تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

والرَّدَى المنكر المكروه.

ابن شميل : المِرْدَاةُ الحجر الّذي لا يكادُ الرجل الضَّابِط يَرْفَعُه بيديه ؛ يُرْدَى بِهِ الحَجرُ ، والمكانُ الغليظُ يَحْفِرونَ فَيَضْرِبُونه بِه فَيُلَيِّنُونَهُ ويُرْدَى به جُحْر الضَّب إذا كان في قَلْعَةٍ فَيُليِّنُ القَلْعَة ويُهَدِّئها ، والرَّدْيُ إنما هو رَفْعٌ بها ورَمْيٌ بِها.

انتهى والله تعالى أعلم.

باب الدال واللام

د ل (وا يء)

دلا ، دأل ، لدي ، ولد ، لود ، أدل ، دول.

دلا : قال الليث : الدَّلْوُ معروفةٌ ، وقد أَدْلَيْتُها أي أرسلتُها في البئر لأستَقِيَ بها ؛ ومنهم من يقول : دَلَوْتها وأنا أَدْلُوها وأَدْلُو بها والجميع الدِّلّاء ، والعَدَدُ أَدْلٍ ودُلِيٌ ، ويقال للدَّلْو دَلاةٌ ، وقول الله جلّ وعزّ في قصة يوسف : (فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى) [يوسف : ١٩] يقال : أدليت الدَّلْو إذا أرسلتَها في البئر لتملأها أُدليها إدلاء ، قال : ودلوتها أدلوها دلْوا إذا أخرجتها وجذبتها من البئر ملأى. قال الراجز :

* يَنْزَع من جَمَّاتها دَلْو الدَّالْ *

أي نَزْعَ النَّازع.

وقال أبو إسحاق : في قول الله جل ثناؤه : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) [البقرة : ١٨٨] قال : معنى تُدْلُوا في الأصل ، من أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ ، إذا أرسلتَها لِتملأَها ، قال : ومعنى أَدْلَى فلانٌ بحجته إذا أَرْسَلَها وأَتَى بها على صِحةٍ ، قال : فمعنى قوله : (تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) ، أي تعملون على ما يُوجِبُهُ الإدلاء بالحجة وتَخُونُون في الأمانة (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ) كأنه قال : تعملون على ما يُوجِبُه ظاهر الحُكْمِ ، وتتركون ما قد علمتم أنّه الحقُ.

وقال الفراء : معناه لا تأكلوا أموالَكم بينَكم بالباطل ولا تُدْلوا بها إلى الحكام ، وإنْ شِئتَ جعلتَ نصبَ (وَتُدْلُوا بِها) إذا أَلْقَيْتَ منها لا على الصَّرْفِ ، والمعنى لا تصانعوا بأموالكم الحكام لِيَقْتطِعوا لكم حقا لِغيركم ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنه لا يحلّ لكم.

قلت : وهذا عندي أصحّ القولين لأن الهاء من قوله وتدلوا بها للأموال ، وهي على قول الزجّاج للحجة ، ولا ذكر لها في أول الكلام ، ولا في آخره وقول الله جلّ وعزّ : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) [الأعراف : ٢٢].

قال أبو إسحاق : أي دلاهما في المعصية ، بأن غَرَّهما ، وقال غيره : فَدَلَّاهُما فأطمعهما ومنه قول أبو جندب الهذلي :

أَحُصُّ فلا أُجِيرُ وَمَن أُجِرْهُ

فليسَ كَمَن يُدَلَّى بالغُرُورِ

١٢١

أَحُصُّ أمنع ، وقيل : أَحُص أَقْطَعُ ذلك ، وقوله : كمن يُدَلَّى أي يُطْمَع قلت : وأصلُه الرجلُ العطشانُ يُدَلَّى في البئر لِيَرْوَى من مائها فلا يَجِد فيها ماءً فيكون مُدَلَّى فيها بالغُرُور فَوُضِعتْ التَّدْليةُ موضعَ الإطْمَاعِ فيما لا يُجدِي نَفْعا. وفيه قول ثالث : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) أي جرَّأَهما إبليسُ على أكلِ الشجرةِ بغُرَرِهِ والأصل فيه دَلَّلَهما.

والدَّالُ والدَّالَّةُ الجُرْأَةُ ، وأما قوله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨)) [النجم : ٨].

قال الفراء : (ثُمَّ دَنا) جبريل من محمد فَتَدَلَّى كأن المعنى ثم تدلى فدنا ، وهذا جائز إذا كان المعنى في الفعلين واحدا.

وقال الزجاج : معنى (دَنا فَتَدَلَّى) واحد ، لأن المعنى أنه قَرُبَ فَتَدَلَّى أي زادَ في القُرْب كما تقولُ : قد دَنَا فلانٌ مِنِّي وقَرُب.

وفي حديث أمّ المنذر العَدَوية قالت : دخَل عليَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه عليّ بن أبي طالبِ ناقةٌ قالت : ولنا دَوالٍ مُعَلَّقة قالت : فقامَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأَكل ، وقام عليّ فأكلَ ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مَهْلا فإنك نَاقِهٌ» ، فجلس عليّ وأكل منها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم جَعَلْتُ لهم سِلْقا وشَعِيرا فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من هذا أَصِبْ فإنه أَوْفَقُ لك» ، والدَّوَالي : بُسْرٌ يُعلَّق فإذا أَرطَبَ أُكِلَ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : دَلَوْتُ الإبل دَلْوا إذا سُقْتَها سوْقا رُوَيدا وأنشد غيره :

لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وَادْلُوَاهَا

لَبِئْسَما بُطْءٌ ولا نَرْعَاها

ونحو ذلك قال الفراء ، وقال الليث : الدَّالِيَةُ شيء يُتَّخذ من خوص وخَشَب يُسْتَقى به بحبال تُشَد في رَأس جِذْعٍ طويل ، وقال : والإنسان يُدْلي شيئا في مَهْواةٍ ويتدلَّى هو نفسه ، وأدْلى فلانٌ بِحقِّه وحُجَّتِه ، إذا هو احْتَج بها وأحضرها ، وأَدلَى بمال فلان إلى الحاكم : إذا دَفعه إليه.

وقال ابن الأعرابيّ : دَلِيَ إذا ساق ، ودَلِيَ إذا تَحَيَّر ، وقال : تدلَّى إذا قَرُب بعد عُلُوِّ ، وتدلَّى تواضع ، ودَالَيْتُه أي دَارَيْتُه.

لدي : قال الليث : لَدَى معناها مَعْنى عِنْد يُقال : رأيتُه لَدَى بابِ الأمير ، وجاءني أمرٌ من لَدَيك أي مِن عِندك ، وقد يَحْسُن من لَدُنْك بهذا المعنى ، ويقال في الإغْرَاء : لَدَيْكَ فلانا كقولك عليك فلانا وأنشد :

لَدَيْك لَدَيْك ضَاقَ بِها ذِراعا

ويروى إلَيْكَ إِلَيْكَ ، على الإغْرَاء.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَلْدَى فلان إذا كَثُرَتْ لِدَاتُه وقوله جلّ وعزّ : (هذا ما لَدَيَ عَتِيدٌ) [ق : ٢٣] يقوله المَلك يعني ما كُتِبَ من عَمَل العبد حاضرٌ عندي ، وقال تَدَلَّى فلانٌ علينا من أرض كذا وكذا : أي

١٢٢

أَتَانَا يقال : من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ علينا؟ وقال أسامةُ الهُذَلي :

تَدَلَّى عَلَيْه وهْوَ زُرْقُ حَمَامَةٍ

لَهُ طِحْلِبٌ في مُنْتَهَى القَيْضِ هَامِدُ

وقال لبيد يصف فرسا :

فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلا

وَعلى الأَرْض غَيَايَاتُ الطِّفَلْ

أراد أنَّه تَدَلَّى مِن مِرْبائه وهُو عَلى فَرسِه رَاكِبٌ. إلى الحضيض وهو لها أَمْتَن.

أدل : ابن الأعرابيّ : الأدْلُ وَجَعُ الْعُنق من تَعَادى الوِسادِ.

ابن السكيت عن الفراء : هو الإجْلِ والإدل لِوَجَع العُنُق ، والإدْلُ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ الحامِضُ من ألبان الإبل.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : هو الإدْل والإجْل لِوَجَع العنق ، يقال : بي إِجْلٌ فَأَجِّلُوني هكذا سمعتُه من المنذري.

وقال الأصمعيّ : جاءنا بإِدْلَةٍ ما تُطاق حَمَضا.

دأل : أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : الدَّألانُ بالدَّال مَشْيُ الّذي كَأَنَّهُ يَبْغِي في مِشْيتِه من النشاط يقال : دَأَلتُ أَدْأَل.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال : الدَّألانُ عَدْوٌ مقاربٌ.

قال الأصمعيّ : وأما الذألان بالذال فهو مِنَ المشْيِ الخفيفِ ، وبه سمِّيَ الذِّئْبُ ذُؤالة.

أبو عبيد عن أبي زيد : وقفوا من أمرهم في ذُوَلُولٍ أي في شدة وأمر عظيم.

قلت : جاء به غير مهموز ، وقال أبو زيد في الهمز : دَأَلْتُ للشيء أَدْأَلُ دَأَلا ودَأَلانا وهو مِشيةٌ شبيهةٌ بالخَتْل ، يقال : الذِّئبُ يَدأَلُ للغزال ليأكلَه ، يقول لِيخْتِله.

وقال أبو عمرو : والمُدَاءَلَةُ بوزن المَداعَلَة الخَتْلُ ، وقد دَأَلْتُ له ودَأَلْتُه ، وقد تكون في سرعة المشي.

ابن السكيت : هو أبو الأسود الدؤَلِي مفتوحة الواو مهموز وهو منسوب إلى الدُّئِل من كِنَانةَ والدُّولُ في حَنِيفَةَ يُنْسَبُ إليهم الدُّولِيُ قال والدِّيل : في عبْد القيس يُنْسَبُ إليهم الدِّيلِيُ ، قال : والدُّئِلُ : على وزن الوُعِل دُويبةٌ شبيهٌ بابن عِرْسٍ وأنشد الأصمعيّ :

جاءوا بجَيْشٍ لو قيسَ مُعْرَسَه

ما كان إلا كَمُعْرِسِ الدُّئِل

دول : أبو عبيد عن أبي عمرو : والدَّويلُ النَّبت العَامِيُّ اليَابِسُ ، قال الراعي في شعر له :

شَهْرَيْ ربيعٍ لا تذوق لَبُونُهم

إلا حُموضا وَخْمةً ودَوِيلا

أبو زيد : الكَلأُ الدَّويلُ الّذي أتتْ عليه سنتان فهو لا خير فيه.

١٢٣

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدالَةُ الشهرةُ ويجمع الدَّالَ ، يقال : تركناهم دَالةً أي شهرةً ، وقد دَالَ يَدُول دَالةً ودَوْلا إذا صار شهرةً. وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) [الحشر : ٧]. قرأها الناس برفع الدال إلا السلمي فيما أعلم فإنه قرأ دَوْلة بنصب.

قال : وليس هذا للدَّولة بموضع ، إنما الدَّوْلة للجيشين يهزم هذا هذا ثم يُهْزَم الهَازِمُ.

فَتقول : قد رَجَعَتْ الدَّوْلَة على هؤلاء كأنها المرة ، قال : والدُّولَةُ برفع الدال في المِلْكِ والسُّنَن التي تُغَيَّر وتُبَدَّل عن الدهر ، فتلك الدُّولَة والدُّوَل.

وقال الزّجاج : الدُّولَة اسم الشيء الّذي يُتَدَاول ؛ والدَّوْلَةُ الفِعل والانتقال من حال ، فمن قرأ (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) [الحشر : ٧] فعلى أن يكون على مذهب المال كأنه كي لا يكون الفَيْءُ دُولةً أي مُتداولا.

وقال ابن السِّكيت : أخبرني ابن سلام عن يونس في قول الله جلّ وعزّ : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) فقال : قال أبو عمروبن العلاء : الدُّولة في المال والدَّوْلة في الحَرْب.

قال : وقال عيسى بن عمر : كلتاهما في الحرب سواء ، وقال : واللهِ ما أدري ما بينهما.

وقال الليث : الدُّولَةُ والدَّوْلة لُغتان ، ومنه الإدالة قال : وقال الحجاج : إن الأرضَ ستُدال منا كما أدلنا منها.

قلت : معناه أنها ستأكُلَنا كما نَأْكُلها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : حَجازَيْكَ ودَوَالَيْكَ وهَذَاذَيْكَ. قال : وهذه حروف خِلْقَتُها على هذا لا تُغَيَّر قال : وحَجازيك أَمَرَه أن يَحْجُزَ بينهم ؛ ويَحْتملُ أن يكون معناه : كُفَّ نَفْسَك ، وأمَّا هَذَاذَيْك ، فإنه يأمره أن يقطع أَمْرَ القوم ، ودواليك من تَداولوا الأمر بينهم ، يأخذ هذا دَوْلَة وهذا دَوْلَة وأنشد ابن بُزُرْجَ :

دَوَالَيْك حتى ما لِذا الثَّوبِ لابسُ*

وأنشد ابن الأعرابيّ :

إذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثْلُه

دَوَالَيْك حتى ما لذَا الثوب لابسُ

قال : هذا رجلٌ شُقَّ ثِيَابَ امرأةٍ حتى يَنْظُرَ جَسَدها فَشَقتْ هي أيضا عليه ثَوْبه.

وقال ابن بُزُرْج : ربما أدخلوا الألف واللام على دَوَالَيْك فجُعِلَ كالاسم مع الكاف وأنشد في ذلك :

وصاحبٍ صاحَبْتُه ذي مَأْفَكَهْ

يَمْشي الدَّوَالَيك ويعدو البُنَّكَهْ

قال : والدَّواليك أنْ يَتَحَفَّزَ في مِشْيته إذا حَاكَ والبُنَّكَةُ يعني ثِقْلَه إذا عَدا.

أبو عبيد عن الفراء : جاء بالدُّوَلَة والتُّوَلَة ، وهما من الدواهي ، ويقال : تَدَاوَلْنا الأمرَ

١٢٤

والعَمل بيننا بمعنى تَعاوَرْناه فعمل هذا مرة وهذا مرة.

ولد : قال الليث : الوَليدُ الصَّبيُّ والوليدةُ الأَمَةُ. قال : وأمَّا التَّلِيدَة من الجواري فهي التي تُولَدُ في مِلْك قومٍ وعندهم أبواها. وقال ابن شُمَيل : المولَّدة التي وُلِدت بأرضٍ وليس بها إلا أَبَواها أو أُمها ، والتَّلِيدةُ التي أبوها وأهلُ بيتها وجميع من هو بسبيل منها بأرض ، وهي بأرض أخرى. قال : والقِنُّ من العبيد التَّليد الّذي وُلد عندك وقد مرّ ما قيل في المولَّدة والتَّلِيدَة في باب تَلَد ، وقول ابن السكيت في قول مُزَرِّدٍ الثَّعْلَبي :

تَبَرَّأْتُ من شَتْمِ الرجالِ بِتَوْبةٍ

إلى الله مِني لا يُنادَى وَليدُها

وقال : هذا مثلٌ ضربَهُ : معناه إني لا أُراجَعُ ولا أُكَلَّم فيها كما لا يُكلَّم الوليدُ في الشيء الّذي يُضربُ له فيه المَثَل.

وقال الأصمعيّ وأبو عبيد في قولهم : هو أمرٌ لا ينادَى وليدُه ، قال أحدهما : هو أمر جليل شديد لا يُنادى فيه الوليدُ ، ولكن تُنادَى فيه الجِلَّةُ.

وقال آخر : أصلُه في الغارة : أَنْ تَذْهَل الأمُ عن ابنها أن تنادِيَه وتضُمَّه ولكنها تهرُب عنه.

قال ابن السكيت : ويقال : جاءوا بطعام لا ينادَى وَليدهُ ، وفي الأرض عُشْب لا ينادى وَليده : أي إذا كان الوليد في ماشية لم يَضِرْهُ أَيْن صَرَفها لأنها في عُشْب ، فلا يقال له : اصْرفها إلى موضع كذا لأن الأرضَ كلَّها مُخْصَبة ، وإن كان طعامٌ أو لَبَن فمعناه ، أنه لا يُبالي كيف أَفْسَد فيه؟

ولا مَتَى أكل؟ ولا متى شربَ؟ وفي أيّ نواحيه أَهْوَى؟

وقال الليث : الوَلَد اسم يجمع الواحِد والكثير والذكر والأُنثى. قال : وَوَلَدُ الرجل ووُلْدُهُ في معنى ، وَوَلَدُه ورَهْطُه في مَعْنى ، ويقال في تفسير قوله : (مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) [نوح : ٢١] مالُه وولدُه أي رَهْطُه ، ويقال : وُلْدُه ، قال : والوِلْدَةُ جمعُ الأولاد قال رؤبة :

* شَمْطا يُرَبِّي وِلْدَةً زَعابِلَا*

وقال الفراء : قرأ إبراهيم : (مالُه ووُلْدُه) وهو اختيار أبي عمرو وكذلك قرأ ابن كثير وحمزة ، وروى خارجة عن نافع : (وَوُلْدُه) أيضا وقرأ الباقون (وَوَلَدُهُ).

وقرأ ابن أبي إسحاق : (ماله ووِلده) ، قال : وهما لغتان : وِلده ، ووُلده.

قال الزجاج : الوَلَد والوُلْدُ واحد مثل العَرَب والعُرْب والعَجم والعُجْم ونحو ذلك. قال الفراء وأنشد :

ولقد رأيتُ معاشِرا

قد ثَمَّروا مالا وَوُلْدا

قال : ومن أمثال العرب : وُلْدُكِ مَن دَمَّى

١٢٥

عَقِبَيْكِ وأنشد :

فَليتَ فُلانا كان في بَطْن أُمِّه

ولَيْتَ فلانا كانَ وُلْدَ حِمارِ

فهذا واحد ، قال : وقيس يَجْعل الوُلْد جمعا والوَلد واحدا.

الحراني عن ابن السكيت : قال يقال في الوَلَدِ : الوِلْدُ والوُلْدُ قال ويكون الوُلْدُ واحدا وجمعا.

الليث : شاةٌ وَالِدٌ وهي الحَامِل ، والجميع : وُلْدٌ وإنها لَبَيِّنَة الوِلادِ ، وأما الوِلادةُ فهو وَضْعُ الوالدة ولدَها ، وجارية مُولّدة تُولدُ بين العرب ، وتَنْشأُ مع أولادهم ويَغْذونها غِذاءَ الوَلَد ويُعَلِّمونها من الأدب مثل ما يعلّمون أولادهم ، وكذلك المولَّدُ مِن العَبيدِ ، وإنما سُمِّي المولَّدُ من الكلام مُولَّدا إذا استحدثوه ، ولم يكن من كلامهم فيما مَضى.

ابن السكيت : شاةٌ والِدٌ أي حامل ويقال لأم الرجل هذه : والدةٌ.

وقال أبو زيد قالوا : الوَلِيدُ الصَّبِيُّ حين يُولد.

قال بعضهم : ندعو الصبية أيضا وليدا.

وقال بعضهم : بل هو الذكر دون الأنثى.

وقال ابن شميل : يقال : غُلامٌ مولود ، وجارية مَولودة أي حين وَلَدَتْه أُمُّه ، والولِيدُ الغُلام حين يُسْتَوصَفُ قبل أن يَحْتَلم ، وجاريةٌ وَليدةٌ ، ويقال للأمَة : وليدةٌ وإن كانت مُسِنَّة ، قال : وجاء بِبَيِّنَةٍ مُوَلَّدَةٍ ، وليست بمُحَقَّقة ، وجاءنا بكتاب مُوَلَّدٍ أي مُفْتَعَل.

وحكى أبو عُمَر عن ثعلب قال : ومما حَرَّفَته النصارَى أَنَّ في الإنجيل يقول الله مخاطبا لعيسى : أَنْت نبِيِّي وأنا وَلَّدْتُك أي رَبَّيْتُكَ ، فقالت النصارى : أَنْتَ بُنَيِّي وأنا وَلَدْتُك وأنشد :

إذا ما وَلَّدوا شاةً تنادوْا

أَجَدْيٌ تحتَ شاتِك أَمْ غُلامُ

قال ابن الأعرابيّ : قوله : ولَّدوا شاةً رماهم بأنهم يَأْتون البهائم. قلت : والعرب تقول : نَتَجَ فلانٌ ناقَتَه إذا وَلَدتْ ولدها وهو يلي ذلك منها فهي مَنْتُوجَةٌ ، والناتجُ للإبل بمنزلة القَابِلَة للمرأة إذا وَلَدَتْ ، يقال في الشاة : ولَّدناها أي وَلِينا وِلادَتها.

أبو عبيد عن الأموي : إذا وَلَدَت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل : قد وَلَّدْتُها الرُّجْيَلاء ممدود ووَلَّدْتها طَبقا وطَبَقَةً ، ومَوْلِدُ الرجل وقْتُ وِلادِه ، ومولِدُه الموضعُ الّذي وُلد فيه ، وَوَلَدَتْه الأمُ تَلِد مولِدا كل ذلك بكسر اللام يعني المولد.

لود : قال الليث : الأَلْوَدُ الّذي لا يكاد يَميل إلى عَدْل ولا ينقاد لأمرٍ ، وفِعْلُه لَوِدَ يَلْوَدُ لَوَدا ، وقوم أَلْوَاد ، وهذه كلمة نادرة ، وقال رؤبة :

* أُمْسِكتُ أَجْراسَ القرومِ الأَلْودِ*

١٢٦

وقال أبو عمرو : الأَلْوَد الشَّديدُ الّذي لا يُعطى طاعةً وجمعه أَلْوَاد وأنشد :

* أَغْلَبَ غَلَّابا أَلَدَّ أَلْوَدا*

انتهى والله أعلم.

باب الدال والنون

د ن (وا يء)

دين ، دنأ ، دنا ، دنؤ ، ودن ، نود ، نأد ، ندا ، ندأ ، دون : [مستعملة].

دون : شمر قال ابن الأعرابيّ : يقال : ادنُ دونَك أي اقتربْ ، قال لَبِيد :

مِثْلُ الّذي بالغِيلِ يَغْزُو مُخْمَدَا

يَزْداد قُربا دونَه أنْ يُوعَدا

مُخْمَدٌ : ساكنٌ قد وطّن نفسه على الأمر ، يقول : لا يَرُده الوَعِيدُ فهو يَتَقَدَّمُ أمامَهُ يَغْشَى الزَّجْرَ ، وقال زُهَير بن خَبَّابٍ :

وإنْ عِفْتَ هذا فادنُ دونَك إنّني

قليلُ الغِرار والشَّرِيجُ شِعارِي

الغِرارُ النَّوم ، والشّريجُ القَوْس وأنشد :

تُرِيك القَذَى مِن دونها وهي دُونَه

إذا ذاقَها مَن ذاقها يَتَمَطَّقُ

وفَسَّره فقال : تُريك هذه الخَمْرُ من دونِها أي من ورائِها ، والخمر دُون القَذَى إليك ، وليس ثَمَّ قذًى ، وهذا تشبيه يقول : لو كان أسفلَها قَذًى لرأَيتَه.

وقال بعض النحويين : لِدُونَ تسعةُ معانٍ : تكون بِمعنى قبْلُ ، وبمعنى أمامَ ، وبمعنى وَرَاءَ ، وبمعنى تحتَ ، وبمعنى فوقَ ، وبمعنى السَّاقِط من الناس وغيرِهم ، وبمعنى الشريفِ ، وتكون بمعنى الأمر ، وبمعنى الوَعيد ، وبمعنى الإغراء.

فأما دون بمعنى قبل ، فكقولك : دُونَ النَّهرِ قِتَالٌ ، ودُون قَتْلِ الأسد أَهْوَالٌ : أي قبل أن تصل إلى ذلك ، ودون بمعنى وراء كقولك : هذا أمير على ما دون جَيْحُونَ أي على ما وراءَه ، والوعيدُ كقولك : دُونَك صِراعي ودونك فَتَمْرَسْ بِي ، وفي الأمر : دونك الدِّرهَم أي خذه ، وفي الإغراء : دُونك زيدا أي الْزَمْ زيدا في حفظه ، ودون بمعنى تحت كقولك دون قَدَمِكَ خَدُّ عَدُوِّكَ أي تحت قدمك ، ودون بمعنى فوق كقولك : إنَّ فلانا لَشَرِيفٌ فيجيبُ آخرُ فيقولُ : ودونَ ذلك أي فوق ذلك.

وقال الليث : يقال زيد دونك ، أي هو أحسن منك في الحسَب ، وكذلك الدون يكون صفة ويكون نعتا على هذا المعنى ولا يُشْتَقُّ منه فعل ، ويقال هذا دون ذلك في التقريب والتحقير ، فالتحقيرُ منه مرفوع ، والتقريب منصوب لأنه صفته ، ويقال : دُونك زَيدٌ في المنزلة والقرب والبعد.

سلمة عن الفراء : دُونَ يكون بمعنى على ، وتكون بمعنى بعد ، وتكون بمعنى عند ، وتكون إغراء ، ويكون بمعنى أقَلَّ من ذا

١٢٧

وأنقص من ذا ، ودُونَ يكون خسيسا.

وقال في قوله : (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) [الأنبياء : ٨٢].

ودونَ ذلك الغَوْصِ يريد سوى الغَوْصِ ، من البِنَاء ، وقال أبو الهيثم في قوله :

* يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني *

أي يُنَكِّسُه فِيما بيني وبينَه من المكان.

يُقال : ادْنُ دُونك أي اقْتَرِب ، مني فيما بيني وبينك ، والطَّرْف تحريك جفون العينين بالنظر ، يقال : أَسْرَعُ من الطَّرْف واللَّمْح.

أبو حاتم عن الأصمعيّ يقال : يكفيني دُونُ هذا لأنه اسم.

ويقال : هذا رجل من دونٍ ، ولا يقال : رجلٌ دُونٌ لم يتكلَّموا به ولم يقولوا فيه : ما أَدْوَنَه ولم يُصَرَّفْ فِعْلُه كما يقال : رجلٌ نَذْلٌ بَيِّن النَّذَالِة.

وفي القرآن : (وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) [الأعراف : ١٦٨] بالنصب ، والموضع مَوْضعُ رفع ، وذلك أن العادة في دون أن يكون ظرفا ، ولذلِك نصبوه.

وقال ابن الأعرابيّ : التَّدَوُّنُ الغِنَى التامُ.

دين : أبو عبيد : الدِّين الحساب ومنه قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)) [الفاتحة : ٤] وقال غيره : مالِك يوم الجزاء ، ومنه قولهم : كما تَدِينُ تُدان ، المعنى كما تعمل تُعْطَى وتُجَازَى ، وقال الشاعر :

وَاعْلَمْ يَقينا أَنَّ مُلْكَكَ زائِلٌ

واعْلم بأَنَّ كما تدينُ تُدان

أي تُجْزَى بما تفعل ، والدِّين أيضا العادة ، تقول العرب : ما زَال ذلك دِيني ودَيْدَنِي أي عادتي.

وفي الحديث : «الْكَيِّسُ من دَانَ نَفْسَه وعَمِلَ لما بعد الموت ، والأحمقُ من أَتْبَعَ نَفْسَه هَواها وتمنّى على الله».

قال أبو عبيد : قوله : دَانَ نَفْسَه أي أَذَلَّها واستعبدها ، يقال : دِنْتُ القوم أَدِينُهم إذا فعلت ذلك بهم.

قال الأعشى يمدح رجلا :

هُوَ دانَ الرَّباب إذْ كَرِهُوا الدَّىْ

نَ دِرَاكا بَغِزْوَةٍ وصِيالِ

ثُمَ دَانتْ بَعْدُ الربابُ وكانتْ

كعذابٍ عُقوبةُ الأقوالِ

فقال : هو دَانَ الربابَ يعني أذَلَّها ، ثمَّ قال : دانت بعدُ الربابُ أي ذَلَّتْ له وأطاعَتْه ، والدِّين لِلَّهِ من هذا إنما هو طاعتُه والتَّعَبُّدُ له.

وقد قيل في قوله : الكَيِّسُ من دَان نَفْسَه أي حاسبَها.

وقول الله جلّ وعزّ : (الدِّينُ الْقَيِّمُ) [التوبة : ٣٦] أي ذلك الحساب الصحيح والعَددُ الْمُسْتَوِي ، وقوله جلّ وعزّ : (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها) [الواقعة :

١٢٨

٨٦ ، ٨٧].

قال الفراء : (غَيْرَ مَدِينِينَ) غير مَمْلوكِين.

قال : وسمِعْتُ غَيرَ مَجْزِيِّينَ.

وقال أبو إسحاق : معناه : هَلَّا تَرْجِعُونَ الرُّوحَ إن كنتم غيرَ مَمْلُوكين مُدَبَّرِين ، وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الواقعة : ٨٧] أنَّ لكم في الحياة والموت قُدرة وهذا كقوله : (قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [آل عمران : ١٦٨].

وقال الليث : المَدِينَةُ الأَمَةُ المملوكة والعَبْد مَدين. وقال الأخطل :

رَبَتْ ورَبَا في كَرْمِها ابْنُ مَدينةٍ

يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال في بيت الأخطل : هذا ابنَ مَدِينة عالم بها كقولهم : هو ابنُ بَجْدَتِها.

وقال أبو عبيد : دِنتُ الرجل أَقْرَضْتُهُ ، ومنه قالوا : رجلٌ مَدِين ومَدْيون ، قال : ودِنْتُه استقرضتُ منه وأنشد فقال :

نَدِينُ ويَقْضِي اللهُ [عنا] (١) وقدْ نَرَى

مَصارِعَ قومٍ لا يَدِينون ضُيَّعا

قال : أنشدنَاه الأحمر ، قال : وأَدَنْتُ الرجلَ إذا أَقْرضتَه ، وقد ادَّانَ إذا صار عليه دَيْن.

وقال شِمر : ادَّان الرجلُ إذا كَثُر عليه الدَّيْن وأنشد :

أَنَدَّانُ أَمْ نَعْتَانُ أم يَنْبَرِي لنا

فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيْف هُزَّتْ مَضَارِبهُ

قال : نَعْتَانُ نَأْخُذ العِينَة.

قال وقال ابن الأعرابيّ : دِنْتُ وأنا أدين إذا أخذت دَيْنا وأنشد :

أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم

ولكن على الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ

وقال ابن الأعرابيّ : القِرْوَاحُ من النخيل التي لا تُبالي الزَّمَانَ ، وكذلك من الإبل ، قال : وهي التي لا كَرَب لها من النخيل.

وقال شَمِر : قال غيره : المُدَّانُ الّذي لا يزال عليه دَيْن ، قال : والمِدْيَانُ إذا شئت جعلتَه الّذي يُقْرِضُ كثيرا ، وإذا شئتَ جَعَلتَه الّذي يَسْتقرِض كثيرا ، قال : والدائنُ الّذي يَستدين ، والدائن الّذي يُجْرِي الدَّيْنَ.

قال شمر : وقال أبو زيد : جئت لأطلب الدِّيَنَة قال : هو اسم الدَّين وما أكثر دِينَته أي دَيْنَه ، وقال : دِنْتُ الرجلَ حَمَلْتُه على ما يكره وأنشد :

* يا دِينَ قَلبك من سَلْمى وقد دِينَا*

قال : يا دِين قلبك يا عادةَ قلبك وقد دِينَ أي حُمِل على ما يَكْره.

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (دين).

١٢٩

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَانَ الرجلُ إذا عَزَّ ، ودان إذا ذَلَّ ، ودَانَ إذا أطاعَ ، ودَانَ إذا عَصَى ، ودَانَ إذا اعتادَ خَيْرا أو شرّا ، ودَانَ إذا أصابَه الدِّينُ ، وهو دَاء ، قال : ومنه قوله :

* يا دِينَ قَلْبِك من سَلْمى*

قال : قال المفضل : معناه يا داءَ قلبك القديم.

وقال قتادة في قوله جلَّ وعزّ : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) [يوسف : ٧٦] قال في قضاء الملك.

أبو عبيد عن الأموي : دِنْتُه مَلَكْتُه. قال الحطيئة :

لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيك حتى

تَرَكتِهم أدقَّ من الطَّحِينِ

يعني مُلِّكْتِ ويُرْوَى شُوِّسْتِ يخاطب أُمَّه.

قال شمر في قولهم : يَدَّيَنُ الرجل أَمْره من هذا أي يَمْلك.

وقال أبو الهيثم : أَدْنتُ الرجلَ بِعْتَه بِدَيْن وأنشد فقال :

أَدانَ وأَنْبأَهُ الأوَّلونْ

بأنَ المُدانَ مَلِيءٌ وَفى

وقال شَمِر : رجل مَدِينٌ ومُدانٌ وَمَدْيونٌ ودائنٌ كله الّذي عليه الدين ، وكذلك المُدان ، فأما المُدِينُ فالذي يَبِيعُ بِدَيْن.

وقال الشيباني : أَدان الرجلُ أي صار له ديْن على الناس.

وقال ابن المظفر : أَدَانَ الرجلُ فهو مُدِين أي مُستَدِين.

قلت : وهذا خطأ عندي وقد حكاه شمر لبعضهم وأظنه أخذه عنده ، وأَدَانَ معناه أنه باعَ يَدْين أو صار له على الناس ديْن.

وقال الليث : الدِّينُ مِن الأمطار ما تعاهد موضعا لا يزال يُرِبُّ به ويُصِيبُه وأنشد :

* مَعْهُودٌ ودينُ *

قلت : هذا خطأ والبيت للطرماح :

عَقَائِل رَمْلَةٍ نَازَعْنَ مِنها

دُفوف أَقَاحِ مَعْهُودٍ وَدِينِ

أراد دُفوفَ رَمْل أَوْ كُثُبَ أقاحٍ مَعْهود أي مَمْطور أصابه عهد من المطر بعد مطر تقدَّمه وقوله : ودِينٌ أي مَوْدون مَبْلُول من وَدَنْتُه أَدنُه وَدْنا إذا بَلَلتَه والواو فاء الفعل ، وهي أَصْلِية وليستْ بواو العطف ، ولا يُعْرف الدِّين في باب الأمطار وهذا تصحيف قبيح من الليث أو ممن زاده في كتابه ، ويقال : دايَنْتُ الرجلَ إذا أقرضتَه ومنه قول رؤبة :

* داينْتُ أَرْوَى والدُّيون تُقْضَى*

والدَّيَّانُ من أسماء الله جلّ وعزّ ، معناه الحَكَمْ القاضي.

وسئل بعضُ السَّلف عن علي بن أبي طالب فقال : كان ديَّان هذه الأمة بعد نَبِيِّها ، أي كان قاضِيَها وحَاكمهَا ، والدَّيان

١٣٠

القهَّار ومنه قوله :

لَاه ابن عَمِّك لا أُفْضَلْتَ في حَسَبِ

يوما ولا أنت ديَّاني فَتَخْزوني

أي لستَ بِقاهرٍ فتسوسَ أمري ، وتَدَيَّن الرجل إذا استدان وأنشد :

يُعَيِّرني بالدَّين قومي وإنما

تَدَيَّنْتُ في أشياءَ تُكْسِبُهم حَمْدا

وقال اللحياني : دَيَّنْتُ الرجلَ في القضاء وفيما بينه وبين الله أي صَدَّقْتُه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَيَّنْتُ الحالف : أي نَوَّيتُه فيما حلف وهو التديين. ويقال : رأيتُ بفلانٍ دَينَةً إذا رأى به سَبَبَ الموتِ.

ودن : سمعت العرب تقول : وَدَنْتُ الجِلد إذا دفَنْته تحتَ الثَّرى لَيْلَيْن فهو مَوْدون ، وكل شيءَ بَلَلْته فقد وَدنْتَه.

أبو عبيد عن أبي زيد : ودنْتُ الثوبَ أَدِنُه وَدْنا إذا بَلَلْتَه وأنشد للكميت :

* كَمُتَّدِن الصَّفا كَيْما يَلينا*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أخذوا في وِدان العَروسِ إذا عَلَّلُوها بالسَّويق والتُّرَفِ ، لِتَسْمنَ.

وقال الليث : الوَدْنُ حُسن القيام على العَرُوس.

يقال : وَدنُوه وأَخَذُوا في وِدانه وأنشد فقال :

بِئسَ الوِدانُ لِلفَتَى العَروسِ

ضَرْبُكَ بالمِنقارِ والفُؤُوس

وفي حديث ذي الثُّدَية : إنهُ لَمُودَنُ اليَدِ.

قال أبو عبيد : قال الكسائي وغيره : المودَنُ اليَد. القَصيرُ اليَد يقال : أَوْدنتُ الشيءَ قَصَّرتُه.

قال أبو عبيد : وفيه لغة أخرى ودَنْتُه فهو مَوْدون. وقال حسَّان :

وأُمُّك سَوْداء مَوْدونَةٌ

كأن أَنامِلَها الحُنظُبُ

وقال آخر في بيت له :

لقد طُلِقَتْ ليلةً كلَّها

فَجَاءَتْ به مُودَنا خَنْفَقِيقا

أي لئيما.

وقال الليث : المُودَنُ من الناس القَصيرُ العُنق الضيّقُ المنْكِبَيْنِ مع قِصر الألواح واليدين ، قال : وودَنْتُ الشَّيءَ أي دَقَقْتُه فهو مَوْدُون أي مَدْقُوق.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أن رجلا من الأعراب دخل أبياتَ قومٍ فأخذوه وَودَنوهُ بالعصَا ، كأَن معناه : دَقُّوه بالعَصَا.

وقال ابن الأعرابيّ : التَّوَدُّنُ لِينُ الجلد إذا دُبغ ، قال : والوَدْنَةُ : العَرْكَةُ بِكلام أو ضَرْبٍ.

وقال الليث : المودُونَةَ دُخَّلَةٌ مِن

١٣١

الدَّخَاخِيل قصيرةُ العُنُق دَخْناء وَرْقَاء.

دنا ـ دنأ و (دنؤ): مهموزا وغير مهموز.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : رجل أَحْنَأُ وأَدْنَأُ وأَقْعَسُ بمعنى واحد.

الحراني عن ابن السّكيت يقال : دَنَوْتُ مِن فلان أدْنو دُنُوّا ، ويقال : ما كنتَ يا فلانُ دَنِيّا ولقد دَنُؤْتَ تَدْنُؤُ دَنَاءَةً مصدره مهموز ، ويُقالُ : ما تَزْدَادُ مِنا إلا قُرْبا ودَنَاءة ، فُرِقَ بين مَصْدر دَنَا وبين مصدر دَنُؤ فجُعل مصدر دَنأَ دَنَاوَةً ، ومصدر دَنُؤ دَنَاءةً كما ترى.

قال ابن السكيت : ويقال : لقد دَنَأْتَ تَدْنأَ ، مهموز. أي سَفَلْت في فِعْلِك ومَجُنْتُ.

وقال الله جلّ وعزّ : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) [البقرة : ٦١].

قال الفراء : هو من الدنَاءَة ، والعرب تقول : إنه لَدَنِيٌ يُدنِّي في الأمور غير مهموز يَتَّبعُ خَسِيسَها وأصاغِرَها ، قال : وكان زهير الفُرْقبيّ يهمز (أتستبدلون الّذي هو أَدْنأ بالذي هو خير).

قال الفراء : ولم نَرَ العرب تهمز أدنأ إذا كان مِن الخسَّة ، وهم في ذلك يقولون : إنَّهُ لدانِىءٌ خبيثٌ فهمزوه. وأنشدني بعضُ بني كلاب :

باسلة الوَقْعِ سَرَابِيلُها

بيضٌ إلى دانِئها الطَّاهر

وقال في كتاب المصادر : دنُؤَ الرجلُ يَدْنُؤ دنُوءا ودناءَة إذا كان ماجِنا.

وقال الزجَّاج في معنى قوله : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى) غير مهموز أي أقْرب ، ومعنى أَقْرَبُ أقلُّ قيمةً ، كما يقال : ثوبٌ مُقارِبٌ ، فأمَّا الخسيسُ فاللغةُ فيه : دنُؤَ دناءَةً وهو دَنِيءٌ بالهمز وهو أَدنَأُ منه.

قلت : أهل اللغة لا يهمزون دنُوَ في باب الخِسَّة وإنما يهمزونه في باب المجُون والخُبْث.

قال أبو زيد في النوادر : رجل دنيء من قوم أدنِياء ، وقد دنُؤَ دناءة ، وهو الخبيث البطن والفرج ، ورجل دَنِيٌ من قوم أدنياء وقد دَنِيَ يَدْنَى ودنُوَ يدْنُوُ دنُوّا ، وهو الضعيف الخسيس الّذي لا غَناء عنده ، المُقَصِّر في كل ما أخذَ فيه ، وأنشد فقال :

فَلَا وَأَبِيكَ ما خُلُقِي بِوَعْرٍ

ولا أنا بالدَّنِيِ ولا المُدَنيِ

وقال أبو الهيثم : المُدَنِّي : المقَصِّرُ عما ينبغي أن يَفْعَلَه ، وأنشد :

* يا مَنْ لِقومٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنّ *

أراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية.

* إن يَسْمعوا عَوْراءَ أصغَوا في أَذَنْ*

وقال أبو زيد في كتاب الهمز : دنَأَ الرجل يَدْنأُ دنَاءَةً ودنُؤ يَدْنُؤ إذا كان دنِيئا لا خَيْرَ فيه.

وقال أبو الحسن اللحياني : رجل دنِيءٌ ،

١٣٢

ودَانِيءٌ هو الخبيث البطن والفرج الماجن من قَومٍ أدنياء اللام مهموزة ، وقد دَنَأَ يدنأ دناءة ودنُؤ يَدْنُؤ دنَاءَة.

قال : ويقال للخسيس : إنه لَدَنِيُ من قوم أدِنياء بغير همز ، وما كان دِنيّا ولقد دَنِيَ يَدْنَى دنًى ودنَايَةً.

ويقال للرجل إذا طلب أمرا خسيسا : قد دنَّى يُدَنِّي تَدْنِيَةً.

قلت : والّذي قاله أبو زيد واللحياني وابن السكيت هو الصحيح ، والّذي قاله الزجاج غير محفوظ.

وقال الليث : الدُّنُوّ غير مهموز مصدر دنَا يَدْنو فهو دانٍ وسمِّيت الدنيا لأنها دَنَتْ وتأخَّرَت الآخرةُ ، وكذلك السماء الدنيا هي القُرْبى إلينا ، والنسبة إلى الدنيا دُنْيَاوِيٌ وكذلك النسبة إلى كل ياء مُؤَنَّثة نحو حُبْلَى ودهْنَا وأشباه ذلك. وأنشد :

* بِوَعْسَاءَ دهْناوِيُّة التُّرب طَيَّبِ*

قال : والمُدَنِّي من الناس الضعيفُ الّذي إذا آواه الليل لم يبرحْ ضَعْفا وقد دنَّى في مَبِيتِه.

وقال لبيد :

* فَيُدَنِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ*

ودَانَيْتُ بين الشيئين قرَّبتُ بينهما.

وقال ذو الرمة :

دانَى له القَيْدُ في ديْمومَةٍ قُذُفٍ

قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عنه الأناعيمُ

قال : ودَانِيَا نبيٌ من بني إسرائيل يقال له : دانْيَال.

أبو عبيد عن الكسائي : هو ابن عمِّه دُنْيَا مقصور ودِنْيَةً ودِنْيا منون وغير منون كل هذا إذا كان ابن عمه لَحّا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدُّنَى ما قَرُبَ من خير أو شر.

وفي الحديث : «إذا طعمتم فَسَمُّوا ودَنُّوا» معنى قوله دنُّوا أي كلوا مِمَّا يليكم ، ويقال : دَنا وأَدنَى ودنَّى : إذا قَرُبَ ، قال : وأَدنَى إذا عاش عَيْشا ضَيقا بعد سَعَةٍ ، والأدْنَى : السَّفِلَ.

أبو زيد : من أمثالهم : كلّ دَنِيٍ دُونَه دنِيٌ يقول : كلُّ قريب دونَهُ قريبٌ وكل خُلْصَانٍ دونَهُ خُلْصَانٌ.

ندأ : أبو عبيد عن الأُمويّ : نَدَأْتُ الشيءَ إذا كَرِهْتَه.

وقال أبو زيد : نَدَأْتُ اللحمَ أَنْدُؤهُ نَدْءا وذلك إذا مَلَلْتَه في الملَّة والجَمْر ، والندِيء الاسم وهو الطَّبِيخ ؛ ويقال لِلحُمْرَةِ التي تكون في الغَيْمِ : النَّدْأَةُ إلى جانب مَغْرِب الشمس أو مَطْلَعِها.

وقال الليث : النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ لُغَتَانِ وهِيَ التي يُقال لها قَوْسُ قُزَح ، قال : والنُّدْأَةُ في لحم الجزور طَرِيقَةٌ مُخالِفَةٌ لِلَونِ اللَّحم ، ونَدَأَتْ اللَّحمِ في المَلَّة إذا دَفَنْتَهُ حتى يَنْضَج.

١٣٣

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النُّدَأَة الدُّرْجَةُ التي يُحشِي بها خَوْرَانُ النَّاقَةِ ثم تُخَلَّل إذا عُطِفَتْ على وَلَد غَيْرها أو على بَوٍّ أُعِدَّ لها ، وقال ذلك أبو عبيدة في كتاب الخيل ، وقال الليث : النَّادِي المجلسُ يَنْدُو إليه مَنْ حَوَاليه ، ولا يُسمَّى نَادِيا حتى يكون فيه أهلُه ، وإذا تفرَّقوا لم يكن ناديا ، وهو النَّدِيُ والجميع الأَنْدِيةُ قال : وإنما سُمِّي ناديا لأن القوم يَنْدُونَ إليه نَدْوا ونَدْوَة ولذلك سمِّيت دارَ النَّدوة بمكة ، كانوا إذا حَزَبَهُم أمر نَدَوْا إليها فاجتمعوا للتشاور ، قال : وأُناديك : أُشاورك وأجالِسك من النادي.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النَّدْوَةُ السَّخَاء والنَّدْوة المشاورة ، والنَّدْوَةُ الأَكلة بين السَّقْيَتيْن ، وأَنْدَى الرجل كَثُر نَدَاه أي عطاؤه ، وأَنْدَى إذا حَسُن صوتُه ، قال : والأنْداء بُعْدُ مَدَى الصوت ، قال : والنَّدَى الأكلة بين الشَّربتين والنَّدَى المجالسة وأَنْدَى إذا تَسَخَّى وقال في قوله :

* كالْكَرْمِ إذْ نَادَى مِن الكافورِ*

قال : نَادَى ظَهَرَ ، قال : ونَادَيْتُه عَلِمْتُه ، قال : وهذا الطريق يناديك.

أبو عبيدة عن الأصمعيّ قال : إذا أَوْرَدَ الرَّجُل الإبل الماءَ حتى تَشْربَ قليلا ثم يَجِيءُ بها حتى ترعى سَاعةً ثمَّ يردَّها إلى الماء فذلك التَّنْديَة في الإبل والخيل أيضا ، قال : واختصم حيَّان من العرب في موضع فقال أحدُ الحَيَّيْن : مَرْكَزُ رِمَاحِنا ومَخْرجُ نِسائِنَا ، ومُنَدَّى خَيْلِنا وأنشد فقال :

* قَرِيبَةٌ نَدْوَتُه مِن مَحْمَضِهْ*

قال : وقال أبو عمرو في التَّنْدِيَة مثله ، وزَاد : نَدَتْ الإبل أَنْفها تَنْدُو فهي نَادِية.

قال أبو عبيدة : قال الأصمعيّ وأبو عمرو : التَّنْدِيةُ أن يُورِدَ الرجلُ فَرَسَه الماءَ حتى يَشربَ ثم يَرُدَّه إلى المرعى ساعة ثم يُعيدَه ، وقد نَدَا الفرسُ يَنْدو ، إذا فعل ذلك.

وأنشد شمر :

أَكَلْنَ حَمْضا ونَصِيّا يابِسا

ثم نَدَوْنَ فأَكَلْنَ وَارِسا

أي حَمْضًا مُثْمِرا قلت : وذكر أبو عبيد في حديث طلحة بن عبيد : خرجت بفرس لي لأندَّيه ، فسَّرَ قوله لأندِّيه على ما قاله الأصمعيّ فاعترض عليه القُتَيْبِي.

أَن قوله : لأنَدِّيه تصحيف ، وصوابه لأُبديه أي لأخرجَه إلى البَدْوِ ، وزعم أنَ التَّنْدِيَةَ تكون للإبل دون الخيل ، وأن الإبل تُنَدَّى لطول ظَمَئِها ، فأمَّا الخيل فإنها تُسْقَى في القيظ شَرْبتين كلَّ يوم.

وطلحة كان أنْبَلَ من أن يندِّي فرسه ، وقد غَلِط القُتَيبِيّ فِيما قَال ، والتَّنْدِيَة تكون للخيل وللإبل ، سمعت العرب تقول

١٣٤

ذلك ، وقد قاله الأصمعيّ وأبو عمرو وهما إمامان ثقتان.

وفي الحديث أن سَلَمَة بن الأكْوَع قال : كنت تبيعا لِطَلْحة بن عُبَيْد الله أَسْقِي فرسَه وأَحُسُّه وأَخْدُمُه ، قال : وبعث رسول الله بِظَهْرِه مع رَباحٍ مولاه ، وخَرَجْتُ بِفَرسِ طَلْحة أُنَدِّيه ، ثم ذَكَر إغارة بَنِي فَزَارة على ظَهْر رسول الله وأنه دَفَع فَرسه إلى رباح ليبلغه طلحة.

رواه عِكرمة بن عَمَّار عن إياس بن سَلَمة ابن الأكوع عن أبيه قلت : ولِلتَّنْدِية معنى آخر وهو تضمير الخيل وإجراؤها البَرْدين حتى تعْرق ويَذْهَبَ رَهَلُها ؛ ويقال للعرق الّذي يسيل منها : النَّدَى.

ومنه قول طُفَيل :

* نَدَى الماء من أَعْطَافِها المُتَحَلِّب*

قال الأزهري : سمعت عريفا من عُرَفاء القَرامِطَة يقول لأصحابه وقد نُدِبُوا للنهوض في سَرِيَّة استُنْهِضَتْ الأَوَنَدُّوا خَيْلَكُم ، المعنى ضمروها وشُدُّوا عليها السُّروج وأَجْرُوها حتى تَعْرَق.

وقال الليث : يقال : إن هذه الناقة تَنْدو إلى نُوق كرام أي تنْزع إليها في النَّسبِ وأنشد :

* تَندُو نؤادِيها إلى صَلَاخِدا*

قال : والنَّدَى على وجوه : نَدَى الماءِ ، ونَدَى الخير ، ونَدَى الشَّر ، ونَدَى الصَّوْتِ ، ونَدى الحُضْرِ! ونَدَى الدُّخْنَة ، فأمَّا نَدَى الماء فمنه المطر. يقال : أصابه نَدًى من طَلٍّ ، ويومٌ نَدِيٌ وليلةٌ نَدِيَّةٌ ، ومَصْدره النُّدُوَّةُ ، والنَّدَى ما أصابك مِن البلل ، ونَدَى الخير هو المعروف ، يقال : أَنْدَى فلانٌ علينا نَدًى كثيرا وإن يَدَه لَنَدِيَّةٌ بالمعروف ، ويقال : ما نَدِيَنِي من فلان شيءٌ أكرهه ، وما بَلّني ولا أصابني وما نَدِيَتْ كَفِّي بِشَرٍ ، وما نَدِيتُ بشيء تكرهه ، قال النابغة :

ما إنْ نَدِيتُ بشيءٍ أنتَ تَكْرَهُهُ

إذَنْ فلا رَفَعَتْ سَوْطي إلىّ يَدِي

وفي الحديث : «مَنْ لَقِيَ اللهَ ولم يَتَنَدَّ من الدَّم الحرام بشيء دَخَل الجنة» ، وندَى الصَّوت بُعْدُ مَذهَبِه والنِّداء ممدودٌ والدُّعاءُ أَرْفَعِ الصّوْتِ وقد ناديْتُه نِداءً ، ونَدَى الخُحْرِ بَقَاؤُه.

وقال الجعدي أو غيره :

كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُقْضِي فَرَقا

إلى نَدَى العَقْبِ وشَدّا سَحْقا

وفلان أَنْدى صوْتا من فلان ، أي أَبْعَدُ مَذْهبا وأَرْفَعُ صوتا.

وقال ابن الأعرابيّ : أَنْدَى الرجلُ إذا كثُر نَداه على إخوانِه ، وكذلك انْتَدى وتَنَدَّى ، وفلان لا يُنْدِي الوَتَر إذا كان ضعيفَ البدن.

وقال ابن السكيت : فلانٌ يَتَنَدَّى على

١٣٥

أصحابه كما تقول : هو يَتَسَخَّى على أصحابه ، ولا يقال : فلانٌ يُنَدِّي ، وفلان نَدِيُ الكف إذا كان سَخِيا.

أبو عبيد عن أبي عمرو : المُنْدِيَاتُ المُخْزِيَاتُ. ويقال : إنهُ لَيَأْتِيني نَوادِي كلامِك ، أَيْ ما يَخْرج مِنْك وَقْتا بعد وقت ، قال طَرَفة :

وبَرْكٍ هُجُود قد أَثَارَتْ مَخافَتِي

نَوادِيَه أمْشي بِعَضْبٍ مُجرّدِ

قال أبو عمرو : النَّوادِي النَّواحِي أراد أَثارَتْ مخافتي إبلا في ناحِيَةٍ مِن الإبل مُتَفَرِّقة ، والهاءُ في قوله نَوادِيه راجعةٌ على البَرْك قال : ونَدَا فلانٌ يَنْدُو نُدُوّا إذا اعْتَزَلَ وتَنَحَّى وقال : أَرادَ بِنَوادِيَه قَوَاصِيَه.

وقال أبو عُبيد : النَّادِياتُ مِن النخيل البعيدةُ مِن الماء.

وقال القُتَيْبِيّ : النَّدَى المَطَرُ. وقيل للنبت : نَدًى لأنه عَنْ نَدَى المطَر نبَت ثم يقال للشَّحْم : نَدًى لأنه عن نَدَى النَّبْت يَكون واحتجّ بقول الشاعر :

كَثَوْرِ العَدَابِ الفَرْدِ يَضْرِبه النَّدَى

تَعَلَّى النَّدَي في مَتْنِه وَتَحَدَّرا

أراد بالنَدى الثاني : الشحْمَ ، وبالأول الغَيْثَ.

وفي النَّوادر يقال : ما نَدِيتُ هذا الأمرَ ولا طَنَّفْتُه أي ما قَرِبْتُه أَنْداه. ويقال : لم يَنْدَ مِنْهُم نَادٍ ، لم يَبْقَ مِنهم أحدٌ ، ويقال : نَدَأْتُهُ أَنْدَؤُه نَدْءا إذا ذَعَرْتَه.

نود : يقال : نَادَ الإنسانُ يَنُودُ نَوْدا ونَوَدانا مثل : نَاسَ يَنُوسُ ونَاعَ يَنُوعُ وقد تَنَوَّدَ الغُصْنُ وتَنَوَّع إذا تحرَّكَ وَنَوَدانُ اليهودِ في مدارسهم مأخوذٌ من هذا.

نأد : أبو عُبيد : يقال للداهية : النَّآدَى على فَعَالى.

وأنشد قول الكميت :

فإيَّاكُمْ وداهيةً نَآدَى

أَظَلَّتْكُمْ بِعارِضها المُخِيلِ

قال الليث : هي النَّادُ والنَّؤُود ، النُّؤود ، وقد نَأَدَتْه الدَّواهي وأنشد :

أَتَانِي أَنَّ دَاهِيةً نَآدا

أَتاكَ بها على شَحَطٍ مَيُونُ

قلت : ورواها غير الليث : أن دَاهِيةً نادَى على فَعَالى كما رواه أبو عبيد للكميت.

انتهى والله تعالى أعلم.

باب الدال والفاء

د ف (وا يء)

دفأ ، دفى ، دوف ، ديف ، فدى ، ودف ، وفد ، أفد ، فود ، فيد ، فأد.

دفأ ـ دفا : قال الله جلّ وعز : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ) [النحل : ٥] قال الفراء : الدِّفْءُ كُتِب في المصاحف بالدَّال والفَاء ، وإن كتبت بواو في الرفع وياء في

١٣٦

الخفض ، وألف في النصب كان صوابا ، وذلك على ترك الهمز ونَقْلِ إعراب الهمز إلى الحرف الّذي قبلها.

قال : والدِّفء ما انتفع به من أوبارها وأشعارها وأصوافها ، أراد ما يَلْبَسون منها ويبْتَنون.

وأخبرني المنذريّ عن الحراني عن ابن السكيت قال : يقال : هذا رجل دَفْآنُ وامرأة دَفْأَى ويوم دَفِيءٌ وليلة دفيئة ، وكذلك بيت دَفِيء ، وغرفة دفِيئةٌ على فَعيل وفعيلة.

أبو عبيد عن الأموي : الدّفء عند العربِ نِتاجُ الإبل وأَلبانها والانتفاع بها من قول الله عزوجل : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) [النحل : ٥] ، قال وقال الأصمعيّ : الإبل المدْفآت : الكثيرة الأوبار.

وقال ابن السكيت : إبلٌ مُدْفَأَة بهذا المعنى.

قلت : المُدْفَآتُ جَمْعَ المُدْفَأَةِ.

قال الشماخ :

وكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مدْفَآتٍ

على أَثْباجِهِنَّ مِن الصَّقِيعِ

فأمَّا الإبل المُدْفِئة فهي الكثيرة ، لأن بعضَها يُدْفِئُ بعضا بأنفاسها.

وقال ابن السكّيت. يقال : ما كانَ الرَّجُلُ دَفْآنَ وَلَقَدْ دَفِىء ، وما كان البيتُ دَفِئا ولقد دَفُؤَ.

ابن الأعرابيّ : الدَّفَئيُ والدَّثَئيُ من الأمطار : وقتُه إذا قاءت الأرضُ الكَمْأَةَ ، وكلُّ مِيرَةٍ حُمِلَتْ في قُبُل الصَّيفِ فهي دَفيئيَّةٌ.

الأصمعيّ : ثوب ذو دِفْءٍ ، وذو دفاءة ، ويقال : ما عليه دِفْءٌ ، ولا يقال : ما عليه دَفَاءةٌ ويكون الدّفء السخونةَ ، ويقال : اقْعُد في دِفءِ هذا الحائط أي في كِنِّه.

وقال الليث : يقال ادَّفَيْتُ واستدفيت أي لبست ما يُدْفِئُني ، قال : وهذا على لغة من يترك الهمز.

قال : والدَّفَاءُ مهموزٌ مَقْصورٌ هو الدِّفْء نفسه إلَّا أن الدِّفْء كأنه اسمٌ شِبْهُ الظَّمْء والدَّفَأُ شِبْهُ الظَّمَأ ، ومِمَّا لا همز فيه من هذا الباب.

قال الأصمعيّ : كَبْشٌ أَدْفى وهو الّذي يَذْهب قَرْنُه قِبلَ ذَنَبِه ، ورَجل أَدْفَى إذا كان في صلبه احْدِيدَابٌ.

وقال ابن الأعرابيّ : أَدْفَى الظَّبْيُ إذا طال قَرْناه حتى كادا يَبْلُغان مُؤَخَّرَه.

وقال الليث : الأدْفَى من الطَّير ما طالَ جَناحاهُ من أُصول قَوادِمه ، وطَرَفُ ذَنَبِه ، وطالتْ قَادِمة ذَنبِه ، وقال الطرماح يصف الغراب فقال :

شَيْخُ النسا أَدْفَى الجَنَاح كأنَّه

في الدار إثْرَ الظَّاعِنِينَ مُقَيَّدُ

قال : والدَّفْو من النجائب الطويلةُ العُنُقِ

١٣٧

إذا سارتْ كادَتْ تضع هامَتَها على ظَهْر سَنَامِها وتكون مع ذلك طَويلةَ الظهر.

أبو عبيد عن ابن زيد : الدَّفْواءُ من المِعزَى التي انْصَبَّ قَرناها إلى طَرَفيّ عِلْبَاويْها.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعض أسفاره أبصر شجرةً دَفْواء تسمى ذَاتَ أَنْواطٍ لأنه كان يُناطُ بها السلاحُ وتُعْبَدُ ، والدفواء العظيمة الظليلة وتكون المائلة.

وفلان فيه دَفَأٌ أي انْحِنَاءٌ ، والدجال فيه دَفَأٌ.

فأد : أبو زيد : فَأَدْتُ الصيدَ أَفْأَدُه فَأْدا إذا أصبتَ فُؤاده ، قال : وفَأَدتُ الخُبْزةَ أَفْأَدُها فَأْدا إذا خَبْزتَها في المَلَّةِ ، والفئيد ما شُوِي وخُبِزَ على النار ، والمِفْأدُ ما يخبَزُ ويُشْوَى به.

أبو عبيد : فأَدْتُ اللحمَ إذا سوَّيتَه والمِفْأَدُ السَّفُّودُ وأنشد :

يَظَلُّ الغرابُ الأعورُ العَيْنِ واقعا

مع الذئبِ يَعْتَسَّان ناري ومِفْأَدِي

قلت : ويقال له : المِفآدُ على مِفْعالِ أيضا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الْمفْؤُودُ الضعيفُ الفُؤاد الجَبان مثل : المنْخُوب ، والفَئيدُ النار نفسها قال لبيد :

وَجدْتُ أبي رَبيعا لِليَتَامَى

وللضِّيفان إذْ حُبَ الفَئِيدُ

وقال الليث : سمى الفُؤاد فؤادا لِتَفَؤُّدِه ، وافْتَأد القومُ ، إذا أوْقدوا نَارا ، والمُفْتَأَدُ موضع الوَقود.

قال النابغة :

* سَفُودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ*

وفئد الرجلُ أصابه داءٌ في فؤاده.

فيد : قال الليث : الفائدةُ ما أفاد اللهُ العبدَ من خير يستفيده ويَسْتحدِثُه ، وقد فادتْ له من عندنا فائدة وجمعها الفوائِد.

وقال ابن شميل يقال : إنهما ليتفايدانِ بالمال بينهما أي يُفيدُ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه والناس يقولون : هما يَتَفَاوَدان العلمَ أي يفيدُ كل منهما صاحبَه.

أبو عبيد عن الكسائي : أفدتُ المالَ أعطيتُه غيري وأفدتُه استفدته ، وقال أبو زيد مثله ، وأنشد للقتال :

نَاقَتُهُ تَرمُلُ في النِّقالِ

مُهْلكُ مالٍ ومُفيدُ مالِ

أي مستفيدُ مالٍ ، وفاد المالُ نفسُه يَفيد : إذا ثَبَتَ له مالٌ والاسم الفائدة.

وقال أبو زيد : والتَّفَيُّد : التَّبَخْتُر ، وقد تفَيَّد ، وهو رجل فَيَّادٌ ومُتَفَيِّد.

وقال الليث : الفَيّادُ من الرجال هو الّذي يَلُفُّ ما قَدَرَ عليه من شيء وأنشد :

* ولَيْسَ بالفَيَّادَة المُقَصْمِل*

وقال غيره : الفَيَّادَة الّذي يَفيدُ في مِشيته ،

١٣٨

والهاء دخلت في نعت المذكر مبالغة في الصفة. وقال عمرو بن شاس : في الإفادة بمعنى الإهلال فقال :

وقِتيان صِدْقٍ قد أَفدتُ جَزُورهم

بِذِي أَوَدٍ جَيْشِ المناقِدِ مُسْبِلِ

أفدتها : نحرتها وأهلكتُها من قولك : فَادَ الرجلُ إذا ماتَ ، وأفدتُه أنا ، وأراد بقوله : بِذي أَوَدٍ : قِدْحا مِن قِداح الميْسر يقال له : مُسْبِلٌ ، جيش المناقِدِ ، خفيف التَّوَقَان إلى الفَوْزِ.

[فود ـ فيد] : أبو عبيد عن أبي عمرو : والفَوْدُ : الموت وقد فاد يفيدُ ، ومنه قول لبيد :

رَعَى خَرَزَاتِ الملك عشرين حِجَّةً

وعِشرينَ حتى فادَ والشّيْبُ شَامِلُ

وقال ابن السكيت : فادَ يَفُود إذا ماتَ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الفَوْد الموتُ ، والفَيد الشّعرات فوق جَحْفلة الفَرَسِ ؛ وأخبرني المنذري عن ابن الأعرابيّ عن ابن أحمد البَرْبَريّ عن عبيد الله بن محمد اليزيدي قال : قلت : للمؤَرّجِ لم اكْتَنَيْتَ بأبي فَيْد؟ فقال : الفيدُ مَنزلٌ بطريق مَكة ، والفيد وَرْدُ الزّعفران.

أبو عبيد : الفَيَّادُ الذكر من البُوم.

وقال ابن الأعرابيّ : فَيَّدَ الرجلُ : إذا تَطَيَّرَ من صَوْتِ الفَيَّاد.

وقال الأعشى :

وَيَهْمَاءَ بالليل عطشَى الفلا

ةِ يؤْنِسُني صوتُ فَيّادِها

وقال الليث : الفَوْدان واحدهما فَوْد ، وهو مُعظم شعر اللِّمّة مما يلي الأُذَن ، قال : وكذلك فود جَناحَيْ العُقَاب.

وقال خُفَاف :

* مَتَى تُلْقِ فَوْدَيْها على ظَهْر ناهضٍ*

أبو مالك : الفَوْد والحيْدُ ناحية الرأس.

قال الأغلب :

* فانْطَحْ بِفَوْدَيْ رأسه الأركانا*

قلت : الفَوْدان قَرْنا الرَّأس وناحِيَتاه ، والفودان العِدْلان ، وقال معاوية للبيد : كم عطاؤُك؟ قال : ألفان وخمسمائة ، فقال : ما بالُ العِلاوةِ بين الفَوْدَيْن؟ وفَوْد الخِباءِ ناحيتاه ، ويقال : تَفَوّدت الأَوْعَالُ فوق الجبال أي أَشْرَفَتْ.

دوف ـ ديف : يقال : دَافَ الطَّيبَ في الماء يَدُوفه دَوْفا فهو دَائِفٌ ، والطِّيبُ مَدُوف.

قال الأصمعيّ : وفادهُ يَفودُه مثله ، وقال كثير :

يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسك في كلِّ مَهْجَعٍ

ويَشرق جاديٌ بِهن مَفودِ

أي مُدوف ، يصف الجواري ، وَدِيافُ : قريةٌ بالشام تنسب إليها النجائب ، وقال امرؤ القيس :

١٣٩

* إذا سَاقَه العَوْد الدِّيافيُ جَرْجَرا*

ودف : أبو عبيد عن الفراء : وَدَفَ الشَّحمُ ونحوه يَدِفُ إذا سالَ ، وقد استَوْدَفْتُ الشّحْمة إذا استقطرتها.

ويقال للأرض كلها : وَدَفَةٌ واحدة خِصْبا.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للروضة : وَدَفَةٌ وَوَدِيفة ، قال : والأُدافُ والأُذاف بالدال والذال فَرْج الرجل ، وأنشد غيره :

* أَوْلَجَ في كَعْثَبِها الأُدافا*

قلت قيل : له أَدَافٌ لما يَدِف منه ، أي يَقْطُر من المَنِيِّ والمَذْيِ والبَوْل وكان في الأصل وُدَافاً فَقُلِبَتِ الواو همزةً لانضمامها كما قال الله تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١] وهو في الأصل وُقِّتَتْ.

[ودف] : وقال ابن الأعرابيّ يقال لِبُظَارة المرأة : الوَدَفَة والوَذَفَة والوَزَرَةُ.

وفد : قال الله جلّ وعزّ : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) [مريم : ٨٥].

قيل : الوَفْدُ الركبانُ المكَرَّمون.

وقال الأصمعيّ : وَفَد فلانٌ يَفِدُ وِفادةً إذا خرجَ إلى مَلِكِ أو أَمير ؛ والوَفْد جمعُ الوَافِد.

ويقال : وَفَّدَه الأميرُ إلى الأمير الذي فوقه ، وأوْفَد فلانٌ إيفادا إذا أشرَف.

ويقال للفرس : مَا أَحْسَن ما أَوْفَدَ حارِكهُ أيْ أشْرفَ ، وأنشد في شعره فقال :

تَرَى العِلَافِيَّ عليها مُوفدَا

كأَن بُرْجاً فوقَها مُشَيَّدَا

ويقال : رأيتُ فلانا مُسْتَوفِداً في قِعْدَتِه ومُستَوْفِزَا إذا قَعَدَ قُعودا مُنْتَصِبا غيرَ مُطمئنّ ، وأَمْسَيْنا على أوْفَادٍ أي على سَفَرٍ ، قد أَشْخَصَنا أي أَقْلَقَنَا.

أفد : يقال : أفِد الأمرُ يَأْفَدُ أَفَدا إذا دَنَا وأَسْرع ، والأَفَدُ العَجَلةُ وقد أَفِدَ تَرَحُّلنا واسْتَأْفد أي دَنا وعَجِل.

وقال النَّضر : أَسْرِعوا فَقَدْ أَفِدْتم أي أَبْطَأْتُم.

والأفْدَةُ التَّأْخِيرُ.

ابن السكيت عن الأصمعيّ : امرأةٌ أَفِدَةٌ أي عَجِلةٌ.

فدى : أخبرني المنذريّ عن أبي العباس : قال : المُفَاداةُ أنْ تَدْفعَ رجُلا وتأخذَ رَجُلا ، والفِداءِ أن تَشْتَرِيه ، فديتُه بمالي فِداء ، وفديتُه بنفسي.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ) [البقرة : ٨٥].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : (أُسارى) بأَلفٍ (تَفْدُوهم) بغير أَلِفٍ ، وقرأ نافع وعاصم والكسائي ويعقوب

١٤٠