تهذيب اللغة - ج ١٣

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٣

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

كأن أمسيّا به من أمس

يصفَرُّ لليُبْس اصفرار الوَرْس

قال ابن بزرج : قال عرّام : ما رأيته مذ أمس الأحدث.

وكذلك قال نجاد قال : وقال الآخرون بالخفض مذ أمس الأحدث.

وقال نجاد : عهدي به أمس الأحدث ، وأتاني أمس الأحدث.

قال : وتقول : ما رأيته قبل أمس بيوم ، تريد : أول من أمس ، وما رأيته قبل البارحة بليلة.

موس : قال الليث : المَوْسُ : لغةٌ في المَسْي ، وهو أن يُدخل الراعي يدَه في رَحِم الناقة أو الرَّمَكة يَمْسُطُ ماء الفَحل من رحمها استِلاما للفَحْل كراهيةَ أن تحمِل له.

قلتُ : لم أسمعْ المَوْس بمعنى المَسْيِ لغير الليث.

وقال اللّيث أيضا : المَوْس تأسيسُ اسم الموسَى الذي يُحلَق به ، وبعضُهم ينوِّن مُوسًى.

قلت : جعَلَ الليثُ مُوسَى فُعْلَى من المَوْس ، وجَعل الميمَ أصليّة ، ولا يجوز تنوينُه على قياسه.

لأن فُعلَى لا ينصرف.

وقال ابن السكيت : يقال : هذه مُوسَى حَدِيدة وهي فُعْلى عن الكسائيّ.

قال : وقال الأمويّ : هو مذكّر لا غير ، هذا موسى كما ترى ، وهو مُفعَلٌ من أوْسَيْتُ رأسَه : إذا حلقته بالمُوسَى.

قال يعقوب : وأنشدنا الفرّاء في تأنيث المُوسَى :

فإن تَكُن المُوسَى جَرَت فوقَ بَظْرِها

فما وُضِعَتْ إلّا ومصّانُ قاعِدُ

وقال الليث : أما مُوسَى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيقال : إن اشتقاقَه من الماء والسّاج ، ف «المو» : ماء و «ساء» : شَجَر لِحالِ التابوتِ في الماء.

أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : يقال : ماسَ يَميس مَيْسا : إذا مَجَن.

وقال اللّيث : المَيْسُ : ضَرْبٌ من المَيسَان في تَبَخْتُر وتَهَادٍ ؛ كما تَمِيسُ العَروسُ والجَملُ وربَّما ماسَ بِهَوْدَجِه في مَشْيِه فهو يَميسُ مَيَسانا.

قلت : وهذا الّذي قاله الليث صحيح ، يقال : رجلٌ مَيّاسٌ وجاريةٌ مَيّاسة : إذا كانا يَخْتالان في مِشْيَتِهما.

وقال الليث : مَيْسان اسمُ كُورةٍ من كُوَرِ دِجْلَة ـ والنِّسْبَة إليها مَيْسَانيّ ومَيْسَنَانِيّ ، وقال العجّاج يصف ثورا وَحْشيّا :

* ومَيْسَنانِيّا لها مُمَيَّسَا*

وقبله :

* خَوْدٌ تخال رَيطها المدْمَقا*

يعني : ثيابا تنسج بميسان. مُمَيَّس : مُذَيَّل ، أي : له ذيل.

عمرو عن أبيه : المَيَاسِين : النُّجوم

٨١

الزَّاهرة. والمَيْسُون : الحَسَنُ القَدّ والوجهِ من الغِلْمَان.

وقال الليث : المَيْسُ : شجرٌ من أجوَد الشّجَر وأَصْلَبِه وأصلَحِه لضعفه للرّحال ؛ ومنه تُتَّخذ رِحالُ الشام ، فلما كَثُر ذلك قالت العرب : المَيْسُ : الرَّحْل.

وقال النضر : يسمّى الدُّشْتُ المَيْس شجرة مزورة تكون عندنا ببلخ فيها البعوض.

وفي «النّوادر» : ماسَ اللهُ فيهم المَرَض يَمِيسُه ، وأماسَه فيهم يُمِيسه ، وبَسَّه وثَنّهُ : أي : كَثّرَ فيهم.

مسي : أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ : يقال : مَسَى يَمْسِي مَسْيا : إذا ساءَ خُلُقُه بعد حُسْن. قال : ومَسَى يمسي مسيا وأَمْسى ومَسَّى كلُّه : إذا وعَدَك بأمرٍ ثم أَبْطَأَ عنك.

أبي عُبيد عن الأصمعي : الْمَاسُ خفيفٌ غيرُ مهموز ، وهو الّذي لا يلتِفت إلى موعظةِ أحد ولا يَقبَل قوله ، يقال : رجل ماسٌ وما أَمْساهُ.

قلت : كأنّه مقلوبٌ كما قالوا هارٍ وهارٌ وهائرٌ ومثله رَجُلٌ شاكِي السِّلاح ، وشاكُ السِّلاح.

قلت : ويجوز أن يكون ماسٌ كان في الأصل ماسئا بالهمز فخفّفت همزُه ثم قُلِب.

قال أبو زيد : الماسئ : الماجِنُ ، وقد مَسأ : إذا مَجَن.

وقال الليث : المَسْيُ لُغَةٌ في المَسْوِ ؛ إذا مَسَطَ الناقةَ ، قال : مَسَيْتُها ومَسَوْتُها.

أبو عُبيد عن أبي زيد : مَسَيْتُ النَّاقةَ : إذا سَطَوْتَ عليها ، وهو إدخالُ اليد في الرَّحم ، والمَسْيُ : استخراجُ الوَلَد.

وقال الليث : الْمُسْيُ من المساء كالصُّبح من الصَّباح ، قال : والمُمْسى كالمُصْبح ، قال : والمَساء بعد الظُّهر إلى صَلاةِ المغرب.

وقال بعضهم : إلى نصفِ الليل. وقول الناس : كيف أَمْسيْت ، أي : كيف أنت في وقت الْمَساء. ومسيتُ فُلانا قلت له كيفَ أمسيت وأمسينا نحن صرنا في وقت المساء.

وقال أبو عمرو : لَقِيتُ من فلانٍ التَّماسِي ، أي : الدَّواهي ، لا يُعرَف لها واحد ، وأَنشَد لِمِرْداس :

أُرَاوِدُها كَيْما تَلِينَ وإنّنِي

لأَلْقى عَلَى العِلَّاتِ منها التّماسِيا

ويقال : مَسَيْتُ الشيءَ مَسْيا : إذا انْتَزَعْتَه ، وقال ذو الرّمة :

يَكَادُ المِراحُ العَرْبُ يَمْسِي غُروضَها

وقد جَرَّدَ الأكتافَ مَوْرُ المَوارِكِ

وقال ابن الأعرابيّ : أَمْسَى فلانٌ فلانا : إذا أعانه بشيء.

وقال أبو زيد : رَكِب فلانٌ مَسْأَ الطَّرِيق : إذا ركب وسَطَه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ماسَى فلانٌ

٨٢

فلانا : إذا سَخِر منه ، وسامَاه : إذا فاخَره.

ومس : أبو عُبَيد عن أبي زيد : المومِسَة : الفاجرة. وقال اللّيث : المُومِسات : الفَوَاجِرُ مُجاهَرَةً.

وقال ابنُ دُرَيْد : الوَمْسُ : احتِكاكُ الشَّيء بالشيء حتَّى يَنْجَرِد ؛ وأنشد قولَ ذي الرُّمة :

* وقد حَرَّدَ الأكْتافَ وَمْسُ الحَوارِكِ*

قلت : ولم أَسْمَع الوَمْسَ لغيره ، ورواه غيرُه : مَوْرَ المَوَارِك ، والمَوَارِك : جمع المِيرَكَة والمَوْرِك.

مأس : قال اللِّحيانيّ : يقال للنَّمام المائِسُ والمَؤُوس والمِمْآسُ : وقد مأسْتُ بينهم ، أي : أَفسَدْتُ.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : مأَسْتَ بين القوم ، وأَرَّشْتَ ، وأرَّثْتَ بمعنًى واحد.

* * *

٨٣

باب اللفيف من حرف السين

ومن حروفه المستعمَلة : السَّيء. والسَّيّ.

وسِوَى. وسَواء. وساوَى. واستَوى.

والسويّة. والسّوِيّ. والسُّوء. والسَّوء.

والسَّيِّىء. والسَّوْء. وأسْوَى. والسَّأْوُ.

والسّوس. والسّيساء. والوسْواس.

وأوَس. والآس. والأس. وألاس.

والأيْس. والأُسّ. والأسى. والأسية.

والأسْوَ. والسّيَة. والأسيس. والسواس.

والساسا. والواسىء. وويس. والساية.

[سيأ] : الحراني عن ابن السّكيت : السَّيْء لبنٌ يكون في أَطْرَافِ الأَخلاف قبل نُزول الدِّرّة ، قال زُهير :

كما استغاثَ بسَيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ

خافَ العُيونَ ولم يُنظَر به الحَشَكُ

[سيي] : والسِّيّ غيرُ مهموز مكسور السين : أرضٌ في بلاد العرب معروف. ويقال : هما سِيّانِ أي هما مِثْلان. والواحد سيّ.

أبو عبيد : تَسَيَّأَتِ الناقةُ إذا أَرسلتْ لَبنَها من غير حَلَب ، وهو السَّيْءُ.

ويقال : إن فلانا ليتسيَّأ لي بشيء ، أي بشيء قليل ، وأصله من السّيْىء وهو اللبن قبل الدرّةِ ونزولها.

ويقال : أرض سيّ ، أي مستوية.

قال ذو الرمة :

* زهاء بَساط الأرض سيّ مخوفة*

وقال آخر :

* بأرض ودعان بساطٌ سيّ *

ويقال : وقع فلان في سِيِ رأسِه وسَواء رأسِه ، أي : هو مغمورٌ في النِّعمة ، حكاه ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء. وأمّا قولُ امرىء القيس :

ألا رُبَّ يومٍ صالحٍ لكَ منهما

ولا سِيِّما يومٌ بِدَارةِ جُلْجُلِ

ويُروى ولا سيّما يوم ، فمن رواه : «ولا سيما يوم» أراد ولا مِثْلُ يَوْمٍ و «ما» صلة.

ومَن رواه «يومٌ» أرادَ ولا سِيَّ الذي هو يومٌ.

أبو زيد عن العَرَب : إن فلانا عالمٌ ولا سِيّما أخُوه قال : و «ما» صلة ، ونصبُ سِيَّما بلا الجَحْد و «ما» زائدة ، كأنّك قلتَ : ولا سِيَّ يَوْمٍ.

وقال الليث : السِّيُ : المكانُ المستوِي ، وأنشد :

* بأَرْضِ وَدْعانَ بَساطٌ سِيُ *

أي : سواءٌ مستقيم.

[سوي] : ويقال للقوم إذا استوَوْا في الشّر :

هم سَواسِية. ومن أمثالِهم : سَواسِيّة كأسْنان الحِمار ، وهذا مِثْلُ قولهم : لا

٨٤

يزال الناسُ بخير ما تَبايَنوا ، فإذا تَساوَوْا هَلَكوا ، وأصلُ هذا أن الخيرَ في النادر من النّاس ، فإذا استَوى الناسُ في الشرّ ولم يكن فيهم ذُو خَيْر كانوا من الهلْكى.

وقال الفراء : يقال هم : سَواسِيَة : يَستوُون في الشرّ ، ولا أقول في الخير ، وليس له واحد.

وحُكي عن أبي القَمْقام : سَواسِيه ، أراد سَواء ، ثم قال سِيَة ، ورُوي عن أبي عمرو بن العَلاء أنه قال : ما أشدَّ ما هجا القائلُ وهو الفرزدق :

سَواسِيّه كأَسْنان الحِمار

وذلك أن أسْنَانَ الحِمار مستويَة.

وقولُ الله جلّ وعزّ : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [البقرة : ٢٩].

قال الفراء : الاستواء في كلام العرب على جهتين : إحداهما أن يَستوِيَ الرجلُ ويَنتهي شَبابُه وقوَّتُه ، أو يستوي من اعوجاج ، فهذان وجهان ، ووجهٌ ثالث أن تقول : كان فلانٌ مُقبِلا على فلان ثم استَوى عليَّ وإليّ يُشاتمُني ، على معنى : أقبلَ إليَّ وعَليّ ، فهذا معنى قوله تعالى : (ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) ، والله أعلم.

قال الفراء : وقال ابن عباس : (ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) : صَعِد ، وهذا كَقولِك للرجل : كان قائما فاستوَى قاعِدا ، وكان قاعدا فاستوَى قائما وكُلٌّ في كلام العَرَب جائز.

وأخبَرَني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى أنه قال في قول الله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)) [طه : ٥] ، قال : الاستواء : الإقبال على الشيء.

وقال الأخفش : استَوى أي علا ، ويقول : استوَيْتُ فوقَ الدّابة ، وعلى ظهر الدَّابة ، أي : عَلَوْته.

وقَال الزَّجَّاج : قال قومٌ في قوله عزوجل : (ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) عَمَد وقَصَد إلى السّماء ، كما تقول : فَرَغ الأميرُ مِن بلدِ كذا وكذا ، ثم استَوى إلى بلدِ كذا وكذا ، معناه : قَصَد بالاستواء إليه.

قال : وقول ابن عبَّاس في قوله : (ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) أي : صَعِد ، معنى قول ابن عباس ، أي : صَعد أمرُه إلى السَّماء. وقولُ الله جلَّ وعزَّ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) [القصص : ١٤] ، قيل : إنّ معنى (اسْتَوى) ههُنا بلغَ الأربعين.

قلت : وكلامُ العَرَب أن المجتمِع من الرجال والمستوِيَ هو الذي تمّ شَبابُه ، وذلك إذا تمّت له ثمان وعشرون سَنة فيكون حينئذ مجتمِعا ومستوِيا إلى أن تتمّ له ثلاثٌ وثلاثُون سَنَةً ، ثم يَدخُل في حَدِّ الكُهولة ، ويَحتمل أن يكون بُلوغُ الأربعين غايةَ الاستواء وكمال العقل والحُنْكة ، والله أعلم.

وقال الليث : الاستواء فِعْلٌ لازمٌ ، من قولك : سوَّيْتُه فاستَوَى.

٨٥

وقال أبو الهيثم : العَرَب تقول : استَوَى الشيءُ مع كذا وكذا أو بكذا ، إلّا قولهم للغلام إذا تمَّ شَبابُه : قد استوَى. قال : ويقال : استوَى الماءُ والخَشَبَة ، أي : مع الخَشَبةِ ، الواو ههنا بمعنَى مع.

وقال الليث : يقال في البَيْع لا يُساوِي : أي لا يكون هذا مع هذا الثَّمن سِيَّيْن.

ويقال : ساويت هذا بذاكَ : إذا رفعتَه حتى بلغَ قدرَه وَمبلَغه ، وقال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) [الكهف : ٩٦] ، أي : سوَّى بينها حين رفع السّدِّ بينهما.

أبو عُبيد عن الفرّاء : يقال : لا يُساوِي الثوبُ وغيرُه كذا وكذا ، ولم يَعرِف يَسْوِي.

وقال الليث : يَسوَى نادرةٌ ، ولا يقال منه سَوِي ، ولا سَوَى كما أنّ نكراء جاءت نادرةً ، ولا يقال لذَكرِها أَنْكُر. قال : ويقولون : نَكِرَ ولا يقولون : يَنكَرُ.

قلت : وقول الفرّاء صحيح ، وقولُهم : لا يَسوَى ليس من كلام العرب ، وهو من كلام المولَّدين ، وكذلك لا يُسْوَى ليس بصحيح.

ويقال : ساوَى الشيءُ الشيءَ : إذا عادَلَه ، وساوَيْتُ بين الشيئين : إذا عَدَلْتَ بينهما ، وسَوّيتَ.

ويقال : تَساوَت الأمورُ واستوتْ ، وتساوَى الشيئان واستَوَيا بمعنًى واحد ، وأما قولُ الله جلّ وعزّ : (فَقَدْ ضَلَ سَواءَ السَّبِيلِ) [البقرة : ١٠٨].

فإنّ سلمة رَوَى عن الفرّاء أنّه قال : (سَواءَ السَّبِيلِ) قصْد السبيل ، وقد يكون «سواءٌ» في مذهب «غير» كقولك : أتيتُ سِواءك ، فتمدّ.

الحرّاني عن ابن السّكيت قال : سَواء ممدود بمعنى وَسَط.

قال : وحَكَى الأصمعيّ عن عيسى بن عمرَ : انقطع سَوائي أي وَسَطي ، قال : وسِواءٌ وسَوَى بمعنى غير وكذلك سُوًى.

قال : وسَواء بمعنَى العَدْل والنَّصَفة.

قال الله جلّ وعزّ : (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران : ٦٤] ، أي : عَدْلٍ.

وقال زُهَيْر :

أَرُونِي خُطّةً لا عَيْب فيها

يُسوِّي بينَنا فيها السَّواءُ

وقول ابن مقبل :

أردّا وقد كان المزار سواهما

على دُبر من صادر قد تبدّدا

قال يعقوب في قوله : وقد كان المزار سواهما ، أي : وقع المزار على سواهما أخطأهما. يصف مزادتين ، وإذا تنحى المزار عنهما استرختا ولو كان عليهما لرقعهما ، وقلَّ اضطرابهما.

وقال أبو الهيثم نحوه ، وزاد فقال : يقال : فلان وفلان سواعد ، أي : متساويان ، وقومٌ سَواء لأنّه مصدر لا يثنى ولا يُجمَع.

٨٦

قال الله تعالى : (لَيْسُوا سَواءً) [آل عمران : ١١٣] ، أي : ليسوا مُستَوِين.

قال : وإذا قلتَ : سواءٌ عليّ احتجتَ أن تُترجِم عنه بشيئين ، كقولك : سواءٌ سألتَني أو سكَتّ عني ، وسواءٌ حَرَمْتَني أم أعْطيْتَني.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ ، يقال : عقلك سواك ؛ مثل عزب عنك عقلك.

وقال الحطيئة :

* ولا يبيت سواهم حِلْمُهم عزبا*

وسِوى الشيء : نفسُه ، قاله ابن الأعرابي أيضا ، ذكره ابن الأنباري عنه.

أبو عبيد : سواء الشيء ، أي : غيره ، كقولك : رأيت سواءك. قال : وسواءُ الشيء : هو نفسُه.

قال الأعشى :

تجانف عن جُل اليمامة ناقتي

وما عدلت عن أهلها لسوائِكَا

وبسوائك يريد بك نفسك.

قلت : وسوى بالقصر تكون بالمعنيين ، تكون بمعنى غير ، وتكون بمعنى نفس الشيء.

وروى أبو عبيد ما رواه عن أبي عبيدة.

ثعلب عن ابن الأعرابي ، يقال : دارٌ سَواء ، وثوبٌ سواء ، أي : مستوٍ طولُه وعَرْضُه وصفاته ولا يقال : جَمَل سَواء ، ولا حِمارٌ سَواء ، ولا رَجُل سواء.

وقال ابن بُزُرْج : يقال : لئن فعلتَ ذاكَ وأنا سِواكَ ليأتينّك مِنّي ما تَكرَه ، يريد : وأَنا بأرْضٍ سِوَى أَرْضِك.

ويقال : رجلٌ سواءُ البَطْن : إذا كان بطنه مستويا مع الصَّدر. ورجلٌ سَواءُ القَدَم : إذا لم يكن لها أَخمص ، فسواءٌ في هذا المعنى : المستوِي.

وقال الفرّاء : يقال : وقع فلانٌ في سَواء رأسه ، أي : فيما ساوَى رأسه من النَّعمة.

وأرضٌ سواء : مستوِية.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : سَوّى : إذا اسْتَوَى ، ووسَّى إذا حَسُن.

قال : والوسْيُ : الاستواء. وسوًى في معنى غير.

قال : والوسْي : الحلْق ، يقال : وسى رأسَه وأوساه : إذا حلقه.

وقال الليث : يقال هُما على سَوِيّةٍ من الأمر ، أي : على سواء ، أي : استواء.

قال : والسَّوِيّة : قَتَبٌ عجميٌّ للبعير ، والجميع السَّوايا.

أبو عُبيد عن الأَصْمَعِيّ : السَّوِيّةِ كساءٌ محشُوٌّ بثُمام أو ليفٍ أو نحوه ، ثُمَّ يُجعل على ظهر البعير ، وإنما هو من مراكب الإماء وأَهل الحاجة.

قال : والحوِيّة : كساء يُحَوّي حولَ سنام البعير ثم يُركَب.

وقول الله : (بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] ، وقال : (ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١٠].

٨٧

قال الزجاج : لمّا قال زكريا لربّه : (اجْعَلْ لِي آيَةً) [مريم : ١٠] أي : علامةً أعلم بها وقوعَ ما بُشِّرتُ به قال : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١٠] ، أي : تمنع الكلامَ وأنتَ سَوِيٌ لا خرسَ بك فتعلم بذلك أنّ الله قد وهبَ لك الولد. وسَوِيّا منصوب على الحال.

وأما قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] ، يعني جبريلَ تمثَّلَ لمريم وهيَ في غرفة مُغْلق بابُها عليها محجوبةٌ عن الخلْق ، فتمثل لها في صورة خَلْقِ بشرٍ سويٍ ، فقالت له : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) [مريم : ١٨].

وقال أبو الهيثم : السّوِيّ : فَعيل في معنى مُفْتَعِل ، أي : مستوٍ.

قال : والمستوي : التامُّ في كلام العَرَب الذي قد بلغ الغاية في شبابه وتمامِ خلقه وعَقْلِه.

قال : ولا يقال في شيءٍ من الأشياء : استوَى بنفسه حتى يُضَمَّ إلى غيره ، فيقال : استوى فلان وفلان إلا في معنى بلوغ الرجل الغاية ، فيقال : استوى.

قال : واجتمع مثله.

وقول الله جلّ وعزّ : (مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨] ، و (سِوىً).

قال الفراء : أكثر كلامِ العرب بالفَتْح إذا كان في معنى نَصَف وعَدْل فتحُوه ومدُّوه.

قال : والكسر والضم مع القصر عربيّان ، وقد قرىء بهما.

وقال الليث : تصغير سواءٍ الممدود : سُوَيّ.

وقال أبو إسحاق : (مكانا سوي) ويقرأ بالضم ، ومعناه منصفا ، أي : مكانا في النصف فيما بيننا وبينك. وقد جاء في اللغة سواء بالفتح فهذا المعنى. تقول : هذا مكان سواء أي : متوسط بين المكانين ، ولكن لم يقرأ إلا بالقصر : سُوىً وسِوًى.

أبو عُبيد عن الفراء : أسْوى الرجلُ : إذا كان خَلْق ولَدِه سويّا ، وخُلُقه أيضا.

ويقال : كيف أَمْسَيْتُم؟ فيقولون : مُسْوون صالحون ، يريدون : أنّ أولادنا ومواشينَا سَوية صالحة.

ورَوَى أبو عبيد بإسناده عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي أنه قال : ما رأيتُ أحدا أَقرأَ من عليّ ، صَلَّينا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزَخا ، ثمّ رَجَع إليه فقرأه ، ثم عاد إلى الموضع الّذي كان انتهى إليه.

قال أبو عبيد : قال الكسائي : أسْوَى : يَعْنِي أسْقَط وأَغفَل ؛ يقال : أَسَوَيْتُ الشيءَ : إذا تَركتَه وأغْفَلْتَهُ.

وقال الأصمعيّ : السَّواءُ ممدود : ليلةُ ثلاثَ عشرة ، وفيها يَستَوِي القمر.

ويقال نزَلنَا في كلَاءٍ سَيٍ ، وأَنْبَطَ ماءً سِيّا : أي : كثيرا واسعا.

٨٨

أبو عبيد عن الفراء : هو في سيّ رأسه ، وسواء رأسه ، وهي النعمة.

قال شمر : لا أعرف في سيّ رأسه وسواء رأسه ، وقال غيره : معناه : فيما ساوى رأسه.

سلَمة عن الفرّاء قال : السَّاية فَعْلَةٌ من التّسوية.

وقولُ الناس : ضَربَ لي سايَةً ، أي : هَيّأَ لي كلمةً سَوَّاها عَلَيّ ليَخدَعَني.

وقال أبو عمرو : يقال : أَسوَى الرجلُ : إذا أَحدَث من أم سُويد ، وأَسْوَى : إذا بَرِصَ ؛ وأَسوَى : إذا عُوفِيَ بعد عِلّة.

قال : وقيل لقوم : كيف أصبحتمْ؟ فقالوا : مُسْوِين صالِحين.

قلت : أرَى قول أبي عبد الرحمن السُّلَميّ أسْوَى بَرْزَخا ، بمعنى أَسقَط ، أَصلُه من أَسْوَى إذا أحدث ؛ وأصلُه من السَّوْءَة ، وهي الدُّبُر ، فتُرِك الهمزُ في فِعلها ؛ والله أعلم.

سوأ : قال الليث : ساءَ يَسُوء : فِعلٌ لازم ومُجاوزٌ ، يقال : ساء الشيءُ يَسُوء فهو سَيّءٌ : إذا قَبحُ. والسُّوء : الاسم الجامعُ للآفات والدّاء.

ويقال : سُؤْتُ وجهَ فلانٍ ، وأنا أَسوءه مَساءَةً ومَسائِيَة ، قال : والمَسايَةُ لغةٌ في المَساءَة ، تقول : أردتُ مَسَاءَتَك ومَسايَتَك ، ويقال : أسأتُ إليه في الصَّنيع ، واستاء فلانٌ في الصَّنيع ، من السوِّ بمنزلة اهتمّ ، من الهَمّ ، أو أَسَاءَ فلانٌ الخِياطةَ والعملَ.

أبو زيد : أَساءَ الرجلُ إساءَة ، وسَوَّأْتُ على الرجلِ فعلَه.

وما صَنَع تَسْوِئةً وتَسْويئا : إذا عِبْتَ ما صَنَع.

وقال الليث : يقال : ساءَ ما فَعَل صَنِيعا يَسُوء ، أي : قَبُح صنيعُه صَنِيعا.

قال : والسَّيّء والسَّيئة : عَمَلان قبيحان ؛ يصير السَّيءْ نَعْتا للذَّكَر من الأعمال ، والسَّيئة للأُنثى ، والله (يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) والسَّيئة : اسْمٌ كالخَطيئة.

قال : والسُّوءَى ـ بوَزْن فُعْلَى ـ : اسمٌ للفَعْلَة السِّيئة ، بمنزلة الحُسْنى للحَسَنة محمولةٌ على جهة النعت في حَدّ أَفْعَل وفُعْلَى كالأَسْوَإ والسُّوْءَى.

وقال ابن السَّكيت : يقال : إن أخطأتُ فَخَطِيئتي وإن أسأت فسَوِّي عليَّ ، أي : قَبِّح عليَ إساءتي.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «سَوْءٌ وَلُودٌ خَيْرٌ من حَسْنَاء عَقِيم».

قال أبو عبيد : قال الأمويّ : السَّوْء : القبيحة ؛ ويقال للرجل من ذلك أسوأ ، مهموزٌ مَقْصور. وقال الأصمعي مِثْله.

قال أبو عبيد : وكذلك كلُّ كلمة أو فَعلة قبيحة فهي سَوْء ؛ وأنْشَدَ لأبي زُبَيد :

ظَلَّ ضَيْفا أخُوكُم لأخينَا

في شَرابٍ ونَعْمَةٍ وَشِواءِ

٨٩

لَمْ يَهَبْ حُرْمَة النَّديم وَحُقَّتْ

يَا لَقَوْمِي للسَّوْءةِ السَّوْآءِ

وقال الليث : السَّوْء : فرج الرَّجُل والمرأة ، قال الله تعالى : (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) [الأعراف : ٢٢] ، قال : والسَّوْءة : كلُّ عملٍ وأَمرٍ شائن ؛ تقول : سَوْءَةً لفلان ؛ نَصْبٌ لأنَّه شَتْمٌ ودُعاء.

قال : والسَّوْءة السَّوْءاء : هي المرأة المخالِفة.

قال : وتقول في النَّكِرة : رجُل سَوْء ، وإذا عَرَّفْتَ قلتَ هذا الرَّجلُ السَّوْءُ ، ولَمْ تُضِف. وتقول : هذا عَملُ سَوْء ، ولَمْ تقُل عَمَل السَّوْء ؛ لأن السَّوْء يكون نَعْتا لِلعَمَل ، لأنَّ الفِعْل من الرجل وليسَ الفعْلُ من السَّوْء ، كما تقول : قَوْلُ صِدْق ، وقولُ الصِّدْقِ ، ورَجُل صِدْق ، ولا تقول : رَجُلُ الصِّدْق لأنَّ الرجلَ ليس من الصِّدْق.

وقال ابن هانىء : المصدر السَّوْء ، واسم الفعل السوء. وقال : السَّوء مصدر سؤته أسوءه سوءا ، فأما السَّوْء فاسم الفعل ؛ قال الله تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) [الفتح : ١٢] ، قال : وقيل من السَّوْء من الذَّكَر أَسْوَأ ، والأنثى سَوْءَاء. يقال : هي السَّوْءة السَّوْءاء.

وقيل : في قوله تعالى : (كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) [الروم : ١٠] أي : هي جهنم.

سلمة عن الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [الفتح : ٦] ، مِثْلُ قولك : رَجُلُ السّوْء. قال : و (دائِرَةُ السَّوْءِ) : العذاب. والسَّوْءُ بالفَتْح أفشَى في القراءة وأكثر ؛ وقَلَّما. تقول العرب : دائرة السُّوء بالضم.

وقال الزجّاج في قوله : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [الفتح : ٦] ، كانوا ظنّوا أن لن يعودَ (الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ) ، وزين ذلك في قلوبهم ، فجعل اللهُ دائرةَ السُّوء عليهم قال : ومن قرأ (ظن السُّوء) ، فهو جائز ؛ ولا أعلم أحدا قَرَأَ بها ، إلا أنَّها قد رُوِيَت.

وزَعَم الخليلُ وسيبويه أنَّ معنى السُّوْء ههنا : الفسادُ ، المعنى الظانِّين بالله ظنَّ الفساد ، وهو ما ظَنُّوا أن الرَّسول ومَنْ مَعَه لا يَرْجِعون ، قال الله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) أي : الفسادُ والهلاكُ يقع بهم.

قلتُ : قولُ الزّجاج لا أعلم أحدا قرأ (ظَنّ السُّوءِ) بضمّ السين ممدود وهَم ، وقد قرأ ابنُ كثير وأبو عمرو : (دائرة السُّوء) بضم السين ممدودة في سورة براءة ، وسورة الفتح ، وقرأ سائرُ القُرّاء السَّوْء بفتح السين في السُّورتين ، وكثُر تعجُّبي من أن يَذهبَ على مِثل الزجاج قراءةُ هذين القارئَين الجليلَين مع جلالةِ قَدْرِهما.

وقال الفرّاء في سورة براءة في قوله : (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [التوبة : ٩٨].

٩٠

قال قراءة الفرّاء : بنصب السين ، وأراد بالسَّوْء المصدر من سُؤتُه سَوْءا ومَساءَةً ومَسائية وسَوائِية ، فهي مَصادر.

ومَنْ رفع السين جعله اسما ، كقولك : عليهم دائرةُ البلاء والعذاب.

قال : ولا يجوز ضمُّ السين في قوله : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) [مريم : ٢٨] ، ولا في قوله تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَ السَّوْءِ) [الفتح : ١٢].

لا يجوز فيه (ظنَ السُوء) ، ولا (امرأ سُوء) ، لأنه ضدّ لقوله : هذا رجلُ صِدْقٍ وثوبُ صِدْق ، فليس للسّوءْ ههنا معنى في بلاءٍ ولا عذاب فيُضم.

قال ابن السكّيت : وقولهم : لا أُنكِرُك من سوء ، أي : لم يكن إنكارِي إيّاك من سوءٍ رأيته بك ، إنّما هو لقلّة المَعرِفة.

ويقال : أنّ السوء كنايةٌ عن اسم البَرَص ، لقول الله تعالى : (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) [طه : ٢٢] ، أي : من غير برص.

ويقال : لا خيرَ في قولِ السوء ، فإذا فتحتَ السين فهو على ما وصفْنا ، وإذا ضَمَمْتَ فمعناه لا تَقُل سوءا ، وفي حديثِ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن رجلا قَصَّ عليه رُؤْيا فاستاءَ لها، قال أبو عُبيد : أراد أن الرؤيا ساءَته فاستاء لها ، افتَعَل من المساءَة.

وفي صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان سواءَ البَطن والصَّدْر، أراد الواصف أن بطنَه كان غيرَ مُستفيض ، وأنه كان مساويا لصَدْره ، وأن صدرَه عريض فهو مساوٍ لبطنِه.

[سأي] : وقال أبو عبيد : سأو ، قال أبو عمرو : فلان بعيد السأْوِ ، أي : بعيدُ الهمّة ؛ وقال ذو الرمّة :

* دامِي الأظلِّ بعيدُ السأوِ مَهْيُومُ*

قال أبو عُبيد : وقيل السأو : الوطَن في قول ذي الرمة.

أبو زيد : سأوْتُ الثوبَ سأوا ، وسَأيته سأيا : إذا مَدَدْتَه فانشقَّ. وسأوْتُ بين القوم سأوا ، أي : أفْسدْت.

سوس : قال اللّيث : السُّوس والسّاس لغتان ، وهما العُثّة الّتي تقع في الثياب والطعام.

أبو عبيد عن الكسائي : ساسَ الطعام يَساس ، وأَساس يُسِيس ، وسَوَّس يُسَوِّس : إذا وَقَعَ فيه السُّوس :

* مُسَوِّسا مُدَوِّدا حَجْرِيا*

وقال أبو زيد : الساسُ غيرُ مهموز ولا ثقيل : القادِحُ في السَّنّ.

وقال الليثُ : السُّوس : حَشيشةٌ تُشبه القَتّ. والسِّياسة : فعل السائس ، يقال : هو يَسُوسُ الدَّوابّ : إذا قام عليها وراضَها.

والوالي يَسُوسُ رَعيّته.

وقول العجاج :

يَجلو بعُود الإسحل المُفَصَّم

غُروبَ لا ساسٍ ولا مُثَلَّم

المفصّم : المكسّر. والسّاس : الذي قد

٩١

ائتكل ، وأصله سائس ، مثل : هار وهائر ، وصاف وصائف. وقال العجاجُ أيضا :

صافي النُّحاس لم يُوشَّغْ بالكَدَرْ

ولم يخالط عودَه ساسُ النخَرْ

قوله : ساس النخر : أي : أكل النخر ، يقال : نخِر يَنخر نخرا. والسَّوَس : مصدَر الأُسْوَس ، وهو داءٌ يكون في عَجْز الدابة بين الوَرِكَين والفَخِذ يُورِثه ضَعفَ الرِّجْل.

وقال ابن شُميل : السُّواسُ : داء يأخذ الخَيْلَ في أعناقها فيُيَبِّسها حتى تموت.

وقال الليث : السَّوَاس : شَجَر وهو من أَفضل ما اتُّخذ منه زَنْد ، لأنه قَلَّ ما يَصْلِد ، وقال الطِّرِمّاح :

وأَخرَجَ أُمُّه لِسَواسِ سَلْمَى

لمَعْفُورِ الضَّنا حَزِم الجَنِينِ

والواحدة سَواسَة.

وقال غيرُه : أراد بالأَخرَج الرّمادَ ، وأراد بأمّه الزَّنْدة أنها قُطِعَتْ من سَواسِ سَلمَى ، وقولُه :

* لِمعفور الضّنا ضَرِمُ الجَنِين*

أراد أن الزَّندةَ إذا فُتِل الزَّندُ فيها أَخرجتْ شيئا أسودَ فيتعَفّر في التّراب ولا يُؤْبه له ، لأنّه لا نارَ فيه ، فهو الولد المعفور ، والضنأ في الأصل الضِّنْؤ ، وهو الولَد فخفّف همزهُ ، ثم تخرج بعد السّواد المعفور النار ، فذلك الجَنِين الضَّرِم ، وذَكر معفور الضَّنا لأنه نسبَه إلى أبيه ، وهو الزَّند الأعلَى.

وقال اللّيث : أبو ساسان : كُنيةُ كِسْرَى ، وهو أَعجَمي ، وكان الحُصَين بنُ المنذِر يُكنى بهذه الكُنْية أيضا.

أبو زيد : سَوَّسَ فلانٌ لفلان أمرا فركِبَه كما تقول : سَوَّلَ له وزَيَّنَ له.

وقال غيره : سَوَّس له أمرا : أي : روَّضه وذَلَّله.

ويقال : سُوِّسَ فلانٌ أمرَ بني فلان ، أي : كُلِّف سِياسَتَهم.

أبو عبيد عن أبي زيد : أَساسَت الشاةُ فهي مُسِيس ، وساسَتْ تُساس سَوْسا ، وهو أن يَكثُر قَمْلُها.

* وسس : قال الله جلّ وعزّ : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤)) [الناس : ٤].

قال أبو إسحاق : الوَسْواس : ذو الوَسْواس ، وهو الشّيطان (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)) [الناس : ٥].

وقيل في التفسير : إن له رأسا كرَأْس الحيّة يَجثِم على القَلْب ، فإذا ذَكَر اللهَ العبدُ خَنَس ؛ فإذا تَرَك ذِكْرَ الله رجَعَ إلى القلب يُوَسْوِس.

وقال الفرّاء : الوِسْواس بالكسر المَصدَر.

والوَسْواس : الشيطانُ ؛ وكلُّ ما حَدَّثك أو وَسْوَس إليك ؛ فهو اسمٌ.

وقال اللّيث : الوَسوسَة : النَّفس.

والهَمْس : الصوت الخَفِيّ مِن رِيحٍ تَهُزّ قَصَبا أو سِبّا ، وبه سُمِّي صوتُ الحُلى وَسْواسا.

٩٢

قال ذو الرّمّة :

* تذأُبُ الريح والوَسْواسُ والهِضَبُ*

يعني بالوَسواس هَمْسَ الصّيّاد وكلامَه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : رجلٌ مَوسْوِس ولا يقال : مُوسوَس.

وإنما قيل : موسْوسٌ لأنّه يحدِّث نفسَه بما في ضميره.

قال : (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) [ق : ١٦] ، وقال رؤبة يصف الصيّاد :

* وَسْوَسَ يَدْعو مخلصا رَبَّ الفَلَقْ*

يقول : لمّا أَحَسّ بالصّيد وأراد رَمْيَه وَسْوَس في نفسه بالدعاء حَذَر الخيبَة والإبراق.

سيس : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : ساسَاه : إذا عَيَّرَه.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : السيساءُ من الفَرَس : الحارك ، ومن الحمار الظَّهْر ، وجمعه سياسي.

قال : وقال الأصمعي : السيساء : الظهر ، والسيساء : المقادة من الأرض المستدقة ، والجمع السياسي.

ابن السكيت عن الأصمعيّ : السِّيْسَاءُ : قُرْدودة الظَّهْر.

وقال الليث : هو من الحمار والبغل : المِنْسج.

[سأسأ] : عمرو عن أبيه : السّأَساءُ والشَّأشاءُ : زجْرُ الحمار.

وقال الليث : السَّأسأَة من قولك : سأْسأْتُ بالحمار : إذا زجرته ليمضيَ قلت سأسأ.

أبو عُبَيد عن الأحمر : سأسأت بالحمار.

وقال ابن شُميل : يقال : هؤلاء بنُو ساسا للسُّؤال.

أوس ـ أسا : قال الليث : أَوْسٌ : قبيلةٌ من اليمن ، واشتقاقه من آس يَئوسُ أَوْسا والاسم الإياس ، وهو العوَض.

يقال : أُسْتُه : أي : عَوّضته.

واستآسَني فأُسْته.

أبو عبيد عن الكسائي والأصمعي : الأوْسُ : العِوَض ، وقد أُسْته أَءوسُه أَوْسا : أعَضْتُه أَعُوضُه عَوْضا.

وقال الجعدي :

* وكان الإله هو المُسْتآسَا*

أي : المستعاضَ.

وقال الليث : أوْس : زجرُ العرب للعَنْز والبقَر ، تقول : أَوْس أوْس.

أبو عُبَيد : يقال للذئب : هذا أَوْسٌ عاديا ، وأنشد :

كما خامرَتْ في حِضنها أمُّ عامرٍ

لدى الحبْل حتى غالَ أَوْسٌ عيالها

يعني أكل جراءَها وتصغيرهُ ، أُويس ، وأنشد ابن الأعرابي :

فلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصا

أَوْسا أويس من الهبالهْ

قال : افترس الذئبُ له شاةً.

٩٣

فقال : لأضعنّ في حشاكَ مشقصا عِوَضا يا أُويْس من غنيمتك التي غَنِمْتَها من غنمي.

وأخبرني المنذري عن أبي طالب أنه قال في المُواساة واشتقاقها قولان : أحدهما أنّها من آسى يؤاسي ، من الأُسْوَة ، وهي القُدْوَة.

وقيل : إنها [من](١) أَساهُ يَأسُوه : إذا عالجه ودَاواه.

وقيل : إنها من آس يؤوس : إذا عاضَ فأَخَّرَ الهمزة وليَّنها ، ولكلٍّ مقال.

قال أبو بكر في قولهم : «ما يؤاسي فلان فلانا» ثلاثة أقوال : قال المفضل بن محمد : معناه : ما يُشارك فلان فلانا. والمؤاساة : المشاركة.

وأنشد :

فإن يك عبد الله آسى ابن أمه

وآبَ بأسلاب الكَميّ المغاور

وقال المؤرِّج : ما يواسيه ، ما يصيبه بخير.

من قول العرب : آسِ فلانا بخير ، أي : أصبْه.

وقيل : ما يُعوضه من مودته ، ولا قرابته شيئا ، مأخوذ من الأوس ، وهو العوض.

قالوا : وكان في الأصل ما يُؤاوسه ، فقدموا السين وهو لام الفعل ، وأخروا الواو وهي عين الفعل ، فصار يواسُوا ؛ فلما لم تحتمل الواو الحركة سكنوها وقلبوها يا ، لانكسار ما قبلها ، وهذا من المقلوب.

قال : ويجوز أن يكون غير مقلوب ، فيكون تفاعل من أسَوْت الجرح.

أبو عُبيد عن أبي عُبَيدة : الآسُ : بقيّة الرّماد بين الأثافيِّ ، وأنشد :

فلم يَبْقَ إلّا آلُ خيْمٍ منضَّدٍ

وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ

(وقال أبو عمرو : الآسُ : أن يمُرَّ النّحل فيسقط منها نقط من العسل على الحجارة فيُسْتدل بذلك عليها) (٢).

وقال الليث : الآسُ : شجرةٌ ورقها عَطَر.

قال : والآسُ : العسلُ. والآسُ : القَبْر.

والآسُ : الصاحب.

قلتُ : لا أعرف الآسَ بهذه المعاني من جهةٍ تصحّ ، وقد احتجّ الليثُ لها بشعرٍ أحسبه مصنوعا :

بانتْ سُلَيْمَى فالفؤاد آسى

__________________

(١) زيادة من (اللسان) (أسا».

(٢) ما بين الهلالين جاء في المطبوعة ضمن مادة (ويس». ووضعناه هنا كما في (اللسان) (أوس ـ ١ / ٢٦٣».

٩٤

أَشكو كلُوما ما لَهُنّ آسى

من أجلِ حَوْراء كغُصْن الآس

رِيقَتُها كمثل طَعْم الآسِ

وما استأَسْتُ بعدها من آس

ويلي فإني لاحقٌ بالآس

وقال الدينوري : للآسى برمة بيضاء ، طيبة الريح وثمرة تسودّ إذا أينعت ، وتسمى القطنية.

قال : وينبت في السهل والجبل ، وتسمو حتى تكون شجرا عظاما ، وأنشد :

بمُشْمُخِرِّ به الظَّيَّان والآسُ

والرّند غير الأسى

أسا : وقال الأصمعي : يقال : أسِيَ يأْسَى أَسى مقصورٌ : إذا حَزِن ، ورجلٌ أَسْيَانُ وأَسْوَانُ ، أي : حَزِين.

ويقال : آسَيْتُ فلانا بمصيبته : إذا عزيته ، وذلك إذا ضربت له الأُسَى ، وهو أن تقول له : ما لَكَ تَحزَن! وفلانٌ أسْوَتُك قد أَصابَه مِثل ما أصابك ، وواحد الأسا أسْوَة ، وهو أسْوَتُك ، أي : أنتَ مِثله وهو مِثلك ، ويقال : ائْتَسِ به ، أي : اقْتَدِ به وكنْ مِثلَه.

ويقال : هو يُؤَاسِي في مالِه ، أي : يُساوِي ، ويقال : رَحم الله رجلا أَعطَى من فَضْل ، ووَاسى مِنْ كَفَاف ، من هذا ، ويقال : أَسَوْتُ الجُرحَ فأنا آسُوه أَسْوا :

إذا داويتَه وأصلحتَه ، والآسي : المتطبِّب ، والإساء : الدَّواء ؛ وأمّا قولُ الأعشى :

عِندَه البِرُّ والتُّقى وأسى الشَّقْ

قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأثقالِ

فإنه أراد وعنده أَسْوُ الشَّقّ ، فجعل الواو ألفا مقصورةً.

وقال الحُطيئةُ في الإساء بمعنى الدواء :

* تَوَاكَلَها الأطِبّةُ والإساءُ*

والإساء : الدّاء بعَيْنه ، وإن شئت كان جمعا للآسي ، وهو المُعالج ، كما تقول ، راع ورِعاء ، قاله شمر. قال : ومِثل الأسو والأسا : اللَّفْو واللَّفا ، وهو السيء الخَسيس.

وقال الليث : رجلٌ أَسيانُ وامرأةٌ أَسيا ، والجمع أسايا ، وإن شئت قلت : أسيانون وأَسييات. قال : وآسية اسمُ امرأةِ فرعونَ.

والآسية ـ بوزن فاعِلة : ما أُسسَ من بُنيانٍ فأُحكم أصلُه من ساريةٍ وغيرِها ، وقال النابغة :

فإن تَكُ قد ودّعْتَ غيرَ مذمِّمٍ

أَوَاسيَ مُلْكٍ ذَمَّمَتها الأوائلُ

وقال المؤرِّج : كان جَزءُ بن الحارث من حُكماء العرب ، وكان يقال له المؤَسِّي ، لأنه كان يؤسي بين الناس ، أي : يصلِح بينهم ويعدل.

وقال الليث : فلان يتأسى بفلانٍ ، أي : يرضى لنفسه ما رَضيه ويقتَدى به ، وكان في مِثلِ حاله. والقومُ أسْوَة في هذا الأمر ، أي : حالُهم فيه واحدة. قال :

٩٥

والتأسي في الأمور من الأسوة ، وكذلك المُؤاساة.

ابن السكيت : جاء فلانٌ يلتمسُ لِجراحه أسوا. يعني دَواءً يأسو به جُرحَه.

والأسو : المصدَر.

سيا : أبو عُبيد عن الأصمعي : سِيَةُ القَوْس : ما عُطف من طرفيها ، وفي السيَة الكُظْر وهو الفَرْض الذي فيه الوَتَر ، وكان رؤبةُ ابن العجّاج يهمز سيةَ القوس.

وقال الليث : الرَّاقُون إذا رقُوا الحيّة ليأخذوها ففزَع أحدُهم من رُقْيَتِه قال لها أسْ فإنها تخضَع له وتلين.

ثعلب عن ابن الأعرابي : السِيء ـ مهموزٌ بالكسر : اسم أرض.

قلتُ : وغيرُه لا يهمز ، وقال زُهير :

* له بالسِّيِ تنوُّم وآءُ*

أبو عبيد عن الأموي : إذ كانت البقية من لحم قيل : أَسيْتُ له من اللّحم أسيا ، أي : أبقيتُ له ، وهذا في اللّحم خاصة.

أسس : يقال : هو الأُسّ والأساس لأصل البِناء ، وجمع الأساس : أسس.

أبو عبيد عن أبي عبيدة : كان ذلك على أُسّ الدهر ، وأَسِ الدَّهر ، وإِسَ الدَّهر : أي : على قديم الدَّهْر. ويقال : عَلى اسْتِ الدَّهْر.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أَلْزِق الحَسَ بالأُسّ ، قال : الحَسّ : الشَّرّ ، والأَسّ : أصلُه ، قال : الأَسِيس : أصلُ كلّ شيء.

والأَسِيس : العِوَض.

(قال : والسُّوس : الأصْل. والسَّوس : الرياسة ؛ يقال : ساسوهم سَوْسا ، إذا رأسوهُمْ قيل : سَوَّسُوه وأَساسوه) (١).

وقال الليث : أَسستُ دارا : إذا بَنَيْتَ حُدودَها ورَفَعْتَ من قواعدها ؛ وهذا تأْسيسٌ حَسَن. قال : والتأسيس في الشِّعر : أَلِفٌ تَلْزَم القَافِيَة ؛ وبينها وبين أحرُف الرَّوِيّ حرف يجوزُ رفعُه وكسرُه ونصبُه ؛ نحو : مفاعلن ، ويجوزُ إبدال هذا الحرف بغيرِه ، فأمّا مِثْل محمّد لو جَاء في قافية لم يكن فيه تأسيس حتى يكون نحو مجاهد ، فالأَلف تأسيس.

أبو عبيد : الرَّوِيّ حرف القافية نفسها ، ومنها التأسيس ؛ وأَنشَدَ :

* أَلا طَالَ هذا اللَّيلُ واخْضَلَّ جَانِبُهْ*

فالقافية هي الباء والألِفُ قبلَها هي التأسيس ، والهاء هي الصِّلَةُ.

وقال اللَّيث : وإن جاء شيءٌ من غير تأْسيس فهو المؤسَّس ، وهو عيبٌ في الشِّعر ، غير أنَّه ربَّما اضطُرّ إليه الشاعر ، وأحسن ما يكون ذلك إذا كان الحرف الَّذي بعد الألف مفتوحا ؛ لأن فَتْحَتَه

__________________

(١) ما بين الهلالين جاء في «اللسان» ضمن مادة (سوس).

٩٦

تغلِب على فتحة الألف ، كأَنَّها تُزَال مِن الوَهْم ، قال العجَّاج :

مُبَارَكٌ للأنبياء خاتَمُ

مُعَلِّمٌ آيَ الْهُدَى مُعَلَّمُ

ولو قال : خاتِم بكسر التاء لَم يَحسُن.

وقيل : إن لغة العجاج «خأتم» بالهمز ، ولذلك أجازه مع السأسم ، وهو شجر جاء في قصيدة الميسم والساسم.

يأس : أبو عبيد عن الأصمعيّ : يَئِس يَيْئِس ويَيْأُسُ ، مثل : حَسِبَ يَحسِب ويَحسَب.

قال : وقال أبو زيد : عَلْياء مُضَر تقول : يَحسِب ويَيْئس ، وسُفْلاها بالفَتْح.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ) [الرعد : ٣١].

قال الفراء : قال المفسِّرون : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ) : أفلم يَعلم. قال : وهو في المعنى على تفسيرِهم لأن الله تبارك وتعالى قد أَوقَع إلى المؤمنين أنّه لو شاء (لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) ، فقال : أفلم يَيْأسوا علما ، يقول : يُؤيِسُهم العلم ، فكان فيه العلم مضمَرا ، كما تقول في الكلام : قد يئسْتُ منك ألّا تُفْلح ، كأنك قلت : علمت علما.

قال : ورُوِي عن ابن عبّاس أنه قال : ييأس بمعنى يَعلَم لغة للنَّخَع، ولم نجدْها في العربيّة إلّا على ما فسّرت.

وأنشد أبو عُبَيدة :

أقولُ لهمْ بالشّعبِ إذا يَبْسِرُونني

أَلَم تَيْأَسُوا أنّي ابنُ فارِس زَهْدَمِ

يقول : ألم تَعلَموا.

وقال أبو إسحاق : القول عندي في قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ) الآية : أفلم يَيْأَس الّذين آمنوا من إيمان هؤلاء الّذين وَصفهم اللهُ بأنهم لا يؤمنون لأنّه قال : (لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً).

ولغةٌ أخرى : أَيسَ يَأيَسُ ، وآيَسْتُه ، أي : أيأَسْتُه ، وهو اليَأْس والإياس ، وكان في الأصل الإييَاس بوزن الإيعَاس.

ويقال : استيْأَس بمعنى يَئِس ، والقرآن نَزل بلُغة من قرأ يَئس.

وقد رَوَى بعضُهم عن ابن كَثير أنّه قرأ : ولا (تايَسُوا) ، بلا همز.

وأخبَرَني المنذريُّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال الكسائي : سمعتُ غيرَ قبيلة يقولون : أَيِس يَايَسُ بغير همز ، قال : وسمعتُ رجلا من بني المُنْتَفِق وهم من عقيل يقول : لا تيْس منه بغير همز.

[أيس] : وقال الليث : أَيْس كلمةٌ قد أُمِيتتْ ، إلّا أن الخليلَ ذَكَر أنّ العرب تقول : جيء به من حيث أَيْسَ ولَيْسَ ، لم يُستعمَل أَيْسَ إلّا في هذه الكلمة ، وإنما معناها كمعنى حيث هو في حال الكَيْنونة والوُجْدِ.

وقال : إن معنى أيْسَ : لا أَيْسَ ، أي : لا

٩٧

وجْد. قال : والتأْييس : الاستقلال ، يقال : ما أيسْنا فلانا خَيْرا : أي : ما استقلَلْنا منه خيرا ، أي : أردتُه لأستخرِجَ منه شيئا فما قدَرتُ عليه ؛ وقد أَيَّس يُؤَيِّس تَأْييسا.

وقال غيرُه : التأييس : التأثيرُ في الشيء.

وقال الشمّاخ :

وجِلْدُها مِن أَطُومٍ ما يُؤَيِّسُه

طِلْحٌ بناحية الصَّيْداءِ مَهْزُولُ

وقال ابن بُزرج : أَيسْتُ الشيءَ : ليَّنته ، والفعل منه إسْتُ آيَسُ أَيسا ، أي : لِنْتُ.

ويس : قال الليث : وَيسٌ : كلمةٌ في موضع رأفة واستِملاح ؛ كقولك للصبيّ : وَيسَه ما أَمْلَحه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : لقيَ فلانٌ وَيسا ، أي : لقيَ ما يريد ، وأَنشَد :

عَصَت سَجَاحِ شَبَثا وقَيسا

ولَقِيَتْ من النكاحَ وَيسا

وقال اليزيديّ : الويْحُ والوَيْسُ بمنزلة الوَيل في المعنى.

وقال أبو تراب : سمعتُ أبا السَّمَيْدَع ، يقول في هذه الثلاثة : إن معناها واحد.

وقال ابن السكيت في «كتاب الألفاظ» : إن صَحَّ له يقال : وَيْسٌ له ، أي : فَقْرٌ له.

قال : والويْس : الفقْر.

ويقال : أُسْهُ أوسا ، أي : شدّ فَقْرَهُ.

وقال ابن الأعرابي : الوسُ : العِوَض.

والسّوُّ : الهمّة.

وقال أبو عمر : سأل مَبْرُمان أبا العبَّاس عن موسى وصرفه فقال : إن جعلته فُعْلى لم تصرفه ، وإِن جعلته مُفْعَلا من أَوْسيْته صَرَفْته.

وقال أبو حاتم في كتابه أمّا ويسك فإنه لا يقال إلّا للصبيان ، وأمَّا ويْلك فكلامٌ فيه غِلَظٌ وشَتْم.

قال الله للكفار : (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً) [طه : ٦١] ، وأمّا ويْح فكلامٌ ليّن حَسَن.

قال : ويُروَى أنَّ ويْحا لأهل الجنّة ، ووَيْلا لأهلِ النار.

قلتُ : وجاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما يدلّ على صحّة ما قال لعمّار : «ويْحَ ابن سُميّة تقتلُه الفئة الباغية».

([سأسأ] * : ورَوَى ابن هانىء عن زيد بن كَثْوة أنه قال : من أمثال العَرَب إذا جَعَلتَ الحمارَ إلى جانب الرّدْهة فلا تقل له سَأْ.

قال : يقال عند الاستمكان من الحاجة آخذا أو تاركا ، وأنشد في صفة امرأة :

لم تَدْرِ ما سَأْ للحمارِ وَلم

تَضْرِبْ بكفِّ مُخابِطِ السَّلَم

يقال : سأْ للحمار عند الشُّرب يُبْتار به رِيُّه ، فإن رَوِيَ انطلَق وإلّا لم يبرَح.

قال : ومعنى قوله : سأ ، أي : اشرَبْ ، فإني أريد أن أَذهَب بك.

٩٨

قلت : والأصْلُ في سأْ زَجْرٌ وتحريكٌ للمُضِيّ ، كأنّه يَحُثّه على الشُّرب إن كانت له حاجةٌ إلى الماء مخافةَ أن يُصْدِرَه وبه بقيّةٌ من ظَمَأ) (١) ، وإذا لحِق الرجلُ قِرْنَه في عِلم أو شَجاعة قيل : ساواه.

[وسس] * : وقال خليفة الخفاجي : الوَسْوَسة : الكلام الخفيّ في اختلاط.

__________________

(١) ما بين الهلالين تابع لمادة (سأسأ) السابقة ، كما في «اللسان» (سأسأ ـ ٦ / ١٣٣).

٩٩

أبواب رباعي السين

[باب السين والطاء]

س ط

[سرمط] : قال الليث : السّرَوْمَط : الطويل من الإبل ، وأَنشد :

* بكلّ سارِم سَرْطَم سَرَوْمَطِ*

قال : والسّرْطَم : الواسعُ الحَلْقِ السّريع البَلْع مع جِسم وخَلْق. والسِّرْطِمُ من الرجال : البَيِّن القول في كلامه ، وأنشد :

* ثم تَرَى فِينا الخَطيبَ السِّرْطِما*

وقال لَبيد :

ومُجْتَزَفٍ جَوْنٍ كأنّ خَفاءه

قَرَى حَبَشِيٍ بالسّرَوْمَط مُحْقَبِ

السَّرَوْمَط ههنا : حَبل. وقيل : هو جِلد ظَبْية لُفّ فيه زِقُّ الخمر ، وكلّ خِفاء لُفّ فيه شيءٌ فهو سَرَوْمَط له.

[طرفس] : أبو عبيد عن أبي عمرو : الطِّرْفِسان : القِطعةُ من الرمل.

وقال ابن مُقْبِل :

* ووَسَّدْتُ رأسي طِرْفِسانا مُنَخَّلا*

شمر عن ابن شُميل قال : الطِّرْفِساء : الظَّلْماء ليست من الغَيْم في شيء ، ولا تكون ظَلْماءَ إلّا بغَيْم.

[طلمس] ـ [طرمس] : قال : والطِلِمساءُ : الرَّقيق من السحاب.

وقال أبو خَيْرة : هو الطِّرْمِساء بالراء.

وقال بعضُهم : الأرضُ التي ليس بها مَنارٌ ولا عَلَم ، قال المَرّار :

لقد تعسّفْتُ الفَلاةَ الطِّلْمِسا

يسيرُ فيها القومُ خِمْسا أمْلَسَا

وقال الليث : الطِّرْمِساءُ والطِّلْمِساء : الظُّلْمة الشديدة.

(قال : والطِّرْمَسةُ : الانقِباض والنُّكوص) (١).

طَرْمَسَ الرجلُ : إذا قطّب وجهه ، وكذلك طَلْمَس وطلْسم) (٢).

[طمرس] : قال : والطِّمْرِسُ : اللّئيمُ الدنيء.

والطُّمْرُوس : الخَروف. والطُّمْرُوسة : خُبْزُ المَلّة ، وهي الظُّلمة ، وهي الطُّرْمُوسة.

[سبطر] : شمر : السِّبَطْرُ من الرجال : السَّبْط الطَّوِيل.

__________________

(١) ما بين الهلالين جاء في المطبوعة بعد مادة (طمرس). ووضعناه هنا كما في «اللسان» (طرمس ـ ٨ / ١٥٩).

(٢) أدرج في المطبوع بعد مادة (سرطل). والمثبت كما في «اللسان» (طرمس).

١٠٠