تهذيب اللغة - ج ١٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٧

وأنشد المفضل :

* جَاؤُوا يَجُرُّونَ البُنُود جَرّا*

ندب : أبو عبيد : النّدَبُ الأثر.

وقال الليث : هو أثر جُرح قد أجْلَبَ.

وقال ذو الرمة :

* ملساء ليس بها خالٌ ولا ندَب *

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النَّدْبُ الغلامُ الحارُّ الرَّأس الخفيفُ الروح.

قال : والنَّدَبُ الأثر ، ومنه قول عمر : إياكم ورَضاعَ السَّوْءِ فإنه لا بدَّ مِن أن يَنْتَدِبَ أي يظهرَ يوما مَّا.

وقال ابن السكيت : هذا رجل نَدْبٌ في الحاجة ، إذا كان خفيفا فيها.

قال : والندَبُ أثرُ الجُرح إذا لم يرْتَفِع عن الجِلد ، والجميعُ نُدوبٌ وأَنْدَابٌ ، والنّدَبُ الخَطَر أيضا.

وقال عروة بن الورد :

أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيدٌ وَلم أَقُمْ

على نَدبٍ يوما ولي نَفْسُ مُخْطِر

مُعْتَمٌّ وزَيدٌ : بَطْنَان مِن بطونِ العرب.

وقال ابن الأعرابيّ : السّبَقُ والخَطَرُ والنّدَبُ والقَرَعُ والوَجْب كلُّه الّذي يُوضع في النِّضال والرهان ، فمن سَبَق أخَذَه ، يقال فيه كلُّه : فَعَّلَ مُشَددا إذا أخذه.

وقال الليث : النَّدْبُ الفرس الماضي نَقِيضُ البَليد والفِعْل نَدُبَ ندَابَةً والنَّدْبُ أن تدعو النادبةُ بالميتِ بِحُسْنِ الثناء في قولها وا فُلانَاه ، وا هَناه واسم ذلك الفعل النُّدْبَةُ ، والنّدْبُ أن يَنْدُب إنسانٌ قوما إلى أمر أو حَرْبٍ أو مَعُونة أي يدعوهم إليه ، فيَنْتدبون له أي يُجيبون ويسارعون. وانتدَب القوم من ذات أنفسهم أيضا دونَ أن يُنْدَبوا له ، وجُرْحٌ ندِيبٌ أي ذو نَدبٍ.

وقال ابن أم خَزْنَةَ يَصف طَعنَةً :

فإن قَتَلَتْهُ فَلَمْ آله

وإن يَنْجُ مِنها فَجُرحٌ نَدِيب

عمرو عن أبيه : خُذْ ما اسْتَبَضَّ واسْتَضَبَّ وانْتَدَمَ وانْتَدَبَ ودمَعَ ودَمَغَ وأَرْهَفَ وأَرْخَفَ وتَسَنَّى وفَصَّ وإن كانَ يسيرا.

بدن : قال الليث : البَدَن مِن الجسد ما سِوَى الشّوَى والرأْس ، والبَدن شِبْهُ دِرْع إلا أنه قصير قَدر ما يكون على الجَسَد فقط قَصير الكُمَّيْن والجميعُ الأبدان.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) [يونس : ٩٢].

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال : نُنَجِّيك بدِرْعِك ، وذلك أنهم شكُّوا في غَرَقِه فأمر الله البحر أن يقذفه على دَكَّةٍ في البحر بِبَدنِه أي بدرْعِه ، فاستَيْقَنوا حينئذ أنه قد غَرِقَ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تُبَادروني بالركوع ولا السجود فإنَّه مهما أسبقْكم به إذا ركعتُ تدْركوني إذا رَفَعْتُ ، ومَهما

١٠١

أسبقْكم به إذا سَجَدتُ تدركوني به إذا رفعت إنِّي قد بَدُنْت» هكذا رُوِيَ هذا الحديث : بدُنْتُ.

قال أبو عبيد : قال الأموي : إنما هو قد بَدَّنْتُ يعني كبرْتُ وَأسْنَنْتُ ، يقال : بدَّن الرجل تَبْدينا إذَا أَسَنَّ.

وأنشد :

وكنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتبْدِينَا

والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا

قال وَأَمَّا قوله : قد بَدُنْتُ فليس له معنى إلا كثرةُ اللحم.

وقال ابن السكِّيت يقال : بَدَنَ الرجل يَبْدُن بَدْنا وبَدَانَة فهو بَادنٌ إذا ضخُم ، وهو رجل بَدَنٌ إذا كان كبيرا.

قال الأسود :

هَلْ لِشبابٍ فاتَ من مَطْلَبِ

أم ما بقاء البَدنِ الأشْيَبِ

وقال الليث : رَجلٌ بادنٌ ومُبَدن وامرأة مُبدنةٌ وهما السمينان ، والمُبدَّنُ المُسِنُّ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه أُتِيَ بِبدَنَاتٍ خَمْسٍ فَطَفِقْنَ يزْدَلِفْنَ بِأَيَّتهِنَّ يَبْدأُ».

قال الليث وغيره : البدَنةُ بالهاء تقع على الناقة والبقرة والبعير الذكر مما يجوز في الهَدْيِ ، والأضاحي ، ولا تقع على الشاة ، سميت بَدَنَةً لِعِظَمها ، وجمع البَدنة البُدْن.

قال الله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [الحج : ٣٦] قال الزَّجاج : بَدنَةٌ وبُدْنٌ ، وإنما سميت بَدَنَةً لأنها تَبْدُنُ أي تَسْمَن.

أبو عبيد عن أبي زيد : بَدَنَتْ المرأة وبَدُنَتْ بَدْنا قلت : وغيره يقول : بُدْنا وبدَانة على فَعالة أي سَمِنَتْ.

د ن م

دنم ، دمن ، مدن ، ندم ، مند : مستعملة.

دنم : أبو عُبيد عن الفراء : رجل دِنَّمةٌ ودِنَّامَةٌ إذا كان قصيرا ندم.

[ندم] : وقال ابن الأعرابيّ : النَّدَبُ والنَّدَمُ الأثر.

وقال أبو عَمرو يقال : خُذْ ما انْتَدَمَ وانْتَدَب وأَوْهَفَ أَي خُذْ ما تَيَسَّر.

وقال الليث : النَّدَمُ النَّدامةُ تقول : نَدِمَ فهو نادِمٌ سادمٌ وهو نَدْمانُ سَدْمانُ أي نادِمٌ مُهْتَمٌّ ، والجميع نَدامَى سَدامَى ، ونَدِيمٌ سَدِيمٌ ، والنديم شَرِيبُ الرجل الّذي ينادمه ، وهو نَدْمانُه أيضا ، والجميع النَّدَامَى والنُّدَماء ، والتَّنَدُّمُ أَنْ يُتْبعَ الإنسانُ أمرا نَدَما. يقال : التَّقَدُّمُ قبْل التَّنَدُّم ، وهذا يروى عن أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيٍّ أنه قال : إن أردتَ المحاجَزَة فَقَبْلَ المناجَزَة والتَّقدُّم قبل التَّنَدُّم.

قال أبو عُبيد : معناه انْجُ بنفسك قبل لقاء من لا قِوَامَ لك به.

١٠٢

قال : وقال الّذي قتَل محمد بنَ طلحَة بن عبيد الله يوم الجمل :

يُذَكِّرُنِي حاميمَ والرِّمحُ شاجِرٌ

فهلَّا تَلا حامِيمَ قبل التقدُّم

مدن : قال الليث : المدينةُ فَعِيلَة تُهْمَز في الفعائل لأن الياء زائدة ولا تهمز ياء المعايش ، لأن الياء أصلية ، ونحو ذلك قال الفرّاء وغيره.

وقال الليث : المدينةُ اسمُ مدينة الرسول عليه‌السلام خاصّة ، والنسبة للإنسان مَدَنِيٌ ، فأَمَّا الطَّير ونحوه فلا يقال إلا مَدِينِىٌ وحمامةٌ مَدِينيَّةٌ وجارية مَدينيَّة وكلُّ أرضٍ يُبنَى بها حِصْنٌ في أُصْطُمَّتِها فهي مدينة ، والنسبة إليها مَدَني ، ويقال للرجل العالم بالأمر : هو ابن بَجْدَتها ، وابن مَدينتِها ، وقال الأخطل :

رَبَتْ وَرَبا في كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ

يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَوَكَّلُ

ابن مدينةٍ أي العالم بأمرها ، ويقال لِلأَمَةِ : مَدينةٌ أي مملوكة والميم ميم مفعول ، ومَدَن الرجلُ إذا أتى المدينة.

دمن : قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : الدِّمْن ما سَوَّدُوا من آثار البَقَر وغيره قال : والدِّمْن اسم للجنس مثل السِّدر اسم للجنس والدِّمَن جمع دِمْنَة ودَمِن مثل : سِدْرَةٍ وسِدَرٍ.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إياكم وخَضْرَاءُ الدِّمَنِ ، قيل : وما ذاك؟ قال : المرأةُ الحسناءُ في مَنْبِتِ السَّوْءِ».

وقال أَبُو عُبيد : أرادَ فساد النسب إذا خِيف أن تكونَ لغيرِ رِشْدَةٍ ، وإنما جعلها خَضْراء الدِّمَن تشبيها بالبقلة الناضرة في دِمْنَة البَعَر ، وأصلُ الدِّمْن ما تُدَمِّنُه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ، فلما نبتَ فيها النباتُ الحسنُ وأصله في دِمْنَةٍ ، يقول : فمنظرها أنيقٌ حسنٌ.

وقال زُفر بن الحارث :

قَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى

وتَبْقَى حَزازاتُ النفوسِ كما هِيَا

وقال الليث : الدِّمْنَةُ أيضا ما انْدَمَن من الحِقد في الصدر وجمعها دِمَنٌ.

أبو عُبيد عن الكسائي : الدِّمْنَةُ الذَّحْلُ وجمعها دِمَنٌ وقد دَمِنْتُ عليه.

وقال الليث : الدِّمْنُ ما تَلَبَّدَ من السِّرْقِين وصار كِرْسا على وجه الأرض وكذلك ما اختلَط من البَعَر والطِّين عند الحَوْض فَتَلَبَّد وقال لبيد :

راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضَادِه

ثَلَمَته كلُّ ريح وَسَبَل

قلت : وتَجْمعُ الدِّمْنَة دِمَنا قال لبيد :

* دِمَنٌ تحرَّمَ بعد عَهْد أَنِيسها*

أبو عبيد عن الأصمعيّ : قال : إذا أنْسَغَتْ النخلةُ عن عَفَنٍ وسَوَادٍ قيل : قد أصابها الدَّمانُ. قال : وقال ابن أبي الزِّناد : هو

١٠٣

الأدَمانُ.

وقال شمر : الصحيح إذا انْشَقَّتِ النخلةُ عن عَفَنَ لا أَنْسَغَتْ.

قال : والإنْسَاغُ أَنْ تُقْطَع الشَّجَرةُ ثم تَنْبُتُ بعد ذلك.

ويقال : دَمَّنَ فلانٌ فِنَاءَ فلان تَدْمِينا إذا غَشِيَه ولَزِمه.

وقال كعْب بن زهير :

أَرْعَى الأمانةَ لا أَخونُ ولا أُرَى

أَبدا أُدَمِّنُ عَرْصَةَ الإخوانِ

ويقال : فلانٌ يُدْمِنُ الشُّرْبَ والخمرَ إذا لزم شُرْبها ، ومُدْمِنُ الخمر : الّذي لا يُقْلِع عن شربها واشتقاقه من دَمْنِ البَعَر.

مند : مَنْدَدُ اسم موضع ذكره تميم بنُ أبي مُقْبِل فقال :

عَفَا الدَّارَ مِن دَهْمَاءَ بعد إِقامةٍ

عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ مَنْدَدٍ مُتَناوِحُ

خَلْفَاهَا نَاحِيتَاهَا ، من قولهم : فَأْسٌ لها خَلْفَانِ ، ومَنْددٌ مَوْضِع.

د ف ب

أهمل. د ف م. فدم.

قال الليث : الفَدْمُ من الناس العَيِيُّ عن الحُجَّة والكلام ، والفعل فَدُم فَدامة والجميع فُدمٌ. قال : والفِدام شيءٌ تَشُده العَجمُ على أَفواهها عند السَّقْيِ ، الواحدةُ فِدامة ، وأما الفِدام فإنَّه مِصْفاةُ الكوز والإبريق ونحوه ، إبريق مُفَدَّم ومَفْدوم وأنشد :

* مُفَدمةٌ قَزّا كأَنَّ رِقَابَها*

وفي الحديث : إنكم مَدْعُوُّون يوم القيامة مُفَدَّمةً أفواهُكم بِالفِدام.

قال أبو عبيد : يعني أنهم مُنِعوا الكلام حتى تَكلمَ أفخاذُهم فَشَبَّه ذلك بالفِدام الّذي يُجْعل على فم الإبرق.

قال أبو عبيد : وبعضهم يقول : الفَدَّام ، ووجه الكلام الجَيّد : الفِدَام.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الفَدْمُ : الدَّمُ ومنه قيل للثقيل : فَدْمٌ تشبيها به.

وقال شمر : المُفَدَّمَةُ من الثياب : المشْبَعةُ حُمرةً.

وقال أبو خِرَاش الهُذَلِيّ :

ولا بَطَلا إذا الكُمَاةُ تَزَيَّنوا

لَدَى غَمَراتِ الموتِ بالحالكِ الفَدْمِ

يقول : كأنما ترقنوا في الحرب بالدَّم الحالك والفَدْمُ الثقيلُ من الدَّم والمفَدَّم مأخوذ منه ، وثوب مُفَدَّم إذا أُشبع صَبْغُه ، وسُقَاةُ الأعاجم المجوس إذا سَقَوْا الشَّرْبَ فَدَّموا أفواههم ، فالساقي مُفدّم والإبريق الّذي يسقى منه الشَّرْبُ مُفَدَّم.

انتهى والله أعلم.

* * *

١٠٤

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الدال

[باب الدال والتاء]

د ت (وا يء)

استعمل من وجوهه : وتد ، تيد ، تود ، تؤدة.

وتد : يجمع الوَتِدُ أوتادا. قال الله جلّ وعزّ : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧)) [النبأ : ٧] ويقال : تِدِ الوَتِد يا واتِدُ والوَتِدُ مَوْتودٌ.

ويقال للوَتِد : وَدٌّ كأنهم أرادوا أن يقولوا : وَدِدٌ فقَلبوا إحدى الدالين تاءً لِقرب مخرجيهما وفيه لغتان وَتِدٌ ووتَد.

وقال الأصمعيّ : وَتدُ الأذن هنَيَّةٌ ناشِزَةٌ في مُقَدَّمِها. ويقال : وَتِدٌ واتِدٌ : أي رأسٌ مُنْتَصِبٌ. وقال الراجز :

* لاقَتْ على الماء جُذَيلا وَاتِداً*

ويقال : وَتَّد فلان رِجْلَه في الأرض إذا ثبَّتها. وقال بشار :

ولقد قلتُ حينَ وتَّدَ في الأر

ض ثَبِيرٌ أَرْبَى على ثَهْلانِ

[تود] ـ تؤدة : وأما التُّؤَدة بمعنى التأنّي في الأمر فأصلها وُؤَدة فقُلِبتْ الواو تاء ومنه يقال : اتَّئِدْ يا فتى وقد اتَّأَدُ يتَّئدُ اتآدا ، إذا تَأَنَّى في الأمر.

[تيد] : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : التَّيدُ : الرِّفق. يقال : تَيْدَكَ يا هذا أي اتَّئِدِ. وأما التَّوادِي فواحدتها تَوْدِيةٌ وهي الخَشَبَاتُ التي تُشَدُّ على أَخْلاف النَّاقةِ إذا صُرَّتْ لئلا يَرْضَعها الفصيلُ ، ولم أسمع لها بفعل ، والخيوطُ التي تُصَرُّ بها هي الأصِرَّة واحدُها صِرارٌ ، وليست التاء بأصلية في شيء من هذه الحروف.

[باب الدال والظاء]

د ظ (وا يء)

أهمل الليث بن المظفر وجوهها.

[د أظ] : وقال أبو زيد في كتاب الهمز : دَأَظْهُ الوِعاءَ وكل ما ملأْتُه أَدْأظُهُ دَأَظا. وأنشد :

وقَدْ فَدى أَعْناقَهن المحضُ

والدَّأْظُ حتى ما لهنَّ غَرْض

وقال ابن السكيت وأبو الهيثم : الدَّأظ السِّمَن والامتلاء يقول : لا يُنحَرْنَ نَفَاسَةً بهِنَّ لسمنهن وحُسْنهن.

قلت : وروى الباهلي عن الأصمعيّ أنه رواه : والدَّأْض حتى لا يكون غَرْض بالضاد قال : وهو لا يكون في جلودها نُقصان ، وقال أيضا يجوزَ في الحرف الضاد والظاء معا.

١٠٥

وقال أبو زيد : الغرْض هو موضع مَاءٍ تَرَكَتْه فلم تجعل فيه شيئا.

[باب الدال والذال]

د ذ (وا يء)

استعمل من وجوهه.

ذود : قال الليث : الذوْدُ لا يكون إلا إناثا ، وهو القَطيعُ من الإبل ما بين الثلاث إلى العَشْر.

قلت : ونحو ذلك حفظتُه عن العرب ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس مما دون خمس ذود من الإبل صدقة» فأنَّثَها في قوله خمس ذود.

أبو عبيدة عن أبي زيد : الذود من الإبل بعد الثلاثة إلى العشرة.

شمِر قال أبو عبيدة : الذَّوْد : ما بين الثنتين إلى التِسع من الإناث دون الذكور ، وأنشد :

ذَوْدُ صَفَايَا بَينَها وبَيْني

ما بينَ تِسْع وإلى اثْنَتَيْن

يُفْنِينَنَا مِنْ عَيْلةٍ وديْن

قال : وقولهم : الذود إلى الذود إبل يَدُل على أنها في موضع اثنتين لأَنَّ الثِّنْتَيْنِ إلى الثَّنْتَينِ جمْع.

قال : والأذْوادُ جمع ذَوْدِ وَهي أكثر من الذّوْدِ ثلاث مرات.

وقال أبو عبيدة : قد جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله : «ليس في أقل من خمْسِ ذَوْدٍ من الإبل صدقةٌ» ، الناقة الواحدة ذودا ، ثم قال : والذود لا يكون أقل من ناقتين.

قال : وكان حَدُّ خمسِ ذَوْدٍ عشرا من النوق ، ولكن هذا مِثْلُ ثلاثة فِئة يَعْنون به ثلاثة ، وكان حَدُّ ثلاثةِ فئةٍ أن يكون جمعا ، لأن الفئة جمع.

قلت : هو مِثْلُ قولهم : رأيت ثلاثةَ نَفَرٍ وتسعةَ رَهْط وما أشبهه.

وقال ابن شميل : الذّوْد ثلاثة أَبْعرة إلى خمسَ عَشْرَة. قال : والناس يقولون إلى العشرة ويقال : ذُدتُ فلانا عن كذا وكذا أذْودُه إذا طَرَدْتَه فأنا ذائد وهو مَذودٌ ، ومِذْوَد الثور قَرْنُه.

وقال زهير يذكر بقرة :

* ويَذُبها عنها بأَسْحَم مِذْوَدِ*

ومِذْوَدُ الرجلِ لِسانُه. وقال عنترة :

سَيأْتيكُم مِنِّي وإنْ كنتُ نائِيا

دُخانُ العَلنْدَى دُون بَيْتي ومِذوَدِي

قال الأصمعيّ : أراد بمِذودِه لسانَه ، وبَيْته شرَفَه. ومَعْلَفُ الدابة مِذْوَدُه.

وقال ابن الأعرابيّ : المَذَاد : والمرَادُ المرتَع.

وأنشد فقال :

* لا تَحْبِسَا الحَوْساءَ في المذَادِ*

ويقال : ذُدْتُ الإبلَ أَذْودها ذوْدا إذا طَردتَها ، قال : والمذيدُ المُعين لك على ما تذود. وهذا كقولك : أطْلَبتُ الرجلَ

١٠٦

إذا أعنتَه على طَلِبتِه وأَحْلَبْتَه أَعَنْتَه على حَلْب ناقته وقال الراجز :

* ناديتُ في القوم أَلَا مُذِيدا*

[باب الدال والثاء]

د ث (وا يء)

ديث ، داث ، ثدى ، ثأد : [مستعملة].

[دأث] : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الدِّئْثُ : الحِقْدُ الّذي لا يَنْحَلُّ وكذلك الدِّعْثُ.

أبو عبيد عن الأموي : دَأَثْتُ الطعام دَأْثا إذا أكلته.

وقال أبو عمرو : والأدآث : الأثقال واحدها دَأْث.

وقال رؤبة :

وإنْ فَشَتْ في قَوْمِكَ المشاعِثُ

من إصْر أدْآث لها دَآئِث

بوزن دَعَاعِث من دَعَثه إذا أَثْقَلَه ، والإصْرُ الثِّقل.

ديث : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الدَّيُّوثُ والدَّيْبُوثُ القَوَّادُ على أهله ، والّذي لا يغار على أهله دَيُّوث ، والتَّدْييثُ القِيادة ، وجَمَلٌ مُدَيَّثٌ ومُنَوَّق إذا ذُلِّل حتى ذَهَبَتْ صُعُوبته ، وطَريق مُدَيَّث إذا سُلِكَ حتى وضحَ واستبان.

ثدي : الثَّدْيُ ثَدْيُ المرأة ، وامرأة ثَدْياء ضخمة الثَّديين ، وأمَّا حديث عَلِيٍّ في ذي الثُّدَيَّة المقْتول بالنَهْرَوان ، فإن أبا عبيد حكى عن الفراء أنه قال : إنما قال : ذو الثُّدَيَّة بالهاء ، وإنما هي تصغير ثَدْي ، والثَّديُ مُذكَّر لأنها بَقيَّة ثَدْي ، قد ذهب أكثره فَقلَّلها ، كما يقال : لُحَيْمَة وشُحَيْمَة فأَنَّثَ على هذا التأويل ويقال : ىثَدِيَ يَثْدَى إذا ابْتَلَّ ، وقد ثَدَاه يَثْدُوه ويَثْدِيه إذا بَلَّه ، وثَدَّاهُ إذا غَدَّاهُ ، والثُدَّاءُ نَبْتٌ في البادية. ويقال له : المُصَاص والمُصَّاخُ وعلى أصله قشور كثيرة ، تَتَّقِدُ بها النار الواحدة ثُّدَّاءَةٌ.

قلت : ويقال له بالفارسية : بهراة دليزاد.

ثاد : أبو عُبيد : الثَّأَدُ النَّدَى نفسه ، والثَّئِيدُ المكان النَّدِيُّ.

وقال شمر : قال الأصمعيّ : قيل لبعض الأعراب : أَصِبْ لنا مَوْضعا أي اطلبه.

فقال رائدهم : وجدت مكانا ثَئِدا مَئِدا.

وقال ابن الأعرابيّ : الثَّأَدُ النَّدَى والقَذَر ، والأمرُ القبيحُ.

وقال غيره : الأثْآدُ العُيوب ، وأصله البَلَلُ.

وقال ابن السكيت : قال زيد بن كُثْوَة : بَعَثوا رَائدا فجاء وقال : عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ كأنَّه أَسْوُقُ نِساءِ بني سَعْدٍ.

وقال رائد آخر : سَيْلٌ وبَقْلٌ وبُقَيل فوجدوا الآخر أعقلهما.

أبو عُبَيد عن الفراء : الثَّأَدَاءُ والدَّأثاءُ الأمَة.

١٠٧

قال أبو عبيد : ولم أسمع أحدا يقول هذين بالفتح غير الفراء ، والمعروف ثَأْدَاءُ ودَأْثَاءُ. قال الكميت :

وما كُنَّا بني ثَأْدَاءَ لمَّا

شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلُّ وَتْرِ

شمر عن ابن شميل : يقال للمرأة إنها لَثَأْدَةُ الخَلْق أي كثيرةُ اللَّحم ، وفيها ثَآدةٌ مِثال سَعَادَةٍ.

وقال ابن زيد : ما كنتُ فيها ابن ثأْداء أي لم أكن عاجزا.

وقال غيره : لم أكن بَخيلا لَئيما ، وهذا المعنى أَرادَهُ الّذي قال لعمر بن الخطاب عام الرَّمادة : لقد انْكَشَفتْ وما كنتَ فيها ابن ثأداء ، أي لم تَكُنْ فيها كابن الأمة لئيما ، فقال : ذاك لو كنتُ أنفق عليهم من مال الخطاب. انتهى والله أعلم.

باب الدال والراء

مع حرف العلة د ر (وا يء)

دور ، دير ، درى ، أدر ، درأ ، ردى ، ورد ، ودر ، ردأ ، رود ، ريد ، رأد : [مستعملة].

[دور ـ دير] : قال الليث : الدَوَّارِيُ : الدَّهر الدَّوَّارُ بالإنسان.

قال العجاج : والدهرُ بالإنسان دَوّارِيُ.

ويقال : دَارَ دَوْرَةً واحدة ، وهي المرَّة الواحدةُ يَدُورها ، والدَّوْرُ قد يكون مَصدرا في الشعر ، ويكون دَوْرا واحدا من دَوْرِ العمامة. ودَوْرِ الخَيْلِ وغيره ، عامٌ في الأشياء كلها ، والدُّوَارُ أن يأخذ الإنسان في رأسه كهيئة الدَّوَران ، تقول : دِيَر به ، والدَّوَار صَنَم كانت العرب تنْصِبُه ، يَجعلون موضعا حوله يَدورون به ، واسم ذلك الصنم والموضع الدَّوَار ، ومنه قول امرؤ القيس :

* عَذَارَى دوَارٍ في مُلاء مُذَيَّلِ*

ويقال : دُوَارٌ ، وقد يثقّل فيقال : دُوَّار.

وقال أبو عبيدة في قول الله جلّ وعزّ : (نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) [المائدة : ٥٢] أي دَوْلَة ، والدَّوائِرُ تدور والدوائلُ تدول.

سلمة عن الفراء يقال : دَارٌ ، وَدِيَارٌ ، ودُورٌ. وفي الجمع القليل أَدْوُر وأدْؤُر ودِيرانٌ. ويقال : آدرُ على القلب. ويقال : دَيَرٌ ودِيَرةٌ ، وأَدْيارٌ ، ودِيْرانٌ ، وَدَارَاتٌ وَدِيرَةٌ ، ودورٌ ، ودُورانٌ ، وأَدْوَارٌ ، وَدِوَارٌ ، وأَدْوِرَةٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدَّيْر الدارات في الرمل.

وقال الليث : المدار مَفْعَلٌ يكون موضعا ، ويكون مَصدرا كالدَّوَران ، ويجعل اسما نحو مَدارِ الفَلك في مَداره. قال : والدائرة كالحلْقة أو الشيء المستدير ، والدَّارةُ دارةُ القمر ، وكلُّ موضعُ يدارُ به شيءٌ يَحْجُرُه فاسمه دَارةٌ ، نحو الدارات التي تُتَّخَذ في

١٠٨

المباطح وَنحوها يجعل فيها الخْمرُ وأنشد :

تَرى الإوَزِّينَ في أَكْنافِ دَارَتِها

فَوْضَى وبَيْنَ يَدَيْها التِّبْنُ مَنْثُورُ

وقال : ومَعنى البيت أنه رأى حَصَّادا أَلْقَى سُنْبُلَهُ بين يدي تلك الإِوَزّ فَقَلَعت حَبّا من سنابله فأكلت الحَبَّ وافْتَحَصَتْ التِّبنَ.

قال : وَأَمَّا الدار فاسم جامعٌ للعَرْصَة وَالبِناء والمَحلَّة ، وكلُّ موضع حَلَّ به قوم فهو دارهم. والدنيا دارُ الفناءِ والآخرةُ دارُ القَرارِ ، ودار السلام الجنة ، وقلنا : ثلاث أَدْؤُرٍ همزت لأن الألف التي كانت في الدار صارت في أفْعُل في موضع تحرُّك قال : فأُلقِيَ عليها الصَّرف ، ولم تُردَّ إلى أَصلها ، والدَّيْر دَيْرُ النصارى ، وصاحبه الّذي يَسْكُنه ويعمره دَيْرَانِيٌ وَدَيَّار ، ويقال : ما بالدار دَيَّارٌ ، أي ما بها أحدٌ وهو فَيْعَال من دَارَ يَدُور ، وَمُدَاوَرَة الشؤون مُعالجتها ، وَالدَّوَّارةُ مِن أدَوات النّقاش والنَّجار لها شُعْبتانِ فَتَنْضَمَّان وتَنْفَرِجَان لتقدير الدَّارات.

الأصمعيّ : الدَّارَةُ رملٌ مُسْتَدِير وسطها فَجْوةٌ وهي الدُّورَةُ.

وقال غيره : هي الدُّورَةَ والدَّوارَةُ والدَّيِّرةُ وربما قَعَدوا فيها وشربوا.

وقال ابن مقبل :

بِتْنَا بدَيِّرة يَضيءُ وُجُوهَنا

دَسَمُ السَّلِيطِ على فتيل ذبال

ويقال للدّارِ : دَارةٌ.

وقال ابن الزِّبَعْرَى :

* وآخرُ فوقَ دارِته يُنادي*

والمُدَاراتُ أُزُرٌ فيها دَاراتُ وَشْيٍ.

وقال الراجز :

* وذُو مُداراتٍ على خُصْرِ*

والدَّارِيُ العَطَّار. يقال : إنه نُسب إلى دارِينَ. وقال الجعديّ :

أُلْقِيَ فيها فِلْجَانِ مِن مِسْكِ دا

رين وفِلْجٌ مِن فُلْفُلٍ ضَرِمِ

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّارِيُ الّذي لا يَبْرح ولا يطلب معاشا. وأنشد :

لَيِّثْ قليلا يُدْرك الدَّارِيُّون

ذَووُ الجِبَابَ البُدَّنُ المكْفِيُون

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : دَوَّارةٌ وقَوَّارةٌ لكل ما لم يتحرك ولم يَدُرْ ، فإذا تحرك ودَارَ ، فهو دُوَّارةٌ ونُوارة ، والدائِرةُ التي تحت الأنف يقال لها دَوَّاةٌ ودَائرةٌ ودِيَّرةٌ.

أبو عبيد عن الكسائي : دِيرَ بالرجل وأُدير به.

من دُوار الرأس ، وقال أبو عبيدة : دوائر الخيل ثماني عشرة دائرة.

يُكْرَهُ منها الهقعَةُ وهي التي تكون في

١٠٩

عُرْض زَوْرِه ، ودائرة القالِعِ هي التي تكون تحت اللِّبْدِ ، ودائرة النَّاخِس هي التي تكون تحت الجاعِرتيْن إلى الفَائلَتَيْن ، ودائرة اللَّطاةِ في وسط الجبهة ، وليست تُكْرَه إذا كانت واحدةً ، فإن كان هناك دائرتان ، قالوا : فرس نطيحٌ وهي مكروهة ، وما سوى هذه الدوائر غير مكروهة ، ودائرة رأس الإنسان ، الشعر الّذي يستدير على القرْن.

يقال : اقشعرَّت دائِرتُه ، ودائرة الحافر ما أحاط به من الثُّنَن.

ويقال : أدرتُ فلانا على الأمر ، وألْصَتُه عليه إذا حاولَتَ إلزامهُ إياه ، وأَدَرْتُه عن الأمر ، إذا طلبتَ منه تَرْكَه ، ومنه قوله :

يُديرُونني عن سالمٍ وأُديرهم

وجِلْدَةُ بَين العَيْن والأنْفِ سالمُ

وفي الحديث : «ألا أُنبئكم بخير دورِ الأنصار : دُورِ بني النجار ، ثم دورِ بني عبد الأشهل ، وفي كل دور الأنصار خَيْرٌ» ، والدُّور ههنا قبائل اجتمعت كلُّ قبيلةٍ في محلّةٍ ، فسميت المحلَّة دارا.

وفي حديث آخر : «ما بقيت دارٌ إلا بُنِيَ فيها مسجِد» أي ما بقيت قبيلة.

أدر : قال الليث : الأدَرَةُ والأَدَرُ مصدران ، والأُدْرةُ اسم تلك المُنْتفخَة والآدَرُ نَعْتٌ ، وقد أَدِرَ يأْدَرُ فهو آدَرُ.

دري : قال الليث : يقال : دَرَى يَدْرِي دَرْيا ودِرَايَةً ودِرْيا.

ويقال : أَتى فلانٌ الأمْرَ من غير دِرْيَةٍ ، أي من غير عِلم ، والعرب ربما حذفوا الياءَ من قولهم : لا أَدْرِ في موضع لا أَدْرِي ، يكتفون بالكسرة فيها كقول الله جلّ وعزّ : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) [الفجر : ٤] والأصل يَسْرِي.

ابن السكيت : دَرَيْتُ فُلانا أَدْريه دَرْيا إذا خَتَلْتَه وأنشد :

فإن كنتِ قَدْ أَقْصَدْتني إذْ رَمَيْتِنِي

بسهمك فالرامي يصيدُ ولا يَدْرِي

أي لا يَخْتِلُ وقد دَارَيتُه إذا خَاتَلْتَه.

وقال الشاعر :

فإنْ كنتُ لا أَدْرِي الظِّبَاء فإنني

أَدُسُّ لها تحت التُّراب الدَّواهيا

وقال الراجز :

وَكَيْفَ تراني أَذَّرِي أو أَدَّرِي

غِرَّاتِ جُمْلٍ وتَدَّرَى غِرَري

اذَّرَى افْتَعَل من ذَرْيتُ ، وكأَنَّهُ بُذرِّي ترابَ المعدِن ، ويختل هذه المرأة بالنظر إليها إذا اغْتَرَّتْ أي غَفَلتْ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّرِيَّةُ ، غير مهموز دابة يَسْتَتِرُ بها الّذي يَرْمي الصيد ليصيدَه.

يقال : من الدَّرِيَّة ادَّرَيْتُ ودرَيْتُ.

قال وقال الأصمعيّ : الدّرِيئَةُ مهموزة

١١٠

الحلقة التي يَتَعلم الرامي عليها.

وقال ابن السكيت : الدَرِيَّةُ البعيرُ يَسْتَتِرُ به من الوحش ، يُختل حتى إذا أمكن رَمْيُه رَمَى.

قال : وقال أبو زيد : هي مهموزة لأنها تُدْرَأُ نحو الصيد ، وأنشد قول عمرو :

ظَلِلْتُ كأَني للرِّمَاحِ دَرِيئَةٌ

أُقاتِل عن أَبناء جَرْم وفَرَّتِ

وأَنشد غيره في همزه :

إذا ادَّرَأُوا منهم بِقرْدٍ رَمَيْتُه

بِمُوهِيَةٍ تُوهِي عَظامَ الحوَاجِبِ

وقال أبو زيد في كتاب الهمز : دارَأْتُ الرجلَ مُدارَأَة إذا اتَّقَيْتَه.

وفي حديث قيس بن السائب قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم شريكي فكان خير شريك ، لا يُدَارِئُ ولا يُماري.

قال أَبو عبيد : المدارأةُ : ههنا مهموزة من دَارَأْتُ ، وهي المشاغبةُ والمخالفةُ على صاحبك ، ومنه قول الله جلّ وعزّ : (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) يعني اختلافهم في القتيل ، ومن ذلك حديث الشَّعبي في المختَلعة إذا كان الدَّرْءُ من قبلها فلا بأس أن يأخذ منها يعني بالدَّرْءِ النشوزَ والاعوجاج والاختلاف ، وكل من دفعته عنك فقد درأته.

وقال أبو زيد : كان عَنِّي يَرُد درْؤُك بعد الله شَغْبَ المسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ ، يَعْني كان دَفْعُك.

قال أبو عبيد : وأما المداراة في حُسن الخُلق والمعاشرة مع الناس فليس من هذا غير مهموز وذاك مهموز.

وقال أبو عبيد : قال الأحمر : المداراةُ من حُسن الخلق مهموزا وغير مهموز ، قلت : مَن هَمَزه فمعناه الاتّقاء لِشرِّه كما قال أبو زيد : دارأت الرجل إذا اتَّقَيْتَهُ ، ومن لم يهمزه جَعَله من دَرَيْتُ بمعنى خَتَلْتُ.

[درأ] : وقال أبو زيد : درأْتُ عنه الحدَّ وغيره أَدرؤه درْأ إذا أخّرْتَه عنه. قلت : وأَدرأتِ الناقةُ بِضَرْعها إذا أَنزلتْ اللبَن فهي مُدْرِىءٌ إدراء.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الدَّارِىءُ العدُوُّ المبادِىء والدَّارِيُ القَريبُ.

يقال : نحن فُقَراء دُرآءُ.

وقال ابن السكيت : دَرَأْتُه عنّي أَدْرَؤه دَرْأً إذا دَفَعْتَه ومنه قوله : «إدْرَأوا الحدود بالشبهات».

وقال الزجاج في قوله : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) [البقرة : ٧٢].

معنى فَادَّارَأْتُمْ فتدارأْتم أي تَدافعتم أي أَلقَى بعضُكم على بعض.

يقال : دَرَأْتُ فلانا ، أي دافعتُه ، ودَارَيْتُه أي لايَنْتُه.

وقال ابن السكيت يقال : اندرأَت عليه

١١١

اندراء ، والعامة تقول : اندريت.

وقال الليث : الدَّرْءُ بالفتح : العَوَج في العَصا والقَناةِ وفي كل شيء يَصْعُبُ إقامته وأنشد :

إنَّ قناتي مِن صَلِيبَاتِ القَنَا

على العُدَاةِ أن يُقيموا دَرْأَنَا

وطريق ذو دُرُوءٍ ، إذا كان فيه كُسورٌ وحَدَب ونحو ذلك.

ويقال : إن فلانا لذو تُدْرَاءٍ في الحرب ، أي ذو سَعَة وقوة على أَعدائه ، وهذا اسمٌ وُضِع للدَّفع ، ويقال : دَرَأَ علينا فلان دُرُوءا إذا خرج مُفاجأة.

وقال الله جلّ وعزّ : (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) [النور : ٣٥] عن عاصم أنه قرأها (دُرِّيءٌ) بضم الدال والهمزة ، وأنكره النحويون أجمعون ، وقالوا : دِرِّيءٌ بالكسرة والهمز جَيَّد على بناء فِعِّيلٍ ، يكون من الدَّرارِيء ، التي تَدْرَأُ أي تَنْحَطُّ وَتسيرُ.

وقال الفراء : الدِّرِّيء من الكواكب النَّاصِعةُ من قولك : دَرَأَ الكوكبُ كأنه رُجِمَ من الشيطان فَدَفَعه.

وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : دَرَأَ فلان أي هَجَم ، قال : والدِّرِّيءُ الكوكبُ المنْقضُ يُدْرَأُ على الشيطان ، وأنشد لأَوْسِ بن حُجْر يصف ثورا وَحْشيّا :

فَانْقَضَ كالدِّرِّيءِ يَتْبَعُهُ

نَقع يَثوبُ تَخَالَهُ طُنُبا

قال وقوله : تخاله طُنُبا : يريد تخالهُ فُسطاطا مضروبا. يقال : دَرَأتِ النارُ إذا أضاءتْ.

وأخبرني المنذريّ عن خالد بن يزيد : قال : ويقال : دَرَأَ علينا فلان وَطَرَأَ إذا طلعَ فَجْأَةً ودَرَأَ الكوكبُ دُروؤا ، من ذلك ، قال وقال نُصَيْرٌ الرازي : دُرُء الكوكبِ طُلُوعُه ، يقال : دَرَأَ علينا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : جاءنا السيلُ دَرْءا وهو الّذي يدرأ عليك من مكان لا يُعْلَم به.

وأخبرني المنذريّ ، عن أبي العباس : جاء السيل دَرْءا وظَهْرا ، ودَرَأَ فلانٌ علينا ، وطَرَأَ : إذا طلع من حيث لا تَدْرِي.

أبو عبيد عن الأصمعيّ ، قال : إذا كان مع الغُدَّةِ وهي طاعون الإبل وَرَمٌ في ضَرْعها فهو دَارِىءٌ وقد دَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دروءا.

وقال أبو عمرو والكسائي في الدَّارِئِ مثله ، شمر عن ابن الأعرابيّ : إذا درأ البعير من غُدَّتِه رَجَوْا أن يَسْلَم ، قال : ودَرَأَ إذا وَرِمَ نَحْرُه.

وقال غيره : بعيرٌ دارئ وناقة دَارِئ مثله.

وقال ابن السكّيت : ناقةٌ دارِئ إذا أخذتْها الغُدَّةُ في مَراقها واستبان حَجْمُها ويسمى الحَجْمُ دَرْءا وحجمها نُتوؤها ، والمَرَاقُ بتخفيف القاف مَجْرَى الماءِ من حَلْقها ،

١١٢

وأنشد غيره :

يا أيها الدَّارِئ كالمنْكُوفِ

والمتشكِّي مَغْلَةَ المجحوفِ

والمنْكوف الّذي يَشْتكي نَكفَتَه ، وهي أصلُ اللِّهْزِمَةِ ويقال : دَرَأْت له وسَادَةً إذا بَسَطْتَها له ، ودرأتُ وَضِينَ البعير إذا بسطته على الأرض ثم تركته عليه لتشده به وقد دَرَأت فلانا الوضين على البعير وداريته ، ومنه قول المثَقَّب العَبدِي :

تَقولُ إذا دَرَأتُ لها وَضِيني

أهذا دِينُه أبدا ودِيني

ويقال : اللهم إني أدْرَأُ بك في نَحْر عَدُوِّي لِتَكْفِيَني شرَّه ، وقال الليث : المِدْرَاةُ حَدِيدة يُحَكُّ بها الرأسُ ، يقال لها : سَرخَارَه.

ويقال : مِدْرىً بغير هاءٍ ويُشَبَّه به قَرْنُ الثور ومنه قول النابغة :

شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها

طَعْنَ المُبَيْطِرِ إذْ يَشْفي من العَضَدِ

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه كان في يده مِدْرًى يَحُك به رأْسَه فَنظرَ إليه رجلٌ من شَقِّ بابِه فقال له : لو علمتُ أنك تنظرُ لَطَعَنْتُ في عَيْنك» ، وجمع المِدْرَى مَدَارَى ، وربما قالوا لِلْمِدْراة مَدْريةٌ وهي التي حُدِّدتْ حتى صارت مِدْرَاةً.

وأخبرني المنذريّ عن الحَرَّانيَّ أنه أنشده :

ولا صُوَار مُدَرَّاة مناسِجُها

مِثْلُ الفريدِ الّذي يَجْري من النَّظْم

قال : وقوله : مُدرَّاةٌ كأنها هُيِّئَتْ المِدرَى من طُول شَعرها قال : والفَريدُ جمع الفريدة ، وهي شَذْرة مِن فِضة كاللؤلؤ ، شَبَّه بياضَ أجسادِها بها كأنها الفضة.

سلمة عن الفراء قال : الدَّارئ العَدوُ المُبادِي القريب ونحن فقراءُ دُرآءُ.

[رود ـ ريد ـ رأد] : قال الليث : الرَّوْد مصدرُ فِعل الرائِد ، يقال : بَعَثْنا رائدا يَرُود لنا الكلأ والمنزلَ ويرتاده ، والمعنى واحد ، أي ينْظُرُ ويَطْلُبُ ويختار أفضلَه.

قال : وجاء في الشعر : بعثوا رادَهم أي رائدهم ، ومن أَمثالهم : الرائدُ لا يَكْذِبُ أهلَه ، يُضربُ مَثَلا لِلَّذي لا يَكْذِب إذا حَدَّث.

ويقال : رَادَ أهله يَرُودهم مَرْعًى أو منزلا رِيادا ، وارْتادَ لَهُمْ ارْتيادا.

وفي الحديث : «إذا أراد أحدكم أن يَبُولَ فَلْيَرتَدْ لبوله» أي يرتاد مكانا دَمِثا لَيِّنا مُنحَدِرا لِئلا يَرْتَدَّ عليه بوله.

أبو عبيد عن أبي زيد : الرَّائد العُود الّذي يَقْبِض عليه الطَّاحِن.

قال الليث : والرائد الّذي لا منزل له ، والرِّيدةُ اسم يُوضَعُ مَوضع الارْتِياد والإرادة.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الرَّيدَانةُ : الريحُ

١١٣

الطَّيِّبَةُ.

وقال غيره : ريح رَيْدةٌ لَيِّنة الهبوب وأنشد :

* جَرَتْ عليها كُلُّ ريح رَيْدَةً*

وأنشد الليث :

إذا رِيدَةٌ مِن حيثُ ما نَفَحَتْ له

أتاهُ بِريَّاها خَلِيلٌ يُوَاصِلُه

قال ويقال : ريح رُود أَيْضا.

وقال الأصمعيّ : الرَّادَةُ من النساء غير مهموز التي ترود وتَطُوف ، وقد رَادت ترود رَوَدَانا ، قال : والرَّأدة بالهمزة والرُّؤُودَةُ على وزن فُعُولة كل هذا السرِيعةُ الشباب في حسن غِذَاء ، وقال غيره : تَرأَدَتِ الجاريةُ تَرَؤدا وهو تَثَنِّيها من النَّعْمة.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الرَّأْدُ : رَأْدُ اللَّحْيِ وهو أصله النَّاتِىءُ تحت الأذن والجمع أرْآد ، والمرأة الرُّؤْدُ وهي الشابة الحسنة الشباب ، وتُجمع أرآدٌ أيضا ، وامرأة رَادَةٌ في معنى رُؤْدٌ ، وقد تَرَأَّدَ إذا تَفَيَّأ وتثنَّى ، قال : وَرَادَتْ الريحُ تَرودُ رَوَدانا إذا تحركتْ وجالتْ وَنَسَمتْ تَنْسِمُ نَسَمانا إذا تحركتْ تحرُّكا خفيفا.

الحراني عن ابن السكيت قال : الرَّيْدُ حَرْفٌ من حروف الجَبَل وجمعه رُيُود.

قال : والرِّئْدُ التِّرب يقال : هو رِئْدها أي تِرْبها والجميع أرْآدٌ.

وقال كثير فلم يُهْمِزْ :

وقد درَّعوها وهي ذاتُ مُؤَصَّدٍ

مَجُوبٍ لَمَّا يَلْبَسِ الدِّرعُ رِيدُها

وقال أبو زيد : تَرَأَّدْتُ في قيامي تَرَؤُّدا ، وذلك إذا قُمتَ فأخذتك رِعْدةٌ فِي قيامك حتى تَقومَ.

وقال الليث : الرَّأْدُ : رَأْدُ الضُّحى وهو ارتفاعها.

يقال : تَرحَّلَ رأْدَ الضحى وَتَرَأَّد كذلك ، وتَرَأَّدَتِ الحَيَّةُ إذا اهْتَزَّتْ في انْسيابها وأنشد :

كأَن زِمَامها أَيمٌ شُجاع

تَرَأَّدَ في غُصونٍ مُغْطئلَّه

قال : والجارية الممشوقة تَرَأَّدُ في مِشْيَتِها ، ويقال للغُصن الّذي نَبَتَ من سَنَته أَرْطَب ما يكون وأَرْخصه : رُؤْدٌ ، والواحدة رُؤْدَةٌ ، وسمِّيت الجاريةُ الشابةُ تشبيها به ، قال : والرِّيد بلا همزة الأمر الّذي تريده وتزاولُه ، والرّئْدُ التِّرب مهموز.

أبو عبيد عن أصحابه : تكبيرُ رُوَيْدُ : رَوْدٌ وأنشد :

يَمْشِي ولا تَكْلِمُ البَطْحَاءَ مِشيتُه

كأَنه فاتر يَمْشِي عَلَى رُودِ

وأفادني المنذري لسيبويه من كتابه في تفسير قولهم : رُوَيْدَ الشعر يَغِبُّ قال : سمعنا من يقول : والله لو أردتَ الدراهم لأعطيتك رُوَيْد ما الشعر ، يريد أرْوِد

١١٤

الشعر ، كقول القائل : لو أَرَدْت الدراهم لأعطيتك فَدعْ الشعرَ ، فقد تبين أن رُوَيْدَ في موضع الفعل ومُتَصَرّفةٌ تقول : رُوَيْدَ زَيْدا كأنما تقول : أَرْوِدْ زيدا وأنشد :

رُوَيْدَ عَلِيّا جُدَّ ما ثَدْيُ أُمَّهم

إلينا ولكنْ وُدُّهُم متمَايِنُ

وتكون رُوَيدا أيضا صفة لقولك ساروا سيرا رويدا ، ويقولون أيضا : ساروا رُويدا فتحذف السير وتجعله حالا به ، وصف كلامه واجتزأ بما في صدر حديثه من قولك : سار عن ذكر السِّير ، ومن ذلك قول العرب : ضَعه رويدا أي وَضْعا رويدا.

قال : وتكون رُوَيدا للرجل يُعالج الشيءَ رُوَيدا إنما يريد أن تَقول عِلاجا رويدا فهذا على وجه الحال إلا أَنْ يَظْهَر الموصوفُ به فيكون على الحال وعلى غير الحال.

قال : واعلم أن روَيدا يَلْحَقها الكافُ وهي في موضع افْعَلْ وذلك قولك : رُوَيدك زيدا ، ورُويدكم زيدا ، فهذه الكاف التي أُلْحِقت لِيَتَبَيَّنَ المخاطَبُ في رُوَيدا ؛ إنما أُلحقت المخصوصَ لأن رويدا قد يقع للواحد والجميع والمذكر والأنثى ؛ فإنما أدخل الكاف حيث خِيفَ التباسُ مَن يُعْنَى ممن لا يُعْنَى ؛ وإنما حُذِفتْ من الأول استغناء بعلم المخاطب ، أنهُ لا يَعْني غيره ؛ وقد يقال : رُوَيدك لمن لا يخاف أن يلتبس بمن سواه توكيدا ، وهذا كقولك : النَّجاءَك والوَحَاكَ ، تكون هذه الكاف عَلَما لِلمأمورين والمنهيِّين.

وقال الليث : إذا أردت برويدا الوعيد نصبتها بلا تنوين وأنشد :

رُوَيْدَ تُصاهِلْ بالعراق جِيادنا

كَأَنَّكَ بالضَّحاكِ قد قام نادِبُه

وإذا أَردتَ برويدَ المُهلة والإروادَ في المَشْي فانصبْ ونَوِّنْ تقول : امشِ رُوَيدا.

قال : وتقول العرب : أرْوِدْ في معنى رويدا المنصوبة قال : والإرادةُ أصلُها الواو ، ألا ترى أنك تقول : رَاوَدْتُه أي أَردتُه على أن يفعل كذا ؛ وتقول : رَاوَدَ فلانٌ جاريتَه عن نفسها وراودَتْه هي عن نفسِه إذا حاول كل واحد منهما من صاحبه الوطء والجماع ؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ : (تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) [يوسف : ٣٠] فجعل الفِعل لها ، والرَّوائدُ من الدَّواب التي ترتع ومنه قول الشاعر :

كَأَنَ رَوَائدَ المُهْراتِ مِنْها*

ويقال : رَادَ يَرود إذا جاءَ وذَهب ، ولم يَطمئن ، ورجلٌ رائد الوِساد إذا لم يَطْمَئن عليه ، لِهَمٍّ أَقْلَقَه ، وبات رائدَ الوساد وأنشد :

تَقُولُ له لما رَأَتْ جَمْعَ رَحْلِه

أَهذا رئيسُ القوم رَادَ وِسَادُها

١١٥

دعا عليها بألَّا تَنام فَيَطْمئن وِسادُها.

وفي الحديث : «الحُمَّى رَائِدُ الموت» أي رَسولُ الموت كالرَّائِدِ الّذي يُبْعث لِيرْتادَ مَنزِلا.

ورد : قال الليث : الوَرْدُ اسم نَوْر.

يقال له : وَرَّدَت الشجرَةُ إذا خَرجَ نَوْرُها.

قال : والوَرْدُ من أَلْوان الدَّواب ، لَونٌ يَضْرِبُ إلى الصُّفرة الحَسَنة ، والأنثى وَرْدَة وقد وَرُد ورْدة ، وقيل أيضا : ايرَادَّ يَوْرَادُّ على قياس ادْهَامَّ ، وقال الزجاج في قوله : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرحمن : ٣٧] أي صارتْ كلون الوَرْد ؛ وقيل : فكانت وَرْدة كلون فَرَسٍ وَرْدةٍ ، وَالكُميت : الوَرد يَتَلون في الشتاء فيكون في الشتاء لَوْنُه خِلافَ لونِه في الصيف ، وأراد أَنها تتلون من الفَزَع الأكبر ، كما تَتَلَوَّنُ الدِّهانُ المختلفةُ.

وقال الفراء في قوله : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦)) [مريم : ٨٦] يعني مُشاةً عِطاشا.

وأخبرني المنذريّ عن الحراني عن ابن السكيت قال : الوِرْدُ وِرْدُ القومِ الماءَ والوِردُ : الماءُ الّذي يُورَد ، والوِرد : الإبلُ الواردةُ قال رؤبة :

* لَوْ دَقَ وِرْدِي حوضَهُ لم يَنْدَهِ*

وقال الآخر :

* يا عَمْرُو عَمْرَ الماءِ وِرْدٌ يَدْهَمُه*

وأنشد قول جرير :

لا وِرْدَ للقوم إن لم يَعْرفوا بَرَدَى

إذا تَكَشَّفَ عن أعناقِها السَّدَفُ

بَردَى نهرُ دِمَشق.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الوِردُ يومُ الحمَّى وقد وردتْهُ الحمّى ، فهو مَورودٌ ، وقول الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] الآية.

قال الزجاج : هذه آيةٌ كَثُر اختلاف المفسرين فيها ؛ فقال جماعة : إن الخلق جميعا يَرِدون النارَ فينجو المتّقِي ، ويُتْرَكُ الظالم ، وكلهم يدخلُها ، وقال بعضهم : قد عَلِمنا الوُرُودَ ولم نعلم الصُّدُورَ ، ودليل من قال هذا قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢)) [مريم : ٧٢] ، وقال قوم : إن الخلق يَرِدونها فتكون على المؤمن بَرْدا وسلاما.

وقال ابن مسعود والحسن وقتادَةُ : إنّ ورُودَها ليس دخولها وحُجَّتهُم في ذلك قويَّة جدا لأن العرب تقول : وَرَدْنا ماءَ كذا ولم يدخلوه ، قال الله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) [القصص : ٢٣] ، ويقال إذا بلغتَ إلى البلد ولم تدخله : قد وردتَ بَلَدَ كذا وكذا ، قال أبو إسحاق : والحجةُ عندي في هذا ما قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها)

١١٦

[الأنبياء : ١٠١ ، ١٠٢] فهذا والله أعلم دليل على أن أهل الحسنى لا يدخلون النار ، وفي اللغة : وَرَدْتُ بَلَدَ كذا وماءَ كذا إذا أشرفَ عليه دخله ، أو لم يدخله قال زهير :

فلمَّا وَرَدْن الماء زُرْقا جِمامُهُ

وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخَيِّم

المعنى لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه ، فالوُرودُ بإجماع ليس بدخولٍ ، فهذه الروايات في هذه الآية والله أعلم ، وقوله جلّ وعزّ : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦] عِرْقٌ تحت اللسان ، وهو في الَعضُد فلِيقٌ ، وفي الذراع ، الأكْحَلُ ، وهما فِيما تَفَرَّق من ظَهْر الكَفِّ الأَشَاجِعُ ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ ، ويقال : إنها أربعةُ عُروق في الرأس ، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدام الأُذنين ، ومنها الوَرِيدانِ في العُنق ، قال أبو الهيثم : الوَرِيدان بِجَنْبِ الوَدَجَيْن ، والوَدَجَانِ عِرْقان غَلِيظان عن يمينِ ثُغْرَةِ النَّحر ويَسارِها ، قال : والوريدان يَنْبِضَان أبدا من الإنسان ، وكل عِرْق يَنْبِض فهو من الأوْرِدة التي فيها مَجْرى الحياةِ ، والوَرِيدُ من العروق ما جرى فيه النَّفَس ولم يَجرِ فيه الدم ، والجداول التي فيها الدماء كالأكحل والأبْجل والصَّافِن ، وهي العروق التي تُفْصَدُ ، وقال الليث : الوِرْدُ من أسماء الحُمَّى والوِرْد وَقْتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ ، والمصدرُ الورود ، والوِرْد اسمٌ مِنْ وَرْدَ يَوْمِ الوِرد ، وما وَرَدَ من جماعة الطير والإبل ، وما كان فهو وِرْدٌ ، تقول : وَرَدَتْ الإبلُ والطير هذا الماء وِرْدا وَوَرَدَتْه أَوْرَادا وأنشد :

* كَأَوْرَادِ القطا سَهْلَ البِطاحِ*

وإنما سُمِّيَ النصيب من قراءة القرآن وِرْدا من هذا ، ويقال : أَرْنَبَةٌ وَاردةٌ إذا كانت مُقْبِلةً على السَّبَلَة ، وقال غيره : فلان وارِدُ الأَرْنَبَةِ إذا كان طويلَ الأنْفِ ، وكلُّ طويلٍ وَارِدٌ ، وشَعَرٌ وارِدٌ ، وطَويل والأصل في ذلك : أنّ الأنفَ إذا طال يصل إلى الماء إذا شَرِب بفيهِ لِطوله ، والشَّعَرُ من المرأة يَرِدُ كَفَلها ، وشجرة واردةُ الأغصان إذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها ، وقال الراعي يصف نخلا أو كَرْما فقال :

تُلْفَي نَواطِيرَهُ في كلِّ مَرْقَبَةٍ

يَرْمُون عن واردِ الأفنان مُنْهَصِر

أي يرمون الطيرَ عنه ، ويقال : ورّدت المرأةُ خَدَّها إذا عالجتْه بِصِبْغ القطْنَةِ المصبُوغَةِ ، وقال أبو سعيد يقال : ما لك تَوَرَّدَنِي أي تَقَدَّمُ عليّ ، وفي قول طرفة :

* كَسِيدِ الغَضَى ـ نَبَّهْتَهُ ـ المُتَوَرِّدَ*

هو المُتَقَدِّم على قِرْنه الّذي لا يَدْفَعه شيء.

وعَشِيَّة وَرَدةٌ ، إذا احمر أُفُقُها عِند غروب الشمس ، وكذلك عند طلوع الشمس ،

١١٧

وذلك علامة الجدْب.

أبو زيد : في العُنق الوريدان وهما عرقان بين الأوداج وبين اللَّبَّتَيْن ، وهما من البعير الوَدَجَان ؛ وفيه الأَوْدَاجُ وهو ما أحاط بالحُلْقُوم من العُروق.

قلت : والقول في الوريدين ما قال الهيثم ، والموارد المناهل ، واحدهما مَوْرِدٌ ، والموْرد الطريقُ إلى الماء.

وَالورد مصدر وردْتُ مَوْردا وَوَرْدا.

ودر : ابن شميل تقول : وَدَّرْتُ رسولي قِبَلَ بَلْخٍ إذا بَعَثْتَه ؛ وسمعتُ غير واحد من العرب ، يقول للرجل إذا تجهَّم له ورَده رَدا قبيحا : وَدِّرْ وجْهَك عني أي نَحِّه وبَعِّدْه.

وقال شمر : قال ابن الأعرابيّ : يقال : تَهَوَّل في الأمر وتَوَرَّط وتَوَدَّرَ بمعنى مال.

وقال أبو زيد : وَدَّرْتُ فلانا تَوْديرا إذا أَغْوَيتَه حتى يَتَكَلَّف ما يقع منه في هَلَكَةٍ ، وقد يكون التودُّر في الصدق والكذب ، وقيل : إنما هو إيرادك صاحبَك الهَلَكَةُ.

ردأ : ابن شميل : رَدَأْتُ الحائط أَرْدَؤُه إذا دَعَمْتَه بخشَبٍ أو كَبْسٍ يَدْفَعُه أن يَسْقَط.

وقال يونس : أردَأْتُ الحائط بهذا المعنى.

قال : والأَرْداءُ الأعدالُ الثَّقيلةُ كل عِدْل منها رِدْءٌ وقد اعْتَكَمْنَا أرداء لنا ثقالا أي أَعْدالا.

وفلان رِدْءٌ لِفلان أي يَنْصُرُه ويشدُّ ظَهْرَه.

وقال الليث : تقول : رَدَأْتُ فلانا بكذا أو كذا أي جعلته قوةً له وعِمادا كالحائطِ تَرْدَؤُه بِرِدْءٍ من بِناءٍ تُلْزِقه به.

وتقول : أَرْدَأْتُ فلانا أي رَدَأْتَهُ ، وصرت له ردءًا أي مُعينا ، الرَّدء المُعينُ وتَرَادأُوا أي تَعاوَنوا.

وقال ابن السكيت : أردأت الرجلَ إذا أعنتَه قال الله جلّ وعزّ : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) [القصص : ٣٤] وقد أرديته أي أهلكته ، قال : وهذا شيء رديء بَيِّن الرَّداءة ، ولا تقلْ الرَّداوَةِ والرِّدءُ المعين.

أبو عبيد عن الكسائي : أَرْديتُ على الخمسين أي زِدْتُ عليها ، وقال أوْس بن حجر :

وأَسْمَرَ خَطِّيا كان كُعُوبَهُ

نَوَى القَسْبِ قَد أَرْدَى ذِرَاعا على العَشْرِ

وقال الليث : لغة للعرب : أَرْدَأَ على الخمسين إذا زاد ، قلتُ : لم أسمع الهمز في أرْدى لغير الليث ، وهو غلط منه.

قال الليث : رَدُأَ الشَّيءُ يَرْدُؤ رَداءَةً وإذا أصاب الإنسانُ شيئا رَديئا فهو مُرْدِئٌ وكذلك إذا فعل شيئا رَديئا.

وقال الزجاج في قول الله جلّ وعزّ : (إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) [الصافات : ٥٦] معنا ، لتُهْلِكُنِي وقوله : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١))

١١٨

[الليل : ١١] قيل : إذا ماتَ ، وقيل : إذا تَرَدَّى في النار من قوله جلّ وعزّ : (وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ) [المائدة : ٣] وهي التي تَقَع مِن جبل أو تَطَيحُ في بئر أو تسقط من موضع مُشْرِفٍ فتموت.

[ردي] : وقال الليث : التَّرَدِّي هو التَّهَوُّرُ في مَهْواةٍ.

وقال أبو زيد : رَدِيَ في القِليب يَرْدَى وتَرَدَّى من الجبل تَرَدِّيا.

وقال غيره : رَديْتُ فلانا بحجر أَرْديتُه رَديا إذا رَمَيْتَه به.

وقال ابن حِلِّزَة :

وكأن المَنُونَ تَرْدى بِنَا أَعْ

صَمَ يَنْجاب عنه العَماءُ

والمِرْداةُ الحَجَر الّذي يُرْمَى به ، وجمعها المرادِي ومنه قولهم : عِنْد جُحْر كل ضبٍ مِرْداتُه.

يضْرَبُ مَثَلا للشيء العَتِيد ليس دونَه شيءٌ وذلك أنَّ الضبَّ ليسَ يَنْدَلُّ على جُحْرِهِ إذا خرج منه فعاد إليه إلا بحَجر يَجْعَلُه علامة لجُحْرِهِ.

وقال الفراء : الصَّخْرَةُ يقال لها رَداةٌ وجمعها رَدَيَاتٌ وقال ابن مقبل :

وقَافِيةٍ مِثلِ حدِّ الرِّداةِ

لم تترك لمُجيبٍ مَقَالا

وقال طُفَيل :

* رَداةٌ تَدَلَّتْ مِنْ صُخُور يَلمْلم*

وَيَلملمُ جَبَلٌ.

أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : إذا عَدَا الفرس فَرَجَمَ الأرض رَجْما قيل : رَدِي يَرْدِي رَدْيا ورَدْيانا.

وقال أبو زيد : هو التَّقْريب. قال : والجَوارِي يَرْدين إذا رَفعْت إحداهن رجْلَها ومشتْ على رِجْلٍ تَلْعبُ ، والغرابُ يَرْدِي إذا حَجَلَ.

وقال المنْتَجِع بن نَبْهان : الرديانُ عَدْوُ الفرس بين آرِيِّه ومُتَنمَّعكِهِ.

وقال الليث : تسمى قوائم الإبل مَرادِيَ لِثَقلِهِا وشدةِ وَطْأَتها ، نَعْتٌ لها خاصة وكذلك مَرادي الفيل.

أبو عبيد عن أبي عمرو : رَادَيْتُ الرجلَ وداجَيتُه ودَاليْتُه وفَانيتُه بمعنى واحد.

قال أبو عبيد. ويقال : رَاودْتُه على الأمر وَرادَيْتُه.

وقال طفيل ينعت فرسه :

يُرادَى على فَأْسِ اللِّجامِ كأَنَّما

يُرادَى بِهِ مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ

يعني يُرَاوَدُ ، ابن السكيت : فلان غَمْرُ الرِّداءِ إذا كان كثير المعروف واسِعَهُ وإنْ كان رِداؤه صغيرا ، وقال كثير :

غَمْرُ الرِّداءِ إذا تَبَسَّمَ ضَاحكا

غَلِقَتْ لِضحْكَتِه رِقابُ المال

١١٩

وروي عن علي أنه قال : من أراد البَقَاء ولا بقاءَ فلْيُباكِرْ الغَداءَ وليخفِّف الرِّداء.

قالوا له : وما تخفيف الرِّداء في البقَاءِ؟

فقال : قِلَّةُ الدَّيْن.

قلت : ويُسَمَّى الدَّيْن رِداءً لأن الرِّداء يَقَعُ على المَنكِبَيْن ومُجْتمع العُنُق والدَّيْن أَمانَةٌ ، والعرب تقول في ضمَان الدَّيْن : هذا لك في عُنقِي ولازمُ رَقَبَتِي ، فقيلَ للدَّيْنِ : رِداءً لأنه لَزِم عُنُق الّذي هو عليه ، كالرِّداء الّذي يَلْزَمُ المَنكِبَيْنُ إذا تُرُدِّيَ به ، ومنه قيل للسيف : رِدَاءٌ لأنَّ مُتَقَلِّدَهُ بحمائِله مُتَردٍّ به.

وقالتْ خنساء ترثي أخاها :

ودَاهِيةٍ جَرَّها جَارمٌ

جَعَلْتَ رِدَاءك فيها خِمَارا

أي عَلَوْتَ بِسيْفِك فيها رقابَ أعدائك كالخمار الّذي يَتَجَلَّلُ الرأْسَ.

ويقال للوِشاحِ : رِدَاء ، وقد تَرَدَّتِ الجارية إذا تَوَشَّحَتْ.

وقال الأعشى :

وتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاء العرُو

سِ بالصَّيْفِ رَقْرَقَت فيه العَبِيرَا

يَعْني به وِشَاحها المُخَلَّق بالخَلُوقِ ، وامرأة هَيْفَاء المُرَدَّى أي ضَامِرة موضِعِ الوِشاحِ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال : أبوك رِداؤك ودَارُك رِدَاؤك ، وكلُّ ما زَيَّنَكَ فهو رِدَاؤك وأنشد :

رَفَعْتُ رِدَاء الجهلِ عَنِّي ولم يكن

يُقَصِّرُ عَنِّي قَبْلَ ذاك رِدَاءُ

ورِدَاءُ الشَّباب حُسْنُهُ وغَضَارتُه ونَعْمَتُه وقال رؤبة :

حتى إذا الدَّهرُ استَجَدَّ سِيما

مِن البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما

* رِداءَه والبِشْرَ والنعيما*

يستوهبُ الدهرُ الوسيمَ أي الوجْهَ الوَسيمَ رِدَاءَه ، وهو نَعْمَتُه ، واستَجَدَّه سِيما أي أَثرا من البِلى وكذلك قول طرفة :

وَوَجْهٍ كأَنَّ الشمسَ حَلَّتْ رداءها

عَلَيْه ...

أي أَلْقَتْ حُسْنَها ونُورها على هذا الوجه ، من التّحلِيَةِ فصار نورها زينةً له كالحَلْيِ ؛ والرَّدَى الزيادة.

يقال : ما بلغتْ رَدَى عَطائِك أي زيادتُك في العَطِيّة ، ويُعجِبُني رَدَى قولِك ، أي زيادةُ قولك ، قال كُثير في بيت له :

لهُ عَهْدُ وُدٍ لم يُكَدَّر يَزِينُه

رَدَى قولِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ

أي يَزِينُ عهدَ وُدِّه زيادةُ قولِ معروفٍ منه ؛ وقال آخر :

تَضَمَّنَها بَنَاتُ الفَحْلِ عَنهم

فَأَعْطَوْها وقَد بَلَغوا رَدَاها

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الرَّدَى الهلاك

١٢٠