تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الطاء

[باب الطاء والدال]

ط د (وايء)

[أطد] ، وطد ، تطا ، طدي ، طود.

وطد ـ طدي ـ أطد : في حديث ابن مسعود : أن زيادَ بنَ عَدِي أتاه فَوَطَده إلى الأرض ، وكان رجلا مجبولا ، فقال عبد الله : اعْلُ عَنِّي ، فقال : لا حتى يخبرني متى يَهلِكُ الرجلُ وهو يعلم؟ قال : إذا كان عليه إمامٌ إن أطاعه أكفَره ، وإن عصاه قَتَله.

قال أبو عبيدة : قال أبو عمرو : الوطْد غَمْزُك الشيءَ إلى الأرض ، وإثباتُك إيّاه ، يُقال منه : وطَدْتُه أَطِدُه وطدا إذا وَطِئْتَه وغَمَزْتَه ، وأَثْبَتّه ، فهو مَوْطود ، وقال الشَّمَّاخ :

فالْحَق بِبِجْلَة نَاسِبْهم وكُن معهم

حتى يُعيروك مَجدا غيرَ مَوْطودِ

الليث : المِيطَدَةُ خَشبةٌ يُوطّدُ بها المكانُ فيُصلَبُ الأَسَاسُ بناءً أو غيره.

عمرو عن أبيه : الطّادِي : الثابتُ.

وقال أبو عبيد في قول القطامي :

* ولا تَقَضّى بواقِي دَيْنها الطادي *

قَالَ : يراد به الواطِدُ ، فأَخَّر الواو وقَلبَها ألفا ، ويقال : وَطّدَ اللهُ لِلسلطان مُلكَه وأَطّدَه إذا ثَبَّته.

سلمة عن الفراءِ : طادَ إذا ثَبتَ ، وطَادَ إذا حَمُق ، وَوَطَد إذا سارَ.

طود : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : طَوَّدَ إذا طوَّف في البلاد لِطلب المعاش.

وقال أبو عبيد : الطّوْدُ الجبلُ العظيم ، وجمعه أَطوادٌ ، وقال غيره : طوَّد فلانٌ بفلان تَطْويدا وطَوَّحَ به تَطويحا ، وطَوَّد بنفْسه في المطاودِ ، وطوَّح بها في المطاوِح ، وهي المذاهب.

وقال ذو الرُّمّة :

أخو شُقّةٍ جَاب البلادَ بِنَفْسِه

على الهول حتى طَوَّحَتْه المطَاوِدُ

٥

وابنُ الطَّودِ الجُلمودُ الذي يَتَدَهْدَى مِن الطّوْد.

وقال الشاعر :

دعوتُ خُلَيْدا دَعْوَةً فكأَنَّما

دَعَوْتُ به ابن الطّود أوْ هو أَسْرعُ

[باب الطاء والتاء]

ط ت (وا يء)

أهمله الليث.

[تطا] : وقال ابن الأعرابي : تَطَا إذا ظَلَم ، وتَطَا إذا هَرَب. رواه أبو العباس عنه.

[باب الطاء والظاء]

ط ظ (١) أهملت وجوهها.

باب الطاء والذال (٢)

[ط ذ (وا يء)]

[ذوط] : قال عمرو الشيباني : الذَّوَطُ أن يَطولَ الحَنَك الأعلى ويَقْصُرَ الأسفلُ.

وقال أبو زيد نَحْوَه.

وقال أبو عبيد : الذَّوَطُ سُقَّاطُ الناس ، قال : والذَّوَطُ أيضا صِغَرُ الذَّقَنِ.

وقال أبو زيد : ذَاطَه يَذُوطه ذَوْطا ، وهو الخَنْقُ حتى يَدْلَعَ لِسانهُ.

وقال أبو عمرو : الذَّوْطةُ وجمعها أذْواط : عَنْكبوتٌ لها قوائِم ، وذنبُها مثلُ الحبَّة من العِنَب الأَسْوَد ، صَفْراء الظهر صغيرة الرأس ، تَكَعُ بِذَنبِها فتُجهِدُ من تَكَعُه ، حتى يَذُوطَ ، وذَوْطهُ أن يَخْدَرَ مَراتٍ ، ومن كلامهم : يا ذَوْطَةُ ذُوطِيه.

انتهى والله أعلم.

ط ث (وا يء) (٣)

ثطا ، ثاط ، وطث ، طثا : [مستعملة].

ثطا ـ ثطأ : أبو العباس عن ابن الأعرابي : ثَطَا إذا خَطا ، وثَطا إذا لَعِبَ بالقُلّة ، قال : والثُّطى العناكب ، والثُّطَى الخشباتُ الصِّغار.

وروى عمرُو عن أبيه : الثُّطَاةُ العَنْكبوتُ.

وقال الليث : الثَّطْأَةُ دُويبة ، يقال لها : الثُّطَاةُ ، وجاء في الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بامرأة سوداء تُرَقِّصُ صَبِيّا لها وهي تقول :

ذُؤَالَ يا بنِ القَرْمِ يا ذُؤَالة

يَمشي الثّطَا ويَجْلِسُ الهَبَنقَعهْ

وقال الليث : الثّطَا إفراطُ الحُمق ، يقال : رجل ثَطٌّ بَيِّنُ الثَّطَا ، وأرادت أنه يَمشي مشي الحَمقَى ، كما يقال : فلان يمشي

__________________

(١) بعده في المبطوعة : «ط ذ : مهمل». وهو مستعمل.

(٢) ذكر الليث في (باب الطاء والذال) ، (ذ أط) مستعمل فقط ، وقال : «الذأطُ : الامتلاءُ».

(٣) أثبت في المطبوعُ قبل (باب الطاء والذال) ووضعناه هنا وفقا لمنهاج الأزهري في ترتيب الأبواب.

٦

بالحمق ، ومنه قولهم : فلان من ثطاته لا يعرف قُطَاته من لَطَاتِهِ ، قال : القطاةُ موضع الرديف من الدَّابة ، واللّطاة غُرَّة الفرس ، أراد أنه لا يَعْرِف من حُمْقه مُقَدَّم الفرسِ من مُؤْخره.

ثأط : قال ويقال : إن أصل الثَّطا من الثَّأْطَةِ وهي الحَمأَة ، وقيل للذي يُفرِطُ في الحمق : ثَأْطَةٌ مُدَّتْ بمَاءٍ وكأنه مقلوب.

أبو عبيد عن الأحمر : أنه قال : الثَّأْطَةُ والدَّكَلَةُ والطَّاءةُ : الحَمأَةُ.

وقال أبو عبيدة نحوه في الثَّأْطِ. وأنشد شمر لتبع :

فأتى مَغيبَ الشمسِ عِندَ غُروبِها

في عينِ ذي خُلْبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ

طثا : أبو العباس عن ابن الأعرابي : طثا إذا لعِبَ بالقلة ، قال : والطثا الخشبات الصغار.

وطث : الوَطْثُ والوَطْسُ الكَسْر ، يقال : وَطَثَه يَطِثُه وَطْثا فهو مَوْطوث ، ووَطَسَه فهو مَوْطوس إذا تَوَطَّأَه حتى يَكْسره (٣).

باب الطاء والراء

ط ر (وا يء)

طرا ، (طري ، طرو) ، طرأ ، طير ، رطى ، ريط ، ورط ، وطر ، أطر ، أرّط ، وطر ، طور.

طرا ـ طرأ : الحرَّاني عن ابن الأعرابيّ : لحمٌ طريٌ غير مهموز ، وقد طَرُوَ يَطْرُو طَراوة وطراءة.

وقال الليث : طَرِي يَطْري طراوة وطَرَاءَة ، وقلما يُستَعْمل لأنه ليس بحادثٍ.

قال : والمطرَّاةُ ضرب من الطِّيب ، قلت : يقال لِلألُوَّة : مُطَراةٌ إذا طُرِّيتْ بِطيب ، أو عَنْبَر أو غيره.

وقال الليث : الطَّرَى يُكَثّر به عَدَدَ الشَّيء يقالُ : هم أكثر من الطّرَى والثّرَى.

وقال بعضُهم : الطّرَى في هذه الكلمة : كلُّ شيء من الخَلْق لا يُحصى عدده وأصنافه ، وفي أحد القولين : كل شيءٍ على وجه الأرض مما ليس من جِبِلّة الأرض من التراب والحَصْباءِ ونحوه ، فهو الطّرَى.

أبو زيد في كتاب الهمز : طرأتُ على القوم أَطْرأَ طَرْأً وطُروءا ، إذا أتَيتهم من غير أن يعلموا.

وقال الليث : طَرَأ فلانٌ علينا إذا خرج عليك من مكان بعيد فَجْأَة ، قال : ومنه اشْتَق الطُرْآني.

وقال بعضهم : طَرَآنُ جبل فيه حمام كثير إليه ينْسب الحمام الطُّرآني.

وقال أبو حاتم : حمام طُرْآني ، من طَرَأَ علينا فلانٌ أي طَلَع ولم نعرفه ، قال : والعامة تقول : حمام طُورانيٌ ، وهو خطأ ، وسُئل عن قول ذي الرمة :

٧

أَعاريبُ طُورِيُّون عن كُل قريةٍ

يَحيدونَ عنها مِن حِذَار المقادِر

فقال : لا يكون هذا من طَرَأَ ، ولو كان منه لقال : طَرْئيَّون ، الهمزة بعد الراء ، فقيل له : فما معناه؟ فقال : أراد أنهم من بِلاد الطَّور يعني الشام فقال : «طوريون» كما قال العجاج :

* دَانَى جَنَاحَيْهِ مِن الطُّور فَمرْ*

أراد أنه جاءَ من الشام ، يقال : أَطْرَى فلانٌ فلانا إذا مَدَحَه بما ليس فيه.

وقال ابن الأعرابي : أطرى فلانٌ فلانا إذا مدحه بما ليس فيه ، ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تُطروني كما أَطْرَتْ النصارى عيسى المسيح ابن مريم وإنما أنا عبد الله.

ولكن قولوا : عبد الله ورسوله» ، وذلك أنهم مدحوه بما ليس فيه فقالوا : هو ثالث ثلاثة وإنه ابن الله وما أشبهه من شِرْكهم وكفرهم.

عمرو عن أبيه : أطْرَى إذا زاد في الثناء ، وفلان مُطَرًّى من نفسه أي مُتَحَيِّر.

قال ابن السكيت : هو الطِرِيّان للذي يؤكل عليه ، جاء به في باب حروفٍ شدِّدتْ فيها الياء مثل البارِيّ والسَّرَارِيّ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الطِرِيَّانُ الطَّبقُ والطَّرِيُ الغريب ، وَطَرى إذا أتى ، وطَرَى إذا مَضَى ، وطَرَى إذا تَجَدَّد ، وأَطْرَى إذا زَادَ في الثناء.

وقال في موضع آخر : طَرِيَ يَطْرى إذا أقبل ، وطَرِيَ يَطرَى إذا مرَّ.

عمرو عن أبيه : يقال : رجلٌ طارِيٌ وطُوَرانِيٌ وطورِيٌ وطُخرور وطُمْرُور وطُحْرُور أي غَرِيبٌ.

ويقال : لكلِّ شيءٍ أُطْرُوَانِيَّةٌ : يعني الشبابَ.

أبو عبيد عن الأحمر : هي الإِطرية بكسر الهمزة ، وقال شَمِر : الإطْرِيَّةُ شيء يُعمل مثلُ النَّشاستج المتَلَبِّقَة.

وقال الليث : يُقال له : الأُطْرِيةُ ، وهو طعام يَتَّخِذُه أهلُ الشام ليس له واحد ، قال : وبعضهم يَكْسِر الألف فيقول : إطرية ، مثل زبْنِيَة ، قلت : والصواب إِطرية بالكسر ، وفتحها لَحْنٌ عندهم ، ويقال لِلغرباء : الطُّرَّاء ، وهم الذين يأتون من مكان بعيد ، قلت : وأصله الهمزة من طرأ يطرأ.

أبو زيد : أَطْرَيْتُ العَسَلَ إطراءً وأعْقَدتُه وأخْثَرتُه سواء.

أطر : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ذكر المظالم التي وقعت فيها بنو إسرائيل ، والمعاصي فقال : «لا والذي نفسي بيده حتى يأخذوا على يَدِيَ الظَّالم تَأْطِروه على الحق أَطْراً».

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو وغيره : قوله : تَأْطِروه يقول : تَعْطِفوه عليه ، وكل

٨

شيء عَطَفْتَه على شيءٍ فقد أَطَرْتَه تأطِرُه أَطْراً.

قال طرفةُ يذكر ناقةً وضلوعَها :

كأَن كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها

وأَطْرَ قِسِيِّ تَحتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدٍ

شبَّه انْحِنَاءَ الأضلاع بما حُنِيَ مِن طَرَفَيْ القَوْس.

وقال المغيرةُ بن حَبْنَاءَ التميمي :

وأنتم أناسٌ تقمِصونَ مِن القَنا

إذا مارَفِي أَكْتافِكم وتَأَطَّرا

أي إذا انْثَنَى.

وقال أبو زيد : يقال : أَطَرْتُ السهم أَطْراً إذا لَفَفْتَ على مجمع الفُوقِ عَقبةً ، واسم تلك العَقَبةِ أُطْرَةٌ.

وقال أبو زيد : يقال : أَطَرْتُ السهمَ أَطْراً.

وقال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الأَطْرَةُ أَنْ يُؤخذ رَمادٌ ودَمٌ فيُلطَخَ به كَسْرُ القِدْر ، وأنشد :

* قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لها بِأُطْرَةْ*

وقال أبو زيد : تَأَطَّرتِ المرأة تَأَطُّراً إذا قامت في بيتها ، وأنشد :

تَأَطَّرْنَ حَتى قلن لَسْنَ بَوارِحا

وذُبْنَ كَما ذَابَ السَّدِيفُ المسَرْهَدُ

وسُئل عمر بن عبد العزيز عن السُّنّة في قصّ الشارب ، فقال : أنْ تَقُصَّه حتى يَبْدُوَ الإطار.

قال أبو عبيد : الإطار الحَيْدُ الشَّاخِصُ ما بين مَقَصِّ الشَّارِبِ والشّفَة المحيط بالفم ، وكذلك كلّ شيء أحاط بشيء فهو إطار له ، قال بشر بن أبي حازم :

وَحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ

قرَاضِبَة ونحن لَهُمُ إطارُ

أي ونحن محدقون بهم.

وقال الليث : الإطار إطار الدُّف وإطار المُنْخُل ، وإطار الشَّفة ، وإطار البيت ، كالمِنْطقة حول البيت ، وانأَطَرَ الشيءُ انْئِطارا أي عَطَفْته ، فانْعَطف كالعُود تراه مُستديرا إذا جمعتَ بين طرفيه.

أبو عبيد عن الفرَّاء قال : الأطِيرُ الذّنْبُ ، ويقال في المثل : أَخَذَني بأَطِيرِ غَيْري أي بذَنْب غيري.

وقال مسكين الدَّارمي : أَبَصَّرْتَنِي بِأَطِيرِ الرِّجال وكَلّفْتَنِي ما يقولُ البَشَرْ.

وقال الأصمعي : إنَّ بينهم لأَوَاصِرَ رَحم وأَوَاطِرَ رحم ، وعَوَاطِفَ رحم بمعنى واحد ، الواحدةُ آصِرةٌ وآطِرةٌ.

أبو عبيدة : في كتاب الخيل : الأُطْرَةُ طَفْطَفَةٌ غَليظةٌ كأنها عَصَبة مُرَكّبةٌ في رأس الحَجَبَةِ وضِلَع الْخَلف.

وقال ابن الأعرابي : التّأْطيرُ أَنْ تَبْقَى الجاريةُ زمانا في بيت أَبَوَيْها لا تَتَزَوَّج.

وطر : قال الليث : الوَطَر كل حاجةٍ كان

٩

لصاحبها فيها هِمَّة ، فهي وَطَرُه ، ولم أسمع له فِعلا أكثر من قولهم : قَضَيتُ مِن أمر كذا وكذا وَطَرِي أي حاجتي ، وجمع الوَطَر أَوْطار. طار يطور.

طور : قال الله جل وعز : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) [المؤمنون : ٢٠] الطُّورُ في كلام العرب الجَبلُ وقيل : إن سيناء حجارةٌ ، وقيل : إنه اسم المكان ؛ والعرب تقول : ما بالدار طُورِيٌ ولا دُورِيٌّ.

قال الليث : ولا طُورَانِيٌ مثله ، وقال بعض أهل اللغة في قول ذي الرمة :

أَعَارِيبُ طُوريُّون عَن كُلِّ قَرْيةٍ

حِذَارَ المنايا أَو حِذَارَ المقادِرِ

وقال طُورِيُّون : أي وَحْشِيُّون يَحِيدون عن القُرَى حِذَار الوَباء والتَّلف ، كأنهم نُسبوا إلى الطُّور ، وهو جَبَل بالشام.

وقال أبو عمرو : رجلٌ طُورِيٌ أي غَريبٌ ، وحمام طُورِيٌ إذا جاء من بَلَد بعيد.

وقال الفراء في قول الله جل وعزّ : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤)) [نوح : ١٤] قال : نُطفةً ثم عَلَقةً ثم مُضْغة ثم عظما ، وقال غيره : أراد جلّ وعزّ اختلاف المناظر والأخلاق.

وقال الليث : الطَّوْرُ التّارةُ يقول : طَوْرا بعد طَوْرٍ أي تارة بعد تارةٍ ، والناس أطوارٌ أي أَصنافٌ على حالات شتى وأنشد :

* والمرْءُ يُخْلَق طَوْرا بعد أَطْوَارِ*

ويقال : لا تَطُرْ حَرَانَا وفلان يَطُور بفلان : أي كأنه يحوم حَوَاليه ويدنو منه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الطَّوْر الحَدُّ ، يقال : قد تعدَّى فلان طَوْرَه أي حدَّه ، والطَّوْرَةُ فِناء الدار والطَّوْرة الأَتْيَة.

وقال الليث : الطَّوارُ ما كان حَذْوِ الشيءِ وما كان بِحِذائه ، يقال : هذه الدار على طَوارِ هذه الدار ، أي حائطُها مُتصلٌ بحائطها على نَسَقٍ واحد ، وتقول : رأيت مَعه حَبْلا بِطَوَار هذا الحائط ، أي بِطوله ، والطَوار أيضا مصدر طار يطور.

أبو عبيد عن أبي زيد : في أمثالهم في بلوغ الرجل النهاية في العلم : بلغ فلان أَطورَيْه وأطوَرِيه بكسر الراء أي أقصاه.

طير : قال الليث : الطَّيْرُ معروفٌ ، وهو إسم جامع مُؤَنثٌ ، والواحد طائر ، وقلما يقولون : طائرةٌ للأنثى ، وقال أحمد بن يحيى : الناس كلهم يقولون للواحد : طَائِر ، وأبو عبيدة معهم ، ثم انفرد فأجاز أن يقال : طَيْر للواحد ، وجَمَعَه على طُيور ، وقال وهو ثقة.

وقال الفَراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء : ١٣] قال : طائِره في عنقه عَمَلُه إنْ خيرا فخيرا ، وإنْ شرا فشرا.

وقال أبو زيد : شقاؤه ، أفادني المنذري عن ابن اليزيديّ قال : قُرِىءَ طائِره وَطَيْرَه ،

١٠

والمعنى فيهما : قيل : عملُه ، وخيرُه وشرُه ، وقيل : شَقاؤُه وسعادَتُه.

قلت : والأصل في هذا كلِّه أن الله تبارك وتعالى لما خَلَقَ آدم عَلِم قبل خَلْقِه ذريتَه أنه يأمرهم بتوحيده وطاعته وينهاهم عن مَعْصيته ، وعلم المطيعَ منهم مِن العاصِين ، والظالِم لِنَفْسِهِ من الناظر لها ، فكتبَ ما عَلِمَه منهم أجمعين ، وقَضَى بسعادة مَن عَلِمه مُطِيعا ، وشقاوَة من علمه عاصيا ، فصار لكل مَن عَلِمَه ما هو صَائِرٌ إليه عند إنشائِه. فذلك قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) أي ما طار له بَدْءا في عِلْم الله من الشرّ والخير ، وعِلْم الشهادة عند كونهم ، يوافق عِلْمَ الغيبِ ، والحجة تَلْزَمُهم بالذي يَعْمَلُون ، وهو غير مُخالف لما عَلِمه الله منهم قبل كَوْنهم ، والعرب تقول : أي صار له وخرج لَدَيه سهْمُه أَطرتُ المالَ وطَيَّرتَه بَينَ القوم فَطَارَ لكل منهم سَهْمُه ، ومنه قول لبيد يَذكُر ميراثَ أخيه أرْبِد بين ورثته وحيازة كل ذي سهم منهم سَهْمَه. فقال :

تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشراك شفْعا

وَوِتْرا والزعامةُ لِلغُلام

والأشْراك : الأنْصِباءُ ، وأحدهما شِرْكٌ ، وقوله : شفْعا وَوِتْرا أي قُسِمَ لهم (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وخَلَصَتْ الرياسةُ والسِّلاحُ للذكور من أولاده.

وقال الله جلّ وعزّ في قصّة ثمود وتشاؤمهم بنبيِّهم المبعوث إليهم ، صالح عليه‌السلام : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) [النمل : ٤٧] ومعنى قولهم ، اطَّيَّرْنا تَشاءَمْنا ، وهي في الأصل تَطَيَّرنا ، فأجابهم فقال الله عزوجل : (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) [يس : ١٩] أي شؤْمكم معكم ، وهو كفرهم وقيل للشُّؤم : طائر وطَيْر وطِيَرة ، لأن العرب كان من شأنها عِيَافَةُ الطَّير ، وزجرُها ، والتَّطَيُّر ببارحها وبِنَعِيق غِرْبانها ، وأخذها ذاتَ اليسار إذا أثاروها فَسَمَّوْا الشؤمَ طَيْرا وطائِرا وطِيَرَةً لِتشاؤُمِهم بها وبأفعالها ، فأعْلَم الله جلّ ثناؤُه على لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن طِيرَتَهم بها باطلة وقال : لا طِيَرَةَ ولا هامة.

وكان النبيّ عليه الصلاة والسلام يتفاءل ولا يَتَطَيَّر ، وأصل التفاؤُلِ الكلمة الحسنة يَسْمَعُها عليل فتُوهِمُه بسلامته من عِلَّته ، وكذلك المضِلُّ يسمع رجلا يقول يا واجِدُ فيجد ضالَّته والطِّيَرة مُضادةٌ للفال ، على ما جاء في هذا الخبر ، وكانت العربُ مذهبها في الفال والطِّيَرة واحدٌ ، فأثبت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفالَ واستحسنه ، وأَبْطَل الطِّيرَة ونهى عنها.

وقال الليث : يقال طارَ الطائِر يَطير طيرَانا ، قال : والتَّطايُرُ التَّفرُّق والذهاب ، والطِّيرَة اسمٌ من اطَّيرتُ وتَطَيَّرت ، ومثل الطِّيرَة الخِيرَةُ.

١١

ويقال : استطارَ الغُبَارُ إذا انتشر في الهواء ، واستطار الفَجْرُ إذا انتشر في الأفُق ضَوْؤُه ، فهو مُسْتَطِيرٌ ، وهو الصبح الصادق البيّن الذي يُحَرِّم على الصائم الأكل والشربَ والجماعَ ، وبه تحل صلاةُ الفجر ، وهو (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) الذي ذكره الله تعالى في كتابه ، وأما الفجر المستطيل باللام فهو المستَدقُّ الذي يُشَبّه بذَنَبِ السِّرحان ، وهو الخيطُ الأسودُ ، ولا يُحرِّم على الصائم شيئا ، وهو الصبح الكاذب عند العرب.

وقال الليث : يقال للفَحْل من الإبِل : هائجٌ ، وللكلب مُسْتَطير.

وقال غيره : أَجْعَلتْ الكلبةُ واستطارتْ إذا أرادت الفحلَ ، أخبرني بذلك المنذري عن الحَرَّاني عن التَّوْزيّ وثابتُ بن أبي ثابت في كتاب الفروق.

روى ابن السكيت عن أبي صاعد الكلابي : يقال : استطار فلانٌ سيفَه إذا انتزعه من غِمده مُسرِعا.

وأنشد في صفة سيوف ذكرها رؤبة :

إذا استُطيرتْ من جُفون الأغمادْ

فَقَأنَ بالصَّقَع يَرابيعَ الصَّادْ

واستطار الصَّدْع في الحائط إذا انتشر فيه ، واستطار البَرْق إذا انتشر في أُفُقِ السماء ، ويقال : استُطِيرَ فلانٌ يُستطارُ استطارةً فهو مُسْتَطارٌ إذا ذُعِرَ.

وقال عنترة :

متى ما تلْقَنِي فَرْدَيْنِ ترْجُفْ

رَوَانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارَا

ويقال للقوم إذا كانوا هادئين ساكنين : كأنما على رؤوسهم الطَّير ، وأصله أنَ الطيرَ لا تقع إلا على شيء ساكن من المَوَات ، فَضُرِبَ مثلا للإنسان ووقارِه وسكونِه. ويقال للرجل إذا ثار غَضَبُه : ثار ثَائِرهُ ، وطار طائره ، وفار فائره ، وأرضٌ مَطارة كثيرة الطَّيْر.

وقال ابن السكيت : يقال طائِر الله لا طائِرك ، ولا يقال طَيْر الله.

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال في قوله :

* ذَكِيُّ الشذَى والمَنْدَلِيُ المُطَيَّرُ*

قال : المنْدَلِيُ العُود الهِنْدَيُّ ، والمُطَيَّرُ المُطَرَّى فَقَلَب ، وقال غيره : المطيَّرُ المشقّقُ المُكَسَّرُ.

وقال ابن شُمَيل : بَلَغْتُ من فلان أطْوَرَيهْ أي الجُهْدَ والغاية في أمره.

وقال الأصمعي : لقيتُ منه الأمَرّينَ والأطورِين والأقورِين بمعنى واحد.

وقال ابن الفَرَج : سمعت الكلابي يقول : ركب فلان الدهر وأَطْوَرَيْه أي طَرَفَيْه.

ورط : أخبرني المنذري عن المفضل بن سَلَمة أنه قال في قول العرب : وقع فلان

١٢

في وَرْطةٍ.

قال أبو عمرو : هي الهَلَكَةُ.

وأنشد :

إنْ تأْتِ يوما مثلَ هذِي الخُطَّة

تلاق من ضَرْبِ تُميْرٍ ورْطهْ

قال : وقال غيره : الورْطةُ الوَحَلُ والرَّدَعَةُ تقَعُ فيها الغنم فلا تقدر على التَّخلُّص منها يقال : تَورَّطَتِ الغنم إذا وقعتْ في ورْطة ، ثم صارت مَثلا لِكل شدَّة وقع فيها الإنسان.

وقال الأصمعي : الوَرْطَةُ أُهْوِيَّةٌ مُتصوِّبةٌ تكون في الجبل تَشُقُّ على من وقع فيها.

وقال طُفَيل يصف الإبل :

تهابُ طريقَ السَّهْل تحسَبُ أنّه

وعُورُ وِراطٍ وهو بَيْداء يلْقَعُ

وقال شمر : يقال : تَوَرَّط فلانٌ في الأمر ، واستَوْرَطَ فيه إذا ارتبك فيه فلم يَسْهُلْ له المَخرج منه ، وفي حديث وائل بن حُجْر وكتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم له : «لا خِلاطَ ولا وِرَاطَ» قال أبو عبيد : الوِراطُ الخَديعةُ والغِشُ. قال : ويقال : إن معناه كقوله : لا يُجمَع بين مُتفرِّق ولا يُفرَّق بين مُجتمِع ، وقال شمر الوِراط : أن يُورِط إِبِلَه في إبلٍ أخرى ، أو في مكان لا تُرى بِعَيْنها فيه ، قال وقال ابن هاني : الوِراط مأخوذٌ من إيراطِ الجَرِير في عُنُق البعير إذا جَعَلْتَ طَرَفة في حَلْقَتِه ، ثم جذبْتَه حتى تَخْنُقَ البَعيرَ ، وأنشد لبعض العرب :

حتى تراها في الجَرير المُورَطِ

سُرْحَ القِيادِ سَمْحَةَ التَّهبُّط

قال شمر ، وقال ابن الأعرابي : الوِراط أن يَخْبَأها ويُفَرِّقها. يقال : قد وَرَطَها وأَوْرَطَها أي سَتَرها.

قال ابن الأعرابي : الوِرَاط أن يُغَيِّب مالَه ويجحد مكانها.

ريط : قال الليث وغيره : الرَّيْطَةُ مَلاءَةٌ لَيْسَتْ بِلِفْقَين كلها نَسْجٌ واحد وجمعها رِياطٌ ، قلت : ولا تكون الرَّيْطَةُ إلا بَيْضاءَ ، ورَيْطَةُ اسم المرأة ولا يقال رَائِطَةُ.

أرط : ورطى ابن السكيت عن أبي عمرو : الأرِيطُ : العَاقِر من الرجال وأنشد :

ماذا تُرجِّين من الأرِيط

حَزَنْبَلٍ يَأْتِيكِ بالبَطِيطِ

ليسَ بِذِي حَزْم ولا سَفِيطِ

قال الليثُ في الأريط مِثْله.

أبو عبيد : المأروطُ من الجلود المدبوغُ بالأَرْطَى ؛ ثعلب عن ابن الأعرابي : إهاب مَأْرُوطٌ ومُؤَرْطِيٌ إذا دُبغ بالأرْطَى ، قلت : والأرْطَاةُ شجرةٌ ورقُها عَبْلٌ مفتولٌ وجمعُها الأراطَى ، منبِتها الرمال لها عروق حُمر يُدْبغُ بورقها أَساقِي اللّبن ، فيطيبُ طعمُ اللَّبن فيها ، وقال المبرد : أَرْطَى على بناء فَعْلى مثل عَلْقَى ، إلَّا أن الألف في آخرها

١٣

ليست للتأنيث لأن الواحدة أرطاةٌ وعَلْقَاةٌ ، قال : والألف الأولى أصلية.

وقال أبو عبيد فيما أقرأني الإيادي عن شمر : أَرْطَت الأرض إذا أخرجت الأَرْطَى ، وقال أبو الهيثم : أرْطَتْ لَحْنٌ وإنما هو آرَطَتْ بألفين لأن ألف الأرطى أصلية.

قلت : الصواب ما قال أبو الهيثم.

[طرا] ـ اطرورى : (أبو عبيد عن أبي عمرو : إذا انتفخ بطنُ الرجل قيل : اطْرَوْرَى اطْرِيراءً. قال الأصمعي : وحُبِطَ مثلهُ سواء ، وأخبرني الأياديّ عن شَمِر قال : أطرورَى بالطاء لا أدري ما هو؟

قال : وهو عندي بالظاء ، قلت : وقد رَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : ظَرِي بطنُ الرجلِ يَظْرَى إذا لم يتمالك لِينا ، قلت : والصواب اظْرَوْرَى بالظَّاء كما قال شَمِر.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوِرَاط أن يُغَيِّبَ مالَه ويَجْحَدُ مكانها. انتهى والله أعلم) (١).

باب الطاء واللام

ط ل (وا يء) طول ، طلي ، أطل ، لأط ، لطأ ، لوط ، ليط.

طول : الليث : طال فلانٌ فلانا إذا فاقَه في الطُّول ، وأنشد :

تَخُطُّ بقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ

وتَعْطُو بِظِلْفَيْها إذا الغُصْنُ طالها

أي : طاوَلَهَا فَلم تَنَلْه.

قال : ويقال للشيء الطويل : طال يَطُول طُولا فهو طَوِيل ، قال : والأطوَل نقيضُ الأقصَر ، وتأنيثُ الأطوَل الطُّولى ، وجمعُها الطُّوَل. قال : ويُقَال لِلرَّجل إذا كان أهوَجَ الطُّولِ : رجلٌ طُوَالٌ وطُوَّالٌ ، وامرأةُ طَوالةٌ وطُوّالة. قال : والطِّوَل هو الحَبْلُ الطويلُ جدّا. وقال طَرَفة :

لَعمرُكَ إنّ الموتَ ما أخطأ الفَتَى

لكالطِّوَلِ المُرْخَى وثُنْياهْ باليَدِ

وجمعُ الطَّويل : طِوال وطِيَال ، وهما لُغتان ، ويقال : قد طالَ طِوَلُك يا فلان ، إذا طال تمادِيه في أمرٍ أو تَراخِيه عنه ، وبعضُهم يقول : قد طال طِيَلُه.

وقال أبو إسحاق الزّجاج يقال : طال طِوَلُك وطِيَلُك : أي طالتْ مُدَّتُهُ.

الحراني عن ابن السكّيت ، يقال : قد طال طِوَلُك وطِيَلُك وطُولُك وطَوالُك. قال : والطِّوَل : الحَبْل الذي يُطوِّل للدابَّة فتَرعَى فيه ، وقال طَرَفة لكالطول المرخى وثنياه باليد.

__________________

(١) كذا أثبت في المطبوعة ، والكلام تابع لمادة (طرا) ، السابقة.

١٤

ثم قال : وقد شَدّدَ الراجز الطِوَلَ للضرورة فقال :

تعرّضتْ لَم تَأْلُ عن قَتْلٍ لِي

تَعرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِ

وقال القَطَاميّ :

إِنّا مُحَيُّوكَ فاسَلْم أيُّها الطَّلَلُ

وإنْ بَلِيتَ وإن طالَتْ بكَ الطِّيَلُ

وقال الزّجاج في قوله جلّ وعزّ : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) [النساء : ٢٥] الآية ، معناه من لم يَقدِر منكم على مَهْرِ الحُرّة.

قال أبو إسحاق : والطول هنا القُدْرة على المَهْر ، وقد طالَ الشيءُ طُولا ، وأَطَلْتُه إطَالةً ، وقولُ الله جلّ ثناؤه (ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [غافر : ٣] أي ذي القُدْرة ، وقيل : الطَّوْلُ الغِنَى : والطَّوْلُ الفَضل ، يقال : لِفلان على فلانٍ طَوْل ، أي فَضْل.

وقال الليث : يقال إنّه لَيتطوَّلُ على الناس بفضلِه وخيرِه. قال : واشتقاق الطائل من الطُّولِ ، ويقال للشيء الخسيس الدُّون :

هذا غيرُ طائِل ، والتذكير والتأنيث فيه سواء ، وأنشد :

* لقد كلّفوني خُطَّةً غيرَ طائِل *

قال : والطَّوَال : مَدَى الدَّهر ، يقال : لا آتَيك طَوَالَ الدَّهْر ، قال : والطَّوَل : طُولٌ في المِشْفَر الأعلى على الأسْفَل. يقال : جَمَل أطوَل ، وبه طَوَل ، والمُطاولة في الأمر هي التطويل ، والتطاوُل في مَعْنًى : هو الاستطالةُ على النّاس إذ هو رَفَع رأسَه ورأَى أنّ له عليهم فَضْلا في القَدْر. قال :

وهو في مَعْنًى آخر : أن يقوم قائما ، ثمّ يَتطاوَل في قِيامه ، ثم يَرفَعَ رأسَه ، ويَمُدَّ قَوامَه للنَّظر إلى الشيء.

قلت : والتَّطَوُّلُ عند العَرَب محمود ، يُوضع مَوْضعَ المحاسن. ويمتدح منه فيقال : فلان يتطول ولا يتطاول.

والتّطاوُل مذموم ، وكذلك الاستطالة يُوضَعان موضع التكبُّر.

وقال الليث : الطّويلةُ : اسمُ حَبْل تُشدُّ به قائمةُ الدَّابةِ ، ثم تُرسَل في المَرعَى ، وكانت العربُ تتكلَّم به ، يقال : طَوِّل لِفرسِك يا فلان ، أي أَرْخِ له حَبْلَه في مَرْعاه.

قلت : ولم أسمع الطَّويلة بهذا المعنى ، من العرب ، ورأَيْتهم يسمونه هذا الحَبْل الطَّوِيل.

وفي الحديث : «لا حِمًى إلّا في ثلاث» طِوَلِ الفَرَس ، وثَلَّةِ البِئر ، وحَلْقَةِ القوم.

ورأيتُ بالصَّمَّانِ رَوْضةً واسعةً يقال لها الطّويلة ، وكان عَرْضُها قَدْرَ مِيلٍ في طولِ ثلاثةِ أَمْيال ، وفيها مَسَاكٌ لماءِ السماء إذا امتلأ شَربوا منه الشهرَ والشهرين.

ومَطاوِلُ الخَيل أَرْسانُها ، والسبْعُ الطُّوَلُ من سُوَر القرآن سَبْعُ سُوَر ، وهي : سورة البقرة ، وسورة آل عمران ، وسورة

١٥

النساء ، وسورة المائدة ، وسورة الأنعام ، وسورة الأعراف ، فهذه ستُّ سُوَر متواليةٌ.

واختلفوا في السابعة ، فمنهم من قال : هي الأنفال وبراءة ، وعدَّهما سورةً واحدة ، وعلى هذا قولُ الأكْثرين ، ومنهم من جَعل السابعةَ سورةَ يونس ، والطُّوَل : جمعُ الطُّولَى ، يقال : هي السورةَ الطُّوَلى ، وهُنَ الطُّوَل ، والطوائل الأوْتارُ والذُّحُول ، واحدتُها طائلة ، يقال : فلانٌ يَطلب بَني فلانٍ بِطَائلةٍ أي بوتْرٍ ، كأَنَّ له فيهم ثَأْرا فهو يَطلبُه بِدَمِ قتيلٍ له.

أطل : أبو عُبيد : الإطْل والأيْطَل : الخاصرة ، وجمع الإطْل آطال وجمع الأيْطَل أياطل ، وأيْطلٌ فَيْعَل. والألفُ أصليّة.

طلي : قال الليث : الطَّلا : هو الولد الصغير من كلِّ شيء ، وحتى قد شُبّه رَمادُ المَوْقِد بيْن الأثافيّ بالطّلا ، والأطلاء جِمَاعُه.

قال : والطُّلْيان والطِّليان جِماعُه.

أبو عُبيد عن الفرَّاء : طَلَيْتُ الطلَى وطَلَوْتُه وهو الطَّلَى مقصور يعني رَبَطْتُه برِجْله.

سلمة عن الفرّاء : اطْلُ طَلِيَّكَ والجميع الطُّلْيانُ أي ارْبِطْه برِجلِه. حكاه عن ابن الجرَّاح قال : وغيره يقول : أَطْلِ طَلِيَّك ، وقال العجّاج :

* طَلَي الرَّمَادِ اسْتُرئِمَ الطَّلِيُ

قال أبو الهيْثم : هذا مثَلٌ جَعل الرّمادَ كالوَلَدِ لثلاثة أَيْنُق ، وهي الأثافِيّ عُطِفْنَ عليه ، يقول : كأنّما الرّمادُ وَلَدٌ صغيرٌ عُطِفْتَ عليه ثلاثة أينُق.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : أوَّل ما يُولَدُ الظِّبَاءُ فهو طَلا. قال : وقال غيرُ واحد من الأعراب : وهو طَلا ثم خِشف.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : طَلَّى إذَا شَتَمَ شَتْما قبيحا.

وقال شَمِر : الطَّلَوانُ : الرِّيق الخاثِر.

قال : والطُّلاوَة : دُوَايةُ اللبَن.

أبو عُبيد عن الأحمر : بأسنانه طَلِيٌ وطِلْيَان وقد طَلِيَ فُوهُ فهو يَطْلَى طَلًى مقصورٌ وهو القَلَحُ.

وقال اللّيث : الطُّلاوة الرِّيق الذي يجِفّ على الأسنان من الجوع ، وهو الطَّلَوَانُ.

قال : والطُّلاةُ هي العُنق والجمع طُلًى.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : واحدة الطلى طلاة وطلية. مِثل : تقاةٍ وتقى ، وقال الليث : وبعضهم يقول : طُلْوَةً وطُلّى.

الحراني عن ابن السكّيت قال : الطُّلَي : جمعُ الطُّلْيَة ، وهي صَفْحَةُ العُنُق. قال : وقال أبو عَمرو والفرّاء : واحدتُها طُلَاةٌ ، وقال الأعشى :

مَتَى تُسْقَ من أَنْيَابِها بَعْد هَجْعَةٍ

من اللّيل شِرْبا حينَ مالَت طُلاتُها

الأصمعيّ يقول : طُلْيَة وطُلًى.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الطُلاوَة : البَهجَة

١٦

والحُسْن ، يقال : حديثٌ عليه طُلاوَة ، وكذلك غيرُه.

قلتُ : وأجاز غيرُه. طَلاوَة ، يقال : ما على وَجْهِه حَلاوة ولا طَلَاوة ، والضّمُ اللّغةُ الجيّدة.

عَمرو عن أبيه قال : المُطَلِّي هو المغنِّي ، وهو المُرِبِّي وَالْمُهَنِّي والنَّاخِمُ كلُّه بمعنى المغنِّي.

أبو عُبيد عن أبي زيد : طَلَيْتُه فهو مَطْلِيٌ وطَلِيٌ : أي حبسته.

الحرّاني عن ابن السكّيت : طَلَيْتَ فلانا تَطْلِيَةً إذا مَرَّضْتَه وقمتَ عليه في مَرَضه.

وقد أطلَى الرجلُ إطْلاءً فهو مُطْلٍ ، وذلك إذا مالتْ عنقُه لموتٍ أو غيرِه ، وأنشد :

تَرَكْتُ أَباكِ قد أطلَي ومالَتْ

عليه القَشْعَمَانِ من النُّسُورِ

أبو سعيد ، الطِّلْوُ الذِّئب ، والطِّلْو : القانِص اللّطيف الجِسم ، شُبِّه بالذئب ؛ وقال الطِّرِمَّاح :

صادَفَت طِلْوا طَوِيلَ القَرَا

حافظَ العَيْن قَلِيلَ الشَّآم

وقال أبو عمرو : ليلٌ طالٍ أي مُظلِم ، كأنَّه طَلَى الشُّخُوصَ فَغطَّاها ، وقال ابن مُقْبِل :

أَلا طَرَقَتْنَا بالمدينةِ بعدَ ما طَلَى

الليلُ أذنابَ النِّجادِ فأَظْلَما

أي غَشَّاها كما يُطْلَى البَعيرُ بالقَطِران.

ويقال : فلانٌ ما يُساوِي طُلْيَةً ، وهي الصُّوفة التي يُطْلَى بها الجَرْيَى ، وهي الرِّبْذَة أيضا.

قاله ابن الأعرابيّ : قال : والطِّلاءُ : الشَّرَابُ ، شبه بِطِلاءِ الإبل ، وهو الهِناء.

قال : والطِّلاء : الشَّتْم ، وقد طلَّيْتُه أي شَتَمْتُه. قال : والطِّلاء : الخَيط ، وقد طَلَيْتُ الطِّلاء : أي شدَدْتُه. قال : والطُّلَّاء : الدمُ ، يقال : تركته يتَشَحَّط في طُلّائه ، أي يضطرب في دمِه مقتولا.

وقال أبو سعيد : الطُّلّاء : شيءٌ يَخرج بعدَ شُؤْبُوب الدَّمِ الذي يُخَالف لَوْنَ الدَّمِ ، وذلك عند خُروج النَّفْس من الذَّبيحِ وهو الدَّم الذي يُطلَى.

ابن نجدة عن أبي زيد قال : أَطَلى الرجلُ إذا مالَ إلى هوًى.

وفي الحديث : ما أَطَلى نَبِيٌّ قطّ أي ما مال إلى هواه ، وقال غيرُه في قولهم : ما يساوِي طِلْيَة ، إنّه الخيط الّذي يُشَد في رِجْل الجَدْي ما دام صغيرا ، وقال : الطُّلْية خِرْقَةُ العَارِك ، وقيل : هي الثَّمَلَة الّتي يُهْنأ بها الجَرَبُ.

وقال أبو سعيد : أمرٌ مَطْلِيٌ أي مُشكِل مُظلِم ، كأنَّهُ قد طُلِي بما لَبَّسه ، وأنشد ابن السكّيت :

شَامِذا تَتَّقِي المُبِسَّ على المُرْ

يَةِ كَرْها بالصِّرفِ ذي الطُّلّاء

١٧

قال : الطُّلّاء الدَّمُ في هذا البيت ، قال : وهؤلاء قومٌ يريدون تسكينَ حَرْب ، وهي تَسْتعصِي عليهم وتَزْبِنُهُم لِما هُرِيق فيها من الدِّماء. وأراد بالصِّرْف ، الدَّمَ الخالص.

أبو عبيد : المَطالِي : الأرضُ السَّهْلَةُ اللّيّنة تُنْبِت الغَضَا واحِدتها مِطْلاءٌ على مِفْعال.

عن أبي عمرو وابن الأعرابيّ : تَطَلّى فلان إذا لَزِمَ اللهوَ والطرب ، ويقال : قَضَى فلانٌ طَلاهُ مِن حاجته أي هواه.

لأط : قال أبو زيد في كتاب الهَمْزة : لأَطْتُ فلانا لأْطا ، إذا أمَرْته بأمرٍ فألَحّ عليه ، وتَقَضّاه فألَحّ عليه. ويقال : لأَطتُ الرجلَ لأْطا إذا تتبعتَه بِبَصَرِك فلم تَعْرِفه عنه حتى يَتوارَى.

لطأ : قال أبو زيد : لَطِىءَ فلانٌ بالأرض يَلْطَأُ لَطْأً إذا لَزِق بها ، وأجاز غيره : لَطَأَ يَلْطَأَ ، وقال شَمِر : لَطَا يَلْطَا بغير همز إذا لَزق بالأرض ولم يَكد يَبْرح ، وهما لغَتان.

وقال ابن أحمر :

فأَلْقَى التِّهَامِي منها بِ لَطَاتِه

وأَحْلَطَ هَذَا لا أَعُودُ وَرَائِيا

قال أبو عبيد في قوله بلَطَاته : أرضه وموضعه ، وقال شمِر : لم يجد أبو عبيد في لَطاته قال : ويقال : ألقَى لَطاتَه إذا أقام فلم يَبرَح ، كما تقول : ألْقَى أَرْواقَه وجَرَاميزه. قال : وقال ابن الأعرابيّ : ألقَى لَطاتَه طَرَحَ نفسَه ، وقال أبو عمرو : لطاتُه متاعُه وما معه.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : بيّضَ الله لَطَاتَك ، أي جَبهَتك. قال : واللُّطاةُ أيضا اللُّصوص ، قومٌ لُطاةٌ ، ويقال : فلان من ثطاته لا يَعرف قَطاتَه من لَطاتِه ، أي لا يَعرِف مقدَّمَه من مُؤَخَّرِه ، وقال الليْث : اللَّطْءُ لُزوقُ الشّيء بالشيء ، يقال : رأيت فلانا لاطِئا بالأرض. ورأيتُ الذئبَ لاطئا للسَّرِقة ، وهذه أَكَمة لاطئة ، قال : واللاطئة خُرَاج يَخْرج بالإنسان فلا يكاد يَبرأ منه ويَزعمون أنّها من لَسْعة الثُّطْأَةِ.

ابن السكيت عن الأحمر : لَطَأْتُ بالأرض ولَطِئْتُ أي لَزِقْتُ ، وقال الشمّاخ فتَركَ الهمزة :

فَوافَقَهُنَّ أطلَسُ عامِرِيٌ

لَطَا بصَفائحٍ مُتسانِداتِ

أراد لطأً ، يعني الصيّاد أي لَزِقَ بالأرض فتَرِكَ الهمز.

[لوط ـ ليط] : في حديث أبي بكر أنه قال : إنّ عمَر لأحَبُّ الناس إليَّ. ثم قال : اللهمّ أَعَزُّ ، والوَلَدُ أَلْوَطُ.

قال أبو عبيد : قولُه والوَلَد ألوَط أي أَلْصَق بالقَلْب ، وكذلك كلُّ شيء لَصِق بشيء فقد لاطَ به يَلُوطُ لَوْطا. قال : ومنه حديث ابن عبّاس في الّذي سأَلَه عن مالِ يتيم وهو وَاليهِ : أَيُصيبُ من لَبَن إبِلِه؟

فقال : إن كنتَ تَلُوطُ حَوْضها ، وتَهْنَأْ

١٨

جَرْباها ، فأَصِبْ من رِسْلِهَا ، قال : قوله : تَلوطُ حَوْضَها أراد باللَّوْطَ تطْيِين الحَوْض ، وإصلاحَه ، وهو من اللصوق ، ومنه قيل للشيء إذا لم يكن يُوافِق صاحبَه : ما يَلْتاطُ هذا بِصَفَرِي أي لا يَلصَق بقَلْبي ، وهو مُفْتَعِل من اللَّوْط ، قال : ومنه حديثُ عليّ بن الحَسَنْ في المُستَلاط أنه لا يَرِث ، يعني المُلصَق بالرجُل في النَّسَب الذي وُلِد لغير رِشْدَة.

وقال الليث : يقال : الْتاطَ فلانٌ ولَدا واستَلاطه وأنشد :

فَهَلْ كُنتَ إلّا بُهْثَةً استلاطَها

شَقيٌّ من الأقوام وَغدٌ ومُلْحَقُ

أبو عُبيد عن الكسائي : إنّي لأجد له لَوْطا ولِيطا بالكسر ، وقد لاطَ حُبَّه يَلُوط ويَلِيط أي لَصِق.

وقال أبو عبيد : اللِّياط الريَا سُمِّي لِياطا لأنّه شيءٌ لا يَحِلّ ، أُلْصِق بشيء ، ومنه حديثُ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه كَتبَ لثَقِيفَ حين أَسلَموا كِتابا فيه : «وما كان لهم مِن دَيْن إلى أجَلٍ فبلغ أجلَه فإنّه لِياط مُبرَّأٌ من الله» ، فاللِّياط ههنا الرِّبا الّذي كانوا يُرْبُونه في الجاهليّة ، رَدَّهم اللهُ إلى أن يأخذوا رؤوس أموالهم ، ويَدَعُوا الفَضْلَ عليها.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : جمعُ اللّياط وهو الرِّبا ، ليطٌ وأصله لُوطٌ.

وقال الليث : لُوطٌ كان نبيّا بَعَثه الله إلى قومه فكذّبوه وأحدَثوا ما أَحدَثوا ، فاشتَقّ الناسُ من اسمه فِعلا لمن فَعلَ فِعْلَ قومِه.

قال : واللِّيطُ قِشْرُ القَصَب اللّازق به ، وكذلك لِيطُ القَناة ، وكلُّ قِطعة منه لِيطةٌ.

قال : ويُقال للإنسان اللَّيِّن المجَسَّة : إنّه لَلَيِّنُ اللِّيط ، وأنشدَ :

فَصبَّحتْ جابيَةً صُهارِجَا

تَحسَبُها لَيْطَ السماءِ خارِجَا

شَبَّه خُضرة الماء في الصِّهريج بجِلد السماء ، وكذلك لِيطُ القَوْس العربيّة تُمسَح وتُمرَّن حتّى تَصْفَرَّ ويصير لها لون ولِيط.

قلتُ : ولِيطُ العُودِ : القِشْر التي تحت القِشْر الأعلى ، وقال أَوْس بن حَجَر يصف قوسا :

فَمَن لك باللِّيطِ الذي تحتَ قِشْرِها

كَغِرقِىء بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ من عَلِ

وقال أبو عبيد : اللِّيط اللَّوْن وهو اللّياط أيضا.

ومنه قولُ الشاعر يصف قوسا :

* عاتكةُ اللِّياط*

وقال الليث : تَلَيَّطْتُ لِيطةً أي تَشَظَّيتها من قشر القصب.

ثعلب عن ابن الأعرابي : اللَّوْط الرِّداء ، يقال : انتُقْ لَوْطَك في الغزالة حتى يَجِف ، ولَوْطُه رِداءُه ونتقُه بسطه. قال : ويقال : استلاطَ القومُ وأطلوا إذا أَذْنبوا ذُنوبا

١٩

تَكون لِمَنْ عاقَبَهم عذرا ، وكذلك أَعذَروا.

وفي الحديث : أنّ الأقرع بنَ حابس قال لِعُيَينة بن حِصْن : بمَ استَلطْتُم دمَ هذا الرجل؟ قال : أَقْسَمَ منّا خَمْسون أنّ صاحبنا قُتِلَ وهو مؤمن ، فقال الأقرع : فَسألكم رسُولُ الله أن تَقْبَلُوا الدّيَهْ وتَعْفُوا فلم تَقْبَلُوا ، وليُقْسِمَنَّ مائةٌ من بني تميم أنّه قُتِل وهو كافر ، قوله : بمَ استلَطتم؟

أي استوجَبْتم واستَحقَقْتُم ، وذلك أنّهم لمّا استحقّوا الذَّمَ وصار لهم ألصَقُوه بأنفسهم.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، يقال : استلاط القَوْمُ واستَحَقوا وأَوْجَبُوا وأَعْذَروا ودَنُّوا إذا أَذْنبوا ذُنوبا تكونُ لمن يُعاقِبُهم عذْرا في ذلك لاستحقاقهم.

أبو زيد : يقال : فلان ما يَليطُ به النَّعيم ولا يَليق به ، معناه واحد ، انتهى والله أعلم.

باب الطاء والنون

ط ن (وا يء)

طين ، طنى ، وطن ، نوط ، نيط ، نطا ، طون ، [نأط].

طين : قال الليث : الطِّين معروف ، يقال : طِنْتُ الكتابَ طَيْنا جَعَلْتُ عليه طِينا لأخْتِمه به ، وقال الله جلّ وعزّ : (قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء : ٦١].

قال أبو إسحاق : نَصَب طِيناً على الحال ، أي خلقْتهُ في حال طِينيَّتِهِ.

قال الليث : ويقال طَيَّنْتُ البيتَ والسَّطح ، والطِّيانَة حِرْفَة الطَّيَّان ، وأما الطيّان من الطَوَى ، وهو الجوع فليس من هذا ، والطِّينةُ ، قِطعة من الطِّين يُختَم بها الصَّكّ ونحوُه.

أبو عبيد عن الأحمر : طانَه اللهُ على الخَيْر وطامَه يَعني جَبَلَه ، وهو يطِينُه ، وأَنشدَ :

* أَلا تِلكَ نفسٌ طِينَ مِنْها حَياؤُها*

ويقال : لقد طانَنِي اللهُ على غير طِينتك.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : طانَ فلانٌ وطَام إذا حَسُنَ عَملُه. يقال : ما أحسنَ ما طَامَه وطَانه. اللّحياني : يَوْم طانٌ ذو طِين.

طنى : قال الليث : الطنَى لزُوق الرِّئة بالأضلاع حتى ربما عَفِنتْ واسودّت وأكثرُ ما يُصيبُ الإبل ، وبعيرٌ طَنٍ ، وقال رؤبة :

مِن داءِ نَفْسِي بعد ما طَنيتُ

مِثلَ طَنَى الإبلِ وما ضَنِيتُ

أي بَعْدَ ما ضَنِيت ، أبو عبيد : الطنَى لُزوق الطِحَال بالجَنْب.

وقال الحارث بن مُصرف :

٢٠