تهذيب اللغة - ج ١٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

فيهن رزم من دقيق.

قال شمر : الرِّزمة : قدر ثلث الغرارة أو ربعها من تمر أو دقيق.

قال : وقال زيد بن كَثوة : القوْسُ قدر ربع الجُلة من الثمر. قال : ومثلها الرِّزمة.

والمِرْزَمان من النّجوم. قال ابن كُناسَة : هما نَجْمان وهما مع الشِّعْرَيَيْن ، فالذّراعُ المقبوضة هي إحْدَى المِرْزَمَين ونظم الجَوْزاء هي أحدُ الْمِرزَمَين ونظمهما كواكب معهما فهما مِرْزَما الشِّعْرَيَيْن ، والشِّعْرَيان نَجْماهُما اللّذان معهما الذِّراعان يكونان معهما.

من أسماء الشمال : أم مِرزم ، مأخوذ مِنْ رزمت الناقة وهو ـ جنينها ـ إلى ولدها.

قال صخر الهذلي :

كأني أراء بالحلاءة شاتيا

تقشر أعلى أنفه أم مرزم

ويقال للأسد : رَزَم : إذا برك على فريسته.

وقال اللّحياني : رَزَم الشِّتاءُ رَزْمةً شَديدة.

إذا برد ، فهو رازِمٌ ، وبه سُمِّي نَوْءُ المِرْزَم.

قال : ورَزَم الرجُل على قِرْنه : إذا نَزَل عليه. والأسدُ يُدعَى رُزَما ، لأنّه يَرزُم على فَرسته. قال : ورزَّمَ القومُ ترْزيما : إذا ضربوا بأنفسِهم الأرْضَ لا يَبرَحون.

وقال أبو المثلَّم الهذلي :

مَصَالِيتُ في يوم الهِياجِ مَطاعِمٌ

مَطاعِينُ في جَنْبِ الفِئامِ المُرَزِّمِ

قال : والمرزّم : الحذِر الذي قد جرّب الأشياء يترزّم في الأمور لا يثبت على أمر واحد لأنه حَذِر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الرَّزَمة والرَّزْمَة : الصوتُ الشديد.

رمز : قال الله جلَّ وعزّ في قصّة زكرياء : (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران : ٤١].

قال أبو إسحاق : معنى الرَّمْز : تحريكُ الشَّفَتين باللفظ من غير إبانة بصَوْت ، إنما هو إشارة بالشَّفَتَين. وقد قيل : إن الرَّمْز إشارةٌ بالعَيْنين والحاجبَيْن والفَم.

والرَّمْزُ في اللّغة : كلُّ ما أَشرْتَ إليه مما يُبان بلفظ بأيّ شيء أشرتَ إليه بيَدٍ أو بعَيْن.

قال : والرَّمْزُ والترمُّز في اللّغة : الحَرَكة والتحرُّك.

وقال الليث : الرّمازة من أسماء الفنفعة (١) ، والفعل ترمز. ويقال للجارية الغمازة بعينها : رمّازة ، أي : ترمز بفيها وتغمز بعينها.

وقال الأخطل : في الرَّمّازة من النِّساء ، وهي الفاجرة :

أحاديثُ سَدّاها ابنُ حَدْراء فَرْقَد

ورَمّازةٍ مالَت لمن يستَمِيلُها

__________________

(١) كذا في الأصل ، وفي «العين» (٧ / ٣٦٦): «من أسماء الدبر».

١٤١

وقال شمر : الرَّمّازة ههنا : الفاجرة الّتي لا تَرُدُ يَدَ لامِس.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : كَتِيبة رَمّازة : إذا كانت تَمُوجُ من نَواحيها.

وأخبَرَني المنذريُّ عن أبي العباس ، عن ابن الأعرابيّ أنه قال : رَمَزَ فلانٌ غَنَمَهُ : إذا لم يَرْضَ رِعْيَةَ الراعي فحوَّلَها إلى راعٍ آخَر.

وقال أبو عبيد : التُّرامِزُ : الشديد القويّ.

وقال أبو عمرو : جملٌ تُرامِز : إذا أَسَنَّ ، فتُرى هامَتُه ترمّزُ إذا اعتَلَفَ ، وأَنشَد :

إذا أردتَ السَّيرَ في المَفاوِزِ

فاعمِدْ لها لبازِلٍ تُرامِزِ

قال : وارتَمَزَ رأسُه : إذا تحرّك ، وقال أبو النّجم :

* شمّ الذُّرَى مُرْتمِزاتُ الهامِ*

وقال اللحياني : رجلٌ رَمِيزُ الرَّأْي ورَزِينُ الرّأي ، أي : جيّد الرأي.

الحراني عن ابن السكّيت : ما ارْمأَزّ فلان من ذاك ، أي : ما تحرَّك.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : المُرْمَئِزُّ : اللازم مكانَه لا يَبرَح.

وأنشد ابن الأنباري :

يُدلج بعد الجهد والترميز

إراحة الجِدابة النَّفوز

قال : الترميز من رَمزت الشاة إذا هُزلت.

ثم ذكر قول ابن الأعرابي.

زمر : قال الليث : الزَّمْر بالمِزْمار ، وفِعْلُه زَمَر يَزْمر زَمْرا.

أبو حاتم عن الأصمعيّ : يقال للّذي يُغنِّي الزامر والزَّمّار ؛ ويقال : زَمَّرَ إذا غَنَّى ، ويقال للقَصَبة الّتي يُزْمَرُ بها : زَمّارة ، كما يقال للأرض التي يُزْرَع فيها زَرَّاعة.

قال : وقال فلان لرجلٍ : يا بنَ الزَّمّارة ، يعني المُغنِّية.

ورَوَى محمد بنُ سِيرِينَ عن أبي هُريرة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَهَى عَنْ كَسْب الزَّمّارة.

قال أبو عُبيد : قال الحجّاج : الزَّمارة : الزانية.

قال : وقال غيرُه : إنما هي الرّمّازة ، وهي الّتي تومِىءُ بشفَتَيها أو بعَيْنَيها.

قال أبو عُبيد : وهي الزّمّارة كما جاء في الحديث.

وقال القُتَيْبيّ فيما يرُدّ على أبي عبيد : الصوابُ الرمّازة ، لأنّ من شَأَن البَغيِّ أن ترمزَ بعَيْنَيْها وحاجِبَيْها ، وأنشَد في صفة البَغايَا :

يُومِضْنَ بالأعْيُن والحَواجبِ

إيماضَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ

قلت : وقول أبي عبيد عندي الصّواب.

وسئل أبو العبّاس عن معنى الحديث : أنَّه نَهَى عن كَسْب الزّمّارة، فقال : الحرفُ صحيح ، زَمارة ورمَّازة ، وقال : ورَمّازة ههنا خطأ.

١٤٢

قال : والزَّمارة : البَغِيُّ الحَسْناء ، وإنما كان الزِّنا مع المِلاح لا مع القِباح. قال : وأنشَدَنا ابن الأعرابيّ :

دَنّان حَنّانانِ بينهما

صَوْتٌ أَجَشُّ غِناؤُه زَمِرُ

أي : غناؤُه حَسَن.

ومنه قيل للمرأة المغنية : زمّارة ؛ ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين سمع قراءة أبي موسى : «أنه أوتي مزمارا من مزامير آل داود» أي : أوتي صوتا حسنا كأنه صوت داود.

قال : وقال أبو عَمرو : والزَّميرُ : الحَسَن من الرّجال ، والزَّوْمَرُ : الغلام الجميلُ الوجه.

قلتُ : للزَّمارة في تفسير ما جاء في الحديث وَجْهَان : أحدُهما أن يكون النَّهيُ عن كَسْب المغنِّية.

كما رَوَى أبو حاتم عن الأصمعيّ ، أو يكون النَّهيُ عن كَسْب البَغِيّ كما قال أبو عُبَيد وأحمد بن يحيى ، وإذا رَوَى الثِّقاتُ حَدِيثا بلفظٍ له مَخرَج في العربيّة لم يَجُز رَدُّه عليهم ، واختراعُ لفظ لَم يُرْوَ ، ألَا تَرى أنّ أبا عُبيد وأبا العبّاس لمّا وَجَدا لِما قال الحجّاج مَذهبا في اللّغة لَم يَعْدُواه ، وعَجل القُتيبيُّ فلم يثبت ففسّر لفظا لَم يَرْوِه الثِّقات ، وقد عَثرتُ على حروف كثيرةٍ رَواها الثِّقات بألفاظٍ كثيرة حفِظوها ، فغَيَّرها مَنْ لا عِلْمَ له بها وهي صحيحة ، والله يوفِّقنا لقَصْد الصّواب.

وقال اللّيث : الزُّمْرَة : فَوْجٌ من النّاس.

وقال أبو عُبَيد : الزِّمَارُ : صَوتُ النَّعامة ، وقد زَمَرَتْ تَزْمِرُ زِمارا. وشاةٌ زَمِرةٌ : قليلةُ الصُّوف ، ورجلٌ زَمِرُ المروءة.

سلمة عن الفرّاء : زَمَّر الرجلُ قِرْبتَه وزَنَرها : إذا مَلأَها.

وقال أبو عمرو : الزَّمّارةُ : الساجُور.

وكَتَب الحَجّاج إلى بعض عُمّاله أن ابعثْ إليّ فلانا مُسمَّعا مُزَمَّرا، فالمسَمَّع : المقيَّد ، والمُزَمَّرُ : المُسَوْجَر.

وأنشد :

ولي مُسمِعانِ وزَمّارَةٌ

وظِلٌّ ظليل وحِصْنٌ أمَقّ

والمُسمِع : القَيْد. والزمّارة : الغُلّ. وأراد بالحِصْنِ الأمَقّ : السِّجْن.

مزر : قال أبو عبيد : المَزِيرُ : الشّديدُ القَلْب ؛ حكاه عن الأصمعيّ.

وقال شمر : المَزِيرُ : الظَّرِيف ، قاله الفرّاء ، وأَنشَد :

فلا تَذْهَبن عَيناكَ في كلِّ شَرْمَحٍ

طوالٍ فإنّ الأقْصَرِينَ أَمازِرُه

أراد أمازِر ما ذكرنا ، وهم جمعُ الأمْزَر ورُوِي عن أبي العالية أنّه قال : اشرَبِ النّبِيذَ ولا تمَزِّر.

قال أبو عُبَيد : معناه : اشربْه كما تَشْرَب

١٤٣

الماءَ ، ولا تَشربه قَدَحا بعد آخر ، وأَنشَدَنا الأمويّ :

تَكونُ بَعْدَ الْحَسْوِ والتَّمَزُّرِ

في فَمِه مِثلَ عَصير السكرِ

قال : والتَّمَزُّرُ : شُرْبُ الماء قليلا قليلا ، بالراء ، ومثلُه التمزُّز وهو أقل من التمزر.

وقال أبو عُبيد : المزْرُ : نَبِيذ الذُّرَة والشَّعير.

وقال ابن الأعرابي : مَزَّر قِرْبَته تمْزِيرا ، ومَزَرها مَزْرا : إذا مَلأَها فلم يَترُك فيها أَمْنا. وأنشد شمر :

فشرب القوم وأبقوا سورا

ومزروا وطابها تمزيرا

مرز : في حديث عُمَر : أنّه أراد أن يَشهَد جَنازة رجل فمَرَزه حُذَيفَة ، كأنه أراد أن يَكُفّه عن الصّلاة عليها ، لأن الميّت كان عنده مُنافِقا.

قال أبو عُبيد : المَرْزُ : القَرْصُ بأَطْراف الأصابع ، وقد مَرَزْته أَمْرُزه : إذا قَرصْتَه قَرْصا رقيقا ليس بالأظفار. ويقال : أُمْرُزْ لي من هذا العَجِين مِرْزةً ، أي : اقطَعْ لي منه قِطعة ، حكاه عن الفراء.

قال : والمَرْزُ : العَيْب والشَّيْن.

وقال ابن الأعرابيّ : عِرْضٌ مَرِيز ، ومُمترَزٌ منه ، أي : قد نِيلَ منه. وإذا نِلتَ من مالِه. قلتَ : قد امترَزْتُ منه مَرْزةً.

باب الزاي واللام

ز ل ن

استعمل من وجوهه : لزن ـ نزل.

لزن : أبو عُبَيد : اللّزن : الشِّدّة.

قال الأعشَى :

* في ليلةٍ هيَ إحْدَى اللَّزَنْ *

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : اللَّزْنُ : جمعُ لَزْنة ، وهي السَّنة الشديدة.

قال : وليلةٌ لَزْنةٌ ، أي : ضيّقة ، من جُوع كان أو من خوفٍ أو بَرْد.

وقال الليث : اللَّزَنُ : اجتماع القومِ على البئرِ للاستسقاء حتّى ضاقت بهم وعَجَزتْ عنهم. ويقال : ماءٌ مَلْزُون ؛ وأَنشَد :

* في مَشْرَبٍ لا كَدِرٍ ولا لَزِنْ *

قال : ولَزَن القومُ يَلْزَنون لَزْنا ، وأنشَد غيرُه :

ومَعاذِرا كَذِبا ووَجْها بَاسِرا

وتَشكَّيَا عَضَّ الزمانِ الأَلْزَنِ

نزل : أبو عُبيد عن أبي عبيدة : طَعامٌ قليلُ النُّزْل والنَزَل : قليلُ الرَّيْع.

وقال اللّحياني : طعامٌ نَزِل وأَرضٌ نزِلَة ومَكانٌ نَزِل : سريعُ السَّيْل.

وقال غيرُه : مكانٌ نَزِل : يُنْزَل فيه كثيرا.

ويقال : إنّ فلانا لَحَسنُ النُّزْل والنُزُل ، أي : الضيافة ، ونزَلْت القومَ ، أي : أنزَلْتهم المنازِل ، ونزَّل فلانٌ غيره ، أي : قَدَّر لها المَنازِل.

١٤٤

ويقال : تنزلت الرحمةُ عليهم.

أبو عبيد : النَّزِلُ : المكان الصلب السريعُ السَّيْل ، ورجلٌ ذو نزَل ، أي : ذو عَطاء وفَضْل ، وقال لبيد :

ولن يَعدَموا في الحَرْب لَيثا مجَرَّبا

وذا نزَل عند الرَّزيَّة باذِلَا

وقال ابن السكّيت : نزَل القومُ : إذا أتَوا مِنًى ، وقال عامر بن الطُّفَيل :

أنازلة أسماءُ أمْ غير نازِلِهْ

أَبِيني لنا يا أَسْمَ ما أنتِ فاعِلَه

وقال ابن أحمر :

وافَيتُ لما أَتاني أنّها نزَلَتْ

إن المَنازِل ممّا يَجمَع العَجَبا

وقال الله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) [الكهف : ١٠٢] ، قال الزجّاج : يعني مَنزِلا.

وقال في قوله تعالى : (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ) [آل عمران : ١٩٨].

قال : (نُزُلاً) : مصدر مؤكِّد لقوله : (خالِدِينَ فِيها) لأن خلودهم فيها إنزالُهم فيها. وأَنزالُ القوْم : أرزاقهم.

وقال الليث : النزُول : ما يُهيأ للضيف إذا نَزَل. وأَنزل الرجلُ ماءَه : إذا جامع ، والمرأة تستنزل ذلك. والنَّزلة : المرَّة الواحدة من النزول ، والنازلة الشديدةُ تنزل بالقوم ، وجمعُها النّوازل.

وقال ابن السكيت في قوله :

* فجاءتْ بيتن للنزالةِ أَرْشَما*

ويروى : مرشما.

قال : أراد الضيافةَ للناس ، يقول : هو مُخْفٍ لذلك.

وقال أبو عمر : مكان نزلٌ : واسعٌ بعيد.

وأَنشد :

وإنْ هدَى منها انتقالُ النَّقْلِ

في مَتن ضَحَّاك الثنايَا نَزْل

وقال ابن الأعرابيّ : مكانٌ نزِلٌ : إذا كان مِحْلالا مَرَبا.

وقال غيره : النزِلُ من الأوْدِية : الضّيِّقُ منها.

وقال الزجاج في قوله تعالى : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢)) [الصافات : ٦٢].

يقول : أذلك خيرٌ في باب الإنزال التي يُتقوَّتُ بها ويمكن معها الإقامة أم نُزُل أَهلِ النار.

قال : ومعنى أقمت لهم نُزُلهم ، أي : أقمتُ لهم غذاءهم وما يَصلح معه أن ينزلوا عليه. والنُّزْلُ : الرَّيْع والفضْل ، وكذلك النَّزَلُ.

ز ل ف

زلف ـ زفل ـ فلز ـ فزل : [مستعملة].

زفل : أبو عبيد عن الأصمعي : الأزْفَلة ـ بفتح الهمزة والفاء ـ : الجماعةُ ، وكذلك الزرافة.

١٤٥

وقال الفرّاء : جاءوا بأزْفَاتهم وبأجْفِلَتهم.

وقال غيره : جاءوا الأجْفَلَى : والأزْفَلَى : الجماعة من كل شيء.

قال الزَّفَيان :

حتى إذا أظماؤها تكشفتْ

عَنِّي وعن صَيْهَبَةٍ قد شرفتْ

* عادت تُبَاري الأزْفَلَى واستأنفتْ*

وقال أبو عُبَيد : قال الفرّاء : الأزْفَلَة :

الجماعة من الإبل. وزَنفل : اسمُ رجل.

زلف : أبو عبيد : الزَّلَف : التقدُّم ، وأَنشد :

* دَنَا تَزَلُّفَ ذي هِدْمَيْنِ مَقْرورِ*

وقول الله تعالى : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤)) [الشعراء : ٦٤].

قال الزجاج : أي : وقرَّبنا الآخرين من الغرق ، وهم أصحابُ فرعون.

قال : وقال أبو عُبَيْدة : (أَزْلَفْنا) : جمعْنا ، (ثَمَّ الْآخَرِينَ). قال : ومن ذلك سُمِّيت مُزْدَلفةُ جمعا ، قال : وكلا القولين حَسَن جميل ، لأن جمعهم تقريبُ بعضهم من بعض.

وأصلُ الزُّلْفى في كلام العرب : القُرْبى ، وقال جلّ وعزّ : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) [هود : ١١٤] ، فطرفا النهَار : غُدْوَةٌ وعَشِيّة ، وصلاةُ طرفي النهار الصبحُ في أحد الطرفين والأولى والعصرُ في الطّرف الأخير ، وهو العَشِيّ.

وقوله تعالى : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ). قال الزّجّاج : نصب (وَزُلَفاً) عَلَى الظرف ، كما تقول : جئتُ طرفي النهار وأوّلَ النهار وأوّلَ الليل. ومعنى «زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ» : الصلاة القريبة من أول الليل. أراد بالزُّلف : المغرِبَ والعشاء الأخير. ومن قرأ : (وزُلفا) فهو جمع زَليف ، مثلُ : قريب وقُرَب.

وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ) [الملك : ٢٧] ، أي : رأوا العذاب قريبا.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن هَدْيه طفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ بأيَّتهنّ يبدأ، أي : يَقتربن.

وقوله : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) [الشعراء : ٩٠] ، أي : قُرِّبَتْ.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : المَزَالفُ واحدها مَزْلفة وهي القرى التي بين البَرِّ والريف مثل القادسية والأنْبَار ونحوها.

قال : والزَّلَف : المصانعُ ، واحدتُها زَلفة ، قال لَبيد :

حتى تحيَّرَت الدِّيارُ كأنّهَا

زَلَفٌ وألْقِيَ قِتْبُهَا المحزُوم

قال : وهي المزالف أيضا.

وفي حديث يأجوجَ ومأجوجَ : يُرسل اللهُ مطرا فيغْسِلُ الأرضَ حتى يتركها كالزُّلفة.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الزَّلَفُ وجه المرأة ، يقال : البِرْكة تطفح مثل الزَّلف.

وقال الليث : الزَّلفة : الصَّحفة وجمعُهَا

١٤٦

زَلف ، وروى ابن دريد عن الأُشناندانيِّ عَن الثَّوْرِيِّ عن أبي عبيدة في قول العُمَاني :

* من بعد ما كانت مِلَاءً كالزَّلَفْ *

قال : هي الأجَاجِين الخُضْر.

وقال ابن دريد : يقال : فلان يُزَلِّفُ في حديثه ويُزَرِّفُ ، أي : يزيد.

قال : والزَّلَف والزَّلَفة : الدرجة والمنزلة.

وقال أَبو العباس : قولُه : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) [هود : ١١٤] ، قال : الزُّلَف : أولُ ساعات الليل ، واحدتُهَا زُلْفَة ، وقال شمر في قول العجّاج :

* طيَّ الليالِي زُلَفا فزُلَفَا*

أي : قليلا قليلا ، يقول : طوَى الإعياءُ هذا البعيرَ كما تَطوِي الليالي سمَاوَة الهلال ـ أي : شخصه ـ قليلا قليلا حتى دَقّ واستقْوَسَ.

فلز : قال الليث : الفِلْزُ والفُلُزُّ : نُحاس أبيَضُ ، يُجعَل منه القُدور العظام المُفرَغة والهاوُونات ، قال : ورَجُلٌ فِلِزٌّ غليظٌ شديدٌ.

وقال أبو عبيد : الفِلَزّ : جَواهرُ الأرض من الذَّهب والفِضّة والنُّحاس ، وأشباهِ ذلك.

فزل : رَوَى ابن دُريْد عن أبي عبد الرحمن عن عمّه الأصمعيّ : أرضٌ فَيْزَلَة سريعةُ السَّيْل : إذا أصابها الغَيث.

ز ل ب

زلب ـ زبل ـ لزب ـ لبز ـ بزل ـ بلز : مستعملات.

زلب : قال الليث ازْدَلبَ بمعنى آسْتَلَبَ ، وهي لغةٌ رديئة.

لزب : قال الله جلّ وعزّ : (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) [الصافات : ١١].

قال الفرّاء : اللَّازِب واللّاتِب واللّاصق واحد والعَرَب تقول : ليس هذا بضَرْبةِ لازِم ولازِب ، يُبدِلون الباءَ ميما ، لتقارب المخارج ، وقال ابن السكّيت : صار كذا وكذا ضربةَ لازِب ، وهي اللّغة الجيّدة ، وأَنشَد للنابغة :

ولا يَحسَبون الخيرَ لا شَرَّ بَعْدَه

ولا يَحسِبون الشّرَّ ضَربَة لازِبِ

قال : لازِم لُغَيَّة.

وقال غيرُه : أصابتْهم لَزْبةٌ يعنِي شِدّةَ السَّنَة ، وهي الأزْمة والأزبَة ، كلُّها بمعنى واحد.

قال أبو بكر : قولهم : [ما هذا](١) هذا بضربة لازب ، أي : ما هذا بلازم واجب ، أي : ما هو بضربة سيف لازب ، وهو مثلٌ.

سلمة عن الفرّاء قال : اللِّزْبُ : الطّرِيق الضَّيّق.

أبو سعيد : رَجُل عَزَبٌ لَزَب.

__________________

(١) من «اللسان» (١ / ٧٣٨): «ل ز ب».

١٤٧

قال ابن بُزُرج : مثله. وامرأةٌ عَزَبَةٌ لَزَبَة.

لبز : قال الليث : اللَّبْزُ : الأكلُ الجيّد ، يقال : هو يَلبِز لَبْزا.

وقال ابن السكّيت : اللَّبْزُ : اللّقْمُ ، وقد لَبَزه يَلْبِزُه.

وقال غيرُه : لَبَزَ في الطّعام : إذا جَعَل يَضرِب فيه ، وكلُّ ضَربٍ شديدٍ هو لَبز وقال رؤبة :

* خَبْطا بأخفافٍ ثِقالِ اللُّبْزِ*

وقال :

تأكل في مقعدها قفيزا

تَلقَم أمثال الحصى ملبوزا

وقال أبو عمرو : اللِّبزُ بكسر اللام : ضدُّ الجُرح بالدّواء ، رواه مع حروف جاءتْ على مِثال فعْل قال : واللَّبْزُ : الأكلُ الشديد.

بلز : أبو عمرو : وامرأةٌ بِلِزٌ : خَفِيفة. قال : والبِلِزُ : الرّجلُ القصير.

سلمة عن الفرَّاء من أسماء الشَّيطان البَلأَز والحَلأَز والجانُّ.

وقال ابن السكّيت يقال للرّجل القصير بَلأَز وزَأْبَل ووَزواز وزَوَنْزَى.

أبو عمر : بلأَز بَلأزة : إذا أكل حتى شبع.

زبل : أبو عبيد عن أبي عمرو : والزِّبالُ : ما حَمَلَت النملةُ بفِيها ، وقال ابن مقبل :

كَريم النِّجارِ حَمَى ظَهرَه

فَلَم يُرْتَزَأْ برُكوبٍ زِبالا

ابن السكّيت : يقال : ما في الإناء زُبالة ، وكذلك في السِّقاء ، وفي البئر. وبه سميت زُبالة ، منزل من مناهل طريق قلة.

الليث : الزِّبْلُ : السِّرْقِين وما أَشْبَهَه ، والمُزْبَلَة مُلقَى ذلك. والزَّبِيلُ : الجِراب ، وهو الزِّنْبِيل ، فإذا جَمعوا قالوا زَنَابيل.

وقيل : الزِّنبيل خَطأ ، وإنما هو زَبِيل ، وجمعه زُبُل وزُبْلان.

وقال غيرُه : زَبَلْتُ الشيءَ وازدَبَلْته : إذا احتملَته ، وكذلك زمَلْته وازدَمَلْته.

وقال ابن الأعرابيّ : الزُّبْلة : اللُّقمة ، والزُّبلة : النَّيْلة.

بزل : قال ابن السكّيت : يقال ما عندهم بازِلة : أي : ليس عندهم شيء من مالِ ، ولا تَرَكَ اللهُ عندَه بازِلةَ. ويقال : لَم يُعطِهم بازِلَةً ، أي : لم يُعطِهم شيئا.

أبو عبيدة عن الأصمعيّ : يقال للبعير إذا استَكْمَلَ السَّنة الثامنةَ وطَعَنَ في التاسعة وفَطَرَ نابُه : فهو حينئذ : بازل وكذلك النّاقة بازِل بغيرها ، والذَّكَر والأنثى سواء ، وهو أقصى أسنانِ البعير ، سُمّيَ بازِلا من البَزْل وهو الشَّقّ ، وذلك أنَّ نابَه إذا طَلَع يقال له بازِل ، لِشَقِّه اللَّحمَ عن مَنْبَتِه شَقّا ، وقال النابغة في تسمية النّاب بازِلا يَصِف ناقة :

مَقْذوفة بدْخيسِ النَّحْض بازِلُها

له صرِيفٌ صَرِيفَ القَعْو بالمَسَدِ

أراد ببازِلها نابَها. وتَبزّل الشيءُ : إذا

١٤٨

تشقّق ، وقال زُهير :

* تَبزَّلَ ما بين العَشيرةِ بالدَّمِ*

ومن هذا يقال للحديدة التي يفْتَح بِهَا مِبْزَل الدَّنّ : بِزالٌ ومِبْزَل ، لأنّه يُفتَح به.

والبَزْلاءُ : الرأيُ الجَيّد.

وقال أبو عمرو : ما لِفُلانٍ بَزْلَاءُ يَعيش بها ، أي : ما له صَرِيمةُ رَأْي.

أبو عبيد عن أبي زيد : إنه لذو بَزْلاء : إذا كان ذا رأي ، وأَنشَد :

* بَزْلَاءُ يَعْيَا بها الْجَثَّامة اللُّبَدُ*

سلمة عن الفرّاء : إنّه لذو بَزْلاء ، أي : ذو رأْي وعَقْل ، وقد بَزَل رَأْيُه بزُولا.

وقال الليث : البَزْلُ : تَصْفِيةُ الشَّراب ونحوِه. والمِبْزَلُ : هو الذي يُصَفَّى به ، وأَنشد :

* تَحَدَّرَ مِنْ نَوَاطِبَ ذِي ابتِزال *

قلت : لا أعرف البَزْل بمعنى التّصْفية.

وفي «النوادر» : رجل تبْزِلَةٌ وتَبْزِلّة وتُبَيْزِلة.

ز ل م

زلم ـ زمل ـ لزم ـ لمز ـ ملز : مستعملة.

زلم : قول الله جلّ وعزّ : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ) [المائدة : ٣] ، أما الاستقسام فقد مَرَّ تفسيرهُ في كتاب القاف ، وأمَّا الأَزْلام : فهي قِداحٌ كانت لقُريش في الجاهليّة ، مكتوبٌ على بعضِها الأمْر ، وعلى بعضها النَّهي : افعَلْ ولا تَفْعَل ، قد زُلِّمَتْ وسُوِّيتْ ووُضِعتْ في الكعبة يقوم لها سَدَنَةُ البيت ، فإذا أراد رجلٌ سَفَرا أَو نِكاحا أَتَى السادِقَ فقال له : أخرِجْ لي زَلَما ، فيُخْرِجه ويَنظُر إليه ، فإن خَرَج قِدْحُ الأمْر مَضَى على ما عَزَم ، وإن خَرجَ قِدْح النَّهي قَعَد عمَّا أراده.

وربّما كان مع زَلَمان وضعَهما في قِرَابه ، فإذا أراد الاستقسام أخرَجَ أحَدَهما.

وقال الحطيئةُ يمدَح أبا موسى الأشعريّ :

لا يَزْجُرُ الطَّيرُ إن مَرّت به سُنُحا

ولا يُفيض على قِسْمٍ بأَزْلامِ

وقال طَرَفة :

أَخَذَ الأَزْلامَ مُقْتَسِما

فَأَتَى أَغواهُما زُلَمُهْ

والاقتسامُ والاستقسامُ : أن يميلَ بين شيئين أَيَفْعل أو لا يَفْعَل ، ويقال : مَرَّ بنا فلان يَزْلم زَلَمانا ويَحذِمُ حَذَمانا.

وقال ابن شُميل : ازْدَلم فلانٌ رأس فلان ، أي : قَطَعه ، وزَلَم اللهُ أنفَه.

وقال ابن السكّيت : هو العبد زُلما وزُلْمَه ، أي : قَدُّه قَدُّ العَبد ، ويقال للرجُل إذا كان خفيف الهيئة ، وللمرأَة الّتي ليست بطويلة : رجُلٌ مُزلَّم ، وامرأَةٌ مزلَّمة. ويقال : قِدْحٌ مُزَلَّم ، وقِدْح زَليم : إذا طُرّ وأجيد صنْعَتُه.

وعَصا مزَلَّمة. وما أَحْسنَ ما زَلَّمَ سَهْمَه ، وقال ذو الرُّمَّة :

* كأَرْحاءِ رَقْطٍ زَلَّمَتْهَا المَناقِرُ*

أي : أخذَت المَناقرُ من حُروفها وسَوَّتها.

وأَزلامُ البَقَر : قوائمُها ، قيل لها أَزْلام

١٤٩

لِلَطَافتها ، شُبِّهتْ بأزلام القِداح.

أخبرني بذلك المنذريُّ عن الحرّاني عن الثوريّ ، وأنشد :

تَزِلُّ عن الأرض أَزْلامُه

كما زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ

وقال ابن الأعرابي : شبَّهها بأَزلام القِداح ، واحدها زَلَم ، وهو القِدْح المَبْرِيّ.

وقال الأخفش : واحد الأزْلام زُلَم وزَلَم وأَنشَد :

* باتَ يقاسِيها غلامٌ كالزُّلَمْ *

ويقال زلمت الحوض فهي مزلوم : إذا ملأته.

وقال : حابية كالثَّغب المزلوم.

وقال الليث : الزَّلَمةُ : تكون للمِعزى في حُلوقها متعلقة كالقُرْطِ ، وإذا كانت في الأذُن فهي زَنَمة ، والنعت أَزْلَم وأزْنَم ، والأنثى زَلْماء وزَنْماء.

وقال أبو عمرو : الأزْلام : الوِبَار ، واحدها زَلم ، وقال قحيف :

يبيتُ مع الأزلامِ في رأسِ حالقٍ

ويَرْتَادُ ما لم تَحترزه المخَاوفُ

أبو عبيد عن الكسائي : هو العبد زَنْمة وزُنْمَة ، أو زَلْمة وزُلْمَة.

وقال الأصمعي : المزلَّم : الرجل القصير.

وقال ابن الأعرابيّ : المزلَّمُ والمزنَّمُ : الصغير الجُثة.

أبو عبيد عن أبي زيد قال : الأزلَمُ : الجَذَعُ : هو الدَّهر ، يقال : لا آتيه الأزْلَمَ الجَذَع ، أي : لا آتيه أبدا. ومعناه : أن الدَّهر باق عَلَى حاله لا يتغيَّر على طول أيامه ، فهو أبدا جَذَع لا يُسِنّ.

وقال اللّحياني : أوْدَى به الأزْلَمُ ، الجذَعُ ، والأزْنَمُ : الجذع ، أي : أهلكه الدَّهْر.

أبو زيد : غلامٌ مزلَّم : إذا كان سَيء الغِذَاء ، ويقال للوعل مُزَلّم ، وقال الشاعر :

لو كان حَيٌّ ناجيا لنجا

من يومِه المُزَلَّمُ الأعْصَمْ

وقال يعقوب في قوله : كأنها ربابيح تنزو أو فرارٌ مُزلم.

قال : الربابيح والقرد العظام ، واحدها رُبَّاح. والمزلم : القصير الزلم.

وقال أبو زيد : المزلَّمُ : السيء الغذاء.

أبو زيد : ازْلأَمَ القوم ازْلِئْماما : إذا ارتَحلوا. وقال العجاج :

* واحتملوا الأمور فازْلأمُّوا*

يقال للرجل إذا نهض فانتصب : ازْلأَمَ.

وازلأمّ النهارُ : إذا ارتفع.

لزم : قال الليث : اللُّزوم معروف ، والفِعل لَزِم يَلزم ، والفاعل لازم ، والمفعولُ به ملزوم. والمِلزَمُ : خُشَيْبَتَان قد شدَّ أوساطهما بحديدةٍ تكون مع الصَّياقلة والأبَّارِين تُجعل في طرفه قُنَّاحة ، فيلزم ما فيهما لزوما شديدا.

١٥٠

قال أبو إسحاق في قول الله تعالى : (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) [الفرقان : ٧٧] : جاء في التفسير عن الجماعة أنه عنى به يومَ بدر ، جاء أنه لوزم بين القتلى لزاما ، قال : وتأويله : فسوف يكون تكذيبُكم لزاما يلزمكم ، فلا تُعْطَوْنَ التَّوبة ، وتلزمكم به العقوبة ، فيدخل في هذا يومَ بَدْر وغيره مما يلزمهم من العذاب.

وقال أبو عُبَيدة : لِزاماً فَيْصَلا وهو قريب مما قلنا ، قال الهُذَليّ :

فإِما يَنْجُوَا من حَتْفِ أَرْضٍ

فقد لقيَا حُتُوفهما لِزامَا

وتأويلُ هذا : أن الحتْف إذا كان مقدَّرا فهو لازم ، إن نجا من حَتْفِ مكانٍ آخر لزاما.

قال : ومن قرأ : (لَزاما) فهو على مصدر لَزِم لَزاما.

وقال الفرّاء : يقال : لأضربنَّك ضربةً تكون لَزام يا هذا ، كما يقال : دَرَاك ونظَارِ. أبو العباس عن ابن الأعرابي. اللَّزْمُ : فَصْلُ الشيءِ من قوله : (لَكانَ لِزاماً) [طه : ١٢٩] أي : فَيْصَلا.

وقال غيرُه : هو من اللُّزوم وشَرٌّ لازِب ولازم : دائم. ولازم جاريته : إذا عانقها ملازمة.

لمز : قال الليث : اللَّمْزُ ، كالغَمْز في الوجه تَلمِزُه بفيك بكلام خَفِي.

قال : وقولُه تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ) [التوبة : ٥٨] ، أي : يُحرِّك شفَتَيْه : ورجلٌ لُمَزةٌ : يَعيبك في وَجْهك. ورجلٌ هُمزةٌ يَعيبك بالغَيْب.

وقال الزّجّاج : الهُمَزة اللُّمَزة الذي يَغتاب الناسَ ويغضُّهُم ، وكذلك قال ابن السكيت ، ولم يفرق بينهما. وكذلك قال الفراء.

قلتُ : والأصلُ في الهَمْز واللّمْزِ : الدَّفْعُ.

قال الكسائيّ : يقال : هَمَزْتُه ولَمَزْتُه ولَهَزْتُه : إذا دفعتَه.

سلمة عن الفرَّاء : الهَمْزُ واللَّمْزُ والمَرْزُ واللَّقْسُ والنَّقْسُ : العَيْب.

وقال اللّحياني : اللَّمَّاز والغَماز : النَّمام.

ملز : ابن السكيت : ما كدت أَتملّص من فلان وما كِدْت أتمَلَّزُ من فلان ، أي : ما كِدْت أتخَلّص منه. وكذلك ما كدتُ أتَفَصَّى واحد.

أبو زيد : تملَّز فلانٌ تمَلُّزا ، وتمَلَّس تمَلُّسا من الأمر : إِذا خَرَج منه.

وقال أبو تُراب : امَّلَزَ من الأَمْرِ ، وامَّلَس : إذا انفَلَت ، وقد مَلّزْتُه ومَلَّسْتُه : إذا فعلت به ذلك.

زمل : قال اللّيث : الدابةُ تَزْمُل في مِشيَتها وعَدْوِها زِمالا : إذا رأيتَها تَتحامل على يَدَيْها بَغْيا ونَشاطا ، وأَنشَد :

* تَراهُ في إحدَى اليَدَيْن زامِلَا*

أبو عبيد : الزّاملُ : من حُمُر الوحش ، الذي كأنّه يَطْلَع من نَشاطه.

١٥١

وقال الليث : الزّاملةُ الذي يُحمَل عليه الطعامُ والمتاع.

قال : والزَّميلُ : الرَّديف على البعير ، والرَّدِيف على الدابة ، يتكلّم به العرب.

وقال طرفة :

* فطوْرا به خلف الزميل وتارة*

أراد بالزميل : الرديف.

أبو زيد : خرج فلانٌ وخَلّف أَزْمَلةً.

وخَرَج بأَزْمَلَةٍ : إذا خرج بأهلِه وإِبِله وغنِمه ولم يُخلِّف من مالهِ شيئا.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للإبل : اللَّطِيمةُ ، والعِيرُ ، والزَّوْمَلة. قال : والزَّوْمَلة واللَّطِيمة : ما كان عليها أحمالُها ، والعِيرُ : ما كان عليه حِمل أو لم يكن ؛ وأَنشَد :

نَسَّى غُلامَيْكِ طِلابَ العِشْقِ

زَوْملةٌ ذات عَباءٍ بُرْقِ

وقال الليث : الازدِمالُ : احتمالُ الشيء كلِّه بمَرّة واحدة.

وقال أبو بكر : ازْدَمل فلان الحمل إذا حمله. والزّمل عند العرب الحمل.

وازدمل افتعل منه ، أصله ازتمله ، فلما جاءت التاء بعد الزاي قلبت دالا.

وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ١ ، ٢] ، أصلُه المتَزمِّل ، والتاء تُدغَم في الزّاء لقُربِها منها ، يقال : تَزمَّل فلانٌ : إذا تلفَّفَ بثيابِه ، وكلُّ شيء لُفِّف فقد زُمِّل.

قلتُ : ويقال لِلفافة الرّاوية : زِمال ، وجمعُه زَمُل ، وثلاثةُ أَزمِلة. ورجلٌ زُمّالٌ وزُمَّيْلة وزِمْيَلٌ : إذا كان ضعيفا فَسْلا ، وهو الزَّمِل أيضا.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الأَزمَلُ : الصَّوت ، وجمعُه الأَزامل.

قال : وقال أبو عَمْرو : الأزْمُولَة من الأَوعال المصوِّت.

وقال أبو الهيثم : الأزْمُولة من الأوْعَال : الّذي إذا عدا زَمَل في أَحَد شِقّيه ، من زَمَلَت الدابة : إذا فَعلْت ذلك. وقال لبيد :

* لاحِقُ الْبطْنِ إذا يَعْدو زَمَلْ *

سلمة عن الفراء : فرشٌ أُزمولة ـ أو قال : إزْمَولة ـ : إذا تشمرَ في عدْوه وأسرع.

ويقال للوعل أيضا : أزمولة ، من سرعته ، وقال ابن مقبل :

عَودا أحَمّ القَرا أزمولةً وقلا

على تراث أبيه يتبع القُذَفَا

وقال : والقُذَف : القُحَم والمهالك. يريد المفاوز. وقيل : أراد قُذَف الجبال وهو أجود.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : خلَّف فلان أَزْملة من عيال وزملة وقرة من عيال ، ورعلة من عيال.

ورأيت فيما قرىء على محمد بن حبيب : وخرج فلان وخلف أزملة ، يعني أهله وماله. قال أبو عمرو : والإزميل : الشديد.

١٥٢

والإِزْمِيلُ : شَفْرةُ الحذّاء ، ورَجُلٌ إزْمِيل : شديدُ الأكل ، شُبّه بالشَّفْرة ، وقال طَرَفة :

تَقُدُّ أَجْواز الفَلاة كما

قُدَّ بإِزْمِيل المعينِ حَوَرا

والحَور : أديمٌ أحمَر.

ابن دريد : زَمَلْتُ الرجلَ على البعير فهو زَمِيل ومَزْمول : إذا أَرْدَفْتَه. وزامَلْتُه : عادَلْته.

والزّاملة : بعيرٌ يَستَظهِر به الرجلُ يَحمِل عليه متاعَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للرجُل العالِم بالأمر : هو ابن زَوْمَلَتِها ، أي : عالِمُها ، قال : وابنُ زَوْمَلَة أيضا : ابن الأمَة.

وقال أبو زيد : الزُّمْلَةُ : الرُّفْقة. وأَنشَد :

لَم يمْرِها حالبٌ يوما ولا نُتِجتْ

سَقبا ولا ساقَها في زُمْلة حادِي

النضرُ : الزوملة مثل الرُّفقة.

باب الزاي والنون

ز ن ف

زنف (١) ـ زفن ـ نزف ـ نفز.

زفن : قال الليث : الزَّفْنُ : الرَّقْص. قال : والزِّفْن بلُغة عُمانَ : ظلَّةٌ يتّخذونها فوقَ سطُوحِهم تَقِيهم وَمَدَ البَحْرِ ، أي : حَرّه ونَداه.

وقال ابن دُرَيد : الزِّفنُ لغةٌ أَزْدية : وهي عُسُب النّخل يُضَمّ بعْضُها إلى بعض ، تَشبيها بالحَصير.

قلت : والذي أراده اللّيث هو الذي فَسّره ابنُ دُرَيد.

وقال الليث : ناقةٌ زَفُون وزَبُون. وهي الّتي إذا دَنَا منها حالبُها زبَنَتْه برِجلها ، وقد زَفَنَتْ وزَبَنَتْ ، وأَتَيتُ فلانا فزَفَنني وزَبَنَني.

ويقال للرّقّاص : زَفّان.

وقال أبو عمرو : رجلٌ زِيْفَنٌ : إذا كان شديدا خفيفا ، وأَنشَد :

إذا رأيتَ كَبْكَبا زِيْفَنا

فادْعُ الذي منهم بعمروٍ يُكْنَى

ورواه بعضهم : «زيفنا» على فَيْعل كأنه أصوب. وزيفن مثل بيطر وحيفس.

نفز : قال الليث : يقال : نَفَز الظَّبْي يَنفِزُ نَفْزا : إذا وَثَب في عَدْوِه.

قال : والتَّنْفِيزُ : أن تَضَع سَهْما على ظُفْرك ، ثمّ تُنَفِّزُه بيَدِك الأخرى حتّى يدورَ على الظُّفر ليستبينَ لك اعوِجاجُه من استقامته والمرأةُ تُنفِّزُ ابنَها كأنها تُرَقِّصه.

قال : والنَّفِيزة : زُبدةٌ تتفرّق في المِمْخَض لا تجتَمع.

__________________

(١) سقط شرح هذه المادة في المطبوعة ، وفي «تاج العروس» (٢٣ / ٤٠٥ ـ زنف): «زَنِفَ ، كَفَرِحَ ، زنفا ، أهمله الجوهري وصاحب «اللسان» ، وقال ابن عَبَّادٍ : أي غضِب كتنزَّف : أي تغضّبَ».

١٥٣

أبو عُبَيد عن الأصمعي : نَفَز الظَّبْي يَنفِز ، وأَبَز يَأْبِزُ : إذا نَزَا في عَدْوِه.

وقال أبو زيد : النَّفْز أن يَجمعَ قوائمُه ثم يَثب ؛ وأَنشَد :

* إراحَةَ الجِدايةِ النَّفُوزِ*

قال : والقوائمُ يقال لها نَوافِز ، واحدتها نافِزة ، وأَنشَد :

* إذا رِيعَ منها أسلَمَتْه النَّوافزُ*

يعني القوائم.

وقال أبو عمرو : النَّفْزَةُ : عَدْوُ الظَّبْي من الفَزع.

وقال ابن دُريد : القَفْزُ : انضمامُ القوائِم في الوَثْب ، والنَّفْز : انتشارُها.

نزف : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : نزَفْتُ البئرَ وأنزَفْتُها بمعنًى واحد.

وقال أبو زيد : نزَّفَت المرأةُ تَنْزيفا : إذا رأت دَما على حَمْلها ، وذلك يَزيد الوَلَد صِغَرا وحَمْلَها طُولا.

ونُزِف الرجلُ دَما : إذا زَعَف فخرج دَمُه كلّه.

وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم : نَزَفتُ البئر ، أي : استقَيْتُ ماءَها كلَّه.

ونزف فلانٌ دمَه ينزِفه نزفا : إذا استخرجه بحجامةٍ أو فَصْد ، ونزفه الدمُ ينزفُه نزْفا.

قال : وهذا من المقلوب الذي يُعرف معناه ، والاسم من ذلك كلّه النُّزْف ، وأنشد :

تَغْتَرِفُ الطّرْفَ وهي لاهيةٌ

كأنما شَفَّ وجهها نُزْفُ

قلتُ : أراد أنها رقيقة المحاسن حتى كأن دمَها منزوف.

وأما قولُ الله جل وعز في صفة الخمر التي في الجنة : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧)) [الصافات : ٤٧] ، وقرئتْ (يُنزِفون).

قال الفرّاء : وله معنَيان : يقال : قد أنزف الرجلُ : إذا فَنِيَتْ خمرُه. وأَنزَف : إذا ذهبَ عَقْلُه من السكْر ، فهذان وجهان في قراءة من قرأ : (يُنْزِفون). ومن قرأ : (يُنْزَفُونَ) فمعناه : لا تذهب عقولُهم ، أي : لا يَسْكرون ، يقال : نزِف الرجلُ فهو منزوف ونزيف أيضا ، وأنشد غيره في أنزف :

لَعَمري لئن أَنْزَفْتُمُ أو صَحَوْتُمُ

لبئسَ النَّدامَى كنتم آلَ أَبْجَرَا

ويقال للرجل الذي عطش حتى يبست عُروقه وجف لسانُه : نزيف ومنزوف ، ومنه قولُه :

* شَرْبُ النَّزِيفِ ببرْدِ ماءِ الحَشْرُجِ*

وقال أبو عمرو : النزيفُ : السّكران.

والنزيفُ : المَحْمُوم.

وقال أبو العباس : الحَشْرَجُ : النَّقْرة في الجَبل يجتمع فيها الماءُ فيَصفو.

أبو عبيد : النزفة : القليلُ من الماءُ والشراب ، وقال ذو الرمة :

١٥٤

* تَقَطَّعَ ماءِ المزْنِ في نُزفِ الخمرِ*

وقال العجاج :

* فشَنَّ في الإبريق منها نُزفَا*

أبو عُبيد عن الفراء : تقول العرب : فلانٌ أجبنُ من المنزوف ضَرَطا.

وقال أبو الهيثم : المنزوف ضَرَطا : دابة تكون بالبادية إذا صِيحَ بها لم تزَلْ تَضرَط حتى تموت.

وقال ابن دُريد : المِنزَفة : دُلَيَّةٌ تُشَدّ في رأس عودٍ طويل ، ثم يُنصب عودٌ ويعوَّض العود الذي في طَرَف الدَّلو على العود يُستقى به الماء.

وقال الليث قالت بنتُ الجَلْندَى ملك عُمان حين أَلبستِ السُّلَحْفاةَ حُليها ودخلت البحرَ فصاحت وهي تقول : نَزَاف نَزاف ، لم يبق في البحر غير قَذاف ، أرادت : انْزِفن الماءَ فلم يبق غير غَرفة.

ز ن ب

زبن ـ نبز ـ نزب ـ بزن ـ زنب : [مستعملة].

بزن : أما بزن فقد أهمله الليث ، وقد جاء في شِعر قديم ، وقال أبو داود الإياديّ يصف فَرَسا ، ووصفه بانتفاخِ جَنْبيه :

أجوَفُ الجَوْف فهو فيه هواءٌ

مثلُ ما جافَ أَبْزَنا نَجّارُ

الأَبْزَنُ : حوضٌ من نحاس يَستنقع فيه الرجلُ ، وهو معرّب ، وجعل صانعَه نجّارا لتجويده إياه.

أصله أوزن فَجَعله أبزن. جافَهُ : وسع جوفه.

ورَوى أَبو تراب لأبي عمرو الشيباني : يقال : إبْزِيم وإبْزِين ، ويُجمَع أَبازِين ، وقال أبو دُواد أيضا في صفة الخَيْل :

مِن كلِّ جَرْداء قد طارَتْ عَقيقَتُها

وكلِّ أَجْرَدَ مُسْترخِي الأبازِينِ

جمع الإبْزِين وقبله :

إن يك ظني بهمْ حَقّا أتيتكُمُو

حُوا وكُمْتا تَعاوَى كالسَّراحِينِ

زبن : اللّيث : الزَّبْنُ : دَفْعُ الشيء عن الشيء كالناقة تَزْبِنُ وَلدَها عن ضَرْعها برِجلها.

وتَزْبِن الحالب. والحَرْبُ تَزْبِن الناسَ إذا صدمتهم ، وحَرْبٌ زَبون. ويقال : أخذْتُ زِبْني من هذا الطّعام ، أي : حاجتي.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نَهى عن المزابنة.

قال أبو عبيد : سمعتُ غَير واحد من أهل العِلم يقول : المُزابَنةُ : بَيعُ التَّمَر في رُؤوس النَّخل بالتَّمْر ؛ فإنما نُهِي عنه لأنّ التّمر بالتّمر لا يجوز إلّا مثْلا بمِثل ، وهذا مجْهول لا يُعلَم أيُّهما أكثر. وأمّا قولُ الله تعالى : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨)) [العلق : ١٨].

فإنّ سلمة رَوَى عن الفرّاء أنه قال : يقول الله : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨)) وهم يَعمَلون بالأيدي والأرجُل ، فهم أَقْوى. والناقة تَزْبِن الحالبَ برِجْلَيْها.

قال : وقال الكسائيّ : واحد الزَّبانِيَة زِبْنيّ.

١٥٥

وقال قتادة : الزبّانيةُ : الشُّرَط في كلام العرب.

وقال الزّجّاج : الزَّبانِيةَ الغِلاظ الشِّداد ، واحدهم زِبْنِيَّة ، وهم هؤلاء الملائكةُ الّذين قال الله : (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) [التحريم : ٦] ، وهم الزَّبانية.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : خُذ بقرْدَنِه وبزَبُّونَته ، أي : بعُنُقه.

وقال حسّان :

زَبانِيةٌ حَوْلَ أبياتهمْ

وخُورٌ لَدَى الحَرْبِ في المَعْمَعَهْ

ويقال : إن فلانا لذو زَبُّونة ، أي : ذو دَفْع.

وقال ابن كُناسة : من كواكب العَقْرب زُبَانيا العَقْرب ، وهما كوكبان متفرّقان أمام الإكْليل ، بينهما قيدُ رُمْح أكبر من قامَةِ الرجل.

قال : والإكْلِيل ثلاثةُ كواكب معترِضة غير مستطيلة.

ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشد :

فِداك نِكسٌ لا يَبضِ حَجَرهُ

مُخْرّق العِرض حديد مِمْطره

في ليل كانونٍ شديدٍ حصرُه

عَضَّ بأطرَاف الزُّبَاني قَمْره

قال : يقول : هو أقلف ليس بمجنون إلا ما قلص منه القَمَر. شبه قلفته بالزباني.

قال : ويقال من ولد والقمر في العقرب فهو نحس.

قال ثعلب : نقل هذا إليّ عنه أنه يقول ، فسألته عنه فأبى هذا القول ، وقال : لا ، ولكنه لا يطعم في الشتاء. قال : وإذا عض بأطراف الزُّبانى القمر وكان أشد البرد ، وأنشد :

وليلة إحدى الليالي العُرَّم

بين الذراعيْن وبين المرزم

تهُمُّ فيها العَنْز بالتّكلُّم

وقال النّضر : الزَّبونةُ من الرِّجال : الشديدُ المانع لُما وراءَ ظَهْرِه.

وقال أبو زيد : يقال : زُبانَى وزُبانَيان وزُبانَيات للنّجم ، وزُبانَيا العقرب : قَرْناها ، وزُبانَيات.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الزِّبِّينُ : الدافعُ للأخبَثَين.

ورُوِي عن ابن شُبرُمة : ما بها زَبِّين ، أي : ليس بها أحد. وقال :

فعفى ثم عفى فداك منها

معالمها فما فيها زبين

أي : ما بها أحد.

وقيل : لبَيْع الثَّمر بالثَّمر مُزابَنة ، لأن كلّ واحد منها إذا نَدِم زَبَنَ صاحبَه عمّا عَقَد عليه ، أي : دفعه.

نزب : أبو عمرو وغيره : نَزَبَ الظَّبيُ يَنزِب نَزيبا : إذا صاح.

والنَّزَبُ والنَّبَزُ : اللَّقب.

نبز : عَمْرو عن أبيه : النِّبْز : قشورُ الجُدام وهو السَّعَف. قال : وهو النَبَز والنَزَبُ

١٥٦

والقِزْي والنَّقِزُ : اللَّقَب.

قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) [الحجرات : ١١].

قال الزّجاج : معناه : لا يقول المُسلِم لمن كان نصرانيا أو يهوديّا فأَسلَم لقبا يُعيِّره فيه بأنّه كان نصرانيا أو يهوديّا ، ثم وكَّدَه فقال : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) [الحجرات : ١١] ، أي : بئس الاسم أن يقول له يا يهوديّ وقد آمن.

قال : ويحتمل أن يكون في كلّ لقب يَكرَهه الإنسان ، لأنّه إنما يجب أن يُخاطِب المؤمن أخاه بأحبّ الأسماءِ إليه.

زنب : عمرو عن أبيه قال : الأزْنَبُ : السَّمين ، وبه سمّيتِ المرأةُ زينب ، وقد زَنَبَ يَزْنَب زنبا : إذا سَمِن.

وقال ابن الأعرابيّ : الزَّيْنَبُ : شجرٌ حَسن المنظر طيب الرائحة ، وبه سُمِّيت المرأة زَينب بهذه الشجرة.

قال : والزَّنَب : السِّمن. وواحدُ الزَّينبِ للشجر : زيْنَبة.

وقال الخليل : الأسماء على وجهين : أسماءُ نَبز مثل : زيد وعمرو ، وأسماء عامِّ مثل : فَرَس ورجُل ونحوه.

وقال : والنّبزُ : الاسم وهو كاللَّقب.

قال أبو عبيد : الزُّنابَى : شِبه المخاط يقع من أُنوف الإبل.

ز ن م

زنم ـ زمن ـ مزَن : [مستعملات].

زنم : قال الليث : الزَّنمتان : زَنَمَتَا الفُوق.

قلتُ : وهما شرخا الفُوق ، وهما مَا أَشرف من حَرْفيه.

قال : وزَنمتَا العَنز من الأُذن. والزَّنمة أيضا : اللَّحمة المتدلِّية في الحلق تسمّى مُلازة.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : المُزَنّم والمُزلَّم الذي يُقطع أُذُنه ويُترك له زَنمة.

ويقال : المُزنَّم المُزلّمُ للكريم ، وإنما يفعل ذلك بالكرام منها.

الليث : الزَّنيمُ : الدعِيّ ، والمُزَنّم : الدَّعي ، وأَنشد :

* يَقْتَنُون المُزَنَّمَا*

أي : يَستعبِدونه.

قال : والمزنَّم : صغار الإبل.

قلتُ : وهذا باطلٌ أَعني ما قال في المزنَّم إنّه الدّعيّ ، وإنه صغار الإبل. إنما المزنّم من الإبل الكريمُ الذي جُعِل له زنمةٌ علامةً لكَرمه.

وأما الزنيمُ فهو الدّعيّ.

قال الفرّاء في قول الله تعالى : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣)) [القلم : ١٣] ، الزنيم : الدّعيّ المُلصق بالقوم وليس منهم. فقال الزجاج مثله.

قال : وقيل : الزنيمُ الذي يُعرف بالشر كما

١٥٧

تُعرف الشاة بزنمتها. والزنمتان : المعلَّقتان عند حلوق المِعزى.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الزنيمُ : ولدُ العيْهَرة. والزَّنيمُ أيضا : الوكيل.

أبو عُبيد عن الأحمر : من السمات في قَطْع الجلد الرَّعْلَة ، وهو أن يشق من الأُذُن شيء ثم يترك معلقا ، ومنها الزنمة ، وهي أن تبين تلك القطعةُ من الأذن والمُفْضَاة مثلها.

اللحياني : أَودى به الأزلمُ الجذع ، والأزنَم : الجذع ، قال رؤبة يصف الدهر :

* أفنى القُرون وهو باقٍ زَنَمهُ *

وأصلُ : الزّنمة : العلامة.

مزن : عمر عن أبيه قال : المزْنُ : الإسراع في طلب الحاجة.

وقال الليث : مزن يمزُن مزونا : إذا مضى لوجهه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : هذا يوم مُزنٍ : إذا كان يوم فرار من العدوّ.

وقال : مُزينة تصغير مُزنة ، وهي السَّحابة البيضاء.

قال : ويكون تصغير مَزْنة ، يقال : مَزَن في الأرض مَزنةً واحدة ، أي : سار عُقْبة واحدة. وما أَحسن مُزْنَتَه ، وهو الاسم مثل حُسْوة وحَسْوة.

أبو عُبيد وغيره : المازِنُ : بيضُ النّمْل ، وأَنشد :

وتَرَى الذّنين على مراسِنِهم

يوم الهياجِ كمازِنِ الجثلِ

وقال قُطربُ : التمزُّنُ : التَّطرُّف ، وأنشد :

بعد ارقدادِ العزَب الجموح

في الجهلِ والتمزُّن الرَّبيحِ

قلتُ : التمزُّن عندي ههنا تفعّل ، من مزَن في الأرض : إذا ذهب فيها ، وهو كما يقال : فلان شاطرٌ ، وفلانٌ غيّار ، وقال رؤبة :

وكُنّ بعد الضّرْحَ والتَّمزُّن

يَنقَعْنَ بالعذاب مشاشَ السنْسِنِ

هو من المزُون ، وهو البُعد.

وقال ابن دُريد : فلانٌ يتمزَّن على أصحابه : كأنه يتفضّل عليهم ويظهر أكثرَ مما عنده.

وقال المبرّد : مزنتُ الرجلَ تمزينا : إذا فَرّظته من ورائه عند خليفةٍ أو والٍ.

قال : وقيل : التمزنُ ، أي : تَرى لنفسك فضلا على غيرك ، ولستَ هناك ، وقال رَكّاض الدُّبيري :

يا عُروَ إنْ تكذب عليّ تمزُّنا

بما لم يكن فاكذِبْ فلستُ بكاذِبِ

وقال المبرد : مزون اسم من أسماء عُمان.

قال الكميت :

فأما الأزْدُ أزْدُ أبي سعيد

فأكره أن أُسميها المَزُونا

١٥٨

وقال جرير :

وأطفأتُ نيرانَ المَزُونِ وأهلِها

وقد حاولوها فتنةً أن تُسَعَّرا

زمن : قال الليث : الزمن من الزمان : والزَّمِن ذو الزمانة والفعل زمِن يزْمن زمنا وزمانةً والقومُ زمْنَى : وأَزمنَ الشيءُ : طال عليه الزمان.

شَمر : الدهرُ والزمانُ واحد.

وقال أبو الهيثم : أخطأ شمر ، لأن الزمان زمانُ الرطب والفاكهة ، وزمانُ الحرّ والبرد ، ويكون الزمان شهرين إلى ستة أشهر ، قال : والدهر لا ينقطع.

قلتُ أنا : الدهرُ عند العَرب يقع عَلَى قدْر الزمان من الأزمنة ، ويقع على مدَّة الدنيا كلِّهَا ، سمعتُ غيرَ واحد من العرب يقول : أقمنَا بموضع كذا دَهْرا ، وإن هذا المكان لا يحملنا دَهْرا طويلا ، والزمان يقع على الفصل من فُصول السنة ، وعَلَى مُدة ولاية والٍ ، وما أَشبهه.

ز ف ب : مهمل.

ز ف م : مهمل.

[باب الزاي والباء مع الميم]

ب ز م

استعمل منه : بزم.

بزم : قال الليث : البزْمُ : شدة العَض بمقدَّم الفم ، وهو أخف من العَض ، وأَنشد :

ولا أَظنُّكَ إنْ عَضّتكَ بازمَةٌ

من البَوازم إلّا سَوْف تَدْعُوني

وأهلُ اليمن يسمّون السِّن : البزم.

وقال أبو زيد : بزمْت الشيء : وهو العَض بالثّنايا دون الأنياب والرَّباعيات ، أُخذ ذلك من بزْم الرامي ، وهو أَخذُه الوتَر بالإبهام والسَّبابة ، ثم يُرسل السّهم.

قال : والكدْم بالقَوادِم والأنياب.

وقال الليث : الإبْزِيمُ : الّذي في رأس المِنْطَقَة وما أشبَهها.

وقال ابن شُمَيل : الحَلْقة الّتي لها لِسانٌ يُدْخَل في الخَرْق في أسفل المِحمَل ، ثم تَعضّ عليها حَلْقَتها ، والحَلْقة جميعا إبْزِيم ، وهُنّ الجوامع تَجمَع الحوامل ، وهي الأوازِم وقد أَزَمْن عليه.

وأراد بالمِحمل حمّالة السّيف ؛ قال ذو الرُّمة يصف فلاة أجهضت الركابُ فيها أولادَها :

بهامى مكَففة أكفانُها قَشَب

فكّتْ خواتيمها عنها الأبازيمُ

بها بهذه الفلاة أولاد إبل أجهضتها فهي مكفّفة في أغراسها فكّت خواتيم رحمها عنها الأبازيم ؛ وهي أبازيم الأنساع.

وقال الليث : البَزِيم وهو الوَزِيم : حُزْمة من البَقْل ؛ وأنشد :

* بأبْلُمَةٍ تُشَدُّ على وَزِيم*

وقال الفرّاء : البَزْمُ والمَصْرُ : الحَلْب بالسبابة والإبهام.

١٥٩

والبَزْم : ضرِيمُة الأمر ، وهو ذو مُبازَمةٍ ، أي : ذو صَرِيمه للأمِد.

سلمة عن الفرّاء قال : البَزْمةُ : وَزْنُ ثلاثين ، والأوقيّةُ : وزنُ أربعين ، والنَّشُ : وزنُ عِشرين.

أبو عُبيد عن الفرّاء : هو يأكل وَزْمَة.

وبَزْمَة : إذا كان يأكل وَجْبةً في اليوم والليلة.

ويقال : بزمته بازمةٌ من بوازم الدهر ؛ أي : أصابته شدّةٌ من شدائد. وفلان ذو بازمة ، أي : ذو صريمة.

١٦٠