنا أن الكسائيّ لم يَحْكِ وَدَدتُ إلا وقد سمعه ، ولكنه سمعه ممّن لا يكون قوله حجة.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : المَوَدَّةُ : الكِتاب ، قال الله جلّ وعزّ : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) [الممتحنة : ١] أي بالكُتُبِ.

الليث : الوَدّ بلغة تميم الوَتِد ، فإذا زادوا

١٦٥

الياء قالوا : وَتِيدٌ ، قال : والوَدُّ صَنَم كان لقوم نوح ، وكان لِقريش صنم يَدعونَهُ وُدا ، ومنهم من يهمز فيقول : أُدُّ ، ومنه سُمِّي عَبْدُ وُدٍ ، ومنه سمي أُدُّ بن طابخة ، وأُدَدُ جَدُّ مَعْد بن عدنان.

قال الفراء : قرأ أهلُ المدينة : وَلَا تَذَرُنَ وُدّا [نوح : ٢٣] برفع الواو ، وقرأ عاصم (وَدًّا) بفتح الواو.

قلت : أكثر القراء قرءوا (وَدًّا) منهم أبو عَمرو بن كثير ، وابن عامر ، وحمزة والكسائي ، وعاصم ، ويعقوب الحضرمي ، وقرأ نافع (وُدا) بضم الواو.

وقال الفراء في قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) [مريم : ٩٦] في صدور المؤمنين. قاله بعض المفسرين.

وقال ابن الأنباري : الْوَدُودُ من أسماء الله تعالى جلّ وعز المحبّ لعباده من قولك : ودِدتُ الرجل أَوَدُّه وِدَّا ، ووِدَادا ، قال : والوَدَّ بالفتح الصَّنم وأنشد :

بِوَدِّكِ ما قوْمي على ما تَركْتِهِمْ

سُلَيْمَى إذا هَبَّتْ شَمالٌ وَرِيحُها

ويروى بِوُدِّكِ لمَنْ رَوَاه بِوَدِّكِ أرَادَ بحقِ صَنَمِكِ عَلَيْكِ ، ومن ضَمَّ أَرَادَ بِالمَوَدَّة بيني وبينِك ، ومعنى البيت : أيّ شيءٍ وجَدْتِ من قَوْمِي يا سَلْمَى على تَرْكِكِ إيَّاهُمْ. إنِّي قَدْ رَضيتُ بقوْلكِ وإنْ كُنْتِ تارِكَةً لَهُمْ فاصْدُقِي وقُولي الحقَّ.

قال النابغة :

إِنِّي كأَنِّي أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَهُ

بَعْضُ الأوَدِّ حديثا غيرَ مَكْذُوبِ

قال : الأوَدُّ بفتح الواو يُريدُ الّذي هو أَشَدُّ وُدَّا ، وأرادَ الأوَدِّين : الجماعة.

أدد : قال الله جلّ وعزّ : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (٨٩)) [مريم : ٨٩].

قال الفراء : قراءةُ القُراء (إِدّاً) بكسر الألِف إلّا ما رُوِيَ عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ (أَدَّا) ، قال ومن العرب من يقول : لقد جئت بشيءٍ آدٍ مثل ماد ، وهو من الوجوه كلها : بشيءٍ عظيم.

وقال الليث : يقال : أَدَّتْ فلانا داهيةٌ تؤدُّه أدَّا.

قال رؤبة :

* والإدَدَ والإدَادَ والعَضَائِلا*

قال : ووَاحدُ الإدَد إدَّة ، وواحد الإدَدِ والأداد أدٌّ.

وقال ابن بُزُرْجَ : أَدَدْتُ الحبْل أَدَّا وإدَّا أي مَدَدتُه ، قال : والإدَّة الشدَّة بكسر الهمزة.

وقال غيره : الأَدُّ صوت الوَطْء وأنشد :

يَتْبَع أَرْضا جِنُّها يُهَوِّل

أَدٌّ وسَجْعٌ ونَهِيمٌ هَتْمَلُ

وأَدَّ البعيرُ يؤدُّ أَدًّا ، وإدّا وهو ترجيع الحنين.

ويقال : تَأَدَّد يتأدَّد إذا تَشَدَّد فهو مُتَأَدِّد.

١٦٦

دأدأ : عمرو عن أبيه ، الدَّأْدَاءُ النَّخُّ من السير ، وهو السريع ، قال : والدَّأْداء عَجَلَة جَوابِ الأحمق.

وقال الليث : الدَّأْدَأةُ صَوْتُ وقْعِ الحجارة في المَسِيلِ.

وقال أبو زيد : دأْدَأْتُ دأْدَأَةً وهو العَدْو الشديد وهو الدِّئْداء ممدود ، وقال الشاعر :

واعْرَوْرَتِ العُلطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه

أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداءِ والرَّبَعَة

العُلُطُ البعير الّذي لا خِطَامَ عليه.

ويقال : بعير عُلُطُ مُلُط إذا لم يكن عليه وسْمٌ.

وقال الليث : تَدَأْدأَ الرجل إذا مَالَ عن شيءٍ فترجَّحَ ، وتقول : تَدَأْدَأَ يَتَدأْدَأُ دَأْدَأَةً.

وقال أبو الهيثم : الدَّأْداء آخر أيام الشهر قال : والليالي الثلاث التي بَعْد المُحاق سُمِّين دآدىء ، لأن القمر فيها يُدَأْدِئُ إلى الغُيُوبِ ، أي يُسْرِعُ من دأدأَةِ البعير.

وأخبرني المنذريّ عن المبرد ، قال : حدثني الرياشي عن الأصمعيّ في ليالي الشهر إلى قوله : وثلاث مُحاق ، وثَلاثٌ دآدئُ ، قال : والدَّآدئ الأواخرُ ، وأنشد :

أَبْدَى لنا غُرَّةَ وجْهٍ بادِي

كَزُهْرَةِ النُّجُومِ في الدَّآدِي

وأخبرني عن أبي الهيثم بنحو منه ، وأما أبو عبيد فإنه روى عن غير واحد من أصحابه في الدَّآدىء : أنها الثلاثُ التي قبل المُحاق ، وجعل المُحاقَ آخِرَها ، وكذلك قال ابن الأعرابيّ ، وأما قول الأعشى :

تَدارَكَهُ في مُنْصِلِ الآل بَعْدما

مضى غَيْرَ دأْداءٍ وقد كاد يَعْطَبُ

فإنه أراد أنه تداركه في آخر ليلة من ليالي رجب ، وهذا يدل على أن القول قول الأصمعيّ ، ومن قال بقوله ، عمرو عن أبيه : الدَّاديُ المولَع باللهو الّذي لا يكاد يبرحه.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة عن الفراء ، يقال : سمعت دُوْدَأةً أي جلبة ، وإني لأسمع له دودأة من اليوم ، أي جلبة.

دودى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّوَادِيُ أثار أراجيح الصبيان واحدتها دوْداةٌ ، وقال : كأنني فوق دوْداةٍ تُقَلِّبُني.

وفي النوادر : دوْدأ فلان دوْدأةً ، وتَوْدأ ، تَوْدأة ، وكَوْدَأ ، كَوْدَأةً إذا عدا.

يدى : أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : اليَدُ اسمٌ على حرفين.

قال : وما كان من الأسامي على حَرْفين فقد حُذِفَ مِنه حرفٌ فلا يُردُّ إلا في التصغير والتثنية والجمع ، وربما لم يُرَدَّ في التثنية وثُنِّي على لَفظِ الواحد ، فقال

١٦٧

بعضهم : واحد الأيدي يدًى ، كما ترى مثل عَصا ورَحًى ومَنا ، ثم ثنّوْا فقالوا :

يديانِ ورَحيان ومَنَوان ، وأنشد :

يَديَان بيضاوانِ عقد مُحَلِّم

قد تَمْنَعَانِكَ بينهم أن تُهْضَمَا

وقال :

يا ربَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا

إلا ذِراعُ العَنْسِ أَوْ كَفَ اليَدَا

قال أبو الهيثم : وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ قال : وتجمع أَيْدِيَا ثم تجمع الأَيْدِي على أَيْدِينَ ثم تجمع الأَيدي أَيَادِيَ وأنشد :

يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا

بحْثَ المُضِلَّات لِمَا يَبْغِينَا

وقال في قوله جلّ وعزّ : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) [ص : ٤٥] أي أولي القوة والعقول.

قال : والعرب تقول : ما لي يَدٌ أي ما لي به قوَّة وما لي به يدان وما لهم بذلك أيْدٍ أي قوَّة ، ولهم أيدٍ وأبصار وهم أولو الأيدي والأبصار ، أي أولو القوة والعقول.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : اليَدُ النِّعْمَة ، واليَدُ القُوّة ، واليد القُدرة ، واليدُ المِلْك ، واليَدُ السلطان ، واليَدُ الطاعةُ ، واليد المجاعة ، واليد الأكل ، يقال : ضع يَدَك أي كُلْ ، واليدُ النَّدَم ، ويقال منه : سُقِط في يده إذا نَدِمَ ، واليَدُ الغِياثُ ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْم ، واليَد الاستِسْلامُ ، ويقال للمُعاتِب : هذه يَدِي لك.

وقال ابن هانىء : من أمثالهم : أطاع يَدا ، بالقَوْدِ فَهُوَ ذَلول ، إذا انْقَادَ واستسلم ، ومن أمثالهم : ليدٍ مَا أَخَذَتْ ، المعنى من أَخَذَ شيئا فهو له.

وقولهم : يدي لك رهْنٌ بكذا أي ضَمنت لك وكَفَلْتُ به.

وقال ابن شميل : له عليّ يَدٌ لا يقولون له عندي يَدٌ وأنشد :

لَه عليَ أَيادٍ لستُ أكْفُرها

وإنما الكُفْر أَلَّا تُشْكرَ النِّعَمُ

وقال ابن بُزُرْجَ : العَرب تُشَدِّدُ القوافي ، وإن كانت من غير المضاعف ، ما كانَ مِن الياءِ وغيره وأنشد :

فجازوهم بما فَعلوا إلَيْكُمْ

مُجَازَاةَ القُرُوم يَدَا بِيَدِّ

تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَنِي لُجَيْمٍ

إلى مَن فَلَّ حَدَّكم وَحَدِّي

وأمَّا قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩].

روى يَحيى بنُ أدمَ عن عثمانَ البزِّي في قوله (عَنْ يَدٍ) قال : نَقْدا عن ظَهْر يَدٍ ليس بِنَسِيئَةٍ.

ورَوَى أبو عبيد عن أبي عُبيدة أنه قال :

١٦٨

كل من أطاعَ لمن قَهره فأعطاها عن غير طيبة نفس فقد أعطاها عن يدٍ.

وقال الكلبيّ في قوله : (عَنْ يَدٍ) : قال يَمْشُون بها.

وقال أبو عبيد : لا يجيئون بها رُكْبَانا ولا يُرْسلُون بها.

وقال أبو إسحاق : قيل معنى (عَنْ يَدٍ) ، أي عن ذُل وعن اعترافٍ للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم.

وقيل : (عَنْ يَدٍ) أي عن قَهْر وذُلّ كما تقول : اليدُ في هذا لِفلان أي الأمر النافذ لفلان ، وقيل (عَنْ يَدٍ) أي عن إنعامٍ عليهم بذلك ، لأن قبول الجِزْيَة منهم وترك أنفسهم عليهم إنعام عليهم ، ويَد من المعروف جزيلة.

وقال الليث : يَدُ النعمة : النعمةُ السَّابِغَة ، ويدُ الفأسِ ونحوِها مَقْبِضُها ، ويدُ القوس سِيَتُها ، ويدُ الدهر مَدُّ زَمانِه ، ويد الريح سُلطانُها.

وقال لبيد :

نِطافٌ أمْرُها بِيَدِ الشَّمال

لَمَّا مُلِّكَت الريحُ تَصْرِيفَ السَّحابِ

جُعِل لها سلطانٌ عليه ، ويقال : هذه الضَّيْعَةُ في يدِ فلانٍ أي مِلكه ، ولا يقال : في يَدَيْ فلان ويقال : بيْن يَديْك كذا ، لكلّ شيء أمامك. قال الله : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) [الأعراف : ١٧] ، ويقال : يثُورُ الرَّهَجُ بَيْن يَدَي المطر ويَهِيجُ السِّبابُ بين يَدَيِ القِتال.

ويقال : يَدِيَ فلانٌ من يَده إذا شَلَّتْ ، ورجل مَيْدِيٌ أي مَقطوع اليَدِ من أصلها ، يَدَيْتُ يدَه أي ضَربتُ يَدَه ، واليُداء وَجَعُ اليَدِ ، وأَيديتُ عِنْده يَدا ، أيْ أنْعَمْتُ عليه.

ويقال : إن فلانا لذو مالٍ يَيْدِي به ويبوعُ أي يَبْسُط بِهِ يَدَه وباعه ، وذهب القوم أيدِي سبا أي مُتَفَرِّقين في كل وجهٍ ، وذهبوا أيَادي سبا.

وقال غيره : اليَدُ الطريق ، ههنا يقال : أخذ فلانٌ يَدَ بحر إذا أخذ طريق البحر ، وأهلُ سَبأ لما مُزّقوا في الأرض كلَّ ممزّق ، أخذُوا طُرُقا شتى فصاروا أَمْثالا لمن يَتَفَرَّقون آخذين طُرُقا مختلفة.

وقال الليث : النسبةُ إلى يَدٍ يَدِيّ على النقصان.

وقال : وتجمع يَدُ النعمة أيَادِيَ ويدِيّا ، وتُجْمَعُ اليَدُ التي في الجَسد الأيدِي ، وثَوْبٌ يدِيٌ واسع وأنشد :

* بالدَّارِ إذ ثوْبُ الصِّبا يَدِيُ *

وقال ابن عَرَفة في قوله جلّ وعزّ : (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَ وَأَرْجُلِهِنَ) [الممتحنة : ١٢] أي مِن جميع الجهات ، قال : والأَفعالُ تنسَب إلى الجوارح ، وسُمِّيت جَوارحَ لأنها تَكْتَسِبُ.

١٦٩

والعرب تقول لمن عمل شيئا يُوَبَّخُ به : يدَاك أَوْكَتا وفُوكَ نَفَخَ.

وقال الزّجّاج : يقال للرجل إذا وُبِّخَ : ذَلك بما كَسَبَتْ يدَاك ، وإن كانتْ اليَدان لم تجنيا شَيْئا لا يقال : لكل مَن عَمِل عملا كَسَبَتْ يَدَاه ، لأن اليدين الأصلُ في التصرُّف.

قال الله تعالى : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠] ، ولذلك قال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) إلى قوله : (وَما كَسَبَ) [المسد : ١ ، ٢].

قال الأزهري : قوله (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) الآية : أراد بالبُهتَان : وَلَدا تحْمِله مِن غير زَوْجها فتقولُ : هُو مِن زوجها ، وكَنى بما بين يديها ورجليها عَن الولد لأن فرجها بَيْنَ الرِّجْلَين ، وبَطنَها الّذي تحمل فيه بين اليدين.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المسلمونَ يدٌ على مَن سِواهم».

قال أبو عبيد : معناه أَنَّ كلمتَهم ونُصْرَتَهم واحدةٌ على جميع المِلَلِ المحاربة لهم يتعاوَنُون على جميعهم ، ولا يَخْذل بعضُهم بعضا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال : ثوبٌ قصير اليَدِ إذا كان يَقْصُر عَن أن يُلْتحَفَ به ، وقميصٌ قصيرُ اليَدين أي قَصير الكُمَّين ، ويقال : أعطاه مَالا عَن ظَهْر يَدٍ يعني تَفَضُّلا ليس مِن قَرْض ولا مُكافأة ويقال : خَلعَ فلان يَدَه عَن الطَّاعة ، ونَزَع يَدَه مِثله ، وأنشد :

* ولا نَازعٌ مِن كلِّ ما رابَنِي بَدا*

ويقال : هذه يَدِي لَك أي انقَدْتُ لك فاحْتَكِمْ عليَّ بما شئتَ.

قال : وقال اليزيدي : أيْدَيْتُ عنه يَدا مِن الإحسان ويدَيته فهو مَيْدِيُ إذا ضربت يده ، قال : وجمع اليد من الإحسان أَيادِي ويَدِيٌ ، وتصغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ.

وقال أبو عُبيدة في قول الله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩] ، قال : تركُوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِموا.

وقال الفرّاء : كانوا يُكذبونهم ويَرُدَّون القولَ بأيديهم إلى أفواه الرسل ، وهذا يُرْوى عن مجاهد.

وروي عن ابن مسعود أنه قال في قوله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) عَضُّوا أطراف أصابعهم.

قلت : وهذا من أحسن ما قيل فيه ، أراد أنهم عَضّوا أيديَهم حنَقا وغَيْظا ، وهذا كما قال الشاعر :

* يَرُدُّون في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود*

يعني أنهم يَغيظُون الحسودَ حتى يَعَضّ على أصابِعه ، ونحو ذلك قول الهذلي :

قد أَفْنَى أنامِلَه أَزْمُه

فأَمْسَى يَعَضُّ عليَّ الوَظِيفَا

١٧٠

يقول : أكل أصابعَه حتى أَفْنَاها بالعَضِّ فصار يَعَض وظَيْفَ الذراع.

قلت : واعتبار هذا بقول الله جلّ وعزّ : (وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [آل عمران : ١١٩].

يقال للرجل يدعى عليه بالسوء : للْيَدَيْن ولِلفم أي يَسْقُطُ على يَدَيْه وفَمِه.

شَمِر : يَدَيْتُ اتَّخَذْتُ عنده يَدا. وأنشد :

* يَدٌ مَا قَدْ يَدَيْتُ على سُكَينٍ*

قال : يَديتُ اتَّخذْتُ عِنده يَدا.

ويقال : إن قوما من الشُّراة مَرُّوا بقومٍ من أصحاب عليّ ، وهم يَدْعُونَ عَلَيْهم ، فقالوا : بِكم اليَدان أي حَاق بكُم ما تَدْعُون به.

والعرب تقول : كانَتْ بِه اليَدان أي فَعَل اللهُ بِه ما يَقُولُهُ لِي ، وكذلك قوله : رَمَاني مِنْ جول الطَّوِيِّ وأَحاقَ اللهُ به مَكْرَه.

ابن السكيت : ابْتَعتُ الغَنْم اليدين أي بثمنين ، بعضَها بثمن ، وبعضَها بثمن آخر.

وقال الفراء : باع فلان غنمه اليدين ، وهو أن يُسْلِمها بِيَدٍ ويأخذَ ثمنها بيد.

ويقال : جاء فلان بما أَدَّتْ يدٌ إلى يدٍ ، عند تأكيد الإخْفاق ، وهو الخَيْبَةُ.

وأد : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الوَأْدُ والوَئِيدُ جميعا الصوتُ الشدِيدُ.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨)) [التكوير : ٨] قال المفسرون : كان الرجلُ مِن أهل الجاهلية : إذا وُلِدَتْ له بِنْتٌ دَفنها حين تضعُها والدتُها حَيّةً مَخَافَةَ العَار والحَاجَةِ ، فأنزل الله جلّ وعزّ : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١] الآية. وقال في موضع آخر : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى) إلى قوله : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) [النحل : ٥٨ ، ٥٩] الآية. ويقال : وأدها الوائد يئدها وَأُداً فهو وَائِدٌ ، وهي مَوْءودة وَوَئيد.

وقال الفرزدق :

وَعَمّي الّذي مَنَع الوائِداتْ

وأحيا الوَئيدَ فلم يُؤأَدِ

وقال أبو العباس : مَن خَفَّفَ همزة الموءودة قال : مَوْدةٌ كما ترى لئلا يجمع بين ساكنين.

ويقال : تَوَأَدتْ عليه الأرض وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعَتْ إذا غَيَّبَتْهُ ، وذهبتْ به.

قلت : هما لغتان تودَّأَتْ عليه وتَوَأَّدتْ على القلب.

وقال ابن الأعرابيّ : الموائد والمآود للدواهي وهو أيضا على القلب ، والتُّؤَدَةُ التَّأنِّي والتَّمَهُّلُ وأصلها وُؤدة مثل التُّكأة أصلها وُكَأَة.

ويقال : اتَّأَدَ يَتَّئِدُ اتِّئَادا ، وثُلاثِيُّه غير مستعمل ، لا يقولون : وَأَدَ يئدُ بمعنى

١٧١

اتَّأد.

وقال الليث : يقال اتَّأد وتَوَاَّد فاتَّأد على افتَعَلْ وتَوَأَّدَ على تَفَعَّلَ ، والأصل فيهما : الوَأْد إلا أن يكونَ مَقلوبا من الأوْد ، وهو الإثقال.

فيقال : آدني يَؤُودني أي أثقلني والتَّأَوُّد منه ، ويقال : تأوَّدت المرأةُ في قيامها إذا تَثَنَّتْ لتثاقلها ، ثم قالوا : تَوَأَّد واتَّأَدَ ، إذا تَرَزَّن وتَمَهَّلَ ، والمقلوبات في كلام العرب كثيرة ونحن ننتهي إلى ما ثَبَتَ لنا عِندهم ولا نُحْدِثُ في كلامهم ما لم ينطقوا به ولا نَقِيسُ على كلمة نادرةٍ جاءت مقلوبة.

دوى : وقال الليث وغيره : الدَّواةُ معروفة إذا عَددتَ قلتَ : ثلاثُ دَوَيَات كما يقال : نَوَاةٌ وثلاثُ نَوَيَات ، وإذا جَمَعْتَ مِن غير عَدد فهي الدَّوَى كما يقال نواةٌ ونَوَى ، قال : ويجوز أن يجمع دُوِيَّا.

قال أبو ذؤيب :

عَرفْتُ الدِّيار كَخَطِّ الدُّويِ

يَذْبُرُهُ الكاتِبُ الحِمْيَرِيّ

والدّوى تَصْنيعُ الدَّوَابَّةِ وتسمينهُ وصَقْله بِسَقْي اللَّبن والمواظَبَة على الإحسان إليه ، وإجْرائِه مع ذلك البَرْدين ، قَدْرَ مَا يَسِيلُ عَرَقُه ويَشْتَدَّ لحمه ويذهب رَهَله ، ويقال : داوَيْتُ الفرس دِوَاء ومُداواة ، ويقال : داوَيتُ العَلِيلَ دَوًى ـ بفتح الدال ـ إذا عالجته بالأَشْفِيَةِ التي تُوافِقه. وأنشد الأصمعيّ فقال :

وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيك الدَّوى

ولَيْسَ له من طعامٍ نَصِيبْ

خَلا أَنَّهُم كُلَّما أَوْرَدُوا

يُصَبِّحُ قَعْبا عَلَيْهِ ذَنُوبْ

قال معناه : أنه يُسْقى قَعْيا مِن لَبَن عليه دلوٌ مِن ماءٍ ، وصفهُ بأَنَّه لا يُحْسِن دِواء فَرَسِه ولا يُؤثرُه بِلَبَنِه كما يَفْعَلُ الفُرْسان.

أبو عبيد عن الفراء قال : الإدَاوَة المَطْهَرَةُ وجمعها الأداوَى ، وأنشد :

يَحْمِلْنَ قُدامَ الجَآ

جِىء في أَداوَى كالمَطَاهِر

يَصِفُ القَطا واستقاءها لِفِراخِها في حَواصِلها.

* * *

١٧٢

باب الرباعي من حرف الدال

[فندر] : قال الليث : الفِنْديرةُ وجمعها فَناديرُ قِطعةٌ ضخمةٌ من تَمْرٍ مُكْتَنِزٍ ، أو صَخْرةٍ تَنْقَلِع مِن عُرْضِ الجَبل ، وأنشد في صفة الإبل :

* كأَنها مِن ذُرَى هَضْبٍ فَنَادِيرُ*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الفَنْدُورَةُ هِيَ أُمُّ عِزْم وأمُّ سُوَيْد يعني السَّوأَةَ.

* [فرند] : وقال الليث : فِرِنْد دخِيلٌ مُعرَّب ، اسم ثوب ، وَفِرِنْدُ السيف وَشْيُه ، قلت : فرنْد السَّيف جَوْهَرُه وماؤُه الّذي يَجْري فيه ، وطرائِقُه يقال لها : الفِرِنْدُ وهي سَفاسِقه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الفِرْنِد الأبْزَارُ وجمعه الفَرَانِدُ.

[بندر] : وقال الليث : البَنَادرَةُ دَخيلٌ وهم التُّجار الذين يلزمون المدائن واحدهم بُنْدَارٌ.

* [بلدام] : قلت : وقرأتُ في هذا الباب لابن المظفر : البَلَنْدمُ الرَّجل الثَّقِيلُ في المَنْظَر البَلِيدُ في المخْبرِ ، قال : ومُقَدَّمُ الصدر بَلْدَمٌ ، قلت : وهذان الحرفان عند الأئمة الثقات بالذال.

وقال ابن شميل : البَلْذَمُ المَرىءُ والحُلقوم والأوْداج يقال لها : بَلذم ، ونحو ذلك.

قال الأصمعيّ : قال البَلْذَمُ من الفرس ما اضطرب من حُلْقُومه ومَرِيئِهِ ، وجَرانِهِ ، قال : المريء مَجْرى الطعام والشراب ، والجران الجِلْدُ الّذي في باطن الحَلْقِ مُتَّصِل بالعُنُق ، والحُلْقُوم مخرج النَّفْس والصوت.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : البَلْذَم البَلِيدُ من الرِّجال.

[دلظم] : الليث : الدِّلْظَم والدَّلْظَم الناقة الهرِمة الفانية ، قلت : وقال غيره : الدَّلْظَم الجمل القويّ ، ورجلٌ دِلْظَم شديد قويّ.

[دلنظ] : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّلَنْظَى السمين من كل شيء.

وقال شمر : دَلَنْظَى وبَلَنْزَى إذا كان ضَخْما غليظ المنكِبَيْن ، وأصله من الدَّلْظِ وهو الدَّفْعُ.

[ثرند] : وقال اللحياني : اثْرَنْدَى الرجلُ إذا كَبُر لحم صَدْره ، وابلندى إذا كَبُر لحم جَنْبَيْه وعَظُما ، وادلَنْظَى إذا سَمِن وغَلُظَ.

١٧٣

(رجل مُثَرْنَد مُخصِب) (١)

دربل : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دربل إذا ضرب الطَّبل.

[دردب] : سَلَمة عن الفراء : الدَّرْدَبِيُ : الضَّرْبُ بالكُوبة.

أبو عبيد عن أبي عمرو : الدَّرْدابُ صَوْت الطَّبل.

أبو عمرو : الدّرْدَبةُ الخُضوع ، يقال : درْدبَ لما عَضَّهُ الثِّقاف أي ذَلَّ وخَضَع.

[فرند] : فِرِندَادُ ، جَبَلٌ بناحية الدّهْناء وبِحِذَائِه جَبلٌ آخر ويقال لهما معا : الفِرِندَادانِ. وقال ذو الرمة :

* وَيَافِعٌ مِن فِرِندَاديْن مَلْمُومُ*

[دمثر] : أرضٌ دمَاثرُ إذا كان دمِثا.

وأنشد الأصمعيّ في صفة إبل :

* ضَارِبة بِعَطَنٍ دُمَاثِرِ*

أي شَرِبَتْ فَضَربَتْ بعطن ، ودَمْثَرٌ دَمِثٌ ، والدَّمْثَرَةُ الدَّماثة ، وبَعِيرٌ دُمَثِرٌ ودُمَاثِرٌ إذا كان كَثِير اللحم.

* بلدم : اللحياني : يقال للرجل إذا فُرق فَسَكت : بَلْسَمَ وَبَلْدَمَ وطَرْسَم وأَسْبَط وأَرَمَ.

[تمرد] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال لِبُرْج الحمام : التِّمرادُ وجمعه التَّماريدُ وقيل : التَّماريد محاضِنُ الحَمَام في بُرْج الحَمَامِ ، وهي بيوتٌ صِغار يُبْنَى بعضها فوق بعض.

[دردب] : عمرو عن أبيه : الدَّرْدَبة تحرُّك الثَّدْي الطَّرْطُبِّ وهو الطَّويلُ.

وقالت أمُّ الدّرْداء : زارنا سَلْمان من المدائن إلى الشام ماشيا وعليه كساءٌ وأَنْدَرْوَرْد

يعني سراويل مُشَمَّرة ، قلت : وهي كلمة عَجَميَّة وليست بعربيَّة ، وفي النوادر رجل بَنْدَرِيٌ ومُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ وهو الكثير المال.

[بيدر] : ويقال : بَيْدَرٌ من حِنطَةٍ وصُولَةٌ من حِنْطة ، وجمعها صُولٌ وهو مثل الصَّوبَة.

[دربى] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَرْبَى فلانٌ فلانا يُدَرْبيه إذا ألقاه وأنشد :

[اعلَوّطا عَمْرا ليُشْبياهُ

في كلِّ سوءٍ ويُدَرْبياهَ](٢)

* حَوْجَلُة الخُبَعْثَنِ الدِّمَثْرا*

وقول العجاج : بعير دِمَثْر ودُمَاثِرٌ إذا كان كثير اللَّحم وثيرا) (٣).

__________________

(١) أثبت في المطبوعة ضمن مادة (درنف) الآتية ، ووضعناه هنا كما في «اللسان» (ثرند ـ ٢ / ٩٤).

(٢) زيادة من «اللسان» (درب ـ ٤ / ٣١٨). وقال ابن منظور بعده : «يُشبياهُ ويُدَربياه أي يُلقِيانه. ذكرها الأزهري في الثلاثي (درب) ، وفي الرباعي في : (دربى)».

(٣) كذا أثبت في المطبوعة ، والكلام تابع لمادة (دمثر).

١٧٤

[درنف] : وقال [الشاعر](١) :

* أَكْلَفَ دُرْنُوفا هجانا هَيْكَلا*

قال الأزهري : لا أعرف الدُّرْنُوفَ وقال : هو العظيمُ من الإبل.

[دربن] : وقال [المثقب العبدي] (٣) :

* كدُكَّان الدَّرابِنَةِ المطِين*

قيل : الدَرابِنَةُ التجار ، وقيل : جمع الدَّرْبان.

[ثرمد] : وقال ابن دريد : القاقُلي الثّرْمَدُ من الحَمْضِ وكذلك القُلّام والباقِلاء.

قال أبو منصور : ورأَيْتُ في ماء لبني سعد يقال له ثرمداء ورأيت حَواليه القاقلِّي وهو من الحمض معروف وفي الحديث : كان أبي يلْبس أنْدَرُورْديَّة

يعني التُّبان.

قال الأزهري : وليس بعربي ولكنه مُعَرَّب.

تم كتاب الدال والحمد لله على نعمه (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).

آخر كتاب الدال

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (درنف) ، نقلا عن الأزهري.

١٧٥

كتاب حرف التاء من «تهذيب اللغة»

أبواب المضاعف من حرف التاء

[ت ظ ـ ت ذ : مهمل](١).

[باب التاء والثاء]

ت ث

استعمل منه : [ثتّ].

ثت : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الثَّتُ الشَّق في الصَّخرة وجمعه ثُتوتٌ قال :

والثَّتُ أيضا العِذْيَوْطُ ، وهو الثَّمُوتُ والذَّوذَخ والْوَخْوَاخُ والنَّعْجَة الزُّمَّلِق.

عمرو عن أبيه : في الصخرة ثَتٌ وفَتٌ وشَرْمٌ وشرْن وخَقٌ ولَقٌ وشِيقٌ وشِرْيان.

باب التاء والراء من المضاعف

[ت ر]

تر ، رت : [مستعملان].

تر : قال الليث : التَّرَارَةُ امتلاءُ الجِسم من اللَّحْم وَرِيُّ العَظْمِ ، رجل تَارٌّ وَقَصَرَةٌ تَارَّةٌ والفِعْل تَرَّ يَتِرُّ قال : والتُّرُورُ وَثْبَةُ النَّوَاةِ من الحَيْس ، يقال : تَرَّتْ تَتِرُّ تُرُورا ، يقال : ضرب فلان يَدَ فلان بالسيف فأَتَرَّها وأَطَرَّها وأَطَنَّها ، والغلام يُتِرُّ القُلة بمقلاته.

وقال طَرَفة يصف بعيرا عقره :

تَقُول وقد تُرَّ الوظِيفُ وساقُها

أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ

ترَّ الوَظِيفُ ، أي انْقَطَع فَبان وسَقَط.

وقال أبو زيد : تُرَّ الرَّجُلُ عن بلده ، وأَتَرَّهُ القضاءُ إتْرارا إذا أَبْعَدَه.

وقال الليث : الترْتَرَةُ أن تَقْبِضَ عَلَى يَدَيْ رَجُل تُتَرْتِرُهُ أي تحرّكه.

وفي حديث ابن مسعود : أنَّه أُتِيَ بسكران فقال : تَرْتِرُوه ، وَمَزْمِزُوه.

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : وهو أن يُحَرَّك ويُزَعْزَع ويُسْتَنْكَه حتى يُوجَدَ منه الرِّيح لِيُعْلَمَ ما شرب ، وهي الترترة والتَّلْتَلَةُ والمَزْمَزَةُ.

وقال ذو الرمة يصف جملا :

بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ غَوْجٌ شَمَرْدَلٌ

يُقَطِّع أَنْفاسَ المَهارِي تَلَاتِلُه

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التُّرَّى اليَدُ المقطوعةُ ، والترَّةُ الجارِيةُ الحَسْنَاءُ الرَّعْناء.

__________________

(١) أهملهما الليث. وسيأتي ذكر إهمالهما أيضا في : (أبواب الثلاثي الصحيح من حرف التاء).

١٧٦

قال : والتُّرُّ الأصلُ ، يقال : لأَضْطَرَّنَّكَ إلى تُرِّكَ وقَحاحِك.

وقال الليث : التُّرُّ كلمة تَتَكلم بها العرب إذا غضب أحدهم على الآخر ، قال : والله لأقَيمنَّك على التُّرِّ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : المِطْمَرُ هو الخيط الّذي يُقَدَّر به البناء ، يقال له بالفارسيَّة : التُّر.

وفي «النوادر» : بِرْذَوْنٌ تَرٌّ ، ومُنْتَرٌّ وغَرْبٌ وقَزَعٌ ودُقاقٌ إذا كان سريعَ الرَّكْض ، وقال : التَّرُّ من الخَيلِ المعتَدِلُ الأعضاء الخفيفُ الدَّرِير ، وأنشد :

وقدْ أَعْذُو مَعَ الفِتْيا

ن بالمنْجَرِد التّرِّ

وذِي البركَةِ كالتَّابو

ت وَالمِحْزَم كالقَرِّ

معي قاضبة كالمل

ح في في متنيه كالذرّ

وقال الأصمعيّ : التارُّ المنفرد عن قومه ، تَرَّ عنهم إذا انفرد ، وقد أَتَرُّوه إتْرارا.

وقال ابن الأعرابيّ : تَرْتَرَ ، إذا استَرْخَى في بدنه وكلامه قال : وَتَرّ بسلحه وهَدَّ به ، وهَرَّ به إذا رمَى به.

وقال أبو عمرو : ترَّ بسَلْحِهِ ، يتِرّ ويَتُرّ إذا قذف به.

وقال أبو العباس : التَّارُّ المسترخِي من جوع أو غيره وتَرَّ يَتِرُّ ويَتُرُّ.

وأنشد :

ونُصْبِحُ بالغدَاةِ أَتَرَّ شيءٍ

ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلنفَحينَا

قال : أَتَرَّ شيءٍ أَرْخَى شيءٍ من التعب ، يقال : تِرَّ يا رجل.

ويقال للغلام الشّابّ الممتلئ : تَارٌّ وقد تَرَّ يتِرُّ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التّراتِيرُ الجواري الرُّعْنُ.

وقال ابن شميل : الأترُورُ الغلامُ الصغير.

وقال الليث : الأُتْرُورُ : الشُّرَطِيُّ.

وأنشد :

أعوذُ بالله وبالأمير

مِن صاحبِ الشُّرْطة والأُترُورِ

رت : قال الليث : الرُّتَّة عَجَلَةٌ في الكلام ، ورجلٌ أَرتُ.

وقال محمد بن يزيد المبرّد : الغَمْغَمة أن تَسَمعَ الصوتَ ولا يَبينُ لك تَقطيعُ الكلامِ ، وأن يكونَ الكلام مُشْبِها لكلام العجم ، والرُّتَّة كالريح تمنع منه أولَ الكلام ، فإذا جاء منه شيء اتصل به ، قال : والرُّتَّة غريزة وهي تَكثر في الأشراف.

عمرو عن أبيه : الرَّتَّاءُ : المرأةُ اللَّثْغَاءُ.

وقال ابن الأعرابيّ : رَتْرَتَ الرجلُ إذا

١٧٧

تَعتع في التاء وغيرِها قال : والرَّتُ : الرئيسُ من الرجال في الشَّرف والعطاء وجمعه رُتُوتٌ قال : والرّتُ أيضا الخِنزير المُجَلِّحُ وجمعه رِتَتَةٌ ، ونحو ذلك.

قاله الليث.

باب التَّاء واللام

[ت ل]

تل ، لت : [مستعملان].

تل : سلمة عن الفراء : تَلّ إذا صَبّ ، والتَّلّةُ الصَّبَّةُ ، والتَّلّةُ الضَّجْعةُ والكسل ، قال : والتَّلّة بقيّة الدَّيْن.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : تَلّ يَتُلُ إذا صَبّ ، وتَلّ يَتِلّ إذا سقط.

وحدثنا عبد الله بن هَاجَك ، قال : حدثنا علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «نُصِرْتُ بالرُّعب وأُوتِيتُ جوامعَ الكلم ، وبينا أنا نائِم أُتِيتُ بمفاتيح خزائن الأرض فَتُلَّتُ في يدِي».

قلت : معناه فصُبَّتْ في يدي.

وقال ابن الأعرابيّ : المُتَلَّلُ الصّرِيعُ وهو المشَغْزَبُ.

قلت : وتأويل قوله : وأُتِيتُ بمفاتيح خزائن الأرض فتُلَّتْ في يدي : ما فَتَحهُ الله جلّ ثناؤه لأُمَّتِه بعد وفاته من خزائن ملوك الفُرْس ، وملوك الشام ، وما استولى عليه المسلمون من البلاد ، حقّق الله تعالى رؤياه التي رآها بعد وفاته من لَدُنْ خِلافة عمرَ بن الخطاب إلى يومنا هذا.

وقال الليث يقال : تَلَلْتُ في يديه أي دفَعْتُ إليه سَلْما ، قال : والتَّلُ الرابيةُ من التراب مَكْبُوسا ليس خِلْقَة.

قلت : هذا غَلَطٌ ، التِّلال عند العرب الرَّوابي المخلوقة.

وروى شمر عن ابن شميل أنه قال : التَّل من أَصاغر الآكام ، والتَّل طولُه في السماء مثلُ البيت عَرْضُ ظهرهِ نحو عَشرة أَذْرع ، وهو أصغر من الأَكَمة ، وأقلُّ حجارةً من الأكمة ، ولا يُنْبِتُ التل خيرا ، وحِجارةُ التَّل عَاضٌّ بعضُها ببعض مثلُ حِجارة الأَكمة سواء.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)) [الصافات : ١٠٣] ، معنى تَلَّهُ صَرَعه.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : التّلِيلُ والمتْلُول : الصّريع ، وقال في قول لبيد :

* أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْيوع مِتَلِ *

أي يصرعَ به.

وروى شمر عن ابن الأعرابيّ : مِتلٌ شديدٌ والجون فرسه.

وقال شمر : أراد بالجون جَمله والْمربوع

١٧٨

جَرير ضُفِرَ على أربع قوى.

وروى سعيد عن قتادة في قوله تعالى : (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ، قال : كَبَّه لفيه وأَخَذَ الشَّفْرة.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن الفراء : رجل مِتلٌ إذا كان غليظا شديدا.

قال : المِتلُ الّذي يُتَل به ، ورمح مِتلٌ غليظ شديد وهو العُرُدُّ أيضا.

وقال الليث وغيره : التَّلِيلُ : العُنُق قال لَبيد :

* يَتَّقيني بتليلٍ ذِي خُصَل*

أي بِعُنُق ذي خُصَل من الشعر ، وقال الليث : التّليلةُ الإقلاقُ والحَرَكةُ ، ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التّلْتَلَةُ قِشْرُ الطّلْعة يُشْرَبُ فيه النبيذ ، وقال : تُلَ : إذا صُرِعَ ، وكذلك قال الفراء : رجل مِتَلٌ أي مُنتصبٌ في الصّلاة وأنشد :

* رجال يَتُلُّونَ الصلاة قيام*

قلت : هذا خطأ ، وإنما هو رجال يُتَلُّونَ الصلاة قيام ، من تَلَّى يُتَلِّي : إذا أتبع الصلاةَ الصلاة.

قال شمر : تَلَّى فلان صلاتَه المكتوبة بالتطوّع أي أتْبع ، قال البعيث :

على ظَهْرِ عَادِيٍّ كأَنَّ أُرُومَه

رجالٌ يُتَلُّونَ الصلاةَ قيامُ

أبو عبيد عن الكسائي : هو ضالٌ تَالٌ آلٌ وجاء بالضَّلالة ، والتَّلالة والألالة ؛ وقال أبو تراب : البلابل والتّلاتل الشدائد.

وقال أبو الحسن : يقال : إن جَبينه لَيَتِلُ أَشَدَّ التَّل ، وما هذه التَّلة بفيك أي البِلّة ، قال : وسألتُ عن ذلك أبا السميدع فقال : التّلَلُ والبَلَلُ والتِّلَّة والبِلَّة شيء واحد ، قلت : وهذا عندي من قولهم : تَلّ أي صَبّ ، ومنه قيل لِلْمشْربة : تَلْتَلَة ، لأنه يُصب ما فيها في الحَلْق.

لت : قال الليث : اللّتُ الفِعل من اللُّتات ، وكل شيء يُلَتُ به سَويقٌ أو غيره نحو السمن وما إليه.

وقال الفراء : حدثني القاسم بن معن عن منصور بن المعتمر عن مجاهد قال : كان رجل يَلُتُ السويق لهم ، وقرأها : أفرأيتم اللاتّ والعزّى (١٩) [النجم : ١٩] بالتشديد.

قال الفراء : القراءة (اللَّاتَ) ، بتخفيف التاء الأصل اللاتّ بالتشديد لأن الصنم إنما سمِّي باسم اللّات الّذي كان يَلُتَ عند هذه الأصنام لها السويقَ ، فخفف وجُعل اسما للصنم.

وكان الكسائي يقف على اللات بالهاء ويقول : اللاه ، قال أبو إسحاق : وهذا قياس ، والأجود اتِّباعُ المصحفِ ، والوقوف عليها بالتاء ، قلت : وقول الكسائي يوقف عليها بالهاءِ ، يَدُل على أنه لم يجعَلْهما من اللَّتِ ؛ وكأنَّ المشركين الذين عبدوها عارضوا باسمها اسمَ الله ،

١٧٩

تعالى الله علوا كبيرا عن إفكهم ومعارضتهم وإلحادهم ، لعنهم الله في اسم الله العظيم ، وقال ابن السكيت : اللَّت بَلُّ السوِيق والْبَسُّ أشدُّ من اللَّت.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : اللّتّ الفَتُّ.

قلت : وهذا حرف صحيح أخبرنا عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال في باب التيمم : ولا يجوز التيمم بِلُتَاتِ الشجر وهو ما فُتّ من قِشْره اليابس الأعلى.

قال الأزهري : لا أدري لُتات أم لِتات ، وفي بعض الحديث : فما أبقى المرض مني إلا لُتاتا.

قال : اللُّتات ما فُتَّ من قِشر الشجر كأنه يقول : ما أبقى مني إلا جِلدا يابسا. قال امرؤ القيس في اللَّت بمعنى الفتّ :

تَلُتُ الحصى لَتّا بسُمْرٍ رزينة

موارِد لا كُزْمٍ ولا مَعِراتِ

يصف الخمر وكسرها الحصى.

باب التّاء والنون

[ت ت]

تتن ، نت (نتن) : [مستعملان].

[تن] : قال الليث : التِّنُ التِّرْبُ ، يقال : صِبْوَة أتْنَانٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هو سِنه وتِنه وحِنته ، وهم أسنانٌ وأتنانٌ إذا كان سِنُّهم واحدا.

وقال الليث : التِّنُ الصَّبيُّ الّذي يقْصعه المرض ، يَشِبُّ ، وقد أَتَنَّه المرضُ ، وقال أبو زيد : أتَنّه المرض إذا قَصَعَه فلم يلحق بأتنانه أي بأقرانه ، قال : والتِّنُ الشَّخْصُ والمِثالُ.

وقال الليث : التِّنِّينُ : ضربٌ من الحيّات من أعظمها وربما بعث الله سحابة فاحتملته ، وذلك فيما يقال والله أعلم : أن دَوَابَّ البحر تشكو إلى الله تعالى فيرفعه عنها ، قلت : وأخبرني شيخ من ثِقَاتِ الغزاة أنه كان نازلا على سيفِ بحْرِ الشام ، فنظر هو وجماعة أهل العسكر إلى سحابة انْقَسَمت في البحر ثم ارتفعت ونظرنا إلى ذَنَبِ التِّنِّين يضطرب في هَيْدب السحابة ، وهبَّت بها الريحُ ونحن ننظر إليها إلى أن غابت السّحابة عن أبصارنا ، وجاء في بعض الأخبار أن السحابة تحمل التنين إلى بلاد يأجوج ومأجوج فتَطرحُه بها ، وإنهم يجتمعون على لحمه فيأكلونه.

وقال الليث : التِّنِّين أيضا نَجْمٌ من نجوم السماءِ وليس بكوكب ولكنه بياضٌ خَفِيٌّ يكون جَسَدهُ في سِتَّة بروج من السماءِ وذَنَبُه دَقيقٌ أسود فيه التواءٌ يكون في البرج السَّابع ، وهو يَتنقّلُ كتنقل الكواكب الجواري ، واسمه بالفارسية هُشْتُنْبُر في حساب النجوم وهو من النحوس ، ثعلب

١٨٠