تهذيب اللغة - ج ١٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

من الطَّوْس وهو القَمَر. وطاس الشيءُ يَطِيس طَيْسا : إذا كَثُر.

أبو تراب عن الأشجعي : يقال : ما أَدْرِي أينَ طَمَسَ وأين طَوَّس ، أي : أين ذَهَب.

وسط : قال الله جل وعز : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة : ١٤٣].

قال أبو إسحاق في قوله : (أُمَّةً وَسَطاً) قولان ، قال بعضهم : وَسَطا عَدْلا. وقال بعضهم : خيارا ، واللفظان مختلفان والمعنى واحد ، لأن العَدْل خيْر ، والخيْر عدل.

وقيل في صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه كان من أوْسَط قومه، أي : من خِيارهم. والعرَب تَصِف الفاضلَ النَّسَبِ بأنه من أَوْسط قومه ، وهذا يَعرِف حقيقتَه أهلُ اللغة ، لأن العرَب تَستعمل التَّمثيل كثيرا ، فتُمثِّل القبيلةَ بالوادي ، والقاع ، وما أشبهَه ، فخيْرُ الوادي وَسَطُه ، فيقال : هذا من وَسط قومِه ، ومن وَسط الوادي ، وسرَر الوادي ، وسَرارَتِه ، وسِرّه ، ومعناه كلُّه من خيرِ مكان فيه ، فكذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من خير مكانٍ في نَسَب العرب ، وكذلك جُعِلتْ أُمّتُه أمّةً وَسَطا ، أي : خِيارا.

وقال أحمد بن يحيى : الفَرْق بين الوَسْط والوَسَط : أن ما كان يَبِينُ جُزء من جزء فهو وَسْط ، مِثل الحَلْقة من الناس ، والسُّبْحة والعِقْد.

قال : وما كان مُصْمَتا لا يَبين جزءٌ من جزء فهو وَسَط ، مثل وَسَط الدار والراحةِ والبُقعة وقد جاء في «وَسط» التسكين.

وقال الليث : الوَسْط ـ مخفّفا ـ يكون موضعا للشيء ، كقولك : زيدٌ وَسْط الدار. وإذا نصبتَ السينَ صار اسما لما بين طَرَفَيْ كلِّ شيء.

وقال المبرِّد : تقول : وَسَط رأسِك دُهْنٌ يا فَتَى ، لأنك أخبرتَ أنه استقرّ في ذلك الموضع فأَسْكنْت السين ونصبْت لأنه ظرف. وتقول : وَسَط رأْسِك صُلْب لأنه اسمٌ غيرُ ظَرْف.

وتقول : ضربتُ وَسَطه لأنه المفعول به بعينه ، وتقول : حَفَرْت وسَط الدار بئرا : إذا جعلتَ الوَسَط كلَّه بئرا ، كقولك : خرّبت وَسَطُ الدار ، وكلُّ ما كان معه حرْفُ خَفْض فقد خرج عن معنى الظرف وصار اسما ، كقولك : سِرْتُ من وَسَط الدار ، لأن الضمير ك «من» وتقول : قمتُ في وَسَط الدار ، كما تقول في حاجةِ زَيد ، فتحرِّك السين من وسَط ، لأنه ههنا ليس بظرف.

سَلَمة عن الفرّاء : أوسَطْتُ القومَ ووَسَطْتهم ، وتوسطْتهم بمعنى واحد إذا دخلت وَسطَهم.

قال الله تعالى : (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥)) [العاديات : ٥].

وقال الليث : يقال : وَسَط فلانٌ جماعةً من الناس وهو يَسِطهم : إذا صار وَسْطَهم. قال : وإنما سُمِّي واسطُ الرَّحْل

٢١

واسطا لأنه وَسَطٌ بين الآخرَة والقادِمة ، وكذلك واسطة القِلادة ، وهي الجوهرة التي تكون في وَسَط الكِرْس المنظوم.

قلتُ : أخطأ الليث في تفسير واسِطِ الرَّحْل ولم يُثْبته ، وإنما يَعرف هذا مَن شاهد العرَب ومارس شَدَّ الرِّحال على الرَّواحل ، فأما من يفسِّر كلامَ العرَب على قِياساتِ خواطِر الوهْم فإن خطأَه يكثُر.

قلتُ : وللرَّحْل شَرْخان : وهما طَرَفاه مِثل قَرَبوس السَّرْج ، فالطَّرَف الذي يلي ذَنَب البعيرِ آخرَةُ الرَّحْل ومُؤخرته ، والطرفُ الذي يلي رأس البعيرِ واسِطُ الرَّحْل بلا هاء ، ولم يُسمَ واسطا لأنه وَسَطٌ بين الآخرة والقادمة كما قال الليث ، ولا قادمةَ للرَّحْل بَتَّةً ، إنما القادمة الواحدةُ من قَوادِم الريش ، ويَضرَع الناقة قادِمان وآخِران بغير هاء ، وكلامُ العرَب يُدَوَّن في الصُّحف من حيث يصحّ ، إما أن يؤخذ عن إمام ثقةٍ عرَفَ كلام العرب وشاهَدهم ، أو يُتلقَّى عن مُؤَدٍّ ثقة يَروِي عن الثِّقات المقبولين ، فأما عباراتُ من لا معرفة له ولا مُشاهَدة فإنه يفسِد الكلامَ ويُزيله عن صيغته.

وقال ابن شميل في باب الرِّحال : وفي الرَّحْل واسطه وآخرته ومَوْرِكُه ، فواسطُه مقدَّمُه الطويل الذي يلِي صدرَ الراكب ، وأما آخرَته فمؤْخِرتُه وهي خشبتُه العريضة الطويلة الّتي تُحاذِي برأسِ الراكب.

قال : والآخِرة والوَاسطُ : الشَّرْخان ، يقال : رَكِب بين شَرْخَيْ رَحْلِه.

قلتُ : فهذا الّذي وصَفَه النَّضْر صحيحٌ كلُّه لا شك فيه ، وأما واسِطةُ القِلادة : فهي الجوهرة الفاخرة الّتي تُجعَل في وَسَطها.

وقال اللّيث : فلانٌ وَسِيطُ الدّار والحَسَب في قومِه ، وقد وَسُط وَساطَةً وسِطَة ووسَّطه توسيطا.

وأَنشدَ :

* وسّطْتُ من حَنْظلةَ الأُصْطُمّا*

طيس : قال اللّيث : الطَّيْس : العَدَد الكثير.

وقال رؤبة :

عَدَدْتُ قومِي كعَدِيد الطَّيْسِ

إذْ ذَهَبَ القومُ الكِرامُ لَيْسيِ

أراد : بقوله ليسي ، أي : غَيْرِي. قال : واختلفوا في تفسير الطَّيْس ، فقال بعضهم : كلُّ من على ظهرِ الأرضِ من الأنام فهوَ من الطَّيْس. وقال بعضٌ : بل كلُّ خَلْق كثير النَّسْل ، نحو : النَّمل والذُّباب والهَوام.

وقال أبو عَمْرو : طاسَ يَطيسُ طَيْسا : إذا كَثُر. وحِنْطة طَيْسٌ كثيرة.

طسأ : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا غَلَب الدَّسَم على قَلْب الآكل فاتَّخَم قيل : طَسِىءَ يَطْسَأ طَسْأً وطَنِخَ يطنخ طَنْخا.

وقال اللّيث : يقال : طَسِئتْ نفسُه فهي طاسئةٌ : إذا تغيّرتْ من أَكْل الدَّسَم فرأيته متكرِّها لذلك ، يُهمَز ولا يُهمَزُ.

٢٢

وقال أبو زيد : طَسِئْتُ طسْئاً : إذا اتخَمْتَ عن دَسَم.

وطس : أبو عبيد : الوَطيسُ : شيءٌ مِثْل التَّنُّور يُختَبز فيه ؛ يُشبَّه حَرُّ الحَرْب به.

وقال الأصمعيّ : الوَطِيس : حجارةٌ مدَوَّرة ، فإذا حَمِيتْ لم يمكن أحدا الوطْءُ عليها ، يُضرَب مَثلا للأمْر إذا اشتَدّ ، فيقَال : حَمِي الوَطِيس.

وقال اليماميّ : يقال : طِسِ الشيءَ ، أي : أَحْمِ الحجارةَ وضَعْها عليه.

وقال أبو سعيد : الوَطِيس : الضِّراب في الحرب ، ومنه قولُ عليّ عليه‌السلام : الآن حَمِيَ الوَطيس : أي : حَمِيَ الضِّراب وجَدّتِ الحَرْب ، قال : وقولُ النّاس : الوَطيس : التّنّورُ ، باطل.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي في قولهم : «حمي الوطيس» هو الوطء الذي يطس الناس ، أي : يدقهم ويقتلهم. وأصل الوطس : الوطء من الخيل والإبل.

ويروى أن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسلم رفعت له يوم مُؤتة فرأى معترك القوم فقال : «حمي الوطيس».

وقال أبو عُبيد : وطَسْتُ الشيءَ ووهَصْتهُ ووَقَصْتهُ : إذا كسرتَه.

وأنشد :

* تَطِسُ الأَكامُ بذات خُفٍّ مِيثَمِ*

وقال زيد بن كُثْوَة : الوَطِيس يحتفر في الأرض ويصَغَّر رأسُه ، ويُخرَق فيه خَرْقٌ للدخَّان ، ثم يُوقَد فيه حتى يَحمَى ، ثم يوضَع فيه اللَّحم ويُسَدّ ، ثم يُؤتَى من الغَدِ واللَّحمُ غابٌّ لم يَحترِق.

وروى ابن هانىء عن الأخفش نحوه.

باب السين والدال

س د (وا يء)

سود ـ سأد ـ دوس ـ دسا ـ ودس ـ وسد ـ سدا ـ أسد : [مستعملة].

سود : قال الليث : السَّوْدُ : سَفْحٌ مستوٍ بالأرض كثير الحجارة خَشْنُها ، والغالب عليها لونُ السّواد ، والقِطعة منها سَوْدَة وقَلَّما يكون إلّا عند جَبَل فيه مَعدِن ، والجميع الأسْواد.

قال : والسِّوادُ : نقيضُ البَياض. والسَّوادُ : السِّرار.

وفي حديث ابن مسعودٍ : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : «أُذُنُك على أن يُرفَع الحجابَ وتَسمَع سِوادِي حتى أَنهاكَ».

قال أبو عُبيد : قال الأصمعي : السِّواد : السِّرار ، يقال منه : سَاوَدْتُه مساوَدَةً وسِوادا : إذا سارَرْتَه. قال : ولم يعرِفْها برَفْع السين سُواد.

قال أبو عُبَيد : ويجوزُ الرّفع ، وهو بمنزلةِ جِوارٍ وجُوارٍ ، فالجِوارُ المَصْدَر ، والجُوار الاسم.

قال : وقال الأحمر : هو من إدْناءِ سَوادِكَ

٢٣

من سَواده ، وهو الشّخص.

قال أبو عُبيد : فهذا من السِّرار ، لأن السِّرار لا يكون إلا من إدْناءِ السَّواد من السّواد ، وأنشدنا الأحمر :

مَنْ يَكُنْ في السِّوادِ والدّدِ

والإعْرامِ زِيرا فإنني غيرُ زِيرِ

قال ابن الأنباري : في قولهم : لا يُزايل سوادي بياضك.

قال الأصمعي : معناه : لا يزايل شخصي شخصك. السوادُ عند العرب : الشخص وكذلك البياض.

وفي حديثِ سَلْمانَ الفارسيّ حين دخل عليه سعد يعودهُ فجَعَل يَبكي ، فقال له : ما يُبكِيك؟ فقال : عَهِدَ إلينا رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليَكْفِ أحدَكُم مثلُ زَاد الراكب ، وهذه الأساوِدُ حَوْلي. قال : وما حَوْلَه إلّا مِطْهَرة وإجَّلنةٌ أو جَفْنَة.

قال أبو عُبَيد : أراد بالأساوِد الشخوصَ من المَتاع ، وكلُّ شَخْص : مَتَاعٌ من سَوَادٍ أو إنسانٍ أو غيره. ومنه الحديث : «إذا رأى أحدُكم سَوَادا باللّيل فلا يكن أجبَنَ السَّوادَين فإنه يَخافُك كما تخَافُه»، قال : وجَمْعُ السَّوادِ أسوِدَة ثم الأساوِد جمع الجمع ، وأنشد :

تَناهَيْتُم عَنَّا وقد كان فيكُم

أَساوِدُ صَرْعَى لم يُوَسَّدْ قَتِيلُها

وقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ذَكَر الفِتَن : «لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبّا يَضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض».

قال ابن عُيينة : قال الزُّهْريّ : وهو رَوَى الحديثَ : الأساوِدُ : الحيّات ، يقول : ينصَبُّ بالسَّيْف على رأس صاحِبه كما تَفعَل الحيَّة إذا ارتفعتْ فلسَعتْ من فوقُ.

وقال أبو عُبيد : الأَسْوَد : العظيمُ مِن الحيّات وفيه سَواد. وإنما قيل له أسوَد سالِخٌ لأنّه يَسلُخ جِلدَه في كلّ عامٍ. وأمَّا الأَرقَم فهو الّذي فيه سوادٌ وبَياض. وذوا الطُّفْيَتَيْن : الّذي له خَطَّان أسوَدان.

وقال شَمِر : الأسود : أخبَثُ الحيَّات وأعظَمُها وأمكَرُها ، وليس شيءٌ من الحيّات أَجْرَأ منهُ ، وربما عارض الرُّفْقَة وتَبع الصَّوتَ ، وهو الذي يَطلُب بالذَّحْل ولَا يَنْجو سَلِيمُه ، والجميع : الأَساود.

يقال : هذا أسوَدُ غيرُ مُجرًى.

وقال ابن الأعرابي : أراد بقوله : «لتعودُنَ أساوِدَ صُبّا» يعني جماعاتٍ ، وهي جمعُ سَوَادٍ من الناس أي جَمَاعةٍ ، ثم أسوِدَة ثمّ أساوِد جمعُ الجَمْع. ويقال : رأيتُ سَوادَ القَوْم ، أي : مُعظَمَهم ، وسَوادُ العَسْكر : ما يَشتَمِل عليه من المَضارِب والآلات والدّوابّ وغيرها. أو يقال : مَرَّت بنا أسوِدَاتٌ من الناس وأساوِدُ : أي : جماعات. والسَّواد الأعظَم من النّاس : هم الجُمْهور الأَعظَم ، والعَدَد الأكثر من المسلمين التي تجمعت على طاعة الإمام وهو السلطان.

قال شمر : وروي عن

٢٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه أمر بقتل الأسوَدين في الصلاة.

أراد بالأسوَدين : الحية والعقرب. والأسودان أيضا : التمر والماء.

وقال أبو مالك : السَّواد : المالُ.

والسَّوادُ : الحَدِيث. والسَّوادُ : صُفْرَة في اللّون ، وخُضْرة في الظُّفْر تُصيبُ القومَ من الماء الملْح ؛ وأَنشدَ :

فإن أَنْتُمو لم تَثْأَرُوا وتُسَوِّدُوا

فكونوا بَغَايا في الأكُفِّ عِيابها

يعني : عيبة الثياب ، قال : تُسِّودوا : تَقْتُلوا.

وقال اللّيث : السُّودَد : معروف.

والمَسُود : الّذي سادَه غيرُه. والمسوَّد : السيّد. قال : والسُّودُدُ بضم الدال الأولى : لغةُ طيّء.

قال : والسُّودانية : طائرٌ من الطّير الّتي تأكل العِنَب والجَراد ، وبعضُهم يسمِّيها السُّوادِيّة. وسَوَّدْتُ الشيءَ : إذا غيَّرْتَ بياضَه سَوادا. وساوَدْتُ فلانا فسُدْته : أي : غَلَبْتُه بالسَّواد. أو : السؤدد.

وسوِدْتُ أنا : إذا اسودّ وأَنشد :

سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سوَادِي وتحتَه

قميصٌ من القُوهِي بِيضٌ بَنائقُهْ

قلتُ : وأنشَدِنيهِ أعرابيٌّ لعنترة يصف نفسه بأنه أبيض الخلق ، وإن كان أَسْود الجِلد :

عَلَيَّ قميصٌ من سَوَادٍ وتحتَه

قميصُ بياضٍ لمْ تُخَيَّطْ بَنَائِقُه

وقال : أراد بقميصِ بياضٍ قلبَه ، وكان عنترةُ أسوَدَ اللَّون.

ورُوِي عن عائشةَ أنّها قالت : لقد رأيتُنَا وما لنا طَعامٌ إلا الأَسْوَدَان.

قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ والأحمرُ : الأَسْوَدان : الماءُ والتَّمر ، وإنما السَّوَاد للتَّمْر دونَ الماءِ فَنَعَتَهُمَا جميعا بنعتٍ واحد ، والعَرَب تَفعل ذلك في الشيئين يصْطَحِبَانِ يسمَّيان معا بالاسم الأشهَر منهما ، كما قالوا : العُمَران لأبي بَكْرٍ وعُمَر.

وقال أبو زيد : الأَسْوَدان : التّمْرُ والماء.

قال طَرَفة :

أَلا إِنَّنِي سُقِّيتُ أَسوَدَ حالِكا

أَلا بَجَلِي من الشَّرابِ ألا بَجَلْ

قال : أَراد الماءَ.

وقال شمر : قال غيرُه : أراد سُقِيتُ سُمَ أسوَدَ.

وقال ابن الأعرابيّ : العَرَب تقول : ما ذُقْتُ عندَه من سُوَيْدٍ قَطْرَةً ، وهو ـ زعموا ـ الماءُ نفسُه ، وأَنشَد بيتَ طَرفَة أيضا.

وقال الليث : السُّوَيْدَاء : حَبَّةُ الشُّونِيز.

قال ابن الأعرابيّ : الصواب الشينيز ، كذلك تقول العرب. وقال بعضهم : عنى به الحبة الخضراء لأن العرب تسمي الأسود أخضر والأخضر أَسود ، قال : ويقال : رَمَيْتُه فأَصَبْتُ سَوَادَ قلبِه ، وإذا صَغَّروه رُدَّ إِلى سُوَيْدَاء ، ولا يقولون :

٢٥

سَوْداء قلبِه ، كما يقولون : حَلَّق الطائرُ في كَبِد السماء ، وفي كُبَيْدَاءِ السّماء.

قال : والسَّواد ما حَوالَي الكُوفة من القُرَى والرَّساتيق ، وقد يقال : كُورةُ كذا وكذا وسَوادُها : أي : ما حَوالَيْ قَصَبَتِهَا وفُسْطَاطِهَا من قُراها ورَسَاتِيقِها.

وقال غيرهُ : يقال : رَمَى فلانٌ بسَهْمِه الأَسوَد وسهمِه المُدَمِّي ، وهو سَهْمُه الذي رَمَى به فأصاب الرَّمِيَّة حتى اسودَّ من الدَّم ، وهم يتبرَّكون به ، وقال الشاعر :

قالت خُلَيْدَةُ لما جِئْتُ زَائِرَها

هَلَّا رَمَيْتَ ببَعْض الأسهُم السُّودِ

قال بعضهم : أرادَ بالأسهم السود ههنا النُّشَّابَ ، وقيل : هي سهام القَنَا.

وقال أبو سَعيد : الّذي صَحَّ عندي في هذا أن الجَمُوحَ أَخَا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيَان فهُزِم أصحابُه وفي كِنانتِه نَبْلٌ مُعْلَم بِسَواد ، فقالت له امرأتُه : أين النَّبْل الّذي كنتَ تَرْمِي به؟ فقال هذا البيت : قالت خُلَيْدَة.

والعَرَب تقول : إذا كَثُرَ البيَاض قَلَ السّواد ، يَعْنُون بالبياض اللبَن ، وبالسّواد : التَّمْر ، وكلُّ عامٍ يَكْثُر فيه الرِّسْل يَقِلُّ فيه التَّمْر.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : اسْتَادَ القومُ استيادا : إذا قَتَلُوا سيِّدَهم أو خَطَبوا إليه.

وقال ابن الأعرابيّ : استادَ فلانٌ في بَنِي فلانٍ : إذا تزوَّج سيِّدةً من عَقائلهم ، وأَنشدَ :

أرادَ ابنُ كُوزٍ مِن سَفاهةِ رَأْيِهِ

ليَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَيالِيَا

أي : أراد أن يتزوَّج منّا سيّدةً لأن أصابتْنا سَنَة.

وقولُه جلّ وعزّ : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) [آل عمران : ٣٩] ، قال أبو إسحاق : السّيّد الذي يَفوق في الخيرِ قومَه. وأما قولُه جلّ وعزّ : (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ) [يوسف : ٢٥] ، فَمعْناه : أَلْفَيَا زَوْجَها ، يقال : هو سيِّدُها وبَعْلُها ، أي : زَوْجُها.

وقال عُمَرُ بنُ الخطَّاب : تفقَّهوا من قبل أن تسوَّدوا.

قال شمر : معناه : تعلَّموا الفِقْهَ قبل أن تزَوَّجوا فتصِيرُوا أَرْبَابَ بُيوت. قال : ويقال : استادَ الرّجلُ في بَنِي فلان : إذا تزَوَّج فيهم ، وأنشَد بيتَ الأعشى :

فبِتُّ الْخليفةَ من بَعلِها

وسيِّدَ نُعْمٍ ومُسْتادَها

وهو سيِّدُ المرأة : أَي زَوْجها ، والعَيْر : سَيِّد عانَتِه.

وقال ابنُ شُمَيل : السَّيِّدُ : الّذي فاقَ غيرَه ، ذو العَقْل والمالِ والدَّفْع والنَّفْع ، الْمُعطِي مالَه في حقوقه ، المُعين بنفسه ، فذلك السّيّد.

وقال عِكْرِمة : السيِّد الّذي لا يَغْلِبُه غَضبُه.

وقال قتادَة : هو العابِدُ الوَرع الحَليم.

وقال أبو خَيْرَة : سُمّيَ سيِّدا لأنّه يَسود سوادَ الناس ، أي : مُعْظَمَهم.

٢٦

ثعلب عن أبي نصرٍ عن الأصمعيّ : العَرَب تقول : السيّد كلُّ مَقْهُور مَغْمور بِحلْمِه.

وقال ابنُ الأنباري : إن قال قائل : كيف سمّى الله يحيى سيدا وحَصُورا ، والسيِّدُ هو الله ، إذ كان مالك الخلق أجمعين ، ولا مالك لهم سواه؟ قيل : لم يرد بالسَّيِّد ههنا المالك ، وإنما أراد الرئيس والإمام.

قال ثعلب : وقال ابن الأعرابي : المسَوَّدُ : أن تُؤْخَذ الْمُصْران فتُفْصَد فيها الناقةُ ويُشَدُّ رأْسُها وتُشْوَى وتُؤكَلُ. وأَسوَد : اسمُ جَبَل. وأَسوَدَة : اسمُ جَبَل آخر. ويقال : أتانِي الناس أَسوَدُهم وأحْمَرُهم ، أي : عَرَبُهم وعَجَمُهم. ويقال : كلَّمتُه فما رَدَّ عَلَيّ سوْدَاءَ ولا بَيْضَاء ، أي : ما ردَّ عَلَيّ شيئا.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : سوَّدْتُ الإبلَ تَسْوِيدا : وهو أن يَدُقَّ الْمِسْح البالِي من شعر فيُداوِي به أدبارَها ، وهو جمعُ الدَّبَر.

سَلَمة عن الفرّاء قال : السيّد : المَلِكُ.

والسّيّد : الرئيسُ. والسيّد : الحليمُ.

والسَّيّد : السَّخِيّ. والسيّد : الزَّوْج.

ومن أمثالِهم : قال لي الشَّرُ أَقمِمْ سوَادَك ، أي : اصبِر. وأمُ سُوَيد : هي الطَّبيجة.

وفي الحديث : «إذا رأيتُم الاختلافَ فعليكم بالسَّواد الأعظم».

قيل : السَّواد الأعظم : جُملةُ الناس الّتي اجتمعتْ على طاعةِ السلطان ، وبخَصَتْ له ، برّا كان أو فاجرا ، ما أَقامَ الصّلاة.

رُوِي ذلك عن أَنَس ؛ قيل له : أين الجماعة؟ قال : مع أمرائكم.

وفي الحديث : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أُتِي بكَبْش يَطأُ في سَوادٍ ويَنظُر في سَوَاد ويَبرُك في سَوَاد ليضحِّيَ به.

قولُه : «يَنظُر في سَوَاد» أراد أن حَدَقَتَه سَوداء ؛ لأن إنسانَ العينِ فيها.

وقال كُثَير :

وعَن نَجلاءَ تَدمَع في بَيَاضٍ

إذا دَمَعتْ وتَنْظُر في سَوادِ

قوله : «تَدمَعُ في بَياض» أراد أنَّ دموعَها تَسيلُ على خَدٍّ أبيضَ وهي تنظُر من حَدَقة سَوْداء.

وقولُه : «يطأُ في سَواد» يريدُ أنّه أَسْوَدُ القوائم ، «ويَبرُك في سَوادٍ» يريد أن ما يَلِي الأَرْضَ منه إذا بَرَك أسوَدُ.

أبو عبيد عن الأصمعي : يقال : جاء فلان بفتحه سود البطون ، وجاء بها حمر الكلى ، معناهما مهازيل.

سأد : بالهمز : يقال : أَسْأَدَ الرجل السُّرَى : إذا أَدْأَبها. قال لبيد :

يُسْئِد السَّيرَ عليها رَاكب

رَابِطُ الجَأْشِ على كلِّ وَجَلْ

أبو عُبيد عن الأحمر : المِسْأَدُ من الزِّقاق : أصغَرُ من الحَمِيت.

وقال شمِر : الّذي سمعناه المُسْأَبُ ـ

٢٧

بالباء ـ للزِّق العظيم ؛ ومنه يقال : سئِبْتُ من الشراب أَسْأَبُ ، ويقال للزِّق السائب أيضا.

وقال أبو عمرو : السَّأد بالهمز : انتقاضُ الجُرْح ، يقال : سَئِد جُرْحُه يَسْأَد سَأَدا فهو سَئِيد.

وأَنشَد :

فبِتُّ مِن ذاكَ ساهِرا أَرِقا

أَلْقَى لقَاء اللّاقِي مِن السَّأَدِ

وقال غيرُه : «بعيرٌ به سُؤاد : وهو داءٌ يأخذ الناسَ ، والإبلَ والغَنَم على الماء الملْح ، وقد سُئِد فهو مَسْؤُود.

وسد : حدّثنا الحُسينُ عن سُوَيد عن ابن المبارك عن يونسَ عن الزُّهري قال : أخبَرَني السائب بنُ يزيدَ : أنّ شُرَيح بن الحَضْرَمي ذُكِرَ عند رسولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ذاك رجلٌ لا يتوَسّد القرآن».

قال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابيّ ، لقوله : «لا يتوسَّد القرآن» وجهان : أحدُهما : مَدْح ، والآخَرُ : ذَمّ ؛ فالذي هو مَدْح أنّه لا يَنام عن القرآن ، ولكن يتهجّد به ، والّذي هو ذمّ أنه لا يقرأ القرآن ولا يَحفَظه ، فإذا نامَ لم يكن معه من القرآن شيء ، فإن كان حَمِدَه فالمعنى هو الأوّل ، وإن كان ذمَّه فالمعنَى هو الآخَر.

قلت أنا : والأقرب أنّه أَثنَى عليه وحَمِدَه.

وقال الليث : يقال : وَسَّدَ فلانٌ فلانا إسَادةً ، وتَوَسَّدَ وِسَادَةً : إذا وضَعَ رأسَه عليها ، وجمعُ الوِسادة وَسائِد. والوِساد : كلُّ ما يُوضَع تحت الرّأس وإن كان من تراب أو حِجارة.

وقال عبدُ بنِي الحَسْحاس :

فبِتْنَا وِسادَانَا إِلى عَلَجَانَةٍ

وحِقْفٍ تَهادَاهُ الرِّياحُ تهَادِيَا

ويقال للوِسادة : إِسادة ، كما يقال وِشاح وإشاح.

سدا : قال اللّيث : السَّدْوُ : مَدُّ اليَدِ نحوَ الشيء كما تَسْدُو الإبلُ في سَيْرها بأيدِيها ، وكما يَسْدو الصِّبيانُ إذا لَعِبوا بالجَوْز فرَموْا بها في الحُفْرة. والزَّد لغة صِبْيانِيّة ، كما قالوا للأَسْد أَزْد ، وللسَّرَّاد زَرَّاد.

قال : ويقال : فلان يسدُو سَدْو كذا وكذا ، أي : يَنحُو نحوَه.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : السَّدْوُ : رُكوبُ الرأس في السَّير ، ومنه زَدْوُ الصِّبيانِ بالجَوْز.

وأَنشَد ابن الأعرابي فيما أخبرني المنذري عن ثعلب عنه :

* مائِرَةُ الرِّجْلِ سَدُوٌّ باليَدِ*

قال : ويقال سَدِي الثَّوبَ يَسْدِيه ، وسَتَاه يَسْتِيه.

وأَنشدَ أيضا :

عَلى عَلاةٍ لأمةِ الفُطوِرِ

تُصبِح بعد العرَق المَعْصورِ

كَدراءَ مِثل كُدْرة اليَعْفورِ

يقول قُطراها القُطرِ سِيري

٢٨

ويَدُها للرِّجْل منها مُورِي

بهذه اسْتِي وبهذي نِيرِي

وقال غيرُه : العربُ تسمِّي أَيديَ الإبلِ السوادِيَ لسَدْوِها بها ، ثم صار ذلك اسما لها. وقال ذو الرمة :

كأنّا على حُقْبٍ خِفَافٍ إذا خَدَتْ

سَواديهِمَا بالوَاخِداتِ الرّواحِلِ

أراد : إذا أَخذَتْ أيدِيهما وأرجلُهما.

ويقال : ما أنتَ بلُحْمَة ولا سَدَاة. ويقال : ولا سَتَاة ، يُضرَب لمنْ لا يَضُرّ ولا يَنفَع.

وأَنشَد شمر :

فما تَأْتوا يَكُن حَسَنا جَميلا

وما تَسْدُو لِمكْرُمةٍ تُنِيرُوا

يقول : إذا فعلتمْ أَمْرا أَبرَمْتموه.

الأصمعي : الأُسْدِيّ والأُسْتيّ : سَدَى الثّوب.

وقال ابن شميل : استَيْتُ الثوبَ بستاه وأَسْدَيتُه. وقال الحطيئة :

مُسْتهلك الورْد كالأُسْدِيّ قد جَعَلتْ

أيدي المَطِيَّ به عاديَّةً رُكُبَا

يصف طريقا يُورَد فيه الماءُ.

وقال الآخَر :

إذا أَنَا أَسْدَيْتُ السَّداةَ فَألْحَما

ونِيرَ فإنّي سَوفَ أَكفِيكُما الدَّمَا

وقال الشّماخ :

على أنّ للمَيْلاء أَطْلالَ دِمْنَةٍ

بأَسْقُفَ تُسديها الصَّبا وتُنيرُها

عَمرو عن أبيه : السّادي والزادي : الحَسَنُ السيرِ من الإبل وأَنشَد :

* يَتْبَعْن سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبدَّحُ*

أي : تَمُدّ ضَبْعَيها.

قال : والسادي : السادِسُ في بعض اللّغات ، قاله ابن السكيت.

الليث : سَدِيَتْ لَيلتُنا : إذا كَثُر نَداها ، وأَنشَد :

* يَمْسُدها القَفْر ولَيْلٌ سَدِي *

قال : والسَدَى : هو النَّدَى القائم ، قال :

وقلَّما يقال : يومٌ سَدٍ إنما يُوصَف به اللّيلُ. قال : والسَّدَى المعروف أيضا ، يقال : أَسْدَى يُسدِي ، وسَدَّى يُسَدِّي.

قال : والسَّدَى خِلاف لُحمة الثّوب ، الواحدة سَدة ، وإذا نَسَج إنسانٌ كلاما أو أمْرا بين قومٍ قيل : سَدَّى بينهم. والحائك يُسَدِّي الثَّوبَ ويَتسَدَّى لنفسِه ، وأمّا التّسْدِية فهي له ولغيره ، وكذلك ما أَشبَه هَذا ، وقال رُؤبَة :

كفَلْكةِ الطاوِي أَدار الشّهْرَقَا

أَرسَلَ غَزْلا وتَسَدَّى خَشتَقَا

يَصِف السَّراب.

عَمْرو عن أَبيه : أَزْدَى إذا اصطنَعَ معروفا ، وأَسْدَى إذا أَصلَح بين اثنين ، وأَسْدَى إذا مَاتَ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السَّدَى والسَّتَا : البَلَح.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا وَقَع البلحُ

٢٩

وقد استرختْ تَفارِيقُه ونَدِيَ قيل : بَلَحٌ سَدٍ ، مِثل عَمٍ ، والواحدة سَدِية ، وقد أَسْدَى النخلُ. والتُّفْروق : قِمَع البُسْرة.

قال : وقال أبو عمرو : السادي الذي يبيت حيث أمسى ؛ وأنشد :

* بات على الخَلِّ وما باتت سُدَى*

وقال :

ويأمن سادِينا وَينساح سَرحُنا

إذا أزَل السادي وهَيت المطلَعْ

قال : وقال أبو عمرو : هو السَّدَى والواحدةُ سَداة.

وقال شمِر : هو السدَى والسداء ممدودٌ البَلَح بلُغة أهل المدينة.

وأنشد المازني لرؤبة :

ناج يُعنَيهن بالإبعاط

والماءُ نَضَّاح من الآباط

إذا استدَى نَوّهن بالسّياط

قال : الإبعاط والإفراط واحد. إذا استدى : إذا عرق ، وهو من السدَى وهو الندَى. نَوهن : كأنهن يدعون به ليضربن.

والمعنى : أنهن يكلّفْن من أصحابهن ذلك ، لأن هذا الفرس يسبقهن فيضرب أصحاب الخيل خيلهم لتلحقه.

وقول الله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦)) [القيامة : ٣٦] ، قال المفسرون : أن يُترَك غيرَ مأمور ولا مَنهي.

قلتُ : السُّدَى : المُهمَل.

ورَوى أبو عُبيد عن أبي زيد : أَسدَيْت إِبِلي إسداءً : إذا أهمَلْتَها ، والاسم السُّدَى. ويقال : تَسدَّى فلانٌ الأمرَ : إذا عَلاه وقَهَره. وتَسدّى فلانٌ فلانا : أَخَذَه من فَوْقه ، وتَسدَّى الرجلُ جاريتَه : إذا عَلاها ، وقال ابن مُقبِل :

* أَنَّى تَسَدَّيْتِ وهنا ذلك البِينَا*

يصفُ جاريةً طرقَه خيالُها من بُعْد ، فقال لها : كيف عَلَوْت بعد وَهْن من اللَّيل ذلك البلد.

وفي الحديث : أنه كتب ليهود تيْماء أن لهم الذّمة ، وعليهم الجزية بلا عَداءٍ ، النهارُ فقرمَدَى ، والليل سُدَى.

والسُّدَى : التّخليةُ. والمدّى : الغاية أراد أن لهم ذلك أبدا ما كان الليل والنهار.

دسا : قال الليث : يقال : دَسا فلانٌ يَدْسوه دسوةً ، وهو نقيضُ زَكَا يَزكو زكاةً ، وَهو داسٍ لا زَاكٍ ، ودَسَى نفسه. قال : ودَسِيَ يَدْسَى لغة ، ويَدْسو أَصوب.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : دسا : إذا استَخفَى.

قلت : وهذا يَقرُب ممّا قاله الليث ، وأحسَبُهما ذهبَا إلى قَلْب حرف التضعيف يَاءً ، واعتَبَر الليث ما قال في دَسَا من قول الله جلّ وعزّ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)) [الشمس : ٩ ، ١٠]. وقد بيّنتُ في مُضاعف السّين أن دَسّاها في الأصل دَسّسَها ، وأن السِّيناتِ توالت فقُلبَتْ إحداهُن ياءً ، وأما دَسَا غير

٣٠

مُحوّل عن المضعَّف من باب الدَّسِّ فلا أعرفه ولم أَسمَعْه ، وهو مع ذلك غيرُ بعيد من الصواب.

والمعنى : خاب من دسّ نفسه ، أي أخملها وخسَّسَ حظّها. وقيل : خابت نفس دسّاها الله. وكلّ شيء أخفيته وقلّلته فقد دسسته.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده :

نزورُ امرأً أمّا الإله فيتَّقي

وأما بفعل الصالحين فيأتمِي

قال : أراد فيأتمّ.

وقال أبو الهيثم : دسّ فلان نفسه : إذا أخفاها وأحملها لؤما ، مخافة أن يُتنبّه له فيُستَضافَ.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشد لرجل من طيّ :

وأنت الذي دسّيتَ عمرا فأصبحت

نساؤهُم منهُم أراملَ ضُيّعا

قال : دسّيْت : أغويت وأفسدت.

دوس : قال الليث : دَوْسٌ : قبيلةٌ.

قلتُ : منها أبو هريرةَ الدَّوْسِيّ.

والدَّوْس : الدِّياس ، والبقرُ التي تَدُوسُ الكُدْسَ هي الدَّوائس.

يقال : قد ألقَوا الدّوائِسَ في بَيْدَرِهم.

والمِدْوَسُ : الذي يُداسُ به الكُدْسُ يُجَرّ عليه جَرّا.

والمِدْوَسُ أيضا : خَشبةٌ يُشَد عليها مِسَنٌ يَدُوسُ بها الصَّيْقَلُ السيفَ حتى يَجلُوَه ، وجمعُه مَداوِس ، ومنه قولُ أبي ذُؤيب :

وكأنما هو مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ

في الكَفِّ إلّا أنّه هو أَضْلَعُ

والدَّوْسُ : شِدّة وَطْئه الشّيءَ بالأقدام وقوائِم الدّوابّ ، حتى يتفتّت كما يتفتّتُ قَصَب السنابل فيَصير تِبْنا ، ومن هذا يقال : طَرِيق مَدُوسٌ. والخَيْلُ تَدُوسُ القَتْلى بحوافِرِها : إذا وطئَتْهم. وأنشد :

* فداسُوهُم دَوْس الحَصِيدِ فأُهْمِدُوا*

وقال أبو زيد : فلانٌ دِيس من الدِّيسَة :

أي : شجاعٌ شديد يَدُوس كلَّ مَنْ نازَلَه ، وأصلُه دِوْس على فِعْل ، فقُلِبت الواوُ ياءً لكسرةِ ما قَبلَها ، كما قالوا : ريحٌ وأصلُه رِوْح.

ويقال : نزَلَ العدوُّ بِبنِي فلانٍ في خَيْله فَحاسَهم وجَاسَهم وداسَهم : إذا قَتَلهم وتَخَلَّل دِيَارَهم وعاثَ فيهم. وداس الرجلُ جاريتَه دَوْسا : إذا عَلَاها وبالغَ في جِماعها ، ودِياس الكُدْس ودِرَاسُه واحد.

وقال أبو بكر : في قولهم قد أخذنا بالدَّوس.

قال الأصمعي : الدوس تسويةُ الحديقة وتزيينها ؛ مأخوذ من دياس السيف ، وهو صقله وجِلاؤه ، وأنشد :

صافي الحديدة قد أضرّ بصَقْله

طولُ الدِّياس وبطنُ طيرٍ جائعُ

٣١

ويقال للحجر الذي يُجلَى به السيف مِدْوَس.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الدّوْس : الذلّ ، والدوس : الصَّقلة الواحِد : دايس.

ودس : قال الليث : الوادِس من النَّبات : ما قد غَطَّى وَجْهَ الأرض ولمَّا يتَشعّب شُعَبُه بعد ، إلّا أنّه في ذلك كثير ملتفّ ، وقد أودسَتِ الأرضُ ، ومكان مُودِس.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أودَسَتِ الأرضُ وألْدَسَتْ : إذا كثُرَ نَباتُها.

وقال الليث : التَّوديس : رَعْيُ الوَادِس من النّبات.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : تَوَدَّسَتِ الأرضُ وأَوْدَسَتْ ، وما أحسنَ وَدَسَها : إذا خَرجَ نَباتُها.

ابن السكّيت : ما أَدرِي أين وَدَس من بلاد الله : أي : أين ذَهَب.

أسد : قال الليث : الأسَدُ معروف ، وجمعه أُسْد وأَسَاوِد. والمَأْسَدة له معنيان. يقال لموضع الأَسَد مأْسَدة ، ويقال للأَسَد مَأْسَدة ، كما يقال ، مَسْيَفة للسُّيوف ، ومَجَنَّة للجِنّ ، ومَضَبّة للضِّباب ، ويقال : آسَدْتُ بين القوم. وآسدت بين الكِلاب : إذا هارَشْت بينَها.

وقال رؤبة :

* ترمِي بنا خِندف يوم الإيساد*

وآسَدْتُ بين الناس. والمؤسِدُ : الكَلّاب الذي يُشلِي كلبَه ، يَدْعُوه ويُغرِيه بالصَّيْد.

أبو عُبَيد : آسدْتُ الكلبَ إيسَادا : إذا هَيّجتَه وأغرَيْتَه وأشْلَيْته : دَعَوْتَه. وأَسِدَ الرجُل يأسَد أَسَدا : إذا تحَيَّر ؛ كأنه لَقِيَ الأسَد.

قال الليث : واسْتأسَدَ فلانٌ ، أي : صارَ في جُرْأته كالأسَد.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا بلغ النَّباتُ والتفّ قيل : قد استَأْسَد ، وأنشد قولَ أبي النّجم :

مُسْتَأْسِدٌ ذِبَّانُه في غَيْطَلٍ

يقول الرائد أَعشَبْتَ انزِلِ

ويجمع الأسدُ آسادا وأُسْد. والمأسدة له موضعان ، يقال لموضع الأسد : مأسدة.

ويقال لجمع الأسد : مأسدة أيضا. كما يقال : مشيخة لجمع الشيخ ، ومسْيفةٌ للسيوف ، ومَجنَّة للجن ، ومضبّة للضباب.

باب السين والتاء

س ت (وا يء) ستي ـ سأت ـ توس ـ تيس : [مستعملة].

توس : ابن السكّيت عن الأصمعيّ يقال : الكَرَم من توسِه وسُوسِه : إذا طُبع عليه.

وقال أبو زيد : هي الخَليقة. قال : وهو الأصل أيضا ، وأنشد :

* إِذا المُلِمّاتُ اعتَصَرْن التُّوسَا*

أي : أخرجن طبائعَ الناس.

[تيس] : وقال الليث : التّيْس : الذّكَر من المِعْزَى. وعَنْزٌ تَيْساء : إذا كان قَرْناها

٣٢

طويلَيْن كقَرْن التّيْس ، وهي بينة التّيَس.

أبو عُبَيد عن أبي زيد قال : إذا أَتَى على وَلَد المِعْزَى سنةٌ فالذكَر تَيْس ، والأنثى عَنْز.

وقال ابن شُمَيل : التّيْساء من المِعْزَى : التي يُشبِه قَرْناها قَرْنَيِ الأوعال الجَبَلية في طولها.

وقال أبو زيد : من أمثالهم : «أَحْمَقى وتِيسى» يُضرَب للرّجل إذا تَكلّم بحُمْق ، ورُبّما لا يَسبُّه سَبّا.

ومن أمثالهم في الرجل الذَّليل يتَعزَّز : كانت عَنْزا فاسْتَتْيَسَتْ. ويقال : بُوسا له وتُوسا وجُوسا.

قاله ابن الأعرابي. وقال القتيبي : في حديث أبي أيوب أنه ذكر القول وقال : قل لها تِيسِي جَعَارِ. قال وقوله : تيسي ، كلمة تقال في معنى الإبطال للشيء والتكذيب ؛ فكأنه قال لها كذبت يا جارية. قال : والعامة تغير هذا اللفظ ، تبدل من التاء طاء ، ومن السين زايا ، لتقارب ما بين هذه الحروف من المخارج قال : وَجعار : معدولة عن جاعرة ؛ كقولهم : قطام ورقاش على فَعَال ، وقال ابن السكيت : تشتم المرأة فيقال لها :

قومي جَعار ، وتشبّه بالضبع. ويقال للضبع تيس جعار. ويقال : اذهبي لكاع ، وذفار وبطار. وتِياس : موضع بالباديةَ ، كان به حرب حين قطعت رجل الحارث بن كعب ، فسمّيَ الأعرج.

وفي بعض الشعر :

* وقتلَى تِياسٍ عن صلاح تعرّبُ*

ستي : أبو العبّاس عن ابن الأعرابي ، يقال :

سَدَى البَعيرُ وسَتَى : إذا أَسرَعَ وأَنشد :

* بهذِه اسْتِي وبهذِي نِيرِي*

ابن شُمَيل : أسْتَى وأَسْدَى ضِدُّ أَلْحَم.

وقال أبو الهيثم : الأسْتِيُ : الثَّوْبُ المُسَدَّى.

وقال غيره : الإسْتِيّ : الّذِي يُسَمّيه النسَّاجون السَّتَى ، وهو الذي يُرفَع ثم تُدخَل الخُيُوط بين الخيوط ؛ فذلك الأستِيّ والنِّيرُ ، وهو قول الحطيئة :

* مُسْتَهْلِكُ الوِرْد كالأستِيُ قد جَعَلَتْ*

وهذا مثل قول الرّاعي :

* كأنّه مُسْحُلٌ بالنِّيرِ مَنْشورُ*

وقد مضى تفسير الإست في كتاب الهاء وبينت فيه عِلَلها.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : وساتَاه : إذا لَعِب معه الشفلقة ، وتَاسَاه : إذا آذاه واستخَفَّ به.

وقال أبو زَيد : يقال ما لَك استٌ مع استِك : إذا لم يكن له ثَروةٌ من مال ، ولا عَدَدٌ مِن رجال ، يقال : فاسْتُه لا تُفارِقه وليس له معها أخرى من رجال ولا مال.

وقال أبو مالك : اسْتُ الدّهر : أَوّلُ الدّهر وأَنشَد.

* ما زال مُذْ كانَ على استِ الدّهرِ*

وباقي الباب في الهاء.

٣٣

سأت : أبو عُبيد عن أبي عمرو : إذا خَنَق الرجُل الرجلَ حتى يَقتلَه قيل : سَأَتَه وسَأَبَه يَسْأَتُه ويَسْأَبُه ؛ ونحو ذلك قال أبو زيد.

وقال الفرّاء : السّأَتانِ : جانِبَا الحُلْقوم حيث يَقَع فيها إصبَع الخَنّاق ، والواحد سَأَت بفتح الهمزة.

س ظ ـ س ذ ـ س ث

أهملت وجوهها.

باب السين والراء

س ر (وا يء) سير ، سري ، سأر ، [سور] ، رسا ، (روس ـ ريس) ، [رأس] ، ورس ، أرس ، أسر ، يسر.

[سير] : أبو عبيد عن أبي زيد : سارَ البعيرُ وسِرتُه ، وقال خالد :

فلا تَغضَبَنْ مِنْ سُنّةٍ أنت سِرْتَها

وأوّلُ راضٍ سُنّةً مَن يَسيرُهَا

وقال ابن بُزرج : سِرْتُ الدَّابة : إذا ركبتَها ، فإذا أردتَ بها المرعَى قلتَ : أَسَرْتُها إلى الكلأ. وأسارَ القومُ أهلَهم ومواشِيَهم إلى الكلأ وهو أن يُرسِلوا فيها الرُّعْيانَ ويُقيمُوا هُمْ. والدَّابة مسيَّرةٌ إذا كان الرجلُ راكبَها والرجل سائرٌ لها ، والماشِيةُ مُسارَةٌ ، والقومُ مُسَيَّرون. والسيرُ عندهم بالنَّهار والليل ، وأما السُّرَى فلا يكون إلّا ليلا.

والسَّيْر : ما قُدَّ من الأَدِيم طُولا ، وجمعُه سُيُور وسُيورَة. وبُرْدٌ مُسَيَّر : إذا كان مخطَّطا.

ويقال : هذا مَثَل ساير ، وقد سَيَّر فلانٌ أَمثالا سائِرةً في النّاس. وسَيَّارٌ : اسمُ رجل ؛ وقولُ الشاعر :

وسائلةٍ بثعلبةَ بن سَيْرٍ

وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ

أراد ثعلبةَ بن سَيّار ، فجعله سَيْر للضرورة.

ويقال : سار القومُ يسيرون سَيرا ومَسِيرا : إذا امتد بهم السَّيْرُ في جهةٍ توجّهوا إليها.

وأما قولُه :

* وسائرُ الناس هَمَجٌ*

فإِن أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر في أمثال هذا الموضع بمعنى الباقي.

سأر ـ [سور] : يقال : أسأَرْتُ سُؤْرا وسُؤْرَةً : إذا أبقيْتَها وأفضلتها ، والسائر الباقي ؛ وكأنه من سَئر يَسْأَر فهو سائر ، أي : فَضَلَ.

وقال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس : يقال : سَأَر وأسْأَر : إذا أفضل ، فهو سائر ، جَعَلَ سأر وأسأر واقعين ، ثم قال : وهو سائر فلا أدري أراد بالسائر المُسَيِّر أو الباقيَ الفاضلَ ، ومن هَمَزَ السؤرة من سُؤر القرآن جعلها بمعنى بقيّةٍ من القرآن وقطعةٍ ؛ وأكثر القُرّاء على ترك الهمز فيها ، ويُروَى بيتُ الأخطل على وجهين :

٣٤

وشارِبٍ مربِحٍ بالكاسِ نادَمَني

لا بالحصُورِ ولا فيها بسَآرِ

بوزن سَعّار بالهمز ، ومعناه : أنه لا يُسْئِرُ في الإناء سُؤرا ولكنه يشتَفّه كله. ورُوِيَ ولا فيها بسَوَّارِ أي بمُعَرْبد ، من سار يَسُور إذا وثب المُعَرْبِدُ عَلَى من يُشَارِبه. وجائزٌ أن يكون سأر من سَأَرَتْ ، وهو الوجه وجائز أن يكون من أسأَرْتُ كأنه ردّهُ إلى الثلاثي ، كما قالوا ورَّادٌ من أَدْرَكْتُ ، وَجبّار من أجْبَرْتُ.

وقال ذو الرّمة :

صَدَرْنَ بما أَسَأَرْتُ من ماءِ مُقْفِرٍ

صَرًى ليس من أعطانِه غير حائلِ

يعني قطا وردت بقية ماء أسأره ذو الرمّة في حَوْض سقَى فيه راحلته فشربت منه.

وقال الليث : يقال : أسأر فلانٌ من طعامِه وشرابه سُؤرا : وذلك إذا أبقى منه بقيّة.

قال : وبقية كلِّ شيء سورة.

ويقال للمرأة التي قد خَلّفت عُنْفُوَان شبَابها وفيها بقية : إن فيها لسُؤْرة ، ومنه قول حُمَيد بن نورٍ يصف امرأة :

إزاءَ مَعاشٍ ما يُحلُّ إزارها

من الكَيْسِ فيها سُؤْرة وهي قاعِدُ

أراد بقوله : «فهي قاعد» قُعودها عن الحيض لأنها أسنّتْ.

وقال ابن الأنباري : والسؤرةُ من المال : خياره ، وجمعه سُؤَر. والسورة من القرآن يجوز أن تكون من سؤرة المال تُرك همزه لما كثر في الكلام.

قال أبو بكر : قد جلس على المَسْورة.

قال أبو العباس : إنما سمّيت المسورة مِسورة لعلوِّها وارتفاعها ؛ من قول العرب : سار الرجل يَسُور سورا : إذا ارتفع وأنشد :

* سِرت إليه فيه أعالي السور*

أراد : ارتفعت إليه.

أبو عُبَيْد : السِّيراء : بُرُود يُخَالطها حرير.

سلمة عن الفرّاء : السِّيراء : ضربٌ من البُرود. والسيراء : الذهب الصافي أيضا.

وقال الليث : المِسْورة : مُتَّكَأٌ من أدم وجمعُهَا المساور.

قال : والسَّوْرة تناول الشراب للرّأس ؛ وقد سَار سوْرا.

وقال غيره : سَوْرَة الخمر : حُمَيَّا دبيبها في شاربها.

وقال الليث : ساوَر فلان فلانا يساوره : إذا تناولَ رأسه وفلانٌ ذو سوْرة في الحَرْب : أي : ذو بطش شديد.

وقال السّوَّارُ من الكلاب : الذي يأخذ بالرأس ، والسوار من القوم الذي يسور الشَّراب في رأسه سريعا. والسَّوّار من الشَّرب : الذي يَسُور الشراب في رأسه سريعا.

وقال غيره : السَّوّار : الذي يواثبُ نديمه إذا شَرِبَ. والسورةُ : الوثْبة ، وقد سُرْتُ إليه ، أي : وثَبْتُ. وسُرْتُ الحائطَ سوْرا ،

٣٥

وتسوّرته : إذا عَلَوْتَهُ.

وأما السُّورة من القرآن فإن أبا عُبَيدة زعم أنه مشتق من سورة البِناء.

قال : والسُّورة : عِرْقٌ من أعراق الحائط ويجمع سُوَرا ، وكذلك الصُّورة تُجْمَعُ صورا ، واحتج أبو عُبَيدة بقول العجاج :

* سُرْتُ إليه في أعالي السُّورِ*

وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم أنه ردّ على أبي عبيدة قوله وقال : إنما تُجمع فُعلة عَلَى فعل بسكون العين إذا سبق الجمع الواحد ، مثل صُوفة وصُوف.

وسورة البناء وسورٌ ، فالسُّور جمع سبق وُحدانه في هذا الموضع جَمعُهُ قال الله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ) [الحديد : ١٣].

قال : والسُّور عند العرب : حائطٌ المدينة وهو أَشرف الحيطان ، وشبّه الله جل وعزّ الحائطَ الذي حَجَز بين أهل النار وأهلِ الجنة بأشرف حائط عَرَفْناه في الدنيا ، وهو اسمٌ واحدٌ لشيء واحد ، إلا أنا إذا أردنا أن نعرِف الفرق منه قلنا سُور. كما تقول التَّمر وهو اسمٌ جامعٌ للجنس ، فإذا أردنا أن نعرف الواحدة من التّمر قُلنا تمرة ، وكل منزلة رفيعة فهي سورة ، مأخوذةٌ من سورة البِناء ، وقال النابغة :

ألمْ ترَ أن الله أعْطاكَ سُورةً

تَرَى كلَّ مَلكٍ دونَها يتذَبْذَبُ

معناه : أعطاك رِفعة ومنزلة ، وجمعها سُور أي رِفَعٌ.

فأمّا سورة القرآن فإن الله جلّ وعزّ جمعَها سُورا ؛ مثل غُرْفة وغرف ، ورُتْبة ورُتَب ، وزُلْفة وزُلَف ، فدلَّ على أنه لم يجعلها من سُور البِناء ، لأنها لو كانت من سُورِ البناء لقال : فأْتوا بعشْرِ سُورٍ ، ولم يَقل (بِعَشْرِ سُوَرٍ) [هود : ١٣] والقُرَّاء مجمعون عَلَى سُوَرٍ ، وكذلك اجتمعوا على قراءة سُورٍ في قولهم : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) [الحديد : ١٣] ، ولم يقرأ بسورٍ فدلَّ ذلك عَلَى تميُّز سورة من سور القرآن عن سُورة من سُوَرِ البناء ، وكأَن أبا عُبيدة أراد أن يؤيِّدَ قوله في الصُّور أنه جمع صُورة ، فأخطأَ في الصُّور والسُّورِ ، وحَرَّف كلام العرب عن صيغتِه ، وأدخل فيه ما ليس منه ؛ خِذْلانا من الله لتكذيبه بأن الصُّور قَرْن خلقه الله للنَّفخ فيه حتى يُميت الخلق أجمعين بالنّفخة الأولى ، ثم يُحييهم بالنفخة الثانية ، والله حسيبُه.

قال أبو الهيثم : والسُّورة من سُوَر القرآن عندنا : قِطعةٌ من القرآن سَبَق وُحْدانُها جَمْعَهَا كما أنّ الغُرْفة سابق للغُرَف.

وأنزلَ الله جلّ وعزّ القرآنَ على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا بعد شيء ، وجَعَله مفصَّلا ، وبيَّن كلَ سُورة منها بخاتِمتِها وبادِئتِها ، وميّزها من التي تليها.

قلتُ : وكأن أبا الهَيْثم جَعَل السُّورة من سُور القرآن من أَسْأَرْتُ سُؤْرا : أي أَفضَلْتُ فَضْلا ؛ إلّا أنها لمّا كَثُرتْ في

٣٦

الكلام وفي كتاب الله تُرك فيها الهمز كما تُرِك في المَلَك وأَصلُه مَلأَك ، وفي النّبيّ وأصلُه الهمز. وكان أبو الهَيْثم طوّل الكلام فيهما ردّ على أبي عبيدة ، فاختصرتُ منه مجامِعَ مقاصِدِه ، وربّما غيّرتُ بعضَ ألفاظه والمعنى معناه.

وأخبرني المنذريُّ عن أبي العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : سورة كل شيء : حدّه.

وسورة المجد علامته وأثره وارتفاعه.

حدثنا حنظلة بن أبي سفيان قال : حدثنا سعيد بن مينا قال : حدثنا جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأصحابه : «قوموا لقد صنع جابر سُورا»، قال أبو العباس : وإنما يراد من هذا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تكلّم بالفارسية «صنع سُورا» أي : طعاما دعا الناس إليه.

وأخبرني عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : السُّورة : الرِّفْعة : وبها سُمِّيتْ السُّورة من القرآن! أي : رِفْعة وخَيْر ، فَوافَق قولُه قولَ أبي عبيدة.

قلتُ : والبَصْريّون جَمَعوا السُّورة والصُّورة وما أشبهَهَا على صُوَر وصُوْر ، وسُوَر وسُوْر ، ولم يميّزوا بين ما سبقَ وُحْدانَه الجمعُ وسبق الجمعَ الوُحْدانُ ، والّذي حكاه أبو الهيثم هو قولُ الكوفيّين ، وهو يقول به إن شاء الله.

وأما قولُ الله جلّ وعزّ : (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) [الكهف : ٣١] ، وقال تعالى في موضع آخَر : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان : ٢١] ، وقال أيضا : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) [الزخرف : ٥٣] ، فإن أبا إسحاق النحويَّ قال : الأَساوِرَ جمعُ أَسْوِرَة ، قال : وأَسْوِرَة جمعُ سِوار ، والأَسْوار : من أَساوِرَة الفُرْس ، وهو الحاذِقُ بالرَّمْي يُجمَع على أَساوِرَ أيضا ؛ وأنشد :

ووَتَّر الأَساوِرُ القِياسَا

صُغْدِيّةٌ تنتزع الأَنْفاسَا

والقُلْبُ من الفضّة يسمَّى أيضا سُوارا ، وإن كان من الذّهب فهو أيضا سِوار ، وكلاهما لِباسٌ لأهل الجنّة أحَلَّنا الله تعالى فِيها برَحمتِه.

أبو عبيد عن الكسائي : هو سِوار المرأة وسُوارها : ورجلٌ أسوار من أساورة فارس ، وهو الفارس من فرسانهم المقاتل.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : يقال للرجل سُرْسُرْ : إذا أَمَرْتَه بمعَالي الأمور.

قال : والسُّورة من القرآن : معناها : الرِّفعة لإجلال القرآن ، وقد قال ذلك جماعة من أهل اللّغة ، والله تعالى أعلم بما أراد.

سري : قال الله جلّ وعزّ : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ) [الإسراء : ١] ، وقال في موضع آخر : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) [الفجر : ٤] ، فنزل القرآنُ باللُّغتين.

ورَوَى أبو عُبَيد عن أصحابه : سَرَيْتُ بالليل ، وأَسرَيْتُ ، وَأنشَد هو أو غيره :

٣٧

* أَسْرَتْ إليكَ ولم تكن تَسرِي *

فجاء باللغتين.

وقال أبو إسحاق في قوله : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) قال : معناه : سيَّر عبدَه ، يقال : أَسرَيْتُ وسَرَيْت : إذا سِرْتَ ليلا.

وقال في قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) معنى : «يَسرِي» : يَمضِي ، يقال : سَرَى يَسرِي : إذا مضى.

قال : وحُذفت الياءُ من يَسرِي لأنّها رأسُ آية.

وقال غيره في قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) إذا يُسرَى فيه ؛ كما قالوا : ليْلٌ نائم ، أي : يُنامُ فيه ؛ وقال : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) [محمد : ٢١] ، أي : عُزِم عليه.

وقال الليث : السُّرَى : سَيْرُ الليل.

والسارية من السحاب : الذي يجيء ليلا.

والعرَب تؤنِّثُ السُّرَى وتذكِّرُه.

والساريةُ : سحابةٌ تَسرِي ليلا ، وجمعُها السَّواري ، وقال النابغة :

سَرَتْ عليه من الجَوْزاء سارِيَةٌ

تُزْجي الشَّمالُ عليه جامِدَ البَرَد

والساريةُ : أُسْطُوانةٌ من حِجارة أو آجُرّ وجمعُها السّواري.

قال : وعِرْق الشَّجرِ يَسري في الأرض سَرْيا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السُّرَى : السَّراةُ من الناس.

وقال ابن السكيت وغيرُه : يقال : سَرُؤ الرجُل يَسْرُؤ ، وسَرَا ، يَسرُو ، وسَرِي يَسْرَى : إذا شَرُف ؛ وأنشد :

تَلْقَى السَّرِيَ من الرّجال بنفسه

وابنُ السَّرِيِ إذا سَرَا أَسرَاهُمَا

أي : أشرَفهُما. وقولُهم : قومٌ سرَاة جمعُ سَرِيّ ، جاءَ على غير قياس.

وسرَاةُ الفَرَس : أَعْلى مَتْنه ، وتُجْمَع سَروَات. والسَّرْوُ : الشرف. والسرْوُ من الجَبَل : ما ارتفَعَ عن مَجرَى السَّيْل وانحدَرَ عن غِلَظ الجبل ، ومنه سَرْو حِمير ، وهو النَّعْف والخَيْف.

وسَراةُ النهار : وقت ارتفاعِ الشمس في السماء ، يقال : أتيتُه سَراةَ الضُّحَى وسَراةَ النَّهارِ.

وقال أبو العباس : السرِيّ : الرفع في كلام العرب ، ومعنى سَرُوَ الرجل يَسرُو ، أي : ارتفع يرتفع فهو رفيع ، مأخوذ من سراة كل شيء : ما ارتفع منه وعلا.

وقال ابن السكيت : الطود : الجبل المشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء ، يقال له : السراة ، فأوّلُه سراةُ ثقيف ، ثم سَراة فَهْم وعَدْوان ، ثم الأزدِ ، ثم الحَرّةِ آخر ذلك.

وفي الحديث : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في الحساء : «إنه يَرْتُو فؤادَ الحَزين ويَسرُو عن فؤاد السَّقيم».

قال أبو عُبَيد : قال الأصمعيّ : «يَرْتو»

٣٨

يعني يشدُّه ويقوِّيه ، وأما «يَسرُو» فمعناه يكشف عن فؤاده الألم ويُزيله.

ولهذا قيل : سَرَوْتُ الثوبَ عنه ، وسرَيْتُه وسَرَّيْته : إذا نَضَوْتَه.

وقال ابن هَرْمَة :

* سَرَى ثوبَه عنك الصِّبَا المُتخايِلُ*

وأما السَّرِيَّة من سَرايا الجُيوش : فإنها فعيلةٌ بمعنى فاعلة ، سُمّيتْ سَرِيّةً لأنها تسري ليلا في خُفْيَة لئلَّا يَنْذَر بهم العَدُوّ ، فيَحْذَرُوا أو يمتَنِعوا.

وأما قولُ الله جلّ وعزّ في قصّة مريم : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [مريم : ٢٤].

فرُوي عن ابن عباس أنه قال : السَّرِيّ : الْجَدْوَل، وهو قول جميع أهل اللغة ، وأنشد أبو عبيد قولَ لَبِيد :

سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّهُ

عُمُّ نَواعمُ بينهنّ كرُومُ

أبو عبيد عن أبي عبيدة : السراء : شجر ، الواحدة سراة ، وهي من كبار الشجر تنبت في الجبال ، وربما اتخذ منها القسي العربية.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : السِّرْيةُ والسُّرْوة من النِّصَال ، وهو المُدَوَّرُ المُدَمْلَك الذي لا عَرْض له.

شَمر عن ابن الأعرابيّ : السُّرَى : نِصَالٌ رِقاق.

ويقال : قِصَارٌ يُرمَى بها الهدَف.

قال : وقال الأسَدي : السِّرْوة تُدْعَى الدِّرْعِيّة ، وذلك أنها تدخل الدروع ، ونِصَالُها مُسَلّكةٌ كالمِخْيَط.

وقال ابنُ أبي الحُقَيق يَصِف الدُّروع :

تَنفِي السُّرَى وجِيادَ النَّبْلِ تَتْرُكه

مِن بينِ مُنقصِفٍ كَسْرا ومَفْلُولُ

وفي الحديث : أنه طعن بالسُّروة في ضَبعها ؛ يعني في ضبع الناقة هي السّرْية والسروة ، هي النصال الصغار.

أبو عمرو يقال : هو يُسَرِّي العَرَق عن نفسه : إذا كان يَنضَحُه ، وأَنشَد :

* يَنضَحن ماءَ البَدَن المُسَرِّي *

وسَراةُ الطريق : مَتْنُه ومُعْظَمه ، ويقال : اسْتَرَيْتُ الشيءَ : إذا اخترتَه ، وأخذتُ سراتَه : أي : خيارَه.

وقال الأعشى :

فقد أُخرِج الكاعِبَ المُسْترا

ةَ مِن خِدْرِها وأُشِيعُ القِمارَا

أبو عُبَيد عن الفرّاء : أرض مَسْرُوَّةٌ من السّرَوَةِ ، وهي دُودَة.

ويقال : فلانٌ يُسَارِي إبَل جارِه إذا طَرَقَها ليحتلِبَها دون صاحِبِها ، قال أبو وَجْزة :

فإِنِّي لا وَأُمِّكَ لا أسارِي

لِقاحَ الجارِ ما سَمَرَ السَّمِيرُ

والسّارِياتُ : حُمُر الوحوش ، لأنّها تَرعَى لَيْلا وتَنفَّشُ ، ويقال : سَرَّى قائدُ الجيش سَرِيةً إلى العَدُوّ : إذا جرّدها وبعثها لَيْلا ؛

٣٩

وهو التَّسْرِيّةُ. ورجلٌ سَرّاء : كثيرُ السُّرَى باللّيل.

رسا : قال اللّيث : يقال : رَسَوْتُ له رَسْوا من الحديث : أي : ذكرتُ له طَرَفا منه.

وقال ابن الأعرابيّ : الرَّسُّ والرُسُوُّ بمعنًى واحد.

قال : والرَّسْوَة : الدَّسْتِينَج ، والجميع رَسَوَات ؛ وقد قاله ابن السكّيت.

وقال غيرُهما : السِّوار إذا كان من خَرَز فهو رَسَوَة.

أبو عُبيد عن أبي زيد : رسَوتُ عنه حديثا أَرْسُوه رَسْوا : أي : تحدّثْت عنه.

قال : ورسَسْتُ الحديثَ أَرُسُّه في نفسي ؛ أي : حدّثْتُ به نَفْسي.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الرَّسِيُ : الثابتُ في الخَيْر والشّر ، قال : ورَسَا الصَّوْمَ إذا نَواه قال : وراسَى فلانٌ فلانا : إذا سابَحَه ؛ وسارَاه إِذا فَاخَره.

قال : والرَّسِيُ : العَمُودُ الثابت في وَسَط الخِبَاء.

وقال اللّيث : رَسَا الجبلُ يَرْسو : إذا ثَبَت أصلُه في الأرض ؛ ورَسَت السفينةُ رَسْوا : إذا انتهى أسفَلُها إلى قَرار الماء فبَقيتْ لا تَسِير ، والمِرْساة : أنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالحِبال ويرسل في الماء فيمسِك بالسفينة ويُرسيها حتى لا تسير ، وإذا ثَبَتت السحابةُ بمكان تُمطِر قيل : قد أَلْقَت مَراسِيَها ، والفَحلُ من الإبل إذا تَفرَّق عنه شُوَّلُه فهَدَر بها وراغَتْ إليه وسَكَنَتْ قيل : رَسَا بِها ، قال رؤبة :

إذا اشْمَعَلَّتْ سَنَنا رَسَا بِها

بذاتِ خَرَقَيْن إذَا حَجَا بِهَا

اشمَعلّت : انتَشَرت. وقوله بذاتِ خَرْقَيْن ، يعني شِقشِقةَ الفَحْل إذا هَدَر فيها ، ويقال : رَسَتْ قَدَماه ، أي : ثَبَتَتا ، وقال الله جلّ وعزّ : (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) [سبأ : ١٣] ، قال الفرّاء : لا تُنزَل عن مكانَها لِعظَمها ، والرَّاسيةُ : الَّتي تَرْسُو وهي القائمة.

والجبالُ الرَّواسِي والرّاسيات : هي الثّوابت ، وقال الله جلّ وعزّ في قصّة نوح وسفينته : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) [هود : ٤١] ، القرّاء كلُّهم اجتَمَعوا على ضمّ الميم من مُرْساها ، واختلفوا في (مُجراها) فقرأ الكوفيّون (مَجْراها) وقرأ نافعٌ وابن كثير وأبو عمرو وابن عامِرٍ : (مُجْراها).

وقال أبو إسحاق : من قرأ : (مُجْراها ومُرْساها) فالمعنى باسم اللهِ إجراؤها وإرْساؤُها.

وقد رَسَت السفينةُ وأَرْساها الله ، ولو قُرئَتْ : «مُجْرِيها ومُرْسِيها» فمعناه : أن الله تعالى يُجرِيها ويُرسِيها.

ومن قرأ : (مَجْراها ومَرْساها) فمعناه : جَرْيُها وثباتُها غير جاريةٍ ، وجائز أن يكونا بمعنى مُجراها ومرساها.

ورس : قال الليث : الوَرْسُ : صِبغٌ ؛

٤٠