تهذيب اللغة - ج ١٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الزاي

باب الزاي والطاء

ز ط (وا يء)

زيط : أهملها الليث.

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الزِّياطُ : الجُلْجُل ؛ وأنشد :

كأنّ وَغَى الخَموشِ بجانبَيْهِ

وَغَى رَكْبٍ أمَيْمَ ذَوِي زِياطِ

عمرو عن أبيه : يقال : أزْوَطوا وغَوّطوا ودَبَّلوا : إذا عظَّموا اللَّقم وازدَرَدُوا.

ز د (وا يء)

زود ـ زدو ـ زيد ـ زأد ـ أزد : [مستعملات].

زود : قال الليث : الزَّوْدُ : تأسيسُ الزّاد ، وهو الطعام الّذي يُتّخذ للسّفر والحَضَر جميعا.

والمِزْوَدُ : وعاءٌ يُجعَل فيه الزّاد ، وكلُّ من انتقل مَعَه بخيرٍ أو شَرٍّ مِن عمَلٍ أو كسبٍ فقد تَزَوَّد.

وزُوَيْدة : اسمُ امرأةٍ من المَهالِبة ، قال : والْمَزادَة بمنزِلة رِاويَةٍ لا عَزْلَاءَ لها.

قلتُ : المَزادُ بغيرها هي الفَرْدة الّتي يَحتقِبُها الراكب خَلف رَحْله ولا عَزْلاءَ لها ؛ وأما الرّاوية فهي مَجمَع المزادتَين اللَّتَين تعكمان على جَنْبَي البعير ويُرَوَّى عليهما بالرِّواءِ ، وكلّ واحدةٍ منهما مَزادة ، والجميع المَزايد وربّما حَذَفوا الهاء فقالوا مَزاد ، أنشدني أعرابي :

* تَميميٌّ رَفيقٌ بالمَزادِ*

وقال النضر : السطيحة : جلدان مقابلان.

قال : والمزادة تكون جلدين ونصفا وثلاثة جلود. سميت مزادة لأنها تزيد على سطيحتين ، وهما المزادتان.

[زيد] : أبو عبيد : زادَ الشيءُ يَزيد ، وزِدْتُه أنا أَزِيدُه زِيادةً.

سمعتُ العربَ تقول للرّجل يُخبِرُ عن أمرٍ أو يَستفْهم خَبَرا ، فإذا أخبرَ حَقّقَ الخَبَرَ وقال له : وزادَ وزادَ ؛ كأنه يقول : زاد الأَمْرُ على ما وَصَفْتَ وأخبرَت.

وقال الليث : يقال : هذه إبلٌ كثيرة الزَّيايِد ، أي : كثيرةُ الزِّيادات ؛ وأنشَد :

بهَجْمةٍ تَملأُ عينَ الحاسدِ

ذاتِ سُروحٍ جَمَّة الزَّيَايِد

ومن قال : الزوائد : فإنها هي جماعةُ الزائدة ، وإنَّما قالوا الزوائد في قوائم الدَّابة. ويقال للأَسد : إنّه لذو زَوائد ، وهو الّذي يتزيّد في زَئيره وصوته.

١٦١

والناقةُ تتزيّد في سَيْرها : إذا تكلّفَتْ فوقَ قَدْرها. والإنسانُ يتزيّد في حدِيثِه وكلامِه : إذا تَكلّف مجاوَزَة ما يَنبغِي ؛ وأَنشَد :

إذا أنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فلا تَلَعْ

وقُلْ مِثلَ ما قالوا ولا تَتزَيَّدِ

قال : وزائدة الكَبِد : قطعةٌ معلَّقةٌ منها ، والجميع الزّيائد.

قال : والمزَادَة : مَفْعلة من الزّيادة والجميع المزايد. قلت : الزادة مفعلة من الزاد يُتزَوَّد فيها الماءُ.

والمِزْوَدُ : شبه جِرابٍ من أَدَم يُتزوَّد فيه الطعامُ للسّفر ، وجمعُه المزَاوِد.

وزوَّدتُ فلانا الزادَ تَزْوِيدا فتزوّدَ تزوُّدا.

واستزَادَ فلانٌ فلانا : إذا عَتَب عليه أمْرا لم يَرضَه. وإذا أَعطَى رجلٌ رَجلا مالا وطلبَ زيادةً على ما أعطاه ، قيل : قد استزادَه. ويقال للرّجل إذا أُعطِيَ شيئا : هل تزدادُ؟ المعنى : هل تَطلُب زيادةً على ما أعطيْتُك. وتَزايَدَ أهلُ السُّوق على السِّلعة : إذا بِيعَت فيمن يزيد.

زأد : أبو عبيد عن الأصمعي : زُئِدَ الرجلُ زُءدُدا فهو مَزْءُود : إذا زُعِر ، وسُئفَ سأُفا مِثله ، وهو الزُّؤْد والزُّؤُد وأَنشَد :

يُضحِي إذا العِيسُ أدرِكْنا نكايَتها

خَرْقاءُ يعتادُها الطُّوفانُ والزُّؤُدُ

زدو : قال الليث : الزَّدْوُ لغةٌ في السَّدْوِ ، وهو من لعب الصِّبيان بالجَوْز ، والغالب عليه الزَّاي ، يَسْدُونَه في الحَفِيرة.

أزد : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : أزدَى : صَنَع مَعْروفا ، وأَسْدَى : إذا أَصلَح بين اثنين. والأزْداءُ : لغةٌ في الأصْداء ، جمعُ صَدًى. والأزْد : لغةٌ في الأَسْد ، يجمع قبائلَ وعمائرَ كثيرةً من اليَمَن.

[باب الزاي والتاء]

ز ت (وا يء)

زيت ـ تيز ـ توز : [مستعملات].

زيت : قال الليث : الزّيْتُ : عُصارةُ الزَّيتون ، ويقال : زِتُ الثَّرِيد ، فهو مَزيت ، وزِتُ رأسَ فلانٍ ، وأَنشَد :

* ولا حِنْطة الشَّأمِ المَزِيت خَمِيرُها*

وازدَاتَ فلانٌ : إذا ادَّهَن بالزَّيت ، وهو مُزْدَاتٌ ، وتصغيره بتمامِه مُزَيْتيت ، وقال الله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)) [التين : ١].

قال ابن عبّاس : هو تِينُكمْ هذا ، وزَيْتونكم هذا.

وقال الفرّاء : ويقال : هما مَسجِدان بالشَّام : أحدُهما الّذي كلّم الله جلَّ وعزَّ عندَه موسى. وقيل : الزّيْتون : جبالُ الشّام، ويقال للشَّجرة نفسِها : زَيْتونة ، ولثمرها زَيتونَة ، والجميعُ الزّيْتون ، والدَّهْن الذي يُستخرَج منه زَيْتٌ.

أبو عبيد عن أبي زيد : زِتُ الطَّعامَ أَزِيتُه

١٦٢

زَيْتا ؛ فهو مَزِيت ومَزْيوت : إذا عَمِلْته بالزَّيت. ويقال للذي يَبِيعه ويَعْتصِره : زَيَّات.

تيز : أبو عبيدةَ عن الأمويّ : يقال للرّجل إذا كان فيه غِلَظٌ وشِدّة : تَيَّاز.

وقال القُطاميّ يصفُ بَكرَةً صَعْبَةً اقتَضَبَها :

إذا التّيّازُ ذو العَضَلاتِ قلنا

إليكَ إليكَ ضاقَ بها ذِراعَا

وقال الليث : التَّيَّازُ : الرجلُ الملززُ المَفاصِل الَّذي تَتَيَّزُ في مِشيته كأَنه يتقلّع من الأرض تقلُّعا ، وأنشَد :

* تَيّازَةٌ في مَشْيِها قُنَاخِرَهْ*

وقال الفرّاء : التَّيَّاز : القصيرُ.

وقال أبو الهيثم : رجل تَيَّازٌ كثير العَضَل وهو اللَّحم ، وتازَ يَتُوز تَوْزا ، ويَتيز تَيْزا : إذا غلُظَ. وأَنْشَد :

* تسَوَّى على عُشٍ فتَازَ خَصِيلُها*

قال : فمن جعل تازَ مِن يَتيز جعل التَّيّاز فَعَّالا ، ومن جعلَه من يَتُوز جَعَله فَيْعالا ، كالقيَّام والدَّيَّار ، مِن قامَ ودَارَ. وقوله : «تازَ خصيلها» ، أي : غَلُظ.

[توز] : ابن الأعرابي : التُّوْزُ : الأصْل.

والأتْوَزُ : الكريم الأَصْل هو التوز والتوس للأصل.

أهملت الزاي مع الظاء ، وأهملت مع الذال ومع الثاء

باب الزاي والراء

ز ر (وا يء)

زور ـ روز ـ وزر ـ زير ـ زري ـ زأر ـ أرز ـ أزر ـ [زرأ ـ رزأ : مستعملات].

زور ـ زأر : قال الليث : يقال : زارَني فلانٌ يَزورُني زَوْرا وزِيَارَةً. والزَّوْرُ : الَّذي يَزُورك ، رَجُل زَوْرٌ ، رِجَالٌ زَوْرٌ ، وامرأَةٌ زَوْرٌ ، ونِسَاءٌ زَوْرٌ. وأَصل زار إليه : مال ، ومنه تزاور عنه ، أي : مال عنه. وزَوِر يزوَر ، أي : مال. والزَّوْرُ : الصَّدرُ.

عمرو عن أبيه : الزَّوْرُ : العزيمة ، والزَّوْرُ : الصَّدْر.

أبو عبيد عن أبي زيد : ما له زَوْر ، أي : ما لَه رَأْيٌ.

الحرّاني عن ابن السكّيت : الزّوْرُ : أعْلَى الصَّدْر. قال : والزُّورُ : الباطلُ والكَذِب.

قال : وقال أبو عُبيدة : كلُّ ما عُبد من دون الله فهو زُور. وقال : ويقال : ما لَه زُورٌ ولا صَيُّور ـ بضم الزاي ـ ، أي : رأي يرجع إليه.

وأما أبو زَيد فإنّه قال : ما له زَوْرٌ بهذا المعنى ففتح الزَّاي ، وهما لُغَتان.

وفي حديث عمر أنّه قال : كنت زَوَّرْتُ في نفسي كلاما يومَ سَقيفة بني ساعدة.

قال شمر : التَّزويرُ : إصلاحُ الشيءِ.

١٦٣

وسمعتُ ابن الأعرابيّ يقول : كل إصلاح من خيرٍ أو شرّ فهو تَزْوِير. قال : ومنه شاهدُ الزُّور يُزَوِّر كلاما.

قال أبو بكر : في قولهم : قد زوَّر عليه كذا وكذا فيه أربعة أقوال : يكون التزوير فعلُ الكذب أو الباطل أو الزور الكذب ، وقال خالد بن كلثوم التزوير : التشبيه ، وقال أبو زيد : التزوير : التزويق والتحسين. وقال الأصمعي : تهيئة الكلام وتقديره.

وفي صَدْره زَوَرٌ ، أي : فَساد يَحتاج أن يُزَوَّر. قال : وقال الحجاج : رحم الله امرأً زوَّر نفسَه على نفسِه ، أي : اتّهمهَا عليها.

وتقول : أنا أُزَوِّرُك على نفسِك ، أي : أتَّهِمك عليها ، وأنشَد ابن الأعرابي :

* به زَوَرٌ لَم يَستَطِعْه المزَوِّرُ*

وناقَة زِوَرّة أسفار ، أي : مُهَيَّأة للأسفار ، مُعَدة.

ويقال : فيها ازورَار من نَشاطِها.

وكلُّ شيء كان صَلاحا لشيء وعِصمةً له ، فهو زِوَارٌ له وزِيَارٌ له ، وقال ابن الرِّقاع :

كانُوا زِوارا لأهلِ الشام قد عَلِموا

لَمّا رأوْا فِيهمُ جَوْرا وطُغْيانا

وقال ابن الأعرابيّ : زِوارٌ وزِيار ، أي : عصمة كزيار الدّابة.

وقال الأصمعي في الزوار هو الشكال ، وهو حبل يكون بين الحقبِ والتصدير.

وقال أبو عمرو : وهو الحَبْل الذي يُجْعل بين الحَقَبِ والتصدير كي لا يَدْنو الحَقَبُ من الثِّيل ، وقال الفرزدق :

بأرْحُلِنا يَحِدْنَ وقد جَعَلْنا

لكل نَجيبةٍ منها زِيَارا

وقال القتال :

ونحنُ أناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ

صَلِيبٌ وفينا قَسوةٌ لا تُزَوَّرُ

وقال أبو عدنان : أي : لا تغمز لقسوَتها ولا تُستضعَف.

قال : وقولُهم : زَوَّرْتُ شَهادة فلانٍ راجعٌ إلى هذا التفسير ، لأنّ معناه : أنه استضعِف فغُمِز وغُمزت شهادَتهُ فأُسقِطتْ.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : التزْوِيرُ : إصلاح الكلام وتهيئَتُه.

وقال أبو زيد : زَوِّرُوا فلانا ، أي : اذبَحوا له وأَكْرِموه.

وقال الليث : الْمزَوّرُ من الإبل : الذي إذا سَلَّه المُزَمِّر من بطن أمه اعوَجَ صَدرُه فيغمزه ليُقيمَه ، فيبقى فيه مِن غَمزه أثرٌ يعلم أنّه مُزَوَّر. والإنسان يزوِّر كلاما ، وهو أن يقوِّمه ويُتقِنَه قبل أن يتكلم به.

قال : والزُّورُ : شهادةُ الباطلِ وقولُ الكَذِب ، ولم يشتق منه تَزْوير الكلام ، ولكنه اشتقّ من تَزْوير الصَّدر.

قال : والزِّيارُ : سِنافٌ يُشَدّ به الرَّحْل إلى صَدْر البعير بمنزلة اللَّبَب للدّابة ، ويسمَّى

١٦٤

هذا الذي يَشُدّ به البَيْطارُ جَحْفلة الدابة : زِيارا ، ونحو ذلك.

قال ابن شُميل عن أبي عبيد : الزُّورُ والزُّونُ كلُّ شيء يتّخذ رَبّا يُعبَد.

قال الأغلب :

* جاءوا بزُورَيْهِمْ وجِئْنا بالأصَم*

قال : وكانوا جاءُوا ببَعيرَين فعَقَلوهما وقالوا : لا نَفرّ حتى يَفرَّ هذان.

وقال شمر : الزُّورَانِ رئيسان ؛ وأَنشَد :

إذا قُرِن الزُّورَانِ زُورٌ رازِحٌ

زارٌ وزُورٌ نِقْيهُ طُلافِحُ

قال : الطُّلافحُ : المَهْزول.

وقال بعضهم : الزُّورُ : صَخْرة ، ويقال : هذا زُويْر القومِ ، أي : رئيسُهم.

وقال ابن الأعرابيّ : الزُّوَيْرُ : صاحب أمرِ القوم.

وقال :

بأيدي رجال لا هوادة بينهم

يسوقون للمزن الزُّوَيْر البَلَنْدَدَى

ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده للمرار :

ألا ليتني لم أدر ما أخْت بارق

ويا ليتها كانت زُوَيرا أنازله

فأدرك ثأري أو يقال أصابه

جميع السلاح عنبس الوجه باسله

قال : الزّوير : الأسد.

وقال أبو سعيد : الزون : الصَّنَم وهو بالفارسيّة زوْن ، بشمّ الزاي والسّين.

قال حميد :

* ذات المَجُوسِ عَكَفْت للزُّونِ*

قال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ) [الكهف : ١٧] ، قرأ بعضهم :

(تَتَزاوَرُ) ، يريد تتزاور ، وقرأ بعضهم : (تَزْوَرُّ) و (تزْوَارُّ) ، قال : وازْوِرارُها في هذا الموضوع أنها كانت تطلُع على كهفِهم ذات الشمال فلا تصيبهم.

وقال الأخفش : (تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ) ، أي : تَميل ، وأنشد :

ودُون لَيْلَى بَلدٌ سَمَهْدَرُ

جَدْبُ المُنَدَّى عن هوانا أَزْوَرُ

يُنْضِي المطَايا خِمْصه العَشَنْزَرُ

وقال الليث : الزَّوَرُ : مَيَلٌ في وَسَط الصدر.

والكلبُ الأزوَرُ : الذي استدقّ جَوْشَنُ زوْرِهِ وخرج كَلْكَلُه كأنه قد عُصِر جانباه ، وهو في غَيْر الكلاب مَيَلٌ لا يكون معتدلَ التربيع نحو الكِرْكِرة واللِّبْدة.

أبو عبيد : الزّأرَةُ : الأجمة.

قال الليث : الزّأْرَةُ : الأجمة ذاتُ الحَلْفاءِ والقصب.

وعين الزّأرَة بالبحرين معروفة ، والزارة قريةٌ كبيرةٌ بها ، وكان مَرْزُبانُ الزّارة منها ، وله حديث معروف.

ومدينةُ الزَّوْراء ببغدادَ في الجانب الشرقي ، سميتْ زوْراءَ لازوِرارٍ في

١٦٥

قِبْلَتِها.

والزوراء : القَوْس المعْطوفة.

والزوراء : دارٌ بناها النعمانُ بالحِيرَة ، وفيها يقول النابغة :

* بزَوْراء في أَكنافها المسْكُ كارعُ*

ويقال : إن أبا جعفر هدم الزوراء بالحِيرَة في أيامه.

وقال أبو عمرو : زوراءُ ههنا مَكُّوكٌ من فضة فيه طول مثل التَّلْتَلَة.

وقال أبو عُبيد : الزِّوَرُّ : السَّيْر الشديد ، وقال القُطاميّ :

يا ناقُ خُبِّي زِوَرَّا

وقَلّبي منْسِمِك المُغْبَرّا

وناقة زوْرةٌ : قوية غليظة.

وفلاةٌ : بعيدةٌ فيها ازوِرار.

وقال أبو زيد : زوَّر الطائرُ تزْويرا : إذا ارتفعتْ حَوْصَلَتُهُ.

ابن نجدة عن أبي زيد : يقال للحوْصلة الزّارةُ والزاوُورة والزّاورةُ.

قال : والتزوِيرُ : أن يُكرم المزُورُ زائرَه ويعرف له حقَّ زيارته.

وقد زوّرَ القومُ صاحبهم تزْويرا : إذا أَحْسنوا إليه.

وقال أبو عبيدة في قولهم : ليس له زور ، أي : ليس له قوّة ولا رأي.

وحَبْل له زوْر ، أي : قوة ، قال : وهذا وفاقٌ وقع بين العربية والفارسية.

قلت : وقرأت .... وفي كتاب الليث في هذا الباب : يقال للرجل إذا كان غليظا إلى القِصَر ما هو : إنه لَزُوَّار وزوَارِية. وهذا تصحيف مُنكَر والصواب : إنه لَزُوازٌ وزُوَازية بزاءين ، قال ذلك ابن الأعرابي وأبو عمرو وغيرُهما.

وسمعتُ العرب تقول للبعير المائل السَّنام ، هذا بعيرٌ أزْوَر. وقال أبو عمرو في قول صَخْر الغَيّ :

وماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرةٍ

كمَشيِ السَّبَنتَى يراح الشفِيفا

قال : على زَورَةٍ : ناقة شديدة.

ويروى زورة ـ بالضم ـ ، أي : على بعد.

وهي اسم من الزوراء ، أي : البعيدة ، فلاة زوراء ، أي : وردت على انحراف مني.

ويقال : على ناقة فيها ازوِرار وحَدْر.

وقيل : إنه أراد على فلاةٍ غير قاصدة.

وزر : قال أبو إسحاقَ في قول الله جل وعز : (كَلَّا لا وَزَرَ (١١)) [القيامة : ١١] ، الوَزرُ في كلام العرب : الجبَلُ الذي يُلتجأ إليه ، هذا أصلُه ، وكلُّ ما التجأتَ إليه وتحصّنْتَ به فهو وَزرٌ.

وقال في قول الله جل وعز : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩)) [طه : ٢٩] ، قال : الوزير في اللغة اشتقاقهُ من الوزر ، والوزر : الجَبل الذي يُعتَصم به ليُنجي من الهلكة ، وكذلك وزيرُ الخليفة معناه الذي يَعتمِد على رأيه في أمورِه ، ويلتَجىء إليه.

وقوله : (كَلَّا لا وَزَرَ (١١)) [القيامة : ١١] ، معناه : لا شيءَ يُعتَصم به من أمرِ الله.

١٦٦

وقال غيرُه : قيل لوَزِير السلطان وزيرُ ، لأنّه يَزِر عن السّلطان أَعْباءَ تدبير المملكة ، أي : يَحْمل ذلك.

وقد وَزَرْتُ الشيءَ أَزِره وَزْرا ، أي : حملتَه.

ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤] ، أي : لا تَحمِل نفسٌ آثِمةٌ وِزْرَ نفسٍ أخرى ، ولكن كلّ يُجزَى بما كَسَب ؛ والآثامُ تسمَّى أوزارا ، لأنّها أحمالٌ مثقلِة ، واحدُها وِزْر.

وقال اللّيث : رجلٌ مَوْزورٌ غير مأجور ، وقد وُزِر يُوزَرُ.

وقال : مأزور غير مأجور ؛ لمّا قابَلوا المَوْزور بالمأجور قلَبوا الواوَ همزةً ليأتلفَ اللّفظان ويزدَوِجَا.

وقال غيرُه : كأنّ مأزَور في الأصل مَوْزُورا ، فبنَوْه على لفظ مَأْجور.

وفي الحديث : «ارْجِعْن مَأْزُورات غيرَ مأجورات».

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) [محمد : ٤].

قال : يريدُ آثامَها وشِرْكَها حتى لا يبقَى إلّا مُسلِم أو مُسَالم.

قال : والهاء في أَوْزارَها للحرب ، وأتت بمعنى أوزار أهلها.

وقال غيرُه : الأوْزارُ ههنا السّلاح وآلةُ الحَرْب. وقال الأعشى :

وأعدَدْت للحَرْبِ أوزارَها

رِماحا طِوَالا وخَيْلا ذكورا

قاله أبو عبيد.

زير : قال ابن السكّيت وغيرُه : الزِّيرُ : الكَتّان. ويقال : فلان زِيرُ نِساء : إذا كان يحِب زِيارَتهُن ومحادَثتَهن.

وقال رؤبة :

* قُلتُ لِزيرٍ لم تَصِلْه مَرْيمُهْ*

وقال أبو عبيد : قال الكسائي : جمعُ الزِّير زِيرَة وأَزْيار.

قال : وامرأةٌ زِيرٌ أيضا ، ولَم أسمَعْه لغيره.

وقول الأعشى :

ترى الزير تبكي لها شجوهُ

مخافة أن سوف يدعى لها

«لها» للخمر. يقول : زير العود تبكي مخافة أن يطرب القوم إذا شربوا ، فيعملوا الزير لها للخمر ، وبها للخمر.

وأنشد يونس :

تقول الحارثية أم عمرو

أهذا زيره أبدا وزيري

قال : معناه : فهذا دأبه أبدا ودأبي.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ : الزِّيرُ من الرِّجال : الغَضْبانُ المُقاطِع لصاحِبِه.

قال : والزِّيرُ : الزِّرُّ. قال : ومِن العَرَب من يَقْلِب أحدَ الحرفين المدغَمين ياء ، فيقول في مز ميز ، وفي زِرّ : زِيرِ ، وهو الدُجَهْ ،

١٦٧

وفي رز رِيزٌ ، وأصلُ الزِّير الغَضْبان بالهَمْز ، من زأَر الأَسَدَ يزْأَرُ.

ويقال للعَدُوِّ : زائر ، وهم الزائرون. وقال عنترة :

حَلَّتْ بأَرْضِ الزائِرين فأصبَحَتْ

عَسِرا عَلَيّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ

قال بعضهم : أراد أنّها حلّت بأرض الأعداء. والفَحْل أيضا يَزْئرُ في هَدِيره زَأْرا : إذا أَوْعد.

قال رؤبة :

* يَجمَعْنَ زَأْرا وهَدِيرا مَحْضا*

وقال ابن الأعرابي : الزّائر : الغَضْبان بالهمز. والزاير : الحَبيب.

وبيتُ عنترةَ يُرْوَى بالوجهين ؛ فمَن هَمَز أراد الأعداءَ ، ومن لَم يَهمِز أرادَ الأحْباب.

روز : قال اللّيث : الرَّوْزُ : التّجربة ؛ يقال : رُزْ فلانا ، ورُزْ ما عنده.

قال أبو بكر : معنى قولهم : قد رُزت ما عند فلان ، أي : طلبته وأردته.

وقال أبو النجم يصف البقر وطلبها الكنس من الحر :

إذ رازت الكُنْس إلى قعورها

واتقت الملافح من حَرورها

يعني : طلبت الظل في قعور الكنس.

قال : والرّازُ : رأسُ البنائين ، والجميع الرّازَة ، وحِرْفَته الرِّيازة.

قلتُ : أَرَى الليثَ جَعَل الرّازَ وهو البَنّاء مِن رازَ يَرُوز : إذا امتحن عَمَله فحَذَقه وعاوَدَ فيه.

وفي الحديث : كان رَازَ سفينة نوح جبريلُ ، والعاملُ نوح.

وقال أبو عُبَيدة : يقال : رازَ الرَّجلُ صَنْعته : إذا قام عليها وأَصلَحها ؛ وقال في قول الأعشى :

فعادَ لَهُنّ ورَازَا لَهُنّ

واشتَرَكا عَمَلا وائتِمارا

يريد : قاما لهنّ.

سلمة عن الفرّاء قال : المَرازَانِ : الثَّدْيان ، وهما النَّجْدان ؛ وأَنشَد ابن الأعرابيّ :

* فرَوِّزَا الأمرَ الذي تَرُوزَان *

وقال ذو الرمة :

وليل كأثناء الرّوَيْزِيّ جبتُه

بأَربعة والشخص في العين واحد

إحم علا فيّ وأبيض صارمٌ

وأعيس مهريّ وأَشعب ماجد

أراد بالرويْزِي : كساء نسج بالبري.

زرى : قال أبو زيد : زَرَيْتُ عليه مَزْرِيةٌ وزَرَيانا : إذا عبْتَ عليه.

وقال ابن السكّيت : زَرَّيْت عليه : إذا عِبته ، وأنشدَ :

يا أيّها الزّارِي على عُمرٍ

قد قلتَ فيه غيرَ ما تَعلَمْ

قال : وأَزرَيْت به ـ بالألف ـ إزْراءً : إذا

١٦٨

قَصَّرْتَ به.

وقال اللّيث : زَرَى عليه عمَله : إذا عَاب وعَنّفَه. قال : وإذا أَدخَل على أخيه عَيْبا فقد أَزرَى به وهو مُزْرى به.

وأما أرْزَيْتُ به ـ الراء قبل الرازي ـ فإن أبا عُبَيد روى عن الأمويّ : أَرْزَيْتُ إليه ، أي : استَنَدْت.

وقال شمر : إنه ليُرْزِي إلى قوّةٍ ، أي : يَلجأُ إليها ؛ وأَنشَد قولَ رؤبة :

* يُرْزِي إلى أَيْدٍ شَديد إيَاد*

وقال الليث : أَرْزَا فلانٌ إلى كذا ، أي : صار إليه ، والصحيح تركُ الهمز.

وزر : قال ابن بُزرج : يقول الرجل مِنا لصاحبه في الشَّرِكة بينهما : إنّك لا تَوَزَّرُ حُظوظَةَ القوم. وقد أَوْزَر الشيءَ : ذهبَ به واغتَبَاه ، ويقال : قد استَوْزَره. قال : وأما الاتِّزار فهو من الوِزْر ؛ يقال : اتّزَرْتُ وما اتَّجَرْت ، ووَزَرتُ أيضا.

أزر : قال : ويقال : وازرني فلان على الأمر وآزرني ، والألف أفصح. وقال : أَوْزَرتُ الرجل فهو مُوزَرٌ جَعلتُ له وَزَرا يأوِي إليه. وأَوْزَرْت الرجلَ من الوِزْر ، وآزرتُ من المُوَازَرة ، وفَعَلْتُ منها أَزَرْتُ أَزْرا ، وتأَزَّرْتُ.

سلمة عن الفرّاء : أَزَرْت فلانا آزُرُه أَزْرا : قوّيته ، وآزَرْتهُ : عاوَنْته.

وقرأ ابن عامر وحدَه : (فأَزَرَه فاستغلظ) [الفتح : ٢٩] ، على فِعلِه ، وقرأ سائرُ القُرُّاء : فَآزَرَهُ.

وقال الزّجّاج : آزرتُ الرجلَ على فلانٍ : إذا أعنْتَه عليه وقوّيْتَه.

قال : وقولُه : (فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ) ، أي : فآزَرَ الصغارُ الكبارَ حتّى استوَى بعضُه مع بعض.

قال الأصمعيّ في قول الشاعر :

بمحنِيةٍ قد آزَرَ الضّالَ نَبْتُها

مَجَرّ جُيوشٍ غانِمين وخُيَّبِ

أي : ساوى نَبْتُها الضال ، وهو السدر البَرّيّ ، أراد فآزره الله جلّ وعزّ فساوى الفِراخ الطِّوالَ ، فاستوى طولها.

ثعلب عن ابن الأعرابي في قول الله جل وعز : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)) [طه : ٣١].

قال : الأزرُ : القوة. والأزرُ : الظَّهْر.

والأزرُ : الضَّعْف.

قال : والإزرُ : الأصلُ بكسْر الهمزة ، قال : فمن جعل الأزرَ القوة قال في قوله : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)) [طه : ٣١] ، أي : اشدُد به قوتي ، ومن جعله الظهر ، قال : شُدَّ به ظهري ، أي : قوِّ به ظهري ، ومن جعله الضَّعف قال : شُدَّ به ضعْفي وقوِّ به ضعفي.

ويقال للإزار : مِئزر ؛ وقد ائتَزَر فلانٌ إزْرَةً حسنة ، وتأزر : لبس الإزار ، وجائزٌ أن تقول : اتّزَرَ بالمئْزَر أيضا ، فيمن يدغم الهمزةَ في التاء ، كما يقال اتَّمنْتُه ، والأصل ائتَمَنْته.

١٦٩

قال أبو عبيد : يقال فلانٌ عفيفُ المئْزَر ، وعفيفُ الإزار إذا وُصف بالعِفّة عما يحرُم عليه من النساء. ويُكنى بالإزار عن النفس ، كقوله :

* فِدى لك من أخي ثِقَةٍ إزاري *

وجمعُ الإزار : أُزر. أبو عبيدة : فرسٌ آزَرُ : وهو الأبيضُ الفخذين ، ولونُ مقادِيمه أسوَد ، أو أيُّ لون كان. وأَزَّرْتُ فلانا : إذا أَلْبستَه إزارا فتأَزَّر به تأزّرا.

وقال أبو إسحاق في قول الله جل وعز : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) [الأنعام : ٧٤] ، يُقرأ بالنصب : آزَرَ ، ويقرأ بالضم : (آزَرُ) ، فمن نصب فموضع آزَرَ خفضٌ بدلا من «أبيه» ، ومن قرأ : (آزَرُ) بالضم فهو على النِّداء.

قال : وليس بين النّسّابين اختلافٌ أن اسم أبيه كان تارَخَ.

قال : والذي في القرآن يدلّ على أن اسمه آزَرَ. وقيل : آزر عندهم ذَمٌ في لغتهم ، كأنه قال : وإذ قال إبرهيم لأبيه الخاطىء.

ورَوَى سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : (آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً) [الأنعام : ٧٤].

قال : لم يكن بأبيه ، ولكنّ آزرَ اسمُ صَنَم فموضعُه نصب كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه : أتتَّخذ آزرَ إلها ، أي : أتتخذ أصناما آلِهة.

رزأ : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : رزَأَ فلانٌ فلانا : إذا قَبل بِرّه. وأصله الهمز فخفّفه.

وقال أبو زيد : يقال : قد رَزَأْتُ الرجلَ أَرْزأُه رُزْءا ومَرْزِئَةً : إذا أصبتَ منه خيرا مَا كان.

وقال أبو مالك : يقال : رُزِئْته : إذا أخذ مِنْك ، ولا يقال : رُزِيْتُه ، وقال الفرزدق :

رُزِئْنَا غالبا وأباهُ كانَا

سِمَاكَيْ كلِّ مُهتلِكٍ فقير

وقال الليث : يقال : ما رَزأَ فلانٌ فلانا شيئا ، أي : ما أصاب من ماله شيئا ، ولا انتقَصَ منه.

قال : والرُّزْء : المصيبةُ ، والاسم الرَّزِيئة والمرْزئة. وفلانٌ قليلُ الرَّزْء للطعام ، وقد أصابَه رُزْءٌ عظيم ، وجمعُه أَرْزاء.

ورجُل مُرَزَّأٌ : وهو الذي يُصيب الناس من مالِه. وقومٌ مُرَزءُون : وهُم الذين تصيبهم رَزايَا في خِيَارهم.

أرز : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «إنَّ الإسلام ليأْرِز إلى المدينة كما تأْرزُ الحيّة إلى جُحْرها».

وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : قوله عليه‌السلام «يأْرزُ» ، أي : ينضمّ إليه ويجتمع بعضه إلى بعض فيها ، قال رُؤبة :

* فذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأرْزِ*

يعني أنه لا ينبسط للمعروف ، ولكنه ينضمّ بعضُه إلى بعض.

١٧٠

وقال الأصمعيّ : أخبرني عيسى بنُ عمر عن أبي الأسود الدؤليّ أن فلانا إذا سُئِل أَرز ، وإذا دُعيَ اهتزّ.

يقول : إذا سُئل المعروفَ تضَامّ ، وإذ دُعِي إلى طعامٍ أسرَع إليه.

وقال زهيرٌ يصف ناقة :

بآرزة الفَقارة لَم يَخنهَا

قِطَافٌ في الرِّكاب ولا خِلَاءُ

وقال : الآرِزة : الشديدة المجتمع بعضها إلى بعض.

قلت : أراد أنّهَا مُدْمَجة الفَقار متداخِلَته ، وذلك أشدّ لظهرها.

وفي حديثٍ آخر : أن النبي عليه‌السلام قال : «مثل الكافر كمثل الأرْزة المجدِبة على الأرض حتى يكون انجعافها مرّة واحدةٌ».

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : وهي الأَرَزة ـ بفتح الراء ـ من الشجر الأرْزنِ ، ونحو ذلك قال أبو عبيدة.

قال أبو سعيد : والقول عندي غيرُ ما قالا ، إنما هو الأرْزَة ـ بسكون الراء ـ وهي شجرةٌ معروفةٌ بالشام تسمى عندنا الصَّنَوْبَرَ ، من أجْلِ ثمره.

وقد رأيتُ هذا الشجر يسمَّى الأرْز واحدتُهَا أَرْزة ، وتسمى بالعراق الصَّنَوْبر ، وإنما الصَّنَوْبر ثمرُ الأرْز فسمِّي الشجرُ صنوبرا من أجل ثمره.

أراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن الكافر غير مُرَزَّءٍ في نفسه ومالِه وأهلِه وولدِه حتى يموت ، فشبّه موته بانجعاف هذه الشجرة من أصلِها حتى يلقى الله بذنوبه حامّة.

وقال أبو سعيد : الأرْز أيضا : أن تتدخل الحيةُ جُحرها على ذَنبها ؛ فآخر ما يبقى منها رأسها فيدخل بعدُ.

قال : وكذلك الإسلام خرج من المدينة فهو ينْكص إليها حتى يكون آخره نكوصا كما كان أوله خروجا. وإنما تأرِز الحية على هذه الصفة ، إذا كانت خائفة ، وإذا كانت آمنة فتبدأ بِرَأسها فتدخله ، وهذا هو الانمحار.

أبو عبيد عن أبي زيد : الليلةُ الآرِزة : الباردة ، وقد أَرَزتْ تأرزُ.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه سُئل أعرابيٌّ عن ثوبين له فقال : إذا وجدتُ الأرِيزَ لبسْتُهما.

قال ابن الأعرابيّ : يومٌ أَرِيزٌ : إذا اشتدّ بَرْدُه.

قال : والأرِيزُ والحَلْيت شبهُ الثلج يقع بالأرض.

وفي «نوادر الأعراب» يقال : رأيتُ أَرِيزته وأَرَائِزَه تَرْعُد. وأَريزة الرجل : نفسُه.

وأَريزة القومِ : عميدُهم.

وقال ابن الأعرابيّ : رَازَ فلانٌ فلانا إذا عايَبَه ، ورازهُ إذا اختبَره ورَازَاه إذا قَبِل بِرّه.

قلتُ : قوله : رَازاه : إذا اختَبَره مقلوبٌ ،

١٧١

أصلُه راوَزَه ، فأَخّر الواوَ وجعَلَها ألفا ساكنة والنسبة إلى الرَّيّ رَازِي ، ومنه قول ذو الرمّة :

* ولَيْلٍ كأَثناءِ الرُّوَيْزِيِّ جُبْتُه*

أراد بالرُّوَيْزِيّ ثوبا أخضرَ من ثيابهم ، شَبّهَ سوادَ اللّيل به.

[باب الزاي واللام]

ز ل (وا يء)

[لوز ـ لزأ ـ ألز ـ زول : [مستعملة].

لوز : اللَّوزُ : معروف من الثّمار ، اسمُ للجِنس ، الواحدة لَوْزَة ، ورجل مُلوَّز : إذا كان لطيفَ الصّورة.

واللَّوْزِينَجُ من الحَلْواءِ أشبه بالقطايف تُؤدَم بدُهن اللَّوْز.

وقال أبو عمرو : القُمْرُوص : اللَّوْز.

قال : والجِلَّوْزُ : البُنْدُق.

لزأ : أبو عبيد عن الأصمعي : لزَأْتُ الإبلَ : إذا أحسَنْتَ رِعْيتها. ولَزَأْتُ الرجلَ : إذا أعطيتَه.

قال : وتلزّأتْ رِيّا : إذا امتلأت رِيّا ، وكذلك توزّأَتْ رِيّا. ولزأْتُ القِربة : إذا ملأتَها.

ألز : أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ : الألْز : اللُّزوم للشيء ، وقد أَلَزته يألِزُ أَلْزا.

زول : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الزَّوْل : الغلامُ الظّريف. والزَّوْل : الصَّقْر.

والزَّوْل : فَرْجُ الرجل. والزَّوْل : العُجْب.

والزَّوْلُ : الشّجاع. والزَّوْل : الجَواد.

والزَّوْلة : المرأة البَرْزَة. والزَّوْل : الزَّوَلان.

أبو عبيد : الزَّوْل من الرجال الخفيفُ الظريفُ ، وجمعُه أزْوال ، والمرأة زَوْلة ، قال : والزَّوْل : العُجْب ، وأَنشَد للكميت :

* زَوْلا لديها هو الأزْوَلُ *

والمُزاوَلة : معالجةُ الرّجل الشيءَ ومحاوَلتُه ، يقال : فلانٌ يُزاوِل حاجةً له.

قلتُ : وهذا كلُّه من زَالَ يَزول زَوْلا وزَوَلانا.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الزّوْل : الحركة ، يقال : رأيتُ شَبَحا ، ثم زال ، أي : تحَرَّك.

قال : وزالَ يَزُول زَوْلا : إذا تَظَرَّف.

وقال الليثُ : الزّوال : زَوالُ الشّمس ، وزوال المُلْك ونحو ذلك مما يَزُول عن حاله ؛ وقد زالت الشمسُ زَوالا. وزَال القومُ عن مكانِهم : إذا حاصُوا عنه وتَنَحَّوا.

وقال الأصمعيّ : زُلْت من مكاني أَزُول زَوَالا ، وأَزَلْتُه عن مكانه إزالةً. وزاوَلْتُه مُزَاوَلةً : إذا عالجَته.

وقال أبو الهيثم : يقال : استَحِلّ هذا الشخصَ واستزِلَّه ، أي : انظرْ هل يَحُول ، أي : يتحرّك أو يَزُول ، أي : يفارق موضعه. ويقال : أخَذَه العَوِيل والزّوِيل

١٧٢

لأمرٍ ما ، أي : أخذَه البُكاءُ والقَلَق والحَرَكة.

وفي الحديث أنّ رجلا من المشركين رَمَى رجلا من المسلمين كان يُرايغ العدوّ في قُلَّة جَبل ، فرماه رجلٌ من المشركين بسهمَين ، ولم يتحرّك.

فقال الرامي : قد خالَطَه سهمايَ ، ولو كان زايلهُ لتحرّك ولم يتحرّك المسلم لئلّا يَشعُر به المشركون فيُجهِزوا عليه.

والزائلةُ : كلُّ ذي رُوح من الحيوان يَزُول عن موضعه ولا يقَرّ في مكانه ، يقع على الإنسان وغيرِه وقال الشاعر :

وكنتُ امرأً أَرمِي الزَّوائل مَرّةً

فأصبحتُ قد ودّعْت رَمْيَ الزَّوائلِ

وعَطَّلْتُ قوسَ الجهلِ عن شَرَعاتِها

وعادَتْ سِهامي بينَ رَثٍّ وناصِلِ

وهذا رجلٌ كان يَختِل النساءَ في شبيبَته بحُسْنه ، فلمّا شاب وأسَنَّ لَمْ تَصْبُ إليه امرأة.

ويقال : فلان يَرمِي الزَّوائل : إذا كان طَبّا بإصْباء النّساء إليه.

ويقال للرجل إذا فَزع ، من شيء وحَذِر : زِيلَ زَوِيلهُ.

وفي «النوادر» : يقال : زيل زويله ، أي : بلغ مكنون نفسه.

وقال اللحياني يقال : لما رآني زيل زويله وزواله من الذعر والفَرَق ؛ أي : جانبه.

وأنشد قول ذي الرمة :

* إذا ما رأتنا زيل منا زويلها*

ويقال : فلان لا يستطيع من منزلة زويلا ولا حويلا ، أي : تحويلا. قال الراعي :

* لا يستطيع عَنِ الديار حويلا*

ويروى : زويلا.

ويقال : زال الشيء : إذا ترك عن مكانه ولم يبرحه ؛ ومنه قيل : ليلٌ زائل النجوم ، إذا وصف بالطول ؛ أي : تلوح نجومه ولا تغيب. وقال الشاعر :

ولي منك أيام إذا شحط النوى

طوال وليلاة نزول نجومها

أي : تلمع ولا تغيب. وقول الشاعر :

* ولا مال إلا زائل وشريم*

أراد بالزائل : الوحش. والشريم : القوس يصيد بها.

ويقال فلان عوْز لوز ؛ اتباع له.

ويقال : ما زالَ يَفعل كذا وكذا ، ولا يزال يَفعَل كذا ، كقولك : ما بَرح وما فَتِىء وما انفَكّ ، ومضارِعُه لا يَزال ، ولا يُتكلّم به إلا بحرفِ نفيٍ.

قال ابن كيسان : ليس يراد بما زال ولا يزال الفعل من زال يزول إذا انصرف من حال إلى حال ، وزَال من مكانه ، ولكن يراد بهما ملازمة الشيء والحالُ الدائمة.

وأما زالَ يَزيل فإن سلمة روى عن الفرّاء أنه قال في قوله تعالى : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) [يونس : ٢٨] قال : ليست من زُلْتُ ، وإنما هي من زِلْتُ الشيءَ فأنا أَزِيله : إذا فَرّقْتَ

١٧٣

ذا مِن ذا.

وأبنت ذا من ذا ، كقولك : مِزْ ذا من ذا.

وقرأ بعضُهم : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) [يونس : ٢٨] ، أي : فرّقنا ، وهو مِن زالَ يَزُول ، وأَزلْتُه أنا.

قلت : وهذا غلط منه ، ولم يُميز بين زَالَ يَزُول وزالَ يَزِيل ، كما مَيّز بينهما الفرّاء.

وكان القُتَيبيّ ذا بَيان عَذْب ، إلّا أنه منحوسُ الحظّ من النّحو والصّرف ومقايِسهما ؛ وأما قولُ ذي الرّمة :

وَبَيْضَاءَ لا تَنْحاشُ مِنّا وأُمُّها

إذا ما رأتْنا زِيلَ مِنّا زَوِيلُها

فإنه أراد بالبيضاء بيضةَ النعامة : «لا تَنحاشُ منّا» ، أي : لا تَنفِر منّا ، لأنّ البيضة لا حَراكَ لها ، وأمُّ البيضةِ : النّعامةُ الّتي باضَتْها إذا رأَتْنا ذُعِرَتْ منّا وجَفَلَتْ نافرةً ، وذلك معنى قوله :

* زِيلَ منّا زَوِيلُها*

وأما قول الأعشى :

هذا النهارُ بدَا لَها من هَمِّها

ما بالُها باللّيل زالَ زَوالَها

قال أبو عبيد : قال أبو عُبيدة : قال أبو عَمْرو بنُ العَلاء : إنما هو ما بالُها باللّيل زَالَ زَوالُها ، بالضم ؛ وتقول : هذا إقواء ، ورواه غيرُه بالنَّصْب على معنى زَالَ عنها طَيْفُها باللّيل كزَوالِها هي بالنّهار.

وقال أبو بكر : زال زوالها ؛ أزال الله زوالَها.

وقال أبو العبّاس أحمدُ بن يحيى في قوله : «زالَ زَوالَها» تقديرُه : زالَ خَيالُها ؛ أي : زال خيالها حين تَزُولُ فَنَصب زوالَها في قوله على الوقت. ومذهب المحلّ.

ويقال : ركوبي ركوبَ الأمير ، أي : وقت ركوب الأمير ، والمصادر المؤقتة تجري مجرى الأوقات. ويقال : ألقى عبد الله خروجَه من منزله ، أي : وقت خروجه من منزله.

قال ابن السكيت : يقال : أزال الله زوالَه ، وزالَ زَوالَه : إذا دعى عليه بالهلاك.

وحكى زيل زوالُه ويقال : زال الشيء من الشيء يَزيله زيلا : إذا مازه. وزِلته فلم يزل قلت : وهذا يحقق ما قاله أبو بكر في قوله : زال زوالها ، أنه بمعنى أزال الله زوالها. أبو عبيد عن أبي عبيدة : زلت الشيء وأزلته ، هكذا رواه في الأمثلة.

وروي عن عليّ كرم الله وجهَه أنه ذَكَر المهديَّ من وَلد الحُسَين فقال : وأنه يكون : أزْيَلَ الفَخِذين، أراد أنّه مُتزايِل الفخذين وهو الزَّيْل بمعنى التَّزَيُّل.

باب الزاي والنون

ز ن (وا يء)

زين ـ زون ـ زني ـ زنأ ـ وزن ـ نزا ـ نزأ ـ نوز : [مستعملة].

زين : الزَّيْن : نقيضُ الشَّين ، وسمعتُ صبيّا من بني عُقَيل يقول لصبيّ آخَر : وجهِي زَيْن ووجهُك شَيْن ، أراد أنه صَبيح

١٧٤

الوجه ، وأن الآخر قبيحُه ، والتقدير : وجهِي ذو زَيْن ، ووجهُك ذو شَيْن ، فنعتهما بالمَصْدَر ، كما يقال : رجلٌ صَوْم وعَدْل ، أي : ذو عَدْل.

وقال اللّيث : زانَه الحُسُن يَزِينه زينا.

وازدانت الأرضُ بنباتها ازدِيانا ، وازَّيّنَتْ وتَزَيّنَتْ ، أي : حَسُنت وبَهُجَتْ.

قال : والزِّينة اسمٌ جامعٌ لكلّ شيء يُتَزيَّن به.

[زون] : قال : والزُّون موضعٌ تُجمَع فيه الأصنام وتُنصَب ، وقال رؤبة :

* وَهْنانة كالزُّون يُجْلى صَنَمُهْ*

وقال غيره : كلُّ ما عُبِد من دون الله فهو زُون وزُور. نقلت عن محمد بن حبيب قالت أعرابية لابن الأعرابي : إنك تَزونُنا إذا طلعت كأنك هلال في قثمان. قال : تَزوننا وتَزينُنا واحد.

وقال الليث : رجلٌ زَوَن وامرأة زِونّةٌ إذا كانا قَصِيرين وقد قاله غيره.

وأخبَرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الزَّوَنْزى : الرجلُ ذو الأبّهة والكِبْر ؛ والزَّوَنَّكُ : المُخْتالُ في مِشْيَته ، النّاظرُ في عِطْفَيه ، يُرى أن عندَه خيرا وليس عنده ذاك.

قلتُ : وقد شدّده بعضُهم فقال : رجلٌ زَوَنّكٌ ، والأصْل فيه الزَّوَنُ فزيدت الكاف وترك التشديد.

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال : الزُّوَنَةُ : المرأةُ العاقلة ، والزِّوَنّة : المرأة القصيرة.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : في الطعام زُوَان وزُؤان وزِوان : وهو الزريُّ منه الّذي يُرمَى به.

وقال اللّيث : الزُّوَان : حَبُّ يكون في الحِنْطَة يسمِّيه أهلُ الشام الشَّيْلَم ، الواحدة زُوَانةٌ.

ورَوَى سلمة عن الفرّاء أنه قال : الأزناء : الشَّيْلَم.

قلت : ولا أدري لم جمعه أزناء.

وزن : قال الله جلّ وعزّ : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥].

قال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابيّ : العَرَب تقول : ما لِفلان عندنا وَزْن ، أي : قَدْرٌ لخِسّته.

وقال غيرُه : معناه : خِفّة موازِينهم من الحَسنات.

ويقال : وَزَن فلانٌ الدراهمَ وَزْنا بالمِيزان ، وإذا كالَ فقد وَزَنه أيضا.

ويقال : وزنَ الشيءَ إذا قَدَّره ، ووَزَن ثمرَ النّخل إذا خَرَصه.

وأخبَرَني ابن منيع عن عليّ بن الجعد عن شُعبَة عن عمرو بن مرّة عن أبي البَخْتَريّ قال : سألت ابنَ عبّاس عن السلَف في النَّخْل فقال : نَهَى رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع النَّخْل حتى يُؤكل منه وحتّى يُوزَن. قلتُ : وما يُوزَن؟ فقال رجلٌ عندَه : حتّى يَحْزَر.

١٧٥

قلتُ : جَعَل الحَزْرَ وَزْنا ، لأنّه خَرْصٌ وتقدير.

وقال الليث : الوَزْن ثَقْلُ شيءٍ بشيء مِثله ، كأوزان الدّراهم ، ومِثلُه الرَّزْن.

قلتُ : ورأيتُ العَرَب يسمُّون الأوزانَ الّتي يُوزَن بها التّمر وغيره الّتي سُوّيْت من الحجارة كالأمْناء وما أشبَهَها : الموازين ، واحدها ميزان ، وهو المَثاقيل واحدها مِثْقال ، ويقال للآلهة الّتي يُوزَن بها الأشياء : مِيزان أيضا ، وجمعُه الموازين.

وجائزٌ أن يقال للميزان الواحد بأوزانِه وجميعِ آلَتِهِ : المَوازين ؛ قال الله جلّ وعزّ : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [الأنبياء : ٤٧] ، يريد : نَضَع الميزانَ ذا القِسْطِ.

وقال جلّ وعزّ : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨)) [الأعراف : ٨].

أراد ، والله أعلم : فمن ثَقلتْ أعمالُه الَّتي هي حَسناتُه.

وقال الزجّاج : اختَلفت الناسُ في ذكر الميزان يومَ القيامة ، فجاء في بعض التّفسير أنّه ميزان له كِفّتان ، وأنّ الميزان أُنزِل في الدّنيا ليتَعامَل الناس بالعَدْل وتُؤزَنَ به الأعمال.

وقال بعضُهم : المِيزان : العدلُ ، وذهب إلى قولهم ، هذا في وزن هذا ، وإن لم يكن مما يوزن ، وتأويله أنه قد قام في النفس مساويا لغيره ؛ كما يقوم الوزن في مرآة العين. قال بعضهم : الميزان : الكتابُ الّذي فيه أعمالُ الخَلْق. هذا كلُّه في باب اللغة ، والاحتجاجُ سائغٌ ، إلّا أَن الأوْلى من هذا أن يُتَّبعَ ما جاء بالأسانيد الصِّحاح ، فإن جاء في الخَبَر أنّه مِيزانٌ له كِفَّتان من حيث يَنقُل أهلُ الثّقة ، فينبغي أن يُقبَل ذلك.

وقد رُوِي عن جُوَيْبِر عن الضَّحاك أنّ الميزان العَدْلُ، والله أعلم ، بحقيقةِ ذلك.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : امرأةٌ مَوْزُونة : قصيرةٌ عاقلةٌ. قال : والوَزْنة : المرأةُ القصيرة.

وقال الليث : جارية مَوْزونة : فيها قِصَر.

قال : والوَزِين : الحَنظَل المطحون ، وكانت العَرَب تتَّخذ طعاما من هِبِيد الحَنظَل يَبلُونه ، باللبن فيأكلونه ، يسمُّونه الوَزِين ؛ وأَنشَد :

إذا قَلَّ العُثَانُ وصارَ يوما

خَبيئةَ بيتِ ذي الشرفِ الوَزِين

أي : صار الوزين يوما خبيئة ببيت ذي الشرف.

ورجلٌ وَزِينُ الرأيِ ، وقد وَزُنَ وَزانةً : إذا كان متثبِّتا.

وقال أبو سَعيد : أَوْزَنَ فلانٌ نفسَه على الأمر وأَوْزَمَها : إِذا وطّن نفسَه عليه.

وقال أبو زيد : أكلَ فلانٌ وَزْمة ووَزْنَةً ، أي : وَجْبةً ؛ وقاله أبو عمرو.

ويقال : وَزَنْتُ فلانا شيئا ، وَوَزَنْتُ له شيئا

١٧٦

بمعنًى واحد ، قال الله : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) [المطففين : ٣] ، المعنى : إذا كالُوا لهم أو وَزَنوا لهم.

نزا : قال الليث : النَّزْوُ : الوَثَبان ، ومنه نَزْوَ التّيْس ولا يقال إلّا للشّاة والدّواب والبقر في معنى السِّفاد.

وقال الفرّاء : الإنزاء : حَرَكات التّيُوس عند السِّغاد ، رواه سلمة عنه.

أبو بكر : يقال للفحل : إنه لكبير النزاء ، أي : النزو. وقال : وحكى الكسائي : النِّزاء ـ بالكسر ـ قال : والهُذَاء من الهذيان بضم الهاء.

وقال الليث : النَّازِيةُ : حِدَّةُ الرجل المتَنَزِّي إلى الشرّ ، وهي النَّوازِي. ويقال : إن قلبَه ليَنْزُو إلى كذا ، أي : ينزع إليه.

قال : وقَصْعةٌ نازِية القَعْرِ ، أي : قَعيرة ، وإذا لم تُسَمِّ قعرَها قلتَ : هي نَزِيةٌ أي قَعيرة. والنزَاءُ : هو النزَوان في الوَثْب.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : وقَع في الغَنَم نُزاء ونُقازٌ وهما معا داءٌ يأخذها فتَنْزُو منه وتَنقُزُ حتّى تموت.

ويقال : نزا الطعامُ يَنْزُو : إذا غَلَا سِعْرُه.

وفي حديث أبي عامر الأشعريّ أنه كان في وقعة هَوَازَنَ رُمِيَ بَهْمٌ في رُكبتيه فنُزيَ منه فمات، معناهُ : أنَّه نزِف منه بِكثرةِ ما سالَ من دَمِه.

ويقال : نزِيَ ونزِف ، وأصابتهُ جراحةٌ فنُزِيَ منها ومات.

نزأ : أبو عبيد عن أبي عمرو : ونَزأْت عليه ، عَمَلت عليه.

وقال أبو زيد : نَزَأْتُ بين القوم أنْزَأ نَزْأً : إذا أفسَدْتَ بينهم ، وكذلك نَزَغتُ بينهم.

ابن بُزُرج قال : الواحد من النزآت نَزأة ، فعلة مفتوحة الفاء خفيفة ، وهي الحاجة تنزأ ؛ أي : تطرأ على صاحبها وهو عاقل ، وهو مهموز.

زني [زنأ] : يقال : زَنيَ الزّاني يَزنِي زِنا ، مقصورٌ ، وزِناءً ممدود.

وقال الفرّاء في «كتاب المصادر» : هو لغَيّةٍ ولِزَنْيَةٍ ، وهو لغَيْرِ رَشْدة ، كلُّه بالفتح.

قال : وقال الكسائيّ : ويجوزُ رَشْدة ورِشْدة بالكسر والفتح ، فأما غَيَّة فهو بالفتح لا غير. ومن أمثالهم : «لا حِصْنُها حِصْنٌ ولا الزِّنا زِنا».

قال أبو زيد : يضرب مثلا للذي يَكُفّ عن الخير ثم يُفرَّط فيه ، أو الّذي يَكُفّ عن الشر ثم يفرّط فيه ولا يَدوم على طريقةٍ واحدة.

وقال زيد بن كُثوة : الزِّنْءُ : الزُّنُوّ في الجَبَل.

وقال ابن السكّيت : يقال زَنَأ عليه : إذا ضَيَّقَ عليه ؛ مثقّلة مهموزة. والزَّنَاءُ : الضيِّق.

وأنشَدَني ابن الأعرابي :

لا هُمَّ إنَّ الحارِثَ بنَ جَبَلَةَ

زَنَّى على أَبِيه ثم قَتَلَهْ

١٧٧

* ورَكِبَ الشادِخةَ المُحَجَّلةَ*

قال : وكان أصلُه زَنَّأَ على أبيه بالهمز ، للضَّرورة. وقد زَنَّاه من التَّزْنِيَة ، أي : قَذَفه.

قال : ويقال : زَنَأَ في الجَبَل يَزْنَأُ زَنْأً : إذا صَعِد فيه.

وقالت امرأةٌ من العرب :

أشْبِه أبا أمِّكَ أو أشبهْ حَمَلْ وأرقَ إلى الخيرات زَنْأً في الجَبَلْ

أبو عُبيد عن أبي عمرو : الزَّناء ، ممدود : القَصِير ، وقال ابن مقبل :

وتولِجُ في الظِّل الزِّناء رُؤُوسَها

وتحسبها هِيما وهُنّ صَحائحُ

ورُوِي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه نَهَى أن يصلِّيَ الرجُل وهو زَنَاء.

قال أبو عُبيد : قال الكسائيّ : الزَّنَاءُ هو الحاقِن بَوْلَه ، يقال منه قد زَنَأَ بَوْلَه يَزْنَأُ زُنُوءا إذا احتَقَن. وأَزْنَأَ الرَّجُل بَوْلَه إزْنَاءً : إذا حَقَنَه.

قال أبو عُبيد : هو الزَّنَاء ممدود ، وأصلُه الضيّق ، وكلُّ شيء ضَيِّق فهو زَنَاء ، وقال الأخطلُ يذكر القَبر :

وإذا قذِفْتُ إلى زَنَاءٍ قَعْرُها

غَبراءَ مُظْلِمةٍ مِن الأَحْفارِ

وقال : وكأنّ الحاقِنَ سمِّي زَنَاءً لأنّ البولَ يَحتقِن فيُضيِّق عليه.

قال : وقال أبو عمرو : زَنَأْتُ إلى الشيء : دَنَوْت.

وقال الفرّاء : زَنَأَ فلانٌ للخمسين إذا دَنَا لها.

وقال أبو زيد : زَنَأَ إليه يَزْنَأ : إذا لَجَأَ إليه ، وأَزْنَأْتُه : ألجأتُه.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : زنأتُ إلى الشَّيء : دَنَوْت منه.

وقال ابن الأعرابيّ : يقال للسِّقَاء : الّذي ليس بضخمٍ أَدِيّ ، فإذا كان صغيرا فهو نَزِيء مهموز.

وقال : النَّزِيّةُ بغير همز : ما فاجَأَك من مَطَر أو سوقٍ أو أَمْرٍ ، وأنشد :

وفي العارِضِين المُصْعِدين نَزِيّةٌ

من الشَّوْقِ مَجْتُوبٌ به القَلبُ أَجْمَعُ

سلمة : قالت الدُّبَيْرِيّة : الزَّانُ : التُخمة ، وأنشدت :

مُصَحَّحٌ ليس يَشْكو الزَّانَ خَشْلَتُه

ولا يُخافُ على أمعائه العَرَبُ

ويقال : رمح يَزَنيّ وأَزَنيّ ، مَنسوبٌ إلى ذي يَزَن ، أحد ملوك الأَزواءِ من اليمن.

وبعضهم يَهمِزُ فيقول : رُمْح يَزْأَنِيّ وأَزْأَنِيّ ، ذكره ابن السكّيت.

نوز : شَمر عن القَعْنَبيّ عن حِزام بن هشام عن أبيه قال : رأيتُ عمرَ أتاه رجلٌ بالمصلَّى عامَ الرَّمادة من مُزينة فشكا إليه سوءَ الحال ، وإشراف عيالِه على الهلاك ، فأعطاه ثلاثة أنْبَابٍ جزائر ، وجعل عليهن

١٧٨

غَرائر فيهنّ رِزَمٌ من دقيق ، ثم قال له : سِرْ ، فإذا قدمْتَ فانحرْ نَاقةً فأطعمهم بوَدكِها ودقيقها ، ولا تُكثر إِطعامهم في أوَّل ما تُطعمهم ونَوِّزْ ثم لَبِثَ حينا ، فإذا هو بالشيخ المُزَنَّى فسأَله ، فقال : فعلتُ ما أَمرتني به ، وأتَى اللهُ بالحيَا ، فبعْتُ الناقتين ، واشتريتُ للعيال صُبّةً من الغنم ، فهي تروح عليهم.

قال شمر : قال القَعْنَبِيُّ : قوله : نَوِّزْ ، أي : قَللْ.

قال شمر : ولم أسمعْ هذه الكلمة إلَّا له.

باب الزاي والفاء

ز ف (وا يء)

زوف ـ وزف ـ زيف ـ زفي ـ فوز ـ أزف ـ وفز ـ أفز ـ [زأف].

زوف : قال الليث : الزَّوْف ، يقال : إن الغِلمان يتزاوَفون ، وهو أن يجيءَ أحدُهم إلى رُكن الدكان فيضع يده على حرفه ثم يزُوف زَوْفَةً فيستقلّ من موضعه ويدور حواليْ ذلك الدكّان في الهواء حتى يعودَ إلى مكانه ، وإنما يتعلمون بذلك الخفّة للفُروسية.

وقال ابن دريد : الزَّوفُ : زَوْفُ الحمامة : إذا نَشَرَتْ جناحيها وذنبها عَلَى الأرض.

وكذلك زَوْف الإنسان إذا مشى مسترخِيَ الأعضاء.

وزف [زيف] : قال : وَزَفْتُه وَزفا : إذا استعجَلْتَه.

وقال الليث : قرىء : (فأقبلوا إليه يَزِفُون) [الصافات : ٩٤] ، بتخفيف الفاء ، من وَزَفَ يَزِف : إذا أسرع ، مثل : زَفّ يَزِفُّ.

قال الفرّاء : لا أعرف وَزَف في كلام العرب ، وقد قرىء به.

وزعم الكسائيُّ أنه لا يعرفها.

وقال الزجاج : عرف غيرُ الفرّاء : (يَزفُون) بالتخفيف بمعنى يُسْرِعون ، وقال : هي صحيحة.

وروى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي يقال : وزَفَ وأَوْزَفَ ووَزَّفَ : إذا أَسرع.

وقال غيره : التّوازُف : المُنَاهَدة في النّفقات ، يقال : توازَفوا بينهم ، وأنشد :

عِظَامُ الجِفانِ بالعَشِيّة والضُّحا

مَشاييطُ للأبْدَانِ عند التَّوَازف

زيف : وأما زافَ يَزِيف ، فإنه يقال للجَمل هو يَزِيف في مشيَتِه زيفافا وهي سُرْعةٌ في تَمَايل ؛ وأَنشد :

* أَنْكَبُ زَيافٌ وما فيه نكَبْ*

والمرأة تَزِيف في مِشْيتها كأنّها تَستدِير.

والحمامةُ تَزِيف عند الحَمامِ الذَّكَر إذا تمشّت بين يديه مُدلِة. والزَّيفَ من حنقه الدراهم ، ويقال : زافَتْ عليه دَرَاهِمُه ، وهي تَزِيف ، أي : صارتْ مردودة الغِشِّ فيها ، وقد زُيِّفَتْ : إذا رُدّت.

ورُوِي عن عُمَر أنه قال : من زافَتْ عليه

١٧٩

دراهمهُ فليأتِ بها السُّوق وليشترِ بها سَحْقَ ثوب ، ولا يُحالِف الناسَ عليها أنّها جياد.

وقال اللّحياني : يقال : زَافَ الدِّرهمُ والقَوْلُ يَزِيف ، وهو زَيْف وزأيف ، وزِفْتُه أنا وزَيّفْته.

قال : وزفتُ الحائطَ : إذا قفزته.

وقول عدي بن زيد :

تركوني لدى قصور وأعرا

ض لقصور لزيفهن مراقي

الزيف : شُرَف القصور واحدتها زيفة : سميت بذلك لأن الحمام يزيف عليها من شرفة إلى شرفة.

[أفز] : عَمْرو عن أبيه : الأفْزُ بالزاي : الوَثْبة بالعَجَلة. والأفْرُ بالراء : العَدْو ، يقال : أَفَرَ يأْفِرُ والأبْزُ مِثْل الأفْر.

[وفز] : قال الليث : الوَفَزةَ : أن تَرَى الإنسان مستوفِزا ، قد استقلّ على رِجْليه ، ولما يستوِ قائما ، وقد تهيأ للأفْز والوُثُوب والمُضِيِّ يقال له : اطمئِنّ فإنّي أراكَ مستوفِزا.

قلتُ : والعَرَب تقول : فلانٌ على أوْفازٍ وعلى وَفْزٍ ، أي : على حَدِّ عَجَلة.

وقال أبو مُعَاذ : المستوفِز : الّذي قد رَفَع أليَتَه ووَضع رُكبتيه ، قاله في تفسيرِ قوله : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) [الجاثية : ٢٨].

قال مجاهد : على الرُّكَب مستَوْفِزين.

قال أبو بكر : الوَفْز : ألا يطمئن في قعوده ؛ يقال : قعد على أوفاز من الأرض ، ووِفاز ، وأَنشد :

أَسُوق عيْرا مائلَ الجَهاز

صَعْبا يُنزيّني على أوفاز

[فوز] : قال الليث : الفَوْز : الظَّفَر بالخَيْر ، والنَّجاة من الشرّ ، يقال : فازَ بالخَيْر ، وفاز من العذاب.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) [آل عمران : ١٨٨].

قال الفراء : معناه ببعيد من العذاب.

وقال أبو إسحاق : بمَنجاة ، قال : وأصلُ المفَازة مَهلَكة فتفاءَلوا.

وقال : فازَ إذا لَقِي ما يَغتبِط به ، وتأويلُه : التباعُد من المكْروه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : فَوَّزَ الرجلُ : إذا رَكِب المَفَازَة. وفَوَّز : إذا مات ، وأَنشَد :

فَوَّزَ مِن قُراقِرٍ إلى سُوَى

خَمْسا إذا ما ركب الجَيْشَ بكى

وقال ابن الأعرابيّ : سُمِّيت الفَلاةُ مفَازةً لأنَّ مَن خَرَج منها وقطَعَها فاز.

ويقال : فاوَزْتُ بينَ القومِ وفارَضْتُ بمعنَى واحد.

ثعلب عن الأعرابي : سميت المفازة من فوَّز الرجل إذا مات ، يقال : فوَّز إذا مضى.

١٨٠